مرآة العقول الجزء ١٢

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 594
المشاهدات: 44723
تحميل: 6429


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44723 / تحميل: 6429
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 12

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بغير بينة فيقال له ألم آمرك بالشهادة.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن عمران بن أبي عاصم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

٣ - الحسين بن محمّد الأشعري ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن الوليد بن صبيح قال سمعته يقول ثلاثة ترد عليهم دعوتهم رجل رزقه الله مإلّا فأنفقه في غير وجهه ثمَّ قال يا ربّ ارزقني فيقال له ألم أرزقك ورجل دعا على امرأته وهو لها ظالم فيقال له ألم أجعل أمرها بيدك ورجل جلس في بيته وقال يا ربّ ارزقني فيقال له ألم أجعل لك السبيل إلى طلب الرزق.

(باب)

(الدعاء على العدو)

١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمّار قال شكوت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام جارا لي وما ألقى منه قال فقال لي ادع عليه قال ففعلت فلم أر شيئاً فعدت إليه فشكوت إليه - فقال لي ادع عليه قال فقلت جعلت فداك قد فعلت فلم أر شيئاً فقال كيف دعوت عليه فقلت إذا لقيته دعوت

_________________________________________________

عامر ولم يقتروا من أقتر « ألم أمرك بالشهادة » أي الإشهاد على الدين كما في آية. المداينة وغيرها.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور ، والضمير راجع إلى الصادقعليه‌السلام « وهو لها ظالم » بسبب الدّعاء عليها ، لأنّ دعاءه عليها مع قدرته على التخلص بوجه آخر ظلم.

باب الدّعاء على العدو

الحديث الأوّل : ضعيف.

« وما ألقي منه » أي من الأذى ، قيل ولعلّه كان عدواً دينياً له ، وإنّما كان

١٨١

عليه ؟ فقلت : إذا لقيته دعوت عليه ، قال : فقال : اُدع عليه إذا أدبر و [ إذا ] استدبر ففعلت فلم ألبث حتّى أراح الله منه.

٢ - وروي ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال إذا دعا أحدكم على أحد قال : اللّهمّ اطرقه ببلية لا أخت لها وأبح حريمه.

_________________________________________________

يؤذيه من هذه الجهة ، وإلّا لـمّا استحق ذلك منه ، قولهعليه‌السلام « إذا أدبر وإذا استدبر » لعلّ المراد بالإدبار أوّل ما ولى ، وبالاستدبار الذهاب وللبعد في الأدبار ، ويحتمل أن يكون المراد بالثاني ، إرادة الأدبار فيكون بعكس الأوّل ، وقيل المراد بالاستدبار الغيبة ، وهو بعيد.

قال في القاموس : دبر ولى ، كأدبر واستدبر ، ضد استقبل ، وفي بعض النسخ إذا أقبل واستدبر وهو أظهر ، وفي بعض النسخ إذا مكرر وقيل : حتّى أراح بتقدير حتّى أن أراح ، وحتّى متعلّق بالمنفي لا بالنفي والحاصل تحقق الإراحة من غير مرور زمان.

الحديث الثاني : مرسل ، وربما يقرأ روى بصيغة المعلوم فالضمير المستتر لاستحق ، والخبر مثل الأوّل ضعيف ، وهو بعيد ، وفي بعض النسخ اللّهمّ اطرقه بليلة ، وفي بعضها ببلية ، و « الطرق » يكون بمعنى الدق ، والضربّ ، والطروق أن يأتي ليلا ، والطوارق النوائب الّتي تنزل بالّليل ، وتطلق على مطلق النوائب ، والفعل في الجميع كنصر ، فعلى النسخة الثانية ، المعنى الأوّل أنسب ، وعلى النسخة الأولى ، المعاني الآخر أظهر ، قال في النهاية : فيه نهي المسافر أن يأتي أهله طروقاً ، أي ليلا ، وكلّ آت بالّليل طارق ، وقيل : أصل الطروق من الطرق ، وهو الدق ، وسمّي الآتي بالّليل طارقاً ، لاحتياجه إلى دق الباب ، ومنه الحديث أعوذ بك من طوارق الّليل إلّا طارقاً يطرق بخير ، وفيه فرأى عجوزاً تطرق شعراً هو ضربّ الصفوف والشعر بالقضيب لينتقش هو انتهى.

١٨٢

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، عن يونس بن عمّار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن لي جارا من قريش من آل محرز قد نوه باسمّي وشهرني كلـمّا مررت به قال هذا الرافضي يحمل الأموال إلى جعفر بن محمّد قال فقال لي فادع الله عليه إذا كنت في صلاة الّليل وأنت ساجد في السجدة الأخيرة من الركعتين الأوليين فاحمد الله عزَّ وجلَّ ومجده وقل اللّهمّ إن فلان بن فلان قد شهرني ونوه بي وغاظنّي وعرضني للمكاره اللّهمّ اضربّه بسهم عاجل تشغله به عني اللّهمّ وقربّ أجله واقطع أثره وعجل ذلك يا ربّ

_________________________________________________

والحاصل على الأولى. أنزل عليه أو لا يبقى بعدها إلى ليلة أخرى - فالطروق مجاز كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « اللّهمّ اشدد وطأتك على مضر » ويمكن أن يقرأ حينئذ على بناء الأفعال ، وعلى الثانية المعنى دقة وأضربّه ببلية لا شبيه لها في الشدة ، والصعوبة « وأبح حريمه » الحريم ما يختص بالرّجل ، ولا يحل لغيره التصرف فيه إلّا بإذنه كحريم الدار ، والبئر والحرمة ما لا يحل انتهاكه وقد تحرم بصحبة وحرمة الرّجل حرمه وأهله وهو كناية عن استيلاء الأعادي عليه وهتك عرضه وكشف معائبه وإذلاله وإنّما يدعى بذلك لمن يستحقّ ذلك من الكفار والمخالفين.

الحديث الثالث : مجهول ، ومحرز بضم الميم وكسر الراء اسم رجلين من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحدهما : ابن زهير ، والآخر ابن نضلة.

