مرآة العقول الجزء ٤

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 380

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 380
المشاهدات: 19607
تحميل: 7979


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19607 / تحميل: 7979
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 4

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

طينات ونفخ فينا من الرُّوحين جميعاً فأطيب بها طيباً.

وروى غيره ، عن أبي الصامت قال : طين الجنان جنّة عدن وجنّة المأوى وجنّة النعيم والفردوس والخلد وطين الأرض مكّة والمدينة والكوفة وبيت المقدس والحائر.

________________________________________________________

الرّوحين جميعاً « فأطيب بها » صيغة التعجّب والله يعلم ويعلم خلق نبّيناصلى‌الله‌عليه‌وآله من ذلك بطريق الأولويّة ، ولا تغفل من أنّ المراد بيان خلق الأشرار ، فطينتهم وخلقهم غير ذلك ، انتهى.

« وطيبا » منصوب على الاختصاص وفي بعض نسخ البصائر طيناً بالنون ، فالنصب على التميز ، أي ما أطيبها من طينة.

« وروى غيره » كانّه عليّ بن عطيّة ، ويحتمل بعض أصحاب الكتب قبله ، وليس كلام الكلينيُّ لانّه في البصائر أيضاً هكذا ، وضمير غيره لابن رئاب وأبو الصامت راوي الباقر والصادقعليهما‌السلام ، والظّاهر انّه رواه عن أحدهما « جنة عدن » أي جنة إقامة ، في النهاية الجنة من الاجتنان وهو الستر لتكاثف أشجارها وتظليلها بالتفاف أغصانها ، وجنّة المأوى لرجوع المؤمنين إليها ونزولهم فيها ، والنعيم عطف على المأوى ، أي وجنّة النعيم لاشتمالها على النعمّة الدأئمّة الغير المتناهية ، والفردوس اسم البستان الّذي فيه الكرم والأشجار ، وفي الصحاح : الفردوس حديقة في الجنة والخلد دوام البقاء.

والكوفة مشهد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والحيرة حائر الحسينعليه‌السلام ، وقال : بعض المحقّقين : كانّهعليه‌السلام شبه علم الأنبياءعليهم‌السلام بالنهر لمناسبة ما بينهما في كون أحدهما مادة حياة الروح والآخر مادة حياة الجسم ، وعبر عنه بالنور لإضائته ، وعبر عن علم من دونهم من العلماء بنور النور لانّه من شعاع ذلك النور ، وكما أن حافتي النهر يحفظان الماء في النهر ويحيطان به فيجري إلى مستقره كذلك الروحان يحفظان العلم ويحيطان به ليجري إلى مستقره ، وهو قلب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أو الوصيُّ ، والطينات الجنانية كأنها من الملكوت ، والأرضية من الملك ، فإن

٢٨١

٤ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن أبي نهشل قال : حدَّثني محمّد بن إسماعيل ، عن أبي حمزة الثماليّ قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إن الله خلقنا من أعلى عليين - وخلق قلوب شيعتنا ممّا خلقنا وخلق أبدأنّهم من دون ذلك فقلوبهم تهوي إلينا لأنها خلقت ممّا خلقنا ثمَّ تلا هذه الآية «كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ .وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ .كِتابٌ مَرْقُومٌ .يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ »(١) وخلق عدوّنا من سجّين وخلق قلوب شيعتهم ممّا خلقهم منه

________________________________________________________

من مزجها خلق أبدان نبيّنا والأوصياءعليهم‌السلام من أهل البيت ، بخلاف سائر الأنبياء والملائكة فأنّهم خلقوا من إحدى الطينتين كما أنّ لهم أحد الرّوحين خاصّة ، من بعده جبله ، أي خلقه دون مرتبته ، انتهى.

وهذه الكلمات مبنيّة على الأصول المقرّرة عنده ، وهو أعلم بما قال.

الحديث الرابع : مجهول.

« خلقنا » أي قلوبنا « ممّا خلقنا » أي أبداننا منه ، وفيه اختصار كما يظهر من ملاحظة ما مرّ ، ويحتمل أن يكون المراد خلق أبداننا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا ممّا خلق أبداننا منه ، وهو أظهر.

واعلم أنّ المفسريّن اختلفوا في تفسير عليّين فقيل : هي مراتب عالية محفوفة بالجلالة ، وقيل : السماء السابعة ، وقيل : سدرة المنتهى ، وقيل : الجنة ، وقيل : لوح من زبرجدّ أخضر معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيه ، وقال : الفراء : أي في ارتفاع بعد ارتفاع لا غاية له ، فالمعنى أن كتابة أعمالهم أو ما يكتب منها في عليين أي في دفتر أعمالهم أو المراد أن دفتر أعمالهم في تلك الأمكنة الشريفة ، وعلى الأخير فيه حذف مضاف أي ما أدراك ما كتاب عليين ، هذا ما قيل في الآية الكريمة ، وأما استشهادهعليه‌السلام بها فهو إما لمناسبة كون كتاب أعمالهم في مكان أخذ منهم طينتهم ، أو هو مبنيّ على كون المراد بكتابهم أرواحهم إذ هي محل لارتسام علومهم « وخلق عدونا من سجيل » كذا في أكثر النسخ باللام ، والظّاهر سجين بالنون كما في بعض النسخ هنا ،

__________________

(١) سورة المطففين : ١٨ - ٢١.

٢٨٢

وأبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوي إليهم لأنّها خلقت ممّا خلقوا منه ثمَّ تلا هذه الآية : «كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ .وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ .كِتابٌ مَرْقُومٌ »(١)

( باب )

( التسليم وفضل المسلمين )

١ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن سدير قال : قلت لأبي جعفرعليه‌السلام أنّي تركت مواليك مختلفين يتبرأ بعضهم من بعض قال : فقال : وما أنت وذاك انّما كلّف النّاس ثلاثة معرفة الأئمّة والتسليم لهم فيما ورَّدُّ عليهم ، والرَّدُّ إليهم فيما اختلفوا فيه.

