المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة

المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة0%

المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
ISBN: 964-8163-14-6
الصفحات: 288

المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة

مؤلف: الشيخ أبو علي البصري
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
تصنيف:

ISBN: 964-8163-14-6
الصفحات: 288
المشاهدات: 27910
تحميل: 2159

توضيحات:

المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 288 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 27910 / تحميل: 2159
الحجم الحجم الحجم
المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة

المحاضرات المنبريّة في المجالس الصفريّة

مؤلف:
الناشر: انتشارات المكتبة الحيدرية
ISBN: 964-8163-14-6
العربية

الأحداث التي جرت
بعد فقد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ( القسم الثاني )

أتبكي على رسم بدارة ثهمد

عفته الليالي فهو كالوشم في اليد

وتصبو إلى تذكار مسرح لذة

وملعب أفراح لشاد وأغيد

لك الويل فاعزب عن ضلالك واتخذ

من الوجد سربالاً لحزن مجدد

فلست ترى والله ما عشت فادحاً

بأفجع من رزء النبي محمد

نعته إلى علياه علياء نفسه

وعزا به التوحيد كل موحد

وهمّ بأن يوصي بثقليه قومه

وبالعكس هم في ما يريد بمرصد

وقال أُناس ظل يهجر أحمد

ونجم هوى ما ضلّ بل وحي مرشد

وكم غصص قد جرعوه أقلّها

ليشعل ناراً في حشى كل جلمد

إل ی أن قض ی فانقضت الشهب للثرى

لتشييعه في بنت نعش وفرقد

وأظلم وجه الكون والشمس ألبست

بثوب من الأحزان بالكسف سود

وعين الهدى لم ترق دمعتها أسى

عليه ولا زالت بجفن مسهد(١)



___________________

(١) الشيخ حسين علي آل الشيخ سليمان

٢٠١

غمض عيونه وظل يون ونّه خفيّه

وفاطم اتنادي بصوت يا خير البريّه

اتنادي يبويه والگلب هايج بالأحزان

انظر علي الكرار يا مختار حيران

والدمع يجري امن الحسن واحسين غدران

ينادون يا جد والگلب ناره سريه

ضمهم الصدره والگلب هاج ابونينه

وناده يبو محمد يمسموم اللعينه

چني ابچبدك بالسموم امگطعينه

وتگضي يبعد الروح بالهم والرزيّه

وامصاب اخوك احسين ما مثله جرى امصاب

يبگه معفّر والچفن من ذاري التراب

ويمه اهل بيته واخوته وباجي الأصحاب

كلهم ضحايا اعلى التراب بالغاضريه

وانتي يزهره من بعد عيني العدوان

تهجم على الدار وتشب بيها النيران

المحسن يسگطونه وحيدر عالي الشان

ينظر المحسن على الأرض طايح رميّه

     



وحاطوا بنار الجزل للوحي منزلاً

وقادوا علياً في نجاد المهند

وفاطمة بالباب أسقط حملها

بعصر شديد مؤلم عن تعمد



٢٠٢

الأحداث التي جرت على بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد فقده

هل احرقوا باب بيت فاطمةعليها‌السلام ؟

المقدمة :

من الأشياء التي جرت العادة عليها وقد أثبتها التجارب من خلال شواهد عديدة ، هو أنّ الملك عقيم ، فكثير من الطواغيت صنعوا ما صنعوا مع أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين من أجل الملك والدنيا وكما قيل في الروايات ( حب الدنيا رأس كل خطيئة ) ، ولهذا كان يقول هارون الرشيد لفلذة كبده عبد الله المأمون ، إنّ الملك عقيم لو نازعتني فيه لأخذت الذي فيه ( عيناك ) ، ولهذا الأمر سجن الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام من غير ذنب صدر منه ، ولهذا الأمر سمّ المأمون الرضاعليه‌السلام ولهذا الأمر أقصوا أمير المؤمنينعليه‌السلام عن الخلافة مع أنّه الذي نصّبه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خم وأقرّ له الجماعة بما فيهم الثاني حيث قال « بخ بخ لك يا ابن أبي طالب لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة » ولكن سرعان ما غيّروا وبدّلوا وقد صدق كتاب الله :( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ
أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّـهَ شَيْئًا
وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا وَمَن
يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ
)

