مرآة العقول الجزء ٤

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 380

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 380
المشاهدات: 19608
تحميل: 7979


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19608 / تحميل: 7979
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 4

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

تغشّوا هداتكم ، ولا تجهّلوا أئمّتكم ، ولا تصدّعوا عن حبلكم فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ،

________________________________________________________

بهم الأئمّة أو الأعم منهم ومن المنصوبين من قبلهم ، خصوصا بل عموما أيضاً ، وكذا الهداة هم الأئمّةعليهم‌السلام أو الأعم منهم ومن العلماء الهادين إلى الحق.

« ولا تجهلوا » من باب علم أي اعرفوهم بصفاتهم وعلاماتهم ودلائلهم ، وميزوا بين ولاة الحقَّ وولاة الجور أو لا تجهلوا حقوقهم ورعايتهم وطاعتهم ، أو على بناء التفعيل أي لا تنسبوهم إلى الجهل « ولا تصدّعوا » بحذف إحدى التائين أي لا تتفرقوا ، قال : الجوهري : ما صدعك عن هذا الأمر أي ما صرفك ، والتصديع التفريق وتصدع القوم تفرقوا ، انتهى.

والحبل العهد والذّمة ، والأمان ، وكانّه هنا كناية عمّا يتوصل به إلى النجاة والمراد الكتاب وأهل البيتعليهم‌السلام كما قال : النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وقد مرّ في الأخبار أنّهمعليهم‌السلام حبل الله المتين ، ويحتمل أن يكون المراد عن عهدكم وبيعتكم ، والفشل : الضعف والجبن والفعل كعلم ، وفي القاموس : الريح الغلبة والقوّة والرحمة والنصرة والدولة ، وهنا يحتمل الجميع ، وهو إشارة إلى قوله تعالى : «أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ »(١) قال : البيضاوي : لا تنازعوا باختلاف الآراء كما فعلتم ببدر وأحد ، فتفشلوا جواب النهي ، والريح مستعار للدولة من حيث إنها في تمشي أمرها ونفاذه شبيهة بها في هبوبه ونفوذه.

وقيل : المراد بها الحقيقة فإن النصرة لا يكون إلّا بريح يبعثها الله ، وعلى هذا متعلق بالتأسيس قدم عليه لإفادة الحصر ، والتأسيس بناء الأسّ وهو أصل البناء ، والمقصود الحب على التزام الطريقة المذكورة ، والاجتناب عمّا يخالفها ، وجعل بناء دينهم وأعمالهم على التمسّك بحبل طاعتهمعليهم‌السلام .

__________________

(١) سورة الأنفال : ٤٦.

٣٤١

وعلى هذا فليكن تأسيس اُموركم ، والزموا هذه الطريقة فإنكم لو عاينتم ما عاين من قد مات منكم ممن خالف ما قد تدعون إليه لبدرتم وخرجتم ولسمعتم ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا وقريباً ما يطرح الحجاب.

٤ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد الرحمن بن حمّاد وغيره ، عن حنان بن سدير الصيرفي قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول نعيت إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه وهو صحيح ليس به وجع قال : نزل به الرُّوح الأمين قال : فنادىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصلاة جامعة وأمرّ المهاجرين والأنصار بالسلاح واجتمع الناس فصعدّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر

________________________________________________________

« ما عاين » أي من العذاب « ما قد تدعون إليه » من الجهاد مع معاوية وأضرابه ، والاقتداء بأئمّة الحقَّ ومتابعتهم « لبدرتم » أي أسرعتم وعجلتم إلى الطّاعة « وخرجتم » إلى الجهاد « وسمعتم » أي أطعتم أمرّ أمامكم « وقريباً » ظرف زمان ، وما للإبهام « يطرح الحجاب » على بناء المجهول أي بعد الموت.

الحديث الرابع : مجهول كالموثق.

يقال : نعاه لي وإلى أي أخبرني بموته « ونفسه » نائب الفاعل « نزل » به الضمير لمصدر نعيت ، والروح الأمين جبرئيلعليه‌السلام « الصلاة جامعة » الصلاة منصوب بالإغراء أي احضروا الصلاة ، وجامعة حال ، أو الصلاة مبتدأ وجامعة خبره ، أي تجمع الناس لأدائها والأوّل هو المضبوط ، قال : في المصباح في قول المنادي : الصلاة جامعة حال من الصلاة والمعنى عليكم الصلاة في حالكونها جامعة لكلّ الناس ، وهذا كما قيل للمسجدّ الّذي تصلّى فيه الجمعة : الجامع ، لانّه يجمع الناس ، انتهى.

وهذا وضع لنداء الصلاة ثمَّ استعمل لكلّ أمرّ يراد الاجتماع له ، والظّاهر أن الخطبة كانت طويلة مشتملة على ذكر فضائل أهل بيته وتعيين الإمام منهمعليهم‌السلام كما يظهر من أخبار أخر ولـمّا كان ذلك مظنة لإثارة الفتنة من المنافقين الّذين لم يرضوا بذلك ، وتعاقدوا على أن لا يردوا الأمر إلى أهل بيته كما ورد في الأخبار أمرّ الأنصار بأخذ السلاح دفعا لذلك أو أن النعي لـمّا كان مظنة لذلك أمرهم بذلك ،

٣٤٢

فنعى إليهم نفسه ثمَّ قال : « أذكر الله الوالي من بعدي على أمّتي ، إلّا يرحم على جماعة المسلمين فأجلّ كبيرهم ، ورحم ضعيفهم ، ووقّر عالمهم ، ولم يضرَّ بهم فيذلّهم،

________________________________________________________

والمنبر من النبر بمعنى الرفع « أذكّر الله » من التذكير ، والاسمان مفعولان والتذكير للإنذار والتحذير وتذكير عقاب الله وكان المراد بالوالي هنا أعم من العادل والجائر.

« إلّا يرحم » هذا يحتمل وجوها :

الأوّل : أنّ يكون بالفتح حرف تحضيض ، وفي أكثر النسخ بالياء على بناء المجرّد ، وفي بعضها بالتاء على بناء التفعّل فالتحضيض للتوبيخ كما قال : الرضي (ره) : كلمة التحضيض إذا دخلت على الماضي كانت للتوبيخ واللوم على ترك الفعل ، قيل : وهذا مبنيّ على انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل كلامه هذا حكاية لـمّا يقع في المستقبل من قبح أعمال الوالي وتوبيخه للوالي بعد تلك الأعمال ، والتعبير عن المستقبل بالماضي لتحقق الوقوع شائع.

