مرآة العقول الجزء ١٢

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 594
المشاهدات: 44777
تحميل: 6429


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44777 / تحميل: 6429
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 12

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مقبلاً قلبه إلى الله عزَّ وجلَّ إلّا قضى حاجته ولو كان شقيا رجوت أن يحول سعيدا.

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن عبد الله بن بكير ، عن عبد الله بن أعين ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله تبارك وتعالى يمجد نفسه في كلّ يوم وليلة ثلاث مرَّات فمن مجد الله بما مجد به نفسه ثمَّ كان في حال شقوة حوله الله عزَّ وجلَّ إلى سعادة يقول أنت الله لا إله إلّا أنت ربّ العالمين أنت الله لا إله إلّا أنت الرحمن الرحيم أنت الله لا إله إلّا أنت العزيز[ العليُّ ] الكبير أنت الله لا إله إلّا أنت مالك يوم الدين أنت الله لا إله إلّا أنت الغفور الرحيم أنت الله لا إله إلّا أنت العزيز الحكيم أنت الله لا إله إلّا أنت منك بدأ الخلق وإليك يعود أنت الله [ الّذي ] لا إله إلّا أنت لم تزل ولا تزال أنت الله [ الذي ] لا إله إلّا أنت خالق الخير والشرّ أنت الله لا إله إلّا أنت خالق الجنّة والنّار أنت الله لا إله إلّا أنت أحد صمد «لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحد » أنت الله لا إله إلّا أنت الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الجبّار الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عمّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

_________________________________________________

ضدّ سعد ، والشقوة بالكسر ، والشقاوة بالفتح الاسم منه ، والسعادة حسن العاقبة والشقاوة سوء العاقبة إما في الدنيا أو في الآخرة ، والمراد هنا في الآخرة ، وقد ينسبان إلى العمل ، والحالة كما في الخبر الآتي.

الحديث الثاني : حسن موثّق ، وفي ثواب الأعمال ، عن زرارة بن أعين ، وفيه مكان « العزيز الكبير » العلي الكبير ، وفيه « لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفواً أحد » ، وفي أخره « أنت الله الخالق البارئ المصور ، لك الأسماء الحسنى يسبّح لك ما في السماوات ، والأرض ، وأنت العزيز الحكيم ».

قولهعليه‌السلام : « منك بدأ الخلق » مهموزاً على صيغة فعل الماضي أي ابتداء

٢٠١

- إلى آخر السورة - أنت الله لا إله إلّا أنت الكبير والكبرياء رداءك.

(باب)

(من قال لا إله إلّا الله)

١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن علي ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول ما من شيء أعظم ثواباً من شهادة أن لا إله إلّا الله إن الله عزَّ وجلَّ لا يعدله شيء ولا يشركه في الأمور أحدٌ.

٢ - عنه ، عن الفضيل بن عبد الوهّاب ، عن إسحاق بن عبيد الله ، عن عبيد الله بن الوليد الوصّافي ، رفعه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من قال لا إله إلّا الله

_________________________________________________

خلقهم ، أو على صيغة المصدر ، وقد يقرأ غير مهموز أي ظهر الخلق.

باب من قال لا إله إلّا الله

الحديث الأوّل : ضعيف على مشهور.

« إن الله لا يعدله شيء » كأنّه تعليل لـمّا مضى فأنّه إذا لم يعدل الله شيء ، لا يعدل ما يتعلّق بألوهيته ووحدانيته شيء ، وهذا الذكر أعظم ما يتعلّق به من الأذكار إذ تدلّ على اتصافه بجميع الصفات الكمالية ، وعلى نفي الشريك ، والأنداد عنه ، وعلى احتياج كلّ موجود سواه إليه ، ولذا صارت من بين جميعها سبباً للدخول في الإسلام ، وتوقف عليها صحة سائر العبادات ويحتمل أن يكون بيانا لكيفية التهليل الذي ليس شيء أعظم ثواباً منه بأن يكون المقصود منه هذا المعنى الذي هو التوحيد الكامل ، وعلى هذا الوجه يمكن أن يقرءان بالفتح عطف بيان لقوله : « إن لا إله إلّا الله » وفي توحيد الصدوق ، وثواب الأعمال لأن الله فهو يؤيد الأوّل « لا يعدله شيء » أي في كمال الذات ، والصفات « ولا يشركه في الأمور أحد » في صفات الأعمال له الحكم ، والأمرّ ، وفي ثواب الأعمال في الأمر.

الحديث الثاني : مجهول مرفوع.

٢٠٢

غرست له شجرةٌ في الجنّة من ياقوتة حمراء منبتها في مسك أبيض أحلى من العسل وأشد بياضاً من الثلج وأطيب ريحا من المسك فيها أمثال ثدي الأبكار تعلو عن سبعين حلة.

