مرآة العقول الجزء ١١

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 407

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 407
المشاهدات: 32337
تحميل: 8811


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 407 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32337 / تحميل: 8811
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 11

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول : ما لي رأيتك عند عبد الرَّحمن بن يعقوب ؟ فقال : إنّه خالي فقال إنه يقول في الله قولاً عظيما يصف الله ولا يوصف فإمّا جلست معه وتركتنا وإمّا جلست معنا وتركته فقلت هو يقول ما شاء أي شيء عليُّ منه إذا لم أقل ما يقول فقال أبو الحسنعليه‌السلام إمّا تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعاً إمّا علمت بالّذي كان من أصحاب موسىعليه‌السلام وكان أبوه من أصحاب فرعون فلـمّا لحقت خيل فرعون موسى تخلف عنه ليعظ أباه فيلحقه بموسى فمضى أبوه وهو

_________________________________________________

ويحتمل أن يكون سليمان بن جعفر الجعفري كما صرّح به في مجالس المفيد.

« يقول » أي الرّجل « فقال » أي ذلك الرّجل ، وكونه كلام بكر والضمير للجعفري بعيد ، وفي المجالس بقول لأبي وهو أظهر ، ويؤيد الأوّل « فقال إنه خالي » الظاهر تخفيف اللام ، وتشديده من الخلة كأنّه تصحيف « يصف الله » أي بصفات الأجسام كالقول بالجسم والصورة أو بالصفات الزائدة كالأشاعرة ، وفي المجالس : يصف الله تعالى ويحدّه وهو يؤيد الأوّل ، والواو في قولهعليه‌السلام : ولا يوصف للحال ، أي والحال أنه لا يجوز وصفه بالمعنيين « فإمّا جلست معه » أي لا يمكن الجمع بين الجلوس معه والجلوس معنا ، فإن جالسته كنت فاسقاً ونحن لا نجالس الفسّاق ، مع أن الجمع بينهما ممّا يوهم تصويب قوله ، وظاهره مرجوحية الجلوس مع من يجالس أهل العقائد الفاسدة ، وتحريم الجلوس معهم.

« فيلحقه بموسى » أي يدخله في دينه أو يلحقه بعسكره ومالهما واحدّ « فمضى أبوه » أي في الطريق الباطل الذي اختاره أي استمرّ على الكفر ولم يقبل الرجوع أو مضى في البحر « وهو يراغمه » أي يبالغ في ذكر ما يبطل مذهبه ، ويذكر ما يغضبه ، في القاموس : المراغمة الهجران والتباعد والمغاضبة وراغمهم نابذهم وهجرهم وعاداهم ، وترغم تغضب ، وفي المجالس تخلّف عنه ليعظه وأدركه موسى وأبوه يراغمه « حتّى بلغا طرفاً من البحر » أي أحدّ طرفي البحر ، وهو الطرف الذي يخرج منه قوم

٨١

يراغمه حتّى بلغا طرفاً من البحر فغرقا جميعاً فأتى موسىعليه‌السلام الخبر فقال هو في رحمة الله ولكنّ النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمّن قارب المذنب دفاع.

٣ - أبو عليُّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن عبد الرَّحمن بن أبي نجران ، عن عمرّ بن يزيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحدّ منهم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المرء على دين خليله وقرينه.

٤ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا رأيتم أهل الريب

_________________________________________________

موسى من البحر.

وأقول : كأنّ المعنى هنا قريباً من طرف البحر ، وفي المجالس طرف البحر فغرقا جميعاً فأتى موسى الخبر ، فسأل جبرئيل عن حاله فقال له : غرقرحمه‌الله ولم يكن على رأي أبيه ، ولكنّ النقمة « إلخ ».

الحديث الثالث : صحيح.

« فتصيروا عند الناس كواحدّ منهم » يدلّ على وجوب الاحتراز عن مواضع بالتهمة ، وإن فعل ما يوجب حسن ظنّ الناس مطلوب إذا لم يكن للرياء والسمعة وقد يمكن أن ينفعه ذلك في الآخرة لـمّا ورد أن الله يقبل شهادة المؤمنين وإن علم خلافه « المرء على دين خليله » أي عند الناس فيكون استشهاداً لـمّا ذكرهعليه‌السلام أو يصير واقعاً كذلك فيكون بيانا لمفسدة أخرى كما ورد أن صأحبّ الشرّ يعدي وقرين السوء يغوى ، وهذا أظهر.

الحديث الرابع : صحيح.

وكأنّ المراد بأهل الريب الذين يشكّون في الدين ويشككّون الناس فيه بإلقاء الشبهات ، وقيل : المراد بهم الذين بناء دينهم على الظنون والأوهام الفاسدة

٨٢

_________________________________________________

كعلماء أهل الخلاف ، ويحتمل أن يراد بهم الفسّاق والمتظاهرين بالفسوق ، فإن ذلك ممّا يريب الناس في دينهم ، وهو علامة ضعف يقينهم ، في القاموس : الريب صرف الدهر والحاجة والمظنّة وبالتهمة ، وفي النهاية : الريب الشك ، وقيل : هو الشك مع بالتهمة ، والبدعة اسم من الابتداع كالرفعة من الارتفاع ، ثمّ غلب استعمالها فيما هو نقص في الدين أو زيادة ، كذا ذكره في المصباح.

