مرآة العقول الجزء ٩

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 439

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 439
المشاهدات: 21952
تحميل: 8821


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 439 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 21952 / تحميل: 8821
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 9

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

عري كساه الله من إستبرق الجنّة ومن كسا مؤمناً ثوباً من غنى لم يزل في ستر من الله ما بقي من الثوب خرقة.

(باب)

(في إلطاف المؤمن وإكرامه)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليُّ بن الحكم ، عن الحسين بن هاشم ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أخذ من وجه أخيه المؤمن قذاة كتب الله عزّ وجلّ له عشر حسنات ومن تبسّم في وجه أخيه كانت له حسنة.

٢ - عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قال لأخيه المؤمن مرحبّاً كتب الله تعالى له مرحبّاً إلى يوم القيامة.

_________________________________________________

ويحتمل الكاسي على بعد « في ستر من الله » أي يستره من الذنوب أو من العقوبة أو من النوائب أو من الفضيحة في الدنيا والآخرة.

باب في إلطاف المؤمن وإكرامه

الحديث الأول : مجهول.

وفي النهاية : القذى جمع قذاة وهو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك.

الحديث الثاني : ضعيف.

« إلى يوم القيامة » إمّا متعلّق بمرحباً فيكون داخلاً في المكتوب أو متعلّق بكتب وهو أظهر أي يكتب له ثواب هذا القول إلى يوم القيامة ، أو يخاطب بهذا الخطّاب ويكتب له فينزل عليه الرحمة بسببه ، أو هو كناية عن أنّه محلّ لألطاف الله

١٤١

٣ - عنه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أتاه أخوه المسلم فأكرمه فإنما أكرم الله عزّ وجلّ.

٤ - عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن نصر بن إسحاق ، عن الحارث بن النعمان ، عن الهيثمَّ بن حمّاد ، عن أبي داود ، عن زيد بن أرقم قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما في أمتي عبد ألطف أخاه في الله بشيء من لطف إلّا أخدمه الله من خدم الجنّة.

٥ - وعنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن عليُّ ، عن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أكرم أخاه المسلم بكلمة يلطفه بها وفرَّج عنه كربته لم يزل في ظل الله الممدود

_________________________________________________

ورحماته إلى يوم القيامة والرّحب السّعة ومرحبّاً منصوب بفعل لازم الحذف ، أي أتيت رحبّاً وسعة أو مكاناً واسعاً وفيه إظهار للسرور بملاقاته.

الحديث الثالث : صحيح.

« فأكرمه » أي أكرم المأتي الآتي.

الحديث الرابع : مجهول.

والظرف أي في الله حال عن الأخ أو متعلّق بالألطاف والأوّل أظهر ، واللطف : الرفق والإحسان وإيصال المنافع.

الحديث الخامس : ضعيف.

« يلطفه بها » على بناء على المعلوم من الأفعال ، وفي بعض النسخ بالتاء فعلا ماضياً من باب التفعل ، في القاموس : لطف كنصر لطفاً بالضمّ رفق ودنا والله لك أوصل إليك مرّادك بلطف ، وألطفه بكذا برّه والملاطفة المبارة ، وتلطفوا وتلاطفوا رفقوا ، انتهى.

« لم يزل في ظل الله الممدود » أي المنبسط دائماً بحيث لا يتقلص ولا يتفاوت

١٤٢

عليه الرحمة ما كان في ذلك.

٦ - عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول إن ممّا خصَّ الله عزّ وجلّ به المؤمن أن يعرفه بر إخوانه وإن قل وليس البر بالكثرة وذلك أن الله عزّ وجلّ يقول في كتابه : «وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ » ثمَّ قال «وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ »(١) ومن عرفه الله عزّ وجلّ بذلك أحبه الله ومن أحبه الله

_________________________________________________

إشارة إلى قوله تعالى : «وَظِلٍّ مَمْدُودٍ »(٢) أي لم يزل في القيامة في ظل رحمة الله الممدود أبدا « عليه الرحمة » أي تنزل عليه الرحمة « ما كان في ذلك الظل » أي أبدا أو المعنى لم يزل في ظل حماية الله ورعايته نازلا عليه رحمة الله ما كان مشتغلا بذلك الإكرام ، وقيل : الضمير في عليه راجع إلى الظل ، والرحمة مرّفوع وهو نائب فاعل الممدود ، وما بمعنى ما دام والمقصود تقييد الدوام المفهوم من لم يزل.

الحديث السادس : كالسابق.