وفي القاموس « نوهه » وبه دعاه ورفعه ، وفي المصباح ناه بالشيء نوها ، من باب قال ونوه به تنويها رفع ذكره وعظمه ، وفي حديث عمرّ « أنا أوّل من نوه بالعربّ » أي رفع ذكرهم بالديوان ، والإعطاء ، وقال شهرت زيداً بكذا وشهرته بالتشديد مبالغة ، وفي النهاية : الشهرة طهور الشيء في شنعة حتّى يشهره الناس ، وقال الجوهري : الغيظ غضب كامن للعاجز يقال : غاظه فهو مغيظ « والسهم » أستعير للبلية الّتي توجب هلاكه ، و « الأثر » بالتحريك ما بقي من رسم الشيء ، وقد يطلق على ما بقي في الأرض من أثر القدم فيحتمل أن يكون المراد قطع جميع آثاره من

١٨٣

الساعة الساعة ، قال : فلـمّا قدمنا الكوفة قدمنا ليلا فسألت أهلنا عنه قلت ما فعل فلان فقالوا هو مريض فما انقضى آخر كلامي حتّى سمعت الصياح من منزله وقالوا قد مات.

٤ - أحمد بن محمّد الكوفي ، عن عليّ بن الحسن التيمي ، عن علي بن أسباط ، عن يعقوب بن سالم قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال له العلاء بن كامل إن فلانا يفعل بي ويفعل فإن رأيت أن تدعو الله عزَّ وجلَّ فقال هذا ضعف بك قل اللهم

_________________________________________________

أولاده وأمواله ودياره ، بل ذكره بين الناس كما هو الشائع بين العجم ، أو يكون كناية عن موته ، فإن مات لا يبقى له أثر قدم في الأرض ، قال في النهاية : في الحديث من سره أن يبسط الله في رزقه ، وينسئ في أثره ، فليصل رحمه ، الأثر الأجل وسمّي به لأنّه يتبع العمرّ وأصله من أثر مشيه في الأرض ، فإن من مات لا يبقى له أثر فلا يرى لإقدامه في الأرض أثر ، ومنه قوله للذي مرّ بين يديه وهو يصلّي « قطع صلاتنا قطع الله أثره » دعاء عليه بالزمانة لأنّه إذا زمن انقطع مشيه فانقطع أثره.

الحديث الرابع : موثق.

« يفعل بي ويفعل » أي يبالغ في الإضرار بي ويكرره ، ولا يكف شره عني « فإن رأيت » الجزاء محذوف ، أي إن رأيت المصلحة في الدّعاء لي فعلت.

« هذا ضعف بك » هذا الكلام يحتمل وجوهاً.

الأوّل : أن يكون هذا إشارة إلى إضرار العدو ، والمراد بالضعف قلة الورع والتقوى ، وضعف الدّعاء ، والتوسل بالله ، والتوكلّ عليه والحمل على المجاز من حمل السبّب على المسبب.

الثاني : أن يكون إشارة إلى ذلك أيضاً ويكون المراد الضعف في التقية ، وحسن المعاشرة والسّعي في إرضاء الخصم.

الثالث : أن يكون هذا إشارة إلى إتيانه ، وطلب الدّعاء منهعليه‌السلام أي هذا من ضعف يقينك ، حيث لا تتضرّع إلى الله ، وتتوسل إليه ، وتأتيني وتسألني

١٨٤

إنّك تكفي من كلّ شيء ولا يكفي منك شيء فاكفني أمرّ فلان بم شئت وكيف شئت و [ من ] حيث شئت وأنّى شئت.

_________________________________________________

الدّعاء.

الرابع : أن يكون هذا إشارة إلى ما يفهم من الكلام ضمنا أنّه دعا ولم ير الإجابة فتوسّل بهعليه‌السلام فالمعنى أن عدم الاستجابة ، لضعف علمك بآداب الدّعاء ، وشرائطه ثمَّ علمه الدّعاء لذلك « إنك تكفي من كلّ شيء ، ولا يكفي منك شيء » أي يمكن الاستغناء بك من كلّ شيء ، ولا يستغني بغيرك منك ، أو يمكن كفاية ضرر كلّ شيء بك ، ولا يمكن كفاية ضررك وعقابك بشيء.

قال في المصباح المنير : كفىّ الشيء يكفي كفاية فهو كاف إذا حصل به الاستغناء عن غيره ، واكتفيت بالشيء استغنيت به ، أو قنعت به( وَكفىّ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ ) (١) أغناهم من القتال.

وفي النهاية : من قرأ الآيتين من أخر البقرة في ليلة ، كفتاه أي اغتناه عن قيام الّليل ، وقيل : أراد أنّهما أقل ما يجزي من القراءة في قيام الّليل ، وقيل : تكفيان الشرّ وتقيان المكروه ، ومنه الحديث سيفتح الله عليكم ، ويكفيكم الله أي يكفيكم القتال بما فتح عليكم ، والكفاة الخدم الذين يقومون بالخدمة ، جمع كاف ، ومنه حديث أبي مريم فأذن لي إلى أهلي بغير كفىّ ، أي بغير من يقوم مقامي يقال : كفاه الأمرّ إذا قام مقامه فيه ، ومنه الحديث « وأكفي من لم يشهد الحربّ وأحاربّ عنه ».

وقال الراغب : الكفاية ، ما فيه سد الخلة ، وبلوغ المراد في الأمرّ ، قال عزَّ وجلَّ «وَكفىّ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ » وقال «إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ » ويقال كافيك من رجل ، كقولك حسبك من رجل ، و « بم » إشارة إلى سبب الأخذ ، والكفاية ، و « كيف » إلى كيفيتهما ، و« حيث » إلى مكانهما و« أنى » إلى زمانهما ، فهي

____________________

(١) الأحزاب : ٢٥.

١٨٥

٥ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي نجران ، عن حمّاد بن عثمان ، عن المسمعي قال لـمّا قتل داود بن علي المعلّى بن خنيس قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لأدعون

_________________________________________________

هنا بمعنى متى للزمان ، لا بمعنى كيف ، ولا بمعنى أين لئلا يلزم التكرار ، كذا قيل ، والظّاهر أن معنى « من حيثشئت » من أي جهة وناحية شئت ، و « أنى شئت » في أي مكان شئت ، فالفرق بينهما ظاهر قال في القاموس حيث كلمة دالة على المكان ، كحين في الزمان ، ويثلث أخره.

