مرآة العقول الجزء ٧

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الحديث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 379

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الحديث
تصنيف: الصفحات: 379
المشاهدات: 16901
تحميل: 8203


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 379 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16901 / تحميل: 8203
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 7

مؤلف:
الناشر: دار الحديث
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

والسّيئات فما كان من حسنات فللّه وما كان من سيئات فللشيطان لعنه الله.

٣ - عدَّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن أسباط ، عن أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يقول طوبى لمن أخلص لله

_____________________________________________

من الحقّ والهدى والرشد ورعاية العاقبة من الأعمالالصّالحة « وما كان من سيئات » يعني ما نشأ من الباطل والضّلالة والغيّ ورعاية العاجلة من الأعمال السيّئة ، فكلّ من عمل عملا من الخير طاعة لله آتيا فيه بالحقّ على هدى من ربّه ورشدّة من أمره ، ولعاقبة أمره فهو حسنة تقبله الله بقبول حسن ، ومن عمل عملاً من الخير أو الشرّ طاعة للشيطان آتيا فيه بالباطل على ضلالة من نفسه وغي من أمره ولعاجلة أمره فهو سيّئة مردود إلى من عمل له ، ومن عمل عملاً مركبا من أجزاء بعضها لله وبعضها للشيطان فما كان لله فهو لله وما كان للشيطان فهو للشيطان ، فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّة شراً يره فإن أشرك بالله الشيطان في عمله أو في جزء عمله فهو مردود إليه لأن الله لا يقبل الشريك كما يأتي بيانه في باب الريّاء إنشاء الله.

وربما يقال : إن كان الباعث الإلهيّ مساوياً للباعث الشيطاني تقاوما وتساقطا وصار العمل لا له ولا عليه ، وإن كان أحدهما غالباً على الآخر بأن يكون أصلا وسبباً مستقلاً ويكون الآخر تبعاً غير مستقل فالحكم للغالب إلّا أن ذلك ممّا يشتبه على الإنسان في غالب الأمر فربّما يظن أن الباعث الأقوى قصد التقربِّ ويكون الأغلب على سره الحظّ النفساني فلا يحصل الأمن إلّا بالإخلاص ، وقلـمّا يستيقن بالإخلاص من النفس ، فينبغي أن يكون العبد دائما متردداً بين الردّ والقبول ، خائفاً من الشوائب ، والله الموفق للخير والسّداد.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

« طوبى » أي الجنّة أو طيبها أو شجرة فيها كما سيأتي في الخبر ، أو العيش الطيّب أو الخير « لمن أخلص لله العبادة والدعاء » أي لم يعبد ولم يدع غيره تعالى

٨١

العبادة والدُّعاء ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه ولم ينس ذكر الله بما تسمع أذناه ولم يحزن صدره بما أعطي غيره.

٤ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن المنقري ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عملاً »(١) قال

_____________________________________________

أو كان غرضه من العبادة والدعاء رضي الله سبحانه من غير رياء « بما ترى عيناه » أي من زخارف الدنيا ومشتهياتها ، والرفعة والملك فيها « ولم ينس ذكر الله » بالقلب واللسان « بما تسمع أذناه » من الغناء وأصوات الملاهي ، وذكر لذات الدنيا وشهواتها والشبهات المضلة والآراء المبتدعة ، والغيبة والبهتان ، وكلّ ما يلهي عن الله « ولم يحزن صدره بما أعطى غيره » من أسباب العيش وحرمها ، والاتصاف بهذه الصفات العليّة إنّما يتيسّر لمن قطع عن نفسه العلائق الدنيّة ، وفي الخبر إشعار بأن الإخلاص في العبادة لا يحصل إلّا لمن قطع عروق حبّ الدنيا من قلبه ، كما سيأتي تحقيقه إنشاء الله.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله : «لِيَبْلُوَكُمْ » إشارة إلى قوله تعالى : «تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عملاً » تبارك أي تكاثر خيره من البركة وهي كثرة الخير ، أو تزايد عن كلّ شيء وتعالى عنه في صفاته وأفعاله ، فإن البركة تتضمّن معنى الزيادة «الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ » أي بقبضة قدرته التصرف في الأمور كلّها «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ » أي قدّرهما أو أوجدهما وفيه دلالة على أن الموت أمر وجودي ، والمراد بالموت الموت الطاري على الحياة أو العدم الأصلي فإنه قد يسمّى موتاً أيضاً ، كما قال تعالى : «كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ »(٢) وتقديمه على الأوّل لأنه ادعى إلى حسن العمل وأقوى في ترك الدنيا ولذّاتها ،

__________________

(١) سورة الملك : ٢. (٢) سورة البقرة : ٢٨.

٨٢

ليس يعني أكثر عملاً ولكن أصوبكم عملاً وإنّما الإصابة خشية الله والنية الصادقة

_____________________________________________

وعلى الثاني ظاهر لتقدّمه.

«لِيَبْلُوَكُمْ » أي ليعاملكم معاملة المختبر «أَيُّكُمْ » مفعول ثان لفعل البلوى باعتبار تضمينه معنى العلم ، ووجه التعليل أن الموت داع إلى حسن العمل لكمال الاحتياج إليه بعده ، وموجب لعدم الوثوق بالدنيا ولذّاتها الفانية ، والحياة نعمة تقتضي الشكر ويقتدر بها على الأعمال الصّالحة ، وإن أريد به العدم الأصلي فالمعنى أنه نقلكم منه وألبسكم لباس الحياة لذلك الاختبار ، ولـمّا كان اتصافنا بحسن العمل يتحقّق بكثرة العمل تارة وبإصابته وشدّة رعاية شرائطه أخرى نفي الأوّل ، بقوله : ليس يعني أكثركم عملاً ، لأن مجردّ العمل من غير خلوصه وجودته ليس أمرا يعتد به ، بل هو تضييع للعمرّ وأثبت الثاني بقوله : ولكن أصوبكم عملاً ، لأن صواب العمل وجودته وخلوصه من الشوائب يوجب القربِّ منه تعالى ، وله درجات متفاوتة يتفاوت القربِّ بحسبها.

