مرآة العقول الجزء ١١

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 407

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 407
المشاهدات: 30825
تحميل: 8708


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 407 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 30825 / تحميل: 8708
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 11

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أحبّه الله فستر عليه في الدّنيا والآخرة فقلت وكيف يستر عليه ؟ قال : ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذُّنوب ويوحي إلى جوارحه : اكتمي عليه ذنوبه ويوحي

____________________________________________________________________

ومنها : أن النصوح من النصاحة وهي الخياطة لأنّها تنصح من الدين ما مزقته الذنوب أو يجمع بين التائب وبين أولياء الله وأحبّائه كما تجمع الخياطة بين قطع الثوب.

ومنها : أن النصوح وصف للتائب وإسناده إلى التوبة من قبيل الإسناد المجازي أي توبة ينصحون بها أنفسهم بأن يأتوا بها على أكمل ما ينبغي أن تكون عليه حتّى تكون قالعة لآثار الذنوب من القلوب بالكلية ، وذلك بإذابة النفس بالحسرات ، ومحو ظلمة السيئات بنور الحسنات.

روى الشيخ الطبرسي عند تفسير هذه الآية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أن التوبة تجمعها ستّة أشياء ، على الماضي من الذنوب الندامة ، وللفرائض الإعادة ، ورد المظالم ، واستحلال الخصوم ، وأن تعزم على أن لا تعود ، وأن تذيب نفسك في طاعة الله كما ربيتها في المعصية ، وأن تذيقها مرارة الطاعات كما أذقتها حلاوة المعاصي.

وأورد السيّد الرضيرضي‌الله‌عنه في كتاب نهج البلاغة أن قائلا قال بحضرته : أستغفر الله ، فقال له : ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار؟ إن الاستغفار درجة العليين ، وهو اسم واقع على ستّة معان أولها : الندم على ما مضى ، الثاني : العزم على ترك العود إليه أبداً ، الثالث : أن يؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتّى تلقى الله سبّحانه أملس ليس عليك تبعة ، الرابع : أن تعمد إلى كلّ فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقّها ، الخامس : أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتّى يلصق الجلد باللحم ، وينشأ بينهما لحم جديد ، السادس : أن تذيق الجسم ألم الطّاعة كما أذقته حلاوة المعصية.

وفي كلام بعض الأكابر أنه لا يكفي في جلاء المرآة قطع الأنفاس والأبخرة المسودة لوجهها ، بل لا بد من تصقيلها وإزالة ما حصل في جرمها من السواد ،

٣٠١

إلى بقاع الأرض اكتمي ما كان يعمل عليك من الذُّنوب ، فيلقى الله حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب.

____________________________________________________________________

كذلك لا يكفي في جلاء القلب من ظلمات المعاصي وكدوراتها ، مجرّد تركها وعدم العود إليها ، بل يجب محو آثار تلك الظلمات بأنوار الطاعات فإنّه كما يرتفع إلى القلب من كلّ معصية ظلمة وكدورة كذلك يرتفع إليه من كلّ طاعة نور وضياء ، فالأولى محو ظلمة كلّ معصية بنور طاعة تضادها بأن ينظر التائب إلى سيئاته مفصلة ، ويطلب لكلّ سيئة منها حسنة تقابلها ، فيأتي بتلك الحسنة على قدر ما أتى بتلك السيئة.

فيكفر استماع الملاهي مثلاً باستماع القرآن والحديث والمسائل الدينيّة ، ويكفر مس خط المصحف محدثا بإكرامه وكثرة تقبيله وتلاوته ، ويكفر المكث في المسجد جنبا بالاعتكاف فيه وكثرة التعبد في زوإيّاه وأمثال ذلك.

وإمّا في حقوق الناس فيخرج من مظالمهم أولا بردها عليهم ، والاستحلال منهم ، ثمّ يقابل إيذاءه لهم بالإحسّان إليهم ، وغصب أموالهم بالتصدق بماله الحلال ، وغيبتهم بالثناء على أصل الدين وإشاعة أوصافهم الحميدة ، وعلى هذا القياس يمحو كلّ سيئة من حقوق الله أو حقوق الناس بحسنة تقابلها من جنسها ، كما يعالج الطبيب الأمراض بأضدادها ، نسأل الله سبّحانه أن يوفقنا لذلك بمنه وكرمه. « ما كتباً عليه » كان النسبّة إليهما على التغليب أو لكون كتابة صاحب الشمال بأمر صاحب اليمين كما مرّ ، وقيل : الوحي إلى الجوارح والبقاع كناية عن محو الآثار الّتي تدلّ على المعصية عنهما ، وقيل : المراد بكتمان الجوارح وبقاع الأرض ذنوبه إمّا نسيانهما كما في الملكين ، أو عدم الشهادة بها ، والأوّل أظهر ، ويؤيده ما روي من طرق العامّة أنه تعالى ينسى أيضاً جوارحه وبقاع الأرض ذنوبه ، بل ربما يقال أنه يمحوها عن لوح نفسه أيضاً ليكمل استعداده لإفاضة الفيض والرحمة عليه ، ويرتفع عنه الانفعال عند لقاء الرب.

٣٠٢

٢ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب الخزاز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام في قول الله عزوجلّ : «فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ ربّه فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ »(١) قال الموعظة التوبة.

