مرآة العقول الجزء ٩

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 438

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف:

الصفحات: 438
المشاهدات: 12453
تحميل: 5922


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 438 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12453 / تحميل: 5922
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 9

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

ذكر المؤثرين على أنفسهم قلت بلى جعلت فداك فقال أما إذا أنت قاسمته فلم تؤثره بعد إنما أنت وهو سواء إنما تؤثره إذا أنت أعطيته من النصف الآخر.

للمؤمن فهو حقه ويؤثر أخاه به وكأنهعليه‌السلام ذكر أقل مراتب الإيثار أو هو مقيد بما إذا كان محتاجا إلى جميع ذلك النصف ، أو فسرعليه‌السلام الإيثار مطلقا وإن كان مورد الآية أخص من ذلك للتقييد بالخصاصة.

واعلم أن الآيات والأخبار في قدر البذل وما يحسن منه متعارضة ، فبعضها تدل على فضل الإيثار كهذه الآية ، وبعضها على فضل الاقتصاد كقوله سبحانه : «وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً »(١) وكقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ، وقد يقال : أنها تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال ، فمن قوي توكله على الله وكان قادرا على الصبر على الفقر والشدة فالإيثار أولى بالنسبة إليه ، ومن لم يكن كذلك كأكثر الخلق فالاقتصاد بالنسبة إليه أفضل ، وورد في بعض الأخبار أن الإيثار كان في صدر الإسلام وكثرة الفقراء وضيق الأمر على المسلمين ، ثم نسخ ذلك بالآيات الدالة على الاقتصاد ، وهذا لا ينافي هذا الخبر لأنه يكفي لرفع استبعاده كون الإيثار مطلوبا في وقت ما لكن المشاطرة أيضا ينافي الاقتصاد غالبا إلا ، إذا حمل على ما إذا لم يضر بحاله.

وفيه إشكال آخر وهو أنه إذا شاطر مؤمنا واحدا واكتفى بذلك فقد ضيع حقوق سائر الإخوان وإن شاطر البقية مؤمنا آخر وهكذا فلا يبقى له شيء ، إلا أن يحمل على المشاطرة مع جميع الإخوان ، كما روي أن الحسن صلوات الله عليه قاسم ماله مع الفقراء مرارا ، أو يخص ذلك بمؤمن واحد أخذه أخا في الله ، كما واخى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين سلمان وأبي ذر رضي الله عنهما ، وبين مقداد وعمار ، وبين جماعة من الصحابة متشابهين في المراتب والصفات ، بل يمكن حمل كثير من أخبار هذا الباب على هذا القسم من الأخوة وإن كان بعضها بعيدا عن ذلك.

__________________

(١) سورة الإسراء : ٢٩.

٤١

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب ، عن عمر بن أبان ، عن عيسى بن أبي منصور قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام أنا وابن أبي يعفور وعبد الله بن طلحة فقال ابتداء منه يا ابن أبي يعفور قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ست خصال من كن فيه كان بين يدي الله عز وجل وعن يمين الله فقال ابن أبي يعفور وما هن جعلت فداك قال يحب المرء المسلم لأخيه ما يحب لأعز أهله ويكره المرء المسلم لأخيه ما يكره لأعز أهله ويناصحه الولاية فبكى ابن أبي يعفور وقال كيف يناصحه الولاية قال يا ابن أبي يعفور إذا كان

الحديث التاسع : صحيح.

« بين يدي الله » أي قدام عرشه وعن يمين عرشه ، أو كناية عن نهاية القرب والمنزلة عنده تعالى كما أن بعض المقربين عند الملك يكونون بين يدي الملك يخدمونه ، وبعضهم عن يمينه ، ويحتمل أن يكون الوصفان لجماعة واحدة عبر عنهم في بعض الأحيان بالوصفين ، وفي بعضها بأحدهما ، وهم أصحاب اليمين ، ويحتمل أن يكون الطائفتين كل منهما اتصفوا بالخصال الست في الجملة ، لكن بعضهم اتصفوا بأعلى مراتبها فهم أصحاب اليمين ، وبعضهم نقصوا عن تلك المرتبة فهم بين يديه كما أن من يخدم بين يدي الملك أنقص مرتبة وأدنى منزلة ممن جلس عن يمينه ، فالواو في قوله : وعن يمين الله ، للتقسيم ، والأول أظهر لا سيما في الحديث النبوي.

« ومناصحة الولاية » خلوص المحبة عن الغش والعمل بمقتضاها ، وقوله : بتلك المنزلة إشارة إلى المرتبة المركبة من الخصلتين الأوليين ، أي إذا كانت منزلة أخيه عنده بحيث يحب له ما يحب لأعز أهله عليه ويكره له ما يكره لأعز أهله عليه بثه همه ، أو إشارة إلى مناصحة الولاية أي إذا كان منه بحيث يناصحه الولاية بثه همه أي الأخ للمرء ، ويحتمل العكس وقيل : إشارة إلى صلاحيته للأخوة والولاية.