وكيف لا ينقلب الجماعة وقد دخلوا في الإسلام من أجل هذا المقام ، وجاءوا بقول ما أنزل الله به من سلطان ألا وهو لا تجتمع النبوة والخلافة في بيت واحد

وبعد هذا فهل يمكن التشكيك فيما صنعوا ببيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأجل الحفاظ على الملك والسلطة فهل أُحرق باب بيت فاطمة لأجل أخذ البيعة من عليّ أو لم يتّفق هذا أبداً ؟

٢٠٣

والجواب إنّهم لا شك ولا ريب قد جاءوا بالحطب إلى باب بيت فاطمة بل جاءوا بقبس من نار بل أحرقوا بابها وإن كانت المصادر السنّية اقتصرت فقط على ذكر جمع الحطب في باب فاطمة ومن جملة من نقل من علماءهم :

١ ـ الدينوري : إنّ أبا بكر تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند عليّ كرم الله وجهه فبعث إليهم عمر ، فجاء فناداهم وهم في دار عليّ ، فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنّها على من فيها فقيل له : يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة فقال وإن(١)

٢ ـ ابن عبد ربّه : قال : الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر علي والعباس والزبير وسعد بن عبادة ، فأمّا علي والعباس والزبير ، فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر ، عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة ، وقال له : إن أبوا فقاتلهم فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة فقالت : يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا ، قال : نعم أو تدخلوا في ما دخلت فيه الأُمة(٢)

٣ ـ البلاذري عن المدائني : عن مسلمة بن محارب عن سليمان التميمي وعن ابن عون أنّ أبا بكر أرسل إلى عليّ يريد البيعة فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيكة فتلقته فاطمة على الباب ، فقالت فاطمة : يا ابن الخطاب أتراك محرقاً عليّ بابي ؟! ، قال نعم وذلك أقوى في ما جاء به أبوك(٣)

٤ ـ ابو الفداء في المختصر البشر ١ : ١٥٦

٥ ـ ابن أبي الحديد المعتزلي أشار في شرح نهج البلاغة ٢ : ١٤٧ إلى هذه القضية

___________________

(١) الإمامة والسياسة : ١٩ ـ ٢٠

(٢) العقد الفريد ٥ : ١٣

(٣) أنساب الأشرف ١ : ٥٨٦

٢٠٤

قضية الإحراق في المصادر الشيعية :

١ ـ قال المسعودي في إثبات الوصية : ١٢٤ قال : « فأقام أمير المؤمنين ومن معه من شيعته في منزله بما عهد إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فوجّهوا إلى منزله فهجموا عليه وأحرقوا بابه واستخرجوه منه كرهاً »

٢ ـ روی سليم بن قيس عن عليعليه‌السلام في حديث له في ٢ : ٢٥ والبحار ٤٣ : ١٩٧ عن كتاب سليم بن قيس قال : فأحرق الباب ثمّ دفعه عمر .

٣ ـ روی المفضّل بن عمر عن الإمام الصادقعليه‌السلام في حديث قال فيه : « ولا كيوم محنتنا في كربلاء وإن كان يوم السقيفة وإحراق النار على باب أمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة مقتل محسن بالرفسة أعظم وأدهى وأمرّ »(١)

٤ ـ وروي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ في وصيته : « وويل لمن هتك حرمتها وويل لمن أحرق بابها »(٢)

٥ ـ وقالت مولاتنا فاطمةعليها‌السلام : « وركل الباب برجله فردّه عليّ وأنا حامل فسقطت لوجهي والنار تسعر وتسفع وجهي ، فضربني بيده حتى انتثر قرطي من أُذني ، وجاءني المخاض فأسقطت محسناً قتيلاً بغير جرم »(٣)

