مرآة العقول الجزء ٤

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 380

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 380
المشاهدات: 19600
تحميل: 7979


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19600 / تحميل: 7979
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 4

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

[ من ] ظلمات الذُّنوب إلى نور التّوبة والمغفرة لولايتهم كلَّ إمام عادل من الله وقال : «وَالّذين كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ »(١) انّما عنى بهذا أنّهم كانوا على نور الإسلام فلـمّا أن تولّوا كلَّ إمام جائر ليس من الله عزّ وجلَّ

________________________________________________________

وليهم في نصرتهم على عدوّهم بإظهار دينهم على دين مخالفيهم ، وثالثها : انّه وليهم يتولاهم بالمثوبة على الطّاعة والمجازاة على الأعمال الصالحة.

«يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ » أي من ظلمات الضلال والكفر إلى نور الهدى والإيمان ، لأن الضلال والكفر في المنع من إدراك الحقَّ كالظلمة في المنع من إدراك المبصرات ، ووجه الإخراج هو انّه هداهم إليه ونصب الأدلة لهم عليه ، ورغبهم فيه ، وفعل بهم من الألطاف ما يقوي دواعيهم إلى فعله.

«وَالّذين كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ » أي يتولى أمورهم الطاغوت ، وهو هيهنا وأحد اُريد به الجمع ، والمراد به الشيطان وقيل : رؤساء الضلالة «يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ » أي من نور الإيمان والطّاعة والهدى إلى ظلمات الكفر والمعصية والضلال ، أي يغوونهم ويدعونهم إلى ذلك ، وهذا يدل على بطلان من قال : إن الإضافة الأولى تقتضي أن الإيمان من فعل الله تعالى في المؤمن ، لانّه لو كان كذلك لاقتضت الإضافة الثانية أن الكفر من فعل الشيطان ، وعندهم لا فرق بين الأمرين أنهما من فعله ، تعالى الله عن ذلك.

فإن قيل : كيف يخرجونهم من النور وهم لم يدخلوا فيه؟

قلنا : قد ذكر فيه وجهان : أحدهما ، أن ذلك يجري مجرى قول القائل أخرجني والدي من ميراثه فمنعه من الدخول فيه إخراج ، ومثله قوله سبحانّه في قصّة يوسفعليه‌السلام : «أنّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ »(٢) ولم يكن فيها قط والوجه الآخر انّه في قوم ارتدّوا عن الإسلام ، والأوّل أقوى ، انتهى.

وعلى تفسيرهعليه‌السلام لا حاجة إلى أكثر التكلّفات ، يعنّي ظلمات الذنوب ، كأنّه

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٩٥.

(٢) سورة يوسف : ٣٢.

٢٢١

خرجوا بولايتهم [ إيّاه ] من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر فأوجب الله لهم النار مع الكفار «فأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ».

________________________________________________________

عليه‌السلام استدّل بانّه تعالى لما أدّى آمنوا بصيغة الماضي ، ويخرجهم بصيغة المستقبل ، دل على أن المراد ليس الخروج بالإيمان ، ولـمّا كان الظلمات جمعا معرفا باللام يفيد العموم ، يشمل الذنوب كما يشمل الجهالات ، فإما أن يوفقهم للتوبة فيتوب عليهم ، أو يغفر لهم إن ماتوا بغير توبة ، ويحتمل التخصيص بالأوّل لكنه بعيد عن السياق.

وفي تفسير العياشي بعد قوله : «إِلَى الظُّلُماتِ » زيادة وهي : قال : قلت : أليس الله عنى بها الكفار حين قال : «وَالّذين كَفَرُوا »؟ قال : فقال : وأي نور للكافر وهو كافر فأخرج منه إلى الظلمات ، انّما عنى الله بهذا أنّهم كانوا على نور الإسلام أي فطرة الإسلام ، فإن كل مولود يولد على الفطرة ، أو الآية في جماعة كانوا على الإسلام قبل وفاة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فارتدوا بعده باتباع الطواغيت ، وأئمّة الضلالة ، فاستدلعليه‌السلام على كونه نازلا فيهم بانّه لا بد من أن يكون لهم نور حتّى يخرجوهم منه ، وسائر الوجوه تكلفات ، فالآية نازلة فيهم كما اختاره مجاهد من المفسرين.

ويؤيده ما في تفسير العياشي ، وكان النكتة في إيراد النور بلفظ المفرد والظلمات بلفظ الجمع ، أن دين الحقَّ واحد ، والأديان الباطلة كثيرة ، فمن اختار الإيمان دخل في النور الّذي هو الملة القويمة وخرج من جميع الملل الباطلة.

وفي غيبة النعمأنّي : يخرجونهم من النور إلى الظلمات ، فأي نور يكون للكافر فيخرج منه ، انّما عنى ، إلى آخره.

« بولايتهم إيّاه » في العياشي : إيّاهم ، وهو أظهر « مع الكفّار » أي مع سائر الكفّار المنكرين للنبوّة أيضاً.

قولهعليه‌السلام : فأولئك ، في العياشي : فقال : أولئك وهو أصوب.

٢٢٢

٤ - وعنه ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السجستانيّ ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قال : الله تبارك وتعالى لأعذبن كل رعية في الإسلام دانت بولاية كل إمام جائر ليس من الله وانّ كانت الرعية في أعمالها برَّة تقيّة ؟ ولأعفونَّ عن كلَّ رعيّة في الإسلام دانت بولاية كل إمام عادل من الله وانّ كانت الرَّعيةّ في أنفسها ظالمة مسيئة.

٥ - عليُّ بن محمّد ، عن ابن جمهور ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال : إن الله لا يستحيي أن يعذّب اُمّة

________________________________________________________

الحديث الرابع : صحيح إذ الظّاهر إرجاع ضمير عنه إلى ابن محبوب ، ويحتمل إرجاعه إلى أحمد ففيه إرسال ، وإرجاعه إلى العبدي كما توهم بعيد ، وسجستان بكسرّ السين والجيم معرب سيستان ، والرعية قوم تولوا إماماً برا كان أو فاجراً.

