مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ٣

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام16%

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 72920 / تحميل: 4163
الحجم الحجم الحجم
مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

بشئ من امرك، فخذ هاهنا، فتياسر عن طريق العذيب والقادسية، وسار الحسينعليه‌السلام وسار الحرّ في أصحابه يسايره وهو يقول له: يا حسين اني اذكّرك الله في نفسك، فإنّي أشهد لئن قاتلت لتقتلنّ، فقال له الحسينعليه‌السلام : ( أفبالموت تخوّفني؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟ وسأقول كما قال أخو الأوس لابن عمّه، وهو يريد نصرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فخوفه ابن عمه وقال:أين تذهب؟ فانّك مقتول ؛ فقال:

سأمضي فما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقّا وجاهد مسلما

وآسى الرّجال الصالحين بنفسه

وفارق مثبورا وباعد(١) مجرما

فإن عشت لم اندم وان متّ لم ألم

كفى بك ذلا ان تعيش وترغما »

فلمّا سمع ذلك الحرّ تنحّى عنه، فكان يسير بأصحابه ناحية، والحسينعليه‌السلام في ناحية أخرى، حتى انتهوا الى عذيب الهجانات(٢) .

ثمّ مضى الحسينعليه‌السلام حتّى انتهى الى قصر بني مقاتل فنزل به، فاذا هو بفسطاط مضروب فقال: ( لمن هذا؟ ) فقيل: لعبيد الله بن الحرّ الجعفيّ، فقال:( ادعوه اليّ ) فلما أتاه الرّسول قال له: هذا الحسين بن عليّ يدعوك، فقال عبيد الله: انّا لله وانّا اليه راجعون، والله ماخرجت من الكوفة الّا كراهية أن يدخلها الحسين وانا بها، والله ما اريد ان اراه ولا يراني ؛ فأتاه الرّسول فأخبره فقام الحسين عليه

__________________

(١) في هامش (ش) و (م): وخالف.

(٢) عذيب الهجانات: موضع في العراق قرب القادسية (معجم البلدان ٤: ٩٢ ).

٨١

السّلامُ فجاءَ حتّى دخلَ عليه فسلّمَ وجلسَ، ثمّ دعاه إِلى الخروج معَه، فأعادَ عليه عُبيدُ اللهِّ بن الحرِّ تلكَ المقالةَ واستقاله ممّا دعاه إِليه، فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : « فإِن لم تنصرْنا فاتّقِ اللّهَ أن تكونَ ممّن يُقاتلُنا؛ واللّهِ لا يسمعُ واعيتَنا(١) أحدٌ ثمّ لا ينصرُنا إلاّ هلكَ » فقالَ: أمّا هذا فلا يكونُ أبداً إِن شاءَ اللّهُ ؛ ثمّ قامَ الحسينُعليه‌السلام من عندِه حتّى دخلَ رحله.

ولمّا كانَ في اخرِ ألليلِ أمرَ فتيانَه بالاستقاءِ منَ الماءِ، ثمّ أمرَ بالرّحيلِ، فارتحلَ من قصرِ بني مُقاتلٍ، فقالَ عُقبةُ بنُ سمعانَ: سِرْنا معَه ساعةً فخفقَ وهوعلى ظهرِفرسِه خفقةً ثمّ انتبهَ، وهو يقولُ: «إِنّا للّهِ وإنّا إِليه راجعونَ، والحمدُ للّهِ ربِّ العالمينَ » ففعلَ ذلكَ مرّتينِ أو ثلاثاً، فأقبلَ إِليه ابنُه علي بنُ الحسينِعليهما‌السلام على فرسٍ فقالَ: ممَّ حمدتَ الله واسترجعتَ؟ فقاَل: «يا بُنَيَّ، إِنِّي خفقتُ خَفقةً فعَنَّ لي فارسٌ علىَ فرسٍ وهو يقولُ: القومُ يسيرونَ، والمنايا تسيرُ إِليهمِ، فعلمتُ أَنّها أَنفسُنا نُعِيَتْ إِلينا» فقالَ له: يا أبَتِ لا أراكَ اللهُّ سوءاً، ألسنا على الحقِّ؟ قالَ: «بلى، والّذي إِليه مرجعُ العبادِ » قال: فإِنّنا إِذاً لا نبالي أَن نموتَ مُحِقِّينَ ؛ فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : «جزاكَ اللّه من ولدٍ خيرَ ما جزى وَلداً عن والدِه ».

فلما أصبح نزل فصلّى الغداة، ثم عجّل الرّكوب فأخذ يتياسر بأصحابه يريد أن يفرّقهم فيأتيه الحرّ بن يزيد فيردّه وأصحابه، فجعل إذا ردّهم نحو الكوفة ردّاً شديدا امتنعوا عليه، فارتفعوا فلم

__________________

(١) الواعية: الصارخة. « الصحاح - وعى - ٦: ٢٥٢٦ ».

٨٢

يزالوا يتياسرونَ كذاك حتّى انتهَوا إِلى نينَوى - المكانِ الّذي نزلَ به الحسينُعليه‌السلام - فإِذا راكبٌ على نجيبِ له عليه السِّلاحُ متنكِّبٌ قوساً مقبلٌ منَ الكوفةِ، فوَقَفُوا جميعاً ينتظَرونَه(١) فلمّا انتهى إِليهم سلّمَ على الحرِّ وأصحابِه ولم يسلِّمْ على الحسينِ وأصحابِه، ودفعَ إِلى الحرِّ كتاباً من عُبيدِاللّهِ بنِ زيادٍ فإِذا فيه:

أمّا بعدُ فَجَعْجِعْ(٢) بالحسينِ حينَ يَبلُغُكَ كتابي ويقدمُ عليكَ رسولي، ولا تُنْزِلْه(٣) إِلاّ بالعراءِ في غيرِ حصنٍ وعلى غيرِماءٍ، فقد أمرتُ رسولي أن يَلزَمَك ولا يفُارِقَكَ حتّى يأْتيني بإِنفاذِكَ أمري، والسّلامُ.

فلمّا قرأ الكتابَ قالَ لهم الحرُ: هذا كتابُ الأَميرِ عُبيدِاللهِّ يأْمرُني أَن أُجَعْجِعَ بكم في المكانِ الّذي يأْتي كتابُه، وهذا رسولُه وقد أمرَه أَلاّ يفارقَني حتّى أُنَفّذَ أَمْرَه.

فنظرَ يزيد بنُ المهاجرِ الكنانيّ(٤) - وكانَ معَ الحسينِعليه‌السلام - إلى رسولِ ابن زيادٍ فعرفَه فقالَ له يزيدُ: ثَكلَتْكَ أُمُّكَ، ماذا جئتَ فيه؟ قالَ: أَطعتُ إِمامي ووفيتُ ببيعتي، فقالَ له ابنُ المهاجرِ: بل عصيتَ ربَّكَ وأطعتَ إِمامَكَ في هلاكِ نفسِكَ وكسبتَ العارَ والنّارَ، وبئسَ الإمامُ إِمامكَ، قالَ اللّهُ عزَّ من قائلٍ

__________________

(١) في هامش «ش»: ينظرونه.

(٢) في الصحاح - جعجع - ٣: ١١٩٦: كتب عبيدالله بن زياد الى عُمربن سعد: أن جعجع بحسين. قال الأصمعي: يعني احبسه، وقال ابن الاعرابي: يعني ضيّق عليه.

(٣) في « ش » و « م»: تتركه، وما في المتن من هامشهما.

(٤) في هامش « ش » و «م»: الكندي.

٨٣

 ( وَجَعَلنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُوْنَ إِلىَ النًارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنْصرُوْنَ ) (١) فإِمامُكَ منهم.

وأخذَهم الحرُّ بالنُّزولِ في ذلكَ المكانِ على غيرماءٍ ولا قريةٍ، فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : « دَعْنا - ويحك - ننزل في هذه القريةِ أوهذه - يعني نينَوَى والغاضِريّةَ - أو هذه - يعني شِفْنَةَ(٢) - » قالَ: لا واللّهِ ما أستطيعُ ذلكَ، هذا رجل قد بُعِثَ اليّ عيناً عليّ، فقالَ له زُهَيرُ بنُ القَيْنِ: إِنِّي واللّهِ ما أراه يكونُ بعدَ هذا الّذي تَرَوْنَ إِلا أَشدَّ ممّا تَرَوْنَ، يا ابنَ رسولِ اللّهِ، إِنّ قتالَ هؤلاءِ السّاعةَ أهونُ علينا من قتالِ من يأْتينا بعدَهم، فلعَمْري لَيَاْتيَنا بعدَهم ما لا قِبلَ لنا به، فقالَ الحسينعليه‌السلام : «ما كنتُ لأَبدأهم بالقتالِ » ثمّ نزل ؛ وذلكَ يومَ الخميسِ وهو اليوم(٣) الثّاني منَ المحرّمِ سنةَ إِحدى وستَينَ.

فلمّا كانَ منَ الغدِ قدمَ عليهم عُمَرُبنُ سَعْدِ بنِ أبي وَقّاصٍ منَ الكوفةِ في أربعةِ آلافِ فارسٍ، فنزلَ بنينوى وبعثَ إِلى الحسينِعليه‌السلام ( عُروةَ بنَ قَيْسٍ )(٤) الأحمسيّ فقالَ له: ائتِهِ فسَلْه ما الّذي جاءَ بكَ؟ وماذا تريدُ؟

وكانَ عُروةُ ممّن كتبَ إلى الحسينِعليه‌السلام فاستحيا منه أن ياْتيَه، فعرضَ ذلكَ على الرؤَساءِ الّذينَ كاتبوه، فكلّهم

__________________

(١) القصص ٢٨: ٤١.

(٢) في هامش « ش » و «م»: شفَيّنة، شُفيّة. وكأنها شفاثا. في هامش «م» نسخة اُخرى:

(٣) في« م» و « ش»: يوم، وما في المتن من «ح » وهامش « ش».

(٤) انظر ص ٣٨ هامش (١) من هذا الكتاب.

٨٤

أبى ذلكَ وكرِهَه، فقامَ إِليه كَثيرُبنُ عبدِاللهِّ الشَّعْبِيّ وكانَ فارساً شُجاعاً لا يَرُدُّ وجهَه لشيءٌ فقالَ: أنا أذهبُ إِليه، وواللّهِ لئن شئتَ لأفْتكنَّ به ؛ فقالَ له عُمَرُ: ما أُريدُ أن تَفتكَ به، ولكنِ ائتِه فسَلْه ما الّذي جاءَ بك؟

فاقبلَ كثيرٌ إِليه، فلمّا رآه أبو ثمامةَ الصّائديُّ قالَ للحسينِعليه‌السلام : أصلَحَكَ اللهّ يا أَبا عبدِاللهِّ، قد جاءَكَ شرُّ أهلِ الأرضِ، وأجرؤهم على دم، وأفتكُهم(١) . وقامَ إِليه فقالَ له: ضَعْ سيفَكَ، قالَ: لا ولا كرامة، إِنّما أنا رسولٌ، فإِن سمعتم منِّي بلّغتُكم ما أرْسِلْتُ به إِليكم، وان أبَيتم انصرفتُ عنكم، قالَ: فإِنِّي آخذُ بقائِمِ سيفِكَ، ثمّ تكلّم بحاجتِكَ، قالَ: لا واللهِّ لا تمسَّه، فقالَ له: أخبرْني بما جئتَ به وأَنا أُبلِّغهُ عنكَ، ولا أدعُكَ تدنو منه فإِنّكَ فاجرٌ ؛ فاستَبّا وانصرفَ إِلى عمر بن سعدٍ فأخبرَه الخبرَ.

فدعا عمرُقُرّةَ بنَ قيسٍ الحنظليّ فقالَ له: ويحَكَ يا قُرّةُ، القَ حسيناً فسَلْه ما جاءَ به وماذا يريد؟ فأتاه قُرّةُ فلمّا رآه الحسينُ مقبلاً قالَ: «أتعرفونَ هذا؟» فقالَ له حبيبُ بنُ مُظاهِرِ: نعم، هذا رجلٌ من حنظلةِ تميم، وهو ابنُ أُختِنا، وقد كنتُ أعرَفه بحسنِ الرٌأي، وما كنتُ أراه يشهَدُ هذا المشهدَ. فجاءَ حتّى سلَّمَ على الحسينِعليه‌السلام وأبلغَه رسالةَ عمرِ بنِ سعدٍ إِليه، فقالَ له الحسينُ: «كَتبَ إِليَّ أهلُ مِصْرِكم هذا أن اقدم، فأمّا إِذ كرهتموني فأنا أنصرفُ عنكم » ثمّ قالَ حبيبُ بنُ مُظاهِر: ويحَكَ يا قُرّةً أينَ ترجعُ؟! إلى القوم الظّالمينَ؟! انْصُرْ هذا الرّجلَ الّذي بآبائه أيّدَكَ اللّهُ بالكرامةِ، فقالَ له قُرّةُ: أَرجعُ إِلى صاحبي

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: وأجرأُه على دم وأفتكه.

