الإصابة في تمييز الصحابة الجزء ٢

مؤلف: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 608
مؤلف: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 608
والمراد بقوله سخينة قريش.
وذكر المرزبانيّ أنه جاهليّ ، وأن البيت الّذي قاله في قريش كان في حرب الفجار وهذا أصوب.
الخاء بعدها الراء
٢٣٣٣ ز ـ خراش بن أبي خراش الهذلي.
واسم أبيه خويلد بن مرة ، وسيأتي ذكره.
أدرك الجاهليّة ، وغزا في عهد عمر.
قال أبو عبيدة وغيره : أسر بنو فهم عروة أخا أبي خراش ، فمضى إليهم أبو خراش بابنه خراش فرهنه عندهم ، وأطلق أخاه ثم أحضر الفداء وأطلق ابنه وقال في ذلك شعرا.
وروى أبو الفرج الأصبهانيّ ، من طريق ابن أخي الأصمعيّ ، عن الأصمعيّ ، قال : هاجر خراش بن أبي خراش في عهد عمر وغزا فأوغل في بلاد العدوّ ، فقدم أبو خراش المدينة فجلس بين يدي عمر ، وشكا إليه شوقه إلى خراش وأنه انقرض أهله وقتل إخوته ولم يبق له غيره ، وأنشده :
ألا من مبلغ عنّي خراشا |
وقد يأتيك بالنّبإ البعيد |
[الوافر]
الأبيات.
قال : فكتب عمر بأن يقفل خراش ، وألّا يغزو من كان له أب شيخ إلا بعد أن يأذن له.
٢٣٣٤ ـ خراش : والد عبد الله. له إدراك.
روى الرّويانيّ في مسندة ، من طريق يعلى بن عطاء ، عن عبد الله بن خراش عن أبيه ، قال : نزل عمر بن الخطّاب الجابية ، فمرّ معاذ بن جبل ، فذكر قصة ، وفيها قال : فأخبرني أبي أنه سمع عمر يدعو : اللهمّ ثبّتنا على أمرك ، واعصمنا بحبلك ، وارزقنا من فضلك.
٢٣٣٥ ز ـ خرّزاد بن بزرج الفارسيّ الصنعاني ، أحد من قتل الأسود [الصنعاني](٢) الّذي تنبأ باليمن في حياة النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم .
__________________
(١) ينظر البيت في ديوان الهذليين ١ / ١٧٠.
(٢) سقط في ط.
يأتي ذكره ، وذكر الّذي بعده(١) في داذويه إن شاء الله تعالى.
٢٣٣٦ ز ـ خرخست (٢) الفارسيّ : ، يأتي ذكره مع الّذي بعده ، وقد مضى التنبيه عليه في حنيش الديلميّ.
[٢٣٣٧ ز ـ خريت بن راشد الشاميّ.] (٣) له إدراك ، وكان رئيس قومه ، شهد مع علي حروبه ، ثم فارقه لما وقع التحكيم ، ثم أرسل إليه عليّ معقلا الرياحي ، أحد بني يربوع ، فأوقع بهم. ذكر ذلك الزبير بن بكار.
الخاء بعدها الزاي
٢٣٣٨ ز ـ خزيمة : بن عداس المزني.
ذكره المراديّ في الزّمنى من الأشراف. وروى من طريق الهيثم بن عدي عن أبيه ، عن أبي إياس ، قال : خرج خزيمة بن عداس المزني ، وكان قد ذهب بصره ، ويقال : إنه أدرك النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فذكر قصّة.
الخاء بعدها السين
(٢٣٣٩) ـ (خسر خسرة) الفارسيّ : رسول باذان إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، تقدم ذكره في الباء الموحدة في بابويه].(٤)
٢٣٤٠ ز ـ خسيس (٥) : بمعجمة مصغرا ، الكنديّ.
أنشد له أبو حذيفة البخاريّ في الفتوح شعرا قاله في طاعون عمواس ، ذكره ابن عساكر في تاريخه يقول فيه :
فصبرنا لهم كما حكم الله |
وكنّا في الموت أهل تأسّي |
[الخفيف]
قلت : وهذا غير خسيس الكنديّ الآتي في الأخير.
الخاء بعدها الطاء
٢٣٤١ ز ـ خطيل بن أوس العبسيّ ، أخو الحطيئة الشاعر.
__________________
(١) في أ : وذكر الّذي قبله.
(٢) في أ : خرخشيب الفارسيّ.
(٣) سقط من أ.
(٤) سقط من أ.
(٥) في أخشيش.
أدرك الجاهليّة ، وله شعر في زمن الردة ، ذكره سيف.
الخاء بعدها الفاء
٢٣٤٢ ز ـ خفاف بن مالك بن عبد يغوث بن علي بن ربيعة المازني ـ مازن بني(١) تيم.
قال الآمديّ : شاعر فارس أدرك الجاهليّة والإسلام وهو القائل :
ولا عزّنا يعدي على ظلم غيرنا |
وليس علينا للظّلامة مذهب |
[الطويل]
٢٣٤٣ ز ـ خليفة بن جزء بن الحارث بن زهير بن جذيمة العبسيّ. والد القعقاع(٣) .
مات أبوه في الجاهليّة ، وكان القعقاع رجلا في زمن عبد الملك بن مروان ، وأقطعه أرضا نسبت إليه ، ذكر ذلك البلاذري.
وكانت ولادة بنت العبّاس بن جزء المذكور عند عبد الملك فولدت له ولديه : الوليد ، وسليمان.
[٢٣٤٤ ز ـ خليفة بن عبد الله بن الحارث بن المستلم بن قيس بن معاوية الجعفيّ.
له إدراك ، وتزوّج الحسن بن عليّ ابنته عائشة ، ولها معه قصة لما مات عليّ فدخلت عليه تهنئة بالخلافة فطلّقها. ذكر ذلك ابن الكلبيّ.
٢٣٤٥ ز ـ خليفة المنقري : جد أبي سويّة أو أبو سويّة ، وهو جد العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سويّة المنقريّ.
قال ابن مندة : له إدراك ، ولا يعرف له صحبة.
قلت : سيأتي ذكره مبينا في ترجمة محمد بن عدي بن ربيعة](٤) .
الخاء بعدها النون
٢٣٤٦ ز ـ خنّابة بن كعب العبسيّ.
أحد المعمرين ، أدرك الجاهليّة والإسلام. وذكر أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين ، عن العمري ، حدثني عطاء بن مصعب ، عن الزبرقان. قال عطاء : دخل خنابة بن
__________________
(١) من ت : مازن نهم.
(٢) ينظر البيت في الآمدي : ١٥٤.
(٣) في أ : قعقعة.
(٤) سقط من أ.
كعب العبشمي على معاوية حين اتّسق له الأمر ببيعة يزيد ، وقد أتت لخنّابة يومئذ مائة وأربعون سنة ، فقال له معاوية : يا خنّابة ، كيف نفسك اليوم؟ فقال يا أمير المؤمنين :
عليّ لسان صارم إن هززته |
وركني ضعيف والفؤاد موقر |
|
كبرت وأفنى الدّهر حولي وقوّتي |
فلم يبق إلا منطق ليس يهدر |
[الطويل]
قال : وهو القائل :
فما أنا إن أخنستما بي وحلتما |
عن العهد بالفتى الصّغير فأخدع |
|
حويت من الغايات تسعين حجّة |
وخمسين حتّى قيل أنت المقزّع |
[الطويل]
٢٣٤٧ ـ خنافر بن التّوأم الحميري (١) : كان كاهنا من حمير ، ثم أسلم على يد معاذ بن جبل ، وله خبر حسن من أعلام النبوّة في إسناده مقال ، ذكره أبو عمر.
قلت : وذكره الأزديّ ، وقال : إسناد خبره ضعيف. انتهى.
ووجدت خبره في الأخبار المنثورة لابن دريد ، قال : أخبرني عمّي عن أبيه ، عن ابن الكلبيّ ، عن أبيه قال : كان خنافر بن التوأم كاهنا ، وكان قد أوتي بسطة في الجسم وسعة في المال ، وكان عاتيا ، فلما وفدت وفود اليمن على النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم وظهر الإسلام أغار على إبل لمراد فاكتسحها ، وخرج بماله وأهله فلحق بالشّحر ، فحالف جودان ابن يحيى القرضمي ، وكان سيدا منيعا فنزل واديا مخصبا. وكان له رئيّ في الجاهليّة ففقده في الإسلام ، قال : فبينا أنا ليلة بذلك الوادي إذ هوى على هويّ العقاب فقال : خنافر. فقلت : شصار. فقال : اسمع أقل. قلت : قل أسمع قال : عه تغنم ، لكلّ ذي أمد نهاية ، وكل ذي ابتداء له غاية ، قلت : أجل. قال : كلّ دولة إلى أجل ، ثم يتاح لها حول ، وقد انتسخت النّحل ، ورجعت إلى حقائقها الملل ، إني آنست بالشام نفرا من آل العذام ، حكاما على الحكّام ، يذبرون ذا رونق من الكلام ، ليس بالشعر المؤلّف ، ولا السجع المتكلّف ، فأصغيت فزجرت ، فعاودت فظلفت ، فقلت : بم تهينمون؟ وإلام تعتزون؟ فقالوا : خطاب كبّار. جاء من عند الملك الجبّار ، فاسمع يا شصار لأصدق الأخبار ، واسلك أوضح الآثار تنج من أوار النّار.
__________________
(١) أسد الغابة ت (١٤٨٤) ، الاستيعاب ت (٦٩٤).
فقلت : وما هذا الكلام؟ قالوا فرقان بين الكفر والإيمان أتى به رسول من مضر ، ثم من أهل المدر ، ابتعث فظهر ، فجاء بقول قد بهر ، وأوضح نهجا قد دثر ، فيه مواعظ لمن اعتبر.
قلت : ومن هذا المبعوث بالآي الكبر؟ قال : أحمد خير البشر ، فإن آمنت أعطيت الشّبر. وإن خالفت أصليت سقر ، فآمنت يا خنافر ، وأقبلت إليك أبادر ، فجانب كل نجس كافر ، وشايع كل مؤمن طاهر ، وإلا فهو الفراق.
قال : فاحتملت بأهلي ، فرددت الإبل إلى أهلها ثم أقبلت إلى معاذ بن جبل بصنعاء فبايعته على الإسلام ، وعلمني سورا من القرآن ، وفي ذلك أقول :
ألم تر أنّ الله عاد بفضله |
وأنقذ من لفح الزّخيخ خنافرا(١) |
|
دعاني شصار للّتي لو رفضتها |
لأصليت جمرا من لظى الهوب واهرا |
[الطويل]
الخاء بعدها الواو
٢٣٤٨ ـ خويلد بن خالد بن محرّث ، أحد بني مازن بن معاوية بن تميم بن عمرو بن سعد بن هذيل ، أبو ذؤيب الهذلي.
مشهور بكنيته ، يأتي في الكنى.
٢٣٤٩ ـ خويلد بن ربيعة العقيلي ، أبو حرب.
ذكره وثيمة في «الردة» ، وأنه خطب قومه بني عامر ، وأمرهم بالثّبات على الإسلام ، قال : وكان فارس بني عامر ، ومن شعره في ذلك :
أراكم أناسا مجمعين على الكفر |
وأنتم غدا نهب لخيل أبي بكر |
|
بنى [١٨٠] عامر إن تأمنوا اليوم خالدا |
يصبكم غدا منه بقارعة الدّهر |
[الطويل]
٢٣٥٠ ز ـ خويلد بن مرّة الهذلي ، أبو خراش الشاعر الفارس المشهور.
قال المرزبانيّ : أدرك الإسلام شيخا كبيرا ، ووفد على عمر وقد أسلم ، وله معه أخبار ، وقتل أخوه عروة ، قتلته ثمالة من الأزد ، وأسروا ابنه خراشا ، فدعا الّذي أسره رجلا
__________________
(١) من أ : جائرا.
(٢) ينظر البيتان في الأمالي ١ / ١٠٥.
الإصابة/ج٢/م٢٠
للمنادمة ، فرأى خراشا موثقا في القيد ، فألقى عليه رداءه ، فأجاره ، فلما أطلق قدم على أبيه ، فقال له : من أجارك؟ قال : لا أدري والله.
وقال أبو الفرج الأصبهانيّ. كان أحد الفصحاء ، أدرك الجاهليّة والإسلام ، ومات في أيام عمر ، ثم روى من طريق الأصمعيّ ، قال : دخل أبو خراش الهذلي مكّة في الجاهليّة ، وللوليد بن المغيرة فرسان يريد أن يرسلهما في الحلبة فقال : ما تجعل لي إن سبقتهما عدوا؟ قال : إن فعلت فهما لك ، فسبقهما.