وأُحرقوا باب بيت الطُهر فاطمة

بنار حقد لهم مشبوبة الضّرم

فأسقط الرجس لمّا ظلّ يعصرها

منها جنيناً نُمي في طاهر الرّحم

بصدرها نبت المسمار وانكسرت

منها الأضالع فانهلّت بفيض دم

وسوط قنفذ يلوى فوق عاتقها

ضرباً فتصرخ ولهىٰ منه بالألم

___________________

(١) كتاب فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى : ٥٣٢ ( للشيخ أحمد الرحماني الهدائي )

(٢) بحار الأنوار ٢٢ : ٤٨٥

(٣) بحار الأنوار ٨ : ٢٣١ الطبعة الحجرية

٢٠٥

كـأني بها تشكو لأبيها :

شحچيلك شخبرك شذكر من أحزان

تدري شجره بحالي وعندك التبيان

غصب حگي وكسر ضلعي وهضمني فلان

وعصر صدري وچتل يا والدي جنيني

     

  

اخفي الصدر واخفي المتن عن حيدر

واخفي الثدي وناره البلگلب تسعر

انا شما شوف حيدر همّي يتكاثر

يبويه حالة عضيدك تبچيني

     

  

اشوف الوصي بهمّه گابع ومحتار

خذوا منه الخلافة وظل يدير افكار

تعال وشوف من هجموا علينه الدار

اصيح وما نهض حيدر يحاميني

     

  

مچتف بالوصيه والعده تولّوه

ولون ما هالوصيه شحدهم يگحموه

خذو مچتوف بويه ورادوا يچتلوه

شلون اهجع وشوفن حالته بعيني

     

  

٢٠٦

طلعت ويدي على ضلعي الصايبه البسمار

اگومن واگع وانده خلو حامي الجار

رد ليّه العبد بمر العدو الغدار

وغده بسوطه يلوعني على متنيني

     

  

فقضت وآثار السياط بمتنها

يا ليت عينك شاهدت آثارها

  

٢٠٧

الجانب الأخلاقي
عند الامام الرضا عليه‌السلام

تجاوبن بالإرنان والزّفرات

نوائح عجمُ اللفظ والنطقات

يخبّرن بالأنفاس عن سرِّ أنفس

أُسارىٰ هوىٰ ماضٍ وآخرَ آت

بكيت لرسم الدار من عرفات

وأذريتُ دمع العين بالعبرات

وفكّ عرىٰ صبري وهاجت صبابتي

رسوم ديارٍ أقفرت وعرات

مدارسُ آيات خلت من تلاوةٍ

ومنزلُ وحي مقفرُ العرصات

لآل رسوم الله بالخيف من مِنىٰ

وبالركن والتعريف والجمرات

ديارُ عليّ والحسين وجعفر

وحمزة والسّجاد ذي الثّفنات

ديارٌ عفاها جور كلّ منابذ

ولم تعف للأيام والسّنوات

قفا نسأل الدار التي شطّ أهلها

متىٰ عهدها بالصوم والصلوات

وأين الأُلىٰ شطّت بهم غربة النوىٰ

أفانين في الأقطار مفترقات

أرى فيئهم في غيرهم متقسّماً

وأيديهم من فيئهم صفرات

أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي

نجوم سماوات بأض فلاةِ

قبورٌ بكوفان وأُخرى بطيبة

وأُخرى بفخ نالها صلوات

٢٠٨

وقبر بأرض الجوزجان محلّه

وقبر ببا خمر لدى الغربات

وقبر ببغداد لنفس زكية

تضمنها الرحمٰن بالغرفات

وقبر بطوس يا لها من مصيبة

ألحّت على الأحشاء بالزفرات

إلى الحشر حتى يبعث الله قائماً

ينفس عنها الهم والكربات(١)

  

الجانب الأخلاقي عند الامام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام :

قال أبو الصلت الهروي : سألت الرضا عن الإيمان فقالعليه‌السلام ، الإيمان عقد بالقلب ولفظ باللسان ، وعمل بالجوارح لا يكون الإيمان إلّا هكذا(٢)

المقدمة :