٨٥

بجواب رسالتِه، وأرى رأيي. قالَ: فانصرفَ إِلى عمر بن سعدٍ فأَخبرَه الخبرَ؛ فَقالَ عمرُ: أرجو أن يعافيَني اللهُ من حربه وقتالِه ؛ وكتبَ إِلى عُبيدِاللّهِ بنِ زيادٍ:

بسم اللّهِ الرّحمنِ الرّحيمَ، أمّا بعدُ: فإِنِّي حينَ نزلتُ بالحسينِ بعثتُ إِليه رسلي، فسألتُه عمّا اقْدَمَه، وماذا يطلبُ؟ فقالَ: كتبَ إِليَّ أَهْلُ هذه البلادِ، واتتْني رُسُلُهم يسألونَني القدومَ ففعلتُ، فأمّا إِذ كرهوني وبدا لهم غيرُما أتَتْني به رُسُلُهم، فأَنا منصرفٌ عنهم.

قالَ حسّانُ بنُ قائدٍ العَبْسيّ: وكنتُ عندَ عُبيدِاللهِّ حينَ أَتاه هذا الكتابُ، فلمّا قرأه قالَ:

ألآنَ إِذْ عَلِقَتْ مَخَالبنَا بِهِ

يَرْجُو النَّجَاةَ وَلاَتَ حِيْنَ مَنَاصِ

 وكتبَ إِلى عمربن سعدٍ:

أمّا بعدُ: فقد بلغَني كتابُكَ وفهمتُ ما ذكرتَ، فاعرِضْ على الحسينِ أَن يُبايعَ ليزيدَ هو وجميعُ أصحابه، فإِذا فعلَ هو ذلكَ رأينا رأيَنا، والسّلامُ.

فلمّا وردَ الجوابُ على عمر بن سعدٍ قالَ: قد خشيتُ ألاّ يَقبلَ ابنُ زيادٍ العافيةَ.

ووردَ كتابُ ابنِ زيادٍ في الأثرِ إلى عمر بن سعدٍ: أن حُلْ بينَ الحسينِ وأصحابه وبينَ الماءِ فلا يَذوقوا منه قطرةً، كما صُنعَ بالتّقيِّ الزّكيِّ عُثمان بن عفَّان. فبعثَ عمرُبنُ سعدٍ في الوقتِ عَمْرَو بنَ الحجّاجِ في خمسمائةِ فارس، فنزلوا على الشّريعةِ وحالوا بينَ الحسينِ وأصحابه وبينَ الماءِ أن يَستَقُوا منه قطرةً، وذلكَ قبلَ قتل الحسين بثلاثةِ

٨٦

أيّامٍ، ونادى عبدُاللّه بن الحُصين(١) الأزديّ - وكانَ عِدادُه في بَجيلةً - بأعلى صوته: يا حسينُ، ألا تنظرُإِلى الماءِ كأنّه كَبدُ السّماءِ، واللّهِ لا تَذُوقونَ منه قطرةً واحدةً حتّى تموتوا عطشاً؛ فقالَ الحسينُعليه‌السلام : «اللّهمَّ اقْتًلْهُ عَطَشاً ولا تَغْفِرْله أبداً».

قالَ حميدُ بنُ مسلمٍ: واللّهِ لَعُدْتُه بعدَ ذلكَ في مرضِه، فواللّهِ الّذي لا إِلهَ غيرُه، لقد رأيتُه يَشرَبُ الماءَ حتّى يَبغَرَ(٢) ثمّ يقيئه، ويصيحُ: العطشَ العطش، ثمّ يعودُ فيشرَبُ الماءَ حتّى يَبْغَرَثم يقيئه ويتلَظّى عَطَشاً، فما زالَ ذلكَ دأبه حتّى (لَفَظَ نفسَه )(٣) .

ولمّا رأى الحسينُ نزولَ العساكرِ مع عمرِ بن سعدٍ بنينوى ومدَدَهم لقتالِه أنفذَ إِلى عمر بن سعدٍ: «انِّي أُريدُ أن ألقاكَ(٤) » فاجتمعا ليلاً فتناجيا طويلاً، ثمّ رجعَ عمرُ بنُ سعدٍ إِلى مكانِه وكتبَ إِلى عُبيَدِاللهِّ بن زيادٍ:

أمّا بعدُ: فإِنّ اللّهَ قد أطْفأ النّائرةَ وجَمَعَ الكلمةَ وأَصَلحَ أَمرَ الأمّةِ، هذا حسينٌ قد أَعطاني أن يرجِعَ إِلى المكانِ الّذي أتى منه أو أن يسيرَ إِلى ثَغرٍ منَ الثُّغورِ فَيكونَ رجلاًَ منَ المسلمينَ، له ما لهم وعليه ما عليهم، أو أَن يأَتيَ أميرَ المؤمنينَ يزيدَ فيضعَ يدَه في يدِه، فيرى فيما بينَه وبينَه رأيَه، وفي هذا[لكم](٥) رضىً وللأمّةِ صلاحٌ.

__________________

(١) في «م» وهامش « ش »: حِصْن.

(٢) بغر: كثر شربه للماء، انظر «العين - بغر - ٤: ٤١٥».

(٣) في هامش « ش »: مات.

(٤) في هامش « ش » بعده اضافة: واجتمع معك.

(٥) ما بين المعقوفين اثبتناه من تأريخ الطبري ٥: ٤١٤، والكامل لابن الأثير ٤: ٥٥

٨٧

فلمّا قرأ عُبيدُاللّهِ الكتابَ قالَ: هذا كتابُ ناصحٍ مشفق على قومِه. فقامَ إِليه شِمْرُ بنُ ذي الجَوْشنِ فقالَ: أتَقبلُ هذا منه وقد نزلَ بأرًضِكَ والى جنبكَ؟ واللّهِ لئن رحلَ من بلادِكَ ولم يَضَعْ يدَه في يدِكَ، لَيكونَنَّ أولى بالقَوّةِ ولتكونَنَّ أولى بالضَّعفِ والعجز، فلا تُعْطِه هذه المنزلةَ فإِنّها منَ الوَهْنِ، ولكن لِينَزِلْ على حُكمِكَ هو وأصحابُه، فان عاقبْتَ فأنت (أَولى بالعقوبةِ )(١) وإن عفَوْتَ كانَ ذلكَ لك.

قالَ له ابنُ زيادٍ: نِعْمَ ما رأيتَ، الرأيُ رأيُك، اخْرجُ، بهذا الكتاب إِلى عُمَر بن سعدٍ فلْيَعْرِضْ على الحسينِ وأصحابه النًّزولَ على حُكْمِي، فإِن فَعَلوا فليَبْعَثْ بهم إِليّ سِلماً، وأن هم أًبَوْا فليقاتلْهم، فإِن فَعَلَ فاسمعْ له وأطِعْ، واِن أبى أن يقاتِلَهم فأنتً أَميرُ الجيشِ، واضرِبْ عُنقَه وابعثْ إِليَّ برأسِه.

وكتبَ إِلى عمر بن سعدٍ:انِّي لم أبعثْكَ إِلى الحسينِ لتكفَّ عنه ولا لتُطاوِلَه ولا لتمنّيَه السّلامةَ والبقاءَ ولا لتَعتَذِرَ له ولا لتكونَ له عندي شافعاً، انظرْ فإِن نزلَ حسينٌ وأصحابُه على حكمي واستسلموا فابعثْ بهم إِليَّ سِلْماً، وِان أبوْا فازحَفْ إِليهم حتّى تقتُلَهم وتُمثِّلَ بهم، فإِنّهم لذلكَ مستحقُّونَ، وِان قُتِلَ الحسينُ فأوْطئ الخيلَ صدرَه وظهرَه، فإِنّه عاتٍ ظلومٌ، وليس أَرى أنّ هذا يَضُرُّ بعدَ الموتِ شيئاً، ولكنْ عليّ قولٌ قد قلتُه: لوقتلتُه لفعلتُ هذا به، فإِن أنتَ مضيتَ لأَمرِنا فيه جزَيْناكَ جزاءَ السّامعِ المطيعِ، وإن أبيتَ فاعتزلْ عَمَلَنا وجُنْدَنا، وخلِّ

__________________

والنسخ خالية منه.

(١) في هامش «ش»: وليّ العقوبة.

٨٨

بينَ شمرِ بنِ ذي الجوشنِ وبينَ العسكرِ فإِنّا قد أمرناه بأمرنا، والسّلام.

فأقبلَ شمرٌ بكتاب عًبيدِاللّهِ إِلى عمربن سعدٍ، فلمّا قدمَ عليه وقرأَه قالَ له عمرُ: ما لَكَ ويْلَكَ؟! لا قَرَّبَ اللّهُ دارَكَ، قَبَّح اللهُ ما قَدِمْتَ به عليّ، واللّهِ إِنِّي لاظنُّكَ أنّكَ نهيتَه(١) أن يَقْبَلَ ما كتبتُ به إِليه، وأفسدتَ علينا أمْرنَا، قد كنّا رَجَوْنا أن يصلحَ، لا يستسلمُ واللّهِ حسينٌ، إِنَّ نفسَ أبيه لبَيْنَ جنبَيْه. فقالَ له شمرٌ: أخبِرني ما أَنتَ صانعٌ، أتمضِي لأَمرِ أميرِكَ وتقاتلُ عدوٌه؟ ِوألاّ فخلِّ بيني وبينَ الجندِ والعسكر؛ قالَ: لا، لا واللّهِ ولاكَرامةَ لكَ، ولكنْ أنا أتولىّ ذلكَ، فدونَكَ فكُنْ أنتَ على الرَّجّالةِ. ونهضَ عمرُبنُ سعدٍ إِلى الحسينِ عشيّةَ الخميسِ لتسعٍ مضَيْنَ منَ المحرّمِ.

وجاءَ شِمرٌ حتّى وقفَ على أصحاب الحسينِعليه‌السلام فقالَ: أينَ بَنُو أُختِنا؟ فخرجَ إِليه العبّاسُ وجَعْفَرٌ(٢) وعثمانُ بنوعليِّ بنِ أبي طالب عليه وعليهم السّلامُ فقالوا: ماتريدً؟ فقلَ: أنتم يابني أُختي امِنونَ ؛ فقالتْ له الفِتْيةُ: لَعَنَكَ اللهّ ولَعَنَ أمانَكَ، أتؤمِنُنَا(٣) وابنُ رسولِ اللّهِ لا أمانَ له؟!

ثمّ نادى عمرُ بنُ سعدٍ: يا خيلَ اللّهِ اركبي وأبشري، فركِبَ النّاس ثمّ زحفَ نحوَهمِ بعد العصرِ، وحسينٌعليه‌السلام جالسٌ أمامَ بيتِه مُحتب بسيفِه، إِذ خفقَ برأسِه على ركبتَيْه، وسمعَتْ أُختُه

__________________

(١) في هامش «ش»، و « م»: ثنيته.

(٢) في هامش «ش»: وعبدالله، وفوقه مكتوب: لم يكن في نسخة الشيخ.

(٣) في «م» وهامش «ش»: تؤمنَنا.

٨٩

الصّيحةَ(١) فدنَتْ من أَخيها فقالت: يا أخي أما تسمعُ الأصواتَ قدِ اقتربتْ؟ فرفعَ الحسينُعليه‌السلام رأسَه فقالَ: «إِنِّي رأيتُ رسولَ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله السّاعةَ في المنام(٢) فقالَ لي: إِنّكَ تَرُوحً إِلينا» فلطمتْ أُختُه وجهَها ونادتْ بالويلِ، فقَالَ لها: «ليسَ لكِ الويلُ يا أُخيَّةُ، اسكتي رحمَكِ اللّهُ » وقالَ له العبّاسُ بنُ عليٍّ رحمةُ اللّهِ عليه: يا أخي أتاكَ القومُ، فنهضَ ثمّ قالَ: «يا عبّاسُ، اركَبْ - بنفسي أنتَ يا أخي - حتّى تَلْقاهم وتقولَ لهم: ما لكم وما بَدا لكم؟ وتسألَهم عمّا جاءَ بهم ».

فأتاهم العبّاسُ في نحوٍ من عشرينَ فارساً، منهم(٣) زُهَيرُ بن القَيْنِ وحبيبُ بنُ مظاهِرٍ، فقالَ لهم العبّاسُ: ما بدا لكم وما تريدونَ؟ قالوا: جاءَ أًمرُ الأميرِأَن نَعْرضَ عليكم أن تنزلوا على حكمِه أَو نناجِزَكم ؛ قالَ: فلا تعجلوا حتّىَ أَرجعَ إِلى أبي عبدِاللهِّ فأعرِضَ عليه ما ذكرتم، فوقفوا وقالوا: الْقَه فأعْلِمْه، ثمّ الْقَنا بما يقولُ لكَ. فانصرفَ العباسُ راجعاً يركضُ إِلى الحسينِعليه‌السلام يخبرُه الخبرَ، ووقفَ أَصحابُه يخاطِبونَ القومَ ويَعِظُونَهم ويكفّونَهم عن قتاَلِ الحسينِ.

