مرآة العقول الجزء ١١

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 407

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 407
المشاهدات: 30807
تحميل: 8708


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 407 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 30807 / تحميل: 8708
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 11

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فالهوى على أربع شعب : على البغي والعدوان والشهوة والطغيان - فمن بغى كثرت غوائله وتخلي منه وقصر عليه ومن اعتدى لم يؤمن بوائقه ولم يسلم قلبه ولم يملك نفسه عن الشهوات ومن لم يعذل نفسه في الشهوات خاض في الخبيثات ومن طغى

____________________________________________________________________

فإذا رابه شيء دفع التراب برأسه وخرج ، فظاهر جحرة تراب وباطنه خفر ، وكذا المنافق ظاهره إيمان وباطنه كفر ، ويخرج من الإيمان من غير الوجه الذي دخل فيه.

« على الهوى والهوينا » قد مرّ تفسير الهوى وقيل : إنه ميل النفس إلى مقتضى طباعها وخروجها عن حدود الله عزّ وجلّ ، وهو أشدّ جاذب عن قصد الحقّ وأعظم ساد عن سلوك سبّيله وأقوى باعث على سلوك سبّيل النفاق ، وقال في النهاية : الهوينا تصغير الهونى تأنيث الأهون ، وهو من الهون الرفق واللين والتثبت ، انتهى.

والمراد هنا التهاون في أمر الدين وترك الاهتمام فيه كما هو طريقة المتقين ، وقيل : هي الفتنة الصغرى الّتي تجر إلى الكبرى ، والفتن تترتب كبراها على صغراها ، والمؤمن يترك الصغرى فضلا عن الكبرى ، وقال الجوهري : الحفيظة الغضب والحمية ، وقال : بغى عليه بغياً علا وظلم واستطال وكذب وفي مشيه اختال ، وقال : العدوان الظلم الصراح ، وقد عدا عليه وتعدى عليه واعتدى كله بمعنى ، والتعدي مجاوزة الشيء إلى غيره ، وقال : طغا يطغى ويطغو طغيانا : جاوز الحدّ ، وقال : فلان قليل الغائلة والمغالة أي الشرّ ، والغوائل الدواهي « وتخلي » على بناء المجهول ، « ومنه » نائب مناب الفاعل ، وكذا « قصر » و « عليه » يقال : تخلى منه وعنه تركه ، أي يخليه الله مع الشيطان وغلب عليه ، لسلب توفيق الله منه ، و البوائق الدواهي والشرور « ولم يسلم قلبه » على بناء المجرّد ، أي من الآفات والأمراض النفسانية.

« ومن لم يعذل نفسه » في المصباح عذلته عذلا من بابي ضرب وقتل لمته ، فاعتذل ، أي لام نفسه ورجع ، انتهى.

١٦١

ضلَّ على عمد بلا حجّة.

والهوينا على أربع شعب على الغرة والأمل ، والهيبة ، والمماطلة ، وذلك

____________________________________________________________________

وفي بعض النسخ بالدال المهملة ، فهو على بناء التفعيل ، وتعديله هو أن تقتصر على الحلال ولم تتجاوز إلى الحرام ، والأوّل أكثر وأظهر ، وفي « ل » ومن لم يعزل نفسه عن الشهوات بالزاي ، وله وجه خاص أي دخل في الخبيثات أي الخصال الدنية والأفعال الرديئة. « ومن طغى » أي جاوز حده وادعى ما لم يكن له ولم يتصف به ، وقيل : ارتكب الكبائر وأصر عليها ، والأوّل أظهر « ضل على عمد » لأنه عارف بنفسه بلا حجة له عند الله و الغرة بالكسر الغفلة ، وهي هنا الغفلة عن ربّه وعن عدوه الأكبر ، وعمّا خلق لأجله ، وعمّا يؤول إليه أمره ، أو الاغترار بالأماني والآمال ، وبرحمة الله وشفاعة الشفعاء ، أو بكثرة الأعمال مع غفلته عن شرائطها.

والأمل الرجاء ، قال في المصباح : أملته أملا من باب طلب وهو ضد اليأس ، وأكثر ما يستعمل فيما يستبعد حصوله قال زهير : « أرجو وآمل أن تدنو مودتها » ومن عزم إلى بلد بعيد يقول أملت الوصول ولا يقول طمعت إلّا إذا قرب منها ، والرجاء بين الأمل والطمع فإن الراجي قد يخاف أن لا يحصل مأمولة ، انتهى.

وتطويل الأمل هو أن يأمل أمورا يتوقف حصوله على عمرّ طويل ، وهو إنّما يكون بأن يعد الموت منه بعيداً وهذا يصير سبّبا لأنّ يجترئ على المعاصي ويسوف التوبة ويتوغل في الدّنيا ويبني ما لا يسكنه ، ويحصل ما لا ينتفع به ، ولذا ورد : من أطال الأمل أساء العمل ، وقد قال سبّحانه : «رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ ، ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ »(١) وقد روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال : أن أخوف ما أخاف عليكم اثنتان اتباع الهوى وطول الأمل فإن اتباع الهوى يصد عن الحقّ ، وطول الأمل ينسى الآخرة.

والمطل والمماطلة : التسويف بالعدَّة والدين « وذلك بأن الهيبة » أي المهابة

______________________

(١) سورة الحجر : ٣.

١٦٢

بأنَّ الهيبة ترد عن الحقّ والمماطلة تفرط في العمل حتّى يقدم عليه الأجل ولو لا الأمل علم الإنسان حسبّ ما هو فيه ولو علم حسبّ ما هو فيه مات خفاتا من الهول

____________________________________________________________________

والمخافة من غير الله « والمماطلة » أي صاحبها والإسناد مجازي « حتّى يقدم عليه » أي على المماطل بقرينة المقام ، وقيل : الضمير للعمل ، والأجل آخر العمر.