٤٢

منه بتلك المنزلة بثه همه ففرح لفرحه إن هو فرح وحزن لحزنه إن هو حزن وإن كان عنده ما يفرج عنه فرج عنه وإلا دعا الله له قال ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ثلاث لكم وثلاث لنا أن تعرفوا فضلنا وأن تطئوا عقبنا وأن تنتظروا عاقبتنا فمن كان هكذا كان بين يدي الله عز وجل فيستضيء بنورهم من هو أسفل منهم وأما الذين عن يمين الله فلو أنهم يراهم من دونهم لم يهنئهم العيش مما

وقوله عليه‌السلام إن هو فرح ، كأنه تأكيد أي إن كان فرحه فرحا واقعيا ، وكذاقوله إن هو حزن ، وقيل : إن فيهما بمعنى إذ لمحض الظرفية كما هو مذهب الكوفيين في مثل قوله تعالى : «لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ »(١) أي ينبغي أن يكون فرحه في وقت فرح أخيه لا قبله ولا بعده ، وكذا الحزن.

وقال الجوهري :بث الخير وأبثه بمعنى أي نشره ، يقال : أبثثتك سري أي أظهرته لك ، وقال :الهم الحزن ، وأهمني الأمر إذا أقلقك وحزنك ، قوله :« ثلاث لكم » أي هذه ثلاث والظرف صفة للثلاثوثلاث بعده مبتدأ والظرف خبره والثلاث الأول الحب والكراهة والمناصحة ، وقيل : الفرح والحزن والتفريج ، ولا يخفى بعده.

ثم بينعليه‌السلام الثلاث الذي لهمعليهم‌السلام بقوله : أن تعرفوا فضلنا ، أي على سائر الخلق بالإمامة والعصمة ووجوب الطاعة ، ونعمتنا عليكم بالهداية والتعليم والنجاة من النار واللحوق بالأبرار« وأن تطؤوا عقبنا » أي تتابعونا في جميع الأقوال والأفعال ولا تخالفونا في شيء« وأن تنتظروا عاقبتنا » أي ظهور قائمنا وعود الدولة إلينا في الدنيا أو الأعم منها ومن الآخرة كما قال تعالى : «وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ »(٢) .

« فمن كان هكذا » أي كانت فيه الخصال الست جميعا« فيستضيء بنورهم من هو أسفل منهم » في الرتبة بالنور الظاهر لظلمة يوم القيامة ، أو هو كناية عن انتفاعهم

__________________

(١) سورة الفتح : ٢٧.

(٢) سورة القصص : ٨٣.

٤٣

يرون من فضلهم فقال ابن أبي يعفور وما لهم لا يرون وهم عن يمين الله فقال يا ابن أبي يعفور إنهم محجوبون بنور الله أما بلغك الحديث أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول إن لله خلقا عن يمين العرش بين يدي الله وعن يمين الله وجوههم أبيض من الثلج وأضوأ من الشمس الضاحية يسأل السائل ما هؤلاء فيقال هؤلاء الذين تحابوا في جلال الله.

بشفاعتهم وكرامتهم عند الله وظاهر هذه الفقرات مغايرة الفريقين ، وإن أمكن أن يكونا صنفا واحدا عبر عنهم تارة بأحد الوصفين وتارة بالآخر وتارة بهما ، كما مر.

قوله : بين يدي الله ، يمكن أن يكون حالا عن العرش ويكون عن يمين الله عطفا على قوله عن يمين العرش ، والمراد بهم الطائفة الذين هم عن يمين الله بناء على اختلاف الطائفتين ، واشتقاق أفعل التفضيل من الألوان في الأبيض نادر.

« من الشمس الضاحية » أي المرتفعة في وقت الضحى فإنها في ذلك الوقت أضوء منها في سائر الأوقات أو البارزة التي لم يسترها غيم ولا غبار ، في النهاية : ولنا الضاحية من البعل ، أي الظاهرة البارزة التي لا حائل دونها ، انتهى.

« الذين تحابوا » بتشديد الباء من الحب أي أحب بعضهم بعضا لجلال الله وعظمته ، لا للأغراض الدنيوية فكلمة في تعليلية أو للظرفية المجازية ، وفي بعض النسخ بالحاء المهملة ، أي تحابوا ببذل المال الحلال الذي أعطاهم الله ، وفي روايات العامة بالجيم قال الطيبي : تحابا في الله هو عبارة عن خلوص المحبة في الله ، أي لله في الحضور والغيبة ، وفي الحديث : المتحابون بجلالي الباء للظرفية أي لأجلي ولوجهي لا للهوى ، وقال النووي : أين المتحابون بجلالي أي بعظمتي وطاعتي لا للدنيا ، وقرأ بعض الأفاضل بتخفيف الباء من الحبوة والتحابي أخذ العطاء أي أخذوا ثوابهم في مكان ستروا فيه بأنوار جلاله ، وفيه ما فيه.

٤٤

١٠ ـ عنه ، عن عثمان بن عيسى ، عن محمد بن عجلان قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فدخل رجل فسلم فسأله كيف من خلفت من إخوانك قال فأحسن الثناء وزكى وأطرى فقال له كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم فقال قليلة قال وكيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم قال قليلة قال فكيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم فقال إنك لتذكر أخلاقا قل ما هي فيمن عندنا قال فقال فكيف تزعم هؤلاء أنهم شيعة.

