مرآة العقول الجزء ١٢

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 594
المشاهدات: 44732
تحميل: 6429


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44732 / تحميل: 6429
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 12

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مرَّات - غفر الله عزَّ وجلَّ له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.

_________________________________________________

الظاهر نصب الحي والقيوم أيضاً فالكلّ أوصاف للجلالة ، وعلى الثاني : فالظاهر رفع الكلّ أمّا لكونها أوصافا للضمير على مذهب الكسائي إذ المشهور بين النحاة أن الضمير لا يوصف ، وأجاز الكسائي وصف ضمير الغائب في نحو قوله تعالى «لا إِلهَ إلّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » وقولك مررت به المسكين ، والجمهور يحملون مثله على البدلية إذ يجوز الإبدال من ضمير الغائب اتفاقاً ، ويحتمل نصب الأولين ورفع ذو على المدح ، كما أنّه في الأوّل يحتمل رفع الأولين ونصب ذا على المدح. قال البيضاوي : في قوله تعالى «ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ » ذو الاستغناء المطلق والفضل العام.

وقال الطبرسي (ره) : « ذُو الْجَلالِ » أي ذو العظمة والكبرياء ، واستحقاق الحمد والمدح بإحسانه الذي هو في أعلى مراتب الإحسّان ، وإنعامه الذي هو أصل كلّ إنعام ، « وَالْإِكْرامِ » يكرم أنبياءه وأولياءه بألطافه وإفضاله مع عظمته وجلاله ، وقيل : معناه أنّه أهل أن يعظم وينزه عمّا لا يليق بصفاته كما يقول الإنسان لغيره - أنا أكرمك عن كذا وأجلك عنه - كقوله « أَهْلُ التَّقْوى » أي أهل أن يتقى.

وقال الراغب : الجلالة عظم القدر والجلالة بغير الهاء التناهي في ذلك ، وخص بوصف الله تعالى فقيل : « ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ » ولم يستعمل في غيره والجليل العظيم القدر ووصفه تعالى بذلك أما لخلقه الأشياء العظيمة المستدلّ بها عليه ، أو لأنّه يجل عن الإحاطة به ، أو لأنّه يجل عن أن يدرك بالحواس ، وقال : الكرم إذا وصف الله تعالى به فهو اسم لإحسانه وإنعامه المتظاهر نحو - إن ربي غني كريم - والإكرام والتكريم أن يوصل إلى الإنسان إكرام أي نفع لا يلحقه فيه غضاضة ، أو جعل ما يوصل إليه شريفا كريما وقوله : ذو الجلال والإكرام منطو على المعنيين ، انتهى وقيل : الجلال إشارة إلى الصفات السلبية والإكرام

٢٢١

(باب)

(القول عند الإصباح والإمساء)

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عليّ بن أسباط ، عن غالب بن عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : «وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ » قال : هو الدُّعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وهي ساعة إجابة.

_________________________________________________

إلى الصّفات الكماليّة الذاتية الوجوديّة.

باب القول عند الإصباح والإمساء

الحديث الأول : مجهول.

والآية في سورة الرعد هكذا( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ) (١) وقال الطبرسي (قدس‌سره ) : « مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » يعني الملائكة وسائر المكلفين « طَوْعاً وَكَرْهاً » اختلف في معناه علي قولين :

أحدهما : أن معناه أنّه يجبّ السجود لله تعالى إلّا أن المؤمن يسجد له طوعا ، والكافر يسجد له كرها بالسيف ، عن الحسن ، وقتادة ، وابن زيد.

والثاني : أن المعنى لله يخضع من في السماوات والأرض إلّا أن المؤمن يخضع له طوعا ، والكافر يسجد له كرها لأنّه لا يمكنه أن يمتنع عن الخضوع لله تعالى لـمّا يحل به من الآلام والأسقام عن الجبائي « وَظِلالُهُمْ » أي ويسجد ظلالهم لله « بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ » أي العشيات ، قيل : المراد بالظل الشخص فإن من يسجد يسجد معه ظله ، قال الحسن : يسجد ظل الكافر ولا يسجد الكافر ، ومعناه عند أهل التحقيق : أنّه يسجد شخصه دون قلبه ، لأنّه لا يريد بسجوده عبادة من حيث أنّه يسجد للخوف ، وقيل : إن الظلال على ظاهرها والمعنى في سجودها تمايلها من جانب إلى جانب ، وانقيادها للتسخير بالطول والقصر.

____________________

(١) الرعد : ١٥.

٢٢٢

_________________________________________________

وقال النيسابوري : إن كان السجود بمعنى وضع الجبهة فذلك ظاهر في المؤمنين لأنهم يسجدون له طوعا أي بسهولة ونشاط ، وكرها أي على تعب واصطبار ومجاهدة ، وأمّا في حق الكافرين فمشكلّ وتوجيهه أن يقال : المراد حق له أن يسجد لأجله جميع المكلفين من الملائكة والثقلين فعبّر عن الوجوب بالوقوع وإن كان بمعنى الانقياد ، والخضوع ، والاعتراف بالإلهيّة ، وترك الامتناع عن نفوذ مشية فيهم فلا إشكال نظيره قوله : « وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » وأمّا قوله « وَظِلالُهُمْ » فقد قال جمع من المفسرين كمجاهد ، والزجاج ، وابن الأنباري لا بعد في أن يخلق الله للظلال أفهاما تسجد بها الله وتخضع له كما جعل للجبال أفهاما حتّى اشتغلت بتسبيحة ، وظل المؤمن يسجد لله طوعا ، وهو طائع وظل الكافر يسجد لغير الله كرها ويسجد لله طوعا ، وقال آخرون : المراد بسجود الظلال تقلصها وامتدادها حسب ارتفاع الشمس وانحطاطها ، فهي منقادة مستسلمة لـمّا أتاح الله لها في الأحوال ، وتخصيص الغدو والآصال بالذكر لغاية ظهورها وازديادها في الوقتين ، وقال : في التأويل ولله يسجد من في السماوات والأرض والملائكة بين أرواح الأنبياء والأولياء ، والصلحاء طوعا ، ومن أرواح الكافرين والمنافقين والشياطين كرها بالدليل والتسخير تحت الأحكام والتقدير ، وظلالهم أي نفوسهم ، فإن النفوس ظلال الأرواح وليس السجود من شأنها لأنها أمارة بالسوء إلّا ما رحم الربّ فإنها تسجد بتبعية الأرواح ( معنى آخر ) ولله يسجد من في سماوات القلوب من صفات القلوب والأرواح والعقول طوعا ، ومن في أرض النفس من صفات النفس والقوي الحيوانية والسبعية والشيطانية كرها ، وظلالهم وهي آثارها ونتائجها. ( آخر ) ولله يسجد الأرواح في الحقيقة وظلالهم وهي أجسادهم بالتبعية وهذا السجود بمعنى وضع الجبهة وخص الوقتان بالذكر لأن آثار القدرة فيهما أكثر ، وإن أريد الانقياد والتسخير احتمل أن يراد بالوقتين وقت الانتباه والنوم ،

