مرآة العقول الجزء ٤

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 380

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 380
المشاهدات: 19595
تحميل: 7979


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19595 / تحميل: 7979
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 4

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

النّاس لهم إلّا ما حكم الله به للإمام من الفيء والخمس والمغنم فذلك له وذلك أيضاً قد بين الله للإمام أين يضعه وكيف يصنع به ؛ فتراضيا بهشام بن الحكم وصاراً إليه فحكم هشام لأبي مالك على ابن أبي عمير فغضب ابن أبي عمير وهجر هشاماً بعد ذلك.

________________________________________________________

جميع ذلك بيده وقسمته على الأصناف إليه كالخمس ، وكان نزاعهما يرجع إلى اللفظ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإمامعليه‌السلام بعده أولى بأنفس الناس وأموالهم ، وله أن يتصرف في جميع ذلك لكن لا يتصرف إلّا في الأشياء المخصوصة التي ذكرها أبو مالك.

أو يقال : كون الأرض للإمام ، معناه أن الناس انّما يتصرفون فيها بإذنه وتمكينه وحكمه فانّه صلوات الله عليه عند بسط يده يخرج المخالفين له من الأرض ، والشيعة انّما يتصرفون في أموالهم بسبب ولايته وبحكمه فما حكم انّه ليس لهم يجب عليهم رفع أيديهم عنه ، وما حكم انّه لهم فيأخذ منهم الصدقات والأخماس وسائر الحقوق ، فهم بمنزلة عبيده وتحت يده يجري عليهم وعلى أموالهم حكمه ، ويأخذ الضريبة منهم ، ولا ينافي ذلك كونهم أولى بأموالهم بحكم الإمامعليه‌السلام ، كما أن كون الأرض لله لا ينافي كونها للإمام بالمعنى المذكور ، ولا ينافي كون الأملاك لأربابها بمعنى آخر ، فلا ينافي الآيات والأخبار الدالة على أن الناس مسلطون على أموالهم ، وأنّهم أولى بما في أيديهم من غيرهم ، وسائر أحكام الشريعة من البيع والشراء والإجارة والصلح والقرض وغيرها.

واعلم أن المشهور بين الأصحاب أن الأرضين على أربعة أقسام :

الأوّل : المفتوحة عنوة وهي ما أخذت من الكفّار بالغلبة والقهر والاستيلاء ، وحكمها على المشهور أنها للمسلمين قاطبة لا يختص بها الغانمون ، وعند بعضهم أنها كذلك بعد إخراج الخمس لأهله.

وفي بعض حواشي القواعدّ لـمّا ذكر المصنف يخرج منه الخمس : هذا في حال ظهور الإمام ، وأما في حال الغيبة ففي الأخبار ما يدلّ على انّه لا خمس فيه ، قال : في

٣٦١

________________________________________________________

المنتهى : الأرضون على أربعة أقسام : أحدها ما يملك بالاستغنام ويؤخذ قهرا بالسيف ، فإنها تكون للمسلمين قاطبة ، ولا يختصّ بها المقاتلة بل يشاركهم غير المقاتلة من المسلمين ، وكما لا يختصون بها كذلك لا يفضّلون ، بل هي للمسلمين قاطبة ذهب إليه علماؤنا أجمع.

ثمَّ قال : (ره) : وعلى الرواية التي رواها أصحابنا أن كل عسكر أو فرقة غزت بغير أمرّ الإمام(١) فغنمت تكون الغنيمة للإمام خاصة ، تكون هذه الأرضون وغيرها ممّا فتحت بعد الرّسول إلّا ما فتح في أيّام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إن صح شيء من ذلك تكون للإمام خاصة ، وتكون من جملة الأنفال التي له خاصّة ، لا يشركه فيها غيره ، انتهى.

ثمَّ المعروف من مذهب الأصحاب حلّ الخراج(٢) في زمان غيبة الإمامعليه‌السلام في الجملة.

قال : المحقق (ره) في الشرائع : ما يأخذه السلطان الجائر من الغلات باسم المقاسمة أو الأموال باسم الخراج عن حقَّ الأرض ومن الأنعام باسم الزكاة يجوز ابتياعه وقبول هبته ، ولا يجب إعادته على أربابه وانّ عرف بعينه ، وقال : الشهيد الثانيقدس‌سره : المقاسمة حصة من حاصل الأرض تؤخذ عوضاً عن زراعتها ، والخراج مقدار من المال يضرب على الأرض أو الشجر حسب ما يراه الحاكم ، ونبه بقوله باسم المقاسمة واسم الخراج على أنهما لا يتحققان إلّا بتعيين الإمام العادل إلّا أن ما يأخذ الجائر في زمن تغلبه قد أذن أئمتناعليهم‌السلام في تناوله منه ، وأطبق عليه علماؤنا ، لا نعلم فيه مخالفا وانّ كان ظالـمّا في أخذه ، لاستلزام تركه والقول بتحريمه الضرر والحرج العظيم على هذه الطائفة ، ولا يشترط رضا المالك ولا يقدح فيه تظلمه ما لم يتحقق الظلم بالزيادة عن المعتاد أخذه من عامة المسلمين في ذلك الزمان.

__________________

(١) وفي نسخة « بغر إذن الإمام ».

(٢) وفي نسخة « حمل الخراج ».