________________________________________________________

وفي نسخ البصائر ، وفي ما سيأتي في كتاب الإيمان والكفر أيضاً بهذا السند ، والاستشهاد بالآية أيضاً لا يستقيم إلّا عليه واختلفوا في تفسير السّجين أيضاً فقيل : الأرض السابعة ، وقيل : أسفل منها ، وقيل : جبّ في جهنّم ، وفي الصحاح سجين موضع فيه كتاب الفجّار ، وقال : ابن عباس : ودواوينهم ، قال : أبو عبيدة : هو فعيل من السجن كالفسّيق من الفسق ، ووجه الاستشهاد بالآية ما مرّ.

باب التسليم وفضل المسلمين

الحديث الأوّل : ضعيف بل مختلف فيه ، حسن عندنا.

« أنّي تركت مواليك » أي بالكوفة « مختلفين » أي في الفتاوى « ما أنت وذاك » الاستفهام للتوبيخ والإنكار والواو بمعنى مع ، والضمير المجرور في « عليهم » للناس وفي « لهم » و « إليهم » للأئمّة ، والمعنى انّه لا يضرك اختلافهم ، ولا ينبغي لك التعرض لهم ، والتسليم هو الانقياد التام فيما يصدر عنهمعليهم‌السلام قولا وفعلا ، وعدم الاعتراض عليهم في قيامهم بالأمر وقعودهم عنه ، وظهورهم وغيبتهم ، وما يصدر عنهم من الأحكام وغيرها على وجه التقية أو المصلحة أو غيرهما ، والرد إليهم استعلام الأمر منهم عند

__________________

(١) سورة المطففين : ٧ - ٩.

٢٨٣

٢ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد البرقيّ ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الله الكاهليّ قال : قال : أبو عبد اللهعليه‌السلام لو أنَّ قوماً عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وحجّوا البيت وصاموا شهر رمضان ثمَّ قالوا لشيء صنعه الله أو صنعه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا صنع خلاف الّذي صنع أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين ثمَّ تلا هذه الآية : «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً ممّا قَضَيْتَ

________________________________________________________

حضورهم ، أو العرض على سائر ما ورد عنهم من الأمور القطعية والقواعدّ الكلية التي بيّنوها في الجمع بين الأخبار المتعارضة عند غيبتهم ، أورد علمه إليهم مع صعوبته على الأفهام ، بأن يقال : لا نفهمه وانّ كان هذا منهم فهو حقَّ وهم أعلم بما قالوا ، ولا يبادر إلى رده ونفيه ، وقد صرّح بجميع ذلك في الأخبار ، وقد قال : لله تعالى : «يا أَيُّهَا الّذين آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرّسول وَأُولِي الأمر مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَردّوه إِلَى اللهِ وَالرّسول »(١) والرّد إليهم ردّ إلى الرسول ، لأنّ قولهم قوله وحكمهم حكمه ، مع انّه يظهر من الأخبار أن قوله : وإلى أولي الأمر منكم ، موجود في الأخير أيضاً.

الحديث الثاني : حسن.

« أو وجدوا ذلك في قلوبهم » بأن شكّوا في كونه على جهة الحكمة والمصلحة ، فالشرك محمول على ظاهره ، أو ثقل على طبعهم وان حكموا بكونه حقاً وموافقاً للحكمة فالشرك في مقابلة التوحيد الخالص الّذي هو كمال الإيمان «فَلا وَرَبِّكَ » أي فو ربك ولا مزيدة لتأكيد القسم أو النفي الآتي تأكيد له «لا يُؤْمِنُونَ » أي لا يتّصفون بالإيمان «حتّى يُحَكِّمُوكَ » ويجعلوك حاكماً «فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ » أي فيما اختلف بينهم واختلط ، ومنه الشجر لتداخل أغصانه «حَرَجاً ممّا قَضَيْتَ » أي ضيقاً ممّا حكمت به

__________________

(١) سورة النساء : ٥٩.

٢٨٤

وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً »(١) ثمَّ قال : أبو عبد اللهعليه‌السلام عليكم بالتسليم.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قلت له إن عندنا رجلاً يقال : له كليب فلا يجيء عنكم شيء إلّا قال : أنا أسلم فسّميناه كليب تسليم قال : فترحّم عليه ، ثمَّ قال : أتدرون ما التسليم فسكتنا فقال : هو والله الإخبات قول الله عزَّ وجلّ : «الّذين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ »(٢)

________________________________________________________

أو من حكمك أوشكّاً من أجله ، فإنّ الشّاك في ضيق من أمره «وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً » أي ينقادوا لك انقيادا بظاهرهم وباطنهم.

قال : المحققّ الطوسي (ره) : قوله : ثمَّ لا يجدوا ، إشارة إلى مرتبة الرضا ، وقوله : ويسلموا ، إلى مرتبة التسليم وهي فوق الرّضا.

الحديث الثالث : موثق.

« وكليب » بصيغة التصغير « أسلّم » بصيغة المتكلّم من باب التفعيل « فترحم عليه » أي قال :رحمه‌الله ، والإخبات الخشوع في الظّاهر والباطن ، والتواضع بالقلب والجوارح ، والطّاعة في السرّ والعلن من الخبت وهي الأرض المطمئنة ، قال : الراغب : الخبت المطمئن من الأرض ، وأخبت الرجلّ قصد الخبت أو نزله ، نحو أسهل وأنجدّ ، ثمَّ استعمل الإخبات في استعمال اللين والتواضع ، قال : عزَّ وجلّ : «وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ »(٣) وقال : تعالى : «وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ »(٤) أي المتواضعين نحو «لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ »(٥) وقوله تعالى : «فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ »(٦) أي تلين وتخشع ، انتهى.

« وقول الله » خبر مبتدإ محذوف ، أي هو قول الله ، أو مبتدأ خبره محذوف ، أي قول الله من ذلك.

__________________

(١) سورة النساء : ٦٨. (٢) سورة هود : ٢٥.

(٣) سورة هود : ٢٣. (٤) سورة الحج : ٢٢.

(٥) سورة الأعراف : ٢٠٦. (٦) سورة الحج : ٥٤.

٢٨٥

٤ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن أبان ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى «وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً » قال : الاقتراف التسليم لنا والصدق علينا وإلّا يكذب علينا.