« أن يعرفه بر إخوانه » أي ثواب البر أو التعريف كناية عن التوفيق للفعل « وذلك أن الله يقول » الاستشهاد بالآية من حيث أن الله مدح إيثار الفقير مع أنّه لا يقدر على الكثير ، فعلم أنّه ليس البر بالكثرة «وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ » أي يختارون غيرهم من المحتاجين على أنفسهم ويقدّمونهم «وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ » أي حاجة وفقر عظيم «وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ » بوقاية الله وتوفيقه ، ويحفظها عن البخل والحرص «فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » أي الفائزون.

والمشهور أنّ الآية نزلت في الأنصار وإيثارهم المهاجرين على أنفسهم في أموالهم ،

__________________

(١) سورة الممتحنة : ١٠.

(٢) سورة الواقعة : ٣٠.

١٤٣

تبارك وتعالى وفّاه أجره يوم القيامة بغير حساب ثمَّ قال يا جميل ارو هذا الحديث لإخوانك فإنه ترغيب في البر.

٧ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن المفضّل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن المؤمن ليتحف أخاه التحفة قلت وأي شيء التحفة قال : من مجلس ومتّكأ وطعام وكسوة وسلام فتطاول الجنّة مكافأة له ويوحي الله عزّ وجلّ إليها أني قد حرمت طعامك على أهل الدّنيا إلّا على نبيّ أو وصيّ نبيّ فإذا كان يوم القيامة أوحى الله عزّ وجلّ إليها

_________________________________________________

وروي من طريق العامّة أنها نزلت في أمير المؤمنينعليه‌السلام وأنه مع بقية أهل بيته لم يطعموا شيئاً منذ ثلاثة أيام فاقترض ديناراً ثمَّ رأى المقداد فتفرس منه أنه جائع ، فأعطاه الدينار فنزلت الآية مع المائدة من السماء ، والقصة طويلة أوردتها في الكتاب الكبير ، وعلى التقديرين يجري الحكم في غير من نزلت فيه « ومن عرفه الله » على بناء التفعيل « بذلك » كان الباء زائدة أو المعنى عرفه بذلك التعريف المتقدم ، ويمكن أن يقرأ عرفه على بناء المجردّ ، وفي ثواب الأعمّال باختلاف في أول السند عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : من فضل الرّجل عند الله محبّته لإخوانه ، ومن عرفه الله محبة إخوانه أحبه الله ، ومن أحبه الله أوفاه أجره يوم القيامة.

الحديث السابع : كالسابق.

« ليتحف » على بناء الأفعال ، وهو إعطاء التحفة بالضمّ وكهمزة وهو البر واللطف والهدية ، وقوله : قلت وجوابه معترضان بين كلام الإمامعليه‌السلام ، ومن في قوله : من مجلس ، للبيان والمتكأ بضمّ الميم وتشديد التاء مهموزاً ما يتكأ عليه أي يضع له متكا يتكئ عليه أو فراشا يجلس عليه « فتطاول الجنّة » أي تمتد وترتفع لإرادة مكافأته وإطعامه في الدنيا عجالة وقيل : استعارة تمثيلية لبيان شدة استحقّاًقه لذلك.

١٤٤

أن كافىء أوليائي بتحفهم فيخرج منها وصفاء ووصائف معهم أطباق مغطّاة بمناديل من لؤلؤ فإذا نظروا إلى جهنم وهولها وإلى الجنّة وما فيها طارت عقولهم وامتنعوا أن يأكلوا فينادي مناد من تحت العرش أن الله عزّ وجلّ قد حرَّم جهنّم على من أكل من طعام جنّته فيمدُّ القوم أيديهم فيأكلون.

٨ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال يجب للمؤمن على المؤمن أن يستر عليه سبعين كبيرة.

٩ - الحسين بن محمّد ومحمّد بن يحيى جميعاً ، عن عليُّ بن محمّد بن سعدّ ، عن محمّد بن أسلم ، عن محمّد بن عليُّ بن عدي قال أملى عليُّ محمّد بن سليمان ، عن إسحاق

_________________________________________________

قال في القاموس : تطاول امتدّ وارتفع وتفضّل ، وفي النهاية تطاول عليهم الربّ بفضله أي تطول على أهل الدنيا أي ما داموا فيها ، وفي المصباح : الوصيف الغلام دون المرّاهق ، والوصيفة الجارية كذلك ، والجمع وصفاء ووصائف مثل كريم وكرماء وكرائم « بتحفهم » أي في الآخرة فالباء للآلة ، أو في الدنيا فالباء للسببيّة « أن الله » يحتمل كسر الهمزة وفتحها.

الحديث الثامن : مجهول.

