مرآة العقول الجزء ٨

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 437

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 437
المشاهدات: 18771
تحميل: 8660


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 437 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18771 / تحميل: 8660
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 8

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

_________________________________________________

ترجيح تخصيص أيّهما بالآخر لما بينهما من العموم من وجه وقصّة أمير المؤمنينعليه‌السلام في ذلك مع ابن مسعود مشهورة ، ولو لا ما ذكرنا أمكن أن يقال : أن أزواجا جمع منكر فلا عموم له ، وأولات الأحمال جمع مضاف فيعم فلا تعارض.

وبهذا يظهر فساد ما في شرح المختصر في بحث دلالة الأمرّ على الوجوب حيث استدل عليها بقوله : «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ »(١) الآية ، ثم اعترض بأن الاستدلال موقوف على عموم الأمرّ وهو مطلق ، وأجاب بأن الأمرّ مصدر مضاف فيعم ، وعلى ما ذكرنا تناول الأمرّ بإطلاقه لجميع الأوامرّ كاف إذ يكون المعنى حينئذ الأمرّ بحذر كلّ من يخالف أمراً ما من الأوامرّ فيدلّ على أن كلّ من يخالف أي أمرّ من الأوامرّ يتحقّق في حقّه مقتضى الحذر ، وما هو إلّا استحقاق العقاب والشواهد عليّ ما ذكرنا كثيرة يظهر عليّ المتتّبع.

ثم اعلم أنه يشكلّ ترتب الأحكام الأخر على هذا الفعل سوى ترتب الثواب عليه ، كما إذا ورد خبر ضعيف يدلّ على ترتب الثواب على غسل ، فعلى القول بحصول الاستباحة من الأغسال المندوبة يشكلّ حصول الاستباحة من هذا الغسل إلّا أن يقال : لما ثبت بهذه الأخبار شرعيّة هذا الغسل يترتب عليه جميع الأحكام ، ولا فرق بين هذا الغسل وغيره من الأغسال المندوبة ، وكلّ دليل يدلّ على حصول الاستباحة من الأغسال الأخر ، يدلّ على هذا أيضاً.

قال الشيخ البهائيقدس‌سره : يحتمل أن يراد بسماع الثواب مطلق بلوغه إليه ، سواء كان على سبيل الرواية أو الفتوى أو المذاكرة أو نحو ذلك ، كما لو أراه في شيء من كتب الحديث أو الفقه مثلا ، ويؤيّد هذا التعميم أنه ورد في حديث آخر عن الصادقعليه‌السلام : من بلغه شيء من الثواب ، ويمكن أن يراد السماع من لفظ

____________________

(١) سورة النور : ٦٣.

١٢١

_________________________________________________

الراوي أو المفتي خاصّة ، فإنه هو الشائع الغالب في الزمن السّالف ، وإمّا الحمل على التحمّل بأحد الوجوه الستة المشهورة فلا يخلو من بعد.

وظاهر الإطلاق أنّ ظنّ صدق الناقل غير شرط في ترتب الثواب ، فلو تساوى صدقه وكذبه في نظر السامع وعمل بقوله فاز بالأجر ، نعم يشترط عدم ظنّ كذبه لقيام بعض القرائن والظاهر أن تصريح الراوي بترتب الثواب غير شرط ، بل قوله إن العمل الفلاني مستحبّ أو مكروه كاف في ترتب الثواب على فعله أو تركه.

« على شيء »(١) أي على فعل شيء أو تركه « فصنعه » أي أتى بذلك الشيء سواء كان فعلا أو تركاً « كان له أجره »(٢) الضمير في أجره إمّا أن يعود إلى الشيء أي كان له الأجر المرتب على ذلك الشيء أو إلى من ، أي كان لذلك العامل أجره أي الأجر الذي طلبه بذلك العمل « وإن لم يكن على ما بلغه » اسم يكن ضمير الشأن ويجوز عوده إلى الشيء أو الثواب أو المسموع ، ويؤيده أن في رواية أخرى وإن لم يكن الحديث كما بلغه ، انتهى.

وقال المحقق الدواني في أنموزجه : اتفقوا على أن الحديث الضعيف لا تثبت به الأحكام الشرعيّة ثم ذكروا أنّه يجوز بل يستحبّ العمل بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال ، وممن صرح بذلك النووي في كتبه ، لا سيما كتاب الأذكار ، وفيه إشكال لأن جواز العمل واستحبابه كلاهما من الأحكام الخمسة الشرعيّة فإذا استحبّ العمل بمقتضى الحديث الضعيف كان ثبوته بالحديث الضعيف ، وذلك ينافي ما تقرر من عدم ثبوت الأحكام بالأحاديث الضعيفة ، وقد حاول بعضهم التفصي عن ذلك وقال : مراد النبوي أنه إذا ثبت حديث حسن أو صحيح في فضيلة عمل من الأعمال يجوز رواية الحديث الضعيف في هذا الباب ، ولا يخفى أن هذا لا يرتبط بكلام النووي أصلاً فضلاً عن أن يكون مراده ذلك ، فلم يكن جواز العمل واستحبابه

____________________

(١) تتمة كلام الشيخ البهائي (ره).

(٢) كلمة « أجره » غير موجود في أكثر النسخ كما صرّح به الشارح (ره) أيضا.