« في الإسلام » نعت لرعيته أي في ظاهر الإسلام « دانت » أي اعتقدت واتخذها دينا أو عبدت الله متلبّساً « بولاية كلّ إمام جائر » أي أي إمام جائر كان لا جميعهم ، وقيل : هو مبنيّ على أن من تولى جائراً فكانّما تولى كلّ جائر « برّة » أي محسنة « تقية » أي محررة عن سائر المعاصي « بولاية كل إمام عادل » أي أي إمام حقَّ كان في أي زمان أو جميعهم ، بأن يصدق بانّه لم يخل ولا يخلو زمان عن إمام مفروض الطّاعة ، عالم بجميع أمور الدّين ، سواء كان نبيّاً أو وصيّاً من لدن آدم إلى انقراض التكليف.

« في أنفسها » أي لا يتجاوز ظلمهم وإساءتهم إلى الغير ، بأن تكون ظالمة على نفسها ، أو المعنى عدم تعدّي ظلمها إلى الإمام بإنكار حقّه وإلى النبيّ بإنكار ما جاء به ، بل يكون ظلمهم على أنفسهم أو بعضهم على بعض.

وربمّا يحمل على عدم الإصرار على الكبيرة أو على انّه يوفّق للتوبة أو غيرهما ممّا مرّ أو المعنى احتمال العفو لا تحتّمه.

الحديث الخامس : ضعيف وقيل : الحياء انقباض النفس على القبيح مخافة الذمّ

٢٢٣

دانت بإمام ليس من الله وإن كانت في أعمالها برّة تقيّة ، وانّ الله ليستحيي أن يعذّب أمّة دانت بإمام من الله وانّ كانت في أعمالها ظالمة مسيئة.

( باب )

( من مات وليس له إمام من أئمّة الهدى وهو من الباب الأول )

١ - الحسينُ بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن ابن أذينة ، عن الفضيل بن يسار قال : ابتدأنا أبو عبد اللهعليه‌السلام يوماً وقال : قال : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من مات وليس عليه إمام فميتته ميتة جاهلية فقلت :

________________________________________________________

وإذا نسب إلى الله تعالى يراد به الترك اللازم للانقباض ، كما يراد بالرحمة والغضب إيصال المعروف والمكروه اللازمين لمعناهما الحقيقيين الممتنعين في حقّه سبحانه.

باب من مات وليس له إمام من أئمّة الهدى وهو من الباب الأوّل

أقول : الفرق بين البابين أنّ في الأوّل انّما حكم في الأخبار الواردة فيه بطلان عبادة من لم يعرف الإمام ، وعدم استئهاله للمغفرة والرحمة ، وهنا حكم بانّه يموت على الجاهلية والكفر ، ولـمّا كان ما لهما واحداً جعله من الباب الأوّل ، مع أن الظّاهر انّه لـمّا كانت هذه الأخبار متشابهة الألفاظ مشهورة بين المخالفين أيضاً أفرد لها بابا ، وإلّا فهي داخلة في عنوان الباب الأول.

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وأذينة بضمّ الهمزة وفتح الذال المعجمة واسمه عمرّ ، والميتة بكسرّ الميم مصدر نوعي من باب نصر ، وهي مع الجاهليّة مركّب إضافي أو توصيفي ، أي كموت من كان قبل الإسلام عليه الناس من الكفر والشرك والضلال ، كما يدل عليه استبعاد السائل وتكريره السؤال واستعظامه ذلك ، قال : في النهاية : قد تكرر ذكر الجاهليّة في الحديث ، وهي الحال التي كانت عليها العرب قبل الإسلام من الجهل بالله ورسوله ، وشرائع الدّين والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبّر وغير ذلك.

٢٢٤

قال ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال : إي والله قد قال ، قلت : فكلُّ من مات وليس له إمامٌ فميتته ميتة جاهليّة ؟! قال : نعم.

٢ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء قال : حدَّثني عبد الكريم بن عمرو ، عن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهليّة قال : قلت ميتة كفر قال : ميتة ضلال قلت فمن مات اليوم وليس له إمام فميتته ميتة جاهليّة فقال : نعم.

٣ - أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن الفضيل ، عن الحارث بن المغيرة قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قال : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهليّة ؟ قال : نعم قلت جاهليّة جهلاء أو جاهليّة لا يعرف

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : وليس له إمام ، أي لا يعتقد ولا يفترض على نفسه طاعة من أوجب الله طاعته في زمانه نبيّاً كان أو وصيّاً.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قوله : عن قول رسول الله ، أي حقيقة تلك الرواية ، فقوله « قال : فقلت » سؤال آخر بعد التصديق أو عن معناها ، فقوله : فقلت ، تفسير للسؤال.

« فقال : ميتة ضلال » لعلّهعليه‌السلام عدل عن تصديق كفرهم إلى إثبات الضلال لهم ، لأن السائل توهّم انه يجري عليهم أحكام الكفر في الدنيا كالنجاسة ونفي التناكح والتوارث وأشباه ذلك ، فنفى ذلك وأثبت لهم الضلال عن الحقَّ في الدنيا وعن الجنة في الآخرة ، فلا ينافي كونهم في الآخرة ملحقين بالكفّار مخلدين في النار كما دلت عليه سائر الأخبار ، ويحتمل أن يكون التوقف عن إثبات الكفر لشموله من ليس له إمام من المستضعفين ، إذ فيهم احتمال النجاة من العذاب كما سيأتي سائر الأخبار كالخبر الآتي محمولة على غيرهم ، ويمكن حمل هذا الخبر وأمثاله على نوع من التقية أيضاً.

الحديث الثالث : صحيح.

« لا يعرف إمامه » أي إمام زمانه أو أحد من أئمّته.

٢٢٥

إمامه ؟ قال : جاهليّة كفر ونفاق وضلال.