١١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن أبي إسماعيل قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام جعلت فداك إن الشيعة عندنا كثير فقال فهل

الحديث العاشر : مجهول.

وفي المصباحزكا الرجل يزكو إذا صلح ، وزكيته بالتثقيل نسبة إلى الزكاء وهو الصلاح ، والرجل زكي والجمع أزكياء ، وأطريت فلانا مدحته بأحسن مما فيه ، وقيل : بالغت في مدحه وجاوزت الحد« كيف عيادة أغنيائهم » المراد إما عيادة المرضى والتعديةبعلى لتضمين معنى العطوفة ، أو من العائدة والمعروف لكن هذا المصدر فيه غير مأنوس ، وفي كثير من الأخبار : وأن يعود غنيهم على فقيرهم أو مطلق الزيارة ، قال في النهاية فيه : فإنها امرأة تكثر عوادها أي زوارها ، وكل من أتاك مرة بعد أخرى فهو عائد وإن اشتهر ذلك في عيادة المريض ، حتى صار كأنه مختص به ، انتهى.

والمرادبالمشاهدة إما الزيارة في غير المرض أو شهودهم لديهم ومجالستهم معهم« في ذات أيديهم » أي في أموالهم وكلمة في للسببية« وتزعم » بصيغة المضارع الغائب فهؤلاء في محل الرفع ، أو بصيغة المخاطب فهؤلاء في محل النصب ، وفي بعض النسخ بالياء فتعين الأول.

الحديث الحادي عشر : مجهول.

٤٥

يعطف الغني على الفقير وهل يتجاوز المحسن عن المسيء ويتواسون فقلت لا فقال ليس هؤلاء شيعة ـ الشيعة من يفعل هذا.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن العلاء بن فضيل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أبو جعفر صلوات الله عليه يقول عظموا أصحابكم ووقروهم ولا يتجهم بعضكم بعضا ولا تضاروا ولا تحاسدوا وإياكم والبخل كونوا عباد الله المخلصين.

١٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن عمر بن أبان ، عن سعيد بن الحسن قال قال أبو جعفرعليه‌السلام أيجيء أحدكم إلى أخيه فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه فقلت ما أعرف ذلك فينا فقال أبو جعفرعليه‌السلام فلا شيء إذا قلت فالهلاك إذا فقال إن القوم لم يعطوا أحلامهم بعد.

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور معتبر عندي.

وفي القاموس :جهمة كمنعه وسمعه استقبله بوجه كريه كتجهمه وله.

الحديث الثالث عشر : مجهول.

قوله عليه‌السلام : فلا شيء إذا ، أي فلا شيء من الإيمان في أيديهم إذا ، أو ليس شيء من آداب الإيمان بينهم إذا ، وكان السائل حمله على المعنى الأول ولذا قال :فالهلاك إذا ، أي فالعذاب الأخروي ثابت لهم إذا فاعتذرعليه‌السلام من قبل الشيعة أي أكثرهم بأنهم« لم يعطوا أحلامهم بعد » أي لم يكمل عقولهم بعد ، ويختلف التكليف باختلاف مراتب العقول كما مر : إنما يداق الله العباد على قدر ما آتاهم من العقول.

أو لم يتعلموا الآداب من الأئمةعليهم‌السلام بعد فهم معذورون كما يشير إليه الأخبار السابقة واللاحقة حيث لم يذكروا الحقوق أولا معتذرين بأنه يشكل عليكم العمل بها ، فيومئ إلى أنهم معذورون في الجملة مع عدم العلم ، وقيل : هو تأديب للسائل حيث لم يفرق بين ما هو من الآداب ومكملات الإيمان ، وبانتفائه

٤٦

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن الحسين بن الحسن ، عن محمد بن أورمة رفعه ، عن معلى بن خنيس قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن حق المؤمن فقال سبعون حقا لا أخبرك إلا بسبعة فإني عليك مشفق أخشى ألا تحتمل فقلت بلى إن

ينتفي كمال الإيمان ، وبين ما هو من أركان الإيمان أو فرائضه ، وبانتفائه ينتفي الإيمان ، أو يحصل استحقاق العذاب وهو بعيد ، وفي القاموس الحلم بالكسر الأناة والعقل ، والجمع أحلام وحلوم ومنه «أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ »(١) .

الحديث الرابع عشر : ضعيف.

« أخشى أن لا تحتمل » أي لا تعمل بها ، أو لا تقبلها حق القبول كما مر ، على أن هذه من الآداب التي يعذر السامع بالجهل بها ، والقائل في ترك القول إذا علم عدم عمل السامع أو صيرورته سببا لنوع شك أو فتور في الإذعان ، وهذا لترك ذكر بعضها ، وإن أمكن أن يكونعليه‌السلام ذكرها له في وقت آخر ، أو تكون البقية داخلة في السبعة إجمالا ، ويكون المراد ترك ذكرها مفصلة كما يستنبط من بعض الأخبار المجملة كثير مما يذكر في الأخبار المفصلة ، وأما بالنسبة إلى ما ذكر فيمكن أن تكون المضايقة للتوكيد والمبالغة في العمل كما عرفت ، ويمكن استنباط السبعين من مجموع الأخبار الواردة في ذلك كما أوردتها في الكتاب الكبير.

