من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟0%

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟ مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 978-964-2501-97-7
الصفحات: 482

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف:

ISBN: 978-964-2501-97-7
الصفحات: 482
المشاهدات: 33594
تحميل: 1899

توضيحات:

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 482 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 33594 / تحميل: 1899
الحجم الحجم الحجم
من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

من هم قتلة الحسين شيعة الكوفة ؟

مؤلف:
ISBN: 978-964-2501-97-7
العربية

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فأخبروني بما قال لهم! فأطعمتهم وسقيتهم وزوّدتهم ، وخرجت معهم حتّى دللتهم على الطريق ، ثمّ رجعت إلى أهلي ، وأوصيتهم بإبلي ، ثمّ خرجت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت : ما الذي تدعو إليه؟

فقال : أدعو إلى شهادة أن لا إله إلّاالله ، وأنّي رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وحجّ البيت ، وصوم رمضان.

فقلت : إذا أجبناك إلى هذا فنحن آمنون على أهلنا ودمائنا وأموالنا؟

قال : نعم.

فأسلمت ورجعت إلى قومي فأخبرتهم بإسلامي ، فأسلم على يدي بشر كثير منهم ، ثمّ هاجرت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فبينا أنا عنده ذات يوم فقال لي : يا عمرو! هل لك أن أُريك آية الجنّة يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق؟

قلت : بلى بأبي أنت.

قال : هذا وقومه آية الجنّة ؛ وأشار إلى عليّ بن أبي طالب.

وقال : يا عمرو! هل لك أن أُريك آية النار ، يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق؟

قلت : بلى يا رسول الله بأبي أنت.

قال : هذا وقومه آية النار ؛ وأشار إلى رجل.

فلمّا وقعت الفتنة ذكرت قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ففررت من آية النار إلى آية الجنّة ، وترى بني أُميّة قاتليَّ بعد هذا؟!

١٠١

قلت : الله ورسوله أعلم.

قال : والله لو كنت في جُحْرٍ في جوف جُحْرٍ لاستخرجني بنو أُميّة حتّى يقتلوني! حدّثني به حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ رأسي أوّل رأس تحتزّ في الإسلام وتنقل من بلد إلى بلد»(١) .

وفي هذا الخبر فوائد عديدة ، لا تخفى على الباحثين.

وقال ابن كثير : «فقطع رأسه فبعث به إلى معاوية ، فطيف به في الشام وغيرها ، فكان أوّل رأس طيف به. ثمّ بعث معاوية برأسه إلى زوجته ...»(٢) .

سجن زوجة عمرو ونفيها إلى حمص

لقد كانت زوجة عمرو بن الحَمِق في سجن معاوية بالشام ، قال ابن كثير بعد العبارة السابقة : «ثمّ بعث معاوية برأسه إلى زوجته آمنة بنت الشريد وكانت في سجنه ، فأُلقي في حجرها ، فوضعت كفّها على جبينه ولثمت فمه وقالت : غيّبتموه عنّي طويلاً ثمّ أهديتموه إليّ قتيلاً ، فأهلاً بها من هدية غير قالية ولا مقلية»(٣) .

وترجم لها ابن عساكر فأورد الخبر المذكور ، ثمّ روى خبراً آخر(٤) .

__________________

(١) المعجم الأوسط ٤ / ٤١٧ ـ ٤١٨ ح ٤٠٨١ ، وانظر : مجمع الزوائد ١ / ٢٩ وج ٩ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨

(٢) البداية والنهاية ٨ / ٣٩

(٣) البداية والنهاية ٨ / ٣٩ ، وانظر : أُسد الغابة ٣ / ٧١٥ رقم ٣٩٠٦

(٤) انظر : تاريخ دمشق ٦٩ / ٤٠ ـ ٤١ رقم ٩٣٠١

١٠٢

قتل رشيد الهجري

وقتل زيادُ بن أبيه في الكوفة رشيداً الهجري

وقد ذكره علماء رجال الحديث في كتبهم وجرحوه ، وقد جمع ابن حجر كلماتهم فيه في كتاب «تعجيل المنفعة» حيث قال : «رشيد الهجري : كوفي ، روى عن أبيه ، روى عن سيف بيّاع السابري.