والثاني : أن يكون أن لا مركبا من أن الناصبة ولا النافية ، ويكون تقدير الكلام أذكره الله في أن لا يرحم أي في عدم الرحم.

الثالث : أن يكون بالكسرّ كلمة استثناء أي اذكرهم في جميع الأحوال إلّا حال الرحم كقولهم أسألك إلّا فعلت كذا ، وقيل : هو بتقدير لا أسأله ، نحو قول ابن عباس حين دخل مجلساً للأنصار وقاموا له بالنصر والإيواء : إلّا جلستم.

الرابع : أن تكون أن شرطية والفعل مجزوماً.

« فأجلّ » من الإجلال وهو التعظيم ، وقد روي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم ، قيل : وسرّ ذلك انّه أكبر سنا وأكثر تجربة وأكيس حزماً ، وأقرب من الرجوع إلى الله تعالى « ورحم ضعيفهم » يشمل الصغير والفقير والنساء ، والروايات الدالة على الرحم عليهم والإحسان إليهم أكثر من أن تحصى ، « ووقر عالمهم » في بعض النسخ عاملهم ، وفي بعضها عاقلهم ، وقد دلت الآيات والروايات على توقير جميعهم « ولم يضر بهم » من الإضرار ، ويحتمل المجرّد وإضرار المسلمين

٣٤٣

ولم يفقرهم فيكفرهم ، ولم يغلق بابه دونهم فيأكل قويّهم ضعيفهم ولم يخبزهم في بعوثهم فيقطع نسل أمتي ثمَّ قال : قد بلغت ونصحت فاشهدوا وقال : أبو عبد اللهعليه‌السلام هذا آخر كلام تكلّم به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على منبره.

٥ - محمّد بن عليّ وغيره ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن رجلّ ، عن حبيب بن أبي ثابت قال : جاء إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام عسل وتين من همدان

________________________________________________________

إهانتهم أو عدم إعانتهم ورفع الظّلم عنهم ، وربّما يقرأ من الضرب « ولم يفقرهم » أي لم يدعهم فقراء ويأخذ أموالهم « فيكفرهم » أي يصير سبباً لكفرهم ، إذ كثيرا ما يصير الفقر سبباً للكفر لقلة الصبر ، وعليه حمل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كاد الفقر أن يكون كفرا « ولم يغلق بابه دونهم » على بناء الأفعال وبناء المجرّد لغة ردّية وهو كناية عن منع الوالي رعيته من الدخول إليه وعرض الأحوال عليه ، وعدم تفقّده لأحوالهم ، وأكل قويهم ضعيفهم أخذ أموالهم وظلمهم إيّاهم وتسلطهم عليهم.

« ولم يخبرهم » في بعض النسخ بالخاء المعجمة ثمَّ الباء الموحدة من الخبر وهو السوق الشديد ، وفي بعضها بالجيم والنون من قولهم جنزه يجنزه إذا ستره وجمعه ، وفي المغرب يقال : مرت عليهم البعوث أي الجيوش ، وعلى التقديرين التعليل لا يخلو من تكلف ، وربما يقرأ بالجيم والتاء والزاي المشدّدة من قولهم اجتز الحشيش إذا قطعه بحيث لم يبق منه شيء ، والأصوب ما في نسخ قرب الإسناد ولم يجمرهم في ثغورهم ، قال : في النهاية : في حديث عمرّ : لا تجمروا الجيش فتفتنوهم ، تجمير الجيش جمعهم في الثغور وحبسهم عن العود إلى أهلهم ، انتهى.

فالتعليل منطبق بغير تكلف « هذا آخر كلام » أي من جملة آخر خطبة لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الحديث الخامس : مرسل.

« عسل وتين » ذكر التين استطراداً ، فإن اللعق كان لازقاق العسل ، ويمكن أن يكون التين أيضاً في الأزقاق فاعتصر منها دبس يلعقونها ، وتكلّف بعضهم بجعل الواو جزء الكلمة ، وقال : الوتين الواتن وهو الماء المعين الدائم ، والمراد هنا الصافي

٣٤٤

وحلوان فأمر العرفاء أن يأتوا باليتامى ، فأمكنهم من رؤوس الأزقاق يلعقونها وهو يقسمها للناس قدحاً قدحاً ، فقيل له : يا أمير المؤمنين ما لهم يلعقونها فقال : إنَّ الإمام أبو اليتامى وانّما ألعقتهم هذا برعاية الآباء.

٦ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد البرقي ، وعليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنَّ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أنا أولى بكلّ مؤمن من نفسه

________________________________________________________

المائع الكثير ، قال : ويجوز كونه بالثاء المثلّثة ، يقال : استوثن الرّجل من المال إذا استكثر منه ، وقد عرفت انّه لا حاجة إلى هذه التصحيفات والتكلفات ، وهمدان في النسخ بالدال المهملة ، والموافق لكتب اللغة الذّال المعجمة ، قال : في القاموس : همدان قبيلة باليمن وقال : همدان بلد بناه همدان الفلوج بن سام بن نوح ، ولا يخفى أن المناسب هنا البلد لا القبيلة ، لكنه شاع تسمية البلد أيضاً بالمهملة.

وحلوان بالضمّ من بلاد كردستان قريبة من بغداد ، وقال : في القاموس : العريف كأمير من يعرف أصحابه والجمع عرفاء ، ورئيس القوم ، سمّي به لانّه عرف بذلك أو النقيب وهو دون الرئيس ، وقال : الزقّ بالكسر السّقاء أو جلد يجزّ ولا ينتف للشراب وغيره والجمع أزقاق وزقاق ، انتهى.

« يلعقونها » من باب علم أي يلحسونها بألسنتهم « برعاية الآباء » أي برعاية تشبّه رعاية الآباء ، أو لرعاية آبائهم فإن رعاية الأولاد واحترامهم يوجب احترامهم ، وربما يقرأ الإباء بالفتح والمدّ الأبوّة ، وفي القاموس : الأبا لغة في الأب.

الحديث السادس : ضعيف.

