مرآة العقول الجزء ١٢

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 594
المشاهدات: 44758
تحميل: 6429


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44758 / تحميل: 6429
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 12

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

حسين بن زيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الاستغفار وقول - لا إله إلّا الله خير العبادة قال الله العزيز الجبّار : «فَاعْلَمْ أنّه لا إِلهَ إلّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ».

_________________________________________________

تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ ) (١) ثمَّ قال : « فَاعْلَمْ أنّه لا إِلهَ إلّا اللهُ ».

قال في مجمع البيان قال الزجاج : يجوز أن يكون المعنى أقم على هذا العلم وأثبت عليه ، وأعلم في مستقبل عمرك ما تعلمه الآن ، ويدلّ عليه ما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : من مات وهو يعلم أنّه لا إله إلّا الله دخل الجنّة.

وقيل : أنّه يتعلّق بما قبله على معنى إذا جاءتهم الساعة فاعلم أنّه لا إله إلّا الله ، أي يبطل الملك عند ذلك فلا ملك ولا حكم لأحدّ إلّا الله.

وقيل : إن هذا إخبار بموتهعليه‌السلام ، والمراد فاعلم أن الحي الذي لا يموت هو الله وحده ، وقيل : أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ضيق الصدر من أذى قومه ، فقيل له : فاعلم أنّه لا كاشف لذلك إلّا الله « وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ » الخطاب له والمراد به الأمّة ، وإنما خوطبعليه‌السلام بذلك لتستن أمته بسنته ، وقيل : أن المراد بذلك الانقطاع إلى الله تعالى ، فإن الاستغفار عبادة يستحقّ به الثواب.

وقد صحّ الحديث بالإسناد عن حذيفة قال : كنت رجلاً ذربّ اللسان على أهلي ، فقلت : يا رسول الله إني لأخشى أن يدخلني لساني النّار ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فأين أنت من الاستغفار ، إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرّة وقال تعالى بعد ذلك : « وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ » قال الطبرسي : أكرمهم الله بذلك إذ أمرّ نبيهم أن يستغفر لذنوبهم ، وهو الشفيع المجاب فيهم.

وقال البيضاوي : أي إذا علمت سعادة المؤمنين وشقاوة الكافرين فاثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانيّة وتكميل النفس بإصلاح أحوالها وأفعالها ويفصحها

____________________

(١) محمد : ١٨.

١٦١

(باب)

(التسبيح والتهليل والتكبير)

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم وأبي أيّوب الخزّاز جميعاً ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال جاء الفقراء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا يا رسول الله إنَّ الأغنياء لهم ما يعتقون وليس لنا ولهم ما يحجون وليس

_________________________________________________

بالاستغفار لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ولذنوبهم بالدّعاء لهم والتحريص على ما يستدعي غفرانهم ، وفي إعادة الجار وحذف المضاف إشعار بفرط احتياجهم ولكثرة ذنوبهم وأنّها جنس آخر فإنّ الذنب ما له تبعة ما بترك الأولى.

فإذا عرفت هذا فاستشهادهعليه‌السلام بالآية إما لكون كثرة الذكر سبباً لزيادة العلم واليقين ، أو لأن المراد بالآية القول مع العلم أو القول فقط ، لظهور حصول العلم في المخاطب ، أو المراد الاستدأمّة على هذه العقيدة وأعظم أسبابها تكرار الذكر.

والأفضلية إما لاختيارهما للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو للتفريع على ما سبق في الآيات من ذكر القيامة فعلم أن أنّهما أنفع الأشياء لها ، أو لـمّا كان هي أهم العقائد فما يدلّ عليه أفضل الأذكار.

باب التسبيح والتهليل والتكبير

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

« من سياق مائة بدنة » أي استصحابها من الميقات لإحرام الحجّ أو العمرّة لتذبح في منى أو مكة ، وفيه فضل عظيم وقد ساق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عمره الحديبية وفي حجة الوداع وإنّما أطلق عليه السياق لأنّها لا تركب ولا تحمل لأنّها إنّما سيقت لله ، ومع الإشعار والتقليد خرجت عن ملكه ، فإنّما تساق لتذبح لله في محله.

والبدنة تطلق غالباً على الإبل ، قال في المصباح : البدنة قالوا هي ناقة أو

١٦٢

لنا ولهم ما يتصدّقون وليس لنا ولهم ما يجاهدون وليس لنا فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من كبر الله عزَّ وجلَّ مائة مرّة كان أفضل من عتق مائة رقبة ومن سبح الله مائة مرّة كان أفضل من سياق مائة بدنة ومن حمد الله مائة مرّة كان أفضل من حملان مائة فرس في سبيل الله بسرجها ولجمها وركبها ومن قال لا إله إلّا الله مائة

_________________________________________________

بقرة ، وزاد الأزهري : أو بعير ذكر ، ولا تقع البدنة على الشاة.

وقال بعض الأئمة : البدنة هي الإبل خاصّة ، ويدلّ عليه قوله تعالى : «فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها » سميت بذلك لعظم بدنها وإنّما ألحقت البقرة بالإبل بالسنة وهو قولهعليه‌السلام تجزئ البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة ، إذ لو كانت البدنة بالوضع تطلق على البقرة لـمّا شاع عطفها ، لأن المعطوف غير المعطوف عليه ، ونقل البغوي أيضاً : أن البدنة لا تطلق على الشاة ، قالوا : وإذا أطلقت البدنة في الفروع فالمراد البعير ذكراً كان أو أنثى.