وأقول : الجوهري ، وغيره اكتفوا بالضم والفتح ، وقالوا لا يضاف إلّا إلى جملة ، وقال الراغب : حيث عبارة من مكان مبهم يشرح بالجملة الّتي بعده نحو قوله « وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ ».

الحديث الخامس : ضعيف عند الأكثر ، وعندي أنّه صحيح لأن المسمعي يطلق على ثلاثة ، عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، وهو ضعيف لكنه ليس في هذه المرتبة ، لأنّه يروي عنه محمّد بن عيسى بن عبيد من أصحاب الرّضا والجواد ، فروايته عن الصادقعليه‌السلام بعيد ، ومحمّد بن عبد الله المسمعي ، وهو أيضاً وإن كان مجهولاً ، أو ضعيفاً ، لكنه ليس في هذه المرتبة ، لأنّه يروي عنه محمّد بن أحمد بن يحيى ، ويطلق على مسمع بن عبد الملك ، وهو ثقة ، يروي عن الصادقعليه‌السلام فالظاهر أنّه هو المراد هنا ، فالحديث صحيح ، ومعتب بضم الميم ، وفتح العين ، وتشديد التاء المكسورة.

والمعلّى بن خنيس كان مولى الصادقعليه‌السلام ، واختلفوا فيه ، ضعفه النجاشي وابن الغضائري ، وقال الشيخ الطوسي ره في كتاب الغيبة : أنّه كان من قوام أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وكان محموداً عنده ومضى على منهاجه ، وروى الكشي روايات كثيرة تدلّ على مدحه ، وأنّه من أهل الجنّة.

والأقوى عندي أنّه كان من خواص أصحاب الصادقعليه‌السلام ، ومحل إسراره وذمه يرجع إلى أنّه كان يروي أخبارا مرتفعة ، لا يدركها عقول أكثر الخلق ، ومعجزات غريبة لا توافق فهم أكثر الناس ، وكان مقصراً في التقية لشدة حبه لهم

١٨٦

الله على من قتل مولاي وأخذ مالي فقال له داود بن علي إنك لتهددني بدعائك ؛

_________________________________________________

عليهم‌السلام ، ولعلّ من ورائه الشفاعة ، ويظهر من الأخبار أن القتل كان كفارة له ، وسبباً لرفع درجاته.

وروى الكشي ، عن ابن أبي يعفور ، عن حمّاد الناب ، عن المسمعي قال : لـمّا أخذ داود بن علي ، المعلّى بن خنيس حبسه فأراد قتله فقال له المعلّى : أخرجني إلى الناس ، فإن لي دينا كثيراً ومإلّا ، حتّى أشهد بذلك ، فأخرجه إلى السوق ، فلـمّا اجتمع الناس قال : أيّها الناس أنا معلّى بن خنيس ، فمن عرفني فقد عرفني ، اشهدوا أني ما أترك من مال ، عين أو دين ، أو أمّة ، أو عبد ، أو دار ، قليل أو كثير ، فهو لجعفر بن محمّد ، قال : فشد عليه صاحب شرطة داود فقتله ، فقال : فلـمّا بلغ ذلك أبا عبد اللهعليه‌السلام خرج يجر ذيله حتّى دخل على داود بن علي ، وإسماعيل ابنه خلفه فقال : يا داود قتلت مولاي ، وأخذت مالي فقال : ما أنا قتلته ، ولا أخذت مالك ، فقال : والله لأدعون على من قتل مولاي وأخذ مالي ، قال : ما قتلته ولكن قتله صاحب شرطتي فقال : بإذنك ، أو بغير إذنك ، فقال : بغير إذني فقال : يا إسماعيل شانك به ، فخرج إسماعيل والسيف معه ، حتّى قتله في مجلسه ، قال : حمّاد فأخبرني المسمعي ، عن معتب ، قال : فلم يزل أبو عبد اللهعليه‌السلام ليلة ساجدا وقائما قال فسمعته في آخر الّليل وهو ساجد يقول : « اللّهمّ إني أسألك بقوتك القوية وبجلالك الشديد. وبعزتك الّتي جل خلقك لها ذليل ، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تأخذه الساعة » قال : فو الله ما رفع رأسه من سجوده حتّى سمعنا الصائحة فقالوا مات داود بن علي فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إني دعوت الله عليه بدعوة بعث الله إليه ملكا فضربّ رأسه بمرزبة انشقت مثانته.

وبإسناده عن إسماعيل بن جابر ، أنّه قال : لـمّا سمع أبو عبد اللهعليه‌السلام قتل المعلّى قال : أما والله لقد دخل الجنّة.

وعن الوليد بن صبيح ، قال : قال داود بن علي : لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما أنا قتلته

١٨٧

قال حمّاد قال المسمعي فحدثني معتب أن أبا عبد اللهعليه‌السلام لم يزل ليلته راكعا وساجدا فلـمّا كان في السحر سمعته يقول وهو ساجد - اللّهمّ إني أسألك بقوتك

_________________________________________________

يعني المعلّى ، قال : فمن قتله قال السيرافي ، وكان صاحب شرطته قال : أقدنا منه قال : قد أقدتك ، قال : فلـمّا أخذ السيرافي ، وقدم ليقتل جعل يقول يا معشرّ المسلمين يأمروني بقتل الناس فأقتلهم لهم ثمَّ يقتلوني ، فقتل السيرافي.