٣ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن عليُّ ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزوجلّ : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً »(٢) قال يتوب العبد من الذنب

____________________________________________________________________

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

«فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ ربّه » أي في الرّبا قال البيضاوي : أي فمن بلغه وعظ من الله وزجر عن الرّبا «فَانْتَهى » أي فاتعظ وتبع النهي «فَلَهُ ما سَلَفَ » أي تقدّم أخذه قبل نزول التحريم ولا يسترد منه ، قال : الموعظة التوبة ، أي ما تدعو إلى التوبة وهي الموعظة المؤثرة الّتي تترتب عليها التوبة ، أو المراد بالموعظة أثرها ، فالمراد بقوله : فانتهى الاستمرار على التوبة وعدم العود ، ويحتمل أن يكون التوبة تفسيرا للجزءين معا.

الحديث الثالث : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : وأحبّ العباد ، كان المراد أن الله تعالى أمر بالتوبة النصوح ، لكنّ إذا أذنب ثمّ تاب يحبه الله أيضاً فالأحبية إضافية أو المعنى أنه يتوب من ذنب توبة نصوحا ثمّ يعود في ذنب آخر أو المراد بعدم العود العزم على عدم العود ، وقيل : لعلّ المراد بالمفتون التواب من لا يعود إلى الذنب بعد التوبة ، فيكون تأكيداً لـمّا قبله ، وكونه أحبّ بالنظر إلى من يتوب ثمّ يعود ثمّ يتوب وهكذا ، لا بالنظر إلى من لم يذنب أبداً.

ويحتمل أن يراد بها كثير التوبة بأن يتوب ثمّ يذنب ثمّ يتوب وهكذا

______________________

(١) سورة البقرة : ٢٧٥.

(٢) سورة التحريم : ٨.

٣٠٣

ثمّ لا يعود فيه.

قال محمّد بن الفضيل سألت عنها أبا الحسنعليه‌السلام فقال يتوب من الذنب ثمّ لا يعود فيه وأحبّ العباد إلى الله تعالى المفتنون التوابون.

٤ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً » قال هو الذنب الذي لا يعود فيه أبداً قلت وأينا لم يعد فقال يا أبا محمّد إن الله يحبّ من عباده المفتن التواب.

٥ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا رفعه قال إن الله عزّ وجلّ أعطى التائبين ثلاث خصال لو أعطى خصلة منها جميع أهل

____________________________________________________________________

وهو أحبّ ممّن يتوب عن الذنوب كلها توبة واحدة ، وممّن يذنب ذنوباً ثمّ يتوب منها ثمّ يذنب ذنوباً ثمّ يتوب منها ، وقيل : اللام في العباد للعهد ، والمفضّل عليه من مات بلا توبة.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح وهو كالسّابق.

قوله : هو الذنب أي التوبة من الذنب ، وقد مرّ معنى المفتن في باب تنقل أحوال القلب.

الحديث الخامس : مرفوع كالحسن.

« ثلاث خصال » الأولى أنّه يحبّهم ، والثانية أن الملائكة يستغفرون لهم.

والثالثة أنّه عزّ وجلّ وعدهم الأمن والرحمة ، وقال تعالى في سورة البقرة : «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حتّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ » ثمّ قال : «إِنَّ اللهَ يحبّ التَّوَّابِينَ وَيحبّ الْمُتَطَهِّرِينَ » فقيل : إن المعنى يحبّ التوابين عن النجاسات

٣٠٤

السّماوات والأرض لنجوا بها قوله عزَّ وجلَّ : «إِنَّ اللهَ يحبّ التَّوَّابِينَ وَيحبّ الْمُتَطَهِّرِينَ »(١) فمن أحبه الله لم يعذّبه وقوله «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسبّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كلّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً

____________________________________________________________________

الباطنة وهي الذنوب ، ويحبّ المتطهّرين من النجاسات الظاهرة بالماء ، وقيل : يحبّ التوابين من الذنوب والمتطهّرين الذين لم يذنبوا ، وقيل : التوابين من الكبائر والمتطهّرين من الصّغائر ، وقيل : التائبين من المحرّمات والمتطهّرين من المكروهات كالوطي بعد الحيض وقيل : الغسل ، وورد في الحديث أنّها وردّت في المتطهّرين بالماء في الاستنجاء.

«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ » وقال البيضاوي : الكّروبيّون أعلى طبقات الملائكة وأوّلهم وجوداً وحملهم إيّاه وحفيفهم حوله مجاز عن حفظهم وتدبيرهم له ، أو كناية عن قربهم من ذي العرش ومكانتهم عنده وتوسيطهم في نفاذ أمره «يُسبّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ » يذكرون الله بجوامع الثناء من صفات الجلال والإكرام ، وجعل التسبيح أصلاً والحمد حالا ، لأنّ الحمد مقتضى حالهم دون التسبّيح.

«وَيُؤْمِنُونَ بِهِ » أخبر عنهم بالإيمان إظهاراً لفضله وتعظيما لأهله ، ومساق الآية لذلك كما صرح به بقوله : «وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا » وإشعاراً بأن حملة العرش وسكان الفرش في معرفته سواء رداً على المجسمة واستغفارهم شفاعتهم وحملهم على التوبة ، وإلهامهم بما يوجب المغفرة.

وفيه تنبيه على أن المشاركة في الإيمان توجب النصح والشفقة ، وإن تخالفت الأجناس لأنّها أقوى المناسبّات كما قال : «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ».

