مرآة العقول الجزء ٣

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 403

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 403
المشاهدات: 43548
تحميل: 6778


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 43548 / تحميل: 6778
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

النّاس برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن الذّين شرع الله لنا دينه فقال :في كتابه «شَرَعَ لَكُمْ » يا آل محمّد «مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً » قد وصانا بما وصى به نوحا «وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ » يا محمّد «وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى » فقد علمنّا وبلغنا علم ما علمنّا واستودعنا علمهم نحن ورثة أولي العزم من الرسل «أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ » يا آل محمّد «وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ » وكونوا على جماعة «كَبرّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ » من أشرك بولاية عليّ «ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ » من ولاية عليّ إن الله يا محمّد «يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ »(١) من يجيبك إلى ولاية عليّعليه‌السلام .

________________________________________________________

«شَرَعَ لَكُمْ » أي بيّن وأوضح لكم ، وبيّن أنّ الخطاب إلى آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو هم الأصل والعمدة في هذا الخطّاب «ما وَصَّى بِهِ » أي أمر به وبحفظه «وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ » قيل : إنّما لم يقل « وصّينا » كما قال :في غيره من أولي العزم ، للإشارة إلى تأكيد عزمه حتّى أنه لا يحتاج إلى التوصية والمبالغة ، قال :البيضاوي : أي شرع لكم من الدين دين نوح ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن بينهما من أرباب الشرائع وهو الأصل المشترك فيما بينهم ، المفسّر بقوله : «أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ » وهو الإيمان بما يجب تصديقه والطاعة في أحكام الله تعالى ، ومحلّه النصب على البدل من مفعول شرع ، أو الرفع على الاستئناف ، كأنه جواب وما ذلك الشرع ، أو الجر على البدل من هاء « به ».

«وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ » ولا تختلفوا في هذا الأصل ، أما فروع الشرائع فمختلفة كما قال : «لِكلّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً »(٢) .

«كَبرّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ » عظم عليهم «ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ » من التوحيد «اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ » يجتلب إليه والضمير لما يدعوهم أو للدين «وَيَهْدِي إِلَيْهِ » بالإرشاد والتوفيق «مَنْ يُنِيبُ » يقبل إليه انتهى(٣) من أشرك بولاية عليّ فإنهم أشركوا بالله حيث أشركوا مع عليّعليه‌السلام من ليس خليفة من الله.

__________________

(١) سورة الشورى : ١٣.

(٢) سورة المائدة : ٤٨.

(٣) كذا في النسخ.

٢١

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال :قال :رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن أول وصيُّ كان على وجه الأرض هبة الله بن آدم وما من نبي مضى إلّا وله وصي وكان جميع الأنبياء مائة ألف نبي وعشرين ألف نبيّ ، منهم خمسةٌ أولو العزم : نوحٌ وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّدعليهم‌السلام وإن عليّ بن أبي طالب كان هبة الله لمحمّد وورث علم الأوصياء وعلم من كان قبله أما إن محمدا ورث علم من كان قبله من الأنبياء والمرسلين.

على قائمة العرش مكتوب حمزة أسد الله وأسد رسوله وسيّد الشهداء وفي ذؤابة العرش عليّ أمير المؤمنين فهذه حجّتنا على من أنكر حقّنا وجحد ميراثنا وما منعنا من الكلام وأمامنّا اليقين ، فأيُّ حجّة تكون أبلغ من هذا.

________________________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف.

« هبة الله » هو شيثعليه‌السلام « هبة الله لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » أي كان بمنزلة شيثعليه‌السلام من آدم ، أو وهبه الله لهعليه‌السلام ، أو هو أول أوصياء محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما أنّ هبة الله أوّل أوصياء آدمعليهما‌السلام .

ومن قوله : « وكان جميع الأنبياء » من كلام أبي جعفرعليه‌السلام « وسيد الشهداء » في زمانه أو بالنسبة إلى من تقدمه أو بالإضافة إلى من عدا الحسين وأمير المؤمنين وسائر الأئمّةعليهم‌السلام وفي النهاية : ذؤابة كلّ شيء : أعلاه.

« فهذه حجّتنا » لأن مثله مروي من طرق المخالفين أيضاً ، أو لأن المخالفين كانوا معترفين بصدقهم « وما منعنا من الكلام » أي إظهار إمامتنا ولزوم حقّنا وبيان فضلنا « وإمامنّا اليقين » أي الموت أو العلم بأنه لا يصيبنا منهم ضرر على ذلك ، والمراد على الأوّل أنهم بعد الموت يعلمون حقيتنا ، أو من كان مشرفا على الموت ويموت لا محالة لم لا يتكلم بالحق ويصدع به في موضع أمر الله به « فأي حجّة تكون أبلغ من هذا » أي مما ذكرنا أولا فإنه مع كونه متفقا عليه بيننا وبين المخالفين مؤيد بأنا نتكلم به مع كوننا معروفين عند جميع الخلق بالصدق والزهد والورع ، وبأننا عالمون

٢٢

٣ - محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن عبد الله بن محمّد ، عن عبد الله بن القاسم ، عن زرعة بن محمّد ، عن المفضل بن عمر قال :قال :أبو عبد اللهعليه‌السلام إن سليمان ورث داود وإن محمداً ورث سليمان وإنا ورثنا محمداً وإن عندنا علم التوراة والإنجيل والزبور وتبيان ما في الألواح قال :قلت إن هذا لهو العلم قال :ليس هذا هو العلم إن العلم الذي يحدث يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة.

________________________________________________________

بالموت وما بعده حقّ العلم واليقين ، ومن كان حاله كذلك لا يتكلّم إلّا بالحقّ ، ويحتمل أن يكون راجعا إلى الأخير فقط ، ويحتمل أن يكون المعنى إنا مع خوفنا من خلفاء الجور وأئمة الضلالة ، وعدم الدواعي النفسانية في ذلك نظهر الحقّ ونتفوّه به ، فهذه أعظم الحجج على صدقنا إذ لو كنا كاذبين ومبطلين لكنّا نسلك مسلك أهل الزمان ونتقرّب إلى الخلفاء وأرباب البدع بما يوافق طباعهم ليرفعونا في الدنيا إلى أعلى المنازل والمراتب.

