مرآة العقول الجزء ٣

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 403

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 403
المشاهدات: 43546
تحميل: 6778


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 43546 / تحميل: 6778
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الله ستره ،لأنّ الله تبارك وتعالى يقول : «يا أيّها الذّين آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ

________________________________________________________

مُسيّر أبي ذر (ره) الفاعل بعمّار ما فعل ، وبعبد الله ما صنع ، الحامي الحمى المؤوي لطريد رسول الله ، لكنّكم صرتم بعده الأمراء وتابعكم على ذلك الأعداء وأبناء الأعداء ، قال : فحملناه فأتينا به قبرّ أمه فاطمةعليها‌السلام فدفنّاه إلى جنبهارضي‌الله‌عنه وأرضاه.

قال :ابن عباس : وكنت أوّل من انصرف فسمعت اللفظ وخفت أن يعجل الحسين على من قد أقبل ، ورأيت شخصا علمت الشرّ فيه فأقبلت مبادرا فإذا أنا بعائشة في أربعين راكبا على بغل مرحل(١) تقدمهم وتأمرهم بالقتال ، فلـمّا رأتني قالت : إلى إلى يا ابن عباس لقد اجترأتم عليّ في الدنيا ، تؤذونني مرّة بعد أخرى ، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحب ، فقلت : وا سوءتا! يوم على بغل ويوم على جمل ، تريدين أن تطفئ نور الله وتقاتلي أولياء الله وتحولي بين رسول الله وبين حبيبه أن يدفن معه؟ ارجعي فقد كفى الله عزّ وجلّ المؤنة ودفن الحسنعليه‌السلام إلى جنب أمه ، فلم يزدد من الله تعالى إلّا قرباً وما ازددتم منه والله إلّا بعداً ، يا سوءتاه انصرفي فقد رأيت ما سرك! قال : فقطبت في وجهي(٢) ونادت بأعلى صوتها : أما نسيتمّ الجمل يا ابن عباس إنكم لذوو أحقاد ، فقلت : أم والله ما نسيت أهل السماء فكيف ينساه أهل الأرض؟ فانصرفت وهي تقول :

فألقت عصاها واستقرّ بها النوى

كما قرّ عيناً بالأياب المسافر(٣)

أقول : وقد أوردت أمثاله في كتاب بحار الأنوار فهذه الأخبار تدلّ على أن في هذه الكلمات مصلحة وتورية بأن يكون المراد بهتك الستر المحاربة التي كانت

__________________

(١) أي بغل شد عليه الرحل.

(٢) قطب : زوّى ما بين عينيه وكلح ، والقطب ما يقال :بالفارسية « أخم ».

(٣) قال :ابن منظور : وألقى المسافر عصاه إذا بلّغ موضعه وأقام ، لأنّه إذا بلّغ ذلك ألقى عصاه فخيّم أو أقام وترك السفر ، ثمّ قال :

قال :معقر بن حمار البارقي يصف امرأة كانت لا تستقرّ على زوج ، كلـمّا تزوجت رجلا فارقته واستبدلت آخر به ، وقال :ابن سيدة : كلـمّا تزوّجها رجل لم تواته ولم تكشف عن رأسها ولم تلق خمارها ، كان ذلك علامة إبائها وأنّها لا تريد الزوج ثمّ تزوّجها رجل فرضيت به =

٣٢١

إلّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ »(١) وقد أدخلت أنت بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الرجال بغير إذنه وقد قال :الله عزّ وجلّ «يا أيّها الذّين آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبيّ »(٢) ولعمري

________________________________________________________

تتوّقع في ذلك عند ضريحه المقدّس وعدم الإذن وعدم الجواز للاشتمال على المفسدة ، ومخالفة التقيّة التي أمر الرسول بها وأمثال ذلك من التورية والتأويل ، ويدلّ على عدم جواز دخول بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي دفن فيه لمن لا يعلم الإذن بل غيره من الأئمّة المدفونين في بيوتهم إلّا أن يقال : إذنهم في الزيارة من قرب بالهيئات المنقولة إذن في الدخول ، مع أنهمعليهم‌السلام رخصوا لشيعتهم في التصرف في أموالهم في حال غيبتهم ، ويدلّ على أن الآية شاملة لـمّا بعد الوفاة أيضاً أو يثبت ذلك بقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حرمة المؤمن ميّتاً كحرمته حيّاً كما يومئعليه‌السلام إليه آخراً.

والمراد بالرِّجال أبو بكر وعمر والحفّارون والذين حملوهما ودفنوهما فيه ، وتسمية عمر فاروقا على التهكم ونسبته إلى أبي بكر للاتحاد الذي كان بينهما في الشقاوة والمعاونة في غصب حقوق أهل بيت العصمة ، وأنّه كان وزيره ومشيرة أو لتسمية أبي بكر إياه فاروقاً ونسبة الفعل إليهما ، لأن دفنهما كان بوصيتهما ورضاهما والاستدلال لقبح ضرب المعأوّل بالنهي عن رفع الصوت بالقياس بالطريق الأولى ، أو منصوص العلة ، إذ يظهر من الآية أن العلة في ذلك رعاية الأدب والإكرام والاحترام الذي يجب رعايته له ، فيدلّ على قبح رفع الصوت عند ضريحه المقدس بغير ضرورة بل رفع الصوت في الزيارة عنده وعند ضرائح الأئمّة من أهل بيته بحيث يخرج عن الآداب ، لـمّا ورد من أن حرمتهم واحدة وحقهم واحد.

__________________

= وألقت خمارها وكشفت قناعها :

فألقت عصاها واستقر بها النوى

كما قرعيناً بالإياب المسافر

وقال :ابن برى : هذا البيت لعبد ربه السلمي ويقال :لسليم بن ثمامة الحنفي وكان هذا الشاعر سبرّ امرأة من اليمامة إلى كوفة - إلى أن قال :- وقوله : فألقت عصاها واستقرّ بها النوى يضرب هذا مثلاً لكلّ من وافقه شىء فأقام عليه.

