مرآة العقول الجزء ٥

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 376

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 376
المشاهدات: 2952
تحميل: 1867


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 376 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 2952 / تحميل: 1867
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 5

مؤلف:
العربية

إحدى وستين من الهجرة وله سبع وخمسون سنة وأشهر قتله عبيد الله بن زياد لعنه الله

الحسن بخمسين ليلة ، وكذلك قال الحافظ الجنابذي ، وقال كمال الدين : كان انتقاله إلى دار الآخرة في سنة إحدى وستين من الهجرة ، فتكون مدة عمره ستا وخمسين سنة وأشهر ، كان منها مع جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ست سنين وشهورا ، وكان مع أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ثلاثين سنة بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان مع أخيه الحسن بعد وفاة أبيه عشر سنين ، وبقي بعد وفاة أخيه الحسنعليهما‌السلام إلى وقت مقتله عشر سنين.

قال ابن الخشاب : حدثنا حرب بإسناده عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : مضى أبو عبد الله الحسين بن علي وأمه فاطمة بنت رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين وهو ابن سبع وخمسين سنة في عام الستين من الهجرة في يوم عاشوراء ، كان مقامه مع جده رسول الله سبع سنين إلا ما كان بينه وبين أبي محمد وهو سبعة أشهر وعشرة أيام وأقام مع أبيه ثلاثين سنة ، وأقام مع أبي محمد عشر سنين ، وأقام بعد مضي أخيه الحسنعليه‌السلام عشر سنين ، فكان عمره سبعا وخمسين سنة إلا ما كان بينه وبين أخيه من الحمل ، وقبض في يوم عاشوراء في يوم الجمعة في سنة إحدى وستين ، ويقال : يوم الاثنين ، انتهى.

وقال الشهيد (ره) في الدروس ولدعليه‌السلام بالمدينة آخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة ، وقيل : يوم الخميس ثالث عشر شهر رمضان ، وقال الشيخ ابن نما قيل : ولدعليه‌السلام لخمس خلون من جمادى الأولى ، وكانت مدة حمله ستة أشهر ، ولم يولد لستة سواه وعيسى وقيل : يحيىعليهم‌السلام ، انتهى.

وأقول : إنما اختار الشيخ (ره) كون ولادتهعليه‌السلام في آخر شهر ربيع الأول تبعا لما اختاره المفيد (ره) في المقنعة ، مع مخالفته لما رواه من الروايتين ، لما ثبت عنده واشتهر بين الفريقين من كون ولادة الحسن في منتصف شهر رمضان ، وما ورد في روايات صحيحة أنه لم يكن بين ولادتيهما إلا ستة أشهر وعشرا كما سيأتي بعضها

٣٦١

في خلافة يزيد بن معاوية لعنه الله وهو على الكوفة وكان على الخيل التي حاربته وقتلته عمر بن سعد لعنه الله بكربلاء ـ يوم الإثنين لعشر خلون من المحرم وأمه فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١ ـ سعد وأحمد بن محمد جميعا ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قبض الحسين بن عليعليه‌السلام ـ يوم عاشوراء وهو ابن سبع وخمسين سنة.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الرحمن العرزمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان بين الحسن والحسينعليه‌السلام طهر وكان بينهما في الميلاد ستة أشهر وعشرا.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء والحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

لكن مع ورود هذه الأخبار يمكن ترك القول بكون ولادة الحسنعليه‌السلام في شهر رمضان لعدم استناده إلى رواية معتبرة والله يعلم.

قوله : وهو ، أي عبيد الله لعنه الله« على الكوفة » أي وال على الكوفة والخيل الفرسان ، والمراد هنا العسكر الملعون« لعشر » أي لعشر ليال« خلون » أي مضين.

الحديث الأول : مختلف فيه صحيح عندي.

الحديث الثاني : صحيح.