الحديث الثالث : (١)

« إنّ سليمان ورث داود » إشارة إلى قوله تعالى : «وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقإلّا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقال :يا أَيُّهَا النّاس عُلِّمنّا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كلّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ »(٢) ويحتمل أن يكون التخصيص بسليمان وداود لأنّهما أعطيا مع النبوَّة السلطنة الظاهرة وكان معهما رئاسة الدنيا والآخرة « إن هذا لهو العلم » أي هذا أفضل عليكم كأنه منحصر فيه فنفىعليه‌السلام ذلك وقال : « العلم » أي العلم العظيم الكامل الذي ينبغي أن يتعجّب منه هو « الذي يحدث يوماً بعد يوم ، وساعة بعد ساعة ».

أقول : يرد هيهنا إشكال وهو أنه قد دلت الأخبار الكثيرة على أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعلم علم ما كان وما يكون وجميع الشرائع والأحكام ، وأنّه قد علّم جميع ذلك أمير المؤمنين وكذا علم أمير المؤمنين الحسنعليهما‌السلام جميع ذلك وهكذا ، فأيّ شيء يبقى بعد ذلك حتّى يحدث لهم بالليل والنهار؟

__________________

(١) كذا في النسخ.

(٢) سورة النمل : ١٦.

٢٣

________________________________________________________

ويمكن أن يجاب عنه بوجوه : « الأول » ما قيل : أنّ العلم ليس ما يحصل بالسماع وقراءة الكتب وحفظها ، فإنّ ذلك تقليد وإنّما العلم ما يفيض من عند الله سبحانه على قلب المؤمن يوماً فيوماً وساعة فساعة ، فيكشف به من الحقائق ما تطمئنّ به النفس وينشرح له الصدر ، ويتنور به القلب ، والحاصل أن ذلك مؤكّد و مقرّر لما علم سابقاً يوجب مزيد الإيمان واليقين والكرامة والشرف بإفاضة العلم عليهم بغير واسطة المرسلين والنبيّين ، بل بغير توسط الملائكة أيضاً.

الثاني : أن يفيضعليهم‌السلام تفاصيل التي عندهم مجملاتها وإن أمكنهم إخراج التفاصيل مما عندهم من أصول العلم وموادّة.

الثالث : أن يكون مبنيّاً على البداء ، فإنّ فيما علموا سابقاً ما يحتمل البداء والتغيير ، فإذا ألهموا بما غير من ذلك بعد الإفاضة على أرواح من تقدّم من الحجج أو أكد ما علموا بأنه حتمي لا يقبل التغير كان ذلك أقوى علومهم وأشرفها.

الرابع : ما خطر بالبال ولعلّه أقوى الوجوه وهو أنه يلوح من فحاوي الأخبار الكثيرة أنّهمعليهم‌السلام في جميع النشأة أي قبل حلول أرواحهم المطهرة في الأجساد المقدسة ، وبعد حلولها فيها ، وبعد مفارقتها الأبدان وعروجها إلى عالم القدس ، لهم ترقيات في المعارف الربانيّة ودرجات الكمال ، ولا يزالون سائرون على معارج القرب والوصال ، وغائصون في بحار أنوار معرفة ذي الجلال ، إذ لا غاية لمدارج عرفانه وحبه وقربه تعالى ، وبين درجة الربوبية ودرجات العبودية منازل لا تحصى ، فإذا عرفت ذلك فإنهم إذا تعلموا في بدو إمامتهم من الإمام السابق قدرا من العلوم والمعارف ، فلا محالة هم لا يقفون في تلك المرتبة ويحصل لهم بسبب مزيد القرب والطاعات زوائد العلوم والحكم والترقيّات ، وكيف لا يحصل لهم مع حصوله لسائر الخلق مع نقص قابلياتهم واستعداداتهم ، فهمعليهم‌السلام بذلك أولى وأحرى ، فيمكن أن يكون هذا هو المراد بما يحصل آناً فآناً وساعة فساعة في الليل والنهار.

٢٤

٤ - أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان بن يحيى ، عن شعيب الحدَّاد ، عن ضريس الكناسيّ قال :كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام وعنده أبو بصير فقال :أبو عبد اللهعليه‌السلام إن داود ورث علم الأنبياء وإن سليمان ورث داود وإن محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورث سليمان وإنا ورثنا محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن عندنا صحف إبراهيم وألواح موسى فقال :أبو بصير إن هذا لهو العلم فقال :يا أبا محمّد ليس هذا هو العلم إنما العلم ما يحدث بالليل والنهار يوماً بيوم وساعة بساعة.

٥ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :قال :لي يا أبا محمّد إن الله عزّ وجلّ لم يعط الأنبياء شيئاً إلّا وقد أعطاه محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :وقد أعطى محمداً جميع ما أعطى الأنبياء وعندنا الصحف التي قال :الله عزّ وجلّ : «صُحُفِ إِبْراهِيمَ

________________________________________________________

ولعلّ هذا أحد وجوه استغفارهم وتوبتهم في كلّ يوم سبعين مرّة وأكثر من غير ذنب ، إذ كلما عرجوا درجة من تلك الدّرجات العالية يرون الدرجة السابقة وما وقع فيها من الطاعات والقربات ناقصة عن تلك الدرجة فيستغفرون منها ويتوبون إلى الله تعالى ويتضرعون إليه سبحانه في الوصول إلى ما هو أعلى منها ، ومن المرتبة التي هم فيها ، وهذا شبيه بما يزعمه الحكماء في الأفلاك أن حركتها على الدوام للتشبيه بالمبدء تعالى ولا ينتهي ذلك إلى حد.

هذا ما حل بالبال وأستغفر الله مما لا يرتضيه من العقل والمقال.

الحديث الرابع : صحيح على الظاهر ، إذ الظاهر أن ضريسا هو ابن عبد الملك بن أعين الثقة ، لا ابن عبد الواحد بن المختار المجهول ويحتمله أيضاً.

« إنّ هذا هو العلم » أي أفضل العلوم كأنّها منحصرة فيه فنفىعليه‌السلام كون أشرف علومهم وأعظمها « يوماً بيوم » الباء للإلصاق أي بعد يوم.

