مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ٣

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام12%

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 73094 / تحميل: 4165
الحجم الحجم الحجم
مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام

مسند الإمام الشهيد أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

الحسينعليه‌السلام كتب عبد الله بن عمر إلى يزيد بن معاوية : «أمّا بعد فقد عظمت الرزيّة وجلّت المصيبة وحدث فى الاسلام حدث عظيم ولا يوم كيوم الحسين» فكتب إليه يزيد «أمّا بعد يا أحمق فانّنا جئنا الى بيوت منجدة ، وفرش ممهّدة ووسائد منضدة ، فقاتلنا عنها فان يكن الحقّ لنا فعن حقّنا قاتلنا ، وإن كان الحقّ لغيرنا فأبوك أوّل من سنّ هذا وابتزّ واستأثر بالحقّ على أهله(١) .

١٦ ـ البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، حدّثنا يحيى بن أبى طالب ، حدّثنا شبابة بن سوار ، حدّثنا يحيى بن إسماعيل الأسدي قال سمعت الشعبى يحدث عن ابن عمر انّه كان بماء له فبلغه انّ الحسين بن على توجّه العراق فلحقه فذكر الحديث فى أمره بالرجوع فأبى أن يرجع فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال أستودعك الله من قتيل(٢) .

١٧ ـ الترمذى : حدّثنا عقبة بن مكرّم العمىّ ، حدّثنا وهب بن جرير بن حازم ، حدّثنا أبى ، عن محمّد بن أبى يعقوب ، عن عبد الرحمن بن أبى نعم ، أنّ رجلا من أهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب ، فقال ابن عمر : انظروا الى هذا يسأل عن دم البعوض وقد قتلوا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسمعت رسول الله يقول : إنّ الحسن والحسين هما ريحانتاى من الدنيا(٣) .

١١ ـ زيد بن أرقم والحسينعليه‌السلام

١٨ ـ روى الهيثمى : عن حبيب بن يسار ، قال لما أصيب الحسين بن على

__________________

(١) بحار الانوار : ٤٥ / ٣٢٨.

(٢) سنن الكبرى : ٧ / ١٠٠.

(٣) صحيح الترمذى : ٥ / ٦٥٧.

٦١

عليه‌السلام قام زيد بن أرقم على باب المسجد فقال : أفعلتموها أشهد لسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول اللهمّ انّى أستودعكهما عكهما وصالح المؤمنين فقيل لعبيد الله بن زياد إن زيد بن أرقم قال كذا وكذا قال ذاك شيخ قد ذهب عقله(١) .

١٢ ـ عبيد الله بن الحرّ والحسينعليه‌السلام

١٩ ـ قال الدينورى : قالوا : إنّ عبيد الله بن الحرّ ندم على تركه إجابة الحسين حين دعاه بقصر بنى مقاتل الى نصرته ، وقال :

فيا لك حسرة ما دمت حيّا

تردّد بين حلقى والتراقى

حسين حين يطلب بذل نصرى

على أهل العداوة والشقاق

فما أنسى غداة يقول حزنا

أتتركني وتزمع لانطلاق؟

فلو فلق التلهّف قلب حىّ

لهمّ القلب منّى بانفلاق

ثمّ مضى نحو أرض الجبل مغاضبا لابن زياد ، واتّبعه أناس من صعاليك الكوفة(٢) .

١٣ ـ مصعب بن الزبير والحسينعليه‌السلام

٢٠ ـ وقد كان المصعب لمّا قدم الكوفة سأل عروة بن المغيرة بن شعبة عن الحسين بن علىّ وقتله ، فجعل يحدّثه عن ذلك. فقال : مصعب متمثّلا ببيت قاله سليمان بن قتّة :

فانّ الالى بالطفّ من آل هاشم

تأسّوا فسنّوا للكرام التأسّيا

__________________

(١) مجمع الزوائد : ٩ / ١٩٤.

(٢) الاخبار الطوال : ٢٦٢.

٦٢

قال عروة : فعرفت أنّ مصعبا لا يفرّ أبدا ، فكان ذلك(١) .

١٤ ـ ميثم التّمار والحسينعليه‌السلام

٢١ ـ روى ابن أبى الحديد ، عن كتاب الغارات ، قال : وحجّ ميثم فى السنّة الّتي قتل فيها ، فدخل على أمّ سلمة رضى الله عنها ، فقالت له : من أنت؟ قال : عراقىّ ، فاستنسبته ، فذكر لها أنّه مولى علىّ بن أبى طالب ، فقالت : أنت ميثم ، قال : بلى أنا ميثم ، فقالت : سبحان الله! والله لربّما سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوصى بك عليّا فى جوف اللّيل ، فسألها عن الحسين بن علىّ ، فقالت : هو فى حائط له ، قال : أخبريه أنى قد أحببت السّلام عليه ، ونحن ملتقون عند ربّ العالمين ، إن شاء الله ، ولا أقدر اليوم على لقائه ، وأريد الرجوع ، فدعت بطيب فطيّبت لحيته ، فقال لها : أما إنّها ستخضب بدم ، فقالت : من أنبأك هذا؟ قال : أنبأنى سيّدى.

فبكت أمّ سلمة ، وقالت له : إنّه ليس بسيّدك وحدك ، وهو سيّدى وسيّد المسلمين ، ثمّ ودّعته. فقدم الكوفة ، فأخذ وأدخل على عبيد الله بن زياد. وقيل له : هذا كان من آثر الناس عند أبى تراب ، قال : ويحكم هذا الأعجمىّ! قال : نعم ، فقال له عبيد الله أين ربّك؟ قال : بالمرصاد ، قال : قد بلغنى اختصاص أبى تراب لك ، قال : قد كان بعض ذلك ، فما تريد؟ قال : وإنّه ليقال إنّه قد أخبرك بما سيلقاك ، قال : نعم ، إنّه أخبرنى ، قال : ما الذي أخبرك أنى صانع بك؟.

قال : أخبرنى أنّك تصلبنى عاشر عشرة وأنا أقصر هم خشبة ، وأقربهم من المطهرة ، قال : لأخالفنّه ، قال : ويحك! كيف تخالفه ، إنمّا أخبر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و

__________________

(١) الاخبار الموفقيات : ٥٤٥.

٦٣

أخبر رسول الله عن جبرائيل وأخبر جبرائيل عن الله ، فكيف تخالف هؤلاء! اما والله لقد عرفت الموضع الّذي أصلب فيه أين هو من الكوفة؟ وإنّى لأوّل خلق الله ألجم فى الإسلام بلجام ، كما يلجم الخيل. فحبسه وحبس معه المختار بن أبى عبيدة الثقفى ، فقال ميثم للمختار وهما فى حبس ابن زياد : انّك تفلت وتخرج ثائرا بدم الحسينعليه‌السلام ، فتقتل هذا الجبّار الذي نحن فى سجنه ، وتطأ بقدمك هذا على جبهته وخدّيه.

فلمّا دعا عبيد الله بن زياد بالمختار ليقتله طلع البريد بكتاب يزيد بن معاوية الى عبيد الله بن زياد ، يأمره بتخلية سبيله ، وذاك أن أخته كانت تحت عبد الله بن عمر ابن الخطّاب ، فسألت بعلها أن يشفع فيه الى يزيد فشفع ، فأمضى شفاعته ، وكتب بتخلية سبيل المختار على البريد ، فوافى البريد ، وقد أخرج ليضرب عنقه ، فانطلق.

أمّا ميثم فأخرج بعده ليصلب ، وقال عبيد الله : لأمضينّ حكم أبى تراب فيه ، فلقيه رجل ، فقال له : ما كان أغناك عن هذا يا ميثم؟ فتبسّم ، وقال : لها خلقت ، ولى غذيت ، فلمّا رفع على الخشبة اجتمع الناس حوله على باب عمر وبن حريث ، فقال عمرو : لقد كان يقول لى : إنّى مجاورك ، فكان يأمر جاريته كلّ عشية أن تكنس تحت خشبته وترشّه ، وتجمّر بالمجمر تحته ، فجعل ميثم يحدّث بفضائل بنى هاشم ، ومخازى بنى اميّة ، وهو مصلوب على الخشبة.

فقيل لابن زياد قد فضحكم هذا العبد ، فقال : ألجموه ، فألجم فكان أوّل خلق الله ألجم فى الإسلام ، فلمّا كان فى اليوم الثانى فاضت منخراه وفمه دما ، فلمّا كان فى اليوم الثالث طعن بحربة فمات. وكان قتل ميثم قبل قدوم الحسينعليه‌السلام العراق بعشرة أيّام(١)

__________________

(١) شرح النهج : ٢ / ٢٩٢.