أما أخلاق الإمام الرضاعليه‌السلام فانّها نفحة من أخلاق جدّه الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتي استطاع بهاصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يغيّر حياة الإنسان ، وينقذه من أوحال الجاهلية الرعناء ، إنّ الواصف ليعجز عن إدراك كنه الامام الذي انتجبه المولى سبحانه حجة ودليلاً للعباد ، وكيف يستطيع الواصف ان يأتي على ما حوته تلك الذات الطاهرة المعصومة عن كل خطل من مكارم الأخلاق ، بعد أن كان رشحة الفيض الاقدس ونبعة من روح النبوة يفوح من أعراقه الكرم النبوي وتعلوه أبهة الخلافة الإلهية ، قال الشاعر :

___________________

(١) دعبل الخزاعي

(٢) عيون أخبار الرضا ١ / ١٣٢ ـ ٢٢٧

٢٠٩

يمثل النبي في أخلاقه

فانه النابت من أعراقه

له كرامات ومكرمات

في صفحات الدهر بيّنات

شهود صدق لسمو ذاته

كأنه النبي في صفاته

ترى الملوك سجداً ببابه

فالعز كل العز في اعتابه

  

انظروا ما يقوله ابراهيم بن العباس عن مكارم أخلاقه ، يقول : «ما رأيت ولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، ما جفا أحداً قط ، ولا قطع على أحد كلامه ، ولا ردّ أحداً عن حاجة ، وما مدّ رجليه بين جليسه ، ولا اتكأ قبله ، ولا شتم مواليه ومماليكه ، ولا قهقه في ضحكه ، وكان يُجلس على مائدته مماليكه ومواليه ، قليل النوم بالليل ، يحيي أكثر لياليه من أولها إلى آخرها كثير المعروف والصدقة ، وأكثر ذلك في الليالي المظلمة »(١)

١ ـ تواضعه : وقد دلّت الرواية الآنفة الذكر على تواضع الإمام الرفيع
في فقرة منها ، ومن معالي أخلاقه وتواضعه ، بعد أن فرض عليه المأمون
ولاية العهد ، يقول الرواة ، إنّه احتاج إلى الحمام فكره أن يأمر أحداً بتهيئته
له ، ومضىٰ إلى حمام في البلد لم يكن صاحبه يظن أن ولي العهد يأتي إلى
الحمام في السوق فيشغل فيه ، وإنما حمامات الملوك في قصورهم ، ولما
دخل الإمام الحمام كان فيه جندي ، فأزال الامام عن موضعه وأمره أن يصبّ
الماء على رأسه ، ففعل الامام ذلك ودخل الحمام رجل كان يعرف الامام
فصاح بالجندي هلكت ، أتستخدم ابن بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فذعر الجندي ،
ووقع على الامام يقبل أقدامه ويقول له متضرعاً : « يابن رسول الله ! هلا
___________________

(١) حياة الامام الجواد ( للقرشي ) : ٣٧ وكذلك في كشف الغمة : ٢٧٤

٢١٠

عصيتني إذ أمرتك ؟ » فتبسم الامام في وجهه وقال له برفق ولطف : « إنها لمثوبة ، وما أردت أن أعصيك فيما أثاب عليه »(١)

٢ ـ زهده : ومن أخلاق الامام الرضاعليه‌السلام الزهد في الدنيا والاعراض عن مباهجها وزينتها ، وقد تحدث عن زهده محمد بن عباد ، قال : « كان جلوس الرضا على حصيرة في الصيف ، وعلى مسح في الشتاء ولباسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز إلى الناس تزيا بما يرغبون »(٢)

٣ ـ سخاؤه : لم يكن شيء في الدنيا أحبّ إلى الإمام الرضاعليه‌السلام من الإحسان إلى الناس والبر بالفقراء ومن مظاهر جوده وإحسانه ما يلي :

أ ـ أنفق جميع ما عنده يوم عرفة فانكر عليه الفضل بن سهل وقال له إنّ هذا لمغرم فأجابه الامام بل هو المغنم لا تعدنّ مغرماً ما ابتغيت ( ما اتبعت ) به أجراً وكرماً

