شرح زيارة عاشوراء

شرح زيارة عاشوراء0%

شرح زيارة عاشوراء مؤلف:
المحقق: الشيخ يوسف أحمد الأحسائي
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
ISBN: 978-964-8438-50-5
الصفحات: 290

شرح زيارة عاشوراء

مؤلف: الشيخ أبي المعالي الكلباسي
المحقق: الشيخ يوسف أحمد الأحسائي
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
تصنيف:

ISBN: 978-964-8438-50-5
الصفحات: 290
المشاهدات: 23388
تحميل: 2241

توضيحات:

شرح زيارة عاشوراء
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 290 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23388 / تحميل: 2241
الحجم الحجم الحجم
شرح زيارة عاشوراء

شرح زيارة عاشوراء

مؤلف:
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
ISBN: 978-964-8438-50-5
العربية

الإيراد على كلام العلّامة المشار إليه في «البحار» بوجوه

ويتطرق الإيراد ، مضافاً إلى ما يظهر مما ذكر من عدم وجاهة الوجه السادس ، بوجوه :

فأوّلاً : بأن قوله (وقلت) على تقدير ثبوت الواو معطوف على قوله (وصيلت) ، ولا يتأتى كونه عطفاً على قوله (تومئ) ، لما سمعت من عدم دخول أن المصدرية على الفعل الماضي ، والظاهر أن المقصود بالإيماء هو الإيماء المستفاد من قوله (تومئ) ، فالظاهر اتحاد السلام والقول ، إذ لو اتحد ظرف ما يقال عند الإيماء أعني القول المذكور والسلام ، فالظاهر اتحاد المظروف ، ولا مجال لكون الواو حالية لما مرّ من دخول الواو الحالية على الجملة الإسمية أو الفعلية ، فالوجه الثاني غير متجه.

وثانياً : بأن التجزئة بأقسامها خلاف الظاهر فاحتمالها ضعيف الحال ، بل الاحتمال من ركيك الخيال ، لظهور القول في تمام القول بلا مقال وغلبة العطف بالواو فضلاً عن غيرها فيما يتم الكلام في المعطوف عليه ، فالظاهر من صور العطف بالواو هو الإتيان بالزيارة كاملة قبل الصلاة وبعدها ، لكن لعل الظاهر سقوط الواو أصح.

وثالثاً : بأن الظاهر ، بل بلا كلام أن المدار في وجوه التجزئة على اتحاد السلام والقول ، ولا خفاء في اطراد تلك الوجوه مع اختلاف السلام والقول ، فكان المناسب ، بل اللازم عليه أن يزيد أربعة احتمالات أخرى في التجزئة مع اختلاف السلام والقول استيفاء للاحتمالات المتطرقة في المقام لكونه في مقام الاستيفاء.

تلخيص المقال في باب ذيل رواية كامل الزيارة

وقد تحصل فيما مرّ أنه على تقدير انتفاء الواو يكون الظاهر اتحاد الإيماء والسلام ، فيكون المدار على الإيماء بالسلام بأي نحو كان والصلاة والزيارة ،

٦١

وعلى تقدير ثبوت الواو فالظاهر من القول تمام القول ، فالمدار على الإتيان بالزيارة قبل الصلاة وبعدها ، والأوّل هو الوجه الثاني من الوجوه المذكورة في «البحار» والثاني هو الوجه الأوّل.

قوله(١) : «ولعل الأحوط فعل الصلاة في المواضع المحتملة» ، يأتي شرح هذا الكلام في أول التنبيهات إن شاء الله.

وقد علمت فيما تقدم أن ذيل رواية كامل الزيارة وذيل رواية «المصباح» على الأظهر كما يظهر مما مرّ متوافقان على تقدم الصلاة بخلاف صدريهما وفعل صفوان المروي عن الصادق عليه السلام فإن مقتضاها تقدم الزيارة.

وعمدة الكلام في المقام إنما هو شرح حال هذا المرام أعني تقدم الصلاة أو الزيارة ، وهذا الحديث قد أعيى الأنظار وأعقم القرائح ، ولعل الأرجح(٢) القول بتقدم الزيارة لزيادة روايته(٣) على رواية تقدم الصلاة بواحدة ، بناء على كفاية

__________________

(١) أي قول صاحب البحار.

(٢) قوله: «ولعلّ الأرجح تقدّم الزيارة» قد حكى العلّامة السبزواري في مفاتيح النجاة أنّ بعض العلماء زعم تقدّم صلاة الزيارة على الزيارة هاهنا ، يعني المكان البعيد والصحيح والمشهور تأخّرها.

(٣) قوله: «لزيادة روايته» ربّما يؤيّد القول بتقدّم الصلاة تقدّم الصلاة فيما ورد في زيارة سيّد الشهداء عليه السلام مطلقاً من دون اختصاص بيوم عاشوراء بالبعيد ، أو يكون التأييد في صورة البعيد بناءً على عموم زيارة عاشوراء للقريب والبعيد ، حيث روي في الكافي والتهذيب: بالإسناد عن ابن أبي عمير ، قال: «قال أبو عبدالله عليه السلام: إذا بعدت بأحدكم الشقّة، ونأت الدار، فليصعد أعلى منزله، وليصلِّ الركعتين، وليوم بالسلام إلى قبورنا، فإنّ ذلك يصل إلينا».

ورواه في الفقيه مرسلاً عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، وتأتي الرواية المذكورة في المتن. منه رحمه الله.