فجاءَ العبّاسُ إِلى الحسينِعليه‌السلام فأخبرَه بما قالَ القومُ، فقالَ: «ارجعْ إِليهم فإِنِ استطعتَ أَن تُؤَخِّرَهم إِلى الغُدْوَةِ(٤) وتَدْفَعَهم

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: الضجّة.

(٢) في «م» وهامثر «ش»: منامي.

(٣) في «م» وهامش «ش»: فيهم.

(٤) في «م» وهامش « ش »: غدوة.

٩٠

عنّا العشيّةَ، لعلّنا نصلِّي لربِّنا الليلةَ وندعوه ونستغفرُه، فهو يَعلمُ أَنَي قد أُحبُّ الصّلاةَ له وتلاوةَ كتابِه والدُّعاءَ والاستغفارَ».

فمضى العبّاسُ إِلى القوم ورجعَ من عندِهم ومعَه رسولٌ من قبَل عمر بن سعدٍ يقول: إِنّا قد أجَّلناكم إِلى غدٍ، فإِنِ استسلمتم سرَّحْناكم إلى أميرِنا عُبيدِاللّهِ بنِ زيادٍ، وإِن أَبيتم فلسنا تاركيكم، وانصرفَ.

فجمعَ الحسينعليه‌السلام أَصحابَه عندَ قربِ المساءِ. قالَ عليُّ بنُ الحسينِ زينُ العابدينَعليه‌السلام : «فدنوتُ منه لأَسْمَعَ ما يقولُ لهم، وأَنا إِذ ذاك مريضٌ، فسمعتُ أَبي يقولُ لأصحابِه: أُثني على اللهِّ أَحسنَ الثّناءِ، وأَحمده على السّرّاءِ والضّرّاءِ، اللّهمَّ إِنِّي أحْمَدُكَ على أن أكرمْتَنا بالنُّبُوّةِ وعَلّمتنَا القرآنَ وفَقَّهْتَنَا في الدِّينِ، وجعلت لنا أسماعاً وأَبصاراً وأَفئدةً، فاجعلْنا منَ الشّاكرينَ.

أَمّا بعدُ: فإِنِّي لا أَعلمُ أَصحاباً أَوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أَهلَ بيتٍ أَبرَّ ولا أوصلَ من أَهلِ بيتي فجزاكم اللّهُ عنَي خيراً، أَلا وإِنَي لأَظنَّ أَنّه اخرُ(١) يومٍ لنا من هؤلاءِ، أَلا وإِنّي قد أَذنت لكم فانطلِقوا جميعاً في حِلٍّ ليس عليكم منِّي ذِمامٌ، هذا الليلُ قد غشِيَكم فاتّخِذوه جَملاً.

فقالَ له إِخوتُه وابناؤه وبنوأخيه وابنا عبدِاللهِّ بنِ جعفرٍ: لِمَ نفعلُ ذلكَ؟! لنبقى بعدَكَ؟! لا أَرانا اللهُّ ذلكَ أبداً. بدأهم بهذا القولِ العبّاس بنُ عليٍّ رضوانُ اللهِّ عليه واتّبعتْه الجماعةُ عليه فتكلّموا بمثله ونحوِه.

__________________

(١) في «ش» و «م»: لأَظن يوماً. وما اثبتناه من «ح ».

٩١

فقالَ الحسينُعليه‌السلام : يا بني عقيلٍ، حَسْبُكم منَ القتلِ بمسلم، فاذهبوا أنتم فقد اذِنْتُ لكم. قالوا: سبحانَ اللهِ، فما يقولُ النّاسُ؟! يقولونَ إِنّا تركْنا شيخَنا وسيِّدَنا وبني عمومتنا - خيرِ الأعمامِ - ولم نرْمِ معَهم بسهِمٍ، ولم نطعنْ معَهم برُمحٍ، ولم نضْرِبْ معَهم بسيفٍ، ولا ندري ما صنعوا، لا واللّهِ ما نفعلُ ذلكَ، ولكنْ ( تَفْدِيكَ أنفسُنا وأموالنُا وأهلونا )(١) ، ونقاتل معَكَ حتّى نَرِدَ موردَكَ، فقَبحَ الله العيشَ بعدَكَ.

وقامَ إِليه مسلمُ بنُ عَوْسَجةَ فقالَ: أنُخلِّي(٢) عنكَ ولمّا نُعذِرْإِلى اللهِ سبحانَه في أداءِ حقِّكَ؟! أما واللهِّ حتّى أطعنَ في صُدورِهم برمحي، وأضربَهم بسيفي ما ثبتَ قائمهُ في يدي، ولو لم يكنْ معي سلاحٌ أُقاتلُهم به لقَذَفْتهم بالحجارةِ، واللهِّ لا نُخلِّيكَ حتّى يعلمَ اللهُ أنْ قد حَفِظْنا غيبةَ رسولِ اللّهِ(٣) صلى‌الله‌عليه‌وآله فيكَ، واللّهِ لوعلمتُ أنِّي أُقْتَلُ ثمّ أحيا ثم أُحرقُ ثم أحيا ثم أُذَرَّى، يُفعَلُ ذلكَ بي سبعينَ مرة ما فارقتُكَ حتّى ألقى حِمامي دونَكَ، فكيفَ لا أفعلُ ذلكَ ِوانّما هي قَتْلةٌ واحدةُ ثمّ هي الكَرامةُ الّتي لا انْقِضاءَ لها أبداً.

وقامَ زُهَيرُ بنُ القَيْن البجليّ - رحمةُ اللهِّ عليهِ - فقالَ: واللهِ لوَددْتُ أنِّي قُتِلْتُ ثمّ نُشِرْتُ ثمّ قُتِلْت حتّى أًقتلَ هكذا ألفَ مرّةٍ، وأَنّ الله تعالى يدفعُ بذلكَ القتلَ عن نفسِكَ، وعن أنفُسِ هؤلاء الفِتْيانِ من أهل بيتِكَ.

__________________

(١) كذا في «م» وهامش «ش»، وفي «ش»:(نُفدّيك أنفسنا وأموالنا وأهلينا).

(٢) في «م» وهامش «ش»: أنحن نخلي.

(٣) في هامش «ش»: رسوله.

٩٢

وتكلّمَ جماعةُ أصحابه(١) بكلام يُشبهُ بَعضُه بعضاً في وجهٍ واحدٍ، فجزّاهم الحسينُعليه‌السلام خيراً وَانصرفَ إلى مضِربه(٢) ».

قالَ عليُّ بنُ الحسينِعليهما‌السلام : «اِنيّ لَجالسٌ في تلكَ العشيّةِ الّتي قُتِلَ أبي في صبيحتِها، وعندي عمّتي زينبُ تمرّضني، إِذِ اعتزلَ أبي في خباءٍ له وعندَه جُويْنٌ مولى أبي ذرٍّ الغفار وهويُعالجُ سيفَه ويُصلِحُه وأبي يقولُ:

يَادَهْرُ أُفٍّ لَكَ مِنْ خَلِيْلِ

كَمْ لكَ بالإشراقِ وَالأصِيْلِ

مِنْ صَاحِبٍ أوْ طَالِبِ قَتِيْلِ

وَالدَّهْرُ لا يَقْنَعُ بالْبَدِيْل

وانَّمَا الأمْرُ إِلى الجَلِيْلِ

وَكلُّ حَيٍّ سَالِكٌ سَبِيْلِيْ

 فأعادَها مرّتينِ أو ثلاثاً حتّى فهِمْتُها وعَرفْتُ ما أرادَ، فخنقَتْني العَبْرةُ فردَدْتُها ولزمتُ السُّكوتَ، وعلمتُ أنّ البلاءَ قد نزلَ، وأمّا عمّتي فإنهّا سَمِعَتْ ماسَمِعْتُ وهيَ امرأةٌ ومن شاْنِ النساءِ الرّقّةُ والجَزعُ، فلم تَملِكْ نفسَها أنْ وَثَبَتْ تجرُّثوبَها(٣) وأنّها لَحاسرة، حتّى انتهتْ إِليه فقالتْ: وا ثكْلاه! ليتَ الموتَ أعدمَني الحياةَ، اليومَ ماتْتْ أُمِّي فاطمةُ وأبي عليّ وأخي الحسنُ، يا خليفةَ الماضِي وثِمالَ الباقي. فنظرَ إِليها الحسينُعليه‌السلام فقالَ لها: يا أُخيَّةُ لا يذْهِبَنَ حلمَكِ الشّيطانُ، وتَرَقْرَقَتْ عيناه بالدُموعِ وقالَ: لو تُرِكَ القَطَا لَنامَ(٤) ؛ فقالتْ: يا ويلتاه!

__________________

(١) في هامش «ش»: من أصحابه.

(٢) المضرب: الفسطاط أو الخيمة «القاموس المحيط - ضرب ١: ٩٥».

(٣) في «م» وهامش «ش»: ذيولها.

(٤) يضرب مثلاًَ للرجل يُستثار فيُظْلَم. انُظر جمهرة الامثال للعسكري ٢: ١٩٤ / ١٥١٨.

٩٣

أفتُغتصبُ نفسُكَ اغتصاباً؟! فذاكَ أقْرَحُ لِقَلبي وأشدَّ على نفسي. ثمّ لطمتْ وجهَها وهَوَتْ إلى جيبِها فشقّتْه وخرتْ مغشيّاً عليها.

فقامَ إِليها الحسينُعليه‌السلام فصبّ على وجهها الماءَ وقالَ لها: يا أُختاه! اتّقي اللهَّ وتعَزَيْ بعزاءِ اللّهِ، واعْلمي أنّ أهَلَ الأرضِ يموتونَ وأهلَ السّماءِ لا يَبْقَوْنَ، وأنَّ كلَّ شيءٍ هالكٌ إلاّ وجهَ اللهِّ الّذي خلقَ ألخلقَ بقدرتهِ، ويبعثُ الخلقَ ويعودونَ، وهو فردٌ وحدَه، أبي خيرٌ منِّي، وأُمِّي خيرٌ منِّي، وأخي خيرٌ منِّي، ولي ولكلِّ مسلمٍ برسولِ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله أُسوةٌ. فعزّاها بهذا ونحوِه وقالَ لها: يا أُخيّةُ إِنِّي أقسمتُ فأبِرِّي قَسَمي، لا تَشُقِّي عليَّ جيبأً، ولا تَخْمشي(١) عليَّ وجهاً، ولا تَدْعِي عليٌ بالويلِ والثّبورِ إِذا أنا هلكتُ. ثمّ جاءَ بها حتّى أجلسَها عنديّ.

ثمّ خرجَ إِلى أصحابه فأمرَهم أَن يُقَرِّبَ بعضُهم بيوتَهم من بعضٍ، وأن يُدخِلوا الأطنابَ بعضها في بعضٍ، وأن يكونوا بينَ البيوتِ، فيستقبلونَ القومَ من وجهٍ واحدٍ والبيوتُ من ورائهم وعن أيْمانِهم وعن شمائِلهم قد حَفّتْ بهم إلاّ الوجهَ الّذي يأْتيهم منه عدوُّهم.

ورجعَعليه‌السلام إِلى مكانِه فقامَ الليلَ كلَّه يُصلّي ويستغفرُ ويدعو ويتضرّعُ، وقامَ أصحابُه كذلكَ يُصَلًّونَ ويدعونَ ويستغفرونَ »(٢) .

__________________

(١) خمش وجهه: خدشه ولطمه وضربه وقطع عضواً منه. «القاموس - خمش - ٢: ٢٧٣».

(٢) تاريخ الطبري ٥: ٤٢٠، ونقله العلامة المجلسي في البحار٤٥: ١، ٢.

٩٤

قالَ الضحّاكُ بنُ عبدِاللهِّ: ومرَّ بنا خيلٌ لابنِ سعدٍ يحرسُنا، وِانَّ حسيناً لَيقرأ:( وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا أنَّمَا نُمْليْ لَهُمْ خَيْرٌ لانفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْليْ لَهُمْ لِيَزْدَادُوْا إِثْمَاً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِين * مَا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِيْن عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيْزَ الْخَبِيْثَ مِنَ الطَّيِّب ) (١) فسمعَها من تلكَ الخيلِ رجلٌ يُقالُ له عبداللهّ بن سُميرٍ(٢) ، وكانَ مَضحاكاً وكانَ شجاعاً بطلاًَ فارساً فاتكاً شريفاً فقالَ: نحن وربِّ الكعبةِ الطّيِّبونَ، مُيِّزْنا منكم. فقالَ له بَرِيرُ بنُ خُضيرٍ: يا فاسقُ أَنتَ يجعلُكَ اللهُّ منَ الطّيِّبينَ؟! فقالَ له: من أنتَ ويلَكَ؟ قال: أنا بَرِيرُ بنُ خُضَيْرِ، فتسابّا(٣) .

