مرآة العقول الجزء ٧

مرآة العقول15%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الحديث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 378

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 378 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 10965 / تحميل: 6672
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: دار الحديث
العربية

بسم الله الرحمن الرحيم

[ كتاب الإيمان والكفر من کتاب الکافی ]

[ تصن يف الشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني (ره) ]

باب

طينة المؤمن والكافر

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن رجل ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال إن الله عز وجل خلق النبيين من طينة

______________________________________________________

الحمد لوليه والصلاة على خير البرايا محمد وعترته ، وبعد : فهذا هو المجلد الرابع من كتاب مرآة العقول لبيان ما في الكافي من أخبار آل الرسول مما ألفه أفقر العباد إلى غفران ربه الغني : محمد باقر بن محمد تقي عفا الله عن جرائمهما.

قال قدس الله روحه أو بعض رواة كتابه : كتاب الإيمان والكفر من كتاب الكافي تصنيف الشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكلينيرضي‌الله‌عنه وأرضاه.

أقول : تلك الفقرات لم تكن في بعض النسخ ، والظاهر أنه من كلام رواة الكافي وقدم الإيمان على الكفر لأنه الأصل والأهم أو لأنه وجودي كما قيل ، وفي القاموس كلين كأمير قرية بالري منها محمد بن يعقوب الكليني من فقهاء الشيعة ، انتهى.

وقد يقال : كلين كزبير أيضا قرية بالري ، ومحمد بن يعقوب منها ، كذا سمعت بعض المشايخ يذكر عن أهل الري.

« باب طينة المؤمن والكافر »

الحديث الأول : مرسل.

١

عليين قلوبهم وأبدانهم وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة و [ جعل ] خلق أبدان المؤمنين من دون ذلك وخلق الكفار من طينة سجين قلوبهم وأبدانهم فخلط بين الطينتين ـ فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن ومن هاهنا يصيب المؤمن السيئة ومن هاهنا يصيب الكافر الحسنة فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه و

______________________________________________________

قوله : خلق النبيين ، الخلق يكون بمعنى التكوين وبمعنى التقدير ، وفي النهاية : طين عليه أي جبل ويقال : طانه الله على طينته ، أي خلقه على جبلتهوطينة الرجل خلقه وأصله ، وقال :عليون اسم للسماء السابعة وقيل : اسم لديوان الملائكة الحفظة ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد ، وقيل : أراد أعلى الأمكنة وأشرف المراتب وأقربها من الله تعالى في الدار الآخرة وتعرب بالحروف والحركات كقنسرين وأشباهها على أنه جمع أو واحد ، انتهى.

وإضافة الطينة إما بتقدير اللام أو من أو في« قلوبهم وأبدانهم » بدل النبيين. ويحتمل أن يراد بالقلب هنا العضو المعروف الذي يتعلق الروح أولا بالبخار المنبعث منه ، فلا ينافي ما مر في باب خلق أبدان الأئمةعليه‌السلام من أن أجسادهم مخلوقة من طينة عليين وأرواحهم مخلوقة من فوق ذلك على أنه لو أريد به الروح أمكن الجمع بجعل الطينة مبدءا لها مجازا باعتبار القرب والتعلق ، أو بتخصيص النبيين بغيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ويؤيده خبر ابن مروان ، وفي القاموس :سجين كسكين موضع فيه كتاب الفجار وواد في جهنم أو حجر في الأرض السابعة ، وفي النهاية اسم علم للنار. فعيل من السجن.

قوله : فخلط بين الطينتين ، أي في بدن آدمعليه‌السلام فلذا حصل في ذريته قابلية المرتبتين واستعداد الدرجتين« ومن ههنا يصيب المؤمن السيئة » لخلط طينته بطينة الكافر ، وكذا العكس« فقلوب المؤمنين تحن » أي تميل وتشتاق ، قال الجوهري : الحنين الشوق وتوقان النفس« إلى ما خلقوا منه » أي إلى الأعمال المناسبة لما خلقوا منه

٢

قلوب الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه.

______________________________________________________

المؤدية إليها أو إلى الأنبياء والأوصياء المخلوقين من الطينة التي خلق منها قلوبهم ، وكذا الفقرة الثانية تحتمل الوجهين.

وقال بعضهم في تأويل الخبر : المراد بعليين أشرف المراتب وأقربها من الله تعالى ، وله درجات كما يدل عليه ما ورد في بعض الأخبار الآتية من قولهم أعلى عليين وكما وقع التنبيه عليه في هذا الخبر بنسبة خلق القلوب والأبدان كليهما إليه مع اختلافهما في الرتبة ، فيشبه أن يراد به عالم الجبروت والملكوت جميعا اللذين فوق عالم الملك أعني عالم العقل والنفس ، وخلق قلوب النبيين من الجبروت معلوم ، لأنهم المقربون وأما خلق أبدانهم من الملكوت فذلك لأن أبدانهم الحقيقية هي التي لهم في باطن هذه الجلود المدبرة لهذه الأبدان ، وإنما أبدانهم العنصرية أبدان أبدانهم لا علاقة لهم بها فكأنهم وهم في جلابيب من هذه الأبدان ، قد نفضوها وتجردوا عنها لعدم ركونهم إليها وشدة شوقهم إلى النشأة الأخرى ، ولهذا نعموا بالوصول إلى الآخرة ومفارقة هذا الأدنى ، ومن هنا ورد في الحديث : الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، وإنما نسب خلق أبدان المؤمنين إلى ما دون ذلك لأنها مركبة من هذه ومن هذه لتعلقهم بهذه الأبدان العنصرية أيضا ما داموا فيها ، وسجين أخس المراتب وأبعدها من الله سبحانه فيشبه أن يراد به حقيقة الدنيا وباطنها التي هي مخبوءة تحت عالم الملك أعني هذا العالم العنصري ، فإن الأرواح مسجونة فيه ، ولهذا ورد في الحديث : المسجون من سجنته الدنيا عن الآخرة ، وخلق أبدان الكفار من هذا العالم ظاهر.

وإنما نسب خلق قلوبهم إليه لشدة ركونهم إليه وإخلادهم إلى الأرض ، وتثاقلهم إليها ، فكأنه ليس لهم من الملكوت نصيب لاستغراقهم في الملك ، والخلط بين الطينتين إشارة إلى تعلق الأرواح الملكوتية بالأبدان العنصرية ، بل نشوها منها شيئا فشيئا فكل من النشأتين غلبت عليه صار من أهلها ، فيصير مؤمنا حقيقيا أو كافرا حقيقيا

٣

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن ، عن النضر بن شعيب ، عن عبد الغفار الجازي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله عز وجل خلق المؤمن من طينة الجنة وخلق الكافر من طينة النار وقال إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا طيب روحه وجسده فلا يسمع شيئا من الخير إلا عرفه ولا يسمع شيئا من المنكر إلا أنكره قال وسمعته يقول الطينات ثلاث طينة الأنبياء والمؤمن من تلك الطينة إلا أن الأنبياء هم من صفوتها هم الأصل ولهم فضلهم والمؤمنون الفرع «مِنْ طِينٍ لازِبٍ » كذلك لا يفرق

______________________________________________________

أو بين الأمرين على حسب تدارك مراتب الإيمان والكفر ، انتهى.

وقال آخرون : إن الله تعالى لما علم في الأزل الأرواح التي تختار الإيمان باختيارها والتي تختار المعصية باختيارها ، سواء خلقوا من طينة عليين ، أو من طينة سجين فلما علم ذلك أعطى أبدان الأرواح التي علم أنهم يختارون الإيمان كيفية عليين للمناسبة وأعطى أبدان الأرواح التي علم أنها تختار الكفر باختيارها كيفية السجين من غير أن يكون للأمرين مدخل في اختيارهم الإيمان والكفر ، وخلط بين الطينتين من غير أن يكون لذلك الخلط مدخل في اختيار الحسنة والسيئة ، فمن في قوله : من هذا ومن هيهنا ، للعلية المجازية.

الحديث الثاني : مجهول.

« من طينة الجنة » أي من طينة يعلم حين خلقه منها أنه يصير إلى الجنة أو من طينة مرجحة لإعمال تصير سببا لدخول الجنة لا على سبيل الإلجاء« إذا أراد الله بعبد خيرا » أي حسن عاقبة وسعادة« طيب روحه » بالهدايات الخاصة والألطاف المرجحة ، وذلك بعد حسن اختياره وما يعود إليه من الأسباب ،قوله تعالى : «مِنْ طِينٍ لازِبٍ »(١) قال البيضاوي : هو الحاصل من ضرب الجزء المائي إلى الجزء الأرضي وفي القاموس : اللزوب اللصوق والثبوت ، ولزب ككرم لزبا ولزوبا دخل بعضه في بعض والطين لزق وصلب ، انتهى

__________________

(١) سورة الصافّات : ١١.

٤

الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم وقال طينة الناصب مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ وأما المستضعفون فمِنْ تُرابٍ ، لا يتحول مؤمن عن إيمانه ولا ناصب عن نصبه ولله المشيئة فيهم.

______________________________________________________

أقول : ويمكن أن يكون على هذا التأويل للآية الكريمة المراد باللزوب لصوقهم بالأئمةعليه‌السلام وملازمتهم لهم ، فقوله : كذلك لا يفرق الله ، إلخ. وفي بعض النسخ لذلك ، أي للزوبهم ولصوقهم بأئمتهم ولصوق طينتهم بطينتهم ، لا يفرق الله بينهم وبينهم.

أو لكونهم من فرع تلك الطينة لا يفرق الله بينهما في الدنيا والآخرة ، لأن الفرع ملحق بالأصل وتابع له.

قوله عليه‌السلام : من حمأ مسنون ، إشارة إلى قوله تعالى : «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ »(١) والصلصال الطين اليابس تسمع له عند النقر صلصلة أي صوت ، وقيل : طين صلب يخالطه الكثيب ، وقيل : منتن ، والحمأ : الطين الأسود ، والمسنون المتغير المنتن ، وقيل : أي مصبوب كأنه أفرغ حتى صار صورة كما يصب الذهب والفضة ، وقيل : أنه الرطب ، وقيل : مصور عن سيبويه ، قال : أخذ منه سنة الوجه ، والحمأ المسنون : طين سجين.

قوله : فمن تراب ، أي خلقوا من تراب غير ممزوج بماء عذب زلال كما مزجت به طينة الأنبياء والمؤمنين ، ولا بماء آسن أجاج كما مزجت به طينة الكافرين ، فلا يكونون من هؤلاء ولا من هؤلاء ، ولعل هذا وجه جمع بين الآيات الكريمة ، فإن ما دل على أنه خلق من حمأ مسنون فهو في الناصب ، وما دل على أنه خلق من طين لازب فهو في الشيعة ، وما دل على أنه خلق من تراب فهو في المستضعفين ، فيحتمل حينئذ أن يكون المراد إدخال تلك الطينات جميعا في بدن آدم لتحصيل قابلية جميع تلك الأمور والأقسام في أولاده وأن يكون المراد خلق كل صنف من تلك الطينة بإدخال ذلك الطين في النطفة أو بحصول تلك النطفة من هذه الطينة.

