ارشاد القلوب الجزء ٢

ارشاد القلوب0%

ارشاد القلوب مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: كتب الأخلاق
ISBN: ( دورة ) 2 ـ 42 ـ 8073 ـ 964
الصفحات: 395

ارشاد القلوب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الحسن بن أبي الحسن محمّد الديلمي
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: ISBN: ( دورة ) 2 ـ 42 ـ 8073 ـ 964
الصفحات: 395
المشاهدات: 25485
تحميل: 8131


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 395 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 25485 / تحميل: 8131
الحجم الحجم الحجم
ارشاد القلوب

ارشاد القلوب الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
ISBN: ( دورة ) 2 ـ 42 ـ 8073 ـ 964
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، وأنت أخي ووارثي ، وأنت معي في قصري في الجنّة ثمّ تلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) (١) (٢) .

وروى حذيفة بن اليمان: وآخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين المهاجرين والأنصار وكان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، ثمّ أخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فقال: هذا أخي (٣) .

ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيد ولد آدم ، كما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيّد ولد آدم ولا فخر (٤) ، وعليّ عليه‌السلام أخوه ووزيره وشبيهه ونظيره ، وهذه منزلة شريفة ، ومقام عظيم لم يحصل لأحد سواه .

قال الشاعر:

لو رأى مثلك النبي لآخاه

وإلاّ فأخطأ الانتقادا (٥)

فصل : [في حبّه والتوعّد على بغضه وفضائل فاطمةعليها‌السلام ]

ومن فضائله عليه‌السلام أنّه كان أحبّ الخلق إلى الله تعالى ، والدليل على ذلك خبر الطائر المشوي (٦) ، والمحبة من الله تعالى زيادة الثواب .

ـــــــــــــــــ

(١) الحجر: ٤٧ .

(٢) مناقب أحمد بن حنبل: ٤٢; عنه كشف الغمة ١: ٣٣٣; وكشف اليقين: ٢٠٠; ونحوه في مناقب ابن المغازلي: ٣٧; وكفاية الطالب: ١٩٤ .

(٣) مناقب ابن المغازلي: ٣٨ ح٦٠; عنه كشف اليقين: ٢٠٨; وأمالي الطوسي: ٥٨٧ ح١١١٥; عنه البحار ٣٨: ٣٣٣ ح٥ .

(٤) راجع البحار ١٦: ٣٢٥ ح٢١ .

(٥) في "ب": الانتفاء .

(٦) راجع المناقب لابن المغازلي: ١٥٦; وكفاية الطالب: ١٤٤ .

٤١

و منها : فضيلة المباهلة ، وهي تدلّ على فضل تام وورع كامل لمولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام ولولديه ولزوجته (صلّى الله عليهم) ، حيث استعان بهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الدعاء إلى الله تعالى ، والتأمين على دعائه لتحصل له الإجابة (١) .

و منها : أنّه خُصّ بتزويج فاطمة عليها‌السلام التي قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقّها: فاطمة بضعة منّي ، من آذاها فقد آذاني ، يرضى الله لرضاها ، ويغضب لغضبها ، وهي سيدة نساء العالمين (٢) .

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّما سمّيت ابنتي فاطمة لأنّ الله (عَزَّ وجَلَّ) فطمها وفطم من أحبّها من النار (٣) .

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا كان يوم القيامة نادى مناد تحت الحجب: يا أهل الجمع ، غُضّوا أبصاركم ونكّسوا رءوسكم فهذه فاطمة بنت محمد تريد أن تمرّ على الصراط (٤) .

قال ابن عباس: خطب جماعة من الأكابر والأشراف فاطمة عليها‌السلام ، فكان لا يذكر أحد عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ أعرض عنه وقال: أتوقّع الأمر من السماء فإنّ أمرها إلى الله تعالى .

قال سعد بن معاذ الأنصاري لعليّ عليه‌السلام : خَاطِبْ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أمر فاطمة ، فوالله إنّي ما أرى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد لها غيرك

ـــــــــــــــــ

(١) راجع المناقب لابن المغازلي: ٢٦٣ ح٣١٠; وكشف اليقين: ٢١٣; والبحار ٣٥: ٢٥٧ .

(٢) كفاية الطالب: ٣٦٤ و٣٦٥; ومناقب ابن المغازلي: ٣٥١ نحوه; وقال الكنجي في كفاية الطالب ص٣٧٠: إن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهما حينئذٍ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر ، فقال لهما أبو بكر: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: لا نورث ما تركناه صدقة ، قال : فغضبت فاطمة وهجرته ولم تكلّمه حتّى ماتت فدفنها ليلاً ولم يؤذن أبا بكر .

(٣) مناقب ابن المغازلي: ٦٥ ح٩٢; والبحار ٤٣: ١٢ ح٤ .

(٤) كفاية الطالب: ٣٦٤; وكشف الغمة ٢: ٧٨; وفي البحار ٣٧: ٧٠ ح٣٨ .

٤٢

فجاء أمير المؤمنين إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعرّض لذلك ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كأنّ لك حاجة يا عليّ ؟ فقال: أجل يا رسول الله ، قال: هات قال: جئت خاطباً إلى الله وإلى رسوله فاطمة بنت محمد ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مرحباً وحبّاً . وزوّجه بها فلمّا دخل البيت دعا فاطمة وقال لها: قد زوّجتكِ يا فاطمة سيداً في الدنيا ( وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) ابن عمّك عليّ بن أبي طالب .