وهذا الحديث مع تفسيره الآتي مذكور في كتب العامّة أيضاً ، روى مسلم بإسناده في باب خطبة الجمعة عن جابر بن عبد الله عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : في آخرها : أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مإلّا فلأهله ومن ترك ديناً أو ضياعاً فعليّ وإلىّ قال : الآبي : أولى إمّا من الولي بمعنى القرب أو المالكيّة كما في قوله تعالى

٣٤٥

وعليُّ أولى به من بعدي فقيل له : ما معنى ذلك ؟ فقال : قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من ترك ديناً أوضياعاً فعليَّ ، ومن ترك مالاً فلورثته ، فالرَّجل ليست له على نفسه ولاية

________________________________________________________

«ثمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحقَّ »(١) أي مالكهم ، أو من الولاية بالكسرّ ومنه ولي اليتيم والقتيل ، أي من يتولّى أمرهما ، والوالي في البلد أو من الولاية بالفتح بمعنى النصرة ، ومنه قوله تعالى : «ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الّذين آمَنُوا »(٢) أي ناصرهم.

واستدلّ المازري وغيره بقوله : أنا أولى بكل مؤمن من نفسه ، على انّه لو اضطرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى طعام أو غيره وربّه أيضاً مضطر إليه لكان أحقَّ به من ربّه ، ووجب عليّ ربّه بذله له ، وهذا وانّ جاز لكنه لم يقع ولم ينقل.

نقل محيي الدّين البغوي عن ابن قتيبة : أن الضياع بالكسرّ جمع ضائع كجياع جمع جائع ، والضيعة ما يكون منه عيش الرّجل من حرفة وتجارة ، وفي الصحاح : الضيعة العقار ، وقوله : فعليّ معناه فعليّ قضاء دينه وكفاية ضيعته ، قال : المازري : والأصح انّه ليس مختصا به بل يجب ذلك عليّ الأئمّة من بيت المال إن كان فيه سعة وليس ثمة ما هو أهم منه ، وقال : بعضهم : انّه من خصائصه فلا يجب على الأئمّة ، انتهى.

وقال : في النهاية فيه : من ترك ضياعا فإلي ، الضياع العيال ، وأصله مصدر ضاع يضيع ضياعاً فسمي العيال بالمصدر ، كما تقول : من مات وترك فقراً أي فقراء ، وانّ كسرت الضاد كان جمع ضائع كجائع وجياع ، وقال : في المغرب فيه : من ترك مإلّا فليرثه عصبته من كانوا ، ومن ترك ديناً أو ضياعاً وروي ضيعة فليأتني فأنا مولاه ، كلاهما على تقدير حذف المضاف أو تسمية بالمصدر ، والمعنى من ترك عيإلّا ضيعا أو من هو بعرض أن يضيع كالذرية الصغار فليأتني فأنا وليهم والكافل لهم أرزقهم من بيت المال ، انتهى

« فقال : قول النبيّ » أي معناه قول النبيّ أو سببه وقيل : هذا تفسير للشيء بمثال له لو عرف لعرف معنى ذلك الشيء.

« ليست له على نفسه ولاية » لعلّه كناية على انّه ملوم مخذول عنه نفسه ، أو

__________________

(١) سورة الأنعام : ٦٢.

(٢) سورة محمّد : ١١.

٣٤٦

إذا لم يكن له مال ، وليس له على عياله أمرٌ ولا نهيٌ إذا لم يجرَّ عليهم النفقة والنبيُّ وأمير المؤمنينعليهما‌السلام ومن بعدهما ألزمهم هذا ، فمن هناك صاروا أولى بهم من أنفسهم

________________________________________________________

انّه لا يمكنه حمل نفسه على النوافل والآداب والإنفاق وأداء الديون وغيرها ممّا يتيسرّ بغير المال ، وقيل : انّما لم يكن لعديم المال على نفسه ولاية لعدم إنفاقه على نفسه ، وانّما الولاية لولي النعمّة ، وقيل : أي ليست له ولاية في أداء ديونه إذا عجز عنه ، انتهى.

وعدم الولاية على العيال بالأمر والنهي لانّه لا يمكنه أن يأمرهم بالجلوس في بيوتهم وينهاهم عن الخروج منها ، لانّه لا بد لهم من تحصيل النفقة أو أمرهم بالتقتير في النفقة ونهيهم عن إعطاء المال لأحد لانّه ليس له مال عندهم.

قولهعليه‌السلام : ألزمهم هذا ، لعلّ الضمير المستتر راجع إلى الله تعالى والضمير البارز إلى النبيّ والأئمّةعليهم‌السلام ، والإشارة إلى الإنفاق وأداء الديون ، وقيل : إلى الولاية المتقدمة ، ويحتمل أن يكون ألزم أفعل تفضيل وضمير الجمع راجعا إلى الناس ، وقيل : المستتر في ألزمهم راجع إلى النبيّ وأمير المؤمنين ومن بعدهما ، وانّما أفرد لانّه لا يتحقق الإلزام إلّا من الإمام الحي وهو لا يكون إلّا واحداً منهم ، والضمير المنصوب للرجلّ وعياله ، « وهذا » عبارة عن المال اللازم لهم لأجلّ النفقة ، والمراد بالإلزام إعطاء القدر اللازم من المال ، انتهى.

ولا يخفى بعده ، وأقول : ربما يتوهم التنافي بين هذا الخبر وبين ما ورد من الأخبار من طرق الخاصة والعامة من انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ترك الصلاة على من توفي وعليه دين ، وقال : صلوا على صاحبكم ، وفي طريقنا : حتّى ضمنه بعض أصحابه ، وقد يجاب بأن هذا كان قبل ذلك عند التضييق وعدم حصول الغنائم ، وذلك كان بعد التوسع في بيت المال والفتوحات والغنائم ، ويؤيده ما روي من طرقهم انّه كان يؤتى بالمتوفى وعليه دين فيقولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل ترك لدينه قضاء فإن قيل ترك صلّى ، فلـمّا فتح الله تعالى الفتوح قال :صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، من توفي وترك دينا فعليّ ،

٣٤٧

وما كان سبب إسلام عامّة اليهود إلّا من بعد هذا القول من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّهم آمنوا على أنفسهم وعلى عيالاتهم.