الحديث الخامس : صحيح.

« قال :وقد أعطى » هذا تأكيد لما سبق لئلّا يتوّهم أنّ المراد إعطاء مثل ما

٢٥

وَمُوسى »(١) قلت جعلت فداك هي الألواح قال :نعم.

٦ - محمّدٌ ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه سأله عن قول الله عزّ وجلّ : «وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ »(٢) ما الزبور وما الذكر قال :الذكر عند الله والزبور الذي أنزل على داود وكلُّ كتاب نزل فهو عند أهل العلم ونحن هم.

٧ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره ، عن محمّد بن حمّاد ، عن أخيه أحمد بن حمّاد ، عن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الأوّلعليه‌السلام قال :قلت له :

________________________________________________________

أعطاهم « هي الألواح » أي صحف موسىعليه‌السلام .

الحديث السادس : صحيح.

«وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ » قال :الطّبرسي : فيه أقوال :

أحدها : أنّ الزبور كتب الأنبياء ، معناه كتبنا في الكتب التي أنزلناها عليّ الأنبياء من بعد كتبه في الذكر أي أم الكتاب الذي في السماء وهو اللوح المحفوظ.

وثانيها أنّ الزبور : الكتب المنزلة بعد التوراة والذكر هو التوراة. وثالثها أن الزبور زبور داود والذكر التوراة وقيل : الذكر القرآن وبعد بمعنى قبل.

«أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ » قيل : يعني أرض الجنّة يرثها عبادي المطيعون ، وقيل : هي الأرض المعروفة يرثها أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالفتوح بعد أجلاء الكفار ، وقال :أبو جعفرعليه‌السلام : هم أصحاب المهدي في آخر الزمان ، ويدلّ عليه أخبار كثيرة وردت في المهديعليه‌السلام ، انتهى.

قوله : « الذكر عند الله » أي المراد بالذكر اللوح المحفوظ عند الله تعالى كما قال :سبحانه : «وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ » وفي بالي أن في بعض الأخبار أنّ الذكر رسول الله ، وذكر في الزبور بعد ذكرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن المهدي من ولده والأئمّة من ذرّيّته يرثون الأرض وهم الصالحون.

الحديث السابع : مجهول.

__________________

(١) سورة الأعلى : ١٩.

(٢) سورة الأنبياء : ١٠٥.

٢٦

جعلت فداك أخبرني عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورث النبيّين كلّهم ؟ قال :نعم ، قلت : من لدن آدم حتّى انتهى إلى نفسه ؟ قال :ما بعث الله نبيّاً إلّا ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعلم منه قال :قلت إنَّ عيسى ابن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله قال :صدقت وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقدر على هذه المنازل قال :فقال :إن سليمان بن داود قال :للهدهد حين فقده وشك في أمره «فَقال :ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ » حين فقده فغضب عليه فقال :«لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْلَأَ ذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ »(١) وإنّما غضب لأنّه كان يدلّه على الماء ، فهذا وهو طائر قد أعطي ما لم يعط سليمان وقد كانت الريح والنمل والإنس والجنُّ والشياطين والمردة له طائعين ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء وكان الطير يعرفه وإنَّ

________________________________________________________

«ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ » قال :البيضاوي : أم منقطعة ، كأنّه لـمّا لم يره ظنّ أنّه حاضر ولا يراه لساتر أو غيره فقال : ما لي لا أراه ، ثمّ احتاط فلاح له أنّه غائب ، فأضرب عن ذاك وأخذ يقول أهو غائب؟ كأنّه يسأل عن صحّة ما لاح له «لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً » كنتف ريشه وإلقائه في الشمس ، أو حيث النمل يأكله ، أو جعله مع ضده في قفص «أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ » ليعتبرّ به أبناء جنسه «أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ » أي بحجّة يبيّن عذره ، والحلف في الحقيقة على أحد الأولين بتقدير عدم الثالث ، لكن لـمّا اقتضى ذلك وقوع أحد الأمور الثلاثة ثلث المحلوف عليه بعطفه عليهما ، انتهى.

قولهعليه‌السلام : ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء ، لأنّهم كانوا على البساط في الهواء وكان الله أعطى الهدهد حدّة بصر يرى الماء في المسافة البعيدة ، أو كان له علم يستدل بحال الهواء على كون الماء تحته ، أو المراد بتحت الهواء تحت الأرض.

كما روى العياشي بإسناده قال : قال :أبو حنيفة لأبي عبد اللهعليه‌السلام : كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير؟ قال : لأنّ الهدهد يرى الماء في بطن الأرض كما يرى أحدكم الدهن في القارورة ، فنظر أبو حنيفة إلى أصحابه فضحك! قال :أبو عبد اللهعليه‌السلام : ما يضحكك؟ قال : ظفرت بك جعلت فداك! قال : وكيف ذلك؟ قال : الذي يرى الماء

__________________

(١) سورة النمل : ٢١.

٢٧

الله يقول في كتابه «وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى »(١) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان وتحيا به الموتى ونحن نعرف الماء تحت الهواء وإن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلّا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله ممّا كتبه الماضون جعله الله لنا في اُمّ

________________________________________________________

في بطن الأرض لا يرى الفخّ في التراب حيث يأخذ بعنقه؟ قال :أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا نعمان أما علمت أنّه إذا نزل القدر أغشى البصر.

«وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً » قال :البيضاوي : شرط حذف جوابه ، والمراد منه تعظيم شأن القرآن أو المبالغة في عناد الكفرة وتصميمهم ، أي ولو أنّ كتاباً زعزعت به الجبال عن مقارها لكان هذا القرآن ، لأنّه الغاية في الإعجاز ، والنهاية في التذكير والإنذار ولـمّا آمنوا به كقوله : «وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ »(٢) الآية ، وقيل : إن قريشاً قالوا : يا محمّد إن سرّك أن نتّبعك فسيّر بقرآنك الجبال عن مكّة حتّى تتّسع لنا فنتّخذ فيها بساتين وقطائع ، أو سخّر لنا الريح لنركبها ونتّجر إلى الشام ، أو ابعث لنا به قصيّ بن كلاب وغيره من آبائنا ليكلمونا فيك ، فنزلت ، وعلى هذا فتقطيع الأرض قطعها بالسير.

