مرآة العقول الجزء ٣

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 403

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 403
المشاهدات: 43532
تحميل: 6778


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 43532 / تحميل: 6778
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٨ - قال :وقال :رجل لأبي جعفرعليه‌السلام : يا ابن رسول الله لا تغضب عليّ قال :لـمّا ذا قال :لـمّا أريد أن أسألك عنه قال :قل قال :ولا تغضب قال :ولا أغضب قال :أرأيت قولك في ليلة القدر وتنزل الملائكة والروح فيها إلى الأوصياء يأتونهم بأمر لم يكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد علمه أو يأتونهم بأمر كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلمه وقد علمت أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مات وليس من علمه شيء إلّا وعليّعليه‌السلام له واع قال :أبو جعفرعليه‌السلام ما لي ولك أيها الرجل ومن أدخلك عليّ قال :أدخلني عليك القضاء لطلب الدين قال :فافهم ما أقول لك.

إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا أسري به لم يهبط حتّى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون وكان كثير من علمه ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر وكذلك كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر كما كان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :السائل أوما كان في الجمل تفسيّر قال :بلى ولكنه إنما يأتي بالأمر من الله تعالى في ليالي القدر إلى النبيّ وإلى الأوصياء افعل كذا وكذا لأمر قد كانوا علموه أمروا كيف يعملون فيه قلت فسّر لي هذا قال :لم يمت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا حافظاً لجملة العلم وتفسيره قلت فالذي كان يأتيه في ليالي

________________________________________________________

الحديث الثامن السند مشترك.

« وتنزّل الملائكة » بصيغة المصدر ، مجرور عطف على « ليلة القدر » يعني ما قولك في شأن ليلة القدر وفي الملائكة والروح فيها « وقد علمت » بصيغة المتكلم أو الخطاب.

« ما لي ولك » ليس هذا على وجه الغضب حتّى ينافي وعدّه ، بل على سبيل المصلحة والتأديب ، وبيان أن المسألة غامضة لا يفي عقله بفهمها ولذا كرر السائل السؤال ، وتقرير شبهته أن الجملة إن كانت مشتملة على كلّ ما اشتمل عليه التفسيّر فما الذي يأتيهم في ليلة القدر من العلم؟ وإن لم تكن مشتملة على الجميع وكان يبقى من العلم ما لم يأتهم بعد ، وإنّما يأتيهم في ليالي القدر ، فيلزم أن لا يعلم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك الباقي.

١٠١

القدر علم ما هو قال :الأمر واليسرّ فيما كان قد علم قال :السائل فما يحدث لهم في ليالي القدر علمٌ سوى ما علموا قال :هذا ممّا أمروا بكتمأنّه ولا يعلم تفسير

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام « الأمر واليسر » لعلّ المراد أنّه كان يعلم العلوم على الوجه الكلي الذي يمكنه استنباط الجزئيات منه ، وإنّما يأتيه تفصيل أفراد تلك الكليات لمزيد التوضيح ولتسهيل الأمر عليه في استعلام الجزئيّات.

ثمّ ذكرعليه‌السلام بعد ذلك فائدة أخرى لنزول الملائكة في ليلة القدر ، وهي أن إخبار ما يلزمهم إخباره وإمضاء ما أمروا بإمضائه من التكاليف موقوف على تكرير الإعلام في ليلة القدر ، ويحتمل أن يكون المراد بالجمل ما يقبل البداء من الأمور وبالتفسيّر والتفصيل تعيين ما هو محتوم وما يقبل البداء كما يظهر من سائر الأخبار ، ولـمّا كان علم البداء غامضاً وفهمه مشكلاً أبهمعليه‌السلام على السائل ولم يوضحه له ، فقولهعليه‌السلام « هذا ممّا أمروا بكتمأنّه » أي أمروا بكتمان أمر البداء عن غير أهله لقصور فهمهم ، وأنهم قبل أن يعين لهم الأمور البدائيّة والمحتومة لا يجوز لهم الإخبار بها ، ولذا قال :أمير المؤمنينعليه‌السلام : لو لا آية في كتاب الله لأخبرت بما يكون إلى يوم القيامة فقوله « لا يعلم تفسيّر ما سألت » أي لا يعلم ما يكون محتوماً وما ليس بمحتوم في السنة قبل نزول الملائكة والروح إلّا الله.

وأما قوله « لا يحلّ لك » فهو إمّا لقصوره عن فهم معنى البداء ، أو لأن توضيح ما نزل في ليلة القدر والعلم بخصوصياته ممّا لا يمكن لسائر النّاس غير الأوصياءعليهم‌السلام الإحاطة به ، ويؤيد هذا قوله « فإن الله تعالى أبى » وعلى الأوّل يمكن تعميم الأنفس على وجه يشمل خواصّ أصحابهم وأصحاب أسرارهم مجازاً كما ورد : سلمان منّا أهل البيت.

والحاصل أنّ توضيح أمر البداء وتفصيله لأكثر الخلق ينافي حكمه البداء إذ هذه الحكمة لا تحصل لهم إلّا بجهلهم بأصله ليصير سبباً لإتيانهم بالخيرات وتركهم الشرور والسيّئات ، كما أومأنا إليه في باب البداء ، أو بالعلم بكنه حقيقة ذلك ، وهذا

١٠٢

ما سألت عنه إلّا الله عزَّ وجلَّ.

