مرآة العقول الجزء ٤

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 380

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 380
المشاهدات: 19604
تحميل: 7979


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19604 / تحميل: 7979
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 4

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

على ما حدَّثناكم [ به ] فقولوا صدق الله وإذا حدَّثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدّثناكم به فقولوا : صدق الله تؤجروا مرَّتين.

٦ - محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عن السيّاري ، عن الحسن بن عليّ بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن أبيه عليّ بن يقطين قال : قال : لي أبو - الحسنعليه‌السلام : الشيعة تربّى بالأمانيّ منذ مائتي سنة : قال : وقال : يقطين لابنه علي

________________________________________________________

وعلى هذا الأخير دلّت الأخبار الكثيرة منّا ومن المخالفين فيكون من الأخبار البدائيّة ، فكان الميعاد واقعاً أربعين ليلة ، وأخبر موسى بثلاثين ثمَّ زاد فيها عشراً لامتحان القوم وشدّة التكليف عليهم ، أو واعد الله موسى أربعين وأمره أن يخبر قومه بما في لوح المحو والإثبات ثلاثين لـمّا ذكرنا ، فاستشهدعليه‌السلام بذلك على انّه يجوز أن نخبر في أمرّ القائمعليه‌السلام بشيء من كتاب المحو والإثبات ، ثمَّ يتغيّر ذلك فيجيء على خلاف ما حدّثناكم به فلا تكذّبونا بذلك وقولوا صدق الله ، لانّه كان الخبر عن كتاب المحو والإثبات ، وكان ما كتب فيه مشروطاً بشرطه فقد صدق الله وصدق من أخبر عن الله.

و إنّما يؤجرون مرّتين لايمانهم بصدقهم أوّلاً ، وثباتهم عليه بعد ظهور خلاف ما أخبروا به ثانياً ، أو لكون هذا التّصديق صعباً على النفس فلذا يتضاعف أجرهم ، وهذا إحدى الحكم في البداء ، فإنّ تشديد التكليف موجب لعظيم الأجر.

الحديث السادس : ضعيف.

« تربّى » على بناء المفعول من التفعيل من التربية ، أي تصلح أحوالهم وتثبت قلوبهم على الحقَّ بالأمانّي بأن يقال : لهم الفرج ما أقربّه وما أعجله فإنّ كلّ ما هو آت فهو قريب ، كما قال : تعالى : «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ » أو بأن يخبروا بالأخبار البدائيّة لئلّا ييأسوا ويرجعوا عن الحقَّ ، والأمانّي جمع الأمنيّة وهو رجاء المحبوب أو الوعدّ به.

« منذ » مبنيّاً على الضمّ حرف جرّ بمعنى من ، وفيه إشكال وهو أنّ صدور

١٨١

________________________________________________________

الخبر لو كان في أواخر زمان الكاظمعليه‌السلام كان أنقص من المائتين بكثير ، إذ وفاتهعليه‌السلام كان في سنة ثلاث وثمانين ومائة فكيف إذا كان قبل ذلك.

ويمكن أن يجاب عنه بوجوه :

الأوّل : أن يكون مبنيّاً على ما ذكرنا سابقاً من أنّ قواعد أهل الحساب إتمام الكسور إن كانت أزيد من النصف ، وإسقاطها إن كانت أقلّ منه ، فلـمّا كانت المائة الثانية تجاوزت عن النصف عدّت كاملة.

الثاني : أن يكون ابتدائهما من أوّل البعثة فانّه من هذا الزّمان شرع بالأخبار بالأئمّةعليهم‌السلام ومدّة ظهورهم وخفائهم ، فيكون على بعض التقادير قريباً من المائتين ولو كان كسرّ في العشر الأخير يستقيم على القاعدَّة السّابقة.

الثالث : أن يكون المراد التربية في الزّمان السابق واللاحقَّ معا ، ولذا أتى بالمضارع ، ويكون الابتداء من الهجرة فينتهي إلى ظهور أمرّ الرضاعليه‌السلام ، وولاية عهده ، وضرب الدنانير باسمه الشريف ، فإنّها كانت في سنة المائتين ، بأن يكونوا وعدوهم الفرج في ذلك الزّمان ، فانّه قد حصلت لهم رفاهيّة عظيمة فيه أو وعدوهم الفرج الكامل فبدا لله فيه كما مرّ.

الرابع : أن يكون تربّى على الوجه المذكور في الثالث شاملا للماضي والآتي ، لكن يكون ابتداء التربية بعد شهادة الحسين صلوات الله عليه ، فإنها كانت البلية العظمى والطّامّة الكبرى ، وعندها كانت الشيعة يحتاجون إلى التّسلية والأمنيّة لئلّا يزالوا ، وانتهاء المائتين أوّل إمامة القائمعليه‌السلام ، وهذا مطابق للمأتين بلا كسرّ إذ كانت شهادة الحسينعليه‌السلام في أوّل سنة إحدى وستين ، وإمامة القائمعليه‌السلام وابتداء غيبته الصّغرى لثمان خلون من ربيع الأوّل سنة ستّين ومائتين.

وإنّما جعل هذا غاية التمنية والتربية لوجهين :

الأوّل : أنّهم لا يرون بعد ذلك إماماً يمنّيهم.

١٨٢

ابن يقطين : ما بالنا قيل لنا فكان وقيل لكم فلم يكن قال فقال : له عليّ : إنَّ الّذي قيل لنا ولكم كان من مخرج واحد غير أن أمركم حضر فأعطيتم محضه ، فكان كما قيل لكم وإنَّ أمرنا لم يحضر فعلّلنا بالأمانّي فلو قيل لنا : إنّ هذا

________________________________________________________

والثاني : أنّهم بعد علمهم بوجود المهديعليه‌السلام يقوّى رجاؤهم ، فهم ينتظرون ظهوره ويرجون قيامه صباحاً ومساءاً ، فهذا وجه متين خطر بالبال مع الوجهين الأولين فخذها وكن من الشاكرين ، وقل من تعرض للإشكال وحلّه من الناظرين.