وقيل : الجواب متقدّم وهو قوله : «وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ » وما بينهما اعتراض ، وتذكير «كُلِّمَ » خاصة لاشتمال «الْمَوْتى » على المذكر الحقيقي ، انتهى.

وأقول : حملعليه‌السلام تقطيع الأرض على قطعها بطيّ الأرض في مسافة قليلة ، وحاصل الكلام أنا إذا عرفنا القرآن الذي شأنّه هذا فلا يخفى علينا شيء ، وكان سليمان يخفى عليه ما يعلمه طير فنحن أعلم منه ومن غيره.

وما قيل : من أنّ الغرض من ذكر قصة سليمان أنّه إذا جاز أن يخفى على سليمان ما لم يخف على طير فأيّ استبعاد في أن يخفى عليه ما لم يخف علينا ، فلا يخفى بعده وركاكته.

« ما يراد بها أمر » أي في القرآن أسماء من أسماء الله العظام إذا قرأناها لحصول

__________________

(١) سورة الرعد : ٣١.

(٢) سورة الأنعام : ١١١.

٢٨

الكتاب إنَّ الله يقول : «وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إلّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ »(١) ثمّ قال : «ثمّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الذّين اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا »(٢) فنحن الذّين اصطفانا الله عزَّ وجلَّ وأورثنا هذا الّذي فيه تبيان كلّ شيء.

( باب )

( أن الأئمة عليهم‌السلام عندهم جميع الكتب التي نزلت من )

( عند الله عزّ وجلّ وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها )

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس ، عن هشام بن الحكم في حديث بريه أنّه لـمّا جاء معه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام فلقي أبا الحسن

________________________________________________________

أمر يحصل ذلك الأمر بإذن الله تعالى ، وهذه مضافة إلى ما أعطاه الله سائر الأنبياء ، فإنّا ورثناها أيضاً وكتبها الله لنا في القرآن ، فالمراد بأمّ الكتاب القرآن ، ويحتمل اللوح على بعد.

«وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ » قيل : أي خافية فيهما ، وهما من الصفات الغالبة ، والتاء فيهما للمبالغة كما في الرواية ، أو اسمان لـمّا يغيب ويخفى كالتاء في عاقبة وعافية «إلّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ » فسّره أكثر المفسرين باللوح ، وهوعليه‌السلام فسّره بالقرآن ، واستدل على كون القرآن وعلمه عند الأئمّةعليهم‌السلام بقوله سبحانه : «أَوْرَثْنَا الْكِتابَ » ثمّ استدلّ أيضاً على كون علم كلّ شيء في القرآن بقوله تعالى : «وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكلّ شَيْءٍ » حيث قال : « وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كلّ شيء ».

باب أن الأئمّة عليهم‌السلام عندهم جميع الكتب التي نزلت من

عند الله عزّ وجلّ ، وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها

الحديث الأوّل : مجهول.

« وبريه » مصغّر إبراهيم كما في القاموس ، وفي توحيد الصدوق وبعض نسخ

__________________

(١) سورة النمل : ٧٥.

(٢) سورة فاطر : ٣٢.

٢٩

موسى بن جعفرعليه‌السلام فحكى له هشام الحكاية فلـمّا فرغ قال :أبو الحسنعليه‌السلام لبريه :

________________________________________________________

الكتاب « بريهة ».

روى الصدوق بإسناده عن هشام بن الحكم عن جاثليق من جثالقة النصارى يقال :له : بريهة ، قد مكث جاثليق في النصرانية سبعين سنة ، وكان يطلب الإسلام ويطلب من يحتج عليه ممن يقرأ كتبه ، ويعرف المسيح بصفاته ودلائله وآياته ، قال : وعرف بذلك حتّى اشتهر في النصارى والمسلمين واليهود والمجوس ، حتّى افتخرت به النصارى وقالت : لو لم يكن في دين النصرانية إلّا بريهة لأجزأنا ، وكان طالبا للحوق الإسلام مع ذلك ، وكانت له امرأة تخدمه طال مكثها معه ، وكان يسرّ إليها ضعف النصرانيّة وضعف حجّتها ، قال : فعرفت ذلك منه فضرب بريهة الأمر ظهر البطن وأقبل يسأل عن أئمّة المسلمين وعن صلحائهم وعلمائهم وأهل الحجى منهم ، وكان يستقرئ فرقة لا يجد عند القوم شيئاً ، وقال : لو كانت أئمتكم حقّاً لكان عندكم بعض الحقّ ، فوصفت له الشيعة ووصفت له هشام بن الحكم.

فقال :يونس بن عبد الرحمن : فقال :لي هشام : بينما أنا على دكاني على باب الكرخ جالس وعندي قوم يقرءون على القرآن ، فإذا أنا بفوج النصارى معه ما بين القسّيسين إلى غيرهم من مائة رجل ، عليهم السوار والبرانس(١) والجاثليق الأكبر فيهم بريهة ، حتّى بركوا حول دكاني ، وجعل لبريهة كرسيّ فجلس عليه ، فقامت الأساقفة والرهابنة على عقبهم وعلى رؤوسهم برانسهم ، فقال :بريهة : ما بقي في المسلمين أحد ممن يذكر بالعلم بالكلام إلّا وقد ناظرته بالنصرانيّة فما عندهم شيء ، وقد جئت أناظرك في الإسلام. قال : فضحك هشام وقال : يا بريهة إن كنت تريد مني آيات كآيات المسيح فليس أنا بالمسيح ولا مثله ولا أدانيه ، ذاك روح طيّبة خميصة(٢) مرتفعة ، آياته ظاهرة وعلاماته قأئمّة ، قال :بريهة ، فأعجبني الكلام والوصف ثمّ سأل هشاماً عن مسائل وأجابه ، وسأله هشام عن مسائل من دين النصرانية عجز عن جوابها وتحيّر فيها ، و

__________________

(١) البرنس : قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر الإسلام.

(٢) أي خالية من الرذائل والكدورات.

