مرآة العقول الجزء ١٠

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 440

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 440
المشاهدات: 19983
تحميل: 8522


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 440 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19983 / تحميل: 8522
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 10

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

يقول : إذا تنازع اثنان فعازَّ أحدهما الآخر فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتّى يقول لصاحبه أيّ أخي إنّا الظالم حتّى يقطع الهجران بينه وبين صاحبه فإن الله تبارك وتعالى حكمٌ عدلٌ يأخذ للمظلوم من الظالم.

٢ – عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا هجرة فوق ثلاث.

٣ - حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يصرم ذوي قرابته ممن لا يعرف

_________________________________________________

المعجمة.

« فعاز » بالزأيّ المشددة ، وفي بعض النسخ : فعال باللام المخففة ، في القاموس : عزه كمدة غلبه في المعازة ، وفي الخطاب غالبة كعازه ، وقال : عال جار ومال عن الحقّ ، والشيء فلاناً غلبه وثقل عليه وأهمه « إنّا الظالم » كأنّه من المعاريض للمصلحة.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

وظاهره أنّه لو وقع بين أخوين من أهل الإيمان موجده أو تقصير في حقوق العشرة والصحبة وأفضى ذلك إلى الهجرة فالواجب عليهمُّ أن لا يبقوا عليها فوق ثلاث ليال ، وأمّا الهجر في الثالث فظاهره أنه معفو عنه وسببه أن البشر لا يخلو عن غضب وسوء خلق فسومح في تلك المدة ، مع أن دلالته بحسب المفهوم وهي ضعيفة ، وهذه الأخبار مختصة بغير أهل البدع والمصرين على المعاصي ، لأنّ هجرهم مطلوب وهو من أقسام النهي عن المنكر.

الحديث الثالث : موثق.

والصرم القطع أيّ يهجره رأساً ، ويدل على أن الأمرّ بصلة الرحم يشمل

٣٦١

الحقّ ؟ قال لا ينبغي له أن يصرمه.

٤ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن حديد ، عن عمه مرازم بن حكيم قال كان عند أبي عبد اللهعليه‌السلام رجل من أصحابنا يلقب شلقان وكان قد صيره في نفقته وكان سيئ الخلق فهجره فقال لي يوماً يا مرازم وتكلم عيسى فقلت نعم فقال أصبت لا خير في المهاجرة.

_________________________________________________

المؤمن والمنافق والكافر كما مرّ وهذا الخبر بالباب الآتي أنسب وكأنّه كان مكتوباً على الهامش فاشتبه على الكتاب وكتبوه هيهنا.

الحديث الرابع : ضعيف.

وشلقان بفتح الشين وسكون اللام لقب لعيسى بن أبي منصور ، وقيل : إنمّا لقب بذلك لسوء خلقه من الشلق وهو الضرب بالسوط وغيره ، وقد روي في مدحه أخبار كثيرة منها : أن الصادقعليه‌السلام قال فيه : من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا ، وقالعليه‌السلام أيضاً فيه : إذا أردت أن تنظر إلى خيار في الدنيا خيار في الآخرة فانظر إليه ، والمراد بكونه عندهعليه‌السلام أنّه كان في بيته لا أنّه كان حاضراً في المجلس.

« وكان قد صيره في نفقته » أيّ تحملعليه‌السلام نفقته وجعله في عياله وقيل : وكلّ إليه نفقة العيال وجعله قيما عليها ، والأوّل أظهر « هجره » أيّ هجر مرازم عيسى ، فعبر عنه ابن حديد هكذا ، وقال الشهيد الثاني (ره) : ولعلّ الصواب هجرته وقال بعض الأفاضل : أيّ هجر عيسى أبا عبد اللهعليه‌السلام بسبب سوء خلقه مع أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام الذين كان مرازم منهم.

وأقول : صحف بعضهم على هذا الوجه وقرأ نكلم بصيغة المتكلم مع الغير وتكلّم في بعض النسخ بدون العاطف ، وعلى تقديره فهو عطف على مقدر أيّ تواصل وتكلم ونحو هذا ، وهو استفهام على التقديرين على التقرير ، ويحتمل الأمرّ على بعض الوجوه.

٣٦٢

٥ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي سعيد القماط ، عن داود بن كثير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول قال أبيعليه‌السلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيما مسلمين تهاجراً فمكثا ثلاثاً لا يصطلحان إلّا كانا خارجين من الإسلام ولم يكن بينهما ولاية فأيهما سبق إلى كلام أخيه كان السابق إلى الجنّة يوم الحساب.

٦ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة

_________________________________________________

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

« إلّا كانا » كان الاستثناء من مقدر أيّ لم يفعلاً ذلك إلّا كانا خارجين ، وهذا النوع من الاستثناء شائع في الأخبار ، ويحتمل أن يكون إلّا هنا زائدة كما قال الشاعر :

أرى الدهر إلّا مجنونا بأهله

وقيل : التقدير لا يصطلحان على حال إلّا وقد كانا خارجين ، وقيل « أيما » مبتدء و « لا يصطلحان » حال عن فاعل مكثاً وإلّا مركب من إن الشرطيّة ولا النافية نحو «إلّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ »(١) « ولم يكن » بتشديد النون مضارع مجهول من باب الأفعال ، وتكرار للنفي في إن لا كانا ، مأخوذ من الكنة بالضم وهي جناح يخرج من حائط أو سقيفة فوق باب الدار ، وقوله : فأيهما ، جزاء الشرط ، والجملة الشرطيّة خبر المبتدء أيّ أيّما مسلمين تهاجراً ثلاثة أيّام إن لم يخرجاً من الإسلام ولم يضعاً الولاية والمحبة على طاق النسيان فأيهما سبق ، إلخ.