واسم ليس في قوله : « ليس يعني » ضمير عائد إلى الله عزّ وجلّ أو ضمير شأن ، وجملّة يعني خبرها ، ثمَّ بين الإصابة وحصرها في أمرين بقوله : إنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة ، وذكر الخشية ثانياً لعله من الرواة أو النساخ ، وليست في بعض النسخ ولو سحت يكون معناه خشية أن لا يقبل كما سيأتي في الخبر ، وهو غير خشية الله ، أو يقال : النية الصادقة مبتدأ والخشية معطوف عليه ، والخبر محذوف أي مقرونتان ، أو الخشية منصوب ليكون مفعولا معه.

فيكون الحاصل أن مدار الإصابة على الخشية وتلزمها النيّة الصادقة ، وفي بعض النسخ والحسنة أي كونه موافقاً لأمره تعالى ، ولا يكون فيه بدعة ، وفي أسرار الصلاة للشهيد الثاني (ره) : والنية الصادقة الحسنة وهو أصوب.

والحاصل أنّ العمدة في قبول العمل بعد رعاية أجزاء العبادة وشرائطها المختصّة النية الخالصة والاجتناب عن المعاصي كما قال تعالى : «فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ

٨٣

والحسنة ثمَّ قال : الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل والعمل الخالص

_____________________________________________

فَلْيَعْمَلْ عملاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ ربّه أحداً »(١) " وقال سبحانه : «إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ »(٢) .

قال الشيخ البهائيقدس‌سره : المراد بالنية الصادقة انبعاث القلب نحو الطاعة غير ملحوظ فيه شيء سوى وجه الله سبحانه ، لا كمن يعتق عبد مثلا ملاحظا مع القربة الخلاص من مؤنته أو سوء خلقه أو يتصدق بحضور الناس لغرض الصواب والثناء معاً بحيث لو كان منفرداً لم يبعثه مجردّ الثواب على الصدقة وإن كان يعلم من نفسه أنه لو لا الرغبة في الثواب لم يبعثه مجردّ الريّاء على الإعطاء ، ولا كمن له وردّ في الصلوات وعادة في الصدقات واتفق أن حضر في وقتها جماعة فصار الفعل أخف عليه وحصل له نشاط ما بسبب مشاهدتهم ، وإن كان يعلم من نفسه أنّهم لو لم يحضروا لم يكن يترك العمل أو يفتر عنه البتة ، فأمثال هذه الأمور ممّا يخل بصدق النية وبالجملّة فكلّ عمل قصدت به القربة وانضاف إليه حظّ من حظوظ الدنيا بحيث تركّب الباعث عليه من ديني ونفسي ، فنيتك فيه غير صادقة سواء كان الباعث الديني أقوى من الباعث النفسي أو أضعف أو مساوياً.

قال في مجمع البيان : «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عملاً » أي ليعاملكم معاملّة المختبر بالأمر والنهي فيجازى كلّ عامل بقدر عمله ، وقيل : ليبلوكم أيكم أكثر للموت ذكراً وأحسن له استعدادا وأحسن صبراً على موته وموت غيره ، وأيكم أكثر امتثالا للأوأمر واجتنابا عن النواهي في حال حياته قال أبو قتادة : سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قوله تعالى : «أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عملاً » ما عنى به؟ فقال : يقول أيكم أحسن عقلا ، ثمَّ قال تعالى : أتمكم عقلاً وأشدكم لله خوفاً وأحسنكم فيما أمر الله به ونهى عنه نظراً ، وإن كان أقلكم تطوعاً ، وعن ابن عمرّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه تلا قوله : «تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » إلى قوله : «أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عملاً »

__________________

(١) سورة النحل : ١١٠. (٢) سورة المائدة : ٢٧.

٨٤

الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحدٌ إلّا الله عزّ وجلّ والنيّة أفضل من العمل ، ألا

_____________________________________________

ثمَّ قال : أيّكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله ، وعن الحسن : أيّكم ازهد في الدنيا وأترك لها ، انتهى.

وفي القاموس : الصواب ضدّ الخطإ كالإصابة ، وقال : الإصابة الإتيان بالصواب وإرادته ، والبقاء على العمل محافظته والإشفاق عليه وحفظه عن الفساد ، قال الجوهري أبقيت على فلان إذا دعيت عليه ، يقال : لا أبقى الله عليك إن أبقيت عليّ والاسم البقيا ، انتهى.

والحاصل أن رعاية العمل وحفظه عند الشروع وبعده إلى الفراغ منه ، وبعد الفراغ إلى الخروج من الدنيا حتى يخلص عن الشوائب الموجبة لنقصه أو فساده أشد من العمل نفسه كما سيأتي في باب الريّاء عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال : الإبقاء على العمل أشد من العمل ، قال : وما الإبقاء على العمل؟ قال : يصل الرجل بصلة وينفق نفقة لله وحده لا شريك له ، فيكتب له سرا ثمَّ يذكرها فتمحى وتكتب له علانية ثمَّ يذكرها فتمحى وتكتب له رياء ، ومن عرف معنى النية وخلوصها علم أن إخلاص النية أشد من جميع الأعمال كما سيأتي تحقيقه إنشاء الله.

ثمَّ بينعليه‌السلام معنى العمل الخالص بأنّه هو العمل الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلّا الله عزّ وجلّ ، لا عند الفعل ولا بعده أي يكون خالصاً عن أنواع الريّاء والسمعة.

وقد يقال : لو كان سروره باعتبار أن الله تعالى قبل عمله حيث أظهر جميلة كما روي في الحديث القدسي عملك الصالح عليك سره وعليّ إظهاره ، أو باعتبار أنه استدلّ بإظهار جميلة في الدنيا على إظهار جميلة في الآخرة ، أو باعتبار رغبتهم إلى طاعة الله وميل قلوبهم إليها لم يقدح ذلك في الخلوص ، وإنما يقدح فيه إن كان لرفع منزلته عند الناس وتعظيمهم له واستجلاب الفوائد منهم فإنه بذلك يصير مرائيا مشركاً بالشرك الخفيّ وبه يحبط عمله ، وهذا الكلام له جهة صدق لكن قلـمّا تصدق النفس في ذلك ،

٨٥

_____________________________________________

فإنّ لها حيل وتسويلات لا ينجو منها إلّا المقرّبون.