«رَبَّنا » أي يقولون ربنا وهو بيان ليستغفرون أو حال «وَسِعْتَ كلّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلـمّا » أي وسعت رحمته وعلمه فأزيل عن أصله للإغراق في وصفه بالرحمة

______________________

(١) سورة البقرة : ٢٢٢.

٣٠٥

فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سبّيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الّتي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتّهم إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ »(١) وقوله عزوجلّ «وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الّتي حَرَّمَ اللهُ إلّا بِالحقّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثإمّا يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً إلّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عملاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتّهم حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً »(٢) .

____________________________________________________________________

والعلم والمبالغة في عمومهما ، وتقديم الرّحمة لأنهّا المقصود بالذات هيهنا «فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سبّيلَكَ » أي للذين علمت منهم التوبة واتباع سبّيل الحقّ «وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ » أي واحفظهم عنه وهو تصريح بعد إشعار للتأكيد ، والدلالة على شدة العذاب «الّتي وَعَدْتَهُمْ » أي إياها «وَمَنْ صَلَحَ » عطف على هم الأوّل ، أي أدخلهم ومعهم هؤلاء ليتم سرورهم أو الثاني لبيان عموم الوعد «إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ » الذي لا يمتنع عليه مقدور «الْحَكِيمُ » الذي لا يفعل إلّا ما تقتضيه حكمته ، ومن ذلك الوفاء بالوعد.

«وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ » وهو تعميم بعد تخصيص أو مخصوص بمن صلح أو المعاصي في الدّنيا لقوله : «وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ » أي ومن تقها في الدّنيا فقد رحمته في الآخرة كأنهم سألوا السبّب بعد ما سألوا المسبّب «وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » يعني الرحمة أو الوقاية أو مجموعهما.

«فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتّهم حَسَناتٍ » قيل : بأن يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة ويثبت مكانهم لواحقّ طاعاتّهم أو يبدّل ملكة المعصية في النفس بملكة الطّاعة ، وقيل : بأن يوفّقه لأضداد ما سلف منه أو بأن يثبت له بدل كلّ عقاب ثواباً كما ورد في الخبر.

______________________

(١) سورة المؤمن : ٧ - ٩. (٢) سورة الفرقان : ٦٨.

٣٠٦

٦ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال يا محمّد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له فليعمل المؤمن لـمّا يستأنف بعد التوبة والمغفرة إمّا والله إنّها ليست إلّا لأهل الإيمان قلت فإن عاد بعد التوبة والاستغفار من الذنوب وعاد في التوبة فقال يا محمّد بن مسلم أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب ثمّ لا يقبل الله توبته قلت فإنّه فعل ذلك مراراً يذنب ثمّ يتوب ويستغفر [ الله ] ، فقال : كلـمّا عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة و «إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ » فإيّاك أن تقنّط المؤمنين من رحمة الله.

٧ - أبو عليّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة بن

____________________________________________________________________

الحديث السادس : صحيح.

« أترى العبد » الهمزة للإنكار ، وفيه دلالة على أنّ التوبة مقرونة بالقبول البتة ، ويدلّ عليه أيضاً قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : ما كان الله يفتح على عبد باب التوبة ويغلق عنه باب المغفرة ، ويدلّ عليه أيضاً ظاهر الآيات ، وقال محيي الدين البغوي : التوبة من الكافر مقطوع بقبولها ، واختلف في قبولها من المعاصي فقيل كذلك ، وقيل : لا ينتهي إلى القطع لأنّ الظواهر الّتي جاءت بقبولها ليست بنص وإنمّا هي نصوصات معرضة للتأويل ، وقال عياض : قبولها ليس بواجب على الله تعالى عقلاً ، وإنّما علمناه بالشرع والإجماع خلافاً للمعتزلة في إيجابهم ذلك عقلاً على أصلهم في التحسين والتقبيح ، ويدلّ على تحريم تقنيط المؤمنين من رحمة الله الواسعة ، بل لا بد أن يكون الواعظ متوسطاً بين الترغيب والترهيب.

وإمّا إذا كان الاغترار والرجاء غالبين على المستمعيّن فينبغي أن يزيد في الترهيب وإذا كان القنوط والخوف غالبين عليهم ينبغي أن يبالغ في الترغيب كما هو مقتضى البلاغة.

الحديث السابع : موثق.

٣٠٧

ميمون ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن قول الله عزَّ وجلَّ : «إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ »(١) قال هو العبد يهم بالذنب ثمّ يتذكّر فيمسك فذلك قوله «تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ ».

٨ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن أبي عبيدة الحذاء قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إن الله تعالى أشدُّ فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها فالله أشدُّ فرحاً بتوبة

____________________________________________________________________

«إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ » قال البيضاوي : أي لـمّة منه وهو اسم فاعل من طاف يطيف كأنّها طافت بهم ودارت حولهم ، فلم يقدر أن يؤثّر فيهم ، أو من طاف به الخيال يطيف طيفاً تذكروا ما أمر الله به ونهى عنه «فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ » بسبب التذكر مواقع الخطأ ومكائد الشيطان فيتحرزون عنها ولا يتبعونه فيها.

وقال في النهاية : طيف من الجن أي عرض منهم ، وأصل الطيف الجنون ثمّ استعمل في الغضب ومس الشيطان ووسوسته ، ويقال له طائف أيضاً وقد قرأ بهما قوله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا » الآية يقال : طاف يطيف ويطوف طيفاً وطوفاً فهو طائف ، ثمّ سمي بالمصدر ، انتهى.