فبكت فاطمة عليها‌السلام حياءً ولفراق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال لها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما زوّجتك من نفسي ، بل الله تعالى تولّى تزويجك في السماء ، وكان جبرئيل عليه‌السلام الخاطب والله تعالى الولي ، وأمر شجرة طوبى فنثرت الدر والياقوت والحلي والحلل ، وأمر الحور العين فاجتمعن ولقطن ، فهنّ يتهادينه إلى يوم القيامة ويقلن: هذا نثار فاطمة [الزهراء] (١) .

ولما كان ليلة زفافها إلى عليّ عليه‌السلام كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قدّامها ، وجبرئيل عن يمينها ، وميكائيل عن يسارها ، وسبعون ألف ملك خلفها يسبّحون الله تعالى ويقدّسونه إلى طلوع الفجر (٢) .

و منها : أن أولاده عليهم‌السلام هم الأئمّة المعصومون الذين أوجب الله تعالى طاعتهم على جميع العباد ، وأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فأوّلهم الإمام المعصوم أبو محمد الحسن بن عليّ الزكي ، وآخرهم الإمام القائم المهدي (صلوات الله عليهم أجمعين) ، وكلّ واحد منهم هو إمام زمانه ، وأفضل أهل عصره وأوانه ، وكمالهم وفضلهم أشهر من الأمس وأظهر من الشمس ، واتّباعهم والتزامهم هو السعادة والهداية ، وتركهم والتخلّف عنهم هو الشقاوة والغواية .

ـــــــــــــــــ

(١) أثبتناه من "ب" .

(٢) كشف اليقين: ١٩٥ .

٤٣

روى الخوارزمي في مناقبه ، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك (١) .

وفي الجمع بين الصحيحين عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: يكون من بعدي اثنا عشر أميراً كلّهم من قريش (٢) .

ومن مسند أحمد بن حنبل عن مسروق قال: كنّا جلوساً في المسجد مع عبد الله بن مسعود فأتاه رجل وقال: يا ابن مسعود هل حدّثكم نبيّكم كم يكون من بعده خليفة؟ قال: نعم ، كـ (عدة نقباء بني إسرائيل) (٣) .

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسين عليه‌السلام : هذا ابني إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة ، تاسعهم قائمهم والأخبار في فضائلهم وكمالاتهم أكثر من أن تُحصى .

و منها : من كتاب كفاية الطالب للحافظ الشافعي ، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مررت ليلة أسري بي إلى السماء وإذا بملك جالس على منبر من نور والملائكة تحدق به ، فقلت: يا جبرئيل ، من هذا الملك ؟ فقال: أُدن منه وسلّم عليه فدنوت منه وسلّمت عليه ، فإذا أنا بأخي وابن عمّي عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقلت: يا جبرئيل ، سبقني عليّ بن أبي طالب إلى السماء الرابعة ؟ فقال: لا يا محمد ، ولكن الملائكة شكت حبّها لعلي ، فخلق الله هذا الملك من نور على صورة عليّ ، فالملائكة تزوره في كلّ ليلة جمعة ويوم جمعة سبعين ألف مرّة ، يسبّحون الله تعالى ويقدّسونه ويهدون ثوابه لمحبّ عليّ عليه‌السلام (٤) .

ـــــــــــــــــ

(١) مناقب ابن المغازلي: ١٣٢ ح١٧٣; والطرائف: ١٣٢ ح٢٠٦; عنه البحار ٢٣: ١٢٣ ح٤٩; ولم نجده في مناقب الخوارزمي .

(٢) العمدة: ٤١٩ ح٨٧١ عن الجمع بين الصحيحين; والطرائف: ١٧٠ ح٢٦٠ عن البخاري ومسلم .

(٣) مسند أحمد ١: ٣٩٨ ح٣٧٧٢ .

(٤) كفاية الطالب: ١٣٣; عنه كشف الغمة ١: ١٣٧; والبحار ١٨: ٣٨٦ ح٩٤ .

٤٤

و منها : من كتاب المناقب للخوارزمي عن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد سئل : بأيّ لغة خاطبك ربّك ليلة المعراج؟ فقال: خاطبني بلغة عليّ بن أبي طالب ، فألهمني أن قلت: يا ربّ خاطبتني أم عليّ؟

فقال: يا أحمد ، أنا شيء ليس كالأشياء ، ولا أقاس بالناس ، ولا أوصف بالأشياء خلقتك من نوري وخلقت علياً من نورك ، فاطلعت على سرائر قلبك فلم أجد إلى قلبك بأحبّ من عليّ بن أبي طالب ، فخاطبتك بلسانه كيما يطمئنّ قلبك (١) .

و منها : ما روي في محبته والتوعّد على بغضه ، وهو كثير :

منها : ما رواه صاحب كتاب الفردوس عن معاذ ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: حبّ عليّ بن أبي طالب حسنة لا يضرّ معها سيّئة ، وبغضه (٢) سيّئة لا ينفع معها حسنة (٣) .

وروى الخوارزمي أيضاً في مناقبه ذلك (٤) .

ومن كتاب الفردوس أيضاً عن ابن عباس أنّه قال: نظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فقال له: أنت سيّد في الدنيا وسيّد في الآخرة ، من أحبّك فقد أحبّني وحبيبي حبيب الله ، ومن أبغضك فقد أبغضني ومبغضي مبغض الله ، فالويل لمن أبغضك بعدي (٥) .

ومن الفردوس عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليلة عُرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنّة مكتوب: "لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله ، عليّ حبيب الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة أمة الله ، على باغضهم لعنة

ـــــــــــــــــ

(١) المناقب للخوارزمي: ٧٨ ح٦١; عنه البحار ١٨: ٣٨٦ ح٩٤ .

(٢) في "ج": بغض عليّ .

(٣) الفردوس ٢: ١٤٢ ح٢٧٢٥; عنه كشف الغمة ١: ٩٢; والبحار ٣٩: ٢٤٨ ح١٠ .

