مرآة العقول الجزء ٩

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 439

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 439
المشاهدات: 21928
تحميل: 8820


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 439 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 21928 / تحميل: 8820
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 9

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

انظروا إلى عبديَّ تزاورا وتحابا فيَّ ، حقّ عليُّ إلّا أعذّبهما بالنّار بعد هذا الموقف فإذا انصرف شيعه الملائكة عدد نفسه وخطاه وكلامه يحفظونه من بلاء الدنيا وبوائق الآخرة إلى مثل تلك الليلة من قابل فإن مات فيما بينهما أعفي من الحساب وإن كان المزور يعرف من حقّ الزائر ما عرفه الزائر من حقّ المزور كان له مثل أجره.

٢ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن المؤمنين إذاً اعتنقا غمرّتهما الرحمة فإذا التزماً لا يريدان بذلك إلّا وجه الله ولا يريدان غرضا من أغراض الدنيا قيل لهما مغفورا

_________________________________________________

وقبّل بين عينيه ، وفتح أبواب السماء إمّا كناية عن نزول الرحمة عليه أو استجابة دعائه ، وإقباله تعالى عليهما بوجهه كناية عن غاية رضاه عنهما أو توجيه رحمته البالغة إليهما.

« إلى عبدي » على التثنية « بعدد نفسه »(١) بالتّحريك ، و « خطاه » بالضمّ « وكلامه » أي جملة وكلماته أو حروفه ، قال الجوهري : الخطوة بالضمّ ما بين القدمين وجمع القلة خطوات وخطوات والكثير خطا ، والخطوة بالفتح المرّة الواحدة ، والجمع خطوات بالتّحريك وخطاء مثل ركوة وركاء ، انتهى.

والمرّاد بعدد جميع ذلك ذهابا وإيابا أو إيابا فقط ، والأوّل أظهر وكان ذكر الليلة لأن العرب تضبط التواريخ بالليالي ، أو إيماء إلى أن الزيارة الكاملة هي أن يتم عنده إلى الليل ، وقيل : لأنهم كانوا للتقية يتزاورون بالليل.

الحديث الثاني : حسن موثق.

والالتزام في اللغة الاعتناق والمرّاد هنا إمّا إدامة الاعتناق طويلا ، أو المرّاد بالاعتناق جعل كل منهما يديه في عنق الآخر ، وبالالتزام ضمه إلى نفسه والالتصاق به ، كما يسمى المستجار بالملتزم لذلك ، قوله : مغفوراً لكما ، منصوب بمحذوف أي

__________________

(١) وفي المتن : « عدد نفسه » بدون الباء.

٨١

لكما فاستأنفا فإذا أقبلا على المساءلة قالت الملائكة بعضها لبعض تنحوا عنهما فإن لهما سرا وقد ستر الله عليهما قال إسحاق فقلت جعلت فداك فلا يكتب عليهما لفظهما وقد قال الله عز وجلَّ : «ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ »(١) قال فتنفس أبو عبد اللهعليه‌السلام الصعداء ثمَّ بكى حتّى أخضلت دموعه لحيته وقال يا إسحاق إن الله تبارك وتعالى إنما أمرّ الملائكة أن تعتزل عن المؤمنين إذاً التقيا إجلإلّا لهما

_________________________________________________

أي ارجعا ، أو كونا ، وقيل : هو مفعول به لفعل محذوف بتقدير أعرفا مغفورا ، ونائب الفاعل ضمير مستتر في المغفور ، ولكما ظرف لغو متعلّق بالمغفور ، والفاء في قوله : فاستأنفا للتعقيب أو للتفريع على أعرفا ومفعوله محذوف ، أي استأنفاً العمل ويمكن أن يقدر حرف النداء قبل مغفوراً ، أو يكون حإلّا عن فاعل فاستأنفا ، ويكون الضمير في لكما نائبا للفاعل كما هو مذهب البصريين ، أو النائب للفاعل الضمير المستتر في المغفور ، الراجع إلى مصدر المغفور كما هو مذهب ابن درستويه وأتباعه ، أو لكما ظرف مستقر نائب للفاعل كما هو مختار الكوفيين ، والفاء للتفريع على مضمون جملة فإذا التزما « إلخ ».

وقال : السر هو التصورات الباطلة التي يلقيها الشيطان في قلب المؤمن وهو يتأذى بذلك ولا يضرّ بآخرته لأنها محض التصور فيشكو ما يلقى من ذلك إلى أخيه ، انتهى.

والصّعداء منصوب على أنّه مفعول مطلق للنوع ، قال الجوهري : الصعداء بالمد تنفس ممدود. وقال : اخضلت الشيء فهو مخضلّ إذاً بللته ، وقوله : وإن كانت ، يحتمل الوصلية والشرطيّة « عالم السر وأخفى » إشارة إلى قوله تعالى : «وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى »(٢) والمشهور بين المفسّرين أنّ السّر ما حدث به غيره خافضاً به صوته ، وأخفى ما يحدث به نفسه ولا يلفظ به ، وقيل : السّر ما

__________________

(١) سورة ق : ١٨. (٢) سورة طه : ٧.

٨٢

وإنّه وإن كانت الملائكة لا تكتب لفظهما ولا تعرف كلامهما فإنّه يعرفه ويحفظه عليهما عالم السرّ وأخفى.