« حسبّ ما هو فيه » بالتحريك أي حسابه وقدره وعدده ، وما هو فيه عمره وعمله إشارة إلى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حاسبّوا أنفسكم قبل أن تحاسبّوا ، ويحتمل التدبير لكنه بعيد ، وفي القاموس : حسبّه حسبّاً وحسبّانا بالضمّ وحسباناُ وحساباُ وحسابة وحسبّة بكسرّهن عده والمعدود محسوب ، وحسبّ محرّكة ومنه هذا بحسب ذا ، أي بعدده وقدره وقد يسكن وفي الصحّاح : حسبّته أحسبّه بالضمّ حسبّاً وحساباً وحسباناً وحسابة إذا عددته ، والمعدود محسوب ، وحسبّ وهو فعل بمعنى مفعول ، ومنه قولهم : ليكن عملك بحسب ذلك أي على قدره وعدده ، واحتسبّت عليه كذا إذا أنكرت عليه ، واحتسبّت بكذا أجراً عند الله ، والاسم الحسبّة بالكسر وهي الأجر والجمع الحسبّ.

وفي المصباح قال الأصمعي : فلان حسن الحسبّة في الأمر أي حسن التدبير والنظر ، وجمع الحسبّة حسبّ كعنب ، وقيل : هو حسبّ جمع الحسبّة بمعنى الاحتساب وهو إنكار المنكر بجزاء العمل السيء وهو بعيد.

والحاصل على ما ذكرنا أنّه لو لا الأمل والغفلة الّتي يستلزمها توجه إلى حساب عمره وما صرفه فيه وما اكتسبّه من المعاصي فيه وتفكر في أنه يمكن أن يأتيه الموت قريبا فيذهب إلى الآخرة بلا عمل ولا زاد ، وتفكر في سكرات الموت وأهوال ما بعده وعقبات القيامة وأفزاعها وشدائد العقوبات الّتي استحقّها فكرا صحيحا كان حقه أن يموت فجأة من الهول والوجلّ ، كما مات همام لـمّا سمع صفات المؤمن ، وإمّا الأمل فيلهيه عن جميع ذلك حتّى يأتيه الأجل ، ويظهر منه أن في قدر من الأمل والغفلة حكمة لنظام النوع وبقاء الدّنيا ، والإكثار منهما يوجب الشقاوة في العقبى.

وفي القاموس : خفت خفوتا سكن وسكت وخفاتا أي بالضمّ مات فجاءة ، و الهول

١٦٣

والوجل والغرّة تقصر بالمرء عن العمل.

والحفيظة على أربع شعب على الكبر والفخر والحميّة والعصبيّة فمن استكبر

____________________________________________________________________

الخوف ، و الوجلّ بالتحريك الفزع وهو من آثار الخوف وتوابعه.

« والغرّة » بالمعاني المتقدّمة « تقصر بالمرء عن العمل » أي تجعله قاصراً عن كمال العمل مقصرا فيه ، وهو ظاهر وقيل : الفرق بين الغرة والمماطلة أن مع المماطلة شعورا بالعمل ومعرفة بثبوته وحقيته ، بخلاف الغرة ولذلك ذكر التفريط مع المماطلة ، والقصر مع الغرة إذ الشائع في التفريط هو التقصير في الشيء مع العلم به ، انتهى.

وأقول : على ما ذكرنا من معاني الغرة يظهر الفرق بوجوه أخرى كمإلّا يخفى على المتدبر.

« والحفيظة على أربع شعب على الكبر » وقد مرّ أنه ترفع الإنسان وتعظمه بادعاء الشرف والعلو على غيره ، أو هو بطر الحقّ كما مرّ في الأخبار ، قال في النهاية : هو أن يجعل ما جعله الله حقّاً من توحيده وعبادته باطلاً ، وقيل : هو أن يتجبر عند الحقّ فلا يراه حقّاً ، وقيل : هو أن يتكبر عن الحقّ فلا يقبله « والفخر » وهو إظهار الفرح والكمال بالحسبّ والنسبّ والمال ونحوها ، وادعاء العظمة والشرف بذلك ، وإمّا ذكر آلائه تعالى ونعمائه فليس من الفخر كما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، أي لا أقوله تبجحا وفخرا ولكنّ شكر الله تعالى وتحدثاً بنعمته. و « الحمية » الأنفة والغيرة قال الراغب : عبر عن القوّة الغضبية إذا ثارت وكثرت بالحمية فقيل : حميت على فلان ، أي غضبت عليه ، قال تعالى : «حَمِيَّةَ الجاهليّة »(١) والعصبة الأقارب من جهة الأب والعصبية حمايتّهم والدفع عنهم ، و التعصب المحاماة والمدافعة وهي والحمية من توابع الكبر ، وكان الفرق بينهما أن الحمية للنفس والعصبية للأقارب ، أو الحمية للأهل والعصبية للقبيلة.

______________________

(١) سورة الفتح : ٢٦.

١٦٤

أدبر عن الحقّ ومن فخر فجر ومن حمي أصرّ على الذُّنوب ومن أخذته العصبية جار فبئس الأمر أمر بين إدبار وفجور وإصرار وجور على الصراط.

والطمع على أربع شعب الفرح والمرح واللجاجة والتكاثر فالفرح مكروه عند الله والمرح خيلاء واللجاجة بلاء لمن اضطرته إلى حمل الآثام والتكاثر

____________________________________________________________________

« فمن استكبر أدبر عن الحقّ » لتكبّره عن طاعة أئمّة الحقّ والتذلّل عند ظهوره « ومن فخر فجر » أي كذب أو أذنب بوقوعه في المحارم. « ومن حمى أصر » أي على الذنوب الّتي توجبها الحمية من الشتم والضرب والقتل وإنكار الحقّ وتقوية الباطل « جار » أي مال عن الحقّ وظلم وتعدى لرعاية العشيرة والقبيلة.

« فبئس الأمر » الحفيظة لتردده بين الأدبار عن الحقّ والفجور والتوسع في الشرّ والإصرار عليُّ الباطل والذنوب « والجور على الصراط » وكان على بمعنى عن أي ميل عن الصراط المستقيم.