وكان التخصيص بالسبعين لأنه بعدّ الإتيان بها يكون غالباً من المتجاهرين بالفسق ، فلا حرمة له ، وربما يحمل عليُّ مطلق الكثرة لا خصوص العدد كما قالوا في قوله تعالى : «إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مرّةً »(١) وتخصيصه بما يكون بالنّسبة إليه من إيذائه وشتمه وأمثالهما بعيد ، ولا ينافي وجوب النهي عن المنكر كما مرّ ، وحمله على ما إذاً تاب بعدّ كل منها لا يستقيم إلّا إذاً حمل على مطلق الكثرة.

الحديث التاسع : ضعيف.

__________________

(١) سورة التوبة : ٨٠.

١٤٥

ابن عمّار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام أحسن يا إسحاق إلى أوليائي ما استطعت فما أحسن مؤمن إلى مؤمن ولا أعانه إلّا خمش وجه إبليس وقرح قلبه.

(باب في خدمته)

١ - محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن إسماعيل بن أبان ، عن صالح بن أبي الأسود رفعه ، عن أبي المعتمرّ قال سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيّما مسلم خدم قوماً من المسلمين إلّا أعطاه الله مثل عددهم خدَّاماً في الجنّة.

_________________________________________________

وفي القاموس : خمش وجهه يخمشه ويخمشه خدشه ولطمه وضربه ، وقطع عضوا منه ، انتهى.

وقرّح بالقاف من باب التفعيل كناية عن شدّة الغمّ واستمراره.

باب في خدمته

الحديث الأول : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : إلّا أعطاه الله ، الاستثناء من مقدّر أي ما فعل ذلك إلّا أعطاه الله أو هي زائدة ، قال في القاموس في معاني إلّا : أو زائدة ثمَّ استشهد بقول الشاعر :

حراجيج ما تنفكّ إلّا مناخة

على الخسف أو ترمي بها بلداً قفراً

١٤٦

(باب نصيحة المؤمن)

١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليُّ بن الحكم ، عن عمر بن أبان ، عن عيسى بن أبي منصور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه.

٢ - عنه ، عن ابن محبوب ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال

_________________________________________________

باب نصيحة المؤمن

الحديث الأول : صحيح.

ويقال نصحه وله كمنعه نصحاً ونصاحة ونصاحية فهو ناصح ونصيح ونصاح ، والاسم النصيحة ، وهي فعل أو كلام يراد بهما الخير للمنصوح ، واشتقاقها من نصحت العسل إذاً صفيته لأن الناصح يصفي فعله وقوله من الغشّ ، أو من نصحت الثوب إذاً خطته لأن الناصح يلم خلل أخيه كما يلم الخياط خرق الثوب ، والمرّاد بنصيحة المؤمن للمؤمن إرشاده إلى مصالح دينه ودنياه ، وتعليمه إذاً كان جاهلا وتنبيهه إذاً كان غافلا والذب عنه وعن إعراضه إذاً كان ضعيفاً ، وتوقيره في صغره وكبره ، وترك حسده وغشه ودفع الضرر عنه ، وجلّب النفع إليه ، ولو لم يقبل النصيحة سلك به طريق الرفق حتّى يقبلها ، ولو كانت متعلّقة بأمر الدين سلك به طريق الأمرّ بالمعروف والنهي عن المنكر على الوجه المشروع.

ويمكن إدخال النصيحة للرسول والأئمّةعليهم‌السلام أيضاً فيها لأنهم أفضل المؤمنين ونصيحتهم الإقرار بالنبوة والإمامة فيهم ، والانقياد لهم في أوامرّهم ونواهيهم وآدابهم وأعمالهم وحفظ شرائعهم وإجراء أحكامهم على الأمة ، وفي الحقيقة النصيحة للأخ المؤمن نصيحة لهم أيضاً.

الحديث الثاني : كالسابق.

١٤٧

يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة له في المشهد والمغيب.

٣ - ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذَّاء ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة.

٤ - ابن محبوب ، عن عمرّو بن شمرّ ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لينصح الرّجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه.

٥ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنَّ أعظم النّاس منزلة عند الله يوم القيامة أمشاهم في أرضه بالنصيحة لخلقه.

٦ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن المنقري ، عن سفيان بن عيينة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول عليكم بالنصح لله في خلقه فلن تلقاه

_________________________________________________

« في المشهد والمغيب » أي في وقت حضوره بنحو ما مرّ وفي غيبته بالكتابة أو الرسالة وحفظ عرضه ، والدفع عن غيبته ، وبالجملة رعاية جميع المصالح له ودفع المفأسدّ عنه على أي وجه كان.

الحديث الثالث : كالسابق.

ويحتمل أن يكون الوجوب في بعض الأفراد محمولا على السنّة المؤكدة وفقا للمشهور بين الأصحاب.