٣٦٢

________________________________________________________

واعتبر بعض الأصحاب في تحقّقها اتفاق السلطان والعمّال على القدر وهو بعيد الوقوع والوجه ، وكما يجوز ابتياعه واستيهابه يجوز سائر المعاوضات ولا يجوز تناوله بغير إذن الجائر ولا يشترط قبض الجائر له وانّ أفهمه قوله ما يأخذه الجائر ، فلو أحاله به أو وكله في قبضه أو باعه وهو في يد المالك أو ذمته حيث يصح البيع كفى ، ووجب على المالك الدفع ، وكذا القول فيما يأخذه باسم الزكاة ولا يختص ذلك بالأنعام كما أفادته العبارة ، بل حكم زكاة الأموال والغلات كذلك ، لكن يشترط هنا أن لا يأخذ الجائر زيادة عن الواجب شرعاً في مذهبه ، وانّ يكون صرفه لها على وجهها المعتبر عندهم ، بحيث لا يعدّ عندهم غاصبا أو يمتنع الأخذ منه عندهم أيضاً.

ويحتمل الجواز مطلقاً نظراً إلى إطلاق النصّ والفتوى ، ويجيء مثله في المقاسمة والخراج ، لأن مصرفها مصرف بيت المال وله أرباب مخصوصون عندهم أيضاً وهل تبرأ ذمة المالك من إخراج الزكاة مرّة أخرى يحتمله كما في الخراج والمقاسمة ، مع أن حقَّ الأرض واجب لمستحقَّ مخصوص ، والتعليل بكون دفع ذلك حقّاً واجباً عليه وعدمه ، لأن الجائر ليس من نائب المستحقين فيتعذر النية ولا يصح الإخراج بدونها ، وعلى الأوّل يعتبر النية عند الدفع إليه كما يعتبر في سائر الزكوات.

والأقوى عدم الاجتزاء بذلك بل غايته سقوط الزكاة عمّا يأخذه إذا لم يفرط ووجوب دفعه إليه أعم من كونه على وجه الزكاة أو المضي معهم في أحكامهم والتحرز عن الضرر بمباينتهم ، ولو أقطع الجائر أرضاً ممّا تقسم أو تخرج أو عاوض عليها فهو تسليط منه عليها فيجوز للمقطع والمعاوض أخذهما من الزارع والمالك ، كما يجوز إحالته عليه.

والظّاهر أن الحكم مختص بالجائر المخالف للحقَّ نظراً إلى معتقده من استحقاقه ذلك عندهم ، فلو كان مؤمناً لم يحل أخذ ما يأخذه منهما لاعترافه بكونه

٣٦٣

________________________________________________________

ظالـماً فيه ، وانّما المرجع حينئذ إلى رأي الحاكم الشرعي مع احتمال الجواز مطلقاً ، نظراً إلى إطلاق النصّ والفتوى ، ووجه التقييد أصالة المنع إلّا ما أخرجه الدليل ، وتناوله للمخالف متحقق والمسؤول عنه للأئمّةعليهم‌السلام انّما كان مخالفاً للحقَّ فيبقى الباقي وانّ وجدّ مطلقاً فالقرائن دالة على إرادة المخالف منه التفاتاً إلى الواقع والغالب ، انتهى.

ثمَّ أنّهم قالوا : النظر في تلك الأراضي إلى الإمام وقال : بعضهم على هذا الكلام : هذا مع ظهور الإمامعليه‌السلام ، وفي الغيبة يختص بها من كانت بيده بسبب شرعيّ كالشراء والإرث ونحوهما ، لأنها وانّ لم يملك رقبتها لكونها لجميع المسلمين إلّا أنها تملك تبعاً لآثار المتصرف ويجب عليه الخراج أو المقاسمة ، ويتولاهما الجائر ولا يجوز جحدهما ولا منعهما ولا التصرف فيهما إلّا بإذنه باتفاق الأصحاب ، ولو لم يكن عليها يد فقضية كلام الأصحاب توقف جواز التصرف فيها على إذنه ، حيث حكموا بأن الخراج والمقاسمة منوطة برأيه ، وهما كالعوض من التصرف ، وإذا كان العوض منوطا برأيه فالمعوض كذلك ، ويحتمل جواز التصرف مطلقاً وقال : آخر من الأصحاب : هذا مع ظهوره وبسط يده ، أما مع غيبته كهذا الزّمان فكل أرض يدعي أحد ملكها بشراء وإرث ونحوهما ، ولا يعلم فساد دعواه يقر في يده كذلك لجواز صدقه ، وحملا لتصرفه على الصحّة ، فإن الأرض المذكورة يمكن تملكها بوجوه : منها إحياؤها ميتة ، ومنها شراؤها تبعاً لأثر التصرف فيها من بناء وغرس ونحوهما كما سيأتي ، وما لا يد مملكة لأحد فهو للمسلمين قاطبة إلّا أن من يتولاه الجائر من مقاسمتها وخراجها يجوز لنا تناوله منه بالشراء وغيره من الأسباب المملكة بإذن أئمتناعليهم‌السلام لنا في ذلك ، وقد ذكر الأصحاب انّه لا يجوز لأحد جحدهما ولا منعهما ولا التصرف فيهما إلّا بإذنه ، بل ادّعى بعضهم الاتفاق عليه.

وهل يتوقّف التصرّف في هذا القسم منها على إذن الحاكم الشرعي إن كان متمكّناً

٣٦٤

________________________________________________________

من صرفها في وجهها بناء على كونه نائباً من المستحق(١) عليه‌السلام ومفوّضاً إليه ما هو أعظم من ذلك؟ الظاهر ذلك ، وحينئذ فيجب عليه صرف حاصلها في مصالح المسلمين ، ومع عدم التمكن أمرها إلى الجائر ، وأمّا جواز التصرّف فيها كيف اتفق لكلّ أحد من المسلمين فبعيد جداً ، بل لم أقف على قائل به لأن المسلمين بين قائل بأولوية الجائر وتوقف التصرف على إذنه ، وبين مفوض للأمرّ إلى الإمام العادل ، فمع غيبته يرجع الأمر إلى نائبه ، فالتصرف بدونهما لا دليل عليه ، انتهى.