_________________________________________________

« من ياقوتة » من ابتدائية وقيل بيانية أي من ياقوتة واحدة « منبتها » وصف لأرض الجنّة في طيبها ، وريحها « أحلى من العسل » أي ثمرتها أحلى ، أو وصف للشجرة باعتبار ثمرتها فالإسناد مجازي ، وقد يقرأ منبتها بضم الميم وفتح الباء أي الثمرّة الّتي تنسب منها « أمثال ثدي الأبكار » قد يقرأ ثدي كحلي بضم الثاء ، وكسر الدال ، وتشديد الياء جمع الثدي ، وفي ثواب الأعمال فيها ثمار أمثال أثداء الأبكار وفي القاموس : الثدي ويكسر خاص بالمرأة أو عام ، ويؤنث ، والجمع أثد ، وثدي كحلي « تعلو » أي ترتفع منفصلاً ، أو منفتحاً أو كاشفاً أو علوا ناشيا عن سبعين حلة والحاصل أن في جوف هذه الثمرّة سبعون حلة يلبسها أهل الجنّة وهذا نوع آخر من ثمرها غير ما مر.

وقيل المراد أن ثمرتها شبيهة بثدي بكر تكون تحت سبعين حجابا تحفظها عن الغبار والكثافة ، ونظر الأجانب مبالغة في صفاء تلك الثمرّة ، وطراوتها ، وفي نسخ ثواب الأعمال تفلق بالفاء ثمَّ القاف أي تشق ، وهو أظهر ، ولا استبعاًد في كون الحلة أيضاً من ثمرَّات الجنّة ، ويؤيّده ما رواه الصدوق ره في المجالس بإسناده عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال إن في الجنّة شجرة يخرج من أعلاها الحلل ، ومن أسفلها خيل بلق مسرجة ملحمة ذوات أجنحة لا تروث ، ولا تبول ، إلى آخر الخبر.

وروى البرقي في المحاسن ، بإسناده عن الباقر ، والصادقعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والذي نفس محمّد بيده أن في الجنّة لشجراً يتصفق بالتسبيح بصوت لم يسمع الأولون ، والآخرون بمثله يثمرّ ثمراً كالرمان تلقى الثمرّة إلى الرّجل فيشقها عن سبعين حلة الخبر ، والتشبيهان متقاربان ، فإن الرمان شبيه بالثدي ، وهو مؤيد لنسخة ثواب الأعمال.

٢٠٣

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خير العبادة قول لا إله إلّا الله.

وقال خير العبادة الاستغفار وذلك قول الله عزَّ وجلَّ في كتابه : «فَاعْلَمْ أنّه لا إِلهَ إلّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ».

_________________________________________________

وروى السيّد بن طاوس ، في كشف اليقين بإسناده إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا أدخلت الجنّة رأيت الشجرة تحمل الحلي ، والحلل أسفلها خيل بلق ، وأوسطها الحور العين ، وفي أعلاها الرضوان ، قلت يا جبرئيل لمن هذه الشجرة ، قال : هذه لابن عمك أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام إذا أمرّ الله الخليقة بالدخول إلى الجنّة ، يؤتى بشيعة علي حتّى ينتهي بهم إلى هذه الشجرة فيلبسون الحلي ، والحلل ، ويركبون الخيل البلق ، وينادي مناد هؤلاء شيعة علي صبروا في الدنيا على الأذى فحبوا هذا اليوم ، ومثله كثير ، وفي القاموس : الحلة بالضم إزار ورداء برداء ، وغيره ، ولا يكون حلة إلّا من ثوبين أو ثوب له بطانة ، وقد مرّ شرح آخر الخبر في باب الاستغفار.

وقيل : يحتمل أن يكون المراد أن مجموع التوحيد ، والاستغفار من حيث المجموع خير العبادة.

لكن فيه شيء ، لأنك قد عرفت أن التوحيد وحده خير العبادة فما الفائدة في ضم الاستغفار معه ، والحكم على المجموع بالخيرية.

ويمكن الجواب : بأن الخيرية تقبل التشكيك فهذا الفرد منها أكمل من السابق.

ويحتمل أن يكون المراد أن كلّ واحد منهما خير العبادة ، أما الأوّل : فلـمّا عرفت ، وأمّا الثاني : فلأن الاستغفار في نفسه عبادة ، لكونه غاية الخشوع والتذلل ، والرجعة إليه سبحانه ، ومع ذلك سبب لمحو الذنوب الصغيرة ، والكبيرة جميعاً الذي يوجب طهارة النفس ، وحصول القربّ إليه سبحانه لأن المعصية مانعة منه ، وأمّا غيره من العبادات وإن كان مكفرا للذنوب ، لكن ليس بهذه المثابة.

٢٠٤

(باب)

(من قال لا إله إلّا الله والله أكبر)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى رفعه ، عن حريز ، عن يعقوب القمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ثمن الجنّة لا إله إلّا الله والله أكبر.

_________________________________________________

باب من قال لا إله إلا الله والله أكبر

الحديث الأول : مرفوع.

« الله أكبر » أي من كلّ شيء أو من أن يوصف ، والبائع هو الله سبحانه ، والمشتري هو العبد ، والثمن هذه الكلمة الشريفة مع شرائطها ، ومنها الإقرار بالرسالة والولاية لأهلهما ، قال في النهاية : في حديث الأذان الله أكبر معناه الكبير فوضع أفعل موضوع فعيل ، وقيل : معناه الله أكبر من كلّ شيء ، أي أعظم فحذفت من لوضوح معناها ، وأكبر خبر ، والإخبار لا ينكر حذفها ، وقيل معناه الله أكبر من أن يعرف كنه كبريائه ، وعظمته ، وإنّما قدر له ذلك وأوّل ، لأن أفعل فعلى يلزمه الألف واللام ، أو الإضافة كالأكبر وأكبر القوم انتهى ، وأقول : قد مرّ معناه في كتاب التوحيد.

