مرآة العقول الجزء ٣

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 403

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 403
المشاهدات: 43561
تحميل: 6779


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 43561 / تحميل: 6779
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

عزَّ وجلَّ وبرَّ ، هات الكتاب فدفعه إليه وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال :له اقرأه فقرأه حرفاً حرفاً فقال :يا عليّ هذا عهد ربي تبارك وتعالى إلي وشرطه عليّ وأمانته وقد بلغت ونصحت وأديت فقال :عليّعليه‌السلام وأنا أشهد لك بأبي وأمي أنت بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلت ويشهد لك به سمعي وبصري ولحمي ودمي فقال :جبرئيلعليه‌السلام وأنا لكما على ذلك من الشاهدين فقال :رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا عليّ أخذت وصيتي وعرفتها وضمنت لله ولي الوفاء بما فيها؟ فقال :

________________________________________________________

أو سلامتنا عن الآفات منه بدأت وإليه عادت « وبرّ » أي أحسن أو وفي بالعهد والوعد « هات » اسم فعل أي أعطني ، وفي القاموس العهد الوصية والتقدّم إلى المرء في الشيء والموثق واليمين.

« وأمانته » إشارة إلى ما مر في تفسيّر قوله تعالى : «إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها »(١) .

« بأبي وأمي أنت » معترضة والأصل فديت بأبي وأمي بصيغة مخاطب مجهول ، فحذف الفعل وأخر الضمير المتصل فجعل منفصلا ، والبلاغ اسم مصدر من باب التفعيل والأفعال ، أي الإيصال.

« والتصديق » منصوب على أنّه مفعول معه ، أو مجرور بالعطف على البلاغ « بموافاتي بها يوم القيامة » أي بالتزام موافاتي ، والموافاة الإتيان مع جماعة والمصدر مضاف إلى المفعول ، أي موافاتك إياي والباء للمصاحبة أو التعدية ، والضمير للوصية ، والمراد بالموافاة بها الإتيان بها كما هو معمولا بها كما هو حقها « فيما أمر الله » في للتعليل و « ما » مصدرية أو في للظرفية وما موصولة كما في السابق ، وعلى التقديرين حال عن أمر جبرئيل والبراءة منهم بالجر تأكيدا أو بالرفع على الابتداء والواو حالية ، وقوله : على الصبرّ خبر ، وعلى الأوّل حال عن فاعل « تفي » وحرمة الرجل ما يجب عليه وعلى غيره رعايته وحفظه ، وانتهاكها عدم رعايتها وتناولها بما لا يحل.

__________________

(١) سورة النساء : ٥٨.

٢٠١

عليُّعليه‌السلام : نعمّ بأبي أنت وأمّي عليَّ ضمانها وعلى الله عوني وتوفيقي على أدائها فقال :رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا عليُّ إنّي أريد أن أشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة فقال : عليّعليه‌السلام نعمّ أشهد فقال :النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن وهما حاضران معهما الملائكة المقربون لأشهدهم عليك فقال :نعمّ ليشهدوا وأنا بأبي أنت وأمي أشهدهم فأشهدهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان فيما اشترط عليه النبيّ بأمر جبرئيلعليه‌السلام فيما أمر الله عزّ وجلّ أن قال :له يا عليّ تفي بما فيها من موالاة من والى الله ورسوله والبراءة والعداوة لمن عادى الله ورسوله والبراءة منهم على الصبرّ منك وعلى كظم الغيظ وعلى ذهاب حقي وغصب خمسك وانتهاك حرمتك فقال :نعمّ يا رسول الله فقال :أمير المؤمنينعليه‌السلام والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت جبرئيلعليه‌السلام يقول للنبيّ يا محمّد عرفه أنّه ينتهك الحرمة وهي حرمة الله وحرمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أن تُخضب لحيته من رأسه بدم عبيط قال :أمير المؤمنينعليه‌السلام فصعقت حين فهمت الكلمة من الأمين جبرئيل حتّى سقطت على وجهي وقلت نعمّ قبلت ورضيت وإن انتهكت الحرمة وعطلت السنن ومزق الكتاب وهدّمت الكعبة وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط صابراً محتسباً أبداً حتّى أقدم عليك ثمّ دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فاطمة والحسن والحسين وأعلمهم مثل ما

________________________________________________________

« والذي فلق الحبّة » أي شقها للإنبات ، والنسمة بالتحريك النفس من نسيم الريح ، ثمّ سمّيت بها النفس أي ذات الروح وبرأها خلقها وإيجادها من كتم العدم « وعلى أن تخضب » عطف على قوله « وعلى كظم الغيظ » وقال :الجوهري : العبيط من الدم : الطريّ الخالص ، وقيل : المراد هنا ما ليس فاسدا بمرض ، والصعق محركة شدّة الصوت والفزع ، ويقال : صعق كسمع أي غشي عليه ، ذكره الفيروزآبادي ، وقال : مزقه يمزقه مزقاً خرقه ، كمزقه فتمزق ، وعرضه أخيه : طعن فيه. وقال : أحتسب بكذا عند الله : أي أعتدّه ينوي به وجه الله ، انتهى.

« عليك » الخطّاب لله أو للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « لم تمسه النار » أي لم يكن معمولا

٢٠٢

أعلم أمير المؤمنين فقالوا مثل قوله فختمت الوصية بخواتيم من ذهب لم تمسه النار ودفعت إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقلت لأبي الحسنعليه‌السلام بأبي أنت وأمي إلّا تذكر ما كان في الوصية فقال :سنن الله وسنن رسوله - فقلت أكان في الوصيّة توثبهم وخلافهم على أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال :نعمّ والله شيئاً شيئاً وحرفاً حرفاً أما سمعت قول الله عزّ وجلّ : «إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكلّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ »(١) والله لقد قال :رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمير المؤمنين وفاطمةعليها‌السلام أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما وقبلتماه فقالا بلى وصبرنا على ما ساءنا وغاظنا.

