مرآة العقول الجزء ٩

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 439

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 439
المشاهدات: 21919
تحميل: 8820


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 439 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 21919 / تحميل: 8820
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 9

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٦ - عنه ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من زار أخاه في بيته قال الله عز وجل له أنت ضيفي وزائري عليُّ قراك وقد أوجبت لك الجنّة بحبّك إياه.

٧ - عنه ، عن عليُّ بن الحكم ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي غرة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من زار أخاه في الله في مرّض أو صحّة لا يأتيه خداعاً ولا استبدالاً وكل الله به سبعين ألف ملك ينادون في قفاه أن طبت وطابت لك الجنّة فأنتم زوار الله وأنتم وفد الرَّحمن حتّى يأتي منزله فقال له يسير جعلت فداك وإن كان المكان بعيداً ؟ قال نعم يا يسير وإن كان المكان مسيرة سنة فإن الله جواد

_________________________________________________

الحديث السادس : كالسابق.

وقال الجوهري قرئت الضيف قرى مثال قليته قلى وقراء أحسنت إليه إذاً كسرت القاف قَصَرت وإذاً فتحت مددت.

الحديث السابع : مجهول.

« لا يأتيه خداعاً » بكسر الخاء بأن لا يحبّه ويأتيه ليخدعه ويلبس عليه أنّه يحبّه « ولا استبدالاً » أي لا يطلب بذلك بدلاً وعوضاً دنيوياً ومكافأة بزيارة أو غيرها أو عازماً على إدامة محبّته ولا يستبدل مكانه في الإخوة غيره ، وهذا ممّا خطر بالبال وإن اختار الأكثر الأوّل.

قال في القاموس : بدل الشيء محرّكة وبالكسر وكأمير الخلف منه وتبدّله وبه واستبدله وبه وأبدله منه ، وبدله اتّخذه منه بدلاً ، انتهى.

وفي قولهعليه‌السلام : في قفاه إشعار بأنهم يعظمونه ويقدمونه ولا يتقدمون عليه ولا يساوونه ، و « إن » في إن طبت ، مفسرة لتضمن النداء معنى القول ، والوفد بالفتح جمع وافد ، قال في النهاية : الوفد هم الذين يقصدون الأمرّاء لزيارة أو استرفاد وانتجاع وغير ذلك.

قوله : فأنتم ، أي أنت ومن فعل مثل فعلك « وإن كان المكان » أي ينادون و

٦١

والملائكة كثيرة يشيّعونه حتّى يرجع إلى منزله.

٨ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عليُّ [ بن ] النهدي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من زار أخاه في الله ولله جاء يوم القيامة يخطر بين قباطي من نور ولا يمرُّ بشيء إلّا أضاء له حتّى يقف بين يدي الله عزَّ وجلَّ فيقول الله عزَّ

_________________________________________________

يشيعون إلى منزله وإن كان المكان بعيداً ، وفي بعض النسخ فإن كان فإن شرطية والجزاء محذوف ، أي يفعلون ذلك أيضاً وكان السائل استبعد نداء الملائكة وتشييعهم إياه في المسافة البعيدة إن كان المرّاد النداء والتشييع معاً ، أو من المسافة البعيدة إن كان المرّاد النداء فقط ، و « يسير » كأنّه الدهان الذي قد يعبّر عنه ببشير.

الحديث الثامن : مجهول.

و « في الله » إمّا متعلق بزار وفي للتعليل ، فقوله : ولله عطف تفسير وتأكيد له ، أو المرّاد به في سبيل الله أي على النحو الذي أمرّه الله « ولله » أي خالصاً له أو متعلق بالأخ أي الأخ الذي أخوته في الله ولله ، على الوجهين ، وقيل : في الله متعلق بالأخ ولله بقوله زار ، والواو للعطف على محذوف بتقدير لحبه إياه ولله كما قيل في قوله تعالى في الأنعام : «وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ »(١) .

وأقول : يمكن تقدير فعل أي وزاره الله ويحتمل أن تكون زائدة كما قيل في قوله تعالى : «حتّى إذاً جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها »(٢) ولا يبعد زيادتها من النساخ كما روي في قرب الإسناد في رواية أخرى بدون الواو ، وفي القاموس : خطر الرّجل بسيفه ورمحه يخطر خطراً رفعه مرّة ووضعه أخرى ، وفي مشيته رفع يديه ووضعهما ، وفي النهاية : أنّه كان يخطر في مشيته أي يتمايل ويمشي مشية المعجب ، وفي المصباح : القبط بالكسر نصارى مصر ، الواحد قبطي على القياس ، والقبطي بالضمّ من كتان رقيق يعمل بمصر نسبة إلى القبط على غير قياس فرقاً بين الإنسان

__________________

(١) الآية : ٧٥.

(٢) سورة زمر : ٧٣.

٦٢

وجلَّ له : مرحباً ؛ وإذا قال : مرحباً أجزل الله عز وجلَّ له العطيّة.

٩ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمرّان الحلبي ، عن بشير ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن العبد المسلم إذاً خرج من بيته زائراً أخاه لله لا لغيره التماس وجه الله رغبة فيما عنده وكل الله عز وجلَّ به سبعين ألف ملك ينادونه من خلفه إلى أن يرجع إلى منزله إلّا طبت وطابت لك الجنّة.

١٠ - الحسين بن محمّد [ ، عن أحمد بن محمّد ] ، عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمّد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما زار مسلم أخاه المسلم في الله ولله إلّا ناداه الله عز وجلَّ أيها الزائر طبت وطابت لك الجنّة.