من ذلك ما رواه الكراجكي (ره) في كنز الفوائد عن الحسين بن محمد الصيرفي عن محمد بن عمر الجعابي عن القاسم بن محمد بن جعفر العلوي عن أبيه عن آبائه عن عليعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : للمسلم على أخيه ثلاثون حقا لا براءة له منها إلا بالأداء أو العفو ، يغفر زلته ، ويرحم عبرته ، ويقبل معذرته ، ويرد غيبته ، ويديم نصيحته ، ويحفظ خلته ، ويرعى ذمته ، ويعود مرضته ، ويشهد ميتته ، ويجيب دعوته ، ويقبل هديته ، ويكافئ صلته ، ويشكر نعمته ، ويحسن نصرته ، و

__________________

(١) سورة الطور : ٣٢.

٤٧

شاء الله فقال لا تشبع ويجوع ولا تكتسي ويعرى وتكون دليله وقميصه الذي يلبسه ولسانه الذي يتكلم به وتحب له ما تحب لنفسك وإن كانت لك جارية بعثتها لتمهد فراشه وتسعى في حوائجه بالليل والنهار فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايتنا وولايتنا بولاية الله عز وجل.

يحفظ حليلته ، ويقضي حاجته ، ويشفع مسألته ، ويسمت عطسته ، ويرشد ضالته ويرد سلامه ، ويطيب كلامه ، ويبر إنعامه ، ويصدق أقسامه ، ويوالي وليه. ولا يعاديه ، وينصره ظالما ومظلوما ، فأما نصرته ظالما فيرده عن ظلمه ، وأما نصرته مظلوما فيعينه على أخذ حقه ، ولا يسلمه ولا يخذله ، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه ، ويكره له من الشر لنفسه.

ثم قالعليه‌السلام : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا فيطالبه به يوم القيامة فيقضى له وعليه.

قوله عليه‌السلام : وقميصه الذي يلبسه ، أي تكون محرم إسراره ومختصا به غاية الاختصاص ، وهذه استعارة شايعة بين العرب والعجم ، أو المعنى تكون ساتر عيوبه ، وقيل : تدفع الأذى عنه كما يدفع القميص عنه الحر والبرد وهو بعيد.

« ولسانه » أي تتكلم من قبله إذا عجز أو غاب إذا رضي بذلك ، وقوله تسعى على صيغة الغيبة والضمير للجارية فلا نزيد على السبع« وصلت ولايتك » أي لنا« بولايتنا » ومحبتنا لك« وولايتنا » لك« بولاية الله » لك أو ولايتك له بولايتنا لك أو بولايتك لنا أي ولايتك له من شروط ولايتنا وولايتنا بولاية الله ، فإن ولاية الله لا يتم إلا بولايتنا.

والحاصل أنك إن فعلت ذلك فقد جمعت بين محبته ومحبتنا ومحبة الله عز وجل ، ويحتمل أن يكون المراد بالولاية في جميع المراتب النصرة ، وفيها احتمالات أخر تظهر بالتأمل فيما ذكرنا.

٤٨

١٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي المغراء ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه ويحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمواساة لأهل الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم الله عز وجل ـ رحماء بينكم متراحمين مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد

الحديث الخامس عشر : صحيح.

والتعاون على التعاطف ، أي معاونة بعضهم بعضا على التعاطف وعطف بعضهم على بعض ، وفي بعض النسخ التعاقد مكان التعاون أي التعاهد على ذلك« كما أمركم الله » أي في قوله سبحانه : «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ »(١) إشارة إلى أن الآية أمر في المعنى بتلك الخصال ، لكونها في مقام المدح المستلزم للأمر بها وإلى أن الأمر المستفاد منها غير مختص بالصحابة ، وقيل : إشارة إلى قوله تعالى : «وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ »(٢) والأول أظهر.

وقوله : رحماء ، خبر تكونوا ، ومتراحمين تفسير له ، أو خبر ثانكقوله مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم ، أي لما عجزتم عن تداركه من أمر المسلمين ، أو لما بعد عنكم ولم تصل إليه إعانتكم وإذا لم تطلعوا على أحوالهم تكونوا مغتمين لعدم الاطلاع ،وقوله : على ما مضى ، متعلق بجميع ما تقدم ، لا بقوله مغتمين فقط كما قيل ، وهذا يومئ إلى أن الآية في شأن الأنصار ومدحهم ، ولم يذكره المفسرون ، ويحتمل أن تكون هذه الصفات في الأنصار أكثر وإن كان في قليل من المهاجرين كأمير ـ المؤمنين وسلمان وأضرابه ، ثم قال الطبرسي (ره) : وقال الحسن بلغ من شدتهم على الكفار أنهم كانوا يتحرزون من ثياب المشركين حتى لا تلتزق بثيابهم ، وعن أبدانهم حتى لا تمس أبدانهم ، وبلغ تراحمهم فيما بينهم أن كان لا يرى مؤمن مؤمنا

__________________

(١) سورة الفتح : ٢٩.

