مرآة العقول الجزء ٩

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 439

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 439
المشاهدات: 21914
تحميل: 8820


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 439 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 21914 / تحميل: 8820
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 9

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١٦ - أبو عليُّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن ابن فضّال ، عن ابن بكير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الرّجل يذنب الذّنب فيحرَّم صلاة الليل وإن العمل السيئ أسرع في صاحبه من السكين في اللحم.

١٧ - عنه ، عن ابن فضّال ، عن ابن بكير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من هم بسيئة فلا يعملها فإنّه ربمّا عمل العبد السيئة فيراه الربّ تبارك وتعالى فيقول وعزتي وجلّالي لا أغفر لك بعدّ ذلك أبداً.

١٨ - الحسين بن محمّد ، عن محمّد بن أحمد النهدي ، عن عمرّو بن عثمان ، عن رجل

_________________________________________________

أنّ لهم نوعاً من التكليف خلافاً لأكثر الحكماء والمتكلّمين ، ويؤيّده قصة الهدهد وسائر الأخبار الّتي أوردتها في الكتاب الكبير ، وربما يأول الجعل بأن المرّاد بها ضعفاء بني آدم ، ولا يخفى بعده.

ثمَّ إن الخبر يدلّ على وجوب المهاجرة من بلاد أهل المعاصي إذا لم يمكن نهيهم عن المنكر.

الحديث السادس عشر : موثق كالصحيح.

والذنب منصوب مفعول مطلق واللام للعهد الذهني « أسرع » أي نفوذاً أو تأثيراً في صاحبه ، وكما أن كثرة نفوذ السكين في المرّء يوجب هلاكه البدني فكذا كثرة الخطايا توجب هلاكه الروحاني.

الحديث السابع عشر : كالسابق.

« السيئة » أي نوعاً من السيئة تكون مع تحقيرها والاستهانة بها أو غير ذلك ، والعزة القدرة والغلبة ، والجلال الكبرياء والعظمة « لا أغفر لك » أي يستحقّ لمنع اللطف وعدم التوفيق للتوبة ، ولا يستحقّ المغفرة ، وفيه تحذير عن جميع السيّئات فإن كل سيئة يمكن أن تكون هذه السيئة.

الحديث الثامن عشر : مرسل.

٤٢١

عن أبي الحسنعليه‌السلام قال حقّ على الله أن لا يعصى في دار إلّا أضحاها للشمس حتّى تطهرها.

١٩ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن الأصمّ ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام وإنه لينظر إلى أزواجه في الجنّة يتنعمّن.

٢٠ - أبو عليُّ الأشعري ، عن عيسى بن أيّوب ، عن عليُّ بن مهزيار ، عن

_________________________________________________

« حقّ على الله » أي جعلها سبحانه واجباً لازماً على نفسه « أن لا يعصي » كان المرّاد كثرة وقوع المعاصي فيها « إلّا أضحاها » أي خربها وأظهر أرضها للشمس حتّى تشرق عليها وتطهّرها من النجاسة المعنويّة ، وهي كناية عن أن المعاصي تخربّ الديار ، وفيه إشعار بأن الشمس تطهر الأرض ، وفي القاموس : أضحى الشيء أظهره وضحاً ضحواً برز للشمس وكسعى ورضي أصابته الشمس ، وأرض مضحاة لا تكاد تغيب عنه الشمس وضحا الطريق ضحواً بداً وظهر.

الحديث التاسع عشر : ضعيف.

وقد روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال : لا تتكلّموا بشفاعتنا فإن شفاعتنا قد لا تلحقّ بأحدكم إلّا بعدّ ثلاثمائة سنة ، وفي الخبر دلالة على أن الذنب يمنع من دخول الجنّة في تلك المدة ، ولا دلالة فيه على أنه في تلك المدة في النّار أو في شدائد القيامة ، وفي المصباح : النعمة بالفتح اسم من التنعّم والتمتّع وهو النعيم ونعم عيشه كتعب اتسع ولأن ، ونعمّه الله تنعيماً جعله ذا رفاهيّة.

الحديث العشرون : مجهول.

وقد مرّ شرحه وروي مثله عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في النهج حيث قال : إن الإيمان يبدو لمظة في القلب كلـمّا ازداد الإيمان ازدادت اللمظة ، وقال ابن ميثم

٤٢٢

القاسم بن عروة ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال ما من عبد إلّا وفي قلبه نكتة بيضاء فإذا أذنب ذنبا خرج في النكتة نكتة سوداء فإن تاب ذهب ذلك السواد وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتّى يغطي البياض فإذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبداً وهو قول الله عزّ وجلّ : «كَلاَّ

_________________________________________________

اللمظة مثل النكتة أو نحوها من البياض ، ومنه قيل : فرس لمظ إذا كان بجحفلته شيء من البياض ، وتوضيح الكلّ ام أن بأصل الإيمان تظهر نكتة أبيض في قلب من آمن أول مرّة ، ثمَّ إذا أقر باللسان ازدادت تلك النكتة ، وإذا عمل بالجوارح عملا صالحا ازدادت حتّى يصير قلبه نورانيا كالنير الأعظم ، وبعكس ذلك في العمل السيء.