٦٢

الواحدة في الترجيح ، ولا يبعد القول به في مثل المقام ، وأن لا يتأتى الترجيح بها فيما تعارض أربعون رواية من الطرفين مثلاً وزاد إحداهما بواحدة ، نعم المنافاة بين الذيلين في باب اعتبار التكبير ورواية «المصباح» دون كامل الزيارة ، كما أنه تأتي المنافاة بينهما لو كان قوله عليه السلام : «فقل » في رواية «المصباح» معطوفاً على قوله عليه السلام : «تومئ » لاقتضائه تأخر الصلاة عن الزيارة ، بخلاف قوله : «وقلت» في رواية كامل الزيارة لاقتضائه تأخر الزيارة ، وأما ما اقتضاه رواية محمّد بن المشهدي من خلو الزيارة عن الصلاة فهو شاذ.

فيما جرى عليه بعض الأعلام(١) مع الكلام فيه

ولا يذهب عليك أن ما ذكرنا من توافق الذيلين(٢) على تقدم الصلاة إنما يبتنى على كون قوله عليه السلام : «فقل » في رواية «المصباح» جواباً للشرط كما هو الظاهر ، لكن جرى بعض الأعلام على طرح الاتحاد بينه وبين الصدر بجعله معطوفاً على : «أن تومئ» وجعل جواب الشرط قوله عليه السلام : «فإنّك إذا قلت » ، انتهى.

لكنك خبير بما فيه من مخالفة الظاهر غاية المخالفة وركاكة المعنى كمال الركاكة ، بعد صحة عطف الإنشاء على الإخبار.

لكن قد يقال : إن من تتبع الأحاديث رأى كثيراً منها لم يلاحظ فيه القواعد المقررة في علم العربية ، إما لعدم معرفة الراوي ذلك على وجهه أو لكون المراد ما يؤدي المعنى من غير تدقيق في ذلك ، وهاهنا لما كان مقام الآمر بهذا غير الرواي بقوله عليه السلام : «فقل » والظاهر أن هذا المقال مبني على النقل بالمعنى ، وإن أمكن أطراد الوجه الثاني من الوجهين المذكورين في ذلك المقال في النقل باللفظ.

__________________

(١) لم نعثر عليه.

(٢) يعني: ذيل رواية المصباح ، وذيل رواية كامل الزيارة.

٦٣

لكن نقول : إن مجرّد كون الآمر في المقام من باب أحد الوجهين لا يوجب الظن بالجمع ، بل لو انفتح ذلك الباب ينسد باب التعارض لإمكان حمل أحد المتعارضين أو كليهما على ما لا يوافق القواعد المقررة في علم العربية رفعاً للتعارض وقصداً للجمع ، بل ينسد أبواب الاستدلال بالأخبار الخالية عن التعارض لاحتمال كون المراد ما لا يوافق القواعد المشار إليها ، فتدبر.

فالمنافاة بين الصدر والذيل لم يثبت ارتفاعه ، بل ما لم يلاحظ فيه القواعد المشار إليها أقل مما لوحظ فيه تلك القواعد بمراتب كثيرة فالمشكوك فيه يلحق بالغالب ، فعلى هذا يثبت المنافاة ويتأتى الظن بها.

والبعض المذكور من الأعلام جرى أيضاً على كون قوله عليه السلام : «وقلت » في رواية كامل الزيارة معطوفاً على قوله عليه السلام : «يومئ » ، وهذا لا يوجب رفع التعارض بين الصدر والذيل ، لكنه جرى على طرح الاتحاد أيضاً بأن الصدر والذيل في هذه الرواية لاقتضاء وحدة الحديث وحدة المراد منه ، بجعل قوله : «وقلت » معطوفاً على قوله : «تومئ ».

ودعوى : أن الركعتين إما أن يكون المراد منه التكبير إطلاقاً لاسم الكل على الجزء والقرينة ما في «المصباح» أو وقع سهواً من قلم الناسخ ، والأصل بعد التكبير سواء كان مع ذكر الواو ، أي مع «من» والمعنى على الثاني «إذا أنت صليت الركعتين بعد أن تومئ إليه بالسلام» بإتيان الإيماء في ضمن هذا القول من بعد التكبير ، وعلى الأوّل : «إذا أنت صلّيت الركعتين بعد هذا القول وبعد التكبير يكون لك ذلك الثواب الجزيل» ، فأورد السؤال بأن وحدة المراد وإن كانت مسلمة لكنها كما تحقق بإرجاع ما في كامل الزيارة إلى ما في «المصباح» كذلك تتحقق بالعكس ، بأن يكون المراد من التكبير على ما في «المصباح» الركعتين تسمية للكل باسم الجزء.

فأجاب : بأن حمل التكبير على ما في «المصباح» على الركعتين غير صحيح ،

٦٤

لوجوه :

منها : أن صدر الحديث نص في أن الركعتين بعد الإيماء بالسلام وبعد المبالغة في اللعن على قاتله ، وأن ظاهر من صدره أن مطلق الإيماء إليه عليه السلام بالسلام بأي لفظ كان ، وكذا الحال في المبالغة في اللعن على قاتله صلوات الله عليه يتأتى به الامتثال وأنه كاف في ترتب الأجر والثواب ، وأن الظاهر من سياقه أن علقمة لما سمع ذلك منه عليه السلام استدعى منه قولاً مخصوصاً يأتي به في مقام الإيماء ذلك واللعن على قاتله الذين دل صدره على كونهما مقدمين على الركعتين لوضوح أن ما بيَّنه عليه السلام كان أكمل وأفضل وذلك يقتضي أن يكون ما علّمه عليه السلام إياه قبل الركعتين لا بعدهما ، وحمل التكبير في كلامه على الركعتين مناف لذلك كما لا يخفى ، فعلى هذا يكون ما علّمه عليه السلام من قوله : «السلام عليك يا أبا عبد الله» ، وكذا التسليم مائة مرة مقام مطلق الإيماء المذكور في صدره لكنه فرد كامل ، ويكون اللعن مائة مرة ، وكذا ما اشتمل عليه الصدر المذكور بقول : «السلام عليك يا أبا عبد الله» من اللعن على قاتله ومؤسسه ، وكذا قوله : «اللهم خص أنت أول ظالم باللعن مني ...» إلى آخره مقام مطلق اللعن المدلول عليه بذلك ، وهو أيضاً فرد كامل منه.

