مرآة العقول الجزء ٩

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 439

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 439
المشاهدات: 21943
تحميل: 8821


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 439 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 21943 / تحميل: 8821
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 9

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أسربوها ونظر في الأخرى فإذا هي موقورة فقال احبسوها.

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن سعدان قال

_________________________________________________

العاشر من يأخذ العشر على الطريق ، في المصباح : عشرت المال عشرّاً من باب قتل وعشوراً ، أخذت عشره ، واسم الفاعل عاشر وعشار « فقال أسربوها» على بناء الأفعال أي أرسلوها وخلوها تذهب ، والساربّ الذاهب على وجهه في الأرض « فإذا هي موقرة» (١) بفتح القاف أو كسرها ، في القاموس : الوقر بالكسر الحمل الثقيل أو أعمّ ، وأوقر الدابة إيقارا وقرة ودابة وقرى موقرة ، ورجل موقر ذو وقر ، ونخلة موقرة وموقرة وموقور وموقرة.

« فقال احبسوها » بالأمرّ من باب ضربّ ، والتشبيه في غاية الحسن والكمال ، والحديث يدلّ أن الفقر أفضل من الغنى ومن الكفاف للصابر ، وما وقع في بعض الروايات من استعاذتهمعليهم‌السلام من الفقر ، يمكن حمله على الاستعاذة من الفقر الّذي لا يكون معه صبر ولا ورع يحجزه عما لا يليق بأهل الدّين ، أو على فقر القلب أو فقر الآخرة ، وقد صرّح به بعض العلماء ، ودل عليه بعض الروايات ، وللعامّة في تفضيل الفقر على الغنى والكفاف أو العكس أربعة أقوال ثالثها ، الكفاف أفضل ، ورابعها الوقف ، ومعنى الكفاف أن لا يحتاج ولا يفضل ، ولا ريب أن الفقر أسلم وأحسن بالنّسبة إلى أكثر النّاس ، والغناء أحسن بالنّسبة إلى بعضهم ، فينبغي أن يكون المؤمن راضيا بكل ما أعطاه الله ، وعلم صلاحه فيه ، وسؤال الفقر لم يردّ في الأدعية ، بل وردّ في أكثرها الاستعاذة عن الفقر الّذي يشقي به ، وعن الغنى الّذي يصير سبباً لطغيانه ، وروى الصدوق (ره) في معاني الأخبار بإسناده عن الحارث الأعور قال : كان فيما سأل عنه عليُّ بن أبي طالب ابنه الحسنعليهما‌السلام إنّه قال له : ما الفقر؟ قال : الحرص والشره.

الحديث الثاني : مجهول.

__________________

(١) وفي المتن « موقورة ».

٣٦١

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام المصائب منحٌ من الله والفقر مخزون عند الله.

٣ - وعنه رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا عليُّ إن الله جعل الفقر أمانة عند خلقه فمن ستره أعطاه الله مثل أجر الصائم القائم ومن أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله إمّا إنّه ما قتله بسيف ولا رمح ولكنّه قتله بما نكى من قلبه.

_________________________________________________

« منح من الله » المنح بكسر الميم وفتح النون جمع منحة بالكسر وهي العطيّة ، في القاموس : منحه كمنعه وضربّه أعطاه ، والاسم المنحة بالكسر. وأقول : الخبر يحتمل وجهين : أحدهما أن ثواب المصائب منح وعطايا يبذلها الله في الدنيا ، وثواب الفقر مخزون عند الله لا يعطيه إلّا في الآخرة لعظمه وشرافته ، والدنيا لا يصلح أن يكون عوضاً عنه ، وثانيهما أن المصائب عطايا من الله عزّ وجلّ يعطيها من يشاء من عباده ، والفقر من جملتها مخزون عنده ، عزيز لا يعطيه إلّا من خصه بمزيد العناية ، ولا يعترض أحد بكثرة الفقراء وذلك لأن الفقير هنا من لا يجد إلّا القوت من التعفف ، ولا يوجد من هذه صفته في ألف ألف واحد.

أقول : أو المرّاد به الفقر الّذي يصير سبباً لشدّة الافتقار إلى الله ، ولا يتوسل معه إلى المخلوقين ، ويكون معه في أعلى مرّاتب الرضا ، وفيه تنبيّه على أنه ينبغي أن يفرح صاحب المصيبة بها كما يفرح صاحب العطيّة بها.

الحديث الثالث : مرّفوع وضمير عنه راجع إلى أحمد.

« فقد قتله » أي قتل المسؤول السائل ، والعكس كما زعم بعيد جدا ، وفي المصباح نكأت القرحة أنكأها مهموز بفتحتين قشرتها ، ونكيت في العدوّ ونكى من باب نفع أيضاً لغة في نكيت فيه أنكى من باب رمى ، والاسم النكاية بالكسر إذاً قتلت وأثخنت.

٣٦٢

٤ - عنه ، عن محمّد بن عليُّ ، عن داود الحذّاء ، عن محمّد بن صغير ، عن جدّه شعيب ، عن مفضّل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام كلـمّا ازداد العبد إيماناً ازداد ضيقاً في معيشته.

٥ - وبإسناده قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لو لا إلحاح المؤمنين على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال الّتي هم فيها إلى حال أضيق منها.

_________________________________________________

الحديث الرابع : ضعيف.