_________________________________________________

والثوب ، وثياب قبطية بالضمّ أيضاً والجمع قباطي ، انتهى.

وكأنّ المرّاد يمشي مسروراً معجبا بنفسه بين نور أبيض في غاية البياض كالقباطي ، ويحتمل أن يكون المعنى يخطر بين ثياب من نور قد لبسها تشبه القباطي ، ولذا يضيء له كل شيء ، كذا خطر ببالي كالقباطي ، وقيل : المرّاد هنا أغشية رقيقة تأخذها الملائكة أطرافه لئلا يقربه أحد بسوء أدب ، وأضاء هنا لازم وفي النهاية فيه : أنه قال لخزيمة : مرحباً أي لقيت رحبا وسعة ، وقيل : معناه رحب الله بك مرحباً فجعل المرّحب موضع الترحيب.

الحديث التاسع : كالسابق.

وزائراً حال مقدّرة عن المستتر في خرج وكان قوله : لله ، متعلق بالأخ والتماس مفعول له لخرج أو زائراً ولله أيضاً متعلّق بأحدهما ، والتماس بيان له ، وكذا قوله : رغبة تأكيد وتوضيح لسابقه.

الحديث العاشر : صحيح وقد مرّ مضمونه.

٦٣

١١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد وعدَّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن لله عز وجلَّ جنة لا يدخلها إلّا ثلاثة رجل حكم على نفسه بالحقّ ورجل زار أخاه المؤمن في الله ورجلٌ آثر أخاه المؤمن في الله.

١٢ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن عبد الله بن محمّد الجعفي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن المؤمن ليخرج إلى أخيه يزوره فيوكل الله عز وجلَّ به ملكا فيضع جناحاً في الأرض وجناحاً في السماء يظله فإذاً دخل إلى منزله نادى الجبّار تبارك وتعالى أيها العبد المعظم لحقي المتبع لآثار نبيي حقّ عليُّ إعظامك سلني أعطك ادعني أجبك اسكت أبتدئك فإذاً انصرف شيعه الملك يظله بجناحه حتّى يدخل إلى منزله ثمَّ يناديه تبارك وتعالى أيّها العبد المعظم لحقي حقّ عليُّ إكرامك قد أوجبت لك جنّتي وشّفعتك في عبادي.

١٣ - صالح بن عقبة ، عن عقبة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لزيارة المؤمن

_________________________________________________

الحديث الحادي عشر : صحيح على الظاهر.

« حكم على نفسه » أي إذاً علم أن الحقّ مع خصمه أقر له به « آثر » أي اختاره على نفسه فيما احتاج إليه ، وفي الله متعلّق بأثر أو بالأخ كما مرّ.

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : فيضع جناحاً في الأرض ، ليطأ عليه وليحيطه ويحفظه بجناحيه وقيل : هو كناية عن التعظيم والتواضع له ، وقيل : الأمرّ في سلني وادعني واسكت ليس على الحقيقة بل لمحض الشرطيّة ، وشّفعتك على بناء التفعيل أي قبلت شفاعتك.

الحديث الثالث عشر : كالسابق ومعلق عليه.

٦٤

في الله خيرٌ من عتق عشر رقاب مؤمنات ومن أعتق رقبة مؤمنة وقى كل عضو عضوا من النار حتّى إن الفرج يقي الفرج.

١٤ - صالح بن عقبة ، عن صفوان الجمّال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أيما ثلاثة مؤمنين اجتمعوا عند أخ لهم يأمنون بوائقه ولا يخافون غوائله ويرجون ما عنده إن دعوا الله أجابهم وإن سألوا أعطاهم وإن استزادوا زادهم وإن سكتوا ابتدأهم.

١٥ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب قال سمعت أبا حمزة يقول سمعت العبد الصالحعليه‌السلام يقول من زار أخاه المؤمن لله لا لغيره يطلب به ثواب الله وتنجز ما وعده الله عز وجلَّ وكل الله عز وجلَّ به سبعين ألف ملك

_________________________________________________

« وفي كل عضو » وزيد في بعض النسخ الجلالة في البين وكأنه من تحريف النساخ ، وفي بعضها وفي الله بكل ، وهو أيضاً صحيح لكن الأوّل أنسب بهذا الخبر.

الحديث الرابع عشر : كالسابق.

وفي المصباح البائقة النازلة وهي الداهية والشر الشديد ، والجمع البوائق ، وقال : الغائلة الفساد والشر والجمع الغوائل ، وقال الكسائي : الغوائل الدواهي ، انتهى.

« ويرجون ما عنده » أي من الفوائد الدينيّة كرواية الحديث واستفادة العلوم الدينية أو الأعمّ منها ومن المنافع المحللّة الدنيويّة ، وإرجاع الضمير إلى الله بعيد.

الحديث الخامس عشر : حسن كالصحيح.

ولو كان العبد الصالح الكاظمعليه‌السلام كما هو الظاهر يدلّ على أنّ أبا حمزة الثمالي أدرك أيام إمامتهعليه‌السلام ، واختلف علماء الرّجال في ذلك والظاهر أنّه أدرك ذلك لا بدؤ إمامتهعليه‌السلام في سنة ثمان وأربعين ومائة ، والمشهور أنّ وفاة أبي حمزة في

٦٥

من حين يخرج من منزله حتّى يعود إليه ينادونه إلّا طبت وطابت لك الجنّة تبوأت من الجنّة منزلاً.