(١) سورة الأحزاب : ٥٣.

(٢) سورة الحجرات : ٣.

٣٢٢

لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند أذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المعأوّل وقال :الله عزّ وجلّ «إِنَّ الذّين يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الذّين امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى »(١) ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقربهما منه الأذى وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن الله حرم من المؤمنين أمواتاً ما حرم منهم أحياء وتالله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جائزاً فيما بيننا وبين الله لعلمت أنّه سيدفن وإن رغم معطسُكِ.

________________________________________________________

قوله : عند إذن رسول الله ، أي ظاهراً وبحسب ما يراه النّاس ورفعهم إلى السماء بعد ثلاثة أيّام لا ينافي وجوب احترام مراقدهم ، مع أنّه ذهب جماعة إلى أنهم بعد الرفع يرجعون أيضاً إلى ضرائحهم المطهرة ، وسيأتي القول فيه مفصلا إنشاء الله تعالى.

«يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ » أي يحفظونها ولا يرفعونها بالصياح «امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى » أي جربها لها أو جربها بأنواع التكاليف لأجل التقوى ، فإنها لا تظهر إلّا بالاصطبار عليها أو أخلصها للتقوى من امتحن الذهب إذا أذابه وميز جيده من رديئه ، وسيأتي معاني التقوى ومراتبها في كتاب الإيمان والكفر إن شاء الله.

« إن الله حرّم... اه » دفع بذلك ما ربما يتوّهم من أن حرمة الدخول في بيته بغير إذنه أو رفع الصوت عنده لعلهما كانا في حال حياته ولا يشمل ما بعد موتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

« كرهتيه » الياء لإشباع الكسرة « وإن رغم معطسك » المعطس : الأنف ، وربّما جاء بفتح الطاء والرغام بالفتح التراب ، يقال : رغم أنفه من باب علم أي ذل رغما بحركات الراء ورغم الله أنفه وأرغمه أي ألصقه بالرغام ، هذا هو الأصل ثمّ استعمل في الذل والعجز عن الانتصاف من الخصم والانقياد على كره « يوماً على بغل » نصب يوماً بالجار والمجرور والظرف خبر مبتداء محذوف بتقدير أنت ، أو نصبه بفعل محذوف بتقدير تركبين.

وروي أنّه أنشد يومئذ ابن الحنفية أو ابن عباس هذا البيت

__________________

(١) سورة الحجرات : ٣.

٣٢٣

قال :ثمَّ تكلّم محمّد بن الحنفيّة وقال :يا عائشة يوماً على بغل ويوماً على جمل فما تملكين نفسك ولا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم قال :فأقبلت عليه فقالت يا ابن الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلمون فما كلامك فقال :لها الحسينعليه‌السلام وأنّى تبعدين محمداً من الفواطم فو الله لقد ولدته ثلاث فواطم فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم وفاطمة بنت أسد بن هاشم وفاطمة بنت زائدة بن الأصم ابن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر قال :فقالت عائشة للحسينعليه‌السلام نحّوا ابنكم واذهبوا به فإنّكم قومٌ خصمون.

________________________________________________________

تجمّلت تبغّلت

وإن عشت تفيّلت

لك التسع من الثمن

وللكلّ تملّكت

أو : وفي الكل تصرّفت.

« فما تمليكن نفسك » إشارة إلى قوله تعالى : «إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إلّا ما رَحِمَ رَبِّي »(١) « وملك الأرض » عبارة عن الاستقرار في البيت المأمورة به في قوله تعالى : «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ »(٢) .

« عداوة » مفعول له « هؤلاء الفواطم » أي المنسوبون إلى فاطمة فالجمعية باعتبار المنسوب لا باعتبار المنسوب إليه ، فأنّه يقال : للقرشي قريش فالفاطم بمنزلة الفاطمي جمع على الفواطم ، والمراد الفاطميّون ، كذا خطر بالبال.

وقيل : المراد المنسوبون إلى الفواطم : فاطمة البتول والفواطم الآتية وهو أظهر لفظاً ، لكنه بعيد عن السياق « يتكلمون » أي لهم أن يتكلموا لانتسابهم إليها « فما كلامك » أي أي شيء كلامك ولا وقع له « وأنى تبعدين » من الإبعاد أو التبعيد ، والاستفهام للإنكار ، وفاطمة الأولى زوجة عبد المطلب أمّ عبد الله وأبي طالب والزبير ، والثانية زوجة أبي طالب ، والثالثة زوجة هاشم أمّ عبد المطلب.

وفي القاموس : معيص كأمير : بطن من قريش «قَوْمٌ خَصِمُونَ » أي شديد

__________________

(١) سورة يوسف : ٥٣.

(٢) سورة الأحزاب : ٣٣.

٣٢٤

قال :فمضى الحسينعليه‌السلام إلى قبر أمّه ثمَّ أخرجه فدفنه بالبقيع.

( باب )

( الإشارة والنص على عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما )

١ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين وأحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن منصور بن يونس ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال :إن الحسين بن عليّعليه‌السلام لـمّا حضره الذي حضره دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصيّة ظاهرة وكان عليّ بن الحسينعليه‌السلام مبطوناً معهم لا يرون إلّا أنّه لـمّا به فدفعت فاطمة الكتاب إلى عليّ بن الحسينعليه‌السلام ثمّ صار والله ذلك الكتاب إلينا يا زياد قال :قلت ما في ذلك الكتاب جعلني الله فداك قال :فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم منذ خلق الله آدم إلى أن تفنى الدنيا والله إن فيه الحدود حتّى إن فيه أرش الخدش.

٢ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال :لـمّا حضر الحسينعليه‌السلام ما حضره دفع وصيته إلى ابنته فاطمة ظاهرة في كتاب مدرج فلـمّا أن كان من أمر الحسينعليه‌السلام

________________________________________________________

الخصومة واللجاج « إلى قبرّ أمه » أي للزيارة وتجديد العهد كما مرّ.