٦٤

١٥ ـ أبو نصر بن نباتة والحسينعليه‌السلام

٢٣ ـ روى ابن أبى الحديد ، عن ابن نباتة انّه قال فى قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : «فالموت فى حياتكم مقهورين» والحسين الذي رأى الموت فى العزّ حياة والعيش فى الذلّ قتلا وقال التهامى :

ومن فاته نيل العلا بعلومه

وأقلامه فليبغها بحسامه

فموت الفتى فى العزّ مثل حياته

وعيشته فى الذلّ مثل حمامه(١)

١٦ ـ بنى أود والحسينعليه‌السلام

٢٣ ـ قال ابن أبى الحديد : روى ابن الكلبى ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن السائب ، قال : قال الحجاج يوما لعبد الله بن هانى ، وهو من رجل بنى أود ، حىّ من قحطان ، وكان شريفا فى قومه ، قد شهد مع الحجاج مشاهده كلها ، وكان من أنصاره وشيعته : والله ما كافأتك بعد! ثمّ أرسل إلى أسماء بن خارجة سيد بنى فزارة : أن زوّج عبد الله بن هانى ، بابنتك ، فقال : لا والله ولا كرامة! فدعا بالسياط ، فلمّا رأى الشرّ قال : نعم أزوجه ، ثمّ بعث إلى سعيد بن قيس الهمدانيّ رئيس اليمانية : زوّج ابنتك من عبد الله بن أود.

فقال : من أود ، لا والله لا أزوجه ولا كرامة! فقال : علىّ بالسيف ، فقال : دعنى حتّى أشاور أهلى ، فشاورهم ، فقالوا : زوجه ولا تعرض نفسك لهذا الفاسق ،

__________________

(١) شرح النهج : ٣ / ٢٤٥.

٦٥

فزوجه. فقال الحجاج لعبد الله ، قد زوجتك بنت سيد فزارة وبنت سيد همدان ، وعظيم كهلان وما أود هناك ،! فقال : لا تقل أصلح الله الأمير ذاك! فان لنا مناقب ليست لأحد من العرب ، قال : وما هى؟ قال : ما سبّ أمير المؤمنين عبد الملك فى نادينا قط ، قال : منقبة والله ، قال : وشهد منا صفين مع أمير المؤمنين معاوية سبعون رجلا ، ما شهد منا مع أبى تراب إلّا رجل واحد ، وكان والله ما علمته إمرا سوء.

قال منقبة والله ، قال : ومنا نسوة نذرن : ان قتل الحسين بن على أن تنحر كل واحدة عشر قلائص ، ففعلن ، قال : منقبة والله ، قال : وما منّا رجل عرض عليه شتم أبى تراب ولعنه إلا فعل وزاد ابنيه حسنا وحسينا وأمهما فاطمة ، قال : منقبة والله؟! قال : وما أحد من العرب له من الصباحة والملاحة مالنا ، فضحك الحجاج ، وقال : أما هذه يا أبا هانى فدعها ، وكان عبد الله دميما شديد الادمة مجدورا فى رأسه عجر ، مائل الشدق ، أحول قبيح الوجه ، شديد الحول(١) .

١٧ ـ أحمر مولى بنى أميّة والحسينعليه‌السلام

٢٤ ـ قال ابن ابى الحديد : قال نصر : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا مالك بن أعين ، عن زيد بن وهب ، قال : قد مر علىعليه‌السلام يومئذ (يوم صفين) ومعه بنوه نحو الميسرة ، ومعه ربيعة وحدها ، وإنى لأرى النبل يمر بين عاتقه ومنكبيه ، وما من بنيه الا من يقيه بنفسه ، فيكره علىعليه‌السلام ذلك ، فيتقدم عليه ، ويحول بينه وبين أهل الشام ويأخذه بيده اذا فعل ذلك ، فيلقيه من ورائه ، ويبصر به أحمر مولى بنى أميه ، وكان

__________________

(١) شرح النهج : ٤ / ٦١.

٦٦

شجاعا.

قال علىعليه‌السلام : وربّ الكعبة : قتلنى الله إن لم أقتلك! فأقبل نحوه ، فخرج إليه كيسان مولى علىعليه‌السلام ، فاختلفا ضربتين ، فقتله أحمر ، وخالط عليا ليضربه بالسيف ، وينتهره على ، فتقع يده فى جيب درعه ، فجذبه عن فرسه ، فحمله على عاتقه ، فو الله لكانى أنظر الى رجلى أحمر تختلفان على عنق علىّ ، ثم ضرب به الأرض ، فكسر منكبه وعضديه ، ووشد ابنا على حسين ومحمّد فضرباه بأسيافهما حتى برد ، فكأنى أنظر الى على قائما ، وشبلاه يضربان الرجل حتى اذا أتيا عليه ، أقبلا على أبيهما ، والحسن قائم معه ، فقال له على : يا بنىّ ، ما منعك أن تفعل كما فعل ، أخواك؟ فقال : كفيانى يا أمير المؤمنين(١) .

١٨ ـ قيس بن عباد والحسينعليه‌السلام

٢٥ ـ قال ابن قتيبة : حدثني أبو حاتم عن الأصعمى قال حدثنا أبو هلال عن قتادة قال قال عبيد الله بن زياد لقيس بن عباد : ما تقول فىّ وفى الحسين؟ فقال : أعفنى أعفاك الله! فقال : لتقولنّ ، قال : يجئ أبوه يوم القيامة فيشفع له ، ويجىء أبوك فيشفع لك ، قال: قد علمت غشك وخبثك ، لئن فارقتنى يوما لأضعنّ بالأرض أكثرك شعرا(٢) .

__________________

(١) شرح النهج : ٥ / ١٩٨.

(٢) عيون الاخبار : ٢ / ١٩٧.

٦٧

١٩ ـ احنف بن قيس والحسينعليه‌السلام

٢٦ ـ قال ابن قتيبة : حدثني القاسم بن الحسن ، عن على بن محمّد ، عن مسلمة ابن محارب ، عن السكن قال : كتب الحسين بن علىعليه‌السلام الى الأحنف يدعوه الى نفسه فلم يردّ الجواب وقال : قد جرّبنا آل أبى الحسن فلم نجد عندهم إيالة للملك ولا جمعا للمال ولا مكيدة فى الحرب وقال الشعبى : ما لقينا من آل أبى طالب؟ ان أحببنا هم قتلونا ، وان أبغضنا هم أدخلونا النار(١) .

٢٠ ـ ابو جعفر المنصور والحسينعليه‌السلام

٢٧ ـ قال ابن قتيبة : لما افتتح المنصور الشام وقتل مروان قال لأبى عون ومن معه من أهل خراسان : إن لى فى بقية آل مروان تدبيرا أفتأهّبوا يوم كذا وكذا فى أكمل عدة ، ثم بعث الى آل مروان فى ذلك اليوم فجمعوا وأعلمهم أنّه يفرض لهم فى العطاء فحضر منهم ثمانون رجلا فصاروا الى بابه ومعهم رجل من كلب قد ولّدهم ثم أذن لهم فدخلوا ، فقال الآذن للكلبى : ممن أنت؟ قال : من كلب وقد ولّدتهم. قال : فانصرف ودع القوم ـ فأبى أن يفعل وقال : انى خالهم ومنهم

فلما استقرّ بهم المجلس خرج رسول المنصور وقال بأعلى صوته : أين حمزة بن عبد المطّلب ، ليدخل ، فأيقن القوم بالهلكة ، ثمّ خرج الثانية فنادى اين الحسين بن

__________________

(١) عيون الاخبار : ١ / ٢١١.

٦٨

على؟ ليدخل ، ثم خرج الثالثة فنادى : أين زيد بن على بن الحسين؟ ثم خرج الرابعة فقال: أين يحيى بن زيد؟ ثم قيل : ائذنوا لهم. فدخلوا وفيهم الغمر بن يزيد وكان له صديقا فأومأ إليه : أن ارتفع فأجلسه معه على طنفسة وقال للباقين : اجلسوا وأهل خراسان قيام بأيديهم العمد فقال : أين العبدى الشاعر؟ فقام وأخذ فى قصيدته التي يقول فيها :

أما الدعاة الى الجنان فهاشم

وبنو أميّة من دعاة النّار

فلما أنشد أبياتا منها قال الغمر : يا ابن الزانية. فانقطع العبدى وأطرق عبد الله ساعة ثم قال : امض فى نشيدك. فلما فرغ رمى إليه بصرّة فيها ثلاثمائة دينار ، ثمّ تمثل بقول القائل

ولقد ساءنى وساء سواى

قربهم من منابر وكراسى

أنزلوها بحيث أنزلها الله

بدار الهوان والإتعاس

لا تقيلنّ عبد شمس عثارا

واقطعوا كلّ نخلة وغراس

واذكروا مصرع الحسين وزيد

وقتيلا بجانب المهراس

ثم قال لأهل خراسان : «دهيد» فشدخوا بالعمد حتى سالت أدمغتهم وقام الكلبى فقال : أيها الامير : أنا رجل من كلب لست منهم. فقال :

ومدخل رأسه لم يدنه أحد

بين القرينين حتّى لزّه القرن

ثم قال : دهيد. فشدخ الكلبى معهم ثمّ التفت الى الغمر فقال : لا خير لك فى الحياة بعدهم. قال : أجل ، فقتل ثم دعا ببراذع فألقاها عليهم وبسط عليها الأنطاع ودعا بغدائه فأكل فوقهم وانّ أنين بعضهم لم يهدأ ، حتى فرغ ثم قال : ما تهنأت بطعام منذ عقلت مقتل الحسين الا يومى هذا ، وقام فأمر بهم فجرّوا بأرجلهم وأغنم أهل خراسان أموالهم ثم صلبوا فى بستانه ، وكان يأكل يوما فأمر بفتح باب من الرواق