« الفرح » أي السرور بما يحصل من الدّنيا « والمرح » هو بالتحريك أشدّ الفرح وكان المراد هنا إظهاره بالتبختر ، وهو التمادي في الفعل المزجور عنه ، والتكاثر وهو التباهي بالكثرة في الأموال والأولاد والأنصار ونحوها ، « فالفرح مكروه عند الله » كما قال سبّحانه : «إِنَّ اللهَ لا يحبّ الْفَرِحِينَ »(١) « والمرح خيلاء » هو بالضمّ والكسر والمد العجب والتبختر في المشي ، وقيل : هو التكبر في كلّ شيء ، وقال ابن دريد : هو التكبر مع جر الإزار ، وأنّه من كمال التكبر عند العرب.

« واللجاجة بلاء » أي فتنة ومحنة « لمن اضطرته » أي اللجاجة « إلى حمل الآثام » الناشئة منها ، لأنّ اللجاجة سبّب للمعاصي والآثام ، ولذلك قيل : اللجاجة متولدة من الكبر وغيره من الأمور الفاسدة ، ويتولد منها أمور فاسدة أخرى « والتكاثر لهو ولعب » شبه التقلب في أمر الدّنيا باللهو واللعب في الإتعاب بلا منفعة وفي المنع عمّا يوجب منفعة أبدية من أمر الآخرة وشغل القلب عن الله تعالى وعمّا أراد

______________________

(١) سورة القصص : ٧٦.

١٦٥

لهو ولعب وشغل واستبدال الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ

فذلك النفاق ودعائمه وشعبه والله قاهر «فَوْقَ عِبادِهِ » تعالى ذكره وجلّ وجهه

____________________________________________________________________

من نوع الإنسان من الأعمال الصّالحة والأخلاق الفاضلة النافعة في الآخرة « واستبدال الذي هو أدنى » وهو الدّنيا وزهراتها الفانية « بالذي هو خير » وهو الآخرة ونعمها الباقية.

« فذلك النفاق ودعائمه وشعبة » أي أصوله وفروعه المنتجة للبعد من الله ومن دينه ، فمن تخلص من الجميع فهو مؤمن كامل ، ومن اتصف بالجميع فهو منافق كامل ومن اتصف ببعض دون بعض فهو مذبذب بينهما شبيه بالمنافق إلى أن يستقر أمره فيما شاء الله تعالى.

قيل : أحاديث هذا الباب تدلّ على أن المؤمن أقل وجودا من الكبريت الأحمرّ إذ لا يخلو أحدّ من العلماء والصالحين عن بعض الخصال المذكورة فضلا عن غيرهم. ويمكن أن يقال : هذه الخصال إن كانت لأجل التهاون بالدين أو عدم اعتقاد حقيته كان صاحبها منافقا خارجا عن الإيمان ، مشاركا لمنافقي عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الاسم والمعنى ، وإن لم يكن لأجل ذلك بل حصلت بمجرّد اقتضاء الطبيعة وهوى النفس الأمارة كان مشابها بهم ومشاركاً لهم في الاسم دون المعنى ، ولا يكون بذلك خارجا عن الإيمان وإن خرج عن كماله ، قال المازري : من المخالفين من غلب عليه خصال النفاق وأصر فيها وجعلها طبيعة وعادة له لا من وجدت فيه ندرة ، وقال : لا بد من هذا التأويل لأنّ تلك الخصال قد تجتمع في واحدّ ولا تخرجه من الإسلام كما اجتمعت في بعض السلف وبعض العلماء ، وفي إخوة يوسف وأنّهم حدثوا فكذبوا ووعدوا وأخلفوا وائتمنوا فخانوا ، مع أنّهم لم يكونوا منافقين خارجين عن الإسلام لأنّ ذلك كان ندرة منهم ، ولم يصروا على ما فعلوا ، وقال محيي الدين البغوي : هذه ذنوب لا تكفر بها فتحمل على أن من فعلها عادة وتهاونا بالدين يكون منافقا خارجا عن الإسلام ، أو على أن المراد بالنفاق معناه اللغوي لأنه لغة إظهار خلاف

١٦٦

و أَحْسَنَ كلَّ شيْءٍ خَلَقَهُ وانبسطت يداه ووسعت كلّ شيء رحمته وظهر أمره وأشرق

____________________________________________________________________

ما في الضمير ، ومن فيه هذه الخصال كذلك فإن الكاذب يظهر أنه صادق ومخلف الوعد يظهر أنه يفي بوعده وكذا في بقيتها « والله قاهر فوق عباده » إشارة إلى قوله تعالى : «وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ »(١) أي غالب على جميعهم فوقهم بالاستيلاء والقدرة على إيجادهم وإبقائهم وإفنائهم « تعالى ذكره » أي عن النقائص أو عن أن يشبه ذكر المخلوقين أو عيّن أن يأتي به أحدكما هو حقه.

ويؤيد الثاني ما ورد في الدعاء : تعالى ذكرك عن المذكورين.

« وجلّ وجهه » أي ذاته أجل من أن يوصل إلى كنهه أو أنبيائه وحججهعليهم‌السلام أو دينه و «أَحْسَنَ كلّ شَيْءٍ خَلَقَهُ » قوله : خلقه بدل اشتمال لكلّ شيء أي أحسن خلق كلّ شيء أو هو بفتح اللام على صيغة الفعل وعلى التقديرين ناظر إلى قوله سبّحانه : «ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ، الَّذِي أَحْسَنَ كلّ شَيْءٍ خَلَقَهُ » وقد قرئ على الوجهين.

قال البيضاوي «الَّذِي أَحْسَنَ كلّ شَيْءٍ خَلَقَهُ » موفرا عليه ما يستعده ويليق به على وجه الحكمة والمصلحة ، وخلقه بدل من كلّ شيء بدل الاشتمال ، وقيل : علم كيف يخلقه عن قوله : قيمة المرء ما يحسنه ، أي يحسن معرفته وخلقه مفعول ثان ، وقرأ نافع والكوفيون بفتح اللام على الوصف ، انتهى.

ويرد عليه أن الإحسّان بمعنى العلم لا يتعدّى إلى مفعولين.

في القاموس : هو يحسن الشيء إحسانا يعلمه ، فالظاهر أن يكون على هذا التقدير أيضاً بدل اشتمال « وانبسطت يداه » إشارة إلى قوله تعالى : «وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ »(٢) وقيل : ثنى اليد مبالغة في الرد ونفي البخل عنه وإثباتا لغاية الجود ، فإن غاية ما يبذله السخي

______________________

(١) سورة الأنعام : ١٨. (٢) سورة المائدة : ٦٤.