« بين الحسن والحسين » أي بين ولادة الحسن والعلوق بالحسين « طهر » أي مقدار أقل الطهر في النساء اللاتي يحضن وهو عشرة أيام ، ولم يكن لهاعليها‌السلام دم ، والميلاد وقت الولادة.

الحديث الثالث : مختلف فيه.

قوله : لما حملت ، لعل المعنى قرب حملها ، أو المراد جاء جبرئيل قبل ذلك ،

٣٦٢

لما حملت فاطمةعليها‌السلام بالحسين جاء جبرئيل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال إن فاطمةعليها‌السلام ستلد غلاما تقتله أمتك من بعدك فلما حملت فاطمة بالحسينعليه‌السلام كرهت حمله وحين وضعته كرهت وضعه ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لم تر في الدنيا أم تلد غلاما تكرهه ولكنها كرهته لما علمت أنه سيقتل قال وفيه نزلت هذه الآية «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ » حسنا «حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ

أو المراد بقوله : حملت ثانيا شعرت به ، وربما يقرأ الثاني حملت على بناء المجهول من التفعيل ، أي عدت حاملا ، وفي كامل الزيارة الحسين بدون الباء ، وعلى هذا التأويل يحتمل أن يكون« وصينا » معناه جعلناه وصيا من الأوصياء ، فالباء في« بوالديه » للسببية ،فقوله : حسنا نصب على الإغراء بتقدير القول أي قائلين ألزم حسنا كما قيل ، لكنه بعيد ، والأظهر أن « وصينا » بمعناه ، والياء للسببية ، وحسنا مفعول وصينا ، وإن قرأ بفتح الحاء والسين لا يبعد الوجه الأول أيضا ، أي وصيناه أيضا حسنا.

قال في مجمع البيان : قرأ أهل الكوفة إحسانا ، والباقون حسنا ، وروي عن عليعليه‌السلام وأبي عبد الرحمن السلمي حسنا بفتح الحاء والسين ، انتهى.

ويحتمل أن يكون الوالدان رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما كما مر وسيأتي ، أو عليا وفاطمةعليهما‌السلام .

« لم تر » على بناء المجهول ، وفي الكامل : هل رأيتم في الدنيا أما ، إلى آخره وحمله وفصاله ثلاثون شهرا موافق لهذا التأويل ، لأن حمله كان ستة أشهر ، ومدة الرضاع سنتان ، قال البيضاوي «حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً ، وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً » ذات كره أو حملا ذا كره ، وهو المشقة «وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ » ومدة حمله وفصاله ، والفصال الفطام ، والمراد به الرضاع التام المنتهى به ، ولذلك عبر به كما يعبر بالأمر عن المدة ثلاثون شهرا كل ذلك بيان لما تكابده الأم في تربية الولد مبالغة في التوصية بها وفيه دليل على أن أقل مدة الحمل ستة لأنه إذا حط عنه للفصال حولان لقوله : «حَوْلَيْنِ

٣٦٣

ثَلاثُونَ شَهْراً »(١) .

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن علي بن إسماعيل ، عن محمد بن عمرو الزيات ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن جبرئيلعليه‌السلام نزل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له يا محمد إن الله يبشرك بمولود يولد من فاطمة تقتله أمتك من بعدك فقال يا جبرئيل وعلى ربي السلام لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله أمتي من بعدي فعرج ثم هبطعليه‌السلام فقال له مثل ذلك فقال يا جبرئيل وعلى ربي السلام لا حاجة لي في مولود تقتله أمتي من بعدي فعرج جبرئيلعليه‌السلام إلى السماء ثم هبط فقال يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويبشرك بأنه جاعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية فقال قد رضيت ثم أرسل إلى فاطمة أن الله يبشرني بمولود يولد لك تقتله أمتي من بعدي فأرسلت إليه لا حاجة لي في مولود مني تقتله أمتك من بعدك فأرسل إليها أن الله قد جعل في ذريته الإمامة والولاية

كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ » بقي ذلك ، وبه قال الأطباء ، ولعل تخصيص أقل الحمل وأكثر الرضاع لانضباطهما وتحقق ارتباط حكم النسب والرضاع بهما.