وروى أيضاً بإسناده عن حفص التمّار قال دخلت على أبي عبد الله أيام طلب المعلّى بن خنيس ، فقال لي يا حفص إني أمرت المعلّى فخالفني ، فابتلي بالحديد ، إني نظرت إليه يوما ، وهو كئيب حزين فقلت : يا معلّى كأنك ذكرت أهلك ، وعيالك قال أجل ، قلت : ادن مني فدنا مني فمسحت وجهه فقلت : أين تراك ، فقال أراني في أهل بيتي ، وهذه زوجتي ، وهذا ولدي ، قال : فتركته حتّى تملأ منهم ، واستترت منه حتّى نال ما ينال الرّجل من أهله ، ثمَّ قلت : ادن مني فدنا مني فمسحت وجهه فقلت : أين تراك ، فقال : أراني معك في المدينة قال فقلت يا معلّى إن لنا حديثا من حفظه ، حفظه الله على دينه ، ودنياه ، يا معلّى لا تكونوا أسراء في أيدي الناس بحديثنا ، إن شاءوا آمنوا عليكم ، وإن شاءوا قتلوكم ، يا معلّى أنّه من كتم الصعب من حديثنا ، جعله الله نورا بين عينيه ، وزوده قوة في الناس ، ومن أذاع الصعب من حديث لم يمت حتّى يعضه السلاح ، أو يموت بخبل ، يا معلّى أنت مقتول فاستعد.

وعن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : وجرى ذكر المعلّى بن خنيس ، فقال : يا أبا محمّد اكتم على ما أقول لك في المعلّى ، قلت : افعل فقال أما أنّه لا ينال درجتنا ، إلّا ممّا ينال منه داود بن علي ، قلت : وما الذي يصيبه من داود ، قال : يدعو به فيأمرّ به فيضربّ عنقه ، ويصلبه قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، قال : ذلك في قابل فلـمّا كان قابل والي المدينة ، فقصد قصد المعلّى فدعاه ، وسأله عن شيعة أبي عبد اللهعليه‌السلام وأن يكتبهم له ، فقال : ما أعرف من أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام أحداً

١٨٨

القويّة وبجلالك الشديد الذي كلُّ خلقك له ذليل أن تصلّي على محمّد وأهل بيته وأن تأخذه السّاعة السّاعة فما رفع رأسه حتّى سمعنا الصيحة في دار داود بن علي فرفع أبو عبد اللهعليه‌السلام رأسه وقال إنّي دعوت الله بدعوة بعث الله عزَّ وجلَّ عليه ملكا فضربّ رأسه بمرزبة من حديد انشقتّ منها مثانته فمات.

_________________________________________________

وإنما أنا رجل اختلف في حوائجه ، ولا أعرف له صاحبا ، قال : تكتمني أما إنك إن كتمتني قتلتك ، فقال له المعلّى : بالقتل تهددني ، والله والله ، لو كانوا تحت قدمي ما رفعت قدمي عنهم ، وإن أنت قتلتني لتسعدني وأشقيك وكان كما قال أبو عبد اللهعليه‌السلام (١) يغادر منه قليلاً ، ولا كثيراً ، وقد مضت الأخبار في أنّهعليه‌السلام نهى المعلّى عن الإذاعة في باب الإذاعة ، وغيره ، ومرّ أيضاً بكاؤهعليه‌السلام له ، وترحمه عليه.

قوله « بقوتك القويّة » القوة ، والقدرة متقاربتان ، ووصف القوة بالقويّة للتأكيد إشارة إلى كمالها ، واستيلائها على جميع الممكنات ، وعدم تطرق العجز إليها « وبجلالك الشديد » أي القوي الغالب المرتفع على كلّ شيء ، والجلال العظمة ، ومن أسمائه تعالى الجليل ، قال في النهاية : هو الموصوف بنعوت الجلال الحاوي بجميعها ، وهو راجع إلى كمال الصفات ، كما أن الكبير راجع إلى كمال الذات ، والعظيم إلى كمال الذات ، والصفات ، وقال : المحال بالكسر الكيد ، وقيل : المكر ، وقيل : القوة ، والشدة ، وميمه أصلية ، ورجل محلّ أي ذو كيد.

وقال الجوهري : « الإرزبة » الّتي يكسر بها المدر فإن قلتها بالميم خففت قلت : المرزبة ، وفي القاموس : الأرزبة والمرزبة مشددتان ، والأولى فقط عصية من حديد ، وفي النهاية : المرزبة بالتخفيف المطرقة الكبيرة الّتي تكون للحداد ، ومنه حديث الملك وبيده مرزبة ، ويقال لها الأرزبة أيضاً بالهمزة والتشديد و « المثانة » العضو الذي يجتمع فيه البول داخل الجوف.

____________________

(١) هكذا في النسخ والظّاهر « لم يغادر منه ».

١٨٩

(باب المباهلة)

١ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن حكيم ، عن أبي مسروق ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت إنا نكلم الناس فنحتج عليهم بقول الله عزَّ وجلَّ : «أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمرّ مِنْكُمْ » فيقولون نزلت في أمراء السرايا فنحتج عليهم بقوله عزَّ وجلَّ : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ » إلى آخر الآية فيقولون نزلت في المؤمنين ونحتج عليهم بقول الله عزَّ وجلَّ : «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أجراً إلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » فيقولون نزلت في قربى المسلمين قال فلم أدع شيئاً ممّا حضرني ذكره من هذه وشبهه إلّا ذكرته فقال لي إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة قلت وكيف أصنع قال أصلح نفسك ثلاثاً وأظنّه قال وصم و

_________________________________________________

باب المباهلة

الحديث الأوّل : حسن ، وفي النهاية « السّرية » طائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدوّ ، وجمعها السّرايا ، سمّوا بذلك لأنّهم يكونون خلاصة العسكر ، وخيارهم من الشيء السري النفيس ، وقيل : سموا بذلك ، لأنهم ينفذون سراً وخفية ، وليس بالوجه لأن لام السر راء ، وهذه ياء ، وأقول : قد مرّ جهات أجوبة تلك الشبه في كتاب الحجة فلا نعيدها.

وفي النهاية « المباهلة » الملاعنة ، وهو أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولون لعنة الله على الظالم منا ، ومنه حديث ابن عبّاس من شاء باهلته أن الحق معي.