١٦٧

____________________________________________________________________

من ماله أن يعطيه بيديه ، وتنبيهاً على منح الدّنيا والآخرة وعلى ما يعطى للاستدراج وما يعطى للإكرام.

وقال الطبّرسي (ره) : اليد تذكر في اللّغة على خمسة أوجه : الجارحة والنعمة ، والقوّة والملك ، وتحقيق إضافة الفعل ، ثمّ قال : ولـمّا كان الجواد ينفق باليد والجواد بمسك اليد عن الإنفاق ، أضافوا الجود والبخل إلى اليد ، فقالوا للجواد : مبسوط اليد ، وللبخيل مقبوض الكف ، وأنكر الزجاج كون اليد هنا بمعنى النعمة لأنه يكون معناه نعمتاه مبسوطتان ، ونعم الله أكثر من أن تحصى ، وأجيب بأن المراد مطلق التكرار نحو لبيك وسعديك ، ثمّ قال : ولك أن تحمل المثنى على أنه تثنية جنس ، ويكون أحدّ جنسي النعمة نعمة الدّنيا ، والآخرة نعمة الآخرة والنعم الظاهرة والباطنة كما قال سبّحانه : «وَأَسبّغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً »(١) وقيل : المراد باليد القوّة أي قوتاه بالثواب والعقاب مبسوطتان ، انتهى.

وأقول : يحتمل أن يكون اليدان كناية عن النعمة والبلاء ، فإن منحه تعالى منح لعباده كما قيل في الدعاء : والخير في يديك ، وقيل : كناية عن قبول توبة المذنبين ، وإنما كني بذلك لأنّ العرب إذا رضي أحدهم الشيء بسط يده لأخذه ، وإذا كرهه قبضها.

« ووسعت كلّ شيء رحمته » من المؤمن والكافر ، والمكلف وغيره في الدّنيا ، وإمّا في الآخرة فهو للمؤمن خاصّة كما قال جل شأنه : «وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كلّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ »(٢) .

« وظهر أمره » أي وجوده وعلمه وقدرته وحكمته بما أظهر في الآفاق والأنفس ، أو دينه وشرائعه في العباد ليقروا له بالعبودية ، أو أمره التكويني الدال على كمال

______________________

(١) سورة لقمان : ٢٠. (٢) سورة الأعراف : ١٥٦.

١٦٨

نوره وفاضت بركته واستضاءت حكمته وهيمن كتابه وفلجت حجته وخلص دينه

____________________________________________________________________

قدرته « وأشرق نوره » أي أفاض نور الوجود والعلم والكمالات على جميع المواد القابلة بحسب قابلياتها ، واستعداداتها ، وقيل : أي علمه في قلوب العارفين أو حجته الدالة على وحدانيته وعلو ذاته وصفاته ، أو نبوة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو نور الولاية المشار إليه بقوله تعالى : «يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إلّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ »(١) والأظهر أنه إشارة إلى قوله سبّحانه : «لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حتّى جاءَ الحقّ وَظَهَرَ أمر اللهِ وَهُمْ كارِهُونَ »(٢) قيل : لقد ابتغوا الفتنة ، أي تشتت أمرك وتفريق أصحابك «مِنْ قَبْلُ » يعني يوم أحدّ «وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ » أي دبروا لك المكائد والحيل ودوروا لآراء في إبطال أمرك «حتّى جاءَ الحقّ » أي النصر والتأييد الإلهي «وَظَهَرَ أمر اللهِ » أي علانية «وَهُمْ كارِهُونَ » أي على زعم منهم.

« وفاضت بركته » أي كثرت من فاض الماء يفيض فيضاً إذا كثر ، ومن أسمائه تعالى : الفياض لسعة عطائه وكثرته ، وتطلق البركة غالباً على النعم الدنيويّة كالرحمة على الأخروية ، قال الراغب : أصل البرك صدر البعير ، وإن استعمل في غيره يقال له : بركة ، وبرك البعير ألقى بركة ، واعتبر منه معنى اللزوم وسمي محبس الماء بركة ، والبركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء قال تعالى : «لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السّماء وَالْأَرْضِ »(٣) وسمي بذلك لثبوت الخير ثبوت الماء في البركة ، والمبارك ما فيه ذلك الخير.

« واستضاءت حكمته » أي شريعته أو مصلحته أو علمه بالأشياء وإيجادها على غاية الإتقان ، أو ما علمه العباد من الحكم كما قال تعالى : «وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ »(٤) .

« وهيمن كتابه » أي صار كتابه حافظاً وشاهداً ورقيباً على كلّ شيء ، لأن

______________________

(١) سورة الصف : ٨. (٢) سورة التوبة : ٤٨.

(٣) سورة الأعراف : ٩٦. (٤) سورة الجمعة : ٢.

١٦٩

____________________________________________________________________

فيه تبيان كلّ شيء أو هو قائم على سائر الكتب رقيب عليها لأنّه يشهد لها بالصّحة والأخير أظهر ، لأنه ناظر إلى قوله تعالى : «وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالحقّ مُصَدِّقاً لـمّا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ »(١) .

قال البيضاوي : من الكتاب ، أي من جنس الكتب المنزلة ومهيمناً عليه ورقيباً على سائر الكتب يحفظها عن التغيير ويشهد لها بالصحة والثبات ، وقرئ على بنية المفعول ، أي هو من عليه وحوفظ من التحريف والحافظ له هو الله تعالى ، والحفاظ في كلّ عصر ، وفي القاموس : هيمن الطائر على فراخه رفرف ، وعلى كذا صار رقيباً عليه وحافظا ، والمهيمن وتفتح الميم الثانية من أسماء الله تعالى في معنى المؤمن من أمن غيره من الخوف فهو ماء من بهمزتين ، قلبت الثانية ياءا ثمّ الأولى هاء ، أو بمعنى الأمين أو المؤتمن أو الشاهد.

