مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ٣

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام16%

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 72997 / تحميل: 4165
الحجم الحجم الحجم
مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

فيها أوليائه وأنبيائه فزوروا قبورنا بالغاضرية(١)

٧ ـ عنه قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الغاضرية تربة من بيت المقدس(٢) .

٨ ـ عنه باسناده عنهما عن أبى سعيد العصفرى عن حماد بن أيوب عن أبى عبد اللهعليه‌السلام ، عن أبيه عن آبائه عن امير المؤمنينعليه‌السلام قال قال رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : يقبر ابنى بأرض يقال لها كربلا هى البقعة التي كانت فيها قبة الاسلام التي نجا الله عليها المؤمنين الذين آمنوا مع نوح فى الطوفان(٣)

٩ ـ عنه باسناده عن ميثم التمار عن الباقرعليه‌السلام قال من بات ليلة عرفة فى كربلا وأقام بها حتى يعيد وينصرف وقاه الله شر سنة(٤)

١٠ ـ عنه باسناده عن على بن حرب ، عن الفضل بن يحيى ، عن أبيه عن أبى عبد اللهعليه‌السلام ، قال زوروا كربلا ولا تقطعوا فان خير أولاد الأنبياء ضمنته ألا وان الملائكة زارت كربلا ألف عام من قبل أن يسكنه جدّى الحسينعليه‌السلام وما من ليلة تمضى الا وجبرائيل وميكائيل يزور انه فاجتهد يا يحيى ان لا تفقد من ذلك الموطن(٥) .

١١ ـ عنه حدثني أبى وجماعة مشايخىرحمهم‌الله ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن جعفر بن محمّد بن عبيد الله ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبى عبد اللهعليه‌السلام قال : مرّ أمير المؤمنينعليه‌السلام بكربلاء فى أناس من أصحابه فلمّا مرّ بها اغرورقت عيناه بالبكاء ثمّ قال هذا مناخ ركابهم ، وهذا ملقى رحالهم وهنا تحرق دمائهم طوبى لك من تربة عليك تهرق دماء الأحبّة(٦) .

١٢ ـ حدّثنى أبى ومحمّد بن الحسنرحمه‌الله ، عن الحسن بن متيل ، عن

__________________

(١) كامل الزيارات : ٢٦٨

(٢) كامل الزيارات : ٢٦٨

(٣) كامل الزيارات : ٢٦٩

(٤) كامل الزيارات : ٢٦٩

(٥) كامل الزيارات : ٢٦٩

(٦) كامل الزيارات : ٢٦٩

٢١

سهل بن زياد ، عن علىّ بن أسباط ، عن محمّد بن سنان ، عمّن حدّثه ، عن أبى عبد اللهعليه‌السلام قال : خرج أمير المؤمنينعليه‌السلام يسير بالنّاس حتّى إذا كان من كربلا على مسيرة ميل أو ميلين ، تقدّم بين أيديهم حتّى صار بمصارع الشهداء ثمّ قال قبض فيها مأتا نبىّ ومأتا وصىّ ومأتا سبط كلّهم شهداء بأتباعهم فطاف بها على بغلته خارجا رجله من الركاب فأنشأ يقول: مناخ ركاب ومصارع الشهداء لا يسبقهم من كان قبلهم ولا يلحقهم من أتى بعدهم(١) .

١٣ ـ حدّثنى أبىرحمه‌الله وجماعة مشايخى ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سنان ، عن عمر وبن ثابت ، عن أبيه ، عن أبى جعفرعليه‌السلام قال : خلق الله تعالى كربلا قبل أن يخلق الكعبة بأربع وعشرين ألف عام ، وقدّسها وبارك عليها ، فما زالت قبل أن يخلق الله الخلق مقدّسة مباركة ولا تزال كذلك ويجعلها أفضل أرض فى الجنّة(٢) .

١٤ ـ حدّثنى أبىرحمه‌الله ، عن علىّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن علىّ قال : حدثنا عباد أبو سعيد العصفرى ، عن صفوان الجمّال ، قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : إنّ الله تبارك وتعالى فضّل الأرضين والمياه بعضها على بعض فمنها تفاخرت ومنها ما بغت فما من ماء ولا أرض الّا عوقبت لتركها التواضع لله حتّى سلّط الله المشركين على الكعبة وأرسل الى زمزم ماء مالحا حتّى أفسد طعمه وأنّ أرض كربلا وماء الفرات أوّل أرض وأوّل ماء قدّس الله تبارك وتعالى فبارك الله عليها.

فقال لها : تكلّمى بما فضّلك الله تعالى فقد تفاخرت الأرضون والمياه بعضها على بعض قالت أنا أرض الله المقدّسة المباركة الشفاء فى تربتى ومائى ولا فخر بل

__________________

(١) كامل الزيارات : ٢٧٠.

(٢) كامل الزيارات : ٢٧٠.

٢٢

خاضعة ذليلة لمن فعل بى ذلك ولا فخر على من دونى بل شكرا لله فأكرمها وزاد فى تواضعها وشكرها لله بالحسينعليه‌السلام وأصحابه ، ثمّ قال : أبو عبد اللهعليه‌السلام : من تواضع لله رفعه الله ومن تكبّر وضعه الله تعالى(١) .

١٥ ـ عنه ، حدّثنى الحسن بن عبد الله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه عبد الله ابن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمّار ، قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : موضع قبر الحسين بن علىعليهما‌السلام منذ يوم دفن فيه روضة من رياض الجنّة وقال موضع قبر الحسينعليه‌السلام ترعة من ترع الجنّة(٢) .

١٦ ـ عنه ، حدّثنى أبى وجماعة مشايخى ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطينى ، عن محمّد بن إسماعيل البصرى ، عمّن رواه ، عن أبى عبد اللهعليه‌السلام قال : حرمة قبر الحسين فرسخ فى فرسخ من أربعة جوانبه(٣) .

١٧ ـ عنه ، حدثني حكيم بن داود بن حكيم ،رحمه‌الله ، عن سلمة بن الخطاب ، عن منصور بن العبّاس يرفعه إلى أبى عبد اللهعليه‌السلام قال حرم قبر الحسينعليه‌السلام خمس فراسخ من أربعة جوانب القبر(٤) .

١٨ ـ عنه ، حدثني محمّد بن جعفر الرزّاز ، عن محمّد بن الحسين بن أبى الخطاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمّار ، قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول انّ لموضع قبر الحسين بن علىعليهما‌السلام حرمة معلومة من عرفها واستجار بها أجير ، قلت فصف لى موضعها جعلت فداك قال امسح من موضع قبره اليوم فامسح خمسة وعشرين ذراعا من ناحية رجليه وخمسة وعشرين ذراعا ممّا يلى وجهه وخمسة وعشرين ذراعا من خلفه وخمسة عشرين ذراعا من ناحية

__________________

(١) كامل الزيارات : ٢٧١.

(٢) كامل الزيارات : ٢٧١.

(٣) كامل الزيارات : ٢٧١.

(٤) كامل الزيارات : ٢٧٢.

٢٣

رأسه وموضع قبره منذ يوم دفن روضة من رياض الجنّة ومنه معراج يعرج فيه بأعمال زوّاره إلى السماء فليس ملك ولا نبىّ فى السموات الّا وهم يسألون الله ان يأذن لهم فى زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ففوج ينزل وفوج يعرج(١) .

١٩ ـ عنه ، حدّثنى أبى وجماعة مشايخىرحمه‌الله عن سعد بن عبد الله ، عن هارون بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن الأشعث ، عن عبد الله بن حمّاد الأنصاري ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبى عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول : قبر الحسينعليه‌السلام عشرون ذراعا فى عشرين ذراعا مكسّرا روضة من رياض الجنّة(٢) .

٢٠ ـ عنه ، حدثني أبى ومحمّد بن الحسن ، عن الحسن بن متيل ، عن سهل بن زياد ، عن أبى هاشم الجعفرى ، قال : بعث إلىّ أبو الحسنعليه‌السلام فى مرضه والى محمّد ابن حمزة فسبقنى إليه محمّد بن حمزة فاخبرنى انّه ما زال يقول : ابعثوا الى الحائر فقلت لمحمّد ألا قلت أنا أذهب إلى الحائر ثمّ دخلت عليه فقلت له جعلت فداك أنا أذهب الى الحائر ، فقال انظروا فى ذلك ثمّ قال : انّ محمّدا ليس له سرّ من زيد بن على وأنا أكره أن يسمع ذلك قال: فذكرت ذلك لعلىّ بن بلال.

فقال : ما كان يصنع بالحائر وهو الحائر فقدمت العسكر فدخلت عليه فقال : لى أجلس حين أردت القيام ، فلمّا رأيته أنس بى ، ذكرت قول علىّ ابن بلال فقال : لى ألا قلت له إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يطوف بالبيت ويقبّل الحجر وحومة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والمؤمن أعظم من حرمة البيت وأمره الله أن يقف بعرفة إنمّا هى مواطن يحبّ الله أن يذكر فيها فأنا أحبّ ان يدعى لى حيث يحبّ الله أن يدعى فيها والحائر من تلك المواضع(٣)

__________________

(١) كامل الزيارات : ٢٧٢.

(٢) كامل الزيارات : ٢٧٢.

(٣) كامل الزيارات : ٢٧٤.

٢٤

٢١ ـ عنه ، حدّثنى علىّ بن الحسين ، وجماعة ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمّد بن عيسى ، عن أبى هاشم الجعفرى ، قال دخلت أنا ومحمّد بن حمزة عليه نعوده وهو عليل فقال لنا وجّهوا قوما الى الحائر من مالى ، فلمّا خرجنا من عنده قال لى محمّد بن حمزة المشير يوجّهنا إلى الحائر وهو بمنزلة من فى الحائر ، قال فعدت إليه فأخبرته فقال لى ليس هو هكذا ، إنّ لله مواضع يحبّ أن يعبد فيها وحائر الحسينعليه‌السلام من تلك المواضع(١) .

٢٢ ـ عنه ، قال الحسين بن أحمد بن المغيرة وحدّثنى أبو محمّد الحسن بن أحمد ابن على الرازى المعروف بالوهورى بنيشابور بهذا الحديث وذكر فى آخره غير ما مضى فى الحديثين الأوّلين أحببت شرحه فى هذا الباب لانّه منه قال أبو محمّد الوهورى ، حدّثنى أبو على محمّد بن همامرحمه‌الله قال : حدّثنى محمّد الحميرى قال : حدّثنى أبو هاشم الجعفرى قال دخلت على أبى الحسن علىّ بن محمّدعليه‌السلام وهو محموم عليل.

