مرآة العقول الجزء ٨

مرآة العقول13%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 434

  • البداية
  • السابق
  • 434 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 11850 / تحميل: 6942
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٨

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

كان راكبا فلينزل فليضع خده على التراب وإن لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خده على قربوسه وإن لم يقدر فليضع خده على كفه ثم ليحمد الله على ما أنعم عليه.

٢٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن عطية ، عن هشام بن أحمر قال كنت أسير مع أبي الحسنعليه‌السلام في بعض أطراف المدينة إذ ثنى رجله عن دابته فخر ساجدا فأطال وأطال ثم رفع رأسه وركب دابته فقلت جعلت فداك قد أطلت السجود فقال إنني ذكرت نعمة أنعم الله بها علي فأحببت أن أشكر ربي.

٢٧ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي عبد الله صاحب السابري فيما أعلم أو غيره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال فيما أوحى الله عز وجل إلى موسىعليه‌السلام يا موسى اشكرني حق شكري فقال يا رب وكيف أشكرك حق شكرك وليس

_________________________________________

النعم أيضا ، ولو كان بعد حدوثها بمدة وعلى استحباب حمد الله فيها.

الحديث السادس والعشرون : حسن كالصحيح.

ويدل على فورية سجدة الشكر وعلى أنهمعليهم‌السلام يذهلون عن بعض الأمور في بعض الأحيان وكان هذا ليس من السهو المتنازع فيه.

الحديث السابع والعشرون : مجهول.

تقول أديت حق فلان إذا قابلت إحسانه بإحسان مثله ، والمراد هنا طلب أداء شكر نعمته على وجه التفصيل وهو لا يمكن من وجوه :

الأول : أن نعمه غير متناهية لا يمكن إحصاؤها تفصيلا فلا يمكن مقابلتها بالشكر.

الثاني : أن كل ما نتعاطاه مستند إلى جوارحنا وقدرتنا من الأفعال فهي في الحقيقة نعمة وموهبة من الله تعالى ، وكذلك الطاعات وغيرها نعمة منه ، فتقابل نعمته

١٦١

من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي قال يا موسى الآن شكرتني حين علمت أن ذلك مني.

٢٨ ـ ابن أبي عمير ، عن ابن رئاب ، عن إسماعيل بن الفضل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرات ـ اللهم ما أصبحت بي من نعمة أو عافية من دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك لك الحمد ولك الشكر بها علي

_________________________________________

بنعمته.

الثالث : أن الشكر أيضا نعمة منه حصل بتوفيقه فمقابلة كل نعمة بالشكر يوجب التسلسل والعجز ، وقول موسىعليه‌السلام يحتمل كلا من الوجهين الأخيرين ، وقد روي هذا عن داودعليه‌السلام أيضا حيث قال : يا رب كيف أشكرك وأنا لا أستطيع أن أشكرك إلا بنعمة ثانية من نعمك ، فأوحى الله تعالى إليه : إذا عرفت هذا فقد شكرتني.

الحديث الثامن والعشرون : حسن كالصحيح.

« ما أصبحت بي » الإصباح الدخول في الصباح ، وقد يراد به الدخول في الأوقات مطلقا ، وعلى الأول ذكره على المثال ، فيقول في المساء ما أمست وما موصولة مبتدأ ، والظرف مستقر والباء للملابسة أي متلبسا بي فهو حال عن الموصول ، و « من نعمة » بيان له ولذا أنث الضمير العائد إلى الموصول في أصبحت رعاية للمعنى ، وفي بعض الروايات أصبح رعاية للفظ ، وقوله : فمنك ، خبر الموصول والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط وربما يقرأ منك بفتح الميم وتشديد النون وهو تصحيف.« حتى ترضى » المراد به أول مراتب الرضا ،« وبعد الرضا » أي سائر مراتبه فإن كان المراد بقوله لك الحمد ولك الشكر إنك تستحقهما يكون أول مراتب الرضا دون الاستحقاق ، فإن الله سبحانه يرضى بقليل مما يستحقه من الحمد والشكر والطاعة ، وإن كان

١٦٢

يا رب حتى ترضى وبعد الرضا فإنك إذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم وفي تلك الليلة.

٢٩ ـ ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان نوحعليه‌السلام يقول ذلك إذا أصبح فسمي بذلك عبدا شكورا وقال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من صدق الله نجا

_________________________________________

المراد لك مني الحمد والشكر أي أحمدك وأشكرك فلا يحتاج إلى ذلك« كنت قد أديت » أي يرضي الله منك بذلك لا أنك أديت ما يستحقه.

الحديث التاسع والعشرون : كالسابق.

« يقول ذلك » أي الدعاء المذكور في الحديث السابق وسيأتي في كتاب الدعاء أن نوحاعليه‌السلام كان يقول ذلك عند الصباح وعند المساء ، والأخبار في ذلك كثيرة بأدنى اختلاف أوردتها في الكتاب الكبير.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من صدق الله نجا ، معناه أنه إذا أظهر العبد حالة عند الله وكان صادقا في ذلك بحيث لا يعتقد ولا يعمل ما يخالفه يصير سبب نجاته من مهالك الدنيا والآخرة ، ولعل ذكره في هذا المقام لبيان أن نوحاعليه‌السلام كان صادقا فيما ادعى في هذا الدعاء من أن جميع النعم الواصلة إلى العبد من الله تعالى وأنه متوحد بالإنعام والربوبية واستحقاق الحمد والشكر والطاعة ، فكان موقنا بجميع ذلك ولم يأت بما ينافيه من التوسل إلى المخلوقين ورعاية رضاهم دون رضا رب العالمين ، أو معه ، فلذلك صار سببا لنجاته وتسمية الله له شكورا ، وربما يقرأ صدق على بناء التفعيل كما قال بعض الأفاضل لعلهعليه‌السلام أشار بآخر الحديث إلى تسمية نوحعليه‌السلام بنحي الله ، ويستفاد منه أن هذه الكلمات تصديق لله سبحانه فيما وصف الله به نفسه ، وشهد به من التوحيد.

وقال آخر : تصديقه في تكاليفه عبارة عن الإقرار بها والإتيان بمقتضاها وفي

١٦٣

٣٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمار الدهني قال سمعت علي بن الحسينعليه‌السلام يقول إن الله يحب كل قلب حزين ويحب كل عبد شكور يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده يوم

_________________________________________

نعمائه عبارة عن معونتها بالقلب ومقابلتها بالشكر والثناء ، انتهى.

ولا يخفى أن ما ذكرنا أظهر.

الحديث الثلاثون : ضعيف.

« كل قلب حزين » أي لأمور الآخرة متفكر فيها وفيما ينجي من عقوباتها غير غافل عما يراد بالمرء ومنه لا محزون بأمور الدنيا وإن احتمل أن يكون المعنى إذا أحب الله عبدا ابتلاه بالبلايا فيصير محزونا ، لكنه بعيد.