وتحقيق الكلّ ام في هذا المقام أن المقصود بالقصد الأوّل بالأعمّال الظاهرة والأمرّ بمحاسنها والنهي عن مقابحها ، هو ما تكتسب النفس منها من الأخلاق الفاضلة والصفات الفاسدة ، فمن عمل عملا صالحا أثر في نفسه ، وبازدياد العمل يزداد الضياء والصفاء ، حتّى تصير كمرّآة مجلوة صافية ، ومن أذنب ذنبا أثر ذلك أيضاً وأورث لها كدورة فإن تحقّق عنده قبحه وتاب عنه زال الأثر وصارت النفس مصقولة صافية ، وإن أصر عليه زاد الأثر الميشوم وفشا في النفس واستعلى عليها وصار من أهل الطبع ولم ترجع إلى خير أبداً ، إذ دواء هذا الداء هو الانكسار وهضم النفس والاعتراف بالتقصير والرجوع إلى الله بالتوبة والاستغفار ، والانقلاع عن المعاصي ، ولا محلّ لشيء من ذلك إلى هذا القلب المظلم ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العليُّ العظيم.

ثمَّ أشار إلى أن ذلك هو الرين المذكور في الآية الكريمة بقوله : وهو قول الله تعالى : «كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ » قيل : أي غلب على قلوبهم ما كانوا يكسبون حتّى قبلت الطبع والختم على وجه لا يدخل فيها شيء

٤٢٣

بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ »(١) .

٢١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عليُّ بن أسباط ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لا تبدين عن واضحة وقد عملت

_________________________________________________

من الحقّ ، والمرّاد بما كانوا يكسبون الأعمّال الظاهرة القبيحة والأخلاق الباطنة الخبيثة ، فإن ذلك سبب لرين القلب وصداه ، وموجب لظلمته وعماه ، فلا يقدر أن ينظر إلى وجوه الخيرات ولا يستطيع أن يشاهد صور المعقولات كما أن المرّآة إذا ألقيت في مواضع النداء ركبها الصداء وأذهب صفائها وأبطل جلائها ، فلا ينتقش فيها صور المحسوسات.

وبالجملة يشبه القلب في قسوته وغلظته وذهاب نوره بما يعلوه من الذنوب والهوى وما يكسوه من الغفلة والردي ، بالمرّآة المنكدرة من الندى ، وكما أن هذه المرّآة يمكن إزالة ظلمتها بالعمل المعلوم كذلك هذا القلب يمكن تصفيته من ظلمات الذنوب وكدورات الأخلاق بدوام الذكر والتوبة الخالصة ، والأعمّال الصالحة والأخلاق الفاضلة حتّى ينظر إلى عالم الغيب بنور الإيمان ، ويشاهده مشاهدة العيان ، إلى أن يبلغ إلى أعلى درجات الإحسان فيعبد الله كأنه يراه ، ويرى الجنّة وما أعدّ الله فيها لأوليائه ، ويرى النّار وما أعدّ الله فيها لأعدائه.

وقال البيضاوي عند قوله تعالى : «وَما يُكَذِّبُ بِهِ إلّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ، إذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الأوّلينَ ،كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ » ردّ لـمّا قالوه ، وبيان لـمّا أدى بهم إلى هذا القول بأن غلب عليهم حب المعاصي بالانهماك فيه حتّى صار ذلك صداء على قلوبهم ، فعمي عليهم معرفة الحقّ والباطل ، فإن كثرة الأفعال سبب لحصول الملكات كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن العبد كلـمّا أذنب ذنبا حصل في قلبه نكتة سوداء ، حتّى يسود قلبه ، والرين الصداء.

الحديث الحادي والعشرون : ضعيف على المشهور وقد مرّ مضمونه.

__________________

(١) سورة المطففين : ١٤.

٤٢٤

الأعمال الفاضحة ، ولا تأمن البيات وقد عملت السيّئات.

٢٢ - محمّد بن يحيى وأبو عليُّ الأشعري ، عن الحسين بن إسحاق ، عن عليُّ بن مهزيار ، عن حمّاد بن عيسى ، عن أبي عمرّو المدائني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول كان أبيعليه‌السلام يقول إن الله قضى قضاء حتما إلّا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إيّاه حتّى يحدّث العبد ذنبا يستحقّ بذلك النقمة.

٢٣ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن سدير قال سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ : «فَقالُوا ربّنا باعدّ بَيْنَ

_________________________________________________

الحديث الثاني والعشرون : مجهول.

« لا ينعم » استئناف بيانيّ أو منصوب بتقدير أن ، وقوله : فيسلبها معطوف على المنفي لا على النفي ، وحتّى للاستثناء والمشار إليه في قوله : بذلك إمّا مصدر يحدّث أو الذنب والمال واحد ، وفي القاموس : النقمة بالكسر والفتح وكفرحة المكافاة بالعقوبة ، وفيه تلميح إلى قوله سبحانه : «إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ »(١) .

