مرآة العقول الجزء ٨

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 437

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 437
المشاهدات: 18751
تحميل: 8660


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 437 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18751 / تحميل: 8660
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 8

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الله تبارك وتعالى قد غفرت لك ولا أكتب عليك شيئاً أبداً ومن هم بسيئة فلا يعملها فإنه ربمّا عمل العبد السيئة فيراه الله سبحانه فيقول لا وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعدها أبدا.

٧ - عليّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا هممت بشيء من الخير فلا تؤخره فإن الله عزَّ وجلَّ ربمّا اطلع على العبد وهو على شيء من الطّاعة فيقول وعزتي وجلالي لا أعذبك بعدها أبداً وإذا هممت بسيئة فلا تعملها فإنه ربمّا اطلع الله على العبد وهو على شيء من المعصية فيقول وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعدها أبدا.

٨ - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن ابن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن محمّد بن حمرّان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا هم أحدكم بخير أو صلة فإن عن

_________________________________________________

قوله تعالى : قد غفرت لك ، الظاهر أن هذا من باب التفضل وذلك العمل يصير سبباً لاستحقّاق هذا الفضل ، ويحتمل أن يكون مبنيا على التكفير فإن الحسنات يذهبن السيئات ، ويكون هذا العمل مكفرا لـمّا بعده أيضاً ويحفظه الله فيما يأتي عن الكبائر كما مرّ ، وإمّا قوله : لا أغفر لك بعدها أبداً ، فهو إمّا لخروجه بذلك عن استحقّاق الغفران فيعاقب على جميع معاصيه بعد ذلك ، أو لاستحقّاقه للخذلان فيتسلط عليه الشيطان فيخرجه من الإيمان ، أو هو مبني على الحبط فيحبط هذا العمل ما يأتي به من الطّاعات بعده ، أعاذنا الله وسائر المؤمنين من ذلك والله المستعان.

الحديث السابع : حسن كالصحيح.

وفي المصباح اطلعت زيداً على كذا مثال أعلمته وزنا ومعنى فاطلع على افتعل أي أشرف عليه وعلم به.

الحديث الثامن : ضعيف.

« بخير » أي إيصال نفع إلى الغير أو الأعمّ منه ومن سائر الأعمال الصالحة

٣٤١

يمينه وشماله شيطانين فليبادر لا يكفاه عن ذلك.

٩ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الجارود قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول من هم بشيء من الخير فليعجله فإن كلّ شيء فيه تأخير فإن للشيطان فيه نظرة.

_________________________________________________

التّي ينتفع بها في الآخرة « أو صلة » أي صلة رحم من الوالدين والأقارب أو الأعمّ منهم ومن المؤمنين فيكون تخصيصا بعد التعميم أو المرّاد بالخير ما يصل نفعه إلى نفسه ، وبالصلة ما يصل إلى الغير « فإن عن يمينه وشماله » قد يقال صاحبّ اليمين يضله من جهة الطّاعة وصاحبّ الشمال من جهة المعصية.

واعلم أن النفوس البشرية نافرة على العبادات لـمّا فيها من المشقّة الثقيلة عليها ، وعن صلة الأرحام والمبرات لـمّا فيها من صرف المال المحبوب لها ، فإذا هم أحدهم بشيء من ذلك ممّا يوجب وصوله إلى مقام الزلفى وتشرفه بالسعادة العظمى فليبادر إلى إمضائه وليعجل إلى اقتنائه فإن الشيطان أبداً في مكمن ينتهض الفرصة لنفثه في نفسه الأمارة بالسوء ويتحرى الحيلة مرّة بعد أخرى في منعها عن الإرادات الصحيحة الموجبة لسعادتها وأمرّها بالقبائح المورثة لشقاوتها ، ويجلب عليها خيله ورجله من جميع الجهات ليسد عليها طرق الوصول إلى الخيرات ، وهي مع ذلك قابلة لتلك الوساوس ومائلة بالطبع إلى هذه الخسائس فربمّا يتمكّن منها الشيطان غاية التمكن حتّى يصرفها عن تلك الإرادة ويكفها عن هذه السعادة وهي مجربة مشاهدة في أكثر النّاس إلّا من عصمه الله « لا يكفاه » أي لا يمنعاه.

الحديث التاسع : ضعيف.

« فإن للشيطان فيه نظرة » بسكون الظاء أي فكرة لأحداًث حيلة يكفّ بها العبد عن الإتيان بالخير ، أو بكسرها يعنّي مهلة يتفكر فيها لذلك ، أو بالتحريك بمعنى الحكم أو بمعنى الفكر أو بمعنى الانتظار والكلّ مناسب ، قال في القاموس : نظره كنصره

٣٤٢

١٠ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن عليّ بن أسباط ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إن الله ثقل الخير على أهل الدنيا

_________________________________________________

وسمعه وإليه نظراً ومنظراً تأمله بعينه ، وبينهم حكم والنظر محركة الفكر في الشيء تقدره وتقيسه ، والانتظار والحكم بين القوم والإعانة والفعل كنصر والنظرة كفرحة : التأخير في الأمر والنظرة : الهيبة.

الحديث العاشرّ : موثق كالصحيح.

« ثقل الخير على أهل الدّنيا » أي على جميع المكلفين في الدّنيا بأن جعل ما كلفهم به مخألفاً لمشتهيات طباعهم وإن كان المقربون لقوة عقولهم وكثرة علومهم ورياضاتهم غلبوا على أهوائهم وصار عليهم خفيفا بل يلتذون به أو المرّاد بأهل الدّنيا الراغبون فيها والطالبون مع ذلك للآخرة فهم يزجرون أنفسهم على ترك الشهوات فالحسنات عليهم ثقيلة والشرور عليهم خفيفة ، والثقل والخفة في الموازين إشارة إلى قوله تعالى : «فَإمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ، وَإمّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ »(١) .