الحديث الرابع : ضعيف ، وهذا جامع لجميع أفراد النصيحة.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

« أمشاهم في الأرض » المرّاد إمّا المشي حقيقة أو كناية عن شدة الاهتمام ، والباء في قوله : بالنصيحة للملابسة أو السببيّة.

الحديث السادس : ضعيف.

١٤٨

بعمل أفضل منه.

(باب)

(الإصلاح بين الناس)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن حمّاد بن أبي طلحة ، عن حبيب الأحول قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول صدقة يحبها الله إصلاح بين النّاس إذاً تفاسدوا وتقاربٌ بينهم إذاً تباعدوا.

عنه ، عن محمّد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

_________________________________________________

في للظرفية أو السببيّة والنصح يتعدّى إلى المنصوح بنفسه وباللام ، ونسبة النصح إلى الله إشارة إلى أن نصح خلق الله نصح له ، فإن نصحه تعالى إطاعة أوامرّه وقد أمرّ بالنصح لخلقه ، ويحتمل أن يكون المعنى النصح للخلق خالصاً لله فيكون في بمعنى اللام ، ويحتمل أن يكون المعنى النصح لله بالإيمان بالله وبرسله وحججه وإطاعة أوامرّه والاحتراز عن نواهيه « في خلقه » أي من بين خلقه وهو بعيد ، ولا يناسب الباب أيضاً ، وقال في النهاية : أصل النصح في اللغة الخلوص يقال : نصحته ونصحت له.

ومعنى نصيحة الله صحّة الاعتقاد في وحدانيّته وإخلاص النيّة في عبادته ، والنصيحة لكتاب الله هو التصديق له والعمل بما فيه ، ونصيحة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التصديق بنبوّته ورسالته والانقياد لـمّا أمرّ به ونهى عنه ، ونصيحة الأئمة. أن يطيعهم في الحقّ ولا يرى الخروج عليهم ، ونصيحة عامّة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم.

باب الإصلاح بين النّاس

الحديث الأول : ضعيف على الأشهر بسنديه.

« وتقارب » أي سعى في تقاربهم أو أصل تقاربهم.

١٤٩

٢ - عنه ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لأن أصلح بين اثنين أحبُّ إليَّ من أن أتصدَّق بدينارين.

٣ - عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن مفضّل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذاً رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فافتدها من مالي.

٤ - ابن سنان ، عن أبي حنيفة سابق الحاجّ قال : مرّ بنا المفضّل وأنا و

_________________________________________________

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : فافتدها كان الافتداء هنا مجاز فإن المال بدفع المنازعة كما أن الدية تدفع بطلب الدّم أو كما أن الأسير ينقذ بالفداء فكذلك كل منها ينقذ من الآخر بالمال ، فالإسناد إلى المنازعة على المجاز ، وفي المصباح فدى من الأسير يفديه فدى مقصور وتفتح الفاء وتكسر إذاً استنقذه بمال ، واسم ذلك المال الفدية وهو عوض الأسير وفاديته مفاداة وفداء أطلقته وأخذت فديته ، وتفادى القوم اتقى بعضهم ببعض ، كان كل واحد يجعل صاحبه فداه ، وفدت المرّأة نفسها من زوجها تفدي وأفدت أعطته مإلّا حتّى تخلصت منه بالطلاق.

الحديث الرابع : كالسابق.

وأبو حنيفة اسمه سعيد بن بيان و « سابق » صححه في الأيضاًح وغيره بالباء الموحدة ، وفي أكثر النسخ بالياء من السوق ، وعلى التقديرين إنما لقب بذلك لأنّه كان يتأخر عن الحاج ثمَّ يعجل ببقية الحاج من الكوفة ويوصلهم إلى عرفة في تسعة أيّام أو في أربعة عشر يوماً ، ووردّ لذلك ذمه في الأخبار لكن وثقه النجاشي وروي في الفقيه عن أيوب بن أعين قال : سمعت الوليد بن صبيح يقول لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إن أبا حنيفة رأى هلال ذي الحجّة بالقادسيّة وشهد معنا عرفة؟ فقال : ما لهذا صلاة ما لهذا صلاة.

١٥٠

ختني نتشاجر في ميراث فوقف علينا ساعة ثمَّ قال لنا تعالوا إلى المنزل فأتيناه فأصلح بيننا بأربعمائة درهم فدفعها إلينا من عنده حتّى إذاً استوثق كل واحد منّا من صاحبه قال إمّا إنها ليست من مالي ولكن أبو عبد اللهعليه‌السلام أمرّني إذاً تنازع رجلان من أصحابنا في شيء أن أصلح بينهما وأفتديها من ماله فهذا من مال أبي عبد اللهعليه‌السلام .

٥ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المصلح ليس بكاذب.

