مرآة العقول الجزء ٤

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 380

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 380
المشاهدات: 19614
تحميل: 7979


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19614 / تحميل: 7979
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 4

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بينهما ، فما ظنّكم بسائر الخلق ، إنَّ علم العلماء صعب مستصعب لا يحتمله إلّا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان فقال : وانّما صار سلمان

________________________________________________________

فيقتلونه.

ويأبى عنه ما رواه الكشّي بإسناده عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : دخل أبو ذر على سلمان وهو يطبخ قدرا له ، فبينا هما يتحدثان إذا انكبت القدر على وجهها على الأرض فلم يسقط من مرقها ولا من ودكها فعجب من ذلك أبو ذر عجباً شديداً وأخذ سلمان القدر فوضعها على حالها الأوّل على النار ثانية ، وأقبلا يتحدّثان فبينا هما يتحدثان إذا انكبت القدر على وجهها فلم يسقط منها شيء من مرقها ولا ودكها(١) ، قال : فخرج أبو ذر وهو مذعور من عند سلمان ، فبينما هو متفكّر إذ لقي أمير المؤمنينعليه‌السلام على الباب فلـمّا أن بصر به أمير المؤمنين قال : له : يا با ذر ما الّذي أخرجك من عند سلمان؟ وما الّذي ذعرك؟ فقال : أبو ذر : يا أمير المؤمنين رأيت سلمان صنع كذا وكذا فعجبت من ذلك! فقال : أمير المؤمنينعليه‌السلام : يا أبا ذر إنّ سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت رحم الله قاتل سلمان ، إن سلمان باب الله في الأرض : من عرفه كان مؤمناً ومن أنكره كان كافراً ، وانّ سلمان منا أهل البيت.

وروى خطبة لسلمانرضي‌الله‌عنه قال : فيها : فقد أوتيت العلم كثيرا ، ولو أخبرتكم بكل ما أعلم لقالت طائفة لمجنون ، وقالت طائفة أخرى اللّهم اغفر لقاتل سلمان.

أقول : فظهر أن المعنى هو ما ذكرنا أولاً ، وقد قيل : وذلك لأن مكنون العلم عزيز المنال دقيق المدرك ، صعب الوصول يقصر عن وصوله الفحول من العلماء ، فضلاً عن الضعفاء ، ولهذا انّما يخاطب الجمهور بظواهر الشرع ومجملاته دون إسراره وأغواره لقصور إفهامهم عن إدراكها ، وضيّق حواصلهم عن احتمالها ، إذ لا يسعهم الجمع بين الظّاهر والباطن ، فيظنون تخالفهما وتنافيهما ، فينكرون فيقتلون ، انتهى.

وأقول : بل الظّاهر أن كلا من الخلق لا سيّما المقربين يحتمل علـمّا لا يحتمله

__________________

(١) الودك : الدسم والشحم.

٣٢١

من العلماء لانّه امرؤ منا أهل البيت فلذلك نسبته إلى العلماء.

٣ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن البرقي ، عن ابن سنان أو غيره رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلّا صدور منيرة أو قلوب سليمة أو أخلاق حسنة إن الله أخذ من شيعتنا الميثاق كما أخذ على بنيّ آدم

________________________________________________________

الآخر ، كما روى الكشّي بإسناده عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله يقول : قال : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا سلمان لو عرض علمك على مقداد لكفر ، يا مقداد لو عرض علمك على سلمان لكفر.

قوله : من العلماء ، أي الكاملين الربانيين أو علماء أهل البيتعليهم‌السلام لانّه أمرّ منا لفرط اختصاصه بنا وانقطاعه إلينا واقتباسه من أنوارنا ، ولذلك نسبته بصيغة المتكلّم أو المصدر ، فتدبر.

الحديث الثالث : ضعيف « إلّا صدور منيرة » بأنوار القابلية والهداية ، والكمال « أو قلوب سليمة » من الشك والشرك والحقد والنفاق ، كما قال : تعالى : «إلّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ »(١) « أو أخلاق حسنة » أي ذوو أخلاق ، ولعلّ أو هنا للتخيير في التعبير ، نحو «أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ »(٢) ويؤيده أن في بعض الروايات بالواو ، ويحتمل أن يكون المراد بالأوّل الملائكة وبالثاني الأنبياء والأوصيّاًءعليهم‌السلام ، وبالثالث العبد المؤمن الّذي امتحن الله قلبه للإيمان ، على سياق سائر الأخبار ، أو بالأوّل الأنبياء والأوصيّاًء ، وبالثاني الكمل من المؤمنين ، وبالثالث سائر الشيعة بأن يكون المراد بالحديث الولاية ومعرفتهم على الكمال في الجملة.

« إن الله أخذ من شيعتنا » أي ممن يمكن أن يكون منهم أو التخصيص بهم باعتبار أنّهم المنتفعون به ليصح التقسيم المذكور بعد ذلك ، وللأخبار الدالة على أن ميثاق الولاية مأخوذ عن الجميع ، وقيل : يعنّي أخذ من شيعتنا الميثاق بولايتنا ، واحتمال حديثنا بالقبول والكتمان ، كما أخذ على سائر بنيّ آدم الميثاق بربوبيته.

__________________

(١) سورة الشعراء : ٨٩.

(٢) سورة البقرة : ١٩.

٣٢٢

«أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ » فمن وفى لنا وفى الله له بالجنّة ومن أبغضنا ولم يؤدّ إلينا حقّنا ففي النار خالداً مخلّداً.

٤ - محمّد بن يحيى وغيره ، عن محمّد بن أحمد ، عن بعض أصحابنا قال : كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكرعليه‌السلام جعلت فداك ما معنى قول الصادقعليه‌السلام حديثنا لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان فجاء الجواب انّما معنى قول الصادقعليه‌السلام أي لا يحتمله ملك ولا نبي ولا مؤمن إن

________________________________________________________

وقال : المحدّث الأسترآباديقدس‌سره : أقول : قد وقع التصريح في كلامهمعليهم‌السلام بأن فعل الأرواح في عالم الأبدان موافق لفعلهم يوم الميثاق ، فالمراد : من وفى لنا في عالم الأرواح وعالم الأبدان بما كلفهم الله من التسليم لنا ، انتهى.

