مرآة العقول الجزء ١٢

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 594
المشاهدات: 44804
تحميل: 6430


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44804 / تحميل: 6430
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 12

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

حمداً خالداً لوليّ النعم حيث أسعدني بالقيام بنشر

هذا السفر القيم في الملأ الثقافي الديني بهذه الصورة الرائعة.

و لروّاد الفضيلة الذين و ازرونافي انجاز هذا المشروع المقدّس

شكر متواصل.

الشيخ محمد الاخوندى

٥

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الدعاء

(باب)

(فضل الدعاء والحث عليه )

١ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة

_________________________________________________

كتاب الدعاء

باب فضل الدعاء والحث عليه

قال في المصباح : دعوت الله أدعوه دعاءاً ابتهلت إليه بالسّؤال ، ورغبت فيما عنده من الخير ، ودعوت زيداً ناديته وطلبت إقباله ، انتهى.

وقد يطلق الدّعاء على الذكر أيضا كما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفضل الدّعاء الحمد لله ، قال الطيبي : لأنّه سؤال لطيف يدق مسلكه ، ومنه قول أمية : إذا أثنى عليك المرء يوما كفاك من تعرضه الثناء ، ويمكن أن يراد به اهدنا الصراط ، انتهى.

وقال في النهاية في حديث عرفة أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفات لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير ، إنّما سمّي التهليل والتحميد والتمجيد دعاءاً لأنّه بمنزلته في استيجاب ثواب الله وجزائه كالحديث الآخر : إذا شغل عبدي ثناؤه عليِّ عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلون.

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

٦

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول : «إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ » قال هو الدُّعاء وأفضل العبادة الدّعاء قلت إن

_________________________________________________

وقال الله تعالى في سورة المؤمن :( وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (١) قال الطبرسي (ره) : يعني إذا اقتضت المصلحة أجابتكم وكلّ من يسأل الله تعالى شيئاً ويدعوه فلا بدّ أن يشترط المصلحة في ذلك إمّا لفظاً أو إضماراً ، وإلّا كان قبيحاً ، لأنّه ربما كان داعياً بما تكون فيه مفسدة ولا يشترط انتفائها فيكون قبيحاً ، وقيل : معناه وحّدوني واعبدوني أثبكم عن ابن عبّاس ، ويدلّ عليه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

الدّعاء هو العبادة ولـمّا عبّر عن العبادة بالدّعاء جعل الإثابة استجابة لتجانس اللّفظ.

« إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي » ودعائي « سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ » أي صاغرين ذليلين.

وقال البيضاوي : ادْعُونِي اعبدوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ أثب لكم لقوله : إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي ، وإن فسر الدّعاء بالسؤال كان الاستكبار الصارف عنه منزلا منزلته للمبالغة ، والمراد بالعبادة الدّعاء فإنّه من أبوابها انتهى.

والخبر يدلّ على أنّ المراد بها المعنى الأخير ، وضمير هو راجع إلى العبادة لكونّه مصدراً أو لتذكير الخير ، وعبّر عن الدّعاء بالعبادة للإشعار بفضله ، وأنّه من جملة العبادات وإيماء إلى أنه ينبغي أن يدعو الإنسان وإن لم تدع إليه حاجة ضرورية ، ولا يكون غرضه منحصراً في الإجابة ، بل يكون عمدة غرضه في الدّعاء التقرب إليه تعالى وإطاعة أمره ، ولا يترك الدّعاء مع إبطاء الإجابة.

فإن قيل : فعلى هذا يلزم وجوب الدّعاء وكونه من الفرائض ، وكون تركه من الكبائر لوعيد النار عليه؟

قلت : لا استبعاد في ذلك فإنّ الدّعاء في الجملة واجب ، وأقلّه في سورة الحمد

____________________

(١) المؤمنون : ٦٠.

٧

« إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ » قال الأوَّاه هو الدَّعّاء.