الحديث الرابع : مرسل ، وآخره أيضا مرسل.

والظاهر أن الإرسال والتبشير من الله والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانا على وجه التخيير لا الحتم ، حتى يكون ردهما ردا على الله «حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ » أي استحكم قوته وعقله «وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً » أقول : لا يلزم من كون هذا الدعاء بعد أربعين سنة من عمره أن يكون مصادفا لأول إمامته ، بل يمكن أن يكون قبل ذلك ، فإن إمامة الحسينعليه‌السلام كان بعد مضي سبع وأربعين من عمره الشريف ، مع أنه بطن للآية ولا يلزم انطباقها من جميع الوجوه ، وما قيل : من أن بلوغ الأشد كان عند وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وابتداء الأربعين من بلوغ الأشد فيكون مصادفا لابتداء إمامتهعليه‌السلام فهو تكلف مستغنى عنه.

__________________

(١) سورة الأحقاف : ١٥ وفي المصحف «إِحْساناً » بدل « حسنا ».

٣٦٤

والوصية فأرسلت إليه أني قد رضيت فـ « ـحَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي » فلو لا أنه قال «أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي » لكانت ذريته كلهم أئمة ـ ولم يرضع الحسين من فاطمةعليها‌السلام ولا من أنثى كان يؤتى به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيها اليومين والثلاث فنبت لحم الحسينعليه‌السلام من لحم رسول الله ودمه ولم يولد لستة أشهر إلا عيسى ابن مريمعليه‌السلام والحسين بن عليعليه‌السلام .

وفي رواية أخرى ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يؤتى

«أَوْزِعْنِي » أي ألهمني وأصله أولعني من أوزعته بكذا ، والمراد بالنعمة نعمة الإمامة والنبوة «وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ » قال البيضاوي : نكرة للتعظيم أو لأنه أراد نوعا من الجنس يستجلب رضا الله تعالى «وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي » واجعل لي الصلاح ساريا في ذريتي راسخا فيهم.

أقول : على تأويلهعليه‌السلام « في » للتبعيض أي بعض ذريتي وهو أظهر.

« فنبت لحما » تميز وفي بعض النسخ كما في كامل الزيارة لحم الحسين وهو أظهر« إلا عيسى بن مريم » لعل هذا من تصحيف الرواة أو النساخ ، وفي أكثر الأخبار المعتبرة إلا يحيى والحسينعليه‌السلام ، وقد ورد في الأخبار المعتبرة أن حمل عيسى كان تسع ساعات ، وقيل : ثلاث ساعات ، قال الثعلبي : اختلف العلماء في مدة حمل مريم بعيسى ، فقال بعضهم : كان مقدار حملها تسعة أشهر كحمل سائر النساء ، وقيل : ثمانية أشهر وكان ذلك آية أخرى لأنه لم يعش مولود وضع لثمانية أشهر غير عيسى ، وقيل : ستة أشهر ، وقيل : ثلاث ساعات ، وقيل : ساعة واحدة ، انتهى.

وأقول : يحتمل أن يكون مادة تولد عيسى أحدثها الله في مريم (ع) قبل نفخ جبرئيلعليه‌السلام بستة أشهر.

قوله عليه‌السلام : فيلقمه لسانه ، يمكن الجمع بينه وبين ما سبق بأنه كان في

٣٦٥

به الحسين فيلقمه لسانه فيمصه فيجتزئ به ولم يرتضع من أنثى.

٥ ـ علي بن محمد رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ »(١) قال حسب فرأى ما يحل بالحسينعليه‌السلام فقال إني سقيم لما يحل بالحسينعليه‌السلام

بعض الأوقات يمص لسانه وفي بعضها إبهامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الحديث الخامس : مرفوع.

«فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ » أقول : هذه إحدى الآيات التي استدل بها المخطئون للأنبياء زعما منهم أنه كذب ، وأجيب بوجوه : « الأول » أنهعليه‌السلام نظر في النجوم فاستدل بها على وقت حمى كانت تعتاده ، فقال إني سقيم ، أراد أنه قد حضر وقت علته فكأنه قال : سأسقم.

الثاني : أنه نظر في النجوم كنظرهم في استنباط الأحكام من النجوم ، فأوهمهم أنه يقول بمثل قولهم ، فقال عند ذلك إني سقيم ، فتركوه ظنا منهم أن نجمع يدل على سقمه ، ويجوز أن يكون الله تعالى أعلمه بالوحي أنه سيسقمه في وقت مستقبل وجعل العلامة على ذلك إما طلوع نجم على وجه مخصوص أو اتصاله بآخر على وجه مخصوص ، فلما رأى إبراهيم تلك الأمارة قال إني سقيم.

الثالث : أن المعنى أنه سقيم القلب أو الرأي حزنا من إصرار القوم على عبادة الأصنام ، وهي لا تسمع ولا تبصر ، فمعنى «نَظْرَةً فِي النُّجُومِ » تفكره في أنها محدثة مخلوقة مدبرة ، وتعجبه كيف ذهب على العقلاء ذلك من حالها حتى عبدوها.

الرابع : أن من كتب عليه الموت فهو سقيم وإن لم يكن به سقم في الحال ، وما ورد في هذه الرواية أحد الوجوه ، والمراد سقم القلب ، ولا ينافي ذلك أن يكون أوهمهم ظاهرا أنه سيسقم في بدنه ، وكان مراده سقم القلب تورية ، وهذا مجوز عند الضرورة والمصلحة ، وليس بكذب ، ولذا ورد في الخبر أن في المعاريض لمندوحة عن

__________________

(١) سورة الصافّات : ٨٩.

٣٦٦

٦ ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن علي بن أسباط ، عن سيف بن عميرة ، عن محمد بن حمران قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لما كان من أمر الحسينعليه‌السلام ما كان ضجت الملائكة إلى الله بالبكاء وقالت يفعل هذا بالحسين صفيك وابن نبيك قال فأقام الله لهم ظل القائمعليه‌السلام وقال بهذا أنتقم لهذا.

الكذب ، وقد روي بأسانيد عن الباقر والصادقعليهما‌السلام أنهما قالا : والله ما كان سقيما وما كذب ، ثم ظاهر الخبر أنهعليه‌السلام علم ما يحل بالحسينعليه‌السلام بحساب النجوم والأوضاع الفلكية وأنها تدل على الحوادث ، والأخبار في ذلك كثيرة أوردتها في الكتاب الكبير ، ولا ينافي ذلك منع سائر الخلق من التفكر فيها والحكم بها.

وما يتحصل من جميع الأخبار هو أن علم النجوم من علوم الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام وهو إحدى الطرق التي يستنبطون بها العلم بالحوادث وهي مختصة بهم ، وسائر الخلق لم يحيطوا بها علما ، فلذا منعوا عن التفكر فيها ، والإخبار بها أو لمصالح أخرى لا يخفى بعضها على أولي الأبصار ، وهذا هو المشهور بين علمائنا.

وذهب السيد بن طاوس (ره) وجماعة إلى جواز النظر فيها وحملوا أخبار النهي على ما إذا ظن أنها مؤثرات ، ولا ريب في بطلان هذه العقيدة ، وأن القول بأنها مؤثرات تامة كفر ، والمشهور أن القول بالتأثير الناقص فسق ، والقول بأنها علامات لا ضير فيه ، والأظهر تحريم النظر فيها والإخبار بها بل تعليمها وتعلمها كما حققناه في كتاب السماء والعالم.