٥ - عليُّ بن محمّد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد البرقيّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن

________________________________________________________

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور «وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً » قال : الطبرسيقدس‌سره : أي من فعل طاعة نزد له في تلك الطّاعة حسنى بأن نوجب له الثواب ، وذكر أبو حمزة الثمالي عن السدّي أنه قال : اقتراف الحسنة المودّة لآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وصحّ عن الحسن بن عليّعليهما‌السلام انّه خطب الناس فقال : في خطبته : أنا من أهل البيت الّذين افترض الله مودتهم على كل مسلم ، فقال : «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً » واقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت.

وروى إسماعيل بن عبد الخالق عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انّه قال : إنّها نزلت فينا أهل البيت أصحاب الكساء ، انتهى.

وأقول : الأخبار في كون المراد بالحسنة فيها مودّتهمعليهم‌السلام كثيرة أوردتها في الكتاب الكبير ، ويؤيّده أنّها وقعت بعد قوله تعالى : «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » ولا ينافيه هذا الخبر بل هو تفسير للمودة بأنها هي التي تكون مع الإقرار بإمامتهم ، والتسليم لهم ، والصدق عليهم ، وانّ لا يرووا عنهم ما لم يقولوا ، ويحتمل تعميم الحسنة بحيث يشمل كلّ طاعة ، وتكون هذه الأخبار محمولة على أنها أفضل أفرادها ، ولا يتوهّم التكرار في الثاني والثالث ، لأن الصدق عليهم لا ينافي الكذب عليهم ، فالثاني رواية الأحاديث الصادقة عنهم ، والثالث ترك رواية الأخبار الكاذبة عليهم ولا يغني شيء منهما عن الآخر.

الحديث الخامس : مجهول.

___________________

(١) سورة الشورى : ٢٢.

٢٨٦

عبد الحميد ، عن منصور بن يونس ، عن بشير الدّهان ، عن كامل التمّار قال : قال : أبو جعفرعليه‌السلام «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ » أتدري من هم ؟ قلت أنت أعلم ، قال : قد أفلح المؤمنون المسلّمون ، إنَّ المسلّمين هم النجباء ، فالمؤمن غريب فطوبى للغرباء.

٦ - عليُّ بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ، عن الخشّاب ، عن العبّاس بن عامرّ ، عن ربيع المسلي ، عن يحيى بن زكريّا الأنصاري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سمعته يقول : من سرّه أن يستكمل الإيمان كلّه فليقل : القول منّي في جميع الأشياء

________________________________________________________

وقيّدعليه‌السلام الإيمان أو فسّره به ، لـما مرّ من قوله سبحانّه : «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ».

« فالمؤمن غريب » أي فظهر صحّة قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المؤمن غريب ، أي نادر لا يجدّ من صنفه من يأنس به إلّا نادراً فأنسه بالله وبأوليائه ، ولو لم يكن إشارة إلى الخبر فالتفريع أيضاً ظاهر ، لأنّ أرباب التسليم قليلون.

وقيل : التفريع مبنيّ على ما اشتهر في الروايّة من قلّة عدد النجباء نحو : ما من قوم إلّا وفيهم نجيب أو نجيبان ، وقيل : انّما فرّع غربة المؤمن على تفسيره بالمسلم ، ووصف المسلم بالنجيب لقلّة المسلم والنجيب فيما بين النّاس وشذوذه جداً وهذا معنى الغربة.

كما قيل :

وللناس فيما يعشقون مذاهب

ولي مذهب فرد أعيش به وحدي

أقول : وفي المحاسن : والمؤمن بالواو ، فلا يحتاج إلى تكلّف ، وفي البصائر ثمَّ قال : إن المسلمين هم المنتجبون يوم القيامة هم أصحاب الحديث ، والنجيب الكريم الحسيب وطوبى مؤنث أطيب ، وسيأتي في الرواية انّه اسم شجرة في الجنّة.

الحديث السادس : مرسل مجهول.

« فليقل » كذا في بعض النسخ وهو الظّاهر ، وفي أكثر النسخ فليقبل ، ولعلّه تصحيف ، وعلى تقديره يمكن أن يكون القول مبتدأ وقول آل محمّد خبره ، والجملة مفعولا للقبول ، أي فليقبل هذه العقيدة ويذعن بها ويعمل بمقتضاها ، أو القول منصوب وقول آل محمّد بدل منه لبيان أنّ قولهعليه‌السلام موافق لقول جميعهم ، ففي قوله : فيما بلغني ،

٢٨٧

قول آل محمّد فيما أسرّوا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني.

٧ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة أو بريد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قال : لقد خاطب الله أمير المؤمنينعليه‌السلام في كتابه قال : قلت في أيّ موضع ؟ قال : في قوله «وَلَوْ أنّهم إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرّسول لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً *فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ » فيما تعاقدوا عليه لئن أمات الله محمّداً إلّا يردُّوا هذا الأمر

________________________________________________________

إلتفات ، وقيل : فيه إشارة إلى وجوب قبول قوله ، سواء نقله عن آبائه الطاهرين أم لا ، ولا يخفى ما فيه « فيما أسرّوا » أي أخفوه تقيّة من المخالفين أو لقصور فهم الناس.

الحديث السابع : حسن.

« لقد خاطب الله » يعني أن المخاطب في جاؤك وأمثاله أمير المؤمنينعليه‌السلام بقرينة «وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرّسول » فإنّ الالتفات من الخطاب إلى الغيبة ثمَّ العود إلى الخطاب نادر جدّاً وتفسير « ما شجر بينهم » بما تعاقدوا عليه إمّا مبنيّ على أنّ المراد بالشجر الجريان كما قيل ، أو على انّه وقع ابتداء بينهم تشاجر ثمَّ اتفقوا ، أو على أن المراد التشاجر بينهم وبين المؤمنين ، أو انّه لـمّا كان الأمر عظيماً من شانّه أن يتشاجر فيه عبر عن وقوعه بالشجر ، وقيل : أرادعليه‌السلام أن المراد بظلمهم أنفسهم تعاقدهم فيما بينهم منازعين لله ولرسوله وللمؤمنين أن يصرفوا الأمر عن بنيّ هاشم ، وانّه المراد بقوله فيها شجر بينهم ، أي فيما وقع النزاع بينهم مع الله ورسوله والمؤمنين بهذا التعاقد ، فإن الله كان معهم وفيما بينهم كما قال : سبحانّه : «وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً »(١) والرسول أيضاً كان عالـماً بما أسرّوا من مخالفته فكانّه كان فيهم شاهداً على منازعتهم إيّاه.