وفي نسخة الصفواني زيادة

________________________________________________________

لبشر بل صنع بمحض قدرة الله ، أو لم يكن من قبيل ذهب الدنيا ليحتاج إلى النّار « ألا تذكر » بهمزة الاستفهام ، ولا النافية للعرض ، « ما كان » ما ، استفهامية أو موصولة « سنن الله وسنن رسوله » أي أحكامهما في الحلال والحرام مطلقا أو في خصوص أمر الخلافة وهو أظهر في المقام ، والتوثب الاستيلاء ظلـمّا «إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى » نحن تأكيد لضمير إنا ، من قبيل وضع الضمير المرفوع موضع المنصوب ، وقيل : هو خبر إن على سبيل التمدح وما بعده استيناف بياني ، والإحياء بالبعث وقيل بالهداية «وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا » أي ما أسلفوا من الأعمال الصالحة والطالحة «وَآثارَهُمْ » الحسنة كعلم علموه وخير ارتكبوه ، والسيئة كإشاعة باطل وتأسيس ظلم «فِي إِمامٍ مُبِينٍ » يعني اللوح المحفوظ.

وذكر الآية لرفع الاستبعاد عن كتابته في الصحيفة لكون جميع الأشياء مكتوباً في اللوح ويحتمل أن يكونعليه‌السلام فسّر الإمام هنا بهذه الصحيفة أو ما يشملهما ، وفي بعض الأخبار أن الإمام المبين أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقيل : هو صحيفة الأعمال.

قوله « وفي نسخة الصفواني زيادة » هذا كلام بعض رواة الكليني ، فإن نسخ الكافي كانت بروايات مختلفة كالصفواني هذا ، وهو محمّد بن أحمد بن عبد الله بن قضاعة بن

__________________

(١) سورة يس : ١٢.

٢٠٣

٥ - عليٌّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ ، عن أبي عبد الله البزاز ، عن حريز قال :قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك ما أقلّ بقاءكم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة النّاس إليكم فقال :إنّ لكلّ واحد منّا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدته فإذا انقضى ما فيها ممّا أمر به عرف أن أجله قد حضر فأتاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينعى إليه نفسه وأخبره بما له عند الله وأن الحسينعليه‌السلام قرأ صحيفته التي أعطيها وفسّر له ما يأتي بنعي وبقي فيها أشياء لم تقض فخرج للقتال وكانت تلك الأمور التي بقيت أن الملائكة سألت الله في نصرته فأذن لها ومكثت تستعد للقتال وتتأهب لذلك حتّى قتل فنزلت وقد انقطعت مدّته

________________________________________________________

صفوان بن مهران الجمّال وكان ثقة فقيهاً فاضلاً ، ومحمّد بن إبراهيم النعماني وهارون بن موسى التلعكبري ، وكان بين تلك النسخ اختلاف فتصدى بعض من تأخر عنهم كالصدوق محمّد بن بابويه أو الشيخ المفيد رحمة الله عليهما وأضرابهما ، فجمعوا بين النسخ وأشاروا إلى اختلاف الواقع بينها ، ولـمّا كان في نسخة الصفواني هذا الخبر الآتي ولم تكن في سائر الروايات أشار إلى ذلك بهذا الكلام ، وسيأتي مثله في مواضع.

الحديث الخامس : ضعيف « أنّ لكلّ واحد منّا صحيفة » حاصل الجواب أنّ الله تعالى جعل لكلّ واحد منهم شئوناً وأعمالاً قدر الله لهم أن يأتوا بها ، فإذا انقضى تلك الأمور كان ذهابهم إلى عالم القدس أصلح لهم ، والنعي خبر الموت « ينعى » في النسخ بصيغة المضارع المجهول وفي بعضها بنعي بصيغة المصدر وباء المصاحبة.

« لم تقض » على بناء المجهول أي كتب فيها أشياء لم تتحقق بعد ، منها أنّه يخرج في آخر الزمان في الرجعة وتنصره تلك الملائكة وهو بعد متوقع لم يتحقق ، وقيل : لم يتعلق بها القضاء بأن يكون كتب فيه النصر ثمّ بد الله فيه ولم يحصل ، والأوّل أظهر وفي كامل الزيارة لم ينقص.

قولهعليه‌السلام : فنزلت وقد انقطعت مدته ، أقول : يظهر من بعض الأخبار أن

٢٠٤

وقتلعليه‌السلام ، فقالت الملائكة : يا ربّ أذنت لنا في الانحدار وأذنت لنا في نصرته ، فانحدرنا وقد قبضته ، فأوحى الله إليهم : أن الزموا قبره حتّى تروه وقد خرج فانصروه وابكوا

________________________________________________________

الملائكة عرضوا عليه نصرتهم فلم يقبل ، واختار لقاء الله تعالى ، فيمكن أن يكون هذا في المرّة الثانية من نزولهم.

قال السيد بن طاوسرضي‌الله‌عنه في كتاب اللهوف : وروي عن مولانا الصادقعليه‌السلام أنّه قال : سمعت أبي يقول : لـمّا التقى الحسينعليه‌السلام وعمر بن سعد لعنه الله وقامت الحرب أنزل النصر حتّى رفرف(١) على رأس الحسينعليه‌السلام ثمّ خير بين النصر على أعدائه وبين لقاء الله تعالى ، فاختار لقاء الله.

وروي أيضاً عن أبي جعفر الطبري عن الواقدي وزرارة بن صالح قإلّا : لقينا الحسين بن عليّعليه‌السلام قبل خروجه إلى العراق بثلاثة أيّام فأخبرناه بهوى النّاس بالكوفة وأن قلوبهم معه وسيوفهم عليه ، فأومأ بيده نحو السماء ففتحت أبواب السماء ونزلت الملائكة عدداً لا يحصيهم إلّا الله تعالى ، فقال :عليه‌السلام : لو لا تقارب الأشياء وحبوط الأجر لقاتلتهم بهؤلاء ولكن أعلم يقينا أن هناك مصرعي ومصرع أصحابي ولا ينجو منهم إلّا ولدي على.