والأوسط أظهر لما رواه الشيخ في مجالسه بإسناده عن عبيد بن يحيى عن يحيى

__________________

(١) سورة الحجر : ٢٦.

٥

...............................................................................................

______________________________________________________

ابن عبد الله بن الحسن عن جده الحسن بن عليعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن في الفردوس لعينا أحلى من الشهد وألين من الزبد وأبرد من الثلج وأطيب من المسك ، فيها طينة خلقنا الله عز وجل منها ، وخلق شيعتنا منها فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا ولا من شيعتنا وهي الميثاق الذي أخذ الله عز وجل على ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، قال عبيد : فذكرت لمحمد بن الحسين هذا الحديث فقال : صدقك يحيى بن عبد الله هكذا أخبرني أبي عن جدي عن أبيه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال عبيد : قلت : أشتهي أن تفسره لنا إن كان عندك تفسير؟ قال : نعم أخبرني أبي عن جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : إن لله ملكا رأسه تحت العرش وقدماه في تخوم الأرض السابعة السفلى ، بين عينيه راحة أحدكم فإذا أراد الله عز وجل أن يخلق خلقا على ولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام أمر ذلك الملك فأخذ من تلك الطينة فرمي بها في النطفة حتى تصير إلى الرحم ، منها يخلق وهي الميثاق.

قوله : ولله المشيئة فيهم ، أي في المستضعفين والتعميم بعيد.

وقال بعضهم : في قولهعليه‌السلام : والمؤمنون الفرع من طين لازب ، لأن الجبروت صفوة الملكوت وأصله ، والملكوت فرع الجبروت ، واللازب اللازم للشيء اللاصق به ، وإنما كانت طينتهم لازبة للزوبها لطينة أئمتهم ولصوقها بها لخلطها بها وتركبها من العالمين جميعا ، ألا ترى إلى شوقهم إلى أئمتهم وحنينهم إليهم ، وكما أن الأمر كذلك كذلك لا يفرق الله بين أئمتهم وبينهم ، والحمأ الطين الأسود وهو كناية عن باطن الدنيا وحقيقة تلك العجوزة الشوهاء ، وأما خلق المستضعفين من التراب أعني ماله قبول الأشكال المختلفة وحفظها ، فذلك لعدم لزومهم لطريقة أهل الإيمان ، ولا لطريقة أهل الكفر وعدم تقيدهم بعقيدة لا حق ولا باطل ، ليس لهم نور الملكوت ولا ظلمة باطن الملك ، بل لهم قبول كل من الأمرين بخلاف الآخرين فإنهما لا يتحولان عما خلقوا له ، وأما قوله : ولله المشيئة فيهم ، فهو رد لتوهم الإيجاب في

٦

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن صالح بن سهل قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك من أي شيء خلق الله عز وجل طينة المؤمن فقال من طينة الأنبياء فلم تنجس أبدا.

٤ ـ محمد بن يحيى وغيره ، عن أحمد بن محمد وغيره ، عن محمد بن خلف ، عن أبي نهشل قال حدثني محمد بن إسماعيل ، عن أبي حمزة الثمالي قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إن الله جل وعز خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه وخلق أبدانهم من دون ذلك وقلوبهم تهوي إلينا لأنها خلقت مما خلقنا منه ثم تلا هذه الآية «كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ * كِتابٌ

______________________________________________________

فعله سبحانه ، وفيه إشارة إلى قوله عز وجل : «وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ »(١) .

الحديث الثالث : ضعيف.

« فلن تنجس أبدا » (٢) بنجاسة الشرك والكفر وإن نجست بالمعاصي فتطهر بالتوبة والشفاعة ، وقيل : لن يتعلق بالدنيا تعلق ركون وإخلاد يذهله عن الآخرة.

الحديث الرابع : مجهول.

وقد مر بعينه في باب خلق أبدان الأئمةعليه‌السلام وقال بعض أرباب التأويل : كل ما يدركه الإنسان بحواسه يرتفع منه أثر إلى روحه ، ويجتمع في صحيفة ذاته وخزانة مدركاته ، وكذلك كل مثقال ذرة من خير أو شر يعمله يرى أثره مكتوبا ثمة ، ولا سيما ما رسخت بسبب الهيئات ، وتأكدت به الصفات وصار خلقا وملكة ، فالأفاعيل المتكررة والعقائد الراسخة في النفوس هي بمنزلة النقوش الكتابية في الألواح ، كما قال الله تعالى : «أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ »(٣) وهذه الألواح النفسية يقال لها صحائف الأعمال ، وإليه الإشارة بقوله سبحانه : «وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ »(٤) وقوله

__________________

(١) سورة النحل : ٩.

(٢) كذا في جميع النسخ وفي المتن « فلم تنجس ».

(٣) سورة المجادلة : ٢٢.

(٤) سورة الإسراء : ١٣.

٧

مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ » وخلق عدونا من سجين وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوي إليهم لأنها خلقت مما خلقوا منه ثم تلا هذه الآية : «كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ »(١) .

______________________________________________________

عز وجل : «وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً »(٢) فيقال له : «لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ »(٣) «هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ »(٤) " فمن كان من أهل السعادة وأصحاب اليمين وكانت معلوماته أمورا قدسية وأخلاقه زكية وأعماله صالحة فقد أوتي كتابه بيمينه أعني من الجانب الأقوى الروحاني ، وهو جهة عليين وذلك لأن كتابه من جنس الألواح العالية والصحف المكرمة المرفوعة المطهرة بأيدي سفرة كرام بررة يشهده المقربون ، ومن كان من الأشقياء المردودين وكانت معلوماته مقصورة على الجرميات وأخلاقه سيئة وأعماله خبيثة فقد أوتي كتابه بشماله أعني من جانبه الأضعف الجسماني وهو جهة سجين ، وذلك لأن كتابه من جنس الأوراق السفلية والصحائف الحسية القابلة للاحتراق فلا جرم يعذب بالنار وإنما عود الأرواح إلى ما خلقت منه كما قال سبحانه : «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ »(٥) «كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ »(٦) فما خلق من عليين فكتابه في عليين ، وما خلق من سجين فكتابه في سجين.

__________________

(١) سورة المطففين ٧ ـ ١٠.

(٢) سورة الإسراء : ١٣.

(٣) سورة ق : ٢٢.

(٤) سورة الجاثية : ٢٩.

(٥) سورة الأعراف : ٢٩.

(٦) سورة الأنبياء : ١٠٤.

٨

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وغير واحد ، عن الحسين بن الحسن جميعا ، عن محمد بن أورمة ، عن محمد بن علي ، عن إسماعيل بن يسار ، عن عثمان بن يوسف قال أخبرني عبد الله بن كيسان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له جعلت فداك أنا مولاك ـ عبد الله بن كيسان قال أما النسب فأعرفه وأما أنت فلست أعرفك قال قلت له إني ولدت بالجبل ونشأت في أرض فارس وإنني أخالط الناس في التجارات وغير ذلك فأخالط الرجل فأرى له حسن السمت وحسن الخلق وكثرة أمانة ثم أفتشه فأتبينه عن عداوتكم وأخالط الرجل فأرى منه سوء الخلق وقلة أمانة وزعارة ثم أفتشه فأتبينه عن ولايتكم فكيف يكون ذلك فقال لي أما علمت يا ابن كيسان أن الله عز وجل أخذ طينة من الجنة وطينة من النار فخلطهما جميعا ثم نزع هذه من هذه وهذه من هذه فما رأيت من أولئك من الأمانة وحسن الخلق وحسن السمت فمما مستهم من طينة الجنة وهم يعودون إلى ما خلقوا منه وما رأيت من هؤلاء من قلة الأمانة وسوء الخلق والزعارة فمما مستهم من

______________________________________________________

الحديث الخامس : ضعيف.

« فلست أعرفك » أي بالتشيع« فأفتشه عن عداوتكم » التعدية بعن لتضمين معنى الكشف ، والسمت : الطريق وهيئة أهل الخير ، وزعارة بالزاء والراء المشددة وقد يخفف الشراسة وسوء الخلق ، وفي بعض النسخ بالدال والعين والراء المهملات وهو الفساد والفسق والخبث.« فخلطهما جميعا » أي في صلب آدم إلى أن يخرجوا من أصلاب أولاده ، وهو المرادبقوله : ثم نزع هذه من هذه إذ يخرج المؤمن من صلب الكافر ، والكافر من صلب المؤمن وحمل الخلط على الخلطة في عالم الأجساد واكتساب بعضهم الأخلاق من بعض بعيد جدا.

وقال بعضهم : ثم نزع هذه ـ إلى آخره ـ معناه أنه نزع طينة الجنة من طينة النار ، وطينة النار من طينة الجنة بعد ما مست إحداهما الأخرى ، ثم خلق أهل الجنة من طينة الجنة ، وخلق أهل النار من طينة النار ، وأولئك إشارة إلى الأعداء

٩

طينة النار وهم يعودون إلى ما خلقوا منه.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن صالح بن سهل قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ـ المؤمنون من طينة الأنبياء قال نعم.

٧ ـ علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله عز وجل لما أراد أن يخلق آدمعليه‌السلام بعث جبرئيلعليه‌السلام في أول ساعة من يوم الجمعة فقبض بيمينه قبضة بلغت قبضته من السماء السابعة إلى السماء الدنيا وأخذ من

______________________________________________________

وهؤلاء إلى الأولياء ، وما خلقوا منه في الأول طينة النار وفي الثاني طينة الجنة.

الحديث السادس : ضعيف. والمراد فضل طينتهم.

الحديث السابع : ضعيف.

قوله : في أول ساعة « إلخ » قيل : لما كان خلق آدمعليه‌السلام بعد خلق السماوات والأرض ضرورة تقدم البسيط على المركب ، وكان خلق السماوات والأرض وأقواتها في ستة أيام من الأسبوع وقد جمعت جميعا في الجمعة صار بدو خلق الإنسان فيه ، والمراد بكلمته جبرئيل لأنه حامل كلمته أو لاهتداء الناس به كاهتدائهم بكلام الله أو لكونه مخلوقا بكلمة كن بلا مادة ، وقيل : المراد بالسماوات درجات الجنة وبالأرضين دركات سجين ليطابق الأخبار الأخر ، ويحتمل أخذها منهما معا ، وقيل : كان المرادبالتربة ما له مدخل في تهيئة المادة القابلة لأن يخلق منها شيء فيشمل الطينة بمعنى الجبلة وآثار القوى السماوية المربية للنطفة ، وبالجملة ما له مدخل في السبب القابلي ، انتهى.

وقيل : إطلاق التربة على ما أخذ من السماوات من قبيل مجاز المشارفة أي ما يصير تربة وينقلب إليها ، والقصوى مؤنث الأقصى أي الأبعد ، ويدل على أن الأرض سبع طبقات كالسماوات كما قال تعالى : " «اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ

١٠

كل سماء تربة وقبض قبضة أخرى من الأرض السابعة العليا إلى الأرض السابعة القصوى فأمر الله عز وجل كلمته فأمسك القبضة الأولى بيمينه والقبضة الأخرى بشماله ففلق الطين فلقتين فذرا من الأرض ذروا ومن السماوات ذروا فقال للذي بيمينه منك الرسل والأنبياء والأوصياء والصديقون والمؤمنون والسعداء ومن أريد كرامته فوجب لهم ما قال كما قال وقال للذي بشماله منك الجبارون

______________________________________________________

مِثْلَهُنَ »(١) .