الحديث الثالث والعشرون : حسن.

والآيات في سورة سبأ هكذا «لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ » وقرأ أكثر القراء في مساكنهم قال الطبرسي (ره) : ثمَّ أخبر سبحانه عن قصة سبأ بما دل على حسن عاقبة الشكور وسوء عاقبة الكفور ، فقال : «لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ » وهو أبو عربّ اليمن كلّها وقد تسمّى بها القبيلة وفي الحديث عن فروة بن مسيك أنه قال : سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن سبأ أرجل هو أم امرّأة؟ فقال : هو رجل من العربّ ، ولد له عشر تيامن منهم ستّة وتشاءم منهم أربعة ، فإمّا الذين تيامنوا فالأزد وكندة ومذحج والأشعرون وأنمار وحمير ، فقال رجل من القوم : ما أنمار؟ قال : الذين منهم خثعم

__________________

(١) سورة الرعد : ١١.

٤٢٥

أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ » الآية(١) فقال هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وأنهار جارية وأموال ظاهرة فكفروا نعم الله عزّ وجلّ وغيروا

_________________________________________________

وبجيلة ، وإمّا الذين تشاءموا فعاملة وجذام ولخم وغسان ، فالمرّاد بسبإ هنا القبيلة الذين هم أولاد سبأ بن يشخب بن يعربّ بن قحطان.

«فِي مَسْكَنِهِمْ » أي في بلدهم «آيَةٌ » أي حجّة على وحدانية الله عزّ اسمه وكمال قدرته وعلامة على سبوغ نعمّه ، ثمَّ فسر سبحانه الآية فقال «جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ » أي بستانان عن يمين من أتاهما وشماله ، وقيل : عن يمين البلد وشماله ، وقيل : أنه لم يردّ جنتين اثنتين ، والمرّاد كانت ديارهم على وتيرة واحدة إذ كانت البساتين عن يمينهم وشمالهم متصلة بعضها ببعض ، وكان من كثرة النعم أن المرّأة كانت تمشي والمكتل(٢) على رأسها فيمتلي بالفواكه من غير أن تمس بيدها شيئاً.

وقيل : الآية المذكورة هي أنه لم تكن في قريتهم بعوضة ولا ذباب ولا برغوث ولا عقربّ ولا حية ، وكان الغريب إذا دخل بلدهم وفي ثيابه قمل ودواب ماتت عن ابن زيد ، وقيل : إن المرّاد بالآية خروج الأزهار والثمار من الأشجار على اختلاف ألوانها وطعومها ، وقيل : إنها كانت ثلاث عشرة قرية في كل قرية نبيّ يدعوهم إلى الله سبحانه ، يقولون لهم «كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ » أي كلوا ممّا رزقكم الله في هذه الجنات واشكروا له يزدكم من نعمّه واستغفروه يغفر لكم «بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ » أي هذه بلدة طيبة مخصبة نزهة أرضها عذبة تخرج النبات وليست بسبخة ، وليس فيها شيء من الهوام المؤذية وقيل : أراد به صحّة هوائها وعذوبة مائها وسلامة تربتها ، وأنه ليس فيها حر يؤذى في القيظ ، ولا بردّ يؤذي في الشتاء «وَربّ غَفُورٌ » أي كثير المغفرة للذنوب ، وتقديره هذه بلدة طيبة والله ربّ غفور.

__________________

(١) سورة سبأ : ١٩. (٢) المكتل : الزنبيل.

٤٢٦

ما بأنفسهم من عافية الله فغير الله ما بهم من نعم ة. وإِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ، فأرسل الله عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ فغرق قرأهمّ وخربّ ديارهم وأذهب

_________________________________________________

«فَأَعْرَضُوا » عن الحقّ ولم يشكروا الله سبحانه ولم يقبلوا ممّن دعأهمّ إلى الله من أنبيائه «فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ » وذلك أن الماء كان يأتي أرض سبأ من أودية اليمن وكان هناك جبلان يجتمع ماء المطر والسيول بينهما ، فسدوا ما بين الجبلين فإذا احتاجوا إلى الماء نقبوا السد بقدر الحاجة فكانوا يسقون زروعهم وبساتينهم ، فلـمّا كذبوا رسلهم وتركوا أمرّ الله بعث الله جرذا(١) نقبت ذلك الردم وفاض الماء عليهم فأغرقهم.

والعرم المسناة الّتي تحبس الماء واحدها عرمة أخذ من عرامة الماء وهي ذهابه كل مذهب وقيل : العرم اسم واد كان يجتمع فيه سيول من أودية شتى ، وقيل : العرم هنا اسم الجرذ الّذي نقب السكر(٢) عليهم ، وهو الّذي يقال له : الخلد ، وقيل : العرم المطر الشديد ، وقال ابن الأعرابي : العرم السيل الّذي لا يطاق «وَبَدَّلْنأهمّ بِجَنَّتَيْهِمْ » اللتين فيهما أنواع الفواكه والخيرات «جَنَّتَيْنِ » أخراوين سماها جنتين لازدواج الكلّ ام كما قال : «وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ ».

«ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ » أي صاحبتي أكل وهو اسم لثمرّ كل شجرة ، وثمرّ الخمط البرير ، قال ابن عباس : الخمط هو الأراك وقيل : هو شجرة الغضا ، وقيل : هو كل شجر له شوك ، والأثل الطرفاء عن ابن عباس ، وقيل : ضربّ من الخشب ، وقيل : هو السمرّ «وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ » يعني أن الخمط والأثل كانا أكثر فيهما من السدر وهو النبق ، قال قتادة : كان شجرهم خير شجر فصيره الله شر شجر بسوء أعمالهم «ذلِكَ » أي ما فعلنا بهم «جَزَيْنأهمّ بِما كَفَرُوا » أي بكفرهم بهذا

__________________

(١) الجرذ - كصردّ - : ضربّ من الفار.

(٢) السكر : اسم من سكر النهر أي سدّه.

٤٢٧

أموالهم ، وأبدلهم مكان جنّاتهم جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ

_________________________________________________

الجزاء «وَهَلْ نُجازِي » هذا الجزاء «إلّا الْكَفُورَ » الّذي يكفر نعم الله ، وقيل : معناه هل نجازي بجميع سيّئاته إلّا الكافر ، لأن المؤمن قد يكفر عنه بعض سيّئاته ، وقيل : إن المجازاة من التجازي وهو التقاضي أي لا يقتضي ولا يرتجع ما أعطي إلّا الكافر وإنهم لـمّا كفروا النعمة اقتضوا ما أعطوا أي ارتجع منهم عن أبي مسلم.

«وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الّتي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً » أي وقد كان من قصتهم أنا جعلنا بينهم وبين قرى الشام الّتي باركنا فيها بالماء والشجر قرى متواصلة ، وكان متجرهم من أرض اليمن إلى الشام ، وكانوا يبيتون بقرية ويقيلون بأخرى حتّى يرجعوا ، وكانوا لا يحتاجون إلى زاد من وادي سبأ إلى الشام ، ومعنى الظاهرة أن الثانية كانت ترى من الأوّلى لقربها منها «وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ » أي جعلنا السير من القرية إلى القرية نصف يوم وقلنا لهم «سِيرُوا فِيها » أي في تلك القرى «لَيالِيَ وَأَيَّإمّا » أي ليلا شئتم المسير أو نهاراً «آمِنِينَ » من الجوع والعطش والتعب ومن السباع وكل المخاوف ، وفي هذا إشارة إلى تكامل نعمّه عليهم في السفر كما أنه كذلك في الحضر.

ثمَّ أخبر سبحانه أنهم بطروا وبغوا «فَقالُوا ربّنا باعدّ بَيْنَ أَسْفارِنا » أي اجعل بيننا وبين الشام فلوات ومفاوز لتركب إليها الرواحل ، ونقطع المنازل ، وهذا كما قالت بنو إسرائيل لـمّا ملوا النعمة «يُخْرِجْ لَنا ممّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها » بدلاً من المن والسلوى «وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ » بارتكاب الكفر والمعاصي «فَجَعَلْنأهمّ أَحادِيثَ » لمن بعدهم يتحدثون بأمرّهم وشأنهم ويضربون بهم المثل فيقولون : تفرقوا أيادي سبأ إذا تشتتوا أعظم التشتت «وَمَزَّقْنأهمّ كُلَّ مُمَزَّقٍ » أي فرقنأهمّ في كل وجه من البلاد كل تفريق «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ » أي دلالات

٤٢٨

قَلِيلٍ » ، ثمَّ قال : «ذلِكَ جَزَيْنأهمّ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إلّا الْكَفُورَ ».

٢٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن سماعة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ما أنعم الله على عبد نعمة فسلبها إياه حتّى يذنب ذنباً يستحقّ بذلك السلب.

_________________________________________________

لِكُلِّ صَبَّارٍ » على الشدائد «شَكُورٍ » على النعماء وقيل : لكل صبار عن المعاصي شكور للنعم بالطاعات.