فقال لى يا أبا هاشم ابعث رجلا من موالينا الى الحائر يدعو الله لى فخرجت من عنده فاستقبلنى على بن بلال ، فاعلمته ما قال لى وسألته أن يكون الرجل الذي يخرج ، فقال السّمع والطاعة ولكنّنى أقول انّه أفضل من الحائر إذ كان بمنزلة من فى الحائر ودعاؤه لنفسه أفضل من دعائى له بالحائر فأعلمتهعليه‌السلام ما قال فقال : لى قل له كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل من البيت والحجر وكان يطوف بالبيت ويسلّم الحجر وأنّ لله تعالى بقاعا يحبّ أن يدعى فيها فيستجيب لمن دعاه والحائر منها(٢)

__________________

(١) كامل الزيارات : ٢٧٣.

(٢) كامل الزيارات : ٢٧٤.

٢٥

٨٧ ـ باب ما جرى على قبر الحسينعليه‌السلام

١ ـ الطوسى ، عن المفيد : حدّثنى شيخىرحمه‌الله قال : أخبرنا ابن خنيس ، عن محمّد بن عبد الله ، قال : حدّثنا أبو الطيّب علىّ بن محمّد بن مخلّد الجعفى الدهان بالكوفة ، قال: حدّثنا أحمد بن ميثم بن أبى نعيم ، قال : حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الجمّانى أملاه علىّ فى منزله ، قال : خرجت أيّام ولاية موسى بن عيسى الهاشمى فى الكوفة ، من منزلى فلقينى أبو بكر بن عياش فقال لى : امض بنا يا يحيى الى هذا ، فلم أدر من يعنى وكنت أجلّ أبا بكر عن مراجعة ، وكان راكبا حمارا له ، فجعل يسير عليه وأنا أمشى مع ركابه.

فلمّا صرنا عند الدار المعروفة بدار عبد الله بن حازم التفت إلىّ ، فقال لى : يا ابن الجمانى إنّما جررتك معى وحشمتك معى أن تمشى خلفى لا سمعك ما أقول لهذا الطاغية. قال : فقلت من هو يا أبا بكر؟ قال : هذا الفاجر الكافر موسى بن عيسى ، فسكت عنه ، ومضى وأنا أتبعه حتّى اذا صرنا الى باب موسى بن عيسى وبصر به الحاجب وتبيّنه ، وكان الناس ينزلون عند الرحبة فلم ينزل أبو بكر هناك ، وكان عليه يومئذ قميص وإزار وهو محلول الإزار.

قال : فدخل على حمار ونادانى تعال يا ابن الجمانى ، فمنعنى الحاجب فزجره أبو بكر وقال له : أتمنعه يا فاعل وهو معى ، فتركنى فما زال يسير على حماره حتّى دخل الأبواب فبصر بنا موسى وهو قاعد فى صدر الإيوان على سريره وبجنبى السرير رجال متسلّحون وكذلك كانوا يصنعون ، فلمّا أن رآه موسى رحب به وقربه ، وأقعده على سريره ومنعت أنا حين وصلت الى الإيوان أن أتجاوزه ، فلمّا

٢٦

استقرّ أبو بكر على السرير التفت فرآنى حيث أنا واقف ، فنادانى تعال ويحك ، فصرت إليه ونعلى فى رجلى وعلىّ قميص وإزار فأجلسنى بين يديه ، فالتفت إليه موسى فقال :

هذا رجل تكلّمنا فيه؟ قال : لا ولكنّى جئت به شاهدا عليك ، قال : فيما ذا قال: انّى رايتك وما صنعت بهذا القبر ، قال : أىّ قبر؟ قال : قبر الحسين بن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان موسى قد وجه إليه من كربه وكرب جميع أرض الحائر وحرثها وزرع الزرع فيها ، فانتفخ موسى حتّى كاد أن يتقدّم ، ثمّ قال : وما أنت وذا؟ قال : اسمع حتّى أخبرك ، اعلم انّى رأيت فى منامى كأنّى خرجت الى قومى بنى غاضرة ، فلمّا صرت بقنطرة الكوفة أعرضنى خنازير عشرة تريدنى ، فأعاننى الله برجل كنت أعرفه من بنى أسد فدفعها عنى ، فمضيت لوجهى.

فلمّا صرت الى شاهى ضللت الطريق ، فرأيت هناك عجوزا فقالت لى أين تريد أيّها الشيخ؟ قلت : أريد الغاضرية. قال لى : تنظر هذا الوادى فانّك اذا أتيت آخره اتّضح لك الطريق ، فمضت ففعلت ذلك ، فلمّا صرت الى نينوا اذا أنا بشيخ كبير جالس هناك فقلت : من أين أنت أيّها الشيخ؟ فقال لى : أنا من أهل هذه القرية فقلت : كم تعدّ من السن؟ فقال : ما أحفظ ما مضى من سنّى وعمرى ولكن أبعد ذكرى إنّى رأيت الحسين ابن علىّعليهما‌السلام ومن كان معه من أهله ومن تبعه يمنعون الماء الذي تراه ولا يمنع الكلاب ولا الوحوش شربه.

فاستعظمت ذلك وقلت له : ويحك أنت رأيت هذا؟ قال : أى والذي سمك السماء لقد رأيت هذا أيّها الشيخ وعاينته وانّك وأصحابه هم الّذين يعينون على ما قد رأينا ممّا أقدح عيون المسلمين ان كان فى الدنيا مسلم. فقلت : ويحك وما هو؟ قال : حيث لم تنكروا ما أجرى سلطانكم إليه. قلت : ما أجرى إليه؟ قال : أيكرب قبر ابن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ويحرث أرضه؟ قلت : وأين القبر؟ قال : ها هو ذا أنت واقف فى

٢٧

أرضه ، فأمّا القبر فقد عمى عن أن يعرف موضعه.

قال أبو بكر بن عياش : وما كنت رأيت القبر قبل ذلك الوقت قطّ ولا أتيته فى طول عمرى ، فقلت : من لى بمعرفته؟ فمضى معى الشيخ حتّى وقف لى على حير له باب وآذن وإذا جماعة كثيرة على الباب فقلت للآذن أريد الدخول على ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لا تقدر على الوصول فى هذا الوقت. قلت : ولم؟ قال : هذا وقت زيارة ابراهيم خليل الله ومحمّد رسول الله ومعهما جبرائيل وميكائيل فى رعيل من الملائكة كثير.

قال أبو بكر بن عياش : فانتبهت وقد دخلنى روع شديد وحزن وكآبة ومضت بى الأيّام حتّى كدت ان أنسى المنام ، ثمّ اضطررت الى الخروج الى بنى غاضرية لدين كان لى على رجل منهم ، وخرجت وأنا لا أذكر الحديث حتّى اذا صرت بقنطرة الكوفة لقينى عشرة من اللصوص ، فحين رأيتهم ذكرت الحديث ورعبت من خشيتى لهم فقالوا لى : الق ما معك وانج بنفسك وكانت معى نفيقة ، فقلت : ويحكم أنا أبو بكر بن عياش وإنمّا خرجت فى طلب دين لى ، والله الله لا تقطعونى عن طلب دينى وتضرّوا بى فى نفقتى ، فانّى شديد الاضافة ، فنادى رجل منهم مولاى : وربّ الكعبة لا تعرض له ، ثمّ قال لبعض فتيانهم : كن معه حتّى تصير به إلى الطريق الأيمن.

قال أبو بكر : فجعلت أتذكر ما رأيته فى المنام وأتعجب من تأويل الخنازير حتّى صرت الى نينوا ، فرأيت والله الّذي لا إله إلّا هو الشيخ الّذي كنت رأيته فى منامى بصورته وهيئته رأيته فى اليقظة كما رأيته فى المنام سواء ، فحين رأيته ذكرت الأمر والرؤيا فقلت : لا إله الّا الله ما كان هذا الّا وحيا ، ثمّ سألته كمسألتى إيّاه فى المنام ، فأجابنى ثمّ قال لى : امض بنا فمضيت فوقفت معه على الموضع وهو مكروب ، فلم يفتنى شيء فى منامى الا الآذن والحير فانّى لم أر حيرا ولم أر آذنا.

٢٨

فاتّق الله أيّها الرجل فانى قد آليت على نفسى ألا أدع اذاعة هذا الحديث ولا زيارة ذلك الموضع ، وقصده وإعظامه ، فانّ موضعا يأتيه إبراهيم ، ومحمّد وجبرائيل وميكائيل لحقيق بأن يرغب فى إتيانه وزيارته ، فان أبا حصين حدثني أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من رآنى فى المنام فاياى رأى فان الشيطان لا يتشبّه بى.

فقال له موسى : إنّما أمسكت عن إجابة كلامك لاستوفى هذه الحمقة التي ظهرت منك ، وبالله لئن بلغنى بعد هذا الوقت انّك تتحدث بهذا لأضربنّ عنقك وعنق هذا الذي جئت به شاهدا علىّ ، فقال أبو بكر : إذا يمنعنى الله وإيّاه منك فانّى إنّما أردت الله بما كلّمتك به. فقال له : أتراجعني يا عاض وشتمه ، فقال له : اسكت أخزاك الله وقطع لسانك ، فأرعد موسى على سريره ثمّ قال : خذوه فأخذ الشيخ عن السرير واخذت أنا.

فو الله لقد مرّ بنا من السحب والجرّ والضرب ما ظننت اننا لا نكثر الاحياء أبدا ، وكان أشدّ ما مرّ بى من ذلك إن رأسى كان يجرّ على الصخر وكان بعض مواليه يأتينى فينتف لحيتى وموسى يقول اقتلوهما بنى كذا وكذا بالزانى لا يكنى ، وأبو بكر يقول له : امسك قطع الله لسانك وانتقم منك ، اللهمّ إيّاك أردنا ولولد وليك غضبنا وعليك توكّلنا ، فصيّر بنا جميعا الى الحبس فما لبثنا فى الحبس الّا قليلا فالتفت إلىّ أبو بكر ورأى ثيابى قد خرقت وسالت دمائى.