ثمَّ المشهور انّه يجوز يبع تلك الأراضي وهبتها ومعاوضتها ووقفها ورهنها وإجارتها وغير ذلك ، تبعاً لآثار المتصرف فيها ، وتدلّ عليه أخبار كثيرة.

الثاني : من أقسام الأرضين : أرض من أسلم عليها أهلها طوعاً من غير قتال ، فهي تترك في أيديهم ملكاً لهم ، يصح لهم التصرف فيها بالبيع والشراء والوقف وسائر التصرفات إذا عمروها ، ويؤخذ منهم العشر أو نصف العشر على وجه الزكاة إذا بلغ النصاب ، فإن تركوا عمارتها فعن الشيخ وأبي الصلاح أن الإمام يقبلها ممن يعمرها ويعطي صاحبها طسقها وأعطي المتقبل حصته وما يبقى فهو متروك لمصالح المسلمين في بيت مالهم ، وعن ابن حمزة أنّهم إذا تركوا عمارتها حتّى صارت خراباً كانت حينئذ لجميع المسلمين يقبلها الإمام ممن يقوم بعمارتها بحسب ما يراه من نصف أو ثلث أو ربع ، وعلى متقبلها بعد إخراج مؤنة الأرض وحقَّ القبالة فيما يبقى من خاصة من غلتها إذا بلغ خمس أوسق أو أكثر من ذلك العشر أو نصف العشر.

وعن ابن إدريس أن الأولى ترك ما قاله الشيخ فانّه مخالف للأصول والأدلة العقلية والسمعية ، فإن ملك الإنسان لا يجوز لأحد أخذه ولا التصرف فيه بغير إذنه واختياره ، وقرب في المختلف قول الشيخ نظراً إلى انّه أنفع للمسلمين وأعود عليهم ، فكان سائغا ثمَّ قال : وأي عقل يمنع من الانتفاع بأرض ترك أهلها عمارتها

__________________

(١) وفي نسخة « نائبا للمستحقين ».

٣٦٥

( باب )

( سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن حمّاد ، عن حميد وجابر العبدي قال : قال : أمير المؤمنينعليه‌السلام إن الله جعلني إماماً لخلقه ، ففرض عليّ التقدير في نفسي ومطعمي ومشربي وملبسي كضعفاء الناس كي يقتدي

________________________________________________________

وإيصال أربابها حقَّ الأرض ، مع أن الروايات متظافرة بذلك.

الثالث من أقسام الأرضين أرض الصلح فإن كان أربابها صولحوا على أن الأرض لهم فهي لهم ، وانّ صولحوا على أنها للمسلمين ولهم السكنى وعليهم الجزية فالعامرّ المسلمين قاطبة والموات للإمام خاصّة ، وإذا شرطت الأرض لهم فعليهم ما يصالحهم الإمام ويملكونها ويتصرفون فيها بالبيع وغيره ، ولو أسلم الذمّي ملك أرضه وسقط مال الصلح عنه.

الرابع من أقسام الأرضين الأنفال ، وهي كلّ أرض موات سواء ماتت بعد الملك أم لا ، وكل أرض أخذت من الكفّار من غير قتال سواء انجلى أهلها أو سلموها طوعاً ورؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام ، وظاهر كلام أكثر الأصحاب اختصاص هذه الثلاثة بالإمامعليه‌السلام من غير تقييد.

وقال ابن إدريس : ورؤوس الجبال وبطون الأودية التي هي ملكه ، فأمّا ما كان من ذلك في أرض المسلمين ويد مسلم عليه فلا يستحقهعليه‌السلام ، بل ذلك في أرض المفتوحة عنوة والمعادن التي في بطون الأودية ممّا هي له.

أقول : هذا ما ذكره القوم في ذلك ، وظاهر هذه الأخبار غير منطبق عليها إلّا بتأويلات قد أومأنا إلى بعضها ، والله يعلم حقائق الأحكام وحججه الكرامعليهم‌السلام .

باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر

الحديث الأوّل : مجهول.

« والتقدير » التضييق « في نفسي ومطعمي » كان العطف للتفسير ، وذكر النفس

٣٦٦

الفقير بفقري ولا يطغي الغنَّي غناه.

٢ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن المعلّى بن خنيس قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام يوماً جعلت فداك ذكرت آل فلان وما هم فيه من النعيم فقلت لو كان هذا إليكم لعشنا معكم فقال : هيهات يا معلّى أما والله أن لو كان ذاك ما كان إلّا سياسة الليل وسياحة النهار ولبس الخشن وأكل

________________________________________________________

للإشارة إلى انّه مخصوص بهعليه‌السلام في مطمعه وهو اسم مكان أو مصدر ، والحاصل في أكله أو في كيفية أكله أو في طعامه ، وقس عليه جارية ، وقيل : في نفسي ، أي في ارتكاب أموري المتعلقة بكسب المعاش وضبط المملكة ونحوهما ، بأن لا أكون كالمتكبرين المترفين الّذين يخدمهم الخدمة في كل أمورهم أو أكثرها « كضعفاء الناس » أي كالّذين لا مال لهم « كي يقتدي الفقير » أي يسلك مسلك الفقراء اقتداء بي أو هو كناية عن الرضا بالفقر.