ومعنى تحكيمهم أمير المؤمنينعليه‌السلام على أنفسهم أن يقولوا له : إنّا ظلمنا أنفسنا بظلمنا إيّاك وإرادتنا صرف الأمر عنك مخالفة لله ورسوله فاحكم علينا بما شئت وطهّرنا

___________________

(١) سورة النساء : ١٠٨.

٢٨٨

في بنيّ هاشم : «ثمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً ممّا قَضَيْتَ » عليهم من القتل أو العفو «وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ».

٨ - أحمد بن مهرانرحمه‌الله ، عن عبد العظيم الحسنيّ ، عن عليّ بن أسباط ، عن عليّ بن عقبة ، عن الحكم بن أيمن ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزَّ وجلّ «الّذين يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسنّه » إلى آخر الآية قال : هم المسلّمون لآل محمّد ، الّذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه جاؤوا به كما سمعوه.

( باب )

( أن الواجب على الناس بعد ما يقضون مناسكهم أن يأتوا الإمام )

( فيسئلونه عن معالم دينهم ويعلمونهم ولايتهم ومودتهم له )

_______________________________________________________

كما شئت إمّا بالقتل أو العفو جزاء لـمّا فعلنا ، وفي القاموس : اشتجروا : تخالفوا كتشاجروا وشجر بينهم الأمر شجوراً تنازعوا فيه ، والشيء شجرا : ربطه ، والرجلّ عن الأمر صرفه ونحاه ومنعه ودفعه ، والشجر : الأمر المختلف ، وشجر كفرح كثر جمعه.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور ، وقد مرّ مضمونه في كتاب العقل في باب رواية الكتب ، والمشهور بين المفسّرين أنّ ضمير أحسنه راجع إلى القول فاتّباع احسنه عبارة عن ترك التصرف فيه بزيادة أو نقص لإرادة النقل بالمعنى ، وهذا التصرف مناف للتسليم وقد مرّ انّه يحتمل أن يكون الضمير راجعاً إلى الأتباع المذكور في ضمن الفعل ، أي يتّبعون أحسن اتباع فينطبق ما ذكرهعليه‌السلام عليه بلا تكلّف.

باب أن الواجب على الناس بعد ما يقضون مناسكهم أن يأتوا الإمام

فيسئلونه عن معالم دينهم ويعلمونهم ولايتهم ومودتهم لهم

الفاء في قوله « فيسئلونه » للاستئناف ، والتقدير فهم يسألونه ، قال : في مغني اللبيب : قيل : تكون الفاء للاستئناف كقوله : « ألم تسئل الرّبع القواء فينطق » أي فهو ينطق لأنهّا لو كانت للعطف لجزم ما بعدها ، ولو كانت للسببيّة لنصب ، انتهى.

٢٨٩

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن الفضيل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : نظر إلى النّاس يطوفون حول الكعبة فقال : هكذا كانوا يطوفون في الجاهليّة انّما أمروا أن يطوفوا بها ثمَّ ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم ومودتهم ويعرضوا علينا نصرتهم ثمَّ قرأ هذه الآية «فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ »(١)

________________________________________________________

الحديث الأول : حسن.

« هكذا كانوا يطوفون » أي في عدم المعرفة بأحكامه وآدابه وعدم تحقق شرائط القبول فيهم ، فإنّ من شرائطه الإسلام والإيمان وهؤلاء لإخلالهم بالولاية مثلهم في عدم الإيمان بل الإسلام ، وفيه إشعار بأن علة وجوب الحج إتيان الإمام وعرض الولاية والنصرة عليه وأخذ الأحكام منه ، فيحتمل أن يكون المراد بقوله : هكذا كانوا يطوفون ، أنّهم يطوفون من غير معرفة لهم بالمقصود الأصلي من الأمر بالإتيان إلى الكعبة والطواف ، فإن إبراهيم على نبينا وآله وعليه السلام حين بنى الكعبة وجعل لذريته عندها مسكنا قال : «رَبَّنا أنّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المحرّم رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ » فاستجاب الله دعاءه وأمرّ الناس بالإتيان إلى الحج من كل فج ليتحببوا إلى ذريته ويعرضوا عليهم نصرتهم وولايتهم ، ليصير ذلك سبباً لنجاتهم ووسيلة إلى رفع درجاتهم وذريعة إلى تعرف أحكام دينهم ، وتقوية أيمأنّهم ويقينهم وعرض النصرة أن يقولوا : نحن من شيعتكم متهيّئون لنصرتكم ، فإن أمرتمونا بالخروج والجهاد أو غير ذلك من الأمور نطيعكم.

ثمَّ اعلم أنّ في النسخ التي رأينا واجعل بالواو ، وفي المصاحف بالفاء ولعلّه من النّساخ أو نقل بالمعنى والأفئدة جمع فؤاد وهو القلب ، ومن للابتداء كقولك : القلب منّي سقيم ، أي أفئدة ناس ، أو للتبعيّض ولذلك ورد لو قال : أفئدة النّاس لازدحمت عليهم فارس والروم «تَهْوِي إِلَيْهِمْ » أي تسرع إليهم شوقاً وودّاً.

__________________

(١) سورة إبراهيم : ٣٧.

٢٩٠

٢ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن عليّ بن أسباط ، عن داود بن النعمان ، عن أبي عبيدة قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام - ورأى النّاس بمكّة وما يعملون - قال : فقال : فعال كفعال الجاهليّة أما والله ما أمروا بهذا وما أمروا إلّا أن يقضوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ فيمرّوا بنا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرتهم.