وروى الصدوق في مجالسه عن أبان بن تغلب قال : قال :أبو عبد اللهعليه‌السلام : أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن عليّ صلوات الله عليه فلم يؤذن لهم في القتال ، فرجعوا في الاستئذان وهبطوا وقد قتل الحسينعليه‌السلام فهم عند قبره شعث غبرّ يبكونه إلى يوم القيامة رئيسهم ملك يقال :له منصور.

وأقول : الظاهر أنّ عدم الإذن منهعليه‌السلام ، ويحتمل أن يكون من الله لكنّه بعيد.

قولهعليه‌السلام : وقد خرج ، أي في الرجعة قبل القيامة بقرينة النصرة.

واعلم أنّ الرجعة أي رجوع جماعة من المؤمنين إلى الدنيا قبل القيامة في زمن

__________________

(١) من رفرف الطائر : إذا بسط جناحيه.

٢٠٥

عليه وعلى ما فاتكم من نصرته فإنّكم قد خصّصتم بنصرته وبالبكاء عليه فبكت الملائكة

________________________________________________________

القائمعليه‌السلام أو قبله أو بعده ليروا دولة الحقّ ويفرحوا بذلك وينتقموا من أعدائهم وجماعة من الكافرين والمنافقين لينتقم منهم ممّا انفردت به الإمامية وأجمعوا عليه وتواترت به الأخبار ودلت عليه بعض الآيات ، وقد وقعت مناظرات كثيرة في ذلك بين علماء الفريقين وكتب علماؤنا في إثباتها كتبا مبسوطة ، منهم أحمد بن داود الجرجاني ، والحسن بن عليّ بن أبي حمزة البطائني ، والفضل بن شاذان النيسابوري والصدوق محمّد بن بابويه ، ومحمّد بن مسعود العياشي والحسن بن سليمان تلميذ الشهيد ، وقد ذكرها متكلمو علمائنا كالمفيد وشيخ الطائفة وسيد المرتضى والعلامة والكراجكي رضي الله عنهم وغيرهم من علماء الإماميّة ، وجميع كتب الحديث المتداولة الآن مشحونة بذكرها ، وقد أوردت في المجلد الثالث عشرّ من كتاب بحار الأنوار أزيد من مائتي حديث نقلا عن نيف وأربعين أصلا من الأصول المعتبرة وكلها صريحة في إثبات الرجعة ، وأما رجعة الأئمّة صلوات الله عليهم فالأخبار متواترة في رجعة أمير المؤمنين والحسين صلوات الله عليهما ، وفي رجعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً وردت أخبار كثيرة مستفيضة ، وأما سائر الأئمّةعليه‌السلام فقد وردت في رجعتهم أيضاً روايات كثيرة لكن ليست في الكثرة بتلك المثابة.

وأمّا خصوصيّات الرجعة فقد اختلفت الأخبار فيها هل هي مقارنة لظهور القائمعليه‌السلام أو بعده أو قبله مقارنا له وامتدادات أزمنتهم أيضاً مختلفة ، ولا ضرورة في تحقيق تلك الخصوصيات بل يكفي الإيمان مجملا واختلاف الأخبار في خصوصيات شيء لا يوجب إنكار أصله فإن في المعاد وكثير من أصول الدين وردت أخبار مختلفة الظواهر مع أنّ أصلها قطعيّ.

ففي بصائر الدّرجات لسعد بن عبد الله بسند صحيح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : أوّل من تنشقّ الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، وأن الرجعة ليست بعامّة وهي خاصّة لا يرجع إلّا من محضّ الإيمان محضاً أو محّض الشرك محضاً.

٢٠٦

تعزّياً وحزناً على ما فاتهم من نصرته ، فإذا خرج يكونون أنصاره.

________________________________________________________

وبأسانيد عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : إن أوّل من يرجع لجاركم الحسينعليه‌السلام فيملك حتّى تقع حاجباه على عينيه من الكبرّ ، وبسند آخر عنهعليه‌السلام قال : إن الذي يلي حساب النّاس قبل يوم القيامة الحسين بن عليّعليهما‌السلام فأما يوم القيامة فإنما هو بعث إلى الجنّة وبعث إلى النار.

وفي الصحيح أيضاً عن زرارة قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن هذه الأمور العظام من الرجعة وأشباهها ، فقال : إن هذا الذي تسألون عنه لم يجيء أوأنّه وقد قال :الله عزّ وجلّ : «بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلـمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ »(١) .

وفي الموثق عن أبي بصير قال : قال :أبو جعفرعليه‌السلام ينكر أهل العراق الرجعة؟ قلت : نعمّ قال : أما يقرءون القرآن «وَيَوْمَ نَحْشرّ مِنْ كلّ أُمَّةٍ فَوْجاً »(٢) .

وعن أبي الصباح قال : قال : أبو جعفرعليه‌السلام : عن الكرات تسألني؟ فقلت : نعمّ ، فقال : تلك القدرة ولا ينكرها إلّا القدرية لا تنكر تلك القدرة لا تنكرها.

وروى العياشي في تفسيره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله تعالى : «ثمّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ »(٣) قال : خروج الحسينعليه‌السلام في الكرة في سبعين رجلا من أصحابه الذّين قتلوا معه ، عليهم البيض المذهبة لكلّ بيضة وجهان يؤدون إلى النّاس أن هذا الحسين قد خرج حتّى لا يشك المؤمنون فيه وأنّه ليس بدجال ولا شيطان ، والحجّة القائمعليه‌السلام بين أظهرهم ، فإذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسينعليه‌السلام جاء الحجّة الموت ، فيكون الذي يغسله ويكفنه ويحنطه ويلحده في حفرته الحسين ابن عليّعليه‌السلام ولا يلي الوصيّ إلّا الوصي.