والحاصل أن الفقير لـمّا رأى إمامه قد رضي بالدون من المعيشة ، رضي بفقره ، وكذا الغني إذا رآه فقيرا لم يطغه غناه ، وعلم انّه لو كان في الغناء خيراً لكان الإمام أولى به.

الحديث الثاني : مختلف فيه.

« آل فلان » هم بنو العبّاس « لعشنا » أي لتنعمنا « معكم » أي مع تنعمكم « والله أن لو كان » أن زائدة لربط جواب القسم بالقسم ، وكان تامّة « إلّا سياسة الليل » أي سياسة الناس وحراستهم عن الشر بالليل أو سهر الليل ومحافظته مجازا ، وقيل : هي رياضة النفس فيها بالاهتمام لأمور الناس وتدبير معاشهم ومعادهم مضافا إلى العبادات البدنية لله ، وفي النهاية : السياسة القيام على الشيء بما يصلحه.

« وسياحة النهار » رياضة النفس فيه بالدعوة والجهاد والسعي في حوائج المؤمنين ابتغاء مرضات الله ، وقيل : الصوم ، ولا يخفى عدم الاختصاص بهذا الزمان وانّ ورد بهذا المعنى ، قال : في النهاية : فيه لا سياحة في الإسلام ، يقال : ساح في الأرض

٣٦٧

الجشب ، فزوي ذلك عنّا فهل رأيت ظلامة قطُّ صيّرها الله تعالى نعمّة إلّا هذه.

٣ - عليُّ بن محمّد ، عن صالح بن أبي حمّاد ؛ وعدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد وغيرهما بأسانيد مختلفة في احتجاج أمير المؤمنينعليه‌السلام على عاصم بن زياد حين لبس

________________________________________________________

يسيح ساحة إذا ذهب فيها وأصله من السيح وهو الماء الجاري المنبسط على الأرض ، أراد مفارقة الأمصار وسكنى البراري وترك شهود الجمعة والجماعات.

وقيل : أراد الذين يسيحون في الأرض بالشر والنميمة والإفساد بين الناس ، ومن الأوّل الحديث : سياحة هذه الأمة الصيام ، قيل : للصائم سائح لأن الّذي يسيح في الأرض متعبداً يسيح ولا زاد معه ولا ماء فحين يجدّ يطعم والصائم يمضي نهاره ولا يأكل ولا يشرب شيئاً فشبه به ، والخشن ضد الناعم ، والجشب الطعام الغليظ ، قال : الجوهري : طعام جشب أي غليظ ، ويقال : هو الّذي لا أدم معه.

قولهعليه‌السلام : فزوي ، أي صرف وأبعد ذلك عنا « فهل رأيت » تعجب منهعليه‌السلام في صيرورة الظلم عليهم نعمّة لهم ، وحصر لمثله فيه ، وكان المراد بالظلامة هنا الظلم وفي القاموس : المظلمة بكسرّ اللام وكثمامة ما تظلمه الرّجل ، وفي المغرب يقال : عند فلان مظلمتي وظلامتي أي حقّي الذي أخذمنّي ظلماً.

الحديث الثالث : مرسل معتبر بل هو كالمتواتر روي بأسانيد وفي متنه اختلاف والمضمون مشترك.

منها ما رواه السيدرضي‌الله‌عنه في نهج البلاغة قال : من كلام له بالبصرة وقد دخل على العلاء بن زياد الحارثي يعوده وهو من أصحابه ، فلـمّا رأى سعة داره قال : ما كنت تصنع بسعة هذه الدّار في الدنيا وأنت إليها في الآخرة كنت أحوج ، وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة تقرئ فيها الضيف ، وتصل فيها الرحم ، وتطلع منها الحقوق مطالعها فإذا أنت بلغت بها الآخرة ، فقال : له العلاء : يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم ابن زياد! قال : وما له؟ قال : لبس العباء وتخلّى من الدنيا ، قال : عليّ به فلـمّا جاء قال : يا عدّي نفسه لقد استهام بك الخبيث ، أما رحمت أهلك وولدك؟ أترى الله أحلّ

٣٦٨

________________________________________________________

لك الطيّبات وهو يكره أن تأخذها أنت أهون على الله من ذلك ، قال : يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك؟ قال : ويحك إنّي لست كانت إن الله فرّض على أئمّة الحقَّ أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلاً يتبيغ بالفقير فقره. وقال : ابن أبي الحديد في الشرح : اعلم أن الّذي رويته عن الشيوخ ورأيته بخط عبد الله بن أحمد الخشابرحمه‌الله أن الربيع بن زياد الحارثي أصابته نشابة في جبينه فكانت تنتقض عليه في كل عام فأتاه عليّعليه‌السلام عائدا فقال : كيف تجدّك أبا عبد الرحمن؟ قال : أجدني يا أمير المؤمنين لو كان لا يذهب مآبي إلّا بذهاب بصري لتمنيت ذهابه ، قال : وما قيمة بصرك عندك؟ قال : لو كانت لي الدنيا لفديته بها قال : لا جرم ليعطينك الله على قدر ذلك ، إن الله يعطي على قدر الألم والمصيبة وعنده تضعيف كثير.

قال الربيع : يا أمير المؤمنين إلّا أشكو إليك عاصم بن زياد أخي؟ قال : ما له؟ قال : لبس العباء وترك الملإ ، وغم أهله وحزن ولده؟ فقال :عليه‌السلام : ادعوا لي عاصما ، فلـمّا أتاه عبس في وجهه وقال : ويلك يا عاصم أترى الله أباح لك اللذات وهو يكره ما أخذت أنت منها لأنت أهون على الله من ذلك أو ما سمعته يقول : «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ » ثمَّ قال : «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ »(١) وقال : «وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها »(٢) أمّا والله لابتذال نعم الله بالفعال أحبّ إليه من ابتذالها بالمقال : ، وقد سمعتم الله يقول : «وَأَمَّا بِنِعمّة رَبِّكَ فَحَدِّثْ »(٣) وقوله : «قُلْ مَنْ حرّم زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ »(٤) .