« من حملان مائة فرس » الحملان بضم الحاء وسكون الميم مصدر أي من أن يركب ويحمل مائة إنسان على مائة فرس تأمّة الأدوات قال في النهاية في حديث تبوك قال أبو موسى : أرسلني أصحابي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسأله الحملان ، الحملان مصدر حمل يحمل حملانا وذلك أنهم أنفذوه يطلب منه شيئاً يركبون عليه ، ومنه تمام الحديث قال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أنا حملتكم والله حملكم ، أراد إفراده تعالى بالمن عليهم ، وقيل : لـمّا ساق الله إليه هذه الإبل وقت حاجتهم كان هو الحامل لهم عليها.

قوله عليه‌السلام « بسرجها » كذا فيما عندنا من النسخ فيدلّ على أنّه يجمع السرج على السرج بضمتين ، ولم أجده في كتب اللغة وقال في المصباح : سرج الدابة معروف وجمعه سروج ، مثل فلس وفلوس ، والسراج المصباح ، والجمع سرج ، مثل كتاب وكتب ،وقال : اللجام للفرس قيل : عربي ، وقيل : معربّ والجمع لجم مثل كتاب وكتب.

وفي القاموس : الركاب من السرج كالغرز من الرحال ، والجمع ككتب

١٦٣

مرّة كان أفضل النّاس عملاً ذلك اليوم ، إلّا من زاد قال فبلغ ذلك الأغنياء

_________________________________________________

وقال : الغرز ركاب من جلد ، وقيل : في قوله : إلّا من زاد تنبيه على أن ما زاد على هذا العدد يكون له الأجر بحساب ذلك ، لأنّه ليس من العبادات الّتي نهى الشارع عن الزيادة في عددها فيه نظر.

« كان أفضل الناس عملاً » أي ليس أحدّ أفضل منه لأنّ من عمل مثل فعله لم يكن هذا أفضل منه إلّا أن يقال أنّه داخل في المفضّل ، فالمفضّل عليه غيره.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ » ظاهره أن الفقراء لا يبلغون فضل الأغنياء مع أن ثواب فقرهم وصبرهم عليه عظيم كما مرّ في الأخبار الكثيرة وأيضاً قد دلت الأخبار على أن من تمنى شيئاً من الخير ولم يتيسر له يمنحه الله الكريم ثواب ذلك ، فيمكن أن يكون عدم ذكر ذلك لهم ليكون أعظم لأجرهم أو لتأديبهم بترك ما يوهم الحسد ، وعدم الرّضا بقضاء الله ، وقيل : ظاهره تفضيل الغناء على الفقر لأنّه لـمّا استووا في عمل الذكر واختص الأغنياء من العبادات المالية بما عجز الفقراء عنه قال « ذلِكَ فَضْلُ اللهِ » فالإشارة بذلك إلى الفضل الذي اختصوا به ، وإنمّا قلنا ظاهر في ذلك لإمكان أن يجعل سبق الفقراء بالذكر المذكور وتقدمهم على الأغنياء فضيلة اختصوا بها دون الأغنياء ، ويجعل ذلك إشارة إليها فيفيد تفضيل الفقر على الغناء لكنه عدول عن الظاهر.

ولا يمكن ترجيح هذا بقوله كان أفضل الناس عملاً ذلك اليوم إلّا من زاد بناء على حمل الناس على العموم وحمل الزيادة على الزيادة في الذكر ، فمن اتصف بالزيادة المالية داخل في المفضّل عليه ، وغير خارج بالاستثناء لأنّا نمنع عموم الناس لأنّه يستلزم تفضيل الشيء على نفسه ، بل المراد به من لم يماثله في الذكر ، ونمنع أيضاً تخصيص الزيادة بالزيادة في الذكر ، لجواز أن يكون المراد بها الزيادة المطلقة الشاملة للزيادة في الذكر وغيره من الأعمال الّتي تشتمل الحقوق المالية.

ولبعض الأفاضل في تحقيق الفقر والغناء كلام لا بأس أن نورده في هذا المقام ،

١٦٤

فصنعوه ، قال :فعاد الفقراء إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا يا رسول الله قد بلغ الأغنياء ما قلت فصنعوه فقال - رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ.

_________________________________________________

وهو أنّ الفقر والغناء ثلاثة.

الأولى : الغني والفقير اللذين يفعل كلّ منهما الواجب عليه فقط.

الثانية : أن يفعل كلّ منها ما هو مقدوره كان يصبر الفقير ويؤثر على غيره ويحجّ الغني ويعتق ويتصدّق.

الثالثة : الفقر والغناء وصفان كليان من حيث كون كلّ منهما قابلا للأمرّ إما الغناء فقابل لتحصيل القربّ بالمالية ، وأمّا الفقر فقابل للصبر ، وكلّ واحد من هذه الثلاثة يصحّ أن يكون محلّاً للخلاف ، أما الأولى فلانه يمكن أن يقال فيها هل فضل القربات المالية الواجبة أرجح من صبر الفقير أو صبره أرجح ، وأمّا الثانية وهي الأنسب بهذا الحديث ، فكذلك بنحو ما تقدم ، وأمّا الثالثة فكذلك فأنّه يصحّ أن يقال هل قابلية فعل الخيرات والقربات المالية أرجح من قابلية تحصيل الصبر والسلأمّة من عهدة الغناء وتكاليفه أو العكس فتأمل ، ورجح بحسب ما ظهر لك من الروايات وغيرها ، انتهى.