قال الدوري ، عن ابن معين : ليس يساوي حديثه شيئاً.

وقال البخاري : يتكلّمون فيه.

وقال النسائي : ليس بالقوي.

وقال الجوزجاني : كذّاب.

وقال ابن حبّان : كان يؤمن بالرجعة. وأسند عن الشعبي أنّه قال : زعم لي أنّه دخل على عليٍّ بعدما مات ، فأخبره بأشياء ستكون. قال : فقلت له : إنْ كنتَ كاذباً فعليك لعنة الله»(١) .

فهذه كلماتهم فيه.

وقد نصّوا على أنّ زياداً بعث إلى رشيد ، فقطع لسانه وصلبه على باب دار عمرو بن حريث(٢) .

__________________

(١) تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمّة الأربعة : ١٦٠ رقم ٣١٨.

وانظر : تاريخ يحيى بن معين ١ / ٢٦٠ رقم ١٧١٥ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٣ / ٣٣٤ رقم ١١٣٢ ، الضعفاء والمتروكين ـ للنسائي ـ : ١٠٦ رقم ٢١٠ ، أحوال الرجال ـ للجوزجاني ـ : ٤٧ رقم ١٧ ، المجروحين ـ لابن حبّان ـ ١ / ٢٩٤ ، الجرح والتعديل ـ لابن أبي حاتم ـ ٣ / ٥٠٧ رقم ٢٢٩٨

(٢) الأنساب ـ للسمعاني ـ ٥ / ٦٢٧ «الهجري» ، تاريخ دمشق ١٩ / ٢٠٠ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٧٩ ـ ٨٠ رقم ٢٧٨٧ ، لسان الميزان ٢ / ٤٦١ رقم ١٨٥٩

١٠٣

وأمّا الخبر الذي رووه عن الشعبي ، فقد اختلف لفظه عندهم زيادةً ونقيصة وغير ذلك ، ممّا يظن معه كونها مجعولةً ، ولا سيّما وأنّ الراوي هو الشعبي

ففي رواية ابن عساكر ، بسنده عن يحيى بن أبي زائدة ، عن مجالد ، قال : «قيل لعامر(١) : لِمَ تقول لأصحاب عليٍّ ما تقول وإنّما تعلّمت منهم؟!

قال : من أيّهم؟!

قيل : من الحارث الأعور ، وصعصعة بن صوحان ، ورشيد الهجري.

فقال : أمّا الحارث ، فكان رجلاً حاسباً كنت أتعلّم منه الحساب.

وأمّا صعصعة بن صوحان ، فكان رجلاً خطيباً كنت أتعلّم منه الخطب ، والله ما أفتى فينا بفتيا قطّ.

وأمّا رشيد الهجري ، فإن صاحباً لي قال : انطلق بنا إلى رشيد ؛ فأتيناه فدخلنا عليه ، فنظر إلى صاحبي ـ وكان يعرفه ـ فقال بيده هكذا ، فحرّكها ، فقال له صاحبي هكذا ، وعقد مجالد بيده ثلاثين.

فقلنا : حدّثنا يرحمك الله.

قال : نعم ، أتينا حسين بن عليّ بعدما قُتل عليٌّ فقلنا : استأذن لنا على أمير المؤمنين وسيّد المؤمنين.

قال : ذاك قد قتل.

قلت : إنّه ما قتل ، وإنّه الآن ليعرف من الديار النصل ويتنفّس بنفس الحيّ.

قال : فضحك حسين وقال : أمَا إذ علمتم هذا فادخلوا عليه

__________________

(١) وهو الشعبي

١٠٤

ولا تهيّجوه.

قال عامر : فما الذي أتعلّم من هذا أو من هؤلاء؟!»(١) .