________________________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

وفعال بكسر الفاء جمع فعل ، وبالفتح مفرد « ما أمروا بهذا » أي وحده أو بهذا الوجه الّذي يفعلون كما مرّ ، قال : الله تعالى : «وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجإلّا وَعَلى كُلِّ ضامرّ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أيّام مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ ، ثمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ »(١) وقال : الطبرسي (ره) : ثمَّ ليقضوا تفثهم ، ليزيلوا تفث الحرام من تقليم ظفر وأخذ شعر وغسل واستعمال طيب ، وقيل : معناه ليقضوا مناسك الحجّ كلّها عن ابن عباس وابن عمرّ ، قال : الزجاج : قضاء التفث كناية عن الخروج من الإحرام إلى الإحلال «وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ » بقضائها أي وليتمّوا نذورهم وقضاءها قال : ابن عباس : هو نحر ما نذروا من البدن ، وقيل : هو ما نذروا من أعمال البر في أيّام الحج ، وربمّا نذر الإنسان أن يتصدق إن رزقه الله الحج ، وانّ كان على الرجلّ نذرا مطلقة فالأفضل أن يفي بها هناك أيضاً ، انتهى.

وأقول : قوله فيمرّوا بنا ، يحتمل أن يكون تفسيرا لقضاء التفث أو للإيفاء بالنذور ، فإن ولاية الإمام من أعظم العهود التي يجب الوفاء بها ، أو لا يكون تفسيرا لشيء منهما لبيان ما يجب عليهم الإتيان به بعد الحج وحكمة وجوب الحج كما مر. ويؤيد الأوّل ما روي عن عبد الله بن سنان عن ذريح المحاربي قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إن الله أمرني في كتابه بأمرّ فأحبّ أن أعلمه ، قال : وما ذاك؟ قلت : قول الله : «ثمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ » قال : ليقضوا تفثهم لقاء الإمام ، وليوفوا نذورهم تلك المناسك ، قال : عبد الله سنان : فأتيت أبا عبد اللهعليه‌السلام فقلت : جعلت فداك قول الله

__________________

(١) سورة الحج : ٢٩.

٢٩١

٣ - عليُّ بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فضّال جميعاً ، عن أبي جميلة ، عن خالد بن عمار ، عن سدير قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام وهو داخل وأنا خارج وأخذ بيدي ثمَّ استقبل البيت فقال : يا سدير انّما أمر النّاس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثمَّ يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا وهو قول الله «وَأنّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثمَّ اهْتَدى »(١) - ثمَّ أومأ بيده إلى صدره - إلى ولايتنا ثمَّ قال : يا سدير فاُريك

________________________________________________________

«ثمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ » قال : أخذ الشارب وقص الأظفار وما أشبه ذلك ، قال : قلت : جعلت فداك فإنّ ذريحاً المحاربي حدَّثني عنك أنّك قلت ثمَّ ليقضوا تفثهم : لقاء الإمام ، «وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ » تلك المناسك ، قال : صدق ذريح وصدقت ، إن للقرآن ظاهراً وباطناً ، ومن يحتمل ما يحتمل ذريح!

وعلى هذا فالمراد بالتفث أو قضائه تطهير البدن والقلب والروح من الأوساخ الظاهرة والباطنة ، فيدخل فيه المعنيان معاً إذ الغسل وحلق الشعر وقصّ الأظفار تطهير للبدن من الأوساخ الظاهرة ، ولقاء الإمام تطهير للقلب من الأدران والأوساخ الباطنة التي هي الجهل والضلال والصفات الرديّة والأخلاق الدنيّة ، وسيأتي مزيد توضيح لذلك في كتاب الحجّ إن شاء الله.

الحديث الثالث : ضعيف.

« وهو داخل » أي في المسجد الحرام « وأنا خارج » أي منه ، والواو الأولى للحال ، ومفعول سمعت محذوف يفسّره قوله يا سدير « وأخذ بيدي » عطف للجملة الفعليّة على الاسمية « يأتوا هذه الأحجار » كان التعبير بهذه العبارة للتنبيه على أن في أمرّ الحكيم العليم بإتيان هذه الأحجار لا بد من سرّ عظيم وحكمة جليلة هي إتيان الإمام وعرض الولاية عليهم ، فظاهره الأحجار وباطنه موالاة الأئمّة الأبرار « إلى ولايتنا » فيه تقدير القول ، أي وقال : ولايتنا ، والظرف متعلّق بقوله « اهتدى ».

« الصاديّن عن دين الله » أي المانعين الناس عنه.

__________________

(١) سورة طه : ٨٢.

٢٩٢

الصادّين عن دين الله ، ثمَّ نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري في ذلك الزّمان وهم حلق في المسجد فقال : هؤلاء الصادُّون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتاب مبين إن هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحداً يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

( باب )

( أن الأئمة تدخل الملائكة بيوتهم وتطأ بسطهم وتأتيهم )

( بالأخبارعليهم‌السلام )

١ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن مسمع كردين البصري قال : كنت لا أزيد على أكلة بالليل والنّهار ، فربّما استأذنت على أبي عبد اللهعليه‌السلام وأجد المائدة قد رفعت ، لعلّي لا أراها بين يديه ، فإذا دخلت دعا بها فأصيب

________________________________________________________

« إلى أبي حنيفة » من فقهاء المخالفين « وسفيان الثوري » من صوفيّتهم ، وضمير « هم » للصاديّن أو للملعونين باعتبار أنّهما كانا مع أتباعهما ، والحلق كعنب جمع حلقة بالفتح وهم الجماعات ، يستدير كل جماعة منهم كحلقة الباب وغيرها كذا في النهاية ، وقال : الجوهري : جمع الحلقة ، حلق بفتح الحاء على غير قياس ، وحكي عن أبي عمرو أن الواحد حلقة بالتحريك والجمع حلق بالفتح « بلا هدى من الله » تأكيد والهداية بالوحي أو الإلهام أو السماع من أئمّة الهدى ، والأخابيث جمع أخبث « لو جلسوا » لو للتمني وقوله « فنخبرهم » منصوب أو للشرط وجزاؤه محذوف أي لكان خيراً لهم ، ويدلّ على أن الصوفية الّذين كانوا في أعصار الأئمّةعليهم‌السلام كانوا معارضين لهم صادين عنهم وعن دين الله عليهم لعنة الله.