وروى عليّ بن إبراهيم في الحسن عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام في قوله تعالى

__________________

(١) سورة يونس : ٣٩.

(٢) سورة النمل : ٣٨.

(٣) سورة الإسراء : ٦.

٢٠٧

________________________________________________________

«إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ »(١) قال : يرجع إليكم نبيّكمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وروى الصدوق في الفقيه عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال : ليس منّا من لم يؤمن بكرّتنا و [ لم ] يستحلّ متعتنا.

وروى الشيخ في كتاب الغيبة بإسناده عن المفضل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إذا قام القائم أتى المؤمن في قبره فيقال :له : يا هذا أنّه قد ظهر صاحبك فإن تشأ أن تلحقّ به فالحقّ ، وإن تشأ أن تقيم في كرامة ربك فأقم.

وفي المسائل السروّية للشيخ المفيدقدس‌سره أنّه سئل عمّا يروي عن مولانا جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام في الرجعة وما معنى قوله : ليس منّا من لم يقل بمتعتنا ويؤمن برجعتنا أهي حشرّ في الدنيا مخصوص للمؤمن أو لغيره من الظلمة الجبارين قبل يوم القيامة؟ فكتب الشيخ نور الله مرقده بعد الجواب عن المتعة ، وأما قولهعليه‌السلام من لم يؤمن برجعتنا فليس منّا فإنما أراد بذلك ما يختصه من القول به في أن الله تعالى يحشرّ قوما من أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد موتهم قبل يوم القيامة ، وهذا مذهب يختصّ به آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والقرآن شاهد به ، قال :الله عزّ وجلّ في ذكر الحشرّ الأكبر يوم القيامة : «وَحَشَرْنأهمّ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أحداً »(٢) وقال :سبحانه في حشرّ الرجعة قبل يوم القيامة «وَيَوْمَ نَحْشرّ مِنْ كلّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ » فأخبر أن الحشرّ حشران : عامّ وخاص ، وقال :سبحانه مخبراً عمّن يحشرّ من الظالمين أنّه يقول يوم الحشرّ الأكبر : «رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ »(٣) وللعامة في هذه الآية تأويل مردود.

ثمّ بسط (ره) القول في ذلك ثمّ قال : والرجعة عندنا يختصّ بمن محض الإيمان محضاً ، أو محّض الكفر دون من سوى هذين الفريقين ، فإذا أراد الله تعالى ذلك على ما ذكرناه أوهم الشياطين أعداء الله عزّ وجلّ أنّهم إنمّا ردّوا إلى الدنيا

__________________

(١) سورة القصص : ٨٥.

(٢) سورة الكهف : ٤٨.

(٣) سورة غافر : ١١.

٢٠٨

( باب )

( الأمور التي توجب حجّة الإمام عليه‌السلام )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي نصر قال :قلت لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام إذا مات الإمام بم يعرف الذي بعده فقال :للإمام علامات منها أن يكون أكبرّ ولد أبيه ويكون فيه الفضل والوصيّة ويقدم الركب فيقول إلى من أوصى فلان فيقال :إلى فلان والسلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل تكون الإمامة مع السلاح حيثما كان.

________________________________________________________

لطغيانهم على الله ، فيزدادون عتّواً فينتقم الله منهم بأوليائه المؤمنين ، ويجعل لهم الكرة عليهم ، فلا يبقى منهم إلّا من هو مغموم بالعذاب والنقمة والعقاب ، وتصفو الأرض من الطغاة ، ويكون الدين لله ، والرجعة إنما هي لممحضي الإيمان من أهل الملة وممحضي النفاق منهم ، دون من سلف من الأمم الخالية ، انتهى.

وذكر السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه في أجوبة مسائل الري فصلا مشبعا في ذلك وكذا الشيخ الطّبرسي (ره) في مجمع البيان ، والصدوققدس‌سره في كتاب العقائد ، وقد أوردت جميع ذلك في الكتاب الكبير ، وإنما أوردت هنا قليلاً من كثير.

باب الأمور التي توجب حجّة الإمام عليه‌السلام .

الحديث الأوّل : صحيح.

« أن يكون أكبرّ ولد أبيه » أي إذا كانت الإمامة في الولد ، والحاصل أن هذه العلامة بعد الحسين ومع ذلك مقيد بما إذا لم يكن في الكبير عاهة كما سيأتي أو يقال :إنما ذكرعليه‌السلام العلامة لأولاده وأولاد أولادهعليهم‌السلام ، فلا ينافي تخلفه فيمن تقدّم والمراد بالفضل الاتصاف بكمال العلم والكرم والشجاعة وسائر الصفات الكمالية والمراد بالوصية وصية الوالد إليه أو وصية الله والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما مر في الباب السابق ، فيكون قوله « ويقدم » علامة أخرى ، وعلى الأوّل يكون تفسيراً لها ، وفي القاموس : الركب ركاب الإبل ، اسم جمع أو جمع وهم العشرة فصاعدا وقد يكون للخيل.

٢٠٩

٢ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن يزيد شعر ، عن هارون بن حمزة ، عن عبد الأعلى قال :قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام المتوثب على هذا الأمر المدعي له ما الحجّة عليه قال :يسأل عن الحلال والحرام قال :ثمّ أقبل عليّ فقال :ثلاثة من الحجّة لم تجتمع في أحد إلّا كان صاحب هذا الأمر أن يكون أولى النّاس بمن كان قبله ويكون عنده السلاح ويكون صاحب الوصية الظاهرة التي إذا قدمت المدينة سألت عنها العامة والصبيان إلى من أوصى فلان فيقولون إلى فلان بن فلان.