لكنْ في «ميزان الاعتدال» ، عن «زكريّا بن أبي زائدة ، قال : قلت للشعبي : ما لك تعيب أصحاب عليٍّ وإنّما علمك منهم؟! وأمّا رشيد الهجري فإنّي أُخبركم عنه ، إنّي قال لي رجل : اذهب بنا إليه ؛ فذهبنا ، فلمّا رآني قال للرجل هكذا وعقد ثلاثين ، يقول : كأنّه منّا.

ثمّ قال : أتينا الحسن بعد موت عليّ فقلنا : أدخلنا على أمير المؤمنين.

قال : إنّه قد مات.

قلنا : لا ، ولكنّه حيّ يعرف الآن من تحت الآثار.

قال : إذ عرفتم هذا فادخلوا عليه ولا تهيّجوه»(٢) .

وفي رواية ابن حجر : «قال ابن حبّان : قال الشعبي : دخلت عليه فقال : خرجت حاجّاً فقلت : لأعهدنّ بأمير المؤمنين ؛ فأتيت بيت عليٍّ فقلت لإنسانٍ : استأذن لي على أمير المؤمنين.

قال : أَوَليس قد مات؟!

قلت : قد مات فيكم ، والله إنّه ليتنفّس الآن بنفس الحيّ.

قال : أمَا إذا عرفت سرّ آل محمّد فادخل.

فدخلت على أمير المؤمنين وأنبأني بأشياء تكون.

فقال له الشعبي : إن كنتَ كاذباً فلعنك الله.

فبلغ الخبر زياداً ، فبعث إلى رشيد الهجري ، فقطع لسانه وصلبه على

__________________

(١) تاريخ دمشق ٢٤ / ١٠٠

(٢) ميزان الاعتدال ٣ / ٧٩ رقم ٢٧٨٧

١٠٥

باب دار عمرو بن حريث»(١) .

فقارن بين الروايات في السند والمتن ، وحتّى بين رواية ابن حجر عن ابن حبّان في «تعجيل المنفعة» ، وروايته في «لسان الميزان» عنه!

وأمّا أن يكون هذا هو السبب في قتله كما هو ظاهر كلامهم : «فبلغ الخبر زياداً ...» فهذا كذب آخر ، فإنّ زياداً لمّا أحضر رشيداً أمره بالبراءة من أمير المؤمنينعليه‌السلام فلم يفعل ، فسأله عمّا أخبره به أمير المؤمنينعليه‌السلام من كيفية قتله ، فلمّا أخبره بذلك أمر بأن يقتل كذلك وهذه روايات أصحابنا :

قال الكشّي : «حدّثني أبو أحمد ـ ونسخت من خطّه ـ ، حدّثني محمّد بن عبد الله بن مهران ، قال : حدّثني محمّد بن عليّ الصيرفي ، عن عليّ بن محمّد بن عبد الله الحنّاط ، عن وهيب بن حفص الجريري ، عن أبي حيّان البجلي ، عن قنواء بنت رشيد الهجري ، قال : قلت لها : أخبريني ما سمعت من أبيك؟

قالت : سمعت أبي يقول : أخبرني أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : يا رشيد! كيف صبرك إذا أرسل إليك دعيّ بني أُميّة ، فقطع يديك ورجليك ولسانك؟

قلت : يا أمير المؤمنين! آخر ذلك إلى الجنّة؟

فقال : يا رشيد! أنت معي في الدنيا والآخرة.

قالت : فوالله ما ذهبت الأيّام حتّى أرسل إليه عبيد الله بن زياد الدعيّ ، فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنينعليه‌السلام فأبى أن يبرأ منه ؛ فقال له

__________________

(١) لسان الميزان ٢ / ٤٦١ رقم ١٨٥٩

١٠٦

الدعيّ : فبأيّ ميتة قال لك تموت؟

فقال له : أخبرني خليلي أنّك تدعوني إلى البراءة فلا أبرأ منه ، فتقدّمني فتقطع يديّ ورجليّ ولساني.

فقال : والله! لأُكذّبنّ قوله فيك.