٧ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن صباح بن سيابة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيّما مؤمن أو مسلم مات وترك ديناً لم يكن في فساد ولا إسراف فعلى الإمام أن يقضيه فإن لم يقضه فعليه إثمَّ ذلك إنَّ الله تبارك وتعالى يقول «انّما الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ

________________________________________________________

ومن ترك مالا فلورثته.

وقال : النووي في شرح صحيح المسلم : كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أولا لا يصلّي على من مات مديونا زجراً له فلـمّا فتح الله تعالى الفتوح عليه كان يقضي دينه وكان من خصائصه ، واليوم لا يجب على الإمام ذلك ، انتهى.

وأقول : يحتمل أن يكون ترك الصلاة نادرا للتأديب ، لئلّا يستخف بالدّين وانّ كان يقضي آخرا دينه أو لا يقضي لهذه المصلحة أو يكون ترك الصلاة لمن استدان في معصية أو إسراف فانّه لا يجب أداء دينه حينئذ على الإمام كما يدلّ عليه الخبر الآتي ، أو لمن كان يتهاون به ولم يكن عازما على الأداء « وأنّهم أمنوا » من باب علم أي علموا أنّهم لا يضيعون مع الإسلام وأنفسهم وعيالهم في ضمان النبيّ والإمام.

الحديث السابع : مجهول.

« وصبّاح » بالفتح والتشديد وسيابة بالفتح والتخفيف ، و « أيّما » مركب من أيّ وما الزائدة لتأكيد العموم ، وهو مبتدأ مضاف إلى مؤمن ، والترديد إما من الراوي أو المراد بالمؤمن الكامل الإيمان ، وبالمسلم كلّ من صحّت عقائده ، أو المؤمن من صحّت عقائده والمسلم من أظهر الشّهادتين وسائر العقائد الحقّة وانّ كان منافقاً ، فإن الأحكام على الظّاهر ، وكان المنافقون مشاركين مع المؤمنين في الأحكام الظاهرة ، والفساد بالفتح اسم مصدر باب الأفعال أي الصرف في المعصية ، والإسراف بذل المال زائداً على ما ينبغي وانّ كان في مصرف حقَّ « فإن لم يقضه » أي على الفرّض المحال

٣٤٨

وَالْمَساكِينِ » الآية(١) فهو من الغارمين وله سهم عند الإمام فإن حبسه فإثمه عليه.

٨ - عليُّ بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن حنان ، عن أبيه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قال : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تصلح الإمامة إلّا لرجلّ فيه ثلاث خصال ورع يحجزه عن معاصي الله وحلم يملك به غضبه وحسن الولاية على من يلي حتّى يكون لهم كالوالد الرحيم.

وفي رواية أخرى حتّى يكون للرَّعية كالأب الرحيم.

٩ - عليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن معاوية بن حكيم ، عن محمّد بن أسلم ، عن رجل من طبرستان يقال : له محمّد قال : قال : معاوية ولقيت الطبريَّ محمداً بعد ذلك فأخبرني قال : سمعت عليّ بن موسىعليه‌السلام يقول المغرم إذا تديّن أو استدان في حقّ

________________________________________________________

أو هو مبنيّ على أن الإمام أعم من إمام الحقَّ والجور « الآية » منصوب بنزع الخافض أي إلى آخر الآية ، ويدلّ على أن الغارمين يشمل الأحياء والأموات.

الحديث الثامن : مجهول وآخره مرسل.

« لا تصلح » بفتح اللام أو ضمّها ، والخصال جمع خصلة وهي الفضائل والخلال ، والورع اجتناب المعاصي بل الشبهات أيضاً ، وفي القاموس حجزه يحجزه ويحجزه منعه وكفّه ، والولاية بالكسرّ الكلاءة والرّعاية.

الحديث التاسع : ضعيف.

وطبرستان بلاد واسعة بين جيلان وخراسان ، والنسبة طبري « وقال : » كلام عليّ بن محمّد ، والضمير لسهل « بعد ذلك » أي بعد رواية محمّد بن أسلم لمعاوية الحديث ، والمغرم بضم الميم وفتح الراء المديون « الوهم » أي الشكّ بين تديّن واستدان ، وهو كلام سهل أو على ، وقال : في القاموس : أدّان وأدان واستدان وتديّن أخذ ديناً ، انتهى.

__________________

(١) سورة التوبة : ٦٠.

٣٤٩

- الوهم من معاوية - أجلّ سنة ، فإن اتّسع وإلّا قضى عنه الإمام من بيت المال.

( باب )

( أن الأرض كلها للإمامعليهم‌السلام )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي خالد الكابلي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : وجدنا في كتاب عليّعليه‌السلام «إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ »(١) أنا وأهل بيتي الّذين

________________________________________________________

« أجلّ » على بناء المفعول من التفعيل وهو على الاستحباب أو الوجوب ، وإلّا حرف استثناء أو مركّب من إن الشرطيّة وحرف النفي ، أي إن لم يتّسع والأخير أوفق.

باب أن الأرض كلها للإمامعليه‌السلام

الحديث الأول : حسن.

«إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ » افتتحعليه‌السلام كلامه بذكر الآية الكريمة وفرع عليه ما ذكره بعده ، والآية في سورة الأعراف هكذا «قال : مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ، قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بعد ما جِئْتَنا قال : عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ » والآية وانّ كانت مسوقة في قصّة بنيّ إسرائيل لكن الحكم عام ، وأيضاً ما ذكر في القصص وأحوال الماضين من المؤمنين والكافرين ظاهره لهم وباطنه لهذه الأمّة كما مرّ.

وسيأتي تأويل فرعون وهامان بالأوّلين وقارون بالثالث في قوله تعالى : «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الّذين اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئمّة وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ »(٢)

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٢٩ - ١٣٠. (٢) سورة القصص : ٥.

٣٥٠

أورثنا الله الأرض ونحن المتّقون والأرض كلّها لنا ، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها فإن تركها أو أخربها وأخذها رجلّ من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحقَّ بها من الّذي تركها يؤدّي خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها حتّى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها ، كما حواها رسول الله

________________________________________________________

وغيرها من الآيات ، وقد قال : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يكون في هذه الأمة ما كانت في بنيّ إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ، و « أنا » إشارة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لانّه كان المملي لكتاب عليّعليه‌السلام وهو كاتبه كما مر.