ومنها : أن المدلول عليه بصدر الحديث أن المعتبر في تلك الزيارة هو الإيماء إليه صلوات الله عليه بالسلام والمبالغة في اللعن على قاتله عليه السلام ، ثم الركعتان ، فلو حملنا التكبير في كلامه عليه السلام على الركعتين يكون المدلول عليه بذلك أن القول الذي علّمه إنما يكون بعدهما ، وأما قبلهما فلا يكون إلّا مطلق الإيماء بالسلام ، وأما اللعن على قاتله عليه السلام فلا مطلقاً ، فلاحظ الحديث مع دقة النظر حتى يتضح لك الحال وينكشف لك سر المقال.

ومنها : أن مقتضى هذا الحمل أن يكون المعتبر في تلك الزيارة الإيماء إليه بالسلام قبل الركعتين وبعدهما ، مع أن المدلول عليه بصدره هو أن المعتبر في ذلك

٦٥

هو الإيماء إليه بالسلام قبلهما.

ومنها : أنه لو حمل التكبير على ما في «المصباح» على الركعتين يكون مدلول الحديث حينئذٍ أن يكون القول الذي عملّه عليه السلام بأسره بعدهما ، واللازم باطل ، أما الملازمة فظاهر إذ القول في قوله : «هذا القول» إشارة إلى ما علّمه عليه السلام من قوله عليه السلام : «السلام عليك يا أبا عبد الله ...» إلى آخره واللعن مائة مرة والتسليم كذلك.

فتقدير الكلام حينئذٍ هكذا : «إذا أنت صليت الركعتين بعد أن تومئ إليه بالسلام فقل عند الإيماء إليه عليه السلام من بعد الركعتين هذا القول» ، وأما بطلان اللازم فلقضية سيف بن عميرة مع صفوان في رواية الشيخ المتقدّمة ، حيث إن سيف بن عميرة حكى عن صفوان أنه صلى ركعتين بعد الزيارة ، وظاهر الحكاية أن فعل صفوان كان مطابقاً لما فهمه من كلام أبي جعفر عليه السلام والذي رواه عن علقمة في رواية كامل الزيارة والشيخ ، إلّا أنه كان الخلاف في الدعاء الذي دعا به صفوان بعد الصلاة ، فمقتضى ما فهمه سيف بن عميرة من كلام أبي جعفر عليه السلام تأخر الركعتين عن الزيارة ، وهو ينافي حمل التكبير على الركعتين لاقتضائه تأخر الزيارة عن الركعتين.

هذا كله في بيان المرجّحات لحمل التكبير في عبارة «المصباح» على ظاهره وعدم صحة حمله على الركعتين ، فلا بد من حمل الركعتين في عبارة الكامل على التكبير لما عملت من وحدة الحديث المستلزمة لوحدة المراد ، مضافاً إلى ما في حمل الركعتين على ظاهرهما في عبارة الكامل من الفساد فضلاً عما عرفته من الأوجه السالفة وذلك لأنّ «قلت» في قوله : «وقلت عند الإيماء إليه» عطف على «تومئ» في قوله : «بعد أن تومئ إليه بالسلام» ، وحينئذ مع ذكر الواو يكون مدلول الكلام الإيتان بذلك القول قبل الركعتين وبعدهما ، إذ التقدير حينئذ يكون هكذا : «إذا أنت صليت الركعتين بعد أن تومئ إليه بالسلام وقلت عند الإيماء إليه هذا القول» ، وكذا قلته بعد الركعتين يكون لك كذا ، وهو مما لا يلتزم به لكونه مخالفاً

٦٦

لصدر الحديث وذيله ، أي حكاية سيف بن عميرة مع صفوان ، كما لا يخفى ، وهكذا الحال فيما إذا كان «قلت» عطفاً على فعل الشرط ، أي صليت ، هذا على تقدير ذكر الواو ، وأما على تقدير ذكر كلمة «من» فكذلك أيضاً.

قوله : «منها أن صدر الحديث نص» ، انتهى.

الظاهر أن كلاً من قوله : «وأن الظاهر من صدره» وقوله : «وأن الظاهر من سياقه» معطوف على قوله المذكور أعني قوله : «إن صدر الحديث» ، أو قوله : «وإن الظاهر من صدره» معطوف على قوله : «إن صدر الحديث» وقوله : «وإن الظاهر سياقه» معطوف على قوله : «إن الظاهر من صدر الحديث» ، والوجهان مبنيان على أن كلاً من المعطوف في المعطوف المتعدد معطوف على المعطوف عليه الأوّل ، أو المعطوف الأوّل معطوف على ما عطف عليه ، والمعطوف الثاني على المعطوف الأوّل.

وهكذا قد حكى الأولَ شيخُنا البهائي في بعض كلماته عن بعض النحاة.

وعلى أي حال مقتضاه استقلال كل من الفقرات الثلاث في ممانعة حمل التكبير على الركعتين ، مع أن الاستدلال بالمجموع ، فكان المناسب أن يقول : والظاهر من صدر الحديث ، وكذا يقول : والظاهر من سياقه.

اللهم إلّا أن يكون «أن» في قوله : «وأن الظاهر من صدره» ، وكذا في قوله : «وأن الظاهر من سياقه» بالكسر(١) .

لكنه خلاف الظاهر.

وتقريب الاستدلال : أن صدر الحديث نصٌ على تأخر الصلاة عن الإيماء ، والظاهر من صدر الحديث كفاية مطلق الإيماء واللعن ، والظاهر من سياق الحديث

__________________

(١) أي تكون «إن» وليس «أن» في كلا الموردين.