« ومن أبغضنا » الظّاهر أن المراد بالبغض عدم أداء حقهم وعدم الإقرار بإمامتهم ، فالعطف في قوله : « ولم يؤد » للتفسير ، أو الواو بمعنى أو فيدلّ على خلود المخالفين في النار ، وقوله : مخلدا تأكيد.

الحديث الرابع : مرسل.

« لا يحتمله » أي لا يصبر ولا يطيق كتمانّه لشدة حبه لهم وحرصه على ذكر فضائلهم ، حتّى ينقله إلى آخر فيحدّثه به والحاصل أن هذا الاحتمال غير الاحتمال الوارد في الأخبار المتضمنة للاستثناء ، فلا تنافي بينهما ، ويمكن أن يكون منشأ السؤال توهم التنافي أو استبعاد أن يكون هؤلاء غير قابلين لحمله وفهمه ، ويمكن أن يكون هذا الحديث أيضاً من العلوم التي لا تحتملها عقول أكثر الخلق ، فلذا أولهعليه‌السلام بما ترى لئلا يصير سبباً لإنكارهم ونفورهم.

وروى الصدوقرضي‌الله‌عنه في معأنّي الأخبار بإسناده عن سدير قال : سألت أبا عبد الله عن قول أمير المؤمنينعليه‌السلام إن أمرنا صعب مستصعب لا يقر به إلّا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان؟ فقال : إن في الملائكة مقرّبين وغير مقرّبين ، ومن الأنبياء مرسلين وغير مرسلين ، ومن المؤمنين ممتحنين وغير

٣٢٣

الملك لا يحتمله حتّى يخرجه إلى ملك غيره والنبيُّ لا يحتمله حتّى يخرجه إلى نبي غيره والمؤمن لا يحتمله حتّى يخرجه إلى مؤمن غيره فهذا معنى قول جديعليه‌السلام .

٥ - أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسين ، عن منصور بن العبّاس ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن محمّد بن عبد الخالق وأبي بصير قال : قال : أبو عبد اللهعليه‌السلام يا أبا محمّد إن عندنا والله سرّاً من سرّ الله وعلـمّا من علم الله والله ما يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان والله ما كلف الله ذلك أحداً غيرنا ولا استعبد بذلك أحداً غيرنا وانّ عندنا سرّاً من سرّ الله وعلـمّا من علم الله أمرنا الله بتبليغه فبلغنا عن الله عزَّ وجلّ ما أمرنا بتبليغه فلم نجدّ له موضعاً ولا أهلا ولا حمالة يحتملونه حتّى خلق الله لذلك أقواماً ، خلقوا من طينة خلق منها

________________________________________________________

ممتحنين ، فعرض أمركم هذا على الملائكة فلم يقر به إلّا المقربون ، وعرض على الأنبياء فلم يقر به إلّا المرسلون ، وعرض على المؤمنين فلم يقر به إلّا الممتحنون ، فلعلّ المراد به الإقرار التام الّذي يكون عن معرفة تامّة بعلو قدرهم وغرائب شأنّهم ، فلا ينافي عدم إقرار بعض الملائكة والأنبياء هذا النوع من الإقرار عصمتهم وطهارتهم ، وكذا القول في الخبر الآتي.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

« ولا استعبد » تأكيد « فبلغناه عن الله » كذا في أكثر النسخ ، فقوله : ما أمرنا ، بدل من الضمير ، وفي بعض النسخ كما في غيره من الكتب بدون الضمير ، وفي بعض الكتب ليس ما أمرنا بتبليغه « فلم نجدّ » أي حين أردنا تبليغه « موضعا ولا أهلا ولا حمالة » بفتح الحاء وشد الميم جمع الحامل ، ويحتمل أن يكون التاء للمبالغة ، وفي كتاب رياض الجنان ولا حملة والكلّ بمعنى واحد على التأكيد ، أو المراد بالموضع القابل وبالأهل المستعدّ للقبول ، وبالحمالة طائفة يحفظون الألفاظ بلا زيادة ونقصان لمحض الرواية لغيرهم ، بدون إيمان بمعناه ، ولا استعداد للإيمان به كما سيأتي ، فرب حامل فقه غير فقيه.

٣٢٤

محمّد وآله وذرّيّتهعليهم‌السلام ومن نور خلق الله منه محمداً وذريته وصنعهم بفضل رحمته التي صنع منها محمداً وذريته فبلغنا عن الله ما أمرنا بتبليغه فقبلوه واحتملوا ذلك فبلغهم ذلك عنا فقبلوه واحتملوه وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا فلو لا أنّهم خلقوا من هذا لـمّا كانوا كذلك لا والله ما احتملوه ثمَّ قال : إن الله خلق أقواما لجهنم والنار فأمرنا أن نبلغهم كما بلغناهم واشمأزوا من ذلك ونفرت قلوبهم وردّوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به وقالوا «ساحِرٌ كَذَّابٌ فطَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ».

________________________________________________________

وقيل هذا الكلام إخبار عمّا وقع متّصلا بوفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من انحراف جميع الناس من الحقَّ إلى الباطل إلّا نادراً كالمعدوم « وأقواماً » عبارة عن الشيعة الّذين آمنوا بأهل البيتعليهم‌السلام بعد قتل عثمان وكثروا.

وأقول : يمكن أن يقول ضمير عندنا للأئمّةعليهم‌السلام ، والأربعة الّذين كانوا مؤمنين ولم يرتدوا كانوا من أصحاب الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والكاملون من أصحاب أمير المؤمنين وسائر الأئمّةعليهم‌السلام خلقوا بعد ذلك.

قولهعليه‌السلام فبلغهم ذلك عنا ، أي بواسطة الرواة الثقات كما في البعداء في زمان حضور الإمام ، وكما في جميع الشيعة في زمان غيبته ، وقيل : هو مطاوع بلغنا ذكر للتأكيد.

« لا والله ما احتملوه » تأكيد لقوله : ما كانوا كذلك « لجهنم » اللام للعاقبة كما قالوا في قوله تعالى : «وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ »(١) .