٢٠٥

(باب)

(من قال لا إله إلّا الله وحده وحده وحده)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن النعمان عمّن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال جبرئيلعليه‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله طوبى لمن قال من أمتك - لا إله إلّا الله وحده وحده وحده.

_________________________________________________

باب من قال لا إله إلا الله وحده وحده وحده

الحديث الأول : مرسل ، وفي النهاية فيه فطوبى للغرباء ، طوبى اسم الجنّة وقيل هي شجرة فيها ، وأصلها فعلى من الطيب فلـمّا ضمت الطاء انقلبت الواو ياء وفيه طوبى للشام المراد بها ههنا فعلى من الطيب لا الجنّة ، ولا الشجرة ، وقال : يقال جلس وحده ، ورأيته وحده أي منفردا ، وهو منصوب عند أهل البصرة على الحال أو المصدر ، وعند أهل الكوفة على الظرف كأنك قلت أوحدته رؤيتي إيجادا أي لم أر غيره وهو أبداً منصوب انتهى ، والحاصل أن الوحدة مصدر ، ونصبه هنا إما بنيابة الظرف بتقدير مع وحده ، أو بنيابة الحال بتقدير منفرداً وحده ، وعلى التقديرين هنا للتأكيد ، والتكرير للمبالغة ، والإشارة إلى الوحدة في الخلق ، واستحقاق العبادة والتفرد في الأمرّ والحكم ، أو إلى نفي الشرك في الألوهية ، والنبوة ، والإمامة فإن إنكارهما من الشرك كما مرّ ، أو إلى توحيد الذات ، والصفات والأفعال.

٢٠٦

(باب)

(من قال لا إله إلّا الله وحده لا شريك له – عشراً - )

١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عمرو بن عثمان وعليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ليث المرادي ، عن عبد الكريم بن عتبة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول من قال عشرّ مرَّات قبل أن تطلع الشمس وقبل غروبها : « لا إِلهَ إلّا اللهُ وحده لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ

_________________________________________________

باب من قال لا إله إلّا الله وحده لا شريك له عشراً

أقول : في أكثر النسخ في عنوان الباب اختصار وفي بعضها ذكر جميع ما في الخبر.

الحديث الأول : صحيح ، وعتبة بضمّ العين وسكون التاء ، ورواه البرقي في المحاسن ، عن أبيه ، وعمرو بن عثمان ، وأيّوب بن نوح جميعاً ، عن ابن المغيرة إلى آخر الخبر ، إلّا أنّه ليس فيه « ويميت ويحيي ».

وأقول : هذه التهليلات باختلافها متواترة بالمعنى رواها العامّة ، والخاصّة في مواطن متعددة ، فممّا رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « من قال - لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كلّ شيء قدير - عشرّ مرَّات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل » قال الآبي : فيه دلالة على أن العربّ تسترق.

« له الملك » إشارة إلى قوله تعالى( قُلِ اللّهمّ مالِكَ الْمُلْكِ ) فالملك الحقيقي مختص به ، والملك الظاهري الواقعي من النبوة والإمامة بيده ، والملك الذي يحصل بالتغلب أيضاً بتقديره ، وتمكينه ، يعطيه من يشاء برفع الموانع ، وأن يخليه واختياره لا بأن يجبره عليه ، ويصرفه عمّن يشاء « وله الحمد » أي الحمد مختص به ، لأن النعمة كلّها مخلوقة له ، وهو مسبب الأسباب ، ومولى النعم. وكلّها بتقديره ، وتدبيره « يحيي ويميت ويميت ويحيي» كان الإحياء أو لا في الدنيا ،

٢٠٧

وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وَهُوَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » كانت كفارة لذنوبه ذلك اليوم

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عمّن ذكره ، عن عمرّ بن محمّد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من صلّى الغداة فقال قبل أن ينفض ركبتيه عشرّ مرَّات : لا إِلهَ إلّا اللهُ وحده لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وَهُوَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

_________________________________________________

والإماتة أوّلاً فيها ، والإماتة الثانية في القبر فتدلّ ضمنا على إحياء أخر ، ولـمّا كانت مدة تلك الحياة قليلة ، لم يذكرها صريحاً ، والإحياء ثانياً في الآخرة ، وإنّما لم يتعرض للأحياء والأمانة في الرجعة لعدم عمومها وشمولها لكلّ أحد ، مع أنّه يحتمل أن تكون الأمانة الثانية إشارة إليه ، ولا يبعد أن يكون المراد بكلّ من الفقرتين ، جنسي الإماتة والإحياء ، والتكرير لبيان استمرارهما ، وكثرتهما « بيده الخير » أي كلـمّا يصدر عنه فهو خير ، وإن كان بحسب الظاهر شرا ، كما ورد في الدّعاء ، الخير في يديك ، والشرّ ليس إليك.