٦٧

أن علقمة لما سمع المضمون المذكور النص في تأخر الصلاة عن الإيماء ، والظاهر في كفاية مطلق الإيماء واللعن استدعى دعاء يدعوا به عند الإيماء ودعاء يلعن به ، فأجاب بما أجاب ، فالجواب مبني على بيان فرد أكمل ، فلابد من تقديم الإيماء واللعن على الركعتين أيضاً قضية كون الجواب بياناً للفرد الأكمل على الوجه المتقدم ، والمفروض في الوجه المتقدم تقدم الإيماء واللعن ، ولو حمل التكبير على الركعتين فلابد من كون الإيماء المذكور في الجواب متأخراً عن الركعتين ، وهو خلاف المفروض في الوجه المتقدم ، فيتأتى التنافي بين الصدر والذيل ، إذ مدلول الصدر تقدم الإيماء على الركعتين ومدلول الذيل تقدم الركعتين ، فلا مجال لحمل التكبير على الركعتين ، والمانع منه موجود بخلاف الركعتين على التكبير ، فإنه لا مقتضي يقتضيه.

لكن نقول :

أوّلاً : إن الوجه المذكور مبني على أمرين :

أحدهما : حضور علقمة في مجلس مخاطبة أبي جعفر عليه السلام لعقبة ، ويرشد إليه قول عقبة : «أدعوا به في ذلك اليوم» قضية الإشارة ، حيث إن الظاهر كونها إشارة إلى اليوم المسبوق في المخاطبة ، ويرشد إليه أيضاً الفاء في قوله : «فقلت» في رواية «كامل الزيارة» ، حيث إن مقتضاها كون السؤال عقيب المخاطبة.

إلّا أن يقال : إن المخاطبة في رواية كامل الزيارة كانت مع مالك الجهني أو مع علقمة وكون سؤال علقمة بعد مخاطبة أو بعد مخاطبة مالك لا يقتضي ولا يقضي كون سؤال علقمة بعد مخاطبة والده أيضاً ، نعم بناءً على كون الراوي في رواية «المصباح» عن أبي جعفر عليه السلام هو علقمة كما هو مقتضى أحد الطريقين يتأتى إرشاد الفاء في قوله : «فقلت» في رواية «كامل الزيارة» ، وأما لو كان الراوي هو مالك الجهني كما هو مقتضى الطريق الآخر فلا يتأتى الإرشاد.

٦٨

وثانيهما : موافقة الذيل للصدر في رواية «المصباح» بكون قوله : «فقل» معطوفاً على قوله : «أن تومئ» ، وانحصار ما يقتضي تقدم الصلاة على الزيارة في ذيل رواية «كامل الزيارة» ، إذ لو كان قوله : «فقل» جواباً للشرط فمقتضاه أيضاً تقدم الصلاة على الزيارة ، وهذا ينافي صدر هذه الرواية ، أعني رواية «المصباح» أيضاً ، كما أنه ينافي صدر رواية «كامل الزيارة» ، وكذا فعْل صفوان المروي في «المصباح» ، فلا يختص المنافاة بين صدر رواية «المصباح» وذيلها بحمل التكبير على الركعتين.

لكن يندفع الوجه الثاني بما تقدم من أن الظاهر كون قوله : «فقل» جواباً للشرط ، فبحمل الركعتين على التكبير لا ينافي الجمع بين رواية «كامل الزيارة» صدراً وذيلاً وكذا رواية «المصباح» صدراً وذيلاً وكذا فعل صفوان.

وأما الوجه الأوّل فتحقيق الحال وتفصيل المقال : أن مقتضى أول طريقي «كامل الزيارة» أن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة رويا عن علقمة أن مولانا أبا جعفر عليه السلام قال مخاطباً إليه ما قال ، إلى أن روى سيف بن عميرة وصالح بن عقبة عن علقمة أنه سأل من أبي جعفر عليه السلام ، فأجاب أبو جعفر عليه السلام بما أجاب ، وعلى هذا يمكن أن يكون الأمر باتحاد مجلس مخاطبة أبي جعفر عليه السلام مع مالك وسؤال علقمة عن أبي جعفر عليه السلام وجوابه عنه ، كما ربما يرشد إليه الإشارة في سؤال علقمة بقوله : «في ذلك اليوم» لظهوره في سبق اليوم في المخاطبة ، ويرشد إليه أيضاً الفاء في قول علقمة : «فقلت» إذ مقتضاه كون السؤال عقيب المخاطبة ، وكذا اتحاد مجلس نقل مالك واقعته مع نقل علقمة ما وقع له من السؤال والجواب بأن كان سيف بن عميرة وصالح بن عقبة حاضرين في مجلس حضر فيه مالك وعلقمة ، فروى مالك واقعته فروى علقمة ما وقع له بعد واقعة مالك ، وهذا لا بأس به ، لكن انفراد صالح في نقل واقعة مالك وانضمام سيف بن عميرة في نقل واقعة علقمة بعيد ، فالظاهر سقوط سيف بن عميرة في نقل الطريق ، أي نقل واقعة مالك.

اللّهمّ إلّا أن يكون سيف بن عميرة غير حاضر عند نقل مالك قضيته وحضر عند

٦٩

نقل علقمة ما وقع له ، أو كان حضر في أواسط نقل مالك واقعته فلم ينقل [إلّا] ما حضر نقله وسمعه لعدم النفع في نقله.