فقال : يا جمانى قد قضينا لله حقّا واكتسبنا فى يومنا هذا أجرا ولن يضيع ذلك عند الله ولا عند رسوله ، فما لبثنا الّا مقدار غداءة ونومة حتّى جاءنا رسوله فأخرجنا إليه وطلب حمار أبى بكر فلم يوجد ، فدخلنا عليه فاذا هو فى سرداب له يشبه الدور سعة وكبرا فتعبنا فى المشى إليه تعبا شديدا ، وكان أبو بكر إذا تعب فى مشيه جلس يسيرا ، ثمّ يقول : اللهمّ ان هذا فيك فلا تنسه ، فلمّا دخلنا على موسى وإذا هو على سرير له فحين بصر بنا قال : لا حيا الله ولا قرب من جاهل أحمق

٢٩

يتعرّض لما يكره ، ويلك يا دعىّ ما دخولك فيما بيننا معشر بنى هاشم.

فقال : له أبو بكر : قد سمعت كلامك والله حسبك ، فقال له : اخرج قبحك الله والله لئن بلغنى أن هذا الحديث شاع أو ذكر عنك لأضربنّ عنقك ، ثمّ التفت الىّ وقال : يا كلب وشتمنى وقال : إيّاك ثمّ إيّاك أن تظهر هذا فانّه إنّما خيل لهذا الشيخ الأحمق شيطان يلعب به فى منامه اخرجا عليكما لعنة الله وغضبه ، فخرجنا وقد يئسنا من الحياة ، فلمّا وصلنا الى منزل الشيخ أبى بكر وهو يمشى وقد ذهب حماره ، فلمّا أراد أن يدخل منزله التفت إلىّ وقال : احفظ هذا الحديث واثبته عندك ولا تحدّثنّ هؤلاء الرعاع ولكن حدّث به أهل العقول والدين(١) .

٢ ـ عنه باسناده ، أخبرنا ابن خنيس ، عن محمّد بن عبد الله ، قال : حدّثنا محمّد بن علىّ بن هاشم الابلّى قال : حدّثنا الحسين بن أحمد بن النّعمان الوجهى الجورجانى نزيل قومس وكان قاضيها قال : حدّثنى يحيى بن المغيرة قال : كنت عند جرير بن عبد الحميد ، إذ جاءه رجل من أهل العراق فسأله جرير ، عن خبر الناس فقال : تركت الرشيد وقد كرب قبر الحسينعليه‌السلام وأمر أن تقطع السدرة الّتي فيه فقطعت قال : فرفع جرير يديه فقال : الله أكبر جاءنا فيه حديث ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : لعن الله قاطع السدرة ثلاثا ، فلم نقف على معناه حتّى الآن ، لأنّ القصد لقطعه تغيير مصرع الحسينعليه‌السلام حتّى لا يقف الناس على قبره(٢) .

٣ ـ عنه ، عن شيخه رضى الله عنه قال : أخبرنا ابن خنيس : حدّثنا محمّد بن عبد الله قال : حدّثنا محمّد ابن عبد الله قال : حدّثنا محمّد بن جعفر بن محمّد بن فرج الرّخجى ، قال : حدّثنى أبى عن عمّه عمر بن فرج قال : أنفذنى المتوكّل فى تخريب قبر الحسينعليه‌السلام فصرت الى الناحية فأمرت بالقبر فمرّ بها على القبور فمرّت عليها

__________________

(١) أمالي الطوسى : ١ / ٣٢٩.

(٢) أمالي الطوسى : ١ / ٣٣٣.

٣٠

كلّها فلمّا بلغت قبر الحسينعليه‌السلام لم تمرّ عليه. قال عمى عمر بن فرج : فأخذت العصا بيدى فما زلت أضربها حتّى تكسرت العصا فى يدى فو الله ما جازت على قبره ولا تخطّته ، قال لنا محمّد بن جعفر : كان عمر بن فرج شديد الانحراف ، عن آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فانا أبرئ الى الله منه ، وكان جدّى أخوه محمّد بن فرج شديد المودّة لهمرحمه‌الله ورضى عنه ، فأنا أتولّاه لذلك وأفرح بولادته(١) .

٤ ـ عنه ، باسناده أخبرنا ابن خنيس ، عن محمّد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد ابن عبد الله بن محمّد بن عمّار الثقفى ، الكاتب ، قال : حدّثنا علىّ بن محمّد بن سليمان النوفليّ ، عن أبى على الحسين بن محمّد بن مسلمة بن أبى عبيدة بن محمّد بن عمار بن ياسر ، قال : حدّثنى إبراهيم الديزج ، قال : بعثنى المتوكّل إلى كربلا لتغيير قبر الحسينعليه‌السلام ، وكتب معى الى جعفر بن محمّد ابن عمّار القاضى اعلمك أنى قد بعثت إبراهيم الديزج الى كربلا لنبش قبر الحسينعليه‌السلام ، فاذا قرأت كتابى فقف على الأمر حتّى تعرف فعل أولم يفعل.

قال الديزج فعرفنى جعفر بن محمّد بن عمّار ما كتب به إليه ، ففعلت ما أمرنى به جعفر بن محمّد بن عمّار ، ثمّ أتيته فقال لى : ما صنعت؟ فقلت قد فعلت ما أمرت به فلم أر شيئا ولم أجد شيئا ، فقال لى : أفلا عمقته؟ قلت : قد فعلت وما رأيت ، فكتب الى السلطان أن إبراهيم الديزج قد نبش فلم يجد شيئا وأمرته فجرى بالماء وكربه بالبقر.

قال أبو على العمارى : فحدّثنى إبراهيم الديزج وسألته عن صورة الأمر ، فقال لى : أتيت فى خاصة غلمانى فقط ، وانّى نبشت فوجدت بارية جديدة وعليها بدن الحسين بن على ووجدت منه رائحة المسك ، فتركت البارية على حالتها وبدن

__________________

(١) أمالي الطوسى : ١ / ٣٣٤.

٣١

الحسين على البارية وأمرت بطرح التراب عليه وأطلقت عليه الماء وأمرت بالبقر لتمخره وتحرثه فلم تطأه البقر ، وكانت اذا جاءت الى الموضع رجعت عنه ، فحلفت لغلمانى بالله وبالايمان المغلظة لئن ذكر أحد هذا لأقتلنّه(١) .

٥ ـ عنه ، أخبرنا ابن خنيس ، عن محمّد بن عبد الله ، قال : حدّثنى محمّد بن إبراهيم بن أبى السلاسل الأنبارى الكاتب ، قال : حدّثنى أبو عبد الله الباقطائى قال : ضمّنى عبيد الله بن يحيى بن خاقان الى هارون المعرّى ـ وكان قائدا من قوّاد السلطان ـ اكتب له ، وكان بدنه كلّه أبيض شديد البياض حتّى يديه ورجليه كانا كذلك ، وكان وجهه أسود شديد السواد ، كأنّه القير ، وكان يتّفقا مع ذلك مدّة منتنة ، قال : فلمّا آنس بي سألته عن سواد وجهه فأبى أن يخبرنى ، ثمّ انّه مرض مرضه الذي مات فيه فقعدت فسألته فرأيته كان يحب أن يكتم عليه ، فضمنت له الكتمان فحدّثنى.

قال : وجّهنى المتوكّل أنا والديزج لنبش قبر الحسينعليه‌السلام وإجراء الماء عليه ، فلمّا عزمت على الخروج والمسير الى الناحية رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فى المنام ، فقال : لا تخرج مع الديزج ولا تفعل ما أمرتم به فى قبر الحسين ، فلمّا أصبحنا جاءا يستحثونى فى المسير فسرت معهم حتّى وافينا كربلا وفعلنا ما أمرنا به المتوكّل ، فرأيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فى المنام فقال : ألم آمرك أن لا تخرج معهم ولا تفعل فعلهم فلم تقبل حتّى فعلت ما فعلوا ، ثمّ لطمنى وتفل فى وجهى فصار وجهى مسودّا كما ترى وجسمى على حالته الاولى(٢) .

٦ ـ عنه ، باسناده ، أخبرنا خنيس قال : حدّثنا محمّد بن عبد الله قال : حدّثنا سعيد بن أحمد بن العواد أبو القاسم الفقيه ، قال : حدّثنى أبو بريرة الفضل بن محمّد بن

__________________

(١) أمالي الطوسى : ١ / ٣٣٤.

(٢) أمالي الطوسى : ١ / ٣٣٥.

٣٢

عبد الحميد ، قال : دخلت على ابراهيم الديزج وكنت جاره أعوده فى مرضه الذي مات فيه ، فوجدته بحال سوء واذا هو كالمد هوش وعنده الطبيب ، فسألته عن حاله وكانت بينى وبينه خلطة وأنس يوجب الثقة بى والانبساط الىّ ، فكاتمنى حاله وأشار لى الى الطبيب ، فشعر الطبيب باشارته ولم يعرف من حاله ما يصف له من الدواء ما يستعمله ، فقام فخرج وخلا الموضع ، فسألته عن حاله.

فقال : أخبرك والله واستغفر الله إنّ المتوكّل أمرنى بالخروج الى نينوى الى قبر الحسينعليه‌السلام ، فأمرنا أن نكر به ونطمس أثر القبر ، فوافيت الناحية مساء ومعنا الفعلة والمرور والزكار معهم المساحى والمروز ، فقدمت الى غلمانى وأصحابى أن يأخذوا الفعلة بخراب القبر وحرث أرضه ، فطرحت نفسى لما نالنى من تعب السفر ونمت ، فذهب بى النوم فاذا ضوضاء شديد وأصوات عالية وجعل الغلمان ينبهونى ، فقمت وأنا ذعر فقلت للغلمان : ما شأنكم؟ قالوا : أعجب شأن.

قلت : وما ذاك؟ قالوا : ان بموضع القبر قوما قد حالوا بيننا وبين القبر وهم يرمونا مع ذلك بالنشاب ، فقمت معهم لأتبين الأمر فوجدته كما وصفوا وكان ذلك فى أوّل من ليالى البيض فقلت : ارموهم فرموا فعادت سهامنا إلينا ، فما سقط سهم منها الى صاحبه الذي رمى به فقتله ، فاستو حشت لذلك وجذعت وأخذتنى الحمى والقشعريرة ، ورحلت عن القبر لوقتى ووطنت نفسى على أن يقتلنى المتوكل لما لم أبلغ فى القبر جميع ما تقدر الى به.