فقدّموه فقطعوا يديه ورجليه وتركوا لسانه ، فحملتُ أطرافه يديه ورجليه ؛ فقلت : يا أبه! هل تجد ألماً لِما أصابك؟

فقال : لا يا بنيّة! إلّاكالزحام بين الناس.

فلمّا احتملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله ، فقال : إيتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم ما يكون إلى يوم الساعة!!

فأرسل إليه الحجّام حتّى يقطع لسانه ، فمات رحمة الله عليه في ليلته.

قال : وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يسمّيه «رشيد البلايا» ، وكان قد ألقى إليه علم البلايا والمنايا ، فكان في حياته إذا لقي الرجل قال له : فلان أنت تموت بميتة كذا! وتُقتل أنت يا فلان بقتلة كذا! فيكون كما يقول رشيد.

وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول : أنت رشيد البلايا ؛ أي تقتل بهذه القتلة ، فكان كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام »(١) .

وعن «جبرئيل بن أحمد ، عن محمّد بن عبد الله بن مهران ، عن أحمد بن النضر ، عن عبد الله بن يزيد الأسدي ، عن فضيل بن الزبير ، قال : خرج أمير المؤمنينعليه‌السلام يوماً إلى بستان البرني ومعه أصحابه ، فجلس تحت نخلة ، ثمّ أمر بنخلة فلقطت فأُنزل منها رطب ، فوضع بين

__________________

(١) رجال الكشّي ١ / ٢٩٠ ـ ٢٩١ ح ١٣١ ، وانظر : الاختصاص ـ للمفيد ـ : ٧٧

١٠٧

أيديهم فأكلوا ؛ فقال رشيد الهجري : يا أمير المؤمنين! ما أطيب هذا الرطب!

فقال : يا رشيد! أما إنّك تصلب على جذعها!!

فقال رشيد : فكنت أختلف إليها طرفي النهار أسقيها ؛ ومضى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال : فجئتها يوماً وقد قُطع سعفها! قلت : اقترب أجلي ؛ ثمّ جئت يوماً ؛ فجاء العريف ، فقال : أجب الأمير! فأتيته ، فلمّا دخلت القصر فإذا الخشب ملقىً.

ثمّ جئت يوماً آخر فإذا النصف الآخر قد جعل زرنوقاً يستقى عليه الماء ؛ فقلت : ما كذبني خليلي ؛ فأتاني العريف ، فقال : أجب الأمير! فأتيته ، فلمّا دخلت القصر إذا الخشب ملقىً ، وإذا فيه الزرنوق ، فجئت حتّى ضربت الزرنوق برجلي ، ثمّ قلت : لك غذّيت ولي أُنبتّ.

ثمّ أُدخلت على عبيد الله بن زياد ، فقال : هات من كذب صاحبك!

فقلت : والله! ما أنا بكذّاب ولا هو ، ولقد أخبرني أنّك تقطع يدَيّ ورجلَيّ ولساني.

قال : إذاً والله نكذّبه! اقطعوا يده ورجله وأخرجوه.

فلمّا حمل إلى أهله أقبل يحدّث الناس بالعظائم وهو يقول : أيّها الناس! سلوني! فإنّ للقوم عندي طلبة لم يقضوها.

فدخل رجل على ابن زياد ، فقال له : ما صنعت؟! قطعت يده ورجله ، وهو يحدّث الناس بالعظائم!

قال : ردّوه! وقد انتهى إلى بابه ؛ فردّوه فقطعوا يديه ورجليه ولسانه

١٠٨

وأمر بصلبه»(١) .

وعن أمالي الطوسي ، عن الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن محمّد بن يوسف بن إبراهيم الورداني ، عن أبيه ، عن وهب بن حفص ، عن أبي حسّان العجلي ، قال : لقيت أمَة الله بنت راشد الهجري ، فقلت لها : أخبريني بما سمعت من أبيك.

قالت : سمعته يقول : قال لي حبيبي أمير المؤمنين : يا راشد! كيف صبرك إلى آخر الخبر مثله(٢) .