وقال الشيخ البهائي (ره) : الخالص في اللّغة كلـمّا صفا وتخلص ولم يمتزج بغيره سواء كان ذلك الغير أدون منه أو لا ، فمن تصدق لمحض الريّاء فصدقته خالصة لغة كمن تصدق لمحض الثواب وقد خص العمل الخالص في العرف بما تجردّ قصد التقربِّ فيه عن جميع الشوائب ، وهذا التجريد يسمّى إخلاصاً ، وقد عرفه أصحاب القلوب بتعريفات أخر ، فقيل : هو تنزيه العمل عن أن يكون لغير الله فيه نصيب ، وقيل : إخراج الخلق عن معاملّة الحقّ ، وقيل : هو ستر العمل عن الخلائق وتصفيته عن العلائق ، وقيل : أن لا يريد عامله عليه عوضاً في الدارين ، وهذه درجة علية عزيزة المنال ، وقد أشار إليها أمير المؤمنينعليه‌السلام بقوله : ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتّك ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك.

وقال (ره) : ذهب كثير من علماء الخاصّة والعامة إلى بطلان العبادة إذا قصد بفعلها تحصيل الثواب أو الخلاص من العقاب ، وقالوا : إن هذا القصد مناف للإخلاص الذي هو إرادة وجه الله وحده ، وأن من قصد ذلك فإنه قصد جلب النفع إلى نفسه ، ودفع الضرر عنها لا وجه الله سبحانه ، كما أن من عظم شخصاً أو أثنى عليه طمعاً في ماله أو خوفاً من إهانته لا يعدّ مخلصاً في ذلك التعظيم والثناء.

وممّن بالغ في ذلك السيّد الجليل صأحبَّ المقامات والكرامات رضي الدين عليّ بن طاوس قدّس الله سرّه ، ويستفاد من كلام شيخنا الشهيد في قواعده أنه مذهب أكثر أصحابنا رضوان الله عليهم.

ونقل الفخر الرازي في التفسير الكبير اتفاق المتكلّمين على أن من عبد الله لأجل الخوف من العقاب أو الطمع في الثواب لم تصحّ عبادته ، أورده عند تفسير

٨٦

_____________________________________________

قوله تعالى «ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً »(١) وجزم في أوائل سورة الفاتحة بأنّه لو قال : أصلّي لثواب الله أو الهربِّ من عقابه فسدت صلاته ، ومن قال بأن ذلك القصد غير مفسد للعبادة منع خروجها به عن درجة الإخلاص ، وقال : إن إرادة الفوز بثواب الله والسلامة من سخطه ليس أمراً مخالفاً لإرادة وجه الله سبحانه ، وقد قال تعالى في مقام مدح أصفيائه : «كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً »(٢) أي للرغبة في الثواب والرهبة من العقاب ، وقال سبحانه : «وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمعاً »(٣) وقال تعالى : «يا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ »(٤) أي حال كونكم راجين للفلاح ، أو لكي تفلحوا ، والفلاح هو الفوز بالثواب ، نص عليه الشيخ أبو عليّ الطبرسي.

هذا ما وصل إلينا من كلام هؤلاء ، وللمناقشة فيه مجال ، إمّا قولهم أن تلك الإرادة ليست مخالفة لإرادة وجه الله تعالى فكلام ظاهري قشري إذ البون البعيد بين إطاعة المحبوب والانقياد إليه لمحض حبه وتحصيل رضاه وبين إطاعته لأغراض أخر أظهر من الشمس في رائعة النهار ، والثانية ساقطة بالكلية عن درجة الاعتبار عند أولي الأبصار ، وإمّا الاعتضاد بالآيتين الأوليين ، ففيه : أن كثيراً من المفسّرين ذكروا أن المعنى راغبين في الإجابة ، راهبين من الردّ والخيبة ، وإمّا الآية الثالثة فقد ذكر الطبرسي في مجمع البيان أن معنى «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » لكي تسعدوا. ولا ريب أن تحصيل رضاه سبحانه هو السعادة العظمى ، وفسّر (ره) الفلاح في قوله تعالى : «أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » بالنجاح والفوز ، وقال شيخ الطائفة في التبيان : المفلحون هم المنجحون

__________________

(١) سورة الأعراف : ٥٥. (٢) سورة الأنبياء : ٩٠.

(٣) سورة الأعراف : ٥٦. (٤) سورة الحجّ : ٧٧.

٨٧

_____________________________________________

الّذين أدركوا ما طلبوا من عند الله بأعمالهم وإيمانهم.

وفي تفسير البيضاوي المفلح : الفائز بالمطلوب ، ومثله في الكشّاف.

نعم فسّر الطبرسي (ره) الفلاح في قوله : «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ » بالفوز بالثواب لكن مجيئه في هذه الآية بهذا المعنى لا يوجب حمله في غيرها أيضاً عليه ، وعلى تقدير حمله على هذا المعنى إنما يتمّ التقريب لو جعلت جملّة الترجّي حالية ، ولو جعلت تعليلية كما جعله الطبرسي فلا دلالة فيها على ذلك المدعى أصلا كما لا يخفى.

هذا ، والأولى أن يستدلّ بما رواه الكليني بطريق حسن عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : العباد ثلاثة قوم عبدوا الله عزّ وجلّ خوفاً فتلك عبادة العبيد ، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلباً للثواب فتلك عبادة الأجراء ، وقوم عبدوا الله عزّ وجلّ حبا له فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة ، فإن قولهعليه‌السلام وهي أفضل العبادة يعطي أن العبادة على الوجهين السابقين لا يخلو من فضل أيضاً فتكون صحيحة وهو المطلوب.