« كما بلغناهم » أي كما بلغنا الأولين لم يكن تفاوت بينهما ، وقيل : الضمير لأهل جهنم أي لم تقصر في التبليغ المأمور به وهو بعيد ، وفي الكلام حذف يعنّي فبلغناهم فما قبلوه.

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٧٩.

٣٢٥

وأنساهم ذلك ثمَّ أطلق الله لسانهم ببعض الحقَّ ، فهم ينطقون به و «قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ » ليكون ذلك دفعا عن أوليائه وأهل طاعته ولو لا ذلك ما عبد الله في أرضه ، فأمرنا بالكف عنهم والستر والكتمان فاكتموا عمّن أمرّ الله بالكف عنه واستروا عمّن أمر الله بالستر

________________________________________________________

وفي رياض الجنان وأمرنا أن نبلغهم ذلك فبلغناه فاشمأزت قلوبهم منه ونفروا عنه ، وهنا : ونفرت قلوبهم عطف تفسير لاشمأزوا وردّوه علينا ، ولو كانوا ردّوه إليهم لكان خيراً لهم ولكن لسوء طينتهم ردّوه عليهم وكذبوا به و «فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ » قيل أي عالم بالغرائب التي لا نعلمها نحن ويروّج بها كذبه.

« فطبع الله » أي ختم كناية عن الخذلان ، وقال : المحدّث الأسترآباديرحمه‌الله : صريح في أن إضلال الله بعض عباده من باب المجازات لا ابتداء كما زعمته الأشاعرة ، انتهى.

« وأنساهم ذلك » أي إنكارهم للحقَّ أو تنافي ما يذكرونه ويروونه لـمّا يظهرون من معتقدهم « ثمَّ أطلق الله » أي أجرى على لسانهم بعض الحقَّ كما رواه محدثو المخالفين من الأخبار الدالة على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وعدم قابلية خلفائهم الضالين للخلافة واعترافهم بكون أمير المؤمنينعليه‌السلام أفضل وأعلم وأشجع وأعبد وأورع ممن قدموه عليه وأمثال ذلك ممّا احتجت الشيعة عليهم أخذا من كتبهم المعتبرة « ليكون ذلك » أي إطلاق ألسنتهم ببعض الحقَّ دفعا عن أوليائه شبه المخالفين وتشنيعهم وإفراط جدالهم ، وقال : بعض المحقّقين : نبه بذلك على أنّهم لو كانوا ذاكرين لـمّا سمعوه منهمعليهم‌السلام لـمّا نطقوا به أبدا لفرط عنادهم لهمعليهم‌السلام وبغضهم إيّاهم ولكنهم لـمّا أنساهم الله ذلك نطقوا ببعضه من طريق آخر بإنطاق الله إيّاهم وإطلاق لسانهم به لحكمة له سبحانه في ذلك ، وهو الدفع عن أوليائه فأنّهم إذا كانوا شركاء لهم في النطق به فلا يسعهم الأذى بهم بسببه.

« ليكون ذلك » أي ليكون نطقهم ببعض الحقَّ لا إنكارهم بقلوبهم فإنها جملة معترضة وانّما كانت قلوبهم منكرة لأهل هذا العلم والسرّ بأعيانهم حسداً منهم عليهم

٣٢٦

والكتمان عنه ، قال : ثمَّ رفع يده وبكى وقال : اللهم «إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ » فاجعل محيانا محياهم ومماتنا مماتهم ولا تسلّط عليهم عدوا لك فتفجعنا بهم فإنك إن أفجعتنا بهم لم تعبد أبدا في أرضك وصلّى الله على محمّد وآله وسلم تسليما.

________________________________________________________

وعداوة لهم ، وليست منكرة للعلم نفسه ، ولهذا ينطقون ببعضه ، وهذا مثل طائفة من أهل الخلاف والناطقين ببعض الأسرار الإلهية المنكرين لفضل أهل البيت الجاهلين لعلومهم ورتبتهم ، وربما يوجد فيهم من يظنّ بنفسه انّه خير منهم وأعلم وأكمل. فأمروناعليهم‌السلام بالكف عنهم وستر ما أمرهم.

« أنّ هؤلاء » أي الشيعة القابلين لأمرهم ، المسلمين لهم ، والشر ذمة بالكسرّ القليل من الناس « فاجعل محيانا محياهم » أي صير محياهم كمحيانا ، والمحيا مصدر ميمي ، وقيل : أي ما نحيا عليه من الإيمان والعمل الصالح ، وكذا الممات مصدر ميمي ، وقيل : ما نموت عليه من لقاء الله ورضوانّه ، والمعنى صير مماتهم كمماتنا ويحتمل على بعد أن يكون المعنى اجعلهم بحيث يعدون حياتهم في حياتنا ، وموتهم في موتنا ، والإفجاع الإيلام والإيجاع ، قال : الفيروزآبادي : فجعه كمنعه والفجع أن يوجع الإنسان بشيء يكرم عليه فيعدمه وتفجع توجع للمصيبة.

« لم تعبد أبداً » لأن عبادة غير الشيعة ليست بصحيحة ، والمعصوم أيضاً مع فقد الشيعة لا تتأتى منه بعض العبادات المتعلقة بالرئاسة والهداية ، مع أن المقصود هنا غير المعصوم والتنبيه على عدم صحّة عبادة غير الشيعة.

٣٢٧

( باب )

( ما أمرّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالنصيحة لأئمّة المسلمين )

( واللزوم لجماعتهم ومن هم ؟ )

١ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطب الناس في مسجد الخيف فقال : نضّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها وحفظها

________________________________________________________

باب ما أمر النبي (ص) بالنصيحة لأئمّة المسلمين واللزوم

لجماعتهم ومن هم

الحديث الأول : موثق كالصحيح بسنديه.