وأصبحَ الحسيُن بنُ عليّعليهما‌السلام فعبّأَ أصحابَه بعدَ صلاةِ الغداةِ، وكانَ معَه اثنان وثلاثونَ فارساً واربعونَ راجلاًَ، فجعلَ زُهيرَ بنَ القينِ في مَيْمَنةِ أصحابِه، وحبيبَ بنَ مُظاهِرٍ في مَيْسَرةِ أصحابه، وأعطى رايتَه العبّاسَ أخاه، وجعلوا البيوتَ في ظهورِهم، وأمرَ بحَطًبِ وقَصَبٍ كانَ من وراءِ البيوتِ أَن يُتركَ في خَنْدَقٍ كانَ قد حُفِرَ هناكَ وَأن يُحرَقَ بالنّارِ، مخافةَ أن يأتوهم من ورائهم.

وأصبحَ عمرُ بنُ سعدٍ في ذلكَ اليوم وهو يومُ الجمعةِ وقيلَ يومُ السّبتِ، فعبّأ أصحابَه وخرجَ فيمن معَه منً النّاسِ نحوَ الحسينِعليه‌السلام وكانَ على مَيْمَنَتهِ عَمرُو بنُ الحجّاجِ، وعلى مَيْسَرتَه شِمرُ بنُ ذي الجوشنِ، وعلى الخيلِ عُروةُ بنُ قَيْسٍ، وعلى الرّجّالةِ شَبَثُ بنُ رِبعيّ،

__________________

(١) ال عمران ٣: ١٧٨ - ١٧٩.

(٢) في «م» وهامش «ش»: سميرة.

(٣) تاريخ الطبري ٥: ٤٢١، مفصلاً نحوه، ونقله العلامة المجلسي في البحار٤٥: ٣.

٩٥

واعطى الرّايةَ دُرَيداً(١) مولاه.

فروِيَ عن عَليِّ بنِ الحسينِ زينِ العابدينَعليه‌السلام أنّه قالَ: «لمّا صبّحتِ الخيلُ الحسينَ رَفَعَ يديه وقالَ: اللّهَمّ أنتَ ثِقَتي في كلِّ كَرْبِ، ورجائي في كلِّ شدّةٍ(٢) وأنتَ لي في كلِّ أمر نزلَ بي ثقةٌ وعُدَّة، كمَ مِنْ هَمٍّ يَضْعُفُ فيه الفؤادُ، وتَقِلُّ فيه الحيلةُ، ويخذُلُ فيه الصّديقُ، ويَشمَتُ فيه العدوُّ، أنزلتُه بكَ وشكوتُه إِليكَ رغبةً منِّي إِليكَ عمَّن سواكَ، ففرَّجْتَه وكشفْتَه، وأنتَ وليُّ كلِّ نعمةٍ، وصاحبُ كلِّ حسنةٍ، ومُنتهَى كلِّ رغبةٍ»(٣) .

قالَ: وأقبلَ القومُ يَجولونَ حولَ بيوتِ الحسينِعليه‌السلام فيَروْنَ الخندقَ في ظهورِهم والنّار تَضْطَرِمُ في الحَطَب والقَصب الّذي كانَ أُلقِيَ فيه، فنادى شمرُ بنُ ذي الجوشنِ عليه الَلعنةُ بأعلَى صوته: يا حسينُ أتعجّلتَ النّارَ قبلَ يوم القيامةِ؟ فقالَ الحسينُعليه‌السلام : «مَنْ هذا؟ كأنّه شمرُ بنُ ذي الجَوشنِ » فقالوا له: نعم، فقالَ له: «يا ابنَ راعيةِ المِعْزَى، أنتَ أولى بها صلِيّاً».

ورَامَ مسلمُ بنُ عَوسَجَةَ أنِ يرميَه بسهمٍ فمنعَه الحسينُ من ذلكَ، فقالَ له: دعْني حتّى أرميَه فإنّ الفاسقَ من عظماءِ الجبّارينَ، وقد أمكنَ اللّهُ منه. فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : «لا تَرْمِه، فإِنِّي أكرهُ أن أبدأهم ».

__________________

(١) في هامش «ش» و «م»نسختان: ١ / دُوَيداً، ٢ / ذوَيداً. وكذا في المصادر.

(٢) في هامش «ش»: شديدة.

(٣) تاريخ الطبري ٥: ٤٢٣، ونقله العلامة المجلسي في البحار٤٥: ٤.

٩٦

ثمّ دعا الحسينُ براحلتهِ فركبَها ونادى بأَعلى صوته: «يا أهلَ ألعراقِ » - وجُلّهم يسمعونَ - فقالَ: «أَيًّها النّاسُ اسمعَوا قَوْلي ولا تَعجَلوا حتّى أَعِظَكم بما يَحقُّ لكم عليّ وحتّى أعْذِرَ إِليكم، فإِن أعطيتموني النّصفَ كنتم بذلكَ أسعدَ، وان لم تُعْطُوني النّصفَ من أنفسِكم فأجمعوا رأيَكم ثمّ لا يَكنْ أمرُكم عليكم غُمّةً ثمّ اقضوا إِليَّ ولا تنظِرونَ، إِنَّ وَلِيّي اللّهُ الّذي نزّلَ الكتابَ وهو يتولّى الصّالحينَ ». ثم حَمدَ اللّهَ وأثنى عليه وذَكَرَ اللهَّ بما هو أهلُه، وصَلّى على النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى ملائكةِ اللّهِ وأَنبيائه، فلم يُسْمَعْ متكلِّمٌ قطُّ قبلَه ولا بعدَه أبلغ في منطقٍ منه، ثمّ قالَ:

«أمّا بعدُ: فانسبوني فانظروا مَن أنا، ثمّ ارجِعوا إِلى أنفسِكم وعاتِبوها، فانظروا هل يَصلُح لكم قتلي وانتهاكُ حرمتي؟ ألست ابنَ بنتِ نبيِّكم، وابنَ وصيِّه وابن عمِّه وأَوّل المؤمنينَ المصدِّقِ لرسولِ اللّهِ بما جاءَ به من عندِ ربِّه، أَوَليسَ حمزةً سيدُ الشُهداءِ عمِّي، أَوَليسَ جعفر الطّيّارُ في الجنّةِ بجناحَيْنِ عَمِّي، أوَلم يَبْلُغْكم(١) ما قالَ رسولُ اللهِ لي ولأخي: هذان سيِّدا شبابِ أهلِ الجنّةِ؟! فان صدَّقتموني بما أقولُ وهو الحقُّ، واللّهِ ما تعمّدْتُ كذِباً منذُ عَلِمْتُ أنّ اللهَّ يمقُتُ عليه أهلَهُ، وإِن كذّبتموني فإِنّ فيكم (مَنْ لو )(٢) سأَلتموه عن ذلكَ أخْبَركم، سَلوُا جابرَ بنَ عبدِاللّهِ الأَنصاريّ وأبا سعيدٍ الخُدْريّ وسَهْلَ بن سعدٍ الساعديّ وزيدَ بنَ أرقَمَ وأنسَ بنَ مالكٍ، يُخْبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالةَ من رسولِ اللهِّصلى‌الله‌عليه‌وآله لي

__________________

(١) في هامش «ش» اوما بلغكم.

(٢) في «م» وهامش «ش»: مَن إن.

٩٧

ولأخي، أمَا في هذا ( حاجز لكم )(١) عن سَفْكِ دمي؟! ».

فقالَ له شمرُ بنُ ذي الجوشن: هو يَعْبدُ اللّهَ على حَرْفٍ إِن كانَ يدري (ما تقولُ )(٢) فقالَ له حبيبُ بنُ مُظاهِرٍ: واللّهِ إِنِّي لأراكَ تَعْبُدُ اللّهَ على سبعينَ حرفاً، وأنا أشهدُ أنّكَ صادقٌ ما تدري ما يقول، قد طبَعَ اللّهُ على قلبِكَ.

ثمّ قالَ لهم الحسينُعليه‌السلام : «فإِن كنتم في شكٍّ من هدْا، أفتشكّونَ أَنِّي ابن بنتِ نبيِّكمْ! فواللّهِ ما بينَ المشرقِ والمغرب ابن بنتِ نبيٍّ غيري فيكم ولا في غيرِكم، ويحكم أتَطلبوني بقتيلِ منكم قَتلتُه، أومالٍ لكم استهلكتُه، أو بقِصاصِ جراحةٍ؟!» فأخَذوا لا يُكلِّمونَه، فنادى: «يا شَبَثَ بنَ ربْعيّ، يا حَجّارَ بنَ أَبجرَ، يا قيسَ بنَ الأشْعَثِ، يا يزيدَ بن الحارثِ، ألم تكتبوا إِليّ أنْ قد أيْنَعَتِ الثِّمارُ واخضَرَّ الجَنابُ، وانمّا تَقدمُ على جُندٍ لكَ مُجَنَّدٍ؟!» فقالَ له قيسُ بنُ الأَشعثِ: ما ندري ما تقولُ، ولكنِ انْزِلْ على حُكمِ بني عمِّكَ، فإِنّهم لن يُرُوْكَ إلا ما تُحِبُّ. فقالَ له الحسينُ «لا واللهِّ لا أُعطيكم بيدي إعطاءَ الذّليل، ولا أَفِرُّ فِرارَ العبيدِ(٣) ». ثمّ نادى: «يا عبادَ اللهِ، إِنِّي عُذْتُ بربِّي وربِّكم أن ترجمون، أعوذُ بربِّي وربِّكم من كلِّ مُتكبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بيومِ الحسابِ ».

ثمّ إنّه أناخَ راحلتَه وأمرَ عُقبةَ بنَ سَمْعانَ فعقلَها، وأَقبلوا

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: حاجز يحجزكم.

(٢) هكذا في النسخ الخطية، لكن الصحيح: ما يقول، وهوموافق لنقل الطبري والكامل.

(٣) في «م»: العبد، وفي «ش»: مشوشة، وهي تحتمل الوجهين، وفي نسخة العلامة المجلسي: العبيد.

٩٨

يزحفونَ نحوَه، فلمّا رأى الحرُّ بنُ يزيدَ أَنّ القومَ قد صمَّمُوا على قتالِ الحسينِعليه‌السلام قالَ لعمر بن سعدٍ: أيْ عُمَر(١) ، أمُقاتِلٌ أنتَ هذا الرّجلَ؟ قالَ: إِيْ واللّهِ قتالاً أيْسَرُه أَن تَسقطَ الرُّؤوسُ وتَطيحَ الأَيدي، قالَ: أفما لكم فيما عرضه عليكم رضىً؟ قالَ عمر: أما لو كانَ الأمرُ إِليَّ لَفعلتُ، ولكنَّ أميرَكَ قد أبى.

فأقبلَ الحرُّحتّى وقفَ منَ النّاسِ موقفاً، ومعَه رجلٌ من قومِه يُقالُ له: قُرّةُ بنُ قَيْسٍ، فقالَ: يا قُرّةُ هل سقيتَ فرسَكَ اليومَ؟ قالَ: لا، قالَ: فما تُريدُ أن تَسقِيَه؟ قالَ قُرّةُ: فظننتُ واللّهِ أنّه يُريد أَن يَتنحّى فلا يشهدَ القتالَ، ويكرهُ(٢) أن أَراه حينَ يَصنعُ ذلكَ، فقلتُ له: لم أسقِه وأَنا منطلق فأسقيه، فاعتزلَ ذلكَ المكان الّذي كانَ فيه، فواللّهِ لوأَنّه أطْلَعَني على الّذي يُريدُ لخرجتُ معَه إِلى الحسينِ بنِ عليٍّعليه‌السلام ؛ فأخذَ يَدنو منَ الحسينِ قليلاً قليلاً، فقالَ له المهاجرُ بنُ أوسٍ: ما تُريدُ يا ابنَ يزيدَ، أتريدُ أن تَحملَ؟ فلم يُجبْه وأخَذَهُ مثلُ الأفْكَلِ - وهي الرِّعدةُ - فقالَ له المهاجرُ: إِنّ أمْرَكَ لَمُريبٌ، واللهِّ ما رأيتُ منكَ في موقفٍ قطُّ مثلَ هذا، ولو قيلَ لي: مَنْ أشجعُ أَهلِ الكوفِة ما عَدَوْتُكَ، فما هذا الّذي أرى منكَ؟! فقالَ له الحرُّ: إِنِّي واللّه أُخيِّرُ نفسي بينَ الجنَّةِ والنّارِ، فواللّهِ لا أختارُ على الجنّةِ شيئاً ولو قُطًّعْتُ وحُرِّقْت.