واعلم أنه لا خلاف في حقّية الميزان وقد نطق به صريح القرآن في مواضع لكنّ اختلف المتكلمون من الخاصّة والعامّة في معناه ، فمنهم من حمله على المجاز وأن المرّاد من الموازين هي التعديل بين الأعمال والجزاء عليها ووضع كلّ جزاء في موضعه وإيصال كلّ ذي حقّ إلى حقّه ، ذهب إليه الشيخ المفيد قدّس الله روحه وجماعة من العامة ، والأكثرون منّا ومنهم حملوه على الحقّيقة ، وقالوا : إن الله ينصب ميزانا له لسان وكفتان يوم القيامة فتوزن به أعمال العبّاد والحسنات والسيئات ، واختلفوا في كيفيّة الوزن لأن الأعمال إعراض لا تجوز عليها الإعادة ولا يكون لها وزن ولا تقوم بأنفسها ، فقيل : توزن صحائف الأعمال

____________________

(١) سورة القارعة : ٨ - ٩.

٣٤٣

كثقله في موازينهم يوم القيامة وإن الله عزَّ وجلَّ خفف الشرّ على أهل الدّنيا كخفته في موازينهم يوم القيامة.

_________________________________________________

وقيل : تظهر علامات للحسنات وعلامات للسيئات في الكفّتين فتراها النّاس وقيل : تظهر للحسنات صور حسنة وللسيئات صور سيئة وهو مرّوي عن ابن عباس ، وقيل : بتجسم الأعمال في تلك النشأة وقالوا بجواز تبدل الحقّائق في النشأتين كما في النوم واليقظة ، وقيل : توزن نفس المؤمن والكافر فعن عبيد بن عمير قال : يؤتى بالرّجل العظيم الجثة فلا يزن جناح بعوضة وقيل : الميزان واحد والجمع باعتبار أنواع الأعمال والأشخاص ، وقيل : الموازين متعددة بحسب ذلك ، وقد ورد في الأخبار أن الأئمّةعليهم‌السلام هم الموازين القسط ، فيمكن حملها على أنهم الحاضرون عندها والحاكمون عليها وعدم صرف ألفاظ القرآن عن حقّائقها بدون حجّة قاطعة أولى.

فعلى القول بظاهر الميزان نسبة الخفة والثقل إلى الموازين باعتبار كفة الحسنات فالمرّاد بمن خفت موازينه من خفت كفة حسناته بسبب ثقل كفة سيئاته ، قال الطبرسي (ره) في قوله تعالى : «فَإمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ » إلخ ، قد ذكر سبحانه الحسنات في الموضعين ولم يذكر وزن السيئات لأن الوزن عبارة عن القدر والخطر والسيئة لا خطر لها ولا قدر وإنما الخطر والقدر للحسنات فكان المعنى فإمّا من عظم قدره عند الله لكثرة حسناته ، ومن خف قدره عند الله لخفة حسناته ، انتهى.

وإمّا ما ورد في الخبر من نسبة الخفة إلى الشرّ فيمكن أن يكون الإسناد على المجاز ، فإن الشرّ لـمّا كان علة لخفة كفة الحسنات نسبة الخفة إليها أو لأنه يصير سبباً لخفة قدر صأحبّه ومذلته ، ولا يبعد القول بوحدة كفة الميزان في القيامة فتوضع فيها الحسنات والسيئات معاً فتخف بسبب السيئات وتثقل بسبب الحسنات ، فتكون لوقوفها منازل من الاعتدال والثقل والخفة ، كما ذهب إليه بعض المحدثين فالآيات والأخبار تعتدل على ظواهرها ، والله يعلم حقّائق كلامه وكلام حججه وهمعليهم‌السلام .

٣٤٤

( باب )

( الإنصاف والعدل )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن الحسن بن حمزة ، عن جدّه ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن عليّ بن الحسين صلوات الله عليه قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في آخر خطبته طوبى لمن طاب خلقه وطهرت سجيّته وصلحت سريرته وحسنت علانيّته وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله وأنصف النّاس من نفسه

_________________________________________________

باب الإنصاف والعدل

الحديث الأول : مجهول.

« طوبى » أي الجنّة أو شجرتها المعروفة أو أطيب الأحوال في الدّنيا والآخرة « لمن طاب خلقه » بضم الخاء أي تخلّق بالأخلاق الحسنة ، ويحتمل الفتح أيضاً أي يكون مخلوقاً من طينة حسنة « وطهرت سجيّته » أي طبيعته من الأخلاق الرذيلة فعلى الأوّل يكون تأكيداً لـمّا سبق ، وفي المصباح : السجية الغريزة والجمع سجايا « وصلحت سريرته » أي قلبه بالمعارف الإلهية والعقائد الإيمانيّة وبالخلو عن الحقّد والنفاق وقصد إضرار المسلمين ، أو بواطن أحواله بأن لا تكون مخالفة لظواهرها كالمرّائين ، وفي القاموس : السرّ ما يكتم كالسريرة.