قال :السائل فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء قال :لا وكيف يعلم وصيُّ غير علم ما أوصيّ إليه قال :السائل فهل يسعنا أن نقول : إنَّ أحداً من الوصاة يعلم

________________________________________________________

لا يتيسرّ لعامة الخلق ، ولذا منعوا عن تعلّم علم النجوم والخوض فيه ، والتفكر في مسائل القضاء والقدر وهذا بيّن لمن تأمل فيه ، وأيضاً الإحاطة بكيفيات ما ينزل في ليلة القدر وتفصيلها وكنه حقيقتها إنما يحصل بعد الإحاطة بغرائب أحوالهم وشؤونهم ، وهذا ممّا تعجز عنه عقول عامة الخلق ولو أحاطوا بشيء من ذلك لطاروا إلى درجة العلوّ والارتفاع ، ولذا كانواعليهم‌السلام يتقون من شيعتهم أكثر من مخالفيهم ، ويخفون أحوالهم وأسرارهم منهم خوفاً من ذلك ، ولعلّه يشير إلى هذا قولهمعليهم‌السلام : إن علمنّا صعب مستصعب لا يحتمله إلّا ملك مقرب أو نبيّ مرسل أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ، وفي بعض الأخبار لا يحتمله ملك مقرب ، إلخ ، وإليه يومي أيضاً قولهمعليهم‌السلام : لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله.

قال :الفاضل الأسترآبادي (ره) في قولهعليه‌السلام : « هذا ممّا أمروا بكتمانه » يفهم من كلامهعليه‌السلام أن الله تعالى علم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جل نقوش اللوح المحفوظ المتعلقة بما مضى وما سيكون ، ونقوش اللوح المحفوظ قسمان : قسم منه لله فيه المشية والبداء يجري فيه ، وقسم محتوم لا يجري فيه البداء ، والنقوش المتعلقة بكلّ سنة تصير محتومة في ليلة القدر وتنزل الملائكة والروح فيها بالإذن فيما صار محتوماً وأما قولهعليه‌السلام : وهذا ممّا قد أمروا بكتمانه ، فمعناه أنهم مأمورون بكتمان خصوصيات ما ينزل عليهم في ليلة القدر ، وأما قوله : ولا يعلم تفسيّر ما سألت عنه إلّا الله فمعناه أنّه لا يعلم ما يصير محتوما في كلّ سنة قبل أن يصير محتوما إلّا الله تعالى وأما قوله : لا يستطيعون « إلخ » فمعناه أنّه لا يجوز لهم العمل بمقتضى علمهم إلّا بعد العلم بأنّه صار محتوما وبعد الإذن في العمل ، وأما قوله : لا يحل لك ، ففيه احتمالات : أحدها : أنّه لا يحل له ذلك لأن ذهنه قاصر عن فهم أنّه لا

١٠٣

مالا يعلم الآخر ؟ قال :لا لم يمت نبيّ إلّا وعلمه في جوف وصيه وإنّما تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد قال :السائل وما كانوا علموا ذلك الحكم قال :بلى قد علموه ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتّى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة قال :السائل يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا قال :أبو جعفرعليه‌السلام من أنكره فليس منّا.

________________________________________________________

قصور في البداء ، وثانيها : أنّه لا يحلّ له السؤال عن خصوصيّات ما ينزل في ليلة القدر ويؤيد ذلك أنّهعليه‌السلام أجاب السائل مرارا كثيرة بوجوه واضحة ولم يأت في شيء منها بذكر مثال مخصوص ، ويؤيده قولهعليه‌السلام : قال :عزّ وجلّ « إلخ » هذا هو الذي سنح لي في حل هذا المقام والله أعلم بما قال :حجتهعليه‌السلام « انتهى ».

وقيل : لـمّا كرّر السائل سؤاله وأعاد بعد الجواب الواضح ما كان يسأله أولا وجزمعليه‌السلام بأنّه ليس من شأنّه أن يفهم ذلك عدل عن جوابه بالبيان إلى جوابه بالأمر بالكتمان ، وأنّه لا يعلم تفسيّر ذلك وبيأنّه لمثل هذا الرجل بحيث يفهم أو يسكت سوى الله سبحانه أي الإفهام إنما هو بيد الله سبحانه ، وإنما المعلم فاتح للمتعلم ومعد لأن يصير بحيث يفهم من الله عزّ وجلّ ما يلقيه ، وإنّما أمروا بكتمانه لأنّهمعليهم‌السلام أمروا أن يكلموا النّاس على قدر عقولهم ، فمن لم يكن مقدار عقله صالحا لفهم أمر وجب كتمان ذلك الأمر عنه ، فلـمّا عاد في المرّة التاسعة لسؤاله ذلك حرم عليه السؤال ، فما أصبره بأبي وأمي على مخاطبته والرفق في جوابه ، صلوات الله عليه « انتهى ».

« في جوف وصيّه » أي كلّ وصيّ له ، فكلّهم يعلمون ما يعلم النبيّ وقد مر أن علم الوصيّ لا يزيد على علم النبيّ ، فلا بد أن يكونوا متساويين في العلم ، ولعلّهعليه‌السلام قال :ذلك على وفق فهم السائل أو هو مبني على ما ورد في الأخبار أنّه كلّ ما يحدث من علم الإمام فيعرض أولا على روح النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ الوصيّ الذي بعده إلى أن ينتهي إلى إمام الزمانعليه‌السلام .

وقوله : « لا أستطيع إنكار هذا » استفهام ، أي هل إنكار ذلك غير مجوّز لي

١٠٤

قال :السائل : يا أبا جعفر أرأيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل كان يأتيه في ليالي القدر شيء لم يكن علمه قال :لا يحلُّ لك أن تسأل عن هذا أما علم ما كان وما سيكون فليس يموت نبيّ ولا وصيّ إلّا والوصيّ الذي بعده يعلمه أما هذا العلم الذي تسأل عنه فإن الله عزّ وجلّ أبى أن يطلّع الأوصياء عليه إلّا أنفسهم قال :السائل يا ابن رسول الله كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كلّ سنة قال :إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كلّ ليلة مائة مرّة فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنّك ناظرٌ إلى تصديق الذي سألت عنه.

٩ - وقال :قال :أبو جعفرعليه‌السلام لـمّا ترون من بعثه الله عزّ وجلّ للشقاء على

________________________________________________________

« أن يطلع » من باب الأفعال « إلا أنفسهم » بضم الفاء أي اطلاع كلّ منهم صاحبه ، وربّما يقرأ بفتح الفاء أفعل التفضيل من النفيس ، أي خواصّ شيعتهم ، وقد مرّ أنّ الأوّل أيضاً يحتمل شموله لخواص الشيعة ، فلا حاجة إلى هذا التكلف.