« وفلجت حجته » أي غلبت حجته الدالة على ربوبيته وتوحيده وقدرته وحكمته وظهرت ظهورا تإمّا حتّى فرقت بين الحقّ والباطل أو تمت حجته على العباد ، كما قال سبّحانه : «قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ »(٢) أو المراد بالحجة الرسل والأوصياءعليهم‌السلام « وخلص دينه » أي الدين الذي شرع للعباد خالص عن الكذب والباطل والغشّ ، وقيل : الدين الطّاعة وفيه تنبيه على أن الطّاعة المختلطة بغير وجه الله تعالى ليست طاعة.

أقول : هذا إشارة إلى قوله تعالى في الزمرّ : «إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالحقّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ »(٣) قال البيضاوي : أي محضاً له الدين من الشرك والرياء ، ثمّ قال : إلّا لله الدين الخالص ، قال : هو أي إلّا هو الذي وجب اختصاصه بأن يخلص له الطّاعة ، فإنّه المتفرّد بصفات الألوهيّة والاطلاع على السّرائر والضمائر ثمّ قال :

______________________

(١) سورة المائدة : ٤٥. (٢) سورة الأنعام : ١٤٩.

(٣) سورة الزمرّ : ٢.

١٧٠

واستظهر سلطانه وحقّت كلمته وأقسطت موازينه وبلّغت رسله فجعل السّيئة ذنباً

____________________________________________________________________

تعالى : «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إلّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ » ثمّ قال سبّحانه : «قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ » إلى أن قال : «قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ».

قال الطبرسي : مخلصاً له الدين من شرك الأوثان والأصنام ، والإخلاص له أن يقصد العبد بنيته وعمله إلى خالقه لا جعل ذلك لغرض الدّنيا ، والخالص ما لا يشوبه الرياء والسمعة ، ولا وجه من وجوه الدّنيا ، والدين الخالص الإسلام ، وقيل : معناه إلّا لله الطّاعة بالعبادة الّتي يستحقّ بها الجزاء فهذا لله وحده لا يجوز أن يكون لغيره ، وقيل : هو الاعتقاد الواجب في التوحيد والعدل والنبوة والإقرار بها والعمل بموجبها ، والبراءة من كلّ دين سواها ، وقال : العبادة الخالصة هي الّتي لا يشوبها شيء من المعاصي ، انتهى.

فظهر أن خلوص دينه عبارة عن نفي الشرك الظاهر والباطن والجلي والخفي ، كما هو مفاد الآيات البينات « واستظهر سلطانه » الاستظهار بمعنى الظهور والعلو والغلبة ، يقال : ظهر على الحائط إذا علاه ، وظهر عليُّ العدوّ إذا غلبه ، والسلطان يطلق على الحجة والبرهان والولاية والسلطنة والزيادات للتأكيد والمبالغة.

« وحقت كلمته » أي مواعيده في الثواب والعقاب للمؤمنين والكفار ، وقيل : أي كلامه مطلقاً أو القرآن الكريم ، وفي الأخبار أن كلمات الله هم الحججعليهم‌السلام وكأنه إشارة إلى قوله سبّحانه : «وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ »(١) وقوله : «كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ »(٢) وقوله : «وَلكنّ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ »(٣) وقوله : «وَتَمَّتْ

______________________

(١) سورة غافر : ٦.

(٢) سورة يونس : ٣٣. (٣) سورة الزمرّ : ٧١.

١٧١

كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ »(١) .

« وأقسطت موازينه » أي صارت ذا قسط وعدل ، والإسناد مجازي وهو إشارة إلى قوله تعالى : «وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شيئاً »(٢) وقال البيضاوي : القسط العدل يوزن بها صحائف الأعمال ، وإفراد القسط لأنه مصدر وصف به للمبالغة ، وفي المصباح : قسط قسطاً من باب ضرب وقسوطاً جار وعدل أيضاً فهو من الأضداد ، قال ابن القطاع ، وأقسط بالألف عدل والاسم القسط.

وقال الراغب : القسط هو النصيب بالعدل ، قال تعالى : «وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ »(٣) والقسط بالفتح هو أن يأخذ قسط غيره وذلك جور ، والأقساط أن يعطي قسط غيره وذلك إنصاف ، ولذلك قيل : قسط الرّجل إذا جار وأقسط إذا عدل ، قال تعالى : «وإمّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً »(٤) وقال : «وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يحبّ الْمُقْسِطِينَ »(٥) .

« فجعل السيئة » الفاء لبيان تبليغ الرسل ، والسيئة الفعلة القبيحة ضد الحسنة ، سواء كان من القول أو الفعل أو العقد ، والذنب ما يوجب العقوبة أي جعل الأفعال الّتي يستقبحها العقول السليمة موجبة للعقوبة حيث نهى عنها وحرمها وأوعد عليها ، « والذنب فتنة » أي ضلالة عن الحقّ أو افتتانا وامتحانا ، فإن التكاليف كلها ابتلاء أو سبّب للافتتان بالدّنيا واستيلاء الشيطان عليه ، أو عذابا وعقوبة ، وفي القاموس : الفتنة بالكسر الخبرة وإعجابك بالشيء والضلال والإثمّ والكفر والفضيحة والعذاب ، وإذابة الذهب والفضة والإضلال والجنون والمحنة والمال والأولاد ، واختلاف الناس في الآراء.

وأقول : أكثر المعاني هنا مناسبة.

______________________

(١) سورة الأنعام : ١١٥. (٢) سورة الأنبياء : ٤٧.

(٣) سورة الرَّحمن : ٩. (٤) سورة الجنّ : ١٥.

(٥) سورة الحجرات : ٩.