وأقول : البدعة في عرف الشرع ما حدث بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يرد فيه نص على الخصوص ، ولا يكون داخلا في بعض العمومات ، أو ورد نهي عنه خصوصا أو عموما ، فلا تشمل البدعة ما دخل في العمومات مثل بناء المدارس وأمثالها الداخلة في عمومات إيواء المؤمنين وإسكانهم وإعانتهم ، وكإنشاء بعض الكتب العلمية والتصانيف الّتي لها مدخل في المعلومات الشرعيّة ، وكالألبسة الّتي لم تكن في عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأطعمة المحدثة فإنها داخلة في عمومات الحلية ولم يرد فيها نهي ، وما يفعل منها على وجه العموم إذا قصد كونها مطلوبة على الخصوص كان بدعة ، كما أن الصلاة خير موضوع ويستحب فعلها في كلّ وقت ، ولـمّا عيّن عمرّ ركعات مخصوصة على وجه مخصوص في وقت معيّن صارت بدعة ، وكما إذا عيّن أحدّ سبّعيّن تهليلة في وقت مخصوص على أنها مطلوبة للشارع في خصوص هذا الوقت بلا نص ورد فيها كانت بدعة ، وبالجملة إحداث أمر في الشريعة لم يرد فيها نص بدعة ، سواء كانت أصلها مبتدعاً أو خصوصيتها مبتدعة ، فما ذكره المخالفون أن البدعة منقسمة بانقسام الأحكام الخمسة تصحيحا لقول عمرّ في التراويح : نعمة البدعة ، باطل ، إذ لا تطلق البدعة إلّا على ما كان محرّما كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة سبّيلها إلى النار ، وما فعله عمرّ كان من البدعة المحرمة ، لنهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الجماعة في النافلة فلم ينفعهم هذا التقسيم « ولن يصلح العطار ما أفسد

٨٣

_________________________________________________

الدهر ».

وقد أشبعنا القول في ذلك في كتاب الفتن في باب مطاعن عمر.

قال الشهيد قدّس الله روحه في قواعده : محدثات الأمور بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تنقسم أقسإمّا لا تطلق اسم البدعة عندنا إلّا على ما هو محرم منها :

أوّلها : الواجب كتدوين الكتاب والسنة إذا خيف عليهما التفلت من الصدور فإن التبليغ للقرون الآتية واجب إجماعا وللآية ، ولا يتم إلّا بالحفظ وهذا في زمان الغيبة واجب. إمّا في زمن ظهور الإمام فلا لأنه الحافظ لهما حفظا لا يتطرق إليه خلل.

وثانيها : المحرّم وهو بدعة تناولتها قواعد التحريم وأدلته من الشريعة كتقديم غير الأئمة المعصومين عليهم ، وأخذهم مناصبهم واستيثار ولاة الجور بالأموال ، ومنعها مستحقّها ، وقتال أهل الحقّ وتشريدهم وإبعادهم ، والقتل على الظنة والإلزام ببيعة الفسّاق والمقام عليها وتحريم مخالفتها ، والغسل في المسح ، والمسح على غير القدم وشرب كثير من الأشربة ، والجماعة في النوافل والأذان الثاني يوم الجمعة ، وتحريم المتعتين ، والبغي على الإمام وتوريث الأباعد ومنع الأقارب ، ومنع الخمس أهله والإفطار في غير وقته ، إلى غير ذلك من المحدثات المشهورات ، ومنها بالإجماع من الفريقين المكس وتولية المناصب غير الصالح لها ببذل أو إرث أو غير ذلك.

وثالثها : المستحب وهو ما تناولته أدلة الندب كبناء المدارس والربط ، وليس منه اتخاذ الملوك الأهبة ليعظموا في النفوس ، اللهم إلّا أن يكون مرهبا للعدو.

ورابعها : المكروه وهو ما شملته أدلة الكراهة كالزيادة في تسبّيح الزهراء سلام الله عليها وسائر الموظفات ، أو النقيصة منها ، والتنعم في الملابس والمأكل

٨٤

والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبّهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهّم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلموا من بدعهم

_________________________________________________

بحيث لا يبلغ الإسراف بالنسبّة إلى الفاعل ، وربّما أدّى إلى التحريم إذا استضر به وعياله.

وخامسها : المباح وهو الداخل تحت أدلة الإباحة كنخل الدقيق فقد ورد : أوّل شيء أحدَّثه الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اتخاذ المناخل ، لأنّ العيش والرفاهية من المباحات فوسيلته مباحة ، انتهى.

وقال في النهاية : البدعة بدعتان ، بدعة هدى وبدعة ضلال ، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهو في حيز الذمّ والإنكار ، وما كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه ، وحض عليه أو رسوله فهو في حيز المدح ، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة ، ولا يجوز أن يكون ذلك على خلاف ما ورد به الشرع ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد جعل له في ذلك ثوابا ، فقال : من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها ، وقال في ضدّه : من سن سنة سيئة كان عليه وزره ووزر من عمل بها ، وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله ثمّ قال : وأكثر ما يستعمل به المبتدع في الذمّ ، انتهى.

والمراد بسبّهم الإتيان بكلام يوجب الاستخفاف بهم ، قال الشّهيد الثاني رفع الله درجته : يصح مواجهتهم بما يكون نسبّته إليهم حقّاً لا بالكذب ، وهل يشترط جعله على طريق النهي فيشترط شروطه أم يجوز الاستخفاف بهم مطلقا؟ ظاهر النص والفتاوى الثاني ، والأوّل أحوط ، ودل على جواز مواجهتهم بذلك وعلى رجحانها رواية البرقي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام إذا ظاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة ، ومرفوعة محمّد بن بزيع : من تمام العبادة الوقيعة في أهل الريب ، انتهى.

