مرآة العقول الجزء ١١

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 407

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 407
المشاهدات: 30789
تحميل: 8708


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 407 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 30789 / تحميل: 8708
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 11

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

للبرآء المعايب.

٢ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن يوسف بن عقيل ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال محرمة الجنّة على القتاتين المشاءين بالنميمة.

_________________________________________________

هَمَّازٍ أي عياب ، مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ أي نقال للحديث على وجه السعاية ، عُتُلٍ : جاف غليظ بَعْدَ ذلِكَ أي بعد ما عد من مثاليه ، زَنِيمٍ دعي ، وفي المصباح نم الرّجل الحديث نما من بابي قتل وضرب سعى به ليوقع فتنة أو وحشة ، والرّجل نم تسمية بالمصدر ومبالغة والاسم النميمة والنميم أيضاً ، وفي النهاية النميمة نقل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الإفساد والشر.

« المفرقون بين الأحبة » بالنميمة وغيرها ، و البغي الطلب والبراء ككرام وكفقهاء جمع البريء ، وهنا يحتملهما ، وأكثر النسخ على الأوّل ، ويقال أنا براء منه بالفتح لا يثني ولا يجمع ولا يؤنث أي بريء ، كلّ ذلك ذكره الفيروزآبادي والأخير هنا بعيد ، والظاهر أن المراد به من يثبت لمن لا عيب له عيبا ليسقطه من أعيّن الناس ، ويحتمل شموله لمن لا يتجسّس عيوب المستورين ليفشيها عند الناس وإن كانت فيهم فالمراد البراء عند الناس.

الحديث الثاني : صحيح.

وفي القاموس : القت نم الحديث والكذب واتباعك الرّجل سرا لتعلم ما يريد ، وفي النهاية فيه لا يدخل الجنّة قتات وهو النمام ، يقال : وقت الحديث يفته إذا زوره وهيأه وسواه ، وقيل : النمام الذي يكون مع القوم يتحدثون فينم عليهم ، والقتات الذي يتسمع مع القوم وهم لا يعلمون ثمّ ينم ، والقساس الذي يسأل عن الأخبار ثمّ ينمها ، انتهى.

وربّما يأوّل الحديث بالحمل على المستحل أو على أن الجنّة محرمة عليه

٦١

٣ - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي الحسن الأصبهاني عمّن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام شراركم المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة المبتغون للبرآء المعايب.

_________________________________________________

ابتداءاً ولا يدخلها إلّا بعد انقضاء مدّة العقوبة ، أو على أن المراد بالجنّة جنّة معينة لا يدخلها القتات أبدا(١) .

الحديث الثالث : مجهول.

وقال الشّهيد الثاني قدس الله روحه في رسالة الغيبة : في عدّ ما يلحقّ بالغيبة أحدها النميمة ، وهي نقل قول الغير إلى المقول فيه ، كما تقول فلان تكلّم فيك بكذا وكذا ، سواء نقل ذلك بالقول أم بالكتابة أم بالإشارة والرمز ، فإن تضمّن ذلك نقصاً أو عيباً في المحكي عنه كان ذلك راجعاً إلى الغيبة أيضاً ، فجمع بين معصية الغيبة والنميمة ، والنميمة إحدى المعاصي الكبائر ، قال الله تعالى : «هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ »(٢) ثمّ قال : «عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ ».

قال بعض العلماء : دلت هذه الآية على أن من لم يكتم الحديث ومشى بالنميمة ولد زناء ، لأنّ الزنيم هو الدعي ، وقال تعالى : «وَيْلٌ لِكلّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ »(٣) قيل : الهمزة النمام وقال تعالى عن امرأة نوح وامرأة لوط «فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شيئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ »(٤) قيل : كانت امرأة لوط تخبر بالضيفان ،

______________________

(١) ونظير هذه التأويلات قد مرّ في باب البداء أيضاً في حديث « ان الله حرم الجنّة على كلّ فحاش بذىء اه » ونقل هنا عن الشيخ البهائي روّح الله روحه أنّه قال : لعلّه (ع) أراد أنّها محرمة عليهم زمانا طويلا لا محرّمة تحريما مؤبّدأ أو المراد جنبة خاصّة معدَّة لغير الفحّاش ، وإلّا فظاهره مشكلّ فإن العصاة من هذه الأمّة مآلهم إلى الجنّة وإن طال مكثهم في النار.

(٢) سورة القلم : ١١.

(٣) سورة الهمزة : ١.

(٤) سورة التحريم : ١٠.

٦٢

_________________________________________________

وامرأة نوح تخبر بأنّه مجنون.

وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يدخل الجنّة نمّام ، وفي حديث آخر : لا يدخل الجنّة قتات ، والقتات هو النمّام ، وروي أن موسى استسقى لبني إسرائيل حين أصابهم قحط فأوحى الله تعالى إليه : أنّي لا أستجيب لك ولا لمن معك وفيكم نمام قد أصر على النميمة ، فقال موسىعليه‌السلام : يا ربّ من هو حتّى نخرجه من بيننا؟ فقال : يا موسى أنهاكم عن النميمة وأكون نمّاماً! فتابوا بأجمعهم فسقوا.