وأنشد له لما هدم خالد بن الوليد العزّى شعرا يبكيها ويرثي سادنها دبيّة السّلمي ، وأنشد له شعرا قاله في زهير بن العجوة يرثيه لما قتل يوم الفتح ، وقيل في حنين ، وهو القائل لما قتل ابنه عروة في الجاهلية وسلم خراش الّذي تقدم ذكره :
حمدت إلهي بعد عروة إذ نجا |
خراش وبعض الشّرّ أهون من بعض |
|
ولم أدر من ألقى عليه رداءه |
ولكنّه قد سلّ عن ماجد محض |
[الطويل]
وقد ذكر المبرّد في الكامل القصّة وملخّصها ما ذكر.
ويقال : إنه لا يعرف من مدح من لا يعرف غير أبي خراش.
وقال ابن الكلبيّ والأصمعيّ وغيرهما : مرّ على أبي خراش ، وكان قد أسلم فحسن إسلامه ، نفر من اليمن ، وكانوا حجاجا فنزلوا عليه فقال : ما أمسى عندي ماء ، ولكن هذه برمة وشاة وقربة ، فردوا الماء فإنه غير بعيد ، ثم اطبخوا الشاة ، وذروا البرمة والقربة عند الماء حتى نأخذها ، فامتنعوا وقالوا : لا نبرح فأخذ أبو خراش القربة ، وسعى نحو الماء تحت الليل فاستقى ، ثم أقبل فنهشته حية ، فأقبل مسرعا حتى أعطاهم الماء ، ولم يعلمهم ما أصابه فباتوا يأكلون ، فلما أصبحوا وجدوه في الموت ، فأقاموا حتى دفنوه ، فبلغ عمر خبره فقال : والله لو لا أن يكون سنّة لأمرت ألّا يضاف يماني بعدها ، ثم كتب إلى عامله أن يأخذ النفر الذين نزلوا بأبي خراش فيغرمهم ديته. وأنشد له المرزبانيّ في أخيه عروة المذكور :
تقول أراه بعد عروة لاهيا |
وذلك رزء ما علمت جليل(٢) |
|
فلا تحسبي أنّي تناسيت عهده |
ولكنّ صبري يا أميم جميل |
[الطويل]
__________________
(١) ينظر البيتان في ديوان الهذليين ٢ / ١٥٧.
(٢) ينظر البيتان له في أشعار الهذليين : ١١٦.
(٣) سقط من أ.
الخاء بعدها الياء
٢٣٥١ ـ خيار بن أوفى أو ابن أبي أوفى النهديّ. له إدراك.
روى الدينَوَريّ في المجالسة من طريق النضر ، عن عمر بن الحسن ، عن أبيه ، قال :
دخل ابن أبي أوفى النهدي على معاوية ، وكان كبير السّن فقال له معاوية : لقد غيّرك الدّهر ، فذكر قصة.
وقال ابن أبي الدّنيا : حدّثنا العباس بن بكّار ، عن عيسى بن يزيد ، قال : دخل خيار بن أبي أوفى النهدي على معاوية فقال له : ما صنع بك الدهر؟ قال : ضعضع قناتي ، وجرّأ عليّ عداتي ، وأنشد شعرا قاله في الزجر عن شرب الخمر.
٢٣٥٢ ز ـ خيار بن مرثد التجيبي ، ثم الأبذوي.
له إدراك ، قال ابن يونس : شهد فتح مصر ، وكان رئيسا فيهم.
القسم الرابع
الخاء بعدها الألف
٢٣٥٣ ـ خارجة بن جبلة (١) :
ذكره ابن حبّان وغير واحد في الصّحابة ، وهو وهم نشأ عن تصحيف وانقلاب ، فأخرجوا من طريق شريك ، عن أبي إسحاق ، عن فروة بن نوفل ، عن خارجة بن جبلة في قراءة :( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) [الإخلاص ١] هكذا قال بشر بن الوليد ، عن شريك ، وقال سعيد ابن سليمان ، عن شريك بن جبلة بن خارجة وهو الصّواب ، وهكذا قال أصحاب أبي إسحاق. قال الباوردي : أخاف أن يكون شريك أخطأ فيه لما حدث به بشرا أو أخطأ فيه بشر على شريك.
٢٣٥٤ ـ خارجة : بن زيد الخزرجي(٢) الّذي تكلّم بعد الموت.
__________________
(١) الثقات ٣ / ١١١ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٦ ، أسد الغابة ت (١٣٢٥) ، الاستيعاب ت (٦١٢).
(٢) الثقات ٣ / ١١١ تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٧ ، الاستبصار ١ / ١١٥ ، عنوان النجابة ٧٦ ، التحفة اللطيفة ٢ / ٧ ، الطبقات الكبرى ٣ / ٥٢٤ ، التاريخ الكبير ٣ / ٢٠٤ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٣٧ ، حلية الأولياء ٢ / ١٨٩ ، العبر ١ / ١١٩ ، أصحاب بدر ١٧٣ ، روضات الجنات ٣ / ٢٧٥ ، التاريخ الصغير ١ / ٤٢ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٩١ ، الأعلام ٢ / ٢٩٣ ، البداية والنهاية ٩ / ١٨٧ ، طبقات الحفاظ ٣٥ ، أسد الغابة ت (١٣٣١).
كذا سماه أبو نعيم ، وانقلب عليه. والصواب زيد بن خارجة [وسيأتي في الزاي.](١)
٢٣٥٥ ـ خارجة بن المنذر (٢) :
ذكره أبو موسى عن عبدان. والصّواب خارجة بن عبد المنذر كما تقدم.
٢٣٥٦ ـ خارجة بن النعمان (٣) .
ذكره أبو موسى عن علي بن سعيد العسكري ، وهو خطأ نشأ عن تصحيف وسقط ، والصّواب أم هشام بنت حارثة بن النّعمان ، والواهم فيه محمد بن حبيب شيخ العسكريّ ، فروى من طريق شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن ، عن معن بن عبد الله أو عبد الله بن معن ، عن خارجة بن النعمان. قال : لقد رأيتنا وإن تنوّرنا وتنوّر رسول الله لواحد.» الحديث.
وهذا مشهور من رواية شعبة عن حبيب ، عن عبد الله بن محمّد بن معن ، عن أم هشام بنت حارثة بن النّعمان. [والحديث عند مسلم وأبي داود وغيرهم ووهم الذهبيّ فذكر هنا أن الحديث لحارثة ، وليس كذلك ، بل هو لابنته.](٤)
٢٣٥٧ ـ خالد بن أسيد بن أبي المغلّس. (٥)
ذكره عبدان فصحّفه. والصّواب ابن أبي العيص ، كما تقدم على الصّواب.
٢٣٥٨ ـ خالد بن أيمن المعافريّ (٦) : تابعي أرسل حديثا فذكره ابن عبد البرّ في الصحابة. ثم أنكر على ابن أبي حاتم إيراده ، ولا إنكار عليه ، فإنه بين أمره ، فقال خالد بن أيمن : إن أهل العوالي كانوا يصلّون مع النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فنهاهم أن يصلّوا في يوم مرتين.
وروى عنه عمرو بن شعيب. وهكذا أورده البخاريّ من طريق عمرو بن شعيب ، وقال في آخره : فذكرته لسعيد بن المسيب ، فقال : صدق.
قال أبو عمر : لا يعرف في الصّحابة ولا ذكره غيره أي ابن أبي حاتم ، وإنما يعرف هذا عن عمرو بن شعيب. عن سليمان بن يسار ، عن ابن عمر ، كذا قال. وقد ذكره البخاريّ كما ترى.
__________________
(١) سقط من أ.
(٢) أسد الغابة ت (١٣٣٨).
(٣) أسد الغابة ت (١٣٣٩) ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٨ ، الطبقات ٢١٣ ، ثقات ٦ / ٢٦٣ ، دائرة الأعلمي ١٧ / ١٢٥.
(٤) سقط من أ.
(٥) أسد الغابة ت (١٣٤٤).
(٦) أسد الغابة ت (١٣٤٧) ، الاستيعاب ت (٦٤٤).
٢٣٥٩ ـ خالد بن سعد (١) :
ذكره عبدان ، وهو خطأ نشأ عن تصحيف وسقط ، قال عبدان : حدّثنا يحيى بن حكيم ، حدثنا مكي ، عن هاشم بن هاشم ، عن عامر ، عن خالد بن سعد أن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «من تصبّح بسبع تمرات ...» الحديث.
قال وقد أخرجه أحمد في مسندة عن مكي بن إبراهيم ، عن هاشم ، فقال : عن عامر ابن سعد ، عن أبيه : لا ذكر لخالد فيه.
وهكذا أخرجه الشّيخان وأبو داود والنّسائيّ من طرق عن هاشم بن هاشم.
٢٣٦٠ ـ خالد بن سنان العبسيّ (٢) :
ذكره أبو موسى عن عبدان ، وقال : ليست له صحبة ولا أدرك النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم . ذكره النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «نبيّ ضيّعه قومه.»(٣)
ووفدت ابنته على النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت ، وقد سمعته يقرأ :( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) كان أبي يقول هذا.
قال ابن الأثير : لا أدري لم ذكره مع اعترافه بأن لا صحبة له؟
قلت : ولو كان كلّ من يذكره النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم يكون صحابيا لاستدركنا عليه خلقا كثيرا.
وقد نسب ابن الكلبيّ خالدا هذا فقال خالدا بن سنان بن غيث بن مريطة بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس العبسيّ.
[وذكر المسعوديّ(٤) في «مروج الذّهب» من طريق سعيد بن كثير بن عفير المصري ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله خلق طائرا في الزّمن الأوّل يقال له العنقاء. فكثر نسله في بلاد الحجاز ، فكانت تخطف الصّبيان ، فشكوا ذلك لخالد بن سنان وهو نبيّ ظهر بعد عيسى من بني عبس ، فدعا عليها أن يقطع نسلها ، فبقيت صورتها في البسط.»(٥)
__________________
(١) أسد الغابة ت (١٣٦٤).
(٢) أسد الغابة ت (١٣٦٧)
(٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات ١ : ٢ : ٤٢.
(٤) من هنا حتى إنه نبي أهل الرس سقط من أ.
(٥) أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث ٣٥٢٩٦.
وبه قال ابن عباس :
وكان خالد بن سنان بعث مبشرا بمحمدصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلما حضرته الوفاة قال : إذا أنا متّ فادفنوني في حقف من هذه الأحقاف ، فذكر نحو ما تقدم.
وبه إلى ابن عبّاس ، قال : ووردت ابنة له عجوز على النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم فتلقّاها بخير وأكرمها ، وقال لها : «مرحبا بابنة نبيّ ضيّعه قومه»(١) ، فأسلمت وفي ذلك يقول شاعر من بني عبس فذكر شعرا.
وأصحّ ما وقفت عليه في ذلك مع إرساله ما قرأت على أبي المعالي الأزهريّ ، عن زينب بنت أحمد المقدسيّة ، عن إبراهيم بن محمود ، قال : قرأ على خديجة بنت النهرواني ونحن نسمع عن الحسين بن أحمد بن طلحة سماعا ، أنبأنا أبو الحسين بن بشران في الجزء الثاني من الرابع من أمالي عبد الرزاق ، عن إسماعيل الصفار سماعا ، أنبأنا عبد الرزّاق ، إملاء ، حدّثنا سفيان ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير قال : جاءت ابنة خالد بن سنان العبسيّ إلى النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «مرحبا بابنة نبيّ ضيّعه قومه.»(٢)
ورجاله ثقات إلا أنه مرسل.
وقال الكلبيّ في تفسيره ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : دخلت ابنة خالد بن سنان على النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «مرحبا بابنة نبيّ ضيّعه قومه.»
قال الفضل بن موسى الشّيبانيّ : دخلت على أبي حمزة السكري. فحدثته بهذا عن الكلبيّ ، فقال : أستغفر الله ، أستغفر الله ، أخرجه الحاكم في تاريخ نيسابور.
ورواه أبو محمد بن زبر ، عن الخضر بن أبان ، عن عمرو بن محمد ، عن سفيان الثوريّ ، عن سالم نحوه.
وذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب «الأرجاء والجماجم» ، خالد بن سنان أحد بني مخزوم بن مالك العبسيّ لم يكن في بني إسماعيل نبيّ غيره قبل محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم وهو الّذي أطفأ نار الحرّة. وكانت حرّة ببلاد بني عبس يستضاء بنارها من مسيرة ثلاثة أيام ، وربما سطعت منها عنق فاشتعلت في البلاد ، فلا تمرّ على شيء إلا أهلكته ، فإذا
__________________
(١) أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٣٤٤٢٩ وعزاه للمسعوديّ في مروج الذهب عن عكرمة عن ابن عباس قال وردت ابنة خالد بن سنان على النبيصلىاللهعليهوسلم فتلقاها بخير وأكرمها وقال فذكره عبد الرزاق في أماليه عن سعيد بن جبير مرسلا ورجاله ثقات. وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ١ / ٢٩٦ ، وابن الأثير في أسد الغابة ٢ / ٩٩.
(٢) أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٣٤٤٢٩ وعزاه للمسعوديّ في مروج الذهب عن عكرمة عن ابن عباس قال وردت ابنة خالد بن سنان على النبيصلىاللهعليهوسلم فتلقاها بخير وأكرمها وقال فذكره عبد الرزاق في أماليه عن سعيد بن جبير مرسلا ورجاله ثقات. وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ١ / ٢٩٦ ، وابن الأثير في أسد الغابة ٢ / ٩٩.
كان النهار فإنما هي دخان يفور ، فبعث الله خالد بن سنان العبسيّ فاحتفر لها سربا ثم أدخلها فيه ، والناس ينظرون ، ثم اقتحم فيها حتى غيّبها ، فسمع بعض القوم وهو يقول : هلك الرّجل. فقال خالد بن سنان : كذب ابن راعية المعزى وخرج يرشح جبينه عرقا وهو يقول عودي بدّا ، كل شيء يؤدى ، لأخرجن منها وجسدي يندى. فلما حضرته الوفاة قال لقومه : إذا أنا متّ فاحفروا قبري بعد ثلاث فإنكم ترون عيرا يطوف بقبري ، وإذا رأيتم ذلك فإنّي أخبركم بما هو كائن إلى يوم القيامة.
فاجتمعوا ، فلما رأوا العير أرادوا نبشه فقال ابنه عبد الله بن خالد بن سنان : لا تنبشوه ، ولا أدعى ابن المنبوش أبدا ، فافترقوا فرقتين ، فتركوه.
وقدمت ابنته على النبيّصلىاللهعليهوسلم فبسط لها رداءه وأجلسها عليه ، وقال : «ابنة نبيّ ضيّعه قومه.»(١)
وقال القاضي عياض في الشّفاء في سياق من اختلف في نبوّته : وخالد بن سنان المذكور يقال إنه نبيّ أهل الرّسّ.]
وقد روى الحاكم وأبو يعلى والطّبرانيّ ، من طريق معلى بن مهدي ، عن أبي عوانة ، عن أبي يونس ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس أنّ رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه : إني أطفئ عنكم نار الحدثان ، فقال له عمارة بن زياد ـ رجل من قومه : والله ما قلت لنا يا خالد قطّ إلا حقا ، فما شأنك وشأن نار الحدثان ، تزعم أنك تطفئها؟
قال : انطلق ، فانطلق معه عمارة في ثلاثين من قومه حتى أتوها ، وهي تخرج من شقّ جبل من حرّة يقال لها حرة أشجع ، فخطّ لهم خالد خطة فأجلسهم فيها ، وقال : إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي ، قال : فخرجت كأنها جبل سعر يتبع بعضها بعضا ، واستقبلها خالد ، فضربها بعصاه حتى دخل معها الشقّ ، وهو يقول بدّا بدّا بدّا ، كلّ هدي يؤدى ، زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثيابي تندى ، حتى دخل معها الشّق. قال : فأبطأ عليهم ، فقال عمارة بن زياد : والله لو كان صاحبكم حيّا لقد خرج منها فقالوا : إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه قال : فدعوه باسمه ، فخرج إليهم وقد أخذ برأسه ، فقال : ألم أنهكم أن تدعوني باسمي؟ قد والله قتلتموني فإذا متّ فادفنوني ، فإذا مرت بكم عانة حمر فانبشوني ، فإنكم ستجدونني حيّا فأخبركم بما يكون.
__________________
(١) أورده الهيثمي في الزوائد ٨ / ٢١٧ ، عن خالد بن سنان قال الهيثمي رواه البزار والطبراني إلا أنه قال جاءت بنت خالد بن سنان الى النبي فبسط لها ثوبه وفيه قيس بن الرفيع وقد وثقه شعبة والثوري وضعفه أحمد مع ورعه وابن معين.
فدفنوه فمرّت بهم الحمر فيها حمار أبتر ، فقالوا : انبشوه ، فإنه قد أمرنا أن ننبشه ، فقال لهم عمارة بن زياد تحدّث مضر أنا ننبش موتانا ، والله لا تنبشوه أبدا ، وقد كان خالد أخبرهم أن في عكن امرأته لوحين ، فإذا أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما ، فإنكم سترون ما تسألون عنه ، وقال : لا تمسّهما حائض.
فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما وهي حائض. فذهب ما كان فيهما من علم.
قال أبو يونس : قال سماك بن حرب : سئل عنه النبيصلىاللهعليهوسلم ، فقال : «ذاك نبيّ ضيّعه قومه»(١) ، وإن ابنته أتت النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «مرحبا بابنة أخي».(٢)
قال الحاكم : هذا حديث صحيح ، فإن أبا يونس هو حاتم بن أبي صغيرة.
قلت : لكن معلى بن مهدي ضعّفه أبو حاتم الرّازي ، قال الحاكم : قد سمعت أبا الأصبغ عبد الملك بن نصر وغيره يذكرون أن بينهم وبين القيروان بحرا في وسط جبل لا يصعده أحد ، وأن طريقها في البحر على الجبل وإنهم رأوا في أعلى الجبل في غار هناك رجلا عليه صوف أبيض ، وهو محتب في صوف أبيض ، ورأسه على يديه ، كأنه نائم لم يتغير منه شيء ، وإن جماعة أهل تلك الناجية يشهدون أنه خالد بن سنان.
قلت : وشهادة أهل تلك الناحية بذلك مردودة ، فأين بلاد بني عبس من جبال المغرب.
وأخرجه البزّار والطّبرانيّ من طريق قيس بن الربيع ، عن سالم موصولا بذكر ابن عباس ، قال : ذكر خالد بن سنان عند النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «ذاك نبيّ ضيّعه قومه.»
وزاد الطّبرانيّ : وجاءت بنت خالد إلى النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم فسألها قومه ...» الحديث.
__________________
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ٥٩٩ عن خالد بن سنان قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وأورده الهيثمي في الزوائد ٨ / ٢١٧ ، عن خالد بن سنان وقال الهيثمي رواه البزار والطبراني إلا أنه قال جاءت بنت خالد بن سنان إلى النبي فبسط لها ثوبه ، وفيه قيس ابن الربيع وقد وثقه شعبة والثوري ولكن ضعفه أحمد مع ورعه وابن معين وأورده السيوطي في الدر المنثور ٢ / ٢٤٧
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ١٢ / ٢٠٠.
وقيس ضعيف من قبل حفظه ، وسيأتي له ذكر في ترجمة سباع بن زيد العبسيّ.
وذكر المسعوديّ في «مروج الذّهب» من طريق محمد بن عمر : حدثني علي بن مسلم الليثي ، عن المقبري ، عن أبي هريرة ، قال : قدم ثلاثة نفر من بني عبس على رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : إنه قدم علينا قراؤنا وأخبرونا أنه لا إسلام لمن لا هجرة له ، ولنا أموال ومواش هي معاشنا ، فإن كان لا إسلام لمن لا هجرة له بعناها وهاجرنا ، فقال : «اتّقوا الله ، حيث كنتم ، فلن يلتكم من أعمالكم شيئا ، ولو كنتم بصدر جازان.»(١) سألهم عن خالد بن سنان فقالوا : لا عقب له فقال : «نبيّ ضيّعه قومه» [ثم أنشأ يحدّث أصحابه حديث خالد بن سنان.
وأخرج ابن شاهين في الصّحابة ، من طريق الحسين بن محمد ، حدثنا عائذ بن حبيب ، عن أبيه ، حدّثني مشيخة من بني عبس ، عن سباع بن زيد أنهم وفدوا على رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فذكروا له قصة خالد بن سنان فقال : «ذاك نبيّ ضيّعه قومه.»(٢)
٢٣٦١ ـ خالد بن سويد (٣) : ويقال خلّاد بن سويد ، وهو الأشهر.
قلت : من قال فيه خالد فقد صحّف.
٢٣٦٢ ـ خالد بن صخر (٤) : بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التيمي. جد والد محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد الفقيه.
ذكره عبدان ، وأخرج من طريق موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد بن صخر ، وكان خالد بن صخر من مهاجرة الحبشة ، عن أبيه ، عن خالد بن عبد الله ، قال
ركب رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم إلى قباء. فذكر حديثا.
قال عبدان : لم أجد لخالد بن صخر ذكرا إلا في هذا الحديث.
قلت الصّواب : وكان الحارث بن خالد من مهاجرة الحبشة ، وقد ذكرنا ، في موضعه ، قال ابن الأثير : والصّحبة والهجرة للحارث لا لخالد ، وولد للحارث ابنه إبراهيم بالحبشة ، وقد تقدم ذكره أيضا.
٢٣٦٣ ـ خالد : بن الطفيل بن مدرك الغفاريّ.
قال ابن مندة : ذكره ابن منيع في الصّحابة. وفيه نظر.
__________________
(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ١ / ٢٢٦ ، عن أبي هريرة.
(٢) سقط من أ.
(٣) أسد الغابة ت (١٣٦٨).
(٤) أسد الغابة ت (١٣٧٠).
وروي من طريق سفيان بن حمزة ، عن كثير بن زيد ، عن خالد بن الطّفيل بن مدرك الغفاريّ أنّ النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم بعث جدّه مدركا إلى مكة ليأتي بابنته ، قال : وكان رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم إذا سجد وركع قال : «أعوذ برضاك من سخطك ...» الحديث.(١)
قلت : لم يورده ابن منيع إلا في ترجمة مدرك ، وكلام ابن مندة يوهم أنه ذكر خالدا في الصّحابة ، وليس كذلك.
٢٣٦٤ ـ خالد (٢) : بن فضاء.
تابعي أرسل حديثا فذكره عليّ بن سعيد العسكريّ من طريق حماد بن زيد ، عن هشام ابن حسّان ، عن محمد بن سيرين ، عن خالد بن فضاء ، قال : سئل النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم : أيّ الناس أحسن قراءة؟ قال : «الّذي إذا سمعت قراءته رأيت أنّه يخشى الله تعالى.»
٢٣٦٥ ـ خالد بن كثير :
قال ابن أبي حاتم : سألت أبي عنه فقال : ليست له صحبة ، فقلت : إن أحمد بن يسار أدخله في المسند ، فقال : إنما يروي عن أبي إسحاق ، ونحوه.
قلت : وذكره ابن حبّان في تابعي التّابعين.
٢٣٦٦ ـ خالد : بن اللّجلاج(٣) .
قال أبو عمر في صحبته نظر ، وله حديث حسن رواه ابن عجلان عن زرعة بن إبراهيم عنه. ولا أعرفه في الصّحابة. انتهى.
وما عرفت من هو الّذي ذكره في الصّحابة قبله ، وهو تابعي مشهور.
قال أبو حاتم : روايته عن عمر مرسلة ، نعم لأبيه صحبة.
وأما خالد فذكره ابن سميع في الطبقة الرابعة ، وخليفة في الأولى من الشّاميّين. والبخاريّ وابن أبي خيثمة ، وابن حبّان في التّابعين. وقال ابن إسحاق : قال لي مكحول : كان خالد ذا سنّ وصلاح ، رواه البخاريّ في تاريخه.
__________________
(١) مسانيد ٢ / ٣٧٨.
(٢) تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٥٣ ، التاريخ الكبير ٣ / ١٦٧ ، التاريخ الصغير ٢ / ١٤٥ ، أسد الغابة ت (١٣٨٨).
(٣) أسد الغابة ت (١٣٩٢) ، الاستيعاب ت (٦٤٢).
٢٣٦٧ ـ خالد (١) بن يزيد بن معاوية.
ذكره عبدان ، وأخرج من طريق سعيد بن أبي هلال ، عن علي بن خالد ـ أنّ أبا أمامة مر على خالد بن يزيد بن معاوية فسأله عن كلمة سمعها من رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فذكر الحديث : «ألا كلّكم يدخل الجنّة إلّا من شرد على الله شراد البعير على أهله.»(٢)
قلت : ظنّ أن الضمير يعود على خالد ، وليس كذلك ، بل إنما يعود على المشار إليه وهو أبو أمامة. والحديث حديثه ، وليست لخالد ، بل ولا لأبيه ، صحبة.