ومسجد الخيف بالفتح مسجد منى ، وانّما سمي الخيف لانّه مرتفع عن الوادي ، وما ارتفع عن الوادي يسمّى خيفاً « نضر الله عبداً » كنصر أو على بناء التفعيل أي سرّه وأبهجه ، قال : في النهاية : فيه : نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها ، نضرة ونضرة وأنضره ، أي نعمّه ويروى بالتشديد والتخفيف من النضارة وهي في الأصل حسن الوجه والبريق ، وانّما أراد حسن خلقه وقدره ، وفي المغرب عن الأزدي ليس هذا من الحسن في الوجه وانّما هو في الجاه والقدر.

وفي النهاية وعيت الحديث أعيه وعيا فأنا واع إذا حفظته وفهمته ، وفلان أوعى من فلان أي أحفظ وأفهم ، ومنه الحديث نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فرب مبلغ أوعى من سامع ، انتهى.

« وحفظها » تأكيداً ، والوعي عند السّماع والحفظ بعده ، وظاهره حفظ اللفظ فيدلّ على رجحانّه ولا ريب فيه ، وأمّا ما استدلّ به على عدم جواز النقل بالمعنى فلا يخفى وهنه ، فإن الدعاء لمن فعل فعلا لا يدلّ على حرمة تركه ، مع انّه يحتمل أن يكون المعنى تغيير شيء يتغيّر به المعنى لكنه بعيد عن سياق ما سيأتي كما لا يخفى.

٣٢٨

وبلّغها من لم يسمعها ، فرُبَّ حامل فقه غير فقيه وربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغلُ عليهنَّ قلب امرىء مسلم : إخلاص العمل لله والنصيحة لأئمّة

________________________________________________________

« وبلّغها من يسمعها » يدلّ على فضل رواية الحديث « فرب حامل فقه » قيل :

الفاء للبيان وربّ للتكثير ، وفيها ثمان لغات ضم المهملة وفتحها ، وشد الموحدة المفتوحة وتخفيفها ، وهو مبتدأ مضاف عند الكوفيّين ، وحرف جر مجرورها مبتدأ وهو مجرور لفظاً مرفوع محلاً عند البصريّين.

والفقه بالكسر العلم ، و « غير » مرفوع بالخبرية ، وكذا « إلى من » خبر المبتدأ بتأويل مؤدّ « ثلاث » مبتدأ أي ثلاث خصال والجملة التي تليها خبرها ، أو نعت والخبر إخلاص العمل ، وقال : في النهاية : في الحديث ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن ، هو من الأغلال الخيانة في كل شيء ، ويروى يغل بفتح الياء من الغل وهو الحقد ، أي لا يدخله حقد يزيله عن الحقَّ ، وروي يغل بالتخفيف من الوغول الدخول في الشر ، والمعنى أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب ، فمن تمسّك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر « وعليهن » في موضع الحال تقديره لا يغل كائناً عليهن قلب مؤمن ، انتهى.

وقال : الطيبي : أي لا يخون قلبه فيها ، قوله : ثلاث تأكيد لقوله نضر الله امرءا سمع مقالتي ، فانّه لـمّا حرض على تعليم السنن قفاه برد ما عسى أن تعرض مانعاً ، انتهى.

قوله : إخلاص العمل لله ، أي صونه عن الرياء والسمعة والأغراض الفاسدة ، « والنصيحة لأئمّة المسلمين » أي خلوص الاعتقاد فيهم والمودة لهم ومتابعتهم في جميع أقوالهم وأفعالهم ، قال : في النهاية : فيه : إن الدّين النصيحة لله ولرسوله ولكتابة ولأئمّة المسلمين وعامتهم ، النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له ، وليس يمكن أن يعبر هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناها غيرها ، وأصل النصح في اللغة الخلوص ، يقال : نصحه ونصحت له ومعنى نصيحته لله صحّة الاعتقاد في وحدانيته

٣٢٩

المسلمين ، واللّزوم لجماعتهم ، فإنَّ دعوتهم محيطة من ورائهم.

________________________________________________________

وإخلاص النيّة في عبادته ، والنصيحة لكتاب الله هو التصديق والعمل بما فيه ، ونصيحة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التصديق بنبوته ورسالته والانقياد لـمّا أمرّ به ونهى عنه ، ونصيحته الأئمّة أن يطيعهم في الحقَّ ولا يرى الخروج عليهم إذا جاروا ونصيحة عامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم ، انتهى.

وأقول : لـمّا كان الإمام عنده كلّ من اجتمع الناس عليه من خلفاء الحقَّ والجور فسرّ نصيحة الأئمّة بما ترى « واللزوم لجماعتهم » الضمير إما للأئمّة أي لـمّا اجتمعوا عليه فانّه ليس بينهم اختلاف ولا تفرق ، وكلهم على أمرّ واحد أو للقوم الّذين اتفقوا عليهم وهم الشيعة الإماميّة ، أو الضمير راجع إلى المسلمين ويرجع إلى المعنى الثاني فإن جماعة المسلمين هم أئمّة الحقَّ ومن اتفقوا عليهم فأنّهم على أمرّ واحد ليس فيهم اختلاف الآراء والأهواء.

كما روى الصدوق (ره) في معأنّي الأخبار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما جماعة أمتك؟ قال : من كان على الحقَّ وانّ كانوا عشرة ، وفي رواية أخرى عن أبي حميد رفعه قال : جاء رجلّ إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : أخبرني عن السّنة والبدعة ، وعن الجماعة وعن الفرقة؟ فقال : أمير المؤمنينعليه‌السلام : السّنة ما سن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والبدعة ما أحدّث من بعده ، والجماعة أهل الحقَّ وانّ كانوا قليلاً والفرقة أهل الباطل وانّ كانوا كثيراً ، وقيل : المراد ملازمة صلاة الجماعة مع المسلمين ولا يخفى بعده.

« فإن دعوتهم محيطة من ورائهم » الظّاهر إرجاع الضميرين إلى المسلمين ، والدعوة المرّة من الدعاء وإضافتها إلى الضمير إضافة إلى المفعول ، أي دعاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم محيطة بهم ، فإذا دخل فيهم ولزم جماعتهم شمله ذلك الدعاء ، أو إلى الفاعل أي دعاء المسلمين بعضهم لبعض يشمله ، ويحتمل إرجاع الضمير الأوّل إلى الأئمّة ، والثاني إلى المسلمين ، أي دعاء الأئمّةعليهم‌السلام بشيعتهم يشمله.