أقول : وذكر رفع الله درجته أخبارا كثيرة من طريق الخاصّة والعامّة ، ثمّ قال : واعلم أن النميمة تطلق في الأكثر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه كما يقال فلان كان يتكلّم فيك بكذا وكذا ، وليست مخصوصة بالقول فيه ، بل يطلق على ما هو أعلم من القول كما مرّ في الغيبة ، وحدها بالمعنى الأعمّ كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول منه أو المنقول إليه ، أم كرهه ثالث ، وسواء كان الكشف بالقول أم بالكتابة أم الرمز أم الإيماء ، وسواء كان المنقول من الأعمال أم من الأقوال ، وسواء كان ذلك عيباً ونقصاناً على المنقول عنه أم لم يكن ، بل حقيقة النميمة إفشاء السرّ وهتك السّتر عمّا يكره كشفه ، بل كلّ ما رآه الإنسان عن أحوال الناس ، فينبغي أن يسكت عنه إلّا ما في حكايته فائدة لمسلم أو دفع لمعصية كما إذا رأى من يتنأوّل مال غيره فعليه أن يشهد به مراعاة لحقّ المشهود عليه ، فإمّا إذا رآه يخفي مإلّا لنفسه فذكره نميمة وإفشاء للسرّ ، فإن كان ما ينمّ به نقصاناً أو عيبا في المحكيّ عنه كان جمع بين الغيبة والنميمة.

والسبّب الباعث على النميمة إمّا إرادة السوء بالمحكيّ عنه أو إظهار الحبّ للمحكيّ له أو التفرّج بالحديث أو الخوض في المفضول.

وكلّ من حملت إليه النميمة ، وقيل له : إنّ فلاناً قال فيك كذا وكذا

٦٣

_________________________________________________

وفعل فيك كذا وكذا وهو يدبّر فيها فساد أمرك أو في ممالاة عدوك أو تقبيح حالك أو ما يجري مجراه ، فعليه ستة أمور :

الأوّل : أن لا يصدّقه لأنّ النمام فاسق وهو مردود الشهادة ، قال الله تعالى : «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ »(١) .

الثاني : أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبح له فعله ، قال الله تعالى : «وَأمر بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ »(٢) .

الثالث : أن يبغضه في الله تعالى ، فإنه بغيض عند الله ويحبّ بغض من يبغضه الله.

الرابع : أن لا تظنّ بأخيك السوء بمجرّد قوله ، لقوله تعالى : «اجْتَنِبُوا كثيراً مِنَ الظنّ »(٣) بل تثبت حتّى تتحقق الحال.

الخامس : أن لا يحملك ما حكي لك على التجسّس والبحث لتحقق ، لقوله تعالى : «وَلا تَجَسَّسُوا »(٤) .

السادس : أن لا ترضى لنفسك ما نهيت النمام عنه فلا تحكي نميمته فتقول : فلان قد حكى لي كذا وكذا ، فتكون به نمإمّا ومغتابا فتكون قد أتيت بما نهيت عنه ، وقد روي عن عليُّعليه‌السلام : أن رجلاً أتاه يسعى إليه برجل ، فقال : يا هذا نحن نسأل عمّا قلت فإن كنت صادقاً مقتناك وإن كنت كاذباً عاقبناك ، وإن شئت أن نقيلك أقلناك ، قال : أقلني يا أمير المؤمنين ، وقال الحسن : من نم إليك نم عليك ، وهذه إشارة إلى أن النمام ينبغي أن يبغض ولا يوثق بصداقته ، وكيف لا يبغض وهو لا ينفك من الكذب والغيبة والغدر والخيانة والغل والحسد والنفاق والإفساد بين الناس

______________________

(١) سورة الحجرات : ٦.

(٢) سورة لقمان : ١٧.

(٣ - ٤) سورة الحجرات : ١٢.

٦٤

( باب الإذاعة )

١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن محمّد بن عجلان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن الله عزّ وجلّ عير أقوإمّا بالإذاعة في قوله عزّ وجلّ : «وَإِذا جاءَهُمْ أمر مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ »(١) فإياكم

_________________________________________________

والخديعة ، وهو ممّن سعى في قطع ما أمر الله تعالى به أن يوصل ، قال الله تعالى : «وَيَقْطَعُونَ ما أمر اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ (٢) » وقال تعالى : «إِنَّمَا السبّيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ الناس وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الحقّ »(٣) والنمام منهم.

وبالجملة فشر النمّام عظيم ينبغي أن يتوقى ، قيل : باع بعضهم عبدا للمشتري ما فيه عيب إلّا النميمة ، قال : رضيت به فاشتراه فمكث الغلام أيإمّا ثمّ قال لزوجة مولاه : إن زوجك لا يحبك وهو يريد أن يتسرى عليك ، فخذي الموسى(٤) واحلقي من قفاه شعيرات حتّى أسحر عليها فيحبك ، ثمّ قال للزوج : إن امرأتك اتخذت خليلاً وتريد أن تقتلك فتناوم لها حتّى تعرف ، فتناوم فجاءت المرأة بالموسى فظنّ أنّها تقتله ، فقام وقتلها ، فجاء أهل المرأة وقتلوا الزوج ، فوقع القتال بين القبيلتين وطال الأمر.