ثمَّ قالرحمه‌الله : المانعون في نية العبادة من قصد تحصيل الثواب أو دفع العقاب جعلوا هذا القصد مفسدا لها وإن انضمّ إليه قصد وجه الله تعالى على ما يفهم من كلامهم ، إمّا بقية الضمائم اللازمة الحصول مع العبادة نويت أو لم تنو كالخلاص من النفقة بعتق العبد في الكفارة ، والحمية في الصوم والتبردّ في الوضوء وإعلام المأموم الدخول في الصلاة بالتكبير ، ومماطلة الغريم بالتشاغل بالصلاة وملازمته بالطواف والسعي ، وحفظه المتاع بالقيام لصلاة الليل وأمثال ذلك فالظاهر أن قصدها عندهم مفسد أيضاً بالطريق الأولى وإمّا الذين لا يجعلون قصد الثواب مفسدا فقد اختلفوا في الإفساد بأمثال هذه الضمائم ، فأكثرهم على عدمه ، وبه قطع الشيخ في المبسوط ، والمحقق في المعتبر ، والعلامة في التحرير والمنتهى ، لأنها تحصل لا محالة فلا يضر قصدها ، وفيه أن لزوم حصولها لا يستلزم صحّة قصد حصولها ، والمتأخّرون من أصحابنا حكموا بفساد العبادة بقصدها وهو مذهب العلامة في النهاية

٨٨

وإنَّ النيّة هي العمل ثمَّ تلا قوله عزّ وجلّ : «قُلْ كلّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ »(١) يعني على نيته

_____________________________________________

والقواعد ، وولده فخر المحقّقين في الشرح ، وشيخنا الشهيد في البيان لفوت الإخلاص وهو الأصحّ ، واحتمل شيخنا الشهيد في قواعده التفصيل بأن القربة إن كانت هي المقصود بالذّات والضميمة مقصودة تبعا صحت العبادة وإن انعكس الأمر أو تساويا بطلت.

هذا ، واعلم أن الضميمة إن كانت راجحة ولاحظّ القاصد رجحانها وجوبا أو ندبّاً كالحمية في الصوم لوجوب حفظ البدن ، والإعلام بالدخول في الصلاة للتعاون على البر فينبغي أن لا تكون مضرة إذ هي حينئذ مؤكدة ، وإنما الكلام في الضمائم غير الملحوظة الرجحان ، فصوم من ضم قصد الحمية مطلقا صحيح مستحبا كان الصوم أو واجباً ، معينا كان الواجب أو غير معين ، ولكن في النفس من صحّة غير المعين شيء ، وعدمها محتمل ، والله أعلم.

قولهعليه‌السلام : والنيّة أفضل من العمل ، أي النيّة الخالصة أو إخلاص النيّة أفضل من العمل ، والنيّة تطلق على إرادة إيقاع الفعل وعلى الغرض الباعث على الفعل وعلى العزم على الفعل والأولتان مقارنتان للفعل دون الثالثة ، والأولى لا تنفك فعل الفاعل المختار عنها ، والثانية الإخلاص فيها من أشق الأمور وأصعبها وبه تتفاضل عبادات المكلفين وهي روح العبادة وبدونها لا تصحّ ، وكلـمّا كانت أخلص عن الشوائب والأغراض الفاسدة كان العمل أكمل ، ولذا وردّ أن نية المؤمن خير من عمله ، ولا ينافي قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل الأعمال أحمزها ، إذ تصحيح النيّة أصعب من تصحيح العمل بمراتب شتى إذ ليس المراد بالنيّة ما يتكلّم به الإنسان عند الفعل ، أو يتصوره ويخطره بباله ، بل هو الباعث الأصلي والغرض الواقعي الداعي للإنسان على الفعل وهو تابع للحالة الّتي عليها الإنسان ، والطريقة الّتي يسلكها ، فمن غلب عليه حب الدنيا وشهواتها لا يمكنه قصد القربة وإخلاص النيّة عن دواعيها فإن نفسه متوجهة إلى الدنيا وهمته مقصورة عليها ، فما لم يقلع عن قلبه عروق حب الدنيا ولم يستقر فيه

__________________

(١) سورة الإسراء : ٨٤.

٨٩

_____________________________________________

طلب النشأة الأخرى وحبّ الربِّ الأعلى لم يمكنه إخلاص النيّة واقعا عن تلك الأغراض الدنية ، وذلك متوقف على مجاهدات عظيمة ورياضات طويلة وتفكرات صحيحة ، واعتزال عن شرار الخلق ، فلذا وردّ أن نية المؤمن خير من عمله ، ومن عرف ذلك لم يحتج إلى تأويل الخبر بما ستسمع من الوجوه مع ركاكة أكثرها وبعدها عن نظم الكلام ، فلذا قالعليه‌السلام : النيّة أفضل من العمل والسعي في تصحيحها أهم.

فإن قيل : العمل بلا نية باطل ، ومعها النيّة داخلة فيه فكيف يفضل النيّة على العمل فإنه يوجب تفضيل الجزء على الكل؟.

قلنا : المراد به أن العمل المقرون بالنيّة نيته خير من سائر أجزائه ، سواء جعلنا النيّة جزءا من العمل أو شرطاً فيه وقولهعليه‌السلام : إلّا وإن النيّة هي العمل ، مبالغة في اشتراط العمل بها ، وأنه لا اعتداد بالعمل بدونها ، فكأنّها عينه ، ولذا أكد بحرف التأكيد وحرف التنبيه واسمية الجملّة ، وتعريف الخبر باللام المفيد للحصر ، وضمير الفصل المؤكّد له.

وقيل : إشارة إلى دفع ما يتوهّم من أن المفضل عليه لا بد أن يكون من جنس المفضل والنيّة ليست من جنس العمل ، فأجابعليه‌السلام بأن النيّة أيضاً عمل من أعمال القلب ولا يخفى ضعفه ، والاستشهاد بالآية الكريمة لبيان أن مدار العمل على النيّة صحّة وفسادا ونقصا وكمإلّا ، حيث قال : «قُلْ كلّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ » يعني على نيته وكأنهعليه‌السلام فسّر الشاكلة الّتي تطلق غالباً على الحالة والطريقة بالنيّة إيذانا بأن النيّة تابعة لحالة الإنسان وطريقته كما أومأنا إليه ، وإن وردّ بمعنى النيّة أيضاً ، قال الفيروزآبادي : الشاكلة : الشكلّ والناحية والنيّة والطريقة ، وقال في مجمع البيان : أي كلّ واحد من المؤمن والكافر يعمل على طبيعته وخليقته الّتي تخلق بها عن ابن عباس ، وقيل : على طريقته وسنته الّتي اعتادها ، وقيل : ما هو أشكلّ بالصواب

٩٠

٥ - وبهذا الإسناد قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ : «إلّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ

_____________________________________________

وأولى بالحقّ عنده عن الجبائي ، قال : ولهذا قال : «فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً » أي أنه يعلم أي الفريقين على الهدى وأيهما على الضلال ، وقيل : معناه أنه أعلم بمن هو أصوب دينا وأحسن طريقة ، وقال بعض أرباب اللسان هذه الآية أرجى آية في كتاب الله لأن الأليق بكرمه سبحانه وجوده العفو عن عباده ، فهو يعمل به ، انتهى.