١٧٢

والَّذنب فتنة والفتنة دنساً وجعل الحسنى عتبى والعتبى توبة والتوبة طهوراً ، فمن

____________________________________________________________________

« والفتنة دنسا » أي وسخا تتوسخ به النفس والقلب فتذهب نورهما وصفائهما كما قال تعالى : «كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسبّونَ »(١) « وجعل الحسنى » أي الفعلة الحسنى وهي الأعمال الحسنة مقابل السيئة أو الكلمة الحسني وهي العقائد الحقة والعتبي الرضا أي سبّبا لرضا الخالق أو الرجوع من الذنب والإساءة والعصيان إلى الطّاعة والتوبة والإحسّان ، وقيل : أي جعل الأعمال الحسنة بمنزلة التوبة ما حية للذنوب ، فهو ناظر إلى قوله تعالى : «إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ »(٢) ويحتمل أن يكون المعنى أن العاقبة الحسنى إنما تحصل بالعتبى والتوبة كما قال : «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ »(٣) وقال تعالى : «وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى » ، و «كَذَّبَ بِالْحُسْنى »(٤) » وقال : «وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى »(٥) «إِنَّ الَّذِينَ سبّقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى »(٦) «وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى »(٧) ومثله كثير.

وقال الراغب : الفرق بين الحسن والحسنة والحسنى أن الحسن يقال في الأعيان والأحداث ، وكذلك إذا كانت وصفا ، وإذا كانت اسما فمتعارف في الأحداث ، والحسنى لا يقال إلّا في الأحداث دون الأعيان.

« والعتبي توبة » أي اكتفي بترك الذنب والندامة عليها مع العزم على الترك توبة ماحية للذنب.

« والتوبة طهوراً » أي مطهراً من دنس العصيان ولوث الخطايا « فمن تاب اهتدى » إلى الحقّ وسبّيل النجاة « ومن افتتن » بالأدناس أي الذنوب الموجبة للدنس « غوى » عن سبّيل الحقّ والنجاة وضل.

______________________

(١) سورة المطففين : ١٤. (٢) سورة هود : ١١٤.

(٣) سورة يونس : ٢٦. (٤) سورة الليل : ٦ و٩.

(٥) سورة النجم : ٣١. (٦) سورة الأنبياء : ١٠١.

(٧) سورة النحل : ٦٢.

١٧٣

تاب اهتدى ومن افتتن غوى ما لم يتب إلى الله ويعترف بذنبه ولا يهلك على الله إلّا هالك.

الله الله فما أوسع ما لديه من التوبة والرَّحمة والبشرى والحلم العظيم وما أنكلّ ما عنده من الأنكال والجحيم والبطش الشديد فمن ظفر بطاعته اجتلب كرامته

____________________________________________________________________

« ولا يهلك على الله » ضمّن معنى الاجتراء فعدّي بعلى ، ويحتمل أن يكون على بمعنى في كما في قوله تعالى : «وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها »(١) أو بمعنى من كما قيل في قوله تعالى : «إِذَا اكْتالُوا عَلَى الناس يَسْتَوْفُونَ »(٢) فالهلاك بمعنى الخيبة ، أو بمعنى مع كما قيل في قوله تعالى : «وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ »(٣) أي مع رحمته الكاملة « إلّا هالك » بلغ الغاية في استحقاق العقوبة والهلاك.

« الله الله » منصوبان بفعل محذوف أي اتقوا الله واحذروا الله ، والتكرير للمبالغة والتأكيد ، وقد يراد به التعجب « فما أوسع » للتعجب « ما لديه من التوبة » أي قبولها « وما أنكلّ ما عنده من الأنكال » إشارة إلى قوله تعالى : «إِنَّ لَديناً أَنْكإلّا وَجَحِيماً »(٤) والنكلّ بالتحريك منع الرّجل وتبعيده عمّا يريد ، والنكال بالفتح العقوبة الّتي ينكلّ الناس عن فعل ما جعلت له جزاء ، والنكلّ بالكسر القيد لأنه ينكلّ به أي يمنع ، وجمعه أنكال ، و الجحيم من أسماء جهنم وأصله ما اشتد لهبه من النيران ، والبطش الشديد ناظر إلى قوله تعالى : «إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ »(٥) والبطش : الأخذ القوي الشديد ، والوصف للتأكيد « اجتلب كرامته » أي تحفه وهداياه الخاصّة لأوليائه في الدّنيا والآخرة « ذاق وبال نقمته » الوبال في الأصل الثقل والمكروه وقد يراد به العذاب في الآخرة ، والنقمة السخط والغضب والعقوبة ، ومن أسمائه سبّحانه المنتقم ، وهو المبالغ في العقوبة ، وكما أن رحمته عظيمة كذلك نقمته شديدة ، فإن

______________________

(١) سورة القصص : ١٥.

(٢) سورة المطففين : ٢. (٣) سورة البقرة : ١٧٧.

(٤) سورة المزمل : ١٢. (٥) سورة البروج : ١٢.

١٧٤

ومن دخل في معصيته ذاق وبال نقمته و عمّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ.

٢ - محمّد بن يحيى ، عن الحسين بن إسحاق ، عن عليُّ بن مهزيار ، عن محمّد بن عبد الحميد والحسين بن سعيد جميعاً ، عن محمّد بن الفضيل قال كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام أسأله عن مسألة فكتب إلي : «إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصّلاة قامُوا كُسالى يُراؤُنَ الناس وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إلّا قَلِيلاً

____________________________________________________________________

كلّ ما اتصف به فهو على حدّ الكمال « وعمّا قليل » ما زائدة للمبالغة في القلة أي عن زمان قليل أو نكرة موصوفة «لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ » عمّا فعلوا من المعاصي ، ولا ينفعهم الندم لفوت زمان التكليف.

الحديث الثاني : مجهول.

«يُخادِعُونَ اللهَ » أي يظهرون الإيمان والصلاح ويخفون الكفر والفساد للنجاة من قتلهم وسبّي ذراريهم ونهب أموالهم ودفع ضرر المؤمنين عن أنفسهم «وَهُوَ خادِعُهُمْ » بإدخالهم في المسلمين ظاهراً وإجراء أحكامهم عليهم وتعذيبهم أشدّ من تعذيب الكفار ، وجعلهم في الدرك الأسفل من النار وخداعهم مع الله ليس على ظاهره ، لأنه لا يخفى عليه شيء بل المراد إمّا مخادعة رسوله على حذف المضاف ، أو على أن معاملة الرسول معاملة الله ، وإمّا صورة صنيعهم مع الله وصورة صنيعه معهم صورة المتخادعيّن «قامُوا كُسالى » أي متثاقلين عنها كالمكره على الفعل «يُراؤُنَ الناس » إظهارا لإيمانهم.

«وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إلّا قليلاً » لأنّ المرائي لا يفعل إلّا بحضور من يراه وهو أقل أحواله ، أو لأنّ المراد بالذكر الذكر القلبي «مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ » حال من واو يراؤون مثل ولا يذكرون ، أو من واو يذكرون أو منصوب على الذمّ والمعنى مرددين بين الإيمان والكفر ، ومتحيّرين بينهما من ذبذبه تركه حيران مترددا ، والمذبذب المتردّد بين أمرين «لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ » أي لا منسوبين إلى المؤمنين ولا إلى الكافرين ، لعدم الإقرار بالجنان وعدم الإنكار باللسان ، «وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ » بسلب

١٧٥

مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجدّ لَهُ سبّيلاً »(١) ليسوا من الكافرين وليسوا من المؤمنين وليسوا من المسلمين يظهرون الإيمان ويصيرون إلى الكفر والتكذيب لعنهم الله.

٣ - الحسين بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور ، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن الأصم ، عن الهيثمّ بن واقد ، عن محمّد بن سليمان ، عن ابن مسكان ، عن أبي حمزة ، عن عليُّ بن الحسين صلوات الله عليهما قال قال : إن المنافق ينهى ولا ينتهي ويأمر بما لا يأتي وإذا قام إلى الصّلاة اعترض قلت يا ابن رسول الله وما الاعتراض قال الالتفات وإذا ركع ربض يمسي وهمه العشاء وهو مفطر ويصبح وهمه النوم ولم يسهر إن

____________________________________________________________________

اللّطف والتوفيق «فَلَنْ تَجدّ لَهُ سبّيلاً » إلى الحقّ والإيمان ، وقيل : لعلّه لم يذكر المسألة تقية.

وكأنّ السّؤال عن حال المأمون لأنّه كان من أعداء أهل البيتعليهم‌السلام ، ويظهر التشيّع للمصلحة نفاقاً فقوله : ليسوا من الكافرين ، المراد هو وأضرابه كذي الرئاستين ومثله.

الحديث الثالث : ضعيف.

وقيل : لعلّ المراد بالمنافق هنا ناقص الإيمان ، وهو شبيه بالمنافق الحقيقي لـمّا بينهما من الملائكة في عدم الإتيان بما ينبغي الإتيان به وإن كان هذا معتقدا للحقّ كما مرّ عن يزيد الصائغ : هي أدنى منازل الكفر وليس بكافر ، ولا دلالة فيه على أن من شرط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر العمل بما يقول ، لأنّ الواجب في طرف الأمر أمران أحدهما أن يأمر غيره ، والثاني أن يمتثل في نفسه ، وكذا في طرف النهي والنفاق والعقوبة من جهة المخالفة ، وهي أنّه لم يمتثل لا للأمر والنهي ، والاعتراض أن يمشي في عرض الطّريق يميناً وشمالاً أستعير هنا للالتفات يميناً وشمالاَ.

« وإذا ركع ربض » في المصباح : الربض بفتحتين والمريض مثال مجلس للغنم

______________________

(١) سورة النساء : ١٤٢.

١٧٦

حدّثك كذبك وإن ائتمنته خانك وإن غبت اغتابك وإن وعدك أخلفك.

٤ - عنه ، عن ابن جمهور ، عن سليمان بن سماعة ، عن عبد الملك بن بحر رفعه مثل ذلك - وزاد فيه - إذا ركع ربض وإذا سجد نقر وإذا جلس شغر.

٥ - أبو عليّ الأشعري ، عن الحسن بن عليّ الكوفي ، عن عثمان بن عيسى ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل المنافق مثل جذع النخل أراد صاحبه أن ينتفع به في بعض بنائه فلم يستقم له في الموضع الذي أراد فحوله في موضع آخر فلم يستقم له فكان آخر ذلك أن أحرقه بالنار.

____________________________________________________________________

مأواها ليلاً ، وربضت الدابّة ربضاً من باب ضرب وربوضاً وهو مثل بروك الإبل.

وأقول : هنا إمّا كناية عن إدلاء رأسه وعدم استواء ظهره ، أو عن أنّه يسقط نفسه على الأرض قبل أن يرفع رأسه من الركوع كإسقاط الغنم نفسه عند ربوضه ، و العشاء كسماء طعام العشيّ ، وظاهره وجوب الوفاء بالوعد وإن أمكن المناقشة فيه.

الحديث الرابع : كالسابق.

« وإذا سجد نقر » أي خفّف السجّود ، في النهاية : فيه أنّه نهى عن نقرة الغراب يريد تخفيف السّجود وأنّه لا يمكث فيه إلّا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله « وإذا جلس شغر » قيل : أي أقعى كاقعاء الكلب ، وقيل : أي رفع ساقيه من الأرض ، وقعد على عقبيه من شغر الكلب كمنع رفع أحدّ رجليه بال أو لم يبل ، والأظهر عندي أنّه إشارة إلى ما يستحبه أكثر المخالفين في التشهد فإنهم يجلسون على الورك الأيسر ، ويجعلون الرّجل اليمنى فوق اليسرى ، ويقيمون القدم اليمنى بحيث يكون رؤوس الأصابع إلى القبلة ، وفي بعض النسخ شفر بالفاء ، وقيل : هو من التشفير بمعنى النقص ، في القاموس : شفر كفرح نقص والأوّل أظهر.

الحديث الخامس : موثق.

وهو تشبيه حسن للمنافق وإنّه لعدم استقامته لا يصلح لشيء إلّا للإحراق

١٧٧

٦ - عدَّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق.

( باب الشرك )

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن بريد العجليّ ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سألته عن أدنى ما يكون العبد به مشركاً قال فقال من قال للنواة إنّها حصاة وللحصاة إنّها نواة ثمّ دان به.

____________________________________________________________________

الحديث السادس : ضعيف.