قوله :عليه‌السلام فإنك ناظر « إلخ » أي تنكشف لك بعلامة إنها ليلة القدر أو يظهر لك منه تعيين ليلة القدر ، وإن كان فيه أيضاً إيماء إلى أنها ليلة القدر ، وذلك إذا كان مع الإخلاص التام وسائر الشرائط.

الحديث التاسع : بالسند السابق.

« لـما ترون من بعثه الله » اللام موطئة للقسم وما موصولة ، وعبارة « من أجناد الشياطين وأزواجهم » إلحاقا لهم بغير ذوي العقول ، والرؤية بمعنى الزيارة ، والضمير لـمّا باعتبار التعدد في المعنى « ومن بعثه » مفعول يرون واستعيرت البعثة هنا للتخلية وعدم الحيلولة كما مر مرارا كقوله تعالى «بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا »(١) و « من » بيان لـمّا أو للتبعيض ، و « أزواجهم » في أكثر النسخ بالراء والحاء المهملتين ، فيمكن أن يكون عطف تفسيّر للأجناد لبيان أنهم أجسام لطيفة أو المراد بأرواحهم أرواح من مات منهم من شياطين الإنس ، وفي بعض النسخ « وأزواجهم » بالزاء المعجمة والجيم وهو

__________________

(١) سورة الإسراء : ٥.

١٠٥

أهل الضلالة من أجناد الشياطين وأزواجهم أكثر ممّا ترون خليفة الله الذي بعثه للعدل والصواب من الملائكة قيل يا أبا جعفر وكيف يكون شيء أكثر من الملائكة قال :كما شاء الله عزّ وجلّ قال :السائل يا أبا جعفر إنّي لو حدّثت بعض الشيعة بهذا الحديث لأنكروه قال :كيف ينكرونه قال :يقولون إن الملائكةعليهم‌السلام أكثر من الشياطين قال :صدقت افهم عني ما أقول أنّه ليس من يوم ولا ليلة إلّا وجميع الجن والشياطين تزور أئمّة الضلالة ويزور إمام الهدى عددهم من الملائكة حتى

________________________________________________________

أصوب ، أي أشباههم وقرنائهم من الإنس و « أكثر » خبرّ الموصول ، وفي بعض النسخ « بل أكثرها ».

« ترون » بالتاء ، فقوله : « من بعثه الله » أي ممن بعثه الله أو بدل « ما » أو « ما » مصدرية ، وقوله : خليفة الله أي لخليفة الله كما قيل ، والأوّل أظهر ، والذي هو أصوب عندي أنّه كان : لـمّا يزور ، في الموضعين فصحف كما تدل عليه تتمة الكلام.

قولهعليه‌السلام : كما شاء الله ، لعلهعليه‌السلام حمل كلامه أولا على أن مراده بالملائكة بعضهم وهم النازلون على الإمام ، فلذا قال :كما شاء الله ، أي لا استبعاد في ذلك إذا تعلقت به مشية الله ثمّ لـمّا صرح بأنّه فهم من كلامهعليه‌السلام أن الجن والشياطين أكثر من جميع الملائكة أجابعليه‌السلام بأنّه لم يكن غرضي ذلك بل إنما أردت أنهم أكثر من عدد الملائكة الذّين يزورون الإمام في ليلة القدر باعتبار أن الله تعالى يضاعف عدد الشياطين في تلك الليلة ، فقولهعليه‌السلام « صدقت » أي في أن الملائكة أكثر من الشياطين ، ويمكن حمل الكلام على جميع الملائكة وقوله : صدقت ، على أن التصديق لقول الشيعة لا لقولهم وهذا أنسب بقوله : كما شاء الله ، لكنه مخالف لكثير من الأخبار الدالة على أن ليس شيء من خلق الله أكثر من الملائكة ، ويمكن على الوجه الأوّل مع حمل الملائكة في كلام السائل على الجميع أن يكون مرادهعليه‌السلام بقوله ما شاء الله ، أن جميع خلق الله من غير الملائكة ، أكثر من الملائكة وإن كان صنف الملائكة أكثر من كلّ صنف ممّا سواهم ، ثمّ بيّنعليه‌السلام مراده ودفع توهّم السائل في الجواب الثاني.

١٠٦

إذا أتت ليلة القدر ؟ فيهبط فيها من الملائكة إلى وليّ الأمر خلق الله أو قال :قيض الله عزّ وجلّ من الشياطين بعددهم ثمّ زاروا ولي الضلالة فأتوه بالإفك والكذب حتّى لعله يصبح فيقول رأيت كذا وكذا فلو سأل ولي الأمر عن ذلك لقال :رأيت شيطاناً أخبرك بكذا وكذا حتّى يفسّر له تفسيراً ويعلمه الضلالة الّتي هو عليها.

وايم الله إنَّ من صدّق بليلة القدر ، ليعلم أنّها لنا خاصّة لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

________________________________________________________

وقال :المحدّث الاسترابادي (ره) حاصل كلامه أن زيارة أجناد الشياطين للرجل الذي هو صاحبهم أكثر من زيارة الملائكة لصاحب الأمر وذلك لأن زيارة الملائكة لصاحب الأمرعليه‌السلام إنما يكون في ليلة القدر ، وزيارتهم لصاحبهم يكون في ليلة القدر ويكون في غيرها ، « انتهى ».

ولا يخفى ما فيه إذ عبارة الخبر صريحة في أن الملائكة أيضاً يزورون إمام الهدى كلّ يوم ، فالأصوب ما ذكرنا.

وقال :الجوهري : « قيّض الله » فلانا لفلان ، أي جاءه به وأتاحه له ، ومنه قوله تعالى : «وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ »(١) انتهى ، والإفك - بالكسر - الكذب ، فالعطف للتفسيّر وقد يقال : الكذب من حيث أنّه مخالف للواقع كذب ، ومن حيث أنّه يصرف السامع عن الحقّ إفك ، قال :الجوهري : الإفك الكذب ، والإفك بالفتح مصدر قولك : أفكه يأفكه إفكاً أي قلبه وصرفه عن الشيء ومنه قوله تعالى : «قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا »(٢) .