(٤) المناقب: ٧٥ ح٥٦ .

(٥) الفردوس ٥: ٣٢٤ ح٨٣٢٥; وكشف الغمة ١: ٩٣ .

٤٥

الله" (١) .

ومن كتاب المناقب عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو اجتمع الناس على حبّ عليّ بن أبي طالب لما خلق الله (عَزَّ وجَلَّ) النار (٢) .

ومن كتاب اليواقيت لأبي عمر الزاهد أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث علياً في سريّة ـ قال الراوي ـ : فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رافعاً يديه وهو يقول: اللّهمّ لا تمتني حتّى تريني علياً (٣) .

ومن كتاب المناقب للخوارزمي عن عائشة أنها قالت: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في بيتي لما حضره الموت قال: ادعوا لي حبيبي ، فدعوت أبا بكر ، فنظر إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووضع رأسه ، ثمّ قال: ادعوا لي حبيبي ، قلت: ويلكم ادعوا له عليّ بن أبي طالب فوالله لا يريد غيره فلمّا رآه فرج الثوب الذي كان عليه ثمّ أدخله فيه ، فلم يزل يحتضنه صلوات الله عليه حتّى قبض ويده عليه (٤) .

و منه عن أنس بن مالك أنه قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلق الله تعالى من نور وجه عليّ بن أبي طالب سبعون ألف ملك يستغفرون له ولمحبّيه إلى يوم القيامة (٥) .

و منه عن الحسن البصري أنه قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا كان يوم القيامة يجلس عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام على الفردوس ، وهو جبل

ـــــــــــــــــ

(١) راجع كشف الغمة ١: ٩٣; ومناقب الخوارزمي: ٣٠٢ ح٢٩٧ .

(٢) المناقب للخوارزمي: ٦٧ ح٣٩; عنه كشف الغمة ١: ٩٨; والبحار ٣٩: ٢٤٨ ح١٠; وفي الفردوس ٣: ٣٧٣ ح٥١٣٥ .

(٣) راجع مناقب ابن المغازلي: ١٢٢ ح١٦٠; ومناقب الخوارزمي: ٧٠ ح٤٦; وكشف الغمة ١: ١٠١; وكنز الفوائد: ١٣٦ .

(٤) المناقب للخوارزمي: ٦٨ ح٤١; عنه كشف الغمة ١: ١٠٠; عنه البحار ٣٨: ٣٠٧ ح٩; وكفاية الطالب: ٢٦٢.

(٤) المناقب للخوارزمي: ٧١ ح٤٧; عنه كشف الغمة ١: ١٠١; ومائة منقبة: ٦٦ ح١٩; والبحار ٣٩: ٢٧٥ ح٥٢.

٤٦

قد علا على الجنّة ، وفوقه عرش ربّ العالمين ، ومن سفحه تتفجّر أنهار الجنّة وتتفرّق في الجنّة ، وعليّ عليه‌السلام على كرسي من نور يجري بين يديه التسنيم (١) ، لا يجوز أحد على الصراط إلاّ معه براءة بولايته وولاية أهل بيته ، يشرف على الجنّة فيدخل محبّيه الجنّة ومبغضيه النار (٢) .

و منه عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوّل من اتّخذ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أخاً من أهل السماء إسرافيل ، ثمّ ميكائيل ، ثمّ جبرئيل ، وأوّل من أحبّه من أهل السماء حملة العرش ، ثمّ رضوان خازن الجنّة ، ثمّ ملك الموت وإنّ ملك الموت يترحّم على محبّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام كما يترحّم على الأنبياء عليهم‌السلام (٣) .

و منه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحبّ علياً قبل الله صلاته وصيامه وقيامه ، واستجاب دعاءه ، ألا ومن أحبّ علياً أعطاه الله بكلّ عرق في بدنه مدينة في الجنّة ألا ومن أحبّ آل محمد أمن من الحساب والميزان والصراط ، ألا ومن مات على حب آل محمد فأنا كفيله بالجنة مع الأنبياء ، ألا ومن أبغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله تعالى (٤) .

ومن مناقب ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: أقبلت ذات يوم قاصداً إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا أبا سعيد ، قلت: لبيك يا رسول الله ، قال: إن لله عموداً تحت العرش يضيء لأهل الجنّة كما تضيء الشمس لأهل الدنيا ، لا يناله إلاّ عليّ ومحبّوه (٥) .

ـــــــــــــــــ

(١) التسنيم ماء في الجنّة ، سمّى بذلك لأنّه يجري فوق الغرف والقصور ، يقال: تسنّمه إذا علاه .

(٢) المناقب للخوارزمي: ٧١ ح٤٨; عنه كشف الغمة ١: ١٠١; ومائة منقبة: ١٠٧ ح٥٢; والبحار ٣٩: ٢٠٢ .

(٣) المناقب للخوارزمي: ٧١ ح٤٩; عنه كشف الغمة ١: ١٠١; ومائة منقبة: ١١٩ ح٦٤; والبحار ٣٩: ١١٠ ح١٧ .

(٤) المناقب للخوارزمي: ٧٢ ح٥١; عنه كشف الغمة ١: ١٠٢; ومائة منقبة: ١٤٩ ح٩٥; والبحار ٦٨: ٤٠ ح٨٣ .

(٥) راجع البحار ٣٩: ٢٦٩ ح٤٣ عن مناقب ابن مردويه .

٤٧

وروي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما‌السلام أنه قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطان العرش: أين خليفة الله في أرضه ، فيقوم داود النبي عليه‌السلام ، فيأتي النداء من عند الله: لسنا إيّاك أردنا وإن كنت لله تعالى خليفة .