باب أن الأئمة تدخل الملائكة بيوتهم وتطأ بسطهم ويأتيهم بالأخبارعليهم‌السلام

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

« وأجد المائدة » جملة حاليّة يعني إستأذنت عليه والحال أنّي أجد أي أرى

٢٩٣

معه من الطعام ولا أتأذَّى بذلك وإذا عقّبت بالطعام عند غيره لم أقدر على أن أقر ولم أنم من النفخة فشكوت ذلك إليه وأخبرته بأنّي إذا أكلت عنده لم أتأذ به فقال : يا أبا سيّار إنّك تأكل طعام قوم صالحين تصافحهم الملائكة على فرشهم قال : قلت ويظهرون لكم ؟ قال : فمسح يده على بعض صبيانه فقال : هم ألطف بصبياننا منّا بهم.

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن القاسم ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال : يا حسين - وضرب بيده إلى مساور في البيت - مساور طال ما اتّكت عليها الملائكة وربّما التقطنا من زغبها.

________________________________________________________

أو أجدفي نفسي واعلم أنّ المائدة قد رفعت ، وانّما فعلت ذلك لكي لا أرى المائدة بين يديهعليه‌السلام ، والمعنى كنت أتعمّد الاستئذان عليه بعد رفع المائدة لئلّا يلزمني الأكل لزعمي أنّي أتضرر به « فأصبت معه » أي تناولت عنده أو بشراكته ، بأن يكونعليه‌السلام يعيد الأكل لعدم احتشامه « وإذا عقبت » على بناء التفعيل أي أكلت بعد أكلتي « من النفخة » أي الريح المحبوس في البطن « هم ألطف بصبياننا » أي يظهرون لنا لخدمة صبياننا ولا ينافي هذا ما مرّ أن الإمام لا يعاين الملك إذ قد سبق انّه محمول على انّه لا يعاينه وقت التحديث لا مطلقاً ، أو لا يرونه في صورته الأصليّة أو غالباً ، والأوّل أظهر.

الحديث الثاني : حسن.

والمساور جمع مسور كمنبر وهو متّكأ من أدم « مساور » خبر مبتدإ محذوف أي هذه مساور ، وما في قوله : ما اتّكت ، مصدريّة ، والاتّكاء مهموز قلبت همزته ألفاً وأسقطت بالإعلال « وربمّا التقطنا » أي أخذنا وفي القاموس : الزغب صغار الشعر والريش ولينه وأوّل ما يبدو منهما ، انتهى.

والخبر يدلّ صريحاً على تجسّم الملائكة وأنّهم أولو أجنحة كما عليه إجماع المسلمين ردّاً على الفلاسفة ومن يتبعهم.

٢٩٤

٣ - محمّد ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم قال : حدَّثني مالك بن عطية الأحمسي ، عن أبي حمزة الثماليّ قال : دخلت على عليّ بن الحسينعليه‌السلام فاحتبست في الدّار ساعة ثمَّ دخلت البيت وهو يلتقط شيئاً وأدخل يده من وراء الستر فناوله من كان في البيت فقلت جعلت فداك هذا الّذي أراك تلتقطه أي شيء هو فقال : فضلة من زغب الملائكة نجمعه إذا خلونا نجعله سيحاً لأولادنا ، فقلت : جعلت فداك

________________________________________________________

الحديث الثالث : صحيح « فاحتبست » على بناء المعلوم أو المجهول ، لانّه لازم ومتعدّ أي حبسوني في صحن الدّار ساعة ثمَّ جاءني الإذن في دخول البيت ، وكان الاحتباس كان لالتقاط الزّغب « إذا خلّونا » بتشديد اللام أي تركونا وذهبوا عنا أو بتخفيفها والواو الأصليّة من الخلوة ، والمال واحد « نجعله سيحاً » في أكثر النسخ بالياء المثنّاة التحتانيّة ، وقال : الجوهري : السيح ضرب من البرود ، والسيح عباءة وبرد مسيّح ومسيّر أي مخطّط ، وعباءة مسيحية ، وفي بعضها بالباء الموحدة جمع سبحة وبالضمّ وهي خرزات يسبح بها ، قيل : لعله أرادعليه‌السلام بذلك جعلها منظومة في خيط كالخزرات التي يسبح بها ، وتعليقها على الأولاد للعوذة ، وذلك لأن اتخاذ التمائم والعوذات من الخرزات على هيئة السبحة كان متعارفا في سوالف الأزمنة كما هو اليوم ، وربما تسمى سبحة وانّ لم يسبح بها ، انتهى.

وأقول : في بصائر الدرجات سخابا لأولادنا في أخبار كثيرة ، والسخاب ككتاب خيط ينظم فيه خزر ويلبسه الصبيان والجواري ، وقيل : هو قلادة تتخذ من قرنفل ومسك ونحوه وليس فيها من اللؤلؤ والجوهر شيء ، كذا ذكره الجزري.

ويؤيده ما رواه في البصائر أيضاً عن مفضل بن عمرّ قال : دخلت على أبي عبد الله فبينا أنا جالس عنده إذ أقبل موسى ابنه وفي رقبته قلادة فيها ريش غلاظ ، فدعوت به فقبلته وضممته إلى ، ثمَّ قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك أي شيء هذا الّذي في رقبة موسى؟ فقال : هذا من أجنحة الملائكة ، قال : فقلت : وإنها لتأتيكم؟ قال : نعم

٢٩٥

وإنّهم ليأتونكم ؟ فقال : يا أبا حمزة إنّهم ليزاحمونا على تكأتنا.

٤ - محمّد عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن أسلم ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال : سمعته يقول ما من ملك يهبطه الله في أمرمّا يهبطه إلّا بدأ بالإمام فعرض ذلك عليه وانّ مختلف الملائكة من عند الله تبارك وتعالى إلى صاحب هذا الأمر.

