مرآة العقول الجزء ١٢

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 594
المشاهدات: 44744
تحميل: 6429


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44744 / تحميل: 6429
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 12

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٨ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد قال قال أبو الحسن موسىعليه‌السلام عليكم بالدّعاء فإن الدّعاء لله والطلب إلى الله يرد البلاء وقد قدر وقضي ولم يبق إلا إمضاؤه - فإذا دعي الله عزَّ وجلَّ وسئل صرف البلاء صرفة.

٩ - الحسين بن محمّد رفعه ، عن إسحاق بن عمّار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن الله عزَّ وجلَّ ليدفع بالدّعاء الأمر الّذي علمه أن يدعى له فيستجيب ولو لا ما

_________________________________________________

الحديث الثامن : صحيح.

والإمضاء مقارن للحصول فلا يمكن دفعه.

الحديث التاسع : مرفوع « أن يدعى له » على بناء المجهول ، وأن إما مصدرية وهو بدل اشتمال لضمير علمه ، وقوله فيستجيب عطف على ليدفع أي فيستجيب الدّعاء الآتي في هذا الوقت ، أو مخففة عن المثقلة واسمه ضمير الشأن المحذوف ويدعى خبره ، والضمير المستتر نائب الفاعل ، وراجع إلى الله ، وضمير له راجع إلى الأمر ، وأن يدعى له منصوب محلاً بدل اشتمال لضمير علمه ، وقوله : فيستجيب مرفوع ومعطوف على يدعى.

وحاصله أنّه سبحانه يدفع البلاء الذي استحق العبد نزوله إذا علم أن العبد يدعو الله لكشفه بعد ذلك ، فلا ينزله لـمّا سيقع منه من الدّعاء فيؤثر الدّعاء قبل وقوعه في دفع البلاء ، وقيل : لعل الغرض في توجيه ذلك الأمر وهو البلاء إلى العبد مع علمه بأنه يدفعه بالدّعاء هو تحريك العبد إليه في جميع الأوقات ، فإنّه يجوز في كلّ وقت أن يكون البلاء متوجها إليه ويبعثه على الدّعاء ، انتهى.

ولا يخفى أنّه على ما قررنا لا حاجة إلى هذا التكلف.

« ولو لا ما وفق العبد » ما موصولة ، ووفق بالتشديد على بناء المفعول والعائد محذوف ، أي وفق له ، ومن البيان الموصول أو مصدرية ووفق على المعلوم أو المجهول ، ومن بمعنى اللام صلة وفق والأوّل أظهر« لأصابه منه » أي من الأمر

٢١

وفّق العبد من ذلك الدّعاء لأصابه منه ما يجثّه من جديد الأرض.

(باب)

(أن الدّعاء شفاء من كلّ داء)

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أسباط بن سالم ، عن علاء بن كامل قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام عليك بالدُّعاء فإنّه شفاء من كلّ داء.

_________________________________________________

الذي هو بمعنى البلاء ، أو من الله أو من العبد بسبب سوء أعماله ، فعلى الأوّل من للتبعيض ، وعلى الأخيرين للابتداء والتعليل.

وفي القاموس : الجث القطع وانتزاع الشيء من أصله ، وقال الجوهري : اجتثه اقتلعه ، وقال : الجديد : وجه الأرض انتهى.

وقال تعالى :( كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ ) (١) وقال في الوافي : أشار بهذا الحديث إلى السر في دفع البلاء بالدّعاء ، وأنه كيف يجتمع مع الإبرام فبينعليه‌السلام أن الدّعاء والاستجابة أيضاً من الأمر المقدّر المعلوم إذا وقعاً.

باب أن الدعاء شفاء من كلّ داء

الحديث الأول : مجهول.

« من كلّ داء » أي من الأدواء الجسمانية والروحانية والصعبة والسّهلة ولبعضها أدعية مأثورة والحمل للمبالغة.

____________________

(١) إبراهيم : ٢٦.

٢٢

(باب)

(أن من دعا استجيب له)

١ - محمّدُ بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن ميمون القدَّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الدّعاء كهف الإجابة كما أن السحاب كهف المطر.

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبدٌ اللهعليه‌السلام قال ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبّار

_________________________________________________

باب أن من دعا استجيب له

الحديث الأول : مجهول.

« الدّعاء كهف الإجابة » أي مخزن الإجابة ومحلها ومظنها كما أن السحاب محل المطر ومظنته ، وفي المصباح : الكهف بيت منقور في الجبل والجمع كهوف ، وفلان كهف لأنه يلجأ إليه كالبيت على الاستعارة ، وفي القاموس : الكهف كالبيت المنقور في الجبل والوزر والملجإ ، انتهى.

وقيل : شبه بالسحاب إشارة إلى أنه محل المطر إلا أنه قد لا ينزل لعدم المصلحة ، وكذلك الدّعاء قد لا يستجاب في الدنيا لعدم المصلحة ويعطى عوضه في الآخرة.