« يهم » بالضمّ أي يقصد وقيل : بالكسر من الهميم وهو الذهاب في طريق ، فالباء للملابسة أو بناء المجهول من الأفعال والباء للآلة من الإهمام وهو الإزعاج ، ولا يخفى بعدهما.

الحديث الثامن : حسن كالصحيح.

« وزاده » وفي بعض النسخ ومزاده والأوّل أصوب ، في المصباح : زاد المسافر طعامه المتخذ لسفره ، والجمع أزواد والمزادة بكسر الميم وعاء التمرّ ، والمزادة مفعلة من الزاد لأنّه يتزود فيها الماء ، ومثل هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه بطرق متعددة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لله أشدّ فرحاً بتوبة عبده من رجل في أرض

______________________

(١) سورة الأعراف : ٢٠١.

٣٠٨

عبده من ذلك الرَّجل براحلته حين وجدها.

٩ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عبد الله بن عثمان ، عن أبي جميلة قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن الله يحبّ العبد المفتن التواب ومن لم يكن ذلك منه كان أفضل.

١٠ - عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن النعمان ، عن محمّد بن سنان ، عن يوسف [ بن ] أبي يعقوب بيّاع الأرز ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سمعته يقول التائب من الذَّنب كمن لا ذنب له والمقيم على الذَّنب وهو مستغفر منه كالمستهزئ.

____________________________________________________________________

دويّة مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتّى أدركه العطش ، ثمّ قال : ارجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتّى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه ، فالله أشدّ فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده.

وقال في النهاية : الدوّ الصحراء الّتي لا نبات بها ، والدويّة منسوبة إليها ، وقد يبدل من إحدى الواوين ألف فيقال : داوية على غير قياس ، نحو طائي في النسبّ إلى طيئ ، وقال في حديث التوبة : لله أشدّ فرحاً بتوبة عبده ، الفرح هيهنا وفي أمثاله كناية عن الرضا وسرعة القبول وحسن الجزاء ، لتعذر إطلاق ظاهر الفرح على الله تعالى.

الحديث التاسع : ضعيف.

ويدلّ على أن التارك للذنب أفضل من التواب ، ولعلّه محمول على ما إذا لم يصر سبباً لعجبه أو على ما إذا عرض له بترك المندوبات وفعل المكروهات مثل تلك الحالة كما كان للأنبياءعليهم‌السلام وقد مرّ تحقيق ذلك.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

« كمن لا ذنب له » أي في عدم العقوبة لا التساوي في الدّرجة وإن كان غير مستبعد في بعض أفرادهما كما عرفت « كالمستهزء » أي بنفسه أو بشرائع الدين أو برب العالمين أي شبيه به لأنّه يظهر الندم وليس بنادم حقيقة إذ الندامة الحقيقية تستتبع الترك كما عرفت ، ويظهر الخوف وليس كذلك ولو كان مستهزئاً

٣٠٩

١١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه وعدَّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن الله عزّ وجلّ أوحى إلى داودعليه‌السلام أن ائت عبدي دانيال فقل له إنّك عصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك فأتاه داودعليه‌السلام فقال يا دانيال إننّي رسول الله إليك وهو يقول لك إنك عصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك فقال له دانيال قد أبلغت يا نبي الله فلـمّا كان في السحر قام دانيال فناجى ربّه فقال يا رب إن داود نبيك أخبرني عنك أنني قد عصيتك فغفرت لي وعصيتك فغفرت لي وعصيتك فغفرت لي وأخبرني عنك أنني إن عصيتك الرابعة لم تغفر لي فو عزتك لئن لم تعصمني لأعصينك ثمّ لأعصينك ثمّ لأعصينك.

١٢ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن موسى بن القاسم ، عن جده

____________________________________________________________________

حقيقة لكان كافراً بالله العظيم ، وقيل : الظاهر أن الذَّنب أعمّ من أن يكون من نوع واحدّ أو من أنواع متعددة ، ففيه دلالة على ما ذهب إليه بعض المحقّقين من أن التوبة إنما يتحقّق بالندم من جميع الذنوب والإقلاع عنها ، وفيه نظر.

الحديث الحاديعشر : حسن كالصحيح.

والعصيان محمول على ترك الأولى ، لأنّ دانيالعليه‌السلام كان من الأنبياء وهم معصومون من الكبائر والصّغائر عندنا كما مرّ(١) « لئن لم تعصمني لأعصينك » فيه مع الإقرار بالتقصير اعتراف بالعجز عن مقاومة النفس وأهوائها ، وحث على التوسّل بذيل الألطاف الربّانيّة والاستعاذة من التسويلات النفسانيّة والوساوس الشيطانيّة.

الحديث الثانيعشر : ضعيف ، وقد مرّ عن معاوية بسند آخر.

______________________

(١) ويمكن أن يقال : إنّ دانيال في هذا الحديث اسم رجل كان من أمّة داودعليه‌السلام وليس المراد منه دانيال النبيّعليه‌السلام وليس في الحديث ما يدلّ على أنّه دانيال النبيّ (ع) حتّى نحتاج إلى ما ذكره الشارح من الحمل.

٣١٠

الحسن بن راشد ، عن معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إذا تاب العبد «تَوْبَةً نَصُوحاً » أحبه الله فستر عليه فقلت وكيف يستر عليه قال ينسي ملكيه ما كانا يكتبان عليه ويوحي الله إلى جوارحه وإلى بقاع الأرض أن اكتمي عليه ذنوبه فيلقى الله عزّ وجلّ حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب.