٣٣٠

المسلمون إخوة تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمّتهم أدناهم.

ورواه أيضاً ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبان ، عن ابن أبي يعفور مثله وزاد فيه :

وهم يدّ على من سواهم وذكر في حديثه انّه خطب في حجّة الوداع بمنى في مسجدّ الخيف.

________________________________________________________

وقال : في النهاية : فإنّ دعوتهم تحيط من ورائهم أي تحوطهم وتكفهم وتحفظهم والدعوة المرّة الواحدة من الدّعاء.

« والمسلمون إخوة » أي من جهة الإسلام والإيمان لا يعتبر في الأحكام الظاهرة الجارية عليهم سوى ذلك ، فلذلك « تتكافأ » بالهمز وقد تخفّف أي تساوي « دماؤهم » فإذا قتل شريف وضيعاً أو جرحه يقتص منه ، وفي النهاية : فيه : المسلمون تتكافأ دماؤهم أي تتساوى في القصاص والديات ، والكفو النظير والمساوي « يسعى بذمتهم أدناهم » على بناء المعلوم أي يسعى أدنى المسلمين في عقد الأمان من قبلهم وإمضائه عليهم ، وكان يقرأ بعض مشايخنا : يسعى على بناء المجهول ، بأن يكون أدناهم بدلا من الضمير ، أي يجب أن يسعى في إمضاء ذمة أدنى المسلمين ، أو يكون أدناهم مفعولا مكان الفاعل أي يسعى الأدنى بسبب ذمة المسلمين الصادرة عن هذا الأدنى ولا يخفى ما فيهما من التكلف والأصوب ما ذكرنا أولا.

قال : في النهاية : قد تكرر في الحديث ذكر الذمة والذمام ، وهما بمعنى العهد والأمان والضمان والحرمة والحقَّ ، وسمى أهل الذمة لدخولهم في عهد المسلمين وأمأنّهم ، ومنه الحديث يسعى بذمتهم أدناهم ، أي إذا أعطى أحد الجيش لعدو أمانا جاز ذلك على جميع المسلمين ، وليس لهم أن يخفروا ولا أن ينقضوا عليه عهده ، انتهى.

وسيأتي في كتاب الجهاد قال : قلت لهعليه‌السلام : ما معنى قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يسعى بذمتهم أدناهم ، قال : لو أن جيشا من المسلمين حاصروا قوما من المشركين فأشرف رجلّ فقال : أعطوني الأمان حتّى ألقى صاحبكم وأناظره ، فأعطاه أدناهم الأمان وجب

٣٣١

٢ - محمّد بن الحسن ، عن بعض أصحابنا ، عن عليّ بن الحكم ، عن الحكم بن مسكين ، عن رجلّ من قريش من أهل مكّة قال : قال : سفيان الثوري اذهب بنا إلى جعفر بن محمّد قال : فذهبت معه إليه فوجدناه قد ركب دابته فقال : له سفيان يا أبا عبد الله حدثنا بحديث خطبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد الخيف قال : دعنّي حتّى أذهب في حاجتي فأنّي قد ركبت فإذا جئت حدثتك فقال : أسألك بقرابتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا حدَّثتني قال : فنزل فقال : له سفيان مرّ لي بدواة وقرطاس حتّى أثبته فدعا به ثمَّ قال : اكتب «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » خطبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجدّ الخيف نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم تبلغه يا أيها الناس ليبلغ الشاهد الغائب فرب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله والنصيحة لأئمّة المسلمين واللزوم لجماعتهم فإن دعوتهم محيطة من ورائهم «الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ » تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم فكتبه سفيان ثمَّ عرضه عليه

________________________________________________________

على أفضلهم الوفاء به ، وقال : في النهاية : هم يد على من سواهم ، أي هم مجتمعون على أعدائهم لا يسعهم التخاذل ، بل يعاون بعضهم بعضاً على جميع الأديان والملل ، كانّه جعل أيديهم يداً واحداً ، وفعلهم فعلاً واحداً.

الحديث الثاني : مرسل.

« لـما حدثتني » لـمّا بالتشديد حرف الاستثناء بمعنى إلّا دخلت على الماضي لفظا لا معنى ، يقال : أنشدك الله لـمّا فعلت ، أي لا أسألك إلّا فعلك قاله ابن هشام ، أو المعنى أسألك في جميع الأحوال إلّا في وقت فعلك.

« من لي(١) » بالفتح والتخفيف سؤال في صورة الاستفهام ، أو بالضمّ والتشديد صيغة أمرّ أي تفضل ، وفي بعض النسخ بالراء ، ويدلّ الخبر على استحباب الابتداء بالبسملة في كتابة الحديث بل مطلقاً.

« خطبة رسول الله » خبر مبتدإ محذوف أي هذه.

__________________

(١) وفى المتن « مرّ لي » بالراء وسيأتي في كلام الشارح (ره) أيضاً.

٣٣٢

وركب أبو عبد اللهعليه‌السلام وجئت أنا وسفيان فلـمّا كنا في بعض الطريق قال : لي كما أنت حتّى أنظر في هذا الحديث فقلت له قد والله ألزم أبو عبد الله رقبتك شيئاً لا يذهب من رقبتك أبداً فقال : وأي شيء ذلك فقلت له ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله قد عرفناه والنصيحة لأئمّة المسلمين من هؤلاء الأئمّة الّذين يجب علينا نصيحتهم ؟ معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية ومروان بن الحكم ؟ وكلّ من لا تجوز شهادته عندنا ولا تجوز الصلاة خلفهم وقوله واللزوم لجماعتهم فأيُّ الجماعة ؟ مرجئ يقول من لم يصل ولم يصم ولم يغتسل

________________________________________________________

« كما أنت » أي توقف وأصله ألزم ما أنت فيه ، فالكاف زائدة وما موصولة منصوبة المحل بالإغراء « شيئاً » أي غلا كما قيل ، وسفيان لـمّا كان من صوفية العامة قائلا بإمامة الثلاثة باعتبار أن أكثر الناس المدعين للإسلام اجتمعوا عليهم أبطل السائل مذهبه بأنّهم لو كانوا أئمّة المسلمين لكان هذه الثلاثة أيضاً منهم ، مع انّه معلوم بطلان ذلك.