وقوله : فمن أحيا ، كانّه كلام أبي جعفرعليه‌السلام لقوله : كما حواها رسول الله ، أو فيه التفات والمجموع كلام الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : الشهيد الثاني (ره) في الروضة : كل أرض فتحت عنوة وكان عند الفتح مواتاً وكذا كل ما لم يجر عليها يد مسلم فانّه للإمامعليه‌السلام ، ولا يجوز إحياؤه إلّا بإذنه مع حضوره ومع غيبته يباح الإحياء ، ومثله ما لو جرى عليه ملكه ثمَّ باد أهله ، ولو جرى عليه ملك مسلم معروف فهو له ولوارثه بعده ، ولا ينتقل عنه بصيرورته مواتاً مطلقاً ، وقيل : يملكها المحيي بعد صيرورتها مواتا وتبطل حقَّ السابق بصحيحة أبي خالد الكابلي ، وهذا هو الأقوى ، وموضع الخلاف ما إذا كان السابق ملكها بالإحياء ، فلو كان قد ملكها بالشراء ونحوه لم يزل ملكه عنها إجماعا على ما نقله العلامة في التذكرة ، ثمَّ قال : (ره) : وحكم الموات أن يتملكه من أحياه إذا قصد تملكه مع غيبة الإمامعليه‌السلام سواء في ذلك المسلم والكافر لعموم : من أحيى أرضاً ميتة فهي له ، ولا يقدح في ذلك كونها للإمامعليه‌السلام على تقدير ظهوره ، لأن ذلك لا يقصر عن حقه من غيرها كالخمس والمغنوم بغير إذنه ، فانّه بيد الكافر والمخالف على وجه الملك حال الغيبة ، ولا يجوز انتزاعه منه فهنا أولى ، وانّ لا يكن الإمام غائباً افتقر الإحياء إلى إذنه إجماعاً ، ثمَّ إن كان مسلـمّاً ملكها بإذنه ، وفي ملك الكافر مع الإذن قولان ، ولا إشكال فيه لو حصل ، إنّما

٣٥١

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومنعها إلّا ما كان في أيدي شيعتنا فانّه يقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم.

٢ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد قال : أخبرني أحمد بن محمّد بن عبد الله عمّن رواه قال : الدنيا وما فيها لله تبارك وتعالى ولرسوله ولنا فمن غلب على شيء منها فليتق الله وليؤدّ حقَّ الله تبارك وتعالى وليبر إخوانه فإن لم يفعل ذلك فالله ورسوله ونحن برآء منه.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن عمرّ بن يزيد قال : رأيت مسمعاً بالمدينة وقد كان حمل إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام تلك السّنة مإلّا فرده أبو عبد اللهعليه‌السلام فقلت له لِمَ ردَّ عليك أبو عبد الله المال الّذي حملته إليه قال : فقال

________________________________________________________

الإشكال في جواز إذنهعليه‌السلام له نظراً إلى أنّ الكافر هل له أهليّة ذلك أم لا ، والمسئلة قليلة الجدوى ، انتهى.

وأقول : ظاهر الخبر إشتراط الإسلام في التملك بالإحياء بل ظاهره انّه لا يملك أحد أرضاً وانّما يصير أولى بها ما دام يعمرها ، والملك للإمام وكون الخمس وأضرابه ملكاً لمن بيده في زمن الغيبة غير معلوم ، بل انّما يعلم تجويز الأئمّةعليهم‌السلام شراءها ممن هي بيده واتهابها منهم وأمثال ذلك ، وهذه لا تدلّ على الملكيّة بل يمكن أن يكون ذلك إذنا للشيعة في التصرف في أموالهم بتلك الوسائل.

الحديث الثاني : ضعيف موقوف أو مضمر.

وكون من رواه عبارة عن الإمام كما قيل بعيد ، والمراد بحقَّ الله إما أداء الخراج إلى الإمام أو الزكاة والخمس الواجبين ، فيكون هذا تجويزاً للشيعة في التصرف في أموالهم وأراضيهم إذا أخذوها من سلاطين الجور بالشروط المذكورة ، ويقال : بررته كعلمت وضربت أي وصلته وأحسنت إليه ويقال : بريء منه كعلم براء كسحاب وهو بريء كعليم والجمع ككتاب وغراب وفقهاء.

الحديث الثالث : صحيح ومسمع كمنبر ابن عبد الملك.

٣٥٢

لي : إنّي قلت له حين حملت إليه المال : إنّي كنت وليت البحرين الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد جئتك بخمسها بثمانين ألف درهم وكرهت أن أحبسها عنك وانّ أعرض لها وهي حقّك الّذي جعله الله تبارك وتعالى في أموالنا ، فقال : أوما لنا من الأرض وما أخرج الله منها إلّا الخمس يا أبا سيّار ؟ إنَّ الأرض كلها لنا فما أخرج الله منها من شيء فهو لنا فقلت له وأنا أحمل إليك المال كلّه ؟ فقال : يا أبا سياّر

________________________________________________________

« وليت البحرين » بفتح الواو وكسر اللام المخفّفة يقال : ولي الأمر يليه وتولاه إذا فعله وارتكبه ، أو بضم الواو وتشديد اللّام المكسورة من قولهم ولّاه الأمير : عمل كذا فتولاه وتقلده ، والغوص إما بدل اشتمال للبحرين أو مفعول للولاية أو التولية ، والبحرين مفعول فيه.

« أن أعرض لها » أي التعّرض لها ، وقيل : أي أكون حجاباً بينك وبينها ، ويدلّ كغيره من الأخبار على انّه يجب إخراج جميع الخمس إلى الإمام ، وليس لصاحب المال إخراج النصف إلى سائر الأصناف ، بل على الإمام أن يعطيهم بقدر كفايتهم فإن زاد شيء فله ، وانّ نقص فعليه ، ويدلّ على أن لهعليه‌السلام العفو عن حصة الأصناف لكن إجراء ذلك في زمان الغيبة مشكل ، فإن في زمان حضورهمعليهم‌السلام يعطون عوض حصص الأصناف ، ومع غيبة الإمامعليه‌السلام لا يمكنه إيصال عوض حصصهم إليهم ، فلا بدّ من صرفها إلى الفقيه النائب لهعليه‌السلام ليوصلها إلى أربابها.