ثمَّ نقل عن الكلبي عن أبي صالح قال : ألقت طريفة الكاهنة إلى عمرّو بن عامر الّذي يقال له مزيقياء بن ماء السماء ، وكانت قد رأت في كهانتها أن سد مأربّ سيخربّ وأنه سيأتي سيل العرم فيخربّ الجنتين ، فباع عمرّو بن عامر أمواله وسار هو وقومه حتّى انتهوا إلى مكّة فأقاموا بها وما حولها ، فأصابتهم الحمى وكانوا ببلد لا يدرون فيه ما الحمى فدعوا طريفة وشكوا إليها الّذي أصابهم ، فقالت لهم : قد أصابني الّذي تشكون وهو مفرق بيننا ، قالوا : فما ذا تأمرّين؟ قالت : من كان منكم ذا هم بعيد وجمل شديد ومزاد جديد فليلحقّ بقصر عمان المشيد ، فكانت أزد عمان ، ثمَّ قالت : من كان منكم ذا جلد وقسر وصبر على أزمات الدهر(١) فعليه بالأراك من بطن مرّ فكانت خزاعة ، ثمَّ قالت : من كان منكم يريد الراسيات في الوحل المطعمات في المحلّ فليلحقّ بيثربّ ذات النخل ، فكانت الأوس والخزرج ، ثمَّ قالت : من كان منكم يريد الخمرّ والخمير والملك والتأمير وملابس التاج والحرير ، فليلحقّ ببصري وعوير وهما من أرض الشام وكان الّذي سكنوها آل جفنة بن غسان ، ثمَّ قالت : من كان منكم يريد الثياب الرقاق والخيل العتاق وكنوز الأرزاق والدّم المهراق فليلحقّ بأرض العراق ، وفكان الّذي يسكنوها آل جذيمة الأبرش ومن كان بالحيرة وآل محرق.

الحديث الرابع والعشرون : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) الجلد : القوة والشدة. والقسر بمعنى القهر والغلبة. وأزمّات الدهر : شدائده.

٤٢٩

٢٥ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد وعليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن الهيثمَّ بن واقد الجزري قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن الله عزّ وجلّ بعث نبيّاً من أنبيائه إلى قومه وأوحى إليه أن قل لقومك إنه ليس من أهل قرية ولا أناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سراء فتحولوا عما أحبُّ إلى ما أكره إلّا تحولت لهم عما يحبون إلى ما يكرهون وليس من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على معصيتي فأصابهم فيها ضراء فتحولوا عما أكره إلى ما أحبُّ إلّا تحولت لهم عمّا يكرهون إلى ما يحبّون ، وقل لهم إن رحمتي سبقت

_________________________________________________

الحديث الخامس والعشرون : مجهول.

« ولا أناس » هم أقل من أهل القرية كأهل بيت كما قال في الشقّ الثّاني مكانه ولا أهل بيت ، وفي القاموس :السراء المسرة والضراء الزمانة والشدّة والنقص في الأموال والأنفس ، وفي المصباح : سرّه أفرحه والمسرة منه وهو ما يسر به الإنسان والسراء الخير والفضل ، والضراء نقيض السراء.

« إن رحمتي سبقت غضبي » هذا يحتمل وجوهاً : الأوّل : أن يكون المرّاد بالسبق الغلبة ، أي رحمتي غالبة على غضبي وزائدة عليه ، فإنه إذا اشتد سبب الغضب وكان هناك سبب ضعيف للرحمة تتعلق الرحمة بفضله تعالى. الثّاني : أن يكون المرّاد به السبق المعنوي أيضاً على وجه آخر فإن أسباب الرحمة من إقامة دلائل الربوبية في الآفاق والأنفس وبعثة الأنبياء والأوصياء وإنزال الكتب وخلق الملائكة وبعثهم لهداية الخلق وإرشادهم ، ودفع وساوس الشياطين وغير ذلك من أسباب التوفيق أكثر من أسباب الضلالة من القوي الشهوانية والغضبية ، وخلق الشياطين وعدم دفع أئمة الضلالة وأشباه ذلك من أسباب الخذلان. الثالث : أن يراد به السبق الزماني فإن تقدير وجود الإنسان وإيجاده وإعطاء الجوارح والسمع والبصر وسائر القوي ونصب الدلائل والحجج وغير ذلك كلّها قبل التكليف ، والتكليف

٤٣٠

غضبي فلا تقنطوا من رحمتي فإنّه لا يتعاظم عندي ذنب أغفره وقل لهم لا يتعرضوا معاندين لسخطي ولا يستخفّوا بأوليائي فإنّ لي سطوات عند غضبي لا يقوم لها شيء من خلقي.

٢٦ - عليُّ بن إبراهيم الهاشمي ، عن جدّه محمّد بن الحسن بن محمّد بن عبيد الله ، عن سليمان الجعفري ، عن الرضاعليه‌السلام قال أوحى الله عزّ وجلّ إلى نبيّ من الأنبياء إذا أطعت رضيت وإذا رضيت باركت وليس لبركتي نهاية وإذا عصيت غضبت وإذا غضبت لعنت ولعنتي تبلغ السابع من الورى.

_________________________________________________

مقدم على الغضب والعقاب ، ويمكن إرادة الجميع بل هو أظهر.

« لا يتعرضوا معاندين » أي مصرين على المعاصي فإن من أذنب لغلبة شهوة أو غضب ثمَّ تاب عن قريب لا يكون معاندا ، والاستخفاف بالأوّلياء شامل لقتلهم وضربهم وشتمهم وإهانتهم وعدم متابعتهم والإعراض عن مواعظهم ونواهيهم وأوامرّهم ، والسطوة القهر والبطش بشدّة « لا يقوم لها شيء » أي لا يطيقها أو لا يتعرض لدفعها.

الحديث السادس والعشرون : مجهول.