والازدياد هنا لازم بمعنى الزيادة ، وإيمانا وضيقاً تميزان ، وفي المصباح ازداد الشيء مثل زاد وازددت مالاً زدته لنفسي زيادة على ما كان ، ويؤيّده ما نسب إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام :

كم من أديب عالم فطن

مستكمل العقل مقل عديم

وكم من جهول يكثر ماله

ذاك تقدير العزيز العليم

والسرّ ما مرّ من فوائد الابتلاء من المثوبات الّتي ليس لها انتهاء ، وأيضاً الإكثار موجب للتكبّر والخيلاء ، واحتقار الفقراء والخشونة والقسوة والجفاء والغفلة عن الله سبحانه ، بسبب اشتغالهم بحفظ أموالهم وتنميتها مع كثرة ما يجب عليهم من الحقوق الّتي قل من يؤديها ، وبذلك يتعرضون لسخط الله عزّ وجلّ ، والفقراء مبرؤون من ذلك مع توسلّهم بربّهم وتضرّعهم إليه ، وتوكلهم عليه ، وقربهم عنده بذلك مع سائر الخلال الحميدة الّتي لا تنفك عن الفقر إذا صبر على الشدائد الّتي هي من قواصم الظهر.

الحديث الخامس : ضعيف إن كان المرّاد بإسناده السند السابق ، أو مرّسل إن كان المرّاد سند آخر وهو أظهر.

ويدلّ على محبوبية الفقر وعلى أن دعاءهم لا يردّ ولا يمنع عن السماء.

٣٦٣

٦ - عنه ، عن بعض أصحابه رفعه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ما أعطي عبد من الدنيا إلّا اعتباراً وما زوي عنه إلّا اختبارا.

٧ - عنه ، عن نوح بن شعيب وأبي إسحاق الخفاف ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس لمصاص شيعتنا في دولة الباطل إلّا القوت شرقوا إن شئتم أو غربوا

_________________________________________________

الحديث السادس : مرفوع.

« إلّا اعتباراً » مفعول له ، وكذا اختباراً ، وكأنّ المعنى لا يعطيه إلّا ليعتبر به غيره ، فيعلم أنه لا خير فيه لـمّا يظهر للنّاس من مفاسده الدنيويّة والأخرويّة ، أو ليعتبر بحال الفقراء فيشكر الله على الغناء ويعين الفقراء كما مرّ في حديث آدمعليه‌السلام حيث سأل عن سبب اختلاف ذريته؟ فقال تعالى في سياق جوابه : وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني ، وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني ، لكن الأوّل في هذا المقام أنسب ، وقوله : إلّا اختباراً في بعض النسخ بالياء المثناة التحتانية أي لأنه اختاره وفضله وأكرمه بذلك ، وفي بعضها بالموحّدة أي امتحانا فإذا صبر كان خيراً له ، والابتلاء والاختبار في حقّه تعالى مجاز باعتبار أن فعل ذلك مع عباده ليترتّب عليه الجزاء ، شبيه بفعل المختبر منّا مع صاحبه ، وإلّا فهو سبحانه عالم بما يصدر عن العباد قبل صدوره منهم ، و « زوي » على بناء المجهول ، في القاموس : زواه زيّاً وزويّاً نحّاه فانزوى وسرّه ، عنه طواه. والشيء جمعه وقبضه.

وأقول : نائب الفاعل ضمير الدنيا ، وقيل : هذا مخصوص بزمان دولة الباطل لئلّا ينافي ما سيأتي من الأخبار في كتاب المعيشة.

الحديث السابع : مرسل.

وقال الجوهري : المصاص خالص كل شيء ، يقال : فلان مصاص قومه إذاً كان أخلصهم نسباً ، يستوي فيه الواحد والاثنان ، والجمع والمؤنّث ، وفي النهاية ومنه الحديث : اللّهم اجعل رزق آل محمّد قوتاً ، أي بقدر ما يمسك الرمق من المطعم ، وفي المصباح : القوت ما يؤكل ليمسك الرمق قاله ابن فارس والأزهري ، انتهى.

٣٦٤

لن ترزقوا إلّا القوت.

٨ - محمّدُ بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن الأشعري ، عن بعض مشايخه ، عن إدريس بن عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يا عليُّ الحاجة أمانة الله عند خلقه فمن كتمها على نفسه أعطاه الله ثواب من صلى ومن كشفها إلى من يقدر أن يفرَّج عنه ولم يفعل فقد قتله إمّا إنه لم يقتله بسيف ولا سنان ولا سهم ولكن قتله بما نكى من قلبه.

٩ - وعنه ، عن أحمد ، عن عليُّ بن الحكم ، عن سعدان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن الله عزّ وجلّ يلتفت - يوم القيامة إلى فقراء المؤمنين شبيهاً بالمعتذر إليهم فيقول وعزّتي وجلالي ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم عليُّ ولترون ما أصنع بكم اليوم فمن زوّد أحداً منكم في دار الدُّنيا معروفاً فخذوا بيده فأدخلوه الجنّة قال

_________________________________________________

وقيل : هو البلغة يعني قدر ما يتبلّغ به من العيش ويسمى ذلك أيضاً كفافا لأنه قدر يكفه عن النّاس ويغنيه عن سؤالهم ، ثمَّ بالغعليه‌السلام في أن نصيبهم القوت بقوله : شرّقوا « إلخ » وهو كناية عن الجد في الطلب والسير في أطراف الأرض.

الحديث الثامن : مجهول « من صلّى » أي في الليل كلّه أو واظب عليها

الحديث التاسع : مجهول.

« ولترون » بسكون الواو وتخفيف النون أو بضمّ الواو وتشديد النون المؤكد « ما أصنع » ما موصولة أو استفهاميّة« فمن زوّد » على بناء التفعيل أي أعطي الزاد للسفر كما ذكره الأكثر ، أو مطلقاً فيشمل الحضر ، في المصباح : زاد المسافر طعامه المتخذ لسفره وتزود لسفره وزودته أعطيته زادا ونحوه قال الجوهري وغيره ، لكن قال الراغب : الزاد المدخر الزائد على ما يحتاج إليه في الوقت « منكم » أي أحداً منكم ، وقيل : من هنا اسم بمعنى البعض ، وقيل : معروفاً صفة للمفعول المطلق المحذوف ، أي تزويداً معروفاً ، وفي النهاية : التنافس من المنافسة وهي

٣٦٥

فيقول رجلٌ منهم : يا ربّ إنَّ أهل الدًّنيا تنافسوا في دنيأهمّ فنكحوا النساء ولبسوا الثياب اللّينة وأكلوا الطعام وسكنوا الدور وركبوا المشهور من الدوابّ فأعطني مثل ما أعطيتهم فيقول تبارك وتعالى لك ولكلّ عبد منكم مثل ما أعطيت أهل الدنيا منذ كانت الدنيا إلى أن انقضت الدنيا سبعون ضعفاً.