٣٠

________________________________________________________

ندم النصارى عن المجيء إليه وافترقوا وهم يتمنون أن لا يكونوا رأوا هشاماً ولا أصحابه.

قال : فرجع بريهة مغتمّاً مهتمّاً حتّى صار إلى منزله ، فقالت امرأته التي تخدمه : ما لي أراك مهتمّاً مغتمّاً ؟ فحكى لها الكلام الذي كان بينه وبين هشام ، فقالت لبريهة : ويحك تريد أن تكون على حقّ أو على باطل؟ قال :بريهة : بل على الحقّ ، فقالت له : أينما وجدت الحقّ فمل إليه وإياك واللجاجة ، فإن اللجاجة شك والشك شؤم وأهله في النار.

قال : فصوّب قولها وعزم على الغدو على هشام ، قال :فغدا عليه وليس معه أحد من أصحابه ، فقال : يا هشام ألك من تصدر عن رأيه وترجع إلى قوله وتدين بطاعته؟ قال :هشام : نعم يا بريهة ، قال : وما صفته؟ قال :هشام : في نسبه أو في دينه؟ قال : فيهما جميعا ، قال :هشام : أما النسب خير الأنساب رأس العرب وصفوة قريش وفاضل بني هاشم ، كلّ من نازعه في نسبه وجده أفضل منه ، لأن قريشاً أفضل العرب وبنو هاشم أفضل قريش وأفضل بني هاشم خاصّتهم وديّنهم(١) وسيدهم وكذلك ولد السيد أفضل من ولد غيره ، وهذا من ولد السيّد قال : فصف دينه ، قال :هشام : شرائعه أو صفة بدنه وطهارته؟ قال : صفة بدنه وطهارته ، قال :هشام : معصوم فلا يعصي ، وسخي فلا يبخل ، وشجاع فلا يجبن ، وما استودع من العلم فلا يجهل ، وحافظ للدين ، قائم بما فرض عليه ، من عترة الأنبياء وجامع علم الأنبياء ، يحلم عند الغضب ، وينصف عند الظلم ، ويعين عند الرضا وينصف من الولي والعدو ، ولا يسلك شططا في عدوه ولا يمنع إفادة وليه ، يعمل بالكتاب ويحدث بالأعجوبات. من أهل الطهارات ، يحكي قول الأئمّة الأصفياء ، لم تنقض له حجّة ، ولم يجهل مسألة ، يفتي في كلّ سنة ويجلو كلّ مدلهمة.

قال :بريهة : وصفت المسيح في صفاته وأثبتّه بحججه وآياته ، إلّا أنّ الشخص بائن عن شخصه ، والوصف قائم بوصفه ، فإن يصدق الوصف نؤمن بالشخص ، قال :هشام

__________________

(١) الدين - بتشديد الياء - صاحب الدين.

٣١

يا بريه كيف علمك بكتابك ؟ قال :أنا به عالم ثمَّ قال :كيف ثقتك بتأويله قال :ما أوثقني بعلمي فيه قال :فابتدأ أبو الحسنعليه‌السلام يقرأ الإنجيل فقال :بريه إيّاك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك قال :فآمن بريه وحسن إيمانه وآمنت المرأة التي كانت معه.

فدخل هشام وبريه والمرأة على أبي عبد اللهعليه‌السلام فحكى له هشام الكلام الّذي

________________________________________________________

إن تؤمن ترشد ، وإن تتّبع الحقّ لا تؤنّب(١) .

ثمّ قال :هشام : يا بريهة ما من حجّة أقامها الله على أوّل خلقه إلّا أن أقامها على وسط خلقه وآخر خلقه ، فلا تبطل الحجج ، ولا تذهب الملل ، ولا تذهب السنن ، قال :بريهة : ما أشبه هذا بالحقّ ، وأقربه من الصدق ، وهذه صفة الحكماء يقيمون من الحجّة ما ينفون به الشبهة ، قال :هشام : نعم ، فارتحلا حتّى أتيا المدينة والمرأة معهما ، وهما يريدان أبا عبد اللهعليه‌السلام ، فلقيا موسى بن جعفرعليهما‌السلام فحكى له هشام الحكاية فلـمّا فرغ قال :موسى بن جعفرعليه‌السلام : يا بريهة كيف علمك بكتابك؟ قال : أنا به عالم ، قال : كيف ثقتك بتأويله؟ قال : ما أوثقني بعلمي به ، قال : فابتدأ موسى بن جعفرعليه‌السلام بقراءة الإنجيل ، قال :بريهة : والمسيح لقد كان المسيح يقرأها هكذا ، وما قرأ هذه القراءة إلّا المسيح ثمّ قال :بريهة : إيّاك كنت أطلب ، وساق الحديث مثل ما في المتن إلى آخره.

ثمّ قال : فلزم بريهة أبا عبد اللهعليه‌السلام حتّى مات أبو عبد اللهعليه‌السلام ، ثمّ لزم موسى بن جعفرعليه‌السلام حتّى مات في زمانه ، فغسله بيده وكفنه بيده ولحدّه بيده ، وقال : هذا حواريّ من حواريّي المسيح يعرف حقّ الله عليه ، قال : فتمنى أكثر أصحابه أن يكونوا مثله.

قوله : أنا به عالم ، تقديم الظرف لإفادة الحصر الدالّ على كمال العلم به « كيف ثقتك بتأويله » أي كيف اعتمادك على نفسك في تأويله والعلم بمعانيه « ما أوثقني » صيغة تعجّب أي أنا واثق وثوقاً تامّاً بما أعرف من تأويله « أو مثلك » أي كنت أطلبك أو من

__________________

(١) التأنيب : الملامة.

٣٢

جرى بين أبي الحسن موسىعليه‌السلام وبين بريه فقال :أبو عبد اللهعليه‌السلام :ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فقال :بريه أنّى لكم التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء قال :هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرءوها ونقولها كما قالوا إنَّ الله لا يجعل حجّة في أرضه يسأل عن شيء فيقول لا أدري.