٣ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم وحفص بن البختريّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :قيل له بأي شيء يعرف الإمام قال :بالوصية الظاهرة وبالفضل إن الإمام لا يستطيع أحدٌ أن يطعن عليه في فم ولا بطن ولا فرج فيقال :كذّابٌ ويأكلّ أموال النّاس وما أشبه هذا.

________________________________________________________

الحديث الثاني : حسن.

« والمتوثّب » المستولي ظلـماً « يسئل عن الحلال والحرام » أي يسأله من عرف أحكام من تقدّم من الأئمّةعليهم‌السلام عن المسائل الغامضة والأحكام المشكلة ، فإن كان كاذبا يفتضح كما وقع في الأفطح وغيره ، والحاصل أنّ هذه العلامة إنمّا هي للعلماء والخواصّ فأمّا العلامة العامة فهي ما يذكر بعد ذلك.

و « ثلاثة » مبتدأ ، و « من الحجّة » خبره أو نعت ، والجملة خبره ، والأولوية إما في القرابة والنسب فإن الولد الأكبر أولى في ذلك أو في الأخلاق والفضائل والأعمال ، أي يكون أشبه النّاس به في تلك الأمور ، كما قال :تعالى : «إِنَّ أَوْلَى النّاس بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ »(١) والمراد بالوصية ليس الوصيّة بالإمامة بل مطلق الوصية.

الحديث الثالث : حسن.

« وبالفضل » أي الزيادة على من عداه في العلم والتقوى والورع « فيقال :كذاب » إشارة إلى الطعن في الفم ، والكذب يشمل الكذب في الفتوى وغيره ، والنشرّ على ترتيب اللف « وما أشبه هذا » إشارة إلى الطعن في الفرج ، لم يصرحعليه‌السلام به لاستهجانه.

__________________

(١) سورة آل عمران : ٦٨.

٢١٠

٤ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن الحكم ، عن معاوية بن وهب قال :قلت لأبي جعفرعليه‌السلام ما علامة الإمام الذي بعد الإمام فقال :طهارة الولادة وحسن المنشإ ولا يلهو ولا يلعب.

٥ - عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن أحمد بن عمر ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال :سألته عن الدلالة على صاحب هذا الأمر فقال :الدلالة عليه الكبرّ والفضل والوصيّة إذا قدم الركب المدينة فقالوا إلى من أوصى فلان قيل إلى فلان بن فلان ودوروا مع السلاح حيثما دار فأما المسائل فليس فيها حجة.

٦ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن هشام بن

________________________________________________________

الحديث الرابع : صحيح.

و « طهارة الولادة » أن لا يكون مطعوناً في نسبه أو يكون عند الولادة مختونا مسرورا طاهراً غير ملوّث بدم وغيره ، والأوّل أظهر ، والمنشأ مصدر ميمي من أنشأه إذا خلقه أو رباه ، أي يكون مربى بتربية والده في العلم والتقوى ، أو يكون من حين الصبا إلى زمان الإدراك موصوفا بالفضل والكمال ، تظهر منه آثار الخير والسعادة ، ولا يطعن عليه في حال من الأحوال بمعصية ولا دناءة « لا يلهو » أي لا يغفل عمّا يصلحه في شيء من أحواله « ولا يلعب » أي لا يرتكب أمرا لا فائدة فيه ، أو لا يغتر بزخارف الدنيا لقوله تعالى : «ما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إلّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ »(١) .

الحديث الخامس : صحيح.

والمراد بالكبرّ كونه أكبرّ سنا لا بحسب الفضائل فأنّه داخل في الفضل « فليس فيها حجّة » أي للعوام فلا ينافي ما مر وسيأتي فأنّه بالنسبة إلى الخواص والعلماء كما عرفت.

الحديث السادس : مجهول.

__________________

(١) سورة العنكبوت : ٦٤.

٢١١

سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :إن الأمر في الكبير ما لم تكن فيه عاهة.

٧ - أحمد بن مهران ، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي بصير قال :قلت لأبي الحسنعليه‌السلام جعلت فداك بم يعرف الإمام قال :فقال :بخصال أمّا أوّلها فأنّه بشيء قد تقدّم من أبيه فيه بإشارة إليه لتكون عليهم حجّة ويسأل فيجيب وإن سكت عنه ابتدأ

________________________________________________________

« ما لم يكن به عاهة » أي آفة بدنية ، فإن الإمام مبرأ من نقص في الخلقة يوجب شينه أو دينية كعبد الله الأفطح فأنّه كان بعد أبي عبد اللهعليه‌السلام أكبرّ ولده لكن كان فيه عاهتان : الأولى أنّه كان أفطح الرجلين أي عريضهما ، والثاني أنّه كان جاهلا بل قيل فاسد المذهب.

قال :المفيد (ره) في الإرشاد : كان أكبرّ إخوته بعد إسماعيل ولم يكن منزلته عند أبيه منزلة غيره من ولده في الإكرام ، وكان متّهماً بالخلاف على أبيه في الاعتقاد ، ويقال : أنّه كان يخالط الحشويّة ويميل إلى مذاهب المرجئة ، وادّعى بعد أبيه الإمامة واحتجّ بأنّه أكبرّ إخوته الباقين فأتبعه جماعة ثمّ رجع أكثرهم إلى القول بإمامة أخيه موسىعليه‌السلام لـمّا تبينوا ضعف دعواه وقوة أمر أبي الحسنعليه‌السلام ودلالة حقيّته وبراهين إمامته ، وأقام نفر يسير منهم على إمامة عبد الله وهم الملقبة بالفطحيةّ لأنّ عبد الله كان أفطح الرجلين ، أو لأن داعيهم إلى إمامه عبد الله رجل يقال :له : عبد الله بن أفطح.

الحديث السابع : ضعيف.