« قال : وقال : » ضمير قال : أولا لحسين بن عليّ ، ويقطين كان من شيعة بنيّ العبّاس وابنه عليّ كان من شيعة أهل البيتعليهم‌السلام ، فقوله : قيل لنا ، أي قال : أئمتكم في خلافة بنيّ العبّاس وأخبروا عنها ، فكان ووقع ، وقالوا لكم في قرب الفرج وظهور إمام الحقَّ فلم يقع ، فحمل القرب على القرب القريب ، ولم يكن أرادواعليهم‌السلام ذلك ، بل أرادوا تحقق وقوعه مع أنّ القرب أمر إضافيّ فكل بعيد قريب بالنسبة إلى ما هو أبعد منه.

ويحتمل أن يكون مراده ما صدر عنهم من الأخبار البدائيّة فتخلّف ظاهراً ، والأوّل أوفق بالجواب.

وقيل : ما قيل ليقطين انّما كان الإخبار بالإمام المستتر بعد الإمام المستتر ، وما قيل لابنه انّما كان الإخبار بالإمام الظّاهر بعد الإمام المستتر كما يستفاد من الجواب ، انتهى ولا يخفى ما فيه.

« من مخرج واحد » أي انّما ذكروه ممّا استنبطوه من القرآن ووصل إليهم من الرّسول ، وألقى إليهم روح القدس ، وبالجملة كلها من عند الله تعالى « غير أن أمركم » أي أمرّ خلافة بني العبّاس حضر وقته ، فأخبروكم بمحضه أي خالصة بتعيين الوقت والمدة من غير إبهام وإجمال « وانّ أمرنا لم يحضر » وقته « فعللنا » على بناء المفعول من التفعيل من قولهم علل الصبيّ بطعام أو غيره إذا شغله به ، وكونه من

١٨٣

الأمر لا يكون إلّا إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة لقست القلوب ولرجع عامّة الناس عن الإسلام ولكن قالوا : ما أسرعه وما أقربه تألّفاً لقلوب الناس وتقريباً للفرج.

٧ - الحسين بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد ، عن القاسم بن إسماعيل الأنباريّ ، عن الحسن بن عليّ ، عن إبراهيم بن مهزم ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ذكرنا عنده ملوك آل فلان فقال : انّما هلك الناس من استعجالهم لهذا الأمر إن الله لا يعجلّ لعجلة العباد إن لهذا الأمر غايةٌ ينتهي إليها ، فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة ولم يستأخروا.

________________________________________________________

العلّ بعد النهل أي الشرب بعد الشرب كناية عن التكرار كما توهّم بعيد.

وقوله : عن الإسلام ، إشارة إلى شرك المخالفين « وتقريباً للفرج » أي حدّاً للفرج قريباً ، وهذا الّذي ذكره على وجه متين أخذه منهمعليهم‌السلام ، كما روى الصّدوق في كتاب العلل بإسناده عن عليّ بن يقطين قال : قلت لأبي الحسن موسىعليه‌السلام : ما بال ما روي فيكم من الملاحم ليس كما روي؟ وما روي في أعاديكم قد صحّ؟ فقال :عليه‌السلام : إن الّذي خرج في أعدائنا كان من الحقَّ فكان كما قيل ، وأنتم عللتم بالامانيّ فخرج إليكم كما خرج.

الحديث السابع : ضعيف « ملوك آل فلان » أي بنيّ العبّاس ، أي كنّا نرجو أن يكون انقراض دولة بني أميّة متّصلاً بدولتكم ، ولم يكن كذلك ، وحدثت دولة بنيّ العبّاس أو ذكرنا قوّة ملكهم وشدّته ، أو انّه هل يمكن السّعي في إزالته.

« إنّما هلك النّاس » أي الّذين يخرجون في دولة الباطل قبل انقضاء مدّتها كزيد ومحمّد وإبراهيم وأضرابهم « لهذا الأمر » أي لغلبة الحقَّ أو لإزالة دولة الباطل « فلو قد بلغوها » أي أهل الحقَّ أو أهل دولة الباطل « لم يستقدموا » أي لم يتقدّموا « ساعة » ولم يتأخّروا ساعة ، إشارة إلى قوله تعالى : «فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ »(١) .

__________________

(١) سورة الأعراف : ٣٤.

١٨٤

( باب التمحيص والامتحان )

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن يعقوب السرَّاج وعليّ بن رئاب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنَّ أمير المؤمنينعليه‌السلام لـمّا بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر وخطب بخطبة ذكرها يقول فيها : ألا إنَّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم

________________________________________________________

قال البيضاوي : أي لا يتقدّمون ولا يتأخّرون أقصر وقت ، أو لا يطلبون التأخّر والتقدّم لشدّة الهول.

باب التمحيص والامتحان

أقول : التمحيص ابتلاء الإنسان واختباره ليتميّز جيّده من رديّه ، من محّصت الذّهب بالنّار إذا خلّصته ، والامتحان الاختبار بالمحنة ، وهي ما يمتحن به الإنسان من بليّة ومشقّة وتكليف صعب من محنت البئر إذا أخرجت ترابها وطينها ليبقى ماؤها خالصاً صافياً ، وهو في حقّه تعالى مجاز كما عرفت مراراً.

الحديث الأوّل : حسن.