ثمّ ينادي: أين خليفة الله في أرضه ، فيقوم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فيأتي النداء من قبل الله (عَزَّ وجَلَّ) : يا معشر الخلائق ، هذا عليّ بن أبي طالب خليفة الله في أرضه وحجّته على العباد ، فمن تعلّق بحبله في دار الدنيا فليتعلّق بحبله في هذا اليوم ، يستضيء بنوره ، وليتبعه إلى درجات العلى من الجنان .

قال: فيقوم أناس قد تعلّقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنّة ، ثمّ يأتي النداء من عند الله جلّ جلاله : من إئتمّ بإمام فليتبعه إلى حيث يذهب به ، فحينئذٍ ( تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ) (١) .

ومن مناقب الخوارزمي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله (عَزَّ وجَلَّ) منع بني إسرائيل قطر السماء بسوء رأيهم في أنبيائهم ، واختلافهم في دينهم ، وإنّه أخذ هذه الأمة بالسنين ، ومنعهم قطر السماء ببغضهم عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (٢) .

و منه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن لله خلقاً ليسوا من ولد آدم يلعنون مبغض عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال: من هم يا رسول الله قال: هم القنابر ، ينادون في السحر على رءوس الشجر: ألا لعنة الله على مبغض عليّ بن أبي طالب ، بسم الله الرحمن الرحيم ، ( وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ) (٣) .

ـــــــــــــــــ

(١) أمالي الطوسي: ٦٣ ح١ مجلس ٣; عنه البحار ٨: ١٠ ح٣; وكشف الغمة ١: ١٣٩ .

(٢) مناقب ابن المغازلي: ١٤١ ح١٨٦; والبحار ٣٩: ٣٠٩ ح١٢٥; ولم نجده في المصدر .

(٣) مناقب ابن المغازلي: ١٤٢ ح١٨٧; والعمدة: ٣٥٨ ح٦٩٢; ولم نجده في المصدر .

٤٨

و منه عن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ناصب (١) علياً الخلافة بعدي فهو كافر وقد حارب الله ورسوله ، ومن شك في عليّ فهو كافر (٢) .

و منه عن معاوية بن وحيد القشيري (٣) قال: سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليّ عليه‌السلام : يا عليّ ، لا يبالي من مات وهو يبغضك مات يهودياً أو نصرانياً (٤) .

ومن المناقب أيضاً عن أبي سعيد الخدري ، عن سلمان قال : قلت : يا رسول الله لكلّ نبي وصي ، فمن وصيّك؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من وصيّ موسى ؟ قلت: يوشع بن نون ، قال: لِمَ ؟ قلت: لأنّه أعلمهم ، قال: فوصيّي وموضع سرّي وخير من أتركه بعدي ، ينجز عدّتي ويقضي ديني : عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (٥) .

ومن كتاب الأربعين عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا وعليّ حجة الله على عباده (٦) .

ومن كتاب المناقب للخوارزمي و مناقب ابن مردويه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في صحن الدار ورأسه في حجر دحية الكلبي ، فدخل عليّ عليه‌السلام ، فلمّا رآه دحية الكلبي سلّم عليه ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : [السلام عليك] (٧) كيف أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقال: بخير يا أخا رسول الله ، فقال له عليّ عليه‌السلام : جزاك الله عنّا أهل البيت خيراً .

ـــــــــــــــــ

(١) في "ج": غصب .

(٢) مناقب ابن المغازلي: ٤٥ ح٦٨; والطرائف: ٢٣ ح١٨; ولم نجده في المصدر .

(٣) في "الف": القرشي ، وفي المناقب لابن المغازلي: معاوية بن حَيْدة .

(٤) مناقب ابن المغازلي: ٥٠ ح٧٤; والبحار ٢٧: ٧٩ ح١٦; ولم نجده في المصدر .

(٥) كشف الغمة ١: ١٥٥; والبحار ٣٨: ١١ ح١٧; ولم نجده في المصدر .

(٦) كشف الغمة ١: ١٦١; عنه البحار ٣٨: ١٣٨ ح٩٨; عن الأربعين للحافظ أبي بكر محمد بن أبي نصر اللفتواني .

(٧) أثبتناه من "ب" و "ج" .

٤٩

فقال له دحية: إنّي أحبّك ، وإنّ لك عندي مدحة أزفها إليك ، أنت أمير المؤمنين ، لواء الحمد بيدك يوم القيامة ، تزف أنت وشيعتك إلى الجنان ، أفلح من تولاّك وخسر من تخلاّك (١) ، أدن منّي يا صفوة الله وخذ رأس ابن عمك فأنت أحقّ به منّي .

فأخذ عليّ عليه‌السلام رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوضعه في حجره ، فانتبه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال: ما هذه الهمهمة ؟ فأخبره عليّ عليه‌السلام ، فقال له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لم يكن دحية الكلبي ، وإنّما هو جبرئيل ، يا علي سمّاك باسم سمّاك الله به (٢) .

ومن المناقب قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما أسري بي إلى السماء ثمّ من السماء إلى سدرة المنتهى وقفت بين يدي الله (عَزَّ وجَلَّ) ، فقال: يا محمد ، فقلت: لبيك وسعديك ، قال: قد بلوت خلقي فأيّهم رأيت أطوع لك؟ قلت: يا ربّ ، علياً ، قال: صدقت يا محمد ، فهل اتّخذت لنفسك خليفة يؤدّي عنك ، ويعلّم عبادي من كتابي ما لا يعلمون؟

قال: قلت: ربّي اختر لي فإنّ خيرتك خيرتي ، قال: قد اخترت لك علياً فاتّخذه لنفسك خليفة ووصياً ، ونحلته علمي وحلمي ، وهو أمير المؤمنين حقّاً ، لم ينلها (٣) أحد قبله وليست لأحد بعده ، يا محمد عليّ راية الهدى ، وإمام من أطاعني ، ونور أوليائي ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتّقين من أحبّه فقد أحبّني ، ومن أبغضه فقد أبغضني لولا عليّ لم يكونوا (٤) حزبي ولا أوليائي (٥) .