باب الإذاعة

الحديث الأول : مجهول.

ويقال : ذاع الخبر يذيع ذيعاً أي انتشر ، وأذاعه غيره أي أفشاه «وَإِذا جاءَهُمْ أمر مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ » قال البيضاوي : أي ممّا يوجب الأمن أو الخوف «أَذاعُوا بِهِ »

______________________

(١) سورة النساء : ٨٢.

(٢) سورة الرعد : ٢٥.

(٣) سورة الشورى : ٤٢.

(٤) الموسي. آلة الحلق.

٦٥

والإذاعة.

٢ - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمّد الخزّاز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أذاع علينا حديثنا فهو بمنزلة من جحدنا حقّنا.

_________________________________________________

أي أفشوه كان يفعله قوم من ضعفة المسلمين إذا بلغهم خبر عن سرايا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو أخبرهم الرّسول بما أوحى إليه من وعد بالظفر أو تخويف من الكفرة أذاعوا لعدم حزمهم ، وكانت إذاعتهم مفسدة ، والباء مزيدة ، أو لتضمّن الإذاعة معنى التحدث «وَلَوْ رَدُّوهُ » أي ردوا ذلك الخبر «إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأمر مِنْهُمْ » أي إلى رأيه ورأي كبار الصحابة البصراء بالأمور أو الأمراء «لَعَلِمَهُ » أي لعلمه على أي وجه يذكر «الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ » أي يستخرجون تدبيره بتجاربهم وأنظارهم.

وقيل : كانوا يسمعون أراجيف المنافقين فيذيعونها فيعود وبإلّا على المسلمين ، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم حتّى سمعوه منهم ويعرفوا أنه هل يذاع لعلم ذلك من هؤلاء الذين يستنبطونه من الرسول وأولي الأمر أي يستخرجون علمه من جهتهم ، انتهى.

وفي الأخبار أن أولي الأمر الأئمةعليه‌السلام ، وعلى أي حال تدلّ الآية على ذم إذاعة ما في إفشائه مفسدة ، والغرض التحذير عن إفشاء أسرار الأئمّةعليهم‌السلام عند المخالفين ، فيصير مفسدة وضرراً على الأئمة وعلى المؤمنين ، ويمكن شموله لإفشاء بعض غوامض العلوم الّتي لا تدركها عقول عامة الخلق كما مرّ في باب الكتمان.

الحديث الثاني : مجهول.

ويدلّ على أن المذيع والجاحدّ متشاركون في عدم الإيمان ، وبراءة الإمام منهم ، وفعل ما يوجب لحوق الضرر بل ضرّر الإذاعة أقوى ، لأنّ ضرر الجحدّ يعود إلى الجاحد وضرر الإذاعة يعود إلى المذيع وإلى المعصوم وإلى المؤمنين ، ولعل

٦٦

قال : وقال لمعلّى بن خنيس : كالمذيع حديثنا كالجاحدّ له.

٣ - يونس ، عن ابن مسكان ، عن ابن أبي يعفور قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من أذاع علينا حديثنا سلبه الله الإيمان.

٤ - يونس بن يعقوب ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما قتلنا من أذاع حديثنا قتل خطإ ولكنّ قتلنا قتل عمد.

٥ - يونس ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول يحشر العبد يوم القيامة وما ندي دما فيدفع إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك فيقال له :

_________________________________________________

مخاطبة المعلّى بذلك لأنّه كان قليل التحمّل لأسرارهم ، وصار ذلك سبّبا لقتله ، وروى الكشي بإسناده عن المفضّل قال : دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام يوم قتل فيه المعلّى بن خنيس فقلت له : يا بن رسول الله إلّا ترى إلى هذا الخطب الجليل الذي نزل بالشيعة في هذا اليوم؟ قال : وما هو! قلت : قتل المعلّى بن خنيس! قال : رحم الله المعلّى قد كنت أتوقع ذلك أنه أذاع سرنا ، وليس الناصب لنا حربا بأعظم مؤنة علينا من المذيع علينا سرنا ، فمن أذاع سرنا إلى غير أهله لم يفارق الدّنيا حتّى يعضه السلاح أو يموت بخيل.

الحديث الثالث : صحيح.

« سلبه الله الإيمان » أي يمنع منه لطفه فلا يبقى عليُّ الإيمان.

الحديث الرابع : مرسل.

وكأنّ المعنى أنّه مثل قتل العمد في الوزر ، كما سيأتي خبر آخر كمن قتلنا لا أن حكمه حكم العمد في القصاص وغيره.

الحديث الخامس : ضعيف.

« وما ندي دماً » في بعض النسخ مكتوب بالياء ، وفي بعضها بالألف وكان الثاني تصحيف ، ولعلّه ندي بكسر الدال مخففاً ، ودماً إمّا تميز أو منصوب بنزع

٦٧

هذا سهمك من دم فلان فيقول : يا ربّ إنّك لتعلم أنك قبضتني وما سفكت دما فيقول بلى سمعت من فلان رواية كذا وكذا فرويتها عليه فنقلت حتّى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها وهذا سهمك من دمه.