« فلو سأل » أي إمام الجور « وليّ الأمر عن ذلك » أي عمار أي وسمع « لقال :» أي ولي الأمر و « يعلمه » من الإعلام وضمير الفاعل راجع إلى ولي الأمر ، والمفعول إلى ولي الضلالة ، كضمير « هو » وضمير « عليها » إلى الضلالة.

« إنّ من صدّق بليلة القدر » أي أنّها باقية بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأن نزول الملائكة فيها إلى أحد من الأئمّة(٣) « لقول رسول الله » الاستشهاد إمّا لأنّ المراد بوليكم

__________________

(١) سورة فصلت : ٢٥.

(٢) سورة الأحقاف : ٢٢.

(٣) في نسخة « الأمة » بدل الأئمة لكنه خلاف الظاهر.

١٠٧

لعليّعليه‌السلام حين دنا موته هذا وليكم من بعدي فإن أطعتموه رشدتم ولكن من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر ومن آمن بليلة القدر ممن على غير رأينا فأنّه لا يسعه في الصدق إلّا أن يقول إنها لنا ومن لم يقل فأنّه كاذب إن الله عزّ وجلّ أعظم من أن ينزل الأمر مع الروح والملائكة إلى كافر فاسق فإن قال :أنّه ينزل إلى الخليفة الذي هو عليها فليس قولهم ذلك بشيء وإن قالوا أنّه ليس ينزل إلى أحد فلا يكون أن ينزل شيء إلى غير شيء وإن قالوا وسيقولون ليس هذا بشيء فقد ضلوا ضلالاً بعيداً.

________________________________________________________

ولىّ أمر ليلة القدر ، أو لأن المراد بالولي الأولى بأمر الإمامة المتولي لإصلاحهم ، ومن يجب عليهم طاعته كما مر في تفسيّر قوله سبحانه : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ »(١) ولا يقول عاقل بنزول الملائكة والروح إلى غير من هو كذلك ، مع كونه بين الأمة لا سيما مع قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « إن أطعتموه رشدتم »

« منكر » أي لنا ولفضلنا وإمامتنا وكوننا مخصوصين بليلة القدر « فأنّه كاذب » أي في الإقرار بليلة القدر ، أو في أنّه لا يعتقد أنّها فينا.

قوله « إلى الخليفة الذي هو عليها » الظاهر أنّ المراد به خليفة الجور وضمير عليها راجع الضلالة أو الخلافة ، وقيل : إلى الأرض ، وقيل : ضمير عليها راجع إلى خليفة الجور ، والمراد بالخليفة إمام العدل ولا يخفى بعده ، فعلى الأوّل المراد بقوله : ليس بشيء ، أن بطلانه ظاهر ممّا تقدّم ، وعلى الثاني المراد أنّه مخالف لمذهبهم.

« فإن قالوا وسيقولون » في بعض النسخ بالواو(٢) وهو الصواب ، نظير قوله تعالى : «فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا »(٣) .

« ليس هذا بشيء » أي هذا الكلام الأخير أو سائر ما مر مباهتة وعنادا « فقد ضلوا » أي ضلالهم ظاهر بين لا يحتاج إلى بيان ، وفي بعضها بدون الواو فالمعنى : فإن قالوا لا ينزل إلى أحد فسيقولون بعد التنبيّه أو الرجوع إلى أنفسهم ليس هذا بشيء ،

__________________

(١) سورة المائدة : ٥٥.

(٢) يظهر منه أن نسخة الشارح (ره) « فسيفولون » بالفاء.

(٣) سورة البقرة : ٢٤.

١٠٨

( باب )

( في أن الأئمّة عليهم‌السلام يزدادون في ليلة الجمعة )

١ - حدّثني أحمد بن إدريس القمّي ومحمّد بن يحيى ، عن الحسن بن عليّ الكوفي ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن أيّوب ، عن أبي يحيى الصنعانّي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :قال :لي يا أبا يحيى إن لنا في ليالي الجمعة لشأناً من الشأن قال :قلت جعلت فداك وما ذاك الشأن قال :يؤذن لأرواح الأنبياء الموتىعليهم‌السلام وأرواح

________________________________________________________

فقوله : فقد ضلّوا تفريع على جميع ما تقدّم أو يكون « سيقولون » مفعول قالوا أي إن قال :المخالفون سيقول الشيعة بعد غيبة إمامهم أو بعد التأمّل في دلائلنا ليس هذا ، أي أنّه لا بدّ من نزول الملائكة والروح إلى إمام بشيء فقد ضلّوا ضلالاً بعيداً ، ولا يخفى بعدهما والصواب النسخة الأولى والله يعلم.

باب أن الأئمّة عليهم‌السلام يزدادون في ليلة الجمعة

الحديث الأوّل : ضعيف.

والشأن بالفتح والهمز وقد يلين : الخطب والأمر والحال ، والتنكير للتفخيم ، وقوله : من الشأن ، مبالغة فيه. وقال :في النهاية : فيه فأقاموا بين ظهرانيهم وبين أظهرهم ، وقد تكرر في الحديث والمراد بها أنهم أقاموا بينهم على سبيل الاستظهار والاستناد إليهم ، وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة تأكيداً ومعناه أن ظهرا منهم قد أمه وظهرا خلفه فهو مكفوف من جانبيّه أو من جوانبه إذا قيل بين أظهرهم ثمّ كثر استعماله حتّى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا ، وقال :في حديث أبي ذر قلت : يا رسول الله كم الرسل؟ قال :ثلاثمائة وثلاثة عشرّ جم الغفير هكذا جاءت الرواية ، قالوا : والصواب جما غفيرا يقال : جاء القوم جما غفيراً والجماء الغفير وجماءاً غفيرا أي مجتمعين كثيرين ، والذي أنكر من الرواية صحيح فأنّه يقال : الجم الغفير ، ثمّ حذف الألف واللام وأضاف من باب صلاة الأولى ومسجد الجامع ، وأصل الكلمة من الجموم والجمة وهو الاجتماع والكثرة ، والغفير من الغفر وهو التغطية والستر ، « انتهى ».