« كانت كفارة لذنوبه ذلك اليوم » لعلّ المراد باليوم اليوم مع ليلته ، فيكون ما قاله قبل طلوع الشمس ، كفارة لذنوب الّليل ، وما قاله قبل غروبها كفارة لذنوب اليوم ، ولو كان المراد اليوم فقط كان ناظرا إلى قبل غروبها ، وأحال الأوّل على الظهور ، والظّاهر أن المراد بالذنوب أعم من الصغيرة والكبيرة ، وقيل : لا يبعد تخصيصها بالصغيرة لأن الكبيرة لا يكفرها إلّا التوبة ، أو فضل الله تعالى ، ويؤيّد هذا التخصيص ، قوله في الخبر الآتي ، ولم تحط به كبيرة من الذنوب.

الحديث الثاني : مرسل.

« قبل أن ينقض ركبتيه » النقض الهدم ، وأستعير هنا لتغيير وضع الركبتين عن الحالة الّتي كانتا عليها في حال التشهد ، والتسليم ، وفي بعض النسخ أن يقبض وهو قريب من الأوّل ، والمراد قبضهما بإرادة القيام ، قوله « إلّا من جاء بمثل عمله »

٢٠٨

وفي المغرب مثلها ، لم يلق الله عزَّ وجلَّ عبد بعمل أفضل من عمله إلّا من جاء بمثل عمله.

(باب)

(من قال أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أن)

(محمداً عبده ورسوله)

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سعيد ، عن أبي عبيدة الحذَّاء ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من قال أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله كتب الله له ألف ألف حسنة.

_________________________________________________

إن قيل : الاستثناء يفيد ، أن عمل من جاء بمثل عمله ، أفضل من عمله ، والمثلية تقتضي المساواة فبينهما تناف ، قلت : المراد بالأفضلية هنا المساواة مجازا ، كما يقال : ليس في البلد أفضل من زيد ، والمراد نفي المساواة ، وأنّه أفضل ممن عداه ، وهذا شائع فالمعنى لم يلق الله عزَّ وجلَّ عبد بعمل مساو لعمله في الفضيلة والكمال ، إلّا من جاء بمثل عمله ، وقيل : المراد في المستثنى بعض ما جاء بمثل عمله ، فإن الاستثناء لا يفيد العموم في المستثنى ، فالأفضل من جاء بمثل عمله ، وزاد عليه ، والأوّل أظهر والمراد بالملاقاة عند الموت أو في القيامة.

باب من قال أشهد أن لا إله إلّا الله وحده إلخ

الحديث الأول : حسن على الظاهر ، إذ الظاهر أن سعيدا هو ابن غزوان لرواية ابن أبي عمير عنه ألف حسنة ، في بعض النسخ ألف ألف حسنة ، ويمكن أن تكون نسبة الكتابة إلى الله على المجاز لأنّه الأمرّ بذلك ، والكاتب هو الملك.

٢٠٩

(باب)

(من قال عشرّ مرَّات في كلّ يوم أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له)

(إلهاً واحداً أحداً صمداً لم يتخذ صاحِبَةً وَلا وَلَداً )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عبد العزيز العبدي ، عن عمرّ بن يزيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قال في كلّ يوم عشرّ مرَّات أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له إلهاً واحداً أحدا صمداً لم يتّخذ صاحِبَةً وَلا وَلَداً كتب الله له خمسة وأربعين ألف حسنة ومحاً عنه خمسة وأربعين ألف سيئة ورفع له خمسة وأربعين ألف درجة.

وفي رواية أخرى وكنَّ له حرزاً في يومه من السلطان والشّيطان ولم تحط

_________________________________________________

باب من قال عشر مرات في كل يوم أشهد إلخ

الحديث الأوّل : ضعيف ورواه الصّدوق في التوحيد ، وثواب الأعمال ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي نجران مثله إلّا أن في الجميع خمسا وأربعين ألف ألف ، وفي الأخير ورفع له في الجنّة ، وفي صدر الخبر من قال في يوم ، وفي بعض النسخ يومه ، وزاد في أخره وكان كمن قرأ القرآن في يومه اثنتي عشرة مرّة ، وبنى الله له بيتا في الجنّة ، وقيل : لو لم تكن له سيئة ، لا يبعد القول بأنّه يعوض عن محو السيئة حسنة ، ولم أر بذلك تصريحاً من الأصحاب ، وجزم بذلك الخطابي من علماء العامّة ، وقد يقال : المراد بالسيئة الصغيرة ، إذ محو الكبائر عندهم مشروط بالتوبة ، وفيه نظر ، بل الظاهر أنها تشمل الكبيرة أيضاً.

قولهعليه‌السلام « ولم تحط به كبيرة » أي لم تستول عليه بحيث يشمل جملة أحواله ناظرا إلى قوله تعالى «مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ » والحاصل : أن هذه

٢١٠

به كبيرة من الذُّنوب.

(باب)

(من قال يا الله يا الله - عشرّ مرَّات - )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن أيّوب بن الحرّ أخي أديم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قال يا الله يا الله .- عشرّ مرَّات - قيل له : لبيّك ما حاجتك.