قوله عليه‌السلام : ففلق الطين فلقتين ، ضمير فلق إما راجع إلى الله أو إلى جبرئيل ، وكذاقوله : فذرأ ، وفي القاموس فلقه يفلقه شقه كفلقه وفالق الحب خالقه أو شاقه بإخراج الورق منه ، وقال : ذرت الريح الشيء ذروا وأذرته وذرته أطارته وأذهبته وذرأ هو بنفسه.

أقول : الكلام يحتمل وجوها « الأول » أن يكون قوله : ففلق تفريعا وتأكيدا لما مضى ، أي فصار يقبض بعض الطين باليمين وبعضه بالشمال الطين صنفين ، ففرق من الأرض أي ما كان في يده من طين الأرض ، وكذا الثاني فقال الله أو جبرئيل للذي بيمينه قبل الذر أو للذي كان بيمينه بعده.

الثاني : أن يكون المعنى ففلق كل طين من الطينين فلقة أي جعل كلا منهما حصتين ففرق من كل طين حصة ليكون طينة للمستضعفين والأطفال والمجانين ، وقال لما بقي في اليمين : منك الرسل « إلخ » ولما بقي في الشمال : منك الجبارون « إلخ » وعلى هذا لعل إرجاع الضمائر إلى الله تعالى أولى ، فيقرأ أريد في الموضعين بصيغة المتكلم ، وعلى الوجه الآخر يقرأ بصيغة الغائب المجهول.

الثالث : ما ذكره بعض الأفاضل حيث قال : كان الفلق كناية عن إفراز ما يصلح من المادتين لخلق الإنسان ، وإنما ذرأ من كل منهما ما ذرأ لأنه كان فيهما ما ليس له مدخل في خلق الإنسان وإنما كان مادة لسائر الأكوان خاصة.

__________________

(١) سورة الطلاق : ١٢.

١١

والمشركون والكافرون والطواغيت ومن أريد هوانه وشقوته فوجب لهم ما قال كما قال ثم إن الطينتين خلطتا جميعا وذلك قول الله عز وجل «إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى »(١) فالحب طينة المؤمنين التي ألقى الله عليها محبته والنوى طينة الكافرين الذين نأوا عن كل خير وإنما سمي النوى من أجل أنه نأى عن كل خير وتباعد عنه وقال الله عز وجل «يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ »(٢)

______________________________________________________

قوله عليه‌السلام : ثم إن الطينتين خلطتا ، أي ما كان في اليدين أو جميع الطينتين المذروء منهما وغير المذروء ، وقوله عليه‌السلام : فالحب طينة المؤمنين ، هذا بطن من بطون الآية وعلى هذا التأويل المراد بالفلق شق كل منهما وإخراج الآخر منه أو شق كل منهما عن صاحبه أو خلقهما« من أجل أنه نأى » كان مناسبة نأى ونوى من جهة الاشتقاق الكبير المبني على توافق بعض حروف الكلمتين فإن الأول مهموز الوسط والثاني من المعتل ، ويحتمل أن يكون أصل المهموز من المعتل أو بالعكس ويؤيد أن صاحب المصباح المنير والراغب في المفردات ذكرا نأى في باب النون مع الواو ، أو يقال ليس الغرض بيان الاشتقاق بل بيان أن النوى بمعنى البعد ، وذكر نأى لتناسب اللفظين فإن الواوي أيضا يطلق بهذا المعنى ، قال في القاموس : النية الوجه الذي يذهب فيه والبعد كالنوى فيهما « انتهى ».

والآية في سورة الأنعام هكذا : «إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى » قال في مجمع البيان : أي شاق الحبة اليابسة الميتة فيخرج منه النبات وشاق النواة اليابسة فيخرج منها النخل والشجر ، وقيل : معناه خالق الحب والنوى ومنشإهما ومبدئهما ، وقيل : المراد به ما في الحبة والنواة من الشق ، وهو من عجيب قدرة الله تعالى في استوائه.

«يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ » أي يخرج النبات الغض

__________________

(١) سورة الأنعام : ٩٥.

(٢) سورة الأنعام : ٩٥.

١٢

فالحي المؤمن الذي تخرج طينته من طينة الكافر والميت الذي يخرج من الحي هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن فالحي المؤمن والميت الكافر وذلك قوله عز وجل : «أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ »(١) فكان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر

______________________________________________________

الطري الخضر من الحب اليابس ، ويخرج الحب اليابس من النبات الحي النامي عن الزجاج والعرب تسمى الشجرة ما دام غضا قائما بأنه حي ، فإذا يبس أو قطع أو قلع سموه ميتا.

وقيل : معناه يخلق الحي من النطفة وهي موات ، ويخلق النطفة وهي موات من الحي عن الحسن وغيره ، وهذا أصح ، وقيل : معناه يخرج الطير من البيض والبيض من الطير عن الجبائي ، وقيل : يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن.

ثم قال سبحانه في هذه السورة أيضا : «أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ».

قال الطبرسي :أومن كان ميتا أي كافرافأحييناه بأن هديناه إلى الإيمان عن ابن عباس وغيره ، شبه سبحانه الكفر بالموت والإيمان بالحياة ، وقيل : معناه من كان نطفة فأحييناه وجعلنا له نورا ، المراد بالنور العلم والحكمة أو القرآن أو الإيمان ، وبالظلمات ظلمات الكفر ، وإنما سمي الله الكافر ميتا كأنه لا ينتفع بحياته ولا ينتفع غيره بحياته فهو أسوأ حالا من الميت إذ لا يوجد من الميت ما يعاقب عليه ، ولا يتضرر غيره به ، وسمي المؤمن حيا لأنه له ولغيره المصلحة والمنفعة في حياته وكذلك سمي الكافر ميتا والمؤمن حيا في عدة مواضع ، مثل قوله : «إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى »(٢) و «لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا »(٣) وقوله : «وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ »(٤)

__________________

(١) سورة الأنعام : ١٢٢.

(٢) سورة الروم : ٥٢.

(٣) سورة يس : ٧٠.

(٤) سورة فاطر : ٢٢.

١٣

وكان حياته حين فرق الله عز وجل بينهما بكلمته كذلك يخرج الله عز وجل المؤمن في الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها إلى النور ويخرج الكافر من النور إلى الظلمة

______________________________________________________

وسمي القرآن والعلم والإيمان نورا لأن الناس يبصرون بذلك ، ويهتدون به من ظلمات الكفر وحيرة الضلالة ، كما يهتدى بسائر الأنوار ، وسمي الكفر ظلمة لأن الكافر لا يهتدي بهداه ولا يبصر أمر رشده « انتهى ».

وأقول : على التأويل المذكور في الخبر وأكثر التفاسير المذكورة قوله تعالى : «يُخْرِجُ الْحَيَ » بيان لقوله «فالِقُ الْحَبِ ».

قوله : حين فرق الله بينهما بكلمته ، أي بقدرته أو بأمر كن ، أو بجبرئيل ، والتفريق في الميلاد أو في الطينة ، والأول أظهر ،فقوله : كذلك ، تشبيه الإخراج من الظلمات إلى النور وبالعكس بإخراج الحي من الميت وبالعكس ، في أن المراد فيهما إخراج طينة المؤمن من طينة الكافر وبالعكس ، وليس المراد تأويل تتمة تلك الآية أعني قوله سبحانه : «أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً » « إلخ » فإنه لم يذكر فيها إخراج الكافر من النور إلى الظلمة ، بل فيها أنه في الظلمات ليس بخارج منها بل هو إشارة إلى قوله تعالى : «اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ »(١) الآية ، ولا ينافيهقوله عليه‌السلام : ويخرج الكافر ، مع أن في الآية نسب الإخراج إلى الطاغوت لأن لخذلانه سبحانه مدخلا في ذلك ، مع أنه يمكن أن يقرأ على بناء المجرد المعلوم ، أو على بناء المجهول ، وما قيل : من أنه يظهر من هذا الحديث أن إخراج المؤمن من الكافر وبالعكس في وقتين تفريق الطين ووقت الولادة فليس بظاهر كما عرفت.

ثم استشهدعليه‌السلام لإطلاق الحياة على الإيمان أو كونه من طينة مقربة له بقوله سبحانه : «لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا » أي كان من طينة الجنة على تأويلهعليه‌السلام ، قال الطبرسي : أي أنزلناه ليخوف به من معاصي الله من كان مؤمنا لأن الكافر كالميت بل أقل من الميت أو من كان عاقلا كما روي عن عليعليه‌السلام وقيل : من كان حي القلب

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٥٧.

١٤

بعد دخوله إلى النور وذلك قوله عز وجل : «لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ »(١) .

______________________________________________________

حي البصر «وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ » أي يجب الوعيد والعذاب على الكافرين بكفرهم.

وأقول : على تأويلهعليه‌السلام يحتمل أن يكون المراد بالقول ما مر من قوله سبحانه : منك الجبارون والمشركون والكافرون « إلخ ».

فذلكة

اعلم أن ما ذكر في هذا الباب وفي بعض الأبواب الآتية من متشابهات الأخبار ومعضلات الآثار ، ومما يوهم الجبر ونفي الاختيار ولأصحابنا رضوان الله عليهم فيها مسالك :

الأول : ما ذهب إليه الأخباريون وهو أنا نؤمن بها مجملا ونعترف بالجهل عن حقيقة معناها وعن أنها من أي جهة صدرت ونرد علمه إليهمعليه‌السلام .

الثاني : أنها محمولة على التقية لموافقتها لروايات العامة ومذاهب الأشاعرة الجبرية وهم جلهم.

الثالث : أنه كناية عن علمه تعالى بما هم إليه صائرون فإنه سبحانه لما خلقهم وكان عند خلقهم عالما بما يصيرون إليه فكأنه خلقهم من طينات مختلفة.

الرابع : أنها كناية عن اختلاف استعداداتهم وقابلياتهم وهذا أمر بين لا يمكن إنكاره ، فإنه لا يريب عاقل في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبا جهل ليسا في درجة واحدة من الاستعداد والقابلية ، وهذا لا يستلزم سقوط التكليف فإن الله تعالى كلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بقدر ما أعطاه من الاستعداد والقابلية لتحصيل الكمالات وكلفه ما لم يكلف أحدا مثله ، وكلف أبا جهل ما في وسعه وطاقته ، ولم يجبره على شيء من الشر والفساد.

الخامس : أنه لما كلف الله تعالى الأرواح أولا في الذر وأخذ ميثاقهم فاختاروا الخير والشر باختيارهم في ذلك الوقت ، وتفرع اختلاف الطينة على ما اختاروه باختيارهم كما دلت عليه بعض الأخبار فلا فساد في ذلك.

__________________

(١) سورة يس : ٧٠.