٢٢٣

_________________________________________________

ففي الأوّل يطلع شمس الرّوح من أفق الجسد ، وفي الثاني تغربّ فيه ، انتهى.

وقال الراغب : السجود أصله التطأمن والتذلل ، وجعل ذلك عبارة عن التذلل لله وعبادته وهو عام في الإنسان والحيوانات والجمادات وذلك ضربان ، سجود باختيار وليس ذلك إلّا للإنسان وبه يستحقّ الثواب ، نحو قوله «فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا » أي تذللوا له ، وسجود بتسخير وهو للإنسان والحيوان والنبات وعلى ذلك قوله تعالى «وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ » وقوله تعالى «يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ » فهذا سجود تسخير ، وهو الدلالة الصامتة الناطقة المنبهة على كونها مخلوقة ، وأنها خلق فاعل حكيم ، وقوله تعالى «وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ » ينطوي على النوعين من السجود التسخير والاختيار ، وقوله تعالى «وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ » فذلك على سبيل التسخير وقال في الظل قوله تعالى «أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا » إلخ أي إنشاؤه ، يدلّ على وحدانية الله تعالى وينبئ عن حكمته ، وقوله عزَّ وجلَّ «وَلِلَّهِ يَسْجُدُ إلخ » قال الحسن أما ظلك فيسجد الله ، وأمّا أنت فتكفر به ، انتهى.

وأقول : يحتمل أن يكون المراد بالظلال عالم المثال ، أو عالم الأرواح سواء قيل بتجردها أم كونها أجساما لطيفة ، كما روي عن الصادقعليه‌السلام أن الله آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأجساد بألفي عام فلو قام قائمنا أهل البيت ورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة ولم يورث الأخ في الولادة ، وروي أيضاً أن الله خلق الخلق فخلق من أحبَّ ، وكان ما أحبَّ أن خلقه من طينة من النّار ثمَّ بعثهم في الظلال ، فقلت : وأي شيء الظلال ، فقال : ألم تر إلى فلك في الشمس شيء وليس بشيء ، ومثله في الأخبار كثير وقد مرّ شرحها فالمراد بالظلال أرواحهم أو أجسادهم المثالية ، أو أمثلتهم على القول بعالم المثال ، فكلـمّا يصدر عن أجسادهم من السجود

٢٢٤

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن إبليس عليه لعائن الله يبث جنود الّليل من حيث

_________________________________________________

وغيرها يصدر عن أمثلتهم فهي تابعة للأجساد في كلّ ما يصدر عن العباد.

ولنرجع إلى شرح هذا الخبر فنقول : كأنّهعليه‌السلام فسر السجود بالخضوع والتذلل والانقياد والدّعاء ، أعم من أن يكون بالمقال أو بلسان الحال ، فإنها كلّها خاضعة له منقادة لمشيته وإرادته ، لا تقدر على الامتناع ممّا أراد منها ، وتسأله سبحانه عمّا تستعد له بلسان إمكانها وافتقارها فتستجاب لها كما قال سبحانه( يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كلّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) (١) وقال تعالى( وَآتاكُمْ مِنْ كلّ ما سَأَلْتُمُوهُ ) (٢) قيل أي بلسان استعداداتكم وقابلياتكم ، والمؤمنون يسألونه بلسان المقال أيضاً ، وضمير هي راجع إلى كلّ واحد ، والتأنيث باعتبار الخبر ، وكونهما ساعتا إجابة ، لأنّه يقدّر ما يقع في كلّ من اليوم والّليل في مفتتحهما « والغدو » بضمتين جمع الغدوة وهي البكرة ، أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس « والآصال » جميع الأصيل وهو ما بين صلاة العصر إلى الغروب.

الحديث الثاني : ضعيف.

« واللعائن » جمع لعان بالكسر كشمائل جمع شمال ، وفي القاموس : لعنه كمنعه طرده وأبعده ، فهو لعين وملعون ، والاسم اللعان « يبث جنود الّليل » كان فيه حذفا ، أي وجنود النهار بقرينة السياق ، وفي بعض النسخ « جنوده » وهو أظهر ، ويؤيّده ما رواه في الفقيه ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : إن إبليس إنما يبث جنود الّليل ، من حين تغيب الشمس إلى مغيب الشفق ، ويبث جنود النهار ، من حين يطلع الفجر إلى مطلع الشمس ، وذكر أن نبي الله كان يقول : أكثروا ذكر الله إلى آخر الخبر.

____________________

(١) الرحمن : ٢٩.

(٢) إبراهيم : ٣٤.

٢٢٥

تغيب الشمس وتطلع فأكثروا ذكر الله عزَّ وجلَّ في هاتين الساعتين وتعوذوا بالله من

_________________________________________________

وأقول : يمكن إضافة الوقتين إلى الّليل لمجاورة أحدهما لابتداء الّليل ، والآخر لانتهائه فإنّهما ساعتاً غفلة، أي يغفل الناس فيهما عن ذكر الله ، ولا يبعد أن يكون إشارة إلى قوله تعالى «وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تضرّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ » وفي القاموس : غفل عنه غفولاً تركه وسها عنه كأغفله أو غفل صار غافلا وغفل عنه وأغفله أوصل غفلته إليه ، والاسم الغفلة والغفل محركة.