« معاوية بن أبي سفيان » بتقدير حرف الاستفهام « وكل من لا تجوز » أي لا تقبل شهادته « عندنا » أي عند الشيعة القائلين بكفرهم وفسقهم وجورهم.

والمرجئة قوم يكتفون بالإيمان ويقولون لا مدخل للأعمال في الإيمان ، ولا تتفاوت مراتب الإيمان ولا يضرّ معه معصية.

قال : في الملل والنحل : الارتجاء على معنيين : أحدهما التأخير ، قوله تعالى : «أَرْجِهْ وَأَخاهُ »(١) أي أخره وأمهله ، والثاني : إعطاء الرجاء ، وأمّا إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأوّل فصحيح ، لأنّهم كانوا يؤخرون العمل عن النية والعقد وأما بالمعنى الثاني فظاهر ، فأنّهم كانوا يقولون لا يضر مع الأيمان معصية ولا ينفع مع الكفر طاعة ، وقيل : الإرجاء تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى القيامة فلا يقضي عليه بحكم ما في الدنيا من كونه من أهل الجنة أو من أهل النار ، وعلى هذا المرجئة

__________________

(١) سورة الأعراف : ١١١.

٣٣٣

من جنابة وهدم الكعبة ونكح أمّه فهو على إيمان جبرئيل وميكائيل ، أو قدريٌّ يقول لا يكون ما شاء الله عزَّ وجلّ ويكون ما شاء إبليس ، أو حروريٌّ يتبرَّأ من

________________________________________________________

والوعيديّة فرقتان متقابلتان ، وقيل : الإرجاء تأخير عليّعليه‌السلام عن الدرجة الأولى إلى الرابعة ، فعلى هذا المرجئة والشيعة فرقتان متقابلتان.

والمرجئة أصناف أربعة : مرجئة الخوارج ، ومرجئة القدريّة ، ومرجئة الجبريّة والمرجئة الخالصة ونحن هيهنا انّما نعدّ المقالات المرجئة الخالصة.

منهم اليونسية أصحاب يونس النميري ، زعم أن الإيمان هو المعرفة بالله والخضوع له وترك الاستكبار عليه والمحبة بالقلب ، فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فهو مؤمن ، وما سوى المعرفة من الطّاعة فليس من الإيمان ولا يضر تركها حقيقة الإيمان ولا يعذب على ذلك إذا كان الإيمان خالصا واليقين صادقاً ، والمؤمن انّما يدخل الجنة بإخلاصه ومحبته لا بعمله وطاعته.

ومنهم العبيدية أصحاب عبيد المكتب حكي عنه انّه قال : ما دون الشرك مغفور لا محالة ، وانّ العبد إذا مات على توحيده لم يضره ما اقترف من الآثام ، وزعم أن الله على صورة إنسان.

ومنهم الغسانية أصحاب غسان الكوفيّ ، زعم أن الإيمان معرفة الله ورسوله والإقرار بما جاء به الرّسول في الجملة دون التفصيل ، والإيمان يزيد ولا ينقص ، وزعم أن قائلا لو قال : أعلم أن الله عزَّ وجلّ قد حرّم الخنزير ولا أدري هل الخنزير الّذي حرمه هذه الشاة أم غيرها؟ كان مؤمناً ، ولو قال : أعلم أن الله قد فرّض الحج إلى الكعبة غير أنّي لا أدري أين الكعبة ولعلها بالهند كان مؤمناً ، ومقصوده أن هذه الاعتقادات أمور وراء الإيمان.

ومنهم الثوبانية أصحاب أبي ثوبان المرجئ الّذين زعموا أن الإيمان هو المعرفة والإقرار بالله ورسلهعليهم‌السلام ، وبكل ما لا يجوز في العقل أن يفعله ، وما جاز في العقل تركه فليس من الإيمان.

٣٣٤

عليّ بن أبي طالب وشهد عليه بالكفر أو جهميٌّ يقول : انّما هي معرفة الله وحده

________________________________________________________

ومنهم الصالحيّة أصحاب صالح بن عمرو قال : الإيمان هو المعرفة بالله على الإطلاق ، وزعم أن معرفة الله هي المحبة والخضوع له ، ويصح ذلك مع جحد الرّسول وزعم أن الصلاة ليست بعبادة الله تعالى ، وانّه لا عبادة له إلّا الإيمان به وهو معرفته وهو خصلة واحدة لا يزيد ولا ينقص ، وكذلك الكفر خصلة واحدة لا يزيد ولا ينقص ، انتهى ملخص كلامه.

وأمّا القدري فقد عرفت انّه يطلق على الجبرية وعلى التفويضية الّذين قالوا انّه ليس لله تعالى وقضاؤه وقدره مدخل في أعمال العباد ، بل قال : بعضهم : انّه لا يقدر الله تعالى على التصرف في أعمالهم وهذا الأخير هو مراد القائل ، فأنّهم عزلوا الرب تعالى عن ملكه ، وقالوا : لا يكون ما شاء الله ، فنفوا أن يكون لله سبحانّه مشية وإرادة وتدبير وتصرف في أفعال العباد ، وأثبتوا ذلك لإبليس.

والحرورية الخوارج أو فرقة منهم ، منسوبة إلى حروراء بالمد والقصر وفتح الحاء فيهما ، وهي قرية قريبة من الكوفة ، كان أوّل اجتماعهم وتحكيمهم فيها ، وانّما سموا بذلك لأنّهم لـمّا رجعوا عن صفّين وأنكروا التحكيم نزلوا بحروراء وتؤامروا فيها على قتال عليّعليه‌السلام فسموا حرورية.