١٥

باب آخر منه

وفيه زيادة وقوع التكليف الأول

١ ـ أبو علي الأشعري ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لو علم الناس كيف ابتداء الخلق ما اختلف اثنان إن الله عز وجل قبل أن يخلق الخلق قال كن ماء

______________________________________________________

باب آخر منه وفيه زيادة وقوع التكليف الأول

أقول : إنما أفرد لتلك الأخبار بابا لاشتمالها على أمر زائد لم يكن في الأخبار السابقة رعاية لضبط العنوان بحسب الإمكان.

الحديث الأول : موثق كالصحيح.

« لما اختلف اثنان » (١) أي في مسألة الاستطاعة والاختيار والجبر ، أو لما تنازع اثنان في أمر من أمور الدين لاختلاف إفهامهم وقابلياتهم وطينهم ، ولما بالغوا في هداية الخلق« كن ماءا عذابا » أمر تكويني أو استعارة تمثيلية لبيان علمه تعالى باختلاف مواد الخلق واستعداداتهم وما هم إليه صائرون وفي القاموس :ماء أجاج ملح مر ، وقال أديم النهار عامته أو بياضه ، ومن الضحى أوله ومن السماء والأرض ما ظهروقال : عركه دلكه وحكه حتى عفاه وقال :الذر صغار النمل ومائة منها زنة حبة شعير ، الواحدة ذرة ، وقال : دبيدب دبا ودبيبا : مشى على هنيئة ، وقال : أقلته فسخته ، واستقالة : طلب إليه أن يقيله ، وقال : هابه يهابه هيبا ومهابة : خافه.

وقال السيدرضي‌الله‌عنه في نهج البلاغة : روى اليماني عن أحمد بن قتيبة عن عبد الله بن يزيد عن مالك بن دحية قال : كنا عند أمير المؤمنين عليعليه‌السلام وقد ذكر عنده اختلاف الناس ، قال : إنما فرق بينهم مبادئ طينهم ، وذلك أنهم قد كانوا فلقة من سبخ أرض وعذبها وحزن تربة وسهلها فهم على حسب قرب أرضهم يتقاربون ،

__________________

(١) وفي المتن « ما اختلف » بدون اللام.

١٦

عذبا أخلق منك جنتي وأهل طاعتي وكن ملحا أجاجا أخلق منك ناري وأهل معصيتي ثم أمرهما فامتزجا فمن ذلك صار يلد المؤمن الكافر والكافر المؤمن ثم أخذ طينا

______________________________________________________

وعلى قدر اختلافها يتفاوتون ، فتام الرواء ناقص العقل وماد القامة قصير الهمة وزاكي العمل قبيح المنظر وقريب القعر بعيد السبر ومعروف الضريبة منكر الجليبة وتائه القلب متفرق اللب وطليق اللسان حديد الجنان.

وقال ابن ميثم في قولهعليه‌السلام : إنما فرق بينهم « إلخ » أي تقاربهم في الصور والأخلاق تابع لتقارب طينهم وتقارب مباديه وهي السهل والحزن ، والسبخ والعذب وتفاوتهم فيها لتفاوت طينهم ومباديه المذكورة وقال أهل التأويل : الإضافة بمعنى اللام أي المبادئ لطينهم كناية عن الأجزاء العنصرية التي هي مبادئ المركبات ذوات الأمزجة ، أو السبخ كناية عن الحار اليابس والعذب عن الحار الرطب والسهل عن البارد الرطب ، والحزن عن البارد اليابس ، انتهى.

وأقول : لا يبعد أن يكون الماء العذب كناية عما خلق الله في الإنسان من الدواعي إلى الخير والصلاح كالعقل والنفس الملكوتي ، والماء الأجاج عما ينافي ويعارض ذلك ويدعو إلى الشهوات الدنية واللذات الجسمانية من البدن وما ركب فيه من الدواعي إلى الشهوات ، ويكون مزجهما كناية عن تركيبهما في الإنسان ،فقوله : أخلق منك ، أي من أجلك جنتي وأهل طاعتي ، إذ لو لا ما في الإنسان من جهة الخير لم يكن لخلق الجنة فائدة ولم يكن يستحقها أحد ، ولم يصر أحد مطيعا له تعالى ، وكذاقوله : أخلق منك ناري إذا لو لا ما في الإنسان من دواعي الشرور لم يكن يعصي الله أحد ، ولم يحتج إلى خلق النار للزجر عن الشرور ثم لإظهار إحاطة علمه بما سيقع من كل فرد من أفراد البشر للملائكة لطفا لهم ولبني آدم أيضا بعد إخبار الرسل بذلك جعلهم كالذر ، وميز من علم منهم الإيمان ممن علم منهم خلافه ، وكلفهم بدخول النار ليعلموا قبل التكليف في عالم الأجساد أن ما علم منهم مطابق للواقع« فثم ثبتت الطاعة والمعصية » وعلم الملائكة من يطيع بعد ذلك ومن يعصي وأثبت ذلك في الألواح مطابقا لعلمه تعالى.

١٧

من أديم الأرض فعركه عركا شديدا فإذا هم كالذر يدبون فقال لأصحاب اليمين إلى الجنة بسلام وقال لأصحاب الشمال إلى النار ولا أبالي ثم أمر نارا فأسعرت فقال لأصحاب الشمال ادخلوها فهابوها فقال لأصحاب اليمين ادخلوها فدخلوها فقال «كُونِي بَرْداً وَسَلاماً » فكانت بردا وسلاما فقال أصحاب الشمال يا رب أقلنا ـ فقال قد أقلتكم فادخلوها فذهبوا فهابوها فثم ثبتت الطاعة والمعصية ـ فلا يستطيع هؤلاء

______________________________________________________

وقوله : فمن ذلك صار يلد المؤمن الكافر ، أي لأجل ما قرر في الإنسان من جهتي الخير والشر ترى الأب يصير تابعا للعقل ومقويا لدواعي الخير وزاجرا للشهوات فيصير من الأخيار ، والابن يتبع الهوى والشهوات ويسلطها على العقل فيصير من الأشرار مع نهاية الارتباط بينهما.

وقوله : ولا يستطيع هؤلاء ، أي لا يتخلف ما علم الله تعالى منهم ، لكن لا يختارونها إلا باختيارهم وإرادتهم واستطاعتهم.

هذا ما خطر بالبال على وجه الاحتمال والله يعلم غوامض أسرارهمعليه‌السلام .

وقال بعض أهل التأويل عبر عن المادة تارة بالماء وأخرى بالتربة لاشتراكهما في قبول الأشكال ، ولاجتماعهما في طينة الإنسان وتركيب خلقته ، وأديم الأرض وجهها وكأنه كناية عما ينبت منها مما يصلح أن يصير غذاء الإنسان ويحصل منه النطفة أو تتربى به ، والعرك : الدلك وكأنه كناية عن مزجه بحيث يحصل منه المزاج ويستعد للحياة ، والذر : النمل الصغار ووجه الشبه الحس والحركة وكونهم محل الشعور مع صغر الجثة والخفاء ، وهذا الخطاب إنما كان في عالم الأمر ولشدة ارتباط الملك بالملكوت وقوامه به جاز إسناد مادته إليه وإن كان عالم الأمر مجردا عن المادة واجتماعهم في الوجود عند الله تعالى إنما هو لاجتماع الأجسام الزمانية عنده تعالى دفعة واحدة في عالم الأمر وإن كانت متفرقة مبسوطة متدرجة في عالم الخلق ووجودهم في عالم الأمر وجود ملكوتي ظلي ينبعث من حقيقة هذا الوجود الخلقي الجسماني وهو صورة علمه سبحانه بها وعبر عنه بالظلال في حديث آخر ، وأمره تعالى إياهم

١٨

أن يكونوا من هؤلاء ولا هؤلاء من هؤلاء.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة أن رجلا سأل أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله جل وعز : «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى » إلى آخر الآية(١) .

______________________________________________________

إلى الجنة والنار هدايته إياهم إلى سبيلهما ، ثم توفيقه أو خذلانه ، ولعل المراد بالنار المسعرة بعد ذلك التكاليف الشرعية وتحصيل المعرفة المحرقة للقلوب لصعوبة الخروج عن عهدتها واستقالة أصحاب الشمال كناية عن تمنيهم الإطاعة وعدم قدرتهم التامة عليها لغلبة الشقوة عليهم ، وكونهم مسخرة تحت سلطان الهوى كما قالوا «رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ » انتهى.

والاجتراء على تلك التأويلات في الأخبار جرأة على الله ورسوله والأئمة الأخيار إلا أن يكون على سبيل الاحتمال ، لكن بعد ثبوت ما بنوا عليه الكلام من المقدمات التي لم تثبت بالبرهان واليقين بل بعضها مناف لما ثبت في الدين المبين.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

وظاهر الحديث أن السؤال عن الباقرعليه‌السلام كان في زمن أبيه وهو حاضر ، وفيه أنه لم يعهد إدراك زرارة علي بن الحسينعليه‌السلام فيحتمل أن يكون روي ذلك عن الرجل السائل ولم يكن زرارة حاضرا عند السؤال ، مع أنه يمكن إدراكه زمان السجادعليه‌السلام وعدم روايته عنه ولذا لم يعد من أصحابه ، وفي تفسير العياشي هكذا عن زرارة أن رجلا سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام إلى آخر الخبر ، وهو أصوب.

«وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ » قال البيضاوي : أي أخرج من أصلابهم نسلهم على ما يتوالدون قرنا بعد قرن ، ومن ظهورهم بدل من بني آدم بدل البعض ، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب ذرياتهم «وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ » أي نصب لهم دلائل ربوبيته وركب في عقولهم ما يدعوهم إلى الإقرار

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٧٢.

١٩

فقال وأبوه يسمععليه‌السلام حدثني أبي أن الله عز وجل قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدمعليه‌السلام فصب عليها الماء العذب الفرات ثم تركها أربعين صباحا ثم صب عليها الماء المالح الأجاج فتركها أربعين صباحا فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركا شديدا فخرجوا كالذر من يمينه وشماله وأمرهم جميعا أن يقعوا في النار فدخل

______________________________________________________

بها حتى صاروا بمنزلة من قيل لهم :ألست بربكم؟ قالوا بلى ، فنزل تمكينهم من العلم بها وتمكنهم منه منزلة الإشهاد والاعتراف على طريقة التمثيل ، ويدل عليه قوله : «قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ » أي كراهة أن تقولوا «إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ » لم ننبه عليه بدليل «أَوْ تَقُولُوا » عطف على أن تقولوا «إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ » فاقتدينا بهم لأن التقليد عند قيام الدليل والتمكن مع العلم به لا يصلح عذرا «أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ » يعني آباءهم المبطلين بتأسيس الشرك ، وقيل : لما خلق الله آدم أخرج من ظهره ذرية كالذر وأحياهم ، وجعل لهم العقل والنطق وألهمهم ذلك ، لحديث رواه عمر ، انتهى.