« كل عبد شكور » أي كثير الشكر بحيث يشكر الله ويشكر وسائط نعم الله كالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأئمةعليهم‌السلام والوالدين وأرباب الإحسان من المخلوقين ، وفي الأخبار ظاهرا تناف في هذا المطلب لورود هذا الخبر وأمثاله وقد روي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ولا يحمد حامد إلا ربه ، ومثله كثير ، ويمكن الجمع بينها بأنه إذا حمد المخلوق وشكره لأن مولى النعم أمر بشكره فقد شكر ربه ويحتمل أن يكون هذا هو المراد بقوله : لم تشكرني إذ لم تشكره ، أو تكون أخبار الشكر محمولة على أن يشكرهم باعتقاد أنهم وسائط نعم الله ولهم مدخلية قليلة في ذلك ، ولا يسلب عليهم رأسا فينتهي إلى الجبر ، وأخبار الترك محمولة على أنه لا يجوز شكرهم بقصد أنهم مستقلون في إيصال النعمة فإن هذا في معنى الشرك كما عرفت أن النعم كلها أصولها ووجود المنعم المجازي وآلات العطاء وتوفيق الإعطاء كلها من الله تعالى ، وهذا أحد معاني الأمر بين الأمرين كما عرفت ، وإليه يرجع ما قيل : أن الغير يتحمل المشقة يحمل رزق الله إليك فالنهي عن الحمد لغير الله على أصل الرزق لأن الرازق هو الله ، والترغيب والحمد له على تكلف من حمل الرزق وكلفة إيصاله بإذن الله ليعطيه

١٦٤

القيامة أشكرت فلانا فيقول بل شكرتك يا رب فيقول لم تشكرني إذ لم تشكره ثم قال أشكركم لله أشكركم للناس.

_________________________________________

أجر مشقة الحمل والإيصال.

وبالجملة هناك شكران شكر للرزق وهو لله وشكر للحمل وهو الغير وأيد بما روي لا تحمدن أحدا على رزق الله ، وقيل : النهي مختص بالخواص من أهل اليقين الذين شاهدوه رازقا وشغلوا عن رؤية الوسائط فنهاهم عن الإقبال عليها لأنه تعالى يتولى جزاء الوسائط عنهم بنفسه والأمر بالشكر مختص بغيرهم ممن لاحظ الأسباب والوسائط كأكثر الناس لأن فيه قضاء حق السبب أيضا.

والوجه الثاني الذي ذكرنا كأنه أظهر الوجوه لأن الله تعالى مع أنه مولى النعم على الحقيقة وإليه يرجع كل الطاعات ونفعها يصل إلى العباد يشكرهم على أعمالهم قولا وفعلا في الدنيا والآخرة فكيف لا يحسن شكر العباد بعضهم بعضا لمدخليتهم في ذلك.

ويمكن أن يكون قوله تعالى : لم تشكرني إذ لم تشكره إشارة إلى ذلك ، أي إذا لم تشكر المنعم الظاهري يتوهم أنه لم يكن له مدخل في النعمة فكيف تنسب شكري إلى نفسك لأنه نسبة الفعلين إلى الفاعلين واحدة فأنت أيضا لم تشكرني فلم نسبت الشكر إلى نفسك ونفيت الفعل عن غيرك ، وهذا معنى لطيف لم أر من تفطن به وإن كان بعيدا في الجملة ، والوجه الأول أيضا وجه ظاهر ، وكان آخر الخبر يؤيده وإن احتمل وجوها كما لا يخفى.

١٦٥

باب

حسن الخلق

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن أكمل المؤمنين

_________________________________________

باب حسن الخلق

الحديث الأول : صحيح.

والخلق بالضم يطلق على الملكات والصفات الراسخة في النفس حسنة كانت أم قبيحة وهي في مقابلة الأعمال ، ويطلق حسن الخلق غالبا على ما يوجب حسن المعاشرة ومخالطة الناس بالجميل.

قال الراغب : الخلق والخلق في الأصل واحد لكن خص الخلق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر ، وخص الخلق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة وقال في النهاية : فيه ليس شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق ، الخلق بضم اللام وسكونها الدين والطبع والسجية وحقيقته أنه لصورة الإنسان الباطنة وهي نفسها وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها ولهما أوصاف حسنة وقبيحة ، والثواب والعقاب يتعلقان بأوصاف الصورة الباطنة أكثر مما يتعلقان بأوصاف الصورة الظاهرة ، ولهذا تكررت الأحاديث في مدح حسن الخلق في غير موضع ، كقوله : أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق ، وقوله أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وقوله : إن العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ، وقوله : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، وأحاديث من هذا النوع كثيرة وكذلك جاء في ذم سوء الخلق أحاديث كثيرة ، انتهى.

وقيل : حسن الخلق إنما يحصل من الاعتدال بين الإفراط والتفريط في

١٦٦

إيمانا أحسنهم خلقا.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن رجل من أهل المدينة ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يوضع في ميزان امرئ ـ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أربع من كن فيه كمل إيمانه وإن كان من قرنه إلى قدمه

_________________________________________

القوة الشهوية والقوة الغضبية ، ويعرف ذلك بمخالطة الناس بالجميل والتودد والصلة والصدق واللطف والمبرة وحسن الصحبة والعشرة والمراعاة والمساواة والرفق والحلم والصبر والاحتمال لهم ، والإشفاق عليهم.

وبالجملة هي حالة نفسانية يتوقف حصولها على اشتباك الأخلاق النفسانية بعضها ببعض ، ومن ثم قيل : هو حسن الصورة الباطنة التي هي صورة الناطقة كما أن حسن الخلق هو حسن الصورة الظاهرة ، وتناسب الأجزاء إلا أن حسن الصورة الباطنة قد يكون مكتسبا ولذا تكررت الأحاديث في الحث به وبتحصيله.

وقال الراونديرحمه‌الله في ضوء الشهاب : الخلق السجية والطبيعة ثم يستعمل في العادات التي يتعودها الإنسان من خير أو شر والخلق ما يوصف العبد بالقدرة عليه ولذلك يمدح ويذم به ، يدل علي ذلك قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خالق الناس بخلق حسن ، انتهى.

وأقول : مدخلية حسن الخلق في كمال الإيمان قد مر تحقيقه في أبواب الإيمان.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

وهو مما يستدل به على تجسم الأعمال ، وقد مضى الكلام فيه.

الحديث الثالث : صحيح.

« وأربع » مبتدأ وكان موصوفة مقدر ، أي خصال أربع ، والموصول بصلته خبره« وإن كان من قرنه إلى قدمه ذنوبا » مبالغة في كثرة ذنوبه أو كناية عن صدورها

١٦٧

ذنوبا لم ينقصه ذلك قال وهو الصدق وأداء الأمانة والحياء وحسن الخلق.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن محبوب ، عن عنبسة العابد قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام ما يقدم المؤمن على الله عز وجل بعمل بعد الفرائض أحب إلى الله تعالى من أن يسع الناس بخلقه.

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ذريح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم.

_________________________________________

من كل جارحة من جوارحه ، ويمكن حملها على الصغائر فإن صاحب هذه الخصال لا يجترئ على الإصرار على الكبائر أو أنه يوفق للتوبة وهذه الخصال تدعوه إليها مع أن الصدق يخرج كثيرا من الذنوب كالكذب وما يشاكله ، وكذا أداء الأمانة يخرج كثيرا من الذنوب كالخيانة في أموال الناس ومنع الزكوات والأخماس وسائر ، حقوق الله وكذا الحياء من الخلق يمنعه من التظاهر بأكثر المعاصي والحياء من الله يمنعه من تعمد المعالي والإصرار عليها ويدعوه إلى التوبة سريعا وكذا حسن الخلق يمنعه عن المعاصي المتعلقة بإيذاء الخلق كعقوق الوالدين وقطع الأرحام والإضرار بالمسلمين فلا يبقى من الذنوب إلا قليل لا يضر في إيمانه مع أنه موفق للتوبة والله الموفق.

الحديث الرابع : كالسابق.

ما يقدم كيعلم قدوما وتعديته بعلى لتضمين معنى الإقبال ، والباء فيقوله : بعمل لمصاحبة ، ويحتمل التعدية« من أن يسع الناس بخلقه » أي يكون خلقه الحسن وسيعا بحيث يشمل جميع الناس.

الحديث الخامس : كالسابق أيضا.

ويدل على أن الأخلاق لها ثواب مثل ثواب الأعمال.

١٦٨

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر ما تلج به أمتي الجنة تقوى الله وحسن الخلق.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين الأحمسي وعبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد.