١٦ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لقاء الإخوان مغنمٌ جسيمٌ وإن قلوا.

(باب المصافحة)

١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن يحيى بن زكريا ، عن أبي عبيدة قال كنت زميل أبي جعفرعليه‌السلام وكنت أبدأ بالركوب ثمَّ يركب هو فإذا استوينا سلّم وساءل مساءلة رجل لا عهد له بصاحبه

_________________________________________________

سنة خمسين ومأة لكن قد مرّ مثله في أوّل الباب عن أبي حمزة عن أبي عبد الله ، فيمكن أن يكون هو المرّاد بالعبد الصالح ، أو يكون إشتباهاً من الرواة ، وفي النهاية : بوّأه الله منزلاً أي أسكنه إيّاه وتبوّأت منزلاً اتّخذته ، انتهى.

والتنوين في منزلاً كأنّه للتعظيم.

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.

والمغنم الغنيمة وهي الفائدة ، قولهعليه‌السلام : وإن قلّوا أي وإن كان الإخوان الذين يستحقون الأخوة قليلين ، أو وإن لاقي قليل منهم والأوّل أظهر.

باب المصافحة

الحديث الأول : مجهول.

وقال الفيروزآبادي : الزميل كأمير الرديف كالزّمل بالكسر ، وزمله أردفه أو عادلة ، وقال : المصافحة الأخذ باليد كالتصافح ويدلّ على استحباب إيثار الزميل للركوب أولاً والابتداء بالنزول آخراً وكأنّه لسهولة الأمرّ على الزميل في الموضعين ،

٦٦

وصافح ، قال : وكان إذاً نزل نزل قبلي فإذا استويت أنا وهو على الأرض سلم وساءل مساءلة من لا عهد له بصاحبه - فقلت يا ابن رسول الله إنك لتفعل شيئاً ما يفعله أحد من قبلنا وإن فعل مرّة فكثير فقال إمّا علمت ما في المصافحة إن المؤمنين يلتقيان فيصافح أحدهما صاحبه فلا تزال الذنوب تتحات عنهما كما يتحات الورق عن الشجر والله ينظر إليها حتّى يفترقا.

٢ - عنه ، عن ابن فضّال ، عن عليُّ بن عقبة ، عن أبي خالد القمّاط ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن المؤمنين إذاً التقيا وتصافحا أدخل الله يده بين أيديهما فصافح

_________________________________________________

فإن الركوب أولا في المحمل أسهل لأنه ينحط كثيراً وكذا النزول أخيراً أسهل لذلك.

قوله : لا عهد له بصاحبه ، أي لم يره قبل ذلك قريبا قال في المصباح : عهدته بمكان كذا لقيته وعهدي به قريب أي لقائي ، وعهدت الشيء ترددت إليه وأصلحته ، وحقيقته تجديد العهد به ، وفي النهاية : تحاتت عنه ذنوبه تساقطت.

وأقول : في المعصوم يكون بدل ذلك رفع الدرجات أو تساقط ذنوب شيعتهم ببركتهم ، كما وردّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن الله حملني ذنوب شيعة عليُّ فغفرها لي ، أو تسقط ترك الأوّلى والمباحات عنهم ويثبت لهم بدلها الحسنات ، فيرجع إلى الأوّل ، ونظر الله إليهما كناية عن شمول رحمته لهما.

الحديث الثاني : موثق.

قولهعليه‌السلام : بين أيديهما كأنه أطلق الجمع على التثنية مجازا وذلك لاستثقالهم اجتماع التثنيتين ، قال الشيخ الرضيرضي‌الله‌عنه : ثمَّ لفظ الجمع فيه أي في إضافة الجزئين إلى متضمنيهما أولى من الأفراد ، كقوله تعالى : «فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما »(١) وذلك لكراهتهم في الإضافة اللفظية الكثيرة الاستعمال اجتماع تثنيتين مع اتّصالهما لفظاً

__________________

(١) سورة التحريم : ٤.

٦٧

أشدّهما حبّاً لصاحبه.

٣ - ابن فضّال ، عن عليُّ بن عقبة ، عن أيوب ، عن السميدع ، عن مالك بن أعين الجهني ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن المؤمنين إذاً التقيا فتصافحا أدخل الله عز وجلَّ يده بين أيديهما وأقبل بوجهه على أشدّهما حبّاً لصاحبه فإذا أقبل الله عز وجلَّ بوجهه عليهما تحاتت عنهما الذنوب كما يتحات الورق من الشجر.

_________________________________________________

ومعنى مع عدم اللبس بترك التثنية ، فإن أدى إلى اللبس لم يجز إلّا التثنية عند الكوفيين وهو الحقّ كما يجيء ، تقول : قلعت عينيهما إذاً قلعت من كل واحد عينا ، وإمّا قوله تعالى : «فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما »(١) فإنه أراد إيمانهما بالخبر والإجماع ، وفي قراءة ابن مسعود فاقطعوا إيمانهما وإنما اختير الجمع على الأفراد لمناسبة التثنية في أنه ضم مفردّ إلى شيء آخر ولذلك قال بعض الأصوليين : أن المثنّى جمع ، انتهى.

فإن قيل : الالتباس هنا حاصل؟ قلنا : لا التباس لأن العرف شاهد بأن التصافح بيد واحدة فظهر خطأ بعض الأفاضل حيث قال هنا : يدلّ الخبر على استحباب التصافح باليدين ، مع أن الأنسب حينئذ يديه ، ثمَّ إن المرّاد باليد هنا الرحمة كما هو الشائع ، أو هو استعارة تمثيلية.