باب الإشارة والنص على عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما

الحديث الأوّل : ضعيف ، وهو جزء من خبر طويل مضى في باب ما نص الله ورسوله على الأئمّةعليهم‌السلام ، يقال : خدش الجلد أي قشره بعود ونحوه ، والأرش : الدية.

الحديث الثاني : ضعيف.

« ما حضره » أي الشهادة « وصيّته » إضافة إلى الفاعل ، أي ما أوصى إلى عليّ بن الحسينعليه‌السلام « ظاهرة » أي أعطاها بمحضر النّاس ليشهدوا بكون السجاد وصيّاً وإماماً

٣٢٥

ماكان ، دفعت ذلك إلى عليّ بن الحسينعليه‌السلام قلت له فما فيه يرحمك الله فقال :ما يحتاج إليه ولد آدم منذ كانت الدنيا إلى أن تفنى.

٣ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :إن الحسين صلوات الله عليه لـمّا صار إلى العراق استودع أم سلمة رضي الله عنها الكتب والوصيّة فلـمّا رجع عليُّ بن الحسينعليه‌السلام دفعتها إليه.

وفي نسخة الصفوانيّ :

٤ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حنان بن سدير ، عن فليح بن أبي بكر الشيباني قال :والله إني لجالس عند عليّ بن الحسين وعنده ولده إذ جاءه جابرّ بن عبد الله الأنصاري فسلم عليه ثمّ أخذ بيد أبي جعفرعليه‌السلام فخلا به فقال :إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبرني أني سأدرك رجلاً من أهل بيته يقال :له محمّد بن عليّ يكنى أبا جعفر فإذا أدركته فأقرئه مني السلام قال :ومضى جابرّ ورجع أبو جعفرعليه‌السلام فجلس مع أبيه عليّ بن الحسينعليه‌السلام وإخوته فلـمّا صلى المغرب قال :عليّ بن الحسين لأبي جعفرعليه‌السلام أي شيء قال :لك جابرّ بن عبد الله الأنصاري فقال :قال :إن

________________________________________________________

لكن كان الكتاب مدرّجاً مطويّاً ، وما في الكتاب مستوراً عنهم ، قال :الجوهري : أدرجت الكتاب والثوب طويته.

الحديث الثالث : حسن ، وهذه الوصيّة غير الوصيّة التي دفعها إلى فاطمة ولعلها كانت الوصيّة المختومة النازلة من السماء.

قوله : وفي نسخة الصفواني أي كان حديث فليح في نسخة الصفواني في هذا الباب ، مع أنّه مناسب للباب الآتي.

الحديث الرابع : مجهول ، وفليح بضم الفاء وفتح اللام مجهول ، روي عن السجاد والباقر والصادقعليهم‌السلام .

« فخلا به » أي ذهب به إلى خلوة لم يكن فيه أحد غيرهما

٣٢٦

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :إنّك ستدرك رجلاً من أهل بيتي اسمه محمّد بن عليّ يكنى أبا جعفر فأقرئه مني السلام فقال :له أبوه هنيئا لك يا بني ما خصك الله به من رسوله من بين أهل بيتك لا تطلع إخوتك على هذا «فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً » كما كادوا إخوة يوسف ليوسفعليه‌السلام .

( باب )

( الإشارة والنص على أبي جعفر عليه‌السلام )

١ - أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن أبي القاسم الكوفي ، عن محمّد بن سهل ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن إسماعيل بن محمّد بن عبد الله بن عليّ بن

________________________________________________________

« هنيئاً لك » نصبه بتقدير ليكن هنيئاً والهنيء ما ليس فيه مشقة من طعام وغيرها ، و « ما » موصولة محلها الرفع ، لأنها اسم ليكن « من أهل بيتك » متعلق بخصك « لا تطلع » على بناء الأفعال.

وكان ولد عليّ بن الحسينعليهما‌السلام أحد عشرّ ذكراً : محمّد المكنى أبا جعفر الملقب بالباقر أمه أم عبد الله بنت الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، وزيد وعمر أمهما أم ولد ، وعبد الله والحسن والحسين أمهم أم ولد ، والحسين الأصغر ، وعبد الرحمن ، وسليمان لأم ولد ، وعلى وكان أصغر ولده لأم ولد ، ومحمّد الأصغر أمه أم ولد.

باب الإشارة والنص على أبي جعفر عليه‌السلام

الحديث الأوّل : مجهول ، وفي النسخ الذي عندنا عن إسماعيل بن محمّد بن عبد الله والظاهر عن عبد الله إذ رواية الخلف الثالث لعليّ بن الحسين عن أبي جعفرعليه‌السلام بعيد وتوهم أنّه الجوادعليه‌السلام أبعد إذ إبراهيم لم يلقه فكيف من يروي عنه.

وفي بصائر الدّرجات عن إبراهيم بن أبي البلاد عن عيسى بن عبد الله بن عمر عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام قال : لـمّا حضر عليّ بن الحسينعليهما‌السلام الموت أخرج السفط أو الصندوق عنده إلى آخر الخبر وهو الأظهر ، لا سيّما بالنظر إلى آخر الخبر كما ستعرف.

٣٢٧

الحسين ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال :لـمّا حضر عليّ بن الحسينعليه‌السلام الوفاة قبل ذلك أخرج سفطا أو صندوقا عنده فقال :يا محمّد احمل هذا الصندوق قال :فحمل بين أربعة فلـمّا توفي جاء إخوته يدَّعون ما في الصندوق فقالوا أعطنا نصيبنا في الصندوق فقال :والله ما لكم فيه شيء ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه إلي وكان في الصندوق سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكتبه.

٢ - محمّد بن يحيى ، عن عمران بن موسى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عبد الله ، عن عيسى بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جدّه قال :التفت عليّ بن الحسينعليه‌السلام إلى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده ثمّ التفت إلى محمّد بن عليّ فقال :يا محمّد هذا الصندوق اذهب به إلى بيتك قال :أما أنّه لم يكن فيه دينار ولا درهم ولكن كان مملوءا علماً.