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل وابن محبوب جميعا ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام أي العبادة أفضل فقال ما من شيء أفضل عند الله عزَّ وجلَّ من أن يسئل ويطلب ممّا عنده وما أحد أبغض

_________________________________________________

فترك الدّعاء رأساً من الكبائر ، على أنّ الوعيد مترتّب على الاستكبار وهو في درجة الكفر ، ويؤيّد الأوّل قول سيّد السّاجدين صلوات الله عليه في الصحيفة الكاملة : فسّميت دعاءك عبادة وتركه استكباراً وتوعّدت على تركه دخول جهنّم داخرين.

« إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ » قال الطبرسي (ره) : أي دعّاء كثير الدّعاء والبكاء عن ابن عبّاس وهو المرويّ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وقيل : الأواه الرحيم بعباد الله ، وقيل : هو الذي إذا ذكره النار قال أوه ، وقيل : الأواه المؤمن بلغة الحبشة وقيل : الموقن المستيقن ، وقيل : العفيف ، وقيل : هو الراجع عن كلّ ما يكره الله ، وقيل : هو الخاشع المتضرّع ، ورواه عبد الله بن شدّاد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقيل : هو المسبح الكثير الذكر لله ، وعن أبي عبيدة هو المتأوه شفقا وفرقا المتضرّع يقينا بالإجابة ولزوماً للطاعة.

قال الزجاج : وقد انتظم قول أبي عبيدة أكثر ما روى في الأواه «حَلِيمٌ » يقال بلع من حلم إبراهيمعليه‌السلام أن رجلا قد أذاه وشتمه فقال له : هداك الله ، وقيل : الحليم السيّد عن ابن عبّاس ، وأصله أنّه الصبور على الأذى الصفوح عن الذنوب.

الحديث الثاني : حسن موثق.

« ويطلب ممّا عنده » الظرف متعلّق بالفعلين ، وإنّما أتى بمن التبعيضية لأن طلب جميع ما عنده اعتداء في الدّعاء ، بل طلب للمحال « عن عبادته » أي عن الدّعاء الذي هو من أعظم العبادات ، وقوله : ولا يسأل كأنّه بيان للاستكبار ، وإشارة إلى أن المراد بالاستكبار في الآية ترك السؤال وعدم الاهتمام فيه ، وإلا فحقيقته لا يكاد يوجد من أحد.

٨

إلى الله عزَّ وجلَّ ممّن يستكبر عن عبادته ولا يسأل ما عنده.

٣ - أبو عليّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ، عن ميسّر بن عبد العزيز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال لي يا ميسّر ادع ولا تقل إنَّ الأمر قد فرغ منه ، إنَّ عند الله عزَّ وجلَّ منزلة لا تنال إلا بمسألة ولو أن عبداً سدَّ فاه

_________________________________________________

وهذه الأخبار يدفع أقوال الصوفيّة القائلين بأنّ ترك الدّعاء أحسن مطلقا أو في بعض الأحوال ، قال الطّيبي في شرح المشكاة : دلّت الأحاديث الصحيحة على استحباب الدّعاء والاستعاذة ، وعليه أجمع العلماء وأهل الفتاوى في الأمصار في كلّ الأعصار ، وذهب طائفة من الزّهاد وأهل المعارف إلى أن ترك الدّعاء أفضل استسلاما للقضاء ، وقال آخرون منهم : إن دعا للمسلمين فحسن وإن خص نفسه فلا ، ومنهم من قال : إن وجد في نفسه باعثا للدعاء استحب وإلا فلا ، ودليل الفقهاء ظواهر القرآن والسنة في الأمر بالدّعاء والأخبار عن الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.

الحديث الثالث : صحيح.

« ولا تقل إنّ الأمر قد فرغ منه » الأمر حدوث الحوادث وتدبيره ، وفرغ على بناء المجهول ، والظرف قائم مقام الفاعل ، والنهي عن هذا القول يحتمل ، وجهين :

أحدهما : بطلانه فإن هذا قول اليهود وبعض الحكماء ، بل لا بدّ من الإيمان بالبداء ، والله سبحانه كلّ يوم في شأن ، ويمحو ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب ، فالقدر والقضاء لا يمنعان الدّعاء لأنّه يمكن تغيير ما قدّر في لوح المحو والإثبات ، مع أن الدّعاء أيضاً من أسباب القضاء ، وكذا الأمر بالدّعاء أيضاً منها.