٤ - بعض أصحابنا ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن مالك بن عامرّ ، عن المفضّل بن زائدة ، عن المفضّل بن عمرّ قال : قال : أبو عبد اللهعليه‌السلام من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله - البتّة - إلى العناء

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام جاهلية كفر ، لعلّه اختيار للشقّ الأول وتصريح بمفاده ، ويحتمل أن يكون مراد السائل بالجاهليّة الجهلاء الكفر في الأحكام الدنيوية ، فيكون كلامهعليه‌السلام اختياراً للشق الثاني ، وبياناً لكون عدم معرفة الإمام كاف للكفر الأخروي والنفاق والضلال في الدنيا ، قال : الجوهري : قولهم كان في الجاهليّة الجهلاء ، هو توكيد للأوّل يشتقّ له من اسمه ما يؤكّد به ، كما يقال : وتد واتد ، وهمج هامج ، وليلة ليلاء ويوم أيوم.

الحديث الرابع مختلف فيه ، ضعيف على المشهور.

« من دان الله » أي عبد الله أو اعتقد أمور الدّين « بغير سماع عن صادق » أي معصوم إشارة إلى قوله تعالى : «يا أَيُّهَا الّذين آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ »(١) والسماع أعم من أن يكون بواسطة أو بغيرها « ألزمه الله البتة » في بعض النسخ بالباء الموحدة ثمَّ التاء المثناة الفوقانية المشددة أي قطعا قال : الجوهري : يقال : ما أفعله بتة والبتة لكلّ أمرّ لا رجعة فيه ، ونصبه عليّ المصدر ، وفي بعض النسخ التيه بالتاء المثناة الفوقانية ثمَّ الياء المثناة التحتانية ، والتيه بالكسرّ والفتح ، الصلف والكبر والضلال والحيرة ، فهو مفعول ثان لألزمه « إلى العناء » بمعنى مع أو ضمن الفعل معنى الوصول ونحوه ، كذا على النسخة الأولى ، والمراد بالعناء إما العذاب الأخروي والمعنى انّه لا يترتب على عمله إلّا المشقة والعناء في الدنيا بلا أجر ولا ثواب في الآخرة ، ولعلّ في الخبر هنا تصحيفا إذ روى الصفار في البصائر بإسناده عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام انّه قال : من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله التيه إلى يوم القيامة فلعله كان هنا أيضاً كذلك فصحف.

__________________

(١) سورة التوبة : ١١٩.

٢٢٦

ومن ادّعى سماعاً من غير الباب الّذي فتحه الله فهو مشرك وذلك الباب المأمون على سرّ الله المكنون.

( باب )

( فيمن عرف الحقَّ من أهل البيت ومن أنكر )

١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن سليمان بن جعفر قال : سمعت الرّضاعليه‌السلام يقول إن عليّ بن عبد الله بن الحسين

________________________________________________________

« ومن ادّعى سماعاً » أي على وجه الإذعان والتصديق ، أو جوز ذلك السماع والعمل به « فهو مشرك » أي شرك طاعة كما مرّ مرارا وقد قال : سبحانّه : «اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبأنّهم أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ »(١) و « المأمون » خبر « ذلك » والغرض أن المراد بالباب ليس كل من يدعي الإمامة بل هو العالم بجميع الأحكام المخبر عن الغيوب المكنونة ، والظّاهر أن المكنون صفة سرّ الله ، ويحتمل أن يكون نعتا للمأمون أي هو الّذي لا يعرفه حقَّ معرفته إلّا الله ، ومن كان مثله في الفضل والجلالة.

باب فيمن عرف الحقَّ من أهل البيت ومن أنكر

أقول : المراد بأهل البيت ولد عليّ وفاطمةعليهما‌السلام أو الأعم منهم ومن سائر الهاشميين.

الحديث الاول : صحيح.

قولهعليه‌السلام : إن عليّ بن عبد الله في أكثر النسخ عبد الله مكبرا والظّاهر عبيد الله مصغّراً كما يدلّ عليه ما ذكره صاحب عمدة الطالب ، وصاحب مقاتل الطالبين وغيرهما قال : صاحب العمدة : أعقب عليّ بن الحسين صلوات الله عليه من ستّة رجال محمّد الباقرعليه‌السلام وعبد الله الباقر ، وزيد الشهيد ، وعمرّ الأشرف ، والحسين الأصغر ، وعلى الأصغر ثمَّ قال : أعقب الحسين الأصغر من خمسة رجال عبيد الله الأعرج ، وعبد الله ، وعلى وأبي محمّد الحسن ، وسليمان ، ثمَّ قال : وأما عبد الله فأعقب من ابنه جعفر ، وكان له ولد يسمى عبيد الله بن عبد الله ، ثمَّ قال : وأما عبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر بن

__________________

(١) سورة التوبة : ٣١.

٢٢٧

ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وامرأته وبنيه من أهل الجنّة ، ثمَّ

________________________________________________________

زين العابدين فأعقب منه أربعة رجال : جعفر الحجّة ، وعليّ الصالح ومحمّد الجواني وحمزة مجلس الوصية ثمَّ قال : وأمّا عليّ الصالح بن عبيد الله الأعرج ، ففي ولده الرئاسة بالعراق ، ويكنّى بأبي الحسن وأمه أم ولد وكان كوفيا ورعا من أهل الفضل والزهد ، وكان هو وزوجته أم سلمة بنت عبد الله بن الحسين بن عليّ يقال : لهما الزوج الصالح ، وكان عليّ بن عبيد الله مستجاب الدعوة ، وكان محمّد بن إبراهيم طباطبا القائم بالكوفة قد أوصى إليه فإن لم يقبل فإلى أحد ابنيه محمّد وعبيد الله ، فلم يقبل وصيته ولا أذن لأبنية في الخروج ، وكان عقبه من رجلين عبيد الله الثاني وإبراهيم بن عليّ ، انتهى.

وذكر صاحب المقاتل أيضاً عند ذكر خروج أبي السرايا بالكوفة أيّام المأمون انّه لـمّا خرج أبو السرايا داعياً إلى محمّد بن إبراهيم وقاتل اعتل محمّد فأتاه أبو السرايا وهو يجود بنفسه وأمره بالوصيّة ، فقال : إن اختلفوا فالأمر إلى عليّ بن عبيد الله فأنّي قد بلوت طريقته ورضيت دينه ، ثمَّ اعتقل لسانّه ومات.