٦ - يونس ، عن ابن سنان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وتلا هذه الآية : «ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الحقّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ »(١) قال والله ما قتلوهم بأيديهم ولا ضربوهم بأسيافهم

_________________________________________________

الخافض أي ما ابتل بدم وهو مجاز شائع بين العرب والعجم ، قال في النهاية : فيه من لقي الله ولم يتند من الدم الحرام بشيء دخل الجنّة ، أي لم يصب منه شيئاً ولم ينله منه شيء ، كأنّه نالته نداوة الدم وبلله ، يقال : ما نداني من فلان شيء أكرهه ، ولا نديت كفى له بشيء ، وقال الجوهري : المنديات المخزيات فقال : ما نديت بشيء نكرهه ، وقال الراغب : ما نديت بشيء من فلان ، أي ما نلت منه ندي ، ومنديات الكلم المخزيات الّتي تعرف.

وأقول : يمكن أن يقرء على بناء التفعيل فيكون دماً منصوبا بنزع الخافض ، أي ما بل أحدا بدم أخرجه منه ، ويحتمل إسناد التندية إلى الدم على المجاز ، وما ذكرنا أولا أظهر ، وقرأ بعض الفضلاء بدا بالباء الموحّدة أي ما أظهر دماً وأخرجه وهو تصحيف.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

قوله : وتلا ، الواو للاستئناف أو حال عن فاعل قال المذكور بعدها ، أو عن فاعل روى المقدّر ، أو للعطف على جملة أخرى تركها الراوي «ذلِكَ » إشارة إلى ما سبّق من ضرب الذلة والمسكنة ، والبوء بالغضب «بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ » أي بالمعجزات أو بآيات الكتب المنزلة «وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ » كشعيبا ويحيى وزكريا وغيرهم.

«ذلِكَ بِما عَصَوْا » قيل أي جرهم العصيان والتمادي والاعتداء فيه إلى الكفر

______________________

(١) سورة البقرة : ٦١.

٦٨

ولكنّهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها فأخذوا عليها فقتلوا فصار قتلا واعتداء ومعصية.

٧ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : «وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حقّ »(١) فقال إمّا والله ما قتلوهم بأسيافهم ولكنّ أذاعوا سرّهم وأفشوا عليهم فقتلوا.

_________________________________________________

بالآيات وقتل النبيّين ، فإنّ صغار المعاصي سبّب يؤدّي إلى ارتكاب كبارها.

قال : والله ما قتلوهم ، هذا يحتمل وجوهاً : الأوّل : أن قتل الأنبياء لم يصدر من اليهود بل من غيرهم من الفراعنة ، ولكنّ اليهود لـمّا تسبّبوا إلى ذلك بإفشاء أسرارهم نسبّ ذلك إليهم.

الثاني : أنّه تعالى نسبّ إلى جميع اليهود أو آباء المخاطبين القتل ولم يصدر ذلك من جميعهم ، وإنما صدر من بعضهم ، وإنّما نسبّ إلى الجميع لذلك ، فقوله : ما قتلوهم ، أي جميعاً.

الثالث : أن يكون المراد في هذه الآية غير المقاتلين ، وعلى التقادير يمكن أن يكون المراد بغير الحقّ أي بسبب أمر غير حقّ ، وهو ذكرهم الأحاديث في غير موضعها ، فالباء للآلة ، وقوله تعالى : «ذلِكَ بِما عَصَوْا » يمكن أن يراد به أن ذلك القتل أو نسبّته إليهم بسبب أنّهم عصوا واعتدوا في ترك التقية كما قالعليه‌السلام ، فصار أي الإذاعة قتلا واعتداء ومعصية ، وهذا التفسير أشدّ انطباقاً على الآية من تفسير سائر المفسرين.

الحديث السابع : موثق.

ومضمونه موافق للخبر السّابق وهذه الآية في آل عمران ، والسّابقة في البقرة.

______________________

(١) سورة آل عمران : ١١٢.

٦٩

٨ - عنه ، عن عثمان بن عيسى ، عن محمّد بن عجلأنّ ، عن أبي عبد الله قال قال إن الله عزّ وجلّ عير قوماً بالإذاعة فقال : «وَإِذا جاءَهُمْ أمر مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ »(١) فإياكم والإذاعة.

٩ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين بن عثمان عمّن أخبره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أذاع علينا شيئاً من أمرنا فهو كمن قتلنا عمداً ولم يقتلنا خطأ.

١٠ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد ، عن نصر بن صاعد مولى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن أبيه قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول مذيع السرّ شاك وقائله عند غير أهله كافر ومن تمسك بالعروة الوثقى فهو ناج قلت ما هو؟

_________________________________________________

الحديث الثامن : مجهول.

وقد مضى بعينه متناً وسنداً في أوّل الباب ، وكأنّه من النسّاخ.

الحديث التاسع : مرسل.