الحديث السادس : موثق كالصحيح.

« ضجت » من باب ضرب أي صاحت وجزعت« ظل القائم » أي جسده المثالي. أو صورة خلقت شبيهة به ، حاكية لأحواله أو روحه المقدسة ، قال في القاموس : الظل الخيال من الجن وغيره يرى ، ومن كل شيء شخصه.

٣٦٧

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عبد الملك بن أعين ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لما نزل النصر على الحسين بن علي حتى كان بين السماء والأرض ثم خير النصر أو لقاء الله فاختار لقاء الله.

٨ ـ الحسين بن محمد قال حدثني أبو كريب وأبو سعيد الأشج قال حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن أبيه إدريس بن عبد الله الأودي قال لما قتل الحسينعليه‌السلام أراد القوم أن يوطئوه الخيل فقالت فضة لزينب يا سيدتي إن سفينة كسر به في

الحديث السابع : حسن.

وقد مر بسند حسن آخر عنهعليه‌السلام في باب أن الأئمةعليهم‌السلام يعلمون متى يموتون ، وليس فيه « لما » بل فيه : « أنزل الله النصر » إلى آخره ، وهو الصواب ، والملائكة الذين نزلوا كانوا أربعة آلاف ملك على أكثر الأخبار ، وخمسين ألف ملك على بعضها.

روى الصدوق بإسناده عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إن أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي صلوات الله عليهما ، فلم يؤذن لهم في القتال ، فرجعوا في الاستئذان وهبطوا وقد قتل الحسينعليه‌السلام فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ورئيسهم ملك يقال له منصور ، وروى ابن قولويه في كامل الزيارة بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : مر بالحسين بن علي خمسون ألف ملك وهو يقتل فعرجوا إلى السماء ، فأوحى الله إليهم مررتم بابن حبيبي وهو يقتل فلم تنصروه فاهبطوا إلى الأرض فأسكنوا عند قبره شعثا غبرا إلى أن تقوم الساعة.

الحديث الثامن : مجهول.

« فقالت فضة » هي جارية فاطمة صلوات الله عليها« لزينب » أي بنتها ، وسفينة لقب مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال المازري : اسم سفينة قيس ، وقيل : نجران ،

٣٦٨

البحر فخرج إلى جزيرة فإذا هو بأسد فقال يا أبا الحارث أنا مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهمهم بين يديه حتى وقفه على الطريق والأسد رابض في ناحية فدعيني أمضي إليه

وقيل : رومان ، وقيل : مهران ، وكنيته المشهورة أبو عبد الرحمن ، وسبب تسميته بسفينة أنه حمل متاعا كثيرا لرفقائه في الغزو فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت سفينة ، وقال الذهبي : أعتقته أم سلمة.

وأشارت فضة إلى قصته المشهورة واختلف فيها ، قال في شرح السنة أن سفينة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخطأ الجيش بأرض الروم وأسر فانطلق هاربا يلتمس الجيش ، فإذا هو بأسد فقال : يا أبا الحارث أنا مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان من أمري كيت وكيت ، فأقبل الأسد حتى قام إلى جنبه كلما سمع صوتا أهوى إليه ثم أقبل يمشي إلى جنبه حتى أبلغه الجيش ثم رجع.