والمقتل مصدر ميميّ والضمير في « ذكرها » لأبي عبد اللهعليه‌السلام « الا إنّ بليتّكم قد عادت » أي إبتلاءكم واختباركم قد عادت ، فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد بعث في زمان ألف الناس بالباطل وجروا عليه ، ونشأوا فيه من عبادة الأصنام وعادات الجاهلية ، ثمَّ النّاس بعد الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجعوا عن الدّين القهقرى إلى الكفر والرّدى ، وتبعوا أئمّة الضّلالة ونسوا عادات الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في القسم بالسّويّة والعدل في الرّعيّة وإقامة شرائع الدّين ، وألفوا بالبدع والأهواء ، فلـمّا أراد أمير المؤمنين صلوات الله عليه ردّهم إلى الحقّ قامت الحروب وعظمت الخطوب ، فعاد ما كان في ابتداء زمان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الفتن العظيمة ، فأشارعليه‌السلام بذلك إلى أنّ الخلفاء الثلاثة كانوا أهل كفر ونفاق ، وانّ أتباعهم كانوا أهل ضلال وشقاق.

وقيل : يعني صرتم أهل الجاهليّة حيارى في دينكم ، مضطرّين إلى من يحملكم

١٨٥

بعث الله نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله والّذي بعثه بالحقّ لتبلبلنَّ بلبلة ولتغربلنّ غربلة ، حتّى يعود

________________________________________________________

على الهدى ويسلك بكم طريق الاستقامة طوعاً وكرهاً كما كنتم حين بعث نبيّكمصلى‌الله‌عليه‌وآله كذلك.

« لتبلبلنّ بلبلة » بلبلة الصّدر وسواسه ، والبلابل هي الهموم والأحزان قال : في النهاية : البلابل الهموم والغموم والبلبلة أيضاً اختلاط الألسنة وتفرّق الآراء ، والظّاهر انّه إشارة إلى ما عرض لهم من تشتّت الآراء والوساوس الشيطانيّة في قتال أهل القبلة ، لا سيّما طلحة والزبير وعائشة وغير ذلك من الأمور الحقّة التي كان يصعب على الناس قبولها ، وما وقع في صفّين بينهم من الاختلاف بعد رفع المصاحف.

وقيل : أشار به إلى ما يوقع بهم بنو اميّة وغيرهم ، والخوارج وأمراء الجور من القتل والأذى ، وما عرض لهم من الهموم والأحزان ، وبلبلة الصّدر وسوسته ومنه حديث عليّعليه‌السلام : لتبلبلنّ ، إلخ.

« ولتغر بلن ّغربلة » غربلت الدّقيق وغيره بالغربال بالكسرّ أي نخلته حتّى يتميّز الجيّد من الرديّ ، وغربلت اللحم قطعته ، وقيل : الغربلة القتل ، والمغربل المقتول المنتفخ ، والأظهر هو المعنى الأوّل ، أي لتميزن بالفتن التي تردّ عليكم حتّى يتميّز خياركم من شراركم كما يميز الجيّد من الردي في الغربال ، وفيه إشارة إلى حكمة تلك الفتن كما قال : تعالى : «أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الّذين مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الّذين صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ »(١) .

أو يكون كناية عن اختلاطهم واضطرابهم بالفتن كما يختلط ما في الغربال بعضه ببعض ، فيكون تأكيداً للفقرة السابقة والأوّل أظهر ، وقيل : أي تذهب خياركم وتبقى أراذلكم وشراركم وهو باعث تسلّط الظّالمين كملوك بنيّ أمية وبنيّ العباس

__________________

(١) سورة العنكبوت : ٢ - ٣.

١٨٦

أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم و ليسبقنَّ سبّاقون كانوا قصّروا ، وليقصّرنَّ

________________________________________________________

وانحطاط المؤمنين ، وهو المراد بقوله : حتّى يصير أسفلكم أعلاكم ، وقيل : لفظ الغربلة مستعار لالتقاط آحادهم بالقتل والأذى كما فعلوا بكثير من الصّحابة والتابعين.

وفي نهج البلاغة وما سيأتي في الروضة بعد ذلك ولتساطنّ سوط القدر حتّى يعود ، والسّوط الخلط وساط القدر بالمسوط والمسواط وهو خشبة يحرك بها ما فيها ليختلط ، والمراد إما الاضطراب بالفتن حتّى يصير الأسفل بحسب الدّين في نظر الناس أعلى وبالعكس أو تصير الفتن سبباً لأن يصير العزيز في الدّين ذليلاً في الدّنيا وبالعكس.

وقيل : أشار به إلى ما يفعله بنو اميّة من خلط بعضهم ببعض ، ورفع أراذلهم وحطّ أكابرهم كما يفعل بالقدر سائطها.

« وليسبقنّ سبّاقون » وفي النهج : سابقون ، الظّاهر أن المراد بمن قصر ثمَّ سبق ، الّذين قعدوا عن نصرتهعليه‌السلام بعد وفاة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ومالوا إلى غيره أو شكوا في أمره ممن كان لهم سوابق في الإسلام أو غيرهم ، ثمَّ هداهم الله إلى المحجّة البيضاء ونصروه في حروبه وأطاعوه في أوامره ونواهيه ، فتسميتهم سبّاقين بالنظر إلى السابق أو لـمّا يؤول إليه الحال ، وبالطائفة الثانية من أبطل سوابقه في الإسلام للتقصير في أمره كطلحة والزبر وأشباههما ، فانّه كانت لهم سوابق في زمن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده أيضاً كانوا مائلين إلى أهل البيتعليهم‌السلام لبعض الأغراض ، ثمَّ رجعوا في زمانّهعليه‌السلام لعدم حصول أمانيهم.

ويحتمل أن يراد كل ّمن انقلب حاله في الأزمنة المستقبلة لتقلّب الأحوال ، وقيل : إشارة إلى سبق من كان قاصراً في أوّل الإسلام عن الخلافة والإمارة في آخر الزّمان إليها ، وتقصير من سبق إليها عن بلوغها ، ولا يخفى بعده.