٦٩

الى البستان فإذا رائحة الجيف تملأ الأنوف ، فقيل له : لو أمرت أيها الأمير بردّ هذا الباب! فقال : والله لرائحتها أحبّ إلى وأطيب من رائحة المسك ، ثم قال :

حسبت أمية أن سترضى هاشم

عنها ويذهب زيدها وحسينها

كلّا وربّ محمّد وإلهه

حتّى تباح سهولها وحزونها

وتذلّ ذلّ حليلة لحليلها

بالمشرفىّ وتستردّ ديونها(١)

٢١ ـ أبو رجاء العطاردى والحسينعليه‌السلام

٢٨ ـ روى ابن شهرآشوب عن ابانة ابن بطة وجامع الدّارقطني وفضائل أحمد روى قرة بن أعين عن خاله قال كنت عند ابى رجاء العطاردى فقال لا تذكروا أهل البيت الا بخير فدخل عليه رجل من حاضرى كربلا وكان يسبّ الحسينعليه‌السلام وأهوى الله عليه نجمين فعميت عيناه(٢) .

٢٩ ـ روى الهيتمى باسناده عن أبى رجاء العطاردى قال لا تسبّوا عليا ولا أحدا من أهل البيت فانّ جارا لنا من بلهجيم قال : ألم تروا الى هذا الفاسق الحسين ابن على قتله الله ، فرماه الله بكوكبين فى عينيه فطمس الله بصره(٣)

__________________

(١) عيون الاخبار : ١ / ٢٠٦

(٢) مناقب ابن شهرآشوب : ٢ / ١٨٦.

(٣) مجمع الزوائد : ٩ / ١٩٦.

٧٠

٢٢ ـ عبد الملك بن الحجاج والحسينعليه‌السلام

٣٠ ـ قال ابن قتيبة : قال عبد الملك بن الحجاج التغلبى لعبد الملك بن مروان : هربت إليك من العراق. قال : كذبت ، ليس إلينا هربت ، ولكنك هربت من دم الحسين وخفت على دمك فلجأت إلينا(١) .

٢٣ ـ الشعبى والحسينعليه‌السلام

٣١ ـ روى ابن شهرآشوب عن الشعبى أنه قال : رأيت رجلا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول : اللهم اغفر لي ولا أراك تغفر لي ، فسألته من ذنبه فقال كنت من الوكلاء على رأس الحسينعليه‌السلام وكان معى خمسون رجلا فرأيت غمامة بيضاء من نور قد نزلت من السماء الى الخيمة وجمعا كثيرا أحاطوا بها ، فاذا فيهم آدم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى ثمّ نزل اخرى وفيها النبيّ عليه الصلاة والسلم وجبرائيل وميكائيل وملك الموت.

فبكى النبيّ عليه الصلاة والسلم وبكوا معه جميعا فدنا ملك الموت وقبض تسعا وأربعين فوثب على رجلىّ فوثبت على رجلى وقلت يا رسول الله الأمان الأمان ، فو الله ما شايعت فى قتله ولا رضيت فقال : ويحك وأنت تنظر الى ما يكون ، فقلت : نعم فقال يا ملك الموت خلّ عن قبض روحه فانّه لا بدّ أن يموت يوما فتركنى وخرجت الى هذا الموضع تائبا على ما كان منى(٢) .

__________________

(١) عيون الاخبار : ١ / ١٠٣.

(٢) مناقب ابن شهرآشوب : ٢ / ١٨٦.

٧١

٢٢ ـ يحيى بن يعمر والحسينعليه‌السلام

٣٢ ـ روى ابن عبد ربه ، عن الأصمعي قال بعث الحجاج الى يحيى بن يعمر ، فقال له : أنت الّذي تقول إنّ الحسين بن على ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ابن رسول الله لتأتينّي بالمخرج ممّا قلت أو لأضربنّ عنقك ، فقال له ابن يعمر : وإن جئت بالمخرج فأنا آمن؟ قال: نعم ، قال : اقرأ :( وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ ) إلى قوله( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى ) إلى قوله( وَعِيسى ) . فمن أقرب : عيسى من إبراهيم ، وما هو ابن بنته ، أو الحسين من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال له الحجّاج والله لكأنّى ما قرأت هذه الآية قطّ ، وولّاه قضاء بلده ، فلم يزل بها قاضيا حتّى مات(١) .

٢٥ ـ الزهرى والحسينعليه‌السلام

٣٣ ـ روى ابن عبد ربه ، عن الزهرى انّه قال : خرجت مع قتيبة أريد المصيصة ، فقد منا على أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان ، وإذا هو قاعد فى ايوان له ، وإذا سماطان من الناس على باب الإيوان ، فاذا أراد حاجة قالها للذى يليه ، حتّى تبلغ المسألة باب الإيوان ، ولا يمشى أحد بين السماطين. قال الزّهرى : فجئنا فقمنا على باب الإيوان ، فقال عبد الملك للذى عن يمينه هل بلغكم أىّ شيء أصبح فى بيت المقدّس ليلة قتل الحسين بن علىّ؟ قال : فسأل كلّ واحد منهما صاحبه ، حتّى بلغت

__________________

(١) العقد الفريد : ٢ / ١٧٥.

٧٢

المسألة الباب ، فلم يردّ أحد فيها شيئا.

قال الزهرى : فقلت : عندى فى هذا علم. قال : فرجعت المسألة رجلا عن رجل حتّى انتهت الى عبد الملك. قال : فدعيت ، فمشيت بين السماطين ، فلمّا انتهيت الى عبد الملك ، سلّمت عليه. فقال لى : من أنت؟ قلت : أنا محمّد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهرى ، قال : فعرّفنى بالنسب ، وكان عبد الملك طلّابة للحديث فعرّفته فقال : ما أصبح ببيت المقدّس يوم قتل الحسين بن علىّ بن أبى طالب؟ ـ وفى رواية عبد العزيز عن إبراهيم بن عبد الملك عن أبى معشر ، عن أبى محمّد بن عبد الله ابن سعيد بن العاص ، عن الزهرى ، أنّه قال : اللّيلة الّتي قتل فى صبيحتها الحسين بن علىّ –

قال الزهرى : نعم ، حدّثنى فلان ـ ولم يسمّه لنا ـ أنّه لم يرفع تلك اللّيلة ، الّتي صبيحتها قتل الحسين بن علىّ بن أبى طالب ، حجر فى بيت المقدس إلا وجد تحته دم عبيط قال عبد الملك : صدقت ، حدّثنى الّذي حدّثك ، وإنّى وإيّاك فى هذا الحديث لغريبان. ثمّ قال لى : ما جاء بك؟ قلت جئت مرابطا. قال الزم الباب ، فأقمت عنده ، فأعطانى مالا كثيرا(١) .

٢٦ ـ عبد الملك بن مروان والحسينعليه‌السلام

٣٤ ـ قال ابن عبد ربه : كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجّاج بن يوسف : لا تعرّض لمحمّد ولا لأحد من أصحابه ، وكان فى كتابه : جنّبنى دماء بنى عبد المطّلب ، فليس فيها شفاء من الحرب ، وانّى رأيت بنى حرب سلبوا ملكهم لما قتلوا الحسين ابن علىّعليهما‌السلام ، فلم يتعرّض الحجّاج لأحد من الطالبيّين فى أيّامه(٢)

__________________

(١) العقد الفريد : ٤ / ٣٨٦.

(٢) العقد الفريد : ٤ / ٤٠٠.

٧٣

٢٧ ـ جعدة بن هبيرة والحسينعليه‌السلام

٣٥ ـ قال الدينورى : بلغ أهل الكوفة وفاة الحسن ، فاجتمع عظماؤهم فكتبوا الى الحسينعليه‌السلام يعزونه ، وكتب إليه جعدة بن هبيرة بن أبى وهب ، وكان أمحضهم حبّا ومودّة : أمّا بعد فان من قبلنا من شيعتك متطلّعة أنفسهم إليك ، لا يعدلون بك أحدا ، وقد كانوا عرفوا رأى الحسن أخيك فى دفع الحرب ، وعرفوك باللّين لأوليائك ، والغلظة على أعدائك ، والشدّة فى أمر الله فان كنت تحبّ أن تطلب هذا الأمر فاقدم علينا فقد وطّنا أنفسنا على الموت معك.

فكتب إليهم : أما أخى فأرجو أن يكون الله قد وفّقه ، وسدّده فيما يأتى ، وأما أنا فليس رأيى اليوم ذلك ، فالصقوا رحمكم الله بالأرض ، واكمنوا فى البيوت ، واحترسوا من الظنّة ما دام معاوية حيّا ، فان يحدث الله به حدثا وأنا حىّ ، كتبت إليكم برأيى والسلام(١) .