قال : « أصلح نفسك ثلاثاً » أي ثلاث ليال بأيامهن ، ولو كان المراد الأيام لقال ثلاثة ، والغالب في التواريخ ، وأمثالها اعتبار الليالي ، والأصلاًح بالتوبة ، والاستغفار والدّعاء ، والاشتغال بالأعمال الصالحة ، ولخصوص الثلاثة مدخلاً عظيماً في ذلك ، كما اعتبرت في أقل الاعتكاف ، والكفارات وصوم الحاجة ، والاستسقاء وغيرها

١٩٠

اغتسل وابرز أنت وهو إلى الجبان فشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه ثمَّ أنصفه وأبداً بنفسك وقل اللّهمّ ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم إن كان أبو مسروق جحدّ حقا و

_________________________________________________

« وأظنّه قال : وصم » أي في الأيام الثلاثة « واغتسل » أي في اليوم الثالث قبل الخروج ، والظّاهر أنّه عطف على أصلح لا على صم ، فلا يكون داخلا في المظنون وإن كان محتملا ، ومنه يظهر أن ما ورد في عداد الأغسال من غسل المباهلة ، وحمله الأصحاب على غسل يوم مباهلة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، نصارى نجران يحتمل هذا أيضاً بل هو أظهر لعدم الحاجة إلى تقدير اليوم إلّا أن يكون لهم قرينة من غير هذه الرواية ، والبروز الخروج.

وفي المغربّ « الجبانة » المصلّى العام في الصحراء ، وفي المصباح : الجبانة مثقل الباء ، وثبوت الهاء أكثر من حذفها هي المصلّى في الصحراء ، وربما أطلقت على المقبرة ، لأن المصلي غالباً يكون في المقبرة ، وفي القاموس : الجبان ، والجبانة مشددتين المقبرة ، والصحراء ، والمنبت الكريم ، أو الأرض المسوية في ارتفاع ، وقيل : المراد المكان المرتفع لينظر الناس إليهما ، ويشهدوا بذلك ، وهو بعيد « في أصابعه » أي أصابع يده اليمنى أيضاً ، و« التشبيك » إما بإدخال الأصابع في الأصابع ، أو بأخذ الأصابع بالأصابع كالمصافحة ، والأوّل أظهر « تم أنصفه » بأن يبدأ في اللعن بنفسه ، فقوله وأبداً عطف تفسير له.

« عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ » أي يعلم ما لا تشاهده حواس الخلق ، وما تشاهده حواسهم ، ولا يعلمون ، وما يعلمون ، وقال البيضاوي : الغيب مصدر وصف به للمبالغة كالشهادة في قوله تعالى( عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ) (١) والعربّ تسمى المطمئن من الأرض ، والخمصة الّتي تلي الكلية ، غيبا أو فيعل فعيل خفف كقيل ، والمراد به الخفي الذي لا يدركه الحسن ، ولا تقتضيه بديهة العقل ، وهو قسمان قسم لا

____________________

(١) الرعد : ٩.

١٩١

ادَّعى باطلاً فأنزل عليه حسبانا من السّماء أو عذابا أليما ثمَّ رد الدعوة عليه فقل وإن كان فلان جحدّ حقا وادعى باطلاً فأنزل عليه حسبانا من السّماء أو عذابا أليما ثمَّ قال لي فإنك لا تلبث أن ترى ذلك فيه فو الله ما وجدت خلقا

_________________________________________________

دليل عليه ، وهو المعنى بقوله تعالى «وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إلّا هُوَ » وقسم نصب عليه دليل كالصانع وصفاته ، واليوم الآخر وأحواله ، وهو المراد به في قوله سبحانه « يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ » إذا جعلته صلة للإيمان انتهى وقيل : يعلم ما يغيب عنكم ، وما تشهدونه ، وقيل : إنما قدم الغيب على الشهادة ، لأن علمه تعالى بالأشياء قبل خلقها علم بالغيب فقط ، وبعد خلقها علم بالشهادة أيضاً.

وقوله « الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ » إن كانا بدلين فهما مبنيان على الضم كالمنادى المنفرد ، وإن كانا نعتين فهما منصوبان ، وإن كانا عطفي بيان فيحتمل الرّفع والنصب عند الأخفش ، والنصب متعين عند غيره ، وفي القاموس« الحسبان » بالضم جمع الحساب ، والعذاب ، والبلاء والشرّ ، والصّاعقة وكأنّه إشارة إلى قوله تعالى( وَإِذْ قالُوا اللّهمّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السّماء أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) (١) أي بعذاب أليم سواه وقال تعالى في قصة صاحب الجنّة الكافر( وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السّماء ) (٢) قال البيضاوي : أي مرامي جمع حسبانة وهي الصواعق ، وقيل : هو مصدر بمعنى الحساب ، والمراد به التقدير بتخريبها أو عذاب حساب الأعمال السيئة ، وقيل : الحسبان عذاب الاستئصال ، والعذاب الأليم ما لم يكن سبباً للاستيصال ، وإن ترى بتقدير حتّى أن ترى ويتعلّق بالمنفي لا بالنفي.

قوله « فو الله » الظاهر أنّه من كلام أبي مسروق بتقدير قال ، ويحتمل أن يكون كلام الإمامعليه‌السلام « يجيبني إليه » أي يرضى بأن يباهلني بمثل هذا لخوفهم

____________________

(١) الأنفال : ٣٢.

(٢) الكهف : ٤٠.

١٩٢

يجيبني إليه.

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن مخلد أبي الشكر ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الساعة الّتي تباهل فيها ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن مخلد أبي الشكر ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله.

٣ - أحمد ، عن بعض أصحابنا في المباهلة قال تشبك أصابعك في أصابعه ثمَّ تقول اللّهمّ إن كان فلان جحدّ حقا وأقر بباطل فأصبه بحسبان من السّماء أو بعذاب من عندك وتلاعنه سبعين مرة.

٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن أبي العبّاس ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المباهلة قال تشبك أصابعك في أصابعه ثمَّ تقول اللّهمّ إن كان فلان جحدّ حقا وأقر بباطل فأصبه بحسبان من السّماء أو بعذاب من عندك وتلاعنه سبعين مرة.

_________________________________________________

على أنفسهم وعليهم ، أو ظنهم بأني على الحق كما امتنع نصارى نجران عن المباهلة لذلك.

الحديث الثاني : ضعيف بسنده الأوّل مجهول بسنده الثاني.