١٢٢

_________________________________________________

مجرّد نقل الحديث ، على أنّه لو لم يثبت الحديث الصحيح والحسن في فضيلة عمل يجوز نقل الحديث الضعيف فيها ، لا سّيما مع التنبيه على ضعفه ، ومثل ذلك في كتب الحديث وغيره شائع كثير يشهد به من تتبع أدنى تتبع ، والذي يصلح للتعويل عليه حينئذ أنه إذا وجد حديث ضعيف في فضيلة عمل من الأعمال ، ولم يكن هذا العمل ممّا يحتمل الحرمة والكراهة فإنه يجوز العمل به ويستحبّ لأنه مأمون الخطر ومرجو النفع ، إذ دائر بين الإباحة والاستحباب ، فالاحتياط العمل به رجاء الثواب ، وإمّا إذا دار بين الحرمة والاستحباب فلا وجه لاستحباب العمل به ، وإذا دار بين الكراهة والاستحباب فمجال النظر فيه واسع إذ في العمل دغدغة الوقوع في المكروه ، وفي الترك مظنة ترك المستحبّ ، فلينظر إن كان خطر الكراهة أشدّ بأن تكون الكراهة المحتملة شديدة والاستحباب المحتمل ضعيفاً فحينئذ يترجح الترك على الفعل ، فلا يستحبّ العمل به وإن كان الكراهة أضعفّ بأن تكون الكراهة على تقدير وقوعها كراهة ضعيفة دون مرتبة ترك العمل على تقدير استحبابه فالاحتياط العمل به ، وفي صورة المساواة تحتاج إلى نظر تام ، وأظنّ أنه يستحبّ أيضاً لأنّ المباحات تصير بالنيّة عبادة فكيف ما فيه شبهة الاستحباب لأجل الحديث الضعيف ، فجواز العمل واستحبابه مشروطان ، إمّا جواز العمل فبعدم احتمال الحرمة وإمّا الاستحباب فبما ذكرنا مفصلاً.

بقي هيهنا شيء وهو أنّه إذا عدم احتمال الحرمة فجواز العمل ليس لأجل الحديث إذ لو لم يوجد يجوز العمل أيضاً لأنّ المفروض انتفاء الحرمة ، لا يقال : الحديث الضعيف ينفى احتمال الحرمة؟ لأنا نقول : الحديث الضعيف لا يثبت به شيء من الأحكام الخمسة ، وانتفاء الحرمة يستلزم ثبوت الإباحة ، والإباحة حكم شرعي فلا يثبت بالحديث الضعيف ، ولعلّ مراد النووي ما ذكرنا ، وإنّما ذكر

١٢٣

_________________________________________________

الجواز توطئة للاستحباب ، وحاصل الجواب أنّ الجواز معلوم من خارج ، والاستحباب أيضاً معلوم من القواعد الشرعيّة الدالة على استحباب الاحتياط في أمرّ الدين ، فلم يثبت شيء من الأحكام بالحديث الضعيف بل أوقع الحديث الضعيف شبهة الاستحباب ، فصار الاحتياط أنّ يعمل به ، واستحباب الاحتياط معلوم من قواعد الشرع ، انتهى.

واعترض عليه الشيخ البهائيقدس‌سره بأن خطر الحرمة في هذا الفعل الذي تضمن الحديث الضعيف استحبابه حاصل كلّما فعله المكلّف لرجاء الثواب ، لأنه لا يعتد به شرعاً ولا يصير منشأ لاستحقاق الثواب إلّا إذا فعله المكلّف بقصد القربة ، ولاحظ رجحان فعله شرعاً ، فإن الأعمال بالنيّات وفعله على هذا الوجه مردد بين كونه سنة ورد الحديث في الجملة ، وبين كونه تشريعاً وإدخالاً لما ليس من الدين فيه ، ولا ريب أن ترك السنة أولى من الوقوع في البدعة ، فليس الفعل المذكور دائراً في وقت من الأوقات بين الإباحة والاستحباب ، بل هو دائماً دائر بين الحرمة والاستحباب فتاركه متيقّن للسلامة وفاعله متعرّض للندامة.

على أنّ قولنا بدورانه بين الحرمة والاستحباب إنمّا هو على سبيل المماشاة وإرخاء العنان ، وإلّا فالقول بالحرمة من غير ترديد ليس عن السداد ببعيد ، والتأمل الصادق على ذلك شهيد ، هذا.

وقد تفصى بعض الفضلاء عن أصل الإشكال بأنّ معنى قولهم يجوز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال دون مسائل الحرام والحلال ، أنّه إذا ورد حديث صحيح أو حسن في استحباب عمل وورد حديث ضعيف في أن ثوابه كذا وكذا ، جاز العمل بذلك الحديث الضعيف ، والحكم بترتّب ذلك الثواب على ذلك الفعل ، وليس هذا الحكم أحد الأحكام الخمسة التّي لا تثبت بالأحاديث الضعيفة.

وبعضهم بأنّ معنى قولهم الأحكام لا تثبت بالأحاديث الضعيفة أنها لا تستقل

١٢٤

( باب الصبر )

١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليِّ

_________________________________________________

بإثباتها لا أنّها لا تصير مقويّة ومؤكّدة لما ثبت به ، ومعنى تجويزهم العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال أنّه إذا دل على استحباب عمل حديثان صحيح وضعيف مثلا ، جاز للمكلف حال العمل ملاحظة دلالة الضعيف أيضاً عليه ، فيكون عاملا به في الجملة ولا يخفى ما في هذين الكلامين من الخلل ، إمّا الأوّل فلمخالفة منطوق عبارات القوم فإنها صريحة في استحباب الإتيان بالفعل إذا ورد في استحبابه حديث ضعيف غير قابلة لهذا التأويل السخيف ، وإمّا الثاني فمع بعده وسماجته يقتضي عدم صحّة التخصيص بفضائل الأعمال دون مسائل الحرام والحلال ، فإنّ العمل بالحديث الضعيف بهذا المعنى لا نزاع بين أهل الإسلام في جوازه في جميع الأحكام.