قال أبو بريرة : فقلت له قد كفيت ما تحذر من المتوكل قد قتل بارحة الأولى وأعان عليه فى قتله المنتصر ، فقال لى : قد سمعت بذلك وقد نالنى فى جسمى ما لا أرجو معه البقاء ، قال أبو بريرة : كان هذا فى أول النهار فما أمسى الديزج حتى مات.

قال ابن خنيس : قال أبو الفضل : انّ المنتصر سمع أباه يشتم فاطمةعليها‌السلام فسأل رجلا من الناس عن ذلك فقال له : قد وجب عليه القتل الا انه من قتل أباه لم يطل

٣٣

له عمر ، قال : ما أبالى اذا أطعت الله بقتله أن لا يطول لى عمر ، فقتله وعاش بعده سبعة أشهر(١) .

٧ ـ عنه باسناده أخبرنا ابن خنيس عن محمّد بن عبد الله قال : حدّثنى على ابن عبد المنعم بن هارون الخديجى من شاطئ النيل قال : حدثني جدّى القاسم بن أحمد بن معمر الأسدي الكوفى وكان له علم بالسيرة وأيام الناس قال : بلغ المتوكل جعفر بن المعتصم ان أهل السواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسينعليه‌السلام فيصير الى قبره منهم خلق كثير ، فأنفذ قائدا من قواده وضمّ إليه كتفا من الجند كثيرا ليسعب ويمنع الناس من زيارته والاجتماع الى قبره.

فخرج القائد الى الطفّ وعمل بما امرؤ ذلك فى سنة سبع وثلاثين ومأتين ، فثار أهل السواد به واجتمعوا عليه وقالوا : لو قتلتنا لما أمسك من بقى منا عن زيارته ، ورأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا ، فكتب بالأمر الى الحضرة فورد كتاب المتوكل الى القائد بالكفّ عنهم والمسير الى الكوفة مظهرا أن مسيره إليها فى مصالح أهلها والانكفاء الى المصير ، فمضى الأمر على ذلك حتى كانت سنة سبع وأربعين.

فبلغ المتوكل أيضا مصير الناس من أهل السواد والكوفة الى كربلا لزيارة قبر الحسينعليه‌السلام وانه قد كثر جمعهم كذلك وصار لهم شوق كثير ، فأنفذ قائدا فى جمع كثير من الجند وأمر مناديا ينادى ببراءة الذمة ممن زار قبر الحسين ، ونبش القبر وحرث أرضه وانقطع الناس عن الزيارة ، وعمل على تتبع آل أبى طالبعليهما‌السلام والشيعة رضى الله عنهم فقتل ولم يتمّ له ما قدره(٢) .

٨ ـ عنه باسناده أخبرنا ابن خنيس قال : حدثني أبو الفضل قال : حدثني

__________________

(١) أمالي الطوسى : ١ / ٣٣٥.

(٢) أمالي الطوسى : ١ / ٣٣٧.

٣٤

عبد الرزّاق بن سليمان بن غالب الأزدى بأرتاج قال : حدثني عبد الله بن دانية الطورى ، قال : حججت سنة سبع وأربعين ومائتين ، فلمّا صدرت من الحج صرت الى العراق فزرت أمير المؤمنين على بن أبي طالبعليه‌السلام على حال خيفة من السلطان وزرته ، ثم توجهت الى زيارة الحسينعليه‌السلام فاذا هو قد حرث أرضه واجرى فيها الماء وارسلت الثيران والعوامل فى الارض فبعينى وبصرى كنت أرى الثيران تساق فى الأرض فتنساق لهم حتى اذا حازت مكان القبر حادت عنه يمينا وشمالا ، فتضرب بالعصى الضرب الشديد فلا ينفع ذلك فيها ولا تطأ القبر بوجه ولا سبب فما أمكننى الزيارة فتو جهت الى بغداد وأنا أقول فى ذلك :

تالله ان كانت أميّة قد أتت

قتل ابن بنت نبيّها مظلوما

فلقد أتاك بنو أبيه بمثلها

هذا لعمرك قبره مهدوما

اسفوا على ان لا يكونوا شايعوا

فى قتله فتتبعوه رميما

فلما قدمت بغداد سمعت الهائعة فقلت : ما الخبر؟ قالوا : سقط الطائر بقتل جعفر المتوكل ، فعجبت لذلك وقلت الهى ليلة بليلة(١) .

٩ ـ الحافظ ابن عساكر أخبرنا أبو الفضل أحمد بن منصور بن بكر بن محمّد بن حيد ، أنبانا جدّى أبو منصور ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبدوس الحيرى إملاء ، أنبأنا الحسن بن محمّد الأسفرائنى أنبأنا محمّد بن زكريا الغلابى أنبأنا عبد الله ابن الضحاك ، أنبأنا هشام بن محمّد ، قال : لما أجرى الماء على قبر الحسين نضب بعد أربعين يوما وانمحى أثر القبر فجاء أعرابى من بنى أسد فجعل يأخذ قبضة قبضة يشمّه حتى وقع على قبر الحسين وبكى وقال : بأبى أنت وأمى ما كان أطيبك وأطيب تربتك ميتا. ثم بكى وأنشا يقول :

__________________

(١) أمالي الطوسى : ١ / ٣٣٧.

٣٥

أرادوا ليخفوا قبره عن وليّه

فطيب تراب القبر دلّ على القبر

٨٨ ـ باب أولادهعليه‌السلام

١ ـ قال الشيخ المفيد :رحمه‌الله كان للحسينعليه‌السلام ستة أولاد : على بن الحسين الأكبر كنيته أبو محمّد ، وامّه شاه زنان بنت كسرى يزد جرد ، وعلى بن الحسين الأصغر قتل مع أبيه بالطف امّه ليلى بنت أبى مرّة بن عروة بن مسعود الثقفية ، وجعفر بن الحسينعليه‌السلام لا بقية له وامّه قضاعية ، وكان وفاته فى حيوة الحسينعليه‌السلام وعبد الله بن الحسين قتل مع أبيه صغيرا جاء سهم وهو فى حجر أبيه فذبحه ، وسكينة بنت الحسينعليه‌السلام وامها الرباب بنت امرئ القيس بن عدى كلبية معدية وهى أمّ عبد الله ابن الحسينعليه‌السلام وفاطمة بنت الحسينعليه‌السلام وامها أمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله تيمية(١)

٢ ـ قال الطبرسى : كان له ستة أولاد : على بن الحسين الأكبر زين العابدينعليه‌السلام أمه شاه زنان بنت كسرى يزد جرد ، بن شهريار. وعلى الأصغر قتل مع أبيه ، أمه ليلى بنت أبى مرة بن عروة بن مسعود الثقفية والناس يغلطون ويقولون : انه على الأكبر ، وجعفر بن الحسين وأمه قضاعية ومات فى حياة أبيه ولا بقية له ، وعبد الله قتل مع أبيه صغيرا وهو فى حجر أبيه ، وسكينة وامها الرباب بنت امرئ القيس بن عدى بن أوس وهى أمّ عبد الله بن الحسينعليه‌السلام أيضا ، وفاطمة بنت الحسين وامها أم اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله تيمية(٢) .

٣ ـ قال الاربلى : قال ابن الخشاب : ولد له ستة بنين وثلث بنات ، على

__________________

(١) الارشاد : ٢٣٦.

(٢) اعلام الورى : ٢٥٠.

٣٦

الاكبر الشهيد مع أبيه ، وعلى الامام سيد العابدين ، وعلى الاصغر ، ومحمّد وعبد الله الشهيد مع أبيه ، وجعفر ، وزينب وسكينة ، وفاطمة. قال الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذى : ولد الحسين بن على بن أبى طالبعليهما‌السلام ستة ، أربعة ذكور ، وابنتان ، على الاكبر قتل مع أبيه ، وعلى الاصغر ، وجعفر ، وعبد الله وسكينة ، وفاطمة ، قال : ونسل الحسين من على الأصغر وأمه أمّ ولد وكان أفضل أهل زمانه وقال الزهرى : ما رأيت هاشميا أفضل منه.

قلت : قد أخلّ الحافظ بذكر على زين العابدين ، حيث قال على الاكبر ، وعلى الأصغر وأثبته حيث قال : ونسل الحسين من على الاصغر ، فسقط فى هذه الرواية على الاصغر ، والصحيح أن العليين من أولاده ثلاثة كما ذكر كمال الدين ، وزين العابدينعليه‌السلام هو الأوسط ، والتفاوت بين ما ذكره كمال الدين والحافظ أربعة(١) .

٤ ـ قال سبط ابن الجوزى فى ذكر أولاد الحسينعليه‌السلام : على الأكبر : قتل مع أبيه يوم كربلا ولا بقية له ، وأمه آمنة بنت أبى مرّة بن عروة بن مسعود الثقفى وأمها بنت أبى سفيان بن حرب ، وعلى الأصغر وهو زين العابدين والنسل له وأمه أم ولد ، قال ابن قتيبة كانت أسدية ، ويقال لها السلافة وقيل غزالة ، تزوجها بعد الحسين زبيد مولى الحسين فولدت له عبد الله فهو أخو زين العابدين بالرضاعة ويقال : اسم زبيد زيد وعقبه ينزلون بينبع ، قال الزهرى : زوجها من زبيد ولدها

ثم اعتق زين العابدين جارية له فتزوجها فعابه عبد الملك بن مروان فكتب إليه زين العابدين لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة أعتق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جويرية وصفية وتزوجهما ، وأعتق زيد بن حارثة وزوجه زينب بنت جحش بنت عمته(٢) .

__________________

(١) كشف الغمّة : ٢ / ٣٩.

(٢) تذكرة الخواص : ٢٧٧.

٣٧

٥ ـ قال الزهرى : كان علىّ بارّا بأمه لم يأكل معها فى قصعة قطّ فقيل له فى ذلك فقال أخاف أن أمد يدي الى ما وقعت عينها عليه فأكون عاقا لها ، وكان للحسين من الولد أيضا جعفر لا بقية له وأمه السلافة قضاعية ، وفاطمة أمها أم اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله ، وعبد الله قتل مع أبيه يوم الطف ، وسكينة وأمها الرباب بنت امرئ القيس ، ومحمّد قتل مع أبيه.