١٠ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن إسماعيل بن سهل وإسماعيل بن عباد جميعاً يرفعانه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما كان من ولد آدم مؤمن إلّا فقيراً ولا كافر إلّا غنيا حتّى جاء إبراهيمعليه‌السلام فقال : «ربّنا

_________________________________________________

الرغبة في الشيء النفيس الجيّد في نوعه ، ونافست في الشيء منافسة ونفاساً إذاً رغبت فيه ، ونفس بالضمّ نفاسة أي صار مرغوباً فيه ونفست به بالكسر أي بخلت ونفست عليه الشيء نفاسة إذاً لم تره له أهلا ، والمشهور من الدواب الّتي اشتهرت بالنفاسة والحسن ، في القاموس : المشهور المعروف المكان المذكور والنبيّه ، وفي النهاية فيه : الضعف في المعاد ، أي مثلي الأجر ، يقال إن أعطيتني درهما فلك ضعفه ، أي درهمان ، وربما قالوا : فلك ضعفاه ، وقيل : ضعف الشيء مثله ، وضعفاه مثلاًه وقال الأزهري : الضعف في كلام العربّ المثل فما زاد ، وليس بمقصور على مثلين ، فأقل الضعف محصور في الواحد وأكثره غير محصور.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

«ربّنا لا تَجْعَلْنا » أقول : هذا تتمّة قول إبراهيمعليه‌السلام حيث قال في سورة الممتحنة : «قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَممّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أبداً حتّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إلّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ ربّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ، ربّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا ربّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » قال في مجمع

٣٦٦

لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا » فصيّر الله في هؤلاء أموالاً وحاجة وفي هؤلاء أموإلّا وحاجة.

١١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال جاء رجلٌ موسر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نقيّ الثوب فجلس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء رجلٌ معسر درن الثوب فجلس إلى جنب

_________________________________________________

البيان : معناه لا تعذّبنا بأيديهم ولا ببلاء من عندك فيقولوا لو كان هؤلاء على حقّ لـمّا أصابهم هذا البلاء ، وقيل : معناه لا تسلطهم علينا فيفتنونا عن دينك ، وقيل : معناه ألطف لنا حتّى نصبر على أذأهمّ ولا نتبعهم فنصير فتنة لهم ، وقيل : معناه اعصمنّا من موالاة الكفّار فإنا إذاً والينأهمّ ظنوا إنا صوبنأهمّ ، وقيل : معناه لا تخذلنا إذاً حاربنأهمّ فلو خذلتنا لقالوا لو كان هؤلاء على الحقّ لـمّا خذلوا ، انتهى.

وأقول : المعنى المستفاد من الخبر قريب من المعنى الأوّل لأن الفقر أيضاً بلاء يصير سبباً لافتتان الكفّار إمّا بأن يقولوا لو كان هؤلاء على الحقّ لـمّا ابتلوا بعموم الفقر فيهم؟ أو بأن يفروا من الإسلام خوفاً من الفقر « في هؤلاء أموالاً وحاجة » أي صار بعضهم ذوي مال وبعضهم محتاجين مفتاقين ولا ينافي هذا كون الأموال في الكفّار أو في غير الخلص من المؤمنين أكثر ، والفاقة في المؤمنين أو كملّهم أكثر وأشدّ.

الحديث الحادي عشر : مرسل.

« فجلس إلى رسول الله » قال الشيخ البهائيقدس‌سره : إلى بمعنى مع ، كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى : «مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ »(١) أو بمعنى عند كما في قول الشاعر : « أشهى إلىّ من الرحيق السلسل »(٢) ويجوز أن يضمن جلس معنى توجّه أو نحوه « درن الثوب » بفتح الدال وكسر الراء صفة مشبهة من الدرن

__________________

(١) سورة آل عمران : ٥٢.

(٢) عجز بيت لأبي كبير وصدره « أم لا سبيل إلى الشباب وذكره ».

٣٦٧

الموسر ، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخفت أن يمسك من فقره شيءٌ ؟ قال : لا قال فخفت أن يصيبه من غناك شيء قال لا قال فخفت أن يوسخ ثيابك قال لا قال فما حملك على ما صنعت فقال يا رسول الله إن لي قرينا يزين لي كلّ قبيح ويقبّح لي كل حسن وقد جعلت له نصف مالي ،

_________________________________________________

بفتحهما وهو الوسخ.