٢٣٦٨ ـ خالد ، أبو نافع (٣) : الخزاعيّ(٤) .
كان ممن بايع تحت الشّجرة ، ثم ذكره أبو عمر مفرّقا بينه وبين خالد الخزاعيّ المتقدم ذكره ، فوهم ، نبّه عليه ابن الأثير.
٢٣٦٩ ـ خالد الجهنيّ (٥) : قال الذهبيّ في الميزان : روى عبد الله بن مصعب بن خالد الجهنيّ ، عن أبيه ، عن جدّه. فرفع خطبة منكرة ، وفيهم جهالة.
قلت : تلقّف ذلك من ابن القطّان ، فإنه ذكر الحديث الّذي سأذكره ، ثم قال : عبد الله وأبوه لا يعرفان في هذا أو نحوه ، ولم يتعرض لخالد فأصاب لأن في سياقه : تلقفت هذه الخطبة من فير سول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم بتبوك ، فسمعته يقول : ««والخمر جماع الإثم.»(٦)
هكذا أخرجه الدارقطنيّ في السّنن من طريق الزبير بن بكّار ، عن عبد الله بن نافع. عن عبد الله بن مصعب بن خالد بن زيد بن خالد الجهنيّ ، عن أبيه عن زيد بن خالد ، قال :
__________________
(١) تاريخ البخاري ٣ / ١٨١ ، الجرح والتعديل ق ٢ م ٣٥٧ ، فهرست ابن النديم ٤١٩ ، تاريخ ابن عساكر ٥ / ٢٨٨ ، معجم الأدباء ١١ / ٣٥ وفيات الأعيان ٢ / ٢٢٤ ، تهذيب الكمال ص ٣٦٨ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٢٤٦ ، العبر ١ / ١٠٥ ، تذهيب التهذيب ١ / ١٩٤ ، البداية والنهاية ٨ / ٢٣٦ ، ٩ / ٨٠ ، تهذيب التهذيب ٣ / ١٢٨ ، النجوم الزاهرة ١ / ٢٢١ ، خلاصة تذهيب التذهيب ١٠٣ ، تهذيب ابن عساكر ٥ / ١١٩ ، أسد الغابة ت (١٤٠٥).
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ٢٥٨ وأورده الهيثمي في الزوائد ١٠ / ٤٠٦ وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير علي بن خالد الدؤلي وهو ثقة.
(٣) من أ : خالد بن رافع.
(٤) تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٥٤ ، بقي بن مخلد ٤١٢.
(٥) هذه الترجمة سقط من أ.
(٦) أخرجه الدارقطنيّ في السنن ٤ / ٢٤٧.
تلقفت. وخالد بن زيد الّذي حاول الذهبي تجهيله لا رواية له أصلا في هذا الحديث ولا في غيره ، فإن مقتضى سياق الدارقطنيّ أن يكون الضمير في قوله عن جده لمصعب ، وجدّه هو زيد بن خالد الصحابي المشهور وكذا أخرج الترمذي الحكيم هذا الحديث في نوادر الأصول وصرّح بأن الخطبة طويلة.
ثم أخرجه أيضا من رواية عبد الله بن نافع بهذا السند ، ولفظه استلقفت هذه الخطبة ، فذكر مثله ، ولكن اقتصر من المتن على قولهصلىاللهعليهوآلهوسلم : «خير ما ألقي في القلب اليقين.»(١)
وقد وقعت لنا هذه الخطبة مطوّلة من وجه آخر. أخرجها أبو أحمد العسكريّ في الأمثال ، والدّيلميّ في «مسند الفردوس» ، من طريقه بسند له إلى عبد الله بن مصعب بن منظور ، عن حميد بن سيار ، عن أبيه ، عن عقبة بن عامر ، قال : خرجنا في غزوة تبوك. فذكر الحديث بطوله ، وأوله : «يؤمّهم عن صلاة الفجر.»
وفيه : فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : «أمّا بعد فإنّ أصدق الحديث كتاب الله ...» فذكره بطوله ، وفيه : «وخير ما ألقي في القلب اليقين.»
وعبد الله بن مصعب هذا غير صاحب الترجمة ، وهو أيضا كذا.
الخاء بعدها الباء
٢٣٧٠ ـ خبّاب بن قيظيّ (٢) : تقدم القول فيه في القسم الأول من الحاء المهملة.
٢٣٧١ ـ خبّاب (٣) بن المنذر بن عمرو بن الجموح الأنصاريّ.
استدركه أبو موسى وعزاه لموسى بن عقبة في البدريين.
قلت : وهو تصحيف شنيع ، وإنما هو الحباب ، بضم المهملة وتخفيف الموحدة.
٢٣٧٢ ـ خبيب بن الحارث (٤) : ذكره أبو موسى عن ابن شاهين ، ونبه على أنه صحّفه ، وإنما هو بالجيم.
٢٣٧٣ ـ خبيب (٥) : جد معاذ بن عبد الله.
__________________
(١) أورده السيوطي في الدر المنثور ٢ / ٢٢٥ وعزاه للبيهقي من دلائل النبوة عن عقبة بن عامر من حديث طويل.
(٢) أسد الغابة ت (١٤١١) ، الاستيعاب ت (٦٤٧).
(٣) أسد الغابة ت (١٤١٢).
(٤) أسد الغابة ت (١٤١٥).
(٥) أسد الغابة ت (١٤١٨).
ذكره أبو موسى عن عبدان ، وتعقبه ابن الأثير بأن ابن مندة ذكره كما تقدم في القسم الأول ، وهو الجهنيّ.(١)
الخاء بعدها الدال
٢٣٤٧ ـ خداش بن حصين بن الأصمّ (٢) أو خراش.
فرق أبو عمر بينه وبين خراش بن بشير ، وتعقبه ابن الأثير بأنهما واحد ، وهو كما قال.(٣)
٢٣٧٥ ـ خدع الأنصاريّ (٤) :
قال أبو موسى : ذكره عليّ العسكريّ وأبو الفتح الأزديّ في الخاء المعجمة. والصّواب بالجيم كما تقدم.
الخاء بعدها الراء
٢٣٧٦ ـ خراش : بن جحش بن عمرو بن عبد الله بن بجاد العبسيّ.
ذكره ابن بشكوال ، وقال : كتب إليه النبيّصلىاللهعليهوسلم فحرق كتابه.
قلت : وهذا يدل على أن لا صحبة له ، ثم قد صحفه ، وإنما هو بالمهملة أوله ، وهو والد ربعي وأخيه الربيع.
٢٣٧٧ ـ خراش الكلبيّ : السّلوليّ (٥) ، تقدم التنبيه على وهم أبي عمر فيه في خراش ابن أمية في الأول.
٢٣٧٨ ـ خرشة شامي (٦) له صحبة ، ذكره ابن عبد البر وعزاه لأبي حاتم ، وفرق بينه وبين خرشة بن الحارث المحاربيّ ، وخرشة بن الحرّ الفزاريّ. ثم زعم ابن عبد البر أنّ الشامي هو الفزازي ، فوهم ، وإنما هو المحاربيّ ، والله أعلم.
٢٣٧٩ ـ خريم : فرّق الباوردي بينه وبين ابن فاتك ، فوهم ، وهما واحد.
٢٣٨٠ ـ خزامة بن يعمر الليثي (٧) :
__________________
(١) سقط من أ.
(٢) أسد الغابة ت (١٤٢٠) ، الاستيعاب ت (٦٥٤).
(٣) سقط من أ.
(٤) أسد الغابة ت (١٤٢٤).
(٥) أسد الغابة ت (١٤٣١) ، الاستيعاب ت (٦٥٧).
(٦) أسد الغابة ت (١٤٣٦) ، الاستيعاب ت (٦٦٠).
(٧) أسد الغابة ت (١٤٤٣).
ذكره أبو موسى ، وكذا وقع في ثاني القطعيات ، والصّواب أبو خزامة كما سيأتي في الكنى. إن شاء الله تعالى.
الخاء بعدها السين
٢٣٨١ ـ خسيس الكنديّ : استدركه ابن فتحون وساق بسنده إليه أنه قال : يا رسول الله أنتم منا الحديث.
وهذا حديث معروف بخسيس الكنديّ وقد ذكر في الاستيعاب وأنه يقال فيه بالجيم والخاء والحاء جميعا.
٢٣٨٢ ـ خشخاس الأزديّ :
ذكره عبدان في المعجمة ، والصّواب بالمهملة ، وقد مضى.
الخاء بعدها الطاء
٢٣٨٣ ـ خطّاب بن الحارث الجمحيّ (١)
ذكره ابن مندة في الخاء المعجمة فصحّفه ، وإنما هو بالحاء المهملة.
٢٣٨٤ ـ خطيم الحدّانيّ (٢) : تقدم في الحاء المهملة.
الخاء بعدها اللام
٢٣٨٥ ـ خلّاد بن يزيد بن معاوية.
قال إسحاق(٣) في مسندة أخبرنا بقية عن مسلم بن زياد ، عن خلاد بن يزيد بن معاوية ، عن النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم فذكر حديثا ، قال البخاري في تاريخه : هو مرسل.
٢٣٨٦ ـ خلف بن عبد يغوث الزهريّ.
ذكره أبو موسى عن عبدان ، وروي من طريق ابن خثيم عن محمد بن الأسود بن خلف ، عن أبيه ، عن جده ـ أن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ حسنا فقبّله.
قال أبو موسى : قوله عن جده وهم ، والصّواب إسقاطه.
قلت : وهو الّذي في مصنف عبد الرزاق. وكذا أخرجه البغويّ عن ابن زنجويه عن عبد الرزّاق.
__________________
(١) أسد الغابة ت (١٤٦٠).
(٢) تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٦٠.
(٣) في أ : قال إسحاق بن مندة.
الخاء بعدها النون
٢٣٨٧ ـ خنيس (١) المصريّ.
ذكره الباوردي وعبدان في الصحابة ، وهو غلط نشأ عن تصحيف وسقط ، فإنّهما أخرجا من طريق حماد بن سلمة عن حميد ، عن بكر بن عبد الله ـ أنّ رجلا من أصحاب النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم يقال له خليد من أهل مصر كان يجعل الرجال من وراء النساء ويجعل النساء مما يلي الإمام ـ يعني في الجنائز.
والمحفوظ عن حميد ، عن بكر بن عبد الله بن سلمة بن مخلد.(٢)
٢٣٨٨ ـ خنيس بن الأشعر ـ ذكره الطبري في الذيل بالمعجمة والنّون ، وغلطوه وصوّبوا أنه بالحاء المهملة والموحدة كما تقدم في الحاء المهملة.(٣)
الخاء بعدها الواو
٢٣٨٩ ـ خوط (٤) : الأنصاريّ.
ذكره ابن مندة من طريق عبد الحميد الأنصاريّ ، عن أبيه عن جده خوط أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم ، فجاء ابن لهما صغير فخيّره النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال ابن مندة : كذا قال أبو مسعود عن عبد الرزاق ، عن سفيان ، عن عثمان الليثي ، عن عبد الحميد ، وعبد الحميد هذا هو ابن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان ، ورافع هو صاحب القصّة.
وقد أخرجه عبد الرّزّاق في مصنّفه فلم يقل في إسناد خوط ، وهو الصّواب ، وكذا رواه يزيد بن زريع ، وحماد بن زيد ، وعيسى بن يونس ، وأبو عاصم وغيرهم عن عبد الحميد عن أبيه عن جدّه رافع.
الخاء بعدها الياء
٢٣٩٠ ـ خير (٥) : بسكون التحتانية.
ذكره ابن مندة. والصّواب عبد خير ، وهو مخضرم كما سيأتي ، والعجب أنّ الحديث الّذي ذكره ابن مندة جاء فيه عن عبد خير على الصّواب.
__________________
(١) من أ : خليد المصري.
(٢) من أ : سلمة بن خليد.
(٣) أسد الغابة ت (١٤٩٠).
(٤) سقط من أ.
(٥) أسد الغابة ت (١٥٠٣).
حرف الدال المهملة
القسم الأول
الدال بعدها الألف
٢٣٩١ ـ دارم التميميّ (١) : كذا قال ابن عبد البرّ وقال ابن مندة : الجرشيّ ، بضم الجيم وبشين معجمة ، وساق حديثه بغير نسب له.
وروى عن النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم : «أمّتي خمس طبقات.»(٢) وفي إسناده ضعف. روى عنه ولده الأشعث بن دارم.