إن الله خاطب المؤمنين بما خاطب به المرسلين فقال : «يا أَيُّهَا الّذين آمَنُوا

__________________

(١) سورة الرحمن : ٢٢ - ١٩.

(٢) سورة فاطر : ٣٥.

(٣) سورة الضحى : ١١.

(٤) سورة الأعراف : ٣٢.

٣٦٩

العباء وترك الملاء وشكاه أخوه الرَّبيع بن زياد إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام انّه قد غم أهله وأحزن ولده بذلك ، فقال : أمير المؤمنينعليه‌السلام عليّ بعاصم بن زياد فجيء به فلـمّا رآه عبس في وجهه فقال : له أما استحييت من أهلك ؟ أما رحمت ولدك ؟ أترى الله

________________________________________________________

كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ »(١) وقال : «يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً »(٢) وقال : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبعض نسائه : ما لي أراك شعثاء مرهاء سلتاء(٣) قال : عاصم : فلم اقتصرت يا أمير المؤمنين على لبس الخشن وأكل الجشب؟ قال : إن الله تعالى افترض على أئمّة العدل أن يقدروا لأنفسهم بالقوم كيلا يتبيّغ بالفقير فقره ، فما قام عليّعليه‌السلام حتّى نزع عاصم العباء ولبس ملاءة.

ولنرجع إلى شرح الحديث ، قوله : حين لبس العباء ، وهو جمع عباءة بالفتح فيهما ، وهي الكساء وكان المراد به جعلها شعارا والمواظبة عليّ لبس ثياب الصوف الخشنة ، وترك القطن ونحوه ، والاكتفاء بلبسها في الصيف والشتاء كما ورد في وصايا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي ذر : يجيء من بعدي أقوام يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم ، يرون لهم بذلك الفضل على غيرهم أولئك تلعنهم ملائكة السماء وملائكة الأرض.

والملاء بالضمّ والمدّ جمع ملاءة بهما أيضاً وهي الثوب اللين الرقيق « انّه » بفتح الهمزة أي بانّه ، « وعلى » اسم فعل بمعنى ائتوني ، وقال : ابن أبي الحديد يقول : عليّ بفلان أي أحضره والأصل أعجلّ به عليّ ، فحذف فعل الأمر ودل الباقي عليه « أما استحييت » استفهام توبيخي « أترى الله أحلَّ لك الطيّبات » أي في قوله : «قُلْ مَنْ حرّم زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ » وقوله : «يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا ممّا فِي الْأَرْضِ حلالاً طَيِّباً » وقوله : «يا أَيُّهَا الّذين آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ

__________________

(١) سورة المائدة : ٨٧.

(٢) سورة المؤمنون : ٥١.

(٣) الشعساء : التي أغبر رأسها وتلبّد شعرها وانتشر لقلّة تعهّده بالدهن ، والمرهاء : التي تركت الاكتحال حتّى تبيضّ بواطن أجفانها ، والسلتاء : التي لا تختضب.

٣٧٠

أحلَّ لك الطيّبات وهو يكره أخذك منها ، أنت أهون على الله من ذلك أوليس الله يقول «وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ .فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ » أوليس الله يقول «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ .بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ » إلى قوله «يَخْرُجُ مِنْهُمَا

________________________________________________________

ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إيّاه تَعْبُدُونَ » وقوله : «وَكُلُوا ممّا رَزَقَكُمُ اللهُ حلالاً طَيِّباً » وقوله : «الْيَوْمَ أحلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ » وغير ذلك.

« وهو يكره » الجملة حالية والهون الذل والحقارة والخفة والسهولة ، وهان عليه الشيء أي خف ، وقال : ابن أبي الحديد : فإن قيل : ما معنى قولهعليه‌السلام أنت أهون على الله من ذلك؟ قلت : لأن في الشاهد قد يحل الواحد منا لصاحبه فعلا مخصوصاً محاباة ومراقبة له ، وهو يكره أن يفعله ، والبشر أهون على الله تعالى من أن يحل لهم أمرا مجاملة واستصلاحاً للحال معهم وهو يكره منهم فعله ، انتهى.

والمعنى أن كراهية ذلك مختصّة بالأمراء وولاة الأمر وأنت أهون على الله من ذلك ، فلا تقس نفسك بهم كما سيأتي والأوّل أظهر ، والكم بالكسرّ وعاء الطلع وغطاء النور والجمع أكمة وأكمام ، ذكره الفيروزآبادي.

«مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ » قال : البيضاوي : أي أرسلهما من مرجت الدابّة إذا أرسلتها ، والمعنى أرسل البحر الملح والبحر العذب يلتقيان يتجاوران ويتماس سطوحهما ، أو بحري فارس والروم يلتقيان في المحيط لأنهما خليجان ينشعبان منه بينهما برزخ حاجز من قدرة الله ، أو من الأرض «لا يَبْغِيانِ » لا يبغي أحدهما الآخر بالممازجة وإبطال الخاصية ، أو لا يتجاوزان حدّيهما بإغراق ما بينهما «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ » وقال : اللؤلؤ كبار الدّر والمرجان صغاره ، وقيل : المرجان الخرز الأحمر.