وروى الراوندي في الخرائج والجرائح عن ابن الأعرابي أن سفينة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : خرجت غازيا فكسر بي فغرق المركب وما فيه وأفلت(١) وما علي إلا خرقة قد اتزرت بها ، وكنت على لوح ، وأقبل اللوح يرمي بي على جبل في البحر ، فإذا صعدت وظننت أني نجوت جاءتني موجة فانتسفتني(٢) ففعلت بي مرارا ثم إني خرجت اشتد على شاطئ البحر ، فلم تلحقني فحمدت الله على سلامتي ، فبينا أنا أمشي إذا بصر بي أسد وأقبل يزأر(٣) إلى أن يفترسني ، فرفعت يدي إلى السماء فقلت : اللهم إني عبدك ومولى نبيك نجيتني من الغرق ، أفتسلط علي سبعك؟ فألهمت أن قلت : أيها السبع أنا سفينة مولى رسول الله ، احفظ رسول الله في مولاه ، فو الله إنه لترك الزئير وأقبل كالسنور يمسح خده بهذا الساق مرة وبهذه أخرى وهو ينظر في وجهي مليا ثم طأطأ ظهره(٤) وأومأ إلى أن أركب

__________________

(١) أي تخلّصت.

(٢) انتسف الشيء : اقتعله.

(٣) الزئير : صوت الأسد.

(٤) من طأ طأ رأسه : خفضه.

٣٦٩

وأعلمه ما هم صانعون غدا قال فمضت إليه فقالت يا أبا الحارث فرفع رأسه ثم قالت : أتدري ما يريدون أن يعملوا غدا بأبي عبد اللهعليه‌السلام يريدون أن يوطئوا الخيل ظهره قال فمشى حتى وضع يديه على جسد الحسينعليه‌السلام فأقبلت

فركبت ظهره فخرج يخب بي(١) فما كان بأسرع من أن هبط جزيرة فإذا فيها من الشجرة والثمار وعين عذبة من ماء دهشت فوقف وأومأ إلى أن أنزل ، فنزلت وبقي واقفا حذائي ينظر ، فأخذت من تلك الثمار وأكلت وشربت من ذلك الماء فرويت وعمدت إلى ورقة فجعلتها لي مئزرا واتزرت بها وتلحفت بأخرى ، وجعلت ورقة شبيها بالمزود فملأتها من تلك الثمار وبللت الخرقة التي كانت معي لأن أعصرها إذا احتجت إلى الماء فأشربه.

فلما فرغت مما أردت أقبل إلى فطأطأ ظهره ثم أومأ إلى أن أركب ، فلما ركبت أقبل بي نحو البحر في غير الطريق الذي أقبلت منه ، فلما صرت على البحر إذا مركب سائر في البحر فلوحت لهم فاجتمع أهل المركب يسبحون ويهللون ويرون رجلا راكبا أسدا فصاحوا : يا فتى من أنت؟ أجني أم إنسي قلت : أنا سفينة مولى رسول الله رعى الأسد بي حق رسول الله ففعل ما ترون ، فلما سمعوا ذكر رسول الله حطوا الشراع(٢) وحملوا رجلين في قارب صغير ودفعوا إليهما ثيابا فجاءاني ونزلت من الأسد ووقف ناحية ينظر فانتظر ما أصنع ، فرميا إلى بالثياب وقالا ألبسها فلبستها ، فقال أحدهما : اركب ظهري حتى أحملك إلى القارب أيكون السبع أرعى لحق رسول الله عن أمته ، فأقبلت على الأسد فقلت : جزاك الله خيرا عن رسول الله ، فنظرت إلى دموعه تسيل على خده ما يتحرك حتى دخلت القارب وأقبل يلتفت إلى ساعة بعد ساعة حتى غبنا عنه.

وأبو الحارث من كنى الأسد ، والربوض للأسد والشاة كالبروك للإبل.

__________________

(١) الجنب : ضرب من العدو.

(٢) الشراع. مثل الملاءة الواسعة يشرع وينصب على السفينة فتهب فيه الرياح فتمى بالسفينة.

٣٧٠

الخيل فلما نظروا إليه قال لهم عمر بن سعد لعنه الله فتنة لا تثيروها انصرفوا فانصرفوا

قوله لعنه الله : لا تثيروها أي لا تظهروها ولا تفشوها ، ويدل على أن للحيوانات شعورا ، وعلى أن بعضهم يحبون أهل البيت ويعرفونهم ، ويمكن أن يكون الله تعالى ألهمه في هذا الوقت أن يفعل هذا الفعل أو أعطاه شعورا عرف كلام فضة ، ويدل على أن ما ذكره الخاصة والعامة من وقوع هذا الأمر الفظيع لا أصل له.