وكلمة « ما » شرطيّة زمانيّة ، نحو : «فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ »(١) ولذا لم يحتج إلى العائد ، ويدلّ على أن زيادة خشوع البدن عليُّ خشوع القلب من الرّياء ، وهو من النفاق ، وفي قوله : عندنا إيماء إلى أنّه ليس بنفاق حقيقيّ بل هو خصلة مذمومة شبيهة بالنفاق.

باب الشرك

الحديث الأول : صحيح.

ويظهر من أخبار الباب أنّ للشرك معاني ومنازل كالتوحيد الّذي يقابله « من قال للنواة إنّها حصاة » قال الشيخ البهائي : لعلّ مرادهعليه‌السلام من اعتقد شيئاً من الدين ولم يكن كذلك في الواقع فهو أدنى الشرك ، ولو كان مثل اعتقاد أن النواة حصاة وأن الحصاة نواة ، ثمّ دان به ، انتهى.

والمضاف هنا مقدّر أي حال من قال ، والواو في قوله وللحصاة بمعنى أو ، و قوله : ثمّ دان به ، إشارة إلى أنّه إنّما يكون شركاً إذا دان به أي عبد الله واعتقد أو أظهر أنه من عند الله ، بخلاف ما إذا قال زيد ابن عمرو ولم يكن كذلك ، لكنّ لم ينسبّه إلى

______________________

(١) سورة التوبة : ٧.

١٧٨

٢ - عنه ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي العبّاس قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أدنى ما يكون به الإنسان مشركاً قال فقال من ابتدع رأيا فأحبّ عليه أو أبغض عليه.

٣ - عدَّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن سماعة ، عن أبي بصير وإسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : «وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إلّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ »(١) قال يطيع الشيطان

____________________________________________________________________

الله ، ويمكن أن يقال في التشبيه بالنواة والحصاة إشعار بأنّه إنّما يكون شركاً إذا كان من ضروريات الدين فإنّ كون الحصاة حصاة والنواة نواة ضروري يعرفه كلّ أحد ، لكنّ سائر أخبار الباب يدلّ على ما هو أعمّ من ذلك فكلّ من ابتدع شيئاً في الدين فهو مشرك ، لأنّه افترى على الله وأشرك به حيث اتبع في ذلك الشيطان أو سائر الطواغيت ، أو النفس والهوى ، وهذا هو الشرك بالمعنى الأعم.

وقيل : دان به يعني اعتقده بقلبه وجعله ديناً ، والوجه في كونه شركاً أنّه يرجع إلى متابعة الهوى أو تقليد من يهوي فصاحبه وإن عبد الله وأطاعه فقد أطاع هواه ، أو من يهواه مع الله وأشركه معه « انتهى » ويرجع إلى ما ذكرنا.

الحديث الثاني : صحيح.

والرأي المبتدع ما ليس له مستند شرعي ، وصاحبه مشرك لأنه اتخذ مع الربّ عزّ وجلّ ربا آخر ، وهو نفسه وهواه ، أو غيرهما كما مرّ وإن لم يشعر به ، سواء كان ذلك الرأي متعلقا بالأصول أم بالفروع « فأحبّ عليه » أي من تابعه فيه « وأبغض عليه » أي من خالفه ، وإمّا الذي أخطأ في فهم الكتاب والسنّة وبذل الجهد في ذلك ولم يقصر فيه وكان أهلاً لذلك فالظاهر أنّه ليس بداخل فيه.

الحديث الثالث : ضعيف.

«وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ » قال في المجمع : اختلف في معناه على أقوال : أحدها أنّهم

______________________

(١) سورة يوسف : ١٠٦.

١٧٩

من حيث لا يعلم فيشرك.

____________________________________________________________________

مشركو قريش كانوا يقرّون بالله خالقاً ومحيياً ومميتاً ويعبدون الأصنام ويدعونها آلهة مع أنهم كانوا يقولون الله ربّنا وإلهنا يرزقنا فكانوا مشركين بذلك عن ابن عبّاس والجبائي ، وثانيها : أنّها نزلت في مشركي العرب إذا سئلوا من خلق السماوات والأرض وينزل القطر؟ قالوا : الله ، ثمّ هم يشركون وكانوا يقولون في تلبيتّهم لبيك لا شريك لك إلّا شريك هو لك تملكه وما ملك ، عن الضحاك ، وثالثها : أنهم أهل الكتاب آمنوا بالله واليوم الآخر والتوراة والإنجيل ثمّ أشركوا بإنكار القرآن وإنكار نبوة نبينا عن الحسن ، وهذا القول مع ما تقدمه رواه دارم بن قبيصة عن الرضا عن جده أبي عبد اللهعليهما‌السلام ورابعها : أنهم المنافقون يظهرون الإيمان ويشركون في السرّ عن البلخي ، وخامسها : أنّهم المشبهة آمنوا في الجملة وأشركوا في التفصيل عن ابن عبّاس أيضاً ، وسادسها : أن المراد بالإشراك شرك الطّاعة لا شرك العبادة أطاعوا الشيطان في المعاصي الّتي يرتكبونها ممّا أوجب الله عليها النار فأشركوا بالله في طاعته ولم يشركوا بالله في عبادته فيعبدون معه غيره عن أبي جعفرعليه‌السلام .

وروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال : قول الرّجل لو لا فلان لضاع عيالي ، جعل لله شريكاً في ملكه يرزقه ويدفع عنه ، فقيل له : لو قال : لو لا أن من الله عليُّ بفلان لهلك؟ قال : لا بأس بهذا.

وفي رواية زرارة ومحمّد بن مسلم وحمران عنهماعليهما‌السلام أنه شرك النعم.

وروى محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال : إنه شرك لا يبلغ به الكفر ، انتهى.

وأقول : روى عليُّ بن إبراهيم والعياشي عن البأقرّعليه‌السلام : هي المعاصي الّتي يرتكبون فهي شرك طاعة أطاعها فيها الشيطان فأشركوا بالله في الطّاعة لغيره وليس بإشراك عبادة أن يعبدوا غير الله ، وروى العياشي عن البأقرّعليه‌السلام هو قول الرّجل لا وحياتك ، وفي التوحيد عن الصادقعليه‌السلام قال : هم الذين يلحدون في أسمائه بغير

١٨٠