« باركت » أي زدت نعمتي عليهم في الدنيا والآخرة وليس لبركتي نهاية لا في الشدّة ولا في المدة « لعنت » أي أبعدتهم من رحمتي « ولعنتي » أي أثرها « تبلغ السابع من الوراء » في الصحّاح والقاموس : الوراء ولد الولد ، ويستشكل بأنه أي تقصير لأولاد الأوّلاد حتّى تبلغ اللعنة إليهم إلى البطن السابع ، فمنهم من حمله على أنه قد يبلغهم وهو إذا رضوا بفعل آبائهم كما وردّ أن القائمعليه‌السلام يقتل أولاد قتلة الحسينعليه‌السلام لرضأهمّ بفعل آبائهم.

وأقول : يمكن أن يكون المرّاد به الآثار الدنيويّة كالفقر والفاقة والبلايا والأمرّاض والحبس والمظلومية كما نشاهد أكثر ذلك في أولاد الظلمة وذلك

٤٣١

٢٧ - محمّد بن يحيى ، عن عليُّ بن الحسن بن عليُّ ، عن محمّد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال إن أحدكم ليكثر به الخوف من السلطان وما ذلك إلّا بالذنوب فتوقوها ما استطعتم ولا تمادوا فيها.

٢٨ - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس رفعه قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لا وجع أوجع للقلوب من الذُّنوب ، ولا خوف أشدّ من الموت وكفى بما سلف تفكراً و

_________________________________________________

عقوبة لآبائهم ، فإنّ الناس يرتدعون عن الظلم بذلك لحبهم لأولادهم ، ويعوض الله الأوّلاد في الآخرة كما قال تعالى : «وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ »(١) الآية وهذا جائز على مذهب العدلية بناء على أنه يمكن إيلام شخص لمصلحة الغير مع التعويض بأكثر منه بحيث يرضى من وصل إليه الألم ، مع أن في هذه الأمور مصالح للأولاد أيضاً فإن أولاد المترفين بالنعم إذا كانوا مثل آبائهم يصير ذلك سبباً لبغيهم وطغيانهم أكثر من غيرهم.

الحديث السابع والعشرون : موثق.

« وما ذلك إلّا بالذنوب » أي الذنوب تصير سبباً لتسلط السلاطين والخوف منهم كما سيأتي عن قريب ، وما قيل : أن المرّاد بالذنوب مخالفة السلاطين أي كما أن من خالف بعض السلاطين يخاف بطشه وعقوبته ، فلا بد أن يكون خوفه من السلطان الأعظم أكثر ، فلا يخفى بعده ، ثمَّ أمرّعليه‌السلام بالوقاية من الذنوب بقدر الاستطاعة ونهى عن الإصرار عليها والتمادي فيها على تقدير الوقوع ، وفي المصباح : تمادى فلان في الأمرّ إذا لج وداوم على فعله.

الحديث الثامن والعشرون : مرّفوع.

« لا وجع أوجع للقلوب من الذنوب » أي الذنوب تصير سبباً لهم القلب وحزنه أزيد عن غيرها من المخوفات ، لأن الذنوب تصير سبباً للخوف من عقاب الله

__________________

(١) سورة النساء : ٩.

٤٣٢

كفى بما سلف تفكّراً ، و كفى بالموت واعظاً.

٢٩ - أحمد بن محمّد الكوفي ، عن عليّ بن الحسن الميثمي ، عن العبّاس بن هلال

_________________________________________________

الّذي هو أعظم المفاسد وأشدها ، فالمرّاد به من الهم الحاصل من الذنوب ، أو المعنى أن الأوجاع والأمرّاض الصورية والمعنويّة والجسمانية والروحانية العارضة للإنسان ليس شيء منها أشدّ تأثيرا في القلب من الذنوب الّتي هي من الأمرّاض الروحانيّة والأوجاع المعنويّة أو المعنى أن للقلب أمرّاضا وأوجاعاً مختلفة بعضها روحانية وبعضها جسمانية ، وليس شيء منها أشدّ وأوجع وأضر من الذنوب ، فإنها بنفسها أمرّاض للقلب كالحقد والحسد وضعف التوكّل وأمثالها ، أو سبب لأمرّاضها فإن الذنوب أسباب لضعف الإيمان واليقين كما قال سبحانه : «فِي قُلُوبِهِمْ مرّضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مرّضاً »(١) .

« ولا خوف أشدّ من الموت » أي من خوف الموت إذ كل شيء يخاف وقوعه غير متيقن بخلاف الموت ، ولأن الخوف إنّما هو من ألم والموت ألم شديد مع ما يعقبه من الآلام الّتي لا يعلم النجاة منها ، ويحتمل أن يراد بالخوف المخوف فلا حاجة إلى تقدير « وكفى بما سلف تفكراً » الباء بعدّ كفى في الموضعين زائدة وتفكراً تميز ، والحاصل أنّه كفى التفكر فيما سلف من أحوال نفسه وأحوال غيره وعدم بقاء لذات الذنوب وبقاء تبعاتها وفناء الدنيا وذهاب من ذهب قبل بلوغ آماله وحسن عواقب الصالحين والمحسنين ، وسوء عاقبة الظالمين والفاسقين وأمثال ذلك.