قيل : الدر يخرج من المالح لا من العذب فما وجه قوله : يخرج منهما؟ وأجيب

٣٧١

اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ »(١) فبالله لابتذال نعم الله بالفعال أحبّ إليه من ابتذالها بالمقال : وقد قال : الله عزَّ وجلّ و «أَمَّا بِنِعمّة رَبِّكَ فَحَدِّثْ »(٢) فقال : عاصم يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة وفي ملبسك على الخشونة فقال : ويحك إن الله عزَّ وجلّ فرّض على أئمّة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ

________________________________________________________

بأّن المراد من مجتمعهما أو من أحدهما وهو الملح ، أي انّه لـمّا اجتمع مع العذب حتّى صار كالشيء الواحد كان المخرج من أحدهما كالمخرج منهما.

ووجه الاستدلال بالآية أن الامتنان بهما يدلّ على جواز الانتفاع منهما والتحلي بهما ، والابتذال ضد الصيانة وابتذال نعمّة الله بالفعال بفتح الفاء أن يصرفها فيما ينبغي ، متوسعا من غير ضيّق وبالمقال : أن يذكر نعم الله على نفسه ويشكره عليها « وقد قال : الله » أي إذا أمرّ الله بالشكر القولي وكان الشكر الفعليّ أقوى في إظهار النعمّة فيكون وجوبه ولزومه أولى وأحرى ، وما قيل : أن التحديث أعم من أن يكون بلسان الحال وهو بالاستعمال ، أو بلسان المقال : ، فبعيد عن السياق ، والجشوبة والخشونة مصدران بمعنى الفاعل للمبالغة ، والمطعم بالفتح ما يطعم والملبس بالفتح ما يلبس ، قال : ابن أبي الحديد : طعام جشب أي غليظ وكذلك مجشوب ، وقيل : انّه الّذي لا إدام معه.

قولهعليه‌السلام : أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس أي يشبهوا ويمثلوا وتبيغ الدم بصاحبه وتبوغ به أي هاج به ، وفي الحديث : عليكم بالحجامة لا تبيغ بأحدكم الدم فيقتله ، وقيل : أصل يتبيغ يبتغي فقلب مثل جذب وجبذ ، أي يجب على الإمام العادل أن يشبه نفسه في لباسه وطعامه بضعفة الناس جمع ضعيف كيلا يهلك الفقراء من الناس ، فأنّهم إذا رأوا إمامهم بتلك الهيئة وذلك المطعم كان ادّعى لهم إلى سلوانّ لذات الدنيا والصبر عن شهواتها ، انتهى.

وأقول : هذا وجه جمع بين الأخبار المختلفة في سيرة الأئمّةعليهم‌السلام وبين

__________________

(١) سورة الرحمن : ١٩ - ٢٢. (٢) سورة الضحى : ١١.

٣٧٢

بالفقير فقره ، فألقى عاصم بن زياد العباء ولبس الملاء.

٤ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد البرقي ، عن أبيه ، عن محمّد بن يحيى الخزاز ، عن حمّاد بن عثمان قال : حضرت أبا عبد اللهعليه‌السلام وقال : له رجلّ أصلحك الله ذكرت أن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام كان يلبس الخشن يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ونرى عليك اللباس الجديد فقال : له إن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر [ عليه ] ولو لبس مثل ذلك اليوم شهر به فخير لباس

________________________________________________________

ما ورد من مدح التجمّل وخلافه ، وفيه ذمّ اتّخاذ التقّشف ولبس الصوف سنة كما ابتدعه المتصوّفة ، وسيأتي خبر دخول الصوفية على أبي عبد اللهعليه‌السلام وغيره في ذلك ، وقد زاد المتأخرون عن زمانّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على البدعة في المأكل والمشرب كثيرا من العقائد الباطلة كاتحاد الوجود وسقوط العبادات والجبر وغيرها ، وأثبتوا لمشائخهم من الكرامات ما كاد يربو على المعجزات ، وقبائح أقوالهم وأفعالهم وعقائدهم أظهر من أن يخفى على عاقل ، أعاذ الله المؤمنين من فتنتهم وشرهم فأنّهم أعدى الفرق للإيمان وأهله.

الحديث الرابع : صحيح.

« ونرى عليك اللباس الجديد » كان الجديد كناية عن النفيس العالي ، وقيل : هو من جدّ في عيني كمد أي عظم « في زمان لا ينكر » على بناء المجهول ، أي لا ينكر هذا الفعل فيه أما قبل رجوع الخلافة إليه فلقرب عهد الناس بزمن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعدم تغير العادات كثيرا ، وأما في زمان خلافته فلانّه كان المقتدى في القول والفعل فلا ينكر عليه ذلك ، وقيل : الضمير للزمان أي كان في زمان حسن لانّه كان خليفة فيه « ولو لبس » أي عليّعليه‌السلام « مثل ذلك » أي الخشن « اليوم » أي في هذا الزّمان وهو زمان السلطان الجائر أو زمان تغير عادات الرّسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما ذكرنا أولا « شهر به » أي شنعة الناس ، وضمير « به » لمصدر لبس ، قال : في النهاية : فيه من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ، الشهرة ظهور الشيء في شنعة حتّى يشهره

٣٧٣

كل زمان لباس أهله غير أن قائمنا أهل البيتعليهم‌السلام إذا قام لبس ثياب عليّعليه‌السلام وسار بسيرة عليّعليه‌السلام .

( باب نادر )

١ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن عبد الله ، عن أيوب بن نوح قال : عطس يوماً وأنا عنده فقلت جعلت فداك ما يقال : للإمام إذا عطس ؟ قال : يقولون صلّى الله عليك.