(باب التقبيل)

١ - أبو عليّ الأشعري ، عن الحسن بن عليّ الكوفي ، عن عبيس بن هشام ، عن الحسين بن أحمد المنقري ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إنَّ لكم

_________________________________________________

يضمره الإنسان فلم يظهره ، وأخفى من ذلك ما وسوس إليه ولم يضمرّه ، وقيل : السر ما تفكرت فيه ، وأخفى ما لم يخطر ببالك وعلم الله أن نفسك تحدث به بعد زمان.

وأقول : يحتمل أن يكون المرّاد بالسر ما خطر بباله ولم يظهره وأخفى ما علم أنه كان من نفسه ولم يعلم هو به كالرياء الخفي الذي صار باعثاً لعمله وهو يظن أن عمله خالص لله وكالصفات الذميمة التي يرى الإنسان أنّه طهر نفسه منها ، ويظهر بعد مجاهدة النفس أنّها مملوءة منها ، وكل ذلك ظاهر لمن تتبع عيوب نفسه ، والله الموفق.

باب التقبيل

الحديث الأول : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : تعرفون ، على بناء المجهول كأنّه إشارة إلى قوله تعالى : «سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ »(١) ولا يلزم أن يكون المعرفة عامّة بل تعرفهم بذلك الملائكة والأئمّة صلوات الله عليهم ، كما وردّ في قوله تعالى : «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ »(٢) أنّ المتوسمّين هم الأئمّةعليهم‌السلام ، ويمكن أن يعرفهم بذلك بعض الكمل من المؤمنين أيضاً وإن لم يروا النور ظاهراً ، وتفرّس أمثال هذه الأمور قد يحصل

__________________

(١) سورة الفتح : ٢٩. (٢) سورة الحجر : ٧٥.

٨٣

لنوراً تعرفون به في الدُّنيا حتّى إن أحدكم إذاً لقي أخاه قبله في موضع النور من جبهته

٢ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن رفاعة بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يقبّل رأس أحد ولا يده إلّا [ يد ] رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو

_________________________________________________

لكثير من النّاس بمجردّ رؤية سيماهم بل لبعض الحيوانات أيضاً كما أن الشاة إذاً رأت الذئب تستنبط من سيماها العداوة وإن لم ترها أبداً ، ومثل ذلك كثير.

وقوله : حتّى إن أحدكم ، يحتمل وجهين : الأوّل : أن الله عز وجلَّ إنّما جعل موضع القبلة المكان الخاص من الجبهة لأنه موضع النور ، والثّاني : أن المؤمن إنما يختار هذا الموضع لكونه موضع النور واقعا وإن لم ير النور ولم يعرفه ، ويدلّ على أن موضع التقبيل في الجبهة.

الحديث الثّاني : حسن كالصحيح.

قولهعليه‌السلام أو من أريد به رسول الله من الأئمّةعليهم‌السلام إجماعا وغيرهم من السادات والعلماء على الخلاف ، وإن لم أر في كلام أصحابنا تصريحا بالحرمة قال بعض المحققين : لعلّ المرّاد بمن أريد به رسول الله الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام كما يستفاد من الحديث الآتي.

ويحتمل شمول الحكم العلماء بالله وبأمرّ الله معاً العاملين بعلمهم ، والهادين للنّاس ممّن وافق قوله فعله ، لأن العلماء الحقّ ورثة الأنبياء فلا يبعد دخولهم فيمن يراد به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال الشهيد قدس الله روحه في قواعده : يجوز تعظيم المؤمن بما جرت به عادة الزمان وإن لم يكن منقولاً عن السلف لدلالة العمومات عليه ، قال تعالى : «ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ »(١) وقال

__________________

(١) سورة الحج : ٣٢.

٨٤

من أريد به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

_________________________________________________

تعالى : «ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ »(١) ولقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا ، فعلى هذا يجوز القيام والتعظيم بانحناء وشبهه ، وربمّا وجب إذاً أدى تركه إلى التباغض والتقاطع أو إهانة المؤمن وقد صح أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام إلى فاطمةعليها‌السلام وإلى جعفررضي‌الله‌عنه لـمّا قدم من الحبشة وقال للأنصار : قوموا إلى سيدكم ونقل أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام لعكرمة بن أبي جهل لـمّا قدم من اليمن فرحا بقدومه.

فإن قلت : قد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحبُّ أن يتمثل له النّاس أو الرجال قيإمّا فليتبوأ مقعده من النار؟ ونقل أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يكره أن يقام له فكان إذاً قدم لا يقومون لعلمهم كراهته ذلك ، فإذا فارقهم قاموا حتّى يدخل منزله لـمّا يلزمهم من تعظيمه؟

قلت : تمثل الرجال قيإمّا هو ما تصنعه الجبابرة من إلزامهم النّاس بالقيام في حال قعودهم إلى أن ينقضي مجلسهم لا هذا القيام المخصوص القصير زمانه ، سلمنّا لكن يحمل على من أراد ذلك تجبرّاً وعلوا على النّاس ، فيؤاخذ من لا يقوم له بالعقوبة ، إمّا من يريده لدفع الإهانة عنه والنقيصة له فلا حرج عليه ، لأن دفع الضرر عن النفس واجب ، وإمّا كراهتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتواضع لله عز وجلَّ وتخفيف على أصحابه ، وكذا ينبغي للمؤمن أن لا يحب ذلك وأن يؤاخذ نفسه بمحبة تركه إذاً مالت إليه ، ولأن الصحابة كانوا يقومون كما في الحديث ويبعد عدم علمهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهم مع أن فعلهم يدلّ على تسويغ ذلك ، وإمّا المصافحة فثابتة من السنة وكذا تقبيل موضع السجود وتقبيل اليد ، فقد وردّ أيضاً في الخبر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذاً تلاقى الرجلان فتصافحا تحاتت ذنوبهما وكان أقربهما إلى الله سبحانه أكثرهما بشرا لصاحبه ، وفي

__________________

(١) سورة الحج : ٣٠.