٦ - عليُّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عليُّ بن إسماعيل ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : «وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ

_________________________________________________

والختن بالتحريك زوج بنت الرّجل وزوج أخته أو كل من كان من قبل المرّأة ، والتشاجر التنازع « فوقف علينا ساعة » كان وقوفه كان لاستعلام الأمرّ المتنازع فيه ، وأنه يمكن إصلاحه بالمال أم لا « حتّى إذاً استوثق » أي أخذ من كل منّا حجّة لرفع الدعوى عن الآخر ، في القاموس : استوثق أخذ منه الوثيقة ، وأقول : يدلّ كسابقه على مدح المفضّل وأنه كان أمينهعليه‌السلام واستحباب بذل المال لرفع التنازع بين المؤمنين وأن أبا حنيفة كان من الشيعة.

الحديث الخامس : حسن كالصحيح.

« المصلح ليس بكاذب » أي إذاً نقل المصلح كلإمّا من أحد الجانبين إلى الآخر لم يقله وعلم رضاه به أو ذكر فعلا لم يفعله للإصلاح ، ليس من الكذب المحرَّم بل هو حسن ، وقيل : إنّه لا يسمى كذبا اصطلاحاً وإن كان كذباً لغة ، لأن الكذب في الشرع ما لا يطابق الواقع ويذم قائله ، وهذا لا يذم قائله شرعاً.

الحديث السادس : حسن موثق.

«وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً » قال البيضاوي : العرضة فعلة بمعنى المفعول كالقبضة ،

١٥١

أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النّاس »(١) قال إذاً دعيت لصلح بين اثنين فلا تقل عليُّ يمين إلّا أفعل.

_________________________________________________

يطلق لـما يعرض دون الشيء وللمعرض للأمرّ ، ومعنى الآية على الأوّل ولا تجعلوا الله حاجزا لـمّا حلفتم عليه من أنواع الخير ، فيكون المرّاد بالأيمان الأمور المحلوف عليها كقولهعليه‌السلام لابن سمرّة : إذاً حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فات الذي هو خير وكفر عن يمينك. وأن مع صلتها عطف بيان لها ، واللام صلة عرضة لـمّا فيها من معنى الاعتراض ، ويجوز أن يكون للتعليل ويتعلق أن بالفعل أو بعرضة ، أي ولا تجعلوا الله عرضة لأن تبروا لأجل أيمانكم فتتبذلوه بكثرة الحلف به ، وأن تبروا علة النهي أي أنهيكم عن إرادة بركم وتقواكم وإصلاحكم بين النّاس ، فإن الحلاف مجترئ على الله والمجترئ على الله لا يكون برّاً متقياً ، ولا موثوقاً به في إصلاح ذات البين.

وقال الطبرسي (ره) : في معناه ثلاثة أقوال : أحدها : أن معناه ولا تجعلوا اليمين بالله علة مانعة لكم من البر والتقوى من حيث تعتمدونها لتعتلوا بها وتقولوا حلفنا بالله ولم تحلفوا به ، والثّاني : أن عرضة معناه حجّة فكأنه قال : لا تجعلوا اليمين بالله حجّة في المنع من البر والتقوى فإن كان قد سلف منكم يمين ثمَّ ظهر أن غيرها خير منها فافعلوا الذي هو خير ولا تحتجوا بما قد سلف من اليمين ، والثالث : أن معناه لا تجعلوا اليمين بالله عدَّةٌ مبتذلة في كل حقّ وباطل لأن تبروا في الحلف بها وتتقوا المأثمَّ فيها وهو المرّوي عن أئمتناعليهم‌السلام ، نحو ما روي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال : لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين فإنه يقول سبحانه : «وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ » وتقديره على الوجه الأوّل والثّاني : لا تجعلوا الله مانعا عن البر والتقوى باعتراضك به حالفا ، وعلى الثالث لا تجعلوا الله مما

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٢٤.

١٥٢

٧ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن ابن محبوب ، عن معاوية بن وهب أو معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أبلغ عني كذا وكذا في أشياء أمرّ بها قلت فأبلغهم عنك وأقول عنّي ما قلت لي وغير الذي قلت قال نعم إن المصلح ليس بكذّاب [ إنمّا هو الصلح ليس بكذب ].

_________________________________________________

تحلف به دائماً باعتراضك بالحلف به في كل حقّ وباطل.