ثمّ ضربَ فرسَه فلحِقَ بالحسينِعليه‌السلام فقالَ له: جُعِلْتُ فِداكَ - يا ابنَ رسولِ اللهِّ - أَنا صاحبُكَ الّذي حبستُكَ عنِ

__________________

(١) في هامش «ش»: يا عمر.

(٢) في «م» وهامش «ش»: فَكَرِه.

٩٩

الرُّجوع، وسايرْتُكَ في الطَريقِ، وجَعْجَعْتُ بكَ في هذا المكانِ، وما ظننتُ انَّ القومَ يَرُدُّونَ عليكَ ماعَرَضْتَه عليهم، ولايَبلُغونَ منكَ هذه المنزلَة، واللهِّ لو علمتُ أنّهم يَنتهونَ بكَ إِلى ما أرى ما رَكِبْتُ منكَ الّذي رَكِبْتُ، وِانِّي تائبٌ إِلى اللهِ تعالى ممّا صنعتُ، فترى لي من ذلكَ توبةً؟ فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : «نَعَمْ، يتوبُ اللّهُ عليكَ فانزِلْ » قالَ: فأنا لكَ فارساً خيرٌ منِّي راجلاً، أقُاتِلهُم على فرسي ساعةً، والى النُّزول ما يَصيرُ اخرُ أمري. فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : «فاصنعْ - يَرحمَكَ اللهُّ - ما بدا لكَ ».

فاستقدمَ أمامَ الحسينِعليه‌السلام ثمّ أنشأ رجلٌ من أصحاب الحسينِعليه‌السلام يقولُ:

لَنِعْمََ الْحُرُّ حُرّ بَنِيْ رِيَاح

وَحُرّ عِنْد َمُخْتَلَفِ الرِّمَاحِ

وَنِعْمَ الْحُرُّ إِذْ نَادَى حُسَينٌ

وَجَادَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الصَّبَاحِ

 ثمّ قالَ(١) : يا أهلَ الكوفةِ، لأمِّكم الهَبَلُ والعَبَرُ، أدَعَوْتُم هذا العبدَ الصّالحَ حتّى إِذا أتاكم أسلمتموه، وزعمتُم أنّكم قاتلو أنفسِكم دونَه ثمّ عَدَوْتُم عليه لِتقتلوه، أمسكتم بنفسِه وأخذتم بكظمِه(٢) ، وأحَطْتم به من كلِّ جانبِ لتِمنعوه التّوجُّهَ في بلادِ اللّهِ العريضةِ، فصارَ كالأسير في أَيديكم لاَ يَملكُ لِنفسِه نفعاً ولا يَدفعُ عنها ضَرّاً(٣) ، وحَلأتمُوه(٤) ونساءه وصِبْيتَه وأهله عن ماءِ الفراتِ

__________________

(١) اي الحر عليه الرحمة.

(٢) يقال: اخذت بكظمه أي بمخرج نفسه «الصحاح - كظم - ٥: ٢٠٢٣».

(٣) في «م» وهامش «ش»: ضرراً.

(٤) حلأه عن الماء: طرده ولم يدعه يشرب «الصحاح - حلأ - ١:٤٥».

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

نصيبا فمضى الحسنعليه‌السلام وكان أهل البيتعليهم‌السلام يأكلون من سائر الاعداد ويعود حتّى قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتغيّر البطيخ ، فأكلوه فلم يعد ، ولم يزالوا كذلك حتّى قبضت فاطمةعليها‌السلام ، فتغيّر الرمّان ، فأكلوه فلم يعد ، ولم يزالوا كذلك حتّى قبض أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فتغيّر السفرجل ، فأكلوه فلم يعد ، وبقيت التفاحتان معى ومع أخى ، فلمّا كان يوم آخر عهدى بالحسن ، وجدتها عند رأسه وقد تغيّرت فأكلتها ، وبقيت الاخرى معى(١) .

٢٥ ـ عنه باسناده ، عن أحمد بن عمارة ، عن عبد الله بن عبد الجبّار ، قال : أخبرنى مولاى وسيّدى الحسن بن علىّ بن محمّد بن علىّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علىّ بن الحسين بن علىّ بن أبى طالب ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن على صلوات الله عليهم ، قال : كنت مع أبى على شاطئ الفرات ، فنزع قميصه وغاص فى الماء ، فجاء موج فأخذ القميص ، فخرج أمير المؤمنينعليه‌السلام وإذا بهاتف يهتف : يا أمير المؤمنين ، خذ ما عن يمينك. فاذا منديل فيه قميص ملفوف ، فأخذ القميص ولبسه ، فسقطت من جيبه رقعة ، مكتوب فيها : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، هدية من الله العزيز الحكيم الى علىّ بن أبى طالب ، هذا قميص هارون بن عمران (كذلك وأورثناها قوما آخرين)(٢) .

٢٦ ـ عنه ، باسناده ، عن أبى الحسن عامر بن عبد الله ، عن أبيه ، عن الصادقعليه‌السلام ، عن آبائه ، عن الحسينعليه‌السلام ، قال : دخلت مع الحسنعليه‌السلام على جدّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده جبرئيلعليه‌السلام فى صورة دحية الكلبى وكان دحية اذا قدم من الشام على رسول الله حمل لى ولاخى خرنوبا ونبقا وتينا ، فشبهناه بدحية بن خليفة الكلبى وان دحية كان يجعلنا نفتش كمّه ، فقال جبرئيل : يا رسول الله ، ما يريدان؟ قال : انّهما شبّهاك بدحية بن خليفة الكلبى ، وان دحية كان يحمل لهما اذا قدم من الشام

__________________

(١) الثاقب فى المناقب : ٥٣.

(٢) الثاقب فى المناقب : ٢٧٣.

١٢١

نبقا وتينا وخرنوبا.

قال : فمدّ جبرئيلعليه‌السلام يده إلى الفردوس الأعلى ، فأخذ منه نبقا وخرنوبا وسفر جلا ورمّانا فملأنا به حجرنا قال : فخرجنا مستبشرين ، فلقينا أبونا أمير المؤمنين علىّعليه‌السلام فنظر الى ثمرة لم ير مثلها فى الدنيا ، فأخذ من هذا ، ومن هذا واحدا واحدا ، ودخل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يأكل فقال : يا أبا الحسن ، كل وادفع الىّ أوفر نصيب ، فانّ جبرئيلعليه‌السلام أتى به آنفا(١) .

٢٧ ـ قال الفتال النيسابوريّ : قال الحسين بن علىعليهما‌السلام لمّا زوّج فاطمة عليّا على أربعمائة وثمانين درهما فأمر النبيّعليه‌السلام أن يجعل ثلثيها فى العطر وثلثا فى الثياب فدخل بهما ومالهما فراش الّا فروة أضحية رسول الله ووسادة من أدم حشوها ليف(٢) .

٢٨ ـ روى الديلمى ، عن الشيخ الفقيه أبو الحسن محمّد بن أحمد بن شاذان القمىّرحمه‌الله بمكّة فى المسجد الحرام ، قال : حدّثنى نوح بن أحمد بن أيمنرحمه‌الله قال : حدّثنا ابراهيم بن أحمد بن أبى حصين ، قال : حدّثنى جدّى ، قال : حدّثنى يحيى ابن عبد الحميد ، قال : حدّثنى قيس بن الربيع ، قال : حدّثنى سليمان الأعمش ، عن جعفر بن محمّد ، قال : حدّثنى أبى ، قال : حدّثنى علىّ بن الحسين ، عن أبيه قال : أبى أمير المؤمنين علىعليه‌السلام ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا على أنت أمير المؤمنين ، وإمام المتّقين يا علىّ أنت سيّد الوصيّين ، ووارث علم النبيّين ، وخير الصديقين ، وأفضل السابقين. يا على أنت زوج سيّدة نساء العالمين ، وخليفة خير المرسلين. يا على أنت مولى المؤمنين ، والحجّة بعدى على الناس أجمعين ، استوجب الجنّة من تولّاك ، واستوجب دخول النار من عاداك.

يا على والذي بعثنى بالنبوّة ، واصطفانى على جميع البرية ، لو أن عبدا عبد الله

__________________

(١) الثاقب فى المناقب : ٣١٢.

(٢) روضة الواعظين : ١٢٦.

١٢٢

تعالى ألف عام ، ما قبل الله ذلك منه الّا بولايتك وولاية الأئمّة من ولدك ،. إنّ ولايتك لا تقبل الا بالبراءة من أعدائك ، وأعداء الأئمّة من ولدك ، بذلك أخبرنى جبرئيلعليه‌السلام ، فمن شاء فليؤمن ، ومن شاء فليكفر(١) .

٢٩ ـ عنه ، حدّثنا الشيخ أبو الحسن بن شاذان ، قال : حدّثنى أبو الحسن علىّ بن أحمد بن متويه المقرى ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد ، قال : حدّثنا محمّد بن علىّ قال : حدّثنا علىّ بن عثمان ، قال : حدّثنا محمّد بن فرات ، عن محمّد بن على ، عن أبيه عن الحسين بن على ، عن أبيه ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : علىّ بن أبى طالب خليفة الله وخليفتى وحجّة الله وحجّتى ، وباب الله وبابى ، وصفىّ الله وصفيّى ، وحبيب الله وحبيبى ، وخليل الله وخليلى ، وسيف الله وسيفى ، وهو أخى وصاحبى ، ووزيرى ، ووصيي ، حجّته حجّتى ، ومبغضه مبغضى ، ووليّه وليّى ، وعدوه عدوى ، وزوجته ابنتى ، وولده ولدى ، وحربه حربى ، وقوله قولى ، وأمره أمرى ، وهو سيّد الوصيّين وخير أمّتى(٢) .

٣٠ ـ عنه ، حدثنا الشيخ أبو الحسن بن شاذان قال : حدّثنى خال أمّى أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويهرحمه‌الله ، قال : حدّثنا علىّ بن الحسين ، قال : حدّثنا علىّ بن ابراهيم ، عن أبيه ، قال : حدّثنى أحمد بن محمّد ، قال : حدّثنى محمّد بن الفضيل ، عن ثابت ابن أبى صفية ، عن أبى حمزة ، قال : حدّثنى علىّ بن الحسين ، عن أبيه ، قال : حدّثنى أبى أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالبعليهم‌السلام ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

انّ الله فرض عليكم طاعتى ونهاكم عن معصيتى ، وأوجب عليكم اتّباع أمرى ، وفرض عليكم من طاعته طاعة علىّ بن أبى طالب بعدى ، كما فرض عليكم من طاعتى ، ونهاكم عن معصيته كما نهاكم عن معصيتى ، وجعله أخى

__________________

(١) كنز الفوائد : ١ / ١٢.

(٢) كنز الفوائد : ١ / ١٢.

١٢٣

ووزيرى ، ووصيّي ووارثى ، وهو منّى وأنا منه ، حبّه ايمان ، وبغضه كفر ، محبّه محبّى ومبغضه مبغضى ، وهو مولى من أنا مولاه ، وأنا مولى كلّ مسلم ومسلمة ، وأنا وهو أبوا هذه الامّة(١) .

٣١ ـ قال ابن شهرآشوب : روى الحافظ ابن مردويه فى كتابه بثلاثة طرق ، عن الحسين بن زيد بن علىّ بن الحسين ، عن جعفر بن محمّدعليهم‌السلام ، قال : أشهد لقد حدّثنى أبى ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن الحسين بن علىّعليهم‌السلام ، قال لمّا جاءت الأنصار تبايع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله العقبة ، قال : قم يا علىّ فقال علىّعليه‌السلام على ما أبايعهم يا رسول الله قال: على أن يطاع الله فلا يعصى وعلى أن يمنعوا رسول الله وأهل بيته وذرّيته ممّا يمنعون منه أنفسهم وذراريهم ثمّ انّه كان الّذي كتب الكتاب بينهم(٢) .

٣٢ ـ عنه ، عن زيد بن علىّ قال الحسينعليه‌السلام لمّا قتل أمير المؤمنين سلام الله عليه سمعت جنيّة ترثيه بهذ الابيات :

لقد هدّ ركنى أبو شبّر

فما ذاقت العين طيب الوسن

ولا ذاقت العين طيب الكرى

وألقيت دهرى رهين الحزن

وأقلقنى طول تذكاره

حرارة ثكل الرقوب الشثن(٣)

٣٣ ـ عنه ، باسناده ، عن الحسين بن علىعليهما‌السلام فى خبر زوّج النبيّعليه‌السلام فاطمة عليّا على أربعمائة وثمانين درهما(٤)

٣٤ ـ عنه باسناده ، عن زرارة بن أعين قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يحدّث عن آبائهعليهم‌السلام انّ مريضا شديد الحمّى عاده الحسينعليه‌السلام فلمّا دخل من باب الدار طار الحمى عن الرجل ، فقال له رضيت بما أوتيتم به حقّا حقّا والحمّى

__________________

(١) كنز الفوائد : ١ / ١٣.