فأما فاطمة بنت الحسين فكانت عند الحسن بن الحسن بن علىعليهما‌السلام ثم تزوجها عبد الله بن عمر وبن عثمان بن عفان فأولدها الديباج. وأما سكينة : فتزوجها مصعب بن الزبير فهلك عنها فتزوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام فولدت له عثمان الذي يقال له قرير ، ثم تزوجها الاصبغ بن عبد العزيز بن مروان أخو عمر بن عبد العزيز ، ثم فارقها قبل الدخول بها وماتت فى أيام هشام بن عبد الملك ولها السيرة الجميلة والكرم الوافر والعقل التامّ وهذا قول ابن قتيبة.

أما غيره فيقول اسمها آمنة وقيل اميمة وأول من تزوجها مصعب بن الزبير قهرا وهو الذي ابتكرها ثم قتل عنها وقد ولدت له فاطمة وكانت من الجمال والأدب والظرف والسخاء بمنزله عظيمة وكانت تأوى الى منزلها الأدباء والشعراء والفضلاء فتجيزهم على مقدار هم وكان مصعب بن الزبير أصدقها ستمائة ألف ولما قتل عبد الملك بن مروان مصعب بن الزبير خطبها فقالت أبعد ما قتل ابن الزبير لا والله لا كان هذا أبدا(١) .

٦ ـ عنه قال هشام : وكانت قد ولدت من مصعب ابنة سمتها اللباب وكانت فائقة الجمال لم يكن فى عصرها أجمل منها فكانت تلبسها اللؤلؤ وتقول ما ألبسها

__________________

(١) تذكرة الخواص : ٢٧٧.

٣٨

اياه إلّا حتى تفضحه. واختلفوا فى وفاتها. قال ابن سعد : توفيت بالمدينة سنة سبع عشرة ومائة وكان على المدينة خالد بن عبد الله بن الحرث بن الحكم ، فقال انتظرونى حتى أصلّي عليها وخرج فى حاجة فخافوا عليها أن تتغير فاشتروا لها كافورا بثلاثين دينارا ثم أمر شيبة بن نصاح فصلى عليها(١) .

٧ ـ عنه قال أما غير ابن سعد فانه يقول : انها توفيت بمكة فى هذه السنة ، وفى هذه السنة أيضا توفيت اختها لأبيها فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام وأمها أم اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله تزوجها ابن عمها حسن بن على ، فولدت له عبد الله وابراهيم ، وحسن ، وزينب ثم مات عنها ، فخلف عليها عبد الله بن عمرو بن عثمان زوجها منه ابنها عبد الله بن حسن بن حسن بأمرها فولدت منه محمّد الديباج وفاطمة هذه هى التي خطبها عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهرى وكان واليا على المدينة فامتنعت عليه فآذاها وضيق عليها فبعثت الى يزيد بن عبد الملك تشكوه فشقّ على يزيد ذلك وغضب وقال : بلغ من أمر عبد الرحمن أن يتعرّض لبنات رسول الله من يسمعنى موته وأنا على فراشى هذا؟ ثم بعث إليه من طاف به المدينة فى جبة صوف ثم عزله وأغرمه أمواله كلها ومات فقيرا وكانت وفاة فاطمة بالمدينة والله الموفق للصواب(٢) .

٨ ـ قال ابو الفرج : فى باب أولاد الامام الحسينعليه‌السلام : على بن الحسين الأكبر يكنى أبا الحسن ، وأمه ليلى بنت أبى مرة بن عروة بن مسعود الثقفى وامها ميمونة بنت أبى سفيان بن حرب بن أميّة وتكنى أم شيبة ، وامها بنت أبى العاص ابن أميّة وهو أول من قتل فى الواقعة. واياه عنى معاوية فى الخبر الذي حدثني به محمّد بن محمّد بن سليمان قال : حدثنا يوسف بن موسى القطان ، قال : حدثنا جرير عن مغيرة ،

__________________

(١) تذكرة الخواص : ٢٧٩.

(٢) تذكرة الخواص : ٢٨٠.

٣٩

قال قال معاوية : من أحق الناس بهذا الأمر؟ قالوا : أنت قال : لا ، أولى الناس بهذا الأمر على بن الحسين بن على ، جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه شجاعة بنى هاشم وسخاء بنى أميّة وزهو ثقيف(١) .

٩ ـ عنه قال يحيى بن الحسن العلوى : وأصحابنا الطالبيون يذكرون أن المقتول لأمّ ولد وأن الذي أمه ليلى هو جدّهم حدثني بذلك أحمد بن سعيد عنه. وحدثني أحمد بن سعيد عن يحيى ، عن عبيد الله بن حمزة عن الحجاج بن المعتمر الهلالى ، عن أبى عبيدة وخلف الأحمر : أن هذه أبيات قيلت فى على بن الحسين الأكبر :

لم تر عين نظرت مثله

من محتف يمشى ومن ناعل

يغلى نئى اللحم حتّى إذا

أنضج لم يغل على الآكل

كان إذا شبت له ناره

أوقدها بالشرف القابل

كيما يراها بائس مرمل

أو فرد حىّ ليس بالآهل

أعنى ابن ليلى ذا السوى الندى

أعنى ابن بنت الحسب الفاضل

لا يؤثر الدنيا على دينه

ولا يبيع الحق بالباطل

ولد على بن الحسينعليه‌السلام فى خلافة عثمان. وقد روى عن جده على بن أبى طالبعليه‌السلام وعن عائشة أحاديث كرهت ذكرها فى هذا الموضع لأنها ليست من جنس ما قصدت له(٢) .

١٠ ـ قال اليعقوبى : كان للحسينعليه‌السلام من الولد ، على الأكبر لا بقية له قتل بالطف. وأمه ليلى بنت أبى مرة بن عروة بن مسعود الثقفى. وعلى الاصغر أمه حرار بنت يزدجرد ، وكان الحسين سماها غزالة ، وقيل لعلى بن الحسين ما أقل ولد أبيك؟ قال عجب كيف ولد له ، انه كان يصلى فى اليوم والليلة ألف ركعة فمتى كان

__________________

(١) مقاتل الطالبيين : ٥٢

(٢) مقاتل الطالبيين : ٥٣.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

ومنه يظهر أنّ تعريفهعليه‌السلام لتلك الفقرات هو تعريف خاصّ ، يجب ملاحظته في فهم كلامهعليه‌السلام في المقام.

٤ ـ وأخيراً : توجد في نفس نهج البلاغة كلمات وخطب أُخرى تصرّح باحتمال تواجد الحقّ مع القلّة ، مثل : «لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله »(١) ، أو« إنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلّة »(٢) .

وعليه ، فيجب أن نفهم كلام الإمامعليه‌السلام في المقام بشكل يتّفق مع كلماته وخطبه في سائر الموارد.

( محمّد ـ أمريكا ـ )

لم يذكر فيه كسر ضلع الزهراء :

س : إذا ثبتت مسألة كسر ضلع الزهراء عليها‌السلام عند علمائنا الأجلاّء ، فلماذا لم يرد ذكرها في نهج البلاغة؟ علماً أنّ الإمام علي عليه‌السلام ذكر معظم ما جرى له في حياته في خطبه المجموعة في نهج البلاغة؟

ج : أوّلاً : إنّ الشريف الرضيقدس‌سره جمع خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ورسائله وكلماته القصار ، وكان نظره إلى الجانب الأدبي والبلاغي في كلامهعليه‌السلام ، ولم يجمع كُلّ كلام الإمامعليه‌السلام ، حتّى أنّه لم يورد في بعض الأحيان الخطبة بأكملها ، بل أورد قسماً منها.

وعليه ، فلا يرد الإشكال إذا لم ترد مسألة كسر الضلع في نهج البلاغة صريحاً ، مع أنّه أشارعليه‌السلام إلى مظلومية الزهراءعليها‌السلام بإشارات يفهمها اللبيب ، وبعبارات بليغة ، وجمل ظريفة ، حيث قالعليه‌السلام ـ عند دفن فاطمةعليها‌السلام ، كالمناجي به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند قبره ـ :

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٠ / ٢٦١.

٢ ـ المصدر السابق ٩ / ٩٥.

٤٤١

« السَلامُ عَلَيكَ يا رَسولَ اللهِ عَنّي وَعَن ابنَتِكَ النازِلَة في جِوارِكَ ، وَالسَريعَةِ اللِحاقِ بِكَ! قَلَّ يا رَسولَ الله عَن صَفِيّتِكَ صَبري ، وَرَقّ عَنها تَجَلُدي ، إلاّ أنَّ فِي التَأسّي لي بِعَظيمِ فُرقَتِكَ ، وَفَادِحِ مُصيبَتِكَ مَوضِعَ تَعَزّ ، فلقد وَسّدتُكَ في مَلحودةِ قَبرك ، وفاضَت بينَ نَحري وصَدري نفسُكَ ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فَلَقَد استُرجِعت الوَديعة ، وأخذتِ الرَهينة!

أمّا حُزني فَسَرمَدٌ ، وأمّا لَيلي فَمُسَهّدٌ ، إلى أن يَختارَ اللهُ لي دارك التي أنتَ بِها مُقيم ، وسَتُنَبئكَ ابنتُكَ بِتَضافُرِ أُمّتك عَلَى هَضمِها ، فَأحفِها السُؤالَ ، واستَخبِرها الحالَ ، هذا وَلَم يَطُلِ العَهدُ ، ولَم يَخلُ مِنكَ الذكر ، والسلام عليكما سَلامَ مُودّعٍ ، لا قالٍ ولا سَئمٍ ، فإن أنصَرِف فَلا عَن مَلالةٍ ، وَإن أُقِم فلا عَن سُوء ظَنّ بما وَعَدَ اللهُ الصابِرينَ »(١) .

وفي الختام ننبّهك إلى عدّة نقاط :

١ ـ ليست كُلّ الخطب قد وصلت إلينا ، لأنّ أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم ـ وعلى مرّ العصور ـ كانوا مظلومين مقهورين ، وفي حالة تقية ، وكذلك الأيادي الأثيمة دمّرت الكثير من تراث أهل البيتعليهم‌السلام .