١٠٩

الأوصياء الموتى وروح الوصيّ الذي بين ظهرانيكم يعرج بها إلى السماء حتّى توافي عرش ربها فتطوف به اُسبوعاً وتصلّي عند كلّ قأئمّة من قوائم العرش ركعتين ثمّ ترد إلى الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا سرورا ويصبح الوصيّ الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جمّ الغفير.

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر ، عن جعفر بن محمّد الكوفي ، عن يوسف الأبزاري ، عن المفضل قال :قال :لي أبو عبد اللهعليه‌السلام ذات يوم وكان لا يكنيني قبل ذلك يا أبا عبد الله قال :قلت لبيك قال :إن لنا في كلّ ليلة جمعة سرورا قلت زادك الله وما ذاك قال :إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العرش ووافى الأئمّةعليهم‌السلام معه ووافينا معهم فلا ترد أرواحنا إلى أبداًننا إلّا بعلم مستفاد ولو لا ذلك لأنفدنا.

________________________________________________________

فالمعنى هنا مثل الأنبياء والرسل الكثيرين ، أو مثل الشيء الكثير أي علـماً كثيراً ويؤيّد الخبر ما رواه في البصائر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : والله إن أرواحنا وأرواح النبيّين لتوافي العرش كلّ ليلة جمعة ، فما ترد في أبداًننا إلّا بجم الغفير من العلم.

وذهاب روح الإمام الحّي إمّا في البدن المثالي أو أصل الروح بناء على تجسّمه في المنام ، أو يكون المراد تعلق أرواحهم المقدسة بالملأ الأعلى ويكون الصلاة على الاستعارة والمجاز ، والإيمان الإجمالي بتلك الأمور أولى وأسلم.

الحديث الثاني : ضعيف.

« وكان لا يكنيني » أي لا يدعونني بالكنية قبل هذا اليوم ، وفي هذا اليوم دعاني به وقال : يا أبا عبد الله ، وهذا افتخار من المفضّل لأن الكنية عندهم من أفضل أنواع التعظيم ، ويقال : وافيت القوم وأوفيتهم أي أتيتهم « إلّا بعلم مستفاد » أي مع علم جديد « ولو لا ذلك لأنفدنا » على بناء الفاعل من باب الأفعال ، أي صرنا ذوي نفاد العلم ، قال :الجوهري : نفد الشيء بالكسر نفاداً : فنى ، وأنفدته أناوأ نفد القوم : ذهبت أموالهم

١١٠

٣ - محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن عبد الله بن محمّد ، عن الحسين بن أحمد المنقري ، عن يونس أو المفضّل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :ما من ليلة جمعة إلّا ولأولياء الله فيها سرور قلت كيف ذلك جعلت فداك قال :إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العرش ووافى الأئمّةعليهم‌السلام ووافيت معهم فما أرجع إلّا بعلم مستفاد ولو لا ذلك لنفد ما عندي.

( باب )

( لو لا أن الأئمة عليهم‌السلام يزدادون لنفد ما عندهم )

١ - عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن صفوان بن يحيى قال :سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول كان جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول لو لا أنا نزداد لأنفدنا.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن صفوان ، عن أبي الحسن مثله.

________________________________________________________

أو فني زادهم ، انتهى.

ثمّ اعلم أنّه يحتمل أن يكون بقاء ما عندهم من العلم مشروطاً بتلك الحالة أو يكون المستفاد لـمّا علموه مجملا ويمكنهم استنباط التفصيل منه ، وألّا يجوز لهم الإظهار بدون ذلك كما مر في الباب السابق ، أو المعنى أنفدنا من علم مخصوص سوى الحلال والحرام لم يفض على النبيّ والأئمّة المتقدمين صلوات الله عليهم وإن أفيض في ذلك الوقت ، وذلك إما من المعارف الربانيّة أو من الأمور البدائيّة ، كما مر منّا الإشارة إليهما ، ويؤيد الأخير كثير من الأخبار.

الحديث الثالث : ضعيف.

باب لو لا أن الأئمّة عليهم‌السلام يزدادون لنفد ما عندهم

الحديث الأول ضعيف بسنده الأوّل على المشهور ، صحيح بسنده الثاني.

١١١

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن ذريح المحاربي قال :قال :لي أبو عبد اللهعليه‌السلام يا ذريح لو لا أنا نزداد لأنفدنا.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي نصر ، عن ثعلبة ، عن زرارة قال :سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول لو لا أنا نزداد لأنفدنا قال :قلت تزدادون شيئاً لا يعلمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :أما أنّه إذا كان ذلك عرض على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ على الأئمّة ثمّ انتهى الأمر إلينا.

٤ - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض

________________________________________________________

الحديث الثاني صحيح.

الحديث الثالث صحيح ويدلّ على أنّهمعليهم‌السلام في جميع النشئات مترقّون في الكمالات ، وأن أنوارهم وأرواحهم مرتبطة بعضها ببعض ، وترقيّاتهم على نهج واحد ، والكلام في العلم الذي يزداد قد مرّ.

وروي في البصائر بسنده عن محمّد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام فقلت : جعلت فداك سمعتك وأنت تقول غير مرّة : لو لا أنّا نزداد لأنفدنا ، قال : أما الحلال والحرام فقد والله أنزله الله على نبيّه بكماله ، وما يزداد الإمام في حلال ولا حرام ، قال : فقلت : فما هذه الزيادة؟ قال : في سائر الأشياء سوى الحلال والحرام ، قال : قلت : فتزدادون شيئاً يخفى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال : لا إنّما يخرج الأمر من عند الله فيأتي به الملك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول : يا محمّد ربك يأمرك بكذا وكذا ، فيقول : انطلق به إلى عليّ فيأتي عليّاً فيقول : انطلق به إلى الحسن ، فيقول : انطلق به إلى الحسين فلم يزل هكذا ينطلق إلى واحد بعد واحد حتّى يخرج إلينا ، قلت : فتزدادون شيئاً لا يعلمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال : ويحك يجوز أن يعلم الإمام شيئاً لم يعلمه رسول الله والإمام من قبله.