الحديث الثالث : مجهول.

والشيخ في الرجال عد سميدع الهلالي من أصحاب الصادقعليه‌السلام ، وقال في المغرب : السميدع بفتح أوله والميم وسكون الياء وفتح الدال هو ابن راهب بن سوار بن الزهدم الجرمي البصري ثقة في التاسعة ، وفي القاموس بفتح السين والميم وبعدها ياء مثناة تحتية ولا يضم فإنه خطأ : السيد الشريف السخي واسم رجل ، انتهى.

وإقبال الوجه كناية عن غاية اللطف والرحمة.

قولهعليه‌السلام : فإذا أقبل الله عز وجلَّ عليهما ، أي إذاً كانا متساويين في شدة

__________________

(١) سورة المائدة : ٣٨.

٦٨

٤ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن المؤمنين إذاً التقيا فتصافحا أقبل الله عز وجلَّ عليهما بوجهه وتساقطت عنهما الذنوب كما يتساقط الورق من الشجر.

٥ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمّال ، عن أبي عبيدة الحذاء قال زاملتُ أبا جعفرعليه‌السلام في شقّ محمل من المدينة إلى مكة فنزل في بعض الطريق فلـمّا قضى حاجته وعاد قال هات يدك يا أبا عبيدة فناولته يدي فغمزها حتّى وجدت الأذى في أصابعي ثمَّ قال يا أبا عبيدة ما من مسلم لقي أخاه المسلم فصافحه وشبّك أصابعه في أصابعه إلّا تناثرت عنهما ذنوبهما كما يتناثر الورق من الشجر في اليوم الشاتي.

٦ - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن يحيى الحلبيّ ، عن

_________________________________________________

الحبّ أو عبّر عن الإقبال بالوجه إلى الأشدّ كذلك إشعاراً بأنّ الإقبال يكون لهما معاً ، لكن يكون للأشدّ حبّاً أكثر كما يدلّ عليه الخبر الآتي.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور بسهل ولا يضرّ عندي ضعفه.

وكأنّ المراد بالتشبيك هنا أخذ أصابعه بأصابعه فإنهما تشبهان الشبكة لا إدخال الأصابع في الأصابع كما زعم ، واليوم الشاتي الشديد البردّ ، أو هو كناية عن يوم الريح للزومه لها غالباً ، وعلى التقديرين الوصف لأن تناثر الورق في مثله أكثر ، قال في المصباح : شتا اليوم فهو شات من باب قتل إذاً اشتد برده ، ويدلّ الخبر على استحباب الغمز في المصافحة ، ولكن ينبغي أن يقيد بما إذاً لم يصل إلى حد اشتمل على الإيذاء.

الحديث السادس : حسن.

لأنّ هذا الخبر يدلّ على مدحه وإن كان راويه نفسه ، لأنّه يدلّ على أنّه

٦٩

مالك الجُهني قال :قال أبو جعفرعليه‌السلام يا مالك أنتم شيعتنا إلّا ترى أنك تفرط في أمرّنا إنه لا يقدر على صفة الله فكما لا يقدر على صفة الله كذلك لا يقدر على صفتنا وكما لا يقدر على صفتنا كذلك لا يقدر على صفة المؤمن إن المؤمن ليلقى المؤمن فيصافحه فلا يزال الله ينظر إليهما والذنوب تتحات عن وجوههما كما يتحات الورق من الشجر حتّى يفترقا فكيف يقدر على صفة من هو كذلك.

_________________________________________________

كان مظهراً للتشيّع مذعناً به ، والجهني بضمّ الجيم وفتح الهاء.

« لا ترى » وفي بعض النسخ إلّا ترى على الاستفهام « أنك تفرط » على بناء الأفعال أو التفعيل ، فعلى الأوّلى من النسختين والوجهين ظاهره أنه نهى في صورة النفي أي لا تظن أنك تفرط وتغلو في أمرّنا بما اعتقدت من كمالنا وفضلنا ، فإنك كلـمّا بالغت في وصفنا وتعظيمنّا ومدحنا فأنت بعد مقصرا ولا تظن أن إفراطك في أمرّنا أخرجك من التشيّع بل هو دليل على تشيعك ثمَّ لـمّا كان لقائل أن يقول : أن الإفراط في الأمرّ مذموم فكيف تمدحه به؟ فأزال ذلك بكلام مستأنف حاصله أنّهم كلـمّا وصفوا به من الكمال فهو دون مرّتبتهم ، لأنّهم ممّن لا يقدر قدرهم كما أن الله سبحانه لن يقدر قدره بل لا يمكنكم معرفة قدر المؤمن من شيعتنا فكيف تقدرون على معرفة قدرنا ، وعلى الاستفهام أيضاً يرجع إلى ذلك ، فإن المعنى ألست تزعم أنك تبالغ في أمرّنا لا تزعم ذلك فإنه لا يقدر. إلى آخر ما مرّ.

وعلى الوجهين محمول على ما إذاً لم يبلغ حدّ الغلوّ والارتفاع ، وإذاً كان تفرط على بناء التفعيل فالمعنى لا تظن أنك تقصر في معرفتنا فإنّها فوق طاقتكم ، ولا تقدرون على ذلك وإنّما كلّفتم بقدر عقولكم ، و «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلّا وُسْعَها » ، فكما لم تكلّفوا كمال معرفة الله فكذا لم تكلّفوا كمال معرفتنا والاستفهام أيضاً يرجع إلى ذلك كما عرفت.