وأقول : الأظهر عندي أن الفقر والغناء والصحة والقسم والعزة والذلّة والشهرة والخمول وسائر تلك الأحوال المتقابلة لكلّ منها جهات كثيرة ومختلف. بحسب الأحوال والأشخاص والأزمان ، ولا يعلم جميع ذلك إلّا علام الغيوب ، ولا يفعل شيئاً من ذلك بعباده بلطفه الشامل إلّا ما علم صلاحهم فيه بعلمه الكامل ، فوظيفة العبد أن يكلّ جميع ذلك إلى مولاه ، ويتوكلّ عليه ويرضي بقضائه ، ويصبر على بلائه ويشكره على نعمائه ، ولا يختار لنفسه ما لا يعلم عاقبته ، فالغني للغني أصلح ، وإلّا لم يفعله به مولاه ، والفقر للفقير أفضل وإلّا لم يفعله به من خلقه ورباه وهكذا جميع أحوال العالمين «فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ »(١) .

____________________

(١) الأعراف : ١٤٤.

١٦٥

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن حمّاد ، عن ربعي ، عن فضيل ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سمعته يقول أكثروا من التهليل والتكبير فأنّه ليس شيء أحبَّ إلى الله عزَّ وجلَّ من التهليل والتكبير.

٣ - عليُّ ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام التسبيح نصف الميزان والحمد لله يملأ الميزان والله أكبر

_________________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور صحيح عندي.

وأفضلية التهليل لدلالتها على التوحيد الكامل ، والتكبير لدلالتها على الاتصاف بجميع الصفات الكمالية ، والتنزه عن جميع سمات النقص على وجه لا يصل إليه العقول ، والأفهام فهما متضمنان لمعرفة الله الملك العلام على وجه الكمال ، والتمام.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

« التسبيح نصف الميزان » قيل : لعلّ السر في ذلك ، إن لله سبحانه صفات ثبوتية جمالية ، وصفات سلبية جلالية ، وإنّما يملأ ميزان العبد بالإتيان بهما جميعاً ، والتسبيح إتيان بالثانية فحسب فهو نصف الميزان ، والتحميد إتيان بهما جميعاً لوروده على كلّ ما كان كمالاً فهو يملأ الميزان ، وهما لا يتجاوزان ميزان العبد لأنذهما إنّما يكونان منه بقدر فهمه وعلمه ومعرفته ، وأمّا التكبير فلـمّا كان تفضيلاً مجملاً يكفي فيه العلم الإجمالي بالمفضّل عليه ، فهو يملأ ما بين السّماء والأرض.

وقيل : الحمد لله يملأ الميزان إما بنفسه أو مع التسبيح ، فهو على الأوّل ضعف التسبيح ، وعلى الأخير مثله ، ومن طريق العامة الحمد لله يملأ الميزان ، قال المازري : الحمد ليس بجسم فيقدّر بمكيال ويوزن بمعيار ، فقيل هو كناية عن تكثير العدد أي حمدا لو كان يقدّر بمكيال ، ويوزن بميزان لملأه ، وقيل هو لتكثير أجوره ، وقيل هو على التعظيم والتفخيم لشأنّه ، وقد جاء من طريق العامّة أن

١٦٦

يملأ ما بين السماء والأرض.

٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله برجل يغرس غرسا في حائط له فوقف له وقال إلّا أدلك على غرس أثبت أصلا وأسرع

_________________________________________________

الميزان له كفتان ، كلّ كفة طباق السماوات والأرض. وجاء أيضاً أن الحمد لله يملأه ، وقيل : القول الأوّل - وهو أنّه لتكثير العدد - أظهر لمجيء سبحان الله عدد خلقه ، وظاهر أنّه لتكثير العدد.

الحديث الرابع : صحيح.

وفي المصباح غرست الشجرة غرسا من باب ضربّ ، فالشجر مغروس ، ويطلق عليه أيضاً غرس ، وقال : الحائط البستان ، وقال : ينعت الثمار ينعا من بابي نفع وضربّ أدركت ، والاسم الينع بضم الياء وفتحها فهي يانعة ، وأ ينعت بالألف مثله انتهى. ونسبة الإيناع هنا إلى الشجرة مجازا وأستعير لوصول الشجرة حدّ الإثمار ، « وأبقى » أي أبقى ثمرا أو أصل الشجرة « على فقراء المسلمين » إما متعلّق بالصدقة ، أو بالمقبوضة أهل الصدقة بدل من الفقراء ، أو صفة لها أي ممن يستحقّ أخذ الزكاة.

وأقول : المشهور أن سورة الّليل مكية ، وهذا الخبر يدلّ على أنها مدنية ، ويؤيّده ما رواه الطبرسي (ره) بإسناده عن ابن عبّاس ، أن رجلاً كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال ، وكان الرّجل إذا جاء فدخل الدار وصعد النخلة ليأخذ منها التمرّ فربما سقطت التمرّة ، فيأخذها صبيان الفقير ، فينزل الرّجل من النخلة حتّى يأخذ التمرّ من أيديهم ، فإن وجدها في فم أحدهم أدخل إصبعه حتّى يخرج التمرّ من فيه ، فشكى ذلك الرّجل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخبره بما يلقى من صاحب النخلة ، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اذهب ، ولقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صاحب النخلة ، فقال : تعطني نخلتك المائلة الّتي فرعها في دار فلان ، ولك بها نخلة في الجنّة فقال له الرّجل : إن لي نخلاً كثيراً ، وما فيه نخلة أعجب إلى ثمرّة منها ، قال