ب ـ إطعامه الطعام للمساكين : وكانعليه‌السلام إذا جلس على المائدة يستدعي بصحفة فيعمد بيده الشريفة إلى أجود شيء وضع على المائدة فيأخذه ويضعه في تلك الصحفة ثم يأمر بها إلى الفقراء والمساكين ويتلو هذه الآية :( فَلَا اقْتَحَمَ
الْعَقَبَةَ
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا
مَقْرَبَةٍ
أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ) ثم يقول علم الله إن ليس كل إنسان يستطيع ان يعتق رقبة فجعل الله لهم السبيل إلى الجنة بإطعام الطعام(٣)

ج ـ قضاء حوائج الناس : قال اليسع بن حمزة : إنّ رجلاً قال للرضاعليه‌السلام السلام
عليك يا ابن رسول الله ، أنا رجل من محبيك ومحبيّ آباءك ، مصدري من الحج
___________________

(١) حياة الامام الرضاعليه‌السلام ( للقرشي ) : ٣٢

(٢) وفاة الإمام الرضا ( للمقرم ) : ٢٠ ، نقلاً عن كشف الغمة

(٣) الأنوار البهية ( للشيخ عباس القمي )

٢١١

وقد نفدت نفقتي ، وما معي ما أبلغ مرحلة ، فان رأيت ان تهيئني إلى بلدي ولله عليّ نعمة ، فإذا بلغت بلدي تصدّقت بالذي توليني عنك ، فلست موضع صدقة ، فقامعليه‌السلام فدخل الحجرة ثم خرج وردّ الباب وأخرج يده من أعلى الباب فقال : خذ هذه الدنانير فاستعن بها في أُمورك ونفقتك ولا تتصدق بها عني ، اخرج لا اراك ولا تراني

فلما مضى الرجل الخراساني وسألوا الامام الرضاعليه‌السلام عن سبب احتجابه عنه فقال : مخافة ان أرىٰ ذلّ السؤال في وجهه لقضائي حاجته ، أما سمعت حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المتستر بالحسنة تعدل سبعين حجة ، والمذيع بالسيئة مخذول ، والمتستر بها مغفور أما سمعت قول الأمال :

متى آته يوماً اطالب حاجة

رجعت إلى اهلي ووجهي بمائهِ(١)

  

٤ ـ عبادته : وكانعليه‌السلام منقطعاً إلى الله عزّ وجل بعبادته من صلاة وذكر وقراءة قرآن وغيرها وقد وصفه الرجاء بن أبي الضحاك وذلك لمّا بعثه المأمون لأشخاص الرضاعليه‌السلام قال : « فو الله ما رأيتُ رجلاً كان أتقى للهِ منه ، ولا أكثر ذكراً لله في جميع أوقاته منه ولا أشد خوفاً لله عزّ وجل منه ، كان إذا أصبح صلّى الغداة فإذا سلّم جلس في مصلاه يسبح الله ويحمده ويكبّره ويهلله ، ويصلّي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى تطلع الشمس ، ثم يسجد سجدة يبقى فيها حتى يتعالى النهار ، ثم أقبل على الناس يحدثهم ويعظهم إلى قرب الزوال ثم جدّد وضوءه وعاد إلى مصلاه »(٢)

___________________

(١) ائمتنا ، علي محمد علي دخيل نقلاً عن المناقب ٢ / ٤١٢

(٢) أعيان الشيعة ٤ ق ٣ / ٨٧

٢١٢

ويقول دعبل الخزاعي دفع الرضاعليه‌السلام لي قميصاً من خز وقال له : احتفظ بهذا القميص ، فقد صليت فيه ألف ليلة ، كل ليلة ألف ركعة وختمت القرآن فيه ألف ختمة(١) وحدّث عبد السلام بن صالح الهروي : قال : لما خرج علي بن موسى الرضاعليه‌السلام إلى المأمون دخل دار حميد بن قحطبة الطائي ثم استقبل القبلة فصلّى ركعات ودعا بدعوات ، فلما فرغ ، سجد سجدة طال مكثه فيها فاحصيت له فيها خمسمائة تسبيحة ثم انصرف(٢) وكانعليه‌السلام يختم القرآن في كل ثلاث أيام مرّة وكان يقول لو أردت أن أختمه في أقل من ثلاث لختمته ولكنّي أُحبّ أن أتدبّر في الآية