الحديث الرابع مرسل.

١١٢

أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :ليس يخرج شيء من عند الله عزّ وجلّ حتّى يبداً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ بأمير المؤمنينعليه‌السلام ثمّ بواحدٍ بعد واحد ، لكيلا يكون آخرنا أعلم من أوّلنا.

( باب )

( أن الأئمة عليهم‌السلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى )

الملائكة والأنبياء والرسل عليهم‌السلام

١ - عليُّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن القاسم ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :إن لله تبارك وتعالى علمين علـماً أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فقد علمناه وعلـماً استأثر به فإذا بداً لله في شيء منه أعلمنّا ذلك وعرض على الأئمّة الّذين كانوا من قبلنا.

علي بن محمّد ومحمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن موسى بن القاسم ، ومحمّد

________________________________________________________

باب أن الأئمة عليهم‌السلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة

والأنبياء والرسل عليهم‌السلام .

الحديث الأول ضعيف بسنده الأوّل صحيح بسنده الثاني.

« وعلـماً استأثر به » أي تفرّد به ولم يعلمه أحداً وهو العلم البدائيّ الذي يتغيّر به ما أفضى إلى الأنبياء والأوصياء ، فهذا العلم لم يصل إلى أحد ، أو المراد به نوع آخر من المعارف الربانيّة التي لم يطلّع عليها بعد أحداً « فإذا بداً لله في شيء منه » أي علم المصلحة في تغيير ما قضى ، وكتب في لوح المحو والإثبات ، وتعلّقت مشيّته بإظهار هذا العلم المكنون ، قال :الجوهري : بداً الأمر بدوّاً مثل قعد قعوداً أي ظهر ،

١١٣

و أبديته أظهرته ابن يحيى ، عن العمركيّ بن عليّ جميعاً ، عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام مثله.

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :إن لله عزّ وجلّ علمين علـماً عنده لم يطلّع عليه أحداً من خلقه وعلـماً نبذه إلى ملائكته ورسله فما نبذه إلى ملائكته ورسله فقد انتهى إلينا.

٣ - عليُّ بن إبراهيم ، عن صالح بن السنديّ ، عن جعفر بن بشير ، عن ضريس قال :سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إن لله عزّ وجلّ علمين : علمٌ مبذول ، وعلمٌ مكفوف فأمّا المبذول فأنّه ليس من شيء تعلمه الملائكة والرُّسل إلّا نحن نعلمه ، وأمّا المكفوف فهو الّذي عند الله عزّ وجلّ في اُمّ الكتاب إذا خرج نفذ.

٤ - أبو علي الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن

________________________________________________________

وبداله في الأمر بداءّ ممدوداً أي نشأ له فيه رأي ، انتهى.

والمعنى الأخير في حقّه سبحانه مجاز كما مرّ تحقيقه في باب البداء.

الحديث الثاني : ضعيف.

الحديث الثالث : مجهول.

« علم كذا » في أكثر النسخ بالرفع فهو مبتدأ ، أي علم منهما و « مبذول » خبره ، وكذا قوله « علم مكفوف » أي مصون ممنوع عن الخلق ، وفي نسخة الشهيد الثاني (ره) علـماً مبذولا وعلـماً مكفوفاً ، بدلا من العلمين و « أمّ الكتاب » اللوح المحفوظ إذا خرج بإعلام الملك وإرساله ، أو بالوحي والإلهام بلا واسطة « نفذ » أي وصل إلى رسول الله والأئمّة صلوات الله عليهم ، أو يصير نافذاً جارياً لا بداء فيه بخلاف العلم الأوّل ، فأنّه كان يجري فيه البداء.

الحديث الرابع : صحيح ، وهنا أيضاً في نسخة الشهيد الثاني بالنصف في الموضعين.

١١٤

عليّ بن النعمان ، عن سويد القلاء ، عن أبي أيّوب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال :إن لله عزّ وجلّ علمين علم لا يعلمه إلّا هو وعلمٌ علّمه ملائكته ورسله ، فما علّمه ملائكته ورسلهعليهم‌السلام فنحن نعلمه.

( باب )

( نادر فيه ذكر الغيب )

١ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن معمر بن خلّاد قال :سأل أبا الحسنعليه‌السلام رجل من أهل فارس فقال :له أتعلمون الغيب؟ فقال :قال :أبو جعفرعليه‌السلام يبسط لنا العلم فنعلم ويقبض عنا فلا نعلم وقال :سر الله عزّ وجلّ أسرّه إلى جبرئيلعليه‌السلام وأسرّه جبرئيل إلى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأسره محمّد إلى من شاء الله.

________________________________________________________

باب نادر فيه ذكر الغيب

الحديث الأول : صحيح.

« يبسط لنا العلم فنعلم » أي علمنا الغيب إنّما هو بتعليمه سبحانه قد يبسط لنا فنعلم ، وقد يقبضه عنّا لبعض المصالح فلا نعلم « سرّ الله » أي هو سرّ الله والضمير الراجع إلى العلم المبسوط أو إلى العلم الذي يحتاج النّاس إليه ويسألونهم عنه بقرينة المقام ، فالمراد بالعلم المبسوط والمقبوض غير ذلك ممّا يحدث بالليل والنهار وفي ليالي الجمعة وليالي القدر وغيرها ، ولو عمّم القبض والبسط في جميع العلوم فلا بد من تخصيصه بغير ما يحتاج النّاس إليه من أمور الدين بل كلّ ما يسألون عنه فأنّه قد ورد أنّه لا يكون الإمام يسأل عن أمر ويقول : لا أدري.