وأقول : في المصباح : درن الثوب درناً فهو درن مثل وسخ وسخاً فهو وسخ وزنا ومعنى « فقبض الموسر ثيابه » قيل : أي أطراف ثوبه « من تحت فخذيه » كأنّ الظاهر إرجاع ضمير فخذيه إلى المعسر ، ولو كان راجعاً إلى الموسر لـمّا كان لجمع الطرف الآخر وجه إلّا أن تكون لموافقة الطرف الآخر وفيه تكلفات أخر ، وقال الشيخ المتقدم (ره) : ضمير فخذيه يعود إلى الموسر ، أي جمع الموسر ثيابه وضمها تحت فخذي نفسه لئلّا تلاصق ثياب المعسر ، ويحتمل عوده إلى المعسر ، ومن على الأوّل إمّا بمعنى في أو زائدة على القول بجواز زيادتها في الإثبات ، وعلى الثّاني لابتداء الغاية ، والعود إلى الموسر أولى كما يرشد إليه قولهعليه‌السلام : فخفت أن يوسخ ثيابك ، لأن قولهعليه‌السلام فخفت أن يوسخ ثيابك الغرض منه مجردّ التقريع للموسر ، كما هو الغرض من التقريعين السابقين أعني قوله خفت أن يمسك من فقره شيء خفت أن يصيبه من غناك شيء ، وهذه التقريعات الثلاث منخرطة في سلك واحد ، ولو كان ثياب الموسر تحت فخذي المعسر لأمكن أن يكون قبضها من تحت فخذيه خوفاً من أن يوسخها.

أقول : ما ذكرهقدس‌سره وإن كان التقريع فيه أظهر وبالأوّلين أنسب لكن لا يصير هذا مجوزاً لارتكاب بعض التكلفات إذ يمكن أن يكون التقريع لأن سراية الوسخ في الملاصقة في المدة القليلة نادرة ، أو لأنّ هذه مفسدة قليلة لا يحسن لأجلها ارتكاب إيذاء مؤمن.

« أن لي قريناً يزيّن لي كلّ قبيح » قال (ره) : أي إنّ لي شيطاناً يغويني

٣٦٨

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للمعسر : أتقبل ؟ قال لا ، فقال له الرّجل ولم قال أخاف أن يدخلني ما دخلك.

١٢ - عليُّ بن إبراهيم ، عن عليُّ بن محمّد القاساني ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في مناجاة موسىعليه‌السلام يا موسى إذاً رأيت الفقر مقبلاً فقل : مرحباً بشعار الصالحين ؛ وإذاً رأيت الغنى

_________________________________________________

ويحوّل القبيح حسناً ، والحسن قبيحاً ، وهذا الفعل الشنيع الّذي صدر منّي من جملة إغوائه لي.

أقول : ويمكن أيضاً أن يراد بالقرين النفس الأمارة الّتي طغت وبغت بالمال أو المال أو الأعمّ كما قال تعالى : «إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى »(١) وقال في النهاية : ومنه الحديث ما من أحد إلّا وكل به قرينه أي مصاحبه من الملائكة أو الشياطين وكل إنسان فإن معه قريناً منهما ، فقرينه من الملائكة يأمره بالخير ويحثه عليه ، وقرينه من الشياطين يأمره بالشر ويحثه عليه.

« وجعلت له نصف مالي » أي في مقابلة ما صدر مني إليه من كسر قلبه وزجر النفس عن العود إلى مثل هذه الزلة « قال أخاف أن يدخلني ما دخلك » أي ممّا ذكرت أو من الكبر والغرور والترفّع على النّاس واحتقارهم ، وسائر الأخلاق الذميمة الّتي من لوازم التموّل والغنى.

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

والشعار بالكسر ما ولى الجسد من الثياب لأنّه يلي شعره ويستعار للصفات المختصة ، وفي حديث الأنصار : أنتم الشعار دون الدثار والشعار أيضاً علامة يتعارفون بها في الحربّ ، والفقر من خصائص الصالحين ، ومرحبّاً أي لقيت رحبّاً وسعة ، وقيل : معناه رحب الله بك مرحبّاً ، والقول كناية عن غاية الرضا والتسليم.

__________________

(١) سورة العلق : ٧.

٣٦٩

مقبلاً فقل : ذنب عجّلت عقوبته.

١٣ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله طوبى للمساكين بالصبر وهم الذين يرون مَلَكُوتَ

_________________________________________________

« ذنب عجّلت عقوبته » أي أذنبت ذنباً صار سبباً لأن أخرجني الله من أوليائه واتصفت بصفات أعدائه أو ابتلاني بالمشقّة الّتي ابتلى بها أصحاب الأموال كما قال تعالى : «إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا »(١) وما قيل : من أن الذنب هو الغناء فهو بعيد جدا.

الحديث الثالث عشر : ضعيف على المشهور.

وقد مرّ تفسير طوبى ، وقوله : بالصبر ، الباء إمّا للسببيّة أي طوبى لهم بسبب الصبر ، أو للملابسة فيكون حالاً عن المساكين ، ولا يبعدّ أن يقرأ المساكين بالتشديد للمبالغة ، أي المتمسكين كثيراً بالصبر ، ورؤية ملكوت السماوات والأرض مرّاتب يحصل لكل صنف منهم مرّتبة يليق بهم ، فمنهم من يتفكر في خلق السماوات والأرض ، ونظام العالم فيعلم بذلك قدرته تعالى وحكمته وأنّه لم يخلقها عبثا بل خلقها لأمرّ عظيم وهو عبادة الله سبحانه ومعرفته كما قال تعالى : «يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ربّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً »(٢) ومنهم من يتفكر في أن خالق السماوات والأرض لا يكون عاجزا ولا بخيلا فلم يفقرهم ويحوجهم إلّا لمصلحة عظيمة فيصبر على بلاء الله ويرضى بقضائه وكان تفسير المساكين هنا بالأنبياء والأوصياء أظهر ، وقد وردّ في بعض الأخبار تفسيره بهمعليهم‌السلام ، فإن المسكنة الخضوع والخشوع والتوسل بجناب الحقّ سبحانه والإعراض عن غيره ، قال في النهاية : قد تكرر في الحديث ذكر المساكين والمسكنة والتمسكن وكلّها يدور معناها على

__________________

(١) سورة التوبة : ٥٥.

(٢) سورة آل عمران : ١٩١.

٣٧٠

السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.