(٢) المناقب : ١ / ٢٥٤.

(٣) المناقب : ٢ / ٨٢.

(٤) المناقب : ٢ / ١٠٨.

١٢٤

يهرب عنكم ، فقال له الحسينعليه‌السلام والله ما خلق الله شيئا الّا وقد أمره بالطاعة لنا قال : فاذا نسمع الصوت ولا نرى الشخص يقول لبّيك قال : أليس أمير المؤمنين أمرك أن لا تقربى الّا عدوّا أو مذنبا لكى تكونى كفّارة لذنوبه فما بال هذا وكان المريض عبد الله بن شدّاد بن الهادى الليثى(١) .

٣٥ ـ عنه ، عن تهذيب الاحكام قال أبو عبد اللهعليه‌السلام انّ امرأة كانت تطوف وخلفها رجل ، فأخرجت ذراعها فمال بيده حتّى وضعها على ذراعها فأثبت الله يده فى ذراعها حتّى قطع الطواف وأرسل الى الامير واجتمع الناس وأرسل الى الفقهاء فجعلوا يقولون اقطع يده فهو الذي جنى الجناية فقال : هاهنا أحد من ولد محمّد رسول اللهعليه‌السلام فقالوا : نعم الحسين بن علىعليهما‌السلام قدم اللّيلة فأرسل إليه فدعاه فقال انظر ما لقي ذان فاستقبل الكعبة ورفع يديه فمكث طويلا يدعو ثمّ جاء إليها حتّى تخلّصت يده من يدها فقال : الامير الّا نعاقبه بما صنع قال لا(٢) .

٣٦ ـ عنه ، قال : روى عبد العزيز بن كثير انّ قوما أتوا الى الحسينعليه‌السلام ، وقالوا : حدّثنا بفضائلكم قال لا يطيقون وانحازوا عنّى لاشير الى بعضكم فان أطاق سأحدّثكم فتباعدوا عنه فكان يتكلّم مع أحدهم جتّى دهش ووله وجعل يهيم ولا يجيب أحدا وانصرفوا عنه(٣) .

٣٧ ـ عنه ، باسناده ، عن صفوان بن مهران قال : سمعت الصادقعليه‌السلام يقول : رجلان اختصما فى زمن الحسينعليه‌السلام فى امرأة وولدها فقال هذا لى وقال هذا لى فمرّ بهما الحسين ، فقال لهما فيما ذا تمرجان قال : أحد هما انّ الامرأة لى فقال : للمدّعى الاوّل اقعد فقعد وكان الغلام رضيعا فقال الحسين يا هذه اصدقى من قبل ان يهتك الله سترك فقالت هذا زوجى والولد له ولا أعرف هذا فقالعليه‌السلام : يا غلام ما تقول

__________________

(١) المناقب : ٢ / ١٠٨.

(٢) المناقب : ٢ / ١٨٠.

(٣) المناقب : ٢ / ١٨٠.

١٢٥

هذه انطق باذن الله تعالى فقال له ما أنا لهذا ولا لهذا وما أبى إلّا راع لآل فلان فأمرعليه‌السلام برجمها قال جعفرعليه‌السلام فلم يسمع أحد نطق ذلك الغلام بعدها(١) .

٣٨ ـ عنه ، عن الأصبغ بن نباته قال : سألت الحسينعليه‌السلام فقلت سيّدى أسألك عن شيء أنا به موقن وأنّه من سرّ الله وأنت المسرور إليه ذلك السرّ فقال : يا أصبغ أتريد أن ترى مخاطبة رسول اللهعليه‌السلام لأبى قال : دون يوم مسجد قبا قال : هذا الّذي أردت قال قم فاذا أنا وهو بالكوفة فنظرت فاذا المسجد من قبل أن يرتدّ الىّ بصرى فتبسّم فى وجهى ، فقال يا أصبغ انّ سليمان بن داود أعطى الرّيح غدّوها شهر ورواحها شهر ، وأنا قد أعطيت أكثر ممّا اعطى سليمان ، فقلت صدقت والله يا ابن رسول الله.

فقال : نحن الّذين عندنا علم الكتاب وبيان ما فيه وليس لأحد من خلقه ما عندنا لأنا أهل سرّ الله فتبسّم فى وجهى ثمّ قال نحن آل الله وورثة رسوله فقلت : الحمد لله على ذلك ثمّ قال لى ادخل فدخلت ، فاذا أنا برسول اللهعليه‌السلام محتب فى المحراب بردائه فنظرت فاذا أنا بأمير المؤمنينعليه‌السلام فائض على تلابيب الأعسر فرأيت رسول اللهعليه‌السلام يعضّ على الأنامل وهو يقول بئس الخلف خلفتنى أنت وأصحابك عليكم لعنة الله ولعنتى الخبر(٢) .

٣٩ ـ الحاكم أبو عبد الله ، حدّثنا أبو عمر محمّد بن عبد الواحد الزاهد ، ثنا محمّد بن عثمان بن أبى شيبة ، حدّثنا عبيد الله بن عمر ، حدّثنا يونس بن أرقم حدّثنا هارون بن سعد ، عن زيد بن على بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه قال : أشرف رسول اللهعليه‌السلام من بيت ومعه عمّاه العبّاس وحمزة وعلىّ وجعفر وعقيل هم فى أرض يعملون فيها فقال رسول اللهعليه‌السلام لعمّيه اختارا من هؤلاء فقال أحد هما اخترت جعفر أو قال الآخر اخترت عليّا فقال خيرتكما فاخترتما ، فاختار الله لى

__________________

(١) المناقب : ٢ / ١٨١.

(٢) المناقب : ٢ / ١٨١.

١٢٦

عليّا(١) .

٤٠ ـ ابن المغازلى : أخبرنا محمّد بن علىّ السقطى قال : حدّثنا محمّد بن الحسين ، قال : حدّثنا أحمد بن أبى خيثمة قال : سمعت مصعب بن عبد الله يقول : كان الحسين بن علىعليهما‌السلام يقول قتل أبى وهو ابن ثمان وخمسين سنة(٢) .

٤١ ـ روى الهيتمى ، عن محمّد بن سيرين ، قال : لما بايع معاوية حجّ فمرّ بالمدينة خطب الناس فقال : إنّا قد بايعنا يزيد فبايعوه ، فقام الحسين بن على فقال : أنا والله أحقّ بها منه ، فان أبى خير من أبيه وجدّى خير من جدّه وأمّى خير من أمّه وأنا خير منه ، فقال : أما ما ذكرت أن جدّك خير من جدّه فصدقت ، رسول اللهعليه‌السلام خير من أبى سفيان وأما ما ذكرت أن امك خير من أمّه فصدقت فاطمة بنت رسول اللهعليه‌السلام خير من بنت بجدل ، وأما ما ذكرت أن أباك ، خير من أبيه فقد قارع أبوك أباه قضى الله لأبيه على أبيك وأما ما ذكرت أنّك خير منه فلهوا رب منك وأعقل ما يسرّنى به مثلك ألف(٣) .

٤٢ ـ عنه باسناده ، عن الحسين بن علىعليهما‌السلام قال جاءت الأنصار تبايع رسول اللهعليه‌السلام على العقبة فقال يا علىّ قم يا علىّ فبايعهم فقال : علىّ ما أبايعهم يا رسول الله قال : على أن يطاع الله ولا يعصى وعلى أن تمنعوا رسول اللهعليه‌السلام وأهل بيته وذرّيّته ممّا تمنعون منه أنفسكم وذراريكم(٤) .

٤٣ ـ عنه ، باسناده ، عن الحسين بن علىّعليهما‌السلام ، قال : أحبّونا بحبّ الاسلام ، فانّ رسول اللهعليه‌السلام قال : لا ترفعونى فوق حقّى ، فانّ الله تعالى اتّخذنى عبدا قبل أن يتخذنى رسولا(٥) .

٤٤ ـ عنه ، باسناده ، عن الحسين بن علىعليهما‌السلام قال : قال رسول اللهعليه‌السلام

__________________

(١) المستدرك ٣٦ / ٥٧٦.

(٢) مناقب ابن المغازلى : ١١.

(٣) مجمع الزوائد : ٥ / ١٩٨.

(٤) مجمع الزوائد : ٦ / ٤٩.

(٥) مجمع الزوائد : ٩ / ٢١.

١٢٧

الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة(١) .

٤٥ ـ عنه باسناده ، عن الحسين بن علىعليهما‌السلام قال : من أحبّنا للدنيا فان صاحب الدنيا يحبّه الله والفاجر ومن أحبّنا لله كنّا نحن وهو يوم القيامة كهاتين وأشار باصبعيه السبابة والوسطى(٢) .

٤٦ ـ موفّق الخوارزمى ، عن الامام محمّد بن أحمد بن علىّ بن الحسن بن شاذان ، حدّثنى أحمد بن محمّد بن سليمان ، عن جعفر بن محمّد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن داود بن الحصين ، عن عمر بن اذينة ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن علىّ بن الحسين ، عن أبيه قال : قال رسول اللهعليه‌السلام يا على مثلك فى امّتى مثل المسيح عيسى بن مريم افترق قومه ثلاث فرق.

فرقة مؤمنون وهم الحواريّون وفرقة عادوه وهم اليهود وفرقة غلوا فيه فخرجوا من الايمان وانّ امّتى ستفترق فيك ثلاث فرق فرقة شيعتك وهم المؤمنون وفرقة أعداؤك وهم الناكثون وفرقة غلوا فيك وهم الجاهدون الضالون فأنت يا علىّ وشيعتك فى الجنّة ومحبّوا شيعتك فى الجنّة وعدوّك والغالى فيك فى النار(٣) .

٤٧ ـ عنه ، أخبرنى سيّد الحفاظ شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمى الهمدانيّ فيما كتب الىّ من همدان ، حدّثنى أبى الامام الاجلّ الحافظ السعيد سيّد الحفاظ أبو شجاع شيرويه بن شهردار تغمده الله بغفرانه ، حدّثنى أبو بكر محمّد بن إبراهيم بن علىّ الامام ، حدّثنى القاضى أبو الحسين عبد الجبّار بن أحمد القاضى الأسدآبادي ، حدّثنى أبو حاتم أحمد بن الحسن بن هارون الرازى بالرى ، حدّثنى أبو الحسن عبد الله بن محمّد بن شاذان البغدادى بنيسابور املاء ، حدّثنى أبو عبد الله محمّد بن سهل مولى عمر بن عبد العزيز بمصر.

__________________

(١) مجمع الزوائد : ٩ / ١٨٤.

(٢) مجمع الزوائد : ١٠ / ٢٨١.

(٣) مناقب الخوارزمى : ٢٢٦.

١٢٨

حدّثنى عمر بن عبد الجبّار الناشى ، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، محمّد بن علىّ ، عن أبيه علىّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين ابن علىعليهم‌السلام ، أنّ النبيّعليه‌السلام كان اذا عطس قال له : علىّعليه‌السلام أعلى الله ذكرك يا رسول الله واذا عطس علىّعليه‌السلام قال له : النبيّعليه‌السلام أعلى الله كعبك يا على(١) .

٤٨ ـ عنه ، أنبأنى أبو العلاء الحافظ الهمدانيّ والامام الاجلّ نجم الدين أبو منصور محمّد بن الحسين بن محمّد البغدادى قالا : أنبأنا الشريف الامام الأجلّ نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمّد بن محمّد بن على الزينى عن الامام محمّد بن أحمد ابن على بن الحسين بن شاذان ، حدّثنى القاضى المعافى بن زكريّا ، عن الحسن بن على الهاشمى ، عن صهيب بن عباد ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن على بن الحسين ، عن أبيه.

قال : بينا رسول الله فى بيت أمّ سلمة إذ هبط عليه ملك له عشرون رأسا فى كلّ رأس ألف لسان يسبح الله ويقدّسه بلغة لا تشبه الاخرى راحته أوسع من سبع سماوات وسبع أرضين فحسب النبيّعليه‌السلام أنّه جبرئيل ، فقال : يا جبرئيل لم تأتنى فى مثل هذه الصورة قطّ ، قال : ما أنا جبرئيل أنا صرصائيل بعثنى الله إليك لتزوّج النور من النور ، فقال النبيّعليه‌السلام من والى من.