والثاني : أن يكون المراد بالفراغ من الأمر تعلّق علمه سبحانه بما هو كائن ، وثبوت جميع ذلك في اللوح المحفوظ ، فمن علم الله أنّه يموت في سنة كذا يستحيل أن يموت قبلها أو بعدها ، وإلا لزم أن يكون علمه تعالى جهلاً ، فهذا الكلام صحيح لكن ذلك لا يمنع الأمر بالدّعاء والإتيان به ، وترتب الفائدة عليه ، فالمراد بالنهي عن القول النهي عن جعل ذلك مانعاً عن الدّعاء وسبباً للاعتقاد بعدم فائدته كما

٩

ولم يسأل لم يعط شيئاً فسل تعط ، يا ميسّر إنه ليس من باب يقرع إلا يوشك أن يفتح لصاحبه.

_________________________________________________

مرّ تحقيقه في كتاب العدل.

ونذكر ههنا أيضاً مجملاً ، وحاصل الخبر أنّهعليه‌السلام أجاب عن ذلك بوجهين :

أحدهما : أن الدّعاء في نفسه مطلوب لأنّه عبادة جليلة تؤدي إلى منزله رفيعة عند الله تعالى ، لا تنال تلك المنزلة إلّا بمسألة ودعاء وتضرّع.

والثاني : أنّ الكائن قد يزيد وينقص ويمحو إذا كان مشروطاً بشرط مثلاً يقدر عمره بثلاثين سنة إن لم يصل رحمه ، وبستّين إن وصلها ، ويقدر رزقه يوم كذا بدرهم إن لم يدع ولم يطلب الزيادة ، وبدرهمين إن دعاها وطلبها وهكذا سائر المطالب.

والحاصل أن لوجود الكائنات وعدمها شروطا وأسبابا ، وأبي الله سبحانه أن يجري الأشياء إلا بالأسباب ، ومن جملة الأسباب لبعض الأمور الدّعاء ، فما لم يدع لم يعط ذلك الشيء ، وأما علمه سبحانه فهو تابع للمعلوم ولا يصير سبباً لحصول الأشياء وقضاؤه تعالى وقدره ليسا قضاء لازماً وقدراً حتماً ، وإلّا لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي كما مر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

قال الغزالي : فإن قيل : فما فائدة الدّعاء مع أنّ القضاء لا مرد له فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدّعاء ، والدّعاء سبب لرد البلاء ، ووجود الرحمة كما أن الترس سبب لدفع السلاح ، والماء سبب لخروج النبات من الأرض ، فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان كذلك الدّعاء والبلاء ، وليس من شرط الاعتراف بالقضاء أن لا يحمل السلاح ، وقد قال تعالى :( وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ) (١) فقدر الله تعالى الأمر وقدر سببه ، وفي الدّعاء من الفوائد ما ذكرنا من حضور القلب والافتقار وهما نهاية العبادة والمعرفة ، انتهى.

____________________

(١) النساء : ١٠٢.

١٠

٤ - حميد بن زياد ، عن الخشّاب ، عن ابن بقّاح ، عن معاذ ، عن عمرو بن جميع ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من لم يسأل الله عزَّ وجلَّ من فضله [ فقد ] افتقر.