٨٥

٣ - عليٌّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن زيد النرسي ، عن عليُّ بن مزيد صاحب السابري قال دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فتناولت يده فقبلتها فقال إمّا إنّها لا تصلح إلّا لنبيّ أو وصيّ نبيّ.

٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحجّال ، عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ناولني يدك أقبّلها فأعطانيها فقلت جعلت فداك رأسك ففعل فقبلته فقلت جعلت فداك رجلاك فقال أقسمت أقسمت

_________________________________________________

الكافي للكليني (ره) في هذه المقامات أخبار كثيرة ، وأمّا المعانقة فجائزة أيضاً لـمّا ثبت من معانقة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعفراً واختصاصه به غير معلوم ، وفي الحديث أنّه قبل بين عيني جعفرعليه‌السلام مع المعانقة ، وأمّا تقبيل المحارم على الوجه فجائز ما لم يكن لريبة أو تلذذ.

الحديث الثالث : مجهول.

ويدلّ على المنع من تقبيل يد غير المعصومينعليهم‌السلام لكن الخبر مع جهالته ليس بصريح في حرمته بل ظاهره الكراهة.

الحديث الرابع : موثق كالصحيح.

« أقسمت » أقول : يحتمل وجوهاً : « الأوّل » أن يكون على صيغة المتكلم ويكون إخبارا أي حلفت أن لا أعطي رجلي أحداً يقبلها إمّا لعدم جوازه أو عدم رجحانه أو للتقية ، وقوله : بقي شيء ، استفهام على الإنكار أي هل بقي احتمال الرخصة والتجويز بعد القسم؟

الثّاني : أن يكون إنشاء للقسم ومناشدة ، أي أقسم عليك أن تترك ذلك للوجوه المذكورة وهل بقي بعد مناشدتي إيّاك من طلبك التقبيل شيء؟ أو لم يبق بعد تقبيل اليد والرأس شيء تطلبه؟

الثالث : ما كان يقوله بعض الأفاضل : وهو أن يكون المعنى أقسمت قسمة

٨٦

أقسمت - ثلاثاً - وبقي شيء وبقي شيء وبقي شيء !.

٥ - محمّد بن يحيى ، عن العمركيّ بن عليُّ ، عن عليُّ بن جعفر ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال من قبّل للرحَّم ذا قرابة فليس عليه شيء وقبلة الأخ على الخدّ وقبلة الإمام بين عينيه.

_________________________________________________

بيني وبين خلفاء الجور فاخترت اليد والرأس وجعلت الرّجل لهم ، بقي شيء؟ أي ينبغي أن يبقى لهم شيء لعدم التضرر منهم.

الرابع : ما قال بعضهم أيضاً أنه أقسمت بصيغة الخطّاب على الاستفهام للإنكار أي أقسمت أن تفعل ذلك فتبالغ فيه؟ وبقي شيء؟ على الوجه السابق.

الخامس : ما ذكره بعض أفاضل الشارحين وهو أن أقسمت على صيغة الخطّاب و« ثلاثاً » كلام الإمامعليه‌السلام ، أي أقسمت قسما لتقبيل اليد وآخر لتقبيل الرأس ، وآخر لتقبيل الرجلين ، وفعلت اثنين وبقي الثالث وهو تقبيل الرجلين فافعل فإنه يجب عليك.

السادس : ما قيل أن أقسمت بصيغة الخطّاب من القسم بالكسر وهو الحظ والنصيب ، أي أخذت حظك ونصيبك وليبق شيء ممّا يجوز أن يقبل للتقية.

وأقول : لا يخفى ما في الوجوه الأخيرة من البعد والركاكة ، ثمَّ إنه يحتمل على بعض الوجوه المتقدمة أن يكون المرّاد بقوله بقي شيء؟ التعريض بيونس وأمثاله ، أي بقي شيء آخر سوى هذه التواضعات الرسميّة والتعظيمات الظاهرية وهو السعي في تصحيح العقائد القلبيّة ومتابعتنا في جميع أعمالنا وأقوالنا ، وهي أهم من هذا الذي تهتم به لأنّهعليه‌السلام كان يعلم أنّه سيضلّ ويصير فطحيّاً ، وإمّا قوله : رأسك فيحتمل الرفع والنصب والأخير أظهر ، أي ناولني رأسك ، وقوله : فرجلاك مبتدأ وخبره محذوف أي أريد أقبلهما أو ما حالهما أي يجوز لي تقبيلهما؟

الحديث الخامس : صحيح.

« من قبل للرحم » أي لا للشهوة والأغراض الباطلة ، وقبلة الأخ أي النسبي أو

٨٧

٦ - وعنه ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الصّباح مولى آل سام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس القبلة على الفم إلّا للزوجة [ أ ] و الولد الصغير.