٧٠

٧ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عمرّ بن عبد العزيز ، عن محمّد بن فضيل ، عن أبي حمزة قال زاملت أبا جعفرعليه‌السلام فحططنا الرحل ثمَّ مشى قليلا ثمَّ جاء فأخذ بيدي فغمزها غمزة شديدة فقلت جعلت فداك أوما كنت معك في المحمل فقال إمّا علمت أن المؤمن إذاً جال جولة ثمَّ أخذ بيد أخيه نظر الله إليهما بوجهه فلم يزل مقبلا عليهما بوجهه ويقول للذنوب تحاتَّ عنهما فتتحاتٌّ يا أبا حمزة - كما يتحات الورق عن الشجر فيفترقان وما عليهما من ذنب.

٨ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن حد المصافحة فقال دور نخلة.

٩ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن عمرّو بن الأفرق ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ينبغي للمؤمنين إذاً توارى أحدهما

_________________________________________________

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

وفي المصباح : الرحل كلّ شيء يعدّ للرحيل من وعاء للمتاع ومرّكب للبعير ، وحلس ورسن وجمعه أرحل ورحل الشخص مأواه في الحضر ، ثمَّ الطلق على أمتعة المسافر لأنها هناك مأواه ، وقال : جال الفرس في الميدان تجول جولة وجولانا قطع جانبه ، وجالوا في الحرب جولة جال بعضهم على بعض ، وجال في البلاد طاف غير مستقر فيها ، انتهى.

وظاهره أنّه يكفي لاستحباب تجديد المصافحة المشي قليلا والافتراق وإن لم يغب أحدهما عن الآخر.

الحديث الثامن : حسن كالصحيح.

ويدلّ على أنّه يكفي لاستحباب تجديد المصافحة غيبة أحدهما عن صاحبه ، ولو بنخلة أو شجرة كما سيأتي ، ويمكن حمل الخبر السابق أيضاً على الغيبة أو يقال يكفي إمّا غيبة ما أو تباعد مّا.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور ومعتبر عندي وفي فهرست « جش »

٧١

عن صاحبه بشجرة ثمَّ التقيا أن يتصافحا.

١٠ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن بعض أصحابه ، عن محمّد بن المثنّى ، عن أبيه ، عن عثمان بن زيد ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذاً لقي أحدكم أخاه فليسلّم عليه وليصافحه فإن الله عز وجلَّ أكرم بذلك الملائكة فاصنعوا صنع الملائكة.

١١ - عنه ، عن محمّد بن عليُّ ، عن ابن بقاح ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرّو بن شمرّ ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذاً التقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح وإذاً تفرقتم فتفرقوا بالاستغفار.

١٢ - عنه ، عن موسى بن القاسم ، عن جدّه معاوية بن وهب أو غيره ، عن رزين ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان المسلمون إذاً غزوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومرّوا بمكان كثير الشجر ثمَّ خرجوا إلى الفضاء نظر بعضهم إلى بعض فتصافحوا.

١٣ - عنه ، عن أبيه عمن حدثه ، عن زيد بن الجهم الهلالي ، عن مالك بن أعين ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذاً صافح الرّجل صاحبه فالذي يلزم التصافح أعظم أجرا من الذي يدع إلّا وإن الذنوب لتتحات فيما بينهم حتّى لا يبقى ذنب.

_________________________________________________

عمر بدون الواو ووثّقه.

الحديث العاشر : مرسل.

« أكرم بذلك الملائكة» أي إذا لقي بعضهم بعضاً يسلّمون ويصافحون أو لقوا المؤمنون فعلوا ذلك ، والأوّل أظهر.

الحديث الحادي عشر : ضعيف « بالاستغفار » بأن يقول : غفر الله لك مثلاً.

الحديث الثاني عشر : مجهول « نظر بعضهم إلى بعض » أي بالمودة.

الحديث الثالث عشر : مرّسل.

ويدلّ على استحباب عدم جذب اليد حتّى يجذب صاحبه ولعلّه محمول على ما إذا لم يمتدّ كثيراً فيملّ.

٧٢

١٤ - عدَّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمّار قال دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فنظر إلي بوجه قاطب فقلت ما الذي غيرك لي قال الذي غيرك لإخوانك بلغني يا إسحاق أنك أقعدت ببابك بوابا يردّ عنك فقراء الشيعة فقلت جعلت فداك إني خفت الشهرة فقال أفلا خفت البلية أوما علمت أن المؤمنين إذاً التقيا فتصافحا أنزل الله عز وجلَّ الرحمة عليهما فكانت تسعة وتسعون لأشدّهما حبّاً لصاحبه فإذا توافقا غمرّتهما الرحمة فإذا قعدا يتحدثان قال الحفظة بعضها لبعض اعتزلوا بنا فلعلّ لهما سرا وقد ستر الله عليهما فقلت أليس الله عز وجلَّ يقول : «ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلّا لَدَيْهِ

_________________________________________________

الحديث الرابع عشر : ضعيف على المشهور.

في القاموس قطب يقطب قطبا وقطوبا فهو قاطب وقطوب : زوى ما بين عينيه وكلح كقطب ، قوله عليه‌السلام : فكانت تسعة وتسعين ، تسعة اسم كان ، وكان الأنسب تسعون كما في بعض نسخ الحديث ، وفي نسخ الكتاب وتسعين فالواو بمعنى مع ، وليس في بعض الروايات « فكانت » فيستقيم من غير تكلف.