٥ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول ادع ولا تقل قد فرغ من الأمر فإنَّ الدُّعاء هو العبادة إنَّ الله

_________________________________________________

وقيل : هذه الشبهة ترد على من يزعم أنّه لا فاعل إلا الله ولا مؤثر سواه ، وأنه يفعل بلا شرط ولا سبب ولا غرض ، وكما ترد عليهم هذه الشبهة ترد عليهم أن لا فائدة في السعي إلى جميع الأعمال ، مثل الصوم والصلاة والحج والزكاة وغيرها ، لأن كلّ مقدر كائن قطعاً ، ولا مدخل لسعي العباد فيه ، وهم أجابوا عنها بتكلفات فقال السمعاني : معرفة هذا الباب التوقيف لا النظر ، فمن نظر ضل وحار وهذا لا يزيل الشبهة بل هو اعتراف بورودها ، وقال الآبي : والقضاء وإن سبق بمكان كلّ ما هو كائن لكن استحقاق العبد للثواب وحصول المطالب ليس بذاته ، بل موقوف على العمل والدّعاء ، بمعنى أن الفائز بالمقاصد مسير للدعاء والعمل ، والمحروم مسير لتركهما ، كما قالعليه‌السلام : كلّ مسير لما خلق له ، وقال محيي الدين البغوي : والكحل وإن كان مفروغا منه ، إلا أن الله تعالى أمر بالصلاة والصوم ، ووعد بأنّها نجا من النار ، والدّعاء بالنجاة مثلاً من جملة تلك العبادات ، فكما لا يحسن ترك الصلاة اتكالاً على ما سبق من القدر ، فكذلك لا يترك الدّعاء بالمعافاة انتهى.

وسيأتي بعض القول فيه في الأخبار الآتية إنشاء الله.

الحديث الرابع : ضعيف ، ويدلّ على اشتراط سعة الرزق بالدّعاء للمؤمنين أو مطلقاً والأوّل أظهر.

الحديث الخامس : حسن كالصحيح.

« فإن الدّعاء هو العبادة» روي في المشكاة نقلاً عن أحمد والترمذي وأبي داود والنسائي وابن ماجد عن النعمان بن بشير قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الدّعاء هو

١١

عزَّ وجلَّ يقول : «إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جهنّم داخِرِينَ » وقال «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ».

_________________________________________________

العبادة ، ثم قرأ :( وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (١) وقال الطيبي : أتى بضمير الفصل والخبر المعرّف باللّام ليدلّ على الحصر ، وإن العبادة ليست غير الدعاء.

ثمّ قال : قال البيضاوي : لـمّا حكم بأنّ الدّعاء هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة من حيث أنه يدلّ على أن فاعله مقبل بوجهه إلى الله تعالى معرض عما سواه ، لا يرجو ولا يخاف إلا منه استدل عليه بالآية فإنها تدل على أنه أمر مأمور به إذا أتى به المكلف قبل منه لا محالة ، وترتب عليه المقصود ترتب الجزاء على الشرط ، والمسبّب على السبّب ، وما كان كذلك كان أتمّ العبادات وأكملها.

وأقول : يمكن أن تحمل العبادة على المعنى اللّغوي أي الدّعاء ليس إلا إظهار غاية التذلل والافتقار ، والاستكانة قال الله تعالى : «يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُ » الجملتان واردتان على الحصر وما شرعت العبادات إلّا للخضوع عند الباري ، وإظهار الافتقار إليه ، وينصر هذا التأويل ما بعد الآية المتلوة «إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جهنّم داخِرِينَ » ح يث عبّر عن عدم الافتقار والتذلل بالاستكبار ووضع عبادتي موضع دعائي ، وجعل جزاء ذلك الاستكبار الصغار والهوان ، انتهى.

وأقول : سياق هذا الخبر الذي نقلوه ، والمراد به ما مر أن الدّعاء في نفسه عبادة حيث سماه في هذه الآية عبادة وأمر الله بها ، فعلى تقدير عدم الإجابة أيضاً ينبغي الإيقان به إطاعة لأمره تعالى كسائر العبادات ، وتركه موجب للذل والصغار ، ودخول النار كما دلت عليه الآية ، مع أنّه سبحانه وعد الإجابة ولا يخلف الله في وعده.

ولا ينافي ذلك التقدير فإن الدّعاء أيضاً مقدر وترتب الحصول على الدّعاء أيضاً مقدر ، فظهر وجه تغيير الترتيب في الآية ، وقيل : فإن الدّعاء نقض إجمالي

____________________

(١) المؤمنون : ٦٠.