وقول مسمع : وهي حقّك ، وتقريرهعليه‌السلام لا يدلان على عدم استحقاق سائر الأصناف أصلاً ، بل يمكن أن يكون مراده بقوله : حقّك ، إنّك آخذه والمتولي لإخراجه ، لئلّا ينافي ظاهر الآية.

ويدلّ علي أنّ كلّ ما في أيدي الشيعة من الأراضي في زمان الهدنة والغيبة فقد أحلّوا لهم التصرف فيها وفي حاصلها ، ولا يلزمهم أداء خراجها وانّ كان للمسلمين فيه حقَّ ، لأن آخذ الخراج غير متمكن من أخذه ، أو لأن للإمام بالولاية العامة تحليل ذلك ، وانّه لا يجب الأداء إلى سلاطين الجور وانّ أحالوه على المستحقين.

٣٥٣

قد طيّبناه لك وأحللناك منه فضمَّ إليك مالك ، وكلُّ ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محلّلون حتّى يقوم قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم وأما ما كان في أيدي غيرهم فإن كسبهم من الأرض حرامٌ عليهم حتّى يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم ويخرجهم صغرة :

قال : عمرّ بن يزيد فقال : لي أبو سيار ما أرى أحدا من أصحاب الضياع ولا ممّن يلي الأعمال يأكل حلالاً غيري إلّا من طيّبوا له ذلك.

________________________________________________________

« فيجبيهم » أي فيجبي منهم على الحذف والإيصال ، والجباية أخذ الخراج تقول : جبيت الخراج جباية أي أخذته ، والطسق بفتح المهملة وقد تكسرّ ، وفي النهاية في حديث عمر : خذ الطسق من أرضيهما ، الطسق الوظيفة من خراج الأرض المقررة عليهما ، وهو فارسي معرّب ، انتهى.

والمراد هنا خراج السنين الآتية لا الماضية ، بخلاف المخالفين فانّه يأخذ منهم خراج السنين الماضية لكن ليس هذا مصرّحاً في الخبر ، إذ يمكن أن يكون هذا حراماً عليهم ولم يؤمرّعليه‌السلام بأخذه منهم ، وفي القاموس : الصاغر الراضي بالذلّ والجمع صغرة ككتبة ، وفي الصحاح الضياع بالكسرّ جمع الضيعة وهي العقار أي الأرض والنخل.

فإن قيل : كيف خصّ أبو سيّار التحليل بنفسه مع انّهعليه‌السلام حلل جميع الشيعة من الأراضي؟ قلت : لعلّ التخصيص لعدم سماع سائر الشيعة ذلك منهعليه‌السلام ، والحلية انّما تحصل بعد العلم بالتحليل ، فقوله : إلّا من طيّبوا له ذلك ، أي سمعوا ذلك منه بواسطة أو بغير واسطة أو يقال : المراد بمن طيبوا له جميع الشيعة ، أو أن التحليل انّما كان للخراج فقط ، فلا ينافي عدم حلية خمس الزراعات ، مع انّه يحتمل أن يكون المراد سائر الحرف والصناعات قال : في النهاية : ضيعة الرّجل ما يكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغير ذلك ، ومنه الحديث : أفشى الله عليه ضيعته أي أكثر عليه معاشه.

٣٥٤

٤ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ، عن أبي عبد الله الرازي ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قلت له أما على الإمام زكاة فقال : أحلت يا أبا محمّد أما علمت أن الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء ، جائزٌ له ذلك من الله إن الإمام يا أبا محمّد لا يبيت ليلة أبداً ولله في عنقه حقَّ يسأله عنه.

٥ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن عبد الله بن أحمد ، عن عليّ بن النعمان ، عن صالح بن حمزة ، عن أبان بن مصعب ، عن يونس بن ظبيان أو المعلّى بن خنيس قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما لكم من هذه الأرض فتبسّم ثمَّ قال : إن الله تبارك وتعالى بعث جبرئيلعليه‌السلام وأمره أن يخرق بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض ،

________________________________________________________

الحديث الرابع : ضعيف.

« أحلت » أي أتيت بالمحال ، قال : في القاموس : المحال من الكلام بالضمّ ما عدل عن وجهه كالمستحيل ، وأحال : أتى به « يضعها حيث يشاء » أي من الأصناف « ويدفعها إلى من يشاء » أي من الأشخاص ، أو الأوّل يراد به الأماكن كبيت المال ، أو الثاني تأكيد للأوّل ، وظاهره نفي وجوب الزكاة عليهم ، وهو خلاف المشهور.

وقولهعليه‌السلام : لا يبيت كانّه تعليل لعدم الوجوب ، إذ لو وجبت الزكاة لزم أن يبيت ليلة أو أكثر « ولله في عنقه حقَّ يسأله عنه » وذلك لأن زكاة الغلات تجب عند بدو الصلاح ، ولا تخرج إلّا عند التصفية ، فلو وجبت عليه لزم اشتغال ذمته بإخراجها في تلك المدة ، وكذا الأنعام فإن مرعاها قد يكون بعيداً عن بلد الإمامعليه‌السلام ، ويحتمل أن يكون المعنى أن الدنيا كلها للإمام والناس كلّهم رعية الإمام ، فالحقوق اللازمة عليه أكثر من الزكاة وهو يعطي جميعها من غير تأخير ليلة والأوّل أظهر.

الحديث الخامس : ضعيف.

وكان التبسّم لأجلّ من التبعيضية « يخرق » كينصر ويضرب أي يشقّ ويحفر ، ومنهم من حمل الكلام على الاستعارة التمثيلية لبيان أن حدوث الأنهار ونحوها مستند

٣٥٥

منها سيحان وجيحان وهو نهر بلخ والخشوع وهو نهر الشاش ومهران وهو نهر الهند ونيل مصر ودجلة والفرات فما سقت أو استقت فهو لنا وما كان لنا فهو

________________________________________________________

إلى قدرة الله تعالى ردّاً على الفلاسفة الّذين يسندونها إلى الطبائع ، وفي أكثر النسخ جيحان بالألف وفي بعضها بالواو ، وفي النهاية سيحان وجيحان نهران بالعواصم عند المصيصة وطرسوس ، وفي القاموس : سيحان نهر بالشام وآخر ببصرة ، وسيحون نهر بما وراء النهر ونهر بالهند ، وقال : جيحون نهر خوارزم وجيحان نهر بالشام والرّوم معرّب جهان ، انتهى.