قلت : أخرج حديثه الحسن بن سفيان في مسندة ، عن علي بن حجر ، حدثنا إبراهيم بن مطهّر ، عن أبي المليح ، عن الأسير بن دارم ، [عن أبي أحيحة ، ولكن قال : الأشعث بن دارم(٣) عن أبيه. وكذا أخرجه ابن مندة من وجه آخر عن علي بن حجر ، وكذا أخرجه الإسماعيلي في كتاب الصّحابة عن الحسن بن سفيان به. ولفظ المتن : «أمّتي خمس طبقات كلّ طبقة أربعون سنة ..». الحديث. وفي آخره عند قوله. إلى المائتين حفظ امرؤ
__________________
(١) أسد الغابة ت (١٥٠٥) ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٦٥ ، الاستيعاب ت (٦٩٧).
(٢) أخرجه ابن ماجة في السنن ٢ / ١٣٤٩ كتاب الفتن باب ٢٨ الآيات حديث رقم ٤٠٥٨ قال البوصيري في مصباح الزجاجة على سنن ابن ماجة ٢ / ١٣٤٩ إسناده ضعيف وأبو معن والمسور بن الحسن وخازم العنزي مجهولون ، وقال أبو حاتم هذا الحديث باطل وقال الذهبي في طبقات رجال التهذيب في ترجمة المسور حديثه منكر وأورده ابن حجر في لسان الميزان ١ / ٣٣٧ ، ٣ / ١٠٣٢ ، ٦ / ٩٥٣ والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٣٢٤٤٥ ، ٣٢٤٤٦ وابن الجوزي في الموضوعات ٣ / ١٩٧ ، وابن عدي في الكامل ٧ / ٢٥٥.
(٣) سقط في ت.
أمّاالخوارزمي فقد قال: (ثمّ خرجَ من بعده العبّاس بن عليّ - أي من بعد أخيه عبد الله - وأمّه أمّ البنين أيضاً، وهو (السقّاء) فحملَ وهو يقول:
أقـسمتُ بالله الأعزّ الأعظم |
وبـالحجون صـادقاً وزمزم |
|
وبـالحطيم والـفنا الـمحرَّم |
لـيخضبنّ اليوم جسمي بدمي |
|
دون الحسين ذي الفخار الأقدم |
إمـام أهـل الفضل والتكرّم |
فلم يزل يقاتل حتّى قتلَ جماعةً من القوم، ثمّ قُتل، فقال الحسين:(الآن انكسرَ ظهري وقلّت حيلتي) (١) .
أمّاابن شهرآشوب السروي فقال: (وكان عبّاس السقّاء قمر بني هاشم، صاحب لواء الحسين، وهو أكبر الإخوان، مضى يطلب الماء(٢) ، فحملوا عليه
____________________
= اللهوف: ١٧٠.
(١) مقتل الحسينعليهالسلام للخوارزمي: ٢: ٣٤، وانظر: الفتوح: ٥: ٢٠٧.
(٢) قال العلاّمة المجلسي (ره): (أقول: وفي بعض تأليفات أصحابنا أنّ العبّاس لمّا رأى وحدتهعليهالسلام أتى أخاه وقال: يا أخي هل من رخصة؟ فبكى الحسينعليهالسلام بكاء شديداً ثمّ قال:(يا أخي، أنت صاحب لوائي، وإذا مضيت تفرّق عسكري! فقال العبّاس: قد ضاقَ صدري وسئمتُ من الحياة، وأريد أن أطلب ثأري من هؤلاء المنافقين.
فقال الحسينعليهالسلام :فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلاً من الماء) ، فذهبَ العبّاس ووعظهم وحذّرهم فلم ينفعهم، فرجعَ إلى أخيه فأخبره، فسمع الأطفال يُنادون: العطش العطش!
فركبَ فرسه وأخذه رمحه والقِربة وقصد نحو الفرات، فأحاط به أربعة آلاف ممّن كانوا موكّلين بالفرات، ورموهُ بالنبال، فكشفهم وقتل منهم على ما روي ثمانين رجلاً حتى دخلَ الماء، فلمّا أراد أن يشرب غُرفة من الماء ذكرَ عطش الحسين وأهل بيته، فرَمى الماء وقال على ما روي:
يا نفس من بعد الحسين هوني |
وبـعده لا كُـنتِ أن تكوني |
=
وحملَ هو عليهم وجعل يقول:
لا أرهبُ الموتَ إذا الموت رقى(١) |
حتى أُوارى في المصاليت لُقى(٢) |
|
نـفسي لنفس المصطفى الطهر وقا |
إنّـي أنـا الـعبّاس أغـدو بـالسقا |
ولا أخاف الشرَّ يوم الملتقى
ففرّقهم، فكمنَ له زيد بن ورقاء الجهني من وراء نخلة، وعاونه حكيم بن طفيل السنبسي فضربه على يمينه(٣) فأخذَ السيف بشماله، وحملَ عليهم وهو يرتجز:
واللهِ إنْ قـطعتُم يـميني |
إنّي أُحامي أبداً عن ديني |
|
وعـن إمامٍ صادق اليقينِ |
نجل النبيّ الطاهر الأمينِ |
فقاتل حتّى ضعُف، فكمنَ له الحكيم بن الطفيل الطائي من وراء نخلة فضربه
____________________
=
هـذا الـحسين وارد المنونِ |
وتـشـربين بـارد الـمعينِ |
تالله ما هذا فعال ديني
ومَلأ القربة، وحَملها على كتفه الأيمن، وتوجّه نحو الخيمة، فقطعوا عليه الطريق، وأحاطوا به من كلّ جانب، فحاربهم حتّى ضربه نوفل الأزرق على يده اليمنى فقطعها، فحملَ القربة على كتفه الأيسر، فضربه نوفل فقطع يده اليسرى من الزند، فحملَ القربة بأسنانه فجاءه سهم فأصاب القربة وأُريق ماؤها، ثمّ جاءه سهم آخر فأصاب صدره، فانقلب عن فرسه وصاح إلى أخيه الحسين: أدركني! فلمّا أتاه رآه صريعاً، فبكى وحمله إلى الخيمة..). (البحار: ٤٥: ٤١ - ٤٥).
(١) وفي بعض المصادر: (زقا): أي صاح.
(٢) المصاليت: جمع مصلات، هو الرجل السريع المتشمّر، والمصلات مبالغة من الصالت: وهو من الرجال: الشجاع الماضي، ومن السيوف: الصقيل الحادّ.
(٣) في إبصار العين: ٦٢: (فضربهُ حكيم بن طفيل الطائي السنبسي على يمينه فبراها فأخذ اللواء بشماله..).
على شماله(١) فقال:
يا نفسُ لا تخشَي من الكفّار |
وأبـشري بـرحمة الجبّارِ |
|
مـع الـنبيّ السيّد المختار |
قـد قطعوا ببَغيِهم يساري |
فاصلِهم يا ربّ حرَّ النّارِ
فقتله الملعون بعمود من حديد)(٢) .
ومن الجميل في ساحة عزاء أبي الفضلعليهالسلام ، أن نورد هذه الفقرة الحزينة الرائعة التي جادت بها روح المرحوم المحقّق السيّد المقرّم، الطافحة بالولاء لأهل البيتعليهمالسلام ، قالرحمهالله :
____________________
(١) في إبصار العين: ٦٢ - ٦٣: (فضربه زيد بن ورقاء الجهني على شماله فبراها، فضمَّ اللواء إلى صدره كما فعل عمّه جعفر إذ قطعوا يمينه ويساره في مؤتة، فضمّ اللواء إلى صدره وهو يقول:
ألا ترونَ معشر الفجّار |
قد قطعوا ببغيهم يساري |
فحملَ عليه رجل تميمي من أبناء أبان بن دارم فضربه بعمود على رأسه فخرّ صريعاً إلى الأرض، ونادى بأعلى صوته: أدركني يا أخي!
فانقضّ عليه أبو عبد الله كالصقر فرآه مقطوع اليمين واليسار، مرضوخ الجبين، مشكوك العين بسهم، مرتثّاً بالجراحة، فوقف عليه منحنياً، وجلس عند رأسه يبكي حتّى فاضت نفسه، ثمّ حملَ على القوم فجعلَ يضرب فيهم يميناً وشمالاً، فيفرّون من بين يديه كما تفرّ المعزى إذا شدَّ فيها الذئب وهو يقول:(أين تفرّون وقد قتلتم أخي؟! أين تفرّون وقد فتتُّم عضُدي؟!) ثمّ عاد إلى موقفه منفرداً، وكان العبّاس آخر مَن قُتل من المحاربين لأعداء الحسينعليهالسلام ، ولم يُقتل بعده إلاّ الغلمان الصغار من آل أبي طالب الذين لم يحملوا السلاح).
(٢) مناقب آل أبي طالبعليهمالسلام ٤: ١٠٨، ويلاحظ أنّ البلاذري في كتابه أنساب الأشراف: ٣: ٤٠٦ يقول: (وقال بعضهم: قتلَ حرملة بن كاهل الأسدي ثمّ الوالبي العبّاس بن علي بن أبي طالب مع جماعة وتعاوروه، وسلبَ ثيابه حكيم بن طفيل الطائي).
(وسقطَ على الأرض ينادي:عليك منّي السلام أبا عبد الله! فأتاه الحسينعليهالسلام ، وليتني علمتُ بماذا أتاه؟ أبحياة مستطارة منه بهذا الفادح الجلل؟ أم بجاذب من الأخوّة إلى مصرع صِنوه المحبوب؟
نعم، حصلَ الحسينعليهالسلام عنده، وهو يبصر قُربان القداسة فوق الصعيد قد غشيته الدماء وجللّته النبال(١) ! فلا يمين تبطش، ولا منطق يرتجز، ولا صولة تُرهب، ولا عين تبصر، ومرتكز الدماغ على الأرض مبدَّد!
أصحيحٌ أنّ الحسينعليهالسلام ينظر إلى هذه الفجائع ومعه حياة ينهض بها؟
لم يبقَ الحسين بعد أبي الفضل إلاّ هيكلاً شاخصاً مُعرّى عن لوازم الحياة، وقد أعربَ سلام الله عليه عن هذا الحال بقوله:(الآن انكسر ظهري، وقلّت حيلتي) ،
وبـانَ الانـكسارُ في جبينه |
فـاندكّت الـجبال من حنينه |
|
وكيف لا؟ وهو مجال بهجته |
وفـي مـحيّاه سرور مهجته |
|
كـافل أهـله وساقي صِبيَته |
وحامل اللوا بعالي همّته(٢) |
ورجعَ الحسين إلى المخيّم منكسراً حزيناً باكياً، يُكفكف دموعه بكمّه، وقد تدافعت الرجال على مخيمه فنادى:(أمَا من مغيث يُغيثنا؟ أمَا من مُجير يُجيرنا؟ أمَا من طالب حقّ ينصرنا؟ أمَا من خائف من النّار فيذبّ عنّا؟ (٣) فأتتهُ سكينة وسألته عن عمّها، فأخبرها بقتله، وسمعتهُ زينب فصاحت: وا أخاه! وا عبّاساه! وا ضيعتنا بعدك! وبكينَ النسوة وبكى الحسين معهنّ وقال:وا ضيعتنا بعدك!) (٤) .
____________________
(١) في كتاب الحدائق الوردية: ١٢٠: (ورموه (العبّاس) حتّى لم يبقَ قدر الدرهم من جسده إلاّ وفيه سهم!).
(٢) هذه الأبيات الثلاثة من أرجوزة آية الله الشيخ محمّد حسين الأصفهانيقدسسره .
(٣) راجع: المنتخب للطريحي: ٣١٢.
(٤) مقتل الحسينعليهالسلام للمقرّم: ٢٦٩ - ٢٧٠.
(ولمّا قُتل العبّاسعليهالسلام التفت الحسينعليهالسلام فلم يرَ أحداً ينصره، ونظرَ إلى أهله وصحبه مُجزّرين كالأضاحي، وهو إذْ ذاك يسمع عويل الأيامى وصراخ الأطفال، صاحَ بأعلى صوته:(هل من ذابٍّ عن حُرم رسول الله؟ هل من موحّدٍ يخاف الله فينا؟ هل من مُغيث يرجو الله في إغاثتنا؟) فارتفعت أصوات النساء بالبكاء!)(١) .
(فخرجَ علي بن الحسين زين العابدينعليهالسلام ، وكان مريضاً لا يقدر أن يقلّ سيفه، وأمّ كلثوم(٢) تنادي خلفه: يا بنيَّ ارجع، فقال:(يا عمّتاه، ذريني أُقاتل بين يدي ابن رسول الله، وقال الحسينعليهالسلام :يا أمَّ كلثوم، خُذيه؛ لئلاّ تبقى الأرض خالية من نسل آل محمّد صلىاللهعليهوآله ) (٣) .
____________________
(١) مقتل الحسينعليهالسلام للمقرّم: ٢٧١، وانظر اللهوف: ١٦٨.