وقوله : ولم يقتلنا خطاء ، امّا تأكيد أو لإخراج شبه العمد ، فإنه عمد من جهة ، وخطاء من أخرى.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

« مذيع السرّ شاك » كان المعنى مذيع السرّ عند من لا يعتمد عليه من الشيعة شاك ، أي غير موقن فإن صأحبّ اليقين لا يخالف الإمام في شيء ويحتاط في عدم إيصال الضرر إليه ، أو أنه إنما يذكره له غالباً لتزلزله فيه وعدم التسليم التام ، ويمكن حمله على الأسرار الّتي لا تقبلها عقول عامة الخلق ، وما سيأتي على ما يخالف أقوال المخالفين ، وقيل : الأوّل مذيع السرّ عند مجهول الحال ، والثاني عند من يعلم أنّه مخالف.

« قلت ما هو » أي ما المراد بالتمسك بالعروة الوثقى؟ قال : التسليم للإمام

______________________

(١) سورة النساء : ٨٢.

٧٠

قال : التسليم.

١١ - عليُّ بن محمّد ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن رجل من الكوفيين ، عن أبي خالد الكابلي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال إن الله عزّ وجلّ جعل الدين دولتين دولة آدم وهي دولة الله ودولة إبليس فإذا أراد الله أن يعبد علانية كانت دولة آدم وإذا أراد الله أن يعبد في السرّ كانت دولة إبليس والمذيع لـمّا أراد الله ستره مارق من الدّين.

_________________________________________________

عليه‌السلام في كلّ ما يصدر عنه ممّا تقبله ظواهر العقول أو لا تقبله ، وممّا كان موافقاً للعامة أو مخالفاً لهم ، وإطاعتهم في التقيّة وحفظ الأسرار وغيرها.

الحديث الحاديعشر : ضعيف.

« جعل الدين دولتين » قيل : المراد بالدين العبادة ودولتين منصوب بنيابة ظرف الزمان ، والظرف مفعول ثان لجعل ، والدولة نوبة ظهور حكومة حاكم عادلا كان أو جائراً ، والمراد بدولة آدم دولة الحقّ الظاهر الغالب ، كما كان لآدمعليه‌السلام في زمانه ، فإنّه غلب على الشيطان وأظهر الحقّ علانية ، فكلّ دولة حقّ غالب ظاهر فهو دولة آدم ، وهي دولة الحكومة الّتي رضي الله لعباده.

« وكانت » في الموضعين تامّة ، فإذا علم الله صلاح العباد في أن يعبدوه ظاهراً سبّب أسباب ظهور دولة الحقّ فكانت كدولة آدمعليه‌السلام ، وإذا علم صلاحهم في أن يعبدوه سرّاً وتقيّة وكلّهم إلى أنفسهم فاختاروا الدّنيا وغلب الباطل على الحقّ ، فمن أظهر الحقّ وترك التقيّة في دولة الباطل لم يرض بقضاء الله ، وخالف أمر الله ، وضيع مصلحة الله الّتي اختارها لعباده.

« فهو مارق » أي خارج عن الدين غير عامل بمقتضاه ، أو خارج عن العبادة غير عامل بها ، قال في القاموس : مرق السّهم من الرّمية مروقاً خرج من الجانب الآخر ، والخوارج مارقة لخروجهم من الدين.

٧١

١٢ - أبو عليّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عبد الرَّحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من استفتح نهاره بإذاعة سرنا سلط الله عليه حر الحديد وضيق المحابس.

_________________________________________________

الحديث الثاني عشر : صحيح.

وكأنّ استفتاح النهار على المثال أو لكونه أشدّ أو كناية عن كون هذا منه على العمد والقصد لا على الغفلة والسهو ، ويحتمل أن يكون الاستفتاح بمعنى الاستنصار وطلب النصرة ، كما قال تعالى : «وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا »(١) وقال : «إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ »(٢) أي يظهر الفتح ، ويهدد المخالفين بذكر الأسرار الّتي ذكرها الأئمةعليه‌السلام تسلية للشيعة كانقراض دولة بني أمية أو بني العبّاس في وقت كذا ، فقوله : نهاره ، أي في جميع نهاره لبيان المداومة عليه « حر الحديد » أي ألمه وشدته من سيف أو شبهه ، والعرب تعبر عن الراحة بالبرد وعن الشدة والألم بالحر ، قال في النهاية : في حديث عليُّعليه‌السلام أنه قال لفاطمة : لو أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسألته خادماً يقيك حرّما أنت فيه من العمل ، وفي رواية : حار ما أنت فيه ، يعني التعب والمشقّة من خدمة البيت ، لأنّ الحرارة مقرونة بهما كما أن البرد مقرون بالراحة والسّكون ، والحارّ الشاق المتعب ، ومنه حديث عيينة بن حصن : حتّى أذيق نساءه من الحرّ مثل ما أذاق نسائي ، يريد حرقة القلب من الوجع والغيظ والمشقّة ، و ضيق المحابس أي السجون ، وفي بعض النسخ المجالس والمعنى واحد.

______________________

(١) سورة البقرة : ٨٩.

(٢) سورة الأنفال : ١٩.

٧٢

( باب )

( من أطاع المخلوق في معصية الخالق )

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من طلب رضا النّاس بسخط الله جعل الله حامده من الناس ذاما.