فظهر أنّ الواو هنا أصوب ، وعلى الأوّل كان التفسير من بعض الرواة ، فيمكن أن يكون اشتباها منه ، ولو كان من الإمامعليه‌السلام وصحّ الضبط كان الاشتباه من اللغويين ، ويؤيد الأوّل ما رواه السيوطي في تفسيره الدرّ المنثور عن ابن عباس عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ، سيحون وهو نهر الهند ، وجيحون وهو نهر بلخ ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق ، والنيل وهو نهر ، مصر ، الخبر.

والشّاش بلد بما وراء النهر كما في القاموس ، وقال : المولى عبد العليّ البيرجندي ، هو بقدر ثلثي الجيحون ومنبعه من بلاد الترك ويمرّ إلى المغرب مائلاً إلى الجنوب إلى أخجند ثمَّ إلى فاراب ثمَّ ينصبّ في بحيرة خوارزم ، وتسميته بالخشوع لم نجدها فيما عندنا من كتب اللغة وغيرها.

« فما سقت » أي سقته من الأشجار والأراضي والزروع ، أو استقت أي أخذت الأنهار منه وهو البحر المطيف بالدنيا أو بحر السماء ، فالمقصود أن أصلها وفرعها لنا ، أو ضمير استقت راجع إلى ما باعتبار تأنيث معناه ، والتقدير استقت منها ، وضمير منها المقدّر للأنهار ، فالمراد بما سقت ما جرت عليها من غير عمل ، وبما استقت ما شرب منها بعمل كالدولاب وشبهه ، ونسبة الاستقاء إليها على المجاز كذا خطر بالبال وهو أظهر.

٣٥٦

لشيعتنا وليس لعدوّنا منه شيء إلّا ما غصب عليه وانَّ ولّينا لفي أوسع فيما بين ذه إلى ذه يعنّي بين السماء والأرض ثمَّ تلا هذه الآية «قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا »(١) المغصوبين عليها «خالِصَةً » لهم «يَوْمَ الْقِيامَةِ » بلا غصب.

٦ - عليُّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن الريّان قال : كتبت إلى العسكريّعليه‌السلام جعلت فداك روي لنا أن ليس لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من

________________________________________________________

وقيل : ضمير استقت راجع إلى الأنهار على الإسناد المجازي ، لأنّ الاستقاء فعل لمن يخرج الماء منها بالحفر والدولاب ، يقال : استقيت من البئر أي أخرجت الماء منها ، وبالجملة يعتبر في الاستقاء ما لا يعتبر في السقي من الكسب والمبالغة في الاحتمال.

« إلّا ما غصب عليه » على بناء المعلوم والضمير للعدو أي غصبنا عليه ، أو على بناء المجهول أي إلّا شيء صار مغصوباً عليه يقال : غصبه على شيء أي قهره والاستثناء منقطع إن كان اللام للاستحقاق وانّ كان للانتفاع فمتّصل ، وذه إشارة إلى المؤنث أصلها ذي قلبت الياء هاء « المغصوبين عليها » الحاصل أن خالصة حال مقدرة من قبيل قولهم جاءني زيد صائداً صقره غدا قال : في مجمع البيان : قال : ابن عباس يعنّي أن المؤمنين يشاركون المشركين في الطيّبات في الدنيا ، ثمَّ يخلص الله الطيبات في الآخرة للذين آمنوا ، وليس للمشركين فيها شيء ، انتهى.

ثمَّ اعلم انّهعليه‌السلام ذكر في الأوّل ثمانية وانّما ذكر في التفصيل سبعة ، فيحتمل أن يكون ترك واحداً منها لانّه لم يكن في مقام تفصيل الجميع ، ولذا قال : منها سيحان ( إلخ ) وقيل : لـمّا كان سيحان إسماً لنهرين نهر بالشام ونهر بالبصرة أراد هنا كليهما من قبيل استعمال المشترك في معنييه وهو بعيد ، ولعلّه سقط واحد منها من الرواة وكانّه كان جيحان وجيحون ، فظنّ بعض النّساخ أو الرواة أحدهما فأسقط وحينئذ يستقيم التفسير أيضاً.

الحديث السادس : ضعيف والمكتوب إليه أبو الحسن الثالث الهاديعليه‌السلام وعدم

__________________

(١) سورة الأعراف : ٣٢.

٣٥٧

الدنيا إلّا الخمس ، فجاء الجواب أنَّ الدُّنيا وما عليها لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٧ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد رفعه ، عن عمرو بن شمرّ ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قال : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خلق الله آدم وأقطعه الدنيا قطيعة فما كان لآدمعليه‌السلام فلرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وما كان لرسول الله فهو للأئمّة من آل محمّدعليهم‌السلام .

٨ - محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إنَّ جبرئيلعليه‌السلام كرى برجله خمسة أنهار ولسان الماء يتبعه : الفرات ودجلة ونيل مصر ومهران

________________________________________________________

ذكر أهل بيته لانّه كان معلوماً انّه ما كان له فهو بعده لهمعليهم‌السلام .

الحديث السابع : ضعيف على المشهور « وأقطعه » أي ملكه كما في سائر الأخبار ، وقال : في النهاية : الإقطاع يكون تمليكاً وغير تمليك.

الحديث الثامن : حسن كالصحيح بل أقوى منه.

وفي القاموس : كرى النهر كرضي استحدث حفره ، والفرات معروف وهو أفضل الأنهار بحسب الأخبار كما سيأتي في كتاب المزار.