وقال بعض المحققين لعل معنى إشهاد ذرية بني آدم على أنفسهم بالتوحيد استنطاق حقائقهم بالسنة قابليات جواهرها وألسن استعدادات ذواتها ، وأن تصديقهم به كان بلسان طباع الإمكان قبل نصب الدلائل لهم أو بعد نصب الدلائل ، أو أنه نزل تمكينهم من العلم وتمكينهم منه بمنزلة الإشهاد والاعتراف على طريقة التمثيل نظير ذلك قوله عز وجل : «إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ »(١) إلخ ، وقوله عز وعلا : «فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ »(٢) ومعلوم أنه لا قول ثمة وإنما هو تمثيل وتصوير للمعنى ، ويحتمل أن يكون ذلك النطق باللسان الملكوتي الذي به يسبح كل شيء بحمد ربه ، وذلك لأنهم مفطورون على التوحيد.

قوله عليه‌السلام : من تراب ، التربة هذا من قبيل إضافة الجزء إلى الكل ،قوله

__________________

(١) سورة النحل : ٤٠.

(٢) سورة الفصلت : ١١.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

مكة بما ينزل فيهم من القرآن ، فكتب الآية التي نزلت :( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) فلما قرأها المسلمون قال حبيب بن ضَمْرَة اللَّيْثي لبنيه ، وكان شيخاً كبيراً : احملوني فإني لست من المستضعفين ، وإني لا أهتدي إلى الطريق. فحمله بنوه على سرير متوجهاً إلى المدينة ، فلما بلغ «التَّنْعِيمَ» أشْرَفَ على الموت فصفّق يمينه على شماله وقال : اللهم هذه لك ، وهذه لرسولك ، أبايعك على ما بايعتك يد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . ومات حميداً. فبلغ خبره أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : لو وَافَى المدينة ، لكان أتم أجراً. فأنزل الله تعالى فيه هذه الآية.

٣٥٨ ـ أخبرنا أبو حسان المُزَنيُّ ، قال : أخبرنا هارون بن محمد بن هارون ، قال : أخبرنا إسحاق بن محمد الخُزَاعي ، قال : حدَّثنا أبو الوليد الأَزْرَقِي ، قال : حدَّثنا جدّي ، قال : حدَّثنا سفيان بن عُيَيْنَة ، عن عَمْرِو بن دِينار ، عن عِكْرَمَة ، قال :

كان بمكة ناس قد دخلهم الإسلام ولم يستطيعوا الهجرة ، فلما كان يوم بدر وخُرِجَ بهم كَرْهاً قتلوا ، فأنزل الله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) إلى قوله تعالى :( عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ ) إلى آخر الآية. قال فكتب بذلك من كان بالمدينة إلى من بمكة ممن أسلم ، فقال رجل من بني بكر وكان مريضاً : / أخرجوني إلى «الرَّوْحَاء». فخرجوا به فخرج يريد المدينة ، فلما بلغ «الحَصْحَاص» مات ، فأنزل الله تعالى :( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ) .

[١٦٦]

قوله تعالى :( وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ) [١٠٢].

٣٥٩ ـ أخبرنا الأستاذ أبو عثمان الزَّعْفَرَاني المقري سنة خمس وعشرين ،

__________________

[٣٥٨] مرسل ، عزاه في الدر (٢ / ٢٠٨) لابن جرير وسنيد ، وانظر البخاري (٤٥٩٦) ، وانظر السابق.

[٣٥٩] أخرجه أبو داود في الصلاة (١٢٣٦) والنسائي في الصلاة (٣ / ١٧٦) وأحمد في مسنده (٤ / ٥٩) والحاكم (١ / ٣٣٧) وصححه ووافقه الذهبي والبيهقي في السنن (٣ / ٢٥٦) وأخرجه ابن جرير (٥ / ١٥٦ ، ١٦٤) وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢١١) لعبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني والطبراني وعبد بن حميد.

١٨١

قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن زياد السدي ، سنة ثلاث وستين ، قال : أخبرنا أبو سعيد الفضل بن محمد الجزري بمكة في المسجد الحرام ، سنة أربع وثلاثمائة ، قال : أخبرنا علي بن زياد اللَّحجيّ ، قال : حدَّثنا أبو قُرَّة موسى بن طارق ، قال : ذكر سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : أخبرنا أبو عَيّاش الزُّرَقي ، قال :

صلينا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم الظهر ، فقال المشركون : / قد كانوا على حال لو كنا أصبنا منهم غرة ، قالوا : تأتي عليهم صلاة هي أحبُّ إليهم من آبائهم. قال : وهي العصر. قال : فنزل جبريلعليه‌السلام بهؤلاء الآيات بين الأولى والعصر :( وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ) وهم بِعُسْفَان ، وعلى المشركين خالد بن الوليد ، وهم بيننا وبين القبلة. وذكر صلاة الخوف.

٣٦٠ ـ أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان ، قال : حدَّثنا محمد بن عبد الله بن محمد الضَّبِّي ، قال : حدَّثنا محمد بن يعقوب ، قال : حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار ، قال : حدَّثنا يونس بن بكير ، عن النَّضْر [أبي عمر] ، عن عِكْرَمَة ، عن ابن عباس ، قال :

خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلقي المشركين بِعُسْفان ، فلما صلى رسول اللهعليه‌السلام الظهر فرأوه يركع ويسجد هو وأصحابه ، قال بعضهم لبعض : كان هذا فرصة لكم ، لو أغرتم عليهم ما علموا بكم حتى تُوَاقِعُوهُم. فقال قائل منهم : فإنّ لهم صلاة أخرى هي أحبّ إليهم من أهليهم وأموالهم ، فاستعدوا حتى تغيروا عليهم فيها. فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه :( وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ) إلى آخر الآية ، وأَعْلَمَ ما ائتمر به المشركون ، وذكر صلاة الخوف.

[١٦٧]

قوله تعالى :( إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ ) ...

__________________

[٣٦٠] إسناده ضعيف : النضر هو النضر بن عبد الرحمن أبو عمر الخزاز قال الحافظ في التقريب : متروك تقريب [٢ / ٣٠٢].

١٨٢

الآية ، إلى قوله تعالى :( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً ) [١٠٥ : ١١٦].

٣٦١ ـ أنزلت كلها في قصة واحدة ، وذلك أن رجلاً من الأنصار يقال له : طعمة بن أُبَيْرق ، أحد بني ظفر بن الحارث ، سرق درعاً من جار له يقال له : قتادة بن النعمان ، وكانت الدرع في جراب فيه دقيق ، فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب ، حتى انتهى إلى الدار وفيها أثر الدقيق. ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له : زيد بن السمين ، فالتمست الدرع عند طُعْمَة فلم توجد عنده ، وحلف لهم والله ما أخذها وما له به من علم. فقال أصحاب الدرع : بلى والله قد أَدْلَجَ علينا فأخذها ، وطلبنا أثره حتى دخل داره ، فرأينا أثر الدقيق. فلما أن حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي ، فأخذوه فقال : دفعها إِليَّ طُعْمَةُ بن أُبَيْرِق ، وشهد له أناس من اليهود على ذلك ، فقالت بنو ظفر. وهم قوم طعمة ـ : انطلقوا بنا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكلموه في ذلك وسألوه أن يجادل عن صاحبهم وقالوا : إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح وبريء اليهودي ، فهمَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يفعل ـ وكان هواه معهم ـ وأن يعاقب اليهودي ، حتى أنزل الله تعالى :( إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ ) الآية كلها. وهذا قول جماعة من المفسرين).

[١٦٨]

قوله تعالى :( لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ ) . [١٢٣]

٣٦٢ ـ أخبرنا أبو بكر التميمي ، قال : أخبرنا أبو محمد بن حيان ، قال : حدَّثنا أبو يحيى قال : حدَّثنا سهل ، قال : حدَّثنا علي بن مسهر ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، قال :

__________________

[٣٦١] بدون إسناد.

وأخرج الترمذي في التفسير (٣٠٣٦) في حديث طويل ما يؤيد ذلك وقال : هذا حديث غريب.

وأخرج الحاكم مثله (٤ / ٣٨٥) وصححه وأقره الذهبي.

وذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية.

وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢١٥) وفي لباب النقول (ص ٩٢)

[٣٦٢] مرسل.

١٨٣

جلس أهل الكتاب ـ أهل التوراة وأهل الإنجيل ـ وأهل الأديان ، كل صنف يقول لصاحبه : نحن خير منكم. فنزلت هذه الآية.

٣٦٢١ م ـ وقال مَسْرُوق وقَتادَة : احتج المسلمون وأهل الكتاب ، فقال أهل الكتاب : نحن أهدى منكم : نبينا قبل نبيكم ، وكتابنا قبل كتابكم ، ونحن أولى بالله منكم. وقال المسلمون : نحن أهدى منكم ، وأولى بالله : نبينا خاتم الأنبياء وكتابنا يقضي على الكتب التي قبله. فأنزل الله تعالى هذه الآية. ثم أفْلَجَ الله حجةَ المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان ، بقوله تعالى :( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) ، وبقوله تعالى :( وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ ) الآيتين.

[١٦٩]

قوله تعالى :( وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً ) [١٢٥].

اختلفوا في سبب اتخاذ الله إبراهيم خليلاً :

٣٦٣ ـ فأخبرنا أبو سعيد النَّضْرَوِبيّ قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين السّرّاج ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الحضْرَمِيّ ، قال : حدَّثنا موسى بن إبراهيم المَرْوَزِيّ ، قال : حدَّثنا ابن لَهيعَة عن أبي قَبِيل ، عن عبد الله ، عن عمر ، قال :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا جبريلُ لم اتخذ الله إبراهيم خليلاً؟ قال : لإطعامه الطعامَ ، يا محمدُ].

٣٦٤ ـ وقال عبد الله بن عبد الرحمن بن أَبْزَى :

__________________

[٣٦٢١] م مرسل.

[٣٦٣] أبو قبيل اسمه حُيي بن هانئ : ذكره ابن حبان في الثقات وقال : كان يخطئ وذكره الساجي في الضعفاء له وحكى عن ابن معين أنه ضعفه تهذيب التهذيب [٣ / ٦٤].

وله ترجمة في التاريخ الصغير (٢ / ١١) وقال الحافظ في التقريب [١ / ٢٠٩] : صدوق يهم.

والحديث عزاه في الدر (٢ / ٢٣٠) للبيهقي في الشعب.

[٣٦٤] بدون إسناد.

١٨٤

دخل إبراهيم منزله فجأة ، فرأى ملك الموت في صورة شاب لا يعرفه ، قال له إبراهيم : بإذن من دخلت؟ فقال : بإذن رب المنزل. فعرفه إبراهيمعليه‌السلام ، فقال له ملك الموت : إن ربك اتخذ من عباده خليلاً ، قال إبراهيم : ومَن ذلك؟ قال : وما تصنع به؟ قال : أكون خادماً له حتى أموت ، قال : فإنه أنت.