ـــــــــــــــــ

(١) في "ب" و "ج": عاداك .

(٢) مناقب الخوارزمي: ٣٢٢ ح٣٢٩; عنه كشف الغمة ١: ٣٥٠; والبحار ٣٩: ٩٦ ح٨ .

(٣) في "ج": لم يبلغها .

(٤) في "ج": لم يعرف .

(٥) مناقب الخوارزمي: ٣٠٣ ح٢٩٩; عنه كشف الغمة ١: ٣٥٥; والبحار ٤٠: ١٣ ح٢٨ .

٥٠

فصل : [في جهادهعليه‌السلام ]

ومن فضائله عليه‌السلام انّه كان قويّ البأس ، رابط الجأش ، سيف الله وكاشف الكرب عن وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تعجبت الملائكة من حملاته على المشركين ، ابتلى بجهاد الكفّار والمارقين والقاسطين والناكثين .

وروى أحمد بن حنبل في مسنده قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبعثه بالراية ، جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن شماله ، لا ينصرفا حتّى يُفتح له (١) .

ونقل الواقدي (٢) قال: إن علياً عليه‌السلام وطلحة والعباس افتخروا ، فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفاتيحه ، وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها ، فقال عليّ عليه‌السلام : (لا أدري ما تقولان ، لقد صلّيت ستّة أشهر قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد) ، فأنزل الله تعالى عليهم: ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ ) إلى قوله: ( أَجْرٌ عَظِيمٌ ) (٣) (٤) .

فصدّق الله علياً عليه‌السلام في دعواه ، وشهد له بالإيمان والمهاجرة والجهاد والزكاة ، ورفع قدره بما نزل فيه وأعلاه ، وكم له من المزايا التي لم يبلغها أحد سواه .

وأمّا مواقف جهاده ، ومواطن جدّه واجتهاده فمنها ما كان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومنها ما تولاّه على انفراده ، أمّا الأولى وهي الغزوات التي كانت أيّام

ـــــــــــــــــ

(١) مسند أحمد ١: ١٩٩ ح١٧٢١; عنه كشف الغمة ١: ١٧٨; وكشف اليقين: ١٢٣ .

(٢) لعلّه الواحدي .

(٣) التوبة: ١٩ـ٢٢ .

(٤) راجع أسباب النزول: ١٣٩; عنه نور الأبصار: ١٥٧; وكشف الغمة ١: ١٧٩; وكشف اليقين: ١٢٣; والطرائف: ٥٠; والعمدة: ١٩٣; ومناقب ابن شهر آشوب ٢: ٦٩ .

٥١

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكثير يطول بذكرها الكتاب ، ولنذكر منها خمس غزوات من مشاهرها وأعلاها ، ومن أعظمها وأقواها .

الأولى : غزاة بدر .

وبدر اسم موضع بين مكة وبين المدينة ، وكانت الواقعة عنده ، وهذه الغزاة هي الداهية العظمى التي هدّت قوى الشرك ، وقذفت طواغيته في قليب الهلكة ، ودوّخت مردة الكفّار ، وسقتهم كاسات البوار ، وهي أوّل حرب كان به الامتحان ، وأراد فريق من المسلمين التأخّر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لخوفهم وكراهيتهم لها على ما نطق به القرآن ، حيث يقول جلّ اسمه: ( كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ) (١) .

فيومها اليوم الذي لم يأت الدهر بمثله ، وكان فضل الله فيه من أحسن فضله ، إذ أنزل فيه الملائكة الكرام لنصر رسوله تفضيلاً له على جميع رسله ، وعليّ عليه‌السلام فارس تلك الملحمة ، فما تعد الأسد الغضاب (٢) بشسع نعله ، ويسعر تلك الحروب العوان ، ينصب على الأعداء انصباب السحاب ووبله ، ونار سطوته تتسعّر تسعّر النار في دقيق الغضا وجزله .

وهذه الغزاة كانت على رأس ثمانية عشر شهراً من قدومه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة ، وعمر عليّ عليه‌السلام سبع وعشرين سنة ، وكان من جملة خبرها أن المشركين حضروا بدراً مصرّين على القتال ، مشتهرين بكثرة الأموال والأبطال والعدد والرجال ، والمسلمون إذ ذاك نفر يسير ضعيف ، كما قال تعالى: ( وَلَقَدْ

ـــــــــــــــــ

(١) الأنفال: ٥ـ٦ .

(٢) في "ب": الغضبان .

٥٢

نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ) (١) .

قال بعضهم : سمعت علياً عليه‌السلام يقول : لقد حضرنا بدراً وما فينا فارس إلاّ المقداد بن الأسود الكندي ، لقد كنّا ليلة بدر وما فينا إلاّ من نام سوى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّه كان في أصل شجرة يدعو ويصلّي إلى الصباح (٢) .

وروي أنّه لما أصبح الناس يوم بدر اصطفّت قريش ، أمامها عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة وابنه الوليد ، فنادى عتبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا محمد اخرج لنا أكفّاءنا من قريش ، فبدر إليهم ثلاثة من شبّان الأنصار ، فمنعهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال لهم: إنّ القوم دعوا الأكفّاء منهم .