١٢

٦ - أبو عليّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن ابن أبي نجران ، عن سيف التمّار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول عليكم بالدُّعاء فإنّكم لا تقرَّبون بمثله ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها ، إنَّ صاحب الصغار هو صاحب الكبار.

٧ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبيه ، عن رجل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الدّعاء هو العبادة التي قال الله عزَّ وجلَّ : «إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي » الآية ادع الله عزَّ وجلَّ ولا تقل إن الأمر قد فرغ منه.

قال زرارة إنما يعني لا يمنعك إيمانك بالقضاء والقدر أن تبالغ بالدّعاء وتجتهد فيه - أو كما قال -

_________________________________________________

بدليل نقلي ، والمعنى أنّ المراد بالعبادة في قوله تعالى : «يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي » ليس إلا الدّعاء ، وقوله : وقال ، جملة حاليّة بتأويل قد ، أي صدر الآية تدلّ على أنّ المراد بالعبادة الدّعاء.

الحديث السادس : صحيح.

« وإن تدعو بها » بدل اشتمال لصغيرة والصغيرة الحاجات الحقيرة السّهلة الحصول ، والغرض رفع توهّم أنّ الإنسان مستقلّ في الحاجات الصغيرة ويمكنه تحصيلها بدون تقديره ، وتيسيره تعالى ، ويدلّ على أن الدّعاء أعظم وسائل القرب إليه تعالى.

الحديث السابع : مجهول مرسل.

« لا يمنعك » في بعض النسخ لا يملّك من الإملال أي لا يجعلك ملولا ذا سأمة ، والحاصل أنه لا منافاة بين الأمر بالدّعاء والقضاء والقدر كما عرفت ، لأنه يجوز المحو والإثبات قبل الإمضاء مع أن الدّعاء أيضاً من أسباب القضاء وهو أيضاً مقدّر وقوله : أو كما قال من كلام عبيد ، شكّ في أنّ زرارة قال هذا الكلام بعينه أو ما يؤدّي معناه.

١٣

٨ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن ابن القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام أحبُّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ في الأرض الدُّعاء وأفضل العبادة العفاف قال وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلاً دعّاء.

_________________________________________________

الحديث الثامن : ضعيف ، والمراد بالعفاف إمّا العفة عن السؤال عن المخلوقين أو عفّة البطن والفرج عن الحرام ، أو مطلق العفّة عن الحرام ، والأوسط أظهر ، وعلى الأوّل يرجع إلى الدّعاء ، وعلى الأخيرين ربما يتوهّم التنافي بينه وبين كون الدّعاء أحب الأعمال إذ لا فرق بين الأحبية والأفضلية بحيث رفع به التنافي.

ويمكن أن يجاب بوجوه : الأوّل أن الدّعاء أفضل الأعمال الوجودية والعفاف أفضل التروك ، الثاني : أن تكون أفضلية كلّ منهما بالنسبة إلى غير الآخر ، الثالث : أن تكون أفضلية كلّ منهما من جهة خاصة ، فإن لكلّ منهما تأثيرا خاصا لا يقوم الآخر مقامه ، كما أن للماء تأثيرا في قوام البدن لا يقوم غيره مقامه ، وكذا الخبز واللحم وغيرهما ، فيصح أن يقال كلّ منهما أفضل من غيره من هذه الجهة.

وبمثل تلك الوجوه يمكن الجمع بين هذه الأخبار وبين ما ورد في أفضلية غيرهما من الأعمال ، وفي خصوص الصلاة والحج وأمثالهما يمكن الجمع بوجه آخر من حيث اشتمالها على الدّعاء فتأمل.

وقيل : يمكن تقدير المضاف في العبادة أي أفضل شرائط العبادة ولا يخفى بعده ، « والدّعاء » بالفتح والتشديد صيغة مبالغة أي كثير الدّعاء.