٢ - محمّد بن يحيى ، عن جعفر بن محمّد قال : حدَّثني إسحاق بن إبراهيم الدينوري

________________________________________________________

الناس ، أقول : وهذا أيضاً وجه جمع بين الأخبار المختلفة كما سيأتي في محلّه إنشاء الله تعالى.

باب نادر

الحديث الأول : ضعيف على المشهور ، وأيوب بن نوح ثقة من أصحاب الرضا والجواد والهادي والعسكريعليهم‌السلام ، وروي انّه كان وكيلا للهادي والعسكريعليهما‌السلام وكان عظيم المنزلة عندهما ، فالضمير في عطس يحتمل رجوعه إلى كل من الأئمّة الأربعةعليهم‌السلام لكن رجوعه إلى أبي الحسن الهاديعليه‌السلام أظهر لكون أكثر رواياته ومسائله عنهعليه‌السلام .

الحديث الثاني : مجهول ، ويدلّ على عدم جواز إطلاق أمير المؤمنين على غيره صلوات الله عليه وانّ كان المعنى متحققاً فيهم ، ويدلّ على أن المراد ببقية الله الأئمّةعليهم‌السلام لأنّهم من بقايا حجج الله الّذين ببقائهم تبقى الدنيا ، وقد ورد ذلك في أخبار كثيرة ، والمفسرون فسروا البقية بالباقي أي ما أبقى الله لهم في الحلال بعد إيفاء الكيل والوزن ، وقيل : يعنّي إبقاء الله عليكم خير لكم ممّا يحصل من النفع بالتطفيف ، وقيل : طاعة الله خير لكم من الدنيا ، وقيل : رزق الله.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور مرسل آخره.

٣٧٤

عن عمر بن زاهر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سأله رجلٌ عن القائم يسلم عليه بامرة المؤمنين ؟ قال : لا ذاك اسم سمّى الله به أمير المؤمنينعليه‌السلام لم يسم به أحد قبله ولا يتسمّى به بعده إلّا كافر قلت جعلت فداك كيف يسلم عليه قال : يقولون السلام عليك يا بقية الله ثمَّ قرأ «بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ »(١) .

٣ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن أحمد بن عمرّ قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام لم سمي أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : لانّه يميرهم العلم أما سمعت في كتاب الله «وَنَمِيرُ أَهْلَنا »(٢)

وفي رواية اُخرى قال : لأن ميرة المؤمنين من عنده يميرهم العلم.

٤ - عليّ بن إبراهيم ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي الربيع القزاز ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قلت له : لِمَ سمي أمير المؤمنين قال :

________________________________________________________

والميرة بالكسرّ طيب الطّعام ، يقال : مار عياله يمير ميرا وأمارهم وامتار لهم.

ويرد عليه أن الأمير فعيل من الأمر لا من الأجوف ، ويمكن التفصّي عنه بوجوه : الأوّل : أن يكون على القلب وفيه بعد من وجوه لا تخفى ، الثاني : أن يكونعليه‌السلام قد قال : ذلك ثمَّ اشتهر به كما في تأبط شرا ، الثالث : أن يكون المعنى أن أمراء الدنيا انّما يسمون أميراً لكونهم متكلفين لميرة الخلق وما يحتاجون إليه في معاشهم بزعمهم ، وأما أمير المؤمنينعليه‌السلام فإمارته لأمرّ أعظم من ذلك لانّه يميرهم ما هو سبب لحياتهم الأبدية ، وقوتهم الروحانية وانّ شارك سائر الأمراء في الميرة الجسمانيّة فعبّرعليه‌السلام عن هذا المعنى بلفظ مناسب في الحرف للفظ الأمير وهذا أظهر الوجوه.

الحديث الرابع : مجهول.

« لم سمّي أمير المؤمنين » أي هل كان ذلك من قبل الناس أو من الله أو أنّه

__________________

(١) سورة هود : ٨٦.

(٢) سورة يوسف : ٦٥.

٣٧٥

الله سمّاه وهكذا أنزل في كتابه «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بنيّ آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ » وانّ محمّداً رسولي وأنَّ عليّاً أمير المؤمنين.

________________________________________________________

لـمّا أو هم كلامه أنّ التسمية كانت من الناس أجابعليه‌السلام بأنها كانت من الله أو انّهعليه‌السلام أجاب بما هو الأهم للتنبه على انّه لا فائدة كثيرة في العلم بعلة التسمية ، كما قيل في قوله تعالى : «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ »(١) مع انّه يظهر من الجواب العلة أيضاً ، فإنها لو كانت من الله فمعناه انّه منصوب من الله لإمارة المؤمنين وسياستهم ، وانّه خليفة الله في أرضه ، فهذه علة التسمية وظاهر الخبر كون التسمية موجودة في الآية فأسقطوها ، وقد يأوّل بأن المراد ذلك وانّ لم يذكر في الآية اختصاراً واكتفاء بالجزء الأعظم ولا يخفى بعده ، وسيأتي الكلام في ذلك في كتاب القرآن إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) سورة البقرة : ١٨٩.

٣٧٦

قد تمّ الجزء الرابع حسب تجزئتنا من هذه طبعة ويليه الجزء الخامس إن شاء الله تعالى وأوّله « باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية » وقد وقع الفراغ من تصحيحه ومقابلته والتعليق عليه في اليوم الخامس والعشرين من شهر محرّم الحرام سنة ١٣٩٥ والحمد لله أوّلاً وآخراً.