باب الصبر

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وقال المحقق الطوسيقدس‌سره : الصبر حبس النفس عن الجزع عند المكروه ، وهو بمنع الباطن عن الاضطراب ، واللسان عن الشكاية ، والأعضاء عن الحركات غير المعتادة ، انتهى.

وقد مرّ وسيأتي أن الصبر يكون على البلاء وعلى فعل الطّاعة وعلى ترك المعصية ، وعلى سوء أخلاق الخلق ، قال الراغب : الصبر الإمساك في ضيق ، يقال : صبرت الدابة حبستها بلا علف وصبرت فلاناً حلفته حلفة لا خروج له منها ، والصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل أو الشرع أو عمّا يقتضيان حبسها عنه ، فالصبر لفظ عامّ وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه ، فإن كان حبس النفس لمصيبة سمي صبرا لا غير ، ويضاده الجزع ، وإن كان في محاربة سمّي شجاعة ويضاده الجبن ،

١٢٥

ابن رئاب ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الصبر رأس الإيمان

_________________________________________________

وإن كان في نائبه مضجرة سمّي رحبّ الصّدر ويضادّه الضجر ، وإن كان في إمساك الكلام سمي كتماناً ويضادّه الإذاعة ، وقد سمّي الله تعالى كلّ ذلك صبراً ونبه عليه بقوله : «وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ »(١) «وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ »(٢) «وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ »(٣) وسمّي الصوّم صبراً لكونه كالنوع له.

وقوله : «اصْبِرُوا وَصابِرُوا »(٤) أي احبسوا أنفسكم عليّ العبادة وجاهدوا أهواءكم ، وقوله عزَّ وجلَّ : «اصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ »(٥) أي تحمل الصبر بجهدك ، وقوله : «أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا »(٦) أي بما تحملوه من الصّبر في الوصول إلى مرضات الله.

قوله : رأس الإيمان ، هو من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ، ووجه الشبه ما سيأتي في الخبر الآتي ووجهه أن الإنسان ما دام في تلك النشأة هو مورد للمصائب والآفات ومحلّ للحوادث والنوائب والعاهات ، ومبتلى بتحمل الأذى من بني نوعه في المعاملات ومكلف بفعل الطاعات وترك المنهيات والمشتهيات ، وكلّ ذلك ثقيل على النفس لا تشتهيها بطبعها ، فلا بدّ من أن تكون فيه قوة ثابتة وملكة راسخة بها يقتدر على حبس النفس عليّ هذه الأمور الشاقة ، ورعاية ما يوافق الشرع والعقل فيها ، وترك الجزع والانتقام وسائر ما ينافي الآداب المستحسنة المرضية عقلاً وشرعاً ، وهي المسماة بالصّبر ، ومن البين أن الإيمان الكامل بل نفس التصديق أيضاً يبقى ببقائه ، ويفنى بفنائه ، فلذلك هو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.

____________________

(١) سورة البقرة : ١٧٧.

(٢) سورة الحجّ : ٣٥.

(٣) سورة الأحزاب : ٣٥.

(٤) سورة آل عمران : ٢٠٠.

(٥) سورة مريم : ٦٥.

(٦) سورة الفرقان : ٧٥.

١٢٦

٢ - أبو عليّ الأشعريّ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن العلاء بن فضيل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الصّبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصّبر ذهب الإيمان.

٣ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه وعليّ بن محمّد القاساني جميعاً ، عن القاسم بن محمّد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام يا حفص إن من صبر صبر قليلاً وإن من جزع جزع قليلاً ثم قال عليك بالصّبر في جميع أمورك فإن الله عزَّ وجلَّ بعث محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله فأمره بالصّبر والرفق فقال «وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً * وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ »(١) وقال تبارك وتعالى «ادْفَعْ بِالتّي هِيَ أَحْسَنُ [ السَّيِّئَةَ ]

_________________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : ضعيف.

« صبر قليلاً » نصب قليلاً إمّا على المصدرية أو الظرفية أي صبر صبراً قليلاً أو زمانا قليلاً ، وهو زمان العمرّ أو زمان البليّة « في جميع أمورك » فإن كلّ ما يصدر عنه من الفعل والترك والعقد وكلّ ما يرد عليه من المصائب والنوائب من قبله تعالى ، أو من قبل غيره يحتاج إلى الصّبر إذ لا يمكنه تحمل ذلك بدون جهاده مع النفس والشيطان وحبس النفس عليه.

«وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ » أي من الخرافات والشتم والإيذاء «وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً » بأن تجانبهم وتداريهم ولا تكافيهم وتكلّ أمرهم إلى الله كما قال : «وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ » أي دعنّي وإياهم وكلّ إلى أمرهم فإني أجازيهم في الدنيا والآخرة «أُولِي النَّعْمَةِ » النعمة بالفتح لين الملمس أي المتنعمين ذوي الثروة في الدنيا ، وهم صناديد قريش وغيرهم.

«ادْفَعْ » أول الآية هكذا : «وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ » أي في الجزاء وحسن العاقبة « ولا » الثانيّة مزيدة لتأكيد النفي «ادْفَعْ بِالتّي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ » كذا

____________________

(١) سورة المزمل : ١٠.