وقوله : أن تبرّوا قيل في معناه أقوال : الأوّل : لأن تبروا على معنى الإثبات ، أي لأن تكونوا بررة أتقياء ، فإن من قلت يمينه كان أقربّ إلى البر ممن كثرت يمينه ، وقيل : لأن تبروا في اليمين ، والثّاني : أن المعنى لدفع أن تبروا أو لترك أن تبروا فحذف المضاف ، والثالث ، أن معناه أن لا تبروا فحذف لا «وَتَتَّقُوا » أي تتقوا الإثمَّ والمعاصي في الإيمان «وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النّاس » أي لا تجعلوا الحلف بالله علة أو حجّة في أن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا بين النّاس ، أو لدفع أن تبروا وتتقوا وتصلحوا ، وعلى الوجه الثالث لا تجعلوا اليمين بالله مبتذلة لأن تبروا وتتقوا وتصلحوا ، أي لكي تكونوا من البررة والأتقياء والمصلحين بين النّاس ، فإن من كثرت يمينه لا يوثق بحلفه ، ومن قلّت يمينه فهو أقربّ للتقوى والإصلاح بين الناس.

الحديث السابع : صحيح.

وذهب بعض الأصحاب إلى وجوب التورية في هذه المقامات ليخرج عن الكذب ، كان ينوي بقوله : قال كذا ، رضي بهذا القول ، ومثل ذلك وهو أحوط.

١٥٣

(باب)

(في إحياء المؤمن)

١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له قول الله عزّ وجلّ : «مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاس جميعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاس جميعاً » قال

_________________________________________________

باب في إحياء المؤمن

الحديث الأول : موثق.

والآية في المائدة هكذا «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاس جميعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاس جميعاً » فما في الخبر على النقل بالمعنى والاكتفاء ببعض الآية لظهورها ، وقال الطبرسيقدس‌سره في المجمع : «بِغَيْرِ نَفْسٍ » أي بغير قود «أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ » أي بغير فساد كان منها في الأرض فاستحقت بذلك قتلها وفسادها بالحربّ لله ولرسوله وإخافة السبيل على ما ذكر الله في قوله «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ »(١) الآية.

«فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاس جميعاً » قيل في تأويله أقوال : أحدها : أن معناه هو أن النّاس كلهم خصماؤه في قتل ذلك الإنسان ، وقد وترهم وتر من قصد لقتلهم جميعاً فأوصل إليهم من المكروه ما يشبه القتل الذي أوصله إلى المقتول ، فكأنه قتلهم كلهم ، ومن استنقذها من غرق أو حرق أو هدم أو ما يميت لا محالة ، أو استنقذها من ضلال «فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاس جميعاً » أي آجره الله على ذلك أجر من أحياهم أجمعين لأنه في إسدائه المعروف إليهم بإحيائه أخاهم المؤمن بمنزلة من أحيى كل واحد

__________________

(١) سورة المائدة : ٣٣.

١٥٤

من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنّما أحياها ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها.

_________________________________________________

منهم روي ذلك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام . ثمَّ قال : وأفضل من ذلك أن يخرجها من ضلال إلى هدى.

وثانيها : أن من قتل نبيّاً أو إمام عدل فكأنما قتل النّاس جميعاً ، أي يعذب عليه كما لو قتل النّاس كلهم ، ومن شد على عضد نبيّ أو إمام عدل فكأنما أحيى النّاس جميعاً في استحقّاًق الثواب عن ابن عباس.

وثالثها : أن معناه من قتل نفسا بغير حقّ فعليه مأثمَّ كل قاتل من النّاس لأنه سن القتل وسهلة لغيره فكأنه بمنزلة المشارك ، ومن زجر عن قتلها لذلك بما فيه حياتها على وجه يقتدى به فيه بأن يعظم تحريم قتلها كما حرمه الله فلم يقدم على قتلها لذلك فقد أحيى النّاس بسلامتهم منه ، فذلك إحياؤها إياها.

ورابعها : أن المرّاد فكأنّما قتل النّاس جميعاً عند المقتول «وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاس جميعاً » عند المستنقذ.

وخامسها : أن معناه يجب عليه من القصاص بقتلها مثل الذي يجب عليه لو قتل النّاس جميعاً ومن عفا عن دمها وقد وجب القود عليها كان كما لو عفا عن النّاس جميعاً والإحياء هنا مجاز لأنه لا يقدر عليه إلّا الله تعالى.