« يباهل » بالياء على بناء المجهول ، أو بالتاء على بناء المخاطب المعلوم ، وحمل على أن المباهلة فيها أفضل لأنّه وقت استجابة الدّعاء ، وكان دعوة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهل نجران إلى المباهلة كانت في هذه الساعة.

الحديث الثالث : مرسل موقوف.

و « تلاعنه سبعين مرّة » والظّاهر كون العدد في مجلس واحد ، وقيل : يعني إن لم تقع الاستجابة في المرّة الأولى ، لاعنه مرّة ثانية وهكذا.

الحديث الرابع : صحيح.

١٩٣

٥ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن أبي جميلة ، عن بعض أصحابه قال إذا جحدّ الرّجل الحق فإن أراد أن تلاعنه قل اللّهمّ ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع وربّ العرش العظيم إن كان فلان جحدّ الحق وكفر به فأنزل عليه حسبانا من السّماء أو عذابا أليما.

(باب)

(ما يمجد به الربّ تبارك وتعالى نفسه)

١ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمّار

_________________________________________________

الحديث الخامس : ضعيف موقوف.

و « جحدّ » إما على بناء المجهول ، والضمير المرفوع في أراد ، وفي يلاعنه راجعان إلى الرّجل ، أو على بناء المعلوم ، والضميران راجعان إلى القائل بالحق بقرينة المقام ، قال الجوهري : الجحود الإنكار مع العلم يقال : جحده حقه وبحقه جحداً وجحوداً.

باب ما يمجد به الرب تبارك وتعالى نفسه

الحديث الأوّل : مرسل.

« حين تكون الشمس » قيل : أي حين تكون الشمس من جانب المشرق إلى الصّلاة الأولى ، وهي الظهر مقدارها حين تكون من جانب المغربّ وقت العصر إلى الغروب ، وهو قريب من ثمن الدور ، ومثله في آخر الّليل إلى طلوع الفجر فأنّه قال أوّل ساعات الّليل في الثلث الباقي ، أو أوّل الثلث الباقي ، ولو قال ذلك لكان المقدار قريباً من سدس الدور وهو أكثر من ثلاث ساعات انتهى ، وهو بعيد بل الظاهر أن أوّل ساعات النهار حين كان ارتفاع الشمس عن الأفق من جانب المشرق بقدر ارتفاعها من الأفق في وقت العصر في جانب المغربّ ، وأوّل ساعات الّليل من أوّل الثلث الثالث من الليلة الشرعية إلى آخرها وهو طلوع الفجر الثاني ، ولا بعد

١٩٤

عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إنَّ لله عزَّ وجلَّ ثلاث ساعات في الليل

_________________________________________________

في كون السّاعات الثلاث في الّليل أطول من ساعات النهار ، لكون عبادة الّليل وساعاته أشرف كما قال تعالى( إِنَّ ناشِئَةَ الّليل هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً ) (١) أنا لا تسلم كون تلك الساعات أطول ، لأنّها إنّما تكون ثلثاً بالنسبة إلى الّليل الشرعي وهو أقصر من الّليل النجومي بقريب من ساعتين فمع انضمامهما إلى الّليل الشرعي يصير الثلث ربعاً فتفطن.

ثمَّ الظاهر أن قوله « من المشرق » من كلام الراوي وكذا « من المغربّ » وأيضاً ظاهر أن كلا من الفقرتين تحديد لتمام الثلث بأنّ يكون الثلث في كلّ منهما متوالية ، وكونه تحديدا للساعة الأولى فقط كما قيل بعيد جداً ويدلّ على أن ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس داخل في النهار ، وقد يقال : دلالة فيه على ذلك ، لأنّه قال : في الثلث الباقي لأوّل الثلث الباقي فيمكن أن تكون تلك الساعات بين هذا الثلث ، ولا يخفى بعده.

وتفصيل القول في شرح الخبر : أنّه قد يقسم مجموع الّليل والنهار ، أربعا وعشرين ساعة متساوية وتسمى بالساعات المسوية ، وقد يقسم كلّ من الّليل والنهار ، اثني عشرة ساعة متساوية في أي فصل كان ، وتسمى بالساعات المعوجة ، وكأنّها المراد هنا ، وقد يطلق على مقدار قليل من الّليل أو النهار ، اختص بحكم أو حالة ، كما ورد أن ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة ، وأن بين العشاءين ساعة ، فليست هي من الساعات المسوية ، ولا المعوجة.

قال في المصباح : الساعة الوقت من ليل ، أو نهار ، والعربّ تطلقها ، وتريد بها الوقت ، والحين وإن قل وعليه قوله تعالى «لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ »(٢) ومنه قولهعليه‌السلام من راح في الساعة الأولى الحديث ، ليس المراد الساعة الّتي ينقسم عليها النهار القسمة الزمانية ، بل المراد مطلق الوقت ، وهو السبق ، وإلّا لاقتضى

____________________

(١) المزمل : ٦. (٢) الأعراف : ٣٤.

١٩٥

وثلاث ساعات في النّهار يمجّد فيهنَّ نفسه فأوَّل ساعات النهار حين تكون الشمس هذا الجانب يعني من المشرق مقدارها من العصر يعني من المغربّ إلى الصّلاة الأولى وأوّل ساعات الّليل في الثلث الباقي من الّليل إلى أن ينفجر الصبح يقول إني أنا

_________________________________________________

أن يستوي من جاء في أوّل السّاعة الفلكية ومن جاء في آخرها لأنهما حضرا في ساعة واحدة وليس كذلك بل من جاء في أوّلها أفضل ممن جاء في آخرها انتهى.

وإنّما خصّ هذين الوقتين ، لأنّهما وقت غفلة أكثر الناس بالنوم ، والاستراحة ، والقيلولة فهم غافلون عن ذكر الله ، فالربّ الذي لا يغفل ، ولا يكلّ ولا ينام ، ولا يموت يمجد نفسه في تلك الساعات ، بل يظهر مجده وعظمته وتفرده بالجلال ، والكبرياء في تلك الساعات ، بل يظهر مجده وعظمته وتفرده بالجلال ، والكبرياء في تلك الساعات ، وأنّه لا يشبههم في تلك الحالات.