(٢) سورة البلد : ١٧.

٤٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حق على المسلم إذا أراد سفرا أن يعلم إخوانه وحق على إخوانه إذا قدم أن يأتوه.

(باب)

(التراحم والتعاطف)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الحسن بن محبوب ، عن شعيب العقرقوفي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لأصحابه اتقوا الله وكونوا إخوة بررة متحابين في الله متواصلين متراحمين تزاوروا وتلاقوا وتذاكروا أمرنا وأحيوه.

إلا صافحه وعانقه ، انتهى.

وتكرار التعاطف للتأكيد أو الأول للتعاون أو التعاقد عليه وهذا لأصله.

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.

وفيه إيماء إلى أنه إذا لم يعلمهم عند الذهاب لا يلزم عليهم إتيانه بعد الإياب وإن كان ضعيفا.

باب التراحم والتعاطف

الحديث الأول : صحيح.

والمرادبأمرهم إمامتهم ودلائلها وفضائلهم وصفاتهم أو الأعم منها ومن رواية أخبارهم ونشر آثارهم ومذاكرة علومهم ، وإحياؤها تعاهدها ونسخها وروايتها وحفظها عن الاندراس ، وهذا أظهر.

٥٠

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن كليب الصيداوي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تواصلوا وتباروا وتراحموا وكونوا إخوة بررة كما أمركم الله عز وجل.

٣ ـ عنه ، عن محمد بن سنان ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول تواصلوا وتباروا وتراحموا وتعاطفوا.

٤ ـ عنه ، عن علي بن الحكم ، عن أبي المغراء ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمواساة لأهل الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم الله عز وجل «رُحَماءُ بَيْنَهُمْ » متراحمين مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور ، وقد ظهر مضمونه مما مر.

الحديث الثالث : كالسابق.

يقال : عطف يعطف أي مال وعليه أشفق كتعطف ، وتعاطفوا عطف بعضهم على بعض.

الحديث الرابع : صحيح.

وقد مر بعينه سندا ومتنا في آخر الباب السابق إلا أن هاهنا« بينهم » موافقا للفظ الآية.

٥١

(باب)

(زيارة الإخوان)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن [ علي ] بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبي حمزة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من زار أخاه لله لا لغيره التماس موعد الله وتنجز ما عند الله وكل الله به سبعين ألف ملك ينادونه ألا طبت و

باب زيارة الإخوان

الحديث الأول : موثق كالصحيح.

« لا لغيره » كحسن صورة أو صوت أو مال أو رياء أو جاه وغير ذلك من الأغراض الدنيوية ، وأما إذا كان لجهة دينية كحق تعليم أو هداية أو علم أو صلاح أو زهد. أو عبادة فلا ينافي ذلك ، وقوله التماس ، مفعول لأجله ، والموعد مصدر أي طلب ما وعده الله ، والتنجز طلب الوفاء بالوعد ، ويدل على أن طلب الثواب الأخروي لا ينافي الإخلاص كما مر في بابه فإنه أيضا بأمر الله والمطلوب منه هو الله لا غيره ، والغاية قسمان قسم هو علة ومقدم في الخارج نحو قعدت عن الحرب جبنا ، وقسم آخر هو متأخر في الخارج ومترتب على الفعل نحو ضربته تأديبا.

فقوله عليه‌السلام : لله من قبيل الأول أي لا طاعة أمر الله ، وقوله : التماس موعد الله من قبيل الثاني ، فلا تنافي بينهما.

قوله : طبت وطابت لك الجنة ، أي طهرت من الذنوب والأدناس الروحانية ، وحلت لك الجنة ونعيمها ، أو دعاء له بالطهارة من الذنوب وتيسر الجنة له سالما من الآفات والعقوبات المتقدمة عليها ، قال في النهاية : قد يرد الطيب بمعنى الطاهر ، ومنه حديث عليعليه‌السلام ـ لما مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا أي طهرت ، انتهى.

وقال الطيبي في شرح المشكاة في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : طبت وطاب ممشاك : أصل

٥٢

طابت لك الجنة.

٢ ـ عنه ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن خيثمة قال دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام أودعه فقال يا خيثمة أبلغ من ترى من موالينا السلام وأوصهم بتقوى الله العظيم وأن يعود غنيهم على فقيرهم وقويهم على ضعيفهم وأن يشهد حيهم جنازة ميتهم وأن يتلاقوا في بيوتهم فإن لقيا بعضهم بعضا حياة لأمرنا رحم الله عبدا أحيا أمرنا يا خيثمة أبلغ موالينا أنا لا نغني عنهم من الله شيئا إلا

الطيب ما تستلذه الحواس والنفس ، والطيب من الإنسان من تزكى عن نجاسة الجهل والفسق ، وتحلى بالعلم ومحاسن الأفعال ، وطبت لها دعاء له بأن يطيب عيشه في الدنيا ، وطاب ممشاك كناية عن سلوك طريق الآخرة بالتعري عن الرذائل أو خبر بذلك.