١٤ - وبإسناده قال قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يا معشر المساكين طيبوا نفساً وأعطوا الله الرضا من قلوبكم يثبكم الله عزّ وجلّ على فقركم فإن لم تفعلوا فلا

_________________________________________________

الخضوع والذلة وقلة المال والحال السيئة ، واستكان إذاً خضع ، والمسكنة فقر النفس وتمسكن إذاً تشبه بالمساكين ، وهم جمع المسكين وهو الّذي لا شيء له ، وقيل : هو الّذي له بعض الشيء ، وقد تقع المسكنة على الضعف ، ومنه حديث قيلة [ قال لها ] صدقت المسكنة ، أراد الضعف ولم يردّ الفقر ، وفيه : اللّهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرّة المساكين ، أراد به التواضع والإخبات وأن لا يكون من الجبارين المتكبرين ، وفيه أنه قال للمصلي تبأس وتمسكن أي تذل وتخضع ، وهو تمفعل من السكون.

الحديث الرابع عشر : كالسابق.

و « نفساً » تميز ، ويدلّ على أن الثواب إنّما هو على الرضا بالفقر لا على أصل الفقر وحمل على أصول المتكلّمين وهي أن الثواب هو الجزاء الدائم في الآخرة وهو لا يكون إلّا على الفعل الاختياري ، وإمّا ما يعطيه الله على الآلام الّتي يوردها على العبد في الدنيا بغير اختياره فإنما هو الجزاء المنقطع في الدنيا أو في الآخرة أيضاً على قول بعضهم حيث جوزوا أن يكون انقطاعها على وجه لا يشعر به ، فلا يصير سبباً لألمه ، ومنهم من جوز كون العوض دائماً في الآخرة.

قال العلّامة قدس الله روحه في الباب الحادي عشر : السادسة في أنه تعالى يجب عليه فعل عوض الآلام الصّادرة عنه ومعنى العوض هو النفع المستحقّ الخالي عن التعظيم والإجلال ، وإلّا لكان ظالـمّا ، تعالى الله عن ذلك ، ويجب زيادته على الآلام وإلّا لكان عبثا.

وقال بعض الأفاضل في شرحه : الألم الحاصل للحيوان إمّا أن يعلم فيه وجه من وجوه القبح فذلك يصدر عنّا خاصّة أو لا يعلم فيه ذلك فيكون حسناً ، وقد

٣٧١

ثواب لكم.

_________________________________________________

ذكر لحسن الألم وجوه : الأول : كونه مستحقّاً ، الثّاني : كونه مشتملا على النفع الزائد ، الثالث : كونه مشتملاً على دفع الضرر الزائد عنه ، الرابع : كونه بمجرى العادة ، الخامس : كونه متصلا على وجه الدفع ، وذلك الحسن قد يكون صادرا عنه تعالى على وجه النفع فيجب فيه أمرّان : أحدهما العوض وإلّا لكان ظالـمّاً تعالى الله عنه ، ويجب أن يكون زائدا على الألم إلى حد يرضى عنه كل عاقل لأنه يقبح في الشاهد إيلام شخص لتعويضه ألمه من غير زيادة لاشتماله على العبث ، وثانيهما اشتماله على اللطف إمّا للمتألم أو لغيره ، ليخرج عن العبث فإمّا ما كان صادرا عنا ممّا فيه وجه من وجوه القبح فيجب عليه تعالى الانتصاف للمتألم من المولم لعدله ، ولدلالة السمعية عليه ، ويكون العوض هنا مساوياً للألم وإلّا لكان ظلماً.

وهنا فوائد : الأوّل : العوض هو النفع المستحقّ الخالي عن تعظيم وإجلال ، فبقيد المستحقّ خرج التفضل وبقيد الخلو عن تعظيم خرج الثواب ، الثّاني : لا يجب دوام العوض لأنه يحسن في الشاهد ركوب الأهوال العظيمة لنفع منقطع قليل ، الثالث : العوض لا يجب حصوله في الدنيا لجواز أن يعلم الله تعالى المصلحة في تأخره بل قد يكون حاصلاً في الدنيا وقد لا يكون ، الرابع : الّذي يصل إليه عوض ألمه في الآخرة إمّا أن يكون من أهل الثواب أو من أهل العقاب ، فإن كان من أهل الثواب فكيفية إيصال أعواضه إليه بأن يفرقها الله على الأوقات أو يتفضل الله عليه بمثلها ، وإن كان من أهل العقاب أسقط بها جزءا من عقابه ، بحيث لا يظهر له التخفيف بأن يفرق القدر على الأوقات ، الخامس : الألم الصادر عنا بأمره أو إباحته والصادر عن غير العاقل كالعجماوات وكذا ما يصدر عنه تعالى من تفويت المنفعة لمصلحة الغير وإنزال الغموم الحاصلة من غير فعل العبد عوض ذلك كله على الله تعالى لعدله وكرمه.

وأقول : كون أعواض الآلام الغير الاختيارية منقطعة ، ممّا لم يدلّ عليه برهان قاطع ، وبعض الروايات تدل على خلافه ، كالروايات الدالة على أن حمى ليلة تعدل

٣٧٢

١٥ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عيسى الفراء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذاً كان يوم القيامة أمرّ الله تبارك وتعالى مناديا ينادي بين يديه أين الفقراء ؟ فيقوم عنق من النّاس كثير فيقول عبادي فيقولون لبيك ربّنا فيقول إني لم أفقركم لهوان بكم عليُّ ولكني إنّما اخترتكم لمثل هذا اليوم تصفّحوا وجوه النّاس فمن صنع إليكم معروفاً لم يصنعه إلّا في فكافوه عني بالجنّة.