والخصال جمع خصلة وهي الخلّة « أوّلها » تذكير الأوّل للتأويل بالفضل والوصف وقيل : هو مبنيّ على جواز تذكير المؤنّث لغير الحقيقيّ نحو «إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ »(١) قاله الجوهري ، وضمير « فأنّه » لأولها ، والظاهر أن قوله « بإشارة » بيان لقوله بشيء فالمراد بشيء والنص من أبيه عليه ، وقيل : المراد بالشيء العلوم التي علمها أبوه ممّا يحتاج إليه الأمة ، والباء في قوله : بإشارة للمصاحبة وإن سكت

__________________

(١) سورة الأعراف : ٥٦.

٢١٢

ويخبر بما في غد ويكلّم النّاس بكلّ لسان ثمّ قال :لي يا أبا محمّد أعطيك علامة قبل أن تقوم فلم ألبث أن دخل علينا رجل من أهل خراسان فكلمه الخراسانيّ بالعربيّة فأجابه أبو الحسنعليه‌السلام بالفارسية فقال :له الخراسانيّ والله جعلت فداك ما منعني أن أكلمك بالخراسانيّة غير أني ظننت أنك لا تحسنها فقال :سبحان الله إذا كنت لا أحسن أجيبك فما فضلي عليك ثمّ قال :لي يا أبا محمّد إن الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من النّاس ولا طير ولا بهيمة ولا شيء فيه الروح فمن لم يكن هذه الخصال فيه فليس هو بإمام.

( باب )

( ثبات الإمامة في الأعقاب وأنها لا تعود في أخ ولا عمّ

ولا غيرهما من القرابات

١ - عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبداً إنّما جرت من علّيِّ بن الحسين كما قال :الله تبارك وتعالى : «وَأُولُوا الْأَرْحامِ

________________________________________________________

عنه » على بناء المجهول « ويخبر بما في غد » إشارة إلى قوله تعالى : «وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً »(١) فإخباره لا بد أن يكون من قبل الله ، ويحتمل أن يكون هذا على المثال ، والمراد الإخبار بكلّ أمر مغيب لا سبيل إلى الحس والعقل إليه.

« ويكلّم النّاس بكلّ لسان » أي كلّ قوم بلسانهم « لا تحسنها » أي لا تعلمها حسناً ، يقال : حسن الشيء إذا كان ذا بصيرة فيه.

« أجيبك » بتقدير أن ويجوز نصبه ورفعه ، ويدلّ على لزوم كون الإمام أفضل من الرعيّة في جميع الخصال.

باب ثبات الإمامة في الأعقاب وأنّه لاتعود في أخ ولاعم ولا غيرها من القرابات

الحديث الأوّل : صحيح.

« كما قال :» يمكن أن يكون الكاف زائدة و « ما قال :الله » فاعل جرت بتأويل

__________________

(١) سورة لقمان : ٣٤.

٢١٣

بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ » فلا تكون بعد عليّ بن الحسينعليه‌السلام إلّا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب.

________________________________________________________

الآية ، ويحتمل أن يكون فاعل « جرت » الضمير العائد إلى الإمامة ، أي الإمامة التي لا يكون في أخوين جرت من عليّ بن الحسين ، فيكون « كما قال :الله » حإلّا أو صفة للمصدر المحذوف ، ويؤيده أن في غيبة الشيخ : أنها جرت ، وهو أظهر.

واعلم أن آية «أُولُوا الْأَرْحامِ » نزلت في موضعين من القرآن أحدهما في سورة الأنفال هكذا : «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » وثانيهما في سورة الأحزاب هكذا «النبيّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إلّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً » فأما الأولى فيحتمل أن يكون المراد بها أن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض من بعض أو إلى بعض من الأجانب ، فعلى الأخير لا تدلّ على أولوية الأقرب من الأرحام من الأبعد منهم ، وأما الثانية فيحتمل أيضاً أن جعل قوله : من المؤمنين ، بيانا لأولي الأرحام ، وأن جعل صلة للأولى ، فلا يحتمل إلّا الأخير ، والظاهر أن المراد هنا الآية الثانية لأنها أنسب بهذا المعنى لمقارنته فيها لبيان حقّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأزواجه ، فكان الأنسب بعد ذلك بيان حقّ ذوي أرحامه وقرابته.

ويؤيده ما رواه الصدوق في العلل بإسناده عن عبد الرحيم القصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ : «النبيّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ » فيمن نزلت؟ قال : نزلت في الإمرّة ، إن هذه الآية جرت في الحسين بن عليّ وفي ولد الحسين من بعده ، فنحن أولى بالأمر وبرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المؤمنين والمهاجرين ، فقلت : لولد جعفر فيها نصيب؟ قال : لا ، قال : فعددت عليه بطون عبد المطلب ، كلّ ذلك يقول : لا ، ونسيت ولد الحسن ، فدخلت

٢١٤

________________________________________________________

عليه بعد ذلك فقلت : هل لولد الحسن فيها نصيب؟ فقال : لا يا با عبد الرحمن ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا.

وظاهر الخبر أنّهعليه‌السلام جعل قوله : «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » صلة للأولى ، فلعلّ غرضهعليه‌السلام أولويّتهم بالنسبة إلى الأجانب ، ولا يكون ذكر أولاد الحسينعليهم‌السلام للتخصيص بهم ، بل لظهور الأمر فيمن تقدّم منهم ، بتواتر النص عليهم بين الخاص والعام.

ويحتمل أن يكون جعل «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » بيانا وفرع على ذلك أولويتهم على الأجانب بطريق أولى مع أنّه على تقدير كونه صلة يحتمل أن يكون المراد بعض الأرحام وهم الأقارب القريبة أولى ببعض من غيرهم ، سواء كان الغير من الأقارب البعيدة أو الأجانب ، فالأقارب البعيدة أيضاً داخلون في المؤمنين والمهاجرين. ولا يتوّهم أنّه استدلال بالاحتمال البعيد ، إذ يمكن أن لا يكون غرضهعليه‌السلام الاستدلال بذلك. بل يكون بيانا لمعنى الآية ومورد نزولها ، بل يحتمل أن يكون هذا من بطون الآية وتأويلاتها المختصة بهم ، إذ ورد في الأخبار الاستدلال بها على تقديم الأقارب في الميراث.