وروى في «إعلام الورى» ، عن مجاهد ، عن الشعبي ، عن زياد بن النضر الحارثي ، قال : كنت عند زياد إذ أُتي برشيد الهجري فقال له : ما قال لك صاحبك ـ يعني عليّاًعليه‌السلام ـ إنّا فاعلون بك؟

قال : تقطعون يدَيّ ورجلَيّ وتصلبونني.

فقال زياد : أمَا والله لأُكذّبنّ حديثه! خلّوا سبيله!

فلمّا أراد أن يخرج ، قال زياد : والله ما نجد له شيئاً شرّاً ممّا قال له صاحبه! اقطعوا يديه ورجليه واصلبوه!

فقال رشيد : هيهات! قد بقي لكم عندي شيء أخبرني أمير المؤمنينعليه‌السلام به.

قال ابن زياد : اقطعوا لسانه!

فقال له رشيد : الآن والله جاء تصديق خبر أمير المؤمنينعليه‌السلام (٣) .

__________________

(١) رجال الكشّي ١ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ح ١٣٢

(٢) الأمالي : ١٦٥ ح ٢٧٦

(٣) إعلام الورى ١ / ٣٤٣

١٠٩

أقول :

الأصل في نقل الخبر الأخير المفيد في إرشاده(١) ؛ رواه عن ابن عيّاش ، عن مجاهد ، عن الشعبي ، عن زياد بن النضر الحارثي ، قال : كنت عند زياد إذ أُتي برشيد الهجري

ثمّ قال : وهذا الخبر نقله المؤالف والمخالف عن ثقاتهم عمّن سمّيناه ، واشتهر أمره عند علماء الجميع.

وروى ابن أبي الحديد ، قال : «قال إبراهيم : وحدّثني إبراهيم بن العبّاس النهدي ، حدّثني مبارك البجلي ، عن أبي بكر بن عيّاش ، قال : حدّثني المجالد ، عن الشعبي ، عن زياد بن النضر الحارثي ، قال : كنت عند زياد ، وقد أُتي برشيد الهجري ، وكان من خواصّ أصحاب عليٍّعليه‌السلام ، فقال له زياد : ما قال خليلك لك إنّا فاعلون بك؟

قال : تقطعون يدي ورجلي وتصلبونني.

فقال زياد : أما والله لأُكذِّبَنَّ حديثه ، خلّوا سبيله!

فلمّا أراد أن يخرج قال : ردّوه! لا نجد شيئاً أصلح ممّا قال لك صاحبك ، إنّك لا تزال تبغي لنا سوءاً إن بقيت ؛ اقطعوا يديه ورجليه.

فقطعوا يديه ورجليه ، وهو يتكلّم.

فقال : اصلبوه خنقاً في عنقه.

فقال رشيد : قد بقي لي عندكم شيء ما أراكم فعلتموه.

فقال زياد : اقطعوا لسانه!

__________________

(١) الإرشاد ١ / ٣٢٤ ـ ٣٢٦

١١٠

فلمّا أخرجوا لسانه ليقطع ، قال : نفّسوا عنّي أتكلّم كلمة واحدة.

فنفّسوا عنه ، فقال : هذا والله تصديق خبر أمير المؤمنين ، أخبرني بقطع لساني.

فقطعوا لسانه وصلبوه(١) .

هذا ، وقد جرى الكلام بين العلماء في كونه من الصحابة أو لا؟

فعن جماعة ـ كابن إسحاق والواقدي وابن عبد البرّ ـ أنّه من الصحابة ، وأنّه أبو عقبة رشيد الفارسي ، مولى جبير بن عتيك ، روى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشهد معه أُحداً(٢) وعن جماعةٍ آخرين إنكار ذلك والقول بالتعدّد(٣) .

وقد جرّبناهم أكثر من مرّة ، أنّهم ينكرون صحابيّة الرجل تخفيفاً للجريمة الواقعة عليه من الحكّام الظالمين ؛ والله العالم.