١٣ - عدَّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن ابن القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله عزَّ وجلَّ يفرح بتوبة عبده المؤمن إذا تاب كما يفرح أحدكم بضالّته إذا وجدها.

( باب )

( الاستغفار من الذنب )

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن حمران ، عن زرارة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن العبد إذا أذنب ذنبا أجل من غدوة إلى اللّيل فإن استغفر الله لم يكتب عليه.

____________________________________________________________________

الحديث الثالث عشر : ضعيف ، وقد مرّ مضمونه.

باب الاستغفار من الذنوب(١)

الحديث الأول : مجهول.

« من غدوة إلى اللّيل » أي من مثل ذلك الزمان ، ويمكن أن يكون زمان التّأجيل متفاوتاً بحسب تفاوت الأشخاص والأحوال والذنوب ، أو يكون المراد بالغدوة قبل الزوال أو باللّيل ما قرب منه ، فلا ينافي أخبار السبّع ساعات ، وقيل : لم يحسبّ فيه ساعات النوم ، ويحتمل أن يكون المراد بالاستغفار التوبة بشرائطها وأن يكون محض طلب المغفرة وهو أظهر ، وقد يقال : الفرق بين التوبة والاستغفار أن التوبة ترفع عقوبة الذنوب ، و الاستغفار طلب الغفر والسّتر عن الأغيار كيلا يعلمه أحد ولا يكون عليه شاهد.

______________________

(١) كذا في النسخ وفي المتن « من الذنب ».

٣١١

٢ - عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير وأبو عليّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ، عن أبي أيّوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من عمل سيئة أجلّ فيها سبّع ساعات من النهار فإن قال أستغفر الله الذي «لا إِلهَ إلّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ » ثلاث مرات لم تكتب عليه.

٣ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه وأبو عليُّ الأشعري ومحمّد بن يحيى جميعاً ، عن الحسين بن إسحاق ، عن عليُّ بن مهزيار ، عن فضالة بن أيّوب ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا أجله الله سبّع ساعات فإن استغفر الله لم يكتب عليه شيء وإن مضت الساعات ولم يستغفر كتبت عليه سيّئة وإن المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنّة حتّى يستغفر ربّه فيغفر له وإن الكافر لينساه من ساعته.

٤ - حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمّد ، عن غير واحدّ ، عن أبان ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتوب إلى الله عزّ وجل

____________________________________________________________________

الحديث الثاني : صحيح.

والحيّ إمّا منصوب صفة للجلالة أو مرفوع ببدليّة الضمير أو كونه خبر مبتدإ محذوف ، وكان هذا بيان الفرد الأكمل لإطلاق سائر الأخبار.

الحديث الثالث : مجهول.

« كتبت عليه سيئة » بالرفع « ليذكر » على بناء المفعول من التفعيل ، ويحتمل المعلوم من المجرّد لكنه بعيد « لينساه » على بناء المجهول أو المعلوم ، وذكر المؤمن من لطفه سبّحانه ونسيان الكافر من سلب لطفه تعالى عنه ليؤاخذه بالكفر والذَّنب جميعاً ، وحمل الكفر على كفر النعمة وكفر المخالفة بناء على أن كفر الجحود لا ينفع معه التوبة عن الذَّنب والاستغفار إلّا عن الكفر بعيد ، لأنّ الكفر بالمعنيين الأولين يجامع الإيمان أيضاً إلّا أن يحمل الإيمان على الكامل.

الحديث الرابع : مرسل كالموثق.

٣١٢

في كلّ يوم سبّعيّن مرَّة ، فقلت أكان يقول : أستغفر الله وأتوب إليه قال لا ولكنّ كان يقول : أتوب إلى الله قلت : إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتوب ولا يعود ونحن نتوب

____________________________________________________________________

« ولكن كان يقول أتوب إلى الله » أي بدون أستغفر الله أو معه ، وعلى الأوّل كان المراد أن الاستغفار لم يكن داخلا في هذا العمل وإن كان يستغفر بوجه آخر ، ويؤيد الأخير ما سيأتي في كتاب الدعاء في باب الاستغفار بإسناده عن الحارث ابن المغيرة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستغفر الله عزّ وجلّ كلّ غداة يوم سبّعيّن مرَّة ، ويتوب إلى الله عزّ وجلّ سبّعيّن مرَّة ، قال : قلت : كان يقول : أستغفر الله وأتوب إليه؟ قال : كان يقول أستغفر الله أستغفر الله سبّعيّن مرَّة ، ويقول : أتوب إلى الله أتوب إلى الله سبّعيّن مرّة.

ثمّ اعلم أن استغفارهعليه‌السلام والأئمّة لم يكن عن ذنب لاتفاق الإمامية على عصمتّهم ، وقد مرّ الكلام في ذلك.