ويمكن أن يكون الأمر باختلاف المجلس الأوّل مجلس نقل مالك مغاير مع مجلس نقل علقمة مع اتحاد المجلس الثاني بأن يكون مجلس مخاطبة أبي جعفر عليه السلام مع مالك مغايراً مع مجلس سؤال علقمة عنه وجوابه عنه ، لكن مجلس نقل مالك مغايراً مع مجلس نقل علقمة ، وهذا مخالف لظاهر الإشارة والعطف بالفاء في «فقل» مضافاً إلى ما فيه من حديث ، بعد اختلاف حال سيف بن عميرة وصالح بن عقبة بالانضمام في المجلس الثاني والانفراد في المجلس الأوّل.

ويمكن أن يكون الأمر باختلاف المجلس الثاني مع اتحاد المجلس الأوّل بأن كان مالك نقل واقعته من دون نقل ما تقدم على واقعته من واقعة علقمة ، وكذا نقل علقمة في مجلسٍ آخر واقعته من دون نقل ما تقدم على واقعته من واقعة مالك مع اتحاد مجلس مخاطبة أبي جعفر عليه السلام مع مالك وسؤال علقمة من أبي جعفر عليه السلام.

وهذا بعيد ، إذ المدار في نقل الأخبار على اتصال الفوائد ، فكيف أمسك مالك عن نقل ما وقع بعد واقعته وأمسك علقمة عن نقل ما تقدم على واقعته ، بل بناء الناس في النقل والحكاية على استيفاء تمام الواقعة ولو في الواقع العرفية ، فالإمساك عن صدر الواقعة أو ذيلها مخالف للطريقة المتعارفة.

اللهم إلّا أن يكون مالك قد نقل واقعة علقمة أيضاً ونقل علقمة واقعة مالك أيضاً ، لكن روى صالح عن مالك ما وقع لنفسه وكذا نقل عن علقمة ما وقع لنفسه.

ويمكن أن يكون الأمر باختلاف كل من المجلسين ، وعلى هذا يتأتى ما سمعت من المحذور على تقدير اختلاف المجلس الأوّل واختلاف المجلس الثاني ، وعلى منوال حال أول الطريقين حال طريق «المصباح» لو كان الرواي عن أبي جعفر عليه السلام هو علقمة كما هو مقتضى ما سمعت من الوسائل والسيّد الداماد ، وعلى منوال حال

٧٠

ثاني الطريقين حال ذلك ، أعني طريق «المصباح» لو كان الراوي عن أبي جعفر عليه السلام هو عقبة.

وبعد هذا أقول : إنه لو استدعى علقمة عن أبي جعفر عليه السلام تعليم الدعاء له بعد مخاطبة أبي جعفر عليه السلام كما هو مقتضى أول طريقي كامل الزيارة أو بعد مخاطبة مالك أو عقبة فلا مجال لتكرار الاستدعاء ، فلا يتأتى صدق ما عدا طريق واحد ، فدعوى حضور علقمة حين مخاطبة عقبة ، محل الكلام والإشكال.

وثانياً (١) : نقول : إنه وإن تمانع ما ذكر عن حمل التكبير على ظاهره لكن إطلاق الجزء على الكل غير عزيز وأما إطلاق الكل على الجزء كما في إطلاق الركعتين على التكبير فلعله نادر ، قيل إن استعمال الركعتين في التكبير مجاز بعيد في غاية البعد ، بل يمكن دعوى القطع بعدمه ، وهذا مجاز بعيد عن الاستعمالات والأذهان يقرب إلى هجانة استعماله وركاكة إطلاقه.

وثالثاً : نقول : إن التكبير الذي يكون جزء هو تكبيرة الإحرام لا التكبيرات المستحبة ، كيف وخروج التكبيرات الست الافتتاحية ظاهر ، فليس مطلق التكبير من باب الجزء.

ورابعاً : نقول : إن تكبيرة الإحرام لا توجد في مطلق الركعتين ، كيف والأخيرتان من الرباعيتين خاليتان عن تكبيرة الإحرام.

إلّا أن يقال : إن المقصود من الركعتين هو الصلاة الثنائية ، وهي مشتملة على تكبيرة الإحرام ، وفيه الكفاية وإن لم يكن التكبير جزء لمطلق الركعتين.

وخامساً : نقول : إن إطلاق الكل على الجزء في غير المركب الحسي أعني المركب الاعتباري غير ثابت ، فلا يتأتى جواز استعمال الركعتين في التكبير.

__________________

(١) عطف على قوله فيما تقدّم: «لكن نقول أوّلاً».

٧١

قال المحقّق القمّي : «وجدنا أنهم يستعملون اللفظ الموضوع للكل في الجزء إذا كان المركب مركباً حقيقياً ، كاستعمال الأصابع في الأنامل في قوله تعالى :( يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم) (١) واليد في الأصابع إلى نصف الكفّ في آية السرقة(٢) ، وإلى المرفق في آية الوضوء(٣) ، وإلى الزند في آية التيمم(٤) ، فلا يجوز القياس في غير المركبات الحقيقية»(٥) .

هذا بناء على القول بالوضع في المجازات ، وأما على القول بكونها عقلية ، كما هو الأظهر نقول : إنه لا يتأتى الملاحة المعتبرة في المركب الاعتباري.

وقد يورد تارة : بأن علاقة الكل والجزء في التجوز في المركب هنا فاقدة لشرطها.

وفيه : أنه لم يُذكر لاستعمال الكل في الجزء شرط.

نعم قد ذُكِرَ اشتراط استعمال الجزء في الكل بأن يكون للجزء المطلق على الكل مزيد اختصاص بالمعنى الذي قصد بالكل ، والغرض أن يكون للجزء المطلق على الكل زيادة مداخلة في استيفاء الغرض من الكل ، والظاهر أن الإيراد مبنى على الاشتباه بين إطلاق الكل على الجزء وإطلاق الجزء على الكل.

اللهم إلّا أن يكون الغرض اشتراط كون التركيب حسياً.