فلـمّا دفن بالغري حضروا لتعيين الإمام وأخبر أبو السرايا بانّه أوصى إلى شبيهه ومن اختاره وهو أبو الحسن عليّ بن عبيد الله ، فوثب محمّد بن محمّد بن زيد وهو غلام حدث السن ، وخطب وأظهر الرضا بعليّ بن عبيد الله وأراد بيعته فأبى ، وقال : لا أدع هذا نكولا عنه ، ولكن أتخوف أن اشتغل به عن غيره ممّا هو أحمد وأفضل عاقبة فامض رحمك الله لأمرك واجمع شمل ابن عمك فقد قلدناك الرئاسة علينا وأنت الرضا عندنا الثقة في أنفسنا ، انتهى.

وأقول : الظّاهر أن هذه اللواحقَّ من مفتريات الزيديّة وانّه كان أجلّ من أن يعين إماماً أو يرضي بالخروج بدون إذن الإمامعليه‌السلام .

قال : النجاشيرحمه‌الله في الفهرست : عليّ بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ ابن الحسين كان أزهد آل أبي طالب وأعبدهم في زمانّه ، واختص بموسى والرضاعليهما‌السلام

٢٢٨

قال : من عرف هذا الأمر من ولد عليّ وفاطمةعليها‌السلام لم يكن كالنّاس.

________________________________________________________

واختلط بأصحابنا الإماميّة وكان لما أراده محمّد بن إبراهيم طباطبا لأن يبايع له أبو السرايا بعده أبى عليه وردّ الأمر إلى محمّد بن محمّد بن زيد بن علي.

وقال : الكشّيقدس‌سره : قرأت في كتاب محمّد بن حسن بن بندار بخطّه : حدَّثني محمّد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحكم عن سليمان بن جعفر ، قال : قال : لي عليّ بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب أشتهي أن أدخل على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أسلّم عليه ، قلت : فما يمنعك من ذلك قال : الإجلال والهيبة واتقى عليه ، قال : فاعتل أبو الحسنعليه‌السلام علة خفيفة وقد عاده الناس فلقيت عليّ بن عبيد الله فقلت له : قد جاءك ما تريد قد اعتلّ أبو الحسنعليه‌السلام علة خفيفة ، وقد عاده الناس ، فإن أردت الدخول عليه فاليوم ، قال : فجاء إلى أبي الحسنعليه‌السلام عائداً فلقيه أبو الحسنعليه‌السلام بكل ما يجب من المنزلة والتعظيم ، ففرح بذلك عليّ بن عبيد الله فرحاً شديداً ، ثمَّ مرض عليّ بن عبيد الله فعاده أبو الحسن وأنا معه ، فجلس حتّى خرج من كان في البيت ، فلـمّا خرجنا أخبرتني مولاة لنا أن أم سلمة امرأة عليّ بن عبيد الله كانت من وراء الستر تنظر إليه ، فلـمّا خرج خرجت وانكبت على الموضع الّذي كان أبو الحسنعليه‌السلام فيه جالسا تقبله وتمسح به.

قال سليمان : ثمَّ دخلت على عليّ بن عبيد الله فأخبرني بما فعلت أم سلمة فخبرت به أبا الحسنعليه‌السلام قال : يا سليمان إن عليّ بن عبيد الله وامرأته وولده من أهل الجنة ، يا سليمان إن ولد عليّ وفاطمة إذا عرفهم الله هذا الأمر لم يكونوا كالناس.

وقال : النجاشي : له كتاب في الحج يرويه كله عن موسى بن جعفرعليه‌السلام وذكر سنده إليه.

قولهعليه‌السلام : لم يكن كالناس ، أي ثوابه أكثر من سائر الناس ، إما لشرافتهم من جهة النسب كما ذكر الله في أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو لأن أسباب الحسد والبغض

٢٢٩

٢ - الحسينُ بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد قال : حدَّثني الوشّاء قال : حدثنا أحمد بن عمرّ الحلال قال : قلت لأبي الحسنعليه‌السلام أخبرني عمّن عاندك ولم يعرف حقك من ولد فاطمة هو وسائر النّاس سواءٌ في العقاب فقال : كان عليّ بن الحسينعليه‌السلام يقول عليهم ضعفا العقاب.

٣ - الحسينُ بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن رأشدّ قال : حدثنا عليّ بن إسماعيل الميثمي قال : حدثنا ربعي بن عبد الله قال : قال : لي عبد الرحمن بن

________________________________________________________

في ذوي القربى أكثر فإنّ الإيمان منهم أشدّ وأصعب.

وقيل : لهم أجران باعتبار أن المعروف في توافقهم وتعاونهم أن يكون ضعف التوافق والتعاون فيمن عداهم ، كما أنّ المعروف في تعاندهم أن يكون ضعف تعاند من عداهم ، أو باعتبار أنّ الشيطان يوسوس إليهم في دعوى الإمامة كما فعله زيد(١) وبنو الحسن.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

والحلّال : بياع الحلّ بالفتح ، وهو دهن السّمسم والضعف بالكسرّ المثل « وضعفا العقاب » أي مثلاً عقاب غيرهم ، وربما قيل : ضعفا الشيء ثلاثة أمثاله لأنّ ضعفه مثله مرَّتين ، فضعفاه مثله مرّات ، ونقل صاحب المغرب عن الشافعي في رجلّ أوصى فقال : أعطوا فلاناً ضعف ما يصيب ولدي ، قال : يعطي مثله مرّتين ، ولو قال : ضعفي ما يصيب ولدي ، تنظر إن أصابه مائة أعطيته ثلاثمائة.

ونظيره ما روى أبو عبيدة في قوله تعالى : «يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ »(٢) قال : معناه تجعل لها للواحد ثلاثة أعذبه وأنكره الأزهري وقال : هذا الّذي يستعمله الناس في مجاز كلامهم وتعارفهم ، وانّما الّذي قال : حذاق النحويين انّها تعذّب مثلي عذاب غيرها.

الحديث الثالث : ضعيف

__________________

(١) هذا مخالف لـما قاله (ره) في زيد في زيد في باب ما يفص به بين المحقَّ والمبطل من من قوله أنّ الأنسب حسن الظنّ به اه فلا تغفل. (٢) سورة الأحزاب : ٣٠.