(باب تذاكر الاخوان)

١ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب ، عن عليُّ بن أبي حمزة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول شيعتنا الرَّحماء بينهم الذين إذاً خلوا ذكروا الله [ إنَّ ذكرنا من ذكر الله ] إنّا إذاً ذكرنا ذكر الله وإذاً ذكر عدوُّنا ذكر الشيطان.

_________________________________________________

الإيماني ، وقبلة الإمام ، الظاهر أنّه إضافة إلى المفعول ، وقيل : إلى الفاعل أي قبلة الإمام ذا قرابته بين العينين وكأنه ذهب إلى ذلك لفعل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك بجعفررضي‌الله‌عنه ، ولا يخفى ما فيه.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

وكأنّ المراد بالزوجة ما يعمّ ملك اليمين.

باب تذاكر الإخوان

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

« شيعتنا الرحماء » الرحماء جمع رحيم أي يرحم بعضهم بعضاً « الذين » خبر بعد خبر أو صفة للرحماء « إنا إذاً ذكرنا» أي ذكر الله المذكور يشمل ذكرنا لأن ذكر صفاتهم وكمالاتهم ونشر علومهم وأخبارهم شكر لأعظم نعم الله تعالى وعبادة له بأفضل العبادة ، أو باعتبار كمال الاتصال بينهم وبينه تعالى كان ذكرهم ذكر الله ، وإذاً ذكر عدوهم ذكر الشيطان لأنه من أعوانه فإن ذكرهم بخير فكأنما ذكر الشيطان بخير ، وإن لعنهم كان له ثواب لعن الشيطان.

٨٨

٢ - محمّدٌ بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن يزيد بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تزاوروا فإن في زيارتكم إحياء لقلوبكم وذكرا لأحاديثنا وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض فإن أخذتم بها رشدتم ونجوتم وإن تركتموها ضللتم وهلكتم فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم.

٣ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الوشاء ، عن منصور بن يونس ، عن عباد بن كثير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني مرّرت بقاصّ يقصُّ وهو يقول هذا المجلس [ الذي ] لا يشقى به جليس قال فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام هيهات هيهات أخطأت أستاههم الحفرة ، إنَّ لله ملائكة سياحين سوى الكرام الكاتبين

_________________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف.

« إحياء لقلوبكم » لأنه يوجب تذكر الإمامة وعلوم الأئمّة عليهم‌السلام وحياة القلب بالعلم والحكمة « وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض » لاشتمالها على حقوق المؤمنين بعضهم على بعض ، ولأن الاهتمام برواية أحاديثنا يوجب رجوع بعضكم إلى بعض « وأنا بنجاتكم زعيم » أي كفيل وضامن « إن أخذتم بها » قال في المصباح : زعمت بالمال زعما من باب قتل ومنع كفلت به فأنا زعيم به.

الحديث الثالث : ضعيف.

والقاص راوي القصص ، والمرّاد هنا القصص الكاذبة الموضوعة ، وظاهر أكثر الأصحاب تحريم استماعها كما يدلّ عليه قوله تعالى : «سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ »(١) ويمكن أن يكون المرّاد هنا وعاظ العامّة ومحدثوهم فإن رواياتهم أيضاً كذلك« لا يشقي به جليس » أي لا يصير شقيا محروماً عن الخير من جلس معهم ، قال الراغب : الشقاوة خلاف السعادة ، وقد شقي يشقي شقوة وكما أن السعادة في الأصل ضربان : أخروية ودنيوية ، ثمَّ الدنيويّة ثلاثة أضرب : نفسية وبدنية وخارجية ، كذلك الشقاوة

__________________

(١) سورة المائدة : ٤١.

٨٩

فإذا مرُّوا بقوم يذكرون محمّداً وآل محمّد قالوا قفوا فقد أصبتم حاجتكم فيجلسون فيتفقهون معهم فإذا قاموا عادوا مرّضاهم وشهدوا جنائزهم وتعاهدوا غائبهم فذلك المجلس الذي لا يشقى به جليس.

٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن المستورد النخعي عمن رواه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن من الملائكة الذين في السماء ليطلعون إلى الواحد والاثنين والثلاثة وهم يذكرون فضل آل محمّد قال فتقول إمّا ترون إلى هؤلاء في قلتهم وكثرة عدوّهم يصفون فضل آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله

_________________________________________________

على هذه الأضرب ، وقال بعضهم : قد يوضع الشقاء موضع التعب نحو شقيت في كذا ، وكل شقاوة تعب وليس كل تعب شقاوة« أخطأت أستاههم الحفرة » الخطأ ضد الصواب والأخطاء عند أبي عبيد الذهاب إلى خلاف الصواب مع قصد الصّواب ، وعند غيره : الذهاب إلى غير الصّواب مطلقاً عمدا وغير عمد ، والأستاه بفتح الهمزة والهاء أخيراً جمع الاست بالكسر ، وهي حلقة الدبر وأصل الاست ستة بالتّحريك وقد يسكن التاء ، حذفت الهاء وعوّضت عنها الهمزة ، والمرّاد بالحفرة الكنيف الذي يتغوط فيه وكان هذا كان مثلاً سائراً يضرب لمن استعمل كلإمّا في غير موضعه أو أخطأ خطأ فاحشاً ، وقد يقال : شبّهت أفواههم بالأستاه تفضيحاً لهم ، وتكرير هيهات أي بعد هذا القول عن الصّواب للمبالغة في البعد عن الحقّ ، والسياحة والسيح الذهاب في الأرض للعبادة « فيتّفقهون معهم » أي يطلبون العلم ويخوضون فيه ، وفي بعض النسخ فيتفقون أي يصدّقونهم أو يذكرون بينهم مثل ذلك « عادوا » أي الملائكة « مرّضاهم » أي مرّضى القوم.