الحديث الثاني : مجهول.

ويمكن عده حسنا لأن خيثمة في هذه المرتبة مردد بين ممدوح ، ومن قيل فيه أسند عنه ، وكأنه أيضا مدح« أن يعود غنيهم على فقيرهم » أي ينفعهم قال في القاموس : العائدة المعروف والصلة والمنفعة وهذا أعود أنفع ، وفي المصباح : عاد بمعروفه أفضل والاسم العائدة ، وفي القاموس :لقيه كرضيه لقاء ولقاءة ولقائه ولقيا ولقيا رآه«حياة لأمرنا» أي سبب لإحياء ديننا وعلومنا ورواياتنا والقول بإمامتنا«لا نغني عنهم من الله شيئا» أي لا ننفعهم شيئا من الإغناء والنفع ، أو لا ندفع عنهم من عذاب الله شيئا قال البيضاوي في قوله تعالى : «لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً »(١) أي من رحمته أو طاعته على معنى البدلية أو من عذابه ، وقال في قوله عز وجل : «وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً »(٢) لا يدفع ما كسبوا من الأموال والأولاد شيئا من عذاب الله ، وفي قوله سبحانه : «وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٠.

(٢) سورة الجاثية : ١٠.

٥٣

بعمل وأنهم لن ينالوا ولايتنا إلا بالورع وأن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حدثني جبرئيلعليه‌السلام أن الله عز وجل أهبط إلى الأرض ملكا فأقبل ذلك الملك يمشي حتى وقع إلى باب عليه رجل يستأذن على رب الدار فقال له الملك ما حاجتك إلى رب هذه الدار قال أخ لي مسلم زرته في الله تبارك وتعالى قال له الملك ما جاء بك إلا ذاك فقال ما جاء بي إلا ذاك فقال إني رسول الله إليك وهو يقرئك السلام

مِنْ شَيْءٍ »(١) أي مما قضى عليكم ، وفي قوله تعالى : «فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا »(٢) أي دافعون عنا من عذاب الله من شيء ، وفي المغرب الغناء بالفتح والمد الإجزاء والكفاية ، يقال : أغنيت عنه إذا أجزأت عنه ، وكفيت كفايته ، وفي الصحاح : أغنيت عنك مغنى فلان أي أجزأت عنك مجزأه ، ويقال : ما يغني عنك هذا أي ما يجدي عنك وما ينفعك.

قوله عليه‌السلام : وصف عدلا أي أظهر مذهبا حقا ولم يعمل بمقتضاه كمن أظهر موالاة الأئمةعليهم‌السلام ولم يتابعهم ، أو وصف عملا صالحا للناس ولم يعمل به.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

« حتى دفع (٣) إلى باب » على بناء المفعول أي انتهى وفي بعض النسخ وقع وهو قريب من الأول ، قال في المصباح : دفعت إلى كذا بالبناء للمفعول انتهيت إليه ، وقال : وقع في أرض فلاة صار فيها ، ووقع الصيد في الشرك حصل فيه ، ويدل على جواز رؤية الملك لغير الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام ، وربما ينافي ظاهرا بعض الأخبار السابقة في الفرق بين النبي والمحدث ، والجواب أنه يحتمل أن يكون الزائر نبيا أو محدثا ،

__________________

(١) سورة يوسف : ٦٧.

(٢) سورة إبراهيم : ٢١.

(٣) وفي المتن « وقع » ويأتي في كلام الشارح (ره).

٥٤

ويقول وجبت لك الجنة وقال الملك إن الله عز وجل يقول أيما مسلم زار مسلما فليس إياه زار إياي زار وثوابه علي الجنة.

٤ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي النهدي ، عن الحصين ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من زار أخاه في الله قال الله عز وجل إياي زرت وثوابك علي ولست أرضى لك ثوابا دون الجنة.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن يعقوب بن شعيب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من زار أخاه في جانب المصر ابتغاء وجه الله فهو زوره وحق على الله أن يكرم زوره.

وغاب عنه عند إلقاء الكلام وإظهار أنه ملك ، ولما كانت زيارته خالصا لوجه الله نسب الله سبحانه زيارته إلى ذاته المقدسة.

الحديث الرابع : مجهول.

« إياي زرت » الحصر على المبالغة أي لما كان غرضك إطاعتي وتحصيل رضاي فكأنك لم تزر غيري« ولست أرضى لك ثوابا » أي المثوبات الدنيوية منقطعة فانية ولا أرضى لك إلا الثواب الدائم الأخروي وهو الجنة.

الحديث الخامس : صحيح.

« في جانب المصر » أي ناحية من البلد داخلا أو خارجا وهو كناية عن بعد المسافة بينهما« ابتغاء وجه الله » أي ذاته وثوابه أو جهة الله كناية عن رضاه وقربه« فهو زوره » أي زائره وقد يكون جمع زائر والمفرد هنا أنسب ، وإن أمكن أن يكون المراد هو من زوره ، قال في النهاية : الزور الزائر وهو في الأصل مصدر وضع موضع الاسم كصوم ونوم بمعنى صائم ونائم ، وقد يكون الزور جمع زائر كركب وراكب.