« وكفى بالموت واعظاً » قوله : واعظا تميز كقولهم : لله درة فارساً ، أي يكفي الموت والتفكر فيه وفيما يتعقبه من الأحوال والأهوال للاتعاظ به وعدم الاغترار بالدنيا ولذّاتها ، فإنه هادم اللذات ومهون المصيبات كما قالواعليهم‌السلام : فضح الموت الدنيا.

الحديث التاسع والعشرون : مجهول.

__________________

(١) سورة البقرة : ١٠.

٤٣٣

الشامي مولى لأبي الحسن موسىعليه‌السلام قال سمعت الرّضاعليه‌السلام يقول كلـمّا أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون.

٣٠ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عباد بن صهيب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يقول الله عزّ وجلّ إذا عصاني من عرفني سلطت عليه من لا يعرفني.

٣١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عليُّ بن أسباط ، عن ابن عرفة ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال إن لله عزّ وجلّ في كل يوم وليلة مناديا ينادي

_________________________________________________

« ما لم يكونوا يعملون » أي من البدع الّتي أحدثوها أو الذنب الّذي لم يصدر منهم قبل ذلك وإن صدر من غيرهم « ما لم يكونوا يعرفون » أي لم يروا مثله أو لم يبتلوا بمثله.

الحديث الثلاثون : حسن موثق.

« من عرفني » أي أقر بربوبيتي وبالأنبياء والأوصياء وكان على دين الحقّ أو كان ممّن يعرف الله حقّ المعرفة ولا ينافي صدور الذنب منه نادراً « من لا يعرفني » من الكفّار والمخالفين أو الأعمّ منهم ومن سائر الظلمة ، ويمكن شموله للشياطين أيضاً.

الحديث الحادي والثلاثون : ضعيف على المشهور.

ومهلاً اسم فعل بمعنى أمهل ، وقيل : مصدر والنصب على الإغراء أي ألزموا مهلا ، والمهل بالتسكين والتحريك الرفق والتأني والتأخر ، أي تأن في المعاصي ولا تعجل أو تأخر عنها ولا تقربها ، قال في النهاية : في حديث عليُّعليه‌السلام : إذا سرتم إلى العدوّ فمهلا مهلا ، فإذا وقعت العين على العين فمهلا مهلا الساكن الرفق والمتحرك التقدم أي إذا سرتم فتأنوا وإذا لقيتمّ فاحملوا ، كذا قال الأزهري و

٤٣٤

مهلاً مهلاً عباد الله عن معاصي الله فلو لا بهائم رتّع ، وصبية رضع وشيوخ ركع لصب عليكم العذاب صبّاّ ، ترضّون به رضّاً.

_________________________________________________

غيره ، قال الجوهري : المهل بالتّحريك التؤدة والتباطي ، والاسم المهلة وفلان ذو مهل بالتّحريك أي ذو تقدم في الخير ، ولا يقال في الشر ، يقال : مهلته أي سكنته وأخرته ، ويقال : مهلا للواحد والاثنين ، والجمع والمؤنّث بلفظ واحد بمعنى أمهل.

والرتع والرضع والركع بالضمّ والتشديد في الجميع جمع راتع وراضع وراكع ، في القاموس رتع كمنع رتعاً ورتوعاً ورتاعاً بالكسر أكل وشربّ ما شاء في خصب وسعة ، أو هو الأكل والشربّ رغداً في الريف أو بشره ، وجمل راتع من إبل رتاع كنائم ونيام ، ورتع كركع ورتع بضمتين ، وقال : رضع أمه كسمع وضربّ فهو راضع والجمع كركع ورضع ككرم ومنع رضاعة فهو راضع ورضيع من رضع كركع ، وقال : ركع انحنى كبرّاً أو كبا على وجهه وافتقر بعدّ غنى ، وانحطت حاله وكل شيء يخفض رأسه فهو راكع ، وقال : الصبي من لم يفطم بعدّ والجمع صبية ويضم ، وفي الصحّاح : الصبي الغلام والجمع صبية وصبيان وهو من الواو ، وفي النهاية : الرض الدق الجريش ، ومنه الحديث : لصب عليكم العذاب صبّاً ثمَّ لرض رضا هكذا جاء في رواية ، والصحيح بالصاد المهملة وقال في المهملة : فيه تراصوا في الصفوف أي تلاصقوا حتّى لا يكون بينكم فرَّج ، وأصله تراصصوا من رص البناء يرصه رضا إذا لصق بعضه ببعض فأدغم ، ومنه الحديث : لصب عليكم العذاب صبا ثمَّ لرص رصاً ، انتهى.

ولا يخفى أن ما في روايتنا أبلغ وأظهر ، والظاهر أن المرّاد بالعذاب العذاب الدنيوي وكفى بنا عجزاً وذلا بسوء فعالنا أن يرحمنّا ربّنا الكريم ببركة بهائمنّا وأطفالنا.