« والقول فيهم » أي قول الشرّ والذمّ فيهم ، وفي القاموس : الوقيعة القتال

٨٥

يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدّرجات في الآخرة.

٥ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن محمّد بن يوسف ، عن ميسر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا ينبغي للمسلم أن يواخي الفاجر ولا الأحمق ولا الكذَّاب.

_________________________________________________

وغيبة الناس ، وفي الصحّاح الوقيعة في الناس الغيبة ، والظاهر أن المراد بالمباهتة إلزامهم بالحجج القاطعة وجعلهم متحيّرين لا يحيرون جواباً كما قال تعالى : «فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ »(١) ويحتمل أن يكون من البهتان للمصلحة فإن كثيراً من المساوي يعدها أكثر الناس محاسن خصوصا العقائد الباطلة ، والأوّل أظهر ، قال الجوهري : بهته بهتا أخذه بغتة ، وبهت الرّجل بالكسر إذا دهش وتحير ، وفي المصباح بهت وبهت من بابي قرب وتعب دهش وتحير ، ويعدى بالحرف وبغيره ، فيقال : بهته يبهته بفتحتين ، فبهت بالبناء للمفعول « ولا يتعلموا » في أكثر النسخ ولا يتعلّمون وهو تصحيف.

الحديث الخامس : مجهول.

لكنّ الظاهر أنّ ميسرّاً هو ابن عبد العزيز الثقة فهو موثّق ، و المؤاخاة المصاحبة والصداقة بحيث يلازمه ويراعى حقوقه ، ويكون محلّ إسراره ويواسيه بماله وجاهه والفجور التوسع في الشرّ ، قال الراغب : الفجر شق الشيء شقاً واسعا قال تعالى : «وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً »(٢) والفجور شق ستر الديانة يقال : فجر فجورا فهو فاجر وجمعه فجار وفجرة ، انتهى.

وتخصيص الكذّاب مع أنّه داخل في الفاجر لأنّه أشدّ ضرراً من سائر الفجّار.

______________________

(١) سورة البقرة : ٢٥٨.

(٢) سورة القمر : ١٢.

٨٦

٦ - عنه ، عن عمرو بن عثمان ، عن محمّد بن سالم الكندي عمّن حدَّثه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه إذا صعد المنبر قال ينبغي للمسلم أن يجتنب مواخاة ثلاثة الماجن والأحمق والكذاب فإمّا الماجن فيزين لك فعله ويحبّ أن تكون مثله ولا يعينك على أمر دينك ومعادك ومقارنته جفاء وقسوة ومدخله ومخرجه عليك عار وإمّا الأحمق فإنه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه وربّما أراد منفعتك فضرك فموته خير من حياته وسكوته خير من نطقه وبعده خيرٌ من قربّه وإمّا الكذاب فإنّه لا يهنئك معه عيش

_________________________________________________

الحديث السادس : ضعيف.

وفي القاموس : مجن مجوناً صلب وغلظ ، ومنه الماجن لمن لا يبالي قولاً وفعلا كأنه صلب الوجه ، وقال الجوهري : المجون أن لا يبالي الإنسان ما صنع وكان المراد بالجفاء البعد عن الآداب الحسنة ، ويطلق في الأخبار على هذا المعنى كثيراً وهو الأنسب هنا ، ويمكن أن يكون المراد به أنّه يوجب غلظ الطبع ، وترك الصلة والبر ، ومنه الحديث : من بدا جفا أي من سكن البادية غلظ طبعه لقلة مخالطة الناس ، والجفاء غلظ الطبع.

« وقسوة » أي توجب القسوة ، و المدخل مصدر ميمي وكذا المخرج ، ويحتملان الإضافة إلى الفاعل وإلى المفعول أي دخولك عليه أو دخوله عليك ، وكذا المخرج « فإنه لا يشير عليك بخير » أي إذا شاورته « ولا يرجى لصرف السوء عنك » أي إذا ابتليت ببلية « ولو أجهد » أي أتعب نفسه فإن كلّ ذلك فرع العقل.

« وربّما أراد منفعتك فضرك » لحمقه من حيث لا يشعر « فموته خير » لك « من حياته » في كلّ حال « وسكوته » عند المشورة وغيرها « خير » لك « من نطقه » « وبعده » عنك أو بعدك عنه « خير لك من قربّه » فإن احتمال الضرر أكثر من النفع « لا يهنئك » بالهمز والقلب أيضاً ، في المصباح هنؤ الشيء بالضمّ مع الهمز هناءة

٨٧

ينقل حديثك وينقل إليك الحديث ، كلّما أفنى أحدوثة مطّها بأخرى حتّى أنّه

_________________________________________________

بالفتح والمدّ تيسّر من غير مشقّة ولا عناء فهو هنيء ، ويجوز الإبدال والإدغام ، وهنا في الولد يهنؤني مهموز من بابي نفع وضرب ، أي سرّني ويقول العرب في الدعاء ليهنئك الولد بهمزة ساكنة وبإبدالها ياءا وحذفها عاميّ ، ومعناه سرّني فهو هاني وهنأني الطعام يهنأني ساغ.

« ينقل حديثك وينقل إليك الحديث » أي يكذب عليك عند الناس ويكذب على الناس عندك ، فيفسد بينك وبينهم ، فقوله : كلـمّا أفنى بيان مفسدة أخرى ، وهي عدم الاعتماد على كلامه ويحتمل أن يكون الجميع لبيان مفسدة واحدة وهو أن العمدة في منفعة الصديق أن يأتيك بكلام غيرك أو فعله وأن يبلغ رسالتك إلى غيره ، ولـمّا كانت عادته الكذب لا تعتمد أنت على كلامه ولا غيرك فتنتفي الفائدتان هذا إذا لم يأت بما يوجب الإفساد والإغراء ، وإلّا فمفسدته أشدّ فيكون قوله ويغري تأسيسا لا تأكيداً.