٢٨ ـ الاعمش والحسينعليه‌السلام

٣٦ ـ قال المجلسى : روى مؤلف المزار الكبير باسناده إلى الأعمش قال : كنت نازلا بالكوفة وكان لى جار ، كثيرا ما كنت أقعد إليه وكان ليلة الجمعة فقلت له : ما تقول فى زيارة الحسينعليه‌السلام ؟ فقال لى : بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة فى النّار ، فقمت من بين يديه وأنا ممتلئ غضبا وقلت : إذا كان السحر أتيته وحدّثته

__________________

(١) الاخبار الطوال : ٢٢١.

٧٤

من فضائل أمير المؤمنين ما يسخّن الله به عينيه.

قال : فأتيته وقرعت عليه الباب فاذا أنا بصوت من وراء الباب : إنّه قد قصد الزيارة فى أوّل اللّيل فخرجت مسرعا فأتيت الحير فاذا أنا بالشيخ ساجد لا يملّ من السجود والركوع فقلت له : بالأمس تقول لى : بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة فى النار واليوم تزوره ، فقال لى : يا سليمان لا تلمنى فانّى ما كنت أثبت لأهل هذا البيت إمامة حتّى كانت ليلتى هذه فرأيت رؤيا أرعبتنى.

فقلت : ما رأيت أيّها الشيخ؟ قال : رأيت رجلا لا بالطويل الشاهق ولا بالقصير اللاصق ، لا أحسن أصفه من حسنه وبهائه معه أقوام يحفّون به حفيفا ويزفّونه زفّا بين يديه فارس ، على فرس له ذنوب على رأسه تاج للتاج أربعة أركان فى كلّ ركن جوهرة تضىء مسيرة ثلاثة أيّام ، فقلت من هذا؟ فقالوا : محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلبعليه‌السلام ، فقلت : والآخر؟ فقالوا : وصيّه علىّ بن أبى طالبعليه‌السلام .

ثمّ مددت عينى فاذا أنا بناقة من نور عليها هودج من نور تطير بين السّماء والأرض. فقلت : لمن الناقة؟ قالوا : لخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمّد ، قلت : والغلام؟ قالوا: الحسن بن علىّ ، قلت فأين يريدون؟ قال : يمضون بأجمعهم الى زيارة المقتول ظلما الشهيد بكربلاء الحسين بن على ، ثمّ قصدت الهودج وإذا أنا برقاع تساقط من السماء أمانا من الله جلّ ذكره لزوّار الحسين بن على ليلة الجمعة ثمّ هتف بنا هاتف ألا إنّا وشيعتنا فى الدرجة العليا من الجنّة ، والله يا سليمان لا أفارق هذا المكان حتّى تفارق روحى جسدى(١) .

__________________

(١) بحار الانوار : ١٠١ / ٥٨.

٧٥

٢٩ ـ بنو هاشم وشهادة الحسينعليه‌السلام

٣٨ ـ روى ابن عبد ربه ، عن الهيثم بن عدىّ انّه ، قال : حدّثنى ابن عياش ، قال : حدّثنى بكير أبو هاشم ، مولى مسلمة قال : لم يزل لبنى هاشم بيعة سرّ ودعوة باطنة منذ قتل الحسين بن علىّ بن أبى طالبعليه‌السلام ولم نزل نسمع بخروج الرايات السّود من خراسان وزوال ملك بنى أميّة حتّى صار ذلك(١) .

٣٠ ـ الحسينعليه‌السلام وغزو خراسان

٣٩ ـ قال الطبرى : حدّثنى عمر بن شبّه ، قال : حدّثنى علىّ بن محمّد ، عن علىّ ابن مجاهد ، عن حنش بن مالك ، قال : غزا سعيد بن العاص من الكوفة سنة ثلاثين يريد خراسان ، ومعه حذيفة بن اليمان وناس من أصحاب رسول اللهعليه‌السلام ، ومعه الحسن والحسين وعبد الله بن عبّاس وعبد الله بن عمرو عبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن الزبير ، وخرج عبد الله بن عامر من البصرة يريد خراسان ، فسبق سعيدا ونزل أبر شهر ، وبلغ نزوله أبر شهر سعيدا.

فنزل سعيد قومس ، وهى صلح ، صالحهم حذيفة بعد نهاوند ، فأتى جرجان فصالحوه على مائتى ألف ، ثمّ أتى طميسة ، وهى كلّها من طبرستان وجرجان ، وهى مدينة على ساحل البحر ، وهى فى تخوم جرجان ، فقاتله أهلها حتّى صلّى صلاة الخوف ، فقال لحذيفة : كيف صلّى رسول اللهعليه‌السلام ؟ فأخبره ، فصلّى بها سعيد صلاة الخوف(٢) .

__________________

(١) العقد الفريد : ٤ / ٤٧٥.

(٢) تاريخ الطبرى : ٤ / ٢٩٦.

٧٦

٣١ ـ شاعر مدح الحسينعليه‌السلام

٤٠ ـ قال أبو اسحاق القيروانى : إن شاعرا مدح الحسينعليه‌السلام فأجزل ثوابه ، فليم على ذلك ، فقال : اترانى خفت أن يقول : لست ابن فاطمة الزهراء بنت رسول اللهعليه‌السلام ولا ابن علىّ بن أبى طالب! ولكنّى خفت أن يقول : لست كرسول اللهعليه‌السلام ولا كعليعليه‌السلام فيصدّق ، ويحمل عنه ويبقى مخلدا فى الكتب ، محفوظا على ألسنة الرّواة. فقال الشاعر: أنت والله يا ابن رسول الله أعرف بالمدح والذّم منى(١) .

__________________

(١) زهر الآداب : ١ / ٩٨.

٧٧
٧٨

الاحاديث المروية

عن الامام أبى عبد الله الحسينعليه‌السلام

٧٩

١ ـ باب العقل

١ ـ قال الديلمى : تذاكروا العقل عند معاوية ، فقال الحسينعليه‌السلام : لا يكمل العقل إلّا باتّباع الحق فقال معاوية : ما فى صدوركم إلّا شيء واحد(١) .

٢ ـ الحافظ أبو نعيم : حدّثنا محمّد بن عمر بن سلم ، حدّثنا محمّد بن الحسين بن حفص ، حدّثنا علىّ بن حفص العبسىّ ، حدّثنا الحسن بن الحسين ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن علىّ بن الحسين ، عن الحسين بن علىّ بن أبى طالبعليهم‌السلام . قال: قال رسول اللهعليه‌السلام : رأس العقل بعد الايمان بالله التودّد إلى الناس(٢) .

٢ ـ باب العلم

١ ـ قال أبو طالب الآملى : حدّثنا أبو أحمد محمّد بن علىّ العبدلى ، قال : حدّثنا علىّ بن يحيى الآملى ، ومحمّد بن موسى الرصاصى ، قالا حدّثنا محمّد بن شدّاد المسمعى ، قال : حدّثنا عباد بن صهيب ، وأبو بكر الهذلى ، قالا : سمعنا جعفر بن محمّد ، يقول : سمعت أبى محمّد بن على يقول سمعت أبى علىّ بن الحسين ، يقول سمعت الحسين ابن على يقول : سمعت أبى عليّاعليه‌السلام يقول : سمعت رسول اللهعليه‌السلام يقول : من أخذ

__________________

(١) اعلام الدين : ٢٩٨.

(٢) حلية الاولياء : ٣ / ٢٠٣

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

عذافر ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت

أي الصبر ، يقال ( عزيته ) أي صبرته والمراد بها طلب التسلي عن المصاب والتصبر عن الحزن والانكسار بإسناد الأمر إلى الله ، ونسبته إلى عدله وحكمته وذكر ما وعد الله على الصبر مع الدعاء للميت والمصاب لتسليته عن مصيبته ، وهي مستحبة إجماعا ولا كراهة فيها بعد الدفن عندنا انتهى.

وقال : في النهاية التعزية مستحبة قبل الدفن وبعده بلا خلاف بين العلماء في ذلك إلا الثوري فإنه قال : لا يستحب التعزية بعد الدفن.

وقال في التذكرة : قال : الشيخ التعزية بعد الدفن أفضل وهو جيد.

وقال : المحقق في المعتبر : التعزية مستحبة وأقلها أن يراه صاحب التعزية وباستحبابها قال : أهل العلم مطلقا ، خلافا للثوري فإنه كرهها بعد الدفن ثم قال فأما رواية إسحاق بن عمار فليس بمناف لما ذكرنا لاحتمال أنه يريد عند القبر. بعد الدفن أو قبله. وقال : الشيخ بعد الدفن أفضل وهو حق انتهى.

وقال في المنتهى : قال الشيخ في المبسوط يكره الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة وخالف فيه ابن إدريس وهو الحق انتهى ، ولنرجع إلى بيان ما يستفاد من الخبر بعد ما نبهناك على ما ذهب إليه الأصحاب.