الحديث الرابع : مرسل.

« إلى الواحد » بأن يذكر واحد ويستمع الباقون أو يذكر ويتفكّر في نفسه وكلمة « في » في قوله : في قلّتهم بمعنى مع « يصفون » أي يعتقدون أو يذكرون و

٩٠

قال : فتقول الطائفة الاُخرى من الملائكة «ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ».

٥ - عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن ابن مسكان ، عن ميسر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال لي أتخلون وتتحدثون وتقولون ما شئتم فقلت إي والله إنا لنخلو ونتحدَّث ونقول ما شئنا فقال إمّا والله لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن إمّا والله إنّي لأحبُّ ريحكم وأرواحكم ، وإنكم على دين الله ودين ملائكته فأعينوا بورع واجتهاد.

٦ - الحسين بن محمّد ومحمّد بن يحيى جميعاً ، عن عليُّ بن محمّد بن سعد ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحمد بن زكريّا ، عن محمّد بن خالد بن ميمون ، عن عبد الله بن

_________________________________________________

الأخير أنسب ، وذلك إشارة إلى الوصف.

الحديث الخامس : مجهول.

« ما شئتم » أي من فضائلنا أو ذمّ أعادينا ولعنهم ورواية أحاديثنا من غير تقية « لوددت » بكسر الدال الأوّلى وفتحها أي أحببت أو تمنيت وفيه غاية الترغيب فيه والتحريص عليه « لأحبُّ ريحكم » وسيأتي في الروضة رياحكم ، أي ريحكم الطيبة وأرواحكم جمع الروح بالضمّ أو بالفتح بمعنى النسيم ، وكان الأوّل كناية عن عقائدهم ونياتهم الحسنة كما سيأتي أن المؤمن إذاً قصد فعل طاعة يستشم الملك منه رائحة حسنة ، والثّاني عن أقوالهم الطيبة ، في القاموس : الرّوح بالضمّ ما به حياة الأنفس وبالفتح الراحة والرحمة ونسيم الريح ، والريح جمعه أرواح وأرياح ورياح والريح الغلبة والقوة والرحمة والنصرة والدولة والشيء الطيّب والرائحة « فأعينوا » أي فأعينوني على شفاعتكم وكفالتكم بورع عن المعاصي واجتهاد في الطاعات.

الحديث السادس : مجهول.

وقوله : فصاعداً منصوب بالحاليّة وعامله محذوف وجوباً أي أذهب في العدد

٩١

سنان ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما اجتمع ثلاثة من المؤمنين فصاعداً إلّا حضر من الملائكة مثلهم فإن دعوا بخير أمنوا وإن استعاذوا من شر دعوا الله ليصرفه عنهم وإن سألوا حاجة تشفّعوا إلى الله وسألوه قضاءها وما اجتمع ثلاثة من الجاحدين إلّا حضرهم عشرة أضعافهم من الشياطين فإن تكلّموا تكلّم الشيطان بنحو كلامهم وإذاً ضحكوا ضحكوا معهم وإذاً نالوا من أولياء الله نالوا معهم فمن ابتلي من المؤمنين بهم فإذا خاضوا في ذلك فليقم ولا يكن شرك شيطان

_________________________________________________

صاعداً « فإن دعوا بخير » أي ما يوجب السعادة الأخرويّة كتوفيق العبادة وطلب الجنّة أو الاستعاذة من النّار ونحوها أو الأعمّ منها ومن الأمور المباحة الدنيويّة كطول العمرّ وكثرة المال والأوّلاد وأمثال ذلك ، فيكون احترازا عن طلبه الأمور المحرمة ، وكذا الشر يشمل الشّرور الدنيويّة والأخرويّة ، فيكون سؤال الحاجة تعميماً بعد التخصيص ، وعلى الأوّل تكون الفقرتان الأوّليان للآخرة ، وهذه للدنيا والتشفع المبالغة في الشفاعة ، قال الجوهري : استشفعته إلى فلان أي سألته أن يشفع لي إليه ، وتشفعت إليه في فلان فشفعني فيه تشفيعاً.

والتأمين قول آمين ومعناه اللهم استجب لي ، وفي النهاية فيه : أن رجلا كان ينال من الصحابة يعني الوقيعة فيهم ، يقال : منه نال ينال نيلا إذاً أصاب ، وفي القاموس : نال من عرضه سبه « فمن ابتلي من المؤمنين بهم » أي بمجالستهم.

« فإذا خاضوا » قال الجوهري : خاض القوم في الحديث وتخاوضوا أي تفاوضوا فيه « في ذلك » أي في النيل من أولياء الله وسبهم وهو إشارة إلى قوله تعالى : «وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إذاً سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جميعاً »(١) وقال عليُّ بن إبراهيم في تفسيره : «آياتِ اللهِ » هم الأئمّةعليهم‌السلام ، وفي تفسير

__________________

(١) سورة النساء : ١٤٠.