١٦٧

إيناعاً وأطيب ثمراً وأبقى ؟ قال : بلى فدلني يا رسول الله فقال إذا أصبحت وأمسيت فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر فإن لك إن قلته بكلّ تسبيحة عشرّ شجرات في الجنّة من أنواع الفاكهة وهن من الباقيات الصالحات قال فقال الرّجل فإني أشهدك يا رسول الله أن حائطي هذا صدقة مقبوضة على

_________________________________________________

ثمَّ ذهب الرّجل فقال رجل كان يسمع الكلام من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يا رسول الله أتعطيني بما أعطيت الرّجل نخلة في الجنّة أن أنا أخذتها ، قال نعم ، فذهب الرّجل ولقي صاحب النخلة فساومها منه ، فقال له أشعرت إن محمدا أعطاني بها نخلة في الجنّة فقلت له : يعجبني ثمرها ، وأن لي نخلا كثيراً فما فيه نخلة أعجب إلى ثمرّة منها ، فقال له الآخر : أتريد بيعها فقال : لا ، إلّا أن أعطي بها ما لا أظنّه أعطي ، قال : فما مناك ، قال : أربعون نخلة ، فقال الرّجل : جئت بعظيم ، تطلب نخلتك المائلة ، أربعين نخلة ، ثمَّ سكت عنه ، فقال له : أنا أعطيك أربعين نخلة ، فقال له ، أشد إن كنت صادقاَ ، فمرّ إلى ناس فدعاهم فأشهد له بأربعين نخلة ، ثمَّ ذهب إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إن النخلة قد صارت في ملكي ، فهي لك فذهب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى صاحب الدار ، فقال له : النخلة لك ولعيالك ، فأنزل الله تعالى «وَالّليل إِذا يَغْشى » السورة.

وعن عطاء قال : اسم الرّجل ، أبو الدحداح ، ثمَّ قال : والأولى أن تكون الآيات محمولة على عمومها في كلّ من يعطي حق الله في ماله ، وكلّ من يمنع حقه سبحانه.

وروى العياشي ذلك بإسناده ، عن سعد الإسكاف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال « فَأَمَّا مَنْ أَعْطى » ممّا أتاه الله ، « وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى » أي بأن الله يعطي بالواحد عشرا إلى أكثر من ذلك ، وفي رواية أخرى إلى مائة ألف فما زاد « فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى » قال لا يريد شيئاً من الخير إلّا سير الله له « وأمّا مَنْ بَخِلَ » بما أتاه الله « وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى » بأن الله يعطي بالواحد عشرا إلى أكثر من ذلك ،

١٦٨

فقراء المسلمين أهل الصّدقة فأنزل الله عزَّ وجلَّ آيات من القرآن : «فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى ».

٥ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النّوفليّ ، عن السّكونيّ ، عن أبي - عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خير العبادة قول لا إله إلّا الله.

_________________________________________________

وفي رواية أخرى إلى مائة ألف فما زاد « فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى » قال لا يريد شيئاً من الشر إلّا يسّر له قال : ثم قال : أبو جعفرعليه‌السلام « وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى » أمّا والله ما تردّى من جبل ، ولا تردّى من حائط ، ولا تردى في بئر ، ولكن تردى في نار جهنم.

فعلى هذا يكون قوله « وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى » معناه بالعدَّةٌ الحسنى وقيل بالجنّة الّتي هي ثواب المحسنين.

وقوله « فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى » معناه فستهون عليه الطاعة مرّة بعد مرّة ، وقيل معناه سنهيؤه ، ونوفقه للطريقة اليسرى ، أي سنسهل عليه فعل الطاعة حتّى يقوم إليه بجد ، وطيب نفس ، وقيل معناه ينسره للخصلة اليسرى أو للحالة اليسرى وهي دخول الجنّة ، واستقبال الملائكة إياه بالتحية ، والبشرى.

« وأمّا مَنْ بَخِلَ » أي منن بماله الذي لا يبقى له ، وبخل بحق الله فيه ، « وَاسْتَغْنى » أي التمس الغناء بذلك المنع لنفسه ، وقيل : معناه أنّه عمل عمل من هو مستغن عن الله ، وعن رحمته « وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى » أي بالجنّة ، والثواب ، والوعد بالخلف « فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى » هو على مزاوجة الكلام ، والمراد به التمكين ، أي تخلى بينه وبين الأعمال الموجبة للعذاب ، والعقوبة.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

١٦٩

(باب)

(الدعاء للإخوان بظهر الغيب)

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغراء ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال أوشكّ دعوة وأسرع إجابة دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب.

_________________________________________________

باب الدعاء للإخوان بظهر الغيب

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

« وأوشك » مبتدأ مضاف إلى الدّعوة ، وأسرع معطوف عليه ، والمضاف محذوف أي وأسرعها ، وإجابة غير كما قيل : ويحتمل أن يقرأ كلاهما بالإضافة فيقدّر قوله وإجابته في أخر الكلام بقرينة أوّل الكلام ، أي هذا الدّعاء أقربّ الدعوات من الله ، وإجابته أسرع الإجابات ، ويمكن أن يقرأ كلاهما بالتمييز فيكون دعاء المرء مبتدأ ، وأوشك خبره ، والمراد بالدعوة الحصول أو السماع مجازا ، وعلى التقادير السّابقة إما أسرع تأكيد لأوشكّ ، أو المراد بأوشكّ مزيد التوفيق للدعاء ، أو المراد أنّه إذا دعي للأخ لا يحتاج إلى المبالغة والتطويل لحصول الإجابة بل يكفيّه أيسر دعاء بظهر الغيب ، أي في حاله مستظهرا بذلك متقوياً به.