« يمجد فيهن » أي في كلّ واحدة منهن كما يدلّ عليه الخبر الآتي « فأوّل » الفاء للبيان ، ومرفوع بالابتداء و « حين » خبره ، و « هذا الجانب » مفعول فيه لتكون ، و « مقدارها » خبر تكون بتقدير على مقدار ارتفاعها ، وقيل « من » في ثلاثة مواضع بمعنى - في - وفي الرابعة للتبعيض ، والمراد بالمشرق النصف الأوّل من قوس النهار ، وبالمغربّ النصف الآخر منه ، وقوله « إلى صلاة الأولى » ظرف مستقر ، وهو خبر مبتدإ محذوف يفهم من الكلام السّابق لأن معنى أوّل ساعات النهار حين تكون بمعنى ساعات النهار من حين تكون الحر ، وعلى هذا القياس.

قوله « إلى أن ينفجر » كذا قيل ، ويمكن تقدير فعل أي تنتهي إلى صلاة الأولى أو تمتد إليها ، و « صلاة الأولى » صلاة الظهر لأنّها أوّل صلاة فرضها الله كما ورد في الأخبار ، وقيل إن كانت الإضافة فيها من إضافة الموصوف إلى الصفة كما هو مذهب الكوفييّن ، فهو باعتبار أنّها أوّل صلاة وجبت على الأمّة لسبق نزول( أَقِمِ الصّلاة لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) (١) على نزول( وَأَقِمِ الصّلاة طَرَفَيِ النَّهارِ ) (٢)

____________________

(١) الإسراء : ٧٨.

(٢) هود : ١١٤.

١٩٦

الله ربُّ العالمين ، إني أنا الله العلي العظيم إني أنا الله العزيز الحكيم إني أنا الله الغفور الرحيم إني أنا الله الرحمن الرحيم إني أنا الله مالك يوم الدين ،

_________________________________________________

وإن كانت بتقدير صلاة الساعة الأولى ، كما هو مذهب البصريين ، فهو باعتبار أن أوّل خلق العالم كانت الشمس في نصف نهار وسط الدنيا ، كما روي عن الرّضاعليه‌السلام .

فإن قيل : هذه الساعات تختلف باختلاف عروض البلاد ، فالمعتبر في ذلك أي عرض ، وأي بلد.

قلت : يحتمل أن يكون المعتبر قبة الأرض ، أو مكة ضاعف الله شرفها ، ولو حمل على أن المراد بالتمجيد ظهور تقدسه ، وجلاله لطريان أضداد تلك الصفات على العباد فلا يبعد كون التمجيد في كلّ بلد في هذا النوع من الأوقات فتدبر.

« إِنِّي أَنَا اللهُ ربّ الْعالَمِينَ » الله ، أشهر أسمائه تعالى ، وأعلاها محلا في الذكر والدّعاء ، ولذا ابتدأ به في القرآن المجيد ، وفي فقرات هذا التمجيد ، وهو اسم للذات الواجب بالذات المستحق لجميع المحامد ، والكمالات ، و « الربّ » قيل هو مصدر بمعنى التربية وهي تبليغ كلّ شيء إلى كماله اللائق به شيئاً فشيئاً ، والوصف به للمبالغة كزيد عدل ، وقيل : صفة مشبهة من ربّه يربّه ثمَّ سمّي به المالك لأنّه يحفظ ما يملكه ، ويربيه لينتقل من حدّ النقص إلى حدّ الكمال ، و « العالم » هو كلّ ما سوى الله تعالى من المجردات ، والجسمانيات ، وفيه دلالة على افتقار الممكن إلى المؤثر في البقاء.

« إني أنا الله العلي العظيم» العلي المتنزه عن صفات الممكن ، وقد يكون بمعنى العالي فوق خلقه بالغلبة ، والقدرة عليهم ، وبمعنى المتعالي عن الأشباه ، والأنداد و « العظيم » ذو العظمة ، وهو راجع إلى كمال الذات ، والصفات و « العزيز » الغالب الذي لا يغلب ، ولا يعادله شيء و « الحكيم » الذي يعلم الأشياء كما هي ، أو يحكم خلقها ويتقنها بلطف التدبير ، وحسن التقدير و « الغفور » كثير المغفرة للسيئات ، وعظيم التجاوز عن العقوبات و « الرحيم » شديد الرحمة بجميع عبادة ،

١٩٧

إني أنا الله لم أزل ولا أزال إني أنا الله خالق الخير والشرّ إني أنا الله خالق الجنّة والنّار إني أنا الله بديء كلّ شيء وإلي يعود إني أنا الله الواحد الصمّد إني أنا الله عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ إني أنا الله الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ

_________________________________________________

أو بالمؤمنين في الدنيا ، والآخرة و « الرحمن » ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلق في الدنيا بإيصال الأرزاق ، وتيسر الأسباب ، ودفع البليات ، وقضاء الحاجات مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ الدين الجزاء أي مالك الأمور كلّها ، والمتصرف فيها يوم الجزاء إذ لا مالك فيه غيره ، حذف المفعول به ، وأقيم الظرف مقامه ، وجعل مفعولا به على سبيل الاتساع والتجوز « لم أزل ولا أزال » إذ لا بداية لوجوده ولا نهاية له.

« خالق الخير والشرّ » أي مقدرهما ، أو خالق النور والظلمة ، أو خالق الحياة ، والموت ، أو خالق الغناء ، والفقر ، والصحة ، والسقم ، وغيرها من الصفات المتضادة« خالق الجنّة ، والنّار » قيل الظاهر أن الخالق من حيث هو مضاف صفة الله ، لا خبر بعد خبر ، وحينئذ وجب أن يكون بمعنى الماضي لتكون الإضافة معنوية مفيدة للتعريف لا بمعنى الحال ، أو الاستقبال فيفهم منه أن الجنّة والنّار مخلوقتان وهذا يجري في سائر الإضافات الواقعة في هذا التمجيد « بدئ كلّ شيء » البديء كالبديع الأوّل كالبدء ، والله سبحانه أوّل كلّ شيء بالعلية ، وعليه عوده بعد الفناء وبالحاجة في حال البقاء و « الغيب والشهادة » قيل هما الآخرة والدنيا ، وما غاب عن الحس وما حضر ، أو السر ، والعلانية ، أو عالم المجردات ، وعالم الجسمانيات و «الْمَلِكُ » هو المتصرف بالأمرّ والنهي في المأمورين.