وفي القاموس : الحديث الخبر ، والجمع أحاديث شاذّ ، و الأحدوثة ما يتحدث به ، وفي الصحّاح الحديث الخبر يأتي على القليل والكثير ، ويجمع على أحاديث على غير قياس ، قال الفراء : نرى أن واحدّ الأحاديث أحدوثة ، ثمّ جعلوه جمعاً للحديث والأحدوثة ما يتحدث به ، وقال : مطه يمطه أي مده ، وفي القاموس مطه مده والدلو جذبه ، وحاجبيه وخده تكبر ، وأصابعه مدها مخاطباً بها ، وتمطط تمدد ، وفي الكلام لون فيه ، انتهى.

وسيأتي هذا الخبر بعينه في كتاب العشرة ، وفيه مطرها وفي القاموس : مطر بي وما مطر منه خيراً وبخير أي ما أصابه منه خير ، وتمطرت الطير أسرعت في هويتها كمطرت ، وعلى الأوّل الباء في قوله بأخرى للآلة ، وعلى الثاني للتعدية إلى المفعول الثاني « فما يصدق » على بناء المجهول من التفعيل ، وربّما يقرأ على بناء المعلوم

٨٨

يحدّث بالصدق فما يصدق ويغري بين النّاس بالعداوة فينبت السخائم في الصّدور فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم.

٧ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عمرو بن عثمان ، عن محمّد بن عذافر ، عن بعض أصحابه ، عن محمّد بن مسلم أو أبي حمزة ، عن أبي عبد الله ، عن أبيهعليهما‌السلام قال قال لي عليُّ بن الحسين صلوات الله عليهما : يا بنيَّ انظر خمسة فلا تصاحبهم

_________________________________________________

كينصر أي أصل الحديث صادق ، فيمطّها بكذب من عنده فلا يكون صادقاً لذلك والأوّل أظهر ، وفي القاموس : أغرى بينهم العداوة ألقاها كأنه ألزقها بهم وقال الجوهري : أغريت الكلب بالصّيد وأغريت بينهم.

وأقول : كأنّ المعنى هنا يغري بينهم المخاصمات بسبب العداوة ، أو الباء زائدة وقد قال تعالى : «فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ »(١) ويظهر من بعضهم كالجوهري أن الإغراء بمعنى الإفساد ، فلا يحتاج إلى مفعول ، وفي بعض النسخ فيما سيأتي ويفّرق بين الناس بالعداوة ، فلا يحتاج إلى تكلّف ، وقال : السخيمة والسخمة بالضمّ الحقد.

« وانظروا لأنفسكم » أي اختاروا للمؤاخاة والمصاحبة غير هؤلاء حيث عرفتم ضرر مصاحبتهم ، أو لـمّا نبهتكم على ضرر مصاحبة صأحبّ السوء فاتقوا عواقب السوء واختاروا للإخوة من لم تتضرّروا بمصاحبتهم في الدين والدّنيا وإن كان غير هؤلاء كما سيأتي أفراد أخر ، وقيل : المعنى فانظروا لأنفسكم ولا تقبلوا قول الكذاب ولا تعادوا النّاس بقولهم ، وقد قال تعالى : «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا »(٢) ولا يخلو من بعد.

الحديث السابع : ضعيف.

______________________

(١) سورة المائدة : ١٤.

(٢) سورة الحجرات : ٦.

٨٩

ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق فقلت : يا أبه من هم ؟ قال : إيّاك ومصاحبة الكذَّاب فإنّه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ويباعد لك القريب وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه بائعك بأكلة أو أقل من ذلك وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه وإياك ومصاحبة الأحمق فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك.

_________________________________________________

« فإنّه » أي الكذّاب « بمنزلة السّراب » قال الراغب : السّراب اللامع في المفازة كالماء ، وذلك لانسرابه في رأي العيّن ، ويستعمل السّراب فيما لا حقيقة له كالشراب فيما له حقيقة ، قال تعالى : «كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسبّه الظَّمْآنُ ماءً »(١) وقال تعالى : «وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً »(٢) انتهى.

وقد يقال : المراد بالكذّاب هنا من يكذب على الله ورسوله بالفتاوى الباطلة ويمكن أن يكون إشارة إلى قوله تعالى : «وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ » إلخ.

و قولهعليه‌السلام : يقرّب ، استيناف لبيان وجه الشبه ، والمستتر فيه راجع إلى الكذاب والمعنى أنه بكذبه يقرّب إليك البعيد عن الحقّ والواقع أو عن العقل ، وكذا العكس.

« فإنّه بائعك » على صيغة اسم الفاعل أو فعل ماض من المبايعة بمعنى البيعة ، والأوّل أظهر ، والأكلة إمّا بالفتح أي بأكلة واحدة أو بالضمّ أي لقمة ، قال الجوهري : أكلت الطّعام أكلا ومأكلا ، و الأكلة المرة الواحدة حتّى تشبع ، والأكلة بالضمّ اللقمة ، تقول : أكلت أكلة واحدة ، أي لقمة ، وهي القرصة أيضاً ، وهذا الشيء أكلة لك أي طعمة ، انتهى.

وقد يقرء بأكله بالإضافة إلى الضمير الراجع إلى الفاسق ، كناية عن مال الدّنيا ،

______________________

(١) سورة النور : ٣٩.