٨ ـ عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال البر وحسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في الأعمار.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عبد الحميد قال حدثني يحيى بن عمرو ، عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام أوحى الله تبارك وتعالى إلى بعض أنبيائهعليهم‌السلام الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد.

_________________________________________

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

والتقوى حسن المعاملة مع الرب وحسن الخلق حسن المعاملة مع الخلق ، وهما يوجبان دخول الجنة والولوج الدخول.

الحديث السابع : حسن كالصحيح.

والميث والموث الإذابة مثت الشيء أميثه وأموثه من بابي باع ، وقال(١) : فانماث إذا دفته وخلطته بالماء وأذبته ، وفي النهاية : فيه حسن الخلق يذيب الخطايا كما يذيب الشمس الجليد ،الجليد هو الماء الجامد من البرد ، وفي المغرب الجليد ما يسقط على الأرض من الندى فيجمد.

الحديث الثامن : كالسابق ، والبر الإحسان إلى الغير.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) أي القائل وهو أحد اللغويين.

١٦٩

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال هلك رجل على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأتى الحفارين فإذا بهم لم يحفروا شيئا وشكوا ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا يا رسول الله ما يعمل حديدنا في الأرض فكأنما نضرب به في الصفا فقال ولم إن كان صاحبكم لحسن الخلق ائتوني بقدح من ماء فأتوه به فأدخل يده فيه ثم رشه على الأرض رشا ثم قال احفروا قال فحفر الحفارون فكأنما كان رملا يتهايل عليهم.

_________________________________________

الحديث العاشر : صحيح.

والمستتر فيقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فأتى للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومنهم من قرأ أتي على بناء المفعول من باب التفعيل ، فالنائب للفاعل الضمير المستتر الراجع إلى الرجل والحفارين مفعوله الثاني ، ولا يخفى ما فيه ، والصفا جمع الصفاة وهي الصخرة الملساء ، وقوله : « ولم » استفهام إنكاري أو تعجبي« إن كان » الظاهر أن إن مخففة عن المثقلة ، وتعجبهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أنه لم اشتد الأرض عليهم مع كون صاحبهم حسن الخلق فإنه يوجب يسر الأمر في الحياة وبعد الوفاة بخلاف سوء الخلق فإنه يوجب اشتداد الأمر فيهما ، والحاصل أنه لما كان حسن الخلق فليس هذا الاشتداد من قبله ، فهو من قبل صلابة الأرض فصب الماء المتبرك بيده المباركة على الموضع فصار بإعجازه في غاية الرخاوة ، وقيل : إن للشرط ولم قائم مقام جزاء الشرط فحاصله أنه لو كان حسن الخلق لم يشتد الحفر على الحفارين فرش صاحب الخلق الحسن الماء الذي أدخل يده المباركة فيه لرفع تأثير خلقه السيء ولا يخفى بعده.

وقال في النهاية : كل شيء أرسلته إرسالا من طعام أو تراب أورمل فقد هلته هيلا يقال : هلت الماء وأهلته إذا صببته وأرسلته ، ومنه حديث الخندق فعادت كثيبا أهيل أي رملا سائلا ، انتهى.

وبعضهم يقول : هلت التراب حركت أسفله فسال من أعلاه.

١٧٠

١١ ـ عنه ، عن محمد بن سنان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الخلق منيحة يمنحها الله عز وجل خلقه فمنه سجية ومنه نية فقلت فأيتهما أفضل فقال صاحب السجية هو مجبول لا يستطيع غيره وصاحب النية يصبر على الطاعة تصبرا فهو أفضلهما.

١٢ ـ وعنه ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن إبراهيم ، عن علي بن أبي علي اللهبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله تبارك وتعالى ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق كما يعطي المجاهد في سبيل الله يغدو عليه ويروح.

_________________________________________

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور.

والمنيحة كسفينة والمنحة بالكسر العطية« فمنه سجية » أي جبلة وطبيعة خلق عليها« ومنه نية » أي يحصل عن قصد واكتساب وتعمل ، والحاصل أنه يتمرن عليه حتى يصير كالغريزة ، فبطل قول من قال : أنه غريزة لا مدخل للاكتساب فيه ، وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : عود نفسك الصبر على المكروه فنعم الخلق التصبر ، والمرادبالتصبر تحمل الصبر بتكلف ومشقة لكونه غير خلق.

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

واللهب بالكسر قبيلة« كما يعطي المجاهد » لمشقتهما على النفس ولكون جهاد النفس كجهاد العدو بل أشق وأشد ولذا سمي بالجهاد الأكبر وإن كان في جهاد العدو جهاد النفس أيضا ، وقوله : يغدو عليه ويروح ، حال عن المجاهد كناية عن استمراره في الجهاد في أول النهار وآخره ، فإن الغدو أول النهار والرواح آخره ، أو المعنى يذهب أول النهار ويرجع آخره والأول أظهر.

وقال في المصباح : غدا غدوا من باب فقد ذهب غدوة ، وهي ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس ، ثم كسر حتى استعمل في الذهاب والانطلاق أي وقت كان ، وراح يروح رواحا أي رجع كما في قوله تعالى : «غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ »(١) أي ذهابها

__________________

(١) سورة سبأ : ١٢.

١٧١

١٣ ـ عنه ، عن عبد الله الحجال ، عن أبي عثمان القابوسي عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله تبارك وتعالى أعار أعداءه أخلاقا من أخلاق أوليائه ليعيش أولياؤه مع أعدائه في دولاتهم.

وفي رواية أخرى ولو لا ذلك لما تركوا وليا لله إلا قتلوه.

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن العلاء بن كامل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا خالطت الناس فإن استطعت أن لا تخالط أحدا من الناس إلا كانت يدك العليا عليه فافعل فإن العبد يكون فيه

_________________________________________

شهر ورجوعها شهر ، وقد يتوهم بعض الناس أن الرواح لا يكون إلا في آخر النهار وليس كذلك ، بل الرواح والغدو عند العرب يستعملان في المسير أي وقت كان من ليل أو نهار ، وقال الأزهري وغيره : وعليه قولهعليه‌السلام : من راح إلى الجمعة في أول النهار فله كذا ، أي ذهب ، انتهى.

وكان الأنسب هنا ما ذكرنا أولا ، وقيل : لعل المراد أن الثواب يغدو على حسن خلقه ويروح يعني أنه ملازم له كملازمة حسن خلقه ، ولا يخلو من بعد.

الحديث الثالث عشر : مجهول وآخره مرسل.

« أعار أعداءه » كان الإعارة إشارة إلى أن هذه الأخلاق لا يبقى لهم ثمرتها ولا ينتفعون بها في الآخرة فكأنها عارية تسلب منهم بعد الموت ، أو أن هذه ليست مقتضى ذواتهم وطيناتهم وإنما اكتسبوها من مخالطة طينتهم مع طينة المؤمنين كما ورد في بعض الأخبار ، وقد مر شرحها ، أو إلى أنها لما لم تكن مقتضى عقائدهم ونياتهم الفاسدة وإنما أعطوها لمصلحة غيرهم فكأنها عارية عندهم ، والوجوه متقاربة.

الحديث الرابع عشر : مجهول.

والعليا بالضم مؤنث الأعلى ، وهي خبر كانت ، وعليه متعلق بالعليا ، والتعريف يفيد الحصر« فافعل » أي الإحسان أو المخالطة والأول أظهر ، أي كن أنت المحسن عليه أو أكثر إحسانا لا بالعكس ، ويحتمل كون العليا صفة لليد و « عليه » خبر كانت

١٧٢

بعض التقصير من العبادة ويكون له حسن خلق فيبلغه الله بـ [ حسن ] خلقه درجة الصائم القائم.

١٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن بحر السقاء قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام يا بحر حسن الخلق يسر ثم قال ألا أخبرك بحديث ما هو في يدي أحد من أهل المدينة قلت بلى قال بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالس في المسجد إذ جاءت جارية لبعض الأنصار وهو قائم فأخذت بطرف ثوبه فقام لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم تقل شيئا ولم

_________________________________________

أي يدك المعطية ثابتة أو مفيضة أو مشرفة عليه ، والأول أظهر ، وفي كتاب الزهد للحسين بن سعيد يدك عليه العليا ، قال في النهاية : فيه : اليد العليا خير من اليد السفلى ، العليا المتعففة والسفلى السائلة ، روي ذلك عن ابن عمر ، وروي عنه أنها المنفقة ، وقيل : العليا المعطية والسفلى الآخذة ، وقيل : السفلى المانعة.

وقال السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه في الغرر والدرر ، ومعنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أن اليد النعمة والعطية ، وهذا الإطلاق شائع بين العرب ، فالمعنى أن العطية الجزيلة خير من العطية القليلة ، وهذا حث منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على المكارم ، وتحضيض على اصطناع المعروف بأوجز الكلام وأحسنه ، انتهى.

والتعليل المذكور بعده مبني على أن الكرم أيضا من حسن الخلق أو هو من لوازمه« الصائم القائم » أي المواظب على الصيام بالنهار في غير الأيام المحرمة أو في الأيام المسنونة ، وعلى قيام الليل أي تمامه أو على صلاة الليل مراعيا لآدابها.

الحديث الخامس عشر : كالسابق.

« يسر » أي سبب ليسر الأمور على صاحبه ، ويمكن أن يقرأ يسرا بصيغة المضارع ، أي يصير سببا لسرور صاحبه أو الناس أو الأعم« ما هو » ما نافية ، والجملة صفة للحديث« وهو قائم » حال عن بعض الأنصار ، وقيل : إنما ذكر ذلك للإشعار بأن

١٧٣

يقل لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شيئا حتى فعلت ذلك ثلاث مرات فقام لها النبي في الرابعة وهي خلفه فأخذت هدبة من ثوبه ثم رجعت فقال لها الناس فعل الله بك وفعل حبست رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث مرات لا تقولين له شيئا ولا هو يقول لك شيئا ما كانت حاجتك إليه قالت إن لنا مريضا فأرسلني أهلي لآخذ هدبة من ثوبه ليستشفي بها فلما أردت أخذها رآني فقام فاستحييت منه أن آخذها وهو يراني وأكره أن أستأمره في أخذها فأخذتها.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حبيب الخثعمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أفاضلكم أحسنكم أخلاقا الموطئون

_________________________________________

مالكها لم يكن مطلعا على هذا الأمر فحسن الخلق فيه أظهر« فقام لها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » كان قيامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لظن أنها تريده لحاجة يذهب معها ، فقامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لذلك فلما لم تقل شيئا ولم يعلم غرضها جلس ، وقيل : إنما قام لترى الجارية أن الهدية في أي موضع من الثوب فتأخذ.

وقال في النهاية : هدب الثوب وهدبته وهدابه طرف الثوب مما يلي طرته ، وفي القاموس :الهدب بالضم وبضمتين شعر أشفار العين وخمل الثوب ، واحدتها بهاء.

« فعل الله بك وفعل » كناية عن كثرة الدعاء عليه بإيذائه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذا شائع في عرف العرب والعجم ، وقولها : يستشفي الضمير المستتر راجع إلى المريض وهو استئناف بياني أو حال مقدرة عن الهدبة ، أو هو بتقدير لأن يستشفي ، وفي بعض النسخ بل أكثرها ليستشفي« وهو يراني » حال عن فاعل أخذها ، وقيل : وأكره حال عن فاعل استحيت.

الحديث السادس عشر : حسن كالصحيح.

« أحسنكم » خبر أفاضلكم ، ويجوز في أفعل التفضيل المضاف إلى المفضل عليه الأفراد والموافقة مع صاحبه في التثنية والجمع ، كما روعي فيقوله : الموطئون ،

١٧٤

أكنافا الذين يألفون ويؤلفون وتوطأ رحالهم.

١٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام المؤمن مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

١٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن

_________________________________________

وفي بعض الروايات أحاسنكم كما في كتاب الزهد للحسين بن سعيد وغيره ، قال في النهاية : الواطية المارة والسابلة سموا بذلك لوطئهم الطريق ، ومنه الحديث : ألا أخبركم بأحبكم إلى وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ، هذا مثل وحقيقته من التوطئة وهي التمهيد والتذلل ، وفراش وطئ لا يؤذي جنب النائم ، والأكناف الجوانب ، أراد الذين جوانبهم وطيئة يتمكن فيها من يصاحبهم ولا يتأذى ، انتهى.

ويقال رجل موطأ الأكناف أي كريم مضياف ، وفي بعض النسخ بالناء كناية عن غاية حسن الخلق كأنهم يحملون الناس على أكتافهم ورقابهم ، وكأنه تصحيف وإن كان موافقا لما في كتاب الحسين بن سعيد ، وفي المصباح :ألفته ألفا من باب علم أنست به وأحببته والاسم الألفة بالضم ، والألفة أيضا اسم من الإيلاف وهو الالتئام والاجتماع ، واسم الفاعل آلف مثل عالم ، والجمع ألاف مثل كفار ، انتهى.

وتوطأ رحالهم أي للضيافة أو للزيارة أو لطلب الحاجة أو الأعم ورحل الرجل منزله ومأواه وأثاث بيته.

الحديث السابع عشر : ضعيف على المشهور.

وفيه حث على الألفة وحمل على الألفة بالخيار وإن احتمل التعميم إذا لم يوافقهم بالمعاصي كما وردت الأخبار في حسن المعاشرة.

الحديث الثامن عشر : حسن كالصحيح.

١٧٥

أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن حسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم.

باب حسن البشر

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسن بن الحسين قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا بني عبد المطلب إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر.

ورواه عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام إلا أنه قال يا بني هاشم.

_________________________________________

وقد مر مضمونه ويبلغ كينصر والباء للتعدية.

باب حسن البشر الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

لأن الحسن بن الحسين وإن كان مشتركا لكن الراوي عن الصادقعليه‌السلام منهم ثقة وسنده الثاني ضعيف.

وفي النهاية يقال :وسعه الشيء يسعه سعة فهو واسع ووسع بالضم وساعة فهو وسيع ، والوسع والسعة الجدة والطاقة ، ومنه الحديث إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم أي لا تتسع أموالكم بعطائهم فوسعوا أخلاقكم لصحبتهم ، وقال :

فيه أن تلقاه بوجه طلق ، يقال :طلق الرجل بالضم يطلق طلاقة فهو طلق وطليق ، أي منبسط الوجه متهلله ، وفي القاموس : هو طلق الوجه مثلثة وككتف وأمير ضاحكة مشرقة ، والبشر بالكسر طلاقة الوجه وبشاشته ، وقيل : حسن البشر تنبيه على أن زيادة البشر وكثرة الضحك مذمومة بل الممدوح الوسط من ذلك.

أقول : ويحتمل أن يكون للمبالغة في ذلك أو يكون إشارة إلى أن البشر إنما

١٧٦

٢ ـ عنه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ثلاث من أتى الله بواحدة منهن أوجب الله له الجنة الإنفاق من إقتار والبشر لجميع العالم والإنصاف من نفسه.

_________________________________________

يكون حسنا إذا كان عن صفاء الطوية والمحبة القلبية لا ما يكون على وجه الخداع والحيلة.

وبنو هاشم وبنو عبد المطلب مصداقهما واحد ، لأنه لم يبق لهاشم ولد إلا من عبد المطلب.