ويؤيّد ما ذكرنا سابقاً ما رواه الصفار بإسناده عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إذا مضى الإمام يفضي من علمه في الليلة التي يمضي فيها إلى الإمام القائم من بعده مثل ما كان يعلم الماضي؟ قال : وما شاء الله من ذلك يورث كتبا ولا يوكلّ إلى نفسه ، ويزاد في ليله ونهاره ، والمراد بمن شاء الله أمير المؤمنين أو مع سائر الأئمّةعليهم‌السلام .

١١٥

٢ - محمّد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب ، عن سدير الصيرفي قال :سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ : «بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ »(١) قال :أبو جعفرعليه‌السلام إن الله عزّ وجلّ ابتدع الأشياء كلّها بعلمه على غير مثال كان قبله فابتدع السماوات والأرضين ولم يكن قبلهن سماوات ولا أرضون أما تسمع لقوله تعالى : «وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ »(٢) .

فقال :له حمران أرأيت قوله جلّ ذكره : «عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أحداً »(٣) فقال :أبو جعفرعليه‌السلام : «إلّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ » وكان والله محمّد ممّن

________________________________________________________

الحديث الثاني : مجهول ، «بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » البديع فعيل بمعنى مفعل أي مبدعهما ، أو بمعنى المفعول فالوصف بحال متعلّق الموصوف ، أي مبدع سماواته وأرضه ، قال :الفيروزآبادي : البديع المبتدع والمبتدّع ، وبدعه كمنعه أنشأه كابتدعه « بعلمه » أي كما يقتضيه العلم بالمصلحة بلا استعانة بمثال كان قبله أي قبل الابتداع ، ولم يكن قبلهن سماوات ولا الأرضون لينشئهما ويضعهما على مثالهما « أما تسمع » استدلال بابتداع السماوات والأرضين بقوله تعالى : «وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ » إذ لو كان حينئذ سماء وأرض لكان عرشه عليهما ، وهذا صريح في حدوث السماوات والأرضين بل جميع الأشياء « أرأيت » أي أخبرني.

«عالِمُ الْغَيْبِ » أي هو عالم الغيب والضمير لقوله : ربّي ، في قوله قبل ذلك «أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً » والغيب ما غاب عن الشخص إمّا باعتبار زمان وقوعه كالأشياء الماضية والآتية ، أو باعتبار مكان وقوعه كالأشياء الغائبة عن حواسّنا في وقتنا ، وإمّا باعتبار خفائه في نفسه كالقواعد التي ليست ضروريّات ولا مستنبطة منها بالفكر ، وضد الغيب الشهادة «فَلا يُظْهِرُ » أي لا يطلّع «عَلى غَيْبِهِ أحداً » من عباده «إلّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ » قال :الطّبرسي : يعني الرسل ، فأنّه يستدلّ على نبوّتهم بأن يخبروا بالغيب ليكون آية معجزة لهم ، ومعناه من ارتضاه واختاره للنبوّة والرسالة ،

__________________

(١) سورة الأنعام : ١٠١.

(٢) سورة هود : ٩.

(٣) سورة الجن : ٢٧.

١١٦

ارتضاه ، وأمّا قوله «عالِمُ الْغَيْبِ » فإن الله عزّ وجلّ عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شيء ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه وقبل أن يفضيه إلى الملائكة فذلك يا حمران علمٌ موقوفٌ عنده إليه فيه المشيئة فيقضيه إذا أراد ويبدو له فيه فلا يمضيه فأمّا العلم الذي يقدّره الله عزّ وجلّ فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ إلينا.

٣ - أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن ، عن عباد بن سليمان ، عن محمّد بن سليمان ، عن أبيه ، عن سدير قال :كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزَّاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ خرج إلينا وهو مغضب فلـمّا أخذ مجلسه قال :يا عجباً لأقوام

________________________________________________________

فأنّه يطلّعه على ما شاء من غيبه على حسب ما يراه من المصلحة.

قولهعليه‌السلام : فهو العلم الذي انتهى ، لعلّ المراد به أنّه لا بداء فيه غالباً ، لا مطلقا كما يظهر من كثير من الأخبار ، أو يخص بالعلم المحتوم ، أو بالذي يظهر في ليلة القدر أو بما يحدث في الليل والنهار.

أقول : وروى عليّ بن إبراهيم لهذه الآية تأويلا آخر حيث قال : إلّا لمن ارتضى من رسول يعني على المرتضى من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو منه ، قال :الله : «فَأنّه يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً » قال : في قلبه العلم ، ومن خلفه الرصد ، يعلمه علمه ويزقه العلم زقا ، ويعلمه الله إلهاماً والرصد التعليم من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليعلم النبيّ أنّه قد بلغ رسالات ربه وأحاط عليّ بما لدى الرسول من العلم وأحصى كلّ شيء عدداً ، ما كان وما يكون منذ يوم خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة من فتنة أو زلزلة أو حتف أو قذف أو أمة هلكت فيما مضى أو تهلك فيما بقي ، وكم من إمام جائر أو عادل يعرفه باسمه ونسبه ، ومن يموت موتا أو يقتل قتلا وكم من إمام مخذول لا يضره خذلان من خذله ، وكم من إمام منصور لا ينفعه نصر من نصره.

الحديث الثالث مجهول.