٢ - عليُّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن بكر بن صالح ، عن محمّد بن سنان ، عن مفضّل بن عمر قال :أتينا باب أبي عبد اللهعليه‌السلام ونحن نريد الإذن عليه فسمعناه يتكلّم بكلام ليس بالعربيّة فتوهمنّا أنّه بالسريانية ثمَّ بكى فبكينا لبكائه

________________________________________________________

يكون مثلك ، ويحتمل أن يكون أو بمعنى الواو ، وكون الترديد من الراوي بعيد.

«ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ » أقول : قبله : «إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ » و « ذريّة » حال أو بدل من الآلين أو منهما ومن نوح ، أي إنّهم ذريّة واحدة متشعبّة بعضها من بعض ، أو علم بعضهم من بعض ، وعلومهم وكمالاتهم متشابهة فقرأعليه‌السلام الآية مصدّقاً لحال موسىعليه‌السلام ولرفع استبعاد كونه في عنفوان شبابه عالـماً بتلك العلوم الغريبة الكاملة ، وقد يقال : ذريّة هنا منصوب على الإغراء ، أي ألزموهم واطلبوهم ، ولا يخفى ما فيه «وَاللهُ سَمِيعٌ » لأقوال النّاس «عَلِيمٌ » بصفاتهم ونيّاتهم وقابليّتهم فيختار للإمامة والخلافة من يستحقّهما « أنى لكم التوراة » أي من أين حصل لكم التوراة « نقرؤها كما قرءوها » أي من غير تحريف وزيادة ونقص ، أو بلهجتهم ولغتهم « ونقولها كما قالوا » أي نفسّرها كما فسّروا « يسأل عن شيء » نعت لحجّة.

الحديث الثاني : ضعيف.

« فتوهمنّا » أي ظنّنا ، واختلف في اليأس فقيل هو إدريس ، وقيل : هو من أنبياء بني إسرائيل من ولد هارون بن عمران ابن عمّ اليسع وهو قول ابن عباس وأكثر المفّسرين قالوا أنّه بعث حزقيل لـمّا عظمت الأحداث في بني إسرائيل ، وقيل : إن اليأس صاحب البراري والخضر صاحب الجزائر ، ويجتمعان في كلّ يوم عرفة بعرفات ، وذكر وهب أنّه ذو الكفل.

٣٣

ثمَّ خرج إلينا الغلام فأذن لنا فدخلنا عليه فقلت أصلحك الله أتيناك نريد الإذن عليك فسمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربيّة فتوهمنّا أنّه بالسريانية ثمّ بكيت فبكينا لبكاءك قال :نعمّ ذكرت إلياس النبيّ وكان من عباد أنبياء بني إسرائيل فقلت كما كان يقول في سجوده ثمّ اندفع فيه بالسريانية فلا والله ما رأينا قسا ولا جاثليقا أفصح لهجة منه به ثمّ فسّره لنا بالعربيّة فقال :كان يقول في سجوده أتراك معذّبي وقد أظمأت لك هواجري أتراك معذبي وقد عفرت لك في التراب وجهي أتراك معذبي وقد اجتنبت لك المعاصي أتراك معذّبي وقد أسهرت لك ليلي

________________________________________________________

وأقول : في البصائر وغيره أنّ هذا الدعاء وهذه القصة لإلياسعليه‌السلام ، وقال :- الفيروزآبادي : اندفع في الحديث أفاض والفرس أسرع في سيره ، وقال : « القسّ » بالفتح رئيس النصارى في العلم كالقسيس ، وقال : « جاثليق » بفتح الثاء المثلثة رئيس للنصارى في بلاد الإسلام بمدينة السلام ، ويكون تحت يد بطريق أنطاكية ثمّ الـمَطَران(١) تحت يده ، ثمّ الأسقف يكون في كلّ بلد من تحت الـمَطَران ، ثمّ القسيس ثمّ الشمّاس ، وهو الذي يحلق وسط رأسه لازماً للبيعة ، انتهى.

ولهجة الرجل بفتح اللام وسكون الهاء وفتحها لغته التي جبل عليها واعتادها في التكلّم ، وضمير « منه » لهعليه‌السلام و « به » للكلام ، ويقال : ظمئ بالهمزة كعلم إذا عطش أشد العطش ، وأظمأ غيره ، وفي القاموس : « الهاجرة » نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر ، أو من عند زوالها إلى العصر ، لأن النّاس يسكنون في بيوتهم كأنّهم قد تهاجروا من شدّة الحرّ ، انتهى.

ونسبة الإظماء إلى الهواجر على الإسناد المجازي ، كقولهم : صام نهاره ، أو المفعول مقدر أي أظمأت نفسي وهواجري ، والأوّل أظهر وكذا القول في نسبة الإسهار إلى الليل ، وفي الصحاح : العفر بالتحريك التراب ، وعفره في التراب يعفره عفراً وعفره تعفيراً أي مرغه ، انتهى.

__________________

(١) الـمَطَران : رئيس الكهنة وهو فوق الأسقف ودون البطريق وهي مقتطعة من لفظة « ميتريبوليتس » اليونانية ومعناها المدينة الأم لأن كرسى الـمَطَران يكون عادة في مدينة أو قصبة.

٣٤

قال :فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك فإني غير معذبك قال :فقال :إن قلت لا أعذبك ثمّ عذبتني ما ذا ألست عبدك وأنت ربّي ؟ [ قال ] : فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك فإنّي غير معذّبك إنّي إذا وعدت وعداً وفيت به.

( باب )

( أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة عليهم‌السلام وأنهم )

( يعلمون علمه كله )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن جابرّ قال :سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن

________________________________________________________

« ثمّ عذبتني ما ذا » أي أيّ شيء يكون ينافي عدلك ، ولعلّهعليه‌السلام جوّز أن يكون وعدّه تعالى مشروطاً بشرط فتضرّع ليعلم أنّه غير مشروط بل مطلق ، مع أنّه يحتمل أن يكون وجوب الوفاء بالوعد شرعيّاً لا عقلياً يقبح تركه ، وإن كان خلاف المشهور.