(٢) سورة النبأ : ٢٠.

٩٠

وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونا في كتاب الله عزّ وجلّ في ثلاثة مواضع قال الله عزّ وجلّ : «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ

_________________________________________________

فقوله : وأقلّ من ذلك ، الصيت والذكر عند الناس وهو بعيد ، والأوّل أصوب كما روي في النهج عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال لابنه الحسن : يا بنيّ إياك ومصادقة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك ، وإياك ومصادقة البخيل فإنه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه وإيّاك مصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه ، وإياك ومصادقة الكذاب فإنه كالسّراب يقرب عليك البعيد ويبعد عنك القريب ، والتافه : اليسير الحقير ، وذلك لأنّه لا يخاف الله ويسهل عليه خلاف الديانة فلا يحفظ حقّ المصادقة « فإنه يخذلك في ماله » أي يترك نصرتك بسبب ماله « أحوج ما تكون إليه » قيل : أحوج منصوب بنيابة ظرف الزمان لإضافته إلى المصدر ، لكون ما مصدرية ، وكما أن المصدر يكون نائبا لظرف الزمان مثل رأيته قدوم الحاج كذلك يكون المضاف إليه أيضاً نائباً وتكون تامّة ، ونسبّة الحاجة إلى المصدر مجاز ، والمقصود نسبّته إلى الفاعل ، وإليه متعلّق بالأحوج والضمير راجع إلى البخيل أو إلى ماله وقيل : أحوج منصوب على الحال من الكاف.

« في ثلاث مواضع » كذا في أكثر النسخ وكأنّ تأنيثه بتأويل المواضع بالآيات ، وفي بعضها في ثلاثة وهو أظهر «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ » قال البيضاوي : أي توليتم أمور الناس وتأمرتم عليهم ، أو أعرضتم وتوليتم عن الإسلام » «أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ » « تناجزاً عن الولاية وتجاذباً لها أو رجوعاً إلى ما كنتم عليه في الجاهليّة من التغاور والمقاتلة مع الأقارب ، والمعنى أنّهم لضعفهم في الدين وحرصهم على الدّنيا أحقاء بأن يتوقع ذلك منهم من عرف حالهم ويقول لهم : هل عسيتم » أولئك المذكورون الذين لعنهم الله لإفسادهم وقطعهم الأرحام فأصمهم عن استماع الحقّ وقبوله وأعمى أبصارهم فلا يهتدون إلى سبّيله.

٩١

وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ * أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ »(١) وقال «الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أمر اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ

_________________________________________________

«الَّذِينَ يَنْقُضُونَ » في الرعد « والذين » وحذف العاطف سهل ، لكنّ ليس في بعض النسخ «وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ » وكأنّه من النسّاخ لوجوده في أكثر النسخ.

وفي كتاب الاختصاص وغيره « عهد الله » قيل : لله تعالى عهود ، عهد أخذه بالعقل على عباده بإراءة آياته في الآفاق والأنفس ، وبما ذكر من إقامة الحجة على وجود الصانع وقدرته وعلمه وحكمته وتوحيده ، وعهد أخذه عليهم بأن يقروا بربوبيته فأقروا ، وقالوا بلى حين قال : ألست بربكم ، وعهد أخذه على أهل الكتاب في الكتب المنزلة على أنبيائهم بتصديق محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعهد أخذه على الأمم أن يصدقوا نبيا بعث إليهم بالمعجزات ويتبعوه ولا يخالفوا حكمه ، وعهد أخذه عليهم بالولاية للأوصياء ، وعهد أخذه على العلماء بأن يعلموا الجهال ويبينوا ما في الكتاب ولا يكتموه ، وعهد أخذه على النبيين بأن يبلغوا الرسالة ويقيموا الذين ولا يتفرقوا فيه ، وقد وقع النقض في جميع ذلك إلّا في الأخير.

والضمير في ميثاقه للعهد ، وقال المفسّرون : هو اسم لـمّا تقع به الوثاقة وهي الاستحكام والمراد به ما وثق الله به عهده من الآيات والكتب ، أو ما وثقوه به من الالتزام والقبول وأن يوصل في محلّ الخفض على أنّه بدل الاشتمال من ضمير به ، وفي تفسير الإمامعليه‌السلام في تفسير آية البقرة «الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ » المأخوذ عليهم لله بالربوبية ولمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوة ، ولعليُّ بالإمامة ولشيعتهما بالمحبّة والكرامة «مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ » أي إحكامه وتغليظه «وَيَقْطَعُونَ ما أمر اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ » من الأرحام والقرابات أن يتعاهدهم وأفضل رحم وأوجبهم حقّاً رحم محمّد فإن حقّهم محمّد كما أن قرابات الإنسان بأبيه وأمه ، ومحمّد أعظم حقّاً من أبويه ، كذلك حقّ رحمه أعظم وقطيعته أفظع وأفضح؟.

«وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ » بالبراءة فمن فرض الله إمامته ، واعتقاد إمامة من قد

______________________

(١) سورة محمد : ٢٣.

٩٢

أُولئِكَ لَهُمُ اللّعنة وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ »(١) وقال في البقرة «الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أمر اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ »(٢).

_________________________________________________

فرض الله مخالفته «أُولئِكَ » أهل هذه الصفة «هُمُ الْخاسِرُونَ » خسروا أنفسهم لـمّا صاروا إليه من النيران ، وحرّموا الجنان ، فيا لها من خسارة ألزمتّهم عذاب الأبد ، وحرمتّهم نعيم الأبد.