الحديث الثاني : موثق.

والإقتار التضييق على الإنسان في الرزق ، يقال أقتر الله رزقه أي ضيقه وقلله والإنفاق أعم من الواجب والمستحب وكان المراد بالإقتار عدم الغناء والتوسعة في الرزق وإن كان له زائدا على رزقه ورزق عياله ما ينفقه ، ويحتمل شموله للإيثار أيضا بناء على كونه حسنا مطلقا أو لبعض الناس فإن الأخبار في ذلك مختلفة ظاهرا فبعضها يدل على حسنه وبعضها يدل على ذمه وأنه كان ممدوحا في صدر الإسلام فنسخ ، وربما يجمع بينهما باختلاف ذلك بحسب الأشخاص ، فيكون حسنا لمن يمكنه تحمل المشقة في ذلك ، ويكمل توكله ولا يضطرب عند شدة الفاقة ، ومذموما لمن لم يكن كذلك ، وعسى أن نفصل ذلك في موضع آخر إنشاء الله ، وربما يحمل ذلك على من ينقص من كفافه شيئا ويعطيه من هو أحوج منه أو من لا شيء له.

« والبشر بجميع العالم » هذا إما على عمومه بأن يكون البشر للمؤمنين لإيمانهم وحبه لهم ، وللمنافقين والفاسقين تقية منهم ومداراة لهم كما قيل : دارهم ما دمت في دارهم وأرضهم ما كنت في أرضهم ، أو مخصوص بالمؤمنين كما يشعر به الخبر الآتي.

وعلى التقديرين لا بد من تخصيصه بغير الفساق الذين يعلم من حالتهم أنهم يتركون المعصية إذا لقيهم بوجه مكفهر ولا يتركونها بغير ذلك ولا يتضرر منهم في ذلك فإن ذلك أحد مراتب النهي عن المنكر الواجب على المؤمنين« والإنصاف من

١٧٧

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجل فقال يا رسول الله أوصني فكان فيما أوصاه أن قال الق أخاك بوجه منبسط.

٤ ـ عنه ، عن ابن محبوب ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له ما حد حسن الخلق قال تلين جناحك وتطيب كلامك وتلقى أخاك

_________________________________________

نفسه » هو أن يرجع إلى نفسه ويحكم لهم عليها فيما ينبغي أن يأتي به إليهم من غير أن يحكم عليه حاكم ، وسيأتي في باب الإنصاف هو أن يرضى لهم ما يرضى لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه.

قال الراغب : الإنصاف في المعاملة العدالة وهو أن لا يأخذ من صاحبه من المنافع إلا مثل ما يعطيه ولا ينيله من المضار إلا مثل ما يناله منه ، وقال الجوهري : أنصف أي عدل ، يقال : أنصفه من نفسه وانتصفت أنا منه ، وتناصفوا أي أنصف بعضهم بعضا من نفسه.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

والتخصيص بالأخ لشدة الاهتمام أو المراد به انبساط الوجه مع حب القلب.

الحديث الرابع : مرسل كالحسن لإجماع العصابة على المرسل والضمير فيه وفي الخبر الآتي راجعان إلى إبراهيم بن هاشم.

وتليين الجناح كناية عن عدم تأذي من يجاوره ويجالسه ويحاوره من خشونته بأن يكون سلس الانقياد لهم ويكف أذاه عنهم أو كناية عن شفقته عليهم كما أن الطائر يبسط جناحه على أولاده ليحفظهم ويكنفهم كقوله تعالى : «وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ »(١) .

قال الراغب : الجناح جناح الطائر وسمي جانبا الشيء جناحاه ، فقيل

__________________

(١) سورة الإسراء : ٢٤.

١٧٨

ببشر حسن.

٥ ـ عنه ، عن أبيه ، عن حماد ، عن ربعي ، عن فضيل قال صنائع المعروف وحسن البشر يكسبان المحبة ويدخلان الجنة والبخل وعبوس الوجه يبعدان من الله ويدخلان النار.

_________________________________________

جناحا السفينة وجناحا العسكر ، وجناحا الإنسان لجانبيه ، وقوله تعالى : «وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ » فاستعارة وذلك أنه لما كان الذل ضربين ضرب يضع الإنسان ، وضرب يرفعه ، وقصد في هذا المكان إلى ما يرفع الإنسان لا إلى ما يضعه استعار لفظ الجناح فكأنه قيل : استعمل الذل الذي يرفعك عند الله من أجل اكتسابك الرحمة أو من أجل رحمتك لهم وقال : الخفض ضد الرفع والخفض الدعة والسير اللين ، فهو حث على تليين الجانب والانقياد وكأنه ضد قوله : أن لا تعلوا على.

وقال البيضاوي في قوله تعالى : «وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ » تذلل لهما وتواضع فيهما ، جعل للذل جناحا وأمره بخفضها للمبالغة أو أراد جناحه كقوله : «وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ »(١) وإضافته إلى الذل للبيان والمبالغة كما أضيف حاتم إلى الجود ، والمعنى واخفض لهما جناحك الذليل.

الحديث الخامس : كالصحيح موقوف والظاهر أنه مضمر.

والضمير في« قال » راجع إلى الباقر أو الصادقعليهما‌السلام وكأنه سقط من النساخ أو الرواة ، وصنائع المعروف الإحسان إلى الغير بما يعرف حسنه شرعا وعقلا وكان الإضافة للبيان. قال في النهاية : الاصطناع افتعال من الصنيعة ، وهي العطية والكرامة والإحسان. وقال : المعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله تعالى ، والتقرب إليه والإحسان إلى الناس وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات « وهو من الصفات الغالبة » أي أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه ، والمعروف

__________________

(١) سورة الحجر : ٨٨.

١٧٩

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حسن البشر يذهب بالسخيمة.

باب

الصدق وأداء الأمانة

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله عز وجل لم يبعث نبيا إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة إلى البر والفاجر.

_________________________________________

النصفة وحسن الصحبة مع الأهل وغيرهم من الناس والمنكر ضد ذلك جميعه« يكسبان المحبة » أي محبته تعالى بمعنى إفاضة الرحمات والهدايات أو محبة الخلق ، ويؤيد الأولقوله : ويبعدان من الله لأن الظاهر أن يترتب على أحد الضدين نقيض ما يترتب على الضد الآخر.

الحديث السادس : موثق.

والسخيمة الحقد في النفس.

باب الصدق وأداء الأمانة

الحديث الأول : حسن.

« إلا بصدق الحديث » أي متصفا بهما أو كان الأمر بهما في شريعته ، وقد مر أنه يحتمل شمول الأمانة لجميع حقوق الله ، وحقوق الخلق ، لكن الظاهر منه أداء كل حق ائتمنك عليه إنسان ، برا كان أو فاجرا ، والظاهر أن الفاجر يشمل الكافر أيضا فيدل على عدم جواز الخيانة بل التقاص أيضا في ودائع الكفار وأماناتهم ، واختلف الأصحاب في التقاص مع تحقق شرائطه في الوديعة فذهب الشيخ في الاستبصار وأكثر المتأخرين إلى الجواز على كراهة وذهب الشيخ في النهاية

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

ثم اجتمع في تلك الصورة وفيها هيئة نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له الله تعالى: أنت المختار وعندك مستودع الأنوار، وأنت المصطفى المنتخب الرضا المنتجب المرتضى، من أجلك أضع البطحاء وأرفع السماء وأجري الماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار، وأنصب أهل بيتك علماً للهداية وأودع أسرارهم في سري بحيث لا يشكل عليهم دقيق ولا يغيب عنهم خفي، وأجعلهم حجتي على بريتي والمنبهين على قدري والمطلعين على أسرار خزائني.