وإنّما ذكرنا ذلك للاستغراب ، مع أن أمثال ذلك دأبهرحمه‌الله في أكثر الأبواب ، وليس ذلك منه بغريب ، والمراد بالولاية المحبة الّتي تكون بين المؤمنين.

الحديث السادس : حسن كالصحيح.

__________________

(١) سورة التوبة : ٤٠.

٣٦٣

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن الشيطان يغري بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهم عن دينه فإذا فعلوا ذلك استلقى على قفاه وتمدد ثمَّ قال فزت فرحم الله امرأ ألف بين وليين لنا يا معشر المؤمنين تألفوا وتعاطفوا.

٧ - الحسين بن محمّد ، عن علي بن محمّد بن سعيد ، عن محمّد بن مسلّم ، عن محمّد بن محفوظ ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يزال إبليس فرحاً ما اهتجر المسلمان فإذا التقيا اصطكت ركبتاه وتخلعت أوصاله ونادى يا ويله ما لقي من الثبور.

_________________________________________________

وفي القاموس : أغرى بينهم العداوة ألقاها ، كأنه ألزقها بهم « ما لم يرجع أحدهم عن دينه » كأنه للسلب الكلي ، فقوله : إذا فعلوا للإيجاب الجزئي ، ويحتمل العكس ، وما بمعنى ما دام ، والتمدد للاستراحة وإظهار الفراغ من العمل والراحة « فزت » أيّ وصلت إلى مطلوبي.

الحديث السابع : مجهول.

واصطكاك الركبتين اضطرابهما وتأثير أحدهما في الآخر ، والتخلع التفكك والأوصال المفاصل أو مجتمع العظام وإنما التفت في حكاية قول إبليس عن التكلم إلى الغيبة في قوله : « ويله » « ولقي » تنزيها لنفسه المقدسة من نسبة الشر إليه في اللفظ ، وإن كان في المعنى منسوبا إلى غيره ، ونظيره شائع في الكلام ، قال في النهاية فيه : إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول : يا ويله ، الويل الحزن والهلاك والمشقة من العذاب وكلّ من وقع في هلكة دعا بالويل ، ومعنى النداء فيه : يا ويلي ويا حزني ويا هلاكي ويا عذابي احضر فهذا وقتك وأوانك ، وأضاف الويل إلى ضمير الغائب حملاً على المعنى ، وعدل عن حكاية قول إبليس : يا ويلي كراهة أن يضيف الويل إلى نفسه ، انتهى.

وما في قوله « ما لقي » للاستفهام التعجبي ، ومنصوب المحل ، مفعول لقي ، ومن للتبعيض ، والثبور بالضم الهلاك.

٣٦٤

(باب )

(قطيعة الرحم )

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمرّ بن أذينة ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث إلّا إن في التباغض الحالقة لا أعني حالقة الشعر ولكن حالقة الدين.

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن علي ، عن محمّد بن الفضيل ، عن حذيفة بن منصور قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام اتقوا الحالقة فإنها تميت الرجال قلت وما الحالقة قال قطيعة الرحم.

_________________________________________________

باب قطيعة الرحم

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

وفي النهاية فيه : دب إليكم داء الأمم البغضاء وهي الحالقة ، الحالقة الخصلة الّتي من شأنها أن يحلق أيّ تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر ، وقيل : قطيعة الرحم والتظالم ، انتهى.

وكان المصنفرحمه‌الله أورده في هذا الباب لأن التباغض يشمل ذوي الأرحام أيضاً ، أو لأنّ الحالقة فسرت في سائر الأخبار بالقطيعة ، بل في هذا الخبر أيضاً يحتمل أن يكون المراد ذلك ، بأن يكون المراد أن التباغض بين النّاس من جملة مفاسده قطع الأرحام وهو حالقة الدين.

الحديث الثاني : ضعيف.

« تميت الرّجال » أيّ تورث موتهم وانقراضهم كما سيأتي ، وحمله على موت القلوب كما قيل بعيد ، ويمكن أن يكون هذا أحد وجوه التسمية بالحالقة ، والرحم في الأصل منبت الولد ووعاؤه في البطن ، ثمَّ سميّت القرابة من جهة الولادة رحماً ومنها ذو الرّحم خلاف الأجنبيّ.