ويمكن حمل النيّة هنا على المعنى الثالث كما سيأتي في الخبر لكنه بعيد عن سياق هذا الخبر وسيأتي مزيد كلام في ذلك في باب النيّة وباب الريّاء.

الحديث الخامس : مثل السابق :

قوله تعالى : «إلّا مَنْ أَتَى اللهَ » قال سبحانه في سورة الشعراء حكاية عن إبراهيمعليه‌السلام حيث قال : «وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ».

قال الطبرسي قدّس الله سرّه أي لا تفضحني ولا تعيرني بذنب يوم يحشرّ الخلائق ، وهذا الدعاء كان منهعليه‌السلام على وجه الانقطاع إلى الله تعالى لـمّا بينا أن القبيح لا يجوز وقوعه من الأنبياءعليه‌السلام ، ثمَّ فسّر ذلك اليوم بأن قال : يوم لا ينفع مال ولا بنون أي لا ينفع المال والبنون أحداً إذ لا يتهيأ لذي مال أن يفتدي من شدائد ذلك اليوم به ولا يتحمل من صاحب البنين بنوه شيئاً من معاصيه «إلّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ » من الشرك والشك عن الحسن ومجاهد وقيل : سليم من الفساد والمعاصي ، وإنما خص القلب بالسلامة لأنّه إذا سلم القلب سلم سائر الجوارح من الفساد من حيث أن الفساد بالجارحة لا يكون إلّا عن قصد بالقلب الفساد ، وروي عن الصادقعليه‌السلام أنه قال : هو القلب الذي سلم من حبّ الدنيا ، ويؤيّده قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة انتهى.

٩١

سَلِيمٍ »(١) قال القلب السليم الذي يلقى ربّه وليس فيه أحد سواه قال وكلّ قلب فيه شرك أو شكُّ فهو ساقط وإنّما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة.

٦ - بهذا الإسناد ، عن سفيان بن عيينة ، عن السّندي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ما أخلص العبد الإيمان بالله عزّ وجلّ أربعين يوماً - أو قال ما أجمل عبد ذكر الله

_____________________________________________

قولهعليه‌السلام : وليس فيه أحد سواه ، أي أخرج عن قلبه حبّ ما سوى الله والاشتغال بغيره سبحانه ، أولم يختر في قلبه على رضا الله رضا غيره ، أو كانت أعماله ونياته كلها خالصة لله لم يشرك فيها غيره « وكلّ قلب فيه شرك » أعمّ من الشرك الجليّ والخفي. « أو شك » وهو ما يقابل اليقين الذي يظهر أثره على الجوارح ، فإن كلّ معصية أو توسل بغيره سبحانه يستلزم ضعفاً في اليقين فالشك يشمله « فهو ساقط » أي عن درجة الاعتبار أو بعيد عن الربِّ تعالى.

« وإنما أرادوا » أي الأنبياء والأوصياء « الزهد » وفي بعض النسخ : أراد بالزهد أي أراد الله ، والباء زائدة يعني أن الزهد في الدنيا ليس مقصوداً لذاته ، وإنّما أمر الناس به لتكون قلوبهم فارغة عن محبّة الدنيا ، صالحة لحبّ الله تعالى ، خالصة له عزّ وجلّ ، لا شركة فيها لـمّا سوى الله ، ولا شك ناشئا من شدّة محبتها لغير الله.

الحديث السادس : مثل السابق.

« وإخلاص الأيمان » ممّا يشوبه من الشرك والريّاء والمعاصي ، وأن يكون جميع أعماله خالصة لله تعالى ، ولعلّ خصوص الأربعين لأن الله تعالى جعل انتقال الإنسان في أصل الخلقة من حال إلى حال في أربعين يوماً كالانتقال من النطفة إلى العلقة ومن العلقة إلى المضغة ، ومن المضغة إلى العظام ومنها إلى اكتساء اللحم.

ولذا يوقف قبول توبة شاربِّ الخمرّ إلى أربعين يوماً كما وردّ في الخبر ، والزهد في الشيء تركه وعدم الرغبة فيه ، وداء الدنيا المعاصي والصفات الذميمة وما

__________________

(١) سورة الشعراء : ٨٩.

٩٢

عزّ وجلّ أربعين يوماً - إلّا زهده الله عزّ وجلّ في الدُّنيا وبصّره داءها ودواءها فأثبت الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه ثمَّ تلا : «إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ »(١) فلا ترى صاحب بدعة

_____________________________________________

يوجب البعد عن الله تعالى ، ودواؤها ما يوجب تركها واجتنابها من الريّاضات والمجاهدات والتفكرات الصحيحة وأمثالها ، أو المراد بدائها الأمراض القلبية الحاصلة من محبة الدنيا ، ودواؤها ملازمة ما يوجب تركها ، وقيل : أي قدر الضرورة منها والزائد عليه أو ميل القلب إليها وصرفه عنها أو الضار والمنافع منها في الآخرة أعني الطاعة والمعصية والحكمة العلوم الحقة الواقعية وأصلها ومنبعها معرفة الإمام ولذا فسرت بها كما مر.