« وحسنت علانيته » بكونها موافقة للآداب الشرعيّة « وأنفق الفضل من ماله » بإخراج الحقّوق الواجبة والمندوبة أو الأعمّ منهما وممّا فضل من الكفّاف « وأمسك الفضل من قوله » بحفظ لسانه عمّا لا يعنيه « وأنصف النّاس من نفسه» أي كان حكماً وحاكماً على نفسه فيما كان بينه وبين النّاس ، ورضي لهم ما رضي لنفسه ، وكره لهم ما كره لنفسه ، وكان كلمة من للتعليل ، أي كان إنصافه النّاس بسبب نفسه لا بانتصاف حاكم غيره.

٣٤٥

٢ - عنه ، عن محمّد بن سنان ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنّة ؟ أنفق ولا تخف فقرا وأفش السلام في العالم واترك المرّاء وإن كنت محقّاً وأنصف النّاس من نفسك.

٣ - عنه ، عن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن عليّ بن عقبة ، عن جارود أبي

_________________________________________________

قال في المصباح : نصفت المال بين الرجلين أنصفه من باب قتل قسمته نصفين وأنصفت الرجل إنصافاً عاملته بالعدل وبالقسط ، والاسم النصفة بفتحتين لأنّك أعطيته من الحقّ ما تستحقّه لنفسك.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

« من يضمن لي أربعة » من للاستفهام ، ويقال : ضمنت المال وبه ضمانا فأنا ضامن وضمين التزمته « بأربعة أبيات » الباء للمقابلة والأبيات جمع بيت كالبيوت ، والحاصل من يلتزم لي أربعة من الأعمال في مقابلة أربعة أبيات ألتزمها له في الجنّة ، وفي المحاسن : من يضمن لي أربعة أضمن له بأربعة أبيات ثم بينعليه‌السلام الأعمال على سبيل الاستئناف ، كان السائل قال : ما هي حتّى أفعلها؟ قال : « أنفق » أي فضل مالك في سبيل الله ، وما يوجب رضاه « ولا تخف فقراً » فإن الإنفاق موجب للخلف « وأفش السلام في العالم » أي أنشرّ التسليم وأكثره أي سلم على كلّ من لقيته إلّا ما استثني ممّا سيأتي في بابه. في القاموس : فشا خبره وعرفه وفضله فشواً وفشوّاً وفشياً : انتشرّ وأفشاه.

« واترك المرّاء » أي الجدال والمنازعة وإن كان في مسائل العلمية إذا لم يكن الغرض إظهار الحقّ وإلّا فهو مطلوب كما قال تعالى : «وَجادِلْهُمْ بِالتّي هِيَ أَحْسَنُ »(١) وقد مرّ الكلام فيه.

الحديث الثالث : موثق.

____________________

(١) سورة النحل : ١٢٥ ،.

٣٤٦

المنذر قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول سيد الأعمال ثلاثة إنصاف النّاس من نفسك حتّى لا ترضى بشيء إلّا رضيت لهم مثله ومواساتك الأخ في المال وذكر الله على كلّ حال ليس سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر فقط ولكن

_________________________________________________

« سيّد الأعمال » أي أشرفها وأفضلها « حتّى لا ترضى بشيء » أي لنفسك أي لا يطلب منهم من المنافع إلّا مثل ما يعطيهم ، ولا ينيلهم من المضار إلّا ما يرضى أن يناله منهم ويحكم لهم على نفسه « ومواساتك الأخ في المال » أي جعله شريكك في مالك وسيأتي الأخ في الله فيشمل نصرته بالنّفس والمال وكلـمّا يحتاج إلى النصرة فيه.

قال في النهاية : قد تكرر ذكر الأسوة والمواساة وهي بكسر الهمزة وضمها القدرة والمواساة المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق وأصلها الهمزة فقلبت واوا تخفيفا وفي القاموس : الأسوة بالكسر والضم القدوة واساه بماله مواساة أناله منه وجعله فيه أسوة ولا يكون ذلك إلّا من كفاف ، فإن كان من فضلة فليس بمواساة وقال : واساه آساه لغة رديئة ، انتهى.

« وذكر الله على كلّ حال » سواء كانت الأحوال شريفة أو خسيسة كحال الجنابة وحال الخلاء وغيرهما « ليس » أي ذكر الله « سبحان الله » إلخ ، أي منحصرا فيها كما تفهمه العوام وإن كان ذلك من حيث المجموع وكلّ واحد من أجزائه ذكرا أيضاً ولكنّ العمدة في الذكر ما سيذكر.

واعلم أنّ الذكر ثلاثة أنواع : ذكر بالّلسان ، وذكر بالقلب ، والأوّل يحصل بتلاوة القرآن والأدعية ، وذكر أسماء الله وصفاته سبحانه ودلائل التوحيد والنبوة والإمامة والعدل والمعاد والمواعظ والنصائح ، وذكر صفات الأئمّةعليهم‌السلام وفضائلهم ومناقبهم ، فإنه روي عنهمعليهم‌السلام إذا ذكرنا ذكر الله وإذا ذكر أعداؤنا ذكر الشيطان وبالجملة كلّما يصير سبباً لذكره تعالى حتّى المسائل الفقهية والأخبار المأثورة عنهمعليهم‌السلام .

٣٤٧

إذا ورد عليك شيء أمر الله عزَّ وجلَّ به أخذت به أو إذا ورد عليك شيء نهى الله عزَّ وجلَّ عنه تركته.