٣ - محمّد بن الحسن ، عن سهل ، عن محمّد بن عيسى ، عن فضالة بن أيّوب ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :سمعته يقول إن عمر بن عبد العزيز

________________________________________________________

والسفط بالتحريك وعاء كالجوالق وكالقفة المعمولة من الخوص والشك من الراوي « بين أربعة » حال عن المفعول أي كان بين أربعة رجال أخذ كلّ رجل بقأئمّة من قوائمه الأربع والغرض بيان ثقله وكونه مملوء من الكتب والأسلحة « فلـمّا توفي » إما كلام الباقرعليه‌السلام على سبيل الالتفات ، أو كلام الراوي ، وما في البصائر لا يحتاج إلى تكلف في هذا المقام ولا في قوله : وكان في الصندوق ، إذ الظاهر أنّه كلام الإمامعليه‌السلام .

الحديث الثاني : مجهول ، وعيسى بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وجده محمّد هو الراوي ، قوله : كان مملوء علـماً ، أي كان أكثره العلم فلا ينافي ما مر.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

وعمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم من خلفاء بني أمية وكان أقلهم شقاوة

٣٢٨

كتب إلى ابن حزم أن يرسل إليه بصدقة عليّ وعمر وعثمان وإن ابن حزم بعث إلى زيد بن الحسن وكان أكبرهم فسأله الصدقة فقال :زيد إن الوالي كان بعد عليّ الحسن وبعد الحسن الحسين وبعد الحسين عليّ بن الحسين وبعد عليّ بن الحسين محمّد بن عليّ فابعث إليه فبعث ابن حزم إلى أبي فأرسلني أبي بالكتاب إليه حتّى دفعته إلى ابن حزم.

فقال :له بعضناً يعرف هذا ولد الحسن قال :نعمّ كما يعرفون أنّ هذا ليل ولكنّهم يحملهم الحسد ولو طلبوا الحقّ بالحقّ لكان خيراً لهم ولكنّهم يطلبون الدنيا.

٤ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن عبد الكريم

________________________________________________________

وضرراً على أهل البيتعليهم‌السلام ، وابن حزم هو محمّد بن عمر بن حزم الأنصاري ولد في عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سنة عشرّ بنجران وكان أبوه عامل النبيّ على نجران ذكره ابن الأثير في جامع الأصول ، قال : وكان محمّد فقيها روى عن أبيه وعن عمرو بن العاص ، روى عنه جماعة من أهل المدينة ، انتهى.

وكأنّه كان حينئذ والي المدينة ، والباء في قوله : « بصدقة » لتقوية التعدية أو للملابسة ، على أن يكون المراد أن يرسل شخصاً بالصدقة ، والمراد بالصدقة دفتر الصدقات والأوقاف « وكان أكبرهم » أي أكبرّ بني عليّ سنا « فسأله الصدقة » أي دفتر صدقات أمير المؤمنينعليه‌السلام فقط ، وسأل دفتر أوقاف الملعونين من أولادهما.

قوله : إن الوالي ، وفي بعض النسخ الولي أي متولي تلك الصدقات ، أو المتولي لجميع الأمور المتعلقة بهم من الخلافة وتولية الأوقاف وغيرها ، فيكون ذكره للإضرار بهعليه‌السلام سعاية إلى الخليفة ، كما روي عنه أمثاله وهذا أنسب بقوله : يعرف هذا ولد الحسن ، وعلى الأوّل يكون السؤال لـمّا كان مشهوراً بينهم من التلازم بين الأمرين ، وأن التولية مفوضة إلى إمام العصر ، أو كان لهم في التولية أيضاً نزاع معهمعليهم‌السلام ، فعلى هذا لا يناسب الخبر هذا الباب.

٣٢٩

ابن عمرو ، عن ابن أبي يعفور قال :سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن عمر بن عبد العزيز كتب إلى ابن حزم ثمّ ذكر مثله إلّا أنّه قال :بعث ابن حزم إلى زيد بن الحسن وكان أكبرّ من أبيعليه‌السلام .

عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الوشّاء مثله.

( باب )

( الإشارة والنص على أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق )

( صلوات الله عليهما )

١ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي الصباح الكنانّي قال :نظر أبو جعفرعليه‌السلام إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام يمشي فقال :ترى هذا هذا من الذّين قال :الله عزّ وجلّ «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ

________________________________________________________

قوله : أنّ هذا ليل ، يدلّ على أن الكلام كان في الليل « ولو طلبوا الحقّ » أي ما يدعونه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورفع الظلم والبدع « بالحقّ » أي بالتوسل بالإمام والرجوع إليه وطاعته فيما يأمر في ذلك ، لا بادعاء الإمامة بغير حقّ وإنكار حقّ أهلها « لكان خيراً لهم » على سبيل المماشاة والتنزيل فأنّه لم يكن خير فيما كانوا يفعلونه أصلا.

الحديث الرابع : ضعيف بالسند الأوّل ، موثق بالأخير.

( باب )

( الإشارة والنص على أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق )

( صلوات الله عليهما )

الحديث الأوّل : ضعيف.

« ترى هذا » بتقدير الاستفهام «عَلَى الذّين اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ » بالظلم عليهم وغصب حقوقهم «وَنَجْعَلَهُمْ أئمّة » في الدين يقتدى بهم «وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ » للأرض بعد الجبابرة في زمن القائمعليه‌السلام وفي الرجعة ، أو لعلوم الأنبياء والمرسلين ، وكان في جعل الأرض ظرفاً للاستضعاف تنبيها على أن ضعفهم إنما هو ظاهراً في الأرض وهم

٣٣٠

اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئمّة وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ »(١)

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :لـمّا حضرت أبيعليه‌السلام الوفاة قال :يا جعفر أوصيك بأصحابي خيراً قلت جعلت فداك والله لأدعنهم والرجل منهم يكون في المصر فلا يسأل أحداً.