الحديث الثاني : ضعيف.

والحياء انقباض النفس عن القبيح خوفا من الذم وإذا نسب إليه تعالى يراد به الترك اللازم الانقباض ، وقيل : أستعير الاستحياء للمنافاة لعظمته وقدرته وعزته تعالى. وقال الطيبي : الحياء تغير وانكسار يعتري الإنسان من تخوف ما يعاب به ويذم وهو على الله محال فيحمل على التمثيل مثل تركه تعالى تخييب العبد وإنّه لا يرد

٢٣

إلّا استحيا الله عزَّ وجلَّ أن يردَّها صفراً حتّى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء فإذا دعا أحدكم فلا يرّد يده حتّى يمسح على وجهه ورأسه.

_________________________________________________

يده صفراً من عطائه لكرمه(١) بترك من يترك إذ المحتاج إليه حياء منه ، وقال : صفر الشيء بالكسر أي خلا والمصدر صفر بالتحرك ويستوي فيه المذكر والمؤنث والتثنية والجمع ، وفي المصباح بيت صفر وزان حمل أي خال من المتاع ، وهو صفر اليدين ليس فيهما شيء مأخوذ من الصفر وهو الصوت الخالي من الحروف ، وصفر الشيء من باب تعب إذا خلا فهو صفر وأصفر بالألف لغة.

وفي القاموس : الصفر مثلّثة وككتف وزبر : الخالي. وفيه إشعار بأنّه تعالى إما يستجيب هذه الحاجة إن علم صلاحه فيه أو يجعل في يده ما هو خير له من تلك الحاجة ، ويدلّ على استحباب مسح الرأس والوجه باليدين بعد رفعهما بالدّعاء ، وقد ورد النهي عنه في صلاة الفريضة فهو محمول على غيره.

ولندفع هنا شبهة

تحظر ببال أكثر الناس أنّه سبحانه وعد إجابة الدعاء وخلف الوعد عليه تعالى محال كما عرفت ، وأيضاً ورد ذلك في كثير من الآيات والأخبار ويمتنع صدور الكذب عنه تعالى وعن حججهعليهم‌السلام .

ويمكن الجواب عنه بوجوه : الأوّل : أن الوعد مشروط بالمشية أي أجيب إن شئت ، ويدلّ عليه قوله :( فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ ) (٢) .

الثاني : ما قيل : إنّه أراد بالإجابة لازمها وهو السماع فإنه من لوازم الإجابة فإنّه يجيب دعوة المؤمن في الحال ويؤخّر إعطاءه ليدعوه ويسمع صوته فإنّه يحبّه.

الثالث : أنّها مشروطة بكونها مصلحة وخيراً إذ الحكيم لا يترك ما هو موجب لصلاح أحوال العباد بما هو مقتضى شهواتهم كما قال سيّد الساجدين صلوات الله عليه : يا من لا تبدل حكمته الوسائل ، وذلك كما إذا قال كريم أنا لا أردّ سائلا ثمّ أتى

____________________

(١) هكذا. (٢) الأنعام : ٤١.

٢٤

_________________________________________________

سفيه وطلب منه ما يعلم أنّه يقتله والسائل لم يعلم ذلك أو أتى صبيّ جاهل وطلب أفعى لحسن نقشه ونعومته ولا يعلم أنه يقتله ولا يبالي بذلك فالحكمة والجود يقتضيان منعهما لا إعطاءهما ، ولو أعطاهما ذمه العقلاء.

فظهر أنه لا بد أن يكون هذا الوعد من الحكيم مشروطاً ومنوطا بالمصلحة ، فإن قيل : فإذا كان هكذا فما فائدة الدّعاء فإن ما كان صلاح العباد فيه يأتي أمنه لا محالة. قلت : يمكن أن يكون مع الدّعاء الصلاح في الإعطاء ومع عدمه الصلاح في منعه.

فعلى هذا المطالب ثلاثة أقسام :

الأوّل : أن تكون المصلحة في الإعطاء على كلّ حال كالرزق الضروري وأمثاله.

الثاني : أن لا تكون المصلحة في الإعطاء بوجه.

الثالث : أن تكون المصلحة في العطاء مع الدّعاء وفي العدم مع عدمه.

وإنّما يظهر أثر الدّعاء في الثالث ، ولـمّا لم يكن لعامة الخلق التميز بين تلك الأقسام فلذا أمروا بالدّعاء عموماً فيما لم يكن عدم المصلحة فيه ظاهراً ولم يكن ممتنعاً عقلاً أو عادة أو محرماً شرعاً ليحصل بذلك القرب والثواب ، فإن لم يستجب ينبغي أن لا ييأس ويعلم أنّه سبحانه إنّما لم يستجب لـمّا علم أنّه ليس له في ذلك مصلحة ، أو لإخلاله ببعض شرائط الدّعاء أو غير ذلك.