٤٣٥

إلى هنا(١) انتهى هذا الجزء من كتاب مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ، على يد مؤلّفه أفقر العباد إلى عفو ربّه الغنيّ محمّد باقر بن محمّد تقي عفي عنهما في عاشر شهر جمادى الأوّلى من سنة ستّ ومأة بعد الألف الهجريّة ، والحمد لله أوّلا وآخراً.

__________________

(١) صورة خط المؤلف (ره).

٤٣٦

وبه تمّ الجزء التاسع حسب تجزئتنا من هذه الطبعة أيضاً والحمد لله

على التوفيق والوفاق ، وقد فرغت من تصحيحه ومقابلته والتعليق

عليه في غرّة شهر ذي القعدة من شهور سنة ١٣٧٩ من الهجرة

النبوية على هاجرها آلاف الثناء والتحيّة.

وأنا العبد المذنب الفاني

السيد هاشم الرسولي المحلاتي

٤٣٧

الفهرس

(باب) (الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم) باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم ٦

(باب) إجلال الكبير باب إجلال الكبير ١٢

(باب) (أخوة المؤمنين بعضهم لبعض) باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض (باب) ٢٣

(فيما يوجب الحقّ لمن انتحل الإيمان وينقضه) باب في ما يوجب الحقّ لمن انتحل الإيمان وينقضه ٢٣

(باب) (في أن التواخي لم يقع على الدين وإنما هو التعارف) باب في أن التآخي لا يقع على الدين وإنما هو التعارف ٢٥

(باب) (حق المؤمن على أخيه وأداء حقه) باب حقّ المؤمن على أخيه وأداء حقّه ٣٢

(باب) (التراحم والتعاطف) باب التراحم والتعاطف ٥٥

(باب) (زيارة الإخوان) باب زيارة الإخوان ٥٧

(باب المصافحة) باب المصافحة ٦٦

(باب المعانقة) باب المعانقة ٧٩

(باب التقبيل) باب التقبيل ٨٣

(باب تذاكر الاخوان) باب تذاكر الإخوان ٨٨

(باب) (إدخال السرور على المؤمنين) باب إدخال السّرور على المؤمنين ٩٥

(باب) (قضاء حاجة المؤمن) باب قضاء حاجة المؤمن ١٠٦

(باب) (السعي في حاجة المؤمن) باب السعي في حاجة المؤمن ١١٦

(باب) (تفريج كرب المؤمن) باب تفريج كربّ المؤمن ١٢٣

(باب إطعام المؤمن) باب إطعام المؤمن ١٢٦

(باب من كسا مؤمناً) باب من كسى مؤمناً ١٣٨

(باب) (في إلطاف المؤمن وإكرامه) باب في إلطاف المؤمن وإكرامه ١٤١

(باب في خدمته) باب في خدمته ١٤٦

(باب نصيحة المؤمن) باب نصيحة المؤمن ١٤٧

٤٣٨

(باب) (الإصلاح بين الناس) باب الإصلاح بين النّاس ١٤٩

(باب) (في إحياء المؤمن) باب في إحياء المؤمن ١٥٤

(باب) (في الدعاء للأهل إلى الإيمان) باب في الدعاء للأهل إلى الإيمان ١٥٨

(باب) (في ترك دعاء الناس) باب في ترك دعاء النّاس ١٥٩

(باب) (أن الله إنما يعطي الدين من يحبه) باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبّه ١٦٤

(باب سلامة الدين) باب سلامة الدين ١٦٦

(باب التقية) باب التقيّة ١٧٠

(باب الكتمان) باب الكتمان ١٩١

(باب) (المؤمن وعلاماته وصفاته) باب المؤمن وعلاماته وصفاته ٢٠٧

(باب) (في قلة عدد المؤمنين) باب قلة عدد المؤمنين ٢٩٠

(باب) (الرضا بموهبة الإيمان والصبر على كل شيء بعده) باب الرضا بموهبة الإيمان والصبر على كل شيء بعده ٢٩٧

(باب) (في سكون المؤمن إلى المؤمن) باب في سكون المؤمن إلى المؤمن ٣٠٥

(باب) (فيما يدفع الله بالمؤمن) باب فيما يدفع الله بالمؤمن ٣٠٦

(باب) (في أن المؤمن صنفان) باب في أن المؤمن صنفان ٣٠٨

(باب) (ما أخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقّه فيما ابتلي به) باب ما أخذه الله على المؤمن من الصبر ٣١٥

(باب) (شدة ابتلاء المؤمن) باب شدة ابتلاء المؤمن ٣٢٦

(باب) (فضل فقراء المسلمين) باب فضل فقراء المسلمين ٣٦٠

(باب) باب ٣٧٩

(باب) (أن للقلب أذنين ينفث فيهما الملك والشيطان) باب أن للقلب أذنين ينفث فيهما الملك والشيطان ٣٨٢

(باب) (الروح الذي أيد به المؤمن) باب الروح الذي أيد به المؤمن ٣٩٩

(باب الذنوب) باب الذنوب ٤٠١

الفهرس ٤٣٨

٤٣٩