٢٣٠

أبي عبد الله قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام المنكر لهذا الأمر من بني هاشم وغيرهم سواءٌ ؟ فقال لي : لا تقل : المنكر ، ولكن قل : الجاحد من بني هاشم وغيرهم ، قال : أبو الحسن فتفكرت

________________________________________________________

« المنكر لهذا الأمر » الكلام على الاستفهام الإنكاري ، والجحد الإنكار مع العلم ، والإنكار يقابل المعرفة ، ولـمّا كان بنو هاشم عارفين بأمرّ الأئمّة وإمامتهمعليهم‌السلام وانّما أنكروها حسداً أو لبعض الأغراض الدنيويّة قال :عليه‌السلام لا تقل فيهم المنكر الّذي ظاهره الجهل وعدم المعرفة ، بل قل الجاحد أو المعنى أن الّذي يوجب تضاعف العذاب وعدم المساواة انّما هو الجحود ، فأمّا الجهل وعدم العلم فلا فرق فيه بينهم وبين غيرهم ، وعلى التقديرين الكلام مشتمل على تصديق ما أفاده الاستفهام الإنكاري من نفي المساواة لكن في الجحود.

وأبو الحسن كنية لعليّ بن إسماعيل الميثمي ، وذكر الآية لبيان أنّ الإنكار يطلق في مقابل المعرفة.

ثمَّ اعلم أنّ مضاعفة العذاب عليهم إما لكون الحجّة عليهم أتم كما أشار إليه سبحانّه في أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ »(١) أو لأن النعمّة من الله تعالى عليهم أكمل فإخلالهم بالشكر أفحش ، أولأنّ الذنب من الأشراف أشدّ ، ولذلك جعل حدّ الحرّ ضعفي حدّ العبد ، وعوقب الأنبياء بما لا يعاقب غيرهم ، أو لأنّ ضلالهم يصير سبباً لضلال غيرهم ، وضلال الناس بهم أكثر من ضلالهم بغيرهم.

قال : الطبرسي -رحمه‌الله - في قوله تعالى : «يا نِساءَ النبيّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ » أي مثلي ما يكون على غيرهنّ لأنّ نعم الله سبحانه عليهن أكثر لمكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهن ، ونزول الوحي في بيوتهنّ ، فإذا كانت النعمّة عليهنّ أعظم وأوفر كانت المعصية منهنّ أفحش والعقوبة بها أعظم وأكثر «وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يسيراً » أي كان عذابها على الله هيّناً «وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ » أي ومن

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٣٤.

٢٣١

[ فيه ] فذكرت قول الله عزَّ وجلّ في إخوة يوسف : «فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ».

٤ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي نصر قال : سألت الرّضاعليه‌السلام قلت له : الجاحد منكم ومن غيركم سواءٌ ؟ فقال : الجاحد منّا له ذنبان والمحسن له حسنتان.

( باب )

( ما يجب على الناس عند مضي الامام )

١ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان ، عن يعقوب بن شعيب قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إذا حدث على الإمام حدث كيف يصنع النّاس؟

________________________________________________________

يطع الله ورسوله «وَتَعْمَلْ صالِحاً » فيما بينها وبين ربّها «نُؤْتِها أَجْرَها مرَّتين » أي نعطها ثوابها مثلي ثواب غيرها.

وروى أبو حمزة الثمالي عن زيد بن عليّعليه‌السلام انّه قال : أنّي لأرجو للمحسن منا أجرين وأخاف للمسيء منّا أن يضاعف له العذاب ضعفين ، كما وعدّ أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وروى محمّد بن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن عليّ بن عبد الله بن الحسين عن أبيه عن عليّ بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام ، انّه قال : له رجلّ : إنّكم أهل بيت مغفور لكم؟ قال : فغضب وقال : نحن أحرى أن يجري فينا ما جرى الله في أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أن يكون كما تقول ، إنّا نرى لمحسنناً ضعفين من الأجر ولمسيئنا ضعفين من العذاب ، ثمَّ قرء الآيتين.

الحديث الرابع : صحيح.

باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام

الحديث الأول : صحيح.

والحدث بالتحريك المصيبة والمراد هنا الموت ، ويدلّ على الوجوب كفاية على النائين عن بلد الإمام أن ينفر جماعة منهم للعلم بتعيين الإمام بعد الإمام وأنّه لا بدّ من

٢٣٢

قال : أين قول الله عزَّ وجلّ : «فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدّين وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ »(١) قال : هُم في عذر ما داموا في الطلب

________________________________________________________

العلم بالتعيين ، وأن لا يكفي العلم بوجود إمام بعده مجملا ، هذا مع القدرة وأمّا مع عدمها فيكفي ذلك كما فعل زرارةرضي‌الله‌عنه ، وكذا لو مات في الطلب أو الانتظار ، وبذلك يخرجون عن كون موتهم ميتة جاهليّة ، ثمَّ هذا مع العلم بعدم خلوّ العصر من الإمام ظاهر ، وأمّا مع عدم العلم بذلك ووجوب الطلب وعدم تمام الحجّة عليه في ذلك فمشكل.

وأمّا قوله سبحانه : «فَلَوْ لا نَفَرَ » فقال : الطبرسيقدس‌سره : اختلف في معناه على وجوه :

أحدها : أنّ معناه فهلّا خرج إلى الغزو من كل قبيلة جماعة ويبقى مع النبيّ جماعة ليتفقّهوا في الدين ، يعني الفرقة القاعدين يتعلمون القرآن والسنن والفرائض والأحكام ، فإذا رجعت السرايا وقد نزل بعدهم قرآن وتعلمه القاعدون قالوا لهم إذا رجعوا إليهم إن الله قد أنزل بعدكم على نبيّكم قرآنا وقد تعلمناه فيتعلمه السرايا ، فذلك قوله : «وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ » أي وليعلّموهم القرآن «لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » فلا يعملون بخلافه عن ابن عباس وغيره ، وقال : الباقرعليه‌السلام : كان هذا حين كثر الناس فأمرهم الله أن تنفر منهم طائفة للتفقه ، ويكون الغزو نوباً.