( باب )

( أن الجن يأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم ويتوجهون في أمورهم )

١ - بعض أصحابنا ، عن محمّد بن عليّ ، عن يحيى بن مساور ، عن سعد الاسكاف قال : أتيت أبا جعفرعليه‌السلام في بعض ما أتيته فجعل يقول لا تعجلّ حتّى حميت الشمس عليّ وجعلت أتتبّع الأفياء ، فما لبث أن خرج عليَّ قوم كأنّهم الجراد الصفر ، عليهم

________________________________________________________

وإنها لتأتينا وتتعفّر في فرشنا ، وانّ هذا الّذي في رقبة موسى من أجنحتها « ليزاحمونا » أي يجلسون في مجلسنا وعليّ مساورنا بحيث يضيّق المجلس علينا ، والتّكأة كهمزة : ما يعتمد عليه حين الجلوس.

الحديث الرابع : ضعيف ، وأبو الحسن هو الكاظمعليه‌السلام « في أمرّ » كان في للتعليل وما للإبهام والتعميم ، ويحتمل أن يكون ما للنفي تأكيداً للنفي السّابق لتعميم الحكم كلّ ملك وكلّ إهباط ، وفي البصائر في أمرّ ممّا يهبط له ، والمختلف مصدر ميمي وعبارة عن المجيء والذهاب « هذا الأمر » أي الإمامة.

باب أن الجن يأتونهم فيسئلونهم عن معالم دينهم ويتوجهون في

أمورهمعليهم‌السلام

الحديث الأول : مجهول.

« في بعض ما أتيته » ما مصدريّة « فجعل يقول لا تجعل » أي كلّما استأذنت للدخول عليه يقول لا تعجل ، فلبثت على الباب حتّى حميت الشمس أي اشتدّ حرّها « أتتبع الأفياء » أي أمشي من فيء يزول إلى فيء يحدث مراراً « فما لبث أن خرج »

٢٩٦

البتوت قد انتهكتهم العبادة ، قال : فو الله لأنسأنّي ما كنت فيه من حسن هيئة القوم فلـمّا دخلت عليه قال : لي أرأنّي قد شققت عليك قلت أجلّ والله لقد أنساني ما كنت فيه قوم مروا بي لم أرقوماً أحسن هيئة منهم في زيّ رجل واحد كأن ألوانهم الجراد الصفر قد انتهكتهم العبادة فقال : يا سعد رأيتهم ؟ قلت نعم قال : أولئك إخوانك من الجنّ ، قال : فقلت يأتونك قال : نعم يأتونا يسألونا عن معالم دينهم

________________________________________________________

الظاهر أنّ مراده أنّ خروجهم كان على فجأة بدون اطلاع مني عليه قبله ، أو حدث ذلك بعد يأسى من الدخول دفعة بلا مهلة ، وقيل : أن مصدريّة فاعل لبث ، أي كان خروجهم بدون تراخي بعضهم من بعض فكأنّهم خرجوا دفعة ، والجراد اسم جنس جرادة أقيم مقام الجمع بقرينة الصفر ، وفي سورة القمرّ : «كَأنّهم جَرادٌ مُنْتَشِرٌ »(١) .

وقال الجوهري : البتّ الطيلسان من خز ونحوه والجمع البتوت ، وفي القاموس نهكه كمنعه غلبه ، والثوب لبسه حتّى خلق نهكا ونهكا ونهاكة ، والضرع نهكا استوفي جميع ما فيه ، والحمى أضنته وهزلته وجهدته كنهكته كفرح وانتهكته ، انتهى.

وكان فاعل أنسأنّي الضمير الراجع إلى أن خرج ومفعوله : ما كنت فيه ، أي المشقة الحاصلة من حرارة الشمس وتتبع الأفياء ومن للتعليل.

ويحتمل أن يكون من للتبعيض والظرف فاعلا لأنسأنّي ، أي شيء من حسن هيئتهم « قد شققت عليك » أي أوقعتك في المشقة « أجلّ » بالتحريك أي نعم « في زي رجلّ واحد » في الصحاح : الزي اللباس والهيئة وأصله زوي ، أي كان جميعهم على هيئة واحدة أو كانوا لاجتماعهم على طريقة واحدة كأنّهم رجلّ واحد كما قيل ، والأوّل أظهر.

« كان ألوانهم الجراد » أي ألوانّ الجراد ، وقيل الألوانّ الأنواع والمراد هنا الشركاء في تمام الحقيقة النوعية وهو بعيد « رأيتهم » استفهام تقريري « إخوانك » أي أهل دينك « عن معالم دينهم » أي ما يعلمون به دينهم.

ويدلّ على أن الجن يمكن للناس رؤيتهم حتّى لغير الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام

__________________

(١) الآية : ٧.

٢٩٧

وحلالهم وحرامهم.

٢ - عليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن حسّان ، عن إبراهيم بن إسماعيل ، عن ابن جبل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : كنا ببابه فخرج علينا قوم أشباه الزُّط ، عليهم أزر وأكسية فسألنا أبا عبد اللهعليه‌السلام عنهم فقال : هؤلاء إخوانكم من الجنّ.

٣ - أحمد بن إدريس ومحمّد بن يحيى ، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ ، عن ابن فضّال ، عن بعض أصحابنا ، عن سعد الإسكاف قال : أتيت أبا جعفرعليه‌السلام اُريد الإذن عليه فإذا رحال إبل على الباب مصفوفة ، وإذا الأصوات قد ارتفعت ، ثمَّ خرج

________________________________________________________

وأنّهم أجسام لطيفة يتشكلون بإشكال الإنس وغيرهم ، إمّا بقدرة الله تعالى وإرادته أو أقدرهم الله تعالى على ذلك ، والآيات والأخبار دالة على ذلك أوردتها في كتاب السماء والعالم ، والقول بنفيهم أو عدم جواز رؤيتهم خروج عن الدّين ، وهو مذهب فلاسفة الملحدين ، ومنهم من ينكر رؤيتهم إذا كانوا بصورهم الأصليّة وهو أيضاً باطل والجنّ خلاف الإنس والواحد جنّي سميّت بذلك لاستتارها غالباً.

الحديث الثاني : ضعيف.