_________________________________________________

الكلمات تصير سبباً لعدم الإصرار على الكبيرة ، وعدم استيلاء الشّيطان ، والتضرر من السلطان.

باب من قال يا الله عشر مرات

الحديث الأول : صحيح.

« قيل له لبيك » هذا من تنزلاته بالنسبة إلى عبيده ، ويحتمل أن يكون القائل هو الله تعالى ، أو الملك الموكلّ من قبله بقضاء حاجة العبد ، وقيل : إن كان القائل هو الله سبحانه ، فهو للاستنطاق ، وإن كان غيره يحتمل الاستفهام أيضاً ، وأقول : الظاهر أنّه استعارة تمثيلية لبيان استعداده واستئهاله لقبول حاجته ، وفي القاموس ألب ، أقام كلب ، ومنه لبيك أي أنا مقيم على طاعتك إلبابا بعد الباب ، وإجابة بعد إجابة أو معناه اتجاهي ، وقصدي لك من داري تلب داره أي تواجهها ، أو معناه محبتي لك من امرأة لبه أي محبة لزوجهاً ، أو معناه إخلاصي لك من حسب لباب خالص.

٢١١

(باب)

(من قال لا إله إلّا الله حقاً حقاً)

١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عيسى الأرميني ، عن أبي عمران الخرَّاط ، عن الأوزاعي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : من قال في كلّ يوم : لا إله إلّا الله حقّاً حقّاً لا إله إلّا الله عبوديّة ورقّاً ، لا إله إلّا الله إيماناَ وصدقاً أقبل الله عليه بوجهه ولم يصرف وجهه عنه حتّى يدخل الجنّة.

_________________________________________________

باب من قال لا إله إلّا الله حقاً حقاً

في العنوان اختصار

الحديث الأوّل : مجهول.

« وحقاً » حال مؤكدة من الله ، لأنّه في حكم المفعول به ، أو مفعول مطلق لفعل محذوف أي حق حقاً جيء به لتأكيد مضمون الجملة ، والتكرير للمبالغة في التأكيد ، أو إشارة إلى مدلولي كلمة التوحيد أي لا خالق سواه حقا ولا معبود سواء حقا وقوله « عبوديّة ورقّاً » كلّ منهما مفعول له لفعل محذوف ، أي أقولها لعبوديتي ورقيتي ، ويحتمل أن يكونا نائبين للمفعول المطلق ، أي أقولها قولاً ناشئا من جهة العبوديّة ، والرقيّة ، وفي القاموس : العبوديّة ، والعبادة الطاعة ، وقال : الرق بالكسر الملك ، وفي المصباح : الرق بالكسر العبوديّة ، وهو مصدر رقّ الشخص يرق من باب ضربّ فهو رقيق ، وكذا قوله « إيماناَ وصدقاً » يحتمل النصب بالعلية والمصدرية ، أي أقولها لأني مؤمن صادق مصدق ، أو آمنت إيماناَ ، وصدقت فيه صدقاً. وقيل الجمع بينهما للإشعار بالتوافق بين اللسان والقلب ، وإقبال الله تعالى عليه بوجهه ، وعدم صرف وجهه عنه كناية عن توفيقه ، وتأييده ، وتسديده ، وإفاضة رحماته عليه ، وحفظه ، وعصمته عمّا يوجب دخول النّار حتّى يدخله الجنّة بفضله.

٢١٢

(باب)

(من قال يا ربّ يا رب)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن عيسى ، عن أيّوب بن الحر أخي أديم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قال عشرّ مرَّات يا ربّ يا ربّ قيل له لبيك ما حاجتك.

٢ - أحمد بن محمّد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن حمران قال مرض إسماعيل بن أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام قل يا ربّ يا ربّ - عشرّ مرَّات - فإنَّ من قال ذلك نودي لبيّك ما حاجتك.

_________________________________________________

باب من قال يا ربّ يا ربّ

الحديث الأول : صحيح.

« والربّ » أقربّ الأسماء إلى الاسم الأعظم ، ولذا لم يذكر الله تعالى دعاء من أدعية الأنبياء ، والصالحين إلّا افتتحها به كقوله « رَبَّنا ظَلَمْنا » « رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً » « رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا » « رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا » « رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا » « رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا » « ربّ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ » « رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً » « فَدَعا ربّه أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ » « رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا » ومثله كثير ، وفيه استعطاف لـمّا فيه من الدلالة على تربية كلّ شيء ، وتكميله ، وحفظه ، وإخراجه من حدّ النقص إلى الكمال بحسب ما يليق بحاله ، كما عرفت.

الحديث الثاني : مجهول. ويمكن أن يقرأربّ بكسر الباء بأن يكون تخفيف يا ربي والكسرة تدلّ على الياء المحذوفة ، أو بالرّفع بأن يكون منادي مفرد.

٢١٣

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عيسى ، عن معاوية ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قال يا ربّ يا الله يا ربّ يا الله حتّى ينقطع نفسه قيل له لبيّك ما حاجتك.