١٢٧

فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَما يُلَقَّاها إلّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إلّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ »(١) فصبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى نالوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله عزَّ وجلَّ عليه : «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ

_________________________________________________

في أكثر نسخ الكتاب وتفسير عليّ بن إبراهيم ، والسيئة غير مذكورة في المصاحف وكأنهعليه‌السلام زادها تفسيراً وليست في بعض النسخ وهو أظهر ، وقيل : المعنى ادفع السيئة حيث اعترضتك بالتّي هي أحسن منها وهي الحسنة ، على أن المراد بالأحسن الزائد مطلقا أو بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات ، إنّما أخرج مخرج الاستئناف على أنّه جواب من قال كيف أصنع؟ للمبالغة ، ولذلك وضع أحسن موضع الحسنة ، كذا ذكره البيضاوي ، وقيل : اسم التفضيل مجرّد عن معناه ، أو أصل الفعل معتبر في المفضّل عليه على سبيل الفرض ، أو المعنى ادفع السيئة بالحسنة التّي هي أحسن من العفو أو المكافاة ، وتلك الحسنة هي الإحسان في مقابل الإساءة ، ومعنى التفضيل حينئذ بحاله لأن كلا من العفو أو المكافاة أيضاً حسنة إلّا أن الإحسان أحسن منهما وهذا قريب ممّا ذكره الزمخشري من أن لا غير مزيدة ، والمعنى أن الحسنة والسيئة متفاوتان في أنفسهما فخذ بالحسنة التّي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته.

«فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ » أي إذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق «وَما يُلَقَّاها » أي ما يلقي هذه السجية وهي مقابلة الإساءة بالإحسان «إلّا الَّذِينَ صَبَرُوا » فإنها تحبس النفس عن الانتقام «وَما يُلَقَّاها إلّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ » من الخير وكمال النفس ، وقيل : الحظ العظيم الجنّة ، يقال :

لقاه الشيء أي ألقاه إليه « حتّى نالوه بالعظائم » يعنّي نسبوه إلى الكذب والجنون والسحر وغير ذلك ، وافتروا عليه.

«أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ » كناية عن الغمّ «بِما يَقُولُونَ » من الشرك أو الطعن فيك

____________________

(١) سورة فصّلت : ٣٥.

١٢٨

رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ »(١) ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله عزَّ وجلَّ «قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ

_________________________________________________

وفي القرآن والاستهزاء بك وبه «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ » أي فنزه ربك عمّا يقولون ممّا لا يليق به متلبسا بحمده في توفيقك له أو فافزع إلى الله فيما نابك من الغمّ بالتسبيح والتحميد فإنهما يكشفان الغمّ عنك «وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ » للشكر في توفيقك أو رفع غمك أو كن من المصلين فإن في الصلاة قطع العلائق عن الغير «إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ » الضمير للشأن أي ما يقولون إنك شاعر أو مجنون وأشباه ذلك.

«فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ » قال الطبرسي (ره) : اختلف في معناه على وجوه : أحدها أن معناه لا يكذبونك بقلوبهم اعتقادا وإن كانوا يظهرون بأفواههم التكذيب عناداً وهو قول أكثر المفسرين ويؤيده ما روي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقي أبا جهل فصافحه أبو جهل فقيل له في ذلك؟ فقال : والله إنّي لأعلم أنّه صادق ولكنا متى كنا تبعاً لعبد مناف؟ فأنزل الله هذه الآية.

وثانيها : أن المعنى لا يكذبونك بحجّة ولا يتمكنون من إبطال ما جئت به ببرهان ، ويدلّ عليه ما روي عن عليّعليه‌السلام أنه كان يقرأ : لا يكذبونك ، ويقول : إنّ المراد بها أنّهم لا يأتون بحق هو أحقّ من حقك.

وثالثها : أن المراد لا يصادفونك كاذبا ، تقول العرب : قاتلناكم فما أجبناكم أي ما أصبناكم جبناء ، ولا يختص هذا الوجه بالقراءة بالتخفيف لأن أفعلت وفعلت يجوزان في هذا الموضع إلّا أن التخفيف أشبه بهذا الوجه.

ورابعها : أن المراد لا ينسبونك إلى الكذب فيما أتيت به لأنك كنت عندهم أمينا صادقا ، وإنمّا يدفعون ما أتيت به ويقصدون التكذيب بآيات الله ، ويقوي هذا الوجه قوله : ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ، وقوله : وكذب به قومك وهو

____________________

(١) سورة الحجر : ٩٧.

١٢٩

يَجْحَدُونَ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حتّى أَتاهُمْ نَصْرُنا »(١) فألزم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه الصّبر فتعدوا فذكر الله تبارك وتعالى وكذبوه فقال قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكر إلهي فأنزل الله عزَّ وجلَّ : «وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ

_________________________________________________

الحق ، ولم يقلّ : وكذبك قومك ، وما روي أن أبا جهل قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما نتهمك ولا نكذبك ولكننا نتهم الذي جئت به ونكذبه.

وخامسها : أن المراد أنّهم لا يكذبونك بل يكذبونني فإن تكذيبك راجع إلى ولست مختصاً به لأنّك رسول فمن رد عليك فقد رد على ، وذلك تسلية منه تعالى للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

«وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ » أي بالقرآن والمعجزات «يَجْحَدُونَ » بغير حجّة سفها وجهلاً وعناداً ، ودخلت الباء لتضمين معنى التكذيب وقال أبو عليّ : الباء تتعلق بالظالمين ، ثم زاد في تسلية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : «وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا » أي صبروا على ما نالهم منهم من التكذيب والأذى في أداء الرسالة «حتّى أَتاهُمْ نَصْرُنا » إيّاهم على المكذبين ، وهذا أمرّ منه تعالى لنبيه بالصّبر على أذى كفار قومه إلى أن يأتيه النصر كما صبرت الأنبياء ، وبعده «وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ » أي لا يقدر أحد على تكذيب خبر الله على الحقيقة ولا على إخلاف وعده «وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ » أي خبرهم في القرآن كيف أنجيناهم ونصرناهم على قومهم.