٣٦٥ ـ وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : أصاب الناس سنة جهدوا فيها فحشروا إلى باب إبراهيمعليه‌السلام يطلبون الطعام ، وكانت الميرة لهم كل سنة من صديق له بمصر ، فبعث غلمانه بالإبل إلى خليله بمصر يسأله الميرة ، فقال خليله : لو كان إبراهيم إنما يريده لنفسه احتملنا ذلك له ، وقد دخل علينا ما دَخَلَ على الناس من الشدة. فرجع رُسُلُ إبراهيم فمروا ببطْحَاء فقالوا : لو احتملنا من هذه البطحاء ليرى الناس أنّا قد جئنا بميرة ، إنا لنستحيي أن نمر بهم وإبلنا فارغة. فملئوا تلك الغَرائرَ رملاً. ثم إنهم أتوا إِبراهيمعليه‌السلام وسَارَة نائمة ، فأعلموه ذلك ، فاهتم إبراهيمعليه‌السلام بمكان الناس ، فغلبته عيناه فنام ، واستيقظت سارة فقامت إلى تلك الغرائر ففتقتها فإذا هو [دقيق] أجود حُوَّارَى يكون ، فأمرت الخبازين فخبزوا وأطعموا الناس واستيقظ إبراهيمعليه‌السلام فوجد ريح الطعام ، فقال : يا سَارَةُ ، من أين هذا الطعام؟ قالت : من عند خليلك المصري ، فقال : بل من عند الله خليلي ، لا من عند خليلي المصري. فيومئذ اتخذ الله إبراهيم خليلاً.

٣٦٦ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المُزَكّي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يزيد الجُوزي قال : حدَّثنا إبراهيم بن شريك ، قال : أخبرنا أحمد بن يونس قال : حدَّثنا أبو بكر بن عَيَّاش ، عن أبي المُهلَّب الكِنَانِي عن عُبَيْد الله بن زَمْر ، عن علي بن يزيد عن القاسم بن أبي أُمَامَة ، قال :

__________________

[٣٦٥] إسناد ضعيف لضعف الكلبي ، انظر ترجمة الكلبي في رقم (١٠)

[٣٦٦] إسناده ضعيف جداً : أبو المهلب اسمه مُطَّرِح بن يزيد ضعيف [تقريب ٢ / ٢٥٣] وعبيد الله بن زحر : ضعيف [مجروحين ٢ / ٦٢] وعلي بن يزيد الألهاني : ضعيف [مجروحين ٢ / ١١٠].

والحديث أخرجه الطبراني [ج ٨ ص ٢٣٧ رقم ٧٨١٦] ـ وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ٤٥ وقال : رواه الطبراني وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف.

١٨٥

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ، وإنه لم يكن نبيّ إلا له خليل ، ألا وإن خليلي أبو بكر».

٣٦٧ ـ وأخبرني الشريف أبو إسماعيل بن الحسن النقيب ، قال : أخبرنا جدي ، قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن حماد ، قال : أخبرنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل التّرْمِذي ، قال : أخبرنا سعيد بن أبي مَرْيم ، قال : حدَّثنا مسلمة(١) ، قال : حدثني زيد بن وَاقِد ، عن القاسم بن مُخَيْمَرَة عن أبي هريرة ، قال :

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اتخذ الله إبراهيم خليلاً ، وموسى نجيّاً ، واتخذني حبيباً. ثم قال : وعزتي [وجلالي] لأوثِرَنّ حبيبي على خليلي ونَجِيِّي».

[١٧٠]

قوله تعالى :( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ ) الآية. [١٢٧].

٣٦٨ ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، قال : حدَّثنا محمد بن يعقوب ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدَّثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عروة بن الزبير ، عن عائشة ، قالت :

__________________

[٣٦٧] إسناده ضعيف جداً : مسلمة بن علي الخشني : ذكره ابن حبان في المجروحين [٣ / ٣٣] وقال الحافظ في التقريب : متروك [تقريب ٢ / ٢٤٩] وعزاه في الدر (٢ / ٢٣١) للحكيم في نوادر الأصول والبيهقي في الشعب وضعفه وابن عساكر والديلمي.

وذكره ابن الجوزي في الموضوعات.

[١] في الأصل : سلمة والصواب مسلمة ، كما ورد في كتب الرجال.

[٣٦٨] أخرجه البخاري في النكاح (٥٠٦٤) مختصراً.

ومسلم في التفسير (٦ / ٣٠١٨) ص ٢٣١٣.

وأبو داود في النكاح (٢٠٦٨).

وذكره السيوطي في لباب النقول ص ٩٤.

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (٥ / ١٩٣).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢٣٢) لابن أبي حاتم.

١٨٦

ثم إن الناس استفتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم [بعد هذه الآية فيهن] فأنزل الله تعالى هذه الآية :( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ ) الآية ، قالت : والذي يتلى عليهم في الكتاب الآية الأولى التي قال فيها :( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى ) قالت عائشةرضي‌الله‌عنها : وقال الله تعالى في الآية الأخرى :( وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ ) رغبةَ أحدكم عن يتيمته التي تكون في حِجْرِه حين تكون قليلة المال والجمال ، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقِسْط من أجل رغبتهم عنهن.

رواه مسلم عن حَرْمَلَة ، عن ابن وَهْب.

[١٧١]

قوله تعالى :( وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ ) الآية. [١٢٨].

٣٦٩ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حدَّثنا أبو يحيى قال : حدَّثنا سهل ، قال : حدَّثنا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام ، عن عروة ، عن عائشة في قول الله تعالى :( وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً ) إلى آخر الآية : نزلت في المرأة تكون عند الرجل فلا يَسْتَكْثِرُ منها ويريد فراقها ، ولعلها أن تكون لها صحبة ، ويكون لها ولد ، فيكره فراقها ، وتقول له : لا تطلقني وأمسكني وأنت في حل من شأني. فأنزلت هذه الآية.

رواه البخاري عن محمد بن مقاتل ، عن ابن المبارك.

ورواه مسلم عن أبي كُريْب ، عن أبي أسامة ، كلاهما عن هشام.

__________________

[٣٦٩] أخرجه البخاري في المظالم (٢٤٥٠) وأخرجه في الصلح (٢٦٩٤) وفي التفسير (٤٦٠١) وفي النكاح (٥٢٠٦) من طرق عن هشام بن عروة به وأخرجه مسلم في كتاب التفسير (١٤ / ٣٠٢١) ص ٢٣١٦ من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة عن هشام به.

وأخرجه ابن جرير (٥ / ١٩٧) وأخرجه البيهقي في السنن (٧ / ٢٩٦) وزاد نسبته في الدر (٢ / ٢٣٢) لابن أبي شيبة وابن المنذر.

١٨٧

٣٧٠ ـ أخبرنا أبو بكر الحيري ، قال : حدَّثنا محمد بن يعقوب ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال أخبرنا ابن عُيَيْنَة ، عن الزُّهْرِي ، عن ابن المُسيِّب :

أن بنت محمد بن مَسْلَمَة كانت عند رَافِع بن خَديج فكره منها أمراً إما كبراً وإما غيره ، فأراد طلاقها ، فقالت : لا تطلقني وأمسكني واقسم لي ما بدا لك. فأنزل الله تعالى :( وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً ) .

[١٧٢]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ) الآية. [١٣٥].

٣٧١ ـ رَوَى أسباط عن السُّدِّي قال : نزلت في النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، اختصم إليه غني وفقير ، وكان ضِلَعُهُ مع الفقير ، رأى أن الفقير لا يظلم الغني ، فأبى الله تعالى ، إلا أن يقوم بالقسط في الغنيّ والفقير ، فقال :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ) حتى بلغ( إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما ) .

[١٧٣]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ) الآية. [١٣٦]

٣٧٢ ـ قال الكلبي : نزلت في عبد الله بن سَلّام ، وأسد وأُسَيْد ابني كعب ، وثَعْلَبة بن قيس وجماعة من مُؤْمِني أهل الكتاب ، قالوا : يا رسول الله ، إنا نؤمن بك وبكتابك ، وبموسى والتوراة وعُزَيْر ، ونكفر بما سواه من الكتب والرسل : فأنزل الله تعالى هذه الآية.)

__________________

[٣٧٠] مرسل ، وقد أخرجه البيهقي في السنن (٧ / ٢٩٦) وعزاه في الدر (٢ / ٢٣٢) للشافعي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي. وذكره في لباب النقول ص ٩٥ ـ.

وله شاهد موصول عن رافع بن خديج أخرجه الحاكم (٢ / ٣٠٨) وصححه ووافقه الذهبي.

[٣٧١] بدون إسناد.

[٣٧٢] الكلبي ضعيف.

١٨٨

[١٧٤]

قوله تعالى :( لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ ) الآية. [١٤٨].

٣٧٣ ـ قال مجاهد : إن ضيفاً تضيّف قوماً فأساءوا قراه فاشتكاهم ، فنزلت هذه الآية رخصة في أن يشكو.

[١٧٥]

قوله تعالى :( يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً ) الآية. [١٥٣].

٣٧٤ ـ نزلت في اليهود ، قالوا للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن كنت نبياً فائتنا بكتاب جملة من السماء ، كما أتى به موسى ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[١٧٦]

قوله تعالى :( لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ ) الآية. [١٦٦].

٣٧٥ ـ قال الكلبي : إن رؤساء أهل مكة أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : سألنا عنك اليهود فزعموا أنهم لا يعرفونك ، فائتنا بمن يشهد لك أن الله بعثك إلينا رسولاً. فنزلت هذه الآية :( لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ ) .

[١٧٧]

قوله تعالى :( لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ) الآية. [١٧١].

٣٧٦ ـ نزلت في طوائف من النصارى حين قالوا : عيسى ابن الله ، فأنزل الله تعالى :( لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ ) الآية.

__________________

[٣٧٣] مرسل ـ وعزاه في الدر (٢ / ٢٣٧) لابن جرير وابن المنذر وعبد الرزاق عن مجاهد.

وعزاه السيوطي في لباب النقول (ص ٩٦) لهناد بن السري في كتاب الزهد.

[٣٧٤] بدون إسناد.

[٣٧٥] بدون إسناد.

[٣٧٦] بدون إسناد.

١٨٩

[١٧٨]

قوله تعالى :( لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ ) الآية. [١٧٢].

٣٧٧ ـ قال الكلبي : إِن وفد نَجْران قالوا : يا محمد تعيب صاحبنا! قال : ومن صاحبكم؟ قالوا : عيسى ، قال : وأي شيء أقول فيه؟ قالوا : تقول : إنه عبد الله ورسوله ، فقال لهم : إنه ليس بعار لعيسى أن يكون عبداً لله ، قالوا : فنزلت :( لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ ) الآية.

[١٧٩]

قوله تعالى :( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ) الآية. [١٧٦].

٣٧٨ ـ أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد ، قال : حدَّثنا زاهر بن أحمد ، قال : حدَّثنا الحسين بن محمد بن مَصْعَب ، قال : حدَّثنا يحيى بن حَكيم ، قال : حدَّثنا ابن أبي عَدِيّ عن هِشَام بن [أبي] عبد الله ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال :

اشتكيت فدخل عليَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وعندي سبع أخوات ، فنفخ في وجهي فأفقت ، فقلت : يا رسول الله ، أوصي لأخواتي بالثلثين قال : احبس فقلت : الشطر؟ قال : احبس. ثم خرج فتركني قال : ثم دخل عليّ وقال لي : يا جابر إني لا أراك تموت في وجعك هذا ، إن الله قد أنزل فبين الذي لأخواتك [جعل لأخواتك] الثلثين.