وقرء بعضهم قصّروا وسبقّوا على بناء المجهول من التفعيل ، وكذا يسبقنّ ويقصرنّ على المجهول من التفعيل من سبّقه إذا عدّه سابقاً ، وقصّره إذا عدّه قاصراً.

١٨٧

سبّاقون كانوا سبقوا ، والله ما كتمت وسمة ولا كذبت كذبة ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم.

٢ - محمّد بن يحيى والحسن بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد ، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري ، عن الحسين بن عليّ ، عن أبي المغرا ، عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ويل لطغاة العرب من أمرّ قد اقترب قلت جعلت فداك كم مع القائم من العرب قال : نفرٌ يسيرٌ ، قلت والله إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير

________________________________________________________

والمعنى أنّ الناس يتّخذون رؤساء جهّالاً يعدّونهم سابقين مع أنّهم كانوا يعدون قاصرين في زمن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويعدّون جماعة كانوا في زمنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سابقين ويعدّون منهم قاصرين ، ولا يخفى بعده أيضاً بل هو أبعد.

« ما كتمت وشمة(١) » قال : في النّهاية والصحاح أي كلمة ، وكذا في النهج بالشين المعجمة ، وفي بعض نسخ الكتاب بالمهملة أي ما سترت علامة تدل على سبيل الحقَّ ولكن عميتم عنها ، ولا يخفى لطف ضم الكتم إلى الوسمة ، فإن الكتم بالتحريك نبت يخلط بالوسمة يخضب به ، لكن الأوّل أصوب.

« ولا كذبت » كضربت « كذبة » بالفتح كما هو المضبوط في النهج ، وورد في اللغة به وبالكسرّ ، وككلمة والتنوين للتحقير ، وربمّا يقرأ كتمت وكذبت على بناء المجهول فيهما ، أي ما كتمني الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا كذبنيّ « ولقد نبّئت » على بناء التفعيل المجهول أي أخبرني الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذا المقام أي بيعة الناس لي بعد اللّتيا واللّتي « وهذا اليوم » أي يوم اجتماع الناس عليّ ، أو مقام الخلافة ويوم البيعة.

الحديث الثاني : ضعيف.

والطّغاة بالضمّ جمع الطّاغي وهو الّذي تجاوز الحدّ في العصيان « من أمر قد اقترب » أي ظهور القائمعليه‌السلام والوصف بالقرب لما مرّ « إنّ من يصف هذا الأمر » أي يدعي الاعتقاد بامامة أئمّة الهدى ويظهره ، ويدلّ على أنّ الغربال المشبه به

__________________

(١) وفي المتن « وسمة » بالسين وسيأتي في كلام الشارح (ره).

١٨٨

قال : لا بدَّ للناس من أن يمحّصوا ويميّزوا ويغربلوا ويستخرج في الغربال خلق كثير.

٣ - محمّد بن يحيى والحسن بن محمّد ، عن جعفر بن محمّد ، عن الحسن بن محمّد الصيرفيّ ، عن جعفر بن محمّد الصيقل ، عن أبيه ، عن منصور قال : قال : لي أبو عبد اللهعليه‌السلام يا منصور إن هذا الأمر لا يأتيكم إلّا بعد إياس ولا والله حتّى تميّزوا ولا والله حتّى تمحّصوا ولا والله حتّى يشقى من يشقى ويسعدّ من يسعد.

٤ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن معمر بن خلّاد قال : سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول «الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ »(١)

________________________________________________________

هو الّذي يخرج الرديّء ويبقى الجيّد في الغربال.

والحاصل أنّ في الفتن الحادثة قبل قيام القائمعليه‌السلام يرتد أكثر العرب عن الدّين.

الحديث الثالث : ضعيف أيضا.

« إلّا بعد إياس » بالفتح أي قنوت لكثرة امتداد زمان الغيبة « حتّى يشقي » أي يرتد عن الدين.

الحديث الرابع : صحيح.

« أن يتركوا » قال : البيضاوي : معناه أحسبوا تركهم غير مفتونين لقولهم آمنّا ، بل يمتحنهم الله بمشاق التكاليف كالمهاجرة والمجاهدة ، ورفض الشهوات ووظائف الطاعات ، وأنواع المصائب في الأنفس والأموال ، ليميز المخلص عن المنافق ، والثابت في الدين من المضطرب فيه ، ولينالوا بالصبر عليها عوالي الدرجات «وَلَقَدْ فَتَنَّا الّذين مِنْ قَبْلِهِمْ » متصلة بأحسب أو بلا يفتنون ، والمعنى إن ذلك سنة قديمة جارية في الأمم كلها ، فلا ينبغي أن يتوقّع خلافه «فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الّذين صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ » أي فليتعلّق علمه بالامتحان تعلّقاً حالياً يتميّز به الّذين صدقوا في الإيمان ، والّذين كذبوا فيه ، وينوط به ثوابهم وعقابهم ، ولذلك قيل : المعنى وليميزنّ أو

__________________

(١) سورة العنكبوت : ٢.

١٨٩

ثمَّ قال : لي ما الفتنة قلت جعلت فداك الّذي عندنا الفتنة في الدين فقال : يفتنون كما يفتن الذهب ثمَّ قال : يخلصون كما يخلص الذهب.

٥ - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن سليمان بن صالح رفعه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قال : إن حديثكم هذا لتشمئزُّ منه قلوب الرّجال فمن أقر به فزيدوه ومن أنكره فذروه انّه لا بد من أن يكون فتنة يسقط فيها كلُّ بطانة ووليجة حتّى يسقط فيها من يشقُّ الشعر بشعرتين حتّى لا يبقى إلّا نحن

________________________________________________________

ليجازينّ ، انتهى.