وقال الإربلي في كشف الغمة وغيره : أن الأنبياء لـمّا كانت قلوبهم مستغرقة بذكر الله ومتعلقة بجلال الله ومتوجهة إلى كمال الله ، وكانت أتم القلوب صفاء وأكثرها ضياء وأغرقها عرفاناً وأعرفها إذعانا وأكملها إيقانا ، كانوا إذا انحطوا عن تلك المرتبة العلية ، ونزلوا عن تلك الدّرجة الرفيعة إلى الاشتغال بالمأكلّ والمشرب والتناكح والصحبة مع بني نوعه ، وغير ذلك من المباحات أسرعت كدورة ما إليها لكمال رقتها وفرط نورانيتها ، فإن الشيء كلـمّا كان أرق وأنضر كان تأثره بالكدورات أبين وأظهر ، فعدوا ذلك ذنبا وخطيئة فتابوا واستغفروا كما روي عنه : حسنات الأبرار سيئات المقربين ، وإليه يشير قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليران على قلبي وأنا أستغفر بالنهار سبّعيّن مرة.

وقيل : أراد به تعليم الناس كيفية التوبة والاستغفار من الذنوب ، وقيل : هو محمول على الاعتراف بالعبودية وأن البشرّ في مظنة التقصير والعجز ، على أن رفع ذلك عن توبته ظاهر ، لأنّ التوبة في اللّغة الرجوع إلى الحقّ عزّ شأنه و

٣١٣

ونعود فقال اللهُ الْمُسْتَعان.

٥ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن أبي أيّوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من عمل سيّئة أجلّ فيها سبّع ساعات من النهار فإن قال أستغفر الله الذي لا إله إلّا هو الحيُّ القيّوم وأتوب إليه - ثلاث مرَّات - لم تكتب عليه.

٦ - عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن عليُّ بن عقبة بياع الأكسية ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن المؤمن ليذنب الذَّنب فيذكر بعد عشرين سنة فيستغفر الله منه فيغفر له وإنّما يذكره ليغفر له وإن الكافر ليذنب الذَّنب فينساه من ساعته.

٧ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم عمّن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما من مؤمن يقارف في يومه وليلته أربعين كبيرة فيقول وهو نادم أستغفر الله الذي «لا إِلهَ إلّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ * ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ » وأسأله أن يصلي على محمّد وآل محمّد وأن يتوب عليُّ إلّا غفرها الله عزّ وجلّ له ولا خير فيمن يقارف في يوم أكثر

____________________________________________________________________

إن لم تكن من ذنب ، يقال : تاب وآب وأناب إذا رجع إلى الحقّ.

« كان يتوب ولا يعود » كأنّه توهّم أنّ التوبة عن ذنب أو غرضه عدم العود إلى ترك الأولى ، أو المراد بالعود أصل الفعل على المشاكلة ، بناءاً على تجويز التقديم.

الحديث الخامس : صحيح وقد مرّ ، وحمل على ما إذا كان مع الندم كما سيأتي.

الحديث السادس : موثق وقد مرّ مثله.

الحديث السابع : مرسل.

ويشعر بأنّ الكبائر أكثر من أربعين ، لكنّ يحتمل تكرار كبيرة واحدة والتقييد بالندم لئلّا يشبه استغفار المستهزئين « في يومه » أي مع ليلته بقرينة ما مرّ.

٣١٤

من أربعين كبيرة.

٨ - عنه ، عن عدَّة من أصحابنا رفعوه قالوا قال لكلّ شيء دواء ودواء الذنوب الاستغفار.

٩ - أبو عليُّ الأشعري ومحمّد بن يحيى جميعاً ، عن الحسين بن إسحاق وعليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن عليُّ بن مهزيار ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن حفص قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ما من مؤمن يذنب ذنبا إلّا أجله الله عزّ وجلّ سبّع ساعات من النهار فإن هو تاب لم يكتب عليه شيء وإن هو لم يفعل كتب الله عليه سيئة فأتاه عباد البصري فقال له بلغنا أنك قلت ما من عبد يذنب ذنبا إلّا أجله الله عزّ وجلّ سبّع ساعات من النهار فقال ليس هكذا قلت ولكني قلت ما من مؤمن وكذلك كان قولي.

١٠ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من قال أستغفر الله مائة مرَّة في كل

____________________________________________________________________

الحديث الثامن : مرفوع.

والظاهر أنّ ضمير قال للصادق أو الباقرعليهما‌السلام ، شبّهعليه‌السلام الذنوب بالمرض المهلك ، وأثبت لها الدواء على سبيل المكنيّة والتخييليّة وحمل الاستغفار على الدواء من باب حمل المشبه على المشبه به للدلالة على الاتّحاد والتعريف للحصر.

الحديث التاسع : مجهول.

وقال الشيخ البهائيقدس‌سره : عبد الله بن سنان أكثر ما يرويه عن الصادقعليه‌السلام بدون واسطة ، وقد يروي عنه بواسطة كما رواه في كيفية الصّلاة وصفتها من التهذيب بتوسّط حفص الأعور تارة وبتوسّط عمر بن يزيد أخرى ، ويدلّ على أنّ التأجيل مخصوص بالمؤمن لا الكافر والمخالف.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

٣١٥

يوم غفر الله عزَّوجلَّ له سبعمائة ذنب ولا خير في عبد يذنب في كلّ يوم سبّعمائة ذنب.

( باب )

( فيما أعطى الله عز وجل آدم عليه‌السلام وقت التوبة )

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن درَّاج ، عن ابن بكير ، عن أبي عبد الله أو ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن آدمعليه‌السلام قال يا ربّ سلطت عليُّ الشيطان وأجريته منّي مجرى الدَّم فاجعل لي شيئاً فقال : يا آدم

____________________________________________________________________

« غفر الله له سبعمائة ذنب » أي ممّا فعله في ذلك اليوم ثمّ قالعليه‌السلام : ولا خير « إلخ » لئلا يغتر العبد بذلك فيذنب كلّ يوم سبعمائة ذنب ، فإن مثله لا خير فيه ، ولا يوفق للاستغفار والتوبة ، والذَّنب يشمل الصغيرة والكبيرة والملفق منهما ، وليس كلّ في بعض النسخ في الموضعين ، فيمكن أن يكون المراد سبّعمائة ذنب في عمره ، ويكون قولهعليه‌السلام : الأخير لبيان رفع توهّم شموله لهذا الاحتمال.