٣٦٥

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له إنَّ إخوتي وبني عمّي قد ضيّقوا عليَّ الدار وألجئوني منها إلى بيت ولو تكلمت أخذت ما في أيديهمُّ قال فقال لي اصبر فإن الله سيجعل لك فرجا قال فانصرفت ووقع الوباء في سنة إحدى وثلاثين ومائة - فماتوا والله كلهم فما بقي منهم أحدٌ قال فخرجت فلمّا دخلت عليه قال ما حال أهل بيتك قال قلت له قد ماتوا والله كلهم فما بقي منهم أحد فقال هو بما صنعوا بك وبعقوقهم إياك وقطع رحمهم بتروا أتحب أنهم بقوا وأنهم

_________________________________________________

الحديث الثالث : مرسل.

« على الدار » أيّ الدار الّتي ورثناها من جدّنا « ولو تكلمت أخذت » يمكن أن يقرأ على صيغة المتكلم ، أيّ لو نازعتهم وتكلمت معهم يمكنني أن آخذ منهم ، أفعل ذلك أم أتركهم؟ أو يقرأ على الخطاب أيّ لو تكلمت أنت معهم يعطوني ، فلم يرعليه‌السلام المصلحة في ذلك ، أو الأوّل على الخطاب والثاني على المتكلم والأوّل أظهر ، وفي النهاية : الوباء بالقصر والمد والهمز الطاعون والمرض العام.

« في إحدى وثلاثين » كذا في أكثر النسخ الّتي وجدناها ، وفي بعضها بزيادة : ومائة ، وعلى الأوّل أيضاً المراد ذلك وأسقط الراوي المائة للظهور ، فإن إمأمّة الصادقعليه‌السلام كانت في سنة مائة وأربعة عشر ، ووفاته في سنة ثمان وأربعين ومائة ، والفاء في قوله : فما بقي ، في الموضعين للبيان ، ومن ابتدائية والمراد بالأحد أولادهم ، أو الفاء للتفريع ومن تبعيضية ، وقوله : بعقوقهم متعلق بقوله بتروا ، وهو في بعض النسخ بتقديم الموحدة على المثناة الفوقانية ، وفي بعضها بالعكس ، فعلى الأوّل إما على بناء المعلوم من المجرد من باب علم ، أو المجهول من باب نصر ، وعلى الثاني على المجهول من باب ضرب أو التفعيل.

في القاموس : البتر القطع أو مستأصلاً والأبتر المقطوع الذنب ، بتره فبتر كفرح والذي لا عقب له وكلّ أمرّ منقطع من الخير ، وقال : البتر بالفتح الكسر

٣٦٦

ضيّقوا عليك قال قلت : إي والله.

٤ - عنه ، عن أحمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال في كتاب عليعليه‌السلام ثلاث خصال لا يموت صاحبهنَّ أبداً حتّى يرى وبالهنَّ : البغي وقطيعة الرَّحم واليمين الكاذبة يبارز الله بها وإن أعجل الطّاعة ثواباً لصلة الرَّحم وإن القوم ليكونون فجّاراً فيتواصلون فتنمي

_________________________________________________

والإهلاك كالتبتير فيهما والفعل كضرب ، انتهى.

« وأنّهم ضيّقوا » الواو إمّا للحال والهمزة مكسورة ، أو للعطف والهمزة مفتوحة.

الحديث الرابع : صحيح.

و « ثلاث » مبتدء وجملة لا يموت خبر ، وفي القاموس : الوبال الشدة والثقل ، وفي المصباح : الوبيل الوخيم ، والوبال بالفتح من وبل المرتع بالضم وبإلّا بمعنى وخم ، ولما كان عاقبة المرعى الوخيم إلى شر قيل في سوء العاقبة : وبال ، والعمل السيء وبال على صاحبه ، والبغي خبر مبتدء محذوف بتقديرهن البغي ، وجملة يبارز الله صفة اليمين إذ اللام للعهد الذهنيّ أو استينافيّة ، والمستتر في يبارز راجع إلى صاحبهن والجلالة منصوبة والباء في بها للسببية أو للآلية ، والضمير لليمين لأنّ اليمين مؤنث وقد يقرأ يبارز على بناء المجهول ورفع الجلالة ، وفي القاموس : بارز القرن مبارزة وبرازا برز إليه ، وهما يتبارزان.

أقول : لما أقسّم به تعالى بحضوره كذباً فكأنه يعاديه علانية ويبارزه ، وعلى التوصيف احتراز عن اليمين الكاذبة جهلا وخطأ من غير عمد ، وتوصيف اليمين بالكاذبة مجاز « وإن أعجل » كلام علي أو الباقرعليهما‌السلام ، والتعجيل لأنه يصل ثوابه إليه في الدنيا أو بلا تراخ فيها « فتنمي » على بناء الأفعال أو كيمشي ، في القاموس : نما ينمو نموا زاد كنمى ينمي نَمياً ونمياً ونمية ، وأنمى ونمى ، وعلى الأفعال الضمير

٣٦٧

أموالهم ويثرون وإنَّ اليمين الكاذبة وقطيعة الرَّحم لتذران الدّيار بلاقع من أهلها وتنقل الرَّحم وإنَّ نقل الرَّحم انقطاع النسل.

_________________________________________________

للصلة ، ويثرون أيضاً يحتمل الأفعال والمجرّد كيرضون أو يدعون ويحتمل بناء المفعول.