قتل جويرية بن مسهر العبدي

قال ابن حجر : «جويرية بن مسهر العبدي ، ويقال : ابن بشر بن مسهر ، كوفي ، روى عن عليٍّ ، وعنه الحسن بن محبوب وجابر بن الحرّ. ذكره الكشّي في رجال الشيعة وقال : كان من خيار التابعين»(٤) .

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٩٤

(٢) انظر : الاستيعاب ٢ / ٤٩٦ رقم ٧٧١ ، أُسد الغابة ٢ / ٧٠ رقم ١٦٧٨ ، الإصابة ٢ / ٤٨٥ ـ ٤٨٦ رقم ٢٦٥٧

(٣) انظر : معرفة الصحابة ـ لأبي نُعيم ـ ٢ / ١١١٩ رقم ٩٨٣

(٤) لسان الميزان ٢ / ١٤٤ رقم ٦٣٤ ، وانظر : رجال الكشّي ١ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣ رقم ١٦٩

١١١

ولم يُشر ابن حجر إلى مقتله على يد زياد.

قال ابن أبي الحديد : وروى إبراهيم بن ميمون الأزدي ، عن حبّة العرني ، قال : كان جويرية بن مسهر العبدي صالحاً ، وكان لعليّ بن أبي طالب صديقاً وكان عليٌّ يحبّه ؛ ونظر إليه يوماً وهو يسير فناداه : يا جويرية! الحق بي ، فإنّي إذا رأيتك هويتك.

قال إسماعيل بن أبان : فحدّثني الصباح ، عن مسلم ، عن حبّة العرني ، قال : سرنا مع عليٍّعليه‌السلام يوماً ، فالتفت فإذا جويرية خلفه بعيداً فناداه : يا جويرية! الحق بي لا أبا لك ، ألا تعلم أنّي أهواك وأُحبّك!

قال : فركض نحوه ، فقال له : إنّي محدّثك بأُمور فاحفظها.

ثمّ اشتركا في الحديث سرّاً ، فقال له جويرية : يا أمير المؤمنين! إنّي رجل نسيّ.

فقال له : إنّي أُعيد عليك الحديث لتحفظه.

ثمّ قال له في آخر ما حدّثه إيّاه : يا جويرية! أحبب حبيبنا ما أحبّنا ، فإذا أبغضنا فابغضه ، وابغض بغيضنا ما أبغضنا ، فإذا أحبّنا فأحبّه.

قال حبّة : دخل جويرية على عليٍّعليه‌السلام يوماً ، وهو مضطجع ، وعنده قوم من أصحابه ، فناداه جويرية : أيّها النائم! استيقظ ، فلتضربنّ على رأسك ضربة تخضب منها لحيتك.

قال : فتبسّم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقال : وأُحدّثك يا جويرية بأمرك ، أمَا والذي نفسي بيده ، لتعتلنّ إلى العتلّ الزنيم ، فليقطعنّ يدك ورجلك وليصلبنّك تحت جذع كافر.

قال : فوالله ما مضت إلّاأيّام على ذلك حتّى أخذ زياد جويرية ، فقطع

١١٢

يده ورجله وصلبه إلى جانب جذع ابن مكعبر ، وكان جذعاً طويلاً ، فصلبه على جذع قصير إلى جانبه(١) .

وقال الشيخ المفيد في أحوال الإمام أمير المؤمنين ، في فصل إخباره بالغائبات : «ومن ذلك : ما رواه العلماء : إنّ جويرية بن مسهر وقف على باب القصر فقال : أين أمير المؤمنين؟ فقيل له : نائم ؛ فنادى : أيها النائم استيقظ! فو الذي نفسي بيده ، لتضربنَّ ضربةً على رأسك تخضب منها لحيتك كما أخبرتنا بذلك من قبل.

فسمعه أمير المؤمنينعليه‌السلام فنادى : أقبل يا جويرية حتّى أُحدّثك بحديثك. فأقبل ، فقال : وأنت والذي نفسي بيده ، لتعتلنَّ إلى العتلّ الزنيم ، وليقطعنّ يدك ورجلك ، ثمّ ليصلبنّك تحت جذع كافر.