باب فيما أعطى الله عز وجل آدم وقت التوبة

قيل : ما مصدريّة ، ووقت مفعول ثان لأعطى ، أي من سعة زمان التوبة ، والمراد إمّا أبو البشرعليه‌السلام أو ذريّته كما يقال قريش ويراد أولاده ، ويحتمل أن تكون ما موصولة ووقت التوبة ظرفاً بأن يكون إعطاء ذلك في وقت توبته والأوّل أظهر.

الحديث الأول : حسن.

« سلّطت علىّ » أي علىّ وعلى أولادي « وأجريته منّي » روى العامّة أيضاً أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، وقال بعضهم : ذهب قوم ممّن ينتمي

٣١٦

جعلت لك أنَّ من همَّ من ذرّيّتك بسيئة لم تكتب عليه فإن عملها كتبت عليه سيئة ومن هم منهم بحسنة فإن لم يعملها كتبت له حسنة فإن هو عملها كتبت له عشرّاً قال يا رب زدني قال جعلت لك أن من عمل منهم سيئة ثمّ استغفر له غفرت له قال يا رب زدني قال جعلت لهم التوبة أو قال بسطت لهم التوبة حتّى تبلغ النفس هذه قال يا رب حسبّي.

____________________________________________________________________

إلى ظاهر العلم إلى أنّ المراد به أنّ الشّيطان لا يفارق ابن آدم ما دام حيّاً كما لا يفارقه دمه ، وحكي هذا عن الأزهري وقال : هذا طريق ضرب المثل ، والجمهور من علماء الأمّة أجروا ذلك على ظاهره وقالوا : إن الشيطان جعل له هذا القدر من التطرق إلى باطن الآدمي بلطافة هيئته ، لمحنة الابتلاء ويجري في العروق الّتي هي مجاري الدم من الآدمي إلى أن يصل إلى قلبه فيوسوسه على حسبّ ضعف إيمان العبد وقلة ذكره وكثرة غفلته ، ويبعد عنه ويقل تسلطه وسلوكه إلى باطنه بمقدار قوّة إيمانه ويقظته ، ودوام ذكره وإخلاص توحيده.

وما رواه المفسّرون عن ابن عبّاس قال : إن الله جعل الشياطين من بني آدم مجرى الدم ، وصدور بني آدم مساكن لهم مؤيد لـمّا ذهب إليه الجمهور وهم يسمون وسوسته لـمّة الشيطان ، ومن ألطافه تعالى أنّه هيأ ذوات الملائكة على ذلك الوصف من أجل لطافتهم وأعطاهم قوّة الحفظ لبني آدم ، وقوّة الإلمام في بواطنهم ، وتلقين الخير لهم في مقابلة لـمّة الشيطان ، كما روي أن للملك لـمّة بابن آدم ، وللشيطان لـمّة ، لـمّة الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحقّ ولـمّة الشيطان ، إيعاده بالشرّ وتكذيب بالحقّ ، فمن وجدّ من ذلك فليستعذّ بالله من الشيطان ، وقالوا : إنّما ينكر مثل هذا عقول أسراء العادات الذين استولت عليهم المألوفات ، فما لم يجدوا في مستقر عاداتّهم أنكروه كما أنكر الكفّار إحياء العظام النخرة وإعادة الأجسام البالية والذي يجب هو التسليم بما نطق به الخبر الصحيح ولا يأباه العقل السليم.

« أو بسطت » الترديد من الراوي « حتّى تبلغ النفس » النفس بالتحريك ما يخرج من الحي عند التنفس ، وبالسكون الروّح والأخير هنا أظهر ، والمقصود أن

٣١٧

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال عمّن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من تاب قبل موته بسنة قبل الله توبته ثمّ قال إن السنّة لكثيرة من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته ثمّ قال : إن الشهر لكثير من تاب قبل موته بجمعة قبل الله توبته ثمّ قال إن الجمعة لكثير

____________________________________________________________________

باب التوبة مفتوح إلى أن يبلغ النفس الحلقوم وتتحقّق الغرغرة ، فإذا بلغت هذه فلا توبة ، لأنه وقت المعاينة ، والتوبة إنّما يكون في حال الغيب ، وروي من طريق العامّة أن إبليس بعد ما صار ملعونا وأنظر قال : بعزتك لا أخرج عن قلب ابن آدم ما دام الروّح في بدنه ، فقال الله تبارك وتعالى : بعزتي لا أسد باب التوبة عليه ما دام الروّح في بدنه.

الحديث الثاني : مرسل.