فايدة

اعلم أن الآيات المتكاثرة والأخبار المتواترة تدلّ على فضل الدّعاء والذكر ولا سيما التهليل في هذين الوقتين ، وكثير منها ظاهرها الوجوب ، وإن لم يقل به صريحاً أحد ، وفيه علل كثيرة.

الأولى : شكر النعم الّتي مضت على الإنسان في اليوم الماضي ، أو الليلة الماضية من الصحة والعافية والأمن من البلايا والتوفيق للطاعة وغير ذلك.

الثانية : أنّه يستقبل يوما أو ليلة يمكن نزول البلايا والطوارق فيه ، ويمكن أن يحصل له فيه صنوف الخيرات ، والطاعات والصحة والسلأمّة ، وأنواع الفوائد الدنيويّة والأخرويّة ، وأضدادها من الذنوب والخطيئات والبلايا والآفات ، وهاذان الوقتان من أوقات التقديرات كما دلت عليه الروايات ، فلا بد له من تمهيد ما يستجلب له الخيرات ويدفع عنه الآفات.

الثالثة : أن في هاذين الوقتين الفراغ للعبادة والذكر والدّعاء أكثر من سائر الأوقات ففي الصباح لم يشتغل بأعمال اليوم وفي السّماء قد فرغ منها ، ولم يشتغل بعد بأعمال الليل.

الرابعة أن فيهما تظهر قدرة الله الجليلة من إذهاب الّليل والإتيان بالنهار ، وبالعكس ، مع ما فيهما من المنافع العظيمة والفوائد الجسمية الدالة على كمال

٢٢٦

شرّ إبليس وجنوده وعوذَّوا صغاركم في تلك الساعتين فإنهما ساعتا غفلة.

_________________________________________________

حكمته ولطفه لعباده فيستحقّ بذلك ثناء طريفا وشكراً جديدا.

الخامسة : أنّه يظهر في الوقتين ظهورا بينا أن جميع الممكنات في معرض التغيّر والتبدل والفناء ، وأنها مسخرة لإرادة ربّ الأرض والسّماء ، وهو سبحانه باق على حال لا يعتريه الزوال ولا يخاف عليه الأهوال ولا تتبدل عليه الأحوال كما قال الخليلعليه‌السلام ( لا أحبَّ الْآفِلِينَ ) (١) فيتنبه العارف المترقي إلى درجة اليقين أنّه سبحانه المستحق للتسبيح ، والتهليل ، والتحميد ، والتمجيد ، والثناء العتيد.

السادسة : أن في هاتين الساعتين تنادي جميع المخلوقات في الأرضين والسماوات ، أنها مخلوقة مربوبة ، مفتقرة إلى صانع حكيم ، منزه عن صفات الحدوث والإمكان وسمات العجز والنقصان كما قال سبحانه( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلّا يسبّح بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) (٢) بسمع اليقين ينبغي أن يوافقهم في ذلك ، بل ينادي روحه ونفسه وجسده وأعضاؤه بشراشرها بلسان الحال ، فيجبّ أن يوافقها بالمقال في جميع الأحوال ، لا سيما في هاتين الحالتين اللتين ظهور ذلك فيهما أكثر من سائر الأحوال وهذه قريبة من السّابقة.

السابعة : أنّه ينبغي للإنسان أن يحاسب نفسه كلّ يوم بل كلّ ساعة قبل أن يحاسب في القيامة كما ورد عنهمعليهم‌السلام « حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا » لا سيما في هذين الوقتين اللذين هما وقتا صعود ملائكة الّليل والنهار ، فعند المساء ينبغي أن ينظر ويتفكر فيما عمل به في اليوم وساعاته ، وما قصر فيه من عبادة ربّه وطاعاته ، وما أتى به من سيئاته فيستغفر ربّه ويحمده ويمجده استدراكاً لـمّا فات منه من الحسنات ، واستمحإلّا فتيلا في ذلك بالذكر

____________________

(١) الأنعام : ٧٦.

(٢) الإسراء : ٤٤.

٢٢٧

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن عطية ، عن رزين صاحب الأنماط ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال من قال اللّهمّ إني أشهدك وأشهد ملائكتك المقرّبين وحملة عرشكّ المصطفين أنك أنت الله لا إله إلّا أنت الرحمن الرحيم وأن محمدا عبدك ورسولك وأن فلان بن فلان إمامي ووليي وأن أباه - رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليا والحسن والحسين وفلانا و

_________________________________________________

والدّعاء والاستغفار ، ويتوب إلى ربّه المطلع على الخفايا والأسرار ، والنكات في ذلك كثيرة لا يمكن إحصاؤها وبما نبهنا عليه يمكن أن يتفطن العارف الخبير ببعض ما تركنا والله الموفق.

الحديث الثالث : مجهول ، وفي المحاسن ، عن أبي يوسف ، عن ابن أبي عمير ، عن الأنماطي ، عن كليمة صاحب الكلل عنهعليه‌السلام وبينهما اختلاف ، وعلى ما رواه الكليني ، لا إشعار فيه بالقراءة عند الصباح بل فيه إيماء باختصاصه بالمساء ، وفي المحاسن هكذا قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : من قال هذا القول إذا أصبح فمات في ذلك اليوم دخل الجنّة ، فإن قال إذا أمسى فمات من ليلته دخل الجنّة اللّهمّ - إلى قوله - ورسولك وفلان ، وفلان حتّى ينتهي إليه - إلى قوله - وأبرأ من فلان وفلان وفلان وفلان أربعة ، فإن مات في يومه أو ليلته دخل الجنّة. « الرحمن » بالرّفع خبر ثان ، لأن أو خبر مبتدإ محذوف أي أنت الرحمن ، وكذا « الرحيم » يحتمل الوجهين.