(باب)

(من قال لا إله إلّا الله مخلصاً)

١ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد وعدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد جميعاً ، عن الوشّاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي الحسن السوَّاق ، عن أبان بن تغلب

_________________________________________________

الحديث الثالث : صحيح ، وفي بعض النسخ يا ربي الله ، وفي بعضها يا ربي يا الله ، وفي أكثرها يا ربّ يا الله.

باب من قال لا إله إلّا الله مخلصاً

الحديث الأول : موثّق ، وأبو الحسن هو علي بن محمّد بن علي بن عمرّ بن رباح بن قيس بن سالم مولى عمرّ بن سعد بن أبي وقاص لعنه الله ، وقال النجاشي : كان ثقة في الحديث واقفا في المذهب صحيح الرواية ثبت معتمدَّ على ما يرويه.

قولهعليه‌السلام « من شهد فيه » إشارة إلى أن مجرد القول بدون القصد ، والاعتقاد لا يمكن في ترتب الجزاء لأن الشهادة لا تكون الأمن صميم القلب ، وقوله « مخلصاً » حال مؤكّدة من فاعل شهد ، أي مخلصاً لله دينه كما قال تعالى «مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ » وإخلاص الدين أن لا يشوبه بشيء من الشرك كنفي الرسالة ، والولاية ، وإنكار المعاد ، وسائر ما علم من الدين ضرورة وقد بينعليه‌السلام ذلك في آخر الخبر حيث قال « تسلب لا إله إلّا الله عمّن ليس على هذا الأمرّ » وهذا الأمرّ إشارة إلى دين الحق الذي عمدته الإقرار بجميع الأئمةعليهم‌السلام وبما بينوهعليهم‌السلام من أصول الدين ، وعقائدهم الحقة ، كما روى الصدوق في المجالس ، والعيون بإسناده عن إسحاق بن راهويه قال لـمّا وافى أبو الحسن الرّضاعليه‌السلام نيسابور ، وأراد أن يرحل منها إلى المأمون ، اجتمع

٢١٤

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يا أبان إذا قدمت الكوفة فارو هذا الحديث من شهد أن لا إله إلّا الله مخلصاً وجبت له الجنّة ، قال قلت له أنّه يأتيني من كلّ صنف

_________________________________________________

إليه أصحاب الحديث ، فقالوا له يا بن رسول الله ، ترحل عنا ، ولا تحدثنا بحديث فنستفيد منك ، وقد كان قعد في العمارية فأطلع رأسه ، وقال : سمعت أبي موسى بن جعفر ، يقول : سمعت أبي جعفر بن محمّد ، يقول : سمعت أبي محمّد بن علي ، يقول : سمعت أبي علي بن الحسين ، يقول : سمعت أبي الحسين بن علي ، يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام يقول : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : سمعت جبرئيلعليه‌السلام يقول : سمعت الله عزَّ وجلَّ يقول : لا إله إلّا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي فلـمّا مرت الراحلة نادانا بشروطها وأنا من شروطها.

بل يدلّ بعض الأخبار على أنّه يدخل في الإخلاص بعض الأعمال أيضاً كما روى الصدوق في ثواب الأعمال ، بإسناده الصحيح ، عن محمّد بن حمران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : من قال لا إله إلّا الله مخلصاً دخل الجنّة ، وإخلاصه أن يحجزه لا إله إلّا الله عمّا حرم الله ، وروي أيضاً هذا المضمون ، عن زيد بن أرقم ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وروى أيضاً زر بن حبيش قال : سمعت حذيفة يقول : لا إله إلّا الله ترد غضب الربّ جل جلاله عن العباد ، ما كانوا لا يبالون ما انتقص من دنياهم إذا سلم دينهم ، فإذا كانوا لا يبالون ما انتقص من دينهم إذا سلمت دنياهم ثمَّ قالوها ردت عليهم ، وقيل كذبتم ولستم بها صادقين. فاستبان أنّه ليس المراد بالإخلاص هنا ترك الرياء فقط ، كما فهمه الأكثر ، وقيل : لـمّا دلت ظواهر الآيات والروايات على نفوذ الوعيد في طائفة من العصاة ، واقتضى هذا الحديث أمنهم تعين فيه التأويل صونا لظاهر الشرع عن التناقض ، فتأوله بعضهم أن ذلك قبل نزول الفرائض ، وأمّا بعده فالعاصي بالمشية وقال بعضهم : هذا التأويل وإن كان مستبعدا من جهة قوله « إذا قدمت الكوفة فارو هذا الحديث » لأن الغرض منه الترغيب في هذه الكلمة الشريفة ولا شبهة في أنهم نشأوا بعد نزول الفرائض ، ومن جهة عموم من شهد لكنه قد مرّ في باب ، بعد باب

٢١٥

من الأصناف أفأروي لهم هذا الحديث ؟ قال نعم يا أبان أنّه إذا كان يوم القيامة وجمع الله الأوَّلين والآخرين فتسلب لا إله إلّا الله منهم إلّا من كان على هذا الأمر.

_________________________________________________

أن الإيمان قبل الإسلام ما يؤيده حيث قال الباقرعليه‌السلام في حديث طويل : ثمَّ بعث الله عزَّ وجلَّ محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو بمكة عشرّ سنين ، فلم يمت بمكة في تلك العشرّ سنين أحد يشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً رسول الله ، إلّا أدخله الله الجنّة بإقراره ، وهو إيمان التصديق ، ولم يعذب الله أحدا ممن مات ، وهو متبع لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ذلك الأمن أشرك بالرحمن ، وأوله بعضهم بحمله على من مات ولم يعص.