قوله : والفتنة في الدّين ، أي إحداث شبهة تدعو إلى الخروج عن الإسلام ، وهذا احتراز عن الفتنة في الأموال والأنفس بنقص الثمرات والأمراض والطاعون ونحو ذلك « فقال : يفتنون » تقوية لـمّا قاله الراويّ « كما يفتن الذهب » بالنار لا بقاء الصافي وإذهاب الغش أو الامتحان انّه جيّد أو رديء ، فعلى الأوّل يخلصون على بناء المفعول تفسير للسابق ، في النهاية يقال : فتنة أفتنه فتناً وفتوناً إذا امتحنه.

الحديث الخامس : مرفوع.

وفي المغرب : اشمئزّ الرّجل اشمئزازاً تقبّض ، انتهى.

والمراد بالحديث غرائب أحوالهم وأسرارهم وشؤونهم ، ومنها أمرّ الغيبة وامتدادها ، ووقوع البداء فيها ، بل القدح في الخلفاء الغاصبين وإثبات كفرهم وارتداد أكثر الصّحابة ، فإنها كانت ممّا لا تقبله قلوب أكثر الناس في ذلك الزّمان ، والظّاهر أن المراد بالفتنة الغيبة وامتدادها « يسقط فيها » أي يخرج من الدّين ويزل ويضل « كل بطانة » بطانة الثوب بالكسرّ خلاف ظهارته ، استعيرت هنا لمن كان مخصوصاً بالأئمّةعليهم‌السلام ، وكان محلاً لأسرارهم ، قال : في المغرب : بطانة الرجلّ خاصته مستعارة من بطانة الثوب الباطنة ، وفي النهاية : وليجة الرّجل بطانته ودخلاؤه وخاصّته ، انتهى.

وشقّ الشّعر بشعرتين كناية شايعة بين العرب والعجم عن كمال تدقيق النظر

١٩٠

وشيعتنا.

٦ - محمّد بن الحسن وعليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن سنان ، عن محمّد بن منصور الصيقل ، عن أبيه قال : كنت أنا والحارث بن المغيرة وجماعة من أصحابنا جلوسا وأبو عبد اللهعليه‌السلام يسمع كلامنا فقال : لنا في أي شيء أنتم هيهات هيهات لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتّى تغربلوا لا والله لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتّى تمحصّوا ، لا والله لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا - لا والله ما يكون ما تمدون إليه أعينكم إلّا بعد إياس لا والله لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتّى يشقى من يشقى ويسعدّ من يسعد.

( باب )

( انه من عرف امامه لم يضره تقدم هذا الامر او تأخر )

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال : قال : أبو عبد اللهعليه‌السلام اعرف إمامك فإنّك إذا عرفت لم يضرّك ، تقدّم هذا الأمر أو تأخّر.

________________________________________________________

في الأمور « شيعتنا » أي المخلصون.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

« يسمع كلامنا » كأنّ كلامهم كان في استبطاء ظهور الحقَّ أو في انّه كثرت الشيعة ، ولا بدّ من ظهور القائمعليه‌السلام « في أي شيء » استفهام للاستبعاد « هيهات » أيّ بعد ما تظنّون ، والتكرير للمبالغة ومدّ العين إلى الشيء كناية عن رجاء حصوله.

باب انه من عرف إمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر

الحديث الأول : صحيح.

« لم يضرّك تقدّم هذا الأمر » الجملة فاعل باعتبار مضمونها أو بتقدير أن ، والمقصود الحكم بالمساواة بين الأمرين ، فلا يرد أنّ الضّرر لا يتصوّر في صورة

١٩١

٢ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور ، عن صفوان بن يحيى ، عن محمّد بن مروانّ ، عن الفضيل بن يسار قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ » فقال : يا فضيل اعرف إمامك فإنك إذا

________________________________________________________

التقدّم أو ذكر التقدّم تبعاً و استطراداً كما قيل في قوله تعالى : «لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ »(١) ويمكن أن يكون الكلام محمولاً على ظاهره باعتبار مفهومه ، فإن من لم يعرف يتضرّر بالتقدّم أيضاً.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

«يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ »(٢) قال : الطّبرسيرحمه‌الله : فيه أقوال :

أحدهما : أن معناه نبيهم ، فيقال : هاتوا متبعي إبراهيم ، هاتوا متبعي موسى ، هاتوا متبعي محمّد ، فيقوم أهل الحقَّ الّذين اتبعوا الأنبياءعليهم‌السلام ، فيأخذون كتبهم بايمانهم ، ثمَّ يقال : هاتوا متبعي الشيطان ، هاتوا متبعي رؤساء الضلالة ، وهذا معنى ما رواه ابن جبير عن ابن عباس ، وروي أيضاً عن عليّعليه‌السلام أن الأئمّة إمام هدى وإمام ضلالة ، ورواه الوالبي عنه بأئمتهم في الخير والشر.

وثانيها : معناه بكتابهم الّذي أنزل عليهم من أوامرّ الله ونواهيه ، فيقال : يا أهل القرآن ويا أهل التوراة.

وثالثها : أن معناه بمن كانوا يأتمون به من علمائهم وأئمتهم ، ويجمع هذه الأقوال ما رواه الخاص والعام عن الرضاعليه‌السلام بالأسانيد الصّحيحة انّه روي عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله انّه قال : فيه : يدعى كل أناس بإمام زمانهم وكتاب ربّهم وسنّة نبيهّم ، وروي عن الصّادقعليه‌السلام انّه قال : إلّا تحمدون الله إذا كان يوم القيامة فزع كل أناس إلى من يتولوّنه ، وفزعنا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفزعتم إلينا ، فإلى أين ترون؟ يذهب بكم إلى الجنّة وربّ الكعبة ، قالها ثلاثاً.