وأقول : تطبيق التأويل المذكور في الخبر على قوله تعالى : «بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ » يحتاج إلى تكلف كثير ، ولذا لم يتعرض الطبرسي (ره) له ، ويمكن أن يكون المرّاد أن نزول الآية إنما هو في إذهاب الحياة البدني لكن يظهر منها حال إذهاب الحياة القلبي والروحاني بطريق أولى ، وبعبارة أخرى دلالة الآية على الأوّل دلالة مطابقية وعلى الثّاني التزامية ولذا قالعليه‌السلام : من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنما أحياها ولم يصرّح بأن هذا هو المرّاد بالآية وكذا عبّر في الأخبار

١٥٥

٢ - عنه ، عن عليُّ بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن فضيل بن يسار قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام قول الله عزّ وجلّ في كتابه : «وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاس جميعاً » - قال من حرق أو غرق قلت فمن أخرجها من ضلال إلى هدى قال ذاك تأويلها الأعظم.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى ، عن عليُّ بن الحكم ، عن أبان مثله.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمرّان الحلبي ، عن أبي خالد القمّاط ، عن حمرّان قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أسألك أصلحك الله فقال نعم فقلت كنت على حال وأنا اليوم على حال أخرى كنت أدخل الأرض فأدعو الرّجل والاثنين والمرّأة فينقذ الله من شاء

_________________________________________________

الآتية بالتأويل إشارة إلى ذلك ، مع أنه يحتمل أن يكون المرّاد على هذا التأويل من قتل نفسا بالإضلال بغير نفس أي من غير أن يقتل نفسا ظاهراً أو يفسد في الأرض كان عقابه عقاب من قتل النّاس جميعاً بالقتل الظاهري.

الحديث الثاني : موثق بسنديه.

قولهعليه‌السلام : ذاك تأويلها الأعظم ، أي الآية شاملة لها وهي بطن من بطونها.

الحديث الثالث : حسن.

قوله : كنت على حال ، كأنه كان قبل أن ينهاهعليه‌السلام عن دعوة النّاس تقية يدعو النّاس وبعدّ نهيهعليه‌السلام ترك ذلك ، وكان ذكر ذلك رجاء أن يأذنه فقالعليه‌السلام :

وما عليك ، إمّا على النفي أي لا بأس عليك ، أو الاستفهام الإنكاري أي أي ضرر عليك « أن تخلي » أي في أن تخلي أي اتركهم مع الله فإن الله يهديهم إذاً علم أنّهم قابلون لذلك « فمن أراد الله أن يخرجه » إشارة إلى قوله تعالى : «اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ »(١) أي من ظلمة الكفر والضلال والشك إلى نور

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٥٧.

١٥٦

وأنا اليوم لا أدعو أحداً ؟ فقال وما عليك أن تخلّي بين النّاس وبين ربهم فمن أراد الله أن يخرجه من ظلمة إلى نور أخرجه ثمَّ قال ولا عليك إن آنست من أحد خيراً أن تنبذ إليه الشيء نبذا قلت أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : «وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاس جميعاً » قال من حرق أو غرق ثمَّ سكت ثمَّ قال تأويلها الأعظم أن دعاها فاستجابت له.

_________________________________________________

الإيمان واليقين ، وقيل : إشارة إلى قوله سبحانه : «فَمَنْ يُردّ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ »(١) والحاصل أن سعيك في ذلك إن كان للأغراض الدنيويّة فهو مضر لك وإن كان لثواب الآخرة فالثواب في زمن التقيّة في ترك ذلك وإن كان للشفقة على الخلق فلا ينفع سعيك في ذلك فإنه إذاً كان قابلا للتوفيق يوفقه الله بأي وجه كان بدون سعيك وإلّا فسعيك أيضاً لا ينفع.

ثمَّ استثنىعليه‌السلام صورة واحدة فقال : ولا عليك ، أي ليس عليك بأس « إن آنست » أي أبصرت وعلمت ، في القاموس : أنس الشيء أبصره وعلمه وأحس به « من أحد خيراً » كان تجدّه لينا غير متعصب طالباً للحقّ وتأمن حيلته وضرره « أن تنبذ إليه الشيء » أي ترمي وتلقي إليه شيئاً من براهين دين الحقّ نبذا يسيرا موافقاً للحكمة بحيث إذاً لم يقبل ذلك يمكنك تأويله وتوجيهه ، في القاموس : النبذ طرحك الشيء أمامك أو وراءك أو عام والفعل كضرب.

قولهعليه‌السلام : أن دعاها ، لـمّا كانت النفس في صدر الآية المرّاد بها المؤمنة ، فضمير أحياها أيضاً راجع إلى المؤمنة فيكون على سبيل مجاز المشارفة.

__________________

(١) سورة الأنعام : ١٢٥.

١٥٧

(باب)

(في الدعاء للأهل إلى الإيمان)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليُّ بن النعمان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن لي أهل بيت وهم يسمعون مني أفأدعوهم إلى هذا الأمرّ فقال نعم إن الله عزّ وجلّ يقول في كتابه «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاس وَالْحِجارَةُ »(١) .

_________________________________________________

باب في الدعاء للأهل إلى الإيمان

الحديث الأوّل : صحيح.