في القاموس : الثروة كثرة العدد من النّاس والمال ، وثري القوم ثراءا كثروا ونموا ، والمال كذلك ، وثري كرضى كثر ماله كأثرى ومال ثري كغني كثير ، ورجل ثري وأثرى كأحوى كثيره ، وفي الصحاح الثروة كثرة العدد ، وقال الأصمعي : ثري القوم يثرون إذا كثروا ونموا ، وثري المال نفسه يثرو إذا كثر ، وقال أبو عمرو : وثري الله القوم كثرهم وأثرى الرجل إذا كثرت أمواله ، انتهى.

والمعنى يكثرون عدداً أو مالاً أو يكثرهم الله ، وفي النهاية فيه : اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع ، جمع بلقع وبلقعة وهي الأرض القفر الّتي لا شيء بها يريد أن الحالف بها يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق ، وقيل : هو أن يفرق الله شمله ويغير عليه ما أولاه من نعمه ، انتهى.

وأقول : مع التتمة الّتي في هذا الخبر لا يحتمل المعنى الأوّل ، بل المعنى أن ديارهم تخلو منهم إما بموتهم وانقراضهم أو بجلائهم عنها وتفرقهم أيدي سبأ ، والظاهر أن المراد بالديار ديار القاطعين ، لا البلدان والقرى لسراية شؤمهما كما توهم.

« وتنقل الرَّحم » الضمير المرفوع راجع إلى القطيعة ، ويحتمل الرجوع إلى كلّ واحد لكنه بعيد ، والتعبير عن انقطاع النسل بنقل الرَّحم لأنّه حينئذ تنتقل القرابة من أولاده إلى سائر أقاربه ، ويمكن أن يقرأ تنقل على بناء المفعول ، فالواو للحال ، وقيل : هو من النقل بالتحريك وهو داء في خف البعير يمنع المشي ، ولا يخفى بعده.

وقيل : الواو إما للحال عن القطيعة أو للعطف على قوله وإن اليمين إن جوز

٣٦٨

٥ - عليُّ بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن عنبسة العابد قال : جاء رجلٌ فشكاً إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام أقاربه فقال له اكظم غيظك وافعل فقال إنّهم يفعلون ويفعلون فقال أتريد أن تكون مثلهم فلا ينظر الله إليكم.

_________________________________________________

عطف الفعلية على الاسمية ، وإلّا فليقدر وإن قطيعة الرَّحم تنقل بقرينة المذكورة لا على قوله : لتذران ، لأن هذا مختص بالقطيعة ، ولعلّ المراد بنقل الرَّحم نقلها من الوصلة إلى الفرقة ، ومن التعاون والمحبة إلى التدابر والعداوة ، وهذه الأمور من أسباب نقص العمرّ وانقطاع النسل كما صرّح به على سبيل التأكيد والمبالغة بقوله : وإن نقل الرَّحم انقطاع النسل ، من باب حمل المسبب على السبب مبالغة في السببية ، انتهى ، وهو كما ترى.

وأقول : سيأتي في باب اليمين الكاذبة من كتاب الأيمان والنذور بهذا السند عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : إن في كتاب عليعليه‌السلام إن اليمن الكاذبة وقطيعة الرَّحم تذران الديار بلاقع من أهلها ، وتنقل الرَّحم يعني انقطاع النسل وهناك في أكثر النسخ بالغين المعجمة ، قال في النهاية : النغل بالتحريك الفساد ، وقد نغل الأديم إذا عفن وتهرى في الدماغ فيفسد ويهلك ، انتهى.

ولا يخلو من مناسبة ، وروى الصدوق في معاني الأخبار عن أبي بصير عن أبي عبد الله مثله بتغيير ، وفيه : إن قطيعة الرَّحم واليمين الكاذبة لتذران الديار بلاقع من أهلها ويثقلان الرَّحم وإن تثقل الرَّحم انقطاع النسل ، وهو أظهر من وجهين : أحدهما تثنية الضمير ، وثانيهما : أن ثقل الرَّحم بقطع النسل أنسب ، وفي مجالس المفيد وكتاب الحسين بن سعيد عن أبي عبيدة مثله ، وفيهما تدع الديار ، وهو يؤيد العود إلى كلّ واحد.

الحديث الخامس : مجهول.

« وافعل » أيّ كظم الغيظ دائماً وإن أصروا على الإساءة أو افعل كلما أمكنك

٣٦٩

٦ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تقطع رحمك وإن قطعتك.