وكان جابر يقول : نزلت هذه الآية فيّ :( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ) .)

__________________

[٣٧٧] بدون إسناد.

[٣٧٨] أخرجه أبو داود في كتاب الفرائض (٢٨٨٧).

وعزاه المزي في تحفة الأشراف (٢٩٧٧) لأبي داود والنسائي في الكبرى في كتاب الفرائض وفي كتاب الطب.

وأخرجه البيهقي في السنن (٦ / ٢٣١) وقد سبق برقم (٢٩٧)

١٩٠

سورة المائدة

[١٨٠]

قوله تعالى :( لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ ) الآية. [٢].

٣٧٩ ـ قال ابن عباس : نزلت في الحُطَم ـ واسمه شريح بن ضُبَيْعَة الكِندي ـ أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من اليمامة إلى المدينة ، فخلَّف خيلَه خارج المدينة ، ودخل وحده على النبيعليه‌السلام ، فقال : إِلَامَ تدعو الناس؟ قال : إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة. فقال : حسن ، إلا أن لي أمراء لا أقطع أمراً دونهم ، ولعلي أسلم وآتي بهم. وقد كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال لأصحابه : يدخل عليكم رجل يتكلم بلسان شيطان. ثم خرج من عنده ، فلما خرج قال رسول اللهعليه‌السلام : «لقد دخل بوجه كافر ، وخرج بِعَقَبِي غادر ، وما الرجل بمسلم». فمر بِسَرْحِ المدينة فاستقاه ، فطلبوه فعجزوا عنه ، فلما خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عام القَضِيَّةِ ، سمع تلبية حُجَّاج اليمامة فقال لأصحابه : هذا الحُطَم وأصحابه. وكان قد قلَّد ما نهب من سرح المدينة وأهداه إلى الكعبة. فلما توجهوا في طلبه ، أنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ ) يريد ما أُشْعِرَ لله ، وإِن كانوا على غير دين الإسلام.)

__________________

[٣٧٩] بدون إسناد.

١٩١

٣٨٠ ـ وقال زيد بن أسْلَم : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه بالحُدَيْبِيَةِ حين صدّهم المشركون عن البيت ، وقد اشتد ذلك عليهم ، فمر بهم ناس من المشركين يريدون العُمْرَة ، فقال أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : نصد هؤلاء كما صدَّنا أصحابهم. فأنزل الله تعالى :( لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ ) أي ولا تعتدوا على هؤلاء العُمَّار ، أنْ صدَّكم أصحابهم.

[١٨١]

قوله تعالى :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) الآية. [٣].

نزلت هذه الآية يوم الجمعة ، وكان يوم عرفة ، بعد العصر في حجة الوَدَاع ، سنة عشر والنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم [واقف] بعرفات على ناقته العَضْبَاء.

٣٨١ ـ أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدَان العَدْل ، قال : أخبرنا أحمد بن جعفر القَطِيعي قال : حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حَنْبَل ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثنا جعفر بن عَوْن ، قال : أخبرني أبو عُمَيْس عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شِهاب قال :

جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه ، فقال : يا أمير المؤمنين إنكم تقرءون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً ، فقال : فأي آية هي؟ قال :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي )

__________________

[٣٨٠] بدون إسناد.

[٣٨٠] مرسل.

[٣٨١] أخرجه البخاري في الإيمان (٤٥) وفي المغازي (٤٤٠٧) وفي التفسير (٤٦٠٦) وفي الاعتصام (٧٢٦٨)

وأخرجه مسلم في التفسير (٣ ، ٤ ، ٥ / ٣٠١٧) ص ٢٣١٢ ، ٢٣١٣. والترمذي في التفسير (٣٠٤٣) وقال : هذا حديث حسن صحيح.

والنسائي في الإيمان (٨ / ١١٤) وفي الحج (٥ / ٢٥١).

وأخرجه عبد بن حميد (٣٠ منتخب) والبيهقي في سننه (٣ / ١٨١) وأحمد في مسنده (١ / ٢٨ ، ٣٩) وأخرجه ابن جرير (٦ / ٥٣)

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢٥٨) للحميدي وابن حبان وابن المنذر.

١٩٢

فقال عمر : والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والساعة التي نزلت فيها على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عشية يوم عرفة ، في يوم جمعة. رواه البخاري عن الحسن بن صباح ، ورواه مسلم عن عَبْد بن حُمَيْد ، كلاهما عن جَعْفَر بن عَوْن.

٣٨٢ ـ أخبرنا الحاكم أبو عبد الرحمن الشَّاذِيَاخي ، قال : أخبرنا زاهر بن أحمد ، قال : أخبرنا الحسين بن محمد بن مُصْعَب ، قال : حدَّثنا يحيى بن حَكِيم ، قال : حدَّثنا أبو قُتَيْبَة ، قال : حدَّثنا حمَّاد ، عن عمّار بن أبي عمّار ، قال :

قرأ ابن عباس هذه الآية ومعه يهودي :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) فقال اليهودي : لو نزلت هذه [الآية] علينا في يوم لاتخذناه عيداً ، فقال ابن عباس : فإنها نزلت في عيدين اتفقا في يوم واحدٍ : يوم جمعة وافَقَ ذلك يوم عرفة.

[١٨٢]

قوله تعالى :( يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ ) الآية. [٤].

٣٨٣ ـ أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : حدَّثنا أبو يحيى ، قال : حدَّثنا سهل بن عثمان ، قال : حدَّثني [يحيى] بن أبي زائدَةَ ، عن موسى بن عُبَيدة ، عن أَبَان بن صالح ، عن القَعْقَاع بن حكيم ، عن سَلْمَى أُمِّ رافع ، عن أبي رَافِع قال

أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بقتل الكلاب ، فقال الناس : يا رسول الله ما أُحِلَّ لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وهي :( يَسْئَلُونَكَ ما ذا

__________________

[٣٨٢] أخرجه الترمذي في التفسير (٣٠٤٤) وصححه.

والطبراني في الكبير (١٢ / ١٨٤ رقم ١٢٨٣٥) وأخرجه ابن جرير (٦ / ٥٣) وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢٥٨) للطيالسي وعبد بن حميد والبيهقي في الدلائل.

[٣٨٣] ضعيف : في إسناده موسى بن عبيدة وهو ضعيف.

وله طريق آخر أخرجه الحاكم (٢ / ٣١١) وصححه ووافقه الذهبي ، قلت : لكن في إسناد الحاكم محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعنه.

١٩٣

أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ ) رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن أبي بكر بن بَالَوَيْه ، عن محمد بن شاذان ، عن مُعَلّى بن منصور ، عن ابن أبي زائدة.

وذكر المفسرون شرح هذه القصة ، قالوا :

قال أبو رافع : جاء جبريلعليه‌السلام إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واستأذن عليه فأذن له فلم يدخل ، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : قد أذنا لك يا جبريل فقال : أجل يا رسول الله ، ولكنا لا ندخل بيتاً فيه صورةٌ ولا كلبٌ. فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جَرُو.

قال أبو رافع : فأَمرني أن لا أدع كلباً بالمدينة إلا قتلته ، حتى بلغت «العَوَالي» فإذا امرأة عندها كلب يحرسها ، فرحمتها فتركته ، فأتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبرته ، فأمرني بقتله ، فرجعت إلى الكلب فقتلته. فلما أمر رسول الله بقتل الكلاب ، جاء ناس فقالوا : يا رسول الله ، ما ذا يَحِلُّ لنا من هذه الأُمَّةِ التي تقتلها؟ فسكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. فلما نزلت أذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في اقتناء الكلاب التي ينتفع بها ، ونهى عن إمساك ما لا تقع فيه منها ، وأمر بقتل الكَلْب الكَلِب والعَقُور وما يضر ويؤذي ، ورفع القتل عما سواهما ، وما لا ضرر فيه).

٣٨٤ ـ وقال سعيد بن جبير : نزلت هذه الآية في عدي بن حاتم ، وزيد بن المُهَلْهِلْ الطائيين ـ وهو زيد الخيل الذي سماه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم الخير [وذلك أنهما جاءا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ] فقالا : يا رسول الله ، إنا قوم نصيد بالكلاب والبُزَاةِ ، وإن كلاب آل ذريح وآل [أبي] جُوَيْرِيَة تأخذ البقر والحُمُر والظباء والضّبّ ، فمنه ما ندرك ذكاته ، ومنه ما يقتل فلا ندرك ذكاته ، وقد حرم الله الميتة فما ذا يحل لنا منها؟ فنزلت :( يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ) يعني : الذبائح( وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ ) يعني : وصيد ما علمتم من الجوارح ، وهي الكَوَاسِبُ من الكلاب وسباع الطير.

__________________

[٣٨٤] عزاه في الدر (٢ / ٢٦٠) لابن أبي حاتم ، وذكره في لباب النقول (ص ١٠٠)

١٩٤

[١٨٣]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ) الآية. [١١].

٣٨٥ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر المؤذن ، قال : أخبرنا أبو علي الفقيه ، قال : أخبرنا أبو لُبَابَةَ محمد بن المهدي المِيهَنِي ، قال : حدَّثنا عمّار بن الحسن ، قال : حدَّثنا سَلَمَة بن الفضْل ، قال : حدَّثنا محمد بن إسحاق ، عن عَمْرِو بن عبيد ، عن الحسن البصري ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري :

أن رجلاً من محارب ، يقال له : غَوْرَث بن الحارث ، قال لقومه من بني غطفان ومحارب : ألا أقتل لكم محمداً؟ قالوا : نعم وكيف تقتله؟ قال : أفتك به. قال : فأقبل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو جالس وسيفه في حِجْرِه ، فقال : يا محمد أَنْظُر إلى سيفك هذا؟ قال : نعم. فأخذت فاستله ، ثم جعل يَهُزُّهُ ويهم به فيكْبِتُه اللهعزوجل ، ثم قال : يا محمد أما تخافني؟ قال : لا ، قال : ألا تخافني وفي يدي السيف؟ قال : يمنعني الله منك. ثم أغمد السيف وردّه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فأنزل الله تعالى :( اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ) .

٣٨٦ ـ أخبرنا أحمد بن إبراهيم الثّعَالبي ، قال : أخبرنا عبد الله بن حامد ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن ، قال : حدَّثنا محمد بن يحيى ، قال : حدَّثنا عبد الرَّزَّاق ، عن مَعْمَر ، عن الزُّهْرِي ، عن أبي سلمة ، عن جابر :

أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم نزل منزلاً ، وتفرق الناس في العِضَاه يستظلون تحتها ، فعلَّق النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم سلاحه على شجرة ، فجاء أعرابي إلى سيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم أقبل عليه فقال : من يمنعك مني؟ قال : الله. قال الأعرابي مرتين أو ثلاثاً : [من يمنعك مني؟] والنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : الله فَشَامَ الأعرابي السيف ، فدعا النبيعليه‌السلام

__________________

[٣٨٥] إسناده ضعيف : محمد بن إسحاق مدلس والحسن البصري مدلس.

[٣٨٦] أخرجه البخاري في المغازي (٤١٣٩) ومسلم في الفضائل (١٣ / ٨٤٣) ص ١٧٨٦.