٣ – عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن المثنى ، عن سدير الصيرفي قال :سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إن من سعادة الرجل أن يكون له الولد يعرف فيه شبه خلقه وخلقه وشمائله وإني لأعرف من ابني هذا شبه خلقي وخلقي وشمائلي يعني أبا عبد اللهعليه‌السلام

________________________________________________________

عظماء عند الله وفي السماء ، ذوو اقتدار في الباطن في جميع العوالم.

الحديث الثاني : صحيح.

« لأدعنّهم » أي لا تركنّهم والواو في « والرجل » للحال « فلا يسأل أحداً » أي المخالفين أو الأعمّ شيئاً من العلم ، وقيل : من المال وهو بعيد ، والحاصل أني لا أرفع يدي عن تربيتهم حتّى يصيروا علماء أغنياء لا يحتاجون إلى السؤال أو أخرج من بينهم ، وقد صاروا كذلك.

الحديث الثالث : حسن على الظاهر ، إذ الأظهر أنّه هاشم بن المثنى الثقة ، وهشام مذكور في الرجال مجهول ، ولا يبعد أن يكون اشتبه على الشيخ في الرجال فذكره مرّة هشاماً ومرّة هاشما ، فأنّه كثيراً ما يذكر رجلا وأحداً في رجاله مكررا كما لا يخفى على المتتّبع ، والشبه بالكسر وبفتحتين المثل « خلقه » بالفتح أي في الطنية والاستعداد وقابلية الكمالات و « خلقه » بضم الخاء وسكون اللام وضمها أي الفضائل الباطنة كالعلم والتقوى والحلم ، والشمائل جمع شمال كسحاب أي الطبائع الظاهرة كالهيئة والصورة والقامة ، ولا ريب أن من كان في استعداداته وأخلاقه وفضائله وكمالاته مثل الإمام لا بد أن يكون إماما ، ولذا أورده في هذا الباب.

__________________

(١) سورة القصص : ٥.

٣٣١

٤ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن طاهر قال :كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام فأقبل جعفرعليه‌السلام فقال :أبو جعفرعليه‌السلام هذا خير البرية أو أخير.

٥ - أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن بعض أصحابنا ، عن يونس بن يعقوب ، عن طاهر قال :كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام فأقبل جعفرعليه‌السلام فقال :أبو جعفرعليه‌السلام هذا خير البرية.

٦ - أحمد بن مهران ، عن محمّد بن عليّ ، عن فضيل بن عثمان ، عن طاهر قال :كنت قاعدا عند أبي جعفرعليه‌السلام فأقبل جعفرعليه‌السلام فقال :أبو جعفرعليه‌السلام هذا خير البرية

________________________________________________________

الحديث الرابع : مجهول.

« وطاهر » ذكره الشيخ مرّتين فذكره مرّة أنّه مولى أبي عبد الله ومرّة أنّه مولى أبي جعفرعليهما‌السلام ، والظاهر أنّه أحدهما ، ويحتمل اتحادهما ، ولعلّه مشكور(١) لهذا الانتساب والاختصاص ، فيمكن أن يعد حديثه حسنا والترديد من الراوي ، والمراد بالبرية برية زمانه أو الأعمّ فيخص بالمعصومين بالعقل والنقل ، وفيه النص على الإمامة لأنّه قد مر أن الزمان لا يخلو من إمام ولا يكون غير الإمام أفضل منه بالعقل والنقل والخير ضد الشرّ ، والأخير والأشرّ أصلان مرفوضان ، قال :الجوهري : رجل خير وخير مشدد ومخفف وكذلك امرأة خيرة وخيرة ، وقال :تعالى : «أُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ »(٢) جمع خيرة وهي الفاضلة من كلّ شيء ، وقال : «فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ »(٣) قال :الأخفش : أنّه لـمّا وصف به ، وقيل : فلان خير ، أشبه الصفات فأدخلوا فيه الهاء للمؤنث ولم يريدوا به أفعل ، فإن أردت معنى التفضيل قلت : فلانة خير النّاس ولم تقل خيرة ، وفلان خير النّاس ولم تقل أخير ، لا يثني ولا يجمع لأنّه في معنى أفعل.

الحديث الخامس : مجهول.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) كذا في النسخ.

(٢) سورة التوبة : ٨٨.

(٣) سورة الرحمن : ٧٠.

٣٣٢

٧ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن جابرّ بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال :سئل عن القائمعليه‌السلام فضرب بيده على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال :هذا والله قائم آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :عنبسة فلـمّا قبض أبو جعفرعليه‌السلام دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فأخبرته بذلك فقال :صدق جابرّ ثمّ قال :لعلكم ترون أن ليس كلّ إمام هو القائم بعد الإمام الذي كان قبله.

٨ - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :إن أبيعليه‌السلام استودعني ما هناك فلـمّا حضرته الوفاة قال :ادع لي شهودا فدعوت له أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر فقال :اكتب هذا ما أوصى به يعقوب بنيه «يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ »(١) وأوصى محمّد بن عليّ إلى جعفر بن محمّد وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمعة وأن يعممه بعمامته وأن يربع قبره ويرفعه أربع أصابع وأن يحلُّ عنه أطماره عند دفنه ثمّ قال :للشهود انصرفوا رحمكم الله

________________________________________________________

الحديث السابع : صحيح.

وقوله : قال :عنبسة ، الظاهر أنّه كلام هشام ويحتمل ابن محبوب لكنه بعيد « ترون » على المجهول أو المعلوم أي تظنون ، والقائم يطلق في الأخبار على المهدي القائم بالجهاد ، الخارج بالسيف ، وعلى كلّ إمام فأنّه قائم بأمر الإمامة كما سيأتي في باب : أن الأئمّة كلّهم قائمون بأمر الله ، وغرضهعليه‌السلام بيان أن أبي سماني قائما بالمعنى الثاني لا الأوّل ، وفي الإبهام نوع مصلحة لعدم يأس الشيعة عن الفرج.