قال في النهاية : فيه « خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى » أي ما كان عفوا قد فضل عن غنى ، والظهر قد يزاد في مثل هذا إشباعا للكلام ، وتمكينا كان صدقته مستندة إلى ظهر قوي من المال ، تقول : قرأت القرآن على ظهر قلبي ، أي قراءة من حفظي.

وقال في المصباح : قيل : ظهر الغيب ، وظهر القلب ، والمراد نفس الغيب ونفس القلب ، لكنّه أضيف للأيضاًح ، والبيان ، وقال النووي دعا بظهر الغيب ، أي

١٧٠

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدرُّ الرّزق ويدفع المكروه.

٣ - عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليِّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرو بن شمرّ ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تبارك وتعالى : «وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ » قال هو المؤمن يدعو لأخيه

_________________________________________________

بغيبة المدعو ، وفي سرّ ، وقال الطبيبي إنّما كان أسرع إجابة ، لأنّه أقربّ إلى الإخلاص ، ويعينه الله في دعائه ، لأن الله تعالى في عون العبد ما دام في عون أخيه ، وأقول : الباء بمعنى في.

الحديث الثاني : صحيح ، وفي القاموس أدرت الريح السحاب حلبته.

الحديث الثالث : ضعيف.

« وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا » قال البيضاوي : أي يستجيب الله لهم فحذف اللام كما حذف في وإذا كالوهم ، والمراد إجابة الدّعاء أو الإثابة على الطاعة ، فإنها كدعاء وطلب لـمّا يترتب عليه ، أو يستجيبون الله بالطاعة إذا دعاهم إليها ، « وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ » على ما سألوا ، أو استحقوا واستوجبوا له بالاستجابة.

وقال الطبرسي (ره) : أي يجيبهم إلى ما يسألونه ، وقيل : معناه يجيبهم في دعاء بعضهم لبعض ، عن معاذ بن جبل ، وقيل : معناه يقبل طاعاتهم وعباداتهم ، ويزيدهم من فضله على ما يستحقونه من الثواب ، وقيل : معناه ويستجيب الذين الذين آمنوا ، بأن يشفعهم في إخوانهم ، ويزيدهم من فضله ، ويشفعهم في إخوان إخوانهم عن ابن عباس.

وروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : في قوله « وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ » الشفاعة لمن وجب له النّار ممن أحسن إليهم في الدنيا « هو المؤمن » الضمير راجع إلى الموصول ، واللام في المؤمن للعهد الذهني ، ولذا وصف بالحكمة وهو

١٧١

بظهر الغيب فيقول له الملك : آمين ويقول الله العزيز الجبّار ولك مثلاً ما سألت وقد أعطيت ما سألت بحبك إيّاه.

٤ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عبد الله الواسطي ، عن درست بن أبي منصور ، عن أبي خالد القمّاط قال قال أبو جعفرعليه‌السلام

_________________________________________________

يدعو لأنّه في قوة النكرة ، وقوله « يقول » كلام الإمامعليه‌السلام وقيل هو كلام الملك للخبر الآتي ، ولا حاجة إلى هذا التكلف فأنّه يمكن الجمع بين قول الله وقول الملك ، وعدم الذكر لا يدلّ على العدم ، ويحتمل أن يكون ما في الخبر الآتي كلام ملك أخر.

قوله « وقد أعطيت ما سألت » أي لأخيك فيكون امتنانا عليه باستجابة دعائه في حق أخيه ، أو المعنى أعطيناك ما سألت لأخيك مضاعفا لحبك إياه ، وقيل : الأخ شامل للواحد والجماعة من المؤمنين أحياء كانوا أم أمواتا ، والظّاهر من الملك هو الموكلّ به لكتب أعماله وحفظه عن الشياطين ، كما دل عليه الخبر الآتي ، وقيل : المراد به ملائكة السّماء ، وقيل : إذا قال الملك الموكلّ به ذلك قاله من فوقه حتّى ينتهي إلى ملائكة السّماء ، وقيل : المراد به الملائكة المستغفرون لمن في الأرض كما جعل الله سبحانه ملائكة يصلون على من يصلّي على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وملائكة يدعون لمن ينتظر الصّلاة ، كذلك جعل ملائكة يؤمنون على دعاء المؤمنين وما منهم إلّا وله مقام معلوم.

واختلفوا في أن آمين هل هو دعاء أم لا ، فقيل : بالثاني لأنّه اسم للدعاء وهو اللّهمّ استجب والاسم مغاير لمسماه ، وقيل : بالأوّل لأنها اسم فعل ، وأسماء الأفعال أسماء لمعاني الأفعال لا لألفاظها ، كما حققه الشيخ الرضي ، ومن أدلته أن العربّ تقول صه مثلاً ، وتريد معنى اسكت ، ولا يخطر ببالهم لفظة اسكت بل قد لا تكون مسموعة للقائل أصلاً.

الحديث الرابع : ضعيف.

١٧٢

أسرع الدُّعاء نجحاً للإجابة دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب يبدأ بالدّعاء لأخيه فيقول له ملك موكلّ به آمين ولك مثلاه.