١٤

(باب)

(أن الدعاء سلاح المؤمن)

١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيّوب ، عن السّكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الدُّعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ونُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.

٢ - وبهذا الإسناد قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : الدُّعاء مفاتيح النجاح

_________________________________________________

باب أن الدعاء سلاح المؤمن

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

« سلاح المؤمن » أي حربته لدفع الأعادي الظاهرة والباطنة « عمود الدين » أي بالدّعاء يوفقّ الله المؤمنين وبه يهتدي إلى الدّين القويم ، كما قال تعالى : «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ » كما أنّ الصّلاة المشتمل عليه عمود الدين وقيل : أي هو عمدة العبادات ونور السماوات والأرض أي منورهما إذ به يظهر آثار الخير فيهما أو به اهتدى أهلهما ، ووفقوا لمعرفته تعالى ومعرفة أوليائه ، أو المعنى أن نظامهما ووجودهما وبقائهما بالدّعاء ، إذ هو من عمدة العبادات ، وهي سبب لإيجاد المخلوقات كما قال تعالى :( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (١) وقال سبحانه :( قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ ) (٢) ولو لم يخلقوا لم يخلق السماوات والأرض.

الحديث الثاني : كالسابق.

وفي المصباح أنجحت الحاجة إنجاحاً وأنجح الرّجل أيضاً إذا قضيت له الحاجة والاسم النجاح بالفتح ، وقال : الإقليد : المفتاح لغة يمانيّة وأصله بالروميّة أقليدس والجمع أقاليد والمقاليد الخزائن ، وفي القاموس الإقليد المفتاح كالمقلاد والمقلد

____________________

(١) الذاريات : ٥٦.

(٢) الفرقان : ٧٧.

١٥

ومقاليد الفلاح وخير الدُّعاء ما صدر عن صدر نقيّ وقلب تقي وفي المناجاة سبب النجاة وبالإخلاص يكون الخلاص فإذا اشتد الفزع فإلى الله المفزع.

٣ - وبإسناده قال قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم ويدر أرزاقكم قالوا بلى قال تدعون ربكم بالليل والنهار فإن سلاح المؤمن الدّعاء.

٤ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن

_________________________________________________

وكسكّيت ومصباح الخزانة ، وضاقت مقاليده ضاقت عليه أموره ، وكمبر مفتاح كالمنجل ، وقال : الفلاح الفوز والنجاة والبقاء في الخير وحمل الجمع على المفرد باعتبار اشتماله على أنواع كثيرة بحسب مراتبها وما يتعلّق بها من المطالب.

وفيه إشعار بأن الدّعاء مفتاح لجميع المقاصد الأخروية والدنيوية « عن صدر نقي » أي عن الحسد والغل والكبر وسائر الصفات الذميمة « وقلب تقي » أي متق عن الشهوات المهلكة وإرادة المحرمات ، وإنما نسب التقوى إلى القلب للإشعار بأن التقوى الكامل ما صدر عن القلب لا عن الجوارح فقط كما قال تعالى :( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (١) وفيه إشارة إلى بعض شرائط الدّعاء.

« سبب النجاة » أي من مكاره الدنيا وشدائد الآخرة ، وبالإخلاص في الدّعاء أو في جميع العبادات بخلوصها عن شوائب الرياء والأغراض الدنية يكون الخلاص من المهالك الدنيويّة والأخرويّة ، وقيل : الوصول إلى الله تعالى أو إلى المطلوب.

قال في النهاية : خلص فلان إلى فلان وصل إليه ، وخلص أيضاً سلم ونجا « فإذا اشتد الفزع » أي الخوف من البلايا والأعداء وشدائد الدنيا والآخرة « فإلى الله المفزع » مصدر ميمي بمعنى الاستغاثة والاستعانة.

الحديث الثالث : كالسابق أيضاً والإدرار الإكثار ، والدّر اللّبن ويستعار للخير ، ويقال : درّ اللّبن إذا كثر وسأل ، وفي النهاية : ومنه أدرّوا لقحة المسلمين

____________________

(١) الحج : ٣٢.