« وإن فلان بن فلان » أي يسمّي إمام العصر ، أو القائمعليه‌السلام والأوّل أظهر ، وعلى التقديرين ضمير إليه عائد إليه ، والتخصيص على الأوّل ، لأن إمام العصر أخص بالداعي وأحق بالذكر ، وعلى الثاني لأن الإيمان به مستلزم للإيمان بالجميع ، وأنّه المنتظر لشفاء غيظ صدورهم والغلبة لأعدائهم ، وأنّه لا يستخفي بشيء من الحق مخافة أحد من الخلق والذكر أخيرا أيضاً للتأكيد إن كان ذكره في الأخير أيضاً مقصودا كما هو الظاهر « إمامي » أي يجبّ على الاقتداء به في جميع الأمور

٢٢٨

فلانا حتّى ينتهي إليه أئمتي وأوليائي على ذلك أحيا وعليه أموت وعليه أبعث يوم القيامة وأبرأ من فلان وفلان وفلان فإن مات في ليلته دخل الجنّة.

٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحجال وبكر بن محمّد ، عن أبي إسحاق الشعيري ، عن يزيد بن كلثمة ، عن أبي عبد الله أو ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : تقول إذا أصبحت - أصبحت بالله مؤمنا على دين محمّد وسنته ودين علي وسنته ودين

_________________________________________________

« ووليي » أي أولى بي وبالتصرف في ، من نفسي ومن كلّ أحد « وإن أباه » فيما عندنا من النسخ بصيغة المفرد فقوله : « رسول الله » عطف بيان له و « عليّاً » عطف على أباه ويحتمل أن يكون « آباءه » بصيغة الجمع فقوله علياً عطف على رسول الله ، وعلى الأوّل تخصيص الأبوة بالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنّه الذي نفاه المخالفون « على ذلك أحيى » إلخ قيل هذا القول أما بالنظر إلى رسوخ اعتقاده والاعتماد عليه ، أو للطلب من الله أن يجعله كذلك « وفلان » في الثاني في أكثر نسخ الكتاب ثلاثة وفي بعضها أربعة ، كالمحاسن فالرابع معاوية عليهم اللعنة ، وقيل : فلان في غير الأوّل غير منون لأنها كناية عن غيرالمنصرف « دخل الجنّة » ظاهره أنّه يدخلها بلا عقوبة ، وقد يقال : إن المذكور أصل الإيمان وهو بدون الأعمال لا يوجب دخول الجنّة ابتداء لأن المعاصي في المشية فلا بد من حمل الدخول على الدخول في الجملة ، وإن كان بعد الجزاء ، ولا يخفى بعده إذ لا فائدة حينئذ لهذا العمل.

الحديث الرابع : كالسابق.

« وأصبحت » من الأفعال التأمّة و « مؤمناً » حال عن ضمير أصبحت « وبالله » متعلّق به والتقديم للحصر أي لا أشرك بعد غيره في الإلهيّة « آمنت بسرهم وعلانيتهم » أي من دعى منهم الإمامة ظاهراً ، كأمير المؤمنين ، والحسن صلوات الله عليهما ، ومن اتقى ولم يدع ظاهراً كسائر الأئمةعليهم‌السلام أو المراد بالسر ، العقائد وبالعلانية الأقوال والأعمال ، أو المراد بالسر ما اختص بهمعليهم‌السلام من الجميع ، وبالعلانية ما اشترك بينهم وبين سائر المسلمين ، أو المراد بالسر ما يتقون فيه من المخالفين

٢٢٩

الأوصياء وسنتهم آمنت بسرهم وعلانيتهم وشاهدهم وغائبهم وأعوذ بالله ممّا استعاذ منه - رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليعليه‌السلام والأوصياء وأرغب إلى الله فيما رغبوا إليه ولا حول ولا قوة إلّا بالله.

٥ - عنه ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيّوب إبراهيم بن عثمان الخزّاز ، عن محمّد بن مسلم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن علي بن الحسين صلوات الله عليهما كان إذا أصبح قال : « أبتدئ يومي هذا بين يدي نسياني وعجلتي بسم الله وما شاء الله فإذا فعل ذلك العبد أجزأه ممّا نسي في يومه ».

_________________________________________________

وبالعلانية ما لا يتقون فيه ، وهذا قريب من السّابق ، أو بحكم التقية وحكم الواقع ، أو المراد بالسر ما لا يصل إليه عقول سائر الخلق من المعارف الربانية وبعض درجاتهم وحالاتهم وبالعلانية ما سوى ذلك ، وهذا أظهر الوجوه ، وشاهدهم غير القائمعليه‌السلام وغائبهم هوعليه‌السلام ، وقيل : الشاهد الموجود ، والغائب الماضي إلى جوار الله ، ولا يخفى بعده ، وفي القاموس : رغب فيه كسمع زغبا ويضم ورغبة أراده ، وعنه لم يرده وإليه رغباً محركة ورغبة بالضم ويحرك ابتهل أو هو الضراعة والمسألة « فيما رغبوا إليه » العائد محذوف أي إليه فيه.

الحديث الخامس : صحيح.

« أبتدئ يومي هذا » أي أفتتح يومي أو أبتدئ في يومي هذا باسم الله أو بقول بسم الله ، وما شاء الله عطف على اسم الله أو بسم الله ، وقيل : على أبتدئ ، وحاصل الكلام يحتمل وجوهاً :

الأوّل : أن يكون المعنى ، أبتدئ قبل كلّ عمل قبل أن أنسى الله سبحانه وأعجل عن ذكره إلى غيره ، وقوله : « فإذا فعل ذلك » من كلام الصادقعليه‌السلام « أجزأه ممّا نسي من ذكر الله » في هذا اليوم ، لأنّه افتتح يومه بذكره تعالى.