٩٢

ولا جليسه ، فإنَّ غضب الله عزَّ وجلَّ لا يقوم له شيء ولعنته لا يردُّها شيء ، ثمَّ قال صلوات الله عليه : فإن لم يستطع فلينكر بقلبه وليقم ولو حلب شاة أو فواق ناقة.

_________________________________________________

العياشي عن الرضاعليه‌السلام في تفسيرها : إذاً سمعت الرّجل يجحد الحقّ ويكذّب به ويقع في أهله فقم من عنده ولا تقاعده وقوله تعالى : «إِنَّكُمْ إذاً مِثْلُهُمْ » قيل : أي في الكفر إن رضيتم به وإلّا ففي الإثمَّ لقدرتكم عليُّ الإنكار أو الإعراض ، وقال سبحانه أيضاً : «وَإذاً رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ »(١) .

« ولا يكن شرك شيطان » بالكسر أي شريكه إن شاركهم ، ولا جليسه إن لم يشاركهم ، وكان ساكنا ، ومن قرأ الشرك بالتّحريك بمعنى الحبالة أو فسر الشرك بالنصيب فقد صحف لفظاً أو معنى.

قوله : لا يقوم له شيء ، أي لا يدفعه أو لا يطيقه ولا يقدر على تحمله ، وقد دلت الرواية والآيتان على وجوب قيام المؤمن ومفارقته لأعداء الدّين عند ذمهم أولياء الله ، وعلى لحوق الغضب واللعنة به مع القعود معهم ، بل دلت الآية ظاهراً على أنه مثلهم في الفسق والنفاق والكفر ، ولا ريب فيه مع اعتقاد جواز ذلك أو رضاه به ، وإلّا فظاهر بعض الروايات أن العذاب بالهلاك إن نزل يحيط به ، ولكن ينجو في الآخرة بفضل الله تعالى ، وظاهر بعضها أن اللعنة إذاً نزلت تعمّ من في المجلس ، والأحوط عدم مجالسة الظلمة وأعداء الله من غير ضرورة.

ثمَّ بينعليه‌السلام حكمه إذاً لم يقدر على المفارقة بالكليّة للتقية أو غيرها بقوله : فإن لم يستطع فلينكر بقلبه.

قوله : ولو حلب شاة ، حلب مصدر منصوب بظرفية الزمان بتقدير زمان حلب ، وكذا الفواق وكأنه أقل من الحلب أي يقوم لإظهار حاجة وعذر ولو بأحد هذين

__________________

(١) سورة الأنعام : ٦٨.

٩٣

٧ - وبهذا الإسناد ، عن محمّد بن سليمان ، عن محمّد بن محفوظ ، عن أبي المغراء قال سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول ليس شيء أنكى لإبليس وجنوده من زيارة الإخوان في الله بعضهم لبعض قال وإن المؤمنين يلتقيان فيذكران الله ثمَّ يذكران فضلنا أهل البيت فلا يبقى على وجه إبليس مضغة لحم إلّا تخدد حتّى إن روحه لتستغيث من شدة ما يجد من الألم فتحسُّ ملائكة السماء وخزان الجنان فيلعنونه حتّى لا يبقى ملك مقرب إلّا لعنه فيقع خاسئاً حسيراً مدحوراً.

_________________________________________________

المقدارين من الزمان ، قال في النهاية : فيه أنه قسم الغنائم يوم بدر عن فواق أي في قدر فواق ناقة ، وهو ما بين الحلبتين من الراحة وتضم فاؤه وتفتح ، وذلك لأنّها تحلب ثمَّ تراح حتّى تدر ثمَّ تحلب ، وفي القاموس : الفواق كغراب ما بين الحلبتين من الوقت وتفتح ، أو ما بين فتح يديك وقبضها على الضرع.

الحديث السابع : كالسابق.

وفي القاموس : نكى العدوّ وفيه نكاية قتل وجرح وفي النهاية : يقال : نكيت في العدوّ أنكى نكاية فأنا ناك إذاً أكثرت فيهم الجراح والقتل فوهنوا لذلك ، وقد يهمز لغة فيه ، وفي القاموس : المضغة بالضمّ قطعة لحم وغيره ، وقال : خدد لحمه وتخدد هزل ونقص ، وخدّده السّير لازم متعدّ ، وقال : خسأ الكلب كمنع خسأ وخسوءاً طرده ، والكلب بعد كانخسأ وخسئ ، وقال : حسر كفرح عليه حسرة وحسراً تلهّف فهو حسير ، وكضرب وفرح أعيا كاستحسر فهو حسير ، وقال : الدّحر الطرد والإبعاد.

٩٤

(باب)

(إدخال السرور على المؤمنين)

١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعاً ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من سر مؤمنّا فقد سرَّني ومَن سرَّني فقد سر الله.

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن رجل من أهل الكوفة يكنى أبا محمّد ، عن عمرّو بن شمرّ ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال تبسّم الرّجل في وجه أخيه حسنة وصرف القذى عنه حسنة وما عبد الله بشيء

_________________________________________________

باب إدخال السّرور على المؤمنين

الحديث الأول : صحيح.