٤ - عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن عليّ بن المعلّى ، عن يحيى بن أحمد ، عن أبي محمّد الميثمي ، عن رومي بن زرارة

_________________________________________________

والثاني نوعان : أحدهما التفكّر في دلائل جميع ما ذكر وتذكرها وتذكر نعم الله وآلائه والتفكّر في فناء الدّنيا وترجيح الآخرة عليها وأمثال ذلك ممّا مرّ في باب التفكّر ، والثاني تذكر عقوبات الآخرة ومثوباتها عند عروض شيء أمرّ الله به أو نهى عنه ، فيصير سبباً لارتكاب الأوامرّ والارتداع عن النواهي ، وقالوا : الثالث من أقسام الثلاثة أفضل من الأولين ، ومن العامة من فضل الأوّل على الثالث مستنداً بأن في الأوّل زيادة عمل الجوارح ، وزيادة العمل تقتضي زيادة الأجر ، والحقّ أن الأوّل إذا انضم إلى أحد الأخيرين كان المجموع أفضل من كلّ منهما بانفراده ، إلّا إذا كان الذكر القلبي بدون الذكر اللساني أكمل في الإخلاص وسائر الجهات فيمكن أن يكون بهذه الجهة أفضل من المجموع ، وإمّا الذكر اللساني بدون الذكر القلبي كما هو الشائع عند أكثر الخلق أنّهم يذكرون الله بالّلسان على سبيل العادة ، مع غفلتهم عنه ، وشغل قلبهم بما يلهى عن الله ، فهذا الذكر لو كان له ثواب لكانت له درجة نازلة من الثّواب ، ولا ريب أن الذكر القلبي فقط أفضل منه ، وكذا المواعظ والنصائح التّي يذكرها الوعاظ رياء من غير تأثر قلبهم به ، فهذا أيضاً لو لم يكن صأحبّه معاقبا فليس بمثاب ، وإمّا الترجيح بين الثاني والثالث فمشكلّ مع أن لكلّ منهما أفراد كثيرة لا يمكن تفضيلها وترجيحها.

ثم إن العامة اختلفوا في أن الذكر القلبي هل تعرفه الملائكة وتكتبه أم لا؟

فقيل بالأوّل ، لأن الله تعالى يجعل له علامة تعرفه الملائكة بها ، وقيل بالثاني لأنّهم لا يطلعون عليها.

الحديث الرابع : مجهول ، وكلمة من شرطية.

٣٤٨

عن أبيه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في كلام له إلّا إنّه من ينصف النّاس من نفسه لم يزده الله إلّا عزّاً.

٥ - عنه ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة حتّى يفرغ من الحساب رجل لم تدعه قدرة في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يده ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة ورجل قال بالحقّ فيما له وعليه.

٦ - عنه ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، عن

_________________________________________________

الحديث الخامس : موثق.

« هم أقرب الخلق » أي بالقرب المعنويّ كناية عن شمول لطفه ورحمته تعالى لهم ، أو المرّاد به القرب من عرشه تعالى ، أو من الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام الذي إليهم حساب الخلق وعلى الأوّل ليس المرّاد بالغاية انقطاع القرب بعده ، بل المرّاد أن في جميع الموقف الذي النّاس فيه خائفون وفارغون ومشغولون بالحساب ، هم في محلّ الأمن والقرب وتحت ظلّ العرش وبعده أيضاً كذلك بالطريق الأولى.

وقوله : حتّى يفرغ ، إمّا على بناء المعلوم والمستتر راجع إلى الله أو على بناء المجهول ، والظرف نائب الفاعل « لم تدعه » أي لم تحمله من دعا يدعو « قدرة » بالتنوين والإضافة إلى الضمير بعيد أي قدرة على الحيف وهو الجور والظلم ، ويمكن حمله هنا على ما يشمل الانتقام بالمثل المجوز أيضاً ، فإن العفو أفضل ، وفي الخصال قدرته « ورجل مشى بين اثنين » بالمشي الحقّيقي أو كناية عن الحكم بينهما أو الأعمّ منه ومن أداء رسالة أو مصالحة « بشعيرة » مبالغة مشهورة في القلة ، والمرّاد ترك الميل بالكلية « فيما له وعليه » أي فيما ينفعه في الدّنيا أو يضره فيها.

الحديث السادس : مجهول وسيأتي تمام الخبر ، ورواه المفيد (ره) في مجالسه بإسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبيدة الحذّاء عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال

٣٤٩

الحسن البزَّاز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في حديث له إلّا أخبركم بأشدّ ما فرض الله على خلقه فذكر ثلاثة أشياء أوَّلها : إنصاف النّاس من نفسك.

٧ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سيّد الأعمال إنصاف النّاس من نفسك ومواساة الأخ في الله وذكر الله عزَّ وجلَّ على كلّ حال.

٨ - عليّ ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، عن الحسن البزاز قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام إلّا أخبرك بأشدّ ما فرض الله على خلقه ثلاث قلت بلى قال إنصاف النّاس من نفسك ومواساتك أخاك وذكر الله في كلّ موطن إمّا إني لا أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر وإن كان هذا من ذاك ولكنّ ذكر الله جل وعزَّ في كلّ موطن إذا هجمت على طاعة أو على معصية.

_________________________________________________

إلّا أخبرك بأشدّ ما افترض الله على خلقه : إنصاف النّاس من أنفسهم ، ومواساة الإخوان في الله عزَّ وجلَّ ، وذكر الله على كلّ حال ، فإن عرضت له طاعة لله عمل بها ، وإن عرضت له معصية تركها ، وكان المرّاد بالفرض أعمّ من الواجب والسنة المؤكدة.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور ، وقد مرّ في الثالث ، وهنا مكان في المال « في الله » أي الأخ الذي إخوته لله لا للأغراض الدنيويّة أو هو متعلّق بالمواساة ، أي تكون المواساة لله لا للشهرة والفخر ، وعلى التقديرين ما فيه المواساة يشمل غير المال أيضاً.