ثمّ أمر علياً عليه‌السلام بالبراز إليهم ، وبعث معه حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحرث رحمهما الله ، فلمّا اصطفّوا قال مشركوا قريش: من أنتم؟ فانتسبوا إليهم ، ونشبت بينهم الحرب ، فوقف عليّ عليه‌السلام للمبارزة (٣) ، فبارزه الوليد بن عتبة وكان شجاعاً جريئاً ، فاختلفا بينهما ضربتين ، فأخطأت ضربة الوليد ، واتّقى بيده اليسرى ضربة (٤) أمير المؤمنين عليه‌السلام فأبانها .

وروي أنّه عليه‌السلام كان يذكر بدراً وقتله الوليد ، فقال في حديثه: كأنّي أنظر إلى وميض خاتمه في شماله ، ثمّ ضربته أخرى فصرعته وسلبته ، فرأيت به درعاً من خلوق ، فعلمت أنّه قريب عهد بعرس (٥) .

ثمّ بارزه العاص بن سعيد بن العاص بعد أن أحجم عنه الناس ، لأنّه كان

ـــــــــــــــــ

(١) آل عمران: ١٢٣ .

(٢) كشف الغمة ١: ١٨٤; وارشاد المفيد: ٤٠; عنه البحار ١٩: ٢٧٩ ح١٧ .

(٣) في "ب": للمحاربة .

(٤) في "ج": فضربه .

(٥) كشف الغمة ١: ١٨٥; ونور الأبصار: ١٧٦; والبحار ١٩: ٢٧٩ .

٥٣

هولاً عظيماً فقتله ، وقال عمر بن الخطاب: مررت بالعاص بن سعيد يوم بدر فرأيته يبحث برجله للقتال كما يبحث الثور بقرنه ، وإذا شدقاه قد أزبدا كالوزغ ، فهبته ورعت (١) عنه ، فقال لي: إلى أين يا ابن الخطّاب؟ فقال له عليّ عليه‌السلام : دعه وخذني إليك يا ابن العاص ، قال عمر: فاختلفا ضرباً فما برحت من مكاني حتّى قتله عليّ عليه‌السلام (٢) .

إذا اشتبكت دموع في خدود

تبيّن من بكى ممّن تباكى

ثمّ برز إليه حنظلة بن أبي سفيان ، فلمّا دنا منه ضربه أمير المؤمنين عليه‌السلام ضربة بالسيف أسالت عينيه ، ولزم الأرض قتيلاً .

ثمّ برز إليه طعمة بن عدي فقتله ، ثمّ برز إليه نوفل بن خويلد وكان من شياطين قريش ، وكانت تعظّمه وتقدّمه وتطيعه ، وكان قد قرن أبا بكر وطلحة قبل الهجرة بمكّة في قرن واحد ، وأوثقهما بحبل وعذّبهما يوماً إلى الليل حتّى سئل في أمرهما فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما عرف بحضور نوفل بدراً: اللّهمّ اكفني نوفلاً ، فقصده أمير المؤمنين عليه‌السلام ثمّ ضربه بالسيف ، فنشب في بيضته ، فانتزعه ثمّ ضرب به ساقه وكانت درعه مشمرّة فقطعها ، ثمّ أجهز عليه فقتله ، فلمّا عاد إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمعه يقول: من له علم بنوفل ؟ فقال علي عليه‌السلام : أنا قتلته يا رسول الله ، فكبّر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال: الحمد لله الذي أجاب دعوتي (٣) .

ولم يزل عليّ عليه‌السلام يقتل واحداً بعد واحد من أبطال المشركين حتّى قتل بانفراده نصف المقتولين ، وقتل المسلمون كافة وثلاثة آلاف من الملائكة

ـــــــــــــــــ

(١) في "ب": رغبت .

(٢) كشف الغمة ١: ١٨٦; وإرشاد المفيد: ٤٢; عنه البحار ١٩: ٢٨١ ح١٨ .

(٣) كشف الغمة ١: ١٨٦; وكشف اليقين: ١٢٥; وإرشاد المفيد: ٤٢; عنه البحار ١٩: ٢٨١ ح١٨ .

٥٤

مسوّمين النصف الآخر ، وشاركهم عليّ عليه‌السلام فيه أيضاً ، ثمّ رمى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باقي القوم بكفّ من الحصى وقال: شاهت الوجوه ، فانهزموا جميعاً .

فهذه الغزاة العظمى على ما شرحناه كانت عبارة عنهعليه‌السلام ، وما أحقّه بقول القائل:

لك خلّتان(١) مسالماً ومحارباً

بالعدل منك وسيفك المخضوب

فرّقت ما بين الذوائب والطلا

وجمعت ما بين الطلا والذيب

الثانية : غزاة أُحد .

وكانت في شوال ، ولم يبلغ عمر أمير المؤمنين عليه‌السلام تسعاً وعشرين سنة ، وأحد جبل عظيم قريب من المدينة ، وكانت هذه الغزاة عنده ، وسببها أنّ قريشاً لمّا كسروا يوم بدر ، وقُتل بعضهم وأُسر بعضهم ، جزعوا لقتل رؤسائهم فتجمّعوا وبذلوا الأموال وجيّشوا الجيوش ، وتولّى ذلك أبو سفيان ، وقصدوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين بالمدينة .

فخرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمسلمين ، ودخل النفاق والشك والريب بين جماعة منهم ، فرجع قريب من ثلثهم إلى المدينة ، وبقى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سبعمئة من المسلمين ، كما حكاه الله سبحانه وتعالى: ( وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٢) الآيات .

وصفّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسلمين صفّاً طويلاً ، وجعل على الشعب خمسين رجلاً من الأنصار ، وأمّر عليهم رجلاً منهم وقال لهم: لا تبرحوا من

ـــــــــــــــــ

(١) في "ج": حالتان .

(٢) آل عمران: ١٢١ .

٥٥

مكانكم وإن قُتلنا عن آخرنا ، فإنّما نؤتى من موضعكم .

واشتدّت الحرب ودارت رحاها ولواء المسلمين بيد عليّ عليه‌السلام ، وهو قدّام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يضربهم بسيفه بين يديه ، ولواء الكفّار بيد طلحة بن أبي طلحة العبدي من بني عبد الدار ، وكان يُسمّى كبش الكتيبة ، فتلاقى هو وعلي عليه‌السلام وتقاربا ، واختلفت بينهما ضربتان ، فضربه عليّ عليه‌السلام على مقدّم رأسه فبدرت عينه وصاح صيحة عظيمة ، وسقط اللواء من يده ، وأخذه آخر من بني عبد الدار فقتله .

ولم يزل عليه‌السلام يقتل واحداً بعد واحد حتّى قتل منهم سبعة ، ثمّ أخذ اللواء عبدٌ لهم اسمه صواب ، وكان من أشدّ الناس ، فضرب عليّ عليه‌السلام يده [اليمنى] (١) فقطعها ، فأخذ اللواء بيده اليسرى فضربه عليها فقطعها ، فأخذ اللواء على صدره وجمع ساعديه عليه ويداه مقطوعتان ، فضربه عليّ عليه‌السلام على رأسه فسقط صريعاً وانهزم القوم ، وأكبّ المسلمون على الغنائم .

ورأى أصحاب الشعب الناس يغتنمون ، فخافوا فوات الغنيمة ، فاستأذنوا رئيسهم في أخذ الغنائم فقال: إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمرني أن لا أبرح من موضعي (٢) هذا ، فقالوا: إنّما قال ذلك وهو لا يدري أن الأمر يبلغ ما ترى ، ومالوا إلى الغنائم وتركوه .

فحمل عليه خالد بن الوليد فقتله ، وجاء من ظهر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنظر إليه وقد حفّ به أصحابه ، فقال لمن معه: دونكم هذا الذي تطلبون ، فحملوا عليه حملة رجل واحد ضرباً بالسيوف ، وطعناً بالرماح ، ورمياً بالنبال ، ورضخاً بالحجارة .

ـــــــــــــــــ

(١) أثبتناه من "ج" .

(٢) في "ج": مكاني .

٥٦

وجعل أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقاتلون عنه حتّى قُتل منهم سبعون رجلاً ، وانهزم الباقون ، وبقي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما زال من موضعه شبراً واحداً ، وباشر القتال بنفسه ، ورمىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى فنيت نباله ، وكان تارة يرمي بقوسه وتارة يرمي بالحجارة .

وأصاب عتبة بن أبي وقاص بشفتيه ورباعيته ، وضرب ابن قميّة على كريمته الشريفة ، فلم يصنع سيفه شيئاً إلاّ وهن الضربة بثقل السيف ، ثمّ وقع صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حفرة مغشيّاً عليه وحجب الله أبصار المشركين عنه ، وصاح صائح بالمدينة: قُتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فاختلفت (١) القلوب وخرجت فاطمة (صلوات الله وسلامه عليها) صارخة .

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لمّا انهزم الناس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحقني من الجزع ما لم أملك نفسي ، وكنت أمامه أضرب بسيفي المشركين ، فرجعت أطلبه فلم أره ، فقلت: ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليفر ، وما رأيته في القتلى وأظنّه رفع من بيننا إلى السماء فكسرت جفن سيفي وقلت: لأُقاتلنّ به حتّى أُقتل ، وحملت على القوم فأفرجوا ، فإذا أنا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد وقع مغشيّاً عليه ، فنظر إليّ وقال: ما فعل الناس يا عليّ ؟ فقلت: كفروا يا رسول الله وولّوا الدبر وأسلموك إلى عدوّك ، فنظر إلى كتيبة قد أقبلت فقال: ردهم عنّي ، فحملت عليهم أضربهم يميناً وشمالاً حتّى قتلت منهم هشام بن أمية المخزومي وانهزم الباقون وأقبلت كتيبة أخرى فقال لي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : احمل على هذه ، فحملت عليهم وقتلت منهم عمر بن عبد الله الجمحي وانهزموا أيضاً ، وجاءت أخرى فحملت عليها وقتلت منها بشر بن مالك العامري وانهزموا .

ـــــــــــــــــ

(١) في "ج": فانخلعت .

٥٧

ولم يزل عليه‌السلام يُقاتل في ذلك اليوم ويفرّق جموع القوم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى أصابه في رأسه ووجهه وبدنه سبعون جراحة وهو قائم وحده بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يغفل عنه طرفة عين ، فقال له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عليّ أما تسمع مديحك في السماء ، إنّ ملكاً اسمه رضوان ينادي بين الملائكة :

لا سيف إلاّ ذو الفقار

ولا فتى إلاّ عليّ (١)

ورجع الناس إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان جبرئيل عليه‌السلام يعرج إلى السماء في ذلك اليوم وهو يقول: "لا سيف إلاّ ذو الفقار ، ولا فتى إلاّ عليّ" وسمعه الناس كلّهم ، وقال جبرئيل عليه‌السلام : يا رسول الله ، قد عجبت الملائكة من حسن مواساة أمير المؤمنين عليّ لك بنفسه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما يمنعه من ذلك وهو منّي وأنا منه ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : وأنا منكما (٢) .