الحديث الثامن : مجهول.

« ما هناك » أي ما كان محفوظا عنده من الكتب والسلاح وآثار الأنبياء وودائعهم « فيهم نافع » أي منهم بتعميم قريش بحيث يشمل مواليهم أو معهم « كان يصلي فيه الجمعة » أي مع العامة تقية أو في الدار خفية « أربع أصابع » أي مفرجة « وأن يحلُّ عنه » على بناء المجرد من باب نصر ، والإطمار جمع طمر بالكسر وهو الثوب الخلق ، والكساء البالي من غير صوف ، ذكره الفيروزآبادي ، وضمائر « عنه » و

__________________

(١) سورة البقرة : ١٣٢.

٣٣٣

فقلت له يا أبت - بعد ما انصرفوا - ما كان في هذا بأن تشهد عليه فقال :يا بني كرهت أن تغلب وأن يقال :أنّه لم يوص إليه فأردت أن تكون لك الحجّة.

( باب )

( الإشارة والنص على أبي الحسن موسى عليه‌السلام )

١ - أحمد بن مهران ، عن محمّد بن عليّ ، عن عبد الله القلاء ، عن الفيض بن المختار قال :قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام خذ بيدي من النار من لنا بعدك فدخل عليه أبو إبراهيمعليه‌السلام وهو يومئذ غلام فقال :هذا صاحبكم فتمسك به.

________________________________________________________

« أطماره » و « دفنه » إمّا راجعة إلى جعفرعليه‌السلام أي يحلُّ أزرار أثوابه عند إدخال أبيه القبرّ ، فإضافة الدفن إلى الضمير إضافة إلى الفاعل أو ضمير « دفنه » راجع إلى أبي جعفرعليه‌السلام إضافة إلى المفعول ، أو الضمائر راجعة إلى أبي جعفرعليه‌السلام ، فالمراد حل عقد الأكفان ، وقيل : أمره بأن لا يدفنه مع ثيابه المخيطة.

« ما كان في هذا » « ما » نافية أي لم تكن لك حاجة في ذلك « بأن تشهد » أي إلى أن تشهد ، أو استفهاميّة أي أيّ فائدة في هذا أي الموصى به بأن يشهد عليه ، الباء للسببية والظرف متعلق بكان « تشهد » بصيغة الخطّاب المعلوم أو بصيغة الغائب المجهول ، وفي إعلام الورى : ما كان لك في هذا وأن تشهد عليه « أن تغلب » على بناء المجهول أي في الإمامة فينكروا إمامتك ، فإن الوصيّة من علامات الإمامة كما مر ، أو فيما أوصيّ إليه ممّا يخالف العامة كتربيع القبرّ فيكون له في ذلك عذر ، ويقول كذا أوصى إلى أبي ، ويحتمل التعميم ليشملهما.

باب الإشارة والنص على أبي الحسن موسى عليه‌السلام

الحديث الأوّل : ضعيف.

« من النار » لعله ضمّن « خذ بيدي » معنى الإنقاذ فعدّي بمن « هذا صاحبكم » أي إمامكم الذي يلزمكم أن تصحبوه أو هو أولى بكم من أنفسكم.

٣٣٤

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن أبي أيّوب الخزاز ، عن ثبيت ، عن معاذ بن كثير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :قلت له أسأل الله الذي رزق أباك منك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك قبل الممات مثلها فقال :قد فعل الله ذلك قال :قلت من هو جعلت فداك فأشار إلى العبد الصالح وهو راقد فقال :هذا الراقدٌ وهو غلام.

٣ - وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن محمّد قال :حدّثني أبو عليّ الأرجاني الفارسي ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال :سألت عبد الرحمن في السنة التي أخذ فيها أبو الحسن الماضيعليه‌السلام فقلت له إن هذا الرجل قد صار في يد هذا وما ندري إلى ما يصير فهل بلغك عنه في أحد من ولده شيء فقال :لي ما ظننت أن أحداً يسألني عن هذه المسألة دخلت على جعفر بن محمّد في منزله فإذا هو في بيت كذا في داره في مسجد له وهو يدعو وعلى يمينه موسى بن جعفرعليه‌السلام يؤمن على دعائه فقلت له جعلني الله فداك قد عرفت انقطاعي إليك وخدمتي لك فمن ولي النّاس بعدك

________________________________________________________

الحديث الثاني : حسن ، وثبيت هو ابن محمّد ممدوح « الذي رزق أباك منك » من للسببية « هذه المنزلة » وهي سعادة أن يكون له ولد يشبه خلقه وخلقه وشمائله ويكون قابلاً للإمامة وضمير « مثلها » للإمامة.

الحديث الثالث : مجهول.

والأرجاني بفتح الهمزة وتشديد الراء المكسورة نسبة إلى بلد بفارس ، الفارسي بكسر الراء لالتقاء الساكنين.

« إن هذا الرجل » أي الكاظمعليه‌السلام « في يد هذا » أي الرشيد لعنه الله « إلى ما يصير » ما استفهامية وإثبات ألفها مع حرف الجر شاذ و « في بيت » بالتنوين « كذا » كناية عمّا ذكره مفصلا من صفة البيت « يؤمن » على التفعيل أي يقول آمين « فمن ولي النّاس » أي أولى بهم من أنفسهم.

ثمّ اعلم أن في الخبر إشكالاً من جهة أن السؤال كان عن إمامة الإمام بعد

٣٣٥

فقال :إنّ موسى قد لبس الدرع وساوى عليه فقلت له لا أحتاج بعد هذا إلى شيء.