فمضى على ذلك الدهر ، حتّى ولّي زياد في أيّام معاوية ، فقطع يده ورجله ، ثمّ صلبه إلى جذع ابن مكعبر ، وكان جذعاً طويلاً فكان تحته»(٢) .

الحضرميّان

وممّن قتلهم زياد بن أبيه في الكوفة الحضرميّان ، وهما :

عبد الله بن نجي الحضرمي الكوفي.

ومسلم بن زيمر الحضرمي الكوفي.

قال ابن حبيب : «وصلب زياد بن أبيه مسلم بن زيمر وعبد الله بن

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٢ / ٢٩٠ ـ ٢٩١

(٢) الإرشاد ١ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣

١١٣

نجيّ الحضرميّين على أبوابهما أيّاماً بالكوفة ، وكانا شيعيّين ، وذلك بأمر معاوية ، وقد عدّهما الحسين بن عليّ رضي الله عنهما على معاوية في كتابه إليه : ألستَ صاحب حُجر والحضرميّين اللذين كتب إليك ابن سميّة أنّهما على دين عليٍّ ورأيه. فكتبت إليه : مَن كان على دين عليٍّ ورأيه فاقتله ومثّل به ؛ فقتلهما ومثّل بأمرك بهما؟! ...»(١) .

أمّا مسلم المذكور ، فلم نجد له ـ فعلاً ـ ترجمةً

وأمّا عبد الله بن نجيّ ، فمن رجال النسائي وأبي داود وابن ماجة ، ترجم له في تهذيب الكمال فقال : «كان أبوه على مطهرة عليّ». ثمّ ذكر روايته عن عليّ والحسين وحذيفة بن اليمان وعمّار بن ياسر(٢) .

تسيير الآلاف من الكوفة إلى خراسان

وكان من إجراءات زياد بن أبيه في الكوفة أنْ سيّر آلافاً من أهل الكوفة ـ وفيهم بعض الرجالات ـ بعيالاتهم إلى خراسان

قال البلاذري : «ثمّ ولّى زيادُ بن أبي سفيان الربيعَ بن زياد الحارثي سنة إحدى وخمسين خراسان ، وحوّل معه من أهل المصرين ـ يعني الكوفة والبصرة ـ زهاء خمسين ألفاً بعيالاتهم ، وكان فيهم بريدة بن الحصيب الأسلمي أبو عبد الله ، وبمرو توفّي أيّام يزيد بن معاوية ، وكان أيضاً أبو برزة الأسلمي عبد الله بن نضلة ، وبها مات ، وأسكنهم دون النهر.

__________________

(١) المحبَّر : ٤٧٩ لمحمّد بن حبيب البغدادي ، المتوفّى سنة ٢٤٥ ؛ انظر : ترجمته في تاريخ بغداد ٢ / ٢٧٧ رقم ٧٥١

(٢) تهذيب الكمال ١٠ / ٥٨٦ رقم ٣٥٩٧

١١٤

والربيعُ أوّل مَن أمر الجندَ بالتناهد ، ولمّا بلغه مقتل حُجر بن عديّ الكندي غمّه ذلك ، فدعا بالموت ، فسقط من يومه فمات ، وذلك سنة ثلاث وخمسين ، واستخلف عبد الله ابنه ...»(١) .

وروى الطبري ، أنّه لمّا بلغه خبر حُجر قال : «لا تزال العرب تُقتل صبراً بعده ، ولو نفرت عند قتله لم يُقتل رجل منهم صبراً ، ولكنّها أقرّت فذلّت»(٢) .

وفي هذا الخبر قرائن على أنّ الّذين سيّرهم كانوا كلّهم أو كثيرٌ منهم من الموالين لأهل البيتعليهم‌السلام ؛ ثمّ هل يصدّق الخبر بأنّه دعا بالموت فسقط فمات بصورة طبيعيّة؟!