وقال : البيرجندي يخرج من جبال أرزن روم ، ثمَّ يمرّ نحو المشرق إلى الملطية ثمَّ إلى الكوفة حتّى ينصب في البطائح ، ودجلة نهر بغداد معروف ، قال : البيرجندي يخرج من بلاد الروم من شمال ميافارقين من تحت حصار ذي القرنين ، ويذهب من جهة الشمال والمغرب إلى جهة الجنوب والمشرق ويمرّ بمدينة آمد والموصل وسرّ من رأى وبغداد ، ثمَّ إلى واسط ثمَّ ينصب في بحر فارس ، والنيل بمصر معروف ، وقال : البيرجندي : هو أفضل الأنهار لبعد منبعه ومروره على الأحجار والحصبات ، وليس فيه وحل ولا يخضر الحجر فيه كغيره ، ويمرّ من الجنوب إلى الشمال وهو سريع الجري وزيادته في أيّام نقص سائر المياه ، ومنبعه مواضع غير معمورة في جنوب خط الاستواء ، ولذا لم يعلم منبعه على التحقيق ، ونقل عن بعض حكماء اليونان أن ماءه يجتمع من عشرة أنهار بين كل نهرين منها اثنان وعشرون فرسخاً فتنصب تلك الأنهار في بحيرة ،

٣٥٨

ونهر بلخ فما سقت أو سقي منها فللإمام والبحر المطيف بالدُّنيا [ للإمام ]

________________________________________________________

ثمَّ منها يخرج نهر مصر متوجّهاً إلى الشمال حتّى ينتهي إلى مصر ، فإذا جازها وبلغ شنطوف انقسم قسمين ينصبان في البحر ، وقال : مهران هو نهر السند يمرّ أولا في ناحية ملتان ثمَّ يميل إلى الجنوب ويمرّ بالمنصورة ثمَّ يمرّ حتّى ينصب في بحر ديبل من جانب المشرق ، وهو نهر عظيم وماؤه في غاية العذوبة وشبيه بنيل مصر ، ويكون فيه التمساح كالنيل ، انتهى.

ونهر بلخ هو جيحون ، وقال : البيرجندي : يخرج عموده من حدود بدخشان ثمَّ يجتمع معه أنهار كثيرة ويذهب إلى جهة المغرب والشمال إلى حدود بلخ ثمَّ يجاوزه إلى ترمد ، ثمَّ يذهب إلى المغرب والجنوب إلى ولاية زم ثمَّ يمرّ إلى المغرب والشمال إلى أن ينصب في بحيرة خوارزم ، انتهى.

« فما سقت » أي بأنفسها « أو سقي منها » أي سقي الناس منها ، وهذا الخبر رواه الصدوق في الفقيه بسند صحيح عن أبي البختري وزاد في آخره وهو أفسيكون ، ولعلّه من الصدوق فصار سبباً للإشكال ، لأن أفسيكون معرب آبسكون وهو بحر الخزر ، ويقال : له بحر جرجان وبحر طبرستان وبحر مازندران وطوله ثمانمائة ميل وعرضه ستمائة ميل ، وينصب فيه أنهار كثيرة منها نهر آمل ، وهذا البحر غير محيط بالدنيا ، بل محاط بالأرض من جميع الجوانب ، ولا يتصل بالمحيط.

وكانّه (ره) انّما تكلف ذلك لانّه لا يحصل من المحيط شيء وهو غير مسلم ، وقرأ بعض الأفاضل المطيف بضم الميم وسكون الطاء وفتح الياء اسم مفعول أو اسم مكان من الطواف ، ولا يخفى ضعفه ، فإن اسم المفعول منه مطاف بالضمّ أو مطوف ، واسم المكان كالأوّل ، أو مطاف بالفتح وربمّا يقرأ مطيف بتشديد الياء المفتوحة وهو أيضاً غير مستقيم ، لانّه بالمعنى المشهور واوي والمفعول من باب التفعيل مطوّف ، وأيضاً كان ينبغي أن يقال : المطيّف به الدنيا ، نعم قال : في القاموس : طيف به طيفاً يطيف أكثر الطواف ، انتهى.

٣٥٩

٩ - عليُّ بن إبراهيم عن السري بن الربيع قال : لم يكن ابن أبي عمير يعدل بهشام بن الحكم شيئاً وكان لا يغبُّ إتيانه ، ثمَّ انقطع عنه وخالفه وكان سبب ذلك أن أبا مالك الحضرمي كان أحد رجال هشام ووقع بينه وبين ابن أبي عمير ملاحاة في شيء من الإمامة قال : ابن أبي عمير الدنيا كلها للإمامعليه‌السلام على جهة الملك وانّه أولى بها من الّذين هي في أيديهم ؛ وقال : أبو مالك [ ليس ] كذلك أملاك

________________________________________________________

لكن حمله على هذا أيضاً يحتاج إلى تكلف شديد وما في الكتاب أظهر وأصوب ، والمعنى أن البحر المطيف بالدنيا أي بالأرض أيضاً للإمامعليه‌السلام والله يعلم.

الحديث التاسع : مجهول موقوف.

« لا يعدل » كيضرب أي لا يوازن به أحد أو لا يسوّي بينه وبين غيره ، بل يفضله على من سواه أو لا يعدل بصحبته شيئاً بل يرجحها على كل شيء « وكان لا يغب إتيانّه » أي كان يأتيه كل يوم ولا يجعل ذلك غبا بأن يأتيه يوماً ولا يأتيه يوماً ، قال : في النهاية : فيه زر غبّاً تزدد حبّاً ، الغب من أوراد الإبل أن تردّ الماء وتدعه يوماً ثمَّ تعود ، فنقله إلى الزيارة وانّ جاء بعد أيّام يقال : غب إذا جاء زائرا بعد أيّام ، وقال : الحسن في كل أسبوع ، ومنه الحديث : اغبوا في عيادة المريض ، أي لا تعوده في كل يوم لـمّا يجدّ من ثقل العواد وسألت فلاناً حاجة فغب فيها ، أي لم يبالغ ، انتهى.

فظهر انّه يمكن أن يقرأ هنا على بناء الأفعال أو من باب نصر ، والملاحاة المنازعة على جهة الملك ، قيل : أي على جهة الاستقلال والاستبداد بلا مشاركة « وانّه أولى بها » عطف تفسير « وكذلك » إشارة إلى الجملة التي بعده ، والمراد بالفيء هنا الأنفال لقوله تعالى : «ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ »(١) ويدخل فيه ما انقرض أهله وبطون الأودية والآجام ورؤوس الجبال ، والمراد بالمغنم إما خمسه تخصيصا بعد التعميم ، أو ما غنم في جهاد وقع بغير إذنهعليه‌السلام ، فإن كل الغنيمة له على المشهور ، أو المراد به ما يصطفيه من الغنيمة ، أو المراد أنّ اختيار

__________________

(١) سورة الحشر : ٦.

٣٦٠