(٢) وسوف تأتي ترجمتهاعليهاالسلام وافية في الجزء الخامس من هذه الدراسة إن شاء الله.
(٣) تسلية المجالس ٢: ٣١٤، وانظر: مقتل الحسينعليهالسلام للخوارزمي: ٢: ٣٦ : (وخبر أنّ الإمام عليّ بن الحسين زين العابدينعليهالسلام كان مريضاً قبل يوم عاشوراء وفيه، فممّا اتفقت عليه كلمة جُلّ المؤرّخين، (راجع على سبيل المثال: تاريخ الطبري: ٣: ٣١٥، وترجمة الإمام الحسينعليهالسلام من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير: ٧٧، والإرشاد: ٢: ٩٣، وإثبات الوصيّة: ١٧٧ و ١٨١، ونسب قريش: ٥٨، وإعلام الورى: ١: ٤٦٩، وتذكرة الخواص: ٢٢٩ عن الواقدي، والمناقب لابن شهرآشوب: ٤: ١١٣، وعمدة الطالب: ١٨٢).
لكنّ هناك قولاً شاذّاً أتى به الفضيل بن الزبير بن عمر بن درهم الكوفي الأسديّ (الزيدي) في كتابه الموسوم بـ (تسمية مَن قُتل مع الحسينعليهالسلام ): ص١٥٠ حيث قال:
(وكان عليّ بن الحسينعليهالسلام عليلاً، وارتُثَّ يومئذٍ، وقد حضرَ بعض القتال فدفع الله عنه). =
النصوص الواردة في مقتل ابنه الرضيععليهالسلام يوم الطف مختلفة جدّاً، وهي أقسام:
١ - النصوص التي تُصرّح باسمه وهو عبد الله.
٢ - النصوص التي لا تصريح فيها باسمه.
٣ - النصوص التي تقول بأنَّ الطفل اسمه عليّ الأصغر.
٤ - النصوص التي تصرّح بمقدار سِنّه فقط.
أمّا الطائفة الأولى: فقد روى الشيخ المفيد قائلاً: (ثمّ جلسَ الحسينعليهالسلام أمام الفسطاط فأُتي بابنه عبد الله بن الحسين وهو طفل فأجلسه في حِجره، فرماهُ رجل من بني أسد بسهم فذبحه، فتلقى الحسينعليهالسلام دمه فلمّا مَلأ كفّه صبّه في الأرض ثمّ قال:(ربّ إن تكن حبستَ عنّا النصر من السماء، فاجعل ذلك لِما هو خير، وانتقِم لنا من هؤلاء القوم الظالمين) ، ثمّ حملهُ حتى وضعه مع قتلى أهله)(١) .
____________________
= وتبعه في هذا الرأي (زيديٌّ آخر) وهو صاحب الحدائق الوردية في ص١٢٠ من كتابه هذا، ونحتمل قويّاً أنّه أخذه عنه، وقد استفادَ أحد المحققّين المعاصرين من قول الفضيل بن الزبير فقال: (إنّ مفروض الأدلّة السابقة أنّ الإمام زين العابدينعليهالسلام قد أُصيب بالمرض بعد اشتراكه أوّل مرّة في القتال وبعد أن ارتُثّ وجرح، فلعلّ عدم الإذن له في أن يُقاتل كان في المرّة الثانية وهو في حال المرض والجراحة). (راجع: جهاد الإمام السجّاد: ٤٤)، وهذا الاستنتاج لا أساس له إلاّ ذلك القول الشاذ، مع أنّ الطبري، والمفيد، وابن شهرآشوب، والمسعودي، وغيرهم يروون أنّهعليهالسلام كان مريضاً قبل يوم عاشوراء وفيه، في عبارات صريحة ودالّة، (راجع: المصادر التي ذكرناها أعلاه).
(١) الإرشاد ٢: ١٠٨، وانظر: تاريخ الطبري: ٣: ٣٣٢، وأنساب الأشراف ٣: ٤٠٧، والمعجم الكبير ٣: ١٠٣، والحدائق الوردية: ١٠٣، ونسب قريش: ٥٩، وفيه: قُتل مع أبيه صغيراً، سرّ السلسلة =
وفي ضمن رواية عن أبي حمزة الثمالي، عن الإمام السجّادعليهالسلام يصف فيها كيف جمع الإمام الحسينعليهالسلام أصحابه ليلة عاشوراء، وردت هذه المحاورة بين الإمامعليهالسلام وبين ابن أخيه القاسمعليهالسلام هكذا:(فقال له القاسم بن الحسن عليهالسلام : وأنا فيمن يُقتل؟ فأشفقَ عليه فقال له: يا بُنيّ كيف الموت عندك؟
قال: يا عمّ، أحلى من العسل!
فقالعليهالسلام : إي والله، فداك عمّك، إنّك لأحد مَن يُقتل من الرجال معي بعد أن تبلو ببلاء عظيم، وابني عبد الله!
فقال: يا عمّ، ويصِلون إلى النساء حتّى يُقتل عبد الله وهو رضيع؟!
فقالعليهالسلام : فداك عمّك، يُقتل عبد الله إذا جفّت روحي عطشاً، وصرتُ إلى خِيَمنا فطلبتُ ماءً ولبناً فلا أجد قطّ! فأقول: ناولوني ابني لأشرب مِن فيه! فيأتوني به فيضعونه على يدي، فأحملهُ لأُدنيه من فيَّ، فيرميه فاسقٌ بسهم فينحره
____________________
= العلوية: ١٠٣، وفيه: وهو صبي رضيع، أخبار الدول وآثار الأُول: ١٠٨، والدر النظيم: ٥٥٦، وجواهر المطالب ٢: ٢٨٧، ترجمة الإمام الحسينعليهالسلام من الطبقات الكبرى: ٧٣، إعلام الورى ١: ٤٦٦، مثير الأحزان: ٧٠، البحار ٤٥: ٤٦، اللهوف: ١٦٩ وفيه: فتقدّم إلى باب الخيمة وقال لزينب:(ناوليني ولدي الصغير حتى أودّعه، فأخذهُ وأمال إليه ليقبّله، فرماه حرملة بن الكاهل الأسدي بسهم فوقع في نحره فذبحه، فقال لزينب:خذيه، ثمّ تلقّى الدم بكفيه حتى امتلأتا، ورمى به نحو السماء وقال:هوّن عليّ ما نزلَ بي أنّه بعين الله).
قال الباقرعليهالسلام :(فلم تسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض) ، وروي أنّ زينبعليهاالسلام هي التي أخرجت الصبي وقالت: يا أخي هذا ولدك له ثلاثة أيام ما ذاق الماء، فاطلب له شربة ماء، فأخذهُ على يده وقال:(يا قوم، قد قتلتم شيعتي وأهل بيتي، وقد بقيَ هذا الطفل يتلظّى عطشاناً فاسقوهُ شربة من الماء)، فبينما هو يخاطبهم إذ رماه رجل منهم بسهم فذبحه (راجع المجدي: ٩١، والشجرة المباركة: ٧٣).
وهو يناغي! فيفيض دمه في كفّي! فأرفعه إلى السماء وأقول: اللّهمّ صبراً واحتساباً فيك...) (١) .
ومن الملفت للانتباه والمثير للعجب والحزن والمصاب في هذه الرواية هو: أنّ الإمامعليهالسلام لجفاف روحه من العطش الشديد أراد أن يروي ظمأه من نداوة ورطوبة فم الطفل عبد الله الرضيع! لا أنّ الإمامعليهالسلام كان قد أخذ الطفل الرضيع العطشان ليعرضه على القوم لعلّهم يسقونه ماء كما هو المشهور!
وجاء في تسمية مَن قُتل مع الحسينعليهالسلام : (وعبيد الله بن الحسينعليهالسلام ، وأُمّه الرباب بنت امرئ القيس..، قتلهُ حرملة بن الكاهل الأسدي الوالبي، وكان ولِدَ للحسينعليهالسلام في الحرب فأُتي به وهو قاعد، وأخذه في حجره ولبّاه بريقه وسمّاه عبد الله، فبينما هو كذلك إذ رماه حرملة بن الكاهل بسهم فنحره، فأخذ الحسينعليهالسلام دمه فجمعه ورمى به نحو السماء فما وقعت منه قطرة إلى الأرض!
قال فضيل: وحدّثني أبو الورد: أنّه سمعَ أبا جعفر يقول:(لو وقعت منه إلى الأرض قطرة لنزلَ العذاب) ، وهو الذي يقول الشاعر فيه:
وعند غني قطرة من دمائنا |
وفي أسد أخرى تُعد وتُذكر (٢) |
أمّا الطائفة الثانية من النصوص: فمنها ما رواه الدينوري قائلاً: فدعا بصبي له صغير فأجلسه في حِجره، فرماه رجل من بني أسد، وهو في حِجر الحسينعليهالسلام بمشقص، فقتله(٣) .
____________________
(١) مدينة المعاجز: ٤: ٢١٤ رقم ٢٩٥، وعنه نَفَس المهموم: ٢٣٠ - ٢٣١، وقال الشيخ القمّي: (روى الحسين بن حمدان الحضيني (الخصيبي) بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، والسيّد البحراني مُرسلاً عنه...)، وراجع الرواية مفصّلة في الفصل الثاني: ص١٣٧ - ١٣٩.
(٢) تسمية مَن قُتل مع الحسينعليهالسلام : ١٥٠.
(٣) الأخبار الطوال: ٢٥٨، بغية الطلب ٦: ٢٦ - ٢٩، المشقص: بمعنى نصل السهم إذا كان طويلاً غير عريض.
ومنها ما رواه سبط ابن الجوزي عن هشام بن محمد، قال: (فالتفت الحسين فإذا بطفل له يبكي عطشاً، فأخذهُ على يده وقال:(يا قوم، إنْ لم ترحموني فارحموا هذا الطفل، فرماه رجل منهم بسهم فذبحه، فجعل الحسين يبكي ويقول:اللّهمّ احكُم بيننا وبين قومٍ دَعَونا لينصرونا فقتلونا)، فنوديَ من الهواء:دعهُ يا حسين فإنّ له مرضعاً في الجنّة) (١) .
وأمّا النصوص المصرّحة أنّ الطفل القتيل اسمه عليّ الأصغر: فمنها ما رواه ابن أعثم الكوفي قائلاً: (وله ابن آخر يقال له عليّ في الرضاع، فتقدّم إلى باب الخيمة فقال:
(ناولوني ذلك الطفل حتى أودّعه، فناولوه الصبي فجعل يقبّلهُ وهو يقول:يا بني، ويل لهؤلاء القوم إذا كان غداً خصمهم جدّك محمّد)، قال: وإذا بسهم قد أقبلَ حتى وقعَ في لبّة الصبي فقتلهُ.
فنزلَ الحسين عن فرسه وحفر له بطرف السيف ورمّله(٢) بدمه وصلّى عليه ودفنه)(٣) .
وقال ابن الطقطقى: (وعلي الأصغر أصابهُ سهم بكربلاء فمات)(٤) .
____________________
(١) تذكرة الخواص: ٢٢٧، روضة الواعظين: ١٥٠، سير أعلام النبلاء ٣: ٣٠٩، تهذيب الكمال ٦: ٤٢٨، المنتظم ٥: ٣٤٠.
(٢) وفي مقتل الحسينعليهالسلام للخوارزمي: ٢: ٣٧: (ثمّ نزلَ الحسين عن فرسه، وحفر للصبيّ بجفن سيفه، وزمّله بدمه، وصلّى عليه...).
(٣) الفتوح ٥: ١٣١.
(٤) الأصيلي في أنساب الطالبيين: ١٤٣، النفحة العنبرية: ٤٦، كشف الغمّة ٢: ٢٥٠، المناقب ٤: ١٠٩.
وأمّا النصوص التي تُصرّح بمقدار عمره الشريف، فما ورد عن الذهبي قوله: (فوقعت نبلة في ولدٍ له ابن ثلاث سنين)(١) .
أمّااليعقوبي فقد قال: (ثمّ تقدّموا رجلاً رجلاً حتّى بقيَ وحده ما معه أحد من أهله ولا ولده ولا أقاربه، فإنّه لواقف على فرسه إذ أُتي بمولود قد ولِد في تلك الساعة، فأذَّن في أُذنه وجعل يُحنّكه إذ أتاه سهم فوقعَ في حلق الصبي فذبحهُ، فنزعَ الحسين السهم من حلقه وجعل يلطّخه بدمه ويقول:(واللهِ، لأنتَ أكرم على الله من الناقة، ولَمحمّد أكرم على الله من صالح)، ثمّ أتى فوضعه مع وِلده وبني أخيه)(٢) .