ثمَّ قال : ويؤيّده أن لهذا الحكم أعني ترتب وجوب دخول الجنّة على الشهادة بالتوحيد شروطاً كما أشارعليه‌السلام إلى بعضها ، بقوله « إلّا من كان على هذا الأمرّ » وبعضها الشهادة بالرسالة ، وهي غير مذكورة فيحتمل أن يكون عدم العصيان أيضاً من الشروط.

وأوله البخاري بمن مات وهو ثابت ، يريد أن من كان آخر كلامه هذه الكلمة الشريفة وجبت له الجنّة ، لأنها مكفرة للذنوب الّتي صدرت قبلها.

وقيل : لا يحتاج الحديث إلى التأويل لأن المؤمن العاصي إن غفر له ابتداء يلتحق بغير العاصي فيدخل الجنّة مثله ، وإن نفذ فيه الوعيد يدخل النّار على ما شاء الله ، ثمَّ لا بد له من دخول الجنّة ، فوجوب دخول الجنّة على ظاهره إذ لا بد للقائل بالشهادتين من دخولها ، إما ابتداء أو بعد الجزاء.

قولهعليه‌السلام « فتسلب » المراد بالسلب إما نسيانها أو عدم ترتب أثرها عليها ، أو عدم انطلاق لسأنّه بها ، كما أنهم في القيامة يريدون أن يسجدوا وهم لا يستطيعون «وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ »(١) .

____________________

(١) القلم : ٤٣.

٢١٦

(باب)

(من قال : ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا دعا الرّجل فقال بعد ما دعا : ما شاء

_________________________________________________

باب من قال ما شاء الله لا حول ولا قوة إلّا بالله

الحديث الأوّل : صحيح.

« بعد ما دعا » كلمة ما مصدريّة « ما شاء الله » قال البيضاوي : أي الأمرّ ما شاء الله ، أو ما شاء الله كائن ، على أن « ما » موصولة ، أو أي شيء شاء الله كائن ، على أنّها شرطية ، والجواب محذوف.

وقال الطبرسي : رحمه الله تعالى « ما شاءَ اللهُ » يحتمل أن يكون ما رفعاً وتقديره - الأمرّ ما شاء الله - فيكون موصولا والضمير العائد إليه تكون محذوفا لطول الكلام ، ويجوز أن يكون التقدير - ما شاء الله كائن - ويحتمل أن تكون « ما » في موضع نصب على معنى الشرط والجزاء ، ويكون الجواب محذوفا وتقديره - أي شيء شاء الله كان - ومثله في حذف الجواب قوله( فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ ) (١) والمعنى ما شاء الله كان وإني إن تبعت في جمعي وعمارتي فليس ذلك إلّا بقوة الله وتيسيره ، ولو شاء لحال بيني وبين ذلك ولنزع البركة عنه ، فأنّه لا يقوى أحد على ما في يديه من النعمة إلّا بالله ولا يكون له إلّا ما شاء الله ، انتهى.

وأقول : في أكثر النسخ في هذا الخبر « ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إلّا بِاللهِ » وفي بعضها « لا حول ولا قوة إلّا بالله » كالخبر الآتي.

وقال في النهاية : الحول هيهنا الحركة يقال حال الشخص يحول إذا تحرك

____________________

(١) الأنعام : ٣٥.

٢١٧

الله لا حول ولا قوَّة إلّا بالله قال الله عزَّ وجلَّ : استبسل عبدي واستسلم لأمري اقضوا حاجته.

_________________________________________________

المعنى لا حركة ولا قوّة إلّا بمشية الله تعالى ، وقيل : الحول الحيلة والأوّل أشبه ومنه الحديث « اللّهمّ بك أصول وبك أحول » أي أتحرّك ، وقيل : احتال ، وقيل : أدفع وأمنع من حال بين الشيئين إذا منع أحدهما عن الآخر ، وقال فيه : ذكر الحوقلة هي لفظة مبنية من « لا حول ولا قوة إلّا بالله » كالبسملة من « بسم الله » والحمد له من « الحمد لله » ، فهكذا ذكره الجوهري بتقديم اللام على القاف ، وغيره يقول « الحوقلة » بتقديم القاف علي اللام ، والمراد بهذه الكلمات إظهار الفقر إلى الله بطلب المعونة منه على ما يحأوّل من الأمور وهو حقيقة العبوديّة ، وروي عن ابن مسعود أنّه قال : معناه لا حول عن معصية الله ، إلّا بعصمة الله ، ولا قوة على طاعة الله ، إلّا بمعونة الله.