وفي النهاية في أسماء الله تعالى : الْقُدُّوسُ - هو الطاهر المنزه عن العيوب والنقائص ، وفعول من أبنية المبالغة ، وقد تفتح القاف ، وليس بالكثير ، ولم يجيء منه إلّا قدوس وسبوح وذروح ، وفي القاموس : هو الطاهر ، أو المبارك.

و « السَّلامُ » في الأصل مصدر ، ووصفه تعالى به للمبالغة ، ومعناه السلأمّة عمّا يلحق الخلق من العيب والفناء ، والحاجة ، والعناء وقيل : للجنة دار السلام

١٩٨

الجبّار الْمُتَكَبِّرُ ، إني أنا الله الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ، لي الأسماء الحسنى إني

_________________________________________________

لأن أهلها سالمون من الآفات ، أو لأنها داره عزَّ وجلَّ ، ومن أسمائه « الْمُؤْمِنُ » لأنّه الذي يصدق عباده وعده فهو من الإيمان التصديق ، أو يؤمنهم في القيامة عذابه فهو من الأمان ، والأمن ضد الخوف ، ومن أسمائه « الْمُهَيْمِنُ » قيل : هو الرقيب الحافظ لكلّ شيء ، وقيل : هو الشاهد علي الخلق ، وقيل : المؤتمن ، وقيل : القائم بأمور الخلق ، وتدبيرهم ، وقيل : أصله مؤيمن أبدلت الهاء من الهمزة ، وهو يفعل من الأمانة ، والْعَزِيزُ المنيع الذي لا يغلب ، أو لا يعادله شيء ، أو لا مثل له ، ولا نظير ، والجبّار من أبنية المبالغة ، ومعناه الذي يقهر العباد على ما أراد من أمرّ ونهي ، وغيرهما من الأمور الّتي ليس لهم فيها اختيار ، ولا قدرة على تغييرها ، وقيل : هو العالي فوق خلقه ، وقيل : هو الذي يجبر مفاقر الخلق ، وكسرهم ، ويكفيهم أسباب الرّزق ، ويصلح أحوالهم ، والْمُتَكَبِّرُ العظيم من الكبر بالكسر ، وهو العظمة وهي عبارة عن كمال الذات ، والصفات ، وقيل : هو المتعالي عن صفات الخلق ، وقيل : المتكبر على عتاة خلقه.

« الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ » قال الشيخ البهائي ره : قد يظنّ أن الثلاثة مترادفة لأنها بمعنى الإيجاد والإنشاء فذكرها للتأكيد ، وليس كذلك بل هي أمور متخالفة إلّا ترى أن البنيان يحتاج إلى تقدير في الطول ، والعرض ، وإلى إيجاد بوضع الأحجار والأخشاب على نهج خاص ، وإلى تزيين ، ونقش وتصوير فهذه أمور ثلاثة مترتبة يصدر عنه جل شأنّه في إيجاد الخلائق من كتم العدم ، فله سبحانه باعتبار كلّ منها اسم على ذلك الترتيب.

« لي الأسماء الحسنى » هي الّتي لا نقص فيها ، ولا في مفهومها ، أو مترتّب عليها الآثار الحسنة ، وفي العدَّةٌ : الكبير السيّد يقال لكبير القوم سيدهم ، وفي النهاية : في أسماء الله تعالى المتكبر ، والكبير أي العظيم ذو الكبرياء ، وقيل : المتعالي عن صفات الخلق ، وقيل : المتكبر على عتاة خلقه ، والتاء فيه للتفرد ،

١٩٩

أنا الله الكبير المتعال قال ثمَّ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من عنده والكبرياء رداؤه فمن نازعه شيئاً من ذلك أكبه الله في النّار ثمَّ قال ما من عبد مؤمن يدعو بهن

_________________________________________________

والتخصص لا تاء التعاطي والتكلف ، والكبرياء العظمة ، والملك ، وقيل : هي عبارة عن كمال الذات ، وكمال الوجود ، ولا يوصف بها إلّا الله تعالى ، وقد تكرر ذكرهما في الحديث ، وهما من الكبر بالكسر وهو العظمة ، ويقال : كبر بالضم يكبر أي عظم فهو كبير. قوله « من عنده » الضمير راجع إلى الصادقعليه‌السلام أي ليس هذا من تتمة الدّعاء ، وقال في النهاية في الحديث : « قال الله تبارك وتعالى : العظمة إزاري ، والكبرياء ردائي » ضربّ الإزار والرداء مثلاً في انفراده بصفة العظمة ، والكبرياء أي ليستا كسائر الصفات الّتي قد يتصف بها الخلق مجازا كالرحمة ، والكرم ، وغيرهما ، وشبههما بالإزار ، والرداء لأن المتصف بهما يشملأنّه كما يشمل الرداء الإنسان ، ولأنّه لا يشاركه في إزاره ، وردائه أحد فكذلك الله لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد ، ومثله الحديث الآخر « تأزر بالعظمة وتردى بالكبرياء وتسر بل بالعزة ».

قولهعليه‌السلام « أكبه الله » كذا في النسخ ، والمشهور أن كب متعد وأكب لازم على خلاف القياس المطرد ، قال في المصباح : كببت الإناء كبا من باب قتل قلبته على رأسه ، وكببت زيداً كبا أيضاً ألقيته على وجهه وأكب هو بالألف ، وهو من النوادر الّتي تعدى ثلاثيها وتقصر رباعيها ، وفي التنزيل «فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي (١) النّار » «أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ »(٢) وأكب على كذا بالألف لازمه لكن قال في القاموس كبه قلبه ، وصرعه كأكبه ، وكبكبه فأكب وهو لازم متعد و « قلبه » مرفوع ، وهو فاعل مقبلا ، وقضى على بناء المفعول وشقي يشقي شقاء

____________________

(١) النمل : ٩٠.

(٢) الملك : ٢٢.

٢٠٠