قولهعليه‌السلام : فذكروا الله ، أي نسبوا إليه ما لا يليق بجنابة «وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ » قيل : هذا إشارة إلى حسن التأني وترك التعجيل في الأمور ، وتمهيد للأمرّ بالصّبر ، وأقول : يحتمل أن يكون توطئة للصبر على وجه آخر ، وهو بيان عظم قدرته وأنه قادر على الانتقام منهم «وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ » أي من تعب وإعياء ، وهو رد لما

____________________

(١) سورة الأنعام : ٣٣.

١٣٠

فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ »(١) فصبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع أحواله ثمّ بشرّ في عترته

_________________________________________________

زعمت اليهود من أنّه تعالى بدء خلق العالم يوم الأحد ، وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم السّبت واستلقى على العرش «فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ » أي ما يقول المشركون من إنكارهم البعث ، فإن من قدر على خلق العالم بلا إعياء قدر على بعثهم والانتقام منهم أو ما يقول اليهود من الكفر والتشبيه.

قولهعليه‌السلام : ثم بشّر ، على بناء المجهول وقبل الآية في سورة التنزيل هكذا ، «وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً » وفي أكثر نسخ الكتاب وجعلناهم وكأنه تصحيف ، وفي بعضها : جعلنا منهم ، كما في المصاحف.

ثم إنّه يرد عليه أن الظاهر من سياق الآية رجوع ضمير منهم إلى بني إسرائيل فكيف تكون بشارة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عترته وكيف وصفوا بالصبر؟

والجواب ما عرفت أن ذكر القصص في القرآن لإنذار هذه الأمّة وتبشيرهم ، مع أنه قد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنه يقع في هذه الأمّة ما وقع في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، فذكر قصّة موسى وإيتائه الكتاب وجعل الأئمّة من بني إسرائيل أي هارون وأولاده ، ذكر نظير لبعثة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإيتائه القرآن وجعل الأئمّة من أخيه وابن عمه وأولاده كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، وقد يقال : إن قوله : «فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ » المراد به لا تكن في تعجب من سقوط الكتاب بعدك وعدم عمل الأمّة به فإنا نجعل بعدك أمة يهدون بالكتاب كما جعلنا في بني إسرائيل أئمة يهدون بالتوراة.

والمفسرون ذكروا فيه وجوها : الأوّل أن المعنى لا تكن في شك من لقائك موسى ليلة الأسرى ، الثاني : من لقاء موسى الكتاب ، الثالث : من لقائك الكتاب ،

____________________

(١) سورة ق : ٣٨.

١٣١

بالأئمّة ووصفوا بالصّبر فقال جلّ ثناؤه «وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ »(١) فعند ذلك قالصلى‌الله‌عليه‌وآله الصّبر من الإيمان كالرأس من الجسد فشكر الله عزَّ وجلَّ ذلك له فأنزل الله عزَّ وجلَّ : «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا

_________________________________________________

الرابع : من لقائك الأذى كما لقي موسى الأذى.

« وجعلناه » أي موسى أو المنزل عليه «يَهْدُونَ » أي النّاس إلى ما فيه من الحكم والأحكام «بِأَمْرِنا » إياهم أو بتوفيقنا لهم «لَمَّا صَبَرُوا » أي لصبرهم على الطّاعة أو على أذى القوم أو عن الدنيا وملاذها كما قيل «وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ » لا يشكون في شيء منها ، ويعرفونها حق المعرفة.

« فشكر الله ذلك له » إشارة إلى الصّبر على جميع الأحوال وذلك القول الدال على الرّضا بالصّبر ، وشكر الله تعالى لعباده عبارة عن قبول العمل ومقابلته بالإحسان والجزاء في الدنيا والآخرة «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ » صدر الآية : «وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ » يعنّي بني إسرائيل في ظهر الآية فإن القبط كانوا يستضعفونهم فأورثهم الله بأن مكنهم وحكم لهم بالتصرف ، وأباح لهم بعد إهلاك فرعون وقومه «مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا » أي أرض الشام شرقها وغربها ، أو أرض الشام ومصر ، وقيل : كلّ الأرض لأن داود وسليمان كانا منهم وملكاً الأرض التّي باركنا فيها بإخراج الزرع والثمار وضروب المنافع «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ » قال الطبرسي (ره) : معناه صحّ كلام ربك بإنجاز الوعد بإهلاك عدوهم واستخلافهم في الأرض ، وإنما كان الإنجاز تمإمّا للكلام لتمام النعمة به ، وقيل : إن كلمة الحسنى قوله سبحانه : «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ » إلى قوله : «يَحْذَرُونَ » وقال : الحسنى ، وإن كانت كلمات الله كلّها حسنة لأنّها وعد بما يحبون ، وقال الحسن : أراد وعد الله لهم بالجنّة «بِما صَبَرُوا » على أذى فرعون وقومه «وَدَمَّرْنا ما

____________________

(١) سورة السجدة : ٢٤.

١٣٢

يَعْرِشُونَ »(١) فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّه بشرى وانتقام ، فأباح الله عزَّ وجلَّ له قتال المشركين فأنزل [ الله ] «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كلّ مَرْصَدٍ »(٢) «وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ »(٣) فقتلهم الله على يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

_________________________________________________

كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ » أي أهلكنا ما كانوا يبنون من الأبنيّة والقصور والديار «وَما كانُوا يَعْرِشُونَ » من الأشجار والأعناب والثمار ، وقيل : يعرشون يسقفون من القصور والبيوت «فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنه بشرى» أي لي ولا صحابي «وانتقام» من أعدائي ووجه البشارة ما مرّ أن ذكر هذه القصّة تسلية للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأني أنصرك على أعدائك وأهلكهم وأنصر الأئمّة من أهل بيتك على الفراعنة الذين غلبوا عليهم وظلموهم في زمن القائمعليه‌السلام وأملكهم جميع الأرض ، فظهر الآية لموسى وبني إسرائيل ، وبطنها لمحمّد وآل محمّد صلى الله وعليه وآله وسلم.

«فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ » الآية هكذا : «فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ » قيل : أي من حل وحرّم «وَخُذُوهُمْ » أي وأسروهم والأخيذ الأسير «وَاحْصُرُوهُمْ » أي واحبسوهم أو حيلوا بينهم وبين المسجد الحرام «وَاقْعُدُوا لَهُمْ كلّ مَرْصَدٍ » أي كلّ ممرّ لئلا ينتشروا في البلاد ، وانتصابه على الظرف ، وقال تعالى في سورة البقرة : «وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحبّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ » يقال ثقفه أي صادفه أو أخذه أو ظفر به أو أدركه.

« فقتلهم الله » أي في غزوة بدر وغيرها « وعجل له الثواب ثواب صبره » وفي بعض النسخ وجعل له ثواب صبره والأوّل أظهر وموافق للتفسير ، والحاصل أن هذه النصرة

____________________

(١) سورة الأعراف : ١٣٦.

(٢) سورة التوبة : ٦.

(٣) سورة البقرة : ١٩١.

١٣٣

وأحبّائه وجعل له ثواب صبره مع ما ادّخر له في الآخرة فمن صبر واحتسب لم يخرج من الدنيا حتّى يقرّ [ الله ] له عينه في أعدائه ، مع ما يدّخر له في الآخرة.

٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن أبي محمّد عبد الله السراج رفعه إلى عليّ بن الحسينعليه‌السلام قال الصّبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا إيمان لمن لا صبر له.

٥ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعيّ بن عبد الله ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الصّبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصّبر ذهب الإيمان.

٦ - عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن عليّ بن النّعمان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن الحر حر على جميع أحواله إن نابته نائبة صبر لها وإن تداكت عليه المصائب

_________________________________________________

وقتل الأعداء كان ثواباً عاجلاً على صبره منضمّاً مع ما ادّخر له في الآخرة من مزيد الزلفى والكرامة « واحتسب » أي كان غرضه القربة إلى الله ليكون محسوباً من أعماله الصالحة « حتّى يقر الله عينه » أي يسرّه في أعدائه بنصره عليهم مع ما يدّخر له في الآخرة من الأجر الجميل والثواب الجزيل.

الحديث الرابع : مجهول مرفوع.

الحديث الخامس : حسن كالصحيح وقد مرّ بعينه بسند آخر.

الحديث السادس : صحيح.

والحر ضدّ العبد والمراد هنا من نجا في الدنيا من رق الشهوات النفسانيّة وأعتق في الآخرة من أغلال العقوبات الربانيّة فهو كالأحرار عزيز غنيّ في جميع الأحوال.

قال الراغب : الحرّ خلاف العبد والحرية ضربان : الأوّل من لم يجر عليه حكم السبي نحو «الْحُرُّ بِالْحُرِّ » والثاني من لم يتملكه قواه الذميمة من الحرص

١٣٤

لم تكسره وإن أسر وقهر واستبدل باليسر عسراً كما كان يوسف الصدّيق الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يضرر حرّيته أن استعبد وقهر وأسر ولم تضرّره ظلمة الجبّ ووحشته وما ناله أن من الله عليه فجعل الجبّار العاتي له عبداً بعد إذ كان له مالكاً

_________________________________________________

والشرّه على المقتنيات الدنيوية ، وإلى العبودية التّي تضاد ذلك ، أشار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الدينار ، وقول الشاعر : « ورق ذوي الأطماع رق مخلد » ، وقيل : عبد الشهوة أذل من عبد الرق ، انتهى.

وفي القاموس : الحر بالضمّ خلاف العبد ، وخيار كلّ شيء والفرس العتيق ، ومن الطين والرمل الطيب.

« إن نابته نائبة صبر لها » أي إن عرض له حادثة أو نازلة أو مصيبة صبر عليها أو حمل عليه مال يؤخذ منه أداه ولا يذل نفسه بالبخل فيه ، قال في النهاية : في حديث خيبر قسمها نصفين نصفا لنوائبه ونصفا بين المسلمين ، النوائب جمع النائبة وهي ما ينوب الإنسان أي ينزل به من المهمات والحوادث ، وقد نابه ينوبه نوبا ومنه الحديث : احتاطوا لأهل الأموال في النائبة والواطية أي الأضياف الذين ينوبونهم.

« وإن تداكت عليه المصائب » أي اجتمعت وازدحمت ، قال في النهاية : وفي حديث عليّعليه‌السلام : ثم تداككتم على تداكك الإبل الهيم على حياضها ، أي ازدحمتم وأصل الدك الكسر ، انتهى.

« لم تكسره » أي لم تعجزه عن الصّبر ولم تحمله على الجزع وترك الرّضا بقضاء الله تعالى« وإن أسر » إن وصلية « واستبدل باليسر عسراً » عطف على أسر ، وفي بعض النسخ واستبدل بالعسر يسراً فهو عطف على قوله لم تكسره فتكون غاية للصبر « إن استبعد » على بناء المجهول فاعل لم يضرر ، والمراد بحريته عزه ورفعته وصبره على تلك المصائب ورضاه بقضاء الله واختياره طاعة الله وعدم تذلله للمخوقين « وما ناله » أي من ظلم الإخوان وسائر الأحزان « أن من الله » أي في أن من الله أو هو بدل اشتمال

١٣٥

_________________________________________________

للضمير في لم تضرره أو بتقدير إلى فالظرف متعلّق بلم تضرر في الموضعين على سبيل التنازع.