وأقول : هذا المعنى الأخير مروي عن الباقر والصادقعليهما‌السلام وقد مرّ في كتاب التوحيد ، وسئل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن هذه الكلمة فقال : إنا لا نملك مع الله شيئاً ولا نملك إلّا ما ملكنا فمتى ملكنا ما هو أملك به منا كلفنا ، ومتى أخذه منا وضع تكليفه عنا ، وفي القاموس : الحول والحيل والحولة والحيلة الحذق وجودة النظر والقدرة على التصرف والحولة القوة والتحول والانقلاب ، وقال الراغب : حالت الدار تغيرت ، والحال لـمّا يختص به الإنسان وغيره من أموره المتغيرة في نفسه وجسمه أو قنياته ، والحول ماله من القوة في أحد هذه الأصول الثلاثة ، ومنه قيل « لا حول ولا قوة إلّا بالله ».

وفي طرق العامّة قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعبد الله بن قيس : إلّا أدلك على كنز من كنوز الجنّة ، قال بلى يا رسول الله قال : « لا حول ولا قوة إلّا بالله » قال المازري في ضبط هذه الكلمة خمس لغات فتح الكلمتين بلا تنوين ، ورفعهما منونتين ، و

٢١٨

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن بعض أصحابه ، عن جميل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول من قال ما شاء الله لا حول ولا قوة إلّا بالله سبعين مرّة صرف عنه سبعين نوعاً من أنواع البلاء أيسر ذلك الخنق قلت جعلت فداك وما

_________________________________________________

فتح الأوّل ونصب الثانية ، ورفعها منونة ، والخامس عكس الرابع ، وفي القاموس : أبسله لكذا عرضه ورهنه أو أبسله أسلمه للهلكة ولعمله وبه وكله إليه ، ونفسه للموت وطنها كاستبسل ، واستبسل طرح نفسه للحربّ يريد أن يقتل أو يقتل ، وبالجملة هو كناية عن غاية التسليم والانقياد وإظهار العجز في كلّ ما أراد بدون تقدير ربّ العباد.

الحديث الثاني : مرسل.

« سبعين مرّة » أي في مجلس واحد أو في اليوم بليلته ، كما قيل سبعين نوعا وإن قضيت عليه وأبرمت ، ولكن لم تبلغ الإمضاء ، وفي القاموس : خنقه خنقاً ككتف فهو خنق أيضاً وخنيق ومخنوق كخنقه فاختنق ، والخناق كغراب داء يمتنع معه نفوذ النفس إلى الرية والقلب انتهى ، ومنشأه غلبة الدم والسوداء.

« قلت جعلت فداك وما الخنق » قيل - الواو في الحكاية دون المحكي ، وعطف الإنشاء على الإخبار إذا كان له محل من الإعراب جائز - ولا يخفى ما فيه « لا يقتل بالجنون » تفسير لصرف المفهوم من الكلام السّابق « فيخنق » على بناء المجهول بالنصب.

وأقول : كان المعنى أن مقصودي من الخنق ، هذا النوع منه وهو الذي يحصل من الجنون كالصرع ، وكلـمّا كان الأيسر أشدّ كان أبلغ في المبالغة ، ومنهم من قرأ لا « يعتل » بالعين واللام المشددة من الاعتلال ، أو بالفاء واللام المخففة من فتله يفتله لواه كفتله فهو فتيل ومفتول ، والحبون بالحاء المهملة والباء الموحدة جمع الحبن بالكسر كالحمول جمع الحمل ، وهو خراج كالرمل وما يعتري في الجسد

٢١٩

الخنق ؟ قال : لا يعتلّ بالجنون فيخنق.

(باب)

(من قال أستغفر الله الذي لا إِلهَ إلّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)

(ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ وأتوب إليه)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الصمّد ، عن الحسين بن حمّاد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من قال في دبر صلاة الفريضة قبل أن يثنّي رجليه - أستغفر الله الذي( لا إِلهَ إلّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ) وأتوب إليه ثلاث

_________________________________________________

فيقيح ويرم ، والحبن محركة داء في البطن يعظم منه ويرم كذا في القاموس ، وأقول : لا يخفى ما فيه من التكلف والتصحيف.

باب من قال أستغفر الله الذي إلخ

الحديث الأول : مجهول.

« في دبر صلاة الفريضة » الإضافة فيها من إضافة الموصوف إلى الصفة ، ومأوّل عند غيرهم بصلاة العبادة الفريضة ، فهي من إضافة الجزئي إلى الكلي ، مثل بنو هاشم نجباء قريش ، لأن الفريضة شاملة للزكاة ، والصوم ، والحجّ ، والجهاد ، والتاء للفريضة للنقل عن الوصفية إلى الاسمية مأخوذ من الفرض بمعنى القطع ، لاقتطاعها عن سائر العبادات بنوع تشديد وتأكيد كما قيل.

وقال في النهاية : في حديث الدّعاء « من قال عقيب الصّلاة وهو ثان رجله » أي عاطف رجله في التشهد قبل أن ينهض ، وفي حديث آخر ، من قال قبل أن يثني رجله ، هذا ضد الأوّل في اللّفظ ومثله في المعنى لأنّه أراد قبل أن يصرف رجله عن حالته الّتي هي عليها في التشهد ، انتهى وقال الطيبي : ويثني رجليه من صلاة المغربّ ، والصبح أي يعطفهما ويغيرهما عن هيئة التشهد.

وأقول : في بعض النسخ « ذا الجلال » بالنّصب وفي بعضها بالرّفع ، فعلى الأوّل

٢٢٠