٥ - علي بن محمّد ، عن محمّد بن سليمان ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمّد التميمي ، عن حسين بن علوان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما من مؤمن دعا للمؤمنين والمؤمنات إلّا رد الله عزَّ وجلَّ عليه مثل الذي دعا لهم به

_________________________________________________

« وأسرع » أفعل تفضيل وهو مبتدأ و « نجحاً » تميز ، و « للإجابة » صفة لقوله نجحاً ، أو متعلّق به ، وما قيل - إن أسرع فعل ماض والدّعاء منصوب ، ودعاء الأخ مرفوع بالفاعلية - بعيد و « النجح » بالضم الظفر بالشيء ، وقوله « ولك مثلاه » إما خبر أو دعاء.

ولا ينافي ذلك ما سيأتي أنّه نودي من العرش ولك مائة ألف ضعف ، لأن الضعف بمقتضى دعائه ، والزائد تفضل منه تعالى لمن يشاء ، كما قيل : أو لأن الضعف أقل المراتب ، ومائة ألف ضعف أكثرها ، وبينهما مراتب متفاوتة بحسب تفاوت الداعي والمدعو له ، وقيل : يحتمل أن تكون علة الضعف أن الدّعاء للغير يتضمن عملين صالحين ، أحدهما : الدّعاء والضراعة إلى الله تعالى ، والثاني : دعاؤه لأخيه ومحبته له ، وطلب الخير له ، ولذلك كان هذا الدّعاء مستجابا يؤجر عليه مرتين.

ثمَّ بعض السلف كان إذا أراد أن يدعو لنفسه بشيء دعا لأخيه المؤمن بتلك الدعوة ، طمعا لحصول المطلوب مع زيادة لـمّا رأى أنّها مستجابة ، ويدلّ عليه فعل عبد الله بن جندب كما سيجيء ، وكان بعضهم يقول : هذا خلاف الأولى ، والأولى أن يدعو لنفسه ولغيره ، ثمَّ الدّعاء على الغير ليس مثل الدّعاء له في تأمين الملك وطلب المثلين عليه.

الحديث الخامس : مجهول.

« إلّا ردّ الله » أي يتضاعف ما سأل لهم ، بعدد جميع المؤمنين الذين كانوا في الدنيا ، ويكونون بعد ذلك ، فيعطى جميع ذلك و « سحبه » كمنعه جره على وجه

١٧٣

من كلّ مؤمن ومؤمنة مضى من أوَّل الدَّهر أو هو آت إلى يوم القيامة إن العبد ليؤمرّ به إلى النّار - يوم القيامة فيسحب فيقول المؤمنون والمؤمنات يا ربّ هذا الذي كان يدعو لنا فشفعنا فيه فيشفعهم الله عزَّ وجلَّ فيه فينجو.

٦ - علي ، عن أبيه قال رأيت عبد الله بن جندب في الموقف فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه ما زال مادا يديه إلى السّماء ودموعه تسيل على خديه حتّى تبلغ الأرض فلـمّا صدر الناس قلت له يا أبا محمّد ما رأيت موقفا قط أحسن من موقفك قال والله ما دعوت إلّا لإخواني وذلك أن أبا الحسن موسىعليه‌السلام - أخبرني أن من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش ولك مائة ألف ضعف فكرهت أن أدع مائة ألف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا.

٧ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة ، عن ثوير قال سمعت علي بن الحسينعليه‌السلام يقول إن الملائكة إذا سمعوا المؤمن يدعو لأخيه المؤمن بظهر الغيب أو يذكره بخير قالوا نعم الأخ أنت لأخيك تدعو له بالخير وهو غائب عنك وتذكره بخير قد أعطاك الله عزَّ وجلَّ مثلي ما سألت له وأثنى عليك مثلي ما أثنيت عليه ولك

_________________________________________________

الأرض ومنه سحب ذيله فانسحب ، و « التشفيع » قبول الشفاعة.

الحديث السادس : حسن كالصحيح.

و « الموقف » في الأوّل اسم مكان ، والمراد به عرفات ، وفي البقية مصدر ميمي وعبد الله بن جندب بضم الجيم ، وسكون النون ، وضم الدال وفتحها ، من ثقات أصحاب الصادق ، والكاظم ، والرّضاعليهم‌السلام ، ولجلالته وعلو شأنّه قالعليه‌السلام مناسباً لحاله ، إن دعاءه يضاعف مائة ألف ضعف ، كما عرفت في وجه الجمع ، وفي المصباح صدرت عن الموضع صدراً ، من باب قتل رجعت.

الحديث السابع : مجهول ويمكن أن يعدّ حسنا.

« مثل ما سألت » وفي بعض النسخ مثلي بالتثنية في الموضعين ، ولعلّ قوله

١٧٤

الفضل عليه وإذا سمعوه يذكر أخاه بسوء ويدعو عليه قالوا له : بئس الأخ أنت لأخيك كُفَّ أيّها المستّر على ذنوبه وعورته واربع على نفسك واحمد الله الذي ستر عليك واعلم أن الله عزَّ وجلَّ أعلم بعبده منك.