الثاني : أنّه لـمّا وجب أن يكون العبد جميع أفعاله مقرونة بالتسمية والتمشية ،

٢٣٠

٦ - عنه ، عن أحمد بن محمّد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن ابن أبي عمير ، عن عمرّ بن شهاب وسليم الفراء ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قال هذا

_________________________________________________

ويعرف أنّه لا يتمّ له فعل ، ولا يصدر منه أمرّ إلّا بالاستعانة به سبحانه وبأسمائه العظام ، ولا يكون شيء إلّا بمشيته سبحانه كما مرّ تحقيقه في الأصول ، وقد يغفل الإنسان عن ذلك أما للنظر إلى الأسباب الظاهرة ، والغفلة عن مسبب الأسباب ، وقد ينسى التسمية لا بد من ذكرها وتذكرها ، ويترك قول ما شاء الله عند رؤية نعم الله ، وتذكّر أنها من قبل الله وتركهما إما لغفلة ، أو لتعجيله في أمرّ فيذكر في أوّل يومه هذين القولين ، ويتذكر هاتين العقيدتين ، ليكون كلّ أفعاله وأقواله مقرونة بهما ، وإن تحققت الفاصلة بينهما ، وقوله : « أجزأه » أي كفاه ، وقام مقام المنسي ، وفي النهاية أجزأني الشيء أن كفاني فضمير المفعول ، راجع إلى العبد ، وضمير الفاعل إلى فعل ذلك وهذا أظهر الوجوه ، وله مؤيدات من سائر الأدعية.

الثالث : أن يكون المعنى أقول بسم الله وما شاء الله قبل أن يقع مني نسيان وعجلة ، لئلا يقعا مني ، وآخر الخبر يأبى عنه.

الرابع : ما قيل أن المعنى أبتدئ وأقدم بين يدي نسياني عن الخيرات وسرعتي فيها هاتين الكلمتين الشريفتين ، وفي الأوّل توسل بالذات الواجب وجوده لذاته المستجمع لجميع كمالاته وصفاته ، وفي الثانية تفويض للأمرّ إليه وإذعان بأنّه لا يقع في ملكه شيء إلّا بمشيته إلّا أن مشيته في فعل العباد غير حتمية وتعلقها بالطاعة بالذات وبالمعصية بالعرض لأنّه أراد انطباق علمه بالمعلوم وهي تستلزم إرادة المعلوم بالعرش فمشيئته المتعلقة بالطاعة بالذات من وجه وبالعرض من وجه آخر ومشيته المتعلقة بالمعصية بالعرض فقط ومنه يظهر سر ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، انتهى ، وأقول : هو في غاية العبد لفظاً ومعنى.

الحديث السادس : مرسل.

وكونه محفوفا بجناح جبرئيل كناية عن كونه محفوظاً من جميع

٢٣١

حين يمسي حف بجناح من أجنحة - جبرئيلعليه‌السلام حتّى يصبح أستودع الله العلي الأعلى الجليل العظيم نفسي ومن يعنيني أمره أستودع الله نفسي المرهوب المخوف المتضعضع لعظمته كلّ شيء ثلاث مرات.

٧ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد وأبو علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن الحجال ، عن علي بن عقبة وغالب بن عثمان عمّن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

_________________________________________________

الآفات ، وفي المصباح : استودعته مإلّا دفعته له وديعة ليحفظه ، وفي النهاية : العلي الذي ليس فوقه شيء في الرتبة ، والحكم فعيل بمعنى مفعول من علا يعلو ، انتهى ، والأعلى تأكيد ومبالغة في علوه ، وأنّه أعلى من أن يدرك علوه ، أو يدانيه أحد في علوه ، وفي النهاية : الجليل هو الموصوف بنعوت الجلال والحاوي جميعها هو الجليل المطلق ، وهو راجع إلى كمال الصفات ، كما أن الكبير راجع إلى كمال الذات ، والعظيم راجع إلى كمال الذات والصفات ، وقال فيه أتاه جبرئيل فقال بسم الله أرقيك من كلّ داء يعنيك أي يقصدك يقال عنيت فلانا عنيا إذا قصدته ، وقيل معناه من كلّ داء يشغلك يقال : هذا أمرّ لا يعنيني أي لا يشغلني ويهمني ، ومنه الحديث « من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه » أي ما لا يهمه ويقال : عنيت أعني بها فأنالها معنى ، وعنيت به فأنا عان ، والأوّل أكثر أي اهتممت بها واشتغلت.

« أستودع الله نفسي » كذا في النسخ ، والظّاهر تأخير نفسي عن كلّ شيء مع قوله ومن يعنيني أمره كما في سائر الروايات ، وعلى تقدير صحته فالمرهوب صفة للجلالة ، والفرق بينه وبين المخوف أن الرّهبة ملاحظة العظمة من حيث هي ، والخوف بملاحظتها مع ملاحظة التقصير كذا قيل ، وقال الراغب : الرّهبة ، والرهب ، والرهب مخافة مع تحرز واضطراب ، وفي القاموس تضعضع خضع وذل وافتقر.

الحديث السابع : كالسّابق ، والمراد بالصلوات صلاة المغربّ ، والجمع

٢٣٢

قال إذا أمسيت قل - اللّهمّ إني أسألك عند إقبال ليلك وإدبار نهارك وحضور صلواتك وأصوات دعائك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وادع بما أحببت.

_________________________________________________

باعتبار تعدد المكلفين كما قيل ، أو مع نوافلها أو مع صلاة العشاء ونوافلها أيضاً ، والدعاة جمع الداعي والمراد بها المؤذنون فإنهم يدعون الناس إلى الصّلاة ، أو طالبوا الحاجات منه تعالى.

الحديث الثامن : ضعيف.