أقول : هذه العبادة فرع معرفتهم لله سبحانه وحبّهم له وخشيتهم منه إذن حكى إمامنا الرضاعليه‌السلام في عبادته عبادة أجداده الطاهرين

الأسباب التي أوجبت اقدام المأمون على الفتك بالإمام الرضاعليه‌السلام :

ذكر الشيخ المفيدقدس‌سره من الأسباب التي أوجبت اقدام المأمون على الفتك بأبي الحسنعليه‌السلام ان الامامعليه‌السلام لم يزل يكثر وعظ المأمون إذا خلا به ، ويعرفه جرأته على انتهاك المحرمات وإقترافه الآثام وتعديه الحدود الشرعية ، ولقد رآه يتوضأ للصلاة والغلام يصبّ الماء على يديه فقال لهم الامامعليه‌السلام لا تشرك بعبادة ربّك ، فصرف المأمون الغلام وتولّى الوضوء بنفسه وهو مغضب

ومن جانب آخر كان الامامعليه‌السلام يبين انحراف الحسن بن سهل والفضل بن
سهل ، وذكر مساويهما ونهى المأمون عن الإصغاء إلى قولهما ، إضافة إلى عدم
___________________

(١) وسائل الشيعة ، كتاب الصلاة

(٢) عيون اخبار الرضا ٢ / ١٣

٢١٣

تدبيرهما الأُمور ، وقد ظهر ذلك لهما ، فأخذا يختلقان على الامام اشياء توجب نفرة المأمون منه ، وخوفاه عاقبة احترامه وذكر فضله والثناء عليه أمام العامة وما زالا على ذلك حتى أوغرا عليه قلبه فعزم على الفتك به

شهادة الإمامعليه‌السلام :

قال هرثمة بن أعين دعاني سيدي علي بن موسى الرضاعليه‌السلام فلما حضرت عنده قال لي هذا أوان رحيلي إلى الله تعالى ولحوقي بجدي وآبائيعليهم‌السلام وقد بلغ الكتاب أجله وإن هذا الطاغي قد عزم على سمّي في عنب ورمان مفروك ، أما العنب فانه يغمس السلك في السم ويجذب الخيط في العنب ، وأما الرمان فانه يصنع السم في كف بعض غلمانه فيفرك الرمان بيده وسيدعوني إليه ويسئلني اكلهما فإذا اكلتهما نفذ القضاء وجرى المحتوم(١)

وفي حديث عن أبي الصلت الهروي قال اخبرني الامام الرضاعليه‌السلام بأنّ في يوم غد يستدعيه الطاغية المأمون فإذا خرجت من المأمون وأنا مغطّى الرأس فلا تكلّمني ، اعرف أنا مسموم وإلّا فلا يقول ابو الصلت ولمّا صار اليوم الثاني استدعاه المأمون وقام إليه قيام الحيلة والمكر وأخذ يحدّثه ثم قدّم إليه العنب المسموم والرمان ، فقال له الامام اعفنا فقال أتتهمنا

أقول : في تلك الساعة الإمام يخيّر بين البقاء في الدنيا أو لقاء ربّه فيختار لقاء
ربه لمعرفته ان دوره انتهى ويأتي دور الامام من بعده ، قال ابو الصلت وخرج
إمامنا الرضا عليه‌السلام وهو مغطّى الرأس فلم أكلّمه إلى أن أمر بسد الأبواب ونام على
فراشه يتقلّب من حرارة السم ، وبينا انا واقف وإذا بشاب حسن الوجه اشبه الناس
___________________

(١) وفاة الإمام الرضا ( للمقرم ) : ٤٥

٢١٤

بالرضا فعجبت من دخوله والباب مغلق ، فقال لي يا أبا الصلت ان الذي جاء بي من المدينة إلى هنا في هذه الساعة هو الذي أدخلني والأبواب مغلقة ، أنا حجة الله عليك أنا محمد الجواد ودخل على أبيه فلما نظر إليه الرضاعليه‌السلام ضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه وانكب الجوادعليه‌السلام عليه يقبله ويساره