«قُوا » أي احفظوا واحرسوا وامنعوا «أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً » أي قوا أنفسكم النّار بالصبر على طاعة الله وعن معصيته وعن اتباع الشهوات ، وقوا أهليكم النّار بدعائهم إلى طاعة الله ، وتعليمهم الفرائض ونهيهم عن القبائح وحثهم على أفعال الخير «وَقُودُهَا النّاس وَالْحِجارَةُ » قيل : أي حجارة الكبريت لأنها تزيد في قوة النّار ، وقيل : الأحجار المعبودة وتدل الآية والخبر على وجوب الأمرّ بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى أنّ الأقارب من الزوجة والمماليك والوالدّين والأوّلاد وسائر القرابات مقدّمون في ذلك على الأجانب.

__________________

(١) سورة التحريم : ٦.

١٥٨

(باب)

(في ترك دعاء الناس)

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن كليب بن معاوية الصيداوي قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام إيّاكم والنّاس إنَّ الله عزَّ وجلَّ إذاً أراد بعبد خيراً نكت في قلبه نكتة فتركه وهو يجول لذلك ويطلبه ثمَّ قال لو أنكم إذاً كلّمتم النّاس قلتم ذهبنا حيث ذهب الله واخترنا من اختار الله واختار الله محمدا واخترنا آل محمّد صلى الله عليه وعليهم.

_________________________________________________

باب في ترك دعاء النّاس

الحديث الأوّل : حسن كالصحيح.

« إيّاكم والنّاس » أي احذروا دعوتهم في زمن شدة التقيّة وعلل ذلك بأن من كان قابلا للهداية وأراد الله ذلك به« نكت في قلبه نكتة من نور » كناية عن أنه يلقى في قلبه ما يصير به طالباً للحقّ متهيئا لقبوله ، في القاموس : النكت أن تضربّ في الأرض بقضيب فيؤثر فيها ، والنكتة بالضمّ النقطة ، ثمَّ بينعليه‌السلام طريقا لينا لمعارضتهم والاحتجاج عليهم وهدايتهم ، بحيث لا يصير سبباً لمزيد تعصبهم وإصرارهم ولا يتضمن التصريح بكفرهم وضلالتهم بأن قال : « لو أنّكم » ولو للتمني وقلتم جواب إذاً « حيث ذهب الله » أي حيث أمرّ الله بالذهاب إليه « واخترنا من اختار الله » أي اخترنا الإمامة من أهل بيت اختارهم الله فإن النبيّ مختار الله ، والعقل يحكم بأن أهل البيت المختار إذاً كانوا قابلين للإمامة أولى من غيرهم ، وهذا دليل إقناعي تقبله طباع أكثر الخلق.

١٥٩

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السرّاج ، عن ابن مسكان ، عن ثابت أبي سعيد قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام يا ثابت ما لكم وللنّاس كفوا عن النّاس ولا تدعوا أحدا إلى أمرّكم فو الله لو أن أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله هداه ما استطاعوا كفوا عن النّاس ولا يقول أحدكم أخي وابن عمي وجاري فإن الله عزّ وجلّ إذاً أراد بعبد خيراً طيب روحه فلا يسمع بمعروف إلّا عرفه ولا بمنكر إلّا أنكره ثمَّ يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمرّه.

٣ - أبو عليُّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان بن يحيى ، عن محمّد بن مرّوان ، عن الفضيل قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ندعو النّاس إلى هذا الأمرّ فقال يا فضيل إن الله إذاً أراد بعبد خيراً أمرّ ملكا فأخذ بعنقه حتّى أدخله في هذا الأمر طائعاً أو كارها.

٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فضّال ، عن عليُّ بن

_________________________________________________

الحديث الثاني : مجهول.

وقد مرّ مثله في أواخر كتاب التوحيد وقد تكلمنّا هناك في معنى الهداية والإضلال ، وفهم هذه الأخبار في غاية الإشكال ومنهم من أول إرادة الهداية بالعلم أو التوفيق والتأييد الذي استحقّه بحسن اختياره « ولا يقول أحدكم أخي » أي هذا أخي ترحمّاً عليه لإرادة هدايته « طيب روحه » أي جعلها قابلة لفهم الحقّ وقبوله إمّا في بدو الخلق أو بعده في عالم الأجساد « فلا يسمع بمعروف » كان فيما مضى معروفاً ومنكرا وهو أظهر ، والكلمة التي يقذفها في قلبه هي اعتقاد الإمامة فإنّها جامعة لإصلاح جميع أموره في الدارين ، ولا يشتبه عليه أمرّ من الأمور.

الحديث الثالث : مجهول ، وقد مرّ في آخر كتاب التوحيد.

الحديث الرابع : حسن موثق.

١٦٠