« إلّا قال له » أي اليوم بلسان الحال أو الملك الموكلّ به بلسان المقال ، وقيل : يبقى للأقوال والأفعال والأعمال آثار في بدن الإنسان تظهر في القيامة فهي شهادتها ، نسبت إلى اليوم مجازا فهو يخوف الإنسان بلسان الحال من ذلك ، وقد يقال : إن للجمادات وسائر الموجودات أرواحا وشعورا وتسبيحا ، كما قال تعالى( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلّا يسبّح بِحَمْدِهِ ) (١) والإيمان الإجمالي بأمثال ذلك ، وعدم الخوض فيها أحوط وأولى « فإنك لن تراني بعدها » الضمير راجع إلى الأعمال والأقوال ، أو إلى الساعات والأزمنة ، وفي الفقيه بعد هذا أبداً ويمكن أن يكون المراد عدم الرؤية في دار التكليف ، فلا ينافي الشهادة يوم القيامة ، والغرض إني لا أرجع إليك في الدنيا حتّى يمكنك تدارك ما فات في ، واليوم الآخر الذي تدركه له حقوق عليك وأعمال تختص به فلا يمكن تدارك ذلك فيه أيضاً.

وقال الجوهري : الرحب بالضم السعة ، وقولهم مرحبا وأهلا أي أتيت سعة وأتيت أهلا. فاستأنس ولا تستوحش انتهى ، وقيل : منصوب بفعل محذوف ، والباء للسببية أي صادفنا سعة في الحال وسروراً بسبب مجيئك ، والكاتب الشهيد أي الشاهد علي أو الحاضر ، والخطاب في « اكتبا » للملكين ، وكون الخطاب لليوم ، والملك بعيد وعلى التقديرين المراد بالكاتب الجنس ، والأمرّ لكاتب السيئات بالتبع ، أو لمدخليته في كتابة الحسنات أيضاً « على اسم الله » أي مستعيناً بذكر

____________________

(١) الإسراء : ٤٤.

٢٣٣

٨ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما من يوم يأتي على ابن آدم إلّا قال له ذلك اليوم يا ابن آدم أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد فقل في خيراً واعمل في خيراً أشهد لك به يوم القيامة فإنك لن تراني بعدها أبداً قال وكان عليعليه‌السلام إذا أمسى يقول مرحبا بالّليل الجديد والكاتب الشهيد اكتبا على اسم الله ثمَّ يذكر الله عزَّ وجل.

٩ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن عبد الله بن بكير ، عن شهاب بن عبد ربّه قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إذا تغيرت الشمس فاذكر الله عزَّ وجلَّ وإن كنت مع قوم يشغلونك - فقم وادع.

١٠ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن شريف بن سابق ، عن الفضل بن أبي قرة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ثلاث تناسخها الأنبياء من

_________________________________________________

اسم الله ، أو بعون الله ، أو ابتداء بكتابة اسمه تعالى ، ثمَّ اكتبا أعمالي ويمكن أن يقرأ « علي » بتشديد الياء أي لي لكنه بعيد ، والضمير المستتر في يذكر عائد إلى عليعليه‌السلام .

الحديث التاسع : مجهول.

« إذا تغيرت الشمس » تطلق الشمس على جرمها وضوئها والخبر يحتملهما والمراد تغيّر لونها واصفرارها قريباً من غروبها « يشغلونك » من باب منع أو باب الأفعال ، وقيل الثانية قليلة أو ردية ، ويروي أنّه كتب رجل إلى الصاحب بن عباد : المأمول من الأمير إشغالي ببعض إشغاله فكتب الصاحب على عريضته من كتب إشغالي لا يصلح لإشغالي « فقم » أي إلى موضع لا يشغلك فيه أحد « وادع الله » وأذكره فإنّها ساعة الإجابة وقبول الدّعاء والعبادة.

الحديث العاشر : ضعيف.

وكان المراد بالتناسخ الانتساخ ونسخ بعضهم عن بعض ، ويحتمل أن يكون

٢٣٤

آدمعليه‌السلام حتّى وصلن إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا أصبح يقول : اللهمَّ إنّي أسألك إيماناً تباشرّ به قلبي ويقينا حتّى أعلم أنّه لا يصيبني إلّا ما كتبت لي ورضني بما قسمت لي.

_________________________________________________

من تناسخ الميراث أو التدأوّل في القاموس : نسخ الكتاب كمنع كتبه عن معارضة كانتسخه واستنسخه ، والمنقول منه النسخة بالضمّ ، والتناسخ والمناسخة في الميراث موت ورثة بعد ورثة ، وأصل الميراث قائم لم يقسم ، وتناسخ الأزمنة تداولها« كان إذا أصبح يقول » الضمائر الثلاثة راجعة إلى رسول الله ، أو إلى كلّ واحد من الأنبياء وكان الأوّل أظهر.

« تباشر به قلبي » المباشرة ملاقاة البشرة ، وفي القاموس. باشرّ الأمرّ وليه بنفسه ، والمرأة جامعها ، أو صار في ثوب واحد فباشرت بشرته بشرتها ، فهذه الفقرة تحتمل وجوهاً :

الأول : أن يكون المعنى تجده في قلبي ، ولا يكون إيماناً ظاهريا بمحض اللسان ، وهذا ما فهم أكثر مشايخنا ، ولعلّ وجه الدلالة أن من طلب شيئاً من موضع ووجده فيه أو في محل لا يكون غالباً إلّا بأن يدخل الموضع أو يباشرّ الشيء الذي قام ذلك الشيء به بكفه ، فعبّر عن كون الإيمان في القلب بمباشرة الله القلب بسببه ، أي إيماناً تباشرّ بسبب ذلك الإيمان وتفحصه والعلم به قلبي.

والثاني : أن يكون عبارة عن استقرار الإيمان وثباته وعدم كونه مستودعاً فالمراد إما مباشرته به ووجدانه فيه دائماً أو إشارة إلى أن الإيمان القلبي لا يزول والمستودع لا يكون قلبيّاً.

الثالث : أن يكون المعنى أسألك إيماناً كاملا تكون بسبب ذلك الإيمان مباشراً لقلبي مستقراً فيه ، أي يكون محلاً لمعرفتك وحبّك كما ورد في الخبر « قلب المؤمن عرش الرحمن ».