وثانيها : أنّ التفقّه والإنذار يرجعان إلى الفرقة النافرة ، وحثّها الله على التفقّه لترجع إلى المتخلفة فتحذرها ، فمعنى ليتفقّهوا في الدّين ليتبصّروا ويتيقنّوا بما يريهم الله عزَّ وجلّ من الظهور على المشركين ونصرة الدّين ، ولينذروا قومهم من الكفّار إذا رجعوا إليهم من الجهاد ، فيخبرونهم بنصر الله النبيّ والمؤمنين ، ويخبرونهم أنّهم لا يدان لهم بقتال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين «لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » أن يقاتلوا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فينزل بهم ما نزل بأصحابهم من الكفّار.

__________________

(١) سورة التوبة : ١٢٣.

٢٣٣

وهؤلاء الّذين ينتظرونهم في عذر ، حتّى يرجع إليهم أصحابهم.

٢ - عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن قال : حدَّثنا حمّاد ، عن عبد الأعلى قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول العامة إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من مات وليس له إمام مات ميتة جاهليّة فقال : الحقَّ والله - قلت فإن إماماً هلك ورجلٌ بخراسان لا يعلم من وصيه لم يسعه ذلك قال : لا يسعه إن الإمام إذا هلك وقعت حجّة وصيّه على من هو معه في البلد وحقَّ النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم إن الله عزَّ وجلّ يقول «فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدّين وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » قلت فنفر قوم فهلك بعضهم قبل أن يصل فيعلم قال : إن الله جلّ وعزَّ يقول «وَمَنْ يَخْرُجْ

________________________________________________________

وثالثها : أنّ التفقّه راجع إلى المنافرة ، والتقدير ما كان لجميع المؤمنين أن ينفروا إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويخلو ديارهم ولكن ينفر إليه من كل ناحية طائفة لتسمع كلامه وتتعلّم الدّين منه ، ثمَّ ترجع إلى قومها وتتبين لهم ذلك وتنذرهم عن الجبائي ، قال : والمراد بالنّفر هنا الخروج لطلب العلم ، وانّما سمي ذلك نفراً لـما فيه من مجاهدة أعداء الدّين ، انتهى.

وما ذكرهعليه‌السلام هو المتّبع ويمكن أن يكون غرضهعليه‌السلام أنّ النفور لطلب العلم بالإمام داخل فيها بل هو أعظم مواردها ، فلا ينافي شمولها لطلب سائر العلوم الضروريّة ، فيرجع إلى المعنى الثالث ، وقد يستدلّ بها على حجيّة خبر الواحد وفي الخبر إشعار بعدم وجوب تحصيل العلم بالإمام اللاحقَّ عند وجود السّابق.

الحديث الثاني : حسن على الظاهر.

« الحقّ والله » أي هو الحقَّ « لم يسعه ذلك » بتقدير الاستفهام ، أي لم يجز له المقام على الجهالة يقال : وسعه الشيء كعلم إذا جاز له ذلك « وقعت حجّة وصيّه » أي برهان وصيّة وصيّه « وحقّ النفر » على المصدر عطفاً على حجّة أو فعل ماض من باب ضرب عطفاً على وقعت أي وجب وثبت «وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ » قال

٢٣٤

مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ »(١) قلت فبلغ البلد بعضهم فوجدك مغلقاً عليك بابك ، ومُرخىّ عليك سترك لا تدعوهم إلى نفسك ولا يكون من يدلّهم عليك فبما يعرفون ذلك قال : بكتاب الله المنزل قلت فيقول الله جلّ وعزَّ كيف ؟ قال : أراك قد تكلّمت في هذا قبل اليوم ؟ قلت أجل ، قال : فذكّر

________________________________________________________

الطبرسيرحمه‌الله : أخبر سبحانّه أن من خرج من بلده مهاجراً من أرض الشرك فارّاً بدينه إلى الله ورسوله ثمَّ يدركه الموت قبل بلوغه دار الهجرة وأرض الإسلام فقد وقع أجره على الله ، أي ثواب عمله وجزاء هجرته على الله.

قال : وروى العياشي بإسناده عن محمّد بن أبي عمير قال : وجه زرارة بن أعين ابنه عبيداً إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن موسى بن جعفر وعبد الله ، فمات قبل أن يرجع إليه عبيداً ابنه ، قال : محمّد بن أبي عمير : حدَّثني محمّد بن حكيم قال : ذكرت لأبي الحسنعليه‌السلام في زرارة وتوجيهه عبيداً ابنه إلى المدينة فقال : أنّي لأرجو أن يكون زرارة ممن قال : الله فيهم : «وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً » الآية.

وإرخاء الستر إسداله كناية عن الاختفاء في البيت وعدم إذن الدخول للناس تقية « بكتاب الله المنزل » أي بالآيات الدالة على إمامة أمير المؤمنين صلوات الله عليه والآيات الدالة عليّ وجوب عصمة الإمام ، ثمَّ نصّ كل منهم على من بعده ، ووصية الإمام السابق إلى اللاحقَّ ، أو بالآيات الدالة على أن الله لا يكلف حتّى يتم الحجّة على الناس ، كقوله «وَالّذين جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا »(٢) وقوله «لا إِكْراهَ فِي الدّين قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ »(٣) ، وقوله : «وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بعد إِذْ هَداهُمْ حتّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ »(٤) وأمثالها.

والأول أظهر ، لقوله : « قلت : فيقول الله جلّ وعزَّ كيف » أي كيف يقول الله ما يعرفون به الإمام « قال : أراك » أي قالعليه‌السلام اعلم أنّك قد كلّمتني وسائلتني عن هذا

__________________

(١) سورة النساء : ١٠١. (٢) سورة العنكبوت : ٦٩.

(٣) سورة البقرة : ٢٥٦. (٤) سورة التوبة : ١١٥.