__________________

(١) سورة الإسراء : ٧١.

(٢) سورة الأعراف : ٣٤.

١٩٢

عرفت إمامك لم يضرّك ، تقدم هذا الأمر أو تأخر ومن عرف إمامه ثمَّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره لا بل بمنزلة من قعدّ تحت لوائه قال : وقال : بعض أصحابه بمنزلة من استشهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣ - عليُّ بن محمّد رفعه ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك متى الفرج فقال : يا أبا بصير وأنت ممّن يريد الدنيا ؟ من عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه لانتظاره.

________________________________________________________

ورابعها : أنّ معناه بكتابهم الّذي فيه أعمالهم.

وخامسها : معناه بأمّهاتهم ، انتهى.

وتتمّة الآية : «فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً » وهذا الخبر يدل على أن المراد يدعون بإمام زمانهم وينسبون إليه ويحشرون معه ويردون مورده ، فمن كان عارفاً بإمامه معتقداً له لا تضره غيبته وعدم لقائه له « قاعداً في عسكره » أي ملازماً له مجاهداً معه ، لا يفارقه والقعود تحت اللواء أخص من ذلك لانّه يدل على غاية الاختصاص والامتياز بكثرة النصرة ، وانّه من أحوال الشجعان ولذا أضربعليه‌السلام عن الأوّل وترقى إليه ، وانّما يثابون ذلك باعتبار نياتهم ، لأنّهم إذا عزموا على انّه إذا ظهر إمامهم نصروه وجاهدوا معه وعرضوا أنفسهم للشهادة وعلم الله صدق ذلك من نيّاتهم يعطيهم ثواب ذلك بفضله ، كما قال : أمير المؤمنينعليه‌السلام في بعض غزواته : شاركوكم في ثوابكم قوم لم يحضروا عسكركم ، ولم يوجدوا بعدوهم يتمنون كونهم معكم ، ويعلم الله صدق نياتهم فيثيبهم عليها ، وقد ورد أن أهل الجنة انّما يخلدون في الجنّة بنياتهم أنّهم لو بقوا في الدنيا أبداً لكانوا مؤمنين ، وكذا أهل النار.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

« متى الفرج » بالتحريك أي كشف الغمّ بظهور دولة آل محمّدعليهم‌السلام « فقد فرج عنه » على بناء المجرّد أو التفعيل ، والحاصل أنّ من عرف إمامه أو أنّ القائم سيظهر

١٩٣

٤ - عليُّ بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن إسماعيل بن محمّد الخزاعيّ قال : سأل أبو بصير أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا أسمع فقال : ترأنّي أدرك القائمعليه‌السلام فقال : يا أبا بصير ألست تعرف إمامك فقال : إي والله وأنت هو وتنأوّل يده فقال : والله ما تبالي يا أبا بصير إلّا تكون محتبياً بسيفك في ظل رواق القائم صلوات الله عليه.

٥ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن النعمان ، عن محمّد بن مروانّ ، عن فضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهليّة ، ومن مات وهو عارف لإمامه لم يضرّه ، تقدّم هذا الأمر

________________________________________________________

يوماً ما ، فهو مفرّج عنه من جهة آخرته ، لانّه ينتظره وانتظاره إياه أفضل عباداته كما مرّ ، فهو مع ذلك إن أراد إدراكه فانّما يريده لأمرّ دنياه وتوسعة في معاشه ، ويحتمل أن يكون المراد بالانتظار ترقب إحدى الحسنيين كما مرّ ويحتمل أن يكونعليه‌السلام علم أن غرض أبي بصير من الفرج ومطلوبه المنافع الدنيوية ، ولذا خاطبه بذلك ، ولو كان المقصود رواج الدّين وكشف كرب المؤمنين كان حسنا ، وقد مرّ بعض القول في ذلك في باب ما ورد في حال الغيبة.

الحديث الرابع : مجهول.

والخزاعي بالفتح نسبة إلى قبيلة « ترأنّي » بتقدير الاستفهام « وتنأوّل » أي أبو بصير « يده » أي يد الإمامعليه‌السلام للتعيين أو للمحبّة والملاطفة ، أو لتجديد البيعة ، وفي القاموس : احتبى ثوبه اشتمل أو جمع بين ظهره وساقيه بثوب ، وقال : الرواق ككتاب وغراب سقف في مقدم البيت ، أو بيت كالفسطاط ، وقال : الجوهري : الرواق بالكسرّ ستر يمد دون السقف يقال : بيت مروق ، انتهى.

والمعنى أن لك ثواب من كان كذلك.

الحديث الخامس : مجهول.

« ليس له إمام » أي لم يعرف إمام زمانّه من أئمة الهدى ، والميتة بكسرّ الميم

١٩٤

أو تأخّر ومن مات وهو عارفٌ لإمامه كان كمن هو مع القائم في فسطاطه.

٦ - الحسين بن عليّ العلويّ ، عن سهل بن جمهور ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن الحسن بن الحسين العرنيّ ، عن عليّ بن هاشم ، عن أبيه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : ما ضرَّ من مات منتظراً لأمرنا ألّا يموت في وسط فسطاط المهديّ وعسكره.