الحديث الثامن : مجهول.

« بأشدّ ما فرض الله على خلقه ثلاث » ليس ثلاث في بعض النّسخ وهو أظهر ، وعلى تقديره بدل أو عطف بيان للأشدّ أو خبر مبتدء محذوف « إذا هجمت » على بناء المعلوم أو المجهول ، في القاموس : هجم عليه هجوما انتهى إليه بغتة أو دخل

٣٥٠

٩ - ابن محبوب ، عن أبي أسامة قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ما ابتلي المؤمن بشيء أشدُّ عليه من خصال ثلاث يحرمها قيل وما هن قال المواساة في ذات يده والإنصاف من نفسه وذكر الله كثيراً إمّا إني لا أقول - سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله ولكنّ ذكر الله عند ما أحلّ له وذكر الله عند ما حرم عليه.

١٠ - عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن جدّه أبي البلاد رفعه قال جاء أعرابي إلى النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يريد بعض غزواته فأخذ بغرز راحلته فقال يا رسول الله علّمني عملاً أدخل

_________________________________________________

بغير إذن أو دخل وفلاناً أدخله كأهجمه ، انتهى.

وفي بعض النّسخ إذا همت والأوّل أكثر وأظهر.

الحديث التاسع : حسن كالصحيح.

« أشدّ عليه » أي في الآخرة « يحرمها » على بناء المجهول وهو بدل اشتمال للخصال ، أي من حرمان خصال ثلاث يقال : حرمة الشيء كضربه وعلمه حريما وحرمانا بالكسر منعه ، فهو محروم ، ومن قرأ على بناء المعلوم من قولهم حرمته إذا امتنعت فعله فقد أخطأ ، واشتبه عليه ما في كتب اللّغة « في ذات يده » أي الأموال المصاحبة ليده أي المملوكة له ، فإن الملك ينسب غالباً إلى اليد كما يقال :

ملك اليمين ، قال الطيبي : ذات الشيء نفسه وحقّيقته ، ويراد به ما أضيف إليه ومنه إصلاح ذات البين أي إصلاح أحوال بينكم حتّى تكون أحوال ألفه ومحبة واتفاق ، كعليم بذات الصدور أي بمضمرّاتها ، وفي شرح جامع الأصول في ذات يده أي فيما يملكه من ملك وأثاث.

الحديث العاشر : مرّفوع.

« فأخذ بغرز راحلته » قال الجوهري : الغرز ركاب الرحل من جلد عن أبي الغوث قال : فإذا كان من خشب أو حديد فهو ركاب ، وقال : رحل البعير أصغر من

٣٥١

به الجنّة ، فقال ما أحببت أن يأتيه النّاس إليك فأته إليهم وما كرهت أن يأتيه النّاس إليك فلا تأته إليهم خلّ سبيل الراحلة.

١١ - أبو عليّ الأشعري ، عن الحسن بن عليّ الكوفي ، عن عبيس بن هشام ، عن عبد الكريم ، عن الحلبيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال العدل أحلى من الماء يصيبه

_________________________________________________

القتب ، والراحلة : الناقة التّي تصلح لأن ترحل ، ويقال : الراحلة المرّكب من الإبل ذكراً كان أو أنثى ، انتهى.

« أن يأتيه النّاس إليك » كأنه على الحذف والإيصال ، أي يأتي به النّاس إليك ، أو هو من قولهم أتى الأمر أي فعله ، أي يفعله النّاس منتهيا إليك ، ويمكن أن يقرأ على بناء التفعيل من قولهم : أتيت الماء تأتيه أي سهلت سبيله ، وقال في المصباح : أتى الرّجل يأتي إيتاءاً : جاء ، وأتيته يستعمل لازماً ومتعّدياً.

الحديث الحادي عشر : موثق.

والعدل ضدّ الجور ، ويطلق على ملكة للنّفس تقتضي الاعتدال في جميع الأمور ، واختيار الوسط بين الإفراط والتفريط ، ويطلق على إجراء القوانين الشرعيّة في الأحكام الجارية بين الخلق.

قال الرّاغب : العدل ضربان : مطلق يقتضي العقل حسنه ، ولا يكون في شيء من الأزمنة منسوخاً ولا يوصف بالاعتداء بوجه نحو الإحسّان إلى من أحسن إليك وكفّ الأذية عمّن يكفّ أذاه عنك ، وعدل يعرف كونه عدلا بالشرع ، ويمكن أن يكون منسوخاً في بعض الأزمنة كالقصاص وأرش الجنايات ، ولذلك قال :

«فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ »(١) وقال : «وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها »(٢) فسمّي ذلك اعتداء وسيئة ، وهذا النحو هو المعنى بقوله : «إِنَّ اللهَ يَأْمرّ بِالْعَدْلِ وَالْإِحسّان »(٣) فإن العدل هو المساواة في المكافاة إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً ،

____________________

(١) سورة البقرة : ١٩٤. (٢) سورة الشورى : ٤٠.

(٣) سورة النحل : ٩٠.

٣٥٢

الظمآن ، ما أوسع العدل إذا عدل فيه وإن قلَّ.

١٢ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أنصف النّاس من نفسه رضي به حكماً لغيره.

١٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن يوسف بن عمران بن ميثم ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أوحى الله عزَّ

_________________________________________________

والإحسان أن يقابل الخير بأكثر منه ، والشرّ بأقل منه ، انتهى.