٧ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه رفعه ، عن أبي حمزة الثمالي قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبته أعوذ بالله من الذُّنوب الّتي تعجل الفناء فقام إليه عبد الله بن الكواء اليشكري فقال يا أمير المؤمنين أوتكون ذنوب تعجل الفناء فقال نعم ويلك قطيعة الرَّحم إن أهل البيت ليجتمعون ويتواسون

_________________________________________________

من البر فيكون حذف المفعول للتعميم « إنّهم يفعلون » أيّ الإضرار وأنواع الإساءة ولا يرجعون عنها « أتريد أن تكون مثلهم » في القطع وارتكاب القبيح وترك الإحسان فلا ينظر الله إليكم أيّ يقطع عنكم جميعاً رحمته في الدنيا والآخرة ، وإذا وصلت فإمّا أن يرجعوا فيشملكم الرحمة وكنت أولى بها وأكثر حظا منها ، وأمّا أن لا يرجعوا فيخصك الرحمة ولا انتقام أحسن من ذلك.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

وظاهره تحريم القطع وإن قطعوا وينافيه ظاهرا قوله تعالى : «فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ »(١) ويمكن تخصيص الآية بتلك الأخبار ولم يتعرض أصحابنا رضي الله عنهم لتحقيق تلك المسائل مع كثرة الحاجة إليها ، والخوض فيها يحتاج إلى بسط وتفصيل لا يناسبان هذه التعليقة ، وقد مرّ بعض القول فيها في باب صلة الرَّحم ، وسلوك سبيل الاحتياط في جميع ذلك أقرب إلى النجاة.

الحديث السابع : مرفوع.

وابن الكواء كان من رؤساء الخوارج لعنهم الله ويشكر اسم أبي قبيلتين كان هذا الملعون من إحداهما فيحرمهم الله من سعة الأرزاق وطول الأعمّار وإن كانوا متقين فيما سوى ذلك ، ولا ينافيه قوله تعالى : «وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً

__________________

(١) سورة البقرة : ١٩٤.

٣٧٠

وهم فجرة فيرزقهم الله وإنَّ أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضاً فيحرمهم الله وهم أتقياء.

٨ - عنه ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار.

(باب العقوق )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن حديد بن حكيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أدنى العقوق اُفّ ، ولو علم الله عزَّ وجلَّ شيئاً أهون منه لنهى عنه.

_________________________________________________

وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ »(١) فإنه غير متق لقطع الرَّحم ، ومفهومها غير مقصود ، فإن كثيراً من الكفار والفساق مرزوقون ، ولو كان مقصودا فيمكن أن يكون باعتبار التقييد بقوله من حيث لا يحتسب.

الحديث الثامن : صحيح.

« جعلت الأموال في أيدي الأشرار» هذا مجرب وأحد أسبابه أنهم يتخاصمون ويتنازعون ويترافعون إلى الظلمة وحكام الجور ، فتصير أموالهم بالرشوة في أيديهمُّ وأيضاً إذا تخاصموا ولم يتعاونوا يتسلط عليهمُّ الأشرار ويأخذونها منهم.

باب العقوق

الحديث الأوّل : ضعيف على المشهور.

« لنهى عنه » إذ معلوم أن الغرض النهي عن جميع الأفراد فاكتفى بالأدنى ليعلم منه الأعلى بالأولوية كما هو الشائع في مثل هذه العبارة ، والأف كلمة تضجر

__________________

(١) سورة الطلاق : ٢.

٣٧١

٢ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كن بارا واقتصر على الجنّة وإن كنت عاقاً [ فظاً ] فاقتصر على النّار.

٣ - أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عبيس بن هشام ، عن صالح الحذاء ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كان يوم القيامة كشف غطاء من أغطية الجنّة فوجد ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة عام إلّا صنف واحد قلت من هم قال العاق لوالديه.

٤ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله

_________________________________________________

وقد أفف تأفيفا إذا قال ذلك ، والمراد بعقوق الوالدين ترك الأدب لهما والإتيان بما يؤذيهما قولا وفعلا ، ومخالفتهما في أغراضهما الجائزة عقلا ونقلا وقد عد من الكبائر ، ودل على حرمته الكتاب والسنّة وأجمع عليها الخاصة والعامّة وقد مرّ القول في ذلك في باب برهما.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

« فاقتصر على الجنّة » أيّ اكتف بها ، وفيه تعظيم أجر البر حتّى أنه يوجب دخول الجنّة ، ويفهم منه أنه يكفّر كثيراً من السيئات ويرجح عليها ميزان الحساب.

الحديث الثالث : مجهول.

« العاق لوالديه » أيّ لهما أو لكلّ منهما ، ويدل ظاهرا على عدم دخول العاق الجنّة ، ويمكن حمله على المستحلّ أو على أنّه لا يجد ريحها ابتداء وإن دخلها أخيراً ، أو المراد بالوالدين هنا النبي والإمام كما ورد في الأخبار ، أو يحمل على جنة مخصوصة.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

٣٧٢

عليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فوق كلّ ذي بر بر حتّى يقتل الرجل في سبيل الله فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بر وإن فوق كلّ عقوق عقوقاً حتّى يقتل الرجل أحد والديه فإذا فعل ذلك فليس فوقه عقوق.

٥ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من نظر إلى أبويه نظر ماقت وهما ظالماًن له لم يقبل الله له صلاة.

_________________________________________________

« فوق كلّ ذي بر بر » البر بالكسر مصدر بمعنى التوسع في الصلة والإحسان إلى الغير والإطاعة ، وبالفتح صفة مشبهة لهذا المعنى ، ويمكن هنا قراءتهما بالكسر بتقدير مضاف في الأوّل أيّ فوق بر كلّ ذي بر ، أو في الثاني أيّ ذو بر أو الحمل على المبالغة كما في قوله تعالى : «وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى »(١) ويمكن أن يقرأ الأوّل بالكسر والثاني بالفتح وهو أظهر.