٧ - عليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن عمرّ بن أبان قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول اعرف العلامة فإذا عرفته لم يضرَّك تقدم هذا الأمر أو تأخر إن الله عزَّ وجلّ يقول «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ »

________________________________________________________

مصدر نوعي ، وميتة جاهليّة تركيب إضافيّ أو توصيفي ، والجاهلية الملة التي ليس فيها معرفة الله ولا معرفة رسوله ولا معرفة شرائع الدّين ، وكان أكثر الناس عليها قبل البعثة ، وصاروا إليها بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهما الجاهلية الأولى والجاهلية الأخيرة ، وهذا الخبر متواتر معنى بين الخاصة والعامة ، وقد مرّ بعض القول فيه ، وسيأتي أيضاً ، وقال : الجوهري : الفسطاط بيت من شعر ، وفيه لغات فسطاط وفستاط وفسّاط وكسر الفاء لغة فيهنّ.

الحديث السادس : مجهول.

« أو عسكره(١) » كان الترّديد باعتبار اختلاف نيّات الخلق ، واختلاف ثوابهم بحسب ذلك ، أو المراد بالثاني شهادته في العسكر أو الأوّل إشارة إلى الاختصاص بهعليه‌السلام والتشرف بصحبته ، والثاني إلى جهاده بين يديه ، فإن لكلّ فضلاً ، ويحتمل على بعد كونه شكاً من الرّاوي.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور ، والعلامة الإمامعليه‌السلام فانّه علامة سبيل الهدى ، وقد مرّ أن العلامات في قوله تعالى : «وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ »(٢) هم الأئمّةعليهم‌السلام ، وتذكير الضمير باعتبار المعنى أو علامة إمامته من حجتها ودليلها ، ونعته وصفاته ومعجزاته ، والنصوص عليه ، وقد يقرأ العلامة بتشديد اللام فالتاء

__________________

(١) وفي المتن « وعسكره » بالواو فيسقط الاحتمالات.

(٢) سورة النحل : ١٦.

١٩٥

فمن عرف إمامه كان كمن كان في فسطاط المنتظرعليه‌السلام .

( باب )

( من ادعى الإمامة وليس لها بأهل ومن جحد الأئمة أو بعضهم ومن )

( أثبت الإمامة لمن ليس لها بأهل )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي سلام ، عن سورة بن كليب ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قلت له قول الله عزَّ وجلّ «وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الّذين كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ »(١) قال : من قال : إنّي إمام وليس بإمام قال : قلت وانّ كان علويا قال : وان كان علويّاً ؟ قلت وانّ كان من ولد عليّ ابن أبي طالبعليه‌السلام قال : وانّ كان.

________________________________________________________

للمبالغة ، وفي بعض النّسخ الغلام بالغين المعجمة كناية عن المهديعليه‌السلام ، والمنتظر بفتح الظاء المهدي الّذي تنتظره شيعته صلوات الله عليه.

باب من ادعى الامامة وليس لها بأهل ومن جحد الأئمّة أو بعضهم ومن أثبت الإمامة لمن ليس لها بأهل

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

«تَرَى الّذين كَذَبُوا عَلَى اللهِ » المشهور بين المفسّرين أنّها فيمن إدّعى أنّ لله شريكاً ، أو ولداً ، والآية عامّة ، ولعلّ ما في الخبر بيان لبعض أفرادها بل عمدتها.

« وانّ كان من ولد عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام » لعلّ المراد بهذا ولده بلا واسطة والأوّل أعم ، أو سأل ذلك تأكيداً لرفع احتمال كون المراد بالعلويّ من ينسب إليهعليه‌السلام من مواليه أو من شيعته وسائر أقاربّه ، وسواد الوجه إمّا حقيقة ليكون علامة لكفرهم في القيامة ، وسبباً لمزيد فضيحتهم ، أو كناية عن ظهور كذبهم وخذلانهم.

__________________

(١) سورة زمر : ٦٠.

١٩٦

٢ - محمّد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن أبان ، عن الفضيل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : من ادّعى الإمامة وليس من أهلها فهو كافر.

٣ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن الحسين بن المختار قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك «وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الّذين كَذَبُوا عَلَى اللهِ » قال : كل من زعم انّه إمام وليس بإمام قلت وانّ كان فاطميا علويّاً قال : وان كان فاطميّاً علويّاً.

________________________________________________________

الحديث الثاني : مجهول.

« فهو كافر » لإنكاره الإمام والنصّ عليه مع افترائه على الله في كونه إماماً ، وصدّه عن إمام الحقَّ ، ودعوة الناس إلى الباطل وإضلالهم ومعارضته لأئمّة الحقَّ وتكذيبه لهم.

الحديث الثالث : ضعيف.

وذكر العلويّ بعد الفاطميّ للتأكيد ، ولبيان انّه لا ينفعه شيء من الشرفين المجتمعين فيه ، ولو كان بالعكس كان الثاني مقيّداً ومخصّصاً للأوّل كما ورد في سائر الأخبار.

مثل ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره بإسناده عن أبي المغراء عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله تعالى : «وَيَوْمَ الْقِيامَةِ » الآية ، قال : من ادّعى انّه إمام وليس بإمام ، قلت : وانّ كان علويّاً فاطميّاً؟ قال : وانّ كان علويّاً فاطميا.

وروى النعماني في الغيبة بإسناده عن سورة بن كليب عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تعالى : «وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الّذين كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ » قال : من قال : أنّي إمام وليس بإمام ، قلت : وانّ كان علويّاً فاطميّاً ؟ قال : وانّ كان علويّاً فاطميّاً ، قلت : وانّ كان من ولد عليّ بن أبي طالب؟ قال : وانّ كان من ولد عليّ بن أبي طالب ، ومنه يظهر انّه سقط من الخبر الأوّل شيء لكن السّند إلى سورة مختلف.

١٩٧

٤ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن داود الحمار ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سمعته يقول : ثلاثة لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ

________________________________________________________

الحديث الرابع : مجهول.