فاعلم : أن الظاهر منقوله عليه‌السلام : « ليس التعزية إلا عند القبر » عند انحصار التعزية فيما يقع عند القبر بعد الدفن كما هو الظاهر أو مطلقا كما نقلنا عن المحقق ، ولعله على ما ذكره الشيخ في المبسوط ، لكن فيه أنه لا يدل إلا على عدم استحباب التعزية بعد ذلك لا كراهتها ، مع أن مقتضى الجمع بين الأخبار انحصار السنة المؤكدة في ذلك.

وقوله عليه‌السلام : « ثم ينصرفون » يدل على كراهة المقام عند القبر بعد الدفن

١٢١

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التعزية لأهل المصيبة بعد ما يدفن.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال ، عن إسحاق بن عمار قال ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التعزية الواجبة بعد الدفن.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن القاسم بن محمد ، عن

إلا بقدر التعزية.

وقوله عليه‌السلام : « فيسمعون الصوت » يدل على إمكان سماع ما يحدث في القبر ولا استبعاد في ذلك وإن كان نادرا لمخالفته للحكمة غالبا.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « بعد ما يدفن » حمل على أن المراد أن تأخيرها عنه أفضل من تقديمها عليه كما قال به الشيخ والفاضلان ، فإن تعريف المبتدأ باللام يدل على الحصر ، فالمراد حصر التعزية الكاملة والسنة الأكيدة منها فيه.

الحديث الثالث : موثق. وهو الخبر الأول مع اختلاف في السند إلى إسحاق.

الحديث الرابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « التعزية الواجبة » حمل على تأكد الاستحباب وهو مؤيد لما ذكرنا من الجمع والحمل.

الحديث الخامس : ضعيف. إن كان القاسم الجوهري أو كان مسئولا وإلا فمجهول.

١٢٢

الحسين بن عثمان قال لما مات إسماعيل بن أبي عبد اللهعليه‌السلام خرج أبو عبد اللهعليه‌السلام فتقدم السرير بلا حذاء ولا رداء.

قوله عليه‌السلام : « بلا حذاء ولا رداء » يدل على استحباب كون صاحب التعزية كذلك مطلقا أو في خصوص جنازة الابن وأيد الأولى بأنه وضع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رداءه في جنازة سعد ، ويدل على خصوص وضع الرداء ما سيأتي من الأخبار ، وقد ورد النهي عنه في رواية السكوني عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال : قال رسول الله :صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة ما أدري أيهم أعظم جرما؟ الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء ، والذي يقول قفوا ، والذي يقول : استغفروا له غفر الله لكم؟

قال في الذكرى : بعد إيراد هذه الرواية ومنه يعلم كراهية مشي غير صاحب الجنازة بغير رداء ، ويظهر من ابن حمزة تحريمه ، أما صاحب الجنازة فخلعه ليتميز عن غيره ، لخبر ابن أبي عمير وخبر أبي بصير ذكره الجعفي وابن حمزة والفاضلان وذكر ابن الجنيد أيضا التميز بطرح بعض زيه بإرسال طرف العمامة أو أخذ مئزر من فوقها على الأب والأخ ، ولا يجوز على غيرهما وابن حمزة منع هنا مع تجويزه الامتياز ، فكأنه خص التميز في غير الأب والأخ بهذا النوع من الامتياز ، وأنكر ابن إدريس الامتياز بهذين لعدم الدليل عليهما وزعم أنه من خصوصيات الشيخ ، ورده الفاضلان بأحاديث الامتياز ، ولعله إنما أنكر هذا النوع من الامتياز ، والظاهر أن الأخبار لا تتناوله ، ثم لم نقف على دليل الشيخ عليه ولا على اختصاص الأب والأخ.

وقال : أبو الصلاح يتحفى ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده لأبيه خاصة ويرده ما تقدم انتهى.

وقال : العلامة في المختلف قال أبو الصلاح : يستحب للرجل أن يتحفى ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده لأبيه دون من عداهم ، فإن قصد بالاستثناء التحريم منعناه عملا بالأصل ، وإن قصد انتفاء الاستحباب منعناه أيضا لأن المقتضي

١٢٣

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي لصاحب المصيبة أن يضع رداءه حتى يعلم الناس أنه صاحب المصيبة.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن رفاعة النخاس ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال عزى أبو عبد اللهعليه‌السلام رجلا بابن له فقال :

للاستحباب هناك ليس إلا تميزه عن غيره وهو متحقق هنا ، ويؤيده رواية الحسين ابن عثمان انتهى.

أقول : إذا سمعت ما تلونا عليك فاعلم : أن الظاهر من الأخبار استحباب وضع الرداء لصاحب الجنازة أي الجماعة الذين يعدون من أصحاب تلك المصيبة لعموم الأخبار وكراهة ذلك أو حرمته لغيرهم ، وإثبات الحرمة مشكل ، وكذا إثبات مرجوحية سائر أنواع الامتياز ، والقول باستحبابها أيضا لا يخلو من إشكال. وإن كان التعليل الوارد في بعض الأخبار يشهد بذلك كما لا يخفى ، وأما التحفي فظاهر هذا الخبر ، استحبابه إما في مطلق المصيبة أو في مصيبة الابن ، والأولى الاقتصار على الابن وإن كان العموم لا يخلو من قوة والله يعلم.

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ينبغي » ظاهره استحباب وضع الرداء لصاحب المصيبة ، والظاهر الرجوع في ذلك إلى العرف كما ذكرناه ولا يبعد أن يكون المراد بالرداء الثوب المتعارف الذي يلبسه الناس فوق الثياب ليكون وضعه علة للامتياز ، ومن هذا التعليل فهموا غير ذلك من أنواع الامتياز خصوصا في الأزمنة التي لا يصلح وضع الرداء للامتياز والله يعلم.

الحديث السابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « رجلا بابن له » أي بسبب فقد ابنه.

١٢٤

الله خير لابنك منك وثواب الله خير لك من ابنك فلما بلغه جزعه بعد عاد إليه فقال له قد مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فما لك به أسوة فقال إنه كان مرهقا فقال إن أمامه ثلاث خصال شهادة أن لا إله إلا الله ورحمة الله وشفاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

قوله عليه‌السلام : « الله خير لابنك منك » لما كان الغالب أن الحزن على الأولاد يكون لتوهم أمرين باطلين. أحدهما : أنه على تقدير وجود الولد يصل نفع الوالد إليه ، أو أن هذه النشأة خير له من النشأة الأخرى ، والحياة خير له من الممات فأزالعليه‌السلام وهمه : بأن الله تعالى ورحمته خير لابنك منك ومما تتصور من نفع توصله إليه على تقدير الحياة ، والموت مع رحمة الله خير من الحياة.

وثانيهما : توقع النفع منه مع حياته أو الاستئناس به فأزالعليه‌السلام ذلك الوهم أيضا بأن ما عوضك الله من الثواب على فقده خير لك من كل نفع تتوهمه أو تقدره في حياته.

قوله عليه‌السلام : « فعاد إليه » يفهم منه استحباب تكرار التعزية مع بقاء الجزع.

قوله عليه‌السلام . « فما لك به أسوة ».

قال : في القاموس : « الأسوة » ويضم القدوة وما يأتسي به الحزين ، والجمع إسى ويضم وأساه تأسيه فتأسى عزاه فتعزى.

وقال في النهاية : الأسوة بكسر الهمزة وضمها القدوة. أقول : يحتمل هذا الكلام : وجهين.

الأول : أن يكون المراد بالأسوة القدوة : والمعنى أنك تتأسى به ويلزمك التأسي به في الموت فلأي شيء تجزع مع أنك بعد الموت تجتمع مع ابنك ، والغرض أنه لو كان لأحد بقاء في الدنيا كان ذلك لأشرف الخلائق ، فإذا لم يبق هو في الدنيا فكيف تطمع أنت في البقاء ، ويحتمل أن يكون الغرض أنه ينبغي لك مع علمك بالموت أن تصلح أحوال نفسك ولا تحزن على فقد غيرك كما ورد في

١٢٥

فلن تفوته واحدة منهن إن شاء الله.

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي لصاحب المصيبة أن لا يلبس رداء وأن يكون في قميص

خبر آخر أنهم قالوا : لصاحب مصيبة غفلت عن المصيبة الكبرى وجزعت للمصيبة الصغرى.

الثاني : أن يكون المراد بالأسوة ما يتأسى به الحزين أي ينبغي أن يحصل لك به وبسبب مصيبته وتذكرها تأسي وتعز عن كل مصيبة لأنه من أعظم المصائب ، وتذكر المصائب العظيمة يهون صغارها لما سيأتي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال : إن أصبت بمصيبة في نفسك أو في مالك أو في ولدك فاذكر مصابك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط ، وقيل المراد أنك من أهل التأسي برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن أمته فينبغي أن يكون مصيبتك بفقده أعظم وما ذكرنا أظهر.

قوله عليه‌السلام : « إنه كان مرهقا » بالتشديد على صيغة المفعول.

قال في النهاية : الرهق السفه وغشيان المحارم وفيه فلان مرهق : أي متهم بسوء وسفه ، ويروي مرهق أي ذو رهق.

وقال في القاموس : « الرهق » محركة السفه والنوك والخفة وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم « والمرهق » كمكرم من أدرك وكمعظم الموصوف بالرهق ومن يظن به السوء.