٥٥

٦ ـ عنه ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من زار أخاه في بيته قال الله عز وجل له أنت ضيفي وزائري علي قراك وقد أوجبت لك الجنة بحبك إياه.

٧ ـ عنه ، عن علي بن الحكم ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي غرة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من زار أخاه في الله في مرض أو صحة لا يأتيه خداعا ولا استبدالا وكل الله به سبعين ألف ملك ينادون في قفاه أن طبت وطابت لك الجنة فأنتم زوار الله وأنتم وفد الرحمن حتى يأتي منزله فقال له يسير جعلت فداك وإن كان المكان بعيدا قال نعم يا يسير وإن كان المكان مسيرة سنة فإن الله جواد

الحديث السادس : كالسابق.

وقال الجوهريقرئت الضيف قرى مثال قليته قلى وقراء أحسنت إليه إذا كسرت القاف قصرت وإذا فتحت مددت.

الحديث السابع : مجهول.

« لا يأتيه خداعا » بكسر الخاء بأن لا يحبه ويأتيه ليخدعه ويلبس عليه أنه يحبه« ولا استبدالا » أي لا يطلب بذلك بدلا وعوضا دنيويا ومكافأة بزيارة أو غيرها أو عازما على إدامة محبته ولا يستبدل مكانه في الإخوة غيره ، وهذا مما خطر بالبال وإن اختار الأكثر الأول.

قال في القاموس : بدل الشيء محركة وبالكسر وكأمير الخلف منه وتبدله وبه واستبدله وبه وأبدله منه ، وبدله اتخذه منه بدلا ، انتهى.

وفي قوله عليه‌السلام : في قفاه إشعار بأنهم يعظمونه ويقدمونه ولا يتقدمون عليه ولا يساوونه ، و « إن » فيإن طبت ، مفسرة لتضمن النداء معنى القول ، والوفد بالفتح جمع وافد ، قال في النهاية : الوفد هم الذين يقصدون الأمراء لزيارة أو استرفاد وانتجاع وغير ذلك.

قوله : فأنتم ، أي أنت ومن فعل مثل فعلك« وإن كان المكان » أي ينادون و

٥٦

والملائكة كثيرة يشيعونه حتى يرجع إلى منزله.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي [ بن ] النهدي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من زار أخاه في الله ولله جاء يوم القيامة يخطر بين قباطي من نور ولا يمر بشيء إلا أضاء له حتى يقف بين يدي الله عز وجل فيقول الله عز

يشيعون إلى منزله وإن كان المكان بعيدا ، وفي بعض النسخ فإن كان فإن شرطية والجزاء محذوف ، أي يفعلون ذلك أيضا وكان السائل استبعد نداء الملائكة وتشييعهم إياه في المسافة البعيدة إن كان المراد النداء والتشييع معا ، أو من المسافة البعيدة إن كان المراد النداء فقط ، و« يسير » كأنه الدهان الذي قد يعبر عنه ببشير.

الحديث الثامن : مجهول.

و « في الله » إما متعلق بزار وفي للتعليل ،فقوله : ولله عطف تفسير وتأكيد له ، أو المراد به في سبيل الله أي على النحو الذي أمره الله « ولله » أي خالصا له أو متعلق بالأخ أي الأخ الذي أخوته في الله ولله ، على الوجهين ، وقيل : في الله متعلق بالأخ ولله بقوله زار ، والواو للعطف على محذوف بتقدير لحبه إياه ولله كما قيل في قوله تعالى في الأنعام : «وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ »(١) .

وأقول : يمكن تقدير فعل أي وزاره الله ويحتمل أن تكون زائدة كما قيل في قوله تعالى : «حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها »(٢) ولا يبعد زيادتها من النساخ كما روي في قرب الإسناد في رواية أخرى بدون الواو ، وفي القاموس :خطر الرجل بسيفه ورمحه يخطر خطرا رفعه مرة ووضعه أخرى ، وفي مشيته رفع يديه ووضعهما ، وفي النهاية : أنه كان يخطر في مشيته أي يتمايل ويمشي مشية المعجب ، وفي المصباح :القبط بالكسر نصارى مصر ، الواحد قبطي على القياس ، والقبطي بالضم من كتان رقيق يعمل بمصر نسبة إلى القبط على غير قياس فرقا بين الإنسان

__________________

(١) الآية : ٧٥.

(٢) سورة زمر : ٧٣.

٥٧

وجل له مرحبا وإذا قال مرحبا أجزل الله عز وجل له العطية.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن بشير ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن العبد المسلم إذا خرج من بيته زائرا أخاه لله لا لغيره التماس وجه الله رغبة فيما عنده وكل الله عز وجل به سبعين ألف ملك ينادونه من خلفه إلى أن يرجع إلى منزله ألا طبت وطابت لك الجنة.