حتى أن السيد بن طاوسقدس‌سره قال في كتاب الملهوف : ثم نادى عمر ابن سعد في أصحابه : من ينتدب للحسين فيوطئ الخيل ظهره؟ فانتدب منهم عشرة وهم إسحاق بن حوية الذي سلب الحسينعليه‌السلام قميصه ، وأخنس بن مرثد وحكيم ابن طفيل ، وعمرو بن صبيح ، ورجاء بن منقذ ، وسالم بن خيثمة ، وصالح بن وهب ، وواخط بن ناعم ، وهاني بن ثبيت ، وأسيد بن مالك ، فداسوا الحسين صلوات الله عليه بحوافر خيلهم حتى رضوا ظهره وصدره.

قال : وجاء هؤلاء العشرة حتى وقفوا على ابن زياد فقال أسيد بن مالك أحد العشرة :

نحن رضضنا الظهر بعد الصدر

بكل يعبوب شديد الأسر(١)

فقال ابن زياد : من أنتم؟ فقالوا : نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين حتى طحنا جناجن صدره(٢) فأمر لهم بجائزة يسيرة ، قال أبو عمر والزاهد : فنظرنا في هؤلاء العشرة فوجدناهم جميعا أولاد زناء ، وهؤلاء أخذهم المختار فشد أيديهم وأرجلهم بسلك الحديد وأوطأ الخيل ظهورهم حتى هلكوا ، انتهى.

وأقول : المعتمد ما رواه الكليني (ره) ويمكن أن يكون ما رواه السيد ادعاء من الملاعين ذلك لإخفاء هذه المعجزة ، وكأنه لذلك قلل ولد الزنا جائزتهم لعلمه

__________________

(١) اليعبوب : الفرس السريع. والاسر : الدرع الحصينة.

(٢) الجناجن : عظام الصدر.

٣٧١

٩ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن أحمد ، عن الحسن بن علي ، عن يونس ، عن مصقلة الطحان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لما قتل الحسينعليه‌السلام أقامت امرأته الكلبية عليه مأتما وبكت وبكين النساء والخدم حتى جفت دموعهن وذهبت فبينا هي كذلك إذا رأت جارية من جواريها تبكي ودموعها تسيل فدعتها فقالت لها ما لك أنت من بيننا تسيل دموعك قالت إني لما أصابني الجهد شربت شربة سويق قال فأمرت بالطعام والأسوقة فأكلت وشربت وأطعمت وسقت وقالت إنما نريد بذلك أن نتقوى على البكاء على الحسينعليه‌السلام قال وأهدي إلى الكلبية جونا لتستعين بها على مأتم الحسينعليه‌السلام فلما رأت الجون قالت ما هذه

بكذبهم وما فعله المختار لادعائهم ذلك وإن كان باطلا ، وإن كان ما فعلوه بهعليه‌السلام قبل ذلك أفحش وأفظع منه.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور« أقامت امرأته الكلبية » هي بنت امرئ القيس الكلبي أم سكينة بنت الحسينعليه‌السلام وبنو كلب حي من قضاعة.

قال المفيدقدس‌سره في الإرشاد : كان للحسينعليه‌السلام ستة أولاد : علي بن الحسين الأكبر كنيته أبو محمد أمه شه زنان بنت كسرى يزدجرد ، وعلي بن الحسين الأصغر قتل مع أبيه بالطف ، أمه ليلى بنت أبي مرة الثقفية ، وجعفر بن الحسين لا بقية له ، وأمه قضاعية ، وكانت وفاته في حياة الحسينعليه‌السلام ، وعبد الله بن الحسين قتل مع أبيه صغيرا وسكينة بنت الحسين وأمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي كلبية معدية وهي أم عبد الله بن الحسين ، وفاطمة بنت الحسين وأمها أم إسحاق بنت طلحة ابن عبد الله تميمية ، انتهى.