وسرور الله تعالى مجاز ، والمرّاد ما يترتّب على السّرور من اللطف والرحمة ، أو باعتبار أن الله سبحانه لـمّا خلط أولياءه بنفسه جعل سرورهم كسروره ، وسخطهم كسخطه ، وظلمهم كظلمه ، كما وردّ في الخبر ، وسرور المؤمن يتحقق بفعل أسبابه وموجباته كأداء دينه أو تكفل مؤنته أو ستر عورته أو دفع جوعته أو تنفيس كربته أو قضاء حاجته أو إجابة مسألته ، وقيل : السّرور من السر وهو الضم والجمع لـمّا تشتت ، والمؤمن إذاً مسته فاقة أو عرضت له حاجة فإذا سددت فاقته وقضيت حاجته ورفعت شدته فقد جمعت عليه ما تشتت من أمرّه ، وضممت ما تفرق من سره ففرح بعد همّه ، واستبشر بعد غمه ويسمى ذلك الفرح سروراً.

الحديث الثاني : ضعيف.

« حسنة » أي خصلة حسنة توجب الثواب « وصرف القذى عنه » القذى يحتمل

٩٥

أحبُّ إلى الله من إدخال السّرور على المؤمن.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إن فيما ناجى الله عز وجلَّ به عبده موسىعليه‌السلام قال إنّ لي عباداً أبيحهم جنتي وأحكمهم فيها قال يا رب ومن هؤلاء الذين تبيحهم جنتك وتحكمهم فيها قال من أدخل على مؤمن سروراً ثمَّ قال إنّ مؤمناً كان في مملكة جبّار فولع به فهرب منه إلى دار الشرك فنزل برجل من أهل الشرك فأظله وأرفقه وأضافه فلـمّا حضره الموت أوحى الله عز وجلَّ إليه وعزّتي وجلالي لو كان [ لك ] في

_________________________________________________

الحقيقة ، وأن يكون كناية عن دفع كلّ ما يقع عليه من الأذى ، قال في النهاية : فيه جماعة على أقذاء ، الأقذاء جمع قذى والقذى جمع قذاة وهو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أو طين أو وسخ أو غير ذلك ، أراد أنّ اجتماعهم يكون فساداً في قلوبهم فشبّهه بقذى العين والماء والشراب.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

« أبيحهم جنتّي » أي جعلت الجنّة مباحة لهم ولا يمنعهم من دخولها شيء ، أو يتبوءون منها حيث يشاءون كما أخبر الله منهم بقوله : «وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنّة حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ »(١) .

« وأحكمهم فيها » أي أجعلهم فيها حكإمّا يحكمون على الملائكة والحور والغلمان بما شاءوا أو يشفعون ويدخلون فيها من شاءوا ، في القاموس : حكمه في الأمرّ تحكيماً أمرّه أن يحكم وقال : ولع الرّجل ولعاً محرّكة وولوعاً بالفتح ، وأولعته وأولع به بالضمّ فهو مولع به بالفتح ، وكوضع ولعا وولعانا محرّكة استخف

__________________

(١) سورة الزمر : ٧٤.

٩٦

جنّتي مسكن لأسكنتك فيها ولكنّها محرّمة على من مات بي مشركاً ولكن يا نار هيديه ولا تؤذيه ويؤتى برزقه طرفي النهار قلت من الجنّة ؟ قال : من حيث شاء الله.

٤ - عنه ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن عليُّ ، عن عبد الله بن إبراهيم ، عن عليُّ بن أبي عليُّ ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن عليُّ بن الحسينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن أحبُّ الأعمّال إلى الله عز وجلَّ إدخال السّرور على المؤمنين.

٥ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أوحى الله عز وجلَّ إلى داودعليه‌السلام إن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنّتي فقال داود يا ربّ وما تلك الحسنة قال يدخل على عبدي المؤمن سروراً ولو بتمرّة قال داود يا رب حقّ لمن عرفك أن لا يقطع رجاءه منك.

_________________________________________________

وكذب ، وبحقّه ذهب والوالع الكذّاب ، وأولعه به أغراه به ، قولهعليه‌السلام : فأظله أي أسكنه منزلاً يظله من الشمس ، وفي القاموس : رفق فلاناً نفعه كأرفقه وفي المصباح : أضفته وضيفته إذاً أنزلته وقريته ، والاسم الضيافة.

« يا نار هيديه » أي خوفّيه وأزعجيه ولا تؤذيه ولا تحرقيه ، في القاموس : هاده الشيء يهيده هيداً وهاداً : أفزعه وكربه وحرّكه وأصلحه كهيده في الكل ، وأزاله وصرفه وأزعجه وزهره ، وكان في بعض روايات العامّة لا تهيديه قال في النهاية : ومنه الحديث : يا نار لا تهيديه أي لا تزعجيه.

الحديث الرابع : ضعيف.

الحديث الخامس : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : يدخل ، يحتمل أنّ يكون هذا على المثال ، ويكون المرّاد كل حسنة مقبولة ، كما وردّ : أن من قبل الله منه عملاً واحداً لم يعذّبه.

٩٧

٦ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن خلف بن حمّاد ، عن مفضّل بن عمر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يرى أحدكم إذاً أدخل على مؤمن سروراً أنه عليه أدخله فقط بل والله علينا بل والله على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٧ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعاً ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سمعته يقول إن أحبُّ الأعمّال إلى الله عز وجلَّ إدخال السّرور على المؤمن شبعة مسلم أو قضاء دينه.

٨ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن سدير الصيرفي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام في حديث طويل إذاً بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدم أمامه كلـمّا رأى المؤمن هولا من أهوال يوم القيامة قال له المثال لا تفزع ولا تحزن وأبشر بالسّرور والكرامة من الله عز وجلَّ حتّى يقف

_________________________________________________

الحديث السادس : ضعيف على المشهور ، معتبر عندي.