قال : المطرزي رجلّ جهم الوجه عبوس ، وبه سمي جهم بن صفوان المنسوب إليه الجهمية وهي فرقة شايعة على مذهبه ، وهو صاحب القول بأن الجنة والنار تفنيان ، وانّ الإيمان هو المعرفة فقط دون الإقرار ودون سائر الطاعات ، وانّه لا فعل لأحد على الحقيقة إلّا لله وانّ العباد فيما ينسب إليهم من الأفعال كالشجر تحركها الريح ، فالإنسان لا يقدر على شيء انّما هو مجبور في أفعاله لا قدرة له ولا إرادة ولا اختيار ، انتهى.

وقال صاحب الملل : الجهميّة أصحاب جهم بن صفوان وهو من الجبرية الخالصة ، وافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية وزاد عليهم بأشياء ، منها قوله : لا يجوز

٣٣٥

ليس الإيمان شيء غيرها ؟ ! ! قال : ويحك وأي شيء يقولون فقلت يقولون إن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام والله الإمام الّذي يجب علينا نصيحته ولزوم جماعتهم أهل بيته قال : فأخذ الكتاب فخرقه ثمَّ قال : لا تخبر بها أحداً.

٣ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد جميعاً ، عن

________________________________________________________

أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقة ، لأن ذلك يقتضي تشبيها فنفى كونه حيا عالـمّا ، وأثبت كونه قادراً فاعلاً خالقاً لانّه لا يوصف شيء من خلقه بالقدرة والفعل والخلق ، ومنها إثباته علوماً حادثة للبارئ تعالى لا في محل ، قال : لا يجوز أن يعلم الشيء قبل خلقه ، ومنها ، قوله : في القدرة الحادثة أن الإنسان لا يقدر على شيء ولا يوصف بالاستطاعة وانّما هو مجبور في أفعاله لا قدرة له ولا إرادة ولا اختيار ، وانّما يخلق الله تعالى الأفعال فيه عليّ حسب ما يخلق في سائر الجمادات ، وينسب إليه الأفعال مجازا كما ينسب إلى الجمادات ، كما يقال : أثمرت الشجرة وجرى الماء وتحرك الحجر وطلعت الشمس إلى غير ذلك ، والثواب والعقاب خير كما أن الأفعال خير ، قال : وإذا ثبت الخير فالتكليف أيضاً كان خيراً ، ومنها قوله : إن حركات أهل الخلدين منقطع ، والجنة والنار يفنيان بعد دخول أهلهما فيهما وتلذذ أهل الجنة بنعيمها ، وتألم أهل النار بحميمها ، إذ لا تتصور حركات لا تتناهى آخرا كما لا نتصور حركات لا تتناهى أولا ، ومنها قوله : من أتى بالمعرفة ثمَّ جحد بلسانّه لم يكفر بجحده ، لأن العلم والمعرفة لا يزول بالجحد فهو مؤمن ، وقال : الإيمان لا يتبعض أي لا ينقسم إلى عقد وقول وعمل ولا يتفاضل أهله فيه ، فإيمان الأنبياء وإيمان الأمة عليّ نمط واحد ، إذ المعارف لا تتفاضل ، انتهى.

« وأي شيء يقولون » أي الأئمّةعليهم‌السلام أو شيعتهم أو الأعم ، ولا يخفى أن الثوري اللعين الّذي هو رئيس الصوفية وإمامهم ، وبخرقة الكتاب أظهر كفره ، ودخل في الشرك قلبه ، وخالف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخصال الثلاث جميعاً.

الحديث الثالث : صحيح.

٣٣٦

حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قال : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما نظر الله عزَّ وجلّ إلى ولي له يجهد نفسه بالطّاعة لإمامه والنصيحة إلّا كان معنا في الرفيق الأعلى.

٤ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن محمّد الحلبيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.

________________________________________________________

« يجهد » عليّ بناء الأفعال ، أي يتعب وهو نعت « وليّ » للتوضيح ، والرفيق الأعلى هم الّذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

قال : في النهاية : في حديث الدعاء وألحقني بالرفيق الأعلى ، الرفيق جماعة الأنبياء الّذين يسكنون أعلى عليين ، وهو اسم جاء على فعيل ومعناه الجماعة كالصديق والخليط ، يقع على الواحد والجمع ، ومنه قوله تعالى : «وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً »(١) والرفيق الموافق في الطريق ، وقيل : معنى وألحقني بالرفيق الأعلى أي بالله تعالى ، يقال : الله رفيق بعباده ، من الرفق والرأفة ، وهو فعيل بمعنى فاعل ، ومنه حديث عائشة سمعته يقول عند موته : بل الرفيق الأعلى.

الحديث الرابع : ضعيف.

وفي المصباح المنير : قيد رمح بالكسرّ ، وقاد رمح أي قدر رمح ، انتهى.

وهو من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ، وقد مرّ معنى الجماعة ، وقال : في النهاية فيه من فارق الجماعة قدر شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ، مفارقة الجماعة ترك السّنة واتباع البدعة ، والربقة في الأصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها ، فاستعارها للإسلام ، يعنّي ما يشد المسلم به نفسه من عرى الإسلام أي حدوده وأحكامه وأوامره ونواهيه ، ويجمع الربقة على ربق مثل كسرة وكسرّ ، ويقال : للحبل الّذي فيه الربقة : ربق ، وتجمع على رباق وأرباق ، وفي المصباح المراد بربقة الإسلام عقد الإسلام.

__________________

(١) سورة النساء : ٦٩.

٣٣٧

٥ - وبهذا الإسناد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : من فارق جماعة المسلمين ونكث صفقة الإمام جاء إلى الله عزَّ وجلّ أجذم.

________________________________________________________

الحديث الخامس : ضعيف أيضاً.

والنكث نقض البيعة ، والصفقة البيعة ، وفي بعض النسخ صفقة الإمام ، وفي بعضها الإبهام لمدخليّتها في البيعة ، أو لكون الابتداء بها ، قال : الجزري : النكث نقض العهد ، وقال : فيه : أكبر الكبائر أن تقاتل أهل صفقتك ، هو أن يعطي الرجلّ الرجلّ عهده وميثاقه ثمَّ يقاتله ، لأن المتعاهدين يصنع إحداهما يده على يد الآخر كما يفعل المتبايعان ، وهي المرّة من التصفيق باليدين ، وقال : فيه : من تعلم القرآن ثمَّ نسيه لقي الله يوم القيامة وهو أجذم ، أي مقطوع اليد من الجذم وهو القطع ، ومنه حديث عليّعليه‌السلام : من نكث بيعته لقي الله وهو أجذم ليست له يد.