١٦

ابن القدَّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : الدّعاء ترس المؤمن ومتى تكثر قرع الباب يفتح لك.

٥ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن بعض أصحابنا ، عن الرّضاعليه‌السلام أنّه كان يقول لأصحابه عليكم بسلاح الأنبياء فقيل وما سلاح الأنبياء قال الدّعاء.

٦ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن أبي سعيد البجلي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إنَّ الدُّعاء أنفذ من السنان.

٧ - عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الدُّعاء أنفذ من السنان الحديد.

(باب)

(أن الدّعاء يرد البلاء والقضاء)

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان

_________________________________________________

أراد فيئهم وخراجهم فاستعار له اللّقحة والدّرة ، قيل : ويفهم منه أنّ الدّعاء وإن لم يشتمل على طلب دفع العدوّ وكثرة الرّزق سبب لهما.

الحديث الرابع : ضعيف.

الحديث الخامس : مرسل.

الحديث السادس : مجهول.

الحديث السابع : حسن كالصحيح.

« من السّنان الحديد » أي الحادّ النافذ قال الجوهري : وقد حدّ السّيف يحدّ حدّة أي صار حادّاً وحديداً.

باب أن الدعاء يرد البلاء والقضاء

الحديث الأوّل : كالصحيح.

وفي المصباح : نقضت البناء هدمته ، ونقضت الحبل أيضاً حللت برمة ، ومنه

١٧

قال سمعته يقول : إنَّ الدُّعاء يردٌّ القضاء ، ينقضه كما ينقض السلك وقد أبرم إبراماً.

٢ - عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن عمر بن يزيد قال سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول إن الدّعاء يرد ما قد قدر وما لم يقدر قلت وما قد قدر عرفته فما لم يقدر قال حتى لا يكون.

٣ - أبو علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ، عن بسطام الزيات ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الدّعاء يرد القضاء وقد نزل من السماء

_________________________________________________

يقال : نقضت ما أبرم إذا أبطلته وأنقض هو بنفسه ، وقال : أبرمت العقد إبراماً أحكمته فانبرم هو وأبرمت الشيء دبرته والسلك بالكسر الخيط.

وقوله : يرد بصيغة المضارع فقوله ينفضه استئناف بياني أو خبر بعد خبر أو حال وربما يقرأ برد بالباء الموحدة وصيغة المصدر فيكون متعلقا بالدّعاء ، فقوله : ينقضه ، خبر وهو تكلف وقوله : ينقض على بناء المجهول ، ومن قرأ على بناء المعلوم وقال المستتر راجع إلى الموصول في كما فقد بالغ في التعسف ، والمستتر في أبرم على المجهول إما راجع إلى السلك أو إلى القضاء ، وإبرامه تسبب أكثر أسبابه ، فهو من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس.

الحديث الثاني : كالسابق.

« ما قدر قدّر » أي كتب في لوح المحو والإثبات ، أو في ليلة القدر أو تسبب أسبابه القريبة « عرفته » أي فائدة الدّعاء وتأثيره ، فما لم يقدر ما فائدة الدّعاء وتأثيره فيه لم أعرفه حتى لا يكون الضمير راجع إلى التقدير ، أي لا يحصل التقدير ، وقيل : إيجاده تعالى للشيء يتوقف على علمه بذلك الشيء ومشيته وإرادته ، وتقديره وقضائه وإمضائه وفي مرتبة المشيّة إلى الإمضاء تجري البداء فيمكن الدّفع بالدّعاء.

الحديث الثالث : صحيح.

ولعّل المراد بنزوله من السماء أخبار الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام به ، أو نزول الملك

١٨

وقد أبرم إبراماً.

٤ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن عيسى ، عن أبي همام إسماعيل بن همام ، عن الرضاعليه‌السلام قال قال علي بن الحسينعليه‌السلام إن الدّعاء والبلاء ليترافقان إلى يوم القيامة إن الدّعاء ليرد البلاء وقد أبرم إبراماً.