وقولهعليه‌السلام : إذا عدل فيه ، يحتمل وجوهاً : الأوّل أن يكون الضّمير راجعاً إلى الأمر أي ما أوسع العدل إذا عدل في أمرّ وإن قل ذلك الأمرّ.

الثاني : أن يكون الضّمير راجعاً إلى العدل ، والمرّاد بالعدل الأمر الذي عدل فيه فيرجع إلى المعنى الأوّل ويكون تأكيدا. « الثالث » : إرجاع الضمير إلى العدل أيضاً ، والمعنى ما أوسع العدل الذي عدل فيه أي يكون العدل واقعيا حقّيقيا لا ما يسميه النّاس عدلا ، أو يكون عدلا خالصاً غير مخلوط بجور أو يكون عدلا ساريا في جميع الجوارح لا مخصوصاً ببعضها ، وفي جميع النّاس لا يختص بعضهم.

« الرابع » : ما قيل : أن عدل على المجهول من بناء التفعيل ، والمرّاد جريانه في جميع الوقائع لا أن يعدل إذا لم يتعلق به غرض فالتعديل رعاية التعادل والتساوي وعلى التقادير يحتمل أن يكون المرّاد بقوله : وإن قلّ ، بيان قلّة العدل بين الناس.

الحديث الثاني عشر : مرسل.

« رضي به » على بناء المجهول « حكما » بالتحريك تميز أو حال عن ضمير به ، والمعنى أنه يجب أن يكون الحاكم بين النّاس من أنصف النّاس من نفسه ، ويمكن أن يقرأ على بناء المعلوم أي من أنصف النّاس من نفسه لم يحتج إلى حاكم ، بل رضي أن تكون نفسه حكماً بينه وبين غيره ، والأوّل أظهر.

الحديث الثالث عشر : ضعيف على المشهور.

٣٥٣

وجلَّ إلى آدمعليه‌السلام أني سأجمع لك الكلام في أربع كلمات قال يا رب وما هن قال واحدة لي وواحدة لك وواحدة فيما بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين النّاس قال يا رب بينهن لي حتّى أعلمهن قال إمّا التّي لي فتعبدني «لا تُشْرِكْ بِي شيئاً » وإمّا التّي لك فأجزيك بعملك أحوج ما تكون إليه وإمّا التّي بيني وبينك فعليك الدّعاء وعليّ الإجابة وإمّا التّي بينك وبين النّاس فترضى للنّاس ما ترضى لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك.

١٤ - أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن ابن فضّال ، عن غالب بن عثمان ، عن روح ابن أخت المعلّى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال اتقوا الله واعدلوا

_________________________________________________

« سأجمع لك الكلام » أي الكلمات الحقّة الجامعة النافعة « فتعبدني » هذه الكلمة جامعة لجميع العبادات الحقّة والإخلاص الذي هو من أعظم شروطها ، ومعرفة الله تعالى بالوحدانيّة والتنزيه عن جميع النقائص والتوكلّ عليه في جميع الأمور.

قوله تعالى : أحوج ما تكون إليه ، أحوج منصوب بالظرفية الزمانيّة فإن كلمة ما مصدريّة ، وأحوج مضاف إلى المصدر ، وكما أن المصدر يكون نائباً لظرف الزّمان نحو رأيته قدوم الحاج فكذا المضاف إليه يكون نائبا له ، ونسبة الاحتياج إلى الكون على المجاز ، و « تكون » تامة و « إليه » متعلّق بالأحوج ، وضميره راجع إلى الجزاء الذي هو في ضمن أجزيك.

قوله : فعليك الدّعاء ، كان الدّعاء مبتدأ وعليك خبره ، وكذا : على الإجابة ، ويحتمل أن يكون بتقدير عليك بالدعاء.

الحديث الرابع عشر : موثق.

« واعدلوا » أي في أهاليكم ومعامليكم ، وكلّ من لكم عليهم الولاية ، روي عن النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته « فإنّكم تعيبون على

٣٥٤

فإنّكم تعيبون على قوم لا يعدلون.

١٥ - عنه ، عن ابن محبوب ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال العدل أحلى من الشهد وألين من الزَّبد وأطيب ريحاً من المسك.

١٦ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عثمان بن جبلة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث خصال من كنَّ فيه أو واحدة منهنَّ كان في ظلّ عرش الله يوم لا ظلّ إلّا ظلّه : رجلٌ أعطى النّاس

_________________________________________________

قوم لا يعدلون » بين النّاس من أمرّاء الجور فلا ينبغي لكم أن تفعلوا ما تلومون غيركم عليه.

الحديث الخامس عشر : موثق.

والظاهر رجوع ضمير « عنه » إلى أحمد بن محمّد بن عيسى في الخبر السّابق ، وغفل عن توسط خبر آخر كما لا يخفى على المتتبع ، ويحتمل عوده إلى إبراهيم ابن هاشم لروايته سابقاً عن ابن محبوب ، ويمكن عوده إلى محمّد بن عبد الجبّار والأوّل أظهر كما لا يخفى على المتتبع.

« أحلى من الشهد » من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس لألف أكثر الخلق بتلك المشتهيات البدنيّة الدنية.

الحديث السادس عشر : مجهول.