أقول : المراد « إن حزني » ليس بسبب فقده بل بسبب أنه كان يغشى المحارم وأخاف أن يكون معاقبا معذبا فعزاهعليه‌السلام بذكر وسائل النجاة وأسباب الرجاء.

الحديث الثامن : مجهول. بسعدان ، ويمكن أن يعد حسنا لأنهم ذكروا في سعدان أن له أصلا ويكون كتابه من الأصول مدح له.

قوله عليه‌السلام : « وأن يكون في قميص حتى يعرف فيه » إيماء إلى أن المراد

١٢٦

حتى يعرف.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم قال رأيت موسىعليه‌السلام يعزي قبل الدفن وبعده.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن مهران قال كتب أبو جعفر الثانيعليه‌السلام إلى رجل ذكرت مصيبتك بعلي ابنك وذكرت أنه كان أحب ولدك إليك وكذلك الله عز وجل إنما يأخذ من الوالد وغيره أزكى ما عند أهله

بالرداء الثوب الأعلى الذي يلبسه أصناف الناس غالبا ليصير نزعه سببا للامتياز ، والكلام في الاستدلال بالتعليل على سائر أفراد الامتياز ما مر.

الحديث التاسع : حسن. كالصحيح بل لا يقصر عن الصحيح.

قوله عليه‌السلام : « قبل الدفن وبعده » أي يجمعهما في كل جنازة أو كان يفعل تارة هكذا وتارة هكذا ، ويدل على جواز التعزية قبل الدفن واستحبابه على التقديرين وعلى حصول التعزية بها قبل الدفن خاصة على الثاني فيدل على ما ذكرنا من التأويل في الأخبار السابقة.

الحديث العاشر : ضعيف. والظاهر أن مهزيار مكان ابن مهران كما سيجيء في آخر الكتاب هذا المضمون وفيه علي بن مهزيار ، لكن سيأتي رواية سهل عن علي بن مهران في باب غسل الأطفال.

قوله عليه‌السلام : « ذكرت » يدل على أنه شكا فيما كتب إليهعليه‌السلام فقد ابنه.

قوله عليه‌السلام : « أزكى » أي أطهر وأحسن ما عند أهله أي أهل هذا المأخوذ.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« وأحسن عزاك مقصورا أو ممدودا » أي صبرك. في القاموس العزي الصبر أو حسنه كالتعزوة ، عزي كرضى عزاء فهو عز وعزاه تعزية.

قوله عليه‌السلام : « وربط على قلبك » أي ألقى الله على قلبك صبرا. قال في

١٢٧

ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة فأعظم الله أجرك وأحسن عزاك وربط على قلبك إنه قدير وعجل الله عليك بالخلف وأرجو أن يكون الله قد فعل إن شاء الله تعالى.

(باب)

(ثواب من عزى حزينا ً)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى حزينا كسي في الموقف حلة يحبر بها.

القاموس : ربط جأشه رباطة اشتد قلبه والله على قلبه. ألهمه الصبر وقواه انتهى.

أقول. منه قوله تعالى «وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ »(١) .

قوله عليه‌السلام : « وأرجو أن يكون الله قد فعل » بشارة له بأنهعليه‌السلام قد دعا له بالخلف واستجيب دعاؤه.

باب ثواب من عزى حزيناً

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « حلة يحبر بها » قال في القاموس : الحلة بالضم إزار ورداء بردا وغيره ولا يكون حلة الا من ثوبين أو ثوب له بطانة.

وقال : فيه الحبر بالكسر الأثر أو أثر النعمة والحسن وبالفتح السرور كالحبور والحبرة والحبر محركة وأحبره سره والنعمة كالحبرة وقال : تحبير الخط والشعر وغيرهما تحسينه.

وقال في النهاية : الحبر بالكسر وقد يفتح الجمال والهيئة الحسنة يقال حبرت الشيء تحبيرا إذا حسنته.

أقول : قد ظهر أنه يمكن أن يقرأ على المجهول مشددا أي يحسن ويزين

__________________

(١) سورة الكهف : ١٤.

١٢٨

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عزى مصابا كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجر المصاب شيئا.

(باب)

(المرأة تموت وفي بطنها صبي يتحرك )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة تموت ويتحرك الولد في بطنها أيشق بطنها ويخرج الولد؟

بها ، ومخففا أي يسر بها ، وروي في الذكرى : يحبى بها من الحبوة والعطاء ثم قال وروي تحبر بها أي يسر بها.

الحديث الثاني : ضعيف. وروى العامة مثله عن عبد الله بن مسعود عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

باب المرأة تموت وفي بطنها ولد يتحرك

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام « نعم ويخاط بطنها » المشهور بين الأصحاب أنه يجب الشق حينئذ وإخراج الولد توصلا إلى بقاء الحي ، قالوا : ولا عبرة بكونه مما يعيش عادة كما ذكره المحقق وغيره تمسكا بإطلاق الروايات.

وقال بعض المتأخرين : لو علم موته حال القطع انتهى وجوبه ، وإطلاق الروايات تقتضي عدم الفرق في الجانب بين الأيمن والأيسر ، بل لا يعلم خصوص شق الجانب أيضا ، وقيده الشيخان في المقنعة والنهاية وابن بابويه بالجانب الأيسر ، وأما خياطة المحل بعد القطع فقد نص عليه المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط وأتباعهما كما ورد في هذه الرواية وإن خلا عنه غيرها ، وردها المحقق في المعتبر بالقطع وبأنه لا ضرورة إلى ذلك فإن المصير إلى البلاء : ولا يخفى أن القطع لا

١٢٩

قال فقال نعم ويخاط بطنها :

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن وهب بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد يتحرك فيتخوف عليه فشق بطنها وأخرج الولد.

وقال في المرأة يموت ولدها في بطنها فيتخوف عليها قال لا بأس أن يدخل

يضر لأن مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد وضعف التعليل ظاهر.

الحديث الثاني : ضعيف. والظاهر أنه سقط عن أبيه بعد ابن خالد كما يشهد به ما مر آنفا في الباب السابق.

قوله عليه‌السلام : « ولد يتحرك » ظاهره أن مناط الوجوب الحركة ، ويمكن أن يكون المناط العلم بالحياة ، وعبر بها عنها لأنها لا يعلم غالبا إلا بها لكن العلم بغير ذلك نادر.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » لا خلاف بين الأصحاب في وجوب التقطيع والإخراج مع الخوف على الأم ونقل فيه الشيخ في الخلاف الإجماع واستدل بهذه الرواية.

قال في المعتبر :( وهب هذا ) عامي لا يعمل بما يتفرد به ، والوجه أنه إن مكن التوصل إلى إسقاطه صحيحا بشيء من العلاجات. وإلا توصل إلى إخراجه بالأرفق ويتولى ذلك النساء فإن تعذر النساء فالرجال المحارم فإن تعذر جاز أن يتولاه غيرهم دفعا عن نفس الحي.

أقول : ضعفه منجبر بعمل الأصحاب على ما هو دأبهم وما ذكره من التفصيل لا يأبى عنه الخبر واعلم أن ظاهرقوله عليه‌السلام لا بأس : الجواز ويمكن أن يكون هذا النوع من التعبير لرفع توهم الحذر عن مباشرة الرجل ذلك على كل حال كما في قوله تعالى «فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما »(١) وقوله تعالى «فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا »(٢) ويحتمل أن يكون المراد عدم البأس مع عدم رفق النساء وإن

__________________

(١) سورة البقرة ، ١٥٨.

(٢) سورة النساء : ١٠١.

١٣٠

الرجل يده فيقطعه ويخرجه إذا لم ترفق به النساء.

(باب)

(غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن موسى ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي وزرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلى

أمكنهن الإخراج بغير رفق فلا ينافي الوجوب مع عدمهن أو عدم قدرتهن أصلا والله يعلم.

باب غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « السقط » إلخ ظاهر الأصحاب الاتفاق على وجوب تغسيل السقط إذا تمت له أربعة أشهر كما يدل عليه هذا الخبر.

قال في المعتبر لا يغسل السقط إلا إذا استكمل شهورا أربعة وهو مذهب علمائنا ، ثم استدل عليه بهذا الخبر وخبر سماعة الاتي وقال : لا مطعن على الروايتين بانقطاع سند الأولى وضعف سماعة عن سند الثانية لأنه لا معارض لهما مع قبول الأصحاب لهما ، وأما الصلاة عليه فلا وهو اتفاق علمائنا ، ثم قال : ولو كان السقط أقل من أربعة أشهر لم يغسل ولم يكفن ولم يصل عليه بل يلف في خرقة ويدفن ، ذكر ذلك الشيخان وهو مذهب العلماء.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « إذا عقل الصلاة » اعلم أن الأصحاب اختلفوا في حكم الصلاة على الطفل فذهب الأكثر ومنهم الشيخ والمرتضى وابن إدريس إلى أنه يشترط في

١٣١

عليه قال إذا عقل الصلاة قلت متى تجب الصلاة عليه فقال إذا كان ابن ست سنين والصيام إذا أطاقه.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال رأيت ابنا لأبي عبد اللهعليه‌السلام في حياة أبي جعفرعليه‌السلام يقال له : عبد الله فطيم قد درج

وجوب الصلاة عليه بلوغ الحد الذي يمرن فيه على الصلاة وهو ست سنين.