« وهو مغضب » على المجهول أي غضباً ربانيّاً لجماعة يزعمون أنّه الربّ ،

١١٧

يزعمون أنّا نعلم الغيب ما يعلم الغيب إلّا الله عزَّ وجلَّ لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت منّي فما علمت في أيّ بيوت الدَّار هي ؟ قال :سدير فلـمّا أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وأبو بصير وميسرّ وقلنا له جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنك تعلم علـماً كثيراً ولا ننسبك إلى علم الغيب قال :فقال :يا سدير ألم تقرأ القرآن قلت بلى قال :فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزَّ وجلَّ : «قال :الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ » قال :قلت جعلت فداك قد قرأته قال :فهل عرفت الرَّجل وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب قال :قلت أخبرني به قال :قدر قطرة من الماء في البحرّ الأخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب؟! قال : قلت:

________________________________________________________

تعالى الله عن ذلك أو يزعمون أنّه يعلم جميع الغيوب وفي جميع الأحوال أو على الجارية « فقال : يا عجباً » أي يا عجب ائتني فهذا أوانك أو يا قوم اعجبوا عجباً « فما علمت » لعلهعليه‌السلام قال :ذلك تورية لئلّا ينسب إلى الربوبية وأراد علـماً مستنداً إلى الأسباب الظاهرة ، أو علـماً غير مستفاد ، مع أنّه يحتمل أن يكون الله تعالى أخفى عليه ذلك في تلك الحال لنوع من المصلحة كما مر.

« ولا ننسبك » الظاهر أنّه إخبار أي لا ننسبك إلى إنك تعلم الغيب بنفسك من غير استفادة أو الغيوب المختصّة به تعالى ، ويحتمل أن يكون استفهاماً إنكارياً « والبحرّ الأخضر » هو المحيط يسمّى بذلك لخضرته وسواده بسبب كثرة مائه ، وإنما لم يخبرّعليه‌السلام عن تعيين الشخص لعدم الاهتمام به وعدم مدخليته فيما هو بصدد بيانه.

___________________

(١) سورة النمل : ٤٠.

(٢) مع قطع النظر عن ضعف الحديث هذا الاحتمال اقرب بمراد المعصوم ظاهراً وأنسب بسياق الحديث ، والأول لايناسب شأن الامام وبعيد عما يظهر في المقام.

١١٨

جعلت فداك ما أقلَّ هذا فقال :يا سدير ! ما أكثر هذا ؛ أن ينسبه الله عزَّ وجلّ إلى العلم الّذي أخبرك به يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزّ وجلّ أيضاً «قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ » قال :قلت : قد قرأته جعلت فداك قال :أفمن عنده علم الكتاب كله أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه قلت لا بل من عنده علم الكتاب كله قال :فأومأ بيده إلى صدره وقال :

________________________________________________________

« ما أكثر » لعلّ هذا ردّ لما يفهم من كلام سدير من تحقير العلم الذي أوتى آصفعليه‌السلام بأنّه وإن كان قليلاً بالنسبة إلى علم كلّ الكتاب فهو في نفسه عظيم كثير لانتسابه إلى علم الذي أخبرك بعد ذلك برفعة شأنّه ويحتمل أن يكون هذا مبهماً يفسّره ما بعده ويكون الغرض بيان وفور علم من نسبه الله إلى مجموع علم الكتاب ولعلّ الأوّل أظهر ، وأظهر منهما ما في البصائر حيث روي عن إبراهيم بن هشام عن محمّد بن سليمان وفيه « ما أكثر هذا لمن لم ينسبه ».

وبهذا السند في البصائر « لمن ينسبه » والظاهر أنّه سقطت كلمة « لم » والمعنى حينئذ بيّن ، وعلى التقادير يقرأ أخبرك على صيغة المتكلم ، ويمكن أن يقرأ على ما في الكتاب بصيغة الغيبة أي أخبرك الله بأنّه أتى بعرش بلقيس في أقل من طرفة عين.

وحاصل الجواب أحد وجهين : الأوّل ، أن يكون الغرض بيان عدم المنافاة بين أن يخفى الله عليهم في وقت من الأوقات لبعض المصالح بعض الأمور الجزئيّة ، وبين أن يكونوا متهيئين لعلم كلّ الكتاب إذا أراد الله تعالى لهم ذلك ، أو يكونوا محتاجين إلى مراجعة لتحصيل بعض العلوم ولا يكون لهم جميع العلوم بالفعل.

والثاني : أن يكون الغرض بيان أنّ ما ذكرهعليه‌السلام أولا كان للتقية من المخالفين أو من ضعفاء العقول من الشيعة ، لئلّا ينسبوهم إلى الربوبيّة ولعلّه أظهر وأرفق بسائر الأخبار ، وعلى التقادير فيه دلالة على أن الجنس المضاف يفيد العموم ،

___________________

(١) سورة الرعد : ٤٣.

١١٩

علم الكتاب والله كلّه عندنا علم الكتاب والله كلّه عندنا.

٤ - أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن ، عن أحمد بن الحسن بن عليّ ، عن عمرو

________________________________________________________

وفيه خلاف بين الأصوليّين.

الحديث الرابع : موثق.

وحاصله أنّه لا يعلم الغيب إلّا بتعليم الله سبحانه وبه يجمع بين الآيات والأخبار الواردة في ذلك فأنّه تعالى قال : «وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ » وقال :سبحانه : «قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إلّا ما يُوحى إِلَيَ » وقال :عزّ وجلّ : «وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إلّا هُوَ » وقال :جلّ وعلا : «وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ » وقال :عز من قائل : «فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ » وقال :جل جلاله حاكيا عن نوحعليه‌السلام «وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ » وقال :سبحانه : «وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » وقال :تعالى : «قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إلّا اللهُ » وقال :تبارك وتعالى «إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ » وقال :عزّ وعلا «قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحقّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ » وقال :جل من قائل «عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أحداً إلّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَأنّه يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ».

فالآية الأولى تدل على أن الله تعالى يطلّع من يجتبي من رسله على بعض الغيوب.

___________________

(١) سورة ال عمران : ١٧٩.

(٢) سورة الانعام : ٥٠.

(٣) سورة الانعام : ٥٩.

(٤) سورة الاعراف : ١٨٨.

(٥) سورة يونس : ٢٠.

(٦) سورة هود : ٣١.

(٧) سورة هود : ١٢٣.

(٨) سورة النمل : ٦٥.

(٩) سورة لقمان : ٣٤.

(١٠) سورة سبأ : ٤٨.

(١١) سورة الجن : ٢٦.

١٢٠