« يوم لا ظلّ إلّا ظله » الضمير راجع إلى الله أو إلى العرش ، فعلى الأوّل يحتمل أن يكون لله تعالى يوم القيامة ظلال غير ظلّ العرش وهو أعظمها وأشرفها يخص الله سبحانه من يشاء من عباده ومن جملتهم صاحبّ هذه الخصال ، وقيل على الأخير : ينافي ظاهرا ما روي عن النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن أرض القيامة نار ما خلا ظلّ المؤمن فإن صدقته تظله ، ومن ثم قيل : إن في القيامة ظلإلّا بحسب الأعمال تفيء أصحابها من حر الشمس والنار ، وأنفاس الخلائق ، ولكنّ ظلّ العرش

٣٥٥

من نفسه ما هو سائلهم ورجل لم يقدم رجلاً ولم يؤخر رجلاً حتّى يعلم أن ذلك لله رضاً ورجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتّى ينفي ذلك العيب عن نفسه فإنه لا ينفي منها عيبا إلّا بدا له عيب وكفى بالمرّء شغلا بنفسه عن الناس.

_________________________________________________

أحسنها وأعظمها ، وقد يجاب بأنه يمكن أن لا يكون هناك إلّا ظلّ العرش يظلّ بها من يشاء من عباده المؤمنين ولكنّ ظلّ العرش لـمّا كان لا ينال إلّا بالأعمال ، وكانت الأعمال تختلف فيحصل لكلّ عامل ظلّ يخصه من ظلّ العرش بحسب عمله وإضافة الظلّ إلى الأعمال باعتبار أن الأعمال سبب لاستقرار العامل فيه.

وقال الطيبي : في ظلّ عرش الله ، أي في ظلّ الله من الحر والوهج في الموقف ، أو أوقفه الله في ظلّ عرشه حقّيقة وقال النووي : قيل : الظلّ عبارة عن الراحة والنعيم ، نحو هو في عيش ظليل ، والمرّاد ظلّ الكرامة لا ظلّ الشمس لأن سائر العالم تحت العرش ، وقيل : يحتمل جعل جزء من العرش حائلا تحت فلك الشمس ، وقيل : أي كنه من المكاره ووهج الموقف ويوم لا ظلّ إلّا ظله أي دنت منهم الشمس واشتد الحر وأخذهم العرق ، وقيل : أي لا يكون من له ظلّ كما في الدنيا.

قولهعليه‌السلام : لم يقدم رجلاً ، بكسر الراء في الموضعين وهي عبارة شايعة عند العرب والعجم في التعميم في الأعمال أو الأفعال ، أو التقديم كناية عن الفعل ، والتأخير عن الترك ، كما يقال في التردد في الفعل والترك يقدم رجلاً ويؤخر أخرى ، وإمّا قراءة رجلاً بفتح الراء وضم الجيم فهو تصحيف.

قولهعليه‌السلام : حتّى ينفي قيل : « حتّى » هنا مثله في قوله تعالى «حتّى يَلِجَ الْجَمَلُ »(١) في التعليق على المحال لتتمّة الخبر « وكفى بالمرّء شغلا » الباء زائدة وشغلا تميز ، والمعنى من شغل بعيوب نفسه وإصلاحها لا يحصل له فراغ ليشتغل بعيوب النّاس وتفتيشها ولومهم عليها.

____________________

(١) سورة الأعراف : ٤٠.

٣٥٦

١٧ - عنه ، عن عبد الرّحمن بن حمّاد الكوفي ، عن عبد الله بن إبراهيم الغفاري ، عن جعفر بن إبراهيم الجعفري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من واسى الفقير من ماله وأنصف النّاس من نفسه فذلك المؤمن حقّا.

١٨ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن خالد بن نافع بيّاع السابري ، عن يوسف البزَّاز قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ما تدارأ اثنان في أمرّ قط فأعطى أحدهما النصف صأحبّه فلم يقبل منه إلّا أديل منه.

١٩ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيّوب ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إنَّ لله جنّة لا يدخلها إلّا ثلاثة أحدهم من حكم في نفسه بالحقّ.

٢٠ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن ، ما أوسع العدل إذا عدل فيه وإن قلَّ.

_________________________________________________

الحديث السابع عشر : مجهول وقد يعد ضعيفاً.

وبنو غفار ككتاب رهط أبي ذررضي‌الله‌عنه « فذلك المؤمن حقّا » أي المؤمن الذي يحقّ ويستأهل أن يسمّى مؤمناً لكماله في الإيمان وصفاته.

الحديث الثامن عشر : ضعيف على المشهور.

وفي القاموس تدارءوا تدافعوا في الخصومة ، وأديل منه أي جعلت الغلبة والنصرة له عليه ، يقال : أدالنا الله على عدونا أي نصرنا عليه وجعل الغلبة لنا ، وفي الصحيفة أدل لنا ولا تدل منّا ، وفي الفائق : أدال الله زيداً من عمرّ ونزع الله الدولة من عمرّو وأتاها زيداً.

الحديث التاسع عشر : صحيح على الظاهر.

الحديث العشرون : حسن كالصّحيح وقد مضي عن الحلبي بسند آخر.

٣٥٧

( باب )

( الاستغناء عن الناس )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال شرف المؤمن قيام اللّيل وعزه استغناؤه عن النّاس.

٢ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه وعليّ بن محمّد القاساني جميعاً ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئاً إلّا أعطاه فلييأس من النّاس كلهم ولا يكون

_________________________________________________

( باب الاستغناء عن الناس )

الحديث الأول : صحيح.