وبناء عليه إذا لم ترد مسألة كسر الضلع في خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام الواصلة إلينا ، فإنّ هذا لا يعني أنّهمعليهم‌السلام لم يذكروا هذه المسألة في خطبهم ، بالأخصّ مع تصريحهمعليهم‌السلام إلى هذا المطلب في أحاديثهم ورواياتهم الواصلة إلينا.

٢ ـ إنّ مقام الخطبة غير مقام الكلام والحديث ، ففي الخطبة تراعى المسائل البلاغية والإشارات إلى المطالب التي لم يمكن التصريح بها ، لأنّ الخطبة تكون في الملأ العام ، وهذا بخلاف الأحاديث الخاصّة ، والتي تقال لخواص الأصحاب.

٣ ـ إنّ من أكثر المسائل التي حاول النواصب طمسها وامحاءها هي مسألة مظلومية الزهراءعليها‌السلام ، لأنّها المصداق البارز للتبرّي الذي بُني عليه التشيّع بعد

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٠ / ٢٦٥.

٤٤٢

التولّي ، وكذلك هو الدليل القاطع على فضائح القوم ، فحاول الخصم بكُلّ جهده أن لا تصل هذه الحقائق.

فبعد هذا ، كُلّ ما وصل إلينا من مصاديق مظلومية الزهراءعليها‌السلام فهو من المعجزات ، وبسبب تضحيات العلماء ، الذين ضحّوا بكُلّ شيء لأجل إيصال هذه الحقائق.

( علي ـ ـ )

الخطبة الشقشقية في مصادر سنّية :

س : ناقشي صديق سنّي حول الخطبة الشقشقية لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأنّها لا صحّة لها لعدم وجود خلاف بين الإمام والخلفاء ، ولم تذكرها كتب علماء أهل السنّة القدماء ، فهل بإمكانكم تزويدي بمصادر الخطبة في كتب السنّة.

ج : إنّ الخطبة الشقشقية من خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام المشهورات ، وقد روتها العامّة والخاصّة ، وشرحوها ، وضبطوا ألفاظها من دون غمز في متنها ، ولا طعن في أسانيدها.

وتكاد أن تكون هذه الخطبة هي الباعث الأوّل ، والسبب الأكبر لمحاولة تزييف نهج البلاغة بإثارة الشبهات الواهية حوله ، وتوجيه الاتهامات الباطلة لجامعه الشريف الرضي بوضعها ، وما علموا أنّ هذه الخطبة بالخصوص مثبّتة في مصنّفات العلماء المشهورة ، وخطوطهم المعروفة قبل أن تلد الرضي أُمُّه ، وإليك طائفة من علماء السنّة الذين رووها ، أو استشهدوا ببعض مقاطعها.

١ ـ الإنصاف في الإمامة لابن قبة الرازي ، كان من المعتزلة ، ومن تلامذة أبي القاسم البلخي شيخ المعتزلة ، ثمّ انتقل إلى مذهب الإمامية.

٤٤٣

٢ ـ أبو القاسم البلخي الكعبي ، المتوفّى سنة ٣١٧ هـ ، إمام البغداديين من المعتزلة ، له تصانيف تضمّن بعضها كثيراً من الخطبة الشقشقية ، كما شهد لنا بذلك ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(١) .

٣ ـ العقد الفريد لابن عبد ربّه المالكي ، المتوفّى سنة ٣٢٨ هـ ، كما نقل ذلك العلامة المجلسي في البحار(٢) .

ويؤيّد ما نقله المجلسي : أنّ القطيفي ـ في كتاب الفرقة الناجية ـ نصّ على أنّها في الجزء الرابع من العقد الفريد ، ثمّ جاءت الأيدي الأمينة على ودائع العلم! فحذفتها عند النسخ أو عند الطبع ، وكم لهم من أمثالها.

٤ ـ المغني للقاضي عبد الجبار المعتزلي ، المتوفّى ٤١٥ هـ.

٥ ـ نثر الدرر ، وكتاب نزهة الأديب للوزير أبي سعيد الآبي ، المتوفّى ٤٢٢ هـ.

٦ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي(٣) .

٧ ـ تذكرة الخواص لابن الجوزي : ١٣٣.

هذا ، وأنّ كتب الأدب ومعاجم اللغة ، لا تخلو من ذكر الخطبة الشقشقية :

أ ـ مجمع الأمثال للميداني ١ / ٣٦٩.

ب ـ النهاية لابن الأثير(٤) .

ج ـ لسان العرب لابن منظور في مادّة شقشق(٥) .

د ـ تاج العروس للزبيدي(٦) .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٢٠٥.

٢ ـ بحار الأنوار ٢٩ / ٥٠٦.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١.

٤ ـ النهاية لابن الأثير ٢ / ٤٩٠.

٥ ـ لسان العرب ١٠ / ١٨٥.

٦ ـ تاج العروس ٦ / ٣٩٨.

٤٤٤

( يوسف العاملي. المغرب )

حول عبارة خطرك يسير :

س : جاء في نهج البلاغة في باب حكم أمير المؤمنين عليه‌السلام عبارة هي : وخطرك يسير ـ أي الدنيا ـ ووجدت في كتاب آخر : وخطرك كبير ، فما هو الأصل؟

ج : بحسب المصادر الموجودة عندنا العبارة المذكورة هكذا : « وخطرك يسير »(١) ، ووردت عبارة : « وخطرك حقير »(٢) ، كنسخة أُخرى من عبارة : خطرك يسير.

نعم ، ووردت عبارة : « وخطرك كبير » في بعض المصادر(٣) .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٨ / ٢٢٤ ، خصائص الأئمّة : ٧١ ، روضة الواعظين : ٤٤١ ، شرح الأخبار ٢ / ٣٩٢ ، مناقب آل أبي طالب ١ / ٣٧١ ، عدة الداعي : ١٩٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٤ / ٤٠١ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٣٨.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٨ / ٢٢٦.

٣ ـ كشف الغمّة ١ / ٧٦ ، بحار الأنوار ٧٥ / ٢٣.

٤٤٥
٤٤٦

الوحدة الإسلامية :

( عبد الحميد صالح المعراج ـ السعودية ـ )

تتحقّق بالتمسّك بوصية الرسول :

س : كيف يتمّ التقريب بين المذهب السنّي والمذهب الشيعي؟ بحيث نتوصّل إلى وحدة باطنية ووحدة ظاهرية ، حيث يتمّ الإقناع لكُلّ من السنّي والشيعي ، بحيث لا يبقى مجال لينكر أحدهما على الآخر ، وبالتالي يعيش كُلّ منهما في سعادة واطمئنان وسلام.

ج : إنّ التمسّك بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الحلّ الوحيد لإيجاد التقريب ، والتوصّل إلى الوحدة الباطنية ، وذلك يتمّ ببحث أُمور :

١ ـ ما هي وصية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لأُمّته؟ الجواب : حديث الثقلين.

٢ ـ هل جاء في حديث الثقلين « الكتاب والعترة » أو « الكتاب والسنّة »؟ الجواب : ورد في حديث الثقلين « الكتاب والعترة » ، كما ورد به الكثير من الأخبار الصحيحة في الصحاح والمسانيد المعتبرة(١) ، وأمّا ما ورد من الوصية

__________________

١ ـ أُنظر : فضائل الصحابة : ١٥ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٢٨ ، تحفة الأحوذي ١٠ / ١٩٦ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤١٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٣ ، المعجم الصغير ١ / ١٣٥ ، المعجم الأوسط ٤ / ٣٣ و ٥ / ٨٩ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٦ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ و ١٨٢ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٣٣ ، نظم درر السمطين : ٢٣٢ ، كنز العمّال ١ / ١٧٢ و ١٨٦ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٢ ، المحصول ٤ / ١٧٠ ، الإحكام للآمدي ١ / ٢٤٦ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطني ٦ / ٢٣٦ ، أنساب الأشراف : ١١١ و ٤٣٩ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ ، السيرة

٤٤٧

بالكتاب والسنّة ، فهو حديث ضعيف صرّح بضعفه كبار محدّثي علماء القوم(١) .

٣ ـ من هم أهل البيت؟ الجواب : ورد في تفسير آية التطهير أنّهم : النبيّ وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

٤ ـ هل النساء من أهل البيت؟ حيث يستدلّ بسياق الآية على دخولهن في مصداق أهل البيت؟ الجواب : السياق حجّة إذا لم يرد دليل آخر يخالفه ويخرجه عن السياق ، ولكن الروايات المعتبرة خصّصت أهل البيت بهؤلاء ، وأخرجت غيرهم ، حيث أنّ أُمّ سلمة سألت النبيّ : وأنا منهم؟ فأجاب : «إنّك على خير »(٢) .

وبعد كُلّ هذا ، فإنّ التمسّك بوصية النبيّ لأُمّته خير طريق لإيجاد الوحدة.

( عمر بن محمّد ـ السعودية ـ سنّي )

مطلوبة بين المسلمين :

س : الحقيقة أنّكم إخواننا في الإسلام ، ونحن الآن في عصر العولمة والتقدّم ، ولعلّنا نستفيد من هذا التقدّم بدفع عجلة الانصهار الطائفي إلى الأمام ، أعني لابدّ للشيعة والسنّة أن يكونوا على قلب واحد لمواجهة الآفة الكبرى أمريكا وإسرائيل ، نحن يا أخواني نعبد الله ، ونحجّ ونصوم ، وقبلتنا

__________________

النبوية لابن كثير ٤ / ٤١٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و ١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و ٩٥ و ٩٩ و ١٠٥ و ١١٢ و ١١٩ و ١٢٣ و ١٣٢ و ٣٤٥ و ٣٤٩ و ٢ / ٤٣٢ و ٤٣٨ و ٣ / ٦٥ و ١٤١ و ٢٩٤ ، النهاية لابن الأثير ١ / ٢١١ و ٣ / ١٧٧ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨ و ١١ / ٨٨ ، تاج العروس ٧ / ٢٤٥.

١ ـ كنز العمّال ١ / ١٨٧ ، العلل ١ / ٩ ، الضعفاء الكبير ٢ / ٢٥١ ، الكامل في ضعفاء الرجال ٤ / ٦٩.

٢ ـ مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٥٦ ، المعجم الكبير ٣ / ٥٣ ، شواهد التنزيل ٢ / ١١٥ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣.