وفي مناسبة ذكر الآية لـمّا تقدّم إشكال ، ويمكن أن يقال في توجيهه وجوه :

الأوّل : ما خطر بالبال وهو أنه لـمّا ذكر فوائد إخلاص الأربعين وقد أبدع جماعة من الصوفية فيها ما ليس في الدين ، دفععليه‌السلام توهم شموله لذلك بالاستشهاد بالآية ، وأنها تدلّ على أن كلّ مبتدع في الأحكام ومفتر على الله ورسوله في حكم من الأحكام ذليل في الدنيا والآخرة ، لقوله تعالى : «كَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ » وقوله : أو مفتريا أي لا ترى مفتريا ، وبعبارة أخرى لـمّا كان صحّة العبادة وكما لها مشترطة بأمرين : الأوّل ، كونها على وفق السنة ، والثاني : كونها خالصة لوجه الله تعالى ، فأشار أولاً إلى الثاني ، وثانيا إلى الأوّل ، فتأمل.

الثاني : ما قيل أنّ الوجه في تلاوتهعليه‌السلام الآية التنبيه على أن من كانت عبادته لله تعالى واجتهاده فيها على وفق السنة بصره الله عيوب الدنيا فزهده فيها ، فصار بسبب زهده فيها عزيزاً لأن المذلة في الدنيا إنّما تكون بسبب الرغبة فيها ، ومن كانت عبادته على وفق الهوى أعمى الله قلبه عن عيوب الدنيا ، فصار بسبب رغبته فيها ذليلاً ، فأصحاب البدع لا يزالون أذلاء صغاراً ، ومن هنا قال الله في متّخذي العجل ما قال.

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٥١.

٩٣

إلّا ذليلاً ومفترياً على الله عزّ وجلّ وعلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى أهل بيته صلوات الله عليهم إلّا ذليلاً.

( باب الشرائع

١ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر وعدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن محمّد بن مروان جميعاً ، عن أبان بن عثمان عمّن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله تبارك وتعالى أعطى محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله شرائع نوح وإبراهيم وموسى وعيسىعليهم‌السلام التوحيد والإخلاص

_____________________________________________

الثالث : ما قيل أيضاً أن الغرض من تلاوتها هو التنبيه على أن غير المخلص مندرج فيها ، والوعيد متوجّه إليه أيضاً لأنك قد عرفت أن قلبه ساقط ، لكونه ذا شرك أو شكّ وهما بدعة وافتراء على الله ورسوله ، والآية على تقدير نزولها في قوم مخصوصين لا يقتضي تخصيص الوعيد بهم.

الرابع : ما خطر بالبال أيضاً وهو أن الإخلاص المذكور في صدر الخبر يشمل الإخلاص عن الريّاء والبدعة ، وكلّ ما ينافي قبول العمل فاستشهد لأحد أجزائه بالآية.

باب الشرائع

الحديث الأوّل : مرسل.

قولهعليه‌السلام : شرائع نوح ، يحتمل أن يكون المراد بالشرائع أصول الدين ويكون التوحيد والإخلاص وخلع الأنداد بيانا لها ، والفطرة الحنيفية معطوفة على الشرائع وإنما خصعليه‌السلام ما به الاشتراك بهذه الثلاثة مع اشتراكهعليه‌السلام معهم في كثير من العبادات لاختلاف المشتركات فيها دون هذه الثلاثة ، ولعلهعليه‌السلام لم يردّ حصر المشتركات فيما ذكر لعدم ذكر سائر أصول الدين ، كالعدلّ والمعاد مع أنه يمكن

٩٤

وخلع الأنداد والفطرة الحنيفيّة السمحة ولا رهبانية ولا سياحة أحل فيها الطيبات

_____________________________________________

إدخالهما في بعض ما ذكر ، لا سيّما الإخلاص بتكلّف ويمكن أن يكون المراد منها الأصول وأصول الفروع المشتركة ، وإن اختلفت في الخصوصيات والكيفيات وحينئذ يكون جميع تلك الفقرات إلى قولهعليه‌السلام : وزاده ، بيانا للشرائع ، ويشكلّ حينئذ ذكر الرهبانية والسياحة إذ المشهور أن عدمهما من خصائص نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا أن يقال : المراد عدم الوجوب وهو مشترك ، أو يقال : إنهما لم يكونا في شريعة عيسىعليه‌السلام أيضاً وإن استشكلّ بالجهاد وأنه لم يجاهد عيسىعليه‌السلام ، فالجواب أنه يمكن أن يكون واجباً عليه لكن لم يتحقّق شرائطه ، ولذا لم يجاهد ولعلّ قولهعليه‌السلام : زاده وفضّله ، بهذا الوجه أوفق.

وكان المراد بالتوحيد نفي الشريك في الخلق ، وبالإخلاص نفي الشريك في العبادة ، وخلع الأنداد تأكيد لهما ، أو المراد به ترك اتباع خلفاء الجور وأئمّة الضّلالة أو نفي الشرك الخفيّ أو المراد بالإخلاص نفي الشرك الخفيّ وبخلع الأنداد نفي الشريك في استحقاق العبادة ، والأنداد جمع ند وهو مثل الشيء الذي يضاده في أموره ويناده أي يخالفه ، والفطرة ملّة الإسلام الّتي فطر الله الناس عليها كما مرّ والحنيفيّة المائلة من الباطل إلى الحقّ أو الموافقة لملّة إبراهيمعليه‌السلام قال في النهاية : الحنيف عند العربِّ من كان على دين إبراهيمعليه‌السلام ، وأصل الحنيف الميل ، ومنه الحديث : بعثت بالحنيفيّة السمحة السهلة ، وفي القاموس : السمحة الملّة الّتي ما فيها ضيق.

وفي النهاية : فيه لا رهبانية في الإسلام ، هي من رهبة النصارى ، وأصله من الرهبة الخوف ، كانوا يترهبون بالتخلي من أشغال الدنيا وترك ملاذها والزهد فيها ، والعزلة عن أهلها ، وتعمد مشاقها حتى أن منهم من كان يخصي نفسه ، ويضع السلسلة في عنقه وغير ذلك من أنواع التعذيب ، فنفاها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الإسلام ونهى المسلمين

٩٥

_____________________________________________

عنها ، انتهى.