_________________________________________________

عبادة سنة ، وأنّ من مات له ولد يدخله الله الجنّة صبر أم لم يصبر ، جزع أم لم يجزع ، وأن من سلب الله كريمتيه وجبت له الجنّة ، وأمثال ذلك كثيرة وإن أمكن تأويل بعضها مع الحاجة إليه ، وقيل للفقير ثلاثة أحوال : أحدها : الرضا بالفقر والفرح به وهو شأن الأوصياء ، وثانيها : الرضا به دون الفرح وله أيضاً ثواب دون الأوّل ، وثالثها : عدم الرضا به والكراهة في القسمة ، وهذا ممّا لا ثواب له أصلا وهو كلام على التشهي.

الحديث الخامس عشر : مجهول.

و « كان » تحتمل التامة والناقصة كما مرّ « بين يديه » أي قدام عرشه وقيل : أي يصل نداوة إلى كل أحد كما أنّه حاضر عند كل أحد ، وفي النهاية فيه : يخرج عنق من النّار أي طائفة ، وقال : عنق من النّاس أي جماعة « لهوان بكم عليُّ » أي لمذلة وهوان عليُّ كان بكم « ولكن إنّما اخترتكم » أي اصطفيتكم « لمثل هذا اليوم » أي لهذا اليوم فكلمة مثل زائدة نحو قولهم مثلك لا يبخل ، أو لهذا اليوم ومثله لا يثبكم ، قال في المصباح : المثل يستعمل على ثلاثة أوجه بمعنى التشبيه ، وبمعنى نفس الشيء ، وزائدة ، وقال : صفحت الكتاب قلبت صفحاته ، وهي وجوه الأوراق وتصفحته كذلك ، وصفحت القوم صفحا رأيت صفحات وجوههم « لم يصنعه إلّا في » الجملة جزاء الشرط أو صفة لقوله : معروفاً ، أي معروفاً يكون خالصاً لي ، والأوّل أظهر ، ويومئ إليه قوله : فكافوه عني.

٣٧٣

١٦ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن إبراهيم الحذاء ، عن محمّد بن صغير ، عن جدِّه شعيب ، عن مفضّل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لو لا إلحاح هذه الشيعة على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال الّتي هم فيها إلى ما هو أضيق منها.

١٧ - أبو عليّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن ابن فضّال ، عن محمّد بن الحسين بن كثير الخزاز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال لي إمّا تدخل السوق إمّا ترى الفاكهة تباع والشيء ممّا تشتهيه فقلت بلى فقال إمّا إن لك بكل ما تراه فلا تقدر على شرائه حسنة.

١٨ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن عليُّ بن عفان ، عن مفضّل بن عمر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله جل ثناؤه ليعتذر إلى عبده المؤمن المحوج في الدنيا كما يعتذر الأخ إلى أخيه فيقول : وعزّتي

_________________________________________________

الحديث السادس عشر : ضعيف.

« هذه الشيعة » أي الإماميّة فإن الشيعة أعمّ منهم أو إشارة إلى غير الخلص منهم ، فإنّهم لا يلحون ، وكأنّ الإشارة على الأوّل لبيان الاختصاص ، وعلى الثاني للتحقير.

الحديث السابع عشر : مجهول.

« والشيء ممّا تشتهيه » أي من غير الفاكهة أعمّ من المال والملبوس وغيرهما ، والظاهر من الحسنة المثوبة الأخرويّة ، وحمل على العوض أو على أن الحسنة للصبر والرضا بالقضاء على الأصل المتقدّم.

الحديث الثامن عشر : ضعيف على المشهور.

« ليعتذر » كأنه مجاز كما يومئ إليه ما مرّ في التاسع شبيهاً بالمعتذر و « المحوج » يحتمل كسر الواو وفتحها ، في المصباح : أحوج وزان أكرم من الحاجة ويستعمل

٣٧٤

وجلالي ما أحوجتك في الدُّنيا من هوان كان بك عليّ ، فارفع هذا السجف فانظر إلى ما عوّضتك من الدُّنيا ، قال : فيرفع فيقول : ما ضرني ما منعتني مع ما عوضتني.

١٩ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذاً كان يوم القيامة قام عنق من النّاس حتّى يأتوا باب الجنّة فيضربوا باب الجنّة فيقال لهم من أنتم فيقولون نحن الفقراء فيقال لهم أقبل الحساب - فيقولون ما أعطيتمونا شيئاً تحاسبونا عليه فيقول الله عزّ وجلّ صدقوا ادخلوا الجنّة

_________________________________________________

أيضاً متعدّياً يقال أحوجه الله إلى كذا ، وفي القاموس السجف ويكسر وككتاب الستر « ما ضرني » ما نافية « ما منعتني » ما مصدرية « مع ما عوضتني » ما موصولة وتحتمل المصدرية أيضاً.

الحديث التاسع عشر : حسن كالصحيح.

« أقبل الحساب » أي أتدخلون الجنّة قبل الحساب؟ على التعجب أو الإنكار « ما أعطيتمونا» أي ما أعطانا الله شيئاً وإضافته إلى الملائكة لأنهم مقربو جنابه بمنزلة وكلائه « تحاسبونا » قيل : يجوز فيه تشديد النون كما قرأ في سورة الزمرّ «تَأْمرّونِّي » بالتخفيف وبالتشديد وبالنونين ، والمخاطب في « صدّقوا » الملائكة وفي أدخلوا الفقراء إذاً قرأ على بناء المجردّ كما هو الظاهر ، وأمرّهم بالدخول يستلزم أمرّ الملائكة بفتح الباب ، ويمكن أن يقرأ على بناء الأفعال ، فالمخاطب الملائكة أيضاً ، وقيل : هو من قبيل ذكر اللازم وإرادة الملزوم أي افتحوا الباب ولذا حذف المفعول ، بناء على أن فتح الباب سبب لدخول كل من يستحقّه وإن كان الباعث الفقراء ، وكان هذا مبني على ما سيأتي من أن الله تعالى لا يحاسب المؤمنين على ما أكلوا ولبسوا ونكحوا وأمثال ذلك في الدنيا إذاً كان من حلال.