« من تاب قبل موته بسنة » قال الشيخ البهائيقدس‌سره في الأربعين : المراد بقبول التوبة إسقاط العقاب المترتّب على الذَّنب الذي تاب منه ، وسقوط العقاب بالتوبة ممّا أجمع عليه أهل الإسلام ، وإنّما الخلاف في أنّه هل يجب على الله حتّى لو عاقب بعد التوبة كان ظلـماً أو هو تفضل بفعله سبحانه كرما منه ورحمة بعباده؟

المعتزلة على الأوّل والأشاعرة على الثاني ، وإليه ذهب الشيخ أبو جعفر الطّوسيقدس‌سره في كتاب الاقتصاد ، والعلّامة جمال الملّة والدينرحمه‌الله في بعض كتبه الكلامية ، وتوقف المحقّق الطّوسيرحمه‌الله في التجريد ، ومختار الشيخين هو الظاهر ، ودليل الوجوب مدخول.

وقالرحمه‌الله في قوله : من تاب قبل أن يعاين ، أي يرى ملك الموت ، كما روي عن ابن عبّاس ، ويمكن أن يراد بالمعاينة علمه بحلول الموت وقطعه الطمع من الحياة وتيقنه ذلك كأنه يعاينه وأن يراد معاينة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنينعليه‌السلام كما روي في الأخبار ، انتهى.

واعلم أنّه استدلّ بهذا الخبر على جواز النسخ قبل الفعل ، فإنّ الأصوليّين

٣١٨

من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته ثمَّ قال إنَّ يوماً لكثير من تاب قبل أن يعاين قبل الله توبته.

٣ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا بلغت النفس هذه - وأهوى بيده إلى حلقه - لم يكن

____________________________________________________________________

اختلفوا فيه ، وفيه نظر لأنّه ليس تنافيها إلّا بالمفهوم ، فيمكن أن يكون هذا التدريج لبيان اختلاف مراتب التوبة في القبول والكمال ، فإنّ التّوبة الكاملة المشتملة على تدارك ما فات وتطهير النفس عن كدورات السّيئات ، وتحليتها بأنوار التضرعات والحسنات لا يتأتى غالباً في أقلّ من سنة ، فإن لم يتيسر ذلك فلا أقلّ من شهر لتحصيل بعض تلك الأمور وهكذا.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

وقد مرّ بعينه في باب لزوم الحجة على العالم ، إلّا أنه زاد في آخره ثمّ قرأ «إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ».

« لم يكن للعالم توبة » كان المراد بالعالم من شاهد أحوال الآخرة ، وبالجاهل من لم يشاهدها فإن مع بلوغ النفس إلى الحلق أيضاً يحتمل عدم المشاهدة ، فالمراد بالعلم العلم اليقينيّ الحاصل بالمشاهدة ، ويحتمل أن يكون كلاهما محمولين على ما قبل المشاهدة ، ويكون المراد بالعالم والجاهل معناهما المتبادر ، وفيحمل إمّا على عدم قبول التوبة وكمالها للعالم ، أو عدم توفيقه للتوبة إن صح الإجماع ، وإلّا فالخبر موافق لظاهر قوله تعالى : «إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثمّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً ، وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الأنّ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً »(١) .

وقد قيل : في تأويل الآية وجوه : أحدها أنّ كلّ معصية يفعلها العبد جهالة

______________________

(١) سورة النساء : ١٧.

٣١٩

للعالم توبة وكانت للجاهل توبة.

٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن معاوية بن وهب قال خرجنا إلى مكّة ومعنا شيخ متأله متعبد لا يعرف هذا الأمر يتم الصّلاة في الطريق ومعه ابن أخ له مسلم فمرض الشيخ فقلت لابن أخيه لو عرضت هذا الأمر على عمك لعلّ الله أن يخلصه فقال كلّهم دعوا الشيخ حتّى يموت على حاله فإنّه حسن الهيئة فلم يصبر ابن أخيه حتّى قال له يا عم إن الناس ارتدوا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا نفراً يسيراً وكان لعليُّ بن أبي طالبعليه‌السلام من الطّاعة ما كان لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان بعد رسول الله الحقُّ والطّاعة له قال : فتنفس الشيخ وشهق وقال أنا على هذا وخرجت نفسه فدخلنا على أبي عبد الله

____________________________________________________________________

وإن كانت على سبيل العمد لأنّه يدعو إليها الجهل وهو المرويّ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وثانيها : إن معنى قوله : بجهالة أنهم لا يعلمون كنه ما فيه من العقوبة ، وثالثها : أنّهم يجهلون أنّها ذنوب ومعاصي ، وضعف الأخير بأنّها خلاف الإجماع مفهوماً ، وفسّروا القريب بما قبل الموت ويمكن تأويل الآية بأن التوبة من الذَّنب الذي ليس بجهالة لا يجب على الله قبولها ، وإن قبلها بلطفه ووعده.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

والتّأله التعبّد والتنسّك « يتمّ الصلاة » تأييد لعدم كونه شيعيا لأنه من فعل أهل السنّة « مسلم » أي مؤمن أو بتشديد اللام ، أي منقاد للحقّ « لو عرضت » لو للتمني « فقال كلّهم » أي الحاضرون ولعلهم كانوا من المخالفين أو المستضعفين « فإنّه حسن الهيئة » الهيئة صورة الشيء وحاله وشكله أي كان متعبدا صالحا لا يضره الموت على تلك الحالة أو كان دينه حقّاً بناء على كونهم من المخالفين ، وقيل : فإنه ، كلام معاوية وتعليل لقوله : لعلّ الله أن يخلصه ، وتوسط كلام الغير لا ينافي الاتصال ، ولا يخفى بعده.

و « تنفّس » أدخل النفس إلى باطنه وأخرجه و « شهق » كمنع وضرب

٣٢٠