الرابع : أن يكون المعنى أسألك إيماناً ثابتاً تجده في قلبي يوم لقائك أي

٢٣٥

ورواه بعض أصحابنا وزاد فيه « حتّى لا أحبَّ تعجيل ما أخرّت ولا تأخير ما

_________________________________________________

عند الموت أو في القيامة ، وهذا ممّا أفاده الوالد العلامة ره.

الخامس : أن يكون المعنى أسألك إيماناً كاملاً تكون بسببه مالكاً لازمة نفسي مدبرا الأمور قلبي كما ورد « قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء » وخاطب سبحانه مقر بي جنابه بقوله( وَما تَشاؤُنَ إلّا أَنْ يَشاءَ اللهُ ) (١)

السادس : أن يكون المعنى أسألك إيماناً كاملاً يقينيا يباشرك قلبي ، ويراك على سبيل القلب كما ورد « أعبد الله كأنك تراه » وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام « لم أكن لأعبد ربا لم أره » وقال : « لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ».

السابع : ما قيل أي تلي بإثباته قلبي بنفسك يقال : باشرّ الأمرّ إذا وليه بنفسه.

الثامن : أن تكون الباء للتعدية ، أي تجعله مباشراً لقلبي مستقراً فيه ، وأكثر هذه الوجوه ممّا خطر بالبال والله أعلم بأسرار تلك الفقرة ، ومن قال ويحضرني وجوه دقيقة أخرى لا نطيل بإيرادها المقال.

« ويقيناً » أي بالقضاء والقدر ، وقد مرّ في باب اليقين أنّه يطلق غالباً على الإيمان الكامل بذلك ، ولذا قال « حتّى أعلم أنّه لا يصيبني إلّا ما كتبت لي » وهو إشارة إلى قوله تعالى : «قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إلّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكلّ الْمُؤْمِنُونَ » وقيل : حتّى أعلم أي حتّى أعمل بمقتضى علمي وهو التوكلّ كما قال تعالى - بعد قوله قُلْ لَنْ يُصِيبَنا. « وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكلّ الْمُؤْمِنُونَ » وقد يطلق اليقين على مطلق الإيمان الكامل بجميع العقائد الإيمانية بحيث يظهر على الجوارح آثاره ، وقال المحقق الطّوسي ره - في أوصاف الأشراف - اليقين هو العلم بالحق مع العلم بأنّه لا يكون غيره فهو مركب من علمين.

« إلّا ما كتبت لي » أي في اللّوح أو هو كناية عن القضاء والقدر ، وهو لا

____________________

(١) الإنسان : ٣٠.

٢٣٦

عجّلت يا حيُّ يا قيّوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً وصلّى الله على محمّد وآله

١١ – و [ روي ] ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام الحمد لله الذي أصبحنا والملك له وأصبحت

_________________________________________________

ينافي مدخلية العبد واختياره في بعضها ، أو هو في غير التكاليف وقد مرّ تحقيقه في أبواب العدل.

« ورضاً بما قسمت لي » هذه هي الكلمة الثالثة إشارة إلى قوله سبحانه( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إلّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ لِكيلاً تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ ) (١) قوله : وزاد فيه هذه الفقرات من تتمة الكلمة الثالثة ، ويمكن أن لا تكون في هذه الرواية لفظة ثلا ث « تعجيل ما أخرت » من متاع الدنيا وزهراتها « ولا تأخير ما عجّلت » أي من نوائب الأزمنة ومصيباتها ، ويمكن التعميم فيهما كما يقول بعض الجاهلين لو كان هذا المطر قبل ذلك أو بعد ذلك كان أنفع مثلاً ، وقيل في حذف المستغاث له دلالة على التعميم ، ويمكن تخصيصه بالشدائد الحاضرة وتخصّص « أصلح لي شأني كله » بالتقصيرات الماضية ، والشأن الخطب والأمرّ والحال ، وقد تخفف الهمزة وتخصيص قوله « ولا تكلني» بالأموال الآتية ، وقال الجوهري : وكلّ إليه الأمرّ وكلا ووكولا سلّمه وتركه وأقول : يحتمل أن يكون قوله : « يا حيُّ إلخ » مشتركاً بين الروايتين والاختصاص بالثّانية أظهر.

الحديث الحاديعشر : مرسل.

ويحتمل أن يكون عطفاً على السند السّابق فيكون مثله.

« أصبحنا والملك له » الإصباح الدّخول في الصّباح والواو للحال والملك بالضمّ العظمة والسلطة والتصرّف بالأمر والنهي في الجمهور والقدرة على إجراء ما أراد منهم ، والملك الحقيقي مخصوص به ، وملك من سواه بيده كما قال سبحانه

____________________

(١) الحديد : ٢٣.

٢٣٧

عبدك وابن عبدك وابن أمتك في قبضتك اللّهمّ ارزقني من فضلك رزقا من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب واحفظنّي من حيث أحتفظ ومن حيث لا أحتفظ اللّهمَّ ارزقني من فضلك ولا تجعل لي حاجة إلى أحد من خلقك ، اللّهمَّ ألبسني العافية

_________________________________________________

( قُلِ اللّهمّ مالِكَ الْمُلْكِ ) (١) الآية ، وقيل المحمود عليه الإصباح المقيد أو القيد ، والأوّل نعمة لنا ، والثاني وهو كون الملك له تعالى صفة له ، وبكلّ واحدة منهما يستحقّ الحمد « وأصبحت » في الأوّل عمم نعمة الإصباح وفي الثاني خصه بنفسه وقوله عبدك حال وكذا ما عطف عليه وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب ، إشارة إلى أنّه بالحمد الأوّل صار مستحقاً للحضور والمخاطبة كما قبل في سورة الحمد ، وربمّا يقرأ عبدك بالضمّ ليكون مبتدأ ، وقوله « في قبضتك » خبره ، والجملة حالا وهو بعيد ، وكونه في قبضته سبحانه كناية عن اقتداره واستيلائه وتسلطه عليه فإن ما كان في كف أحد يقدّر على التصرّف فيه كيف شاء ، ومنه قوله تعالى( وَالْأَرْضُ جميعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة ) (٢) قال البيضاوي : تنبيه على عظمته وحقارة الأفعال العظام الّتي تتحير فيها الأفهام بالإضافة إلى قدرته تعالى ، ودلالة على أن تخريب العالم أهون شيء عليه على طريقة التخييل والتمثيل من غير اعتبار اليمين حقيقة ولا مجازاً كقولهم ( شابت لمة الّليل ) وقال الجوهري : قبضت الشيء قبضا أخذته ويقال صار الشيء في قبضك وفي قبضتك أي في ملكك والقبضة بالضمّ ما قبضت عليه من شيء.