١٠ ـ الحسين بن محمد [ ، عن أحمد بن محمد ] ، عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما زار مسلم أخاه المسلم في الله ولله إلا ناداه الله عز وجل أيها الزائر طبت وطابت لك الجنة.

والثوب ، وثياب قبطية بالضم أيضا والجمع قباطي ، انتهى.

وكان المراد يمشي مسرورا معجبا بنفسه بين نور أبيض في غاية البياض كالقباطي ، ويحتمل أن يكون المعنى يخطر بين ثياب من نور قد لبسها تشبه القباطي ، ولذا يضيء له كل شيء ، كذا خطر ببالي كالقباطي ، وقيل : المراد هنا أغشية رقيقة تأخذها الملائكة أطرافه لئلا يقربه أحد بسوء أدب ، وأضاء هنا لازم وفي النهاية فيه : أنه قال لخزيمة :مرحبا أي لقيت رحبا وسعة ، وقيل : معناه رحب الله بك مرحبا فجعل المرحب موضع الترحيب.

الحديث التاسع : كالسابق.

وزائرا حال مقدرة عن المستتر في خرج وكانقوله : لله ، متعلق بالأخ والتماس مفعول له لخرج أو زائرا ولله أيضا متعلق بأحدهما ، والتماس بيان له ، وكذاقوله : رغبة تأكيد وتوضيح لسابقه.

الحديث العاشر : صحيح وقد مر مضمونه.

٥٨

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن لله عز وجل جنة لا يدخلها إلا ثلاثة رجل حكم على نفسه بالحق ورجل زار أخاه المؤمن في الله ورجل آثر أخاه المؤمن في الله.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن عبد الله بن محمد الجعفي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن المؤمن ليخرج إلى أخيه يزوره فيوكل الله عز وجل به ملكا فيضع جناحا في الأرض وجناحا في السماء يظله فإذا دخل إلى منزله نادى الجبار تبارك وتعالى أيها العبد المعظم لحقي المتبع لآثار نبيي حق علي إعظامك سلني أعطك ادعني أجبك اسكت أبتدئك فإذا انصرف شيعه الملك يظله بجناحه حتى يدخل إلى منزله ثم يناديه تبارك وتعالى أيها العبد المعظم لحقي حق علي إكرامك قد أوجبت لك جنتي وشفعتك في عبادي.

١٣ ـ صالح بن عقبة ، عن عقبة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لزيارة المؤمن

الحديث الحادي عشر : صحيح على الظاهر.

« حكم على نفسه » أي إذا علم أن الحق مع خصمه أقر له به« آثر » أي اختاره على نفسه فيما احتاج إليه ، وفي الله متعلق بأثر أو بالأخ كما مر.

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : فيضع جناحا في الأرض ، ليطأ عليه وليحيطه ويحفظه بجناحيه وقيل : هو كناية عن التعظيم والتواضع له ، وقيل : الأمر فيسلني وادعني واسكت ليس على الحقيقة بل لمحض الشرطية ، وشفعتك على بناء التفعيل أي قبلت شفاعتك.

الحديث الثالث عشر : كالسابق ومعلق عليه.

٥٩

في الله خير من عتق عشر رقاب مؤمنات ومن أعتق رقبة مؤمنة وقى كل عضو عضوا من النار حتى إن الفرج يقي الفرج.

١٤ ـ صالح بن عقبة ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أيما ثلاثة مؤمنين اجتمعوا عند أخ لهم يأمنون بوائقه ولا يخافون غوائله ويرجون ما عنده إن دعوا الله أجابهم وإن سألوا أعطاهم وإن استزادوا زادهم وإن سكتوا ابتدأهم.

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب قال سمعت أبا حمزة يقول سمعت العبد الصالحعليه‌السلام يقول من زار أخاه المؤمن لله لا لغيره يطلب به ثواب الله وتنجز ما وعده الله عز وجل وكل الله عز وجل به سبعين ألف ملك

« وفي كل عضو » وزيد في بعض النسخ الجلالة في البين وكأنه من تحريف النساخ ، وفي بعضها وفي الله بكل ، وهو أيضا صحيح لكن الأول أنسب بهذا الخبر.

الحديث الرابع عشر : كالسابق.

وفي المصباحالبائقة النازلة وهي الداهية والشر الشديد ، والجمع البوائق ، وقال :الغائلة الفساد والشر والجمع الغوائل ، وقال الكسائي : الغوائل الدواهي ، انتهى.

« ويرجون ما عنده » أي من الفوائد الدينية كرواية الحديث واستفادة العلوم الدينية أو الأعم منها ومن المنافع المحللة الدنيوية ، وإرجاع الضمير إلى الله بعيد.

الحديث الخامس عشر : حسن كالصحيح.

ولو كان العبد الصالح الكاظمعليه‌السلام كما هو الظاهر يدل على أن أبا حمزة الثمالي أدرك أيام إمامتهعليه‌السلام ، واختلف علماء الرجال في ذلك والظاهر أنه أدرك ذلك لا بدؤ إمامتهعليه‌السلام في سنة ثمان وأربعين ومائة ، والمشهور أن وفاة أبي حمزة في

٦٠