« حتّى يقتل الرجل أحد والديه » أيّ أعم من أن يكون مع قتل الآخر أو بدونه أو من غير هذا الجنس من العقوق ، فلا ينافي كون قاتلهما أعق ، وأيضاً المراد عقوق الوالدين والأرحام أو من جنس الكبائر فلا ينافي كون قتل الإمام أشدّ ، فإنه من نوع الكفّر لأنّه يمكن شموله لقتل والدي الدين النبي والإمام صلوات الله عليهما كما مرّ في باب بر الوالدين وغيره.

الحديث الخامس : صحيح على الظاهر.

وقول ابن شهرآشوب أن ابن عميرة واقفي ليس بمعتمد لأنه لم يذكره غيره من القدماء « وهما ظالمان له » فكيف إذا كانا بارين به ، ولا ينافي ذلك كونهما أيضاً آثمين لأنهما ظلماه وحملاه على العقوق ، والقبول كمال العمل وهو غير الإجزاء.

__________________

(١) سورة البقرة : ١٨٩.

٣٧٣

٦ - عنه ، عن محمّد بن علي ، عن محمّد بن فرات ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كلام له إيّاكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنّة توجد من مسيرة ألف عام ولا يجدها عاقٌّ ولا قاطع رحم ولا شيخ زان ولا جار إزاره خيلاء

_________________________________________________

الحديث السادس : ضعيف.

وكان الخمسمائة(١) بالنسبة إلى الجميع ، والألف بالنسبة إلى جماعة ، ويؤيده التعميم في السابق حيث قال : من كانت له روح ، أو يكون الاختلاف بقّلة كشف الأغطية وكثرتها ، ويؤيده أن في الخبر السابق غطاء فيكون هذا الخبر إذا كشف غطاءان مثلا ، وفيما سيأتي في كتاب الوصايا وإن ريحها لتوجد من مسيرة ألفي عام فيما إذا كشف أربعة أغطية مثلاً ، أو يكون بحسب اختلاف الوجدان وشدة الريح وخفتها ففي الخمسمائة توجد ريح شديد ، وهكذا ، أو باختلاف الأوقات وهبوب الرياح الشديدة أو الخفيفة ، أو تكون هذه الأعداد كناية عن مطلق الكثيرة ولا يراد بها خصوص العدد كما في قوله تعالى : «إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مرّة »(٢) .

ويطلق الإزار بالكسر غالباً على الثوب الذي يشد على الوسط تحت الرداء وكان جفاة العرب كانوا يطيلون الإزار فيجر على الأرض ، ويمكن أن يراد هنا مطلق الثوب كما فسره في القاموس بالملحفة ، فيشمل تطويل الرداء وسائر الأثواب كما فسر قوله تعالى : «وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ »(٣) بالتشمير وسيأتي الأخبار في ذلك في أبواب الزي والتجمل ، وقد يطلق على ما يشد فوق الثوب على الوسط مكان المنطقة ، فالمراد إسبال طرفيه تكبّراً كما يفعله بعض أهل الهند.

وقال الجوهري : الخال والخيلاء والخيلاء الكبر ، تقول منه : اختال فهو ذو خيلاء ، وذو خال وذو مخيلة أيّ ذو كبر ، وقوله : خيلاء كأنّه مفعول لأجله ، وقيل : حال عن فاعل جار أيّ جار ثوبه على الأرض متبختراً متكبّراً مختالاً أيّ متمائلاً

__________________

(١) أي المذكور في الحديث الثالث. (٢) سورة التوبة : ٨٠.

(٣) سورة المدثر : ٤.

٣٧٤

إنّما الكبرياء لله ربّ العالمين.

٧ - عنه ، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد السلمي ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لو علم الله شيئاً أدنى من أف لنهى عنه وهو من أدنى العقوق

_________________________________________________

من جانبيه ، وأصله من المخيلة وهي القطعة من السّحاب تميل في جو السماء هكذا وهكذا ، وكذلك المختال يتمايل لعجبه بنفسه وكبره وهي مشية المطيطاء ، ومنه قوله تعالى : «ثمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى »(١) أيّ يتمايل مختالاً متكبّراً كما قيل.

وأمّا إذا لم يقصد بإطالة الثوب وجره على الأرض الاختيال والتكبر بل جرى في ذلك على رسم العادة ، فقيل : إنّه أيضاً غير جائز ، والأولى أن يقال غير مستحسن كما صرّح الشهيد وغيره باستحباب ذلك ، وذلك لوجوه :

منها : مخالفة السنّة وشعار المؤمنين المتواضعين كما سيأتي ، وقد روت العامّة أيضاً في ذلك أخباراً ، قال في النهاية فيه : ما أسفل من الكعبين من الإزار في النّار ، أيّ ما دونه من قدم صاحبه في النّار عقوبة له ، أو على أن هذا الفعل معدود في أفعال أهل النّار ، ومنه الحديث أزره المؤمن إلى نصف الساق ولا جناح فيما بينه وبين الكعبين ، الإزرة بالكسر الحالة وهيئة الائتزار مثل الركبة والجلسة ، انتهى.