وقال تعالى : «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ، إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ،ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ » قال الطبرسي (ره) : حبل الوريد هو عرق يتفرق في البدن ، أو عرق الحلق ، أو عرق متعلّق بالقلب والمتلقيان الملكان يأخذان منه عمله فيكتبانه كما يكتب المملي عليه ، والمرّاد بالقعيد الملازم الذي لا يبرح ، وقيل : عن اليمين كاتب الحسنات وعن الشمال كاتب السيئات وقيل : الحفظة أربعة ، ملكان بالنهار وملكان بالليل «ما يَلْفِظُ » أي ما يتكلم بكلام فيلفظه أي يرميه من فيه «إلّا لَدَيْهِ » حافظ حاضر معه والرقيب الحافظ والعتيد المعد للزوم الأمرّ ، يعني الملك الموكل به إمّا صاحب اليمين وإمّا صاحب الشمال ، يحفظ عمله لا يغيب عنه والهاء في لديه تعود إلى القول أو إلى

٧٣

_________________________________________________

القائل ، انتهى.

قوله : فإنّ عالم السرّ يعلم ، أي يكفي لصدق الآية اطلاع الربّ تعالى وهو الرقيب على عباده ، وقد قال سبحانه قبل ذلك : «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ».

وأقول : قد روي في ثواب الأعمّال هذه الرواية أبسط من ذلك فلا بأس بنقله.

روي بسند آخر عن إسحاق قال : كنت بالكوفة فيأتيني إخوان كثيرة وكرهت الشهرة فتخوفت أن أشتهر بديني فأمرّت غلامي كلـمّا جاءني رجل منهم يطلبني قال ليس هو هيهنا ، قال : فحججت تلك السنة فلقيت أبا عبد اللهعليه‌السلام فرأيت منه ثقلا وتغيراً فيما بيني وبينه ، قال : قلت جعلت فداك ما الذي غيرني عندك؟ قال : الذي غيرك للمؤمنين ، قلت : جعلت فداك إنّما تخوفت الشهرة وقد علم الله شدة حبي لهم ، فقال : يا إسحاق لا تمل زيارة إخوانك فإن المؤمن إذاً لقي أخاه المؤمن فقال له : مرحبّاً كتب له مرحبّاً إلى يوم القيامة ، فإذا صافحه أنزل الله فيما بين إبهامهما مائة رحمة تسعة وتسعون لأشدهم لصاحبه حبّاً ثمَّ أقبل الله عليهما بوجهه فكان على أشدّهما حبّاً لصاحبه أشدّ إقبالاً ، فإذا تعانقا غمرّتها الرحمة فإذا لبثا لا يريدان إلّا وجهه لا يريدان غرضا من غرض الدّنيا قيل لهما : غفر لكما فاستأنفا ، فإذا أقبلا على المساءلة قالت الملائكة بعضهم لبعض : تنحوا عنهما فإن لهما سرا وقد ستره الله عليهما.

قال إسحاق : قلت له : جعلت فداك لا يكتب علينا لفظنا وقد قال الله تعالى : «ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ »؟ قال : فتنفسّ ابن رسول الله الصعداء(١) قال : ثمَّ بكى حتّى خضبت دموعه لحيته ، وقال : يا إسحاق إنّ الله تعالى إنمّا نادى الملائكة أن يغيبوا عن المؤمنين إذاً التقيا إجلالاً لهما ، فإذا كانت الملائكة لا تكتب

__________________

(١) الصعداء : التنفس الطويل من همّ أو تعب.

٧٤

رَقِيبٌ عَتِيدٌ »(١) ؟ فقال : يا إسحاق إن كانت الحفظة لا تسمع فإنَّ عالم السرّ يسمع ويرى.

١٥ - عنه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أيمن بن محرز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما صافح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجلاً قطُّ فنزع يده حتّى يكون هو الذي ينزع يده منه.

١٦ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد ، عن ربعي ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : سمعته يقول : إن الله عز وجلَّ لا يوصف وكيف يوصف وقال في

_________________________________________________

كتابه : «وَما قَدَرُوا اللهَ حقّ قَدْرِهِ »(٢) فلا يوصف بقدر إلّا كان أعظم من ذلك ، وإن لفظهما ولا تعرف كلامهما فقد يعرفه الحافظ عليهما عالم السر وأخفى ، يا إسحاق فخف الله كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك ، فإن كنت ترى أنّه لا يراك فقد كفرت ، وإن كنت تعلم أنّه يراك ثمَّ استترت عن المخلوقين بالمعاصي وبرزت له بها فقد جعلته في حد أهون الناظرين إليك.

وأقول : إنّما أوردت هذا الخبر لأنه كالشرح لهذه الرواية وسائر روايات هذا الباب.

الحديث الخامس عشر : كالسابق.

ويدلّ على استحباب عدم نزع اليد قبل صاحبه كما مرّ.

الحديث السادس عشر : حسن كالصحيح.

«وَما قَدَرُوا اللهَ حقّ قَدْرِهِ » أي ما عظموا الله حقّ تعظيمه أو ما عرفوا الله حقّ معرفته ، وما وصفوا الله حقّ وصفه كما هو الظاهر من هذا الخبر « فلا يوصف بقدرة »(٣) كأنّه خص القدرة بالذكر لأنّها التي يمكن أن تعقل في الجملة من صفاته سبحانه ،

__________________

(١) سورة ق : ١٨. (٢) سورة الحجّ : ٧٤.