والشرف علوّ القدر والمنزلة ، والعزّة الغلبة ودفع المذلة والحمل فيهما على المبالغة والمجاز ، والمرّاد بالاستغناء قطع الطمع عنهم والقناعة بالكفّاف والتوكلّ على الله وعدم التوسل بهم والسؤال عنهم من غير ضرورة وإلّا فالدّنيا دار الحاجة والإنسان مدني بالطبع ، وبعضهم محتاجون في تعيشهم إلى بعض ، لكنّ كلـمّا سعى في قلة الاحتياج والسؤال يكون أعزَّ عند النّاس ، وكلـمّا خلى قلبه عن الطمع من النّاس كان عون الله له في تيسير حوائجه أكثر.

الحديث الثاني : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : فلييأس ، وفي بعض النّسخ فليأيس بتوسط الهمزة بين اليائين ، وكلاهما جائز وهو من المقلوب ، قال الجوهري نقلا عن ابن السكيت : أيست منه ييأس يأسا لغة في يئست منه إياس يأسا ومصدرهما واحد ، وآيسني منه فلان أيئسني وكذلك التأييس. وقال : اليأس القنوط وقد يئس من الشيء ييأس وفيه لغة أخرى يئس

٣٥٨

له رجاء إلّا عند الله فإذا علم الله عزَّ وجلَّ ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئاً إلّا أعطاه.

٣ - وبهذا الإسناد ، عن المنقري ، عن عبد الرزَّاق ، عن معمرّ ، عن الزهري ، عن عليّ بن الحسين صلوات الله عليه قال رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عمّا في أيدي النّاس ومن لم يرج النّاس في شيء ورد أمرّه إلى الله عزَّ وجلَّ في جميع أموره استجاب الله عزَّ وجلَّ له في كلّ شيء.

٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن عبد الأعلى بن أعين قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول طلب الحوائج إلى النّاس استلاب للعزَّ ومذهبة للحياء واليأس ممّا في أيدي النّاس عزَّ للمؤمن

_________________________________________________

يئيس بالكسر فيهما وهو شاذ ، انتهى.

وقوله : « ولا يكون » جملة حالية أو هو من عطف الخبر على الإنشاء ويدلّ على أن اليأس من الخلق وترك الرجاء منهم يوجب إجابة الدّعاء لأن الانقطاع عن الخلق كلـمّا ازداد زاد القرب منه تعالى ، بل عمدة الفائدة في الدّعاء ذلك كما سيأتي تحقّيقه إنشاء الله في كتاب الدعاء.

الحديث الثالث : كالسّابق سنداً ومضموناً.

واجتماع الخيرات في قطع الطمع ظاهر إذ كلّ خير غيره إمّا موقوف عليه أو شرط له أو لازم له لأنّه لا يحصل ذلك إلّا بمعرفة كاملة لجناب الحقّ تعالى ، واليقين بأنه الضار النافع وبقضائه وقدره وأن أسباب الأمور بيد الله وبلطفه ورحمته ، وفناء الدّنيا وعجز أهلها واليقين بالآخرة ومثوباتها وعقوباتها وما من خير إلّا وهو داخل في ذلك الأمور.

الحديث الرابع : مجهول.

والاستلاب الاختلاس أي يصير سبباً لسلب العزَّ سريعاً « مذهبة للحياء » المذهبة إمّا بالفتح مصدراً ميمياً والحمل على المبالغة ، أو هو بمعنى اسم الفاعل أو اسم المكان

٣٥٩

في دينه والطمع هو الفقر الحاضر.

٥ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال قلت لأبي الحسن الرّضاعليه‌السلام : جعلت فداك اكتب لي إلى إسماعيل بن داود الكاتب لعليّ أصيب منه ، قال : أنا أضنّ بك أن تطلب مثل هذا وشبهه ولكن

_________________________________________________

أي مظنّة لذهاب الحياء ، أو بالكسر أي آلة لذهابه.

« عزَّ للمؤمن في دينه » لأنه مع اليأس عن النّاس لا يترك حقّا ولا عبادة ولا أمرّاً بمعروف ولا نهيا عن منكر خوفاً من عدم وصول منفعة منهم إليه ، فهو عزيز غالب في دينه أو يكمل دينه بذلك لأنّه من أعظم مكملات الإيمان « والطمع هو الفقر الحاضر» لأنه يطمع لئلّا يصير فقيراً ومفسدة الفقر الحاجة إلى النّاس فهو يتعجل مفسدة الفقر لئلّا يصير فقيراً فيترتّب عليه مفسدته ، وقيل : يصير سبباً لفقر معجل حاضر ، والأوّل أظهر.

الحديث الخامس : صحيح.

« لعليّ أصيب منه » أي نفعا وخيراً « أنا أضن بك » في المصباح ضن بالشيء يضن من باب تعب ضنا وضنة بالكسر بخل فهو ضنين ومن باب ضرب لغة ، انتهى.

أي أنا أبخل بك أن تضيع ، وتطلب هذه المطالب الخسيسة وأشباهها من الأمور الدنيويّة بل أريد أن تكون همتك أرفع من ذلك وتطلب منّي المطالب العظيمة الأخروية ، أو أن تطلب حاجة من مثل هذا المخالف الموافق له في جميع الصّفات أو أكثرها « وشبهه » الموافق له في كونه مخألفاً فإن التذّلل عند المخالفين موجب لضياع الدين وأنت عزيز عليّ لا أرضى بهلاكك وأضن بك« ولكنّ » إذا كانت لك حاجة « عول » واعتمد « على مالي » وخذ منه ما شئت.

ويدلّ على رفعة شأن البزنطي وكونه من خواصهعليه‌السلام كما يظهر من سائر الأخبار مثل ما رواه الكشي بإسناده عن البزنطي قال : كنت عند الرّضاعليه‌السلام فأمسيت

٣٦٠