والمأتم مصدر ميمي أو اسم مكان : مجتمع النساء للمصيبة ، والنساء بدل أو عطف بيان لضمير بكين ، والخدم بالتحريك جمع خادم ، والجهد بالفتح المشقة ،والسويق كأمير دقيق الحنطة المشوية ونحوها.

وقال الجوهري :الجون الأسود ، وهو من الأضداد ، والجمع جون بالضم ،

٣٧٢

قالوا هدية أهداها فلان لتستعيني على مأتم الحسين فقالت لسنا في عرس فما نصنع بها ثم أمرت بهن فأخرجن من الدار فلما أخرجن من الدار لم يحس لها حس كأنما طرن بين السماء والأرض ولم ير لهن بها بعد خروجهن من الدار أثر

والجوني من الخيل ومن الإبل الأدهم الشديد السواد ، والجونة أيضا العطار والجمع جون بفتح الواو ، والجوني ضرب من القطا ، سود البطون والأجنحة ، وهو أكبر من الكدري ، انتهى.

وأقول : كان الجون هنا كصرد جمع الجوني ، وإن لم يذكر اللغويون جمعه أو يكون جونا بالضم صفة محذوف أي طيورا جونا يعني بيضا أو سودا ، وفاعل أهدى محذوف أي رجل من قبيلته أو أهدى الله ، فقولهم أهداها فلان على الظن والأصوب جون بالضم ، وأهدي على بناء المفعول ، وكان فقدهن على سبيل الإعجاز لكونها لتعزيتهعليه‌السلام فلعلها ذهب بها إلى الجنة.

وقيل : الجون بالضم جمع جونة وهي ظرف للطيب« لم يحس لها حس » أي لم يدرك لها أثر من رائحة ونحوها ، وهذا إشعار بأن الذين جاءوا بها ذهبوا بها سريعا ، انتهى.

وقيل : كأن النساء كن من الجن أو كن من الأرواح الماضيات تجسدن ، انتهى.

وبالجملة الخبر لا يخلو من تشويش واضطراب لفظا ومعنى.

٣٧٣

إلى هنا تم الجزء الخامس حسب تجزئتنا ويليه الجزء السادس إن شاء الله تعالى وأوله « باب مولد علي ابن الحسينعليه‌السلام » وقد تم تصحيحا وتعليقا في التاسع من شهر جمادى الأولى سنة ١٣٩٤.

وأنا العبد المذنب الفاني

السيد هاشم الرسولي المحلاتي

٣٧٤

الفهرست

رقم الصفحة

عناوين الأبواب

عدد الأحاديث

٢

باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية

٩٢

١٦٠

باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية

٩

١٦٧

باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم

٣

أبواب التاريخ

١٧٠

باب مولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ووفاته

٤٠

٢٧٢

باب النهي عن الإشراف على قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

١

٢٧٣

باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه

١١

٣١٢

باب مولد الزهراء فاطمةعليها‌السلام

١٠

٣٥٠

باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما

٦

٣٦٠

باب مولد الحسين بن عليعليه‌السلام

٩

٣٧٥

الفهرس

باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ١

باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية ١٦٠

باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم ١٦٧

(أبواب التاريخ) ١٧٠

( باب مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ووفاته ) ١٧٠

باب(١) التار يخ ١٧٠

تاريخ مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ووفاته ١٧٠

باب النهي عن الإشراف على قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ٢٧٢

باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه ٢٧٥

باب مولد الزهراء فاطمة عليها‌السلام ٣١٢

باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما ٣٥٠

باب مولد الحسين بن علي عليه‌السلام ٣٦٠

الفهرست ٣٧٥

٣٧٦