باب

أنّه لم يجمع القرآن كله إلّا الأئمّة عليهم‌السلام وأنهم يعلمون علمه كله

الحديث الأوّل مختلف فيه « ما ادّعى أحد » أي غير الأئمّةعليهم‌السلام والمراد بالقرآن كله ألفاظه وحروفه جميعا ، والمراد بكما أنزل ، ترتيبه وإعرابه وحركاته وسكناته وحدود الآي والسور ، وهذا رد على قوم زعموا أن القرآن ما في المصاحف المشهورة ، وكما قرأه القراء السبعة وأضرابهم ، واختلف أصحابنا في ذلك ، فذهب الصدوق ابن بابويه وجماعة إلى أن القرآن لم يتغيّر عما أنزل ولم ينقص منه شيء ، وذهب الكليني والشيخ المفيد قدّس الله روحهما وجماعة إلى أن جميع القرآن عند الأئمّةعليهم‌السلام ، وما في المصاحف بعضه ، وجمع أمير المؤمنين صلوات الله عليه كما أنزل بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخرج إلى الصحابة المنافقين فلم يقبلوا منه ، وهم قصدوا لجمعه في زمن عمر وعثمان

٣٥

كلّه كما أنزل إلّا كذّاب وما جمعه وحفظه كما نزله الله تعالى إلّا عليُّ بن أبي طالبعليه‌السلام والأئمّة من بعدهعليهم‌السلام .

________________________________________________________

كما سيأتي تفصيله في كتاب القرآن.

قال :شيخنا السديد المفيد روّح الله روحه في جواب المسائل السرويّة أنّ الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله وتنزيله ، وليس فيه شيء من كلام البشرّ وهو جمهور المنزل ، والباقي ممّا أنزله الله تعالى قرآنا عند المستحفظ للشريعة المستودع للأحكام ، لم يضع منه شيء ، وإن كان الذي جمع ما بين الدفتين الآن لم يجعله في جملة ما جمع ، الأسباب دعته إلى ذلك ، منها قصوره عن معرفة بعضه ، ومنها ما شك فيه ، ومنها ما عمد بنفيه ، ومنها ما تعمّد إخراجه عنه ، وقد جمع أمير المؤمنينعليه‌السلام القرآن المنزل من أوله إلى آخره وألفه بحسب ما وجب من تأليفه ، فقدم المكي على المدنيّ والمنسوخ على الناسخ ووضع كلّ شيء منه في موضعه ، فلذلك قال :جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام : أما والله لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتمونا فيه مسمّين كما سمّي من كان قبلنا ، وساق الكلام إلى أن قال : غير أنّ الخبرّ قد صحّ عن أئمّتناعليهم‌السلام أنّهم أمروا بقراءة ما بين الدفتين وأن لا نعتدّاه إلى زيادة فيه ولا نقصان منه حتّى يقوم القائمعليه‌السلام ، فيقرأ النّاس القرآن على ما أنزل الله وجمعه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإنما نهونا عن قراءة ما وردت به الأخبار من أحرف تزيد على الثابت في المصحف ، لأنها لم تأت على التواتر ، وإنّما جاءت بها الآحاد ، والواحد قد يغلط فيما ينقله ، ولأنّه متى قرأ الإنسان بما يخالف ما بين - الدفتين غرر بنفسه من أهل الخلاف وأغرى به الجبارين وعرض نفسه للهلاك فمنعوناعليهم‌السلام عن قراءة القرآن بخلاف ما ثبت بين الدفتين لـمّا ذكرناه ، انتهى.

والأخبار من طريق الخاصة والعامة في النقص والتغيير متواترة ، والعقل يحكم بأنّه إذ كان القرآن متفرقا منتشرا عند النّاس ، وتصدي غير المعصوم لجمعه يمتنع عادة أن يكون جمعه كاملا موافقا للواقع ، لكن لا ريب في أن النّاس مكلفون بالعمل بما في المصاحف وتلاوته حتّى يظهر القائمعليه‌السلام ، وهذا معلوم متواتر من طريق أهل البيتعليهم‌السلام وأكثر أخبار هذا الباب مما يدلّ على النقص والتغيير وسيأتي كثير منها في الأبواب

٣٦

٢ - محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن المنخل ، عن جابرّ ، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال :ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء.

٣ - عليُّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن القاسم بن الربيع ، عن عبيد بن عبد الله بن أبي هاشم الصيرفّي ، عن عمرو بن مصعب ، عن سلمة بن محرز قال :سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إنَّ من علم ما اُوتينا تفسيّر القرآن وأحكامه وعلم تغيير الزمان وحدثأنّه إذا أراد الله بقوم خيرا أسمعهم ولو أسمع من لم يسمع لولى معرضاً كأن لم يسمع ثمّ أمسك هنيئة ثمَّ قال :ولو وجدنا أوعية أو مستراحاً

________________________________________________________

الآتية لا سيّما في كتاب القرآن ، وسنشبع القول فيه هناك إنشاء الله تعالى.

الحديث الثاني ضعيف.

والمنخلّ بضم الميم وفتح النون وتشديد المعجمة المفتوحة ، وربّما يقرأ منخل بسكون النون وتخفيف الخاء.

والمراد بظاهره ألفاظه وبباطنه معانيه ، أو بالأوّل ما في المصاحف ، وبالباطن ما سقط أو بالظاهر المعاني الظاهرة وبالباطن المعاني الكامنة التي لا يعلمها إلّا الأئمّةعليهم‌السلام والأوّل أظهر.

الحديث الثالث ضعيف

« إنّ من علم ما أوتينا » أي ممّا أوتينا من العلم ويحتمل أن يكون المراد ممّا أوتينا الإمامة ، أي إن من العلوم اللازمة للإمامة « وأحكامه » بالفتح تخصيص بعد التعميم ، والمراد الأحكام الخمسة أو بالكسر أي ضبطه وإتقانه ، وفي القاموس : حدثان الأمر بالكسر : أوله وابتداؤه ، ومن الدهر : نوبة وأحداثه « انتهى » أي حوادث الدهر ونوازله.

« أسمعهم » أي بمسامعهم الباطنة ، ولو أسمع ظاهراً من لم يسمع باطناً لولي معرضاً كان لم يسمع ظاهراً ، وقد مرّ تمام القول فيه في باب فضل الإمام وصفاته « ثمّ أمسك » أي عن الكلام « هنيئة » أي ساعة يسيرة كما في المغرب ، والأوعية جمع وعاء بالكسر والمدّ أي قلوباً كاتمة للإسرار ، حافظة لها « أو مستراحاً » أي من لم يكن قابلاً

٣٧

لقلنا وَاللهُ الْمُسْتَعانُ .