٣٧٥

٢٠ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن مبارك غلام شعيب قال سمعت أبا الحسن موسىعليه‌السلام يقول إن الله عزّ وجلّ يقول إني لم أغن الغني لكرامة به عليُّ ولم أفقر الفقير لهوان به عليُّ وهو ممّا ابتليت به الأغنياء بالفقراء ولو لا الفقراء لم يستوجب الأغنياء الجنّة.

٢١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن إسحاق بن عيسى ، عن إسحاق بن عمّار والمفضّل بن عمر قإلّا قال أبو عبد اللهعليه‌السلام مياسير شيعتنا أمناؤنا على محاويجهم فاحفظونا فيهم يحفظكم الله.

_________________________________________________

الحديث العشرون : مجهول.

« وهو ممّا ابتليت به الأغنياء » كأنّ ضمير هو راجع إلى التفاوت المفهوم من الكلّ ام السابق.

أقول : إذاً كان من للتبعيض يدلّ على أن ابتلاء النّاس بعضهم ببعض يكون على وجوه شتى : منها ابتلاؤهم بالفقر والغناء ويحتمل أن يكون من للتعليل « ولو لا الفقراء » كان المعنى أن عمدة عبادة الأغنياء إعانة الفقراء أو أنه يلزم الغناء أحوال لا يمكن تداركها إلّا برعاية الفقراء فتأمل.

الحديث الحادي والعشرون : كالسابق.

والمياسير والمحاويج جمعاً الموسر والمحوج ، لكن على غير القياس لأن القياس جمع مفعال على مفاعيل قال الفيروزآبادي : أيسر إيساراً ويسراً صار ذا غنى فهو موسر ، والجمع مياسير. وقال صاحب مصباح اللغة : أحوج وزان أكرم من الحاجة فهو محوج ، وقياس جمعه بالواو والنون لأنه صفة عاقل ، والنّاس يقولون محاويج مثل مفاطير ومفاليس ، وبعضهم ينكره ويقول غير مسموع ، انتهى.

وأقول : وروده في الحديث يدلّ على مجيئه لكن قال بعضهم إنّهما جمعاً ميسار ومحواج اسمّي آلة استعملاً في الموسر والمحوج للمبالغة « أمناؤنا على محاويجهم »

٣٧٦

٢٢ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام الفقر أزين للمؤمن من العذار على خدّ الفرس.

_________________________________________________

كونهم أمناءهمعليهم‌السلام إمّا مبني على ما مرّ في آخر كتاب الحجّة أن الأموال كلّها للإمام وإنما رخص لشيعتهم التصرف فيها فتصرفهم مشروط برعاية فقراء الشيعة وضعفائهم ، أو على أنّهم خلفاء الله ويلزمهم أخذ حقوق الله من الأغنياء وصرفها في مصارفها ، ولـمّا لم يمكنهم في أزمنة التقيّة والغيبة أخذها منهم وصرفها في مصارفها وأمرّوا الأغنياء بذلك فهم أمناؤهمعليهم‌السلام ، أو على أنه لـمّا كان الخمس وسائر أموالهم من الفيء والأنفال بأيديهم ولم يمكنهم إيصالها إليهمعليهم‌السلام فهم أمناؤهم في إيصال ذلك إلى فقراء الشيعة ، فيدلّ على وجوب صرف حصة الإمام من الخمس وميراث من لا وارث له وغير ذلك من أموال الإمام إلى فقراء الشيعة ولا يخلو من قوة ، والأحوط صرفها إلى الفقيه المحدث العادل ليصرفها في مصارفها نيابة عنهمعليهم‌السلام ، والله يعلم.

« فاحفظونا فيهم » أي ارعوا حقنا فيهم لكونهم شيعتنا وبمنزلة عيالناً « يحفظكم الله » أي ليحفظكم الله في أنفسكم وأموالكم في الدنيا ومن عذابه في الآخرة ، ويحتمل أن تكون جملة دعائية ، وقيل : يدلّ على أن الأغنياء إذاً لم يراعوا الفقراء سلبت عنهم النعمة لأنّه إذاً ظهرت الخيانة من الأمين يؤخذ ما في يده كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إن لله تعالى عباداً يخصهم بالنعم لمنافع العباد فيقرها في أيديهم ما بذلوها فإذا منعوها نزعها منهم ثمَّ حولها إلى غيرهم.

الحديث الثاني والعشرون : حسن كالصحيح.

« أزين للمؤمن » اللام للتعدية وفي النهاية فيه : الفقر أزين للمؤمن من عذار حسن على خدّ فرس ، العذاران من الفرس كالعارضين من وجه الإنسان ثمَّ سمّي به

٣٧٧

٢٣ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن غالب ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب قال سألت عليُّ بن الحسينعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ : «وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النّاس أُمَّةً واحِدَةً »(١) قال عنى بذلك أمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكونوا على دين واحد - كفارا كلهم «لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحمن لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ » ولو فعل الله ذلك بأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله لحزن المؤمنون وغمهم ذلك ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم.

_________________________________________________

السير الّذي يكون عليه من اللجام عذارا باسم موضعه ، انتهى.

وأقول : يمكن أن يقال لتكميل التشبيه أن الفقر يمنع الإنسان من الطغيان كما يمنع اللجام الفرس عن العصيان.

الحديث الثالث والعشرون : ضعيف على المشهور.