ثم أخذ الحق سبحانه عليهم الشهادة بالربوبية والاقرار بالوحدانية في مكنون علمه، ونصب العوالم وموج الماء وأثار الزبد وأهاج الدخان، فطفى عرشه على الماء، ثم أنشأ الملائكة من أنوار أبدعها وأنواع اخترعها، ثم خلق الأرض وما فيها.

ثم قرن بتوحيده نبوة نبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصفيّه، وشهدت السماوات والأرض والملائكة والعرش والكرسي والشمس والقمر والنجوم وما في الأرض له بالنوبة، فلمّا خلق آدم أبان للملائكة فضله وأراهم ما خصه به من سابق العلم وجعله محراباً وقبلة لهم وسجدوا له، ثم بيّن لآدم حقيقة ذلك النور ومكنون ذلك السر، فلما حانت أيامه أودعه شيئاً، ولم يزل ينقل من الأصلاب الفاخرة إلى الأرحام الطاهرة إلى أن وصل عبد المطلب ثم إلى عبد الله ثم إلى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فدعا الناس ظاهراً وباطناً وندبهم سراً وعلانية، واستدعى الفهوم إلى القيام بحقوق ذلك السر المودع في الذر قبل النسل، فمن وافقه قبس من لمحات ذلك النور واهتدى إلى السر وانتهى إلى العهد المودع، ومن غمرته الغفلة وشغلته المحنة فاستحق البعد.

ثم لم يزل ذلك النور ينتقل فينا ويتشعشع في غرائزنا، فنحن أنوار السماوات والأرض وسفن النجاة، وفينا مكنون العلم وإلينا مصير الأمور وبمهديّنا تقطع الحجج خاتمة الأئمة ومنقذ الأمة ومنتهى النور، فليهن من استمسك بعروتنا وحشر

٢٠١

على محبتنا »(١) .

الرابع: كلام لعلي بن الحسين عليه‌السلام

وقال سيدنا الامام علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام : « نحن الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها ويغرق من تركها » رواه البلخي بقوله: « أخرج الحافظ الجعابي أن الامام زين العابدينرضي‌الله‌عنه قال: نحن الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها ويغرق من تركها، وإن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق من يحبّنا وهم في أصلاب آبائهم، فلا يقدرون على ترك ولا يتنا، لأن الله عز وجل جعل جبلتهم على ذلك »(٢) .

الخامس: القصيدة المنسوبة الى ابن العاص

وقال عمرو بن العاص في مدح أمير المؤمنينعليه‌السلام :

« هو النبأ العظيم وفلك نوح

وباب الله وانقطع الخطاب »

في قصيدة نسبها إليه جماعة من علماء أهل السنة، منهم: أبو محمد الحسن ابن أحمد بن يعقوب الهمداني اليمني في كتاب ( الإِكليل ) وجمال الدين المحدّث الشيرازي في ( تحفة الأحباء في مناقب آل العباء ).

قال أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني اليمني: « روى أن معاوية بن أبي سفيان قال يوماً لجلسائه: من قال في علي على ما فيه فله البدرة؟ فقال كل منهم كلاماً غير موافق من شتم أمير المؤمنين إلّا عمرو بن العاص، فإنه قال أبياتاً اعتقدها وخالفها بفعاله:

___________________

(١). تذكرة خواص الامة ١٢٨.

(٢). ينابيع المودة ٢٣.

٢٠٢

بآل محمد عرف الصواب

وفي أبياتهم نزل الكتاب

وهم حجج الإِله على البرايا

بهم وبجدّهم لا يستراب

ولا سيّما أبي حسن علي

له في المجد مرتبة تهاب

إذا طلبت صوارمهم(١) نفوساً

فليس بها(٢) سوى نعم جواب

طعام حسامه مهج الأعادي

وفيض دم الرقاب لها شراب

وضربته كبيعته بخم

معاقدها من الناس الرقاب

إذا لم تبرء من أعداء علي

فما لك في محبته ثواب

هو البكّاء في المحراب ليلاً

هو الضحّاك إنْ آن الضرّاب

هو النبأ العظيم وفلك نوح

وباب الله وانقطع الجواب(٣)

فأعطاه معاوية البدر وحرم الآخرين »(٤) .

السادس: كلام للحسن البصري (٥) .

وقال الحسن البصري في كتاب له إلى سيدنا الامام الحسن السبطعليه‌السلام « فإنكم معاشر بني هاشم كالفلك الجارية في بحر لجي، ومصابيح الدجى وأعلام الهدى، والأئمة القادة الذين من تبعهم نجا، كسفينة نوح المشحونة التي يؤول إليها المؤمنون وينجو فيها المتمسكون ».

___________________

(١). كذا والظاهر: صوارمه.

(٢). كذا والظاهر: لها.

(٣). كذا والظاهر: الخطاب.

(٤). هذا الاستشهاد مبني على نسبة من ذكرنا القصيدة إلى عمرو بن العاص. ومن القوم من نسبها إلى الناشئ الصغير المتوفى سنة ٣٦٥ وهي ٣٢ بيت، قال صاحب الغدير: وهو الأصح.

(٥).. الحسن البصري هو: الحسن بن يسار أبو سعيد. من كبار التابعين وإمام أهل البصرة وحبر الامة في زمنه، وأحد العلماء الفقهاء النساك عند أهل السنة. توفي سنة ١١٠ وله ترجمة في جميع كتب الرجال كتهذيب التهذيب وتقريب التهذيب وميزان الاعتدال. وقد أثنى عليه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء ٢ / ١٣١.

٢٠٣

رواه أبو الحسن الغزنوي في ( كشف المحجوب لأرباب القلوب ٦١ ) وعنه الشهاب الدولت آبادي في ( هداية السعداء ) وعبد الرحمن الجشتي في ( مرآة الأسرار ) ورواه محمد محبوب في ( تفسير شاهي ) بتفسير قوله تعالى:( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ ) عن كتاب ( جواهر العلوم ).

٢٠٤

دلالة حديث السفينة

٢٠٥

٢٠٦

ويدلّ حديث السفينة على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام : من وجوه:

١ - وجوب اتّباعهم

إن هذا الحديث يدلّ على وجوب اتباع أهل البيتعليهم‌السلام على الإِطلاق، ولا يجب اتباع أحد كذلك - بعد الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - إلّا الإمام كما دريت فيما سبق في وجوه دلالة حديث الثقلين على المطلوب.

ويشهد لدلالته على وجوب ابتاعهم مطلقاً كلمات عدة من علماء أهل السنة منهم العجيلي الشافعي، وقد تقدّم ذكر بعض تلك الكلمات.

٢ - إتباعهم يوجب النجاة

إن هذا الحديث يدل على أن اتباع أهل البيتعليهم‌السلام يوجب النجاة والخلاص، ومن المعلوم أن كونهم كذلك دليل العصمة، وهي تستلزم الامامة والخلافة.

وقد نصّ على دلالة الحديث على ذلك جماعة في بيان وجه تشبيههم بالسفينة:

قال الواحدي: « أنظر كيف دعا الخلق إلى النسب إلى ولائهم والسير تحت لوائهم بضرب مثله بسفينة نوحعليه‌السلام ، جعل ما في الآخرة من مخاوف

٢٠٧

الأخطار وأهوال النار كالبحر الذي لج براكبه، فيورده مشارع المنية ويفيض عليه سجال البلية، وجعل أهل بيته عليهو عليهم ‌السلام مسبب الخلاص من مخاوفه والنجاة من متالفه، وكما لا يعبر البحر الهياج عند تلاطم الامواج إلّا بالسفينة، كذلك لا يأمن نفخ الجحيم ولا يفوز بدار النعيم إلّا من تولى أهل بيت الرسول صلوات الله عليه وعليهم، وتخلى لهم وده ونصيحته وأكد في موالاتهم عقيدته، فإن الذين تخلّفوا عن تلك السفينة آلوا شر مآل وخرجوا من الدنيا إلى أنكال وجحيم ذات أغلال، وكما ضرب مثلهم بسفينة نوح قرنهم بكتاب الله تعالى فجعلهم ثاني الكتاب وشفع التنزيل »(١) .