وقال الطبرسيقدس‌سره : في قوله تعالى : «وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها »(١) هي الخصلة من العبادة يظهر فيها معنى الرهبة إمّا في لبسته أو انفراد عن الجماعة أو غير ذلك من الأمور الّتي يظهر فيها نسك صاحبه والمعنى ابتدعوا رهبانية لم نكتبها عليهم ، وقيل : إن الرهبانيّة الّتي ابتدعوها هي رفض النساء واتخاذ الصوامع عن قتادة ، قال : وتقديره ورهبانيّة ما كتبناها عليهم إلّا أنّهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله فما رعوها حقّ رعايتها ، وقيل : إن الرهبانيّة الّتي ابتدعوها لحاقهم بالبراري والجبال في خبر مرفوع عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما رعاها الذين بعدهم حقّ رعايتها ، وذلك لتكذيبهم بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ابن عباس.

وقيل : إنّ الرهبانيّة هي الانقطاع عن الناس للانفراد بالعبادة «ما كَتَبْناها » أي ما فرضناها عليهم ، وقال الزجاج : إنّ تقديره ما كتبناها عليهم إلّا ابتغاء رضوان الله وابتغاء رضوان الله اتباع ما أمر الله فهذا وجه ، قال : وفيها وجه آخر جاء في التفسير أنّهم كانوا يرون من ملوكهم ما لا يصبرون عليه فاتّخذوا أسراباً وصوامع وابتدعوا ذلك ، فلـمّا ألزموا أنفسهم ذلك التطوع ودخلوا عليه لزمهم إتمامه ، كما أن الإنسان إذا جعل على نفسه صوما لم يفرض عليه لزمه أن يتمّه.

قال : وقوله : فما رعوها حقّ رعايتها ، على ضربين أحدهما أن يكونوا قصروا فيما ألزموه أنفسهم ، والآخر وهو الأجود أن يكونوا حين بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يؤمنوا به ، وكانوا تاركين لطاعة الله فما رعوا تلك الرهبانيّة حقّ رعايتها ، ودليل ذلك قوله : «فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ » يعني الذين آمنوا بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله «وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ » أي كافرون ، انتهى كلام الزجاج.

__________________

(١) سورة الحديد : ٢٧.

٩٦

_____________________________________________

ويعضد هذا ما جاءت به الرواية عن ابن مسعود قال : كنت رديف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حمار فقال : يا ابن أم عبد هل تدري من أين أحدثت بنو إسرائيل الرهبانية؟ فقلت : الله ورسوله أعلم ، فقال : ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسىعليه‌السلام يعملون بمعاصي الله فغضب أهل الإيمان فقاتلوهم فهزم أهل الإيمان ثلاث مرّات ، فلم يبق منهم إلّا القليل ، فقالوا : إن ظهرنا هؤلاء أفنونا ولم يبق للدين أحد يدعو إليه ، فتعالوا نتفرّق في الأرض إلى أن يبعث الله النبيّ الذي وعدنا به عيسىعليه‌السلام يعنون محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتفرقوا في غيران الجبال وأحدثوا رهبانيّة ، فمنهم من تمسك بدينه ، ومنهم من كفر ، ثمَّ تلا هذه الآية : " «ورهبانيّة ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ » ، إلى آخرها ، ثمَّ قال : يا بن أمّ عبد أتدري ما رهبانيّة أمتي؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : الهجرة والجهاد والصّلاة والصّوم والحجّ والعمرة.

وفي حديث آخر عن ابن مسعود أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من آمن بي وصدقني واتبعني فقد رعاها حقّ رعيتها ، ومن لم يؤمن بي فأولئك هم الهالكون ، انتهى.

وقال في النهاية : فيه لا سياحة في الإسلام ، يقال : ساح في الأرض يسيح سياحة إذا ذهب فيها وأصله من السيح وهو الماء الجاري أي المنبسط على الأرض ، أراد مفارقة الأمصار وسكنى البراري وترك شهود الجمعة والجماعات ، وقيل : أراد الذين يسيحون في الأرض بالشرّ والنميمة والإفساد بين الناس ، ومن الأوّل سياحة هذه الأمة الصيام قيل للصائم : سائح لأن الذي يسيح في الأرض متعبداً يسيح ولا زاد معه ولا ماء ، فحين يجد يطعم ، والصائم يمضي نهاره لا يأكلّ ولا يشربِّ شيئاً فشبّه به ، انتهى.

قولهعليه‌السلام أحل فيها الطيبات ، إشارة إلى قوله تعالى في الأعراف : «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النبيّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مكتوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الّتي كانَتْ عَلَيْهِمْ » الآية ، قال الطبرسيقدس‌سره : ويحلّ

٩٧

_____________________________________________

لهم الطيّبات ويحرّم عليهم الخبائث معناه : يبيح لهم المستلذات الحسنة ، ويحرّم عليهم القبائح وما تعافه الأنفس ، وقيل : يحلّ لهم ما اكتسبوه من وجه طيّب ويحرّم عليهم ما اكتسبوه من وجه خبيث ، وقيل : يحلّ لهم ما حرمه عليهم رهابينهم وأحبارهم وما كان يحرمه أهل الجاهلية من البحائر والسوائب وغيرها ، ويحرّم عليهم الميتة والدم ولحم الخنزير وما ذكر معها «وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ » أي ثقلهم ، شبّه ما كان على بني إسرائيل من التكليف الشديد بالثقل ، وذلك أن الله سبحانه جعل توبتهم أن يقتل بعضهم بعضا ، وجعل توبة هذه الأمة الندم بالقلب حرمة للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الحسن. وقيل : الإصر هو العهد الذي كان الله سبحانه أخذه على بني إسرائيل أن يعملوا بما في التوراة عن ابن عباس والضحاك والسدي ، ويجمع المعنيين قول الزجاج :

الإصر ما عقدته من عقد ثقيل.

«وَالْأَغْلالَ الّتي كانَتْ عَلَيْهِمْ » معناه ويضع عنهم العهود الّتي كانت في ذمتهم ، وجعل تلك العهود بمنزلة الأغلال الّتي تكون في الأعناق للزومها كما يقال : هذا طوق في عنقك ، وقيل : يريد بالأغلال ما امتحنوا به من قتل نفوسهم في التوبة ، وقرض ما يصيبه البول من أجسادهم وما أشبّه ذلك من تحريم السبت ، وتحريم العروق والشحوم وقطع الأعضاء الخاطئة ، ووجوب القصاص دون الدية عن أكثر المفسّرين ، انتهى.