قال ابنتك فاطمة من علىّعليه‌السلام فزوج النبيّعليه‌السلام فاطمة من على بشهادة ميكائيل وجبرئيل وصرصائيل ، قال : فنظر النبيّ فاذا بين كتفى صرصائيل لا إله الّا الله محمّدا رسول الله علىّ بن أبى طالب مقيم الحجّة فقال : النبيّعليه‌السلام يا صرصائيل منذ كم كتب هذا بين كتفيك فقال : من قبل ان يخلق الله الدنيا باثنتى عشر ألف سنة(٢) .

٤٩ ـ قال ابن أبى الحديد : قال أبو الفرج : حدّثنى أحمد بن سعيد ، قال : حدّثنا

__________________

(١) مناقب الخوارزمي : ٢٣٣.

(٢) مناقب الخوارزمى : ٢٤٥.

١٢٩

يحيى بن الحسن العلوىّ ، قال : حدّثنا يعقوب بن زيد ، عن ابن أبى عمير ، عن الحسن بن على الخلّال ، عن جدّه ، قال : قلت للحسين بن علىعليهما‌السلام : أين دفنتم أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟ قال : خرجنا به ليلا من منزله حتّى مررنا به على منزل الاشعث بن قيس ، ثمّ خرجنا به الى الظهر يجنب الغرّى(١) .

٧ ـ باب الغيبة

١ ـ الصدوق : حدّثنا أحمد بن ثابت الدّواليبيّ بمدينة السلام ، قال : حدّثنا محمّد بن الفضل النحوىّ ، قال : حدّثنا محمّد بن علىّ بن عبد الصمد الكوفى ، قال : حدّثنا علىّ بن عاصم ، عن محمّد بن علىّ بن موسى ، عن أبيه علىّ بن موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن علىّ ، عن أبيه علىّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علىّعليهم‌السلام قال : دخلت على رسول اللهعليه‌السلام وعنده ابىّ ابن كعب ، فقال : رسول الله: مرحبا بك يا أبا عبد الله يا زين السماوات والأرض ، فقال له ابىّ : وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والارض أحد غيرك؟

فقال له : يا ابىّ والّذي بعثنى بالحقّ نبيّا انّ الحسين بن علىّ فى السماء أكبر منه فى الأرض فانّه مكتوب عن يمين العرش مصباح هاد وسفينة نجاة ، وامام غير وهن وعزّ وفخر ، وبحر علم وذخر فلم لا يكون كذلك وإنّ اللهعزوجل ركّب فى صلبه نطفة طيّبة مباركة زكيّة خلقت من قبل أن يكون مخلوق فى الأرحام أو يجرى ماء فى الأصلاب أو يكون ليل ونهار ولقد لقن دعوات ما يدعو بهنّ مخلوق الّا حشره اللهعزوجل معه وكان شفيعه فى آخرته ، وفرّج الله عنه كربه ، وقضى بها دينه ، و

__________________

(١) شرح النهج : ٦ / ١٢٢.

١٣٠

يسّر أمره ، وأوضح سبيله ، وقوّاه على عدوّه ، ولم يهتك سرّه ، فقال : أبىّ : وما هذه الدعوات يا رسول الله؟

قال : تقول اذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد : «اللهمّ إنّى أسألك بكلماتك ومعاقد عرشك وسكّان سماواتك وأرضك وأنبيائك ورسلك أن تستجيب لى فقد رهقنى من أمرى عسر ، فأسألك أن تصلّى على محمّد وآل محمّد وأن تجعل لى من عسرى يسرا فانّ اللهعزوجل يسهّل أمرك ويشرح لك صدرك ويلقّنك شهادة أن لا إله الّا الله عند خروج نفسك ، قال له ابىّ يا رسول الله فما هذه النطفة الّتي فى صلب حبيبى الحسين؟

قال : مثل هذه النطفة كمثل القمر وهى نطفة تبيين وبيان يكون من اتّبعه رشيدا ومن ضلّ عنه غويّا ، قال : فما اسمه وما دعاؤه؟ قال : اسمه علىّ ودعاؤه «يا دائم يا ديموم ، يا حىّ يا قيّوم ، يا كاشف الغمّ ويا فارج الهمّ ، ويا باعث الرسل ، ويا صادق الوعد» من دعا بهذا الدعا حشره اللهعزوجل مع علىّ بن الحسين وكان قائده الى الجنّة. قال له ابى : يا رسول الله فهل له من خلف أو وصىّ؟

قال : نعم له مواريث السماوات والارض ، قال : فما معنى مواريث السماوات والأرض يا رسول الله؟ قال : القضاء بالحقّ ، والحكم بالديانة ، وتأويل الأحلام ، وبيان ما يكون. قال : فما اسمه؟ قال : اسمه محمّد وانّ الملائكة لتستأنس به فى السماوات ويقول فى دعائه : «اللهمّ إن كان لى عندك رضوان وودّ فاغفر لى ولمن تبعنى من إخوانى وشيعتى وطيّب ما فى صلبى» فركّب الله فى صلبه نطفة مباركة طيّبة زكيّة ، فأخبرنى جبرئيلعليه‌السلام أنّ اللهعزوجل طيّب هذه النطفة وسماّها عنده جعفرا ، وجعله هاديا مهديا وراضيا مرضيّا يدعو ربّه.

فيقول فى دعائه : «يا ديّان غير متوان يا أرحم الراحمين اجعل لى لشيعتى من النار وقاء ، ولهم عندك رضاء ، فاغفر ذنوبهم ، ويسّر امورهم ، واقض ديونهم ،

١٣١

واستر عوراتهم ، وهب لهم الكبائر الّتي بينك وبينهم ، يا من لا يخاف الضيم ولا تأخذه سنة ولا نوم ، اجعل لى من كلّ همّ وغمّ فرجا» ومن دعا بهذا الدعاء حشره الله عنده أبيض الوجه مع جعفر بن محمّد الى الجنّة. يا أبىّ وانّ الله تبارك وتعالى ركّب على هذه النطفة نطفة زكيّة مباركة طيّبة أنزل عليها الرحمة وسماّها عنده موسى وجعله اماما ، قال له ابىّ : يا رسول الله كلّهم يتواصفون ويتناسلون ويتوارثون ويصف بعضهم بعضا؟

قال : وصفهم لى جبرئيلعليه‌السلام ، عن ربّ العالمين جلّ جلاله ، فقال : فهل لموسى من دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه؟ قال نعم يقول فى دعائه : «يا خالق الخلق ، ويا باسط الرزق ، ويا فالق الحبّ والنوى ، ويا بارئ النسم ومحيى الموتى ومميت الاحياء ، ويا دائم الثبات ، ومخرج النبات افعل بى ما أنت أهله» من دعا بهذا الدّعاء قضى اللهعزوجل حوائجه وحشره يوم القيامة مع موسى بن جعفر وإنّ الله ركّب فى صلبه نطفة طيّبة زكيّة مرضيّة وسماّها عنده عليّا وكان اللهعزوجل فى خلقه رضيّا فى علمه وحكمه ، وجعله حجّه لشيعته يحتجّون به يوم القيامة وله دعا يدعو به.

«اللهمّ أعطنى الهدى وثبّتنى عليه ، واحشرني عليه أمنا آمنا لا خوف عليه ولا حزن ولا جزع ، انّك أهل التقوى وأهل المغفرة». وانّ اللهعزوجل ركّب فى صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية وسماها محمّد بن على فهو شفيع شيعته ووراث علم جده ، له علامة بينة وحجة ظاهرة اذا ولد يقول : «لا إله إلّا الله محمّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويقول فى دعائه : «يا من لا شبيه له ولا مثال ، أنت الله لا إله الا أنت ولا خالق الا أنت تفنى المخلوقين تبقى أنت ، حلمت عمن عصاك ، وفى المغفرة رضاك»

من دعا بهذا الدعاء كان محمّد بن على شفيعه يوم القيامة. وان الله تبارك وتعالى ركب فى صلبه نطفة لا باغية ولا طاغية ، بارّة مباركة طيبة طاهرة سماها عنده

١٣٢

عليا ، فألبسها السكينة والوقار ، وأودعها العلوم والأسرار ، وكل شيء مكتوم ، من لقيه وفى صدره شيء أنبأها به وحذره من عدوه ، ويقول فى دعائه : «يا نور يا برهان يا منير يا مبين يا رب اكفنى شر شرور وآفات الدهور ، وأسألك النجاة يوم ينفخ فى الصور».

من دعا بهذا الدعا كان على بن محمّد بن شفيعه وقائده الى الجنّة ، وان الله تبارك وتعالى ركب فى صلبه نطفة وسماّها عنده الحسن بن على فجعله نورا فى بلاده ، وخليفة فى أرضه وعزا لأمته ، وهاديا لشيعته وشفيعا لهم عند ربهم ، ونقمته على من خالفه ، وحجّه لمن والاه ، وبرهانا لمن اتّخذه اماما ، يقول فى دعائه : «يا عزيز العز فى عزّه ، يا عزيز أعزّني بعزك وأيدنى بنصرك وأبعد عنى همزات الشياطين ، وادفع انى بدفعك وامنع انى بمنعك واجعلنى من خيار خلقك ، يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد»

من دعا بهذا الدعا حشره اللهعزوجل معه ، ونجّاه من النار ولو وجبت عليه ، وان اللهعزوجل ركب فى صلب الحسن نطفة مباركة زكيّة طيّبة طاهرة مطهرة ، يرضى بها كل مؤمن ممن أخذ اللهعزوجل ميثاقه فى الولاية ، ويكفر بها كل جاحد ، فهو امام تقى نقى بارّ مرضىّ هاد مهدى أول العدل وآخره ، يصدّق اللهعزوجل ويصدّقه الله فى قوله ، يخرج من تهامة حتى تظهر الدلائل والعلامات وله بالطالقان كنوز لا ذهب ولا فضة إلّا خيول مطهمه ، ورجال مسومة ، يجمع اللهعزوجل له من أقاصى البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة ثلاثة عشر رجلا ، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وثناؤهم وكلامهم وكناهم ، كرارون ، مجدّون فى طاعته ، فقال له ابىّ : وما دلائله وعلاماته يا رسول الله؟

قال : له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه وأنطقه الله تبارك وتعالى فناداه العلم أخرج يا ولىّ الله فاقتل أعداء الله ، وله رايتان و

١٣٣

علامتان وله سيف مغمد ، فاذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده ، وأنطقه اللهعزوجل فناداه السيف اخرج يا ولى الله فلا يحلّ لك أن تقعد عن أعداء الله فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ويقيم حدود الله ويحكم بحكم الله ، ويخرج جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وشعيب وصالح على مقدّمه ، فسوف تذكرون ما أقول لكم وأفوّض أمرى الى اللهعزوجل ولو بعد حين

يا ابىّ طوبى لمن لقيه ، وطوبى لمن أحبه ، وطوبى لمن قال به ، ينجيهم الله من الهلكة بالاقرار به ورسول الله وبجميع الأئمة يفتح لهم الجنة ، مثلهم فى الأرض كمثل المسك يسطع ريحه فلا يتغير أبدا ، ومثلهم فى السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفئ نوره أبدا ، قال ابىّ: يا رسول الله كيف حال هؤلاء الأئمة عن اللهعزوجل ؟ قال : ان الله تبارك وتعالى أنزل علىّ اثنى عشر خاتما واثنتى عشرة صحيفة اسم كل امام على خاتمه وصفته فى صحيفته. صلى الله عليه وعليهم أجمعين(١) .

٢ ـ عنه حدثنا محمّد بن على ما جيلويه رضى الله عنه قال : حدثني عمى محمّد بن أبى القاسم ، عن أحمد بن أبى عبد الله البرقي ، عن محمّد بن على القرشى ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبى حمزة الثماليّ ، عن أبى جعفر محمّد بن علىّ الباقر ، عن أبيه على بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علىعليه‌السلام قال : دخلت أنا وأخى على جدى رسول اللهعليه‌السلام فأجلسنى على فخذه ، وأجلس أخى الحسن على فخذه الأخرى ، ثم قبلنا وقال : بأبى أنتما من إمامين صالحين اختاركما الله منّى ، ومن أبيكما وأمكما ، واختار من صلبك يا حسين تسعة أئمة تاسعهم قائمهم وكلكم فى الفضل والمنزلة عند الله تعالى سواء(٢) .

٣ ـ عنه حدثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطار قال : حدثنا أبو

__________________

(١) كمال الدين : ٢٦٤. وعيون اخبار الرضا : ١ / ٥٩ / ٦٢.

(٢) كمال الدين : ٢٦٩.

١٣٤

عمرو الكشى قال : حدثنا محمّد بن مسعود قال : حدثنا على بن محمّد بن شجاع ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبى عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن على ، عن أبيه على بن الحسينعليه‌السلام قال : قال الحسين ابن علىعليهما‌السلام فى التاسع من ولدى سنّة من يوسف ، وسنّة من موسى بن عمرانعليه‌السلام وهو قائمنا أهل البيت ، يصلح الله تبارك وتعالى أمره فى ليلة واحدة(١) .