ومنها : الإسراف في الثوب بما لا حاجة فيه.

ومنها : أنه لا يسلّم الثوب الطويل من جره على النجاسة تكون بالأرض غالباً فيختل أمرّ صلاته ودينه ، فإن تكلف رفع الثوب إذا مشى تحمل كلفة كان غنيا منها ثمَّ يغفل عنه فيسترسل.

ومنها : أنّه يسرع البلى إلى الثوب بدوام جره على التراب والأرض فيخرقه إن لم ينجس.

الحديث السابع : مجهول.

__________________

(١) سورة القيامة : ٣٣.

٣٧٥

ومن العقوق أن ينظر الرَّجل إلى والديه فيحدَّ النظر إليهما.

٨ - عليٌّ ، عن أبيه ، عن هارون بن الجهم ، عن عبد الله بن سليمان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن أبي نظر إلى رجل ومعه ابنه يمشي والابن متكئ على ذراع الأب قال فما كلمه أبيعليه‌السلام مقتاً له حتّى فارق الدُّنيا.

٩ - أبو عليّ الأشعري ، عن أحمد بن محمّد ، عن محسن بن أحمد ، عن أبان بن عثمان ، عن حديد بن حكيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أدنى العقوق أفّ ولو علم الله أيسر منه لنهى عنه

_________________________________________________

« فيحدّ النظر » على بناء المجرّد بضمّ الحاء أو على بناء الأفعال من تحديد السكين أو السيف مجازاً ، ويحتمل أن يكون هذا من الأدنى ويساوي الأف في المرتبة ، أو يكون الأف أدنى بحسب القول وهذا بحسب الفعل ، والغرض أنه يجب أن ينظر إليهما على سبيل الخشوع والأدب ، ولا يملأ عينيه منهما ولا ينظر إليهما على وجه الغضب.

الحديث الثامن : مجهول.

والظاهر أن ضمير « كلمه » راجع إلى الابن ورجوعه إلى الأب من حيث مكنه من ذلك بعيد ، وقد يحمل على عدم رضا الأب أو أنّه فعله تكبّراً واختيالاً ، ومن هذه الأخبار يفهم أن أمرّ بر الوالدين دقيق وأن العقوق يحصل بأدنى شيء.

الحديث التاسع : كالسابق.

وقد مرّ مثله عن حديد والاختلاف في سائر السند.

٣٧٦

(باب الانتفاء )

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كفّر بالله من تبرَّأ من نسب وإن دقَّ.

٢ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن أبي المغراء ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كفّر بالله من تبرأ من نسب وإن دقَّ.

٣ - عليُّ بن محمّد ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن ابن أبي عمير وابن فضّال ، عن رجال شتى ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليه‌السلام أنّهما قإلّا كفّر بالله العظيم الانتفاء من حسب وإن دقَّ.

_________________________________________________

باب الانتفاء

أيّ التبرّي عن نسب باعتبار دناءته عرفاً

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

« وإن دقّ » أي بعد ، أو وإن كان خسيساً دنيّاً وقيل : يحتمل أن يكون ضمير دق راجعاً إلى التبري بأن لا يكون صريحاً بل بالإيماء وهو بعيد ، وقيل : يعني وإن دق ثبوته وهو أبعد ، والكفّر هنا ما يطلق على أصحاب الكبائر كما مرّ وسيأتي ، وربمّا يحمل على ما إذا كان مستحلاً لأن مستحلّ قطع الرَّحم كافر ، أو المراد به كفّر النعمة لأن قطع النسب كفّر لنعمة المواصلة ، أو يراد به أنه شبيه بالكفّر لأن هذا الفعل يشبه فعل أهل الكفّر ، لأنهم كانوا يفعلونه في الجاهلية ، ولا فرق في ذلك بين الولد والوالد وغيرهما من الأرحام.

الحديث الثاني : موثق كالصحيح.

الحديث الثالث : ضعيف.

والمراد بالحسب أيضاً النسب الدنيء فإن الأحساب غالباً يكون بالأنساب ،

٣٧٧

(باب )

(من آذى المسلمين واحتقرهم )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول قال الله عزَّ وجلَّ : ليأذن بحرب منّي من آذى عبدي

_________________________________________________

ويحتمل على بعد أن لا تكون « من » صلة للانتفاء بل يكون للتعليل ، أيّ بسبب حسب حصل له أو لآبائه القريبة ، وحينئذ في قوله : وإن دق تكلف إلّا على بعض الوجوه البعيدة السّابقة ، وربمّا يقرأ على هذا الوجه الانتقاء بالقاف أيّ دعوى النقاوة والامتياز والفخر بسبب حسب وهو تصحيف.

باب من أذى المسلمين واحتقرهم

الحديث الأول : صحيح.

« ليأذن » أيّ ليعلم كما قال تعالى في ترك ما بقي من الربا : «فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ »(١) قال البيضاوي : أيّ فأعلموا بها من أذن بالشيء إذا علم به ، وتنكير حرب للتعظيم ، وذلك يقتضي أن يقاتل المربي بعد الاستتابة حتّى يفيء إلى أمرّ الله كالباغي ولا يقتضي كفره.