٥ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال كان علي بن الحسينعليه‌السلام يقول الدُّعاء يدفع البلاء النّازل وما لم ينزل

_________________________________________________

لإجرائه أو إحداث الأسباب الأرضيّة لحدوثه أو نزول آلة العذاب كما في قوم يونس.

الحديث الرابع : صحيح.

« ليترافقان » كذا في أكثر النسخ بالراء ثم القاف ، أي هما متلازمان قررهما الله تعالى معا ليكون البلاء داعياً إلى الدّعاء ، والدّعاء صارفا للبلاء فكأنهما رفيقان ، أو من الرفق واللطف والاستعانة فكان البلاء يرفق بالدّعاء ويدعوه ، ويعينه والدّعاء يرفق بالبلاء فيزيله ، وفي بعض النسخ ليتوافقان بالواو ثم القاف ثم الفاء وهو أظهر أي يتدافعان ويتخاصمان ويتقاتلان.

في القاموس : المواقفة أي أن تقف معه ويقف معك في حرب أو خصومة وتواقفا في القتال ، انتهى.

ويؤيّده ما رواه العامة من النبي أنّ الدّعاء ليلقى البلاء فيعتلجان في الهواء رواه الزمخشري في الفائق ، وقال : يعتلجان أي يصطرعان ، فيتدافعان وفي عدَّةٌ الداعي فيتوافقان بتقديم الفاء على القاف وهو القاف وهو قريب من النسخة الأولى.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

وروي في المشكاة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : لا يرد القضاء إلا الدّعاء ، وقال الطيبي في الشرح : القضاء الأمر المقدّر.

وفي تأويل الحديث وجهان : أحدهما : أن يراد بالقضاء ما يخافه العبد من نزول

١٩

٦ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال لي ألا أدلك على شيء لم يستثن فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قلت بلى قال الدّعاء يرد القضاء وقد أبرم إبراماً وضم أصابعه.

٧ - الحسين بن محمّد ، عن معلى بن محمّد ، عن الوشاء ، عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول الدُّعاء يردُّ القضاء بعد ما أبرم إبراماً فأكثر من الدّعاء فإنه مفتاح كلّ رحمة ونجاح كلّ حاجة ولا ينال ما عند الله عزَّ وجلَّ إلا بالدّعاء وإنه ليس باب يكثر قرعه إلا يوشك أن يفتح لصاحبه.

_________________________________________________

المكروه ويتوقاه ، فإذا وافق الدّعاء دفع الله عنه فيكون تسميته بالقضاء على المجاز ، وثانيهما : أن يراد به الحقيقة فيكون معنى ردّ الدّعاء بالقضاء تهوينه وتيسير الأمر فيه ، حتى يكون القضاء النازل كأنه لم ينزل به ، ويؤيده الحديث أن الدّعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل أما نفعه مما نزل فصبره عليه وتحمله له ورضاه به حتى لا يكون في نزوله متمنيا خلاف ما كان ، وأما نفعه مما لم ينزل فهو أن يصرفه عنه أو يمده قبل النزول بتأييده من عنده ، حتى يخف معه أعباء ذلك إذا نزل به.

الحديث السادس : حسن كالصحيح.

« لم يستثن » أي لم يقل إنشاء الله لانحلال الوعد وعدم لزوم العمل به كما مر في باب الوعد ، أو لم يستثن فردا منه وضم الأصابع إلى الكف لبيان شدة الإبرام كما هو الشائع في العرف ، وقيل : لعل المراد بالقضاء المبرم هو الحكم بالتيام أجزاء المقضي وانضمام بعضها ببعض ، كما يرشد إليه ضم الأصابع.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

ونجاح بالكسر عطف على الكلّ ، أو بالرفع عطفا على مفتاح ، فالحمل للمبالغة « ولا ينال ما عند الله » قيل : كأنه يعني به إذا أشكلّ الأمر واعتاض الخطب فإنه من علامات كونه منوطاً بالدّعاء وأنّه لا يحصل إلّا به ، وفيه ما فيه.

٢٠