وأخرى : بأن المناسب للتجوز بعلاقة الكل والجزء هو التجوز في الركعة والصلاة لا الركعتين.

__________________

(١) البقرة ٢: ١٩.

(٢) وهي قوله تعالى:( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ) المائدة ٥: ٣٨.

(٣) وهي قوله تعالى:( إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) المائدة ٥: ٦.

(٤) وهي قوله تعالى:( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ) النساء ٤: ٤٣.

(٥) قوانين الأصول: ٦٤.

٧٢

وفيه : إنه لا بأس بالتجوز بالركعتين أيضاً.

وثالثة : بأن التجوز لابد له من قرينة وجعل القرينة ما في «المصباح» من غرائب الكلام ، إذ المستعمل الإمام ، فكيف يكون ما في «المصباح» قرينة لكلام الإمام عليه السلام.

وفيه : إن هذا الكلام أولى بأن يعد من غرائب الكلام إذ الغرض كون القرينة كلام الإمام المذكور في «المصباح» ، كيف وفي الأخبار أن الأخبار يكشف بعضها عن بعض.

قوله : «ومنها أن المدلول عليه بصدر الحديث» مقصوده أن مقتضى صدر الحديث اختتام الزيارة بالركعتين ومقتضى حمل التكبير في الذيل على الركعتين تعقب الركعتين بالزيارة ، وهذا ينافي مدلول الصدر ، فهو يمانع عن حمل التكبير على الركعتين ، إذ على تقدير حمل التكبير على ظاهره يتأتى الاختتام بالركعتين.

لكن يتطرق الإيراد عليه بما يظهر ممّا مرّ من حديث ندرة إطلاق الكل على الجزء ، بل عدم الإطلاق ، بخلاف إطلاق الجزء على الكل ، مع أنه على تقدير حمل التكبير على ظاهره يتأتى التنافي أيضاً ، نظير التنافي في المتأتي على تقدير الحمل على الركعتين ، حيث إنه على تقدير حمل التكبير على ظاهره يكون مقتضى الصدر كون ابتداء الزيارة بالإيماء ، ومقتضى الذيل كون الإيماء مسبوقاً بالتكبير ، غاية الأمر أن هذا التنافي إنما يكون في الإبتداء ، والتنافي المتأتي على تقدير حمل التكبير على الركعتين إنما يكون في الإنتها ، وهذا الاختلاف لا يوجب رجحان الأوّل ، فليس التنافي في الابتداء المتأتي على تقدير حمل التكبير على الركعتين راجحاً على التنافي المتأتي على تقدير حمل التكبير على ظاهره.

قوله : «ومنها أن مقتضى هذا الحمل ..» مقصوده أن مقتضى حمل التكبير على الركعتين إناطة الزيارة بالإيماء بعد الركعتين كما ينوط بالإيماء قبل الركعتين ،

٧٣

وهذا ينافي الصدر ، بخلاف حمل التكبير على ظاهره ، فإن مقتضاه كفاية الإيماء قبل الركعتين ، كما هو مقتضى الصدر.

وينقدح مضافاً إلى ما يظهر ممّا مرّ ممّا تقدم من ندرة إطلاق الكل على الجزء بخلاف إطلاق الجزء على الكل ، بأنه على تقدير حمل التكبير على ظاهره يتأتى أيضاً نظير ما ذكر حيث إنه على تقدير حمل الكتبير على ظاهره يكون مقتضاه إناطة الزيارة بالتكبير قبل الإيماء ، وهذا ينافي مدلول الصدر بخلاف الحمل على الركعتين ، فإن مقتضاه كفاية الإيماء في الابتداء ، كما هو مقتضى الصدر مع أن هذا الوجه عبارة أخرى للوجه السابق حيث إنه لو كان مقتضى الصدر اختتام الزيارة بالركعتين لكان مقتضاه كفاية الإيماء قبل الركعتين ولو كان مقتضى الذيل إناطة الزيارة بالإيماء بعد الركعتين على تقدير حمل التكبير على ظاهره يكون مقتضاه عدم اختتام الزيارة بالتكبير بالركعتين.

قوله : «ومنها أنه لو حمل التكبير ..» مقصوده الاستناد إلى فهم سيف بن عميرة تأخر الصلاة عن الزيارة في كلام رواه علقمة عن أبي جعفر عليه السلام برواية كامل الزيارة و «المصباح» ، قضية عدم مضايقته عما فعله صفوان وهو قد أخّر الصلاة عن الزيارة إلّا في باب الدعاء المبدوء بـ: يا اللهُ يا اللهُ ، على حمل التكبير على الركعتين لاقتضاء حمله على ظاهره تأخر الزيارة عن الصلاة ، حيث إن فهم الرواي مرشد كامل في فهم الأخبار.

ويظهر الكلام فيه بما مرّ ، كما نقول إن الرواي كثيراً ما يخطأ في الفهم بشهادة استنكار المعصوم عليه السلام عمّا فهمه الراوي في موارد متعددة قد أخطأ الراوي في فهم المراد فيها وإن كان الظاهر مطابقاً في غالب تلك الموارد لما فهمه الراوي ، ويرشد إليه ما رواه في «الكافي» في باب طلب الرياسة بالإسناد عن أبي حمزة الثمالي ، قال : «قال أبو عبدالله عليه السلام :إيّاك والرياسة ، وإيّاك وأن تطأ أعقاب الرجال.

قلت : جعلت فداك ، أمّا الرياسة فقد عرفتها ، وأمّا أن أطأ أعقاب الرجال فما ثلثا

٧٤

ما في يدي إلّا مما وطئت أعقاب الرجال.

فقال :ليس حيث تذهب ، إيّاك أن تنصّب رجلاً دون الحجّة فتصدّقه في كلّ ما قا ل»(١) .