____________________
(١) سير أعلام النبلاء: ٣: ٣٠٢.
هذه عمدة النصوص الواردة في الباب، ويمكن أن يستفاد من جميع ذلك: أنّ الإمام كان له ولَدان صغيران قُتلا في الطف، أحدهما: اسمه عبد الله بن الحسينعليهالسلام أمّه الرباب بنت امرئ القيس، كما صرّح بذلك في تسميّة مَن قُتل مع الحسينعليهالسلام ، والآخر: اسمه عليّ الأصغر، والأوّل وُلدِ كما عن اليعقوبي يوم عاشوراء، والثاني كان معه حينما خرجَ من المدينة، والله العالم.
وعلى جميع التقادير، فإنّ قتلَ الأطفال الأبرياء ممنوع في الشريعة الإسلامية، ولكنّ السَفلة من بني أميّة تعدّوا حدود الله وقتلوا الأطفال بأبشع وأفجع القتلات، والنبيّصلىاللهعليهوآله كان ينهى عن ذلك، فإنّ خالد بن الوليد لمّا قَتلَ بالعميصاء الأطفال، رفع النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم يديه حتى رأى المسلمون بياض إبطيه وقال:(اللّهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا صنعَ خالد) ، ثمّ بعثَ عليّاً فوادّهم.
فلم يُعهد ذبح الأطفال بعد ذلك إلاّ ما كان من معاوية في قتله أطفال المسلمين في الأنبار وفي اليمن، على يدي عامله بسر بن أرطأة، وكان فيمن قتلهم ولَدان صغيران لعبيد الله بن عباس، وكرّرت ذلك أشياعه في الطف فذبحوا من الصبية والأطفال ما ظهروا عليهم وظفروا بهم، بغير ما رحمة منهم ودون أدنى رقّة أو رأفة، الأمر الذي برهنَ على غلوّهم في القسوة والفسوق عن الدين، وأوضحُ بلا مراء ولا خفاء أنّ قصد التشفّي والانتقام بلغَ بهم إلى العزم على استئصال ذرّية الرسولصلىاللهعليهوآله ، وقطع نسله ومحو أصله. (راجع: مختصر نهضة الحسينعليهالسلام : ١٠٧).
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢: ١٧٧، الحدائق الوردية: ١٢٠، وفي مقتل الحسين للخوارزمي ٢: ٣٧: (ثمّ =
ومن الشعر الذي أنشدهُ الإمامعليهالسلام في مواجهته القوم وحيداً - بعد مقتل عبد الله الرضيع - على ما روي:
كـفـرَ الـقـوم وقِـدماً رغـبوا |
عــن ثـواب الله ربّ الـثقلين |
|
قـتـلَ الـقـوم عـلـيّاً وابـنه |
حـسن الـخير كـريم الأبـوين |
|
حـنـقاً مـنهم وقـالوا أجـمِعوا |
واحشروا الناس إلى حرب الحسين |
|
ثــمّ سـاروا وتـواصوا كـلّهم |
بـاجـتياحي لـرضاء الـملحدين |
|
لـم يـخافوا الله فـي سفكِ دمي |
لـعـبيد الله نَـسـل الـكافرين |
|
وابـن سـعد قـد رمـاني عنوة |
بـجـنود كـوكـوف الـهاطلين |
|
لا لـشيءٍ كـان مـنّي قـبل ذا |
غـير فـخري بـضياء النيّرين |
|
بـعليّ الـخير مـن بـعد النبيّ |
والـنـبيّ الـقـرشيّ الـوالدين |
|
خـيـرة الله مـن الـخلق أبـي |
ثـمّ أمّـي فـأنا ابـن الخيرَتين |
|
فـضّةٌ قـد خَـلصت مـن ذهبٍ |
فـأنـا الـفضّة وابـن الـذَهبين |
|
مَـن لـه جـدّ كجدّي في الورى |
أو كـشيخي فـأنا ابـن الـعلَمَين |
|
فـاطـمُ الـزهراء أمّـي وأبـي |
قـاصـمُ الـكفر بـبدرٍ وحُـنين |
|
عَــبـدَ الله غـلامـاً يـافـعاً |
وقـريـش يـعـبدون الـوثنَينْ |
|
يـعبدونَ الـلاّت والـعُزّى مـعاً |
وعـلـيّ كـان صـلّى الـقبلتين |
|
وأبــي شـمـس وأُمـي قـمر |
فـأنا الـكوكبُ وابـن الـقمرَيْن |
|
ولــه فـي يـوم أُحـدٍ وقـعةٌ |
شَـفت الـغلّ بـفضّ العسكرين |
|
ثـمّ فـي الأحـزاب والـفتح معاً |
كـان فـيها حـتف أهل الفَيلقين |
|
فـي سـبيل الله، مـاذا صنَعت |
أُمّــة الـسوء مـعاً بـالعترتين |
____________________
= نزلَ الحسين عن فرسه، وحفرَ للصبي بجفن سيفه وزمّله بدمه، وصلّى عليه).
عـترة الـبَرّ الـنبيّ الـمصطفى |
وعَـليّ الـورد يـوم الـجحفلين |
ثمّ وقفَ صلوات الله عليه قبالة القوم وسيفه مُصلت في يده آيساً من الحياة عازماً على الموت، وهو يقول:
أنـا ابن عليّ الطهر من آل هاشم |
كـفاني بـهذا مـفخراً حين أفخر |
|
وجدّي رسول الله أكرم مَن مضى |
ونحن سراج الله في الأرض نزهر |
|
وفـاطمُ أُمـي مـن سـلالة أحمد |
وعـمّيَ يُدعى ذو الجناحين جعفر |
|
وفـينا كـتاب الله أُنـزل صادقاً |
وفـينا الهدى والوحي بالخير يُذكر |
|
ونـحن أمـان الله لـلناس كـلّهم |
نـسرّ بـهذا فـي الأنـام ونجهر |
|
ونـحن ولاة الحوض نسقي ولاتنا |
بـكأس رسـول الله ما ليس يُنكر |
|
وشـيعتنا فـي الناس أكرمُ شيعة |
ومـبغضنا يـوم الـقيامة يخسر |
وذكر أبو علي السلامي في تاريخه أنّ هذه الأبيات للحسينعليهالسلام من إنشائه وقال: وليس لأحد مثلها:
وإنْ تـكـن الـدنيا تُـعدّ نـفيسة |
فـإنّ ثـواب الله أعـلى وأنـبلُ |
|
وإن تـكن الأبـدان للموت أُنشئت |
فقتلُ امرئ بالسيف في الله أفضل |
|
وإن تـكن الأرزاق قـسماً مقدّراً |
فقلّة سعي المرء في الكسب أجملُ |
|
وإن تـكن الأمـوال للتَرك جمعها |
فـما بـال متروك به المرءُ يبخلُ |
|
سأمضي وما بالقتل عارٌ على الفتى |
إذا فـي سـبيل الله يمضي ويُقتل |
ثمّ إنّهعليهالسلام دعا الناس إلى البراز، فلم يزل يقتل كلّ مَن دنا منه من عيون الرجال، حتى قتلَ منهم مقتلة عظيمة(١) .
____________________
(١) تسلية المجالس ٢: ٣١٤ - ٣١٨، نَفَس المهموم: ٣٥٣، الإمام الحسين وأصحابه: ٢٩٠، مقتل
ثمّ حملَ على الميمنة وقال:
الموت خير من ركوب العار |
والعار أَولى من دخول النار |
ثمّ حملَ على الميسرة وقال:
أنـا الحسين بن علي |
أحـمي عـيالات أبي |
|
آلـيتُ أن لا أنـثني |
أمضي على دين النبي |
وجعل يقاتل حتى قتل ألفاً وتسعمائة وخمسين سوى المجروحين(١) .
روى الطبري يقول: (ولمّا بقيَ الحسين في ثلاثة رهط أو أربعة، دعا بسراويل(٢) محققة يلمع(٣) فيها البصر، يمانيّ محقَّق، ففرزه(٤) ونكثه؛ لكيلا يُسلبه، فقال له بعض أصحابه: لو لبستَ تحته تُبّاناً (٥) قال:(ذلك ثوب مذلّة، ولا ينبغي لي أن ألبسه) (٦) .
____________________
= الخوارزمي ٢: ٣٨، الفتوح ٥: ١٣٢، المناقب ٤: ٨٠، المنتخب للطريحي: ٤٤٠، كشف الغمّة ٢: ٢٧، عبرات المصطفى ٢: ٩٣، مطالب السؤول ٢: ٢٩.
(١) مناقب آل أبي طالب ٤: ١١٠، تسلية المجالس ٢: ٣١٨، البحار ٤: ٤٩، العوالم ١٧: ٢٩٣.
(٢) لباس يلبسه الأعاجم من قديم الأيام ويلبسه الأشراف والأعاظم من الأعراب، وقد حثّ الشرع في لبسه وجعله من المستحبات والمسنونات. (راجع الحسين وأصحابه: ٣٠٢).
(٣) محققة، أي محكمة النسج.
(٤) فرزه: أي نقض نسجه، مزّقه.
(٥) التبّان: شبه السراويل الصغيرة. (راجع: لسان العرب: ٢: ١٨).
(٦) تاريخ الطبري ٣: ٣٣٣، مجمع الزوائد ٩: ١٩٣، بغية الطلب ٦: ٢٤١٧، تهذيب الكمال ٦: ٤٢٨، =
وروى الطبراني عن ابن أبي ليلى قال: (قال حسين بن عليعليهالسلام حين أحسّ بالقتل:(ائتوني ثوباً لا يرغب فيه أحد أجعلهُ تحت ثيابي...) (١) .
وذكر ابن شهرآشوب أنّهعليهالسلام قال:(ائتوني بثوبٍ لا يُرغب فيه ألبسهُ غير ثيابي لئلاّ أُجرّد؛ فإنّي مقتول مسلوب، فأتوه بتبّان فأبى أن يلبسه، وقال:هذا لباس أهل الذمّة)، ثمّ أتوه بشيء أوسع منه دون السراويل وفوق التبّان فلبسه)(٢) .
وقال الطريحي: (لما قُتل أصحاب الحسين كلّهم وتفانوا وأُبيدوا ولم يبقَ أحد، بقيَعليهالسلام يستغيث فلا يُغاث، وأيقنَ بالموت، أتى إلى نحو الخيمة وقال لأخته:(ائتيني بثوبٍ عتيق لا يرغب فيه أحد من القوم، أجعلهُ تحت ثيابي لئلاّ أُجرّد منه بعد قتلي)، قال: فارتفعت أصوات النساء بالبكاء والنحيب، ثمّ أوتيَ بثوبٍ فخرقهُ ومزّقه من أطرافه وجعله تحت ثيابه، وكانت له سراويل جديدة فخرَقها أيضاً؛ لئلاّ تُسلب منه)(٣) .
يروي الطبري عن عبد الله بن عمّار بن عبد يغوث البارقيّ قوله في وصف شجاعة الإمامعليهالسلام : (فو الله ما رأيت مكثوراً قطّ قد قُتل وِلدهُ وأهل بيته وأصحابه أربط جاشاً، ولا أمضى جناناً منه، ولا أجرأ مَقدماً! والله، ما رأيتُ قبله ولا بعده مثله! إنْ كانت الرجّالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المِعزى إذا شدّ فيها
____________________
= الإرشاد ٢: ١١١، الدر النظيم: ٥٥٨، إعلام الورى: ١: ٤٦٨.
(١) المعجم الكبير ٣: ١٢٥، مثير الأحزان: ٧٤، لواعج الأشجان: ١٦٢، اللهوف ١٧٤.
(٢) مناقب آل أبي طالبعليهمالسلام : ٤: ١٠٩.
(٣) المنتخب: ٤٥١، وانظر: مقتل الحسينعليهالسلام للمقرّم: ٢٧١ - ٢٧٢.
الذئب...)(١) .
وفي عيون الأخبار عن هذا البارقيّ (٢) أيضاً: (ما رأيتُ قطّ أربط جأشاً من الحسين! قُتل وِلده وجميع أصحابه حوله، وأحاطت به الكتائب، فو الله لكان يشدّ عليهم فينكشفوا عنه انكشاف المِعزى إذا شدّ عليها الأسد! فمكثَ مليّاً والناس يدافعونه ويكرهون الإقدام عليه)(٣) .
ويقول السيّد ابن طاووس (ره) فيما يرويه: (.. ولقد كان يحمل فيهم، ولقد تكمّلوا ثلاثين ألفاً فيُهزمون بين يديه كأنّهم الجراد المنتشر! ثمّ يرجع إلى مركزه وهو يقول:(لا حول ولا قوّة إلاّ بالله!) )(٤) .