________________________________________________________

الكاظمعليه‌السلام ، والجواب تضمن النص عليه لا على من بعده؟

والجواب عنه من وجوه :

الأول : ما خطر ببالي وهو الأظهر عندي ، وهو أن غرض عبد الرحمن أن الكاظم هو القائم الذي هو آخر الأئمّة ويغيب ، ثمّ يخرج بالسيف كما هو مذهب الواقفية ، واستدلّ عليه بقوله : قد لبس الدرع وساوى عليه ، فما قد بلغهم من الرواية المتقدمة أن قائمنّا من إذا لبس الدرع ملاءها فلا يحتاج إلى السؤال عن الإمام بعده ، وقد أخطأ عبد الرحمن في الاستدلال ، إذ يمكن أن يكون للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم درعان أحدهما علامة الإمامة والأخرى علامة القائم ، أو يكون هذا من الأخبار البدائية ، ويحتمل أن يكون هذا من مخترعات الواقفية.

الثاني : ما ذكره المحدّث الأسترآبادي حيث قال : كان في آخر هذا الحديث الشريف قصة إمامة الرضاعليه‌السلام فتركه المصنف لأن الباب معقود لغيرها.

الثالث : ما ذكره بعض الأفاضل أن فيه طريق استعلام حال الرضاعليه‌السلام ، وكناية الإشارة وحينئذ يصير الجواب مربوطا بالسؤال.

الرابع : ما ذكره بعض المعاصرين وهو أن مقصود عبد الرحمن أنك سمعت بعد سؤالك من أبي الحسن في الرضاعليه‌السلام مثل ما سمعته بعد سؤالي من أبي عبد اللهعليه‌السلام في أبي الحسن ، فلا وجه لسؤالك ، وقال : المراد بالدرع لباس العلم والتقوى ونحوهما ممّا يدفع به ضرر إبليس وجنوده ، وفي الدعاء : الّلهم ألبسني درعك الحصينة ، والمقصود في هذا الحديث استكمال شروط الإمامة ، أي ساوى أبو الحسن الدرع على نفسه فتطابقها وعلى هذا التقرير لا منافاة بينه وبين ما مر ، ولا يخفى بعده.

ثمّ اعلم أنّه « فقلت » على بعض الوجوه المتقدمة كلام الأرجاني ، وعلى بعضها كلام عبد الرحمن فلا تغفل.

٣٣٦

٤ - أحمد بن مهران ، عن محمّد بن عليّ ، عن موسى الصيقل ، عن المفضل بن عمر قال :كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فدخل أبو إبراهيمعليه‌السلام وهو غلام فقال :استوص به وضع أمره عند من تثق به من أصحابك.

٥ - أحمد بن مهران ، عن محمّد بن عليّ ، عن يعقوب بن جعفر الجعفري قال :حدّثني إسحاق بن جعفر قال :كنت عند أبي يوماً فسأله عليّ بن عمر بن عليّ فقال :جعلت فداك إلى من نفزع ويفزع النّاس بعدك فقال :إلى صاحب الثوبين الأصفرين والغديرتين يعني الذؤابتين وهو الطالع عليك من هذا الباب يفتح البابين بيده جميعاً فما لبثنا أن طلعت علينا كفان آخذة بالبابين ففتحهما ثمّ دخل علينا أبو إبراهيم.

________________________________________________________

الحديث الرابع : ضعيف.

« استوص به » أي أقبل وصيتي فيه فإني أوصيك برعايته والقول بإمامته ، قال :في المغرب : في حديث الظهار استوص بابن عمك خيراً أي أقبل وصيتي فيه ، وانتصاب خيراً على المصدر ، أي استيصاء خير ، انتهى.

« وضع أمره » أي الإخبار بإمامته والنص عليه وهو أمر بالتقية.

الحديث الخامس : ضعيف ، وعليّ بن عمر هو ابن عليّ بن الحسينعليه‌السلام .

« إلى من تفزع » أي تلجأ وتستغيث لحل المشكلات واستعلام مسائل الدين ، والغديرة بالفتح الذؤابة بالضمّ مهموزاً وهي ما نبت في الصدغ من الشعر المسترسل ، و « يعني » كلام إسحاق أو غيره من الرواة « آخذة » بصيغة الفاعل حالاً عن كلّ من الكفين أو يعدهما وأحداً ، أو بصيغة المصدر مفعولا لأجله.

وفي إرشاد المفيد : آخذتان ، وهو أصوب « بالبابين » أي بمصراعي الباب ، والضمير في « فتحهما » للطالع ، والخبر مشتمل على الإعجاز أيضاً ، وفي الإرشاد وأعلام الورى : حتّى انفتحتا ودخل علينا أبو إبراهيم موسى بن جعفر وهو صبي وعليه ثوبان أصفران

٣٣٧

٦ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :قال :له منصور بن حازم بأبي أنت وأمي إن الأنفس يغدى عليها ويراح فإذا كان ذلك فمن فقال :أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا كان ذلك فهو صاحبكم وضرب بيده على منكب أبي الحسنعليه‌السلام الأيمن - في ما أعلم - وهو يومئذ خماسيٌّ وعبد الله بن جعفر جالسٌ معنا.

٧ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عيسى بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :قلت له إن كان كون ولا أراني الله ذلك فبمن أئتم قال :فأومأ إلى ابنه موسىعليه‌السلام قلت فإن حدث بموسى حدث فبمن أئتم قال :بولده قلت فإن حدث بولده حدث وترك أخا كبيرا وابنا صغيرا فبمن أئتم قال :بولده ثمّ قال :هكذا أبداً

________________________________________________________

الحديث السادس : حسن. « يغدى عليها ويراح » أي يأتيها الموت أو ملكه أو الأعمّ منه ومن سائر البلايا « غدوا ورواحا » وذكر الوقتين على المثال والمقصود كلّ وقت « فإذا كان ذلك » أي مجيء الموت إليك « فمن » أي فمن صاحبنا « فيما أعلم » أي فيما أظنّ والمقصود تجويز كون المضروب عليه غير منكبه الأيمن ، ويحتمل على بعد تعلق الشك بكونهعليه‌السلام خماسيا ، ويؤيده أن في إرشاد المفيد هكذا : وهو فيما أعلم يومئذ خماسي وهو أظهر.