٢٣٥

ما أنزل الله في عليّعليه‌السلام وما قال : له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حسن وحسينعليهما‌السلام وما خصَّ الله به علياعليه‌السلام وما قال : فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من وصيّته إليه ونصبه إيّاه وما يصيبهم وإقرار الحسن والحسين بذلك ووصيّته إلى الحسن وتسليم الحسين له بقول الله «النبيّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ »(١) قلت فإن الناس تكلّموا في أبي جعفرعليه‌السلام ويقولون كيف تخطّت

________________________________________________________

قبل هذا اليوم أيضاً.

« قال : فذكّر ما أنزل الله في عليّعليه‌السلام » كآية «انّما وَلِيُّكُمُ اللهُ » ، وسائر ما مرّ « وما قال : له » أي أمره بالوصيّة إلى الحسن والحسينعليهما‌السلام « وما خص الله به عليا » من الآيات النازلة في فضله ، وكونه أعلم الناس وأشجعهم وأقربهم إلى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما قال : فيه في يوم الغدير وغيره « وما يصيبهم » عطف على وصيته « وإقرار الحسن » منصوب بالعطف على « ما » في قوله ما قال.

و « ذلك » إشارة إلى ما يصيبهم ، أو جميع ما تقدم « ووصيته » أي الرّسول أو عليّعليهما‌السلام « بقول الله » في بعض النسخ بالباء الموحدة فهو علة لتسليم الحسينعليه‌السلام للحسن وعدم ذكر ما بعده لقطع السائل كلامهعليه‌السلام أو لظهور حكم التقية من هذه الآية ، وفي بعضها بالياء المثناة على صيغة المضارع فالمراد أن انتهاء أمرّ الإمامة إلى الحسينعليه‌السلام ثبت بالآيات والأخبار المتواترة ، وبعد الحسينعليه‌السلام يعلم بآية أولي الأرحام أن الولاية للولد الأكبر ، ولا ينقض بعبد الله لانّه كان معيوباً جاهلا بيّناً جهله وقد قال : سبحانّه : «هَلْ يَسْتَوِي الّذين يَعْلَمُونَ وَالّذين لا يَعْلَمُونَ »(٢) ويحتمل على الأوّل أن يكون المعنى وتسليم الحسين له أي لأمرّ الإمامة إلى من بعده أي عليّ بن الحسينعليه‌السلام بآية أولي الأرحام.

« فإنّ الناس تكلّموا » لهذا الكلام وجهان : الأول : أن يكون الاعتراض في إمامة أبي جعفرعليه‌السلام ، والمراد بالنّاس الزيديّة « وتخطّت » على بناء التفعّل بمعنى

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٣٦. (٢) سورة زمرّ : ٩.

٢٣٦

من ولد أبيه من له مثل قرابته ومن هو أسنُّ منه وقصرت عمّن هو أصغر منه فقال : يعرف صاحب هذا الأمر بثلاث خصال لا تكون في غيره هو أولى الناس بالّذي قبله وهو وصيّه ، وعنده سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووصيّته وذلك عندي لا أنازع فيه قلت : إنَّ ذلك مستور مخافة السلطان ؟ قال : لا يكون في ستر إلّا وله حجّة ظاهرة ،

________________________________________________________

تجاوزت والضمير للإمامة أو الوصاية ، فقوله : من له مثل قرابته المراد به زيد أخوه وضمير قرابته لأبي جعفرعليه‌السلام « ومن هو أسن منه » أي من قرابته كأولاد الحسن لا من ولد أبيه « وقصرت » أي لم تبلغ الوصيّة والإمامة من هو أصغر منه ويحتمل أن يكون الواو للحال بتقدير قد أي لِمَ لم تصل إلى الأسنّ والحال أنها قصرت عن الأصغر لكونه أصغر.

والثاني : أن يكون المراد تكلموا في أبي جعفر ووصيته إلى الصادقعليهما‌السلام كيف تخطت أي وصيّة أبي جعفرعليه‌السلام على تقدير إمامته من له مثل قرابته ، أي قرابة أبي جعفرعليه‌السلام يعنّي زيد أو من هو أسن منه يعنّي زيدا أيضاً ، وضمير منه لوصيُّ أبي جعفرعليه‌السلام ولم يقل منك لأن هذا الكلام منقول عن الناس الغائبين ، ولرعاية الأدب.

« هو أولى الناس » أي نسباً بأن يكون ولده الأكبر أو أخصّ الناس به وبأموره وإسراره كما كان أمير المؤمنينعليه‌السلام بالنسبة إلى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذا سائر الأوصيّاًء بالنسبة إلى من تقدّمه « وهو وصيّه » أي في السرّ والعلانية ، بحيث يعلم المؤالف والمخالف جميعاً انّه وصيّه وانّ لم يعرفه بالإمامة جميعاً.

« و وصيّته » أي الوصيّة المختومة النازلة من السماء أو الأعم منها ومن سائر الوصايا ، والكتب « لا أنازع فيه » أي لا يدعيها أحد بأخذهما مني أو لا نزاع لأحد من الأقارب في أنهما عندي « إن ذلك مستور » أي الإمام أو السلاح والوصيّة « إلّا وله حجّة ظاهرة » وهي الوصيّة الشّايعة.

٢٣٧

إنَّ أبي استودعنّي ما هناك ، فلـمّا حضرته الوفاة قال : ادع لي شهوداً فدعوت أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن عمرّ قال : اكتب هذا ما أوصى به يعقوب بنيه «يا بنيّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدّين فَلا تَمُوتُنَّ إلّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ »(١) وأوصى محمّد بن عليّ إلى ابنه جعفر بن محمّد وأمره أن يكفنه في برده الّذي كان يصلّي فيه الجمع وانّ يعمّمه بعمامته وانّ يربع قبره ويرفعه أربع أصابع ثمَّ يخلي عنه فقال : اطووه ثمَّ قال : للشهود انصرفوا رحمكم الله فقلت بعد ما انصرفوا ما كان في هذا يا أبت أن تشهد عليه فقال : أنّي كرهت أن تغلب وانّ يقال : انّه لم يوص فأردت أن تكون لك حجّة فهو الّذي إذا قدم الرجلّ البلد قال : من وصيُّ فلان قيل فلان قلت فإن