قوله(٢) : «ثلثا» ، أي سهمان من ثلاثة.

وكذا ما رواه في الكافي في باب الكِبْر بالإسناد عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام ، قال :لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال حبّة من خردل من الكِبْر .

قال : فاسترجعت.

فقال :ما لك تسترجع؟

قلت : لما سمعت منك.

فقال :ليس حيث تذهب ، إنّما هو الجحود »(٣) .

وكذا ما رواه في «الكافي» في كتاب الصلاة في باب ما يقبل من صلاة الساهي ، بالإسناد عن محمّد بن مسلم ، قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إنّ عمار الساباطي روى عنك رواية.

فقال :ما هي؟

قلت : إنّ السنّة فريضة.

__________________

(١) اُصول الكافي : ٢ : ٢٩٨/٥.

وممّا اُستند فيه إلى فهم الراوي قول عمّار في الموثّق: «وصف لي أبو عبدالله عليه السلام المطبوخ كيف يطبخ حتّى يصير حلالاً ، فقال لي عليه السلام: خذ ربعاً من زبيب» ، حيث إنّ مقتضاه أنّ عمّاراً فهم من كلام الإمام أنّ الطبخ ـ أعني ذهاب ثلثين ـ بحمل مقتضاه حرمة عصير الزبيب قبل ذهاب الثلثين. منه عفي عنه.

(٢) المراد به ما تقدّم ذكره في الرواية الآنفة الذكر.

(٣) اُصول الكافي: ٢: ٣١٠/٧.

٧٥

قال :أين يذهب ، أين يذهب ، ليس هكذا حدّثته ، إنّما قلت له : من صلّى فأقبل على صلاته ولم يحدّث نفسه فيها ، أو لم يسه فيها ، أقبل الله عليه ما أقبل عليها ، فربما رفع نصفها أو ثلثها أو ربعها أو خمسها ، إنّما أمرنا بالسنّة لتكمل بها ما ذهب من المكتوبة »(١)

قوله : «السنّة فريضة» أي النافلة واجبة.

قال المحقّق القمّي في بعض مباحث أخبار الآحاد : «إنّ عمار الساباطي مع كثرة رواياته وشهرتها لا يخفى على المطّلع برواياته ما فيها من الاضطراب والتهافت الكاشفَين عن سوء فهمه وقلّة حفظه.

قال : وممّا يشهد به ما رواه عن الصادق عليه السلام في وجوب النوافل اليومية ، ولما عرض عليه عليه السلام قال : أين يذهب ، ومقصوده بما رواه عمّار عن الصادق عليه السلام في وجوب النوافل اليوميّة هو الرواية المذكورة»(٢) .

وكذا ما في «الكافي» في كتاب الأطعمة في باب فضل اللحم ، بالإسناد عن مسمع ، عن أبي عبد الله عليه السلام : إنّ رجلاً قال له : إنّ من قِبلنا يروون أن الله عزّ وجلّ يبغض البيت اللحم.

فقال: صدقوا ، وليس حيث ذهبوا. إن الله يبغض البيت الذي فيه يؤكل لحوم الناس »(٣) .

قوله : «يروون» أي عن رسول الله صلى الله عليه وآله كما هو مقتضى السؤال في طائفة من الأخبار.

__________________

(١) فروع الكافي: ٣: ٣٦٣/١.

(٢) نسب هذا الكلام للمحقّق القمّي في القوانين على ما في سماء المقال ، إلّا أنّه بعد مراجعة القوانين لم نعثر على شيء من ذلك ، فراجع سماء المقال: ٢: ١٠٣.

(٣) فروع الكافي: ٦: ٣٠٩/٦.

٧٦

لكن روي في «الوسائل» عن البرقي عن ابن محبوب ، عن حماد بن عثمان ، أنه قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : البيت اللحم يكره؟

قال : ولِمَ؟

قلت : بلغنا عنكم ...»(١) .

وبمضمونه رواية أخرى رواها في «الوسائل» عن البرقي أيضاً(٢) .

قوله : «يبغض بيت اللحم» ، أي البيت الذي يؤكل فيه اللحم كلّ يوم.

وبمضمون تلك الرواية رواية بل روايات أخرى ، ومقتضى الكلّ أن النبيّ صلى الله عليه وآله قال : : «إنّ الله عزّ وجلّ يبغض البيت اللحم » ، وأخطأ من سمعه في فهم المراد عملاً بظاهر الكلام ، لكن مقتضى بعض الأخبار أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال : «إن الله يبغض البيت الذي يغتابون فيه الناس ويأكلون لحومهم » ، وكذب من أسند إليه صلى الله عليه وآله أنّ الله يبغض البيت اللحم(٣) .

وكذا ما في «الكافي» في باب كسب الماشطة والخافظة بالإسناد عن سعد الإسكاف ، قال : «سئل أبو جعفر عليه السلام عن القرامل التي تضعها النساء في رؤوسهنّ تصلن به شعورهنّ؟

فقال : لا بأس على المرأة بما تزيّنت به لزوجها.

قال : فقلت : له : بلغنا أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله لعن الواصلة والموصولة

فقال :ليس هناك ، إنّما لعن رسول الله صلى الله عليه وآله الواصلة التي تزني في شبابها ، فلمّا كبرت قادت النساء على الرجال ، فتلك الواصلة والموصولة »(٤) .

__________________

(١) وسائل الشيعة: ٢٥: ٣٨ ، الباب ١١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث ١١.

(٢) المصدر السابق: الحديث ١٢.

(٣) فروع الكافي: ٦: ٣٠٨/٥ ، ولا يخفى أنّ نقله للحديث هنا بالمعنى.

(٤) فروع الكافي: ٥: ١١٩/٣.