والخماسي منقدس‌سره خمسة أشبار أو من سنة خمس سنين ، والأوّل أشهر قال :في القاموس : غلام خماسي : طوله خمسة أشبار ، ولا يقال : سداسي ولا سباعي لأنّه إذا بلّغ خمسة أشبار فهو رجل ، انتهى.

وعبد الله هو الأفطح الذي ادّعى الإمامة لنفسه بعد أبيه وتبعه الفطحية وذكره لبيان أنّه مع سماعه هذا من أبيه اجترأ على هذا الدعوى الباطل.

الحديث السابع : مجهول ، وقد مضى في باب إثبات الإمامة في الأعقاب إلى قوله أبداً وكنى بالكون عن الفقد والموت محافظة للأدب « ولا أراني الله » معترضة دعائية

٣٣٨

قلت فإن لم أعرفه ولا أعرف موضعه قال :تقول الّلهم إني أتولى من بقي من حججك من ولد الإمام الماضي فإن ذلك يجزيك إن شاء الله.

٨ - أحمد بن مهران ، عن محمّد بن عليّ ، عن عبد الله القلاء ، عن المفضل بن عمر قال :ذكر أبو عبد اللهعليه‌السلام أبا الحسنعليه‌السلام - وهو يومئذ غلامٌ - فقال :هذا المولود الذي لم يولد فينا مولود أعظم بركة على شيعتنا منه ثمّ قال :لي لا تجفوا إسماعيل.

٩ - محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن الحسن بن

________________________________________________________

قوله : فإن لم أعرفه ، جوابه محذوف أي فما أصنع أو بمن ائتم « إني أتولى » أي اعتقد ولايته وإمامته ، ويدلّ على أنّه مع تعذر العلم التفصيلي في أصل الدين يكفي العلم الإجمالي ولا بد من الإذعان مجملا ، ويخرج بذلك عمّن لم يعلم إمام زمانه.

الحديث الثامن : ضعيف.

« لم يولد فينا » أي من بين أولادنا ، ويحتمل شموله لأولاد سائر الأئمّةعليهم‌السلام سوى أمير المؤمنين والحسنينعليهم‌السلام ، فإن سائر هم متساوون في الفضل ، إن كان المراد حقيقة الكلام وإن كان المراد أنّه أعظم بركة منهم كما هو الشائع في مثل هذه العبارة فالتفضيل على غير الأئمّةعليهم‌السلام ، مع أنّه يمكن أن يكون نوع من البركات والمنافع مختصّاً بهعليه‌السلام ، كما أنّه اختار الحبس ووقى بذلك شيعته « لا تجفوا إسماعيل » بالتخفيف من الجفاء نقيض الصلة أي أنّه وإن لم يكن إماما لكنه ابن إمامكم ، ولا بد من إكرامه واحترامه ورعايته ، أو لا تخبروه بهذا فتجفوه إذ يعلم بذلك موته قبلي لـمّا قد علم من أن الإمامة في الأكبر وهو أكبرّ من الكاظمعليه‌السلام ولم تكن به آفة ، أو لا تجفوا به بأن تبعثوه على دعوى الإمامة بغير حقّ ، وعلى بعض الوجوه يمكن أن يقرأ من باب الأفعال من أجفاه إذا أتعبه.

الحديث التاسع : موثق.

٣٣٩

الحسين ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن فيض بن المختار في حديث طويل في أمر أبي الحسنعليه‌السلام حتّى قال :له أبو عبد اللهعليه‌السلام هو صاحبك الذي سألت عنه فقم إليه فأقر له بحقه فقمت حتّى قبلت رأسه ويده ودعوت الله عزّ وجلّ له فقال :أبو عبد اللهعليه‌السلام أما أنّه لم يؤذن لنا في أوّل منك قال :قلت جعلت فداك فأخبر به أحداً فقال :نعمّ أهلك وولدك وكان معي أهلي وولدي ورفقائي وكان يونس بن ظبيان من رفقائي فلـمّا أخبرتهم حمدوا الله عزّ وجلّ وقال :يونس لا والله حتّى أسمع ذلك منه وكانت به عجلة فخرج فاتبعته فلـمّا انتهيت إلى الباب سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول له وقد سبقني إليه يا يونس الأمر كما قال :لك فيض قال :فقال :سمعت وأطعت فقال :لي أبو عبد اللهعليه‌السلام خذه إليك يا فيض.

________________________________________________________

« في أمر أبي الحسن » أي في شأنّه أو في إمامته « في أوّل منك » هو أفعل التفضيل أي في أسبق منك ، وحاصله أني ما أخبرت بإمامته أحداً قبلك ، وما قيل : أن الخطّاب لأبي الحسنعليه‌السلام والمعنى أنّه لم يأذن الله لنا في إمامة من هو أسبق مولداً وأكبر سنا منك يعني إسماعيل ، فلا يخفى بعده.

وفي البصائر أما أنّه لم يؤذن له في ذلك ، أي في أن تقبل رأسه ويده فيصير سببا لظهور الأمر وضرر المخالفين.

وفي البصائر ، بعد قوله : وولدك ، ورفقاءك ، وهو أظهر وإلّا لم يكن يجوز له أن يخبر يونس وذكر الرفقاء بعد ذلك مكرراً يؤيده « لا والله » أي لا أقبل ذلك أو لا اكتفى به « وكانت به » أي في يونس « عجلة » بالتحريك أي تعجيل في استكشاف الأمور ولم يكن له وقار وتثبيت « وقد سبقني » أي يونس « خذه إليك » أي لا تدع يونس يفشي هذا الأمر وأخبره أن في إفشائه مفاسد ، وفي البصائر كما قال :لك فيض زرقه زرقه قال : فقلت قد فعلت ، والزرقة بالنبطية أي خذه إليك.

أقول : وفيه ذم ليونس كما هو المذموم عند أصحابنا ، وأقول : هذا خبر طويل اختصره الكليني (ره) أوردته بتمامه في الكتاب الكبير.

٣٤٠