وقال : المفيد في المقنعة لا يصل على الصبي حتى يعقل الصلاة وقال ابن الجنيد : يجب على المستهل. وقال ابن أبي عقيل : لا تجب الصلاة على الصبي حتى تبلغ.

أقول : في هذا الخبر إجمال واقتصر المفيد (ره) على القول به بذكر لفظه ولم يبين المراد ويحتمل أن يكون الراوي علم أن عقل الصلاة حد التمرين ومراده بالوجوب هنا مطلق الثبوت ، أو وجوب التمرين على الولي فالمعنى أنه متى يعقل الصلاة بحيث يؤمر بها تمرينا.

فقال : إذا كان ابن ست سنين ، ويؤيده ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهماعليهما‌السلام في الصبي متى يصلي فقال : إذا عقل الصلاة قلت : متى يعقل الصلاة ويجب عليه قال : لست سنين ولو لم يكن مراد السائل ذلك يظهر من أخبار أخر أن هذا هو حد عقل الصلاة كما هو الغالب في الأطفال أيضا وسيأتي حكم تمرين الصلاة والصيام في أبوابها إن شاء الله.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « قد درج » أي كان ابتداء مشيه قال : في القاموس درج دروجا ودرجانا مشى.

قوله عليه‌السلام : « ذاك شر لك » أي كونك مولى لي شرف لك وفخر فإنكار ذلك شر لك والملعون كأنه غضب من ذلك.

قوله عليه‌السلام : « في جنازة الغلام » وفي التهذيب في جنان الغلام وما هنا هو

١٣٢

فقلت له يا غلام من ذا الذي إلى جنبك لمولى لهم فقال هذا مولاي فقال له المولى يمازحه لست لك بمولى فقال ذلك شر لك فطعن في جنازة الغلام

الظاهر ، وهو كناية عن الموت.

قال في النهاية : في حديث عليعليه‌السلام والله لود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم إلا طعن في نيطه ، يقال : طعن في نيطه أي في جنازته ومن ابتدأ في شيء أو دخله فقد طعن فيه ويروي طعن على ما لم يسم فاعله ، « والنيط نياط القلب » وهو علاقته ، وقال : في خبر ، تقول العرب إذا أخبرت عن موت إنسان رمى في جنازته لأن الجنازة تصير مرميا فيها ، والمراد بالرمي الحمل والوضع انتهى ، ويحتمل أن يكون الطعن بمعناه المعروف والجنازة كناية عن الشخص وبعض المعاصرين قرأ احتار بالحاء المهملة والتاء المثناة من فوق والراء المهملة.

قال في القاموس : الحتار من كل شيء كفافه وما استدار به وحلقة الدبر أو ما بينه وبين القبل ، أو الخط بين الخصيتين ، وريق الجفن وشيء في أقصى فم البعير انتهى.

قال : بعض أفاضل المعاصرين أظن الجميع تحريفا من النساخ وأنه طعن في حياته الغلام أي في حياة أبي جعفرعليه‌السلام أي أصابه الطاعون في حياته وعلى تقدير جنان وحتارا أيضا يكون المعنى إصابة الطاعون في ذلك المكان ، وأما كون طعن مبنيا للفاعل وعود ضميره إلى المولى أو مبنيا للمفعول ونائب فاعله المولى ففي غاية البعد لفظا ومعنى وتركيبا فإن استعمال الطعن المتعارف بمثل الرمح ونحوه في معنى الوكز ونحوه غير معروف ، ولو سلم فالمعهود المتعارف أن يقال طعنه في جنانه وحمله على الطعن بالرمح ونحوه لا يليق والمقام والذوق لا يقبلان كون المولى ضربه ضربة في ذلك المكان فمات منها أو طعنة بالرمح كذلك انتهى ولا يخفى غرابته.

١٣٣

فمات فأخرج في سفط إلى البقيع فخرج أبو جعفرعليه‌السلام وعليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء ومطرف خز أصفر فانطلق يمشي إلى البقيع وهو معتمد علي والناس يعزونه على ابن ابنه فلما انتهى إلى البقيع تقدم أبو جعفرعليه‌السلام فصلى عليه وكبر عليه أربعا ثم أمر به فدفن ثم أخذ بيدي فتنحى بي ثم قال إنه لم يكن يصلى على الأطفال إنما كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يأمر بهم فيدفنون

قوله عليه‌السلام : « في سقط » وهو معرب معروف.

قوله عليه‌السلام : « ومطرف خز » قال في القاموس : المطرف كمكرم رداء من خز مربع ذو أعلام.

وقال الجوهري : المطرف والمطرف واحد المطارف وهي أردية من خز مربعة لها أعلام. أقول : يدل الخبر على استحباب التزين ولبس الثياب الصفر.

قوله عليه‌السلام : « فكبر عليه أربعا » محمول على التقية كما مر.

قوله عليه‌السلام : « إنه لم يكن يصلي » على البناء للمجهول أي في زمن النبي وأمير المؤمنين ( صلى الله عليهما ).

قوله عليه‌السلام : « فيدفنون من وراء » في التهذيب والاستبصار من وراء وراء مكررا.

قال في النهاية في حديث الشفاعة : يقول : إبراهيم إني كنت خليلا من وراء وراء هكذا يقال مبينا على الفتح أي من خلف حجاب ، ومنه حديث معقل أنه حدث ابن زياد بحديث فقال : شيء سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو من وراء وراء ، أي ممن جاء خلفه وبعده ، ويقال : لولد الولد وراء انتهى.

أقول : الظاهر أنه على التقديرين ، كناية إما عن عدم الإحضار في محضر الجماعة للصلاة ، أو عدم إحضار الناس في إعلامهم للصلاة ، ويحتمل بعيدا أن يكون من وراء وراء بيانا للضمير في يدفنون أي كان يأمر في أولاد أولاده بذلك ، أو

١٣٤

من وراء ولا يصلي عليهم وإنما صليت عليه من أجل أهل المدينة كراهية أن يقولوا لا يصلون على أطفالهم.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران ، عن ابن مسكان ، عن زرارة قال مات ابن لأبي جعفرعليه‌السلام فأخبر بموته فأمر به فغسل وكفن ومشى معه وصلى عليه وطرحت خمرة فقام عليها ثم قام على قبره حتى فرغ منه ثم انصرف وانصرفت

يكون المراد أنه كان يفعل ذلك بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعد الأزمنة المتصلة بعصرهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيكون الغرض بيان استمرار هذا الحكم من زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الأعصار بعده ليظهر كون فعلهم على خلافه بدعة ، غاية الظهور كل ذلك خطر بالبال والأول عندي أظهر والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « كراهية أن يقولوا ».

أقول : المشهور بين الأصحاب استحباب الصلاة على من لم يبلغ ست سنين إذا ولد حيا والظاهر من هذا الخبر وكثير من الأخبار وسيأتي بعضها وعدم استحبابها قبل الست ، ويظهر منها إن ما ورد من الأمر بالصلاة قبل ذلك محمول على التقية.

فإن قيل : ظاهر هذا الخبر عدم شرعية الصلاة على غير البالغ مطلقا ولم يقل به أحد.

قلت مقتضى الجمع بين الأخبار الحمل على ما قبل الست بأن يكون اللام للعهد ، أي مثل هذه الأطفال مع أنه يمكن أن يقال إطلاق الطفل على غير البالغ مطلقا غير معلوم في اللغة والعرف القديم كما لا يخفى على من راجع كلام اللغويين واستعمالات القدماء. وبالجملة الأحوط بالنظر إلى الأخبار ترك الصلاة عليهم قبل ذلك والله يعلم.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « خمرة » قال في القاموس : الخمرة حصيرة صغيرة من

١٣٥

معه حتى إني لأمشي معه فقال أما إنه لم يكن يصلى على مثل هذا وكان ابن ثلاث سنين كان عليعليه‌السلام يأمر به فيدفن ولا يصلى عليه ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله قال قلت فمتى تجب الصلاة عليه فقال إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين قال قلت فما تقول في الولدان فقال سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنهم فقال الله أعلم بما كانوا عاملين.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن إسماعيل ، عن عثمان بن عيسى ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال سألته عن السقط إذا

السعف.

أقول : لعلهم طرحوا ليجلس عليها فلم يجلس ، وظاهر هذا الخبر استحباب القيام حتى يدفن ، ولعله محمول على التقية كما أن الصلاة أيضا كانت لها.

قوله عليه‌السلام : « متى تجب عليه الصلاة » يحتمل صلاة الجنازة وصلاة التمرينقوله عليه‌السلام : « الله علم بما كانوا عاملين » أقول سيأتي شرح هذا الكلام وتفصيل القول فيه في باب الأطفال إن شاء الله تعالى.