قال : القتيبي : الأجذم هيهنا الّذي ذهبت أعضاؤه كلها وليست اليد أولى بالعقوبة من باقي الأعضاء ، يقال : رجلّ أجذم ومجذوم إذا تهافتت أعضاؤه من الجذام ، وهو الداء المعروف ، قال : الجوهري : لا يقال : للمجذوم أجذم ، وقال : ابن الأنباري ردا على ابن قتيبة : لو كان العقاب لا يقع إلّا بالجارية التي باشرت المعصية لـمّا عوقب الزأنّي بالجلد والرجم في الدنيا ، وبالنار في الآخرة.

وقال : ابن الأنباري : معنى الحديث ، : لقي الله وهو أجذم الحجّة لا لسان له يتكلّم ولا حجّة في يده ، وقول عليّعليه‌السلام : ليست له يد أي لا حجّة له ، وقيل : معناه لقيه منقطع السبب ، يدلّ عليه قوله : القرآن سبب بيد الله وسبب بأيديكم ، فمن نسيه قطع سببه.

وقال : الخطابي : معنى الحديث ما ذهب إليه ابن الأعرابي وهو أن من نسي القرآن لقي الله خالي اليد من الخير ، صفرها من الثواب ، فكني باليد عمّا تحويه وتشمل عليه من الخير.

قلت : وفي تخصيص عليّ بذكر اليد معنى ليس في حديث نسيان القرآن ،

٣٣٨

( باب )

( ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام )

١ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي حمزة قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام ما حقَّ الإمام على الناس قال : حقّه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا قلت فما حقّهم عليهم ؟ قال : يقسم بينهم بالسويّة ويعدل في

________________________________________________________

لأنّ البيعة تباشرها اليد من بين الأعضاء ، وهو أن يضع المبايع يده في يد الإمام عند عقد البيعة وأخذها عليه.

باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحقَّ الرعية على الإمام

الحديث الأوّل : ضعيف على المشهور.

« أن يسمعوا له » لعلّ المراد بالسماع القبول والطّاعة والفقرة الثانية مفسرة لها أو المعنى الإنصات إليه وعدم الالتفات إلى غيره عند سماع كلامه ، أو المراد بالأولى الإقرار وبالثانية العمل.

قوله : يقسم ، على بناء التفعيل أو من باب ضرب وهو منصوب بتقدير أن ، والقسمة بالسوية أن يعطى الشريف والوضيع من الفيء وبيت المال سواء على عدد الرؤوس ، وهذه كانت سنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد غيرها خلفاء الجور بعده تأليفا لقلب الرؤساء والأشراف ، ولذلك مال الناس إليهم واجتمعوا عليهم وعدلوا عن إمامهم ، فلـمّا ولى أمير المؤمنينعليه‌السلام الناس جدد سنة رسول الله وقام فيها على سيرتهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاستوحش أكثر الناس من ذلك لألفتهم بالباطل ونسيأنّهم سنة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فثار طلحة والزبير وأمثالهما عليه فاعتذرعليه‌السلام بأن الشرف انّما هو بحسب الدّين والتقوى وهما لا يصيران سبباً للتفضيل في الدنيا ، وانّما التفاضل في ذلك في الآخرة ، وهما في الدنيا في الحاجة سواء.

وأما ما فعله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سلم في غنائم حنين والهوازن من تفضيل جماعة من أهل

٣٣٩

الرعيّة ، فإذا كان ذلك في الناس فلا يبالي من أخذ هاهنا وهاهنا.

٢ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن منصور بن يونس ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله إلّا انّه قال : هكذا وهكذا وهكذا وهكذا يعني [ من ] بين يديه وخلفه وعن يمينه وعن شماله.

٣ - محمّد بن يحيى العطّار ، عن بعض أصحابنا ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال : أمير المؤمنينعليه‌السلام لا تختانوا ولاتكم ولا.

________________________________________________________

مكّة وأشراف العرب على الأنصار على ما نقل فانّما أمر بذلك في خصوص تلك الواقعة لمصلحة عظيمة في الدّين ، ولتأليف قلوب المنافقين ورسوخهم في الدّين ، وأرضى الأنصار بذلك واعتذر منهم ، مع انّه يحتمل أن يكون ذلك التفضيل من نصيبهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسهم أهل بيتهعليهم‌السلام من الخمس.

والعدل في الرّعية الحكم بالحقَّ بين الناس وعدم الميل إلى أحد ، والانتصاف للمظلوم من الظالم وإجراء الحدود والأحكام فيهم من غير مداهنة « فإذا كان ذلك » أي القسم بالسويّة والعدل في الناس فلا يبالي بسخط الناس وخروجهم عن الدّين وتفرقهم عنه ، وذهاب كل منهم إلى ناحية كما لم يبال أمير المؤمنينعليه‌السلام بذهاب طلحة والزبير وعائشة إلى مكّة وخروجهم عليه ، ولم يترك العمل بسيرة الحقَّ ، وجاهد معهم وقيل : يعنّي إذا تحقق قضاء الحقَّ من الطرفين فلا يبالي من أخذ هيهنا وهيهنا أي ذهب أينما شاء وفعل ما شاء.

وقال : المحدث الأسترآبادي (ره) : يعنّي صاحب حقَّ اليقين في الدّين لا يحتاج إلى موافقة الناس إيّاه وانّما يحتاج إليها من يكون متزلزلا في دينه ، ومعنى من أخذ هيهنا وهيهنا أي مذاهب مختلفة.

الحديث الثاني : موثق « وهكذا » في بعض النسخ ثلاثة وفي بعضها أربعة والأخير أنسب بالتفسير.

الحديث الثالث : ضعيف.

والاختيان : ضدُ الوفاء ، والغشّ ضدّ النصح ، والولاة جمع الوالي ، والمراد

٣٤٠