(٣) وفي المتن « بقدر » وهو أصحّ كما يأتي في كلام الشارح (ره) أيضاً.

٧٥

النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يوصف وكيف يوصف عبدٌ احتجب الله عزَّ وجلَّ بسبع وجعل طاعته في الأرض كطاعته [ في السماء ] فقال «وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا » ومن أطاع هذا فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني وفوَّض إليه وإنّا

_________________________________________________

أو هو على المثال ويمكن أن يقرأ بالفتح أي بقدر ، وقد مرّ هذا الجزء من الخبر في كتاب التوحيد ، وفيه بقدر وهو أصوب.

قولهعليه‌السلام : احتجب الله بسبع ، أقول : هذه العبارة تحتمل وجوها شتى نذكر بعضها « الأوّل » ما ذكره بعض العارفين : أنه قد وردّ في الحديث أن لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة ، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره ، وعلى هذا فيحتمل أن يكون معنى قولهعليه‌السلام : احتجب الله بسبع أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد ارتفع الحجب بينه وبين الله تعالى حتّى بقي من السبعين ألف سبع ، أقول : كأنه قرأ الجلالة بالرفع وقدر العائد أي احتجب الله عنه بسبع.

الثّاني : أن يقرأ بالرفع أيضاً ويكون تمهيدا لـمّا بعده أي احتجب الله عن الخلق بسبع سماوات وجعله خليفة في عباده ، وناط طاعته بطاعته وفوض إليه أمور خلقة بمنزلة ملك جعل بينه وبين رعيته سبعة حجب وأبواب لم يمكنهم الوصول إليه بوجه ، وبعث إليهم وزيرا ونصب عليهم حاكما وكتب إليهم كتابا ، تضمن وجوب طاعته وأن كل من له حاجة فليرجع إليه فإن قوله قولي وأمرّه أمرّي وحكمه حكمي ، فاحتجابه بالسبع كناية عن عدم ظهور وحيه وأمرّه ونهيه وتقديراته إلّا من فوق سبع سماوات وإنّما يظهر لنا جميع ذلك ببيانهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذا وجه وجيه خطر ببالي القاصر سالفاً ، وإن وافقني على بعضه بعض.

الثالث : أن يكون سياقه كما مرّ في الوجه السابق لكن يكون المعنى أنه حجب ذاته عن الخلق بسبع من الحجب النورانية وهي صفاته الكماليّة التي لا تصل الخلق إليها أو التنزيهية التي صارت أسبابا لاحتجابه عن عقول الخلق وأحلامهم ،

٧٦

لا نوصف وكيف يوصف قومٌ رفع الله عنهم الرّجس وهو الشك ُّوالمؤمن لا يوصف وإن المؤمن ليلقى أخاه فيصافحه فلا يزال الله ينظر إليهما والذنوب تتحات عن وجوههما كما يتحات الورق عن الشجر.

١٧ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليُّ بن النعمان ، عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبيدة قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إذاً التقى المؤمنان فتصافحا أقبل الله بوجهه عليهما وتتحات الذنوب عن وجوههما حتّى يفترقا.

_________________________________________________

وجعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معرفا لذاته وصفاته وأوامرّه ونواهيه لجميع الخلق ، وهذا أيضاً ممّا سنح لي.

الرابع : أن يقرأ الجلالة بالنصب أي احتجب مع الله عن الخلق فوق سبع سماوات أو سبعة حجب بعد السماوات فكلمه الله وناجاه هناك ، وفيه بعد لفظاً ، وقال بعضهم : لعلّ المرّاد أنهّ لا يمكن أن يوصف عبد اتخذه الله عز وجلَّ حجابا بسبع سماوات وسبع أرضين وجهه إليه يستفيض منه ووجهه إلى الممكنات يفيض عليها ، أو اتّخذه حجاباً بسبع صفات الذات لكونه مظهرها وانكشافها له ، وهي حجب نورانية لو انكشف وصف منها لأضاء أنوار الهداية كل ملتبس فصارصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بانكشافها له حجابا نورانياً مثلها ، أو أزال عنه الحجاب بسبع سماوات وسبع أرضين على أن تكون الهمزة للسلب ، فقد ترفع قدره من المجردات الملكوتية والملائكة اللاهوتية ، وتنزه قلبه من العوائق البشريّة والعلائق الناسوتية ، ويمكن أن يكون إشارة إلى ما وصل إليه من حجب المعراج ، انتهى.

ولا يخفى ما في الجميع من الخبط والتشويش لا سيما في همزة السلب ، وقد مرّ معنى التفويض في بابه.

قولهعليه‌السلام : وهو الشك أي لا يعتريهم شك في شيء ممّا يسألون أو يقولون بل يعلمون جميع ذلك بعين اليقين ، وهذه درجة رفيعة تقصر العقول عن إدراكها.

الحديث السابع عشر : صحيح وقد مرّ.

٧٧

١٨ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تصافحوا فإنها تذهب بالسخيمة.

١٩ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن ابن القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لقي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حذيفة فمد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يده فكفّ حذيفة يده فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يا حذيفة بسطت يدي إليك فكففت يدك عني فقال حذيفة يا رسول الله بيدك الرغبة ولكني كنت جنبا فلم أحبُّ أن تمس يدي يدك وأنا جنب فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إمّا تعلم أن المسلمين إذاً التقيا فتصافحا تحاتتُّ ذنوبهما كما يتحات ورق الشجر.