« من حيث أحتسب » أي أظن « ومن حيث لا أحتسب » أي لا أظن أو من حيث أعده من جهات حصول رزقي ومن حيث لا أعد وقال تعالى( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) (٣) قيل أي لا يظنّ من حسبت ، أو

____________________

(١) آل عمران : ٢٦.

(٢) الزمر : ٦٧.

(٣) الطلاق : ٣.

٢٣٨

وارزقني عليها الشكر يا واحد يا أحد يا صمد يا الله الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كفواً أحد يا الله يا رحمان يا رحيم يا مالك الملك وربَّ الأرباب وسيّد السادات

_________________________________________________

لم يكن في حسابه من حسب ، وقوله تعالى( يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ ) (١) أي يظنهم وفي الحديث ( أبي الله إلّا أن يرزق المؤمنين من حيث لا يحتسبون ) « من حيث احتفظ » الاحتفاظ هنا بمعنى التحفظ والتحرّز والتيقظ ، وإن لم أره في كتب الّلغة بهذا المعنى ، أي من حيث أعلم ضرره وأتحرز منه ، ومن حيث لا أعلم ولا أتحرز.

« وسيّد السّادات » أي مالك الملاك ، وقال في النهاية : السيّد يطلق على الربّ ، والمالك ، والشريف ، والفاضل ، والكريم ، والحليم ، والمتحمل أذى قومه ، والزوج ، والمقدم ، وأصله من ساد يسود فهو سيود فقلبت الواو ياء لأجل الياء الساكنة قبلها ثمَّ أدغمت ، وقال فيه : أنّه جاء رجل فقال أنت سيّد قريش فقال : السيّد الله ، أي هو الذي يحق له السيادة ، كأنّه كره أن يحمد في وجهه وأحبَّ التواضع ، وفيه أنّه قال للحسن بن علي إن ابني هذا سيّد فقيل أراد به الحكيم لأنّه قال في تمامه وإن الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.

وقال الراغب : السيّد المتولي للسواد أي الجماعة الكثيرة ، وينسب ذلك فيقال سيّد القوم ، ولا يقال سيّد الثوب ، وسيّد الفرس ، يقال ساد القوم يسودهم ، ولـمّا كان من شرط المتولي للجماعة أن يكون مهذب النفس ، قيل لكلّ من كان فاضلاً في نفسه سيّد ، وعلى ذلك قوله تعالى( وَسَيِّداً وَحَصُوراً ) (٢) وقوله( وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ ) (٣) فسمّي الزوج سيداً لسياسة زوجته ، وقوله عزَّ وجلَّ( إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا ) (٤) أي ولاتنا وسائسينا.

____________________

(١) البقرة : ٢٧٣.

(٢) آل عمران : ٣٩.

(٣) يوسف : ٢٥.

(٤) الأحزاب : ٦٧.

٢٣٩

ويا الله [ يا ] لا إله إلّا أنت اشفني بشفائك من كلّ داء وسقم فإنّي عبدك وابن عبدك أتقلّب في قبضتك»

_________________________________________________

« يا لا إله إلّا أنت» الموصول مقدّر أي يا من لا إله إلّا أنت « بشفائك » أي بلا توسط أحد من المخلوقين أو بالشفاء الكامل فإن ما ينسب إلى الكامل يكون كاملاً ، وقد يقال « من كلَّ داء وسقم » متعلّق بشفائك لا بقوله اشفني ، ويمكن أن يكون المراد بالداء الأمراض الرَّوحانية ، وبالسقم العلل الجسمانية « أتقلب في قبضتك» أي أتحوَّل وأتصرف من حال إلى حال من الشباب والمشيب ، والصحة والسقم ، وسائر الأحوال المختلفة في قبضتك ، وقدرتك واختيارك ، أو أتصرف في الأمور في قبضتك ، إشارة إلى الأمرّ بين الأمرين أي وإن كنت أتصرف في الأمور ، لكن لم أخرج من قدرتك وقبضتك واختيارك ولم يصدر عني أمرّ إلّا بمشيتك وقضائك وقدرك ، وهذا معنى لطيف جليل خطر بالبال ، قال في القاموس : قلبه يقلبه حوله عن وجهه ، كأقلبه وقلبه ، والشيء حوله ظهراً لبطن كقلبه ، وتقلب في الأمور تصرف كيف شاء انتهى ، وقال تعالى( أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ ) (١) أي متقلبين في متاجرهم وأسفارهم وقال « تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ » أي تصرفهم فيها للتجارة ، أي فلا يغرنك تقلبهم وخروجهم من بلد إلى بلد فإن الله تعالى محيط بهم ، وقال( وَتَقَلُّبَكَ فِي السّاجدين ) (٢) أي المصلين ، وتقلبه فيهم تصرفه فيما بينهم بقيامه وركوعه وسجوده وقعوده إذا أمهم ، وقال « تقلب فيه القلوب والأبصار »(٣) أي تضطربّ من الهول والفزع وتشخص أو ينقلب أحوالها فتفقه القلوب وتبصر الأبصار بعد إن كانت لا تفقه ولا تبصر ، وقال( قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السّماء ) (٤) أي تردَّد وجهك وتصرَّف نظرك تطلّعا للوحي.

____________________

(١) النحل : ٤٦.

(٢) الشعراء : ٢١٩.

(٣) النور : ٣٧.

(٤) البقرة : ١٤٤.

٢٤٠