٤٤٨

واحدة ، وأنا في الحقيقة يا إخواني لا أفرّق بين المذهبين ، لماذا هذا التراشق والتشكيك بالدين بينكم وبين السنّة؟

أتمنّى أن يأتي اليوم الذي نكون به في خندق واحد ضدّ أمريكا واليهود ، دعونا نعمل للأجيال القادمة ، نزرع لهم الحبّ والوآم قبل أن نزرع الحقد.

في عام ١٩٤٨ م دفعت السفارة البريطانية للكتّاب من الشيعة والسنّة لتأليف كتب معادية للطرفين ، والهدف هو إشعال الفتنة بين المسلمين ، نتمنّى من الله العزيز الحكيم أن يصفّي القلوب ، وتذوب الشوائب ، ويرتفع علم الإسلام خفّاقاً رغماً عن أمريكا ، مع تحياتي للجميع.

ج : نحن نعتقد بالوحدة الإسلامية ، وأنّ المسلمين بأمسّ الحاجة إلى التقارب والاتحاد ، بالأخصّ في وقتنا الحاضر ، ولكن هذا لا يعني ترك الحوار الهادئ الهادف للوصول إلى الحقيقة في المسائل العلمية ، فإنّ الأُمم والحضارات والمدارس الفكرية لا يمكن أن تصل إلى مرحلة الترقّي إلاّ بالتقارب الفكري والحوار الهادف.

فالوحدة مطلوبة ، والحوار الهادف مطلوب أيضاً ، بشرط أن لا يخرج الحوار عن أُسسه العلمية.

( رضا ـ البحرين ـ )

تتحقّق بالحوار الهادف :

س : ما هو رأيكم في التقريب بين المذاهب الإسلامية؟ وما هو المطلوب ، تقريب المذاهب أم توحيدها؟ وما الذي يترتّب على ذلك؟

ج : الآية القرآنية الواردة في الوحدة :( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) (١) ، ورد في تفسيرها عند الشعية والسنّة : أنّ المراد بحبل الله هو الكتاب والعترة ، وذلك يفهم بوضوح عند مراجعة حديث الثقلين المتواتر : «إنّي

__________________

١ ـ آل عمران : ١٠٣.

٤٤٩

تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً ».

فالوحدة الحقيقية : التمحور حول الكتاب والعترة ، والتمسّك بهما ، وأخذ معالم الدين منهما ، ولا يمكن أن نفرّق بينهما «لن يفترقا » ، ولن تفيد التأبيد ، يعني إلى يوم قيام الساعة.

هذا ، وإنّ العقل يحتّم على جميع المسلمين : أن يتركوا المنابزات بالألقاب ، والسباب والشتائم ، وكُلّ شيء يكون سبباً للنفرة ، ويتّحد المسلمون في قبال العدو المشترك ، الذي لا يفتأ عن العمل للإحاطة بالمسلمين.

ومع كُلّ هذا ، فإنّ الاختلاف في الرأي حقيقة ثابتة لا يمكن إنكارها ، ولكن كيف نتعامل مع هذا الاختلاف؟

الوحدة الإسلامية والتقارب يحتّمان على الجميع ، أن يجلسوا على طاولة الحوار الهادف الهادئ لبحث الاختلافات قربة إلى الله تعالى ، متجنّبين عن كُلّ ما يسبّب النفرة ، فإن توصّلوا إلى حلّ فهو المطلوب ، وإلاّ فالاختلاف لا يفسد للودّ قضية.

فالوحدة والتقارب يعني ترك النزاع والالتجاء إلى البحث العلمي الموضوعي المبتني على أُسس علمية.

( أُسامة ـ الأردن ـ سنّي )

لتحقيقها نظرتان :

س : الأحبة في الله ، أعرّفكم بنفسي ، فأنا شافعي من مدرسة فقهية مجدّدة في الأردن ، معجب بجهودكم المباركة ، مبغض لكُلّ نصب وتجسيم وتفريق بين المسلمين ، تخلّصت بفضل الله من التعصّب ، غير أنّي أتمنّى منكم بيان جهودكم في التقريب.

أرجو أن تواصلوني بنصائحكم من أجل توصيل الفائدة للسنّة المعتدلين.

٤٥٠

ج : إنّ للتقريب نظرتان : نظرة تقول : بأن يتّحد المسلمون فيما اتفقوا عليه ، ويتركوا فيما اختلفوا فيه لا يبحثونه بالمرّة ، ونظرة تقول : بأن يتّحد المسلمون فيما اتفقوا عليه ويكون سبباً لتقاربهم ، وأمّا فيما اختلفوا فيه فيجلسون على طاولة الحوار الهادف الهادئ متقرّبين بذلك إلى الله تعالى فيتحاوروا ، فإذا توصّلوا إلى نتيجة فيما اختلفوا فيه فهو المطلوب ، وإذا لم يتوصّلوا إلى حلّ فيما اختلفوا فيه ، فتبقى إخوتهم ومحبّتهم ويواصلوا الحوار.

وهذه النظرية الثانية هي التي يركّز عليها المركز ، وبنى منهجه على وفقها ، وكلّنا أمل في أن يدوم الاتصال فيما بيننا.

٤٥١
٤٥٢

الوضوء :

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

ما ورد في كيفيته من كتاب الغارات لا يعتمد عليه :

س : طالعت كتاب الغارات للثقفي ، فوجدت فيه طريقة الوضوء ، فكان الحديث عن الإمام علي عليه‌السلام يشرح فيه طريقة الوضوء ، وفي الحديث طريقة الوضوء جاءت مطابقة لطريقة وضوء أهل السنّة ، فما هي الحقيقة حول هذا الحديث؟

ج : إنّ الرواية المذكورة في كتاب الغارات لا يمكن الاعتماد عليها(١) ، وذلك لمعارضتها لروايات متواترةٍ صحيحة تصف الوضوء على طريقة الإمامية المتعارفة المتبعة ، لذا فهي ساقطة عن الاعتبار ، وقد روى هذه الرواية الشيخ المفيدقدس‌سره في أماليه بنفس السند(٢) ، إلاّ أنّ نصّها يؤكّد طريقة وضوء الإمامية خلاف النصّ الوارد في كتاب الغارات ، ممّا جعل المحقّق النوريقدس‌سره ـ صاحب المستدرك على الوسائل ـ أن يعتبر ما ورد في نصّ كتاب الغارات هو من تصحيف العامّة ، أي من تحريفهم(٣) .

لذا فلا طعن في سندها ، إلاّ أنّ نصّها مخالف لروايات متواترة تعارضها ، وبذلك فلا يعتنى بهذه الرواية ولا الأخذ بها ، فإنّ وضوء الإمامية قد وردت فيه روايات صحيحة صريحة متواترة فضلاً عن إجماع الطائفة دون معارض.

__________________

١ ـ الغارات ١ / ٢٤٤.

٢ ـ الأمالي للشيخ المفيد : ٢٦٠.

٣ ـ مستدرك الوسائل ١ / ٣٠٦.

٤٥٣

( الكويت ـ ـ )

كيفيته :

س : كيف يتم الوضوء؟

ج : إنّ الوضوء يتمّ بعدّة أُمور :

أوّلاً : غسل الوجه ، ما بين قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولاً ، وما اشتملت عليه الإصبع الوسطى والإبهام عرضاً ، والابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل ، ولا يجوز العكس.

ثانياً : غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع ، ولا يصحّ العكس.

ثالثاً : مسح مقدّم الرأس بما بقي من بلل اليد ، بمقدار ثلاثة أصابع مضمومة عرضاً ، وقدر إصبع طولاً ، وأن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل بباطن الكفّ اليمنى.

رابعاً : مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين.

( سامي مراد ـ الكويت ـ )

غسل اليد من المرفق :

س : قال الله تعالى في آية الوضوء :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) (١) .

فأرجو أن توضّحوا لي : لماذا يكون وضوؤنا إلى الأصابع؟ وليس إلى المرافق؟ كما في الآية ، أي إنّنا عندما نريد أن نتوضّأ نغسل أيدينا من المرافق إلى الأصابع؟

ج : قال تعالى :( فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ) ، والأيدي جمع يد ، وهي العضو الخاصّ الذي به القبض والبسط والبطش وغير ذلك ، وهو : ما

__________________

١ ـ المائدة : ٦.

٤٥٤

بين المنكب وأطراف الأصابع ، وبما أنّ المعظم من مقاصد اليد تحصل بما دون المرفق إلى أطراف الأصابع ، سُمّي هذا المقطع باليد أيضاً ، فصار اللفظ بذلك مشتركاً ، كالمشترك بين الكلّ والأبعاض ، وهذا الاشتراك هو الموجب لذكر القرينة المعيّنة إذا أُريد به أحد المعاني ، ولذلك قيّد تعالى قوله :( وَأَيْدِيَكُمْ ) بقوله :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) ، ليتعيّن أنّ المراد غسل اليد التي تنتهي إلى المرافق.

فتبيّن : أنّ قوله تعالى :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) قيد لقوله :( أَيْدِيَكُمْ ) ، فيكون الغسل المتعلّق بها مطلقاً غير مقيّد بالغاية ، يمكن أن يبدأ فيه من المرفق إلى أطراف الأصابع ، وهو الذي يأتي به الإنسان طبعاً إذا غسل يده في غير حال الوضوء من سائر الأحوال ، أو يبدأ من أطراف الأصابع ويختم بالمرفق ، لكن الأخبار الواردة من طريق أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام تفتي بالنحو الأوّل دون الثاني ، وبعبارة أسهل نقول :

١ ـ إنّ لفظ الأيدي في الآية الشريفة مشترك بين كونه ما بين المنكب وأطراف الأصابع ، أو ما بين المرفق وأطراف الأصابع.

٢ ـ هذا الاشتراك يحتاج إلى قرينة تعيّنه.

٣ ـ قوله تعالى :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) قرينة على تعيين المراد من اليد ، فقوله تعالى :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) قيد لقوله تعالى :( وَأَيْدِيَكُمْ ) ، لا قيداً لقوله تعالى :( فاغْسِلُواْ ) ، ولا معنى لكونه قيداً لهما جميعاً.

٤ ـ وبعد هذا ، فإنّ الآية غير ناظرة إلى أنّ الغسل من أين يبدأ فيه ، فحينئذ يرجع فيه إلى السنّة.