يبويه انروح كل احنه فداياك

اخذنه يا عزيز الروح وياك

اهي غيبة يبويه واگعد اتناك

واگولن سافر او يومين يسدر

  

يعيني اعلى الرضا سحّي الدمع دم

يگلبي اعلى ابو محمد تلچم

لا اخو عنده ولا ابن عم

وحيد ابدار غربة بين اليدين

  

يعين المجد يلچفك تياره

يبو محمد ازيارتك احسن تياره

عسن سم الذي بچبدك تياره

جرى ابچبدي او رحت دونك فديه

  

على امصابك يبن موسى ذاب الگلب واتفطّر

گضيت العمر بالغربة امشرّد يا شبل حيدر

عليك انوّح ليل انهار وانهل الدمع غدران

بسما نذكر امصابك يا ريّس بني عدنان

شاذنبك والعدو سمّك نوب ابعنب وابرمّان

نوب او لا اختشىٰ امن الله او عليك الطاغي اتجسّر

لاچن هوّن امصابك علينه امن اجذفت چبدك

ابنك حضر يم راسك واعيالك طبگ عندك

     
٢١٥

هذا يصيح يا ذخري او ذاك الگاعد ايسندك

او بعد غير الچبد ما صاب جسمك سيف لو خنجر

او چان السم يبو امحمّد مرّد چبدك او خلّه

جدّك بالسهم صابوه او بيده امن الظّهر سلّه

او طلع ثلثين چبده اوياه او گام الجيش ينظر له

ابنفسه انشغل گال النّوب خلوا للنبل مكور

يبو امحمّد او يوم اللّي گضيت انگلبت اخريسان

اعلام السّود شالتها الزّلم واتصرّخ النسوان

نعشك للگبر حفّوه والتشييع مرهب چان

او جدّك ظل طريح او راح راسه اعلى الرمح يفتر

     

  

لهفي لجسمك في الصعيد مجرّداً

عريان تكسوه الدماء ثيابا

لهفي لرأسك فوق مسلوب القنا

يكسوه من أنواره جلبابا

  

٢١٦

فضل زيارة الامام الرضاعليه‌السلام

لا تأمن الدهر إنّ الدهر ذو غير

وذو لسانين في الدنيا ووجهين

أخنى على عترة الهادي فشتتهم

فما ترى جامعاً منهم بشخصين

بعض بطيبة مدفون وبعضهم

بكربلاء وبعض بالغريين

وأرض طوس وسامرا وقد ضمنت

بغداد بدرين حلّا وسط قبرين

يا سادتي ألمن أنعى أسىً ولمن

أبكي بجفني من عين قريحين

أبكي على الحسن المسموم مضطهداً

أم للحسين لقىً بين الخميسين

قد شتتوهم بين مقهور ومأ

سور ومنحور بسيف عناد

هذا بسامرا وذاك بكربلا

وبطوس ذاك وذاك في بغداد

  

ابكل بلده او كل وادي من أولادي بدر غاب

ذاب گلبي من مصايبهم أو منّي الراس شاب

كل صباح او كل مسيّه ينفقد منّي ولد

شردوهم بالفيافي او لا يأوون ابّلد

خاليه منهم منازلهم ولا منهم أحد

بس حرم وايتام مدهوشين من عظم المصاب

     
٢١٧

بعض راحوا بالمباني وبعض راحوا بالسجون

والذي بالبر هاموا للوطن ما يرجعون

والگضوا بالسم غيله يا خلگ ما ينحصون

والذي انذبحوا اتظل اجسادهم فوگ التراب

بعض عندي بالمدينه وبعض هاموا بالبرور

بعض حصلوا الهم امواري او بعض ما حصلوا ا گ بور

كم جسد بالطف عاري وراسه ابخطي ايدور

وكم طفل مرمي ابكتر حسين دامي وكم شاب

ومن فعل بغداد ذابت مهجتي وگلبي انكسر

مهجتي باب الحوائج ظل رميه على الجسر

والمصيبه اللّي دهتني بطوس مخسوف البدر

عنه ابعيده العشيره أو ميت اببلدة اجناب

واصبحت طوس ابزلازل والخلگ كلها ابعويل

لجل ابو محمد تزلزل يا خلگ عرش الجليل

ولعلام السود منشوره او مدامعهم تسيل

اهتزت السبع العُليه وبالأرض صار انقلاب

گام شبله ايغسله والدمع من عينه هما

مدده اعل ی المغتسل والماي جاه امن السما

وبالطفوف حسين جده تغسل ابفيض الدما

والكفن سافي الثرى عريان مسلوب الثياب

     