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرو بن شمرّ ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله كان حامده من النّاس ذامّاً ومن آثر طاعة الله بغضب الناس كفاه الله عداوة كلّ عدوّ ، وحسد كلّ حاسد ، وبغي

_________________________________________________

باب من أطاع المخلوق في معصية الخالق

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

« من طلب رضا الناس بسخط الله » هذا النوع في الخلق كثير بل أكثرهم كذلك ، كالذين تركوا متابعة أئمة الحقّ لرضاء أئمّة الجور وطلب ما عندهم ، وكأعوان السّلاطين الجائرين وعمالهم والمتقربين إليهم بالباطل ، والمادحين لهم على قبائح أعمالهم ، وكالذين يتعصّبون للأهل والعشائر بالباطل ، وكشاهد الزور والحاكم بالجور بين المتخاصمين طلباً لرضاء أهل العزة والغلبة ، والذين يساعدون المغتابين ولا يزجرونهم عنها طلبا لرضاء أهل العزة والغلبة ، والذين يساعدون المغتابين ولا يزجرونهم عنها طلبا لرضاهم ، ولئلّا يتنفّروا من صحبته وأمثال ذلك كثيرة « وجعل حامده من الناس ذاما » أي بعد ذلك الحمد أو يحمدونه بحضرته ويذمونه في غيبته ، أو يكون المراد بالحامد من يتوقع منهم المدح.

الحديث الثاني : ضعيف.

والمرضاة مصدر ميمي « ومن آثر طاعة الله » أي في غير موضع التقيّة فإنها

٧٣

كلّ باغ وكان الله عزّ وجلّ له ناصراً وظهيراً.

٣ - عنه ، عن شريف بن سابق ، عن الفضل بن أبي قرّة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كتب رجل إلى الحسين صلوات الله عليه : عظني بحرفين فكتب إليه من حاول أمراً بمعصية الله كان أفوت لـمّا يرجو وأسرع لمجيء ما يحذر.

٤ - أبو عليُّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال قال أبو جعفرعليه‌السلام لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله ولا دين لمن دان بجحود شيء من آيات الله.

٥ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله ، عن أبيهعليهما‌السلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من

_________________________________________________

طاعة الله في هذا الموضع ، و الظهير المعين.

الحديث الثالث : ضعيف.

« بحرفين » أي بجملتين وما ذكرهعليه‌السلام مع العطف في حكم جملتين ، ويحتمل أن يكون الحرفان كناية عن الاختصار في الكلام « من حأوّل » أي رام وقصد ، واللام في قوله « لـمّا يرجو » و « لمجيء » للتعدية.

الحديث الرابع : صحيح.

« لا دين » أي لا إيمان أو لا عبادة « لمن دان » أي عبد الله « بطاعة من عصى الله » أي غير المعصوم ، فإنه لا يجوز طاعة غير المعصوم في جميع الأمور ، وقيل : من عصى الله من يكون حكمه معصية ولم يكن أهلاً للفتوى « لمن دان » أي اعتقد أي عبد الله « بافتراء الباطل على الله » أي جعل هذا الافتراء عبادة أو جعل عبادته مبنّية على الافتراء « بجحود شيء من آيات الله » أي أنكر شيئاً من محكمات القرآن ، ويحتمل أن يكون المراد بالآيات الأئمةعليهم‌السلام كما مرّ في الأخبار.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

٧٤

أرضى سلطاناً بسخط الله خرج من دين الله.

( باب )

( في عقوبات المعاصي العاجلة )

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه وعدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد جميعاً ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان ، عن رجل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خمس إن أدركتموهنَّ فتعوَّذوا بالله منهنَّ : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتّى يعلنوها إلّا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع الّتي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلّا أخذوا بالسنين وشدَّة المؤونة

_________________________________________________

ويمكن حمله على من أرضى خلفاء الجور بإنكار أئمّة الحقّ أو شيء من ضروريات ، وقد مرّ تأويل مثله مراراً.

باب في عقوبات المعاصي العاجلة

وفي بعض النسخ المناكير الّتي تظهر في عقوبات ، إلخ.

الحديث الأوّل : مرسل.

وخمس مبتدأ مع تنكيره مثل : كوكب أنقض الساعة ، والجملة الشرطية خبره ، أو خمس فاعل فعل محذوف أي تكون خمس ، و الفاحشة الزنا ، وفي القاموس السنة الجدب والقحط ، والأرض المجدبة والجمع سنون ، وفي النهاية : السنة الجدب يقال : أخذتهم السنة إذا أجدبوا وأقحطوا والمئونة القوت ، وشدّة المئونة ضيقها وعسر تحصيلها.

وقيل : يترتب على كلّ واحدّ منهما عقوبة تناسبّه ، فإن الأوّل لـمّا كان فيه

٧٥

وجور السلطان ، ولم يمنعوا الزكاة إلّا منعوا القطر من السّماء ولو لا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلّا سلط الله عليهم عدوهم وأخذوا بعض ما في أيديهم ولم يحكموا بغير ما أنزل الله [ عزّ وجلّ ] إلّا جعل الله عزّ وجلّ بأسهم بينهم.