والزطّ بالضمّ جنس من السّودان والهنود ، والأزر جمع إزار ككتاب وكتب ، والأكسية جمع الكساء.

الحديث الثالث : مرسل.

« فإذا رحال إبل » وفي بعض النسخ : رحائل إبل عليها رحالها أو رحائلها ، وفي البصائر فإذا روأحلَّ على الباب وهو أظهر ، والرحال بالكسرّ جمع رحل بالفتح ، وهو للبعير كالسرج للفرس ، قال : الجوهري : الرحل رحل البعير وهو أصغر من القتب والجمع الرحال ، والراحلة الناقة التي تصلح لأن ترحل ويقال : الراحلة المركب من الإبل ذكرا كان أو أنثى ، والرحالة سرج من جلود ليس فيها خشب كانوا يتّخذونه للركض الشديد ، والجمع الرحائل ، انتهى.

ورحال مبتداء ، وعلى الباب خبره « مصفوفة » خبر ثان ، وارتفاع الأصوات إمّا

٢٩٨

قوم معتمّين بالعمائم يشبهون الزُّط ، قال : فدخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فقلت جعلت فداك أبطأ إذنك عليّ اليوم ورأيت قوماً خرجوا عليَّ معتميّن بالعمائم فأنكرتهم فقال : أوتدري من أولئك يا سعد قال : قلت : لا ، قال : فقال : اُولئك إخوانكم من الجنّ يأتونا فيسألونا عن حلالهم وحرامهم ومعالم دينهم.

٤ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن سدير الصيرفيّ قال : أوصاني أبو جعفرعليه‌السلام بحوائج له بالمدينة فخرجت فبينا أنا بين فج الروحاء على راحلتي إذا إنسان يلوي ثوبه قال : فملت إليه وظننت انّه عطشان فناولته الإداوة فقال : لي لا حاجة لي بها وناولني كتاباً طينه رطب قال : فلـمّا نظرت إلى الخاتم إذا خاتم أبي جعفرعليه‌السلام فقلت متى عهدك بصاحب الكتاب قال : الساعة وإذا في الكتاب أشياء يأمرني بها ثمَّ التفتُّ فإذا ليس عندي أحدٌ ، قال : ثمَّ قدم

________________________________________________________

عند السؤال أو عند الدعاء للخروج « فأنكرتهم » أي لم أعرفهم بأعيأنّهم « أو تدري من أولئك » أي من أيّ نوع هم؟ والهمزة للاستفهام والواو للعطف ، وقوله : لا ، لشكه بعد السؤال ، وإلّا كان قبل ذلك يظنّهم من الإنس ، وقد يقال : السؤال لإمكان حصول معرفة بعده أو لتنشيطه بها وتشويقه إليها ، وقيل : أي أنكرتهم قبل وتدري الآن بالتفكر ، والأصوب ما ذكرنا.

الحديث الرابع : حسن وآخره مرسل.

وقوله : بالمدينة ، إمّا متعلق بأوصاني بأن يكون الراوي خرج قبلهعليه‌السلام إلى مكّة فأوصاهعليه‌السلام بأشياء يعلمها في مكّة ، فالمراد بالقدوم دخول مكّة ، أو نعت للحوائج فالأمر بالعكس ، والفج : الطريق بين الجبلين أو الطريق الواسع ، والروحاء موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلا من المدينة على ما ذكره الفيروزآبادي.

« إذا إنسان » أي في الصورة وفي القاموس : لوّاه يلويه ليّاً فتله وثناه ، وبرأسه أمال ، والناقة بذنبها حرّكت كالوت فيهما ، وألوى الرجلّ بثوبه أشار ، وقال : الإداوة بالكسر : المطهرة.

٢٩٩

أبو جعفرعليه‌السلام فلقيته ، فقلت جعلت فداك رجلٌ أتاني بكتابك وطينه رطب فقال : يا سدير إن لنا خدماً من الجنّ فإذا أردنا السرعة بعثناهم.

وفي رواية أخرى قال : إن لنا أتباعاً من الجن كما أن لنا أتباعاً من الإنس فإذا أردنا أمراً بعثناهم.

٥ - عليّ بن محمّد ، ومحمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد عمّن ذكره ، عن محمّد بن جحرش قال : حدَّثتني حكيمة بنت موسى قالت رأيت الرضاعليه‌السلام واقفاً على باب بيت الحطب وهو يناجي ولست أرى أحدا فقلت يا سيّدي لمن تناجي فقال : هذا عامرّ الزهرائي أتاني يسألني ويشكو إلي فقلت يا سيّدي أحبّ أن أسمع كلامه فقال : لي إنك إن سمعت به حممت سنة فقلت يا سيّدي أحبّ أن أسمعه فقال : لي اسمعي فاستمعت فسمعت شبه الصفير وركبتني الحمى فحممت سنة.

٦ - محمّد بن يحيى وأحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عمرو بن عثمان ، عن إبراهيم بن أيوب ، عن عمرو بن شمرّ ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام على المنبر إذ أقبل ثعبان من ناحية باب من أبواب

________________________________________________________

قوله : طينه رطب ، أي الطين الّذي ختم عليه ، ويدلّ على أن الجنّ لهم حالة يرون فيها وأخرى لا يرون فيها.

الحديث الخامس : ضعيف.

وجحرش كجعفر ، وحكيمة بفتح الحاء وكسرّ الكاف أو بضمّ الحاء وفتح الكاف وهي أخت الرضاعليه‌السلام ، وعامرّ اسم الجني « حممت » بصيغة المجهول ويشكو إلى أي مرضاً أو ظلـمّا وقع عليه ، وركبتني من باب علم أي علتني.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور ومضمونه من المتواترات ، وباب الثعبان في مسجد الكوفة مشهور ، ويذكر أن بنيّ اميّة لعنهم الله ربطوا على هذا الباب فيلا لمحو هذا الاسم عن الخواطر فاشتهر بباب الفيل بعد ذلك ، والثعبان الحيّة الضخمة الطويلة ، وإذ للمفاجأة.

« من أبواب المسجد » أي مسجد الكوفة « فهمّ الناس » أي قصدوا أن يقتلوه

٣٠٠