٥ ـ إنّ الأُمّة أجمعت على صحّة وضوء من بدأ في الغسل بالمرافق وانتهى إلى أطراف الأصابع ، وهذا يؤيّد مدّعانا من الاستفادة من الآية القرآنية.

٤٥٥

( جنيد عباس ـ غانا ـ )

كيفية وضوء رسول الله :

س : من فضلكم كيف كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يتوضّأ؟ لأنّي أرى بعض المسلمين يفعلون شيئاً ، وآخرون يفعلون شيئاً آخر ، لذلك أُريد البيان الكامل منكم.

ج : روى الشيخ الكلينيقدس‌سره عن زرارة وبكير أنّهما سألا أبا جعفرعليه‌السلام عن وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدعا بطشت ، أو تور فيه ماء ، فغمس يده اليمنى ، فغرف بها غرفة ، فصبّها على وجهه ، فغسل بها وجهه ، ثمّ غمس كفّه اليسرى ، فغرف بها غرفة ، فأفرغ على ذراعه اليمنى ، فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكفّ ، لا يردّها إلى المرفق ، ثمّ غمس كفّه اليمنى ، فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق ، وصنع بها مثل ما صنع باليمنى ، ثمّ مسح رأسه وقدميه ببلل كفّه ، لم يحدث لهما ماء جديداً(١) .

__________________

١ ـ الكافي ٣ / ٢٥.

٤٥٦

وطئ الزوجة من الدبر :

( عبد الله ـ الكويت ـ سنّي ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم تجارة )

محلّ نقاش عند أهل السنّة :

س : في البداية أودّ أن أقول : بأنّني لم أجد موقعاً في الإنترنت مثل موقعكم هذا ، حيث أنّني من محبّي معرفة الإسلام الحقّ ، وهذا الموقع وضّح لي الكثير من الأشياء ، التي كانت تخفى عليّ أنا ، المهمّ أحبّ أن أقول : بأنّني سنّي المذهب حتّى الآن ، ولكن أحبّ أن أوضّح لكم بعض الأُمور ، أنا اقتنعت من مذهب الشيعة ، حيث أنّني فهمت الكثير من هذا الموقع ، وجزاكم الله خيراً ، حيث أنّني لم أكن أعرف معنى السجود على التربة ، وجمع الصلوات ، والخمس ، وزواج المتعة.

المهمّ أنّ موضوعي ليس زواج المتعة ، بل هو بعض الفتاوى التي تصدر من مراجع الشيعة ، مثل ما يلي : علماء الشيعة يجوّزون في الزواج أن يدخل الرجل بزوجته من الدبر ، وهذا متّفق عليه عند المراجع كُلّهم ، أنا أعلم بأنّه مكروه كراهية شديدة ، والمرأة إن رفضت لا تعتبر ناشزة ، ولكن هل هذا جائز فعلاً؟ أعني بذلك أنّه هل توجد أدلّة تبيّن لنا ـ نحن الباحثون عن الحقّ ـ لماذا هذا جائز عند الشيعة ، وليس جائز عند السنّة؟

وهل يوجد من علماء السنّة من الأوّلين إلى الآن ، من جوّز الدخول على المرأة من الدبر؟ وإن كان يوجد فأرجو ذكر أسمائهم ، حيث أنّه هناك آية قرآنية تبيّن فيها أن تأتي المرأة من ما أمرنا الله ، أو ليس هذا اجتهاد مقابل النصّ

٤٥٧

القرآني؟ أرجو التوضيح ، لأنّ الشيعة هم ينادون بأنّهم يندّدون ويبغضون من يجتهد مقابل النصّ ، مثل عمر بن الخطّاب.

آسف على الإطالة ، ولكنّي أبحث عن الحقّ ، وقد أُعجبت بمذهب أهل البيت ، ولكن رأيت من يمثّل أهل البيت لهم فتاوى غريبة ، كالتي ذكرتها ، وأنا أُريد أن أسير في طريق أهل البيت ، ولكن يوجد فتاوى كالتي ذكرتها ، والمزيد ما لم أذكره أجد فيه غرابة واجتهاد مقابل النصّ القرآني.

على العموم أنا إنسان في طريق الاستبصار ، فقد فهمت كُلّ عقائد أهل البيت ، ولكنّي أعجب من فتاوى العلماء الذين سوف يكون واحد منهم مرجعي ، فأرجو منكم التوضيح التام للأمر الذي ذكرته ، وسوف يكون بيننا تواصل إن شاء الله تعالى.

ج : إنّ موضوع إتيان النساء في أدبارهنّ مختلف فيه عند الشيعة ، فمنهم من يفتي بكراهته ، ومنهم من يحرّمه ، ولكُلّ من الفريقين أدلّة ونصوص قرآنية وروائية لا مجال لنا أن نتعرّض لسردها وتأييدها أو ردّها ، ولكن نشير إلى الآية التي ذكرتموها ، وهي :( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) (١) ، فلا يظهر المراد منها على وجه تختصّ بالقُبل ، كما هو ظاهر للمتأمّل ، بل كما يجوز هذا الوجه ، يحتمل أيضاً أن يكون المراد هو حلّية مطلق الإتيان ، ورفع الحظر الذي كان في حالة الحيض.

ثمّ إنّ المتتبّع المنصف يرى أنّ الموضوع هو محلّ النقاش عند السنّة أيضاً ، فعلى سبيل المثال نذكر هنا هذه الرواية التي تجوّز هذا الأمر عندهم : عن أبي سعيد : أنّ رجلاً أصاب امرأته في دبرها ، فأنكر الناس ذلك عليه ، وقالوا : نعيّرها ، فأنزل الله عزّ وجلّ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) (٢) .

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢٢.

٢ ـ البقرة : ٢٢٣.

٤٥٨

قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى أنّ وطئ المرأة في دبرها جائز ، واحتجّوا في ذلك بهذا الحديث ، وتأوّلوا هذه الآية على إباحة ذلك(١) .

وأخيراً : لابأس أن نشير إلى نقطة هامّة في المقام ، وهو أنّه في طريق البحث عن العقيدة والمذهب الصحيح لا ينبغي أن نتحقّق في المواضيع الهامشية ، بل يجب علينا أن نبحث في الأُسس والأركان ، ثمّ إنّ رضينا وقنعنا بها نقبل بالتفاصيل بصورة عامّة.

ولا يعقل أن نتساءل في كُلّ مورد عن الأدلّة والتفاصيل ، بل نرجع فيها إلى ذوي الخبرة والاختصاص ، فالمسائل والفروع الفقهية هي محلّ بحث ونقاش حتّى الآن ، وهذا لا يخدش في أصل العقيدة والمذهب بعد ما أثبتنا صحّته بالدلائل العقلية والنقلية.

( عبد الله ـ الكويت ـ سنّي ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم تجارة )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : السلام عليكم يا أتباع الحقّ ، في الحقيقة أنّني استلمت ردّكم على سؤالي ، وأنا أشكركم جدّاً على جهدكم المتواصل ، لتوصيل مذهب أهل البيت للناس ، ولكن للأسف قليل من الناس من يعرف قدر أهل بيت رسول الله ، المهمّ أنّني قرأت الإجابات ، وإنّني أصارحكم بأنّني لم اقتنع بشكل كامل ، ولكن أصبحت الصورة أوضح والحمد لله.

ولكن مشكلتي هي أنّني لا أملك الوقت الكامل لأطّلع على الكتب التي وضعتم عناوينها ورقم صفحاتها ، وذلك بسبب عملي الطويل وبقائي خارج البيت ، وهذا الموضوع بالنسبة لي مهمّ جدّاً ، فلو تكرّمتم أن تكتبوا لي النصوص الموجودة في الكتب السنّية التي ذكرتموها عن إتيان المرأة في الدبر.

__________________

١ ـ شرح معاني الآثار ٣ / ٤٠ ، جامع البيان ٢ / ٥٣٧ ، فتح الباري ٨ / ١٤١ ، فيض القدير ١ / ٨٨ ، نيل الأوطار ٦ / ٣٥٥ ، الدرّ المنثور ١ / ٢٦٥ ، فتح القدير ١ / ٢٢٩.

٤٥٩

ج : نذكر لكم بعض النصوص المشار إليها في جوابنا لكم ؛ ففي مجال إتيان النساء في أدبارهنّ ، أخرج البخاري عن ابن عمر في آية( فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) (١) ، أنّه قال : يأتيها في الدبر(٢) .

ونقل الطبري عن نافع قال : « كان ابن عمر إذا قرئ القرآن لم يتكلّم ، قال : فقرأت ذات يوم هذه الآية( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) فقال : أتدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قلت : لا ، قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهنّ »(٣) .

وعن أبي سعيد الخدري : « أنّ رجلاً أصاب امرأته في دبرها ، فأنكر الناس ذلك عليه ، وقالوا : نعيّرها ، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية ، وعلّقه النسائي عن هشام بن سعيد عن زيد : وهذا السبب في نزول هذه الآية مشهور »(٤) .

وعن أبي سعيد الخدري قال : أبعر رجل امرأته على عهد رسول الله ، فقالوا : أبعر فلان امرأته ، فأنزل الله( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) (٥) .

وعن مالك قال : « ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشكّ في أنّه حلال ، يعني وطء المرأة في دبرها ، ثمّ قرأ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) ، قال : فأيّ شيء أبين من هذا وما أشكّ فيه »(٦) .

وأخرج ابن جرير في كتاب النكاح من طريق ابن وهب عن مالك : أنّه مباح(٧) .

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢٣.

٢ ـ صحيح البخاري ٦ / ١٦٠ ، فتح الباري ٨ / ١٤١ ، عمدة القاري ١٨ / ١٥٤.

٣ ـ جامع البيان ٢ / ٥٣٥ ، صحيح البخاري ٥ / ١٦٠ ، عمدة القاري ١٨ / ١٥٣ ، أحكام القرآن لابن العربي ١ / ٢٣٨ ، الجامع لأحكام القرآن ٣ / ٩١ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٢٦٩.

٤ ـ فتح الباري ٨ / ١٤٢.

٥ ـ مسند أبي يعلى ٢ / ٣٥٥.

٦ ـ أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٤٢٦ ، المجموع ١٦ / ٤٢٠ ، المغني لابن قدامة ٨ / ١٣١ ، عمدة القاري ١٨ / ١٥٥ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٢٧٢.

٧ ـ الدرّ المنثور ١ / ٢٦٦.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496