والمشهور في نزولها أنّه كان قبل نزولها في صدر الإسلام التوارث بالهجرة والموالاة في الدين ، فنسخته الآية ، مع أنّه يمكن تخصيص هذا المعنى بالآية الأولى في أكثر الأخبار فلا تنافي ، ولا يتوّهم أيضاً منافاة قوله تعالى : «إلّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً » لذلك ، إذ يحتمل أن يكون المراد على هذا التأويل أن الإمرّة مختصة بأرحام الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولكم أن تفعلوا معروفاً إلى غيرهم من أوليائكم في الدين ، فأما الطاعة المفترضة فهي مختصّة بهم ، أو تكون الآية شاملة للأمرين ، وتكون هذه التتّمة باعتبار أحد الجزئين.

ويحتمل أن يكون الخطاب متوجّهاً إلى أولي الأرحام على الالتفات ، والمراد بأوليائهم الخواصّ التابعين لهم في أوامرهم ونواهيهم ، والمراد بالمعروف تعيينهم للحكومة

٢١٥

________________________________________________________

والقضاء في النواحي ، يعني ليس للمؤمنين والمهاجرين نصيب في تلك الولاية أصلاً في وقت من الأوقات إلّا أن تفعلوا إلى خواصّكم منهم إحساناً بتعيينهم للحكومة والقضاء.

ثمّ إنّ خبر الكتاب يحتمل الاستدلال أو بيان مورد النزول للآية الأولى باعتبار المعنى الأوّل لظهوره ، ولا مانع فيها في اللفظ ولو كان استدلإلّا يكون وجه الاستدلال أنّه يلزم العمل بظاهر الآية إلّا فيما أخرجه الدليل ، وفي الحسينعليه‌السلام خرج بالنص المتواتر فجرت بعده ، ولو كان بياناً لمورد النزول فلا إشكال ، وقيل : المراد بأولى الأرحام أرحام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كبنته وعمّه وابني بنته وبعضهم عبارة من علىّ والحسن والحسين.

« وأولى » بتقدير أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، حذف اكتفاء بما سبق ، بيان ذلك : أن الباء في ببعض ليس كالباء في بالمؤمنين ، فإن هذه دخلت على الوسيلة وتلك دخلت على الرعية فهذه للسببيّة ، والمراد ببعض فاطمةعليها‌السلام ، فالمراد أن تلك الولاية والإمامة لا تحصل لأحد إلّا بشرطين ، الأوّل : كونه من أولي الأرحام ، والثاني كونه متصلا بمن هو أقرب بالنبيّ من كلّ أحد ، وهذا منحصر في عليّ والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وهم ذوو القربى ، وهي مؤنّث أقرب.

« كتاب الله » عبارة عمّا فرضه الله على النّاس وأخبر عنه في الكتب السالفة « من » في « من المؤمنين » ليست كمن في « من أنفسهم » فأنّه لا تصرف للمؤمنين والمهاجرين في أولي أرحام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصلاً ، فهي للتبعيد أي دون المؤمنين ، نحو «فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ »(١) ونحو «لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شيئاً »(٢) ونحو «أَرَضِيتمّ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ »(٣) أي ليس للمؤمنين والمهاجرين في تلك الولاية نصيب أصلاً.

__________________

(١) سورة زمر : ٢٢.

(٢) سورة آل عمران : ١٠.

(٣) سورة التوبة : ٣٨.

٢١٦

٢- عليُّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه سمعه يقول أبى الله أن يجعلها لأخوين بعد الحسن والحسينعليهما‌السلام .

٣- محمّدُ بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام أنّه سئل أتكون الإمامة في عمّ أو خال فقال :لا فقلت ففي أخ قال :لا قلت ففي من قال :في ولدي وهو يومئذ لا ولد له.

٤- محمّدُ بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن سليمان بن جعفر الجعفري ، عن حمّاد بن عيسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال :لا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين إنّما هي في الأعقاب وأعقاب الأعقاب.

٥- محمّدُ بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن ابن أبي نجران ، عن عيسى بن عبد الله بن عمر بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :قلت له إن كان كونُ - ولا أراني الله - فبمن أئتمُّ ؟ فأومأ إلى ابنه موسى ، قال :قلت فإن حدث بموسى حدثٌ فبمن أئتمُّ ؟ قال :بولده قلت فإن حدث بولده حدث وترك أخا كبيرا وابناً صغيراً فبمن أئتمُّ ؟ قال :بولده ثمّ وأحداً فواحداً وفي نسخة الصفواني ثمّ هكذا أبداً.

________________________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف.

الحديث الثالث : صحيح ، ومخصوص بأولاد الحسينعليه‌السلام كما مرّ ، أو الغرض بعدهعليه‌السلام وهو أظهر ، وفي الإخبار بالولد إعجاز.

الحديث الرابع صحيح.

الحديث الخامس : مجهول.