« لا يكلّمهم الله » إشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة : «إِنَّ الّذين يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قليلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إلّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ »(١) وفي سورة آل عمران : «الّذين يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمأنّهم ثَمَناً قليلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ »(٢) وكل من الثلاثة داخل فيمن كتم ما أنزل الله من الكتاب ، لدلالة الآيات على إمامة أئمة الحقَّ عموماً وخصوصاً ، وعلى أن من لم يؤمن بما نزل في الكتاب فهو كافر ، وأيضاً داخل في الآية الثانية ، لأن الباعث له على ذلك ليس إلّا طمع الدنيا ، فلو ترك الأغراض الدنيوية لظهر له الحقَّ ولم يكتمه ، مع انّه ورد في الأخبار أن العهد عهد الإمامة.

وفي قوله : لا يكلّمهم الله ، وجوه : الأوّل : انّه لا يكلّمهم بما يحبون ، وفي ذلك دليل على غضبه عليهم وانّ كان يكلّمهم بالسؤال بالتوبيخ ، وبما يفهم كما قال : «فَلَنَسْئَلَنَّ الّذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ »(٣) «وقال : اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (٤) » الثاني : انّه لا يكلّمهم أصلا فتحمل آيات المساءلة على أن الملائكة تسائلهم عن الله وبأمره ، الثالث : انّه ليس المراد حقيقة نفي الكلام ، بل هو كناية عمّا يلزمه من السخط.

وكذا قوله : ولا يزكيهم ، يحتمل وجوها : الأوّل : أن المعنى لا يطهرهم من دنس الذنوب والأوزار بالمغفرة ، بل يعاقبهم.

الثاني : انّه لا يثني عليهم ولا يحكم بأنّهم أزكياء ، ولا يسميهم بذلك ، بل

__________________

(١) الآية : ١٧٤.

(٢) الآية : ٧٧.

(٣) سورة الأعراف : ٦.

(٤) سورة المؤمنون : ١٠٨.

١٩٨

وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ من ادّعى إمامة من الله ليست له ، ومن جحد إماماً من الله ، ومن زعم أنّ لهما في الإسلام نصيباً.

٥ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن يحيى أخي أديم ، عن الوليد بن صبيح قال : سمعت أبا عبد الله يقول إنّ هذا الأمر لا يدَّعيه غير صاحبه إلّا بتر الله عمره.

٦ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سنان ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : من أشرك مع إمام إمامته من عند الله من ليست إمامته

________________________________________________________

يحكم بأنّهم كفرة فجرة.

الثالث : انّه لا يزكّي أعمالهم ولا ينميها ، أو لا يستحسنها ولا يثني عليها ، بل يردّها عليهم ، وكذا عدم النظر في الآية الأخرى كناية عن ترك العطف والرحمة ، كما يقول القائل لغيره : انظر إلى أي ارحمني.

«وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ » أي مؤلم موجع ، والخبر يدلّ على كفر المخالفين ، بل على كفر من يقول بعدم كفرهم ، ولا ريب أنّهم في أحكام الآخرة بحكم الكفّار ، وأنّهم مخلّدون في النّار ، وأمّا في أحكام الدنيا فأنّهم كالمنافقين في أكثر الأحكام كالمسلمين ، ويظهر من كثير من الأخبار أن هذا الحكم مخصوص بحال الهدنة شفقة على الشيعة لاضطرارهم إلى مخالطتهم ومعاشرتهم ، فإذا ظهر الحقَّ فهم في الدنيا أيضاً في حكم الكفّار ، إلّا المستضعفين منهم كما سيأتي تفصيله.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور معتبر.

وأديم على التصغير ، وصبيح كأمير « إلّا بتر الله عمره » كنصر أي قطع ، كما قطع عمرّ محمّد وإبراهيم وأضرابهما.

الحديث السادس : (١)

__________________

(١) كذا في النسخ.

١٩٩

من الله كان مشركاً بالله.

٧ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن منصور بن يونس ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام رجلّ قال : لي اعرف الآخر من الأئمّة ولا يضرك أن لا تعرف الأوّل قال : فقال : لعن الله هذا فإنّي اُبغضه ولا أعرفه ، وهل عرف الآخر إلّا بالأوّل.

٨ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور ، عن صفوان ، عن

________________________________________________________

« كان مشركاً » لأنّ من أشرك مع إمام الحقَّ غيره فقد شارك الله في نصب الإمام فانّه لا يكون إلّا من الله ، وانّ تبع في ذلك غيره فقد جعل شريكاً لله ، بل كل من تابع غير من أمرّ الله بمتابعته في كلّ ما يكون(١) فهو مشرك ، لقوله تعالى : «اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبأنّهم أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ »(٢) وقد سمى الله طاعة الشيطان عبادة حيث قال : «لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ »(٣) .

الحديث السابع : موثق.

« إن لا تعرف الأوّل » أي أمير المؤمنينعليه‌السلام أو الأعم منه وممن بعده قبل الآخر « لعن الله » دعائيّة ويحتمل الخبرية « ولا أعرفه » أي بالتشيع أو مطلقاً ، وهو كناية عن عدم التشيع ، لـمّا سيأتي أنّهمعليهم‌السلام يعرفون شيعتهم ، ويحتمل أن يكون جملة حالية أي أبغضه مع أنّي لا أعرفه « وهل عرف » على المعلوم أو المجهول استفهام إنكاري ، والمعنى انّه انّما يعرف الآخر بنصّ الأوّل عليه ، فكيف يعرف إمامة الآخر بدون معرفة الأوّل وإمامته ، وقيل : أي إلّا بما عرف به الأوّل فإن دلائل الإمامة مشتركة ، وكما تدلّ على الآخر تدلّ على الأوّل.

الحديث الثامن : ضعيف.

__________________

(١) وفي نسخة « في كل ما يقول ».

(٢) سورة التوبة : ٣١.

(٣) سورة يس : ٦٠.

٢٠٠