وقد مرّ تفسير الآية وإمّا تأويلهعليه‌السلام فلعلّ المعنى أن المرّادبالنّاس أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعدّ وفاته بقرينة المضارع في يكون ويكفر ، والمرّاد بمن يكفر بالرَّحمن المخالفون المنكرون للإمامة والنص على الإمام ، ولذا عبّر بالرَّحمن إشعاراً بأن رحمانية الله يقتضي عدم إهمالهم في أمور دينهم ، أو المرّاد أن المنكر للإمام كافر برحمانية الملك العلام ، والحاصل أنّه لو لا أنه كان يصير سبباً لكفر المؤمنين لحزنهم وغمّهم وانكسار قلبهم فيستولي عليهم الشيطان فيكفرون ويلحقون بالمخالفين إلّا شاذّ منهم لا يكفي وجودهم لنصرة الإمام أو يهلكون غما وحزنا ، وأيضاً لو كان جميع المخالفين بهذه الدرجة من الغناء والثروة ، وجميع المؤمنين في غاية الفقر والمهانة والمذلة « لم يناكحوهم » أي المخالفون المؤمنين بأن يعطوهم بناتهم أو يأخذوا منهم بناتهم ، فلم يكن يحصل بينهم نسب يصير سبباً للتوارث فبذلك ينقطع نسل المؤمنين ويصير سبباً لانقراضهم ، أو لمزيد غمهم الموجب لارتدادهم ، وبتلك الأسباب

__________________

(١) سورة الزخرف : ٣٣.

٣٧٨

(باب)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن أبان بن عبد الملك قال حدّثني بكر الأرقط ، عن أبي عبد الله أو ، عن شعيب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه دخل عليه واحد فقال : أصلحك الله إنّي رجلٌ منقطع إليكم بمودّتي وقد أصابتني

_________________________________________________

يصير أمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلّهم كفرة ومخالفين ، فيكونوا أمة واحدة كفرة إمّا مطلقاً أو إلّا من شذ منهم ممّن محض الإيمان محضاً فعبّر بالنّاس عن الأكثرين لقلّة المؤمنين فكأنهم ليسوا منهم ، فالمرّاد بالأمة في قوله : « عنى بذلك أمة محمّد » أعمّ من أمّة الدعوة والإجابة قاطبة أو الأعمّ من المؤمنين والمنافقين والمخالفين ، وذلك إشارة إلى النّاس ، والمرّاد بالأمة في قوله : ولو فعل الله ذلك بأمّة محمّد ، المنافقون والمخالفون. أو الأعمّ منهم ومن سائر الكفّار ، والأوّل أظهر بقرينة ولم يناكحوهم ، فإنّ غيرهم من الكفّار لا يناكحون الآن أيضاً ، والضمير المرّفوع راجع إلى المخالفين ، والمنصوب إلى المؤمنين ، وكذا ولم يوارثوهم.

باب

إنّما جعله باباً آخر ولم يعنونه لأنّ إخباره مناسبة للباب الأوّل لكن بينهما فرق ، فإن الباب الأوّل كان معقوداً لفضل الفقر والخبران المذكوران في هذا الباب يظهر منهما الفرق بين الفقر الممدوح والمذموم ، وقيل : لأن أخبار الباب السابق كانت تدلّ على مدح الفقراء منطوقاً ، وهذان يدلان عليه مفهوما وكأنّ ما ذكرنا أظهر.

الحديث الأول : ضعيف.

« أصلحك الله » مشتمل على سوء أدب إلّا أن يكون المرّاد إصلاح أحوالهم في الدنيا وتمكينهم في الأرض ودفع أعدائهم أو أنه جرى ذلك على لسانهم لا لفهم به فيما

٣٧٩

حاجةٌ شديدةٌ وقد تقرّبت بذلك إلى أهل بيتي وقومي فلم يزدني بذلك منهم إلّا بعدا قال فما آتاك الله خير ممّا أخذ منك قال جعلت فداك ادع الله لي أن يغنيني عن خلقه قال إن الله قسم رزق من شاء على يدي من شاء ولكن سل الله أن يغنيك عن الحاجة الّتي تضطرك إلى لئام خلقه.

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عليُّ بن أسباط عمن ذكره

_________________________________________________

يجري بينهم من غير تحقيق لمعناه وموردّه « إنّي رجل منقطع إليكم » كأنه ضمن الانقطاع معنى التوجّه أي منقطع عن الخلق متوجّهاً إليكم بسبب مودتي لكم أو مودتي مختصة بكم « وقد تقربت بذلك » الإشارة إمّا إلى مصدر أصابتني أو إلى الحاجة ، والمستتر في قوله : فلم يزدني راجع إلى مصدر تقربت ، ومرّجع الإشارة ما تقدم ، وقوله : إلّا بعداً ، استثناء مفرغ وهو مفعول لم يزدني أي لم يزدني التقربّ منهم بسبب فقري شيئاً إلّا بعداً منهم « فما آتاك الله » قيل : الفاء للتفريع على قوله إني رجل منقطع إليكم ، فقوله ما أتاك الله المودَّة ، وقيل : هو الفقر والأوّل أظهر « ممّا أخذ منك » أي المال « إلى لئام خلقه » اللئام جمع اللئيم ، وفي المصباح : لؤم بضمّ الهمزة لؤما فهو لئيم ، يقال ذلك للشحيح والدنيء النفس والمهين ونحوهم ، لأن اللؤم ضدّ الكرم ، ويومئ الحديث إلى أن الفقر المذموم ما يصير سبباً لذلك ، وغيره ممدوح ، وذمة لأن اللئيم لا يقضي حاجة أحد وربما يلومه في رفع الحاجة إليه ، وإذاً قضاه لا يخلو من منة ، ويمكن أن يشمل الظالم والفاسق المعلن بفسقه ، وفي كثير من الأدعية : اللهم لا تجعل لظالم ولا فاسق عليُّ يدا ولا منة وذلك لأن القلب مجبول على حب من أحسن إليه ، وفي حب الظالم معاصي كثيرة كما قال تعالى : «وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّار »(١) .

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) سورة هود : ١١٣.

٣٨٠