وذكر أهل السير قتلى أحد من المشركين ، فكان جمهورهم مقتولين بسيف أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكان الفتح له وسلامة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المشركين بسببه (٣) ، ورجوع الناس إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمقامه وثباته يذبّ عنه بسيفه دونهم ، ويبذل نفسه العزيزة في نصرته ، وتوجّه العتاب من الله تعالى إلى جميعهم لموضع الهزيمة ، والملائكة في السماء مشغولون بمدحه ، متعجّبون من مقامه وثباته وسطوته ، فصلّى الله على مجهول القدر .

الثالثة : غزاة الأحزاب .

وهي غزاة الخندق ، وبيانها: أن جماعة من اليهود جاءوا إلى أبي سفيان

ـــــــــــــــــ

(١) إرشاد المفيد: ٤٦; عنه البحار ٢٠: ٨٦ ح١٧; ونحوه كشف الغمة ١: ١٩٤ .

(٢) إرشاد المفيد: ٤٦; عنه البحار ٢٠: ٨٥ ح١٧ .

(٣) في "ج": بسبب سيفه .

٥٨

لعلمهم بعداوته للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسألوه المعونة ، فأجابهم وجمع لهم قريشاً وأتباعها من كنانة وتهامة وغطفان وأتباعها من أهل نجد ، واتّفق المشركون مع اليهود ، وأقبلوا بجمع عظيم ، ونزلوا من فوق المسلمين ومن أسفلهم ، كما قال الله تعالى: ( إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ) (١) .

فاشتدّ الأمر على المسلمين ، وكان سلمان (رضي الله عنه) قد أشار بحفر الخندق ، فَحُفِرَ وخرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمسلمين وهم ثلاثة آلاف والمشركون مع اليهود يزيدون على عشرين ألفاً ، وجعلوا الخندق بينهم وبين المسلمين .

وركب عمرو بن عبدود ومعه فوارس من قريش وأقبلوا حتّى وقفوا على أضيق مكان في الخندق ، ثمّ ضربوا خيلهم فاقتحمته وصاروا بين الخندق والمسلمين ، فخرج إليهم عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فقال عمرو: هل من مبارز ؟ فقال عليّ عليه‌السلام : أنا له يا رسول الله ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّه عمرو ، فسكت .

فقال عمرو: هل من مبارز؟ فقال عليّ عليه‌السلام : أنا له يا رسول الله ، فقال: إنّه عمرو ، فسكت ، ونادى عمرو ثالثة فقال علي عليه‌السلام : أنا له يا رسول الله ، فقال: إنّه عمرو ، فسكت ، وكلّ ذلك يقوم عليّ عليه‌السلام فيأمره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالثبات انتظاراً لحركة غيره من المسلمين ، وكأنّ على رؤوسهم الطير لخوفهم من عمرو .

وطال نداء عمرو بطلب المبارزة ، وتتابع قيام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فلمّا لم يقدم أحد من الصحابة قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أُدن منّي يا عليّ ، فدنا منه ، فنزع عمامته من رأسه وعمّمه بها وأعطاه سيفه وقال: امض لشأنك ، ودعا له ثمّ

ـــــــــــــــــ

(١) الأحزاب: ١٠ .

٥٩

قال: برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه .

فسعى عليّ عليه‌السلام نحو عمرو حتّى انتهى إليه ، فقال له: يا عمرو إنّك كنت تقول: لا يدعوني أحد إلى ثلاث إلاّ قبلتها أو واحدة منها ، قال: أجل ، قال عليه‌السلام : إنّي أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، وأن تسلم لربّ العالمين .

قال: يا ابن أخي أخّر هذا عنّي ، فقال عليه‌السلام : أما أنّها خير لك لو أخذتها ، ثمّ قال عليه‌السلام : هاهنا أخرى ، قال: وما هي؟ قال عليه‌السلام : ترجع من حيث أتيت ، قال: لا ، تحدّث (١) نساء قريش عنّي بذلك أبداً ، قال عليه‌السلام : فهاهنا أخرى ، قال: وما هي؟ قال عليه‌السلام : أبارزك وتبارزني .

فضحك عمرو وقال: إنّ هذه الخصلة ما كنت أظنّ أحداً من العرب يطلبها منّي ، وأنا أكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك ، وقد كان أبوك نديماً لي ، فقال عليه‌السلام : وأنا كذلك ، ولكنّي أحب أن أقتلك ما دمت أبيّاً للحق .

فحمى عمرو ونزل عن فرسه وضرب وجهه حتّى نفر ، وأقبل على أمير المؤمنين عليه‌السلام مصلتاً سيفه وبدره بضربة ، فنشب السيف في ترس عليّ عليه‌السلام ، فضربه أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢) .

قال جابر الأنصاري رحمه‌الله : وتجاولا وثارت بينهما فترة ، وبقيا ساعة طويلة لم أرهما ولا سمعت (٣) لهما صوتاً ، ثمّ سمعنا التكبير فعلمنا أنّ علياً عليه‌السلام قد قتله ، وسرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سروراً عظيماً لما سمع صوت أمير المؤمنين عليه‌السلام بالتكبير ، وكبّر وسجد لله تعالى شكراً ، وانكشف الغبار وعبر أصحاب عمرو الخندق ، وانهزم عكرمة بن أبي جهل وباقي المشركين ، فكانوا كما

ـــــــــــــــــ

(١) في بعض المصادر: إذاً تتحدّث ، وفي بعضها الاخر: لا تتحدّث .

(٢) كشف اليقين: ١٣٣; وكشف الغمة ١: ٢٠٣; وارشاد المفيد: ٥٣ و٥٤; عنه البحار ٢٠: ٢٥٥ ح١٩ .

(٣) في "ج": لم نرهما ولا سمعنا لهما .

٦٠