الحديث الخامس : موثق. إن اعتبرنا توثيق نصر بن الصباح لعلي بن إسماعيل كما حكم الشهيد الثاني بصحة خبره ، وحسن موثق إن لم نعتبره.

قوله عليه‌السلام : « إذا استوى خلقه » استدل بهذا الخبر على ما عليه الفتوى كما ذكرنا ، ولا يخفى أن الحكم فيه وقع معلقا على استواء الخلقة لا على بلوغ الأربعة إلا أن يدعى التلازم بين الأمرين وإثباته مشكل.

ثم اعلم أن ظاهر بعض الأصحاب أنه يلف في خرقة ويدفن بعد الغسل.

وأوجب الشهيد (ره) ومن تأخر عنه تكفينه بالقطع الثلاث ، وتحنيطه أيضا ، والظاهر من الخبر وجوب التكفين على ما هو المعهود لأنه المتبادر من الكفن عند الإطلاق والأحوط التحنيط أيضا لعموم الأخبار.

١٣٦

استوى خلقه يجب عليه الغسل واللحد والكفن فقال كل ذلك يجب عليه.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن مهران ، عن محمد بن الفضيل قال كتبت إلى أبي جعفرعليه‌السلام أسأله عن السقط كيف يصنع به فكتب

قوله عليه‌السلام : « واللحد » قال الجوهري : اللحد بالتسكين الشق في جانب القبر ، واللحد بالضم لغة : فيه تقول ألحدت القبر لحدا وألحدت أيضا فهو ملحد ، أقول : يمكن أن يكون هنا اسما مصدرا وظاهره وجوب اللحد للميت ، والمشهور بينهم استحبابه بل لا خلاف بينهم في ذلك.

قال في التذكرة : ويستحب أن يجعل له لحد ومعناه أنه إذا بلغ الحافر أرض القبر حفر في حائطه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت ، وهو أفضل من الشق ومعناه أن يحفر في قعر القبر شقا شبه النهر يضع الميت فيه ويسقف عليه بشيء ذهب إليه علماؤنا وبه قال : الشافعي وأكثر أهل العلم.

وقال أبو حنيفة : الشق أفضل لكل حال ، ثم قال : يستحب أن يكون اللحد واسعا بقدر ما يتمكن فيه الجالس من الجلوس انتهى.

أقول : يمكن حمل الخبر على الاستحباب المؤكد مع أن الوجوب في عرف الأخبار أعم من المعنى المصطلح والأولى عدم الترك.

الحديث السادس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « يدفن بدمه » الظاهر أن المراد أنه لا يغسل بل يدفن ملطخا بالدم ، وقيل المراد أنه يدفن معه ما فضل من الدم عن المرأة عند الولادة ولا يخفى بعده.

وحمل القوم هذا الخبر على ما إذا لم يتم له أربعة أشهر كما مر وقالوا يلف في خرقة ويدفن ، واستدلوا على حكم هذا النوع من السقط بهذا الخبر مع أنه خال عن ذكر اللف وبعضهم عبروا عن هذا النوع بمن لم يلجه الروح.

وقال : الشهيد الثاني (ره) المراد به من نقص سنه عن أربعة أشهر وقد صرح

١٣٧

عليه‌السلام إلي أن السقط يدفن بدمه في موضعه.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن سعيد ، عن علي بن عبد الله قال سمعت أبا الحسن موسىعليه‌السلام يقول إنه لما قبض إبراهيم بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جرت فيه ثلاث سنن أما واحدة فإنه لما مات انكسفت الشمس فقال الناس انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله فصعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإن انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ثم

في المعتبر أن مدار وجوب الغسل وعدمه على بلوغ أربعة أشهر وعدمه كما نقلنا عنه سابقا وهو الأظهر كما عرفت من الأخبار.

قوله عليه‌السلام : « في موضعه » لعل المراد أنه لا يلزم نقله إلى المقابر لأن ذلك حكم من ولجته الروح ومات ، بل يدفن في الدار التي وقع فيها السقط لا خصوص موضع السقط والله يعلم.

الحديث السابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « آيتان من آيات الله » أي علامتان من علاماته تدلان على وجوب القادر الحكيم وقدرته وعلمه.

قوله عليه‌السلام : « مطيعان » وفي بعض النسخ مطيعان له وهو المراد.

قوله عليه‌السلام : « لا ينكسفان لموت أحد » أي بمحض الموت ، بل إذا كان ذلك بسبب فعل الأمة واستحقوا العذاب والتخويف يمكن أن ينكسفا لذلك ، فلا ينافي ما روي في الأخبار من انكسافهما لشهادة الحسين ( صلوات الله عليه ) ولعنة الله على قاتله فإنها كانت بفعل الأمة الملعونة ، واستحقوا بذلك التخويف والعذاب بخلاف فوت إبراهيمعليه‌السلام فإنه لم يكن بفعل الأمة.

قوله عليه‌السلام : « يا علي قم فجهز ابني » لعل تقديم صلاة الكسوف هنا لتضييق

١٣٨

نزل عن المنبر فصلى بالناس صلاة الكسوف فلما سلم قال يا علي قم فجهز ابني فقام عليعليه‌السلام فغسل إبراهيم وحنطه وكفنه ثم خرج به ومضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى انتهى به إلى قبره فقال الناس إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نسي أن يصلي على إبراهيم لما دخله من الجزع عليه فانتصب قائما ثم قال يا أيها الناس أتاني جبرئيلعليه‌السلام بما قلتم زعمتم أني نسيت أن أصلي على ابني لما دخلني من الجزع ألا وإنه ليس كما ظننتم ولكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات وجعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة وأمرني أن لا أصلي إلا على من صلى ثم قال يا علي انزل فألحد ابني فنزل فألحد إبراهيم في لحده فقال الناس إنه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر

وقته ، وتوسعة وقت التجهيز على ما هو المشهور بين الأصحاب في مثله.

قال في القاموس : جهاز الميت والعروس والمسافر : « بالكسر والفتح » وما يحتاجون إليه وقد جهزه تجهيزا.

قوله عليه‌السلام : « زعمتم » أي قلتم ويطلق غالبا على القول الباطل أو الذي يشك فيه.

قال في القاموس : الزعم مثلثة ، القول الحق والباطل والكذب وأكثر ما يقال فيما يشك فيه انتهى.

قوله عليه‌السلام : « من كل صلاة » يدل على وجوب التكبيرات الخمس مع التعليل كما مر.

قوله عليه‌السلام : « إلا على من صلى » أي لزم تمرينه بالصلاة كما سيأتي تفسيره ويدل على عدم مشروعية الصلاة على من يبلغ الست بتوسط الأخبار الأخرى.

قوله عليه‌السلام : « فألحد ابني » بفتح الحاء أو بكسره من باب الأفعال في القاموس لحد القبر كمنع ، والحدة عمل له لحدا : والميت دفنه.

أقول : يدل على شرعية اللحد وعمومه للأطفال أيضا ، ويدل على عدم كراهة

١٣٩

ولده إذ لم يفعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا أيها الناس إنه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم ولكني لست آمن إذا حل أحدكم الكفن عن ولده أن يلعب به الشيطان فيدخله عند ذلك من الجزع ما يحبط أجره ثم انصرفصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٨ ـ علي ، عن علي بن شيرة ، عن محمد بن سليمان ، عن حسين الحرشوش ، عن هشام بن سالم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن الناس يكلمونا ويردون علينا قولنا إنه لا يصلى على الطفل لأنه لم يصل فيقولون لا يصلى إلا على من صلى فنقول نعم فيقولون أرأيتم لو أن رجلا نصرانيا أو يهوديا أسلم ثم مات من ساعته فما الجواب فيه فقال قولوا لهم أرأيت لو أن هذا الذي أسلم الساعة ثم افترى على إنسان ما كان يجب عليه في فريته فإنهم سيقولون يجب عليه الحد فإذا قالوا هذا قيل لهم فلو أن هذا الصبي الذي لم يصل افترى على إنسان هل

نزول مطلق ذي الرحم كما ذكره الأكثر ، وقد مر الكلام فيه ولم أر من الأصحاب من تعرض لهذا الخبر ، ويدل على كراهة نزول الوالد في قبر الولد وعدم حرمته ويدل على مطلوبية حل عقد الكفن وعلى أن الجزع الشديد يحبط الأجر وعلى الإحباط في الجملة.

الحديث الثامن : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « على من وجبت عليه الصلاة » أي لزم تمرينه ويلزم عليه بسبب التمرين ، وحاصل الجواب أن مناط وجوب الصلاة كون الميت بحيث تلزمه الصلاة ولا مدخل للفعل في ذلك ، وهذا الخبر يدل على أن ما ورد من الصلاة على الطفل الذي لم يبلغ الست محمول على التقية. وأن الصلاة عليه غير مطلوب فإنه الظاهر من قوله لا يصلي.

ويمكن أن يأول بأن المراد : عدم وجوب الصلاة عليه قبل ذلك ، بأن يكون المخالف الذي عورض في ذلك قائلا بالوجوب ، ويؤيده قوله وإنما يجب أن

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496