وأقول : استدلّ أكثرهم أصحابنا على تحريم كثير من الأشياء ممّا تستقذره طباع أكثر الخلق بهذه الآية وهو مشكلّ ، إذ الظاهر من سياق الآية مدح النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وشريعته بأن ما يحلّ لهم هو طيّب واقعا وإن لم نفهم طيبه ، وما يحرم عليهم هو الخبيث واقعا وإن لم نعلم خبثه كالطعام المستلذّ الذي يكون من مال اليتيم أو مال السرقة تستلذه الطبع وهو خبيث واقعا ، وأكثر الأدوية الّتي يحتاج الناس إليها في

٩٨

وحرَّم فيها الخبائث ووضع عنهم إصرهم والأغلال الّتي كانت عليهم ثمَّ افترض عليه فيها الّصلاة والزكاة والصّيام والحجّ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال

_____________________________________________

غاية البشاعة وتستقذرها الطبع ولم أر قائلاً بتحريمها ، فالحمل على المعنى الذي لا يحتاج إلى تخصيص ويكون موافقاً لقواعد الإمامية من الحسن والقبح العقليين أولى من الحمل على معنى لا بد فيه من تخصيصات كثيرة ، بل ما يخرج منهما أكثر ممّا يدخل فيهما كما لا يخفى على من تتبع مواردهما ، ويمكن أن يقال : هذه الآية كالصريحة في الحسن والقبح العقليين ولم يستدلّ بها الأصحاب رضي الله عنهم.

وقيل : الإصر الثقل الذي يأصر حامله أي يحبسه في مكانه لفرط ثقله ، وقال الزمخشري : هو مثل لثقل تكليفهم وصعوبته ، نحو اشتراط قتل الأنفس في صحّة توبتهم وكذلك الأغلال مثل لـمّا كان في شرائعهم من الأشياء الشاقة نحو بت القضاء بالقصاص عمدا كان أو خطأ ، من غير شرع الدية ، وقطع الأعضاء الخاطئة وقرض موضع النجاسة من الجلد والثوب ، وإحراق الغنائم وتحريم العروق في اللحم ، وتحريم السبت.

وعن عطاء : كانت بنو إسرائيل إذا قامت تصلي لبسوا المسوخ وغلوا أيديهم إلى أعناقهم ، وربما ثقب الرجل ترقوته وجعل فيها طرف السلسلة وأوثقها إلى السارية يحبس نفسه على العبادة ، انتهى.

قولهعليه‌السلام : ثمَّ افترض عليه ، أي على نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « فيها » أي في الفطرة الّتي هي ملته ، وكان ثمَّ للتفاوت في الرتبة ، وقيل : المراد بالحلال ما عدا الحرام فيشمل الأحكام الأربعة ، والمراد بالفرائض المواريث ذكرت تأكيدا ، أو مطلق الواجبات وقيل : الفرائض ما له تقدير شرعي من المواريث وهي أعمّ منها ومن غيرها ممّا ليس له تقدير ، وقيل : المراد بالفرائض ما فرض من القصاص بقدر الجناية ، وقوله : وزاده الوضوء ، يدلّ على عدم شرع الوضوء في الأمم السابقة ، وينافيه ما وردّ في تفسير قوله تعالى : «فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ » أنّهم مسحوا ساقيهم وعنقهم وكان ذلك وضوؤهم إلّا أن يقال : المراد زيادة الوضوء كما في بعض النسخ ، وزيادة الوضوء عطفاً

٩٩

والحرام والمواريث والحدود والفرائض والجهاد في سبيل الله وزاده الوضوء وفضّله بفاتحة الكتاب وبخواتيم سورة البقرة والمفصّل وأحلَّ له المغنم والفيء ونصره بالرُّعب

_____________________________________________

على الجهاد ، وقولهعليه‌السلام : وفضّله ، إشارة إلى ما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : أعطيت مكان التوراة السبع الطول ، ومكان الإنجيل المثاني ، ومكان الزبور المئين ، وفضّلت بالمفصّل ، وفي رواية واثلة بن الأصقع : وأعطيت مكان الإنجيل المئين ، ومكان الزبور المثاني ، وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة من تحت العرش لم يعطها نبيّ قبلي ، وأعطاني ربّي المفصّل نافلة.

قال الطبرسي (ره) فالسبع الطويل البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال مع التوبة ، لأنّهما تدعيان القرينتين ، ولذلك لم يفصل بينهما بالبسملّة وقيل : إن السابعة سورة يونس ، والطول جمع الطولي تأنيث الأطول وإنما سميت هذه السور الطوال ، لأنّها أطول سورة القرآن وإمّا المثاني فهي السور التالية للسبع الطول ، أولها يونس وآخرها النحل وإنّما سميت المثاني لأنها ثنت الطول أي تلتها ، وكان الطول هي المبادئ والمثاني لها ثواني وواحدها مثنى مثل المعنى والمعاني ، وقال الفراء ، واحدها مثناة ، وقيل : المثاني سور القرآن كلها طوالها وقصارها ، من قوله تعالى : «كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ »(١) وإمّا المئون فهي كلّ سورة تكون نحواً من مائة آية أو فوق ذلك ، أو دوينه ، وهي سبع سور أولها سورة بني إسرائيل وآخرها المؤمنون ، وقيل ، إن المئين : ما ولى السبع الطول ثمَّ المثاني بعدها وهي الّتي تقصر عن المئين وتزيد على المفصل وسميت مثاني لأن المئين مباديها ، وإمّا المفصل فما بعد الحواميم من قصار السور إلى آخر القرآن ، سميت مفصلاً لكثرة الفصول بين سورها ببِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، انتهى.

وأقول : اختلف في أوّل المفصّل فقيل : من سورة ق وقيل من سورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقيل من سورة الفتح ، وعن النووي : مفصّل القرآن من محمّد إلى آخر القرآن ، وقصاره من الضّحى إلى آخره ، ومطولاته إلى عمّ ومتوسّطاته إلى الضّحى ، وفي

__________________

(١) سورة الزمر : ٢٣.

١٠٠