وقيل في «يَقْطَعُونَ ما أمر اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ » : يدخل فيه التفريق بين الأنبياء والكتب في التصديق وترك موالاة المؤمنين ، وترك الجمعة والجماعات المفروضة ، وسائر ما فيه رفض خيراً وتعاطى شر فإنه يقطع الوصلة بين الله وبين العبد الّتي هي المقصودة بالذات من كلّ وصل وفصّل ، وقولهعليه‌السلام : وجدته ملعوناً في ثلاثة مواضع اللّعن في الآية الأولى والثانية ظاهر ، وإمّا الثالثة فلاستلزام الخسران لا سيّما على ما فسرّه الإمامعليه‌السلام اللّعن والبعد من رحمة الله ، والله سبّحانه في أكثر القرآن وصف الكفار بالخسران ، فقد قال تعالى : «أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدّنيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ »(٣) . وقال : «فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إلّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ »(٤) وقال بعد ذكر الكفار : «لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ »(٥) وقال : «فَيَرْكُمَهُ جميعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ »(٦) وقال : «وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ »(٧) وقال : «وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ »(٨) وقال : «وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ »(٩) وقال : «قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ

______________________

(١) سورة الرعد : ٢٤. (٢) سورة البقرة : ٢٧.

(٣) سورة التوبة : ٦٩. (٤) سورة الأعراف : ٩٩.

(٥) سورة النحل : ١٠٩. (٦) سورة الأنفال : ٣٧.

(٧) سورة الأعراف : ١٧٨. (٨) سورة العنكبوت : ٥٩.

(٩) سورة البقرة : ١٢١.

٩٣

٨ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن شعيب العقرقوفي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ : «وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ

_________________________________________________

يَوْمَ الْقِيامَةِ إلّا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ »(١) وقال : «وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ »(٢) وقال : «وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ »(٣) وقال : «لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ »(٤) وقال «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ ديناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ »(٥) وقال : «وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ »(٦) .

الحديث الثامن : صحيح.

«وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ » يعني في القرآن وكأنه إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأنعام : «وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وإمّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ »(٧) فإن الأنعام مكية ، وهذه الآية في سورة النساء وهي مدنية وكأنّهعليه‌السلام لذلك اختار هذه الآية لإشارتها إلى الآية الأخرى أيضاً ، وتتمّة الآية «فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جميعاً » ، «أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ » قيل : « أن » مفسرة ، وقال البيضاوي : محففة ، والمعنى أنّه إذا سمعتم آيات الله ، وقد ورد في الأخبار الكثيرة أن آيات الله الأئمّةعليهم‌السلام أو الآيات النازلة فيهم وقال عليُّ بن إبراهيم هنا : آيات الله هم الأئمةعليهم‌السلام .

______________________

(١) سورة الزمرّ : ١٥.

(٢) سورة يونس : ٩٥.

(٣) سورة الزمرّ ٦٣.

(٤) سورة الزمرّ ٦٥.

(٥) سورة آل عمران : ٨٥.

(٦) سورة المائدة : ٥. (٧) الآية ٦٨.

٩٤

أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها » إلى آخر الآية(١) فقال إنما عنى بهذا [ إذا سمعتم ] الرّجل [ الذي ] يجحد الحقّ ويكذِّب به ويقع في الأئمة فقم من عنده ولا تقاعده كائنا من كان.

٩ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عليُّ بن أسبّاط ، عن سيف بن عميرة ، عن عبد الأعلى بن أعيّن ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال «مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ » فلا يجلس مجلساُ ينتقص فيه إمام أو يعاب فيه مؤمن.

_________________________________________________

«يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها » قال البيضاوي : حالأنّ من الآيات جيء بهما لتقييد النهي عن المجالسة في قوله : «فَلا تَقْعُدُوا » إلخ ، الذي هو جزاء الشرط بما إذا كان من يجالسه هازئا معاندا غير مرجو ، ويؤيده الغاية ، والضمير في معهم للكفرة المدلول عليهم بقوله : يكفر بها ويستهزئ بها «إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ » في الإثمّ لأنكم قادرون على الإعراض عنهم والإنكار عليهم أو الكفر إن رضيتم بذلك أو لأنّ الذين يقاعدون الخائضين في القرآن من الأخبار كانوا منافقين ، ويدلّ عليه «إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جميعاً » يعني القاعدين والمقعود معهم ، انتهى.

وفي الآية إيماء إلى أن من يجالسهم ولا ينهاهم هو من المنافقين كائنا من كان ، أي سواء كان من أقاربك أم من الأجانب ، وسواء كان ظاهراً من أهل ملتك أم لا ، وسواء كان معدودا ظاهراً من أهل العلم أم لا ، وسواء كان من الحكام أو غيرهم إذا لم تخف ضرراً.

الحديث التاسع : مجهول بعبد الأعلى ، وقد يعد حسنا لمدح فيه رواه نفسه.

« فلا يجلس » بالجزم أو الرفع ، وكأنّه إشارة إلى قوله تعالى : «لا تَجدّ قوماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ »(٢) وفيه زجر عظيم عن

______________________

(١) سورة النساء : ١٣٧.

(٢) سورة المجادلة : ٢٢.

٩٥

١٠ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن ابن القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : «مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ » فلا يقوم مكان ريبة.

_________________________________________________

استماع غيبة المؤمن حيث عادلة بانتقاص الإمام ، يقال : فلان ينتقص فلاناً أي يقع فيه ويذمه.

الحديث العاشر : ضعيف.