٤ ـ عنه حدثنا أحمد بن محمّد بن اسحاق المعاذى رضى الله عنه قال : حدّثنا أحمد ابن محمّد الهمدانيّ الكوفى قال : حدثنا أحمد بن موسى بن الفرات ، قال : حدّثنا عبد الواحد بن محمّد قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن عبد الله ابن شريك ، عن رجل من همدان قال : سمعت الحسين بن على بن أبى طالبعليهما‌السلام يقول : قائم هذه الامة هو التاسع من ولدى وهو صاحب الغيبة وهو الذي يقسم ميراثه وهو حىّ(٢) .

٥ ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ ، قال : حدثنا على بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن عبد السلام بن صالح الهروى قال : أخبرنا وكيع بن الجراح ، عن الربيع بن سعد ، عن عبد الرحمن بن سليط قال : قال الحسين بن على بن أبى طالبعليهما‌السلام : منا اثنا عشر مهديا أولهم أمير المؤمنين على بن أبى طالب ، وآخرهم من ولدى ، وهو الامام القائم بالحق ، يحيى الله به الأرض بعد موتها ويظهر به دين الحقّ على الدين كله ولو كره المشركون ، له غيبة يرتد فيها أقوام ويثبت فيها على الدين آخرون ، فيؤذون ويقال لهم :( مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) أما ان الصابر فى غيبته على الأذى والتكذيب بمنزله المجاهد بالسيف بين يدى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣)

__________________

(١) كمال الدين : ٣١٦.

(٢) كمال الدين : ٣١٧.

(٣) كمال الدين : ٣١٧.

١٣٥

٦ ـ عنه حدثنا على بن محمّد بن الحسن القزوينى ، قال : حدثنا محمّد بن عبد الله الحضرمى ، قال : حدثنا أحمد بن يحيى الأحول قال : حدثنا خلاد المقرئ ، عن قيس بن أبى حصين عن يحيى بن وثاب ، عن عبد الله بن عمر قال : سمعت الحسين بن علىعليهما‌السلام يقول : لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطوّل اللهعزوجل ذلك اليوم ، حتى يخرج رجل من ولدى ، فيملؤها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ، كذلك سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول(١) .

٧ ـ حدثنا أبى رضى الله عنه قال : حدثنا محمّد بن يحيى العطار ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك : قال : حدثني حمدان بن منصور ، عن سعد بن محمّد ، عن عيسى الخشاب قال : قلت للحسين بن علىعليهما‌السلام : أنت صاحب هذا الأمر؟ قال : لا ولكن صاحب الأمر الطريد الشريد الموتور بأبيه ، المكنى بعمه ، يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر(٢) .

٨ ـ النعماني أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن حازم ، قال : حدثنا عبيس بن هاشم ، عن عبد الله بن جبلة ، عن مسكين الرحال عن على بن أبى المغيرة ، عن عميرة بنت نفيل ، قالت : سمعت الحسين بن علىعليه‌السلام يقول : لا يكون الأمر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض ، ويتفل بعضكم فى وجوه بعض ، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر ، ويلعن بعضكم بعضا ، فقلت له : ما فى ذلك الزمان من خير ، فقال الحسينعليه‌السلام : الخير كلّه فى ذلك الزمان ، يقوم قائمنا ، ويدفع ذلك كله(٣) .

٩ ـ الطوسى باسناده عن أحمد بن إدريس عن على بن محمّد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، عن عمرو بن عثمان عن محمّد بن عذافر ، عن عقبة بن يونس ، عن

__________________

(١) كمال الدين : ٣١٨.

(٢) كمال الدين : ٣١٨.

(٣) غيبة النعماني : ٢٠٥.

١٣٦

عبد الله بن شريك فى حديث له اختصرناه قال : مرّ الحسينعليه‌السلام على حلقة من بنى أمية وهم جلوس فى مسجد الرسولعليه‌السلام ، فقال : أما والله لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله منى رجلا يقتل منكم ألفا ومع الألف ألفا ، فقلت : جعلت فداك إن هؤلاء أولاد كذا وكذا لا يبلغون هذا ، فقال : ويحك فى ذلك الزمان يكون الرجل من صلبه كذا وكذا رجلا وان مولى القوم من أنفسهم(١) .

٨ ـ باب فضائل الشيعة

١ ـ الصدوق باسناده عن الحسين بن علىعليه‌السلام ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلىّ : بشر لشيعتك انى الشفيع لهم يوم القيمة يوم لا ينفع إلّا شفاعتي(٢) .

٢ ـ جعفر الحضرمى قال : حدثني أبو سعيد المداينى ، عن محمّد بن على ، عن على بن الحسينعليه‌السلام عن ابيهعليه‌السلام قال : جاء رجل إلى أبى فحدثه فقال ان الرجل من شيعتنا ليأتى يوم القيمة عليه تاج نبوة قدامه سبعين ملكا ينساق سوقا الى باب الجنة فيقال له ادخل الجنة بغير حساب(٣) .

٣ ـ البرقي عن أبيه ، عن حمزة بن عبد الله عن جميل بن دراج ، عن حسان بن أبى على العجلى ، عن عمران بن ميثم ، عن حبابة الوالبية ، قال : دخلنا على امرأة قد صفرتها العبادة أنا وعباية بن ربعى فقالت : من الذي معك؟ قلت : هذا ابن أخيك ميثم قالت : ابن أخى والله حقا ، أما أنى سمعت أبا عبد الله الحسين بن علىعليهما‌السلام يقول : ما أحد على ملة ابراهيم إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس منها برآء(٤) .

__________________

(١) غيبة الطوسى : ١١٦.

(٢) عيون اخبار الرضا : ٢ / ٦٨.

(٣) اصل الحضرمى : ٨٠.

(٤) المحاسن : ١٤٧.

١٣٧

٤ ـ عنه ، عن أبيه وابن أبى نجران ، عن حماد بن عيسى عن الحسين بن مختار ، عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن عمران بن ميثم ، عن حبابة الوالبية ، قال : دخلت عليها فقالت : من أنت؟ ـ قلت : ابن أخيك ميثم ، فقالت : أخى والله لأحدثنك بحديث جمعته من مولاك الحسين بن على بن أبى طالبعليه‌السلام : إنّى سمعته يقول : والذي جعل أحمس خير بجيلة ، وعبد القيس خير ربيعة ، وهمدان خير اليمن ، انكم لخير الفرق ، ثم قال: ما على ملة ابراهيم إلا نحن وشيعتنا ، وسائر الناس منها برآء(١)

٥ ـ عنه ، عن أبيه ، عن حمزة بن عبد الله الجعفرى ، عن جميل بن دراج ، عن عمرو بن مروان ، عن الحارث بن حصيرة ، عن زيد بن أرقم ، عن الحسين بن علىعليه‌السلام قال : ما من شيعتنا الا صديق شهيد ، قال قلت : جعلت فداك أنى يكون ذلك وعامتهم يموتون على فراشهم؟ ـ فقال : أما تتلو كتاب الله فى الحديد( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) قال : فقلت : كأنى لم أقرأ هذه الآية من كتاب اللهعزوجل قط قال : لو كان الشهداء ليس الا كما تقول لكان الشهداء قليلا(٢) .

٦ ـ روى العياشى باسناده عن حبابة الوالبية قال : سمعت الحسين بن علىعليهما‌السلام يقول : ما أعلم احدا على ملة ابراهيم إلا نحن وشيعتنا ، قال صالح : ما أحد على ملة ابراهيم ، قال : جابر ما أعلم احدا على ملة ابراهيم(٣)

٧ ـ عنه باسناده عن عمر بن أبى ميثم قال : سمعت الحسين بن علىعليهما‌السلام يقول : ما أحد على ملة ابراهيم الا نحن وشيعتنا وساير الناس منها براء(٤) .

٨ ـ أبو جعفر الطبرى الامامى باسناده عن جابر الجعفى عن ابى جعفر محمّد

__________________

(١) المحاسن : ١٤٧.

(٢) المحاسن : ١٦٣.

(٣) العياشى : ١ / ١٨٥.

(٤) العياشى : ١ / ٢٨٨.

١٣٨

بن على عن أبيه عن جده قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى يا على ان عن يمين العرش لمنابر من نور ومواسيد نور فاذا كان يوم القيامة جئت أنت وشيعتك تجلسون على تلك المنابر تأكلون وتشربون والناس فى الموقف يحاسبون(١) .

٩ ـ روى المجلسى ، عن كتاب المؤمن : باسناده ، عن سعد بن طريف ، قال : كنت عند أبى جعفرعليه‌السلام فجاء جميل الأزرق ، فدخل عليه ، قال فذكروا بلايا للشيعة وما يصيبهم ، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : انّ اناسا أتوا علىّ بن الحسينعليه‌السلام وعبد الله بن عبّاس ، فذكروا لهما نحو ما ذكرتم ، قال : فأتيا الحسين بن علىّعليهما‌السلام ، فذكرا له ذلك ، فقال الحسينعليه‌السلام : والله البلاء والفقر والقتل أسرع إلى من أحبّنا من ركض البراذين ، ومن السيل الى صمره ، قلت : وما الصمر؟ قال : منتهاه ، ولو لا أن تكونوا كذلك ، لرأيتنا أنّكم لستم منّا(٢) .

١٠ ـ ابن المغازلى ، حدّثنا عبد الغنى ، حدّثنا الحسين بن عبد الله القرشى ، حدّثنا الباهلى ، حدّثنا عبد الرحمن بن خالد ، حدّثنا ، معاوية بن هشام ، حدّثنا زياد بن المنذر ، عن عقيصا وهو أبو سعيد دينار ، قال : سمعت الحسينعليه‌السلام يقول : من أحبّنا نفعه الله بحبّنا وإن كان أسيرا فى الديلم وإنّ حبّنا لتساقط الذنوب كما تساقط الرّيح الورق(٣) .

١١ ـ عنه أخبرنا أبو اسحاق بن غسّان الدقّاق البصرى فيما كتب به الىّ ، حدّثنا أبو على الحسين بن أحمد بن محمّد ، حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائى ، حدّثنا أبى ، حدّثنى أبو الحسن علىّ بن موسى الرّضا قال : حدّثنى أبى موسى بن جعفر قال: حدّثنى أبى جعفر بن محمّد ، قال : حدّثنى أبى محمّد بن علىّ قال : حدّثنى أبى علىّ بن الحسين قال : حدّثنى أبى الحسين بن علىّ قال : حدّثنى أبى علىّ

__________________

(١) بشارة المصطفى : ٢٣٧.

(٢) بحار الانوار : ٦٧ / ٢٤٦.

(٣) مناقب ابن المغازلى : ٤٠٠.

١٣٩

بن أبى طالب عليم السلام قال : قال رسول اللهعليه‌السلام : يا علىّ انّ اللهعزوجل قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك ولمحبّى شيعتك فأبشر فانّك الأنزع البطين المنزوع من الشرك البطين العلم(١) .

٩ ـ باب المؤمن والكافر

١ ـ الصدوق حدّثنا حمزة بن محمّد بن أحمد العلوى رضى الله عنه ، قال أخبرنا أحمد بن محمّد الكوفى ، قال : حدّثنا عبيد الله بن حمدون قال : حدّثنا الحسين بن نصير ، قال : حدّثنا خالد ، عن حصين ، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه ، عن علىّ بن الحسين ، عن أبيهعليهما‌السلام قال : قال رسول اللهعليه‌السلام ما زلت أنا ومن كان قبلى من النبيين والمؤمنين مبتلين بمن يؤذينا ، ولو كان المؤمن على رأس جبل لقيّض اللهعزوجل له من يؤذيه ليأجره على ذلك(٢) .

٢ ـ عنه ، حدّثنا أبى رضى الله عنه قال : حدّثنى محمّد بن أحمد بن علىّ بن الصلت ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن الحسن بن علىّ بن فضّال ، عن عاصم بن حميد ، عن أبى حمزة الثماليّ ، عن عبد الله بن الحسن ، عن أمّه فاطمة بنت الحسين بن علىّ ، عن أبيهعليهم‌السلام ، قال : قال رسول اللهعليه‌السلام : ثلاث خصال من كنّ فيه استكمل خصال الايمان ، الّذي اذا رضى لم يدخله رضاه فى اثم ولا باطل واذا غضب لم يخرجه الغضب من الحقّ واذا قدر لم يتعاط ما ليس له(٣) .

٣ ـ عنه ، حدّثنا الحسين بن أحمد بن ادريس رضى الله عنه قال : حدّثنا أبى

__________________

(١) مناقب ابن المغازلى ٤٠٠.

(٢) علل الشرائع : ١ / ٤٢.

(٣) الخصال : ١٠٥.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496