وأقول : يحتمل أن يكون ما ناله عطفاً على الضمير في لم يضرره ، وأن من الله بيانا لما بتقدير من أو بدلا منه ، فيحتمل أن يكون فاعل نال يوسفعليه‌السلام وقيل : اللام فيه مقدر أي لأن من الله فيكون تعليلاً لقوله : لم تضرر في الموضعين أو ما ناله مبتدأ وأن من الله خبره ، والجملة معطوفة على لم تضرره أو يكون الواو بمعنى مع ، أي لم تضرره ذلك مع ما ناله وأن من بيان لما.

والعاتي من العتو بمعنى التجبر والتكبر والتجاوز عن الحد ، والجبّار بائعه في مصر أو العزيز فالمراد بصيرورته عبداً له أنه صار مطيعاً له ، مع أنه قد روى الثعلبي وغيره أن ملك مصر كان ريان بن الوليد والعزيز الذي اشترى يوسفعليه‌السلام كان وزيره وكان اسمه قطفير فلما عبر يوسف رؤيا الملك عزل قطفير عمّا كان عليه وفوض إلى يوسف أمرّ مصر وألبسه التاج وأجلسه على سرير الملك وأعطاه خاتمه وهلك قطفير في تلك اللّيالي فزوج الملك يوسف زليخا امرأة قطفير ، وكان اسمها راعيل فولدت له ابنين أفراثيم وميشا فلما دخلت السنة الأولى من سني الجدب هلك فيها كلّ شيء أعدوه في السنين المخصبة فجعل أهل مصر يبتاعون من يوسف الطعام فباعهم أول سنة بالنقود حتّى لم يبق بمصر دينار ولا درهم إلّا قبضه ، وباعهم السنة الثانيّة بالحلي والجواهر حتّى لم يبق في أيدي النّاس منها شيء ، وباعهم السنة الثالثة بالمواشي والدواب حتّى احتوى عليها أجمع وباعهم السنة الرابعة بالعبيد والإماء حتّى لم يبق عبد ولا أمة في يد أحد ، وباعهم السنة الخامسة بالضياع والعقار والدور حتّى احتوى عليها ، وباعهم السنة السادسة بأولادهم حتّى استرقّهم وباعهم السنة السابعة برقابهم حتّى لم تبق بمصر حر ولا حرة إلّا صار عبداً له ، ثم استأذن الملك وأعتقهم كلّهم

١٣٦

فأرسله ورحم به أمّة وكذلك الصّبر يعقّب خيراً فاصبروا ووطنّوا أنفسكم على الصّبر توجروا.

٧ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن عبد الله بن بكير ، عن حمزة بن حمران ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الجنّة محفوفة بالمكاره

_________________________________________________

وردّ أموالهم إليهم ، فظهر أن الله ملكه جميع أهل مصر وأموالهم عوضاً عن مملوكيّته صلوات الله عليه لهم ، فهذه ثمرة الصّبر والطاعة.

والمراد بإرساله إرساله إلى الخلق بالنبوة وبرحم الأمّة به نجاتهم عن العقوبة الأبديّة بإيمانهم به أو عن القحط والجوع أو الأعمّ.

« وكذلك الصّبر يعقب خيراً » يعقب على بناء الأفعال قال الراغب : أعقبه كذا أورثه ذلك قال تعالى : «فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ »(١) وفلان لم يعقب أي لم يترك ولدا ، انتهى.

أي كما أن صبر يوسفعليه‌السلام أعقب خيراً عظيما له كذلك صبر كلّ أحد يعقب خيراً له ، ومن ثم قيل : اصبر تظفر ، وقيل :

إني رأيت للأيام تجربة

للصبر عاقبة محمودة الأثر

وقل من جد في أمرّ يطالبه

فاستصحبّ الصّبر إلّا فاز بالظفر

الحديث السابع : مجهول.

ومضمونه متفق عليه بين الخاصّة والعامّة ، فقد روى مسلم عن أنس قال : قال رسول اللهعليه‌السلام : حفت الجنّة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات ، وهذا من بديع كلامه ، وقال الراوندي في ضوء الشهاب يقال : حف القوم حول زيد إذا أطافوا به ، واستداروا وحففته بشيء أي أدرته عليه ، يقال : حففت الهودج بالثياب ، ويقال : إنه مشتق من حفا في الشيء أي جانبيه ، يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المكاره مطيفة محدقة بالجنة

____________________

(١) سورة التوبة : ٧٧.

١٣٧

والصّبر فمن صبر على المكاره في الدّنيا دخل الجنّة وجهنّم محفوفة باللذات والشهوات فمن أعطى نفسه لذّتها وشهوتها دخل النار.

٨ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن مرحوم ، عن أبي سيّار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا دخل المؤمن في قبره كانت الصلاة عن يمينه

_________________________________________________

وهي الطاعات ، والشهوات محدقة مستديرة بالنار وهي المعاصي وهذا مثل يعنّي أنك لا يمكنك نيل الجنّة إلّا باحتمال مشاق ومكاره وهي فعل الطاعات والامتناع عن المقبحات ولا التفصي عن النار إلّا بترك الشهوات وهي المعاصي التّي تتعلق الشهوة بها فكان الجنّة محفوفة بمكاره تحتاج أن تقطعها بتكلفها والنار محفوفة بملاذ وشهوات تحتاج أن تتركها.

وروي أن الله تعالى لما خلق الجنّة قال لجبرئيلعليه‌السلام : انظر إليها فلما نظر إليها قال : يا رب لا يتركها أحد إلّا دخلها فلما حفها بالمكاره قال : انظر إليها فلما نظر إليها قال : يا رب أخشى أن لا يدخلها أحد ولما خلق النار قال له : انظر إليها فلما نظر إليها قال : يا رب لا يدخلها أحد فلمّا حفها بالشهوات قال : انظر إليها فلما نظر إليها قال يا رب أخشى أن يدخلها كلّ أحد.

وفائدة الحديث إعلام أن الأعمال المفضية إلى الجنّة مكروهة قرنا الله بها الكراهة وبالعكس منها الأعمال الموصلة إلى النار قرن بها الشهوة ليجاهد الإنسان نفسه فيحتمل تلك ويجتنب هذه.

الحديث الثامن : كالسابق.

والبر يطلق على مطلق أعمال الخير وعلى مطلق الإحسان إلى الغير وعلى الإحسان إلى الوالدين أو إليهما وإلى ذوي الأرحام ، والمراد هنا أحد المعاني سوى المعنى الأوّل ، قال الراغب : البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشتق منه البر أي التوسع في فعل الخير وينسب ذلك إلى الله تارة نحو «إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرّحيم » و

١٣٨

والزكاة عن يساره والبرّ مطل عليه ويتنحّى الصّبر ناحية فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصّبر للصلاة والزكاة والبرّ دونكم صاحبكم فإنّ عجزتم عنه فأنا دونه.

٩ - عليّ ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ ، عن عبد الله بن ميمون ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال دخل أمير المؤمنين صلوات الله عليه المسجد فإذا هو برجل على باب المسجد كئيب حزين فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام ما لك قال يا أمير المؤمنين أصبت بأبي [ وأمّي ] وأخي وأخشى أن أكون قد وجلت فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام عليك بتقوى الله والصّبر تقدم عليه غداً والصّبر في الأمور بمنزلة الرأس

_________________________________________________

إلى العبد تارة فيقال برّ العبد ربّه أي توسع في طاعته فمن الله تعالى الثواب ومن العبد الطّاعة ، وبرّ الوالدين التوسع في الإحسان إليهما وضدّه العقوق « مطل » بالطاء المهملة من قولهم اطل عليهم أي أشرف ، وفي بعض النسخ بالمعجمة وهو قريب المعنى من الأوّل لكن التعدية بعلى بالأوّل أنسب « دونكم » اسم فعل بمعنى خذوا ، ويدلّ ظاهرا على تجسم الأعمال والأخلاق في الآخرة ومن أنكره يأوله وأمثاله بأن الله تعالى يخلق صورا مناسبة للأعمال يريه إياها لتفريحه أو تحزينه ، أو الكلام مبني على الاستعارة التمثيلية وتنحي الصّبر وتمكنه في إعانته يناسب ذاته فتفطن.

الحديث التاسع : كالسّابق أيضا.

« أصبت » على بناء المجهول « بأبي وأخي » أي ماتا « وأخشى أن أكون قد وجلت » الوجلَّ : استشعار الخوف وكان المعنى أخشى أن يكون حزني بلغ حداً مذموماً شرعاً فعبر عنه بالوجلَّ أو أخشى أن تنشق مرارتي من شدّة الألم أو أخشى الوجلَّ الذي يوجب الجنون « عليك » اسم فعل بمعنى الزم والباء للتقوية « بتقوى الله » أي في الشكاية والجزع وغيرهما ممّا يوجب نقص الإيمان ، وكأنه إشارة إلى قوله تعالى : «وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ »(١) .

« تقدم » على بناء المعلوم من باب علم بالجزم جزاء للأمرّ في « عليك » أو

____________________

(١) سورة آل عمران : ١٨٦.

١٣٩

من الجسد ، فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد وإذا فارق الصّبر الأمور فسدت الأمور.

١٠ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قال لي ما حبسك عن الحجّ قال قلت جعلت فداك وقع عليّ دين كثير وذهب مالي وديني الذي قد لزمنّي هو أعظم من ذهاب مالي فلو لا أن رجلا من أصحابنا أخرجني ما قدرت أن أخرج فقال لي إن تصبر تغتبط وإلّا تصبر ينفذ الله مقاديره راضياً كنت أم كارها.

١١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ، عن

_________________________________________________

بالرفع استئنافاً بيانيّاً وضمير « عليه » راجع إلى الصّبر بتقدير مضاف أي جزاءه ، أو إلى الله أي ثوابه ، وقيل : إلى كلّ من الأب والأخ ، فإن فوته جزءاً خير للعلة أو إلى الأب لأنّه الأصل والكلّ بعيد.

« غداً » أي في القيامة أو عند الموت أو سريعا.

الحديث العاشر : موثق.

والاغتباط مطاوع غبطه ، تقول : غبطه أغبطه غبطاً وغبطه فاغتبط هو كمنعته فامتنع ، والغبطة إن تتمنى حال المغبوط لكونها في غاية الحسن من غير أن تريد زوالها عنه ، وهذا هو الفرق بينها وبين الحسد ، وفي القاموس : الغبطة بالكسر حسن الحال والمسرة وقد اغتبط ، وقال : الاغتباط : التبهج بالحال الحسنة ، انتهى.

والاغتباط إمّا في الآخرة بجزيل الأجر وحسن الجزاء ، وفي الدنيا أيضاً بتبديل الضراء بالسراء ، فإن الصّبر مفتاح الفرج ، وقد قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أضيق ما يكون الحرج أقرب ما يكون الفرج ، مع أن الكاره تزداد مصيبته فإنّ فوات الأجر مصيبة أخرى ، والكراهة الموجبة لحزن القلب مصيبة عظيمة ، ومن ثم قيل : المصيبة للصابر واحدة وللجازع اثنتان ، بل له أربع مصيبات الثلاثة المذكورة وشماتة الأعداء ، ومن ثم قيل : الصّبر عند المصيبة مصيبة على الشامت.

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

١٤٠