« مكان ريبة » أي مقام تهمة وشكّ ، وكان المراد النهي عن حضور موضع يوجب بالتهمة بالفسق أو الكفر أو بذمائم الأخلاق أعمّ من أن يكون بالقيام أو المشي أو القعود أو غيرها ، فإنّه يتّهم بتلك الصفات ظاهراً عند الناس وقد يتلوث به باطناً أيضاً كما مرّ ، قال في المغرب : رابه ريبا شككه ، والريبة الشك وبالتهمة ، ومنها الحديث دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فإن الكذب ريبة ، وإن الصدق طمأنينة أي ما يشك ويحصل فيك الريبة ، وهي في الأصل قلق النفس واضطرابها ، إلّا ترى كيف قابلها بالطمأنينة وهي السكون ، وذلك أن النفس لا تستقر متى شكت في أمر ، وإذا أيقنته سكنت واطمأنت ، انتهى.

ويحتمل أن يكون المراد به المنع عن مجالسة أرباب الشكوك والشبهات الذين يوقعون الشبهة في الدّين ، ويعدّونها كياسة ودقّة فيضلّون الناس عن مسالك أصحاب اليقين كأكثر الفلاسفة والمتكلمين ، فمن جالسهم وفاوضهم لا يؤمن بشيء بل يحصل في قلبه مرض الشكّ والنفاق ، ولا يمكنه تحصيل اليقين في شيء من أمور الدين ، بل يعرضه إلحاد عقلي لا يتمسك عقله بشيء ، ولا يطمئن في شيء ، كما أن الملحدّ الديني لا يؤمن بملّة ، فهم كما قال تعالى : «فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً »(١) وأكثر أهل زماننا سلكوا هذه الطريقة ، وقلـمّا يوجد مؤمن على الحقيقة أعاذنا الله وإخواننا المؤمنين من ذلك ، وحفظنا عن جميع المهالك.

______________________

(١) سورة البقرة : ١٠.

٩٦

١١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليُّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عبد الأعلى قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن في مجلس يعاب فيه إمام أو ينتقص فيه مؤمن.

١٢ - الحسين بن محمّد ، عن عليُّ بن محمّد بن سعد ، عن محمّد بن مسلم ، عن إسحاق بن موسى قال حدثني أخي وعمّي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ثلاثة مجالس

_________________________________________________

الحديث الحاديعشر : مجهول أو حسن وقد تقدّم مثله بتغيير ما في المتن والسّند.

الحديث الثانيعشر : مجهول.

وكأنّ المراد بالأخ الرّضاعليه‌السلام ، لأنّ الشيخ عدّ إسحاق من أصحابهعليه‌السلام وبالعم عليُّ بن جعفر ، وكأنه كان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام فظنّ الرواة أنه زائد فأسقطوه وإن أمكن رواية عليُّ بن جعفر عن أبيه ، والرضاعليه‌السلام لا يحتاج إلى الواسطة في الرواية ، والمراد بالنقمة إمّا العقوبة الدنيويّة أو اللّعنة والحكم باستحقاق العقوبة الأخروية ، و قوله : ولا تجالسوهم إمّا تأكيد لقوله فلا تقاعدوهم ، أو المراد بالمقاعدَّة مطلق القعود مع المرء وبالمجالسة الجلوس معه على وجه الموادة والمصاحبة والمؤانسة كما يقال فلان أنيسه وجليسه ، فيكون ترقيا من الأدون إلى الأعلى كما هو عادة العرب ، وعليه جرى قوله تعالى : «وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ »(١) وقوله سبّحانه : «لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ »(٢) .

ويحتمل العكس أيضاً بأن يكون المراد بالمقاعدَّة من يلازم القعود كقوله تعالى : «عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ »(٣) أو يكون المراد بأحدهما حقيقة المقاعدَّة وبالأخرى مطلق المصاحبة.

______________________

(١) سورة يونس : ٦١. (٢) سورة البقرة : ٢٥٥.

(٣) سورة ق : ١٧.

٩٧

يمقتها الله ويرسل نقمته على أهلها فلا تقاعدوهم ولا تجالسوهم : مجلساً فيه من يصف لسانه كذباً في فتياه ومجلساً ذكر أعدائنا فيه جديد وذكرنا فيه رث ومجلساً فيه من يصد عنا وأنت تعلم قال ثمّ تلا أبو عبد اللهعليه‌السلام ثلاث آيات من كتاب الله كأنما كن في فيه أو قال [ في ] كفه : «وَلا تَسبّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ

_________________________________________________

وقد ذكروا وجوها من الفرق بين القعود والجلوس لكنّ مناسبّته لهذا المقام محلّ تأمل ، وإن أمكن تحصيلها بتكلف ، قال في المصباح : الجلوس غير القعود ، فالجلوس هو الانتقال من سفل إلى علو والقعود هو الانتقال من علو إلى سفل ، فعلى الأوّل يقال لمن هو نائم أو ساجد اجلس ، وعلى الثاني لمن هو قائم أقعد وقد يكون جلس بمعنى قعد متربعاً ، وقد يفارقه ، ومنه جلس بين شعبها أي حصل وتمكن ، إذ لا يسمى هذا قعوداً فإن الرّجل حينئذ يكون معتمداً على أعضائه الأربع ، ويقال : جلس متّكئاً ولا يقال قعد متّكئاً بمعنى الاعتماد على أحدّ الجانبين.

وقال الفارابي وجماعة : الجلوس نقيض القيام فهو أعمّ من القعود ، وقد يستعملان بمعنى الكون والحصول فيكونان بمعنى واحد ، ومنه يقال : جلس متربعاً ، وقعد متربعاً ، والجليس من يجالسك ، فعيل بمعنى فاعل.