الحديث السابع : ضعيف.

« شبعة مسلم » بفتح الشين إمّا بالنصب بنزع الخافض أي بشبعة أو بالرفع بتقدير هو شبعة أو بالجرّ بدلاً أو عطف بيان للسرور والمرّاد بالمسلم هنا المؤمن ، وكان تبديل المؤمن به للإشعار بأنه يكفي ظاهر الإيمان لذلك ، وذكرهما على المثال.

الحديث الثامن : حسن.

«خرج معه مثال» قال الشيخ البهائيقدس‌سره : المثال الصورة ، و«يقدم» على وزن يكرم أي يقويه ويشجعه ، من الإقدام في الحرب وهو الشجاعة وعدم الخوف ، ويجوز أن يقرأ على وزن ينصر وماضيه قدم كنصر أي يتقدمه كما قال الله : «يَقْدُمُ

٩٨

بين يدي الله عز وجلَّ فيحاسبه حِساباً يَسِيراً ويأمرّ به إلى الجنّة والمثال أمامه فيقول له المؤمن يرحمك الله نعم الخارج خرجت معي من قبري وما زلت تبشرني

_________________________________________________

قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ »(١) ولفظ أمامه حينئذ تأكيد ، انتهى.

وفي القاموس : الهول المخافة من الأمرّ لا يدري ما هجم عليه منه والجمع أهوال وهوول ، وقال : أبشر فرح ، ومنه أبشر بخير وبشرت به كعلم وضرب سررت.

« بين يدي الله » أي بين يدي عرشه أو كناية عن وقوفه موقف الحساب « نعم الخارج » قال الشيخ البهائيقدس‌سره : المخصوص بالمدح محذوف لدلالة ما قبله عليه ، أي نعم الخارج أنت ، وجملة خرجت معي وما بعدها مفسرة لجملة المدح أو بدل منها ويحتمل الحاليّة بتقدير قد.

قوله : أنا السّرور الذي كنت أدخلته ، قال الشيخ المتقدم قدس الله روحه : فيه دلالة على تجسم الأعمّال في النشأة الأخرويّة ، وقد وردّ في بعض الأخبار تجسم الاعتقادات أيضاً فالأعمّال الصالحة والاعتقادات الصحيحة تظهر صوراً نورانية مستحسنة موجبة لصاحبها كمال السّرور والابتهاج والأعمّال(٢) والأعمّال السيئة والاعتقادات الباطلة تظهر صوراً ظلمانية مستقبحة توجب غاية الحزن والتألم كما قاله جماعة من المفسرين عند قوله تعالى : «يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بعيداً »(٣) ويرشد إليه قوله تعالى : «يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النّاس أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خيراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ »(٤) ومن جعل التقدير ليروا جزاء أعمالهم ولم يرجع ضمير

__________________

(١) سورة هود : ٩٨.

(٢) كذا في النسخ والظاهر زيادة « والأعمال » الأولى.

(٣) سورة آل عمران : ٣٠.

(٤) سورة الزلزلة : ٨ - ٧.

٩٩

بالسرور والكرامة من الله حتّى رأيت ذلك فيقول من أنت فيقول أنا السّرور الذي كنت أدخلت على أخيك المؤمن في الدنيا خلقني الله عز وجلَّ منه لأبشرك.

٩ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ، عن السيّاري ، عن محمّد بن جمهور قال كان النجاشي وهو رجل من الدهاقين عاملاً على الأهواز وفارس فقال بعض

_________________________________________________

يره إلى العمل فقد أبعد ، انتهى.

وأقول : يحتمل أن يكون الحمل في قوله : أنا السّرور على المجاز ، فإنه لـمّا خلق بسببه فكأنه عينه كما يرشد إليه وله : خلقني الله منه ، ومن للسببيّة أو للابتداء ، والحاصل أنه يمكن حمل الآيات والأخبار على أن الله تعالى يخلق بإزاء الأعمّال الحسنة صورا حسنة ، ليظهر حسنها للنّاس ، وبإزاء الأعمّال السيئة صوراً قبيحة ليظهر قبحها معاينة ولا حاجة إلى القول بأمرّ مخالف لطور العقل لا يستقيم إلّا بتأويل في المعاد ، وجعله في الأجساد المثالية وإرجاعه إلى الأمور الخيالية كما يشعر به تشبيههم الدنيا والآخرة بنشأتي النوم واليقظة ، وأن الأعراض في اليقظة أجسام في المنام وهذا مستلزم لإنكار الدّين والخروج عن الإسلام ، وكثير من أصحابنا المتأخرينرحمهم‌الله يتبعون الفلاسفة القدماء والمتأخرين والمشائين والإشراقيين في بعض مذاهبهم ، ذاهلين عما يستلزمه من مخالفة ضروريات الدّين ، والله الموفق للاستقامة على الحقّ واليقين.

قوله : كنت أدخلته ، قيل : إنما زيد لفظة كنت عليُّ الماضي للدلالة عليُّ بعد الزمان.

الحديث التاسع : ضعيف.

ويظهر من كتب الرّجال أنّ النجاشي المذكور في الخبر اسمه عبد الله وأنّه ثامن آباء أحمد بن عليُّ النجاشي صاحب الرّجال المشهور ، وفي القاموس : النجاشي

١٠٠