_________________________________________________

« ولك الفضل عليه » يؤيد الأفراد أي وإن كنت في العطاء ، والثناء مثله ، لكن لك الفضل عليه ، حيث أحسنت إليه ، وصرت سبباً لحصول ما سألت له ، وعلى نسخة التثنية أيضاً لعلّه هو المراد ، وعلى النسختين ، يحتمل أن يكون إشارة إلى تضاعف العطاء ، والثناء فلا تنافي نسخة الإفراد ، سائر الأخبار الدالة على تضاعف ما سأل ، وأمّا في الثناء فالفضل ظاهر فأنّه لا نسبة بين ثناء الله في الملإ الأعلى ، وثناء العبد في الأرض و « المستّر » على بناء المجهول من التفعيل ، أو الأفعال ، وما قيل أنّه على بناء الفاعل فهو بعيد ، و « العورة » العيب ، وما يستحيي منه ، وقال الجوهري ربع الرّجل يربع ، إذا وقف وتحبس ، ومنه قولهم أربع على نفسك وأربع على طلعك أي أرفق بنفسك وكف انتهى ، والمعنى اقتصر على النظر في حال نفسك ، ولا تلتفت إلى غيرك.

واعلم أن الله أعلم بعبده منك فإن علم صلاحه وصلاح سائر عباده في دفعه يدفعه ، وفي ابتلائه يبتليه ، وفي عافيته يعافيه ، ولا يحتاج في شيء من ذلك إلى تعليمك وقيل : المعنى إن كان الباعث على الدّعاء ، أو ذكره بسوء طلب الاستجابة ، فبئس ما قصدت في حق أخيك ، ولا يستجاب لك ، وإن كان الباعث إظهار براءتك من العيب فكفاك هذا العيب ، وهو الدّعاء على أخيك وذكرك إياه بالسوء وإن كان الغرض عرض حاله على الله فهو أعلم به منك.

١٧٥

(باب)

(من تستجاب دعوته)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عيسى بن عبد الله القمّي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ثلاثة دعوتهم مستجابة الحاجُّ ، فانظروا كيف تخلفونه والغازي في سبيل الله فانظروا كيف تخلفونه والمريض فلا تغيظوه ولا تضجروه.

٢ - الحسين بن محمّد الأشعري ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أبيعليه‌السلام يقول : خمس دعوات لا يحجبن عن الرَّبّ تبارك وتعالى دعوة الإمام المقسط ودعوة المظلوم يقول الله

_________________________________________________

باب من تستجاب دعوته

الحديث الأول : حسن.

« ثلاثة » مبتدأ مثل كوكب أنقض السّاعة ، وفي المصباح خلّفت فلانا على أهله ، وماله خلافة صرت خليفته ، واستخلفته جعلته خليفة ، وتخلفونه بضم اللّام أي أحسنوا خلافتهم في أهلهم ، ومالهم ، ودارهم ، وعقارهم ، ليدعوا لكم فإن دعاءهم مستجاب ، وفي القاموس الغيظ الغضب ، أو أشده ، أو سورته ، وأو له غاظه يغيظه فاغتاظ ، وغيظه فتغيظ ، وأغاظه وغايظه ، وقال ضجر منه وبه كفرح ، وتضجر تبرم فهو ضجر ، وأضجرته فأنا مضجر ، وكلاهما من باب الأفعال أنسب أي لا تغيظوهم ليدعوا عليكم ، فنظر منه أن استجابة دعائهم أعم من أن يكون للإنسان أو عليه.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

و « الحجب » كناية عن عدم الاستجابة ، و « المقسط » العادل ، والمراد إمام الصّلاة ، ويحتمل إمام الكلّ « ولو بعد حين » أي مدّة طويلة فإنّ الله يمهل الظالم

١٧٦

عزَّ وجلَّ : لأنتقمن لك ولو بعد حين ، ودعوة الولد الصالح لوالديه ودعوة الوالد الصالح لولده ودعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب فيقول ولك مثله

٣ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاكم ودعوة المظلوم فإنهّا ترفع فوق السحاب حتّى ينظر الله عزَّ وجلَّ إليها فيقول ارفعوها حتّى أستجيب له وإياكم ودعوة الوالد فإنّها أحد من السيف

_________________________________________________

ولا يهمله فيقول أي الربّ تعالى.

الحديث الثالث : كالسابق.

« فإنّها ترفع فوق السحاب » كأن السّحاب كناية عن موانع إجابة الدّعاء ، أو الحجب المعنوية الحائلة بينه وبين ربّه ، أو هي كناية عن الحجب فوق العرش ، أو تحته على اختلاف الأخبار ، ويمكن حمله على السحاب المعروف ، على الاستعارة التمثيلية ، لبيان كمال الاستجابة ، والمراد بالنظر ، نظر الرحمة والعناية وإرادة القبول.

وأقول : روي في المشكاة ، نقلا عن الترمذي ، بإسناده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثة لا ترد دعوتهم ، الصائم حين يفطر ، والإمام العادل ، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ، ويفتح لها أبواب السّماء ، ويقول الربّ وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين.

وقال القتيبي : الغمام شيء يشبه السحاب الأبيض فوق السّماء السابعة إذا سقط انشقت السماوات والأرض ولم تبقيا على حالهما قال الله تعالى «يَوْمَ تَشَقَّقُ السّماء بِالْغَمامِ »(١) أي عنه.

وقال البيضاوي : رفعها فوق الغمام ، وفتح أبواب السّماء لها ، مجاز عن إثارة الآثار العلوية ، وجمع الأسباب السماوية على انتصاره بالانتقام من الظالم ،

____________________

(١) الفرقان : ٢٥.

١٧٧

٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أبي يقول اتقوا الظلم فإن دعوة المظلوم تصعد إلى السماء.