  

عريان يكسوه الصعيد ملابساً

أفديه مسلوب الثياب مسربلا

  

٢١٨

فضل زيارة الامام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام :

روى الصقر بن دلف : قال سمعت سيدي علي بن محمد بن علي الرضاعليه‌السلام يقول : من كانت له إلى الله حاجة فليزر قبر جدي الرضاعليه‌السلام بطوس ، وهو على غسل وليصل عند رأسه ركعتين ، وليسأل الله حاجته في قنوته ، فانه يستجيب له ما لم يسأل في أثم أو قطيعة رحم ، وإن موضع قبره لبقعة من بقاع الجنة لا يزورها مؤمن إلّا اعتقه الله من النار وأحلّه دار القرار(١)

المقدمة :

لقد أصبح مرقد الامام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام في ( خراسان ) من أعزّ المراقد في الإسلام فقد حظي بهالة من الاكبار والتقديس بما لم يحظ به مرقد من مراقد أولياء الله تعالى ، فقد تهافتت على زيارته ملايين المسلمين متقربين بذلك إلى الله تعالى ، يقول محمد بن المؤمل خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشايخنا وهم إذ ذاك متوافدون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضا بطوس فرأيت من تعظيم ابن خزيمة لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما حيرنا(٢) إنّ الله تعالى خصّ قبر وليه الامام الرضاعليه‌السلام بفضيلة فقد جعله ملاذاً للمنكوبين ، وملجأ لذوي الحاجات ، وقد شاعت هذه المكرمة عند جميع الاوساط وقد كتب على بعض جوانب القبر الشريف بيتين من الشعر :

___________________

(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ٢٦٢

(٢) تهذيب التهذيب ٧ / ٣٨٨

٢١٩

من سرّه أن يرى قبراً برؤيته

يفرّج الله عمن زاره كربه

فليأت ذا القبر إن الله أسكنه

سلالة من رسول الله منتجبه(١)

  

وفي هذا الحديث الشريف الذي رواه الشيخ الصدوققدس‌سره في عيون أخبار الرضاعليه‌السلام عن إمامنا الهاديعليه‌السلام بعض الفوائد نشير لها على التوالي انشاء الله تعالى

الفائدة الأُولى : مشروعية الزيارة ، باعتبار أنّ الامام الهاديعليه‌السلام معصوماً من الخطأ وهو أحد العترة الطاهرة ، عترة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله التي خلّفها وتركها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مع القرآن الكريم في هذه الأُمة بقوله المعروف : « إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما بعدي لن تضلوا ابداً ، وقد نبأني العليم الخبير بأنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض » فقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لن يفترقا شاهد على عصمة العترة الطاهرة إذ لو كانت غير معصومة لافترقت عن القرآن الكريم حيث أنّ القرآن( لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ) وقال تعالى حاكياً عن كتابه المجيد( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) وقول المعصوم حجّة ، إذن أمر الامام الهاديعليه‌السلام بزيارة جدّه الرضاعليه‌السلام قول صريح وإذن مشروع في مشروعية زيارة الإمام الرضاعليه‌السلام وهذا الحديث يدعم بأحاديث أُخرى عن الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته الطاهرين في مشروعية زيارة الامام الرضاعليه‌السلام وفضل زيارته ، ومن هذه الأحاديث ، ما روي عن الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّه قال : « ستدفن بضعة مني بأرض خراسان ما زارها مكروب إلّا نفسّ الله كربته ، ولا مذنب إلّا غفر الله ذنوبه »(٢)

___________________

(١) حياة الامام علي بن موسى الرضا ( للقرشي ) : ٣٨٥

(٢) عيون أخبار الرضا ٢ / ٢٥٨

٢٢٠