٧٧

قوله : «القرامل». قال في «النهاية» نقلاً : «القرامل : هي صغائر من صوف أو شعر أو أبريسم تصل به المرأة شعرها».

وكذا ما في «الكافي»(١) في باب استحباب الجهر بالبسلمة بالإسناد عن صباح الحذاء ، عن رجل ، عن أبي حمزة ، قال : «قال عليّ بن الحسين عليهما السلام :يا ثمالي ، إنّ الصلاة إذا أقيمت جاء الشيطان إلى قرين الإمام فيقول هل ذكر ربّه؟

فإن قال : نعم ، ذهب ، وإن قال : لا ، ركب على كتفه ، فكان إمام القوم حتّى ينصرفوا.

قال : فقلت : جعلت فداك ، أليس يقرؤون القرآن؟!

قال :بلى ، ليس حيث تذهب يا ثمالي ، إنّما هو الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم »(٢)

قوله عليه السلام : «هل ذكر ربه» ، أي جهر بالتسمية.

قوله : «فإن قال : نعم ، ذهب» لأنه يعلم أن بناء المصلي على الجهر بالتسمية فيذهب لكي لا يطرد بالجهر بالتسمية بعد ذلك.

قوله : «وإن قال : لا ، ركب » لأنه يعلم أن بناء المصلي على إسرار التسمية فليس ما يطرده فلا يذهب.

قوله : «ليس حيث يذهب » أي ليس الغرض من ذكر الرب مطلق ما كان ذكر الله ، بل الغرض الجهر بالتسمية.

وكذا في «معاني الأخبار» في معنى قول الصادق عليه السلام : «من طلب الرياسة هلك » ، بالإسناد عن سفيان بن خالد ، قال : «قال أبو عبد الله عليه السلام :إيّاك والرياسة ، فما طلبها أحد إلّا هلك.

__________________

(١) الصحيح في التهذيب ، وليس في الكافي.

(٢) تهذيب الأحكام: ٢: ٢٩٠/١٨.

٧٨

فقلت له : جعلت فداك ، هلكنا إذ ليس أحد منّا إلّا وهو يحبّ أن يُذكر ويُقصد ويُؤخذ عنه.

فقال :ليس حيث تذهب ، إنّما ذلك أن تنصّب رجلاً دون الحجّة فتصدّقه في كلّ ما قال ، وتدعو الناس إلى قوله »(١) .

وكذا ما في «معاني الأخبار» في باب معنى قول الصادق عليه السلام : «من دخل الحمّام فلير عليه أثره» ، بالإسناد عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه رفعه ، قال : «نظر أبو عبد الله عليه السلام إلى رجل قد خرج من الحمّام مخضوب اليدين.

فقال له أبو عبد الله عليه السلام :أيسرّك أن يكون الله عزّ وجلّ خلق يديك هكذا؟

قال : لا ، والله إنّما فعلت ذلك لأنّه بلغني أنّه من دخل الحمّام فلير عليه أثره ، يعني الحنّاء.

فقال :ليس حيث ذهبت ، إنّما معنى ذلك : إذا خرج أحدكم من الحمّام وقد سَلِمَ فليصلِّ ركعتين شكراً »(٢) .

وكذا ما في «معاني الأخبار» في باب معنى قول العالم عليه السلام : «عورة المؤمن على المؤمن حرام» ، بالإسناد عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «قلت له : عورة المؤمن على المؤمن حرام؟

قال :نعم.

قلت : يعني سفليه؟

قال :ليس هو حيث تذهب ، إنّما هو إذاعة سرّه »(٣) .

__________________

(١) معانى الأخبار: ١٨٠ ، الحديث ١.

(٢) معاني الأخبار: ٢٥٤ ، الحديث ١.

(٣) معاني الأخبار: ٢٥٥ ، الحديث ٢.

٧٩

وكذا ما في «معاني الأخبار» في الباب المذكور بالإسناد عن حذيفة بن منصور ، قال : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : يروى : عورة المؤمن على المؤمن حرام؟

قال :ليس حيث تذهب ، إنّما عورة المؤمن أن تراه يتكلّم بكلام يعاب عليه فتحفظه عليه لتعيّره به يوماً إذا غضب »(١) .

وكذا ما في «التهذيب» في كتاب الصلاة في باب فضل شهر رمضان والصلاة فيه زياده على النوافل المذكورة في سائر الشهور ، بالإسناد عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : «يصلّى في شهر رمضان زيادة ألف ركعة .

قلت : ومن يقدر على ذلك.

قال :ليس حيث تذهب ، أليس يصلّى في شهر رمضان ألف ركعة في تسع عشرة منه ، في كلّ ليلة عشرين ركعة ، وفي ليلة تسع عشرة مائة ركعة ، وفي ليلة إحدى وعشرين مائة ركعة ، وفي ليلة ثلاث وعشرين مائه ركعة ، ويصلّى في ثمان ليال منه في العشر الأواخر ثلاثين ركعة ، فهذه تسعمائة وعشرون ركعة .

قلت : جعلني الله فداك ، فرّجت عنّي ، لقد كان ضاق بي الأمر ، فلمّا أن أتيت لي بالتفسير فرّجت عنّي ، فكيف تمام الألف ركعة؟

قال :تصلّي في كلّ يوم جمعة من شهر رمضان أربع ركعات لأمير المؤمنين عليه السلام ، وتصلّي ركعتين لابنة محمّد عليها السلام إلى آخر الحديث»(٢) .

وكذا ما في «التهذيب» في كتاب الصوم في باب ما يفسد الصائم وما يخل بشرائط فرائضه وما ينقض الصيام ، بالإسناد عن أبي بصير ، قال : «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم.

__________________

(١) معاني الأخبار: ٢٥٥ ، الحديث ٣.

(٢) تهذيب الأحكام: ٣: ٦٦/٢١.

٨٠