الرابع : أنّ لكلّ عبادة شرائط لحصولها وموانع عن قبولها ، فلـمّا لم تتحقق الشرائط ولم ترتفع الموانع لم يترتب عليها آثارها الدنيويّة والأخرويّة كالصلاة إذا ورد فيها : من صلّى دخل الجنة ، أو زيد في رزقه مثلاً ، فإذا صلّى بغير وضوء أو فعل ما يبطلها أو يحبطها لم تترتب عليها آثارها الدنيويّة والأخرويّة ، وإذا قال الطبيب : السقمونيا مسهل ، فإذا شرب الإنسان معه ما يبطل عمله كالأفيون فهو لا يبطل قول الطبيب ولا ينافي حكمه في ذلك.

٢٥

(باب إلهام الدعاء)

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : هل تعرفون طول البلاء من قصره ؟ قلنا : لا ، قال : إذا ألهم.

_________________________________________________

فكذا الدّعاء استجابتها وقبولها وترتّب الأثر عليها مشروطة بشرائط فإذا أخل بشيء منها لم تترتب عليه الاستجابة ، وقد وردت أخبار كثيرة في شرائط الدّعاء ومنافياته كما مر بعضها وسيأتي ، فقد يكون سبب عدم الإجابة ذلك ، وقد قال سبحانه :( أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) (١) .

الخامس : أنّ الإجابة لا تلزم أن تكون معجلّة فيمكن أن يستجاب الدّعاء ويتأخر ظهور أثره إلى زمان طويل لبعض المصالح ، إذ قد ورد أنه كان بين قوله تعالى :( قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما ) (٢) وبين غرق فرعون أربعين سنة وسيأتي أن الله يؤخر إجابة دعاء المؤمن لحبّه استماع صوته ، إلى غير ذلك من الوجوه والمصالح.

السادس : أنّه قد يعطي الله تعالى لمن لا يعلم صلاحه في إعطاء ما سأله أضعاف تلك الحاجة في الدنيا والآخرة حتى إذا رأى في الآخرة ما عوضه الله لذلك تمنى أنه لم يستجب له حاجة في الدنيا ، فيصدق أنّه استجاب دعاءه على الوجه الأكمل كما إذا طلب أحدّ من ملك شيئاً يسيراً علم أنّه يضره فيمنعه ذلك وأعطاه جوهرة يسوي عشرة آلاف دينار فلا يقال حينئذ أنه لم يقض حاجته ، بل يقال أنه أعطاه مسئوله على أتمّ وجه. وقد بسطنا الكلام في ذلك في كتاب عين الحياة.

باب الهام الدعاء

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

« من قصره » من للتمييز بين الضدين أي مميّزاً من قصره ، وإلهام الدّعاء إخطاره

____________________

(١) البقرة : ٤٠.

(٢) يونس : ٨٩.

٢٦

أحد [ كم ] الدُّعاء عند البلاء فاعلموا أنَّ البلاء قصير.

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد قال قال أبو الحسن موسىعليه‌السلام ما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيلهمه الله عزَّ وجلَّ الدّعاء إلا كان كشف ذلك البلاء وشيكاً وما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيمسك عن الدّعاء إلا كان ذلك البلاء طويلاً فإذا نزل البلاء فعليكم بالدّعاء والتضرّع إلى الله عزَّ وجل.

(باب)

(التقدم في الدعاء)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء وقالت الملائكة صوت معروف ولم يحجب عن السماء ومن لم يتقدم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء وقالت الملائكة إن ذا الصوت لا نعرفه.

٢ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ابن سنان ، عن عنبسة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من تخوف من بلاء يصيبه فتقدم فيه بالدعاء لم يره الله عزَّ وجلَّ ذلك البلاء أبدا.

٣ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران

_________________________________________________

بباله وتوفيقه لإتيانه بشرائطه.

الحديث الثاني : صحيح ، وفي النهاية :الوشيك السريع والقريب.

باب التقدم في الدعاء

الحديث الأول : صحيح.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : موثق « يستخرج الحوائج » أي من القوة إلى الفعل.

٢٧

عن منصور بن يونس ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنَّ الدُّعاء في الرَّخاء يستخرج الحوائج في البلاء.

٤ - عنه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من سره أن يستجاب له في الشدة فليكثر الدُّعاء في الرَّخاء.

٥ - عنه ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن يحيى ، عن رجل ، عن عبد الحميد بن غواص الطائي ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان جدي يقول تقدموا في الدعاء فإن العبد إذا كان دعاء فنزل به البلاء فدعا قيل صوت معروف وإذا لم يكن دعاء فنزل به بلاء فدعا قيل أين كنت قبل اليوم.

٦ - الحسين بن محمّد ، عن معلى بن محمّد ، عن الوشّاء عمن حدثه ، عن أبي الحسن الأوّلعليهما‌السلام قال كان علي بن الحسينعليه‌السلام يقول الدعاء بعد ما ينزل البلاء لا ينتفع [ به ].

(باب)

(اليقين في الدعاء)

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سليم الفرَّاء عمّن حدَّثه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إذا دعوت فظنَّ أن