٤ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عيسى ، عن أبي عبد الله المؤمن ، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال :سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنّه في كفّي فيه خبر السماء وخبر الأرض وخبر ما كان وخبر ما هو كائن قال :الله عزّ وجلّ فيه تبيان كلّ شيء.

٥ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر ، عن الخشّاب ، عن عليّ بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :«قال :الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ

________________________________________________________

لفهم الأسرار وحفظها كما ينبغي لكن لا يغشيها ولا يذيعها ولا يترتّب ضرر على إطّلاعه عليها فيستريح النفس بذلك.

الحديث الرابع : ضعيف.

« إنّي لأعلم كتاب الله » أي لفظه ومعناه من أوّله إلى آخره أي كله بترتيب نزوله « كأنّه في كفّى » أي يدي مبالغة في الإحاطة به « فيه خبرّ السماء » من أحوال الأفلاك وحركاتها وحالات الملائكة ودرجاتها وحركات الكواكب ومداراتها ، إلى غير ذلك من الأمور الكائنة في العلويّات والمنافع المتعلّقة بالفلكيات « وخبر الأرض » من جوهرها وطبقاتها ومقدارها ، وما في أجوافها ومعادنها ونباتها ويحتمل شموله لجميع العناصر « وخبر ما كان وخبر ما هو كائن » من أخبار السابقين وأحوال اللاحقين ، وأخبار جميع الحوادث من الدنيا والآخرة « فيه تبيان كلّ شيء » الذي في المصحف في سورة النحل «وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكلّ شَيْءٍ »(١) فيحتمل أن يكون في قراءتهمعليهم‌السلام كذلك ، أو نقل بالمعنى ، والظاهر أنّه من تصحيف النسّاخ والرواة.

الحديث الخامس : ضعيف.

«قال :الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ » أي آصف بن برخيا وقال :البيضاوي : هو آصف بن برخيا وزيره ، أو الخضر أو جبرئيل أو ملك أيّده الله به ، أو سليمان نفسه ويكون التعبير عنه بذلك للدلالة على شرف العلم ، وأن هذه الكرامة كانت بسببه ،

__________________

(١) سورة النحل : ٨٩.

٣٨

أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ »(١) قال :ففرج أبو عبد اللهعليه‌السلام بين أصابعه فوضعها في صدره ثمّ قال :وعندنا والله علم الكتاب كله.

٦ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن عمن ذكره جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن بريد بن معاوية قال :قلت لأبي جعفرعليه‌السلام «قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ »(٢) قال :إيانا عنى

________________________________________________________

والخطّاب في «أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ » على الاحتمال الأخير للعفريت وعلى غيره لسليمانعليه‌السلام « وآتيك » يحتمل الفعلية والاسمية ، والطرف : تحريك الجفن للنظر ، فوضع موضعه ، ولـمّا كان الناظر يوصف بإرسال الطرف وصف بردّ الطرف ، [ والطرف ] بالارتداد ، والمعنى أنك ترسل طرفك نحو شيء فقبل أن تردّه أحضر عرشها بين يديك ، وهذا غاية في الإسراع ومثل فيه.

وقال : المراد بالكتاب جنس الكتب المنزلة أو اللّوح.

وأقول : ظاهر الخبر أنّ المراد بالكتاب القرآن ، ويحتمل الجنس أيضاً ، فالمراد عندنا علم جميع الكتب ، واحتمال اللوح في غاية البعد و « كله » إما مرفوع والضمير للعلم ، أو مجرور والضمير للكتاب.

الحديث السادس : حسن كالصحيح.

«وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ » صدر الآية هكذا : و «يَقُولُ الذّين كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً » أي كفى الله شاهداً «بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ » بما أظهر من الآيات وأبان من الدلائل على نبوتي «وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ».

قال :الطّبرسي قيل فيه أقوال : « أحدها » أنّه هو الله « والثاني » أن المراد به مؤمنوا أهل الكتاب منهم عبد الله بن سلام وسلمان وتميم الداري « والثالث » أن المراد به عليّ بن أبي طالب وأئمّة الهدىعليهم‌السلام ، ويؤيد ذلك ما روي عن الشعبي أنّه قال : ما أحد أعلم بكتاب الله بعد نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وروى عاصم

__________________

(١) سورة النمل : ٤٠.

(٢) سورة الرعد : ٤٣.

٣٩

وعليُّ أوّلنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

باب

( ما أعطي الأئمّة عليهم‌السلام من اسم الله الأعظم )

١ - محمّد بن يحيى وغيره ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن محمّد بن الفضيل قال :أخبرني شريس الوابشي ، عن جابرّ ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال :إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً وإنّما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلّم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتّى تنأول السرير بيده ثمّ عادت الأرض

________________________________________________________

ابن أبي النجود عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : ما رأيت أحداً اقرأ من عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام للقرآن ، انتهى.

وقال :السيد في الطرائف : روى الثعلبي من طريقين أن المراد بقوله : ومن عنده علم الكتاب ، عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

« وعلى أولنا » أي وإن كنا في العلم سواء وعندنا جميعا علم الكتاب ، لكن عليّعليه‌السلام له الفضل علينا بالسبق وكثرة الجهاد وتأسيس الإسلام وكون علمنّا منهعليه‌السلام .

باب ما أعطي الأئمّة عليهم‌السلام من اسم الله الأعظم

أقول : كلمة « من » للتبعيض أو البيان.

الحديث الأوّل : مجهول.

« على ثلاثة وسبعين حرفاً » أي كلمة فأنّه يطلق على واحد من حروف التهجي وعلى الكلمة ، وعلى الكلام المختصر ، وقيل : أي وجهاً كقوله تعالى : «وَمِنَ النّاس مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ »(١) .

« فخسف بالأرض » إعلم أنّه معلوم أنّ السرير تجرّك في مسافة قريبة من مسافة شهرين في أقل من مقدار طرف العين إلى سليمانعليه‌السلام .

__________________

(١) سورة الحج : ١١.

٤٠