وأنا العبد المذنب الفاني :

السيد هاشم الرسولي المحلاتي

٣٧٧

الفهرس

( باب ) ( الإشارة والنص إلى صاحب الدار عليه‌السلام ) باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار عليه‌السلام ٦

( باب ) ( في تسمية من رآه عليه‌السلام ) باب في تسمية من رآه (ع) ١٠

( باب في النهي عن الاسم ) باب في النهي عن الاسم ٢١

نادر في حال الغيبة باب نادر في حال الغيبة ٢٣

( باب في الغيبة ) باب في الغيبة ٣٨

( باب ) ( ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الامامة ) باب ما يفصل به بين دعوى المحقَّ والمبطل في أمرّ الإمامة ٦٧

(باب كراهية التوقيت) باب كراهية التوقيت ١٧٥

( باب التمحيص والامتحان ) باب التمحيص والامتحان ١٨٥

( باب ) ( انه من عرف امامه لم يضره تقدم هذا الامر او تأخر ) باب انه من عرف إمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر ١٩١

( باب ) ( من ادعى الإمامة وليس لها بأهل ومن جحد الأئمة أو بعضهم ومن ) ( أثبت الإمامة لمن ليس لها بأهل ) باب من ادعى الامامة وليس لها بأهل ومن جحد الأئمّة أو بعضهم ومن أثبت الإمامة لمن ليس لها بأهل ١٩٦

( باب ) ( فيمن دان الله عز وجل بغير إمام من الله جل جلاله ) باب فيمن دان الله عزَّ وجلّ بغير إمام من الله جلّ جلاله ٢١٨

( باب ) ( من مات وليس له إمام من أئمّة الهدى وهو من الباب الأول ) باب من مات وليس له إمام من أئمّة الهدى وهو من الباب الأوّل ٢٢٤

٣٧٨

( باب ) ( فيمن عرف الحقَّ من أهل البيت ومن أنكر ) باب فيمن عرف الحقَّ من أهل البيت ومن أنكر ٢٢٧

( باب ) ( ما يجب على الناس عند مضي الامام ) باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام ٢٣٢

( باب ) ( في أن الإمام متى يعلم أن الأمر قد صار إليه ) باب في أن الإمام متى يعلم أن الأمر قد صار إليه ٢٤٠

( باب ) ( حالات الأئمة عليهم‌السلام في السن ) باب حالات الأئمة (ع) في السن ٢٤٧

( باب ) ( أن الإمام لا يغسله إلا إمام من الأئمة عليهم‌السلام ) باب أن الإمام لا يغسله إلا إمام من الأئمة عليهم‌السلام ٢٦١

( باب ) ( مواليد الأئمة عليهم‌السلام ) باب مواليد الأئمة عليهم‌السلام ٢٦٤

( باب ) ( خلق أبدان الأئمّة وأرواحهم وقلوبهم عليهم‌السلام ) باب خلق أبدان الأئمة وأرواحهم وقلوبهم عليهم‌السلام ٢٧٦

( باب ) ( التسليم وفضل المسلمين ) باب التسليم وفضل المسلمين ٢٨٣

( باب ) ( أن الواجب على الناس بعد ما يقضون مناسكهم أن يأتوا الإمام ) ( فيسئلونه عن معالم دينهم ويعلمونهم ولايتهم ومودتهم له ) باب أن الواجب على الناس بعد ما يقضون مناسكهم أن يأتوا الإمام فيسئلونه عن معالم دينهم ويعلمونهم ولايتهم ومودتهم لهم ٢٨٩

( باب ) ( أن الأئمة تدخل الملائكة بيوتهم وتطأ بسطهم وتأتيهم ) ( بالأخبار عليهم‌السلام ) باب أن الأئمة تدخل الملائكة بيوتهم وتطأ بسطهم ويأتيهم بالأخبار عليهم‌السلام ٢٩٣

( باب ) ( أن الجن يأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم ويتوجهون في أمورهم ) باب أن الجن يأتونهم فيسئلونهم عن معالم دينهم ويتوجهون في أمورهم عليهم‌السلام ٢٩٦

٣٧٩

( باب ) ( في الأئمّة عليهم‌السلام أنّهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود ) ( ولا يسألون البينة عليهم‌السلام [ والرحمة والرضوان] ) باب في الأئمّة عليهم‌السلام أنّهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود ولا يسئلون البينة عليهم‌السلام والرحمة والرضوان ٣٠٣

( باب ) ( أن مستقى العلم من بيت آل محمّد عليهم‌السلام ) باب أن مستقى العلم من بيت آل محمّد عليهم‌السلام ٣١٠

( باب ) ( انه ليس شيء من الحق في يد الناس إلّا ما خرج من عند الأئمة ) ( عليهم‌السلام وان كل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل ) باب انه ليس شيء من الحق في أيدي الناس إلا ما خرج من عند الأئمة عليهم‌السلام وان كل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل ٣١٢

( باب ) ( فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب ) باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب ٣١٧

( باب ) ( ما أمرّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنصيحة لأئمّة المسلمين ) ( واللزوم لجماعتهم ومن هم ؟ ) باب ما أمر النبي (ص) بالنصيحة لأئمّة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم ٣٢٨

( باب ) ( ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام ) باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحقَّ الرعية على الإمام ٣٣٩

( باب ) ( أن الأرض كلها للإمام عليهم‌السلام ) باب أن الأرض كلها للإمام عليه‌السلام ٣٥٠

( باب ) ( سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر ) باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر ٣٦٦

( باب نادر ) باب نادر ٣٧٤

الفهرس ٣٧٨

٣٨٠