وقال السمهودي في تنبيهات الذكر الخامس: « ثانيها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه، الحديث، ووجهه أن النجاة ثبتت لأهل السفينة من قوم نوحعليه‌السلام ، وقد سبق في الذكر قبله في حثّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على التمسك بالثقلين كتاب الله وعترته قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، و قوله في بعض الطرق: نبأني اللطيف الخبير ، فأثبت لهم بذلك النجاة وجعلهم وصلة اليها، فتم التمسك المذكور، ومحصله الحث على التعلّق بحبلهم وحبهم وإعظامهم شكراً لنعمة مشرفهم صلّى الله عليه وعليهم، والأخذ بهدي علمائهم ومحاسن أخلاقهم وشيمهم، فمن أخذ بذلك نجا من ظلمات المخالفة وأدى شكر النعمة الوافرة، ومن تخلّف عنه غرق في بحار الكفران وتيار الطغيان فاستوجب النيران »(٢) .

وقال ابن حجر: « ووجه تشبيههم بالسفينة فيما مر: إن من أحبهم وعظمهم شكراً لنعمة مشرفهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في مفاوز ( تيّار -

___________________

(١). تفسير الواحدي - مخطوط.

(٢). جواهر العقدين - مخطوط.

٢٠٨

ظ ) الطغيان »(١) .

٣ - دلالته على أفضليّتهم

إن هذا الحديث يدل على أفضلية أهل البيتعليهم‌السلام من سائر الناس مطلقاً، إذ لو كان أحد أفضل منهم - أو في مرتبتهم من الفضل - لأمر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالاقتداء به دونهم، وإلّا لزم أنْ يكون قد غش أمته، وحاشا لله من ذلك

وقد صرّح بدلالة الحديث على ذلك جماعة من أعيان علماء السنة كما تقدم.

٤ - دلالته على وجوب محبتهم

إن هذا الحديث يدل على وجوب محبة أهل البيتعليهم‌السلام على الإِطلاق، ووجوبها كذلك دليل على وجوب عصمتهم وأفضليتهم والانقياد لهم، كما بحث عن ذلك بالتفصيل في مجلد آية المودة. وكل ذلك يستلزم الإِمامة.

٥ - دلالته على عصمتهم

إن هذا الحديث يدل على أن محبة أهل البيتعليهم‌السلام توجب النجاة. وهذا المعنى يستلزم عصمتهم، إذ لو كان منهم ما يوجب سخط الباري تعالى لما جازت محبتهم ومتابعتهم فضلاً عن وجوبها وكونها سبباً للنجاة - وهذا واضح.

وإذا ثبتت عصمتهمعليهم‌السلام لم يبق ريب في إمامتهم

٦ - من تخلّف عنهم ضلّ

إن هذا الحديث يدل على هلاك وضلال المتخلّفين عن أهل البيت عليهم

___________________

(١). الصواعق المحرقة: ٩١.

٢٠٩

السلام، وتخلّف الخلفاء عنهم من الوضوح بمكان، كما أثبته علماؤنا الأعيان في كتب هذا الشأن، فبطل بهذا خلافتهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وثبتت خلافة سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٧ - هم الميزان المعرفة المؤمن والكافر

إن هذا الحديث يدل على أن من اتّبعهم كان من المفلحين الناجين، ومن خالفهم وتركهم كان من الكافرين الخاسرين، فبهم وباتّباعهم يعرف المؤمن من الكافر، وهذا المعنى أيضاً يقتضي الامامة والرئاسة العامة، لأنه من شوؤن العصمة المستلزمة للامامة كما تقدم.

٨ - دلالته على لزوم الامام في كلّ عصر

إن هذا الحديث يدل على لزوم وجود إمام معصوم من أهل البيتعليهم‌السلام في كل زمان إلى يوم القيامة، ليتسنى للأمة في جميع الأدوار ركوب تلك السفينة والنجاة بها من الهلاك، فهو إذاً يدل على صحة مذهب أهل الحق وبطلان المذاهب الأخرى، كما لا يخفى.

٩ - الجمع بين حديثي الثقلين والسفينة

لقد جاء حديث السفينة بعد حديث الثقلين في سياق طويل بحيث لا يبقى ريب لمن لاحظه في دلالته على مطلوب أهل الحق وذلك ما رواه أبو عبد الله محمد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازي في صدر كتابه ( الأربعين في فضائل أمير المؤمنين ) حيث قال: « وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني تارك فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فهما خليفتان بعدي، أحدهما أكبر من الآخر سبب موصول من السماء إلى الأرض، فإن استمسكتم بهما لن تضلوا، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض يوم القيامة، فلا تسبقوا أهل بيتي بالقول فتهلكوا ولا تقصّروا عنهم

٢١٠

فتذهبوا، فإن مثلهم فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك، ومثلهم فيكم كمثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له، ألا وإن أهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي جاء أمّتي ما يوعدون، ألا وإنّ الله عصمهم من الضلالة وطهّرهم من الفواحش واصطفاهم على العالمين، ألا وإنّ الله أوجب محبّتهم وأمر بمودتهم، ألا وإنّهم الشهداء على العباد في الدنيا ويوم المعاد، ألا وإنّهم أهل الولاية الدالّون على طرق الهداية، ألا وإنّ الله فرض لهم الطاعة على الفرق والجماعة، فمن تمسك بهم سلك ومن حاد عنهم هلك. ألا وإن العترة الهادية الطيبين دعاة الدين وأئمة المتقين وسادة المسلمين، وقادة المؤمنين وأمناء العالمين على البرية أجمعين، الذين فرّقوا بين الشك واليقين وجاءوا بالحق المبين »(١) .

١٠ - الحديث في سياق آخر

لقد ورد هذا الحديث في سياقٍ يدل دلالة واضحة على أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد بذلك النص على الأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام من بعده.

وقد جاء ذلك في حديث رواه أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي: « عن أبي سعيد الخدري، قال: صلّى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصلاة الاُولى ثم أقبل بوجهه الكريم علينا فقال: يا معاشر أصحابي إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح وباب حطة في بني إسرائيل، فتمسكوا بأهل بيتي بعدي الأئمة الراشدين من ذريتي، فإنكم لن تضلوا أبداً، فقيل: يا رسول الله كم الأئمة بعدك؟ قال: اثنا عشر من أهل بيتي - أو قال - من عترتي »(٢) .

فإنه يدل على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام من جهات:

١ - تشبيههصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهل البيت بسفينة نوح.

___________________

(١). الأربعين لابن أبي الفوارس - مخطوط.

(٢). مسند الفردوس.

٢١١

٢ - تشبيههم بباب حطة.

٣ - أمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأصحاب بالتمسك بهم.

٤ - وصفهم بالأئمة الراشدين.

٥ - ذكر أنهم لن يضلوا إن تمسكوا بهم.

٦ - كون الأئمة من بعده اثني عشر من أهل بيته.

١١ - الحديث في سياقٍ ثالث

لقد جاء هذا الحديث ضمن كلام للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، خاطب به علياًعليه‌السلام بأسلوب بديع وسياق رفيع لا يرتاب في كونه نصاً في الامامة إلا مكابر عنيد جاء ذلك في ( ينابيع المودة ) وهذا لفظه: « أخرجه الحمويني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا على أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلّا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك لحمك من لحمي ودمك من دمي، وروحك من روحي وسريرتك من سريرتي، وعلانيتك من علانيتي، وأنت إمام أمتي ووصيي، سعد من أطاعك وشقي من عصاك وربح من تولاك وخسر من عاداك، فاز من لزمك وهلك من فارقك، ومثلك ومثل الأئمة من ولدك مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة »(١) .