وأخرجه البيهقي في السنن (٦ / ٣١٩) من طريق أبي سلمة وسنان بن أبي سنان عن جابر.

تنبيه : هذا الحديث ليس فيه أنه سبب نزول الآية ، والله أعلم.

١٩٥

أصحابه ، فأخبرهم خبر الأعرابي وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه.

٣٨٧ ـ وقال مُجَاهِد ، والكَلْبي ، وعِكْرِمَة : قَتَلَ رجل من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم رجلين من بني سليم وبين النبيعليه‌السلام وبين قومهما مُوَادَعَةٌ ، فجاء قومهما يطلبون الدية ، فأتى النبيعليه‌السلام ومعه أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، وعبد الرحمن بن عوف ، فدخلوا على كعب بن الأشرف وبني النضير يستعينهم في عقلهما ، فقالوا : [نعم] يا أبا القاسم ، قد آن لك أن تأتينا وتسألنا حاجة ، اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذي تسألنا ، فجلس هو وأصحابه فخلا بعضهم ببعض وقالوا : إنكم لم تجدوا محمداً أقرب منه الآن ، فمن يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه؟ فقال عمر بن جِحَاش بن كعب : أنا ، فجاء إلى رحا عظيمة ليطرحها عليه ، فأَمسك الله تعالى يده ، وجاء جبريلعليه‌السلام ، وأخبره بذلك ، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنزل الله تعالى هذه الآية.

[١٨٤]

قوله تعالى :( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ) [٣٣].

٣٨٨ ـ أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبيد الله المَخْلِدي ، قال : حدَّثنا أبو عمرو بن نجيد ، قال : أخبرنا مسلم ، قال : حدَّثنا عبد الرحمن بن حماد ، قال : حدَّثنا سعيد بن أبي عَروبة ، عن قتادة ، عن أنس :

أن رهطاً من عُكْل وعُرَيْنَةَ أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا كنا

__________________

[٣٨٧] بدون إسناد.

[٣٨٨] أخرجه البخاري في المغازي (٤١٩٢).

وفي الطب (٥٧٢٧).

وأخرجه مسلم في القسامة (١٣ م / ١٦٧١) ص ١٢٩٨ والنسائي في الطهارة (١ / ١٥٨).

وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (١١٧٦) للنسائي في الحدود والطب في الكبرى ...

وقول قتادة : ذُكر لنا أن هذه الآية نزلت فيهم ليس عند البخاري ومسلم ولا عند النسائي وظاهره مبني للمجهول وأنه ليس من قول أنس.

وعلى ذلك يمكن القول : أن الحديث صحيح وأن سبب النزول ليس بصحيح ، والله أعلم.

١٩٦

أهل ضرْع ، ولم نكن أهل ريف ، فاسْتَوْخَمْنَا المدينة. فأَمر لهم رسول اللهعليه‌السلام بِذَوْد [وراع ، وأمرهم] أن يخرجوا فيها فيشربوا من ألبانها وأبوالها. [فلما صحوا ، وكانوا بناحية الحرّة] ، قتلوا راعي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واستاقوا الذَّوْد ، فبعث رسول اللهعليه‌السلام في آثارهم ، فأتى بهم ، فَقَطَّعَ أيديَهم وأرجلهم ، وسَمَلَ أعينهم. فتركوا في الحَرَّة حتى ماتوا على حالهم.

قال قتادة : ذُكِرَ لنا أن هذه الآية نزلت فيهم :( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً ) إلى آخر الآية. رواه مسلم [عن محمد بن المثنى] عن عبد الأَعْلَى ، عن سعيد ، إلى قول قتادة.

[١٨٥]

قوله تعالى :( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ) [٣٨].

٣٨٩ ـ قال الكلبي : نزلت في طعمة بن أُبيْرق سارق الدرع. وقد مضت قصته.

[١٨٦]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ) الآيات. [٤١ : ٤٧].

٣٩٠ ـ حدَّثنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحِيرِيّ إملاء ، قال : أخبرنا أبو محمد حاجب بن أحمد الطوسي ، قال : حدَّثنا محمد بن حماد الأَبيورْدِي ، قال : حدَّثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مُرَّة ، عن البَرَاء بن عَازب ، قال :

__________________

[٣٨٩] سبق برقم (٣٦١)

[٣٩٠] أخرجه مسلم في كتاب الحدود (٢٨ / ١٧٠٠) ص ١٣٢٧ ، وأبو داود في الحدود (٤٤٤٧ ـ ٤٤٤٨) والنسائي في التفسير (١٦٤) وابن ماجة في الحدود (٢٥٥٨) وأحمد في مسنده (٤ / ٢٨٦) وابن جرير في تفسيره (٦ / ١٥٠) والبيهقي في السنن (٨ / ٢٤٦) وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢٨٢) للنحاس وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه ـ وذكره في لباب النقول ص ١٠٦.

١٩٧

مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بيهودي مُحَمَّماً مجلوداً ، فدعاهم فقال : أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قالوا : نعم ، قال : فدعا رجلاً من علمائهم فقال : أَنْشُدُكَ الله الذي أنزل التوراة على موسى ، هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قال : لا ، ولو لا أنك نَشَدْتَني لم أخبرك ، نجد حدّ الزاني في كتابنا الرّجم ، ولكنه كثر في أشرافنا ، فكنا إِذا أخذنا الشريف تركناه ، وإذا أخذنا الوضيع أقمنا عليه الحدّ ، فقلنا : تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع ، فاجتمعنا على التَّحْمِيمِ والجلد ، مكان الرجم. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه. فأمر به فرجم. فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ) إلى قوله :( إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ ) . يقولون : ائتوا محمداً ، فإن أفتاكم بالتَّحْمِيمِ والجلد فخذوا به ، وإن أفتاكم بالرجم فاحْذروا. إلى قوله تعالى :( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) قال : في اليهود. إلى قوله :( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) قال : في النصارى. إلى قوله :( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) . قال : في الكفار كُلّهَا.

رواه مسلم عن يحيى بن يحيى ، عن أبي معاوية.

٣٩١ ـ أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق ، قال : أخبرنا أبو الهيثم أحمد بن محمد بن غَوْث الكندي ، قال : حدَّثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحَضْرَمِيّ ، قال : حدَّثنا أبو بكر بن أبي شَيْبَة ، قال : حدَّثنا أبو معاوية ، عن الأعْمَش ، عن عبد الله بن مُرَّة ، عن البَرَاء بن عَازِب ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم :

أنه رجم يهودياً ويهودية ثم قال :( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) ،( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ،( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) ، قال : نزلت كلها في الكفار.

رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.

__________________

[٣٩١] انظر السابق.

١٩٨

[١٨٧]

قوله تعالى :( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ ) [٤٤].

٣٩٢ ـ أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن ، قال : حدَّثنا محمد بن يحيى ، قال : حدَّثنا عبد الرّزاق ، قال : حدَّثنا مَعْمَر ، عن الزُّهْرِي ، قال : حدَّثني رجل من مُزَيْنَةَ ، ونحن عند سعيد بن المُسَيِّب ، عن أبي هريرة ، قال :

زنى رجل من اليهود وامرأة ، فقال بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى هذا النبي فإنه نبي مبعوث للتخفيف ، فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند الله ، وقلنا : فُتْيا نبي من أنبيائك! فأتوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو جالس في المسجد مع أصحابه ، فقالوا : يا أبا القاسم ، ما ترى في رجل وامرأة زنيا؟ فلم يكلمهم حتى أتى بيت مِدْرَاسِهِمْ فقام على الباب فقال : أنشدُكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ، ما تَجِدُونَ في التوراة على مَنْ زنى إذا أُحْصِن؟ قالوا يُحَمَّمُ [وجهه] ويُجبَّهُ ويجلد ـ والتَّجْبِيةُ : أن يحمل الزانيان على حمار وتَقابَلَ أقفيتهما ويطاف بهما ـ قال : وسكت شاب منهم ، فلما رآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم سكت ، أَلَظَّ به في النَّشْدَة ، فقال : اللهم إذ أُنْشَدْتَنا ، فإنا نَجِدُ في التوراة الرَّجْم. فقال النبيعليه‌السلام : فما أول ما أرخصتم أمر اللهعزوجل ؟ قال : زنى رجل ذو قرابة مِنْ ملك من ملوكنا ، فأخر عنه الرجم ، ثم زنى رجل في أسْرَةٍ من الناس ، فأراد رجمه فحال قومه دونه فقالوا : لا ترجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه ، فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : فإني أحكم بما في التوراة ، فأمر بهما فرجما.

__________________

[٣٩٢] أخرجه أبو داود في الصلاة (٤٨٨) مختصراً.

وأخرجه في الأقضية (٣٦٢٤ ـ ٣٦٢٥) مختصراً.

وأخرجه في الحدود (٤٤٥٠ ـ ٤٤٥١) بتمامه.

وأخرجه ابن جرير (٦ / ١٦١).

والواضح من السياق أنه قول الزهري : «فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم» ليس من قول أبي هريرة ولم يذكر الزهري من بلَّغه ذلك.

وعلى ذلك فإنه لا يصلح للاحتجاج به كسبب نزول.

١٩٩

قال الزُّهْرِي : فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم :( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ) . فكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم منهم.

٣٩٣ ـ قال مَعْمَر : أخبرني الزُّهْرِي ، عن سالم ، عن ابن عمر ، قال : شهدت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم حين أمر برجمهما ، فلما رُجِمَا رأيته يَجْنَأُ بيده عنها ليقيها الحجارة.

[١٨٨]

قولهعزوجل :( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ) الآية [٤٩].

٣٩٤ ـ قال ابن عباس : إن جماعة من اليهود ، منهم كعب بن أسد وعبد الله بن صُورِيَا ، وشَأْس بن قيس ، قال بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نَفْتِنُه عن دينه. فأتوه فقالوا : يا محمد ، قد عرفت أنّا أحبار اليهود وأشرافهم ، وأنا إِن اتبعناك اتبعنا اليهود ولن يخالفونا ، وإنّ بيننا وبين قوم خصومة ونحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم ، ونحن نؤمن بك ونصدقك. فأبى ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله تعالى فيهم :( وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ ) .

[١٨٩]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ ) الآية. [٥١].

٣٩٥ ـ قال عطية العَوْفي : جاء عُبَادَة بن الصَّامت ، فقال : يا رسول الله ، إن

__________________

[٣٩٣] أخرجه البخاري في المناقب (٣٦٣٥) وفي الحدود (٦٨٤١) وأخرجه مسلم في كتاب الحدود (٢٧ / ١٦٩٩) ص ١٣٢٦ وأبو داود في الحدود (٤٤٤٦) والترمذي في الحدود (١٤٣٦) مختصراً كلهم من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر.

وأخرجه مالك في الموطأ كتاب الحدود حديث رقم (١)

[٣٩٤] بدون إسناد.

[٣٩٥] مرسل. وأخرجه ابن جرير (٦ / ١٧٧) ، وزاد نسبته في الدر (٢ / ٢٩١) لابن أبي شيبة ، وذكره السيوطي في لباب النقول ص ١٠٧.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378