ويقول ابن شهرآشوب: (وجعلَ يُقاتل حتّى قتلَ ألفاً وتسعمئة وخمسين سوى المجروحين، فقال عمر بن سعد لقومه: ويلكم أتدرون مَن تبارزون؟! هذا ابن الأنزع البطين! هذا ابن قتّال العرب! فاحمِلوا عليه من كلّ جانب! فحملوا بالطعن مئة وثمانين! وأربعة آلاف بالسهام!...)(٥) .
قال ابن شهرآشوب: (وروى أبو مخنف عن الجلودي: أنّ الحسين حملَ على
____________________
(١) تاريخ الطبري: ٣: ٣٣٣ - ٣٣٤، وانظر: الكامل في التاريخ: ٣: ٢٩٥.
(٢) اسمه في عيون الأخبار: عبيد الله بن عمارة بن عبد يغوث.
(٣) راجع: عيون الأخبار: ١٣٤، وسعد السعود: ١٣٦، وشرح الأخبار: ٣: ١٦٣، وأنساب الأشراف: ٣: ٤٠٨.
(٤) اللهوف: ١٠٥.
(٥) مناقب آل أبي طالب: ٤: ١١١.
الأعور السلمي وعمرو بن الحجّاج الزبيدي، وكانا في أربعة آلاف رجل على الشريعة، وأقحمَ الفرس على الفرات، فلما أولغَ الفرَس برأسه ليشرب قالعليهالسلام :(أنت عطشان، وأنا عطشان، والله، لا أذوقُ الماء حتّى تشرب!) ، فلمّا سمعَ الفرَس كلام الحسين شالَ رأسه ولم يشرب كأنّه فهم الكلام! فقال الحسين:اشرب فأنا أشرب) ، فمدَّ الحسين يده فغرفَ من الماء، فقال فارس: يا أبا عبد الله، تتلذّذ بشرب الماء وقد هُتكت حُرمتك؟! فنفضَ الماء من يده، وحملَ على القوم فكشفهم فإذا الخيمة سالمة)(١) .
قال العلاّمة المجلسي (ره) في كتابه (جلاء العيون): (ثمّ ودّع ثانياً أهل بيته،
____________________
(١) مناقب آل أبي طالبعليهمالسلام : ٤: ٥٧ وقال المرحوم المحقّق السيّد المقرّم في كتابه المقتل: ٢٧٥: (لا أضمن صحة هذا الحديث المتضمن لامتناع الفرس من الشرب، ولِرمي الحسين الماء من يده لمجرّد قول الأعداء، وهو العالِم بأنّه مكيدة، ولكنّ خصائص هذا اليوم المختصة بسيد الشهداء ومَن معه على أن يقضوا عطاشى، خارجة عمّا نعرفهُ ولا سبيل لنا إلاّ التسليم بعد أن كان الإمامعليهالسلام حكيماً في أفعاله وأقواله، لا يعلم إلاّ بما تلقّاه من جدّه الذي لا ينطق عن الهوى، كل قضايا الطف محدودة الظرف والمكان لأسرار ومصالح لا يعلمها إلاّ ربّ العالمين تعالى شأنه.
وهناك شيء آخر لاحظهُ سيّد الشهداء وكانت العرب تتفانى دونه وهو حماية الحَرم بأنفس الذخائر، وأبو عبد الله سيد العرب وابن سيدها فلا تفوته هذه الخصلة التي يستهلك دونها النفس والنفيس، ولمّا ناداه الرجل هُتكت الحَرم لم يشرب الماء! إعلاماً للجَمع لِما يحمله من الغيرة على حَرمه، ولو لم يُبالِ بالنداء لَتيقّنَ الناس فقدانه الحميّة العربية، ولا يقدِم عليه أبيّ الضيم حتى لو علِم بكذب النداء، وفعلُ سيد الأُباة من عدم شرب الماء ولو في آنٍ يسير هو غاية ما يمدح به الرجل).
وأمَرهم بالصبر، ووعدهم بالثواب والأجر، وأمرَهم بلبس أُزرهم، وقال لهم:
(استعدّوا للبلاء، واعلموا أنّ الله تعالى حافظكم وحاميكم، وسينجّيكم من شرّ الأعداء، ويجعل عاقبة أمركم إلى خير، ويُعذّب أعاديكم بأنواع البلاء، ويعوّضكم الله عن هذه البلية بأنواع النِعم والكرامة، فلا تشكوا، ولا تقولوا بألسِنتكم ما ينقص من قدركم ) (١) .
وقال المحقّق السيّد المقرّم (ره): (حقاً لو قيل بأنّ هذا الموقف من أعظم ما لاقاه سيد الشهداءعليهالسلام في هذا اليوم، فإنّ عقائل النبوة تشاهد عماد أخبيتها، وسياج صونها، وحِمى عزّها، ومعقد شرفها مؤذِناً بفِراق لا رجوع بعده، فلا يدرين بمَن يعتصمن من عادية الأعداء، وبمَن العزاء بعد فقْده، فلا غرو إذا اجتمعنَ عليه وأحطن به وتعلّقن بأطرافه بين صبيٍّ يئنُّ، ووالهةٍ أذهلها المصاب، وطفلة تطلب الأمن، وأخرى تنشد الماء!
إذاً فما حال سيد الغيارى ومثال الحنان وهو ينظر بعلمه الواسع إلى ودائع الرسالة وحرائر بيت العصمة، وهنّ لا يعرفن إلاّ سجف العزّ وحجب الجلال، كيف يتراكضن في هذه البيداء المقفرة بعَولة مشجية، وهتاف يُفطّر الصخر الأصم، وزفرات متصاعدة من أفئدة حرّى! فإنْ فررنَ فعن السلب، وإن تباعدنَ فمن الضرب، ولا محام لهنّ غير الإمام الذي أنهكته العلّة)(٢) .
____________________
(١) جلاء العيون: ٢٠١، وعنه نَفَس المهموم: ٣٥٥.
(٢) مقتل الحسينعليهالسلام للمقرّم: ٢٧٦.
والتفت الحسين إلى ابنته سكينة التي يصفها للحسن المثنّى بأنّ الاستغراق مع الله غالب عليها! فرآها منحازة عن النساء باكية نادبة فوقف عليها مصبّراً، ومسلّياً ولسان حاله يقول:
هذا الوداع عزيزتي والملتقى |
يوم القيامة عند حوض الكوثر |
|
فدعي البكاء وللأسار تهيأي |
واستشعري الصبر الجميل وبادري |
|
وإذا رأيتني على وجه الثرى |
دامي الوريد مبضَّعاً فتصبّري(١) |
فقال عمر بن سعد: ويحكم اهجموا عليه ما دام مشغولاً بنفسه وحُرَمه، والله، إن فرغَ لكم لا تمتاز ميمنتكم عن ميسرتكم، فحملوا عليه يرمونه بالسهام حتى تخالفت السهام بين أطناب المخيّم، وشكّ سهم بعض أزر النساء فدُهشن وأُرعبن وصِحن ودخلنَ الخيمة ينظرن إلى الحسين كيف يصنع، فحملَ عليهم كالليث الغضبان فلا يلحق أحداً إلاّ بَعجه بسيفه فقتله، والسهام تأخذه من كل ناحية وهو يتّقيها بصدره ونحره)(٢) .
وقال ابن شهرآشوب: (ثمّ ودّع النساء وكانت سكينة تصيح فضمّها إلى صدره وقال:
سيطولُ بعدي يا سكينة فاعلَمي |
مـنك البكاء إذا الحِمام دَهاني |
|
لا تـحرقي قلبي بدمعكِ حسرة |
ما دام منّي الروح في جثماني |
|
فـإذا قُـتلتُ فأنتِ أَولى بالذي |
تـأتينه يا خيرة النسوان(٣) |
____________________
(١) هذه الأبيات للخطيب الشاعر الشيخ مسلم بن محمد علي الجابري النجفي (ره) (راجع: مقتل الحسينعليهالسلام للمقرّم: ٢٢٧).
(٢) مقتل الحسين للمقرّم: ٢٧٧ - ٢٧٨.
(٣) مناقب آل أبي طالبعليهمالسلام : ٤: ١٠٩.
من جملة الأعمال المهمّة التي قام بها الإمام الحسينعليهالسلام يوم عاشوراء قبل مقتله، دَفعُ الوصايا إلى ابنه الإمام علي بن الحسين زين العابدينعليهالسلام ، حيث كان مريضاً ولم يستطع الجهاد بين يدي أبيه الحسينعليهالسلام .
قال المسعودي: (ثُمّ أُحضر علي بن الحسينعليهالسلام - وكان عليلاً - فأوصى إليه بالاسم الأعظم ومواريث الأنبياءعليهمالسلام ، وعرّفه أن قد دفعَ العلوم والصحف والمصاحف والسلاح إلى أمّ سلمةرضياللهعنها وأمرَها أن تدفع جميع ذلك إليه)(١) .
وفي دعوات الراوندي للراوندي: عن الإمام زين العابدينعليهالسلام قال:
(ضمّني والديعليهالسلام إلى صدره حين قُتل والدماء تغلي، وهو يقول: يا بني احفظ عنّي دعاءً علّمتنيه فاطمة صلوات الله عليها، وعلّمها رسول اللهصلىاللهعليهوآله ، وعلّمه جبرئيل في الحاجة، والهمّ والغمّ، والنازلة إذا نزلت، والأمر العظيم الفادح.
قال: أُدع: (بحقّ يس والقرآن الحكيم، وبحقّ طه والقرآن العظيم، يا مَن يقدر على حوائج السائلين، يا مَن يعلم ما في الضمير، يا مُنفّس عن المكروبين، يا مُفرّج عن
____________________
(١) إثبات الوصية: ١٧٧، وفيه أيضاً في حديث عن خديجة بنت محمد بن علي الرضا أخت أبي الحسن العسكريعليهالسلام : أنَّ الإمام أوصى إلى أخته زينب بن عليعليهاالسلام في الظاهر، فكان ما يخرج من علي بن الحسينعليهماالسلام في زمانه من علمٍ يُنسب إلى زينب بنت علي عمّته، ستراً على علي بن الحسينعليهالسلام وتقية واتقاء عليه (إثبات الوصيّة: ٢٠٦)، راجع: نَفَس المهموم: ٣٤٧، إثبات الهداة: ٥: ٢١٦، حديث ٩، وفيه ص١٨١: (فلمّا قرُب استشهاد أبي عبد اللهعليهالسلام دعاه وأوصى إليه، وأمره أن يتسلم ما خلّفه عند أمّ سلمة رحمها الله مع مواريث الأنبياء والسلاح والكتاب).
المغمومين، يا راحمَ الشيخ الكبير، يا رازق الطفل الصغير، يا مَن لا يحتاج إلى التفسير، صلّ على محمد وآل محمد وافعل بي كذا وكذا) (١) .
وروي عن أبي جعفرعليهالسلام أنّه قال:(إنّ الحسين عليهالسلام لمّا حضرهُ الذي حضره دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين عليهاالسلام (٢) ،فدفعَ إليها كتاباً ملفوفاً ووصية ظاهرة، وكان علي بن الحسين عليهماالسلام مبطوناً معهم لا يرون إلاّ أنّه لِما به، فدَفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين عليهماالسلام ثمّ صار ذلك إلينا) (٣) .
روى الطبري عن أبي مخنف: (ثمّ إنّ شمر بن ذي الجوشن أقبلَ في نفر من عشرة من رجّالة أهل الكوفة قِبَل منزل الحسين الذي فيه ثقله وعياله، فمشى نحوه، فحالوا بينه وبين رحله، فقال الحسين:
(ويلكم إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون يوم المعاد، فكونوا في أمر دنياكم أحراراً ذوي أحساب، امنَعوا رحلي وأهلي من طغامكم (٤) وجهّالكم).
فقال ابن ذي الجوشن: ذلك لك يا بن فاطمة(٥) .
____________________
(١) دعوات الرواندي: ٥٤، ح١٣٧، البحار: ٩٥: ١٩٦، ح٢٩.
(٢) هي فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب القرشية الهاشمية المدنية، أخت علي بن الحسين زين العابدين... وكانت فيمن قدِم دمشق بعد قَتل أبيها، ثمّ خرجت إلى المدينة (راجع: تهذيب الكمال ٣٥: ٢٥٥).
(٣) بصائر الدرجات: ١٦٤، إثبات الهداة: ٥: ٢١٥، ح٥، البحار: ٢٦: ٣٥، ح٦٢.
(٤) تاريخ الطبري، ٣: ٣٣٣، وأنساب الأشراف ٣: ٤٠٧، والكامل في التاريخ ٤: ٧٦.
(٥) اللهوف: ١٧١.