« في فتياه » قيل : في للتعليل ، ونحو قوله : «فَذلكنّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ »(١) وقال الجوهري : الرث الشيء البالي ، وقال : صد عنه صدودا أعرض ، وصده عن الأمر صدا منعه وصرفه عنه ، والمراد بمن يصد عنهم أعمّ من ذلك المجلس وغيره ، لقوله : وأنت تعلم ، أي وأنت تعلم أنه ممّن يصد عنا ، فإن لم تعلم فلا حرج عليك في مجالسته.

« قال ثمّ تلا » الضمير في قال هنا وفيما سيأتي راجع إلى كلّ من الأخ والعم ، ولذلك تكلف بعضهم وقال : الأخ والعم واحد ، والمراد الأخ الرضاعي ولا يخفى بعده ، « أو قال كفه » الترديد من الراوي أي أو قال مكان في فيه في كفه ،

______________________

(١) سورة يوسف : ٣٢.

٩٨

_________________________________________________

وعلى التقديرين الغرض التعجّب من سرعة الاستشهاد بالآيات بلا تفكر وتأمل.

وترتيب الآيات على خلاف ترتيب المطالب ، فالآية الثالثة للكذب في الفتيا ، والأولى للثّاني ، إذ قد ورد في الأخبار أن المراد بسبّ الله سبّ أولياء الله ، وإذا جلس مجلساُ يذكر فيه أعداء الله فإمّا أن يسكت فيكون مداهنا أو يتعرَّض لهم فيدخل تحت الآية ، وسيأتي في الروضة في حديث طويل عن الصادقعليه‌السلام : وجاملوا الناس ولا تحملوهم على رقابكم تجمعوا مع ذلك طاعة ربكم ، وإياكم وسبّ أعداء الله حيث يسمعونكم فيسبّوا الله عدوا بغير علم ، وقد ينبغي لكم أن تعلموا حدّ سبّهم لله ، كيف هو أنه من سبّ أولياء الله فقد انتهك سبّ الله ، ومن أظلم عند الله ممّن استسبّ لله ولأوليائه ، فمهلا مهلاً فاتبعوا أمر الله ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.

وروى العياشي عنهعليه‌السلام أنه سئل عن هذه الآية؟ فقال : أرأيت أحداً يسبّ الله؟ فقال : لا وكيف؟ قال : من سبّ ولي الله فقد سبّ الله؟

وفي الاعتقادات عنهعليه‌السلام أنه قيل له : إنا نرى في المسجد رجلاً يعلن بسبّ أعدائكم ويسبّهم؟ فقال : ما له لعنه الله ، تعرَّض بنا ، قال الله : «وَلا تَسبّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ » الآية ، قال : وقال الصادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية : لا تسبّوهم فإنهم يسبّوا عليكم ، وقال : من سبّ ولي الله فقد سبّ الله ، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليُّعليه‌السلام : من سبّك فقد سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ الله ، ومن سبّ الله فقد كبه الله على منخريه في النار.

والآية الثانية للمطلب الثالث إذ قد ورد في الأخبار أن المراد بالآيات الأئمةعليهم‌السلام ، وروى عليُّ بن إبراهيم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس في مجلس يسبّ فيه إمام أو يغتاب فيه مسلم ، إن الله تعالى يقول

٩٩

فَيَسبّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ »(١) «وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ »(٢) «وَلا تَقُولُوا لـمّا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ »(٣) .

_________________________________________________

في كتابه : «وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا » الآية ، وقيل : الأولى للثالث ، والثانية للثاني ، وقال : الخوض في شيء الطعن فيه كما قال تعالى : «وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ »(٤) ولنرجع إلى تفسير الآيات على قول المفسرين : «وَلا تَسبّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ » ، قالوا أي لا تذكروا آلهتهم الّتي يعبدونها فيها من القبائح «فَيَسبّوا اللهَ عَدْواً » أي تجاوزا عن الحقّ إلى الباطل «بِغَيْرِ عِلْمٍ » أي على جهالة بالله وما يجب أن يذكربه.

وأقول : على تأويلهمعليهم‌السلام يحتمل أن يكون المعنى بغير علم أن سبّ أولياء الله سبّ لله «وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا » قالوا » أي بالتكذيب والاستهزاء بها والطعن فيها «فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ » أي فلا تجالسهم وقم عنهم «حتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ » قيل : أعاد الضمير على معنى الآيات لأنها القرآن ، وقيل في قوله «فِي آياتِنا » حذف مضاف ، أي حديث آياتنا بقرينة قوله في حديث غيره ، وقال بعد ذلك : «وإمّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ » بأن يشغلك بوسوسته حتّى تنسى النهي «فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى » أي بعد أن تذكره «مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ » أي معهم بوضع الظاهر موضع المضمرّ دلالة على أنهم ظلموا بوضع التكذيب والاستهزاء موضع التصديق والاستعظام.

«وَلا تَقُولُوا لـمّا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ » قيل : اللام للتعليل ومتعلّق بالنهي عنه في لا تقولوا ، وما مصدرية ، قال البيضاوي : انتصاب الكذب بلا تقولوا و «هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ » بدل منه أو متعلّق بتصف على إرادة القول أي لا تقولوا الكذب لـمّا تصف

______________________

(١و٢) سورة الأنعام : ١٠٨ ، ٦٨.

(٣) سورة النحل : ١١٦. (٤) سورة المدّثّر : ٤٥.

١٠٠