________________________________________________________

« استودعني ما هناك » أي ما كان عنه من الكتب والسّلاح وسائر أسرار النبوة والخلافة « ثمَّ يخلي عنه » أي لا يفعل بعد ذلك شيئاً من بناء على القبر أو رفعه أكثر من ذلك ، وقد مرّ هذا المضمون في باب الإشارة والنصّ على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وكان هناك مكان هذه الفقرة وانّ يحل عنه أطماره عند دفنه « ما كان هذا » وبعض النسخ في هذا ، والكلام يحتمل النفي والاستفهام « أن تغلب » أي في ادعاء الإمامة فيكون قوله : وانّ يقال : ، تفسيرا له ، أي تصير مغلوبا بأن يقال : لو كان إماماً لأوصى إليه ، أو المعنى أن تغلب فيما لم يوافق العامة من الأحكام المذكورة ، وقوله : وانّ يقال : إشارة إلى ما مر.

« فأردت أن تكون لك حجّة » حاصله أن الإمام السابق وانّ لم يوص إلى اللاحقَّ بالإمامة مخافة السلطان إلّا انّه أوجب له الوصاية المطلقة وعين له الإتيان ببعض الأمور التي لا بأس بذكرها لتستدل شيعته بذلك على انّه الإمام بعده ، حيث فوض إليه الوصيّة دون غيره وانّ لم يعرفه شهود الوصيّة بذلك « فهو الّذي » ضمير هو لصاحب هذا الأمر « قال : من وصيُّ فلان » قيل : معطوف على قدم بحذف العاطف قبل جواب إذا وفلان قائم مقام عائد الّذي تسألونه أي الوصيُّ الواقعي كما قيل ، أو الشريك أو أحدهما أو كلاهما عن المسائل المغامضة والأمور المغيبة أو عن الإمام

__________________

(١) سورة البقرة : ١٣٢.

٢٣٨

اُشرك في الوصيّة ؟ قال : تسألونه فانّه سيبين لكم.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن بريد بن معاوية ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أصلحك الله بلغنا شكواك وأشفقنا فلو أعلمتنا أو علمتنا من قال : إن علياعليه‌السلام كان عالـماً والعلم يتوارث فلا يهلك عالم إلّا بقي من بعده من يعلم مثل علمه أو ما شاء الله قلت أفيسع النّاس إذا مات العالم إلّا يعرفوا الّذي بعده فقال : أما أهل هذه البلدة فلا - يعني المدينة - وأما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم إن الله يقول «وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدّين وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » قال : قلت أرأيت من مات في ذلك فقال : هو بمنزلة من خرج مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثمَّ يُدْرِكْهُ

________________________________________________________

« فانّه سيبيّن لكم » على بناء المجهول أو المعلوم.

الحديث الثالث : صحيح.

« والشكوى » بالفتح المرض « أشفقنا » أي خفنا أن تجيب داعي الله وتختار الآخرة على الدنيا ونبقي في حيرة من أمرنا ، ولو للتمني « أو علمنا » الترديد من الراوي ، أو المعنى أو علمنا من طريق آخر ، وفي بعض النسخ « أو علمتنا » فالأوّل متعيّن ، فأجابعليه‌السلام بانّه لا بد من عالم يعلم جميع ما تحتاج إليه الأمة في كل عصر يعلم علم الإمام السّابق أو ما شاء الله من الزيادة في ليلة القدر ، وما يحدث بالليل والنهار كما مرّ وقيل : أي ما شاء الله من إفناء العالم فلا بد من التفحّص حتّى يعلم عينه ، أو المعنى أن علامة الإمام اللاحقَّ أن يعلم جميع علم الإمام السابق ولا يجهل شيئاً من الأحكام ، وانّما لم يعيّنعليه‌السلام شخصه تقيّة.

« أرأيت من مات » أي أخبرني عن حال من مات « في ذلك » أي في الطلب ، والسكينة والوقار متقاربان معنى ، وهو الحلم والرزانة وعدم الطيش ، وقد يفسّر أحدهما باطمينان القلب ، والآخر باطمينان الجوارح ، ويمكن أن يراد بالسّكينة

٢٣٩

الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ، قال : قلت فإذا قدموا بأيّ شيء يعرفون صاحبّهم قال : يعطى السكينة والوقار والهيبة.

( باب )

( في أن الإمام متى يعلم أن الأمر قد صار إليه )

١ - أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي جرير القمّي قال : قلت لأبي الحسنعليه‌السلام جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك ثمَّ إليك ثمَّ حلفت له وحقَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحقَّ فلان وفلان حتّى انتهيت إليه بانّه لا يخرج مني ما تخبرني به إلى أحد من الناس وسألته عن أبيه أحيُّ هو أوميّت ؟ فقال : قد والله مات ، فقلت جعلت فداك إنّ شيعتك يروون : أنّ فيه سنّة

________________________________________________________

هنا إطمينان القلب بالعلوم ، وعدم الشك والتزلزل والاختلاف فيها ، وبالوقار عدم مبادرة الأعضاء إلى المعاصي والاختلاف في الأعمال ، وقيل : المراد بالسكينة سلاح رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لانّه قد مرّ انّه فينا بمنزلة التابوت في بنيّ إسرائيل ، وقد قال : تعالى في التابوت : «فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ »(١) ولا يخفى ما فيه.

والمراد بالهيبة المهابة التي يلقيها الله منه في قلوب عباده بدون الأسباب التي تكون لسلاطين الجور من الاتباع والعساكر والجور والظّلم ، وقيل : المراد خوف الله وهو التقوى.

باب في أن الإمام متى يعلم أن الأمر قد صار إليه

الحديث الأول : حسن كالصحيح والظّاهر أن أبا جرير هو زكريا بن إدريس وأبو الحسن هو الرضاعليه‌السلام .

« بانّه لا يخرج » متعلّق بقوله : حلفت « انّ فيه سنّة أربعة أنبياء » كانّه إشارة إلى ما رواه الصدوق في إكمال الدّين بإسناده عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٤٨.

٢٤٠