٥ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قدم أربعين من المؤمنين ثمَّ دعا استجيب له.

٦ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن علي بن النعمان ، عن عبد الله بن طلحة النهدي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أربعة لا ترد لهم دعوة حتّى تفتح لهم أبواب السّماء وتصير إلى العرش الوالد لولده والمظلوم على من ظلمه والمعتمرّ حتّى يرجع والصائم حتّى يفطر.

٧ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس شيء أسرع إجابة من دعوة غائب لغائب

_________________________________________________

وإنزال البأس عليه.

الحديث الرابع : موثق.

الحديث الخامس : حسن كالصحيح ، ويدلّ على أن الدّعاء لأربعين من المؤمنين موجب لإجابة الدّعاء لنفسه ، ومن قرأ بتخفيف الدال أي أتاهم وشرك معهم في الدّعاء فقد أبعد.

الحديث السادس : مجهول.

و « الفتح » كناية عن القبول ، أو محمول على الحقيقة ، وكذا الصيرورة إلى العرش يحتملهما ، وفي بعض النسخ « أو تصير » فالترديد من الراوي أو هي بمعنى إلى أن ، أو الترديد باعتبار اختلاف مراتب الإجابة والقبول.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

وقيل « لغائب » متعلّق بقوله « أسرع إجابة ».

١٧٨

٨ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا موسىعليه‌السلام وأمن هارونعليه‌السلام وأمنت الملائكةعليهم‌السلام فقال الله تبارك وتعالى : «قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما » ومن غزا في سبيل الله استجيب له كما استجيب لكما يوم القيامة.

(باب)

(من لا تستجاب دعوته)

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حسين بن مختار ، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال صحبته بين مكة والمدينة فجاء سائل فأمرّ أن يعطى ثمَّ جاء آخر فأمرّ أن يعطى ثمَّ جاء آخر فأمرّ أن يعطى ثمَّ جاء الرابع فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام يشبعك الله ثمَّ التفت إلينا فقال أما إن عندنا ما نعطيه ولكن

_________________________________________________

الحديث الثامن : كالسابق.

« قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما » يظهر من الخبر أن الداعي وإن كان موسىعليه‌السلام حيث قال قبل ذلك «وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ »(١) الآية أشرك هارون في الإجابة ، لأنّه كان يؤمن على دعائه فيدلّ على أن الداعي والمؤمن شريكان في الدّعاء ، والأجر « فَاسْتَقِيما » أي فأثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة وإلزام الحجة ، ولا تستعجلاً فإن ما طلبتماً كائن ، ولكن في وقته « ومن غزاً » عطف على قوله قد أجيبت.

باب من لا تستجاب دعوته

الحديث الأول : حسن موثق.

« يشبعك الله » على بناء الأفعال جملة دعائية « في غير حقه » أي ما يجبّ أو يستحب صرفه ، فإن الإسراف في الخيرات أيضاً غير محمود ، والظّاهر أن السائلين

____________________

(١) يونس : ٨٨.

١٧٩

أخشى أن نكون كأحد الثلاثة الّذين لا يستجاب لهم دعوة رجل أعطاه الله مالاً فأنفقه في غير حقه ثمَّ قال اللّهمّ ارزقني فلا يستجاب له ورجلٌ يدعو على امرأته أن يريحه منها وقد جعل الله عزَّ وجلَّ أمرها إليه ورجلٌ يدعو على جاره وقد جعل الله عزَّ وجلَّ له السبيل إلى أن يتحول عن جواره ويبيع داره.

٢ - أبو علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن ابن فضّال ، عن عبد الله بن إبراهيم ، عن جعفر بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أربعة لا تستجاب لهم دعوة رجل جالس في بيته يقول اللّهمّ ارزقني فيقال له ألم آمرك بالطلب ورجل كانت له امرأة فدعا عليها فيقال له ألم أجعل أمرها إليك ورجل كان له مال فأفسده فيقول اللّهمّ ارزقني فيقال له ألم آمرك بالاقتصاد ألم آمرك بالأصلاًح ثمَّ قال( وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوأمّا ) (١) ورجل كان له مال فأدانه

_________________________________________________

كانوا من المخالفين ، والمستضعفين ، فلذا اكتفىعليه‌السلام بالثلاثة ومنع الرابعة ، وإلّا فهم كانوا يؤثرون شيعتهم على أنفسهم ، أو كان هذا التعليم الحكم ، وبيان عدم لزوم أكثر من ذلك توسعة على المؤمنين « أن يريحه منها » أي بالموت أو الأعم.

الحديث الثاني : مجهول سندية.

« الرّجل جالس » اللام للعهد الذهني ، فهو في حكم النكرة ، وجالس صفته ، و « الاقتصاد » التوسط بين الإسراف والتقتير ، والإسراف صرف المال زائداً على القدر الجائز شرعاً ، وعقلاً ، والقتر والقتور التضييق ، يقال قتر على عياله قترا وقتورا من باب قعد ، وضربّ ضيق في النفقة ، وأقتر إقتارا وقتر تقتيرا مثله ، وقيل : الإسراف هو الإنفاق في المحارم ، والتقتير منع الواجب ، والقوام بالفتح العدل ، والاعتدال ، والوسط ، وقرئ بالكسر وهو ما يقام به الحاجة لا يفضل منها ولا ينقص ، وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو بفتح الباء وكسر التاء ، ونافع ، وابن

____________________

(١) الفرقان : ٦٧.

١٨٠