آخر ما عزم زياد على فعله

قالوا : وكان آخر ما عزم على فعله زياد في الكوفة سنة ثلاث وخمسين هو : أن جمع الناس ، فملأ منهم المسجد والرحبة والقصر ، ليعرضهم على البراءة من عليّ ، فمن أبى ذلك عرضه على السيف(٣) .

__________________

(١) فتوح البلدان : ٤٠٠ ـ ٤٠١

(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٢٤٠ حوادث سنة ٥٣ ه

(٣) انظر : مروج الذهب ٣ / ٢٦ ، تاريخ دمشق ١٩ / ٢٠٣

١١٥
١١٦

الفصل الثالث :

الإجراءات في الشام والحجاز

١١٧
١١٨

وشرع معاوية ـ بعد الصلح مع الإمام الحسنعليه‌السلام ـ يمهّد الطريق لولاية يزيد ، وسعى جاهداً للوصول إلى هذا الهدف ، واستخدم لذلك الوسائل كافّة حتّى اللامشروعة منها ، وفي ما يلي نماذج ممّا ارتكبه في هذا السبيل :

١ ـ الاغتيال

لقد كان معاوية على علمٍ بعدم نجاح الفكرة ما لم يقض على الإمام الحسن وعدّة من الشخصيات وعلى عائشة بنت أبي بكر

سمّ سعد بن أبي وقّاص

وكيف تصفو الحكومة ليزيد مع وجود سعد بن أبي وقّاص ، وهو أحد العشرة المبشّرة الّذين مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو عنهم راض ، في ما يروون ، وهو أحد الستّة أصحاب الشورى؟!

لقد كان سعد يعارض معاوية في بعض القضايا ولا يخضع له ، فكيف يرضى بولده يزيد ، أو يسكت عنه في الأقلّ؟! إنّه لم يجد بدّاً من أنْ يدسّ إليه السمّ ، ويقضي عليه بهذه الطريقة ويستريح منه

١١٩

فقد ذكر أبو الفرج الأصفهاني بترجمة الإمام الحسنعليه‌السلام : «ودسّ معاوية إليه حين أراد أن يعهد إلى يزيد بعده ، وإلى سعد بن أبي وقّاص سمّاً ، فماتا منه في أيّام متقاربة»(١) .

وروى بإسناده عن أبي حفص الأبّار ، عن إسماعيل بن عبد الرحمن ، قال : «وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد ، فلم يكن شيء أثقل من أمر الحسن ابن عليّ وسعد بن أبي وقّاص ، فدسَّ إليهما سمّاً فماتا منه»(٢) .

وبإسناده عن شعبة ، عن أبي بكر بن حفص ، قال : «توفّي الحسن بن عليّ وسعد بن أبي وقّاص في أيّام ، بعدما مضى من إمارة معاوية عشر سنين ، وكانوا يرون أنّه سقاهما سمّاً»(٣) .

سمّ عائشة

وعائشة أيضاً من المعارضين دخل معاوية عليها دارها وقال لها في كلامٍ له : «وإنّ أمر يزيد قضاء من القضاء ، وليس للعباد الخيرة من أمرهم ، وقد أكّد الناس بيعتهم في أعناقهم وأعطوا عهودهم على ذلك ومواثيقهم ، أفترين أن ينقضوا عهودهم ومواثيقهم؟!

فلمّا سمعت ذلك عائشة ، علمت أنّه سيمضي على أمره فقالت : أمّا ما ذكرت من عهود ومواثيق ، فاتّق الله في هؤلاء الرهط ولا تعجل عليهم ، فلعلّهم لا يصنعون إلّاما أحببت»(٤) .

__________________

(١) مقاتل الطالبيّين : ٦٠ رقم ٤

(٢) مقاتل الطالبيّين : ٨٠ ، وعنه شرح نهج اليلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٦ / ٤٩

(٣) مقاتل الطالبيّين : ٨١ ، وعنه شرح نهج اليلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٦ / ٤٩

(٤) الإمامة والسياسة ١ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦

١٢٠