« إن كان كون » كان تامّة والكون حدوث أمر أو حادث ، وهنا كناية عن الوفاة ، لم يصرّح به رعاية للأدب ، وقوله : « ولا أراني » معترضة دعائية « فبمن ائتمّ » أي أقتدي واعتقد فرض طاعته ، والظاهر أنّه كان في نسخة الصفواني : ثمّ هكذا أبداً بدل قوله : « ثمّ وأحداً فواحداً. »

٢١٧

( باب )

( ما نص الله عز وجل ورسوله على الأئمة عليهم‌السلام وأحداً فواحدا ً )

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس وعليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد أبي سعيد ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال :سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ «أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ »(١) فقال :نزلت في عليّ بن أبي طالب والحسن والحسينعليه‌السلام فقلت له إن النّاس يقولون فما له لم يسم عليّاً وأهل بيتهعليهم‌السلام في كتاب الله عزّ وجلّ قال :فقال :قولوا لهم إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ الله لهم ثلاثاً ولا أربعاً حتّى كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو الذي فسّر ذلك لهم ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كلّ أربعين درهماً درهم حتّى كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو الذي فسّر ذلك لهم ونزل الحج فلم يقل لهم طوفوا أسبوعاً حتّى كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو الذي فسّر ذلك لهم ونزلت «أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » ونزلت في عليّ والحسن والحسين فقال :رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عليّ من كنت مولاه فعليّ مولاه

________________________________________________________

باب ما نص الله عزّ وجلّ ورسوله على الأئمّة عليهم‌السلام

وأحداً فواحداً.

الحديث الأوّل : صحيح بسنديه وقد مرّ الكلام في أولي الأمر في باب أنّ الأئمةعليهم‌السلام ولاة الأمر وفي باب فرض طاعة الأئمّةعليهم‌السلام ، ولعلّ التخصيص بالثلاثة لكونهم موجودين عند نزول الآية.

« فما له لم يسمّ » أي لو كانوا مقصودين بالآية لسمّاهم بخصوصهم وأسمائهم « قولوا لهم » هذا نقض إجماليّ « من كلّ أربعين درهماً » أي بعد الوصول إلى النصاب ، والحاصل أنّه لم يبيّن لهم القدر الذي يجب إخراجه « طوفوا أسبوعاً » ذكره على المثال.

__________________

(١) سورة النساء : ٥٩.

٢١٨

________________________________________________________

قوله : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، أقول : هذا من جملة ما ذكره الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّعليه‌السلام في يوم الغدير ، وهو ممّا تواتر نقله من الخاص والعام ، فقد روى ابن الأثير في جامع الأصول أخذته من عين كتابه نقلا من صحيح الترمذي عن زيد ابن أرقم ، وأبي سريحة - الشك من شعبة - أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، وروى البغوي في المصابيح والبيضاوي في المشكاة عن أحمد والترمذي بإسنادهما عن زيد بن أرقم مثله ، ورويا عن أحمد بإسناده عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا نزل بغدير خم أخذ بيد عليّعليه‌السلام فقال : ألستم تعلمون إني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون إني أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى ، فقال : الّلهم من كنت مولاه فعليّ مولاه ، الّلهم وال من والاه وعاد من عاداه ، فلقيه عمر بعد ذلك فقال :له : هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

أقول : قال :ابن حجر العسقلاني في المجلد السادس من كتاب فتح الباري في شرح فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام من صحيح البخاري ، وأما حديث : من كنت مولاه فعليّ مولاه فقد أخرجه الترمذي والنسائي وهو كثير الطرق جدا وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد وكثير من أسانيدها صحاح وحسان ، انتهى.

وقال :ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : روى عثمان بن سعيد عن شريك بن عبد الله قال : لـمّا بلغ عليّاًعليه‌السلام أن النّاس يتهمونه فيما يذكره من تقديم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له وتفضيله على النّاس ، قال : أنشد الله من بقي ممن لقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمع مقالته في يوم غدير خم إلّا قام فشهد بما سمع ، فقام ستة ممن عن يمينه من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنهم سمعوه يقول ذلك اليوم وهو رافع بيدي عليّعليه‌السلام : من كنت مولاه فهذا على مولاه الّلهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، وأخذل من خذله ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه.

٢١٩

________________________________________________________

وقال :في موضع آخر روى سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم عن عمر بن عبد الغفار أن أبا هريرة لـمّا قدم الكوفة مع معاوية كان يجلس بالعشيات بباب كندة ، ويجلس إليه فجاء شاب من الكوفة ، فجلس إليه وقال : يا أبا هريرة أنشدك الله أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليّ بن أبي طالب : الّلهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال : الّلهم نعمّ ، قال : فأشهد بالله أن قد واليت عدوه وعاديت وليه ثمّ قام عنه.

وقال :في موضع آخر ذكر جماعة من شيوخنا البغداديين أن عدَّة من الصحابة والتابعين والمحدّثين كانوا منحرفين عن عليّعليه‌السلام قائلين فيه السوء ، ومنهم من كتم مناقبه وأعان أعداءه ميلا مع الدنيا وإيثارا للعاجلة ، فمنهم أنس بن مالك ناشد على النّاس في رحبة القصر ، أو قال :رحبة الجامع بالكوفة : أيكم سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، فقام اثنا عشرّ رجلاً فشهدوا بها وأنس بن مالك لم يقم ، فقال :له : يا أنس ما يمنعك أن تقوم فتشهد فلقد حضرتها؟ فقال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت ، فقال : إن كان كاذبا فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة ، قال :طلحة بن عمير : فو الله لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض بين عينيه.

وروى عثمان بن مطرف أن رجلا سأل أنس بن مالك في آخر عمره عن عليّ بن أبي طالب فقال : آليت أن لا أكتم حديثا سألت عنه في عليّ بعد يوم الرحبة : ذاك رأس المتقين(١) يوم القيامة سمعته والله من نبيكم ثمّ ذكر كتمان زيد بن أرقم حديث الولاية ، ودعاء عليّعليه‌السلام عليه بذهاب بصره ، وأنّه عمي بعد ذلك.

وقال :في موضع آخر قال :عليه‌السلام يوم الشورى : أفيكم أحد قال :له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فهذا مولاه غيري؟ قالوا : لا ، انتهى.

وأقول : روى السيوطي في در المنثور عن ابن مردويه وابن عساكر بإسنادهما عن أبي سعيد الخدري قال : لـمّا نصب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً يوم غدير خم فنادى له

__________________

(١) وفي نسخة « المتقدمين » بدل « المتقين » ولكن الظاهر ما اخترناه.

٢٢٠