١٢ - معنى الحديث في كلام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

لقد جاء معنى هذا الحديث ضمن حديث يدل بوجوه عديدة على امامة أهل البيتعليهم‌السلام ، بحيث لو تأمله عاقل لم يخالجه أي شك في دلالته على

___________________

(١). ينابيع المودة ١٣٠.

٢١٢

مطلوب أهل الحق، و قد روى ذلك الحديث الهمداني في ( مودة القربى ) والبلخي القندوزي: « عن علي قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحبّ أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فيوال علياً بعدي وليعاد عدوّه وليأتمّ بالأئمة الهداة من ولده، فإنهم خلفائي وأوصيائي وحجج الله على خلقه بعدي وسادة [ سادات ] أمتي وقادة [ قادات ] الأتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبي وحزبي حزب الله، وحزب أعدائهم حزب الشيطان »(١) .

١٣ - الحديث مع حديث الأشباح

لقد جاء هذا الحديث في حديث الأشباح الخمسة بنهج يدل بوضوح على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام .

وهو ما رواه صدر الدين الحموئي بسنده: « عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: لما خلق الله تعالى أبا البشر ونفخ فيه من روحه، التفت آدم يمنة العرش فإذا نور خمسة أشباح سجّداً وركّعاً، قال آدم: يا رب هل خلقت أحداً من طين قبلي؟ قال: لا يا آدم. قال: فمن هؤلاء الخمسة الذين أراهم في هيئتي وصورتي؟ قال: هؤلاء خمسة من ولدك، لولاهم ما خلقتك ولولاهم ما خلقت الجنة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ولا الملائكة ولا الانس ولا الجن، هؤلاء الخمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي فأنا المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا الإِحسان وهذا الحسن، وأنا المحسن وهذا الحسين، آليت بعزتي أنه لا يأتيني أحد بمثقال حبّة من خردل من بغض أحدهم الّا أدخلته ناري ولا أبالي. يا آدم هؤلاء صفوتي من خلقي بهم أنجيهم وأهلكهم، فإذا كان لك إلى حاجة فبهؤلاء توسّل.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نحن سفينة النجاة من تعلّق بها نجا ومن

___________________

(١). ينابيع المودة ص ٢٥٨.

٢١٣

حاد عنها هلك، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت »(١) .

١٤ - الحديث مع حديث باب حطة

لقد جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين حديث السفينة - في طرق عديدة من طرقه - وحديث باب حطة وقد ثبت دلالة حديث باب حطة على وجوب اتباع أهل البيتعليهم‌السلام مطلقاً، وعلى عصمتهم وطهارتهم من الرجس، وعلى كفر المعرضين عنهم والمخالفين لهم

فهكذا حديث السفينة يفيد ذلك كله، وبكلّ منهما يتم مطلوب أهل الحق.

١٥ - في كلام امير المؤمنين عليه‌السلام

لقد جمع أمير المؤمنينعليه‌السلام بين حديث السفينة وباب حطة قائلاً - فيما رواه السيوطي كما تقدّم - « إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح وكباب حطة في بني إسرائيل » أي: إن الانقياد لهم والانقطاع إليهم سبب لنجاة الأمة كما نجا من ركب سفينة نوح ومن دخل باب حطة وهذا المقام لا يكون إلّا للامامعليه‌السلام .

١٦ - الحديث مع حديث الثقلين في كلامه عليه‌السلام

لقد جمع أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبة له - رواها اليعقوبي كما تقدّم - بين حديث السفينة وحديث الثقلين فأشار فيها إلى واقعة الغدير أيضاً وهذا يفيد أن حديث السفينة من براهين إمامتهعليه‌السلام مثلهما.

___________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٣٦.

٢١٤

١٧ - إهتمام أبي ذر بحديث السفينة

لقد اهتم سيدنا أبوذر رضوان الله عليه بشأن حديث السفينة، وهذا الاهتمام البالغ يكشف عن اعتقاده بدلالة هذا الحديث على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهذا هو الذي يرغم آناف الأعداء اللئام، ويرفع رؤوس الأولياء الكرام.

١٨ - الحديث مع حديث باب حطة في روايته

إنه رضوان الله تعالى عليه قرن - في رواية الطبراني وغيره - بين حديث السفينة وحديث باب حطة وهو يدل على المطلوب كما سبق.

١٩ - كلام أبي ذر رضي‌الله‌عنه

لقد علم من رواية ابن الصباغ المالكي وغيره: أن أباذر صعد على عتبة باب الكعبة ثم ذكر حديث السفينة، وأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إجعلوا أهل بيتي فيكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس

وهذا دليل واضح على عصمة أهل البيتعليهم‌السلام وإمامتهم وخلافتهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢٠ - جمعه بينه وبين حديثي الثقلين وباب حطة

لقد جمع أبوذررضي‌الله‌عنه - فيما رواه البلخي القندوزي - بين هذا الحديث وحديثي باب حطة والثقلين وهو أيضاً دليل على المطلوب.

٢١٥

٢١٦

دحض مناقشات الدهلوي

في دلالة حديث السفينة

٢١٧

٢١٨

وبعد، فلنأت على كلمات الدهلوي حول دلالة حديث السفينة، لنبيّن فساد مزاعمه وبطلان دعاويه في المقام، فنقول وبالله التوفيق:

قوله:

وكذلك حديث: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. فإنه لا يدل إلّا على الفلاح والهداية الحاصلين من حبّهم والناشئين من اتباعهم، وأن التخلّف عن حبّهم موجب للهلاك.

إعتراف الدهلوي بحصول الفلاح بحب أهل البيت

أقول:

إذا كان ( الدهلوي ) يعترف بذلك، فلم لا يعترف بإمامة أهل البيتعليهم‌السلام ؟ فلقد علمت أنّ إيجاب موالاتهم ومحبّتهم يستلزم خلافتهم وإمامتهم، على أنّه سيأتي اعترافه بأن الامام هو من أوجب اتّباعه النجاة في الآخرة.

قوله:

وهذا المعنى - بفضل الله تعالى - يختص به أهل السنة من بين الفرق الاسلامية كلّها.

٢١٩

أقول:

إن من المعلوم لدى كلّ عاقب بصير أنه ليس لأهل السنة من ولاء أهل البيتعليهم‌السلام واتباعهم نصيب أصلاً، فضلاً عن أن يكون خاصاً بهم، كيف وهم يوالون بل يقتدون بمن ظلمهم وحاربهم وسبّهم وسمّهم وأبغضهم وانحرف عنهم! هذا من جهة، ومن جهة أُخرى فإنهم ينفون فضلهم وينكرون عصمتهم ويخطّؤونهم في الأقوال والأفعال ولا يعتبرون بإجماعهم كما لا يخفى على من راجع كتبهم الكلامية والأصولية!! وهل هذا الذي زعمه ( الدهلوي ) إلّا مباهتة تتحير منها الأحلام والأذهان؟

قوله:

لأنهم متمسكون بحبل وداد أهل البيت جميعهم حسب ما يريد القرآن:( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ) وموقفهم من ذلك كموقفهم من الأنبياء:( لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) فلا يؤمنون ببعضهم ويعادون غيرهم.

هل أهل السنة متمسكون بأهل البيت؟

أقول: هذه دعوى باطلة لا يسندها أي دليل، ولعمري أنه يتذكر المرء منها قوله عز وجل:( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ) (١) .

وقوله تعالى:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ ) (٢) .

___________________

(١). سورة المنافقون - ١.

(٢). سورة البقرة - ٩.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434