_________________________________________________

تضييع آلة النسل ناسبه الطاعون الموجب لانقطاعه ، والثاني لـمّا كان القصد فيه زيادة المعيشة ناسبّه القحط وشدّة المئونة وجور السلطان بأخذ المال وغيره ، والثالث لـمّا كان فيه منع ما أعطاه الله بتوسّط الماء ناسبّه منع نزول المطر من السّماء ، والرابع لـمّا كان فيه ترك العدل والحاكم العادل ناسبّه تسلط العدوّ وأخذ الأموال ، والخامس لـمّا كان فيه رفض الشريعة وترك القوانين العدلية ناسبّه وقوع الظلم بينهم وغلبة بعضهم على بعض.

وأقول : يمكن أن يقال لـمّا كان في الأوّل مظنة تكثير النسل عاملهم الله بخلافه ، وفي الثالث لـمّا كان غرضهم توفير المال منع الله القطر ليضيق عليهم ، وأشار بقوله : ولو لا البهائم لم يمطروا ، إلى أن البهائم لعدم صدور المعصية منهم وعدم تكليفهم ، استحقاقهم للرحمة أكثر من الكفرة وأرباب الذنوب والمعاصي ، كما دلت عليه قصّة النملة واستسقائها ، وقولها : اللهم لا تؤاخذنا بذنوب بني آدم ، ويومئ إليه قوله تعالى. «بَلْ هُمْ أَضَلُّ سبّيلاً »(١) والمراد بنقض عهد الله وعهد رسوله نقض الأمان والذمّة الّتي أمر الله برعايتها والوفاء بها كما سيأتي في باب تفسير الذنوب : وإذا خفرت الذمّة أديل لأهل الشرك من أهل الإسلام ، وهو الظاهر من الخبر الآتي أيضاً ، وقيل : هو نقض العهد بنصرة الإمام الحقّ واتباعه في جميع الأمور ، والأوّل أظهر.

ولـمّا كان هذا الغدر للغلبة على الخصم بالحيلة والمكر ، يعاملهم بما يخالف

______________________

(١) سورة الفرقان : ٤٤.

٧٦

٢ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه وعدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال وجدنا في كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا ظهر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة وإذا طفف المكيال والميزان أخذهم الله بالسنين والنقص وإذا منعوا الزكاة منعت الأرض

_________________________________________________

غرضهم فيجعل بأسهم بينهم ، في القاموس : البأس العذاب والشدّة في الحرب ، أي جعل عذابهم وحربهم بينهم بتسلط بعضهم على بعض ، ويتغالبون ويتحاربون ولا ينتصف بعضهم من بعض ، وترتب هذا على الجور في الحكم ظاهر ، ويحتمل أن يكون السبّب أنهم إذا جاروا في الحكم وحكموا للظالم على المظلوم يسلط الله على الظالم ظالـماً آخر يغلبه الله ، فيصير بأسهم وحربهم بينهم وهذا أيضاً مجرب.

الحديث الثالث : صحيح.

« في كتاب رسول الله » سيأتي صدر هذا الحديث في كتاب النكاح ، وفيه في كتاب عليُّعليه‌السلام وهو أظهر ، ولا تنافي بينهما لأنّ مملي الكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والكاتب عليُّعليه‌السلام فيجوز نسبّته إلى كلّ منهما ، وعلى تقدير المغايرة يمكن وجدانه فيهما ، وفي المصباح فجأت الرّجل أفجؤه مهموز من باب تعب ، وفي لغة بفتحتين جئته بغتة ، والاسم الفجاءة بالضمّ والمد ، وفي لغة وزان تمرة وفجأة الأمر مهموز من بابي تعب ونفع أيضاً وفاجأه مفاجاة أي عاجلة ، وقال : الطفيف مثل القليل وزنا ومعنى ، ومنه قيل : تطفيف المكيال والميزان ، وقد طففه فهو مطفف إذا كال أو وزن ولم يوف ، انتهى.

وأقول : قال تعالى : «وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى الناس يَسْتَوْفُونَ وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ »(١) قال البيضاوي : التطفيف البخس في الكيل والوزن ، لأنّ ما يبخس طفيف أي حقير.

______________________

(١) سورة المطففين : ١.

٧٧

بركتها من الزرع والثمار والمعادن كلّها وإذا جاروا في الأحكام تعاونوا على الظّلم

_________________________________________________

وفي الحديث : خمس بخمس ، ما نقض العهد قوم إلّا سلّط الله عليهم عدوّهم ، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلّا فشا فيهم الفقر ، وما ظهر فيهم الفاحشة إلّا فشا فيهم الموت ، ولا طففوا الكيل إلّا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ، ولا منعوا الزكاة إلّا حبس عنهم القطر.

وقال «عَلَى الناس » أي منهم «يَسْتَوْفُونَ » أي يأخذون حقوقهم وافية «وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ » أي كالوا للناس ووزنوا لهم ، والمراد بالنقص نقص ريع الأرض من الثمرات والحبوب ، كما قال سبّحانه : «وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ »(١) .

« منعت الأرض » على بناء المعلوم ، فيكون المفعول الأوّل محذوفاً أي منعت الأرض الناس « بركتها » أو المجهول فيكون الفاعل هو الله تعالى ، و الجور نقيض العدل.