٢٠ - الحسين بن محمّد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمّد ، عن إسحاق بن عمّار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن الله عز وجلَّ لا يقدر أحد قدره وكذلك لا يقدر

_________________________________________________

الحديث الثامن عشر : ضعيف على الأشهر.

والسخيمة الضغينة والحقد والموجدة في النفس.

الحديث التاسع عشر : كالسابق.

« بيدك الرغبة » كأنّ الباء بمعنى في أي يرغب جميع الخلق في مصافحة يدك الكريمة ، وقيل : الباء للسببيّة والرغبة بمعنى المرّغوب ، أي يحصل بسبب يدك مرّغوب الخلائق وهو الجنّة وهو تكلف بعيد.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إمّا تعلم؟ ظاهره أن الجنابة لا تمنع مصافحة المعصومينعليهم‌السلام ، ويمكن أن يكون عذره مقبولاً لكن لـمّا علمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه عدم اهتمامه في أمرّ المصافحة حثه عليها بذلك ، ويؤيده ما روي أن أبا بصير دخل جنباً على الصادقعليه‌السلام فقال : هكذا تدخل بيوت الأنبياء؟.

الحديث العشرون : موثق.

« لا يقدر » على بناء الفاعل كيضرب وقدره منصوب ومفعول مطلق للنوع ، أي

٧٨

قدر نبيّه وكذلك لا يقدر قدر المؤمن إنه ليلقى أخاه فيصافحه فينظر الله إليهما والذُّنوب تتحاتُّ عن وجوههما حتّى يفترقا كما تتحاتُّ الريح الشديدة الورق عن الشجر.

٢١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن رفاعة قال سمعته يقول مصافحة المؤمن أفضل من مصافحة الملائكة.

(باب المعانقة)

١ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن عبد الله بن محمّد الجعفي ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليه‌السلام قالا

_________________________________________________

حقّ قدره كما مرّ في قوله تعالى : «ما قَدَرُوا اللهَ حقّ قَدْرِهِ »(١) .

قولهعليه‌السلام : كما تتحاتُّ ، الظاهر كما تحت كما في ثواب الأعمّال ، فإن التحات لازم إلّا أن يتكلف بنصب الريح على الظرفية الزمانية بتقدير مضاف أي يوم الريح ورفع الورق بالفاعلية ، في القاموس : حته فركه وقشره فانحت وتحات والورق سقطت كانحتت وتحاتت والشيء حطه.

الحديث الحادي والعشرون : صحيح.

« مصافحة المؤمن » كان المعنى مصافحة المؤمنين أفضل من مصافحة الملكين ، أو مصافحة المؤمن مع المؤمن أفضل من مصافحته مع الملائكة لو تيسرت له ، ويومئ إلى أن المؤمن الكامل أفضل من الملك.

باب المعانقة

الحديث الأوّل : ضعيف.

قوله : يزوره ، حال مقدّرة ، وعارفاً حال محقّقة عن فاعل خرج وكانّ المرّاد

__________________

(١) سورة الحج : ٧٤.

٧٩

أيّما مؤمن خرج إلى أخيه يزوره عارفاً بحقّه كتب الله له بكلّ خطوة حسنة ومحيت عنه سيئة ورفعت له درجة وإذاً طرق الباب فتحت له أبواب السماء فإذا التقيا وتصافحا وتعانقا أقبل الله عليهما بوجهه ثمَّ باهى بهما الملائكة فيقول.

_________________________________________________

بعرفان حقّه أن يعلم فضله وأن له حقّ الزيارة والرعاية والإكرام ، فيرجع إلى أنه زاره لذلك ، وأن الله تعالى جعل له حقّاً عليه لا للأغراض الدنيويّة ، والظاهر أن محو السيئة ليس من جهة الحبط بل هو تفضل زائد على الحسنة ، وقال الجوهري : عانقه إذاً جعل يديه على عنقه وضمه إلى نفسه ، وتعانقا واعتنقا فهو عنيقه ، انتهى.

وكأنه لا خلاف بيننا في استحباب المعانقة إذاً لم يكن فيها غرض باطل أو داعي شهوة أو مظنّة هيجان ذلك ، كالمعانقة مع الأمردّ وكذا التقبيل ، واستحب المعانقة جماعة من العامّة أيضاً وأبو حنيفة كرهها ، ومالك رآها بدعة وأنكر سفيان قول مالك واحتج عليه بمعانقتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعفرا حين قدم من الحبشة ، فقال مالك : هو خاص بجعفر ، فقال سفيان : ما يخص جعفراً يعمنّا فسكت مالك.

قال الآبي : سكوته يدلّ على ظهور حجة سفيان حتّى يقوم دليل على التخصيص ، قال القرطبي : هذا الخلاف إنمّا هو في معانقة الكبير وإمّا معانقة الصغير فلا أعلم خلافا في جوازها ، ويدلّ على ذلك أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عانق الحسنرضي‌الله‌عنه ، انتهى.

وأقول : روى الشهيدقدس‌سره في الأربعين بإسناده عن ابن بسطام قال : كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فأتى رجل فقال : جعلت فداك إني رجل من أهل الجبل وربمّا لقيت رجلاً من إخواني فالتزمته فيعيب على بعض النّاس ويقولون : هذه من فعل الأعاجم وأهل الشرك؟ فقالعليه‌السلام : ولم ذاك فقد التزم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعفرا

٨٠