وفي المجمع : أيّ فأيقنوا واعلموا بقتال من الله ورسوله ، ومعنى الحرب عداوة الله ورسوله وهذا إخبار بعظم المعصية ، وقال ابن عباس وغيره : إن من عامل بالربا استتابه فإن تاب وإلّا قتله ، انتهى.

وأقول : في الخبر يحتمل أن يكون كناية عن شدة الغضب بقرينة المقابلة ، أو المعنى أن الله يحاربه أيّ ينتقم منه في الدنيا والآخرة أو من فعل ذلك فليعلم أنّه محارب لله كما سيأتي : فقد بارزني بالمحاربة ، وقيل : الأمرّ بالعلم ليس على

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٧٩.

٣٧٨

المؤمن وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن ولو لم يكن من خلقي في الأرض فيما بين المشرق والمغرب إلّا مؤمن واحد مع إمام عادل لاستغنيت بعبادتهما عن جميع ما خلقت في أرضي ولقامت سبع سماوات وأرضين بهما ولجعلت لهما من إيمانهما أنسا لا يحتاجان إلى أنس سواهما.

٢ - عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن منذرّ بن يزيد ، عن المفضل بن عمرّ قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الصدود لأوليائي

_________________________________________________

الحقيقة بل هو خبر عن وقوع المخبر به على التأكيد ، وكذا بالأمن من إخبار عن عدم وقوع ما يحذرّ منه على التأكيد ، والمرادبالمؤمن مطلق الشيعة أو الكامل منهم كما يومئ إليه : عبدي ، وعلى الأوّل المراد بالإيذاء الذي لم يأمرّ به الشارع كالأمرّ بالمعروف والنهي عن المنكر ، والمراد بالإكرام الرعاية والتعظيم خلقاً وقولا وفعلا منه جلب النفع له ودفع الضرر عنه.

« ولو لم يكن » تأمّة والمراد بالخلق سوى الملائكة والجن وقوله : مع إمام إما متعلق بلم يكن أو حال عن المؤمن ، وعلى الأخير يدل على ملازمته للإمام ، والمراد بالاستغناء بعبادة مؤمن واحد مع أنّه سبحانه غني مطلق لا حاجة له إلى عبادة أحد قبول عبادتهما والاكتفاء بهما لقيام نظام العالم ، وكان كون المؤمن مع الإمام أعمّ من كونه بالفعل أو بالقوة القريبة منه ، فإنّه يمكن أن يبعث نبي ولم يؤمن به أحد إلّا بعد زمان كما مرّ في باب قلة عدد المؤمنين : إن إبراهيمعليه‌السلام كان يعبد الله ولم يكن معه غيره حتّى آنسه الله بإسماعيل وإسحاق ، وقد مرّ الكلام فيه.

وقيل : المقصود هنا بيان حال هذه الأمّة فلا ينافي الوحدة في الأمم السابقة ، وأرضين بتقدير سبع أرضين « وأنس» إما مضاف إلى « سواهما » أو منون وسواهما للاستثناء.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

« أين الصدود لأوليائي » كذا في أكثر نسخ الكتاب وثواب الأعمال وغيرهما

٣٧٩

فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم فيقال : هؤلاء الذين آذوا المؤمنين ونصبوا لهم وعاندوهم وعنفوهم في دينهم ثمَّ يؤمرّ بهم إلى جهنم.

٣ - أبو علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن حمّاد بن بشير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال

_________________________________________________

وتطبيقه على ما يناسب المقام لا يخلو من تكلّف ، في القاموس : صد عنه صدودا أعرض وفلاناً عن كذا صداً منعه وصرفه ، وصد يصد ويصد صديداً ضج ، والتصدد التعرض وفي النهاية : الصد الصرف والمنع ، يقال : صده وأصده وصد عنه والصد الهجران ومنه الحديث : فيصد هذا ويصد هذا ، أيّ يعرض بوجهه عنه وفي المصباح : صد من كذا من باب ضرب ضحك.

وأقول : أكثر المعاني مناسبة لكن بتضمين معنى التعرض ونحوه للتعدية باللام ، فالصدود بالضم جمع صاد وفي بعض النسخ المؤذون لأوليائي فلا يحتاج إلى تكلف.

وقال الجوهري : نصبت لفلات نصباً إذا عاديته ، وناصبته الحرب مناصبة. وقال : التعنيف والتعيير اللوم وقيل : لعلّ خلو وجوههم من اللحم لأجل أنه ذاب من الغم وخوف العقوبة ، أو من خدشه بأيديهمُّ تحسرّاً وتأسفاً ، ويؤيده ما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : مررت ليلة أسري بي بقوم لهم أظفار من نحاس يخدشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال : هم الذين يأكلون لحوم النّاس ويقعون في أعراضهم ، وقيل : إنّما سقط لحم وجوههم لأنهم كاشفوهم بوجوههم الشديدة من غير استحياء من الله ومنهم.

وأقول : أو لأنهم لما أرادوا أن يقبحوهم عند النّاس في الدنيا قبحهم الله في الآخرة عند النّاس في أظهر أعضائهم وأحسنها.

الحديث الثالث : مجهول.

٣٨٠