وهذه الفقرة تحتمل وجهين : الأوّل أن الجور في الحكم وترك العدل هو معاونة للظالم على المظلوم ، فلا يكون على سياق سائر الفقرات ، وكان النكتة فيه أن سوء أثره وهو الاختلال في نظام العالم لـمّا كان ظاهراً اكتفي بتوضيح أصل الفعل وإظهار قبحه.

الثاني : أن يكون المراد أنه تعالى بسبب هذا الفعل يمنع اللطف عنهم ، فيتعاونون على الظلم والعدوان حتّى يصل ضرره إلى الحاكم والظالم أيضاً كما قالعليه‌السلام في الخبر السّابق : جعل الله بأسهم بينهم ، والظاهر أن المراد بالعهد المعاهدة مع الكفار كما عرفت.

ويحتمل التعميم ، وكون قطع الأرحام سبّبا لجعل الأموال في أيدي الأشرار مجرب ، وله أسباب باطنة وظاهرة ، فعمدة الباطنة قطع لطف الله تعالى

______________________

(١) سورة الأعراف : ١٣٠.

٧٨

والعدوان ، وإذا نقضوا العهد سلّط الله عليهم عدوَّهم ، وإذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي سلّط الله عليهم شرارهم فيدعوا خيارهم فلا يستجاب لهم.

_________________________________________________

عنهم ، ومن الظاهرة أنّهم لا يتعاونون في دفع الظلم فيتسلّط عليهم الأشرار ويأخذون الأموال منهم ، ومنها أنهم يدلون بأموالهم إلى الحكام الجائرين لغلبة بعضهم على بعض ، فينتقل أموالهم إليهم.

« وإذا لم يأمروا بالمعروف » قيل : يحتمل ترتب التسليط على ترك كلّ واحدّ منهما أو تركهما معا ، وأقول : الثاني أظهر مع أن كلا منهما يستلزم الآخر فإن ترك كلّ معروف منكر وترك كلّ منكر معروف ، والمراد بالخيار الفاعلون للمعروف الآمرون به ، والتاركون للمنكر الناهون عنه ، وعدم استجابة دعائهم لاستحكام الغضب وبلوغه حدّ الحتم والإبرام ، إلّا يرى أنه لم يقبل شفاعة خليل الرَّحمنعليه‌السلام لقوم لوط ، ويحتمل أن يكون المراد بالخيار الذين لم يتركوا المعروف ولم يرتكبوا المنكر ، لكنهم لم يأمروا ولم ينهوا ، فعدم استجابة دعائهم لذلك كأصحاب السبّت ، فإن العذاب نزل على المعتدين والذين لم ينهوا معا وعدم استجابة دعاء المؤمنين لظهور القائمعليه‌السلام يحتمل الوجهين.

واعلم أنّ عمدة ترك النهي عن المنكر في هذه الأمة ما صدر عنهم بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مداهنة خلفاء الجور ، وعدم اتباع أئمة الحقّ عليهم ، فتسلط عليهم خلفاء الجور من التيمي والعدوّي وبني أمية وبني العبّاس ، وسائر الملوك الجائرين فكانوا يدعون ويتضرعون فلا يستجاب لهم ، وربّما يخصّ الخبر بذلك لقوله ولم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي ، والتعميم أولى.

٧٩

( باب )

( مجالسة أهل المعاصي )

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي زياد النهدي ، عن عبد الله بن صالح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلساُ يعصى الله فيه ولا يقدر على تغييره.

٢ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن بكر بن محمّد ، عن الجعفري قال :

_________________________________________________

باب مجالسة أهل المعاصي

الحديث الأول : مجهول.

والمراد بمعصية الله ترك أوامره وفعل نواهيه كبيرة كانت أو صغيرة ، حقّ الله كان أو حقّ الناس ، ومن ذلك اغتياب المؤمن ، فإن فعل أحدّ شيئاً من ذلك وقدرت على تغييره ومنعه منه فغيره أشدّ تغيير حتّى يسكت عنه وينزجر منه ، ولك ثواب المجاهدين ، وإن خفت منه فاقطعه وأنقله بالحكمة ممّا هو مرتكبه إلى أمر آخر جائز ، ولا بد من أن يكون الإنكار بالقلب واللسان وحده ، والقلب مائل إليه ،

فإنّ ذلك نفاق وفاحشة أخرى ، وإن لم تقدر عليه فقم ولا تجلس معه ، فإن لم تقدر على القيام أيضاً فأنكره بقلبك وامقته في نفسك وكن كأنك على الرضف ، فإنّ الله تعالى مطلّع على سرائر القلوب وأنت عنده من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، وإن تنكر ولم تقم مع القدرة على الإنكار والقيام فقد رضيت بالمعصية فأنت وهو حينئذ سواء في الإثمّ ، وقد مرّ الكلام في ذلك في باب الغيبة.

الحديث الثاني : صحيح.

والجعفري هو أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري وهو من أجلّة أصحابنا ، ويقال إنه لقي الرضا إلى آخر الأئمّةعليهم‌السلام ، وأبو الحسن يحتمل الرّضا والهاديعليهما‌السلام

٨٠