مرآة العقول الجزء ٩

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 439

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 439
المشاهدات: 21944
تحميل: 8821


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 439 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 21944 / تحميل: 8821
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 9

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بأبي أنت وأمّي أعنّي على قضاء حاجة ،فانتعل وقام معه فمرّ على الحسين صلوات الله عليه وهو قائم يصلي فقال له أين كنت عن أبي عبد الله تستعينه على حاجتك قال قد فعلت - بأبي أنت وأمّي - فذكر أنّه معتكف ، فقال له إمّا إنه لو أعانك كان خيراً له من اعتكافه شهراً.

_________________________________________________

أو هو على بناء اسم المفعول حالاً عن الطواف ، وعلى التقديرين الأخيرين لإخراج طواف الفريضة ، وقيل : حال عن فاعل تعين أي تعين مبتدئاً أو تميز عن نسبة أحبُّ إلى الإعانة أي أحبُّ من حيث الابتداء يعني قبل الشروع في الطواف لا بعده ، ولا يخفى ما فيهما لا سيّما الأخير « تستعينه » أي لتستعينه أو هو حال ، فإن قيل : كيف لم يختر الحسين صلوات الله عليه إعانته مع كونها أفضل؟ قلت : يمكن أن يجاب عن ذلك بوجوه :

الأوّل : أنّه يمكن أن يكون لهعليه‌السلام عذر آخر لم يظهره للسائل ولذا لم يذهب معه ، فأفاد الحسنعليه‌السلام ذلك لئلّا يتوهّم السائل أن الاعتكاف في نفسه عذر في ترك هذا ، فالمعنى لو أعانك مع عدم عذر آخر كان خيراً.

الثّاني : أنه لا استبعاد في نقص علم إمام قبل إمامته عن إمام آخر في حال إمامته أو اختيار الإمام ما هو أقل ثواباً لا سيما قبل الإمامة.

الثالث : ما قيل : إنه لم يفعل ذلك لا يثأر أخيه على نفسه صلوات الله عليهما في إدراك ذلك الفضل.

الرابع : ما قيل أن فعلت بمعنى أردت الاستعانة وقوله : فذكر على بناء المجهول أي ذكر بعض خدمة أو أصحابه أنه معتكفّ فلذا لم أذكر له.

ثمَّ اعلم أن قضاء الحاجة من المواضع التي جوز الفقهاء خروج المعتكفّ فيها عن محلّ اعتكافه إلّا أنه لا يجلس بعدّ الخروج ولا يمشي تحت الظل اختيارا على المشهور ، ولا يجلس تحته على قول.

١٢١

١٠ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن عليُّ ، عن أبي جميلة ، عن ابن سنان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام قال الله عزّ وجلّ : الخلق عيالي فأحبّهم إلي ألطفهم بهم وأسعاهم في حوائجهم.

١١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عمارة قال كان حمّاد بن أبي حنيفة إذاً لقيني قال كرَّر عليُّ حديثك فأحدثه قلت : روّينا أنَّ عابد بني إسرائيل كان إذاً بلغ الغاية في العبادة صار مشّاء

_________________________________________________

الحديث العاشر : ضعيف ، وكونهم عياله تعالى لضمانه أرزاقهم.

الحديث الحادي عشر : مرسل.

وأبو عمّارة كنية لجماعة أكثرهم من أصحاب الباقرعليه‌السلام وكلهم مجاهيل ، وحمّاد بن أبي حنيفة أيضاً مجهول ، والظاهر أنّه كان يسأل تكرار هذا الحديث بعينه لالتذاذه بسماعه وليؤثر فيه فيحثه على العمل به ، وقيل : المرّاد به جنس الحديث فذكر له يوماً هذا الحديث وهو بعيد ، ومنهم من قرأ براء واحدة مشدّدة أي ارجع إلى حديثك كأنّه كان محدّثاً وهو مخالف لـمّا عندنا من النسخ.

قوله : رويّنا هو على الأشهر بين المحدّثين على بناء المجهول من التفعيل ، قال في المغربّ : الرواية بعير السقاء لأنه يروي الماء أي يحمله ، ومنه راوي الحديث وراويته والتاء للمبالغة ، يقال : روي الشعر والحديث رواية ورؤيته إياه حملته على روايته ، ومنه إنا روينا في الأخبار ، وفي المصباح عنيت بأمرّ فلان بالبناء للمفعول عناية وعنياً شغلت به ، ولتعن بحاجتي أي لتكن حاجتي شاغلة لسرك وربما يقال عنيت بأمرّه بالبناء للفاعل فأنا عان ، وعني يعني من باب تعب إذاً أصابته مشقة والاسم العناء بالمد ، انتهى.

فيمكن أن يكون من العناء بمعنى المشقّة أو من العناية. الاعتناء بمعنى

١٢٢

في حوائج الناس عانياً بما يصلحهم.

(باب)

(تفريج كرب المؤمن)

١ - محمّدٌ بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن زيد الشحّام قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : من أغاث أخاه المؤمن اللّهفان اللّهثان عند

_________________________________________________

الاهتمام بالأمرّ واشتغالهم بذلك بعدّ بلوغهم الغاية إمّا لكونها أرفع العبادات وأشرفها فإن الإنسان يترقى في العبادات حتّى يبلغ أقصى مرّاتبها ، أو لأن النفس لا تنقاد لهذه العبادة الشاقة إلّا بعدّ تزكيتها وتصفيتها بسائر العبادات والرياضات ، أو لأن إصلاح النفس مقدم على إصلاح الغير وإعانته.

باب تفريج كربّ المؤمن

الحديث الأوّل : صحيح.

« والإغاثة » كشف الشدّة والنصرة « أخاه المؤمن » أي الذي كانت أخوّته لمحض الإيمان ، ويحتمل أن تكون الأخوة أخصّ من ذلك أي انعقد بينهما المؤاخاة ليعين كل منهما صاحبه ، واللهفان صفة مشبّهة كاللهثان ، قال في النهاية : فيه اتقوا دعوة اللهثان هو المكروب ، يقال : لهف يلهف لهفا فهو لهفان ، ولهف فهو ملهوف ، وفي القاموس : اللهشان العطشان وبالتّحريك العطش وقد لهث كسمع وكغراب حر العطش وشدة الموت ، ولهث كمنع لهثا ولهاثا بالضمّ أخرج لسانه عطشاً أو تعباً أو إعياء ، انتهى.

وكأنّه هنا كناية عن شدّة الاضطرار ، وفي النهاية : الجهد بالضمّ الوسع و

١٢٣

جهده فنفّس كربته وأعانه على نجاح حاجته كتب الله عزَّ وجلَّ له بذلك ثنتين وسبعين رحمة من الله يعجّل له منها واحدة يصلح بها أمرّ معيشته ويدَّخر له إحدى وسبعين رحمة لأفزاع يوم القيامة وأهواله.

٢ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أعان مؤمناً نفس الله عزّ وجلّ عنه ثلاثاً وسبعين كربة واحدة في الدنيا وثنتين وسبعين كربة عند كربه العظمى قال حيث يتشاغل النّاس بأنفسهم.

_________________________________________________

الطاقة ، وبالفتح المشقّة ، وقيل : المبالغة والغاية ، وقيل : هما لغتان في الوسع والطاقة ، فأمّا في المشقّة والغاية فالفتح لا غير ، وفي القاموس : نفّس تنفيساً ونفساً أي فرّج تفريجاً.

وقولهعليه‌السلام : من الله من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر ، وربمّا يقرأ من بالفتح والتشديد والإضافة منصوباً بتقدير اطلبوا أو انظروا من الله ، أو مرفوعاً خبر مبتدإ محذوف أي هذا من الله ، وعلى التقادير معترضة تقوية للسابق واللاحقّ ، أو منصوب مفعولا لأجله للكتب ، وأقول : كل ذلك تكلف بعيد.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

« عند كربة العظمى » أي في القيامة حيث يتشاغل النّاس بأنفسهم ، أي يوم لا ينظر أحد لشدّة فزعه إلى حال أحد من والد أو ولد أو حميم ، كما قال تعالى : «يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مرّضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ » و «لا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً »(١) «يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ »(٢) وأمثالها كثيرة.

__________________

(١) سورة حج : ٢.

(٢) سورة لقمان : ٣٣.

١٢٤

٣ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين بن نعيم ، عن مسمع أبي سيّار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من نفس عن مؤمن كربة نفس الله عنه كربّ الآخرة وخرج من قبره وهو ثلج الفؤاد ومن أطعمّه من جوع أطعمه الله من ثمار الجنّة ومن سقاه شربة سقاه الله من الرحيق المختوم.

٤ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن عليُّ الوشاء ، عن

_________________________________________________

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

« كرب الآخرة » بضمّ الكاف وفتح الراء جمع كربة بالضمّ ، في المصباح : كربة الأمرّ كرباً شق عليه ، ورجل مكروب مهموم ، والكربة الاسم منه ، والجمع كربّ مثل غرفة وغرف.

قولهعليه‌السلام : وهو ثلج الفؤاد ، أي فرح القلب مطمئنا واثقاً برحمة الله ، في القاموس : ثلجت نفسي كنصر وفرح ثلوجا وثلجا اطمأنت وثلج كخجل فرح وأثلجته ، وقال : الرحيق الخمرّ أو أطيبها وأفضلها أو الخالص أو الصافي ، وفي النهاية : فيه أيّما مؤمن سقى مؤمناً على ظما سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم ، الرحيق من أسماء الخمرّ يريد خمرّ الجنّة والمختوم المصون الذي لم يبتذل لأجل ختامه ، انتهى.

وأقول : إشارة إلى قوله تعالى : «إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ ، عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ ، تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ، يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ ، خِتامُهُ مِسْكٌ »(١) قال البيضاوي : أي مختوم أوانيه بالمسك مكان الطين ، ولعله تمثيل لنفاسته أو الذي له ختام أي مقطع هو رائحة المسك.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) سورة المطففين : ٢٥.

١٢٥

الرّضاعليه‌السلام قال من فرَّج عن مؤمن فرَّج الله عن قلبه يوم القيامة.

٥ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن ذريح المحاربي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول أيّما مؤمن نفس عن مؤمن كربة وهو معسر يسر الله له حوائجه في الدنيا والآخرة قال ومن ستر على مؤمن عورة يخافها ستر الله عليه سبعين عورة من عورات الدنيا والآخرة قال والله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه فانتفعوا بالعظة وارغبوا في الخير.

(باب إطعام المؤمن)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أشبع مؤمناً وجبت له الجنّة ومن أشبع كافراً كان حقّاً على الله أن يملأ جوفه من الزَّقّوم ، مؤمناً كان أو كافراً.

_________________________________________________

« فرَّج الله » في بعض النسخ بالجيم وفي بعضها بالحاء المهملة.

الحديث الخامس : صحيح.

قولهعليه‌السلام : وهو معسر ، الضمير إمّا راجع إلى المؤمن الأوّل أو المؤمن الثّاني ، والعسر الضيق والشدّة والصعوبة وهو أعمّ من الفقر ، والعورة كل ما يستحيي منه إذاً ظهر ، وهي أعمّ من المحرمات والمكروهات ، وما يشينه عرفاً وعادة ، والعيوب البدنيّة والستر في المحرمات لا ينافي نهيه عنها ، لكن إذاً توقّف النهي عن المنكر على إفشائها وذمه عليها فالمشهور جوازه بل وجوبه ، فيمكن تخصيصه بغير ذلك.

باب إطعام المؤمن

الحديث الأول : مجهول مرّسل.

« من أشبع » إلخ ، لا فرق في ذلك بين البادي والحاضر لعموم الأخبار خلافاً

١٢٦

_________________________________________________

لبعض العامّة حيث خصوه بالأوّل لأنّ في الحضر مرتفقاً وسوقا ولا يخفى ضعفه « مؤمناً كان » أي المطعم ، والزقوم شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين ، منبتها قعر جهنم وأغصانها انتشرت في دركاتها ، ولها ثمرّة في غاية القبح والمرّارة والبشاعة ، ويدلّ ظاهراً على عدم جواز إطعام الكافر مطلقاً حربيا كان أو ذميا ، قريبا كان أو بعيداً ، غنيا كان أو فقيرا ولو كان مشرفا على الموت ، والمسألة لا تخلو عن إشكال ، وللأصحاب فيه أقوال.

واعلم أن المشهور أنه لا يجوز وقف المسلم على الحربي وإن كان رحما لقوله تعالى : «لا تَجِدُ قوماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ »(١) الآية ، وربما قيل : بجوازه لعموم قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لكل كبد حرى أجر ، وإمّا الوقف على الذمي ففيه أقوال : « أحدها » المنع مطلقاً ، وهو قول سلار وابن البراج ، والثّاني : الجواز مطلقاً وهو مختار المحقق (ره) وجماعة ، والثالث : الجواز إذاً كان الموقوف عليه قريبا دون غيره ، وهو مختار الشيخين وجماعة ، والرابع : الجواز للأبوين خاصة اختاره ابن إدريس.

ثمَّ الأشهر بين الأصحاب جواز الصدقة ، على الذمي وإن كان أجنبيا للخبر المتقدم ، ولقوله تعالى : «لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدّين وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ »(٢) الآية.

ويظهر من بعض الأصحاب أن الخلاف في الصدقة على الذمي كالخلاف في الوقف عليه ، ونقل في الدروس عن ابن أبي عقيل المنع من الصدقة على غير المؤمن مطلقاً ، وروي عن سدير قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أطعم سائلاً لا أعرفه مسلما؟ قال : نعم أعط من لا تعرفه بولاية ولا عداوة للحقّ ، إن الله عزّ وجلّ يقول : «وَقُولُوا

__________________

(١) سورة المجادلة : ٢٢.

(٢) سورة الممتحنة : ٨.

١٢٧

٢ - عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لأن أطعم رجلاً من المسلمين أحبُّ إلي من أن أطعم أفقا من النّاس قلت وما الأفق قال مائة ألف أو يزيدون.

٣ - عنه ، عن أحمد ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام

_________________________________________________

للنّاس حسناً »(١) ولا يطعم من نصب بشيء من الحقّ أو دعا إلى شيء من الباطل ، وروي جواز الصدقة على اليهود والنصارى والمجوس ، وسيأتي جواز سقي النصراني ، وحمل الشهيد الثّاني (ره) أخبار المنع على الكراهة ، وهذا الخبر يأبى عن هذا الحمل ، نعم يمكن حمله على ما إذاً كان بقصد الموادة ، أو كان ذلك لكفرهم أو إذاً صار ذلك سبباً لقوتهم على محاربة المسلمين وإضرارهم ، ويمكن حمل أخبار الجواز على المستضعفين أو التقية.

الحديث الثاني : مرسل.

ولم يردّ الأفق بهذا المعنى في اللغة بل هو بالضمّ وبضمّتين الناحية ، ويمكن أن يكون المرّاد أهل ناحية والتفسير بمائة ألف أو يزيدون معناه أن أقله مائة ألف ، أو يطلق على عدد كثير يقال فيهم هم مائة ألف أو يزيدون كما هو أحد الوجوه في قوله تعالى : «وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ »(٢) ، وكان المرّاد بالمسلمين هنا الكمل من المؤمنين أو الذين ظهر له إيمانهم بالمعاشرة التامة ، وبالنّاس سائر المؤمنين أو بالمسلمين المؤمنون وبالنّاس المستضعفون من المخالفين ، فإن في إطعامهم أيضاً فضلا كما يظهر من بعض الأخبار ، أو الأعمّ منهم ومن المستضعفين من المؤمنين.

الحديث الثالث : صحيح.

والجنان بالكسر جمع الجنّة وقوله : في ملكوت السماوات إمّا صفة للجنان

__________________

(١) سورة البقرة : ٨٣.

(٢) سورة الصافّات : ١٤٧.

١٢٨

قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمّه الله من ثلاث جنان - في ملكوت السماوات الفردوس وجنة عدن وطوبى [ و ] شجرة تخرج من جنة عدن

_________________________________________________

أو متعلّق بأطعمة ، والملكوت فعلوت من الملك وهو العزّ والسلطان والمملكة ، وخص بملك الله تعالى فعلى الأخير الإضافة بيانية ، وعلى بعض الوجوه كلمة في تعليلية ، قال البيضاوي في قوله تعالى : «وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ »(١) أي ربوبيتها وملكها وقيل : عجائبها وبدائعها والملكوت أعظم الملك والتاء فيه للمبالغة ، انتهى.

والفردوس البستان الذي فيه الكروم والأشجار وضروب من النبت قال الفراء : هو عربي واشتقاقه من الفردسة وهي السعة ، وقيل : منقول إلى العربية وأصله رومي ، وقيل : سرياني ثمَّ سمّي به جنة الفردوس.

والعدن الإقامة ، يقال : عدن بالمكان يعدن وعدنا وعدونا من بابي ضربّ وقعدّ إذاً أقام فيه ولزم ولم يبرح ، ومنه جنة عدن أي جنة إقامة ، وقيل : طوبى اسم للجنة مؤنث أطيب من الطيب وأصلها طيبى ، ضمت التاء وأبدلت الياء بالواو ، وقد يطلق على الخير وعلى شجرة في الجنّة ، انتهى.

وفي أكثر النسخ شجرة بدون واو العطف وهو الظاهر ، ويؤيّده أن في ثواب الأعمّال وغيره : وهي شجرة ، فشجرة عطف بيان لطوبى ، وقد يقال : طوبى مبتدأ وشجرة خبره وعدم ذكر الثالث من الجنان لدلالة هذه الفقرة عليها ، وفي بعض النسخ بالعطف ، فهي عطف على ثلاث جنان ، وعلى التقديرين عدّ الشجرة جنة وجعلها جنة أخرى مع أنها نبتت من جنة عدن لأنها ليست كسائر الأشجار لعظمتها واشتمالها على سائر الثمار وسريان أغصانها في جميع الجنان ، لـمّا وردّ في الأخبار أن في بيت كل مؤمن منها غصن.

__________________

(١) سورة الأنعام : ٧٥.

١٢٩

غرسها ربّنا بيده.

٤ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما من رجل يدخل بيته مؤمنين فيطعمهما شبعهما إلّا كان ذلك أفضل من عتق نسمة.

٥ - عنه ، عن أبيه ، عن حمّاد ، عن إبراهيم ، عن أبي حمزة ، عن عليُّ بن الحسينعليه‌السلام قال من أطعم مؤمناً من جوع أطعمّه الله من ثمار الجنّة ومن سقى مؤمناً من ظمإ سقاه الله من الرَّحيق المختوم.

٦ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القدَّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أطعم مؤمناً حتّى يشبعه

_________________________________________________

قوله : بيده ، أي برحمته ، وقال الأكثر : أي بقدرته ، فالتخصيص مع أن جميع الأشياء بقدرته إمّا لبيان عظمتها وأنّها لا تتكوّن إلّا عن مثل تلك القدرة أو لأن خلقها بدون توسط الأسباب كأشجار الدنيا وكسائر أشجار الجنّة ، بتوسّط الملائكة ، ومثله قوله تعالى : «لـمّا خَلَقْتُ بِيَدَيَ »(١) .

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

وفي القاموس : الشبع بالفتح وكعنب سدّ الجوع ، وبالكسر وكعنب اسم ما أشبعك والمستتر في كان راجع إلى مصدر يدخل وما قيل : إنّه راجع إلى الرّجل والعتق بمعنى الفاعل فهو تكلّف.

الحديث الخامس : كالسابق.

الحديث السادس : ضعيف.

__________________

(١) سورة ص : ٧٥.

١٣٠

لم يدر أحدٌ من خلق الله ما له من الأجر في الآخرة لا ملك مقربّ ولا نبيّ مرّسل إلّا الله ربّ العالمين ثمَّ قال من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان ثمَّ تلا قول الله عزّ وجلّ : «أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١) ».

٧ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من سقى مؤمناً شربة من ماء من حيث يقدر على

_________________________________________________

« لم يدر أحد » أي من عظمته والاستثناء في قوله : إلّا الله منقطع ، وكان المرّاد به المؤمن الخالص الكامل ، ولذا عبّر فيما سيأتي بالمسلم ، أي مطلق المؤمن ، ويقال سغب سغبا وسغبا بالتسكين والتحريك ، وسغابة بالفتح وسغوبا بالضمّ ومسغبة من بابي فرح ونصر : جاع ، فهو ساغب وسغبان أي جائع ، وقيل : لا يكون السغب إلّا أن يكون الجوع مع تعب ، وأشار بالآية الكريمة إلى أن الإطعام من المنجيات التي رغب الله فيها وعظمها حيث قال سبحانه : «فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ » فلم يشكر الأيادي المتقدم ذكرها باقتحام العقبة ، وهو الدخول في أمرّ شديد ، والعقبة الطريق في الجبل ، استعارها لـمّا فسرها به من الفك والإطعام في قوله : «وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ ، فَكُّ رَقَبَةٍ ، أَوْ إِطْعامٌ »(٢) الآية ، لـمّا فيهما من مجاهدة النفس ، والمسغبة والمقربة والمتربة مفعلات من سغب إذاً جاع ، وقربّ في النسب ، وتربّ إذاً افتقر ، وقيل : المرّاد به مسكين قد لصق بالتراب من شدة فقره وضره وفي الآية إشارة إلى تقديم الأقاربّ في الصدقة على الأجانب بل الأقربّ على غيره.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

قوله : من حيث يقدر « من » في الموضعين بمعنى في ، ويمكن أن يقرأ يقدر

__________________

(١) سورة البلد : ١١.

(٢) سورة البلد : ١٣.

١٣١

الماء أعطاه الله بكلّ شربة سبعين ألف حسنة وإن سقاه من حيث لا يقدر على الماء فكأنّما أعتق عشر رقاب من ولد إسماعيل.

٨ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن حسين بن نعيم الصحّاف قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام أتحب إخوانك يا حسين قلت نعم قال تنفع فقراءهم قلت نعم قال إمّا إنّه يحقّ عليك أن تحب من يحب الله إمّا والله لا تنفع منهم أحداً حتّى تحبّه أتدعوهم إلى منزلك قلت نعم ما آكل إلّا ومعي منهم الرجلان والثلاثة والأقل والأكثر فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام أما

_________________________________________________

في الموضعين على بناء المجهول وعلى بناء المعلوم أيضاً فالضمير للمؤمن ، وقوله : بكل شربة مع ذكر الشربة سابقاً ، إمّا لعموم من سقى شربة أو بأن يحمل شربة أولا على الجنس ، أو بأن يقرأ الأوّلى بالضمّ وهي قدر ما يروي الإنسان ، والثانية بالفتح وهي الجرعة تبلغ مرّة واحدة ، فيمكن أن يشربّ ما يرويه بجرعات كثيرة إمّا مع الفصل أو بدونه أيضاً ، قال الجوهري : الشربة بالفتح المرّة الواحدة من الشربّ وعنده شربة من ماء ، بالضمّ أي مقدار الري.

والمرّاد بعتق الرقبة من ولد إسماعيل تخليصه من القتل ومن المملوكية قهرا بغير الحقّ أو من المملوكية الحقيقية أيضاً ، فإن كونه من ولد إسماعيل لا ينافي رقيته إذاً كان كافراً فإن العربّ كلهم من ولد إسماعيل.

الحديث الثامن : موثق.

« أمّا إنّه يحقّ عليك » أي يجب ويلزم « من يحبّ الله » برفع الجلالة أي يحبّه الله ، ويحتمل النصب والأوّل أظهر « إمّا والله لا تنفع » كان غرضهعليه‌السلام إن دعوى المحبّة بدون النفع كذب ، وإن كنت صادقاً في دعوى المحبّة لا بدّ أن تنفعهم « وأوطؤهم رحلي » أي آذنهم وأكلفهم أن يدخلوا منزلي ويمشوا فيه أو

١٣٢

إنَّ فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم فقلت جعلت فداك أطعمهم طعامي وأوطئهم رحلي ويكون فضلهم عليَّ أعظم قال نعم إنهم إذاً دخلوا منزلك دخلوا بمغفرتك ومغفرة عيالك وإذاً خرجوا من منزلك خرجوا بذنوبك وذنوب عيالك.

٩ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي محمّد الوابشي قال ذكر أصحابنا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فقلت ما أتغدى ولا أتعشى إلّا ومعي منهم الاثنان والثلاثة وأقل وأكثر فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم فقلت جعلت فداك كيف وأنا أطعمهم طعامي وأنفق عليهم من مالي وأخدمهم عيالي فقال إنهم إذاً دخلوا عليك دخلوا برزق من الله عزّ وجلّ كثير وإذاً خرجوا خرجوا بالمغفرة لك.

_________________________________________________

على فراشي وبسطي ، في القاموس : الرحل مسكنك وما تستصحبه من الأثاث « ويكون فضلهم على أعظم » استفهام على التعجب « دخلوا بمغفرتك » الباء للمصاحبة أو للتعدية ، وفي سائر الأخبار برزقك ورزق عيالك ، ولا يبعدّ أن يكون سهوا من الرواة ليكون ما بعده تأسيسا.

الحديث التاسع : مجهول.

ووابش أبو قبيلة ، والتغدّي : الأكل بالغداة أي أوّل اليوم والتعشي الأكل بالعشي أي آخر اليوم وأول الليل « وأخدمهم » على بناء الأفعال أي آمرّ عيالي بخدمتهم وتهيئة أسباب ضيافتهم ، وفي مجالس الشيخ : وأخدمهم خادمي وفي المحاسن : ويخدمهم خادمي « برزق من الله عزّ وجلّ كثير » كان التقييد بالكثير لئلّا يتوهّم أنهم يأتون بقدر ما أكلوا وفي المحاسن دخلوا من الله بالرزق الكثير.

والباء في قوله : بالمغفرة كأنها للمصاحبة المجازية فإنّهم لـمّا خرجوا بعدّ مغفرة صاحب البيت فكأنها صاحبتهم أو للملابسة كذلك أي متلبسين بمغفرة صاحب البيت ، وقيل : الباء في الموضعين للسببيّة المجازية فإن الله تعالى لـمّا علم

١٣٣

١٠ - عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن مقرن ، عن عبيد الله الوصافي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لأن أطعم رجلا مسلـماً أحبُّ إلي من أن أعتق أفقا من النّاس قلت وكم الأفق فقال عشرة آلاف.

١١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعيّ قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من أطعم أخاه في الله كان له من الأجر مثل من أطعم فئاماً من النّاس قلت وما الفئام [ من النّاس ] قال مائة ألف من الناس.

_________________________________________________

دخولهم يهيّئ رزقهم قبل دخولهم ولـمّا كانت المغفرة أيضاً قبل خروجهم عند الأكل كما سيأتي في كتاب الأطعمة فالرزق شبيه بسبب الدخول والمغفرة بسبب الخروج لوقوعهما قبلهما لتقدم العلة على المعلول ، فلذا استعملت الباء للسببيّة فيهما.

الحديث العاشر : كالسابق.

ولا تنافي بينه وبين ما مضى في رواية أبي بصير إذ كان ما مضى إطعام مائة ألف [ رجل من المسلمين ](١) وهنا عتق عشرة آلاف ، والأفق إمّا موضوع للعدد الكثير وكان المرّاد هناك غير ما هو المرّاد هيهنا ، أو المرّاد أهل الأفق كما مرّ وهم أيضاً مختلفون في الكثرة أو مشترك لفظي بين العددين ، ويومئ إلى أن في الإعتاق عشرة أمثال إطعام النّاس والمرّاد بالنّاس إمّا المؤمن غير الكامل أو المستضعف كما مرّ.

الحديث الحادي عشر : حسن كالصحيح.

وقال الجوهري : الفئام كقيام الجماعة من النّاس لا واحد له من لفظه ، والعامّة تقول فئام بلا همز ، انتهى.

وما فسّره بهعليه‌السلام بيان للمعنى المرّاد بالفئام هنا لا أنه معناه لا يطلق على غيره ، وقد أوردنا أخباراً كثيرة في الكتاب الكبير لفضل يوم الغدير مشتملة على تفسير الفأم بمائة ألف.

__________________

(١) ما بين العلامتين ليس في نسخة الأصل.

١٣٤

١٢ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن سدير الصيرفي قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام ما منعك أن تعتق كل يوم نسمة قلت لا يحتمل مالي ذلك قال تطعم كل يوم مسلـماً فقلت موسرا أو معسرا قال فقال إن الموسر قد يشتهي الطعام.

١٣ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمّال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أكلة يأكلها أخي المسلم عندي أحبُّ إلي من أن أعتق رقبة.

١٤ - عنه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن صفوان الجمّال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لأن أشبع رجلا من إخواني أحبُّ إليَّ من أن أدخل سوقكم هذا فأبتاع منها رأسا فأعتقه.

_________________________________________________

الحديث الثّاني عشر : حسن.

« إن الموسر قد يشتهي الطعام » بيان للتعميم بذكر علته فإن علة الفضل هي إدخال السّرور على المؤمن وإكرامه وقضاء وطره ، وكل ذلك يكون في الموسر وقد مرّ أن اختلاف الفضل باختلاف المطعمين والمطعمين والنيات والأحوال وسائر شرائط قبول العمل مع أن أكثر الاختلافات بحسب المفهوم والأقل داخل في الأكثر ، ويمكن أن يكون التقليل في بعضها لضعف عقول السامعين أو لمصالح أخر.

الحديث الثالث عشر : صحيح.

والأكلة بالفتح المرّة من الأكل وبالضمّ اللقمة والقرصة والطعمة ، فعلى الأوّل الضمير في يأكلها مفعول مطلق وعلى الثّاني مفعول به.

الحديث الرابع عشر : كالسابق.

« رأساً » أي عبداً أو أمة.

١٣٥

١٥ - عنه ، عن عليُّ بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرَّحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لأن آخذ خمسة دراهم وأدخل إلى سوقكم هذا فأبتاع بها الطعام وأجمع نفرا من المسلمين أحبُّ إلي من أن أعتق نسمة.

١٦ - عنه ، عن الوشاء ، عن عليُّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل محمّد بن عليُّ صلوات الله عليهما ما يعدل عتق رقبة قال إطعام رجل مسلم.

١٧ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي شبل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ما أرى شيئاً يعدل زيارة المؤمن إلّا إطعامه وحقّ على الله أن يطعم من أطعم مؤمناً من طعام الجنّة.

١٨ - محمّد ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن رفاعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لأن أطعم مؤمناً محتاجا أحبُّ إلي من أن أزوره ولأن أزوره أحبُّ إلي من أن أعتق عشر رقاب.

١٩ - صالح بن عقبة ، عن عبد الله بن محمّد ويزيد بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أطعم مؤمناً موسراً كان له يعدل رقبة من ولد إسماعيل ينقذه من

_________________________________________________

الحديث الخامس عشر : موثق.

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.

وقيل : المرّاد بالمعادلة هنا ما يشمل كونه أفضل.

الحديث السابع عشر : ضعيف.

الحديث الثامن عشر : كالسابق.

الحديث التاسع عشر : كالسابق.

«كان له يعدل» في بعض النسخ بصيغة المضارع الغائب وكأنّه بتقدير أن المصدريّة وفي بعض النسخ بالباء الموحّدة داخلة على عدل ، فالباء زائدة للتأكيد ، مثل «جَزاءُ

١٣٦

الذبح ومن أطعم مؤمناً محتاجاً كان له يعدل مأة رقبة من ولد إسماعيل ينقذها من الذبح.

٢٠ - صالح بن عقبة ، عن نصر بن قابوس ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لإطعام مؤمن أحبُّ إلي من عتق عشر رقاب وعشر حجج قال قلت عشر رقاب وعشر حجج قال فقال يا نصر إن لم تطعموه مات أو تدلونه فيجيء إلى ناصب فيسأله والموت خير له من مسألة ناصب يا نصر من أحيا مؤمناً «فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاس

_________________________________________________

سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها » وبحسبك درهم ، فيحتمل حينئذ أن يكون العدل بالفتح بمعنى الفداء ، والمستتر في ينقذه راجع إلى المطعم ، وعلى الاحتمال الأخير يحتمل رجوعه إلى العدل ، والضمير البارز في الأوّل راجع إلى الرقبة بتأويل الشخص ، وفي الثّاني إلى المائة.

الحديث العشرون : كالسابق.

و « عشر حجج » عطف على العتق « عشر رقاب » أي عتق عشر رقاب ، قاله تعجبا فأزالعليه‌السلام تعجبه بأن قال إن لم تطعموه فإمّا أن يموت جوعاً إن لم يسأل النواصب أو يصير ذليلاً بسؤال ناصب وهو عنده بمنزلة الموت ، بل أشدّ عليه منه فإطعامه سبب لحياته الصوريّة والمعنويّة ، وقد قال تعالى : «مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاس جميعاً »(١) والمرّاد بالنفس المؤمنة ، وبالإحياء أعمّ من المعنويّة لـمّا وردّ في الأخبار الكثيرة أن تأويلها الأعظم هدايتها ، لكن كان الظاهر حينئذ أو تذلوه للعطف على الجزاء ، ولذا قرأ بعضهم بفتح الواو على الاستفهام الإنكاري وتدلونه بالدال المهملة واللام المشددة من الدلالة.

والحاصل أنه لـمّا قالعليه‌السلام الموت لازم لعدم الإطعام كان هنا مظنّة سؤال وهو أنه يمكن أن يسأل الناصب ولا يموت فأجابعليه‌السلام بأنه إن أردتم أن تدلوه على أن يسأل ناصباً فهو لا يسأله لأن الموت خير له من مسألته ، فلا بد من أن يموت

__________________

(١) سورة المائدة : ٣٢. والآية هكذا «وَمَنْ أَحْياها ».

١٣٧

جميعاً » فإن لم تطعموه فقد أمتّموه وإن أطعمتموه فقد أحييتموه.

(باب من كسا مؤمناً)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل بن درَّاج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقّاً على الله أن يكسوه من ثياب الجنّة وأن يهون عليه سكرات الموت وأن يوسع عليه في قبره وأن يلقى الملائكة إذاً خرج من قبره بالبشرى وهو قول الله عزّ وجلّ في كتابه : «وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ »(١) .

_________________________________________________

فإطعامه إحياؤه ، وقرأ آخر تدلونه بالتخفيف من الأدلاء بمعنى الإرسال وما ذكرناه أولاً أظهر معنى ، وقوله فقد أمتموه يحتمل الإماتة بالإضلال وبالإذلال ، وكذا الإحياء يحتمل الوجهين.

باب من كسى مؤمناً

الحديث الأوّل : ضعيف.

وسكرات الموت شدائده « وأن يلقى » يمكن أن يقرأ على بناء المعلوم من باب علم فالضمير المرّفوع راجع إلى من ، والملائكة منصوب أو الملائكة مرّفوع والمفعول محذوف ، أي يلقاه الملائكة أو من باب التفعيل والمستتر راجع إلى الله والمفعول الأوّل محذوف ومفعوله الثّاني الملائكة ، والآية في سورة الأنبياء وقبلها : «إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ منّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ ، لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ » أي تستقبلهم مهنين «هذا يَوْمُكُمُ » أي يوم ثوابكم وهو مقدر بالقول «الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ » أي في الدنيا.

__________________

(١) سورة الأنبياء : ١٠٣.

١٣٨

٢ - عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن عليُّ ، عن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من كسا أحدا من فقراء المسلمين ثوباً من عري أو أعانه بشيء ممّا يقوته من معيشته وكل الله عزّ وجلّ به سبعة آلاف ملك من الملائكة يستغفرون لكل ذنب عمله إلى أن ينفخ في الصور.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن صفوان ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من كسا أحدا من فقراء المسلمين ثوبا من عري أو أعانه بشيء ممّا يقوته من معيشته وكل الله عزَّ وجلَّ به سبعين ألف ملك من الملائكة يستغفرون لكل ذنب عمله إلى أن ينفخ في الصّور.

_________________________________________________

الحديث الثاني : كالسابق.

« من عري » بضمّ العين وسكون الراء خلاف اللبس والفعل كرضى « ممّا يقوته » في أكثر النسخ بالتاء من القوت وهو المسكة من الرزق ، قال في المصباح : القوت ما يؤكل ليمسك الرمق وقاته يقوته قوتا من باب قال أعطاه قوتا ، واقتات به أكله ، وقال : المعيش والمعيشة مكسب الإنسان الذي يعيش به والجمع المعايش ، هذا على قول الجمهور أنه من عاش ، والميم زائدة ووزن معائش مفاعل فلا يهمز ، وبه قرأ السبعة ، وقيل : هو من معش والميم أصلية فوزن معيش ومعيشة فعيل وفعيلة ، ووزن معائش فعايل فيهمز ، وبه قرأ أبو جعفر المدني والأعرج ، انتهى.

والضمير المنصوب في يقوته راجع إلى الفقير ، والضمير في قوله من معيشته الظاهر رجوعه إلى المعطي ، ويحتمل رجوعه إلى الفقير أيضاً وإمّا إرجاع الضميرين معاً إلى المعطي فيحتاج إلى تكلف في يقوته ، وفي بعض النسخ يقويه بالياء من التقوية ، فالاحتمال الأخير لا تكلف فيه والكل محتمل.

الحديث الثالث : صحيح.

وكان الأنسب أن يقول مثله.

١٣٩

٤ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن عليُّ بن الحسينعليه‌السلام [ قال : ] من كسا مؤمناً كساه الله من الثياب الخضر وقال في حديث آخر لا يزال في ضمان الله ما دام عليه سلك.

٥ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه كان يقول : من كسا مؤمناً ثوباً من

_________________________________________________

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

« من الثياب الخضر » كأنه إشارة إلى قوله تعالى : «عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ »(١) أي يعلوهم ثياب الحرير الخضر مارق منها وما غلظ ، وفيه إيماء إلى أن الخضرة أحسن الألوان « ما دام عليه سلك » السلك : الخيط وضمير عليه إمّا راجع إلى الموصول أي ما دام عليه سلك منه ، أو إلى الثوب أي ما دام على ذلك الثوب سلك وإن خرج عن حد اللبس والانتفاع والأوّل أظهر ، وإن كانت المبالغة في الأخير أكثر ، ويؤيد الأوّل ما في قربّ الإسناد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : من كسى مؤمناً ثوباً لم يزل في ضمان الله عزّ وجلّ ما دام على ذلك المؤمن من ذلك الثوب هدبة أو سلك ، ويؤيد الأخير ما في مجالس الشيخ مرّويا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من كساه ثوباً كساه الله من الإستبرق والحرير ، وصلى عليه الملائكة ما بقي في ذلك الثوب سلك.

الحديث الخامس : موثق.

وفي القاموس : الإستبرق الديباج الغليظ معربّ استروة ، أو ديباج يعمل بالذهب أو ثياب حرير صفاق نحو الديباج ، وكلمة من في الموضعين بمعنى عند كما قيل في قوله تعالى : «لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شيئاً »(٢) أو بمعنى في كما في قوله تعالى : «ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ »(٣) وعلى التقديرين بيان لحال المكسو ،

__________________

(١) سورة الإنسان : ٢١. (٢) سورة آل عمران : ١١٦.

(٣) سورة الأحقاف : ٤.

١٤٠