مرآة العقول الجزء ٨

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 437

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 437
المشاهدات: 18754
تحميل: 8660


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 437 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18754 / تحميل: 8660
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 8

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً »(١) .

١٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن معمرّ بن خلاد قال سمعت أبا الحسن صلوات الله عليه يقول من حمد الله على النعمة فقد شكره وكان الحمد أفضل من تلك النعمة.

١٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد ، عن عليّ بن الحكم ، عن صفوان الجمّال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال لي ما أنعم الله على عبد بنعمة صغرت أو كبرت فقال الحمد لله إلّا أدى شكرها.

_________________________________________________

الأمور «رَبِّ أَدْخِلْنِي » قيل : أي أدخلني في جميع ما أرسلتني به إدخال صدق وأخرجني منه سالما إخراج صدق ، أي أعنّي على الوحي والرسالة ، وقيل : معناه أدخلني المدينة وأخرجني منها إلى مكة للفتح ، وقيل : إنه أمرّ بهذا الدّعاء إذا دخل في أمرّ أو خرج من أمرّ ، وقيل : أي أدخلني القبر عند الموت مدخل صدق وأخرجني منه عند البعث مخرج صدق ، ومدخل الصّدق ما تحمد عاقبته في الدنيا والدين «وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً » أي عزا أمتنع به ممّن يحاول صدي عن إقامة فرائضك ، وقوة تنصرني بها على من عاداني ، وقيل : اجعل لي ملكاً عزيزاً أقهر به العصاة فنصر بالرعب ، وقد ورد قراءتها عند الدخول على سلطان ، والتقريب في كونه شكراً ما مر.

الحديث الثالث عشر : صحيح.

« وكان الحمد » أي توفيق الحمد نعمة أخرى أفضل من النعمة الأولى ، ويستحقّ بذلك شكراً آخر فلا يمكن الخروج عن عهدة الشكر ، فمنتهى الشكر الاعتراف بالعجز ، أو المعنى أن أصل الحمد أفضل له من تلك النعمة لأن ثمراته الدنيوية والأخروية له أعظم.

الحديث الرابع عشر : كالسابق.

____________________

(١) سورة الإسراء ٨٠.

١٦١

١٥ - أبو عليّ الأشعري ، عن عيسى بن أيّوب ، عن عليّ بن مهزيار ، عن القاسم بن محمّد ، عن إسماعيل بن أبي الحسن ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أنعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه فقد أدّى شكرها.

١٦ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي بصير قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن الرّجل منكم ليشرب الشربة من الماء فيوجب الله له بها الجنّة ثم قال إنه ليأخذ الإناء فيضعه على فيه فيسمّي - ثم يشرب فينحيه وهو يشتهيه فيحمد الله ثم يعود فيشرب ثم ينحيه فيحمد الله ثم يعود فيشرب ثم ينحيه فيحمد الله فيوجب الله عزَّ وجلَّ بها له الجنة.

١٧ - ابن أبي عمير ، عن الحسن بن عطيّة ، عن عمرّ بن يزيد قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني سألت الله عزَّ وجلَّ أن يرزقني مإلّا فرزقني وإني سألت الله أن يرزقني ولدا فرزقني ولدا وسألته أن يرزقني دارا فرزقني وقد خفت أن يكون

_________________________________________________

الحديث الخامس عشر : ضعيف.

« فعرفها بقلبه » أي عرف قدر تلك النعمة وأنّ الله هو المنعم بها.

الحديث السادس عشر : حسن أو موثق.

ويدلّ على استحباب تثليث الشرب ، واستحباب الافتتاح بالتسمية مرة والاختتام بالتحميد ثلاثاً وسيأتي في أبواب الشرب في صحيحة ابن سنان تثليث التحميد من غير تسمية ، وفي رواية أخرى عن عمرّ بن يزيد الافتتاح والاختتام بالتسمية والتحميد في كلّ مرة وهو أفضل.

قولهعليه‌السلام : فيضعه ، أي يريد وضعه أو يقرب وضعه على مجاز المشارفة إذ لا تسمية بعد الوضع.

الحديث السابع عشر : حسن كالصحيح.

وقال في القاموس : استدرجه خدعه وأدناه كدرجة واستدراجه تعالى العبد

١٦٢

ذلك استدراجاً ، فقال : إمّا - والله - مع الحمد فلا.

١٨ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشاء ، عن حمّاد بن عثمان قال خرج أبو عبد اللهعليه‌السلام من المسجد وقد ضاعت دابته فقال لئن ردها الله عليّ لأشكرن الله حق شكره قال فما لبث أن أتي بها فقال الحمد لله فقال له قائل جعلت فداك أليس قلت لأشكرن الله حق شكره فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام ألم تسمعنّي قلت الحمد لله.

١٩ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن رأشدّ ، عن المثنى الحناط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا ورد عليه أمرّ يسره قال الحمد لله على هذه النعمة وإذا ورد عليه أمرّ يغتم به قال - الحمد لله على كلّ حال.

_________________________________________________

أنّه كلّما جدد خطيئة جدد له نعمة وأنساه الاستغفار ، أو أن يأخذه قليلاً قليلاً ولا يباغته.

الحديث الثامن عشر : ضعيف على المشهور.

ويدلّ على أن قول الحمد لله ، أفضل أفراد الحمد اللساني ، وكفى به فضلاً افتتاحه سبحانه كتابه به ، مع أنه على الوجه الذي قالهعليه‌السلام مقروناً بغاية الإخلاص والمعرفة كان حق الشكر له تعالى.

الحديث التاسع عشر : ضعيف.

« يغتم به » على بناء المعلوم وقد يقرأ على المجهول « الحمد لله على كلّ حال » أي هو المستحقّ للحمد على النعمة والبلاء ، لأن كلّ ما يفعله الله بعبده ففيه لا محالة صلاحه.

قيل : في كلّ بلاء خمسة أنواع من الشكر.

الأوّل : يمكن أن يكون دافعا أشدّ منه كما أن موت دابته دافع لموت نفسه فينبغي الشكر على عدم ابتلائه بالأشد.

١٦٣

٢٠ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب الخزاز ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال تقول ثلاث مرات إذا نظرت إلى المبتلى من غير أن تسمعه - الحمد لله الذي عافاني ممّا ابتلاك به ولو شاء فعل قال من قال ذلك لم يصبه ذلك البلاء أبدا.

٢١ - حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن حفص الكناسي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما من عبد يرى مبتلى فيقول - الحمد لله الذي عدل عنّي ما ابتلاك به وفضلني عليك بالعافية اللهم عافني ممّا ابتليته به إلّا لم يبتل بذلك البلاء.

_________________________________________________

الثّاني : أنّ البلاء إمّا كفّارة للذنوب أو سبب لرفع الدرجة فينبغي الشكر على كلّ منهما.

الثالث : أن البلاء مصيبة دنيوية فينبغي الشكر على أنه ليس مصيبة دينيّة ، وقد نقل أن عيسىعليه‌السلام مرّ على رجل أعمى مجذوم مبروص مفلوج فسمع منه يشكر ويقول الحمد لله الذي عافاني من بلاء ابتلى به أكثر الخلق فقالعليه‌السلام : ما بقي من بلاء لم يصبك؟ قال : عافاني من بلاء هو أعظم البلايا وهو الكفر فمسهعليه‌السلام فشفاه الله من تلك الأمراض وحسن وجهه ، فصاحبه وهو يعبد معه.

الرابع : أن البلاء كان مكتوبا في اللوح المحفوظ وكان في طريقه لا محالة فينبغي الشكر على أنه مضي ووقع خلف ظهره.

الخامس : أن بلاء الدنيا سبب لثواب الآخرة وزوال حبّ الدنيا من القلب فينبغي الشكر عليها.

الحديث العشرون : حسن كالصحيح.

« إلى المبتلي » قد يقال يعم المبتلي بالمعصية أيضاً إلّا أن عدم الإسماع لا يناسبه من غير أن تسمعه لئلا ينكسر قلبه ويكون موهما للشماتة.

الحديث الحادي والعشرون : مرسل.

١٦٤

٢٢ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عثمان بن عيسى ، عن خالد بن نجيح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا رأيت الرّجل وقد ابتلي وأنعم الله عليك فقل - اللهم إني لا أسخر ولا أفخر ولكن أحمدك على عظيم نعمائك علي.

٢٣ - عنه ، عن أبيه ، عن هارون بن الجهم ، عن حفص بن عمرّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا رأيتم أهل البلاء فاحمدوا الله ولا تسمعوهم فإن ذلك يحزنهم.

٢٤ - عنه ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان في سفر يسير على ناقة له إذا نزل فسجد خمس سجدات فلما أن ركب قالوا يا رسول الله إنا رأيناك صنعت شيئاً لم تصنعه فقال نعم استقبلني - جبرئيلعليه‌السلام فبشرني ببشارات من الله عزَّ وجلَّ فسجدت لله شكراً لكلّ بشرى سجدة.

٢٥ - عنه ، عن عثمان بن عيسى ، عن يونس بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا ذكر أحدكم نعمة الله عزَّ وجلَّ فليضع خده على التراب شكراً لله فإن

_________________________________________________

الحديث الثاني والعشرون : مجهول.

« لا أسخر » أي لا أستهزئ ، يقال : سخر منه وبه كفرح هزأ والمعنى لا أسخر من هذا المبتلي بابتلائه بذلك ولا أفخر عليه ببراءتي منه.

الحديث الثالث والعشرون : مجهول.

الحديث الرابع والعشرون : موثق.

ويدلّ على استحباب سجدة الشكر عند تجدّد كلّ نعمة والبشارة بها ، ولا خلاف فيه بين أصحابنا وإن أنكره المخالفون خلافاً للشّيعة مع ورودها في رواياتهم كثيراً وسيأتي في كتاب الصّلاة إنشاء الله.

الحديث الخامس والعشرون : مجهول.

ويدلّ على استحباب وضع الخدّ في سجدة الشكر وعلى استحبابها عند تذكّر

١٦٥

كان راكباً فلينزل فليضع خدَّه على التراب وإن لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خدَّه على قربوسه وإن لم يقدر فليضع خدَّه على كفه ثم ليحمد الله على ما أنعم عليه.

٢٦ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عليّ بن عطيّة ، عن هشام بن أحمرّ قال كنت أسير مع أبي الحسنعليه‌السلام في بعض أطراف المدينة إذ ثنى رجله عن دابته فخر ساجداً فأطال وأطال ثم رفع رأسه وركب دابته فقلت جعلت فداك قد أطلت السجود فقال إنني ذكرت نعمة أنعم الله بها عليّ فأحببت أن أشكر ربي.

٢٧ - عليّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي عبد الله صاحبّ السابري فيما أعلم أو غيره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال فيما أوحى الله عزَّ وجلَّ إلى موسىعليه‌السلام يا موسى اشكرني حق شكري فقال يا رب وكيف أشكرك حق شكرك وليس

_________________________________________________

النّعم أيضاً ، ولو كان بعد حدوثها بمدّة وعلى استحباب حمد الله فيها.

الحديث السادس والعشرون : حسن كالصحيح.

ويدلّ على فوريّة سجدة الشكر وعلى أنّهمعليهم‌السلام يذهلون عن بعض الأمور في بعض الأحيان وكان هذا ليس من السهو المتنازع فيه.

الحديث السابع والعشرون : مجهول.

تقول أديّت حقّ فلان إذا قابلت إحسانه بإحسان مثله ، والمراد هنا طلب أداء شكر نعمته على وجه التفصيل وهو لا يمكن من وجوه :

الأوّل : أنّ نعمه غير متناهية لا يمكن إحصاؤها تفصيلا فلا يمكن مقابلتها بالشكر.

الثاني : أنّ كلّ ما نتعاطاه مستند إلى جوارحنا وقدرتنا من الأفعال فهي في الحقيقة نعمة وموهبة من الله تعالى ، وكذلك الطاعات وغيرها نعمة منه ، فتقابل نعمته

١٦٦

من شكر أشكرك به إلّا وأنت أنعمت به عليّ ؟ قال يا موسى الآن شكرتني حين علمت أنَّ ذلك منّي.

٢٨ - ابن أبي عمير ، عن ابن رئاب ، عن إسماعيل بن الفضل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرّات « اللّهمّ ما أصبحت بي من نعمة أو عافية من دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك لك الحمد ولك الشكر بها عليّ

_________________________________________________

بنعمته.

الثالث : أن الشكر أيضاً نعمة منه حصل بتوفيقه فمقابلة كلّ نعمة بالشكر يوجب التسلسل والعجز ، وقول موسىعليه‌السلام يحتمل كلا من الوجهين الأخيرين ، وقد روي هذا عن داودعليه‌السلام أيضاً حيث قال : يا رب كيف أشكرك وأنا لا أستطيع أن أشكرك إلّا بنعمة ثانيّة من نعمك ، فأوحى الله تعالى إليه : إذا عرفت هذا فقد شكرتني.

الحديث الثامن والعشرون : حسن كالصحيح.

« ما أصبحت بي » الإصباح الدخول في الصبّاح ، وقد يراد به الدخول في الأوقات مطلقا ، وعلى الأوّل ذكره على المثال ، فيقول في المساء ما أمست وما موصولة مبتدأ ، والظرف مستقر والباء للملابسة أي متلبسا بي فهو حال عن الموصول ، و « من نعمة » بيان له ولذا أنث الضمير العائد إلى الموصول في أصبحت رعاية للمعنى ، وفي بعض الرّوايات أصبح رعاية للفظ ، وقوله : فمنك ، خبر الموصول والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط وربمّا يقرأ منك بفتح الميم وتشديد النون وهو تصحيف. « حتّى ترضى » المراد به أول مراتب الرّضا ، « وبعد الرّضا » أي سائر مراتبه فإن كان المراد بقوله لك الحمد ولك الشكر إنك تستحقهما يكون أول مراتب الرّضا دون الاستحقاق ، فإن الله سبحانه يرضى بقليل ممّا يستحقّه من الحمد والشكر والطّاعة ، وإن كان

١٦٧

يا ربّ حتّى ترضى وبعد الرّضا » فإنّك إذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم وفي تلك اللّيلة.

٢٩ - ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان نوحعليه‌السلام يقول ذلك إذا أصبح فسمّي بذلك عبداً شكوراً ، وقال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من صدق الله نجا

_________________________________________________

المراد لك منّي الحمد والشكر أي أحمدك وأشكرك فلا يحتاج إلى ذلك « كنت قد أديت » أي يرضي الله منك بذلك لا أنك أديت ما يستحقّه.

الحديث التاسع والعشرون : كالسابق.

« يقول ذلك » أي الدّعاء المذكور في الحديث السّابق وسيأتي في كتاب الدّعاء أن نوحاعليه‌السلام كان يقول ذلك عند الصبّاح وعند المساء ، والأخبار في ذلك كثيرة بأدنى اختلاف أوردتها في الكتاب الكبير.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من صدق الله نجا ، معناه أنه إذا أظهر العبد حالة عند الله وكان صادقاً في ذلك بحيث لا يعتقد ولا يعمل ما يخالفه يصير سبب نجاته من مهالك الدنيا والآخرة ، ولعلّ ذكره في هذا المقام لبيان أن نوحاعليه‌السلام كان صادقاً فيما ادعى في هذا الدّعاء من أن جميع النعم الواصلة إلى العبد من الله تعالى وأنه متوحد بالإنعام والربوبية واستحقاق الحمد والشكر والطّاعة ، فكان موقنا بجميع ذلك ولم يأت بما ينافيه من التوسل إلى المخلوقين ورعاية رضاهم دون رضا رب العالمين ، أو معه ، فلذلك صار سبباً لنجاته وتسمية الله له شكورا ، وربمّا يقرأ صدق على بناء التفعيل كما قال بعض الأفاضل لعلهعليه‌السلام أشار بآخر الحديث إلى تسمية نوحعليه‌السلام بنحي الله ، ويستفاد منه أن هذه الكلمات تصديق لله سبحانه فيما وصف الله به نفسه ، وشهد به من التوحيد.

وقال آخر : تصديقه في تكاليفه عبارة عن الإقرار بها والإتيان بمقتضاها وفي

١٦٨

٣٠ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن المنقري ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمّار الدّهني قال : سمعت عليّ بن الحسينعليه‌السلام يقول إنّ الله يحبُّ كلّ قلب حزين ويحبّ كلّ عبد شكور يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده يوم

_________________________________________________

نعمائه عبارة عن معونتها بالقلب ومقابلتها بالشكر والثّناء ، انتهى.

ولا يخفى أنّ ما ذكرنا أظهر.

الحديث الثلاثون : ضعيف.

« كلّ قلب حزين » أي لأمور الآخرة متفكّر فيها وفيما ينجي من عقوباتها غير غافل عمّا يراد بالمرء ومنه لا محزون بأمور الدنيا وإن احتمل أن يكون المعنى إذا أحبّ الله عبداً ابتلاه بالبلايا فيصير محزوناً ، لكنه بعيد.

« كلّ عبد شكور » أي كثير الشكر بحيث يشكر الله ويشكر وسائط نعم الله كالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأئمّةعليهم‌السلام والوالدين وأرباب الإحسان من المخلوقين ، وفي الأخبار ظاهراً تناف في هذا المطلب لورود هذا الخبر وأمثاله وقد روي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ولا يحمد حامد إلّا ربه ، ومثله كثير ، ويمكن الجمع بينها بأنه إذا حمد المخلوق وشكره لأن مولى النعم أمرّ بشكره فقد شكر ربه ويحتمل أن يكون هذا هو المراد بقوله : لم تشكرني إذ لم تشكره ، أو تكون أخبار الشكر محمولة على أن يشكرهم باعتقاد أنهم وسائط نعم الله ولهم مدخلية قليلة في ذلك ، ولا يسلب عليهم رأساً فينتهي إلى الجبر ، وأخبار الترك محمولة على أنّه لا يجوز شكرهم بقصد أنهم مستقلون في إيصال النعمة فإن هذا في معنى الشرك كما عرفت أن النعم كلّها أصولها ووجود المنعم المجازي وآلات العطاء وتوفيق الإعطاء كلّها من الله تعالى ، وهذا أحد معاني الأمرّ بين الأمرين كما عرفت ، وإليه يرجع ما قيل : أن الغير يتحمل المشقة يحمل رزق الله إليك فالنهي عن الحمد لغير الله على أصل الرزق لأن الرازق هو الله ، والترغيب والحمد له على تكلف من حمل الرزق وكلفة إيصاله بإذن الله ليعطيه

١٦٩

القيامة أشكرت فلاناً ؟ فيقول : بل شكرتك يا ربّ ، فيقول : لم تشكرني إذ لم تشكره ثم قال أشكركم لله أشكركم للناس.

_________________________________________________

أجر مشقّة الحمل والإيصال.

وبالجملة هناك شكران شكر للرزق وهو لله وشكر للحمل وهو الغير وأيد بما روي لا تحمدن أحداً على رزق الله ، وقيل : النهي مختص بالخواصّ من أهل اليقين الذين شاهدوه رازقاً وشغلوا عن رؤية الوسائط فنهاهم عن الإقبال عليها لأنّه تعالى يتولى جزاء الوسائط عنهم بنفسه والأمرّ بالشكر مختص بغيرهم ممّن لاحظ الأسباب والوسائط كأكثر النّاس لأن فيه قضاء حق السبب أيضاً.

والوجه الثاني الذي ذكرنا كأنه أظهر الوجوه لأن الله تعالى مع أنه مولى النعم على الحقيقة وإليه يرجع كلّ الطاعات ونفعها يصل إلى العبّاد يشكرهم على أعمالهم قولا وفعلا في الدنيا والآخرة فكيف لا يحسن شكر العبّاد بعضهم بعضا لمدخليتهم في ذلك.

ويمكن أن يكون قوله تعالى : لم تشكرني إذ لم تشكره إشارة إلى ذلك ، أي إذا لم تشكر المنعم الظاهري يتوهّم أنه لم يكن له مدخل في النعمة فكيف تنسب شكري إلى نفسك لأنه نسبة الفعلين إلى الفاعلين واحدة فأنت أيضاً لم تشكرني فلم نسبت الشكر إلى نفسك ونفيت الفعل عن غيرك ، وهذا معنى لطيف لم أر من تفطن به وإن كان بعيدا في الجملة ، والوجه الأوّل أيضاً وجه ظاهر ، وكان آخر الخبر يؤيده وإن احتمل وجوها كما لا يخفى.

١٧٠

( باب )

( حسن الخلق )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : إنّ أكمل المؤمنين

_________________________________________________

( باب حسن الخلق )

الحديث الأول : صحيح.

والخلق بالضمّ يطلق على الملكات والصّفات الراسخة في النفس حسنة كانت أم قبيحة وهي في مقابلة الأعمال ، ويطلق حسن الخلق غالباً على ما يوجب حسن المعاشرّة ومخالطة النّاس بالجميل.

قال الراغب : الخلق والخلق في الأصل واحد لكن خص الخلق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر ، وخص الخلق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة وقال في النهاية : فيه ليس شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق ، الخلق بضم اللام وسكونها الدين والطبّع والسجيّة وحقيقته أنّه لصورة الإنسان الباطنة وهي نفسها وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها ولهما أوصاف حسنة وقبيحة ، والثواب والعقاب يتعلقان بأوصاف الصورة الباطنة أكثر ممّا يتعلقان بأوصاف الصورة الظاهرة ، ولهذا تكرّرت الأحاديث في مدح حسن الخلق في غير موضع ، كقوله : أكثر ما يدخل النّاس الجنّة تقوى الله وحسن الخلق ، وقوله أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً وقوله : إن العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ، وقوله : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، وأحاديث من هذا النوع كثيرة وكذلك جاء في ذم سوء الخلق أحاديث كثيرة ، انتهى.

وقيل : حسن الخلق إنّما يحصل من الاعتدال بين الإفراط والتفريط في

١٧١

إيماناً أحسنهم خلقاً.

٢ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن رجل من أهل المدينة ، عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يوضع في ميزان امرئ - يوم القيامة أفضل من حسن الخلق.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد الحنّاط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أربع من كن فيه كمل إيمانه وإن كان من قرنه إلى قدمه

_________________________________________________

القوّة الشهويّة والقوّة الغضبيّة ، ويعرف ذلك بمخالطة النّاس بالجميل والتودّد والصّلة والصّدق واللطف والمبرّة وحسن الصحبة والعشرّة والمراعاة والمساواة والرفق والحلم والصّبر والاحتمال لهم ، والإشفاق عليهم.

وبالجملة هي حالة نفسانيّة يتوقّف حصولها على اشتباك الأخلاق النفسانيّة بعضها ببعض ، ومن ثم قيل : هو حسن الصورة الباطنة التّي هي صورة الناطقة كما أن حسن الخلق هو حسن الصورة الظاهرة ، وتناسب الأجزاء إلّا أن حسن الصورة الباطنة قد يكون مكتسباً ولذا تكررت الأحاديث في الحث به وبتحصيله.

وقال الراونديرحمه‌الله في ضوء الشهاب : الخلق السجية والطبيعة ثم يستعمل في العادات التّي يتعودها الإنسان من خير أو شر والخلق ما يوصف العبد بالقدرة عليه ولذلك يمدح ويذم به ، يدلّ عليّ ذلك قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خالق النّاس بخلق حسن ، انتهى.

وأقول : مدخلية حسن الخلق في كمال الإيمان قد مرّ تحقيقه في أبواب الإيمان.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

وهو ممّا يستدل به على تجسم الأعمال ، وقد مضى الكلام فيه.

الحديث الثالث : صحيح.

« وأربع » مبتدأ وكان موصوفة مقدر ، أي خصال أربع ، والموصول بصلته خبره « وإن كان من قرنه إلى قدمه ذنوبا » مبالغة في كثرة ذنوبه أو كناية عن صدورها

١٧٢

ذنوباً لم ينقصه ذلك ، [ قال ] وهو الصّدق وأداء الأمانة والحياء وحسن الخلق.

٤ - عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن ابن محبوب ، عن عنبسة العابدّ قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام ما يقدم المؤمن على الله عزَّ وجلَّ بعمل بعد الفرائض أحبّ إلى الله تعالى من أن يسع النّاس بخلقه.

٥ - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ، عن ذريح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن صاحبّ الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم.

_________________________________________________

من كلّ جارحة من جوارحه ، ويمكن حملها على الصغائر فإنّ صاحبّ هذه الخصال لا يجترئ على الإصرار على الكبائر أو أنّه يوفق للتوبة وهذه الخصال تدعوه إليها مع أن الصّدق يخرج كثيراً من الذنوب كالكذب وما يشاكله ، وكذا أداء الأمانة يخرج كثيراً من الذنوب كالخيانة في أموال النّاس ومنع الزكوات والأخماس وسائر ، حقوق الله وكذا الحياء من الخلق يمنعه من التظاهر بأكثر المعاصي والحياء من الله يمنعه من تعمد المعالي والإصرار عليها ويدعوه إلى التوبة سريعاً وكذا حسن الخلق يمنعه عن المعاصي المتعلقة بإيذاء الخلق كعقوق الوالدين وقطع الأرحام والإضرار بالمسلمين فلا يبقى من الذنوب إلّا قليل لا يضر في إيمانه مع أنّه موفق للتوبة والله الموفق.

الحديث الرابع : كالسابق.

ما يقدم كيعلم قدوماً وتعديته بعلى لتضمين معنى الإقبال ، والباء في قوله : بعمل لمصاحبة ، ويحتمل التعدية « من أن يسع النّاس بخلقه » أي يكون خلقه الحسن وسيعا بحيث يشمل جميع النّاس.

الحديث الخامس : كالسابق أيضاً.

ويدلّ على أنّ الأخلاق لها ثواب مثل ثواب الأعمال.

١٧٣

٦ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر ما تلج به أمّتي الجنّة تقوى الله وحسن الخلق.

٧ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين الأحمسي وعبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد.

٨ - عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال البر وحسن الخلق يعمران الدّيار ويزيدان في الأعمار.

٩ - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عبد الحميد قال حدّثني يحيى بن عمرو ، عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام أوحى الله تبارك وتعالى إلى بعض أنبيائهعليهم‌السلام الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد.

_________________________________________________

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

والتقوى حسن المعاملة مع الربّ وحسن الخلق حسن المعاملة مع الخلق ، وهما يوجبان دخول الجنّة والولوج الدّخول.

الحديث السابع : حسن كالصحيح.

والميث والموث الإذابة مثت الشيء أميثه وأموثه من بابي باع ، وقال(١) : فانماث إذا دفته وخلطته بالماء وأذبته ، وفي النهاية : فيه حسن الخلق يذيب الخطايا كما يذيب الشّمس الجليد ، الجليد هو الماء الجامد من البرد ، وفي المغرب الجليد ما يسقط على الأرض من الندى فيجمد.

الحديث الثامن : كالسّابق ، والبرّ الإحسان إلى الغير.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

____________________

(١) أي القائل وهو أحد اللغويين.

١٧٤

١٠ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليّ الوشاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال هلك رجل على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأتى الحفارين فإذا بهم لم يحفروا شيئاً وشكوا ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا يا رسول الله ما يعمل حديدنا في الأرض فكأنمّا نضرب به في الصفا فقال ولم إن كان صاحبكم لحسن الخلق ائتوني بقدح من ماء فأتوه به فأدخل يده فيه ثم رشه على الأرض رشا ثم قال احفروا قال فحفر الحفارون فكأنما كان رملا يتهايل عليهم.

_________________________________________________

الحديث العاشر : صحيح.

والمستتر في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فأتى للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومنهم من قرأ أتي على بناء المفعول من باب التفعيل ، فالنائب للفاعل الضمير المستتر الراجع إلى الرّجل والحفارين مفعوله الثاني ، ولا يخفى ما فيه ، والصفا جمع الصفاة وهي الصخرة الملساء ، وقوله : « ولم » استفهام إنكاري أو تعجبي « إن كان » الظاهر أن إن مخففة عن المثقلة ، وتعجبهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أنه لم اشتد الأرض عليهم مع كون صاحبهم حسن الخلق فإنه يوجب يسر الأمرّ في الحياة وبعد الوفاة بخلاف سوء الخلق فإنه يوجب اشتداد الأمرّ فيهما ، والحاصل أنه لما كان حسن الخلق فليس هذا الاشتداد من قبله ، فهو من قبل صلابة الأرض فصب الماء المتبرك بيده المباركة على الموضع فصار بإعجازه في غاية الرخاوة ، وقيل : إن للشرط ولم قائم مقام جزاء الشرط فحاصله أنه لو كان حسن الخلق لم يشتد الحفر على الحفارين فرش صاحبّ الخلق الحسن الماء الذي أدخل يده المباركة فيه لرفع تأثير خلقه السيء ولا يخفى بعده.

وقال في النهاية : كلّ شيء أرسلته إرسالاً من طعام أو تراب أو رمل فقد هلته هيلا يقال : هلت الماء وأهلته إذا صببته وأرسلته ، ومنه حديث الخندق فعادت كثيباً أهيل أي رملاً سائلاً ، انتهى.

وبعضهم يقول : هلت التراب حركت أسفله فسال من أعلاه.

١٧٥

١١ - عنه ، عن محمّد بن سنان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الخلق منيحة يمنحها الله عزَّ وجلَّ خلقه فمنه سجية ومنه نيّة فقلت فأيتهما أفضل فقال صاحبّ السجية هو مجبول لا يستطيع غيره وصاحبّ النيّة يصبر على الطّاعة تصبراً ، فهو أفضلهما.

١٢ - وعنه ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن عليّ ، عن عبد الله بن إبراهيم ، عن عليّ بن أبي عليّ اللّهبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله تبارك وتعالى ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق كما يعطي المجاهد في سبيل الله ، يغدو عليه ويروح.

_________________________________________________

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور.

والمنيحة كسفينة والمنحة بالكسر العطيّة « فمنه سجيّة » أي جبلة وطبيعة خلق عليها « ومنه نيّة » أي يحصل عن قصد واكتساب وتعمل ، والحاصل أنه يتمرن عليه حتّى يصير كالغريزة ، فبطل قول من قال : أنه غريزة لا مدخل للاكتساب فيه ، وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : عود نفسك الصّبر على المكروه فنعم الخلق التصبر ، والمراد بالتصبر تحمل الصّبر بتكلف ومشقّة لكونه غير خلق.

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

واللهب بالكسر قبيلة « كما يعطي المجاهد » لمشقتهما على النفس ولكون جهاد النفس كجهاد العدو بل أشق وأشدّ ولذا سمّي بالجهاد الأكبر وإن كان في جهاد العدو جهاد النفس أيضاً ، وقوله : يغدو عليه ويروح ، حال عن المجاهد كناية عن استمراره في الجهاد في أول النهار وآخره ، فإن الغدو أول النهار والرواح آخره ، أو المعنى يذهب أول النهار ويرجع آخره والأوّل أظهر.

وقال في المصباح : غداً غدوا من باب فقد ذهب غدوة ، وهي ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس ، ثم كسر حتّى استعمل في الذهاب والانطلاق أي وقت كان ، وراح يروح رواحاً أي رجع كما في قوله تعالى : «غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ »(١) أي ذهابها

____________________

(١) سورة سبأ : ١٢.

١٧٦

١٣ - عنه ، عن عبد الله الحجّال ، عن أبي عثمان القابوسي ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله تبارك وتعالى أعار أعداءه أخلاقا من أخلاق أوليائه ليعيش أولياؤه مع أعدائه في دولاتهم.

وفي رواية أخرى ولو لا ذلك لما تركوا وليّاً لله إلّا قتلوه.

١٤ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن العلاء بن كامل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا خالطت النّاس فإن استطعت أن لا تخالط أحداً من النّاس إلّا كانت يدك العليا عليه فافعل فإن العبد يكون فيه

_________________________________________________

شهر ورجوعها شهر ، وقد يتوهّم بعض النّاس أنّ الرّواح لا يكون إلّا في آخر النّهار وليس كذلك ، بل الرّواح والغدوّ عند العرب يستعملان في المسير أيّ وقت كان من ليل أو نهار ، وقال الأزهري وغيره : وعليه قولهعليه‌السلام : من راح إلى الجمعة في أول النهار فله كذا ، أي ذهب ، انتهى.

وكان الأنسب هنا ما ذكرنا أولا ، وقيل : لعلّ المراد أن الثواب يغدو على حسن خلقه ويروح يعني أنّه ملازم له كملازمة حسن خلقه ، ولا يخلو من بعد.

الحديث الثالث عشر : مجهول وآخره مرسل.

« أعار أعداءه » كانّ الإعارة إشارة إلى أن هذه الأخلاق لا يبقى لهم ثمرتها ولا ينتفعون بها في الآخرة فكأنّها عارية تسلب منهم بعد الموت ، أو أن هذه ليست مقتضى ذواتهم وطيناتهم وإنما اكتسبوها من مخالطة طينتهم مع طينة المؤمنين كما ورد في بعض الأخبار ، وقد مرّ شرحها ، أو إلى أنّها لما لم تكن مقتضى عقائدهم ونيّاتهم الفاسدة وإنّما أعطوها لمصلحة غيرهم فكأنّها عارية عندهم ، والوجوه متقاربة.

الحديث الرابع عشر : مجهول.

والعليا بالضمّ مؤنّث الأعلى ، وهي خبر كانت ، وعليه متعلّق بالعليا ، والتعريف يفيد الحصر « فافعل » أي الإحسان أو المخالطة والأوّل أظهر ، أي كن أنت المحسن عليه أو أكثر إحساناً لا بالعكس ، ويحتمل كون العليا صفة لليد و « عليه » خبر كانت

١٧٧

بعض التقصير من العبادة ويكون له حسن خلق فيبلّغه الله بـ [ حسن ] خلقه درجة الصائم القائم.

١٥ - عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن بحر السقاء قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام يا بحر حسن الخلق يسر ثم قال إلّا أخبرك بحديث ما هو في يدي أحد من أهل المدينة قلت بلى قال بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالس في المسجد إذ جاءت جارية لبعض الأنصار وهو قائم فأخذت بطرف ثوبه فقام لها النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم تقل شيئاً ولم

_________________________________________________

أي يدك المعطية ثابتة أو مفيضة أو مشرفة عليه ، والأوّل أظهر ، وفي كتاب الزّهد للحسين بن سعيد يدك عليه العليا ، قال في النهاية : فيه : اليد العليا خير من اليد السفلى ، العليا المتعففة والسّفلى السائلة ، روي ذلك عن ابن عمرّ ، وروي عنه أنّها المنفقة ، وقيل : العليا المعطيّة والسّفلى الآخذة ، وقيل : السّفلى المانعة.

وقال السيّد المرتضىرضي‌الله‌عنه في الغرر والدّرر ، ومعنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أن اليد النعمة والعطيّة ، وهذا الإطلاق شائع بين العرب ، فالمعنى أن العطيّة الجزيلة خير من العطيّة القليلة ، وهذا حثّ منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على المكارم ، وتحضيض على اصطناع المعروف بأوجز الكلام وأحسنه ، انتهى.

والتعليل المذكور بعده مبنيّ على أن الكرم أيضاً من حسن الخلق أو هو من لوازمه « الصائم القائم » أي المواظب على الصيّام بالنهار في غير الأيّام المحرّمة أو في الأيام المسنونة ، وعلى قيام الليل أي تمامه أو على صلاة اللّيل مراعياً لآدابها.

الحديث الخامس عشر : كالسابق.

« يسر » أي سبب ليسر الأمور على صاحبه ، ويمكن أن يقرأ يسراً بصيغة المضارع ، أي يصير سبباً لسرور صاحبه أو النّاس أو الأعمّ « ما هو » ما نافية ، والجملة صفة للحديث « وهو قائم » حال عن بعض الأنصار ، وقيل : إنما ذكر ذلك للإشعار بأنّ

١٧٨

يقل لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً حتّى فعلت ذلك ثلاث مرّات فقام لها النبيَّ في الرّابعة وهي خلفه فأخذت هدبة من ثوبه ثمَّ رجعت فقال لها النّاس فعل الله بك وفعل حبست رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث مرّات لا تقولين له شيئاً ولا هو يقول لك شيئاً ما كانت حاجتك إليه قالت إنَّ لنا مريضاً فأرسلني أهلي لآخذ هدبة من ثوبه ، [ لـ ] يستشفي بها ، فلمّا أردت أخذها رآني فقام فاستحييت منه أن آخذها وهو يراني وأكره أن أستأمره في أخذها فأخذتها.

١٦ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حبيب الخثعمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أفاضلكم أحسنكم أخلاقا الموطئون

_________________________________________________

مالكها لم يكن مطّلعاً على هذا الأمرّ فحسن الخلق فيه أظهر « فقام لها النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » كأنّ قيامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لظنّ أنّها تريده لحاجة يذهب معها ، فقامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لذلك فلمّا لم تقل شيئاً ولم يعلم غرضها جلس ، وقيل : إنّما قام لترى الجارية أنّ الهدية في أيّ موضع من الثوب فتأخذ.

وقال في النّهاية : هدب الثوب وهدبته وهدابه طرف الثوب ممّا يلي طرته ، وفي القاموس : الهدب بالضمّ وبضمّتين شعر أشفار العين وخمل الثوب ، واحدتها بهاء.

« فعل الله بك وفعل » كناية عن كثرة الدّعاء عليه بإيذائه النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذا شائع في عرف العرب والعجم ، وقولها : يستشفي الضمير المستتر راجع إلى المريض وهو استئناف بياني أو حال مقدرة عن الهدبة ، أو هو بتقدير لأن يستشفي ، وفي بعض النسخ بل أكثرها ليستشفي « وهو يراني » حال عن فاعل أخذها ، وقيل : وأكره حال عن فاعل استحيت.

الحديث السادس عشر : حسن كالصحيح.

« أحسنكم » خبر أفاضلكم ، ويجوز في أفعل التّفضيل المضاف إلى المفضّل عليه الأفراد والموافقة مع صاحبه في التثنيّة والجمع ، كما روعي في قوله : الموطئون ،

١٧٩

أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون وتوطّأ رحالهم.

١٧ - عدَّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ ، عن عبد الله بن ميمون القدّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام المؤمن مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

١٨ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن

_________________________________________________

وفي بعض الرّوايات أحاسنكم كما في كتاب الزّهد للحسين بن سعيد وغيره ، قال في النهاية : الواطئة المارّة والسابلة سمّوا بذلك لوطئهم الطريق ، ومنه الحديث : إلّا أخبركم بأحبكم إلى وأقربكم منّي مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ، هذا مثل وحقيقته من التوطئة وهي التمهيد والتذلل ، وفراش وطئ لا يؤذي جنب النائم ، والأكناف الجوانب ، أراد الذين جوانبهم وطيئة يتمكّن فيها من يصاحبهم ولا يتأذّى ، انتهى.

ويقال رجل موطىء الأكناف أي كريم مضياف ، وفي بعض النّسخ بالناء كناية عن غاية حسن الخلق كأنهم يحملون النّاس على أكتافهم ورقابهم ، وكأنّه تصحيف وإن كان موافقاً لما في كتاب الحسين بن سعيد ، وفي المصباح : ألفته ألفاً من باب علم أنست به وأحببته والاسم الألفة بالضمّ ، والألفة أيضاً اسم من الإيلاف وهو الالتئام والاجتماع ، واسم الفاعل آلف مثل عالم ، والجمع ألاف مثل كفّار ، انتهى.

وتوطأ رحالهم أي للضيافة أو للّزيارة أو لطلب الحاجة أو الأعمّ ورحل الرّجل منزله ومأواه وأثاث بيته.

الحديث السابع عشر : ضعيف على المشهور.

وفيه حثّ على الألفة وحمل على الألفة بالخيار وإن احتمل التعميم إذا لم يوافقهم بالمعاصي كما وردت الأخبار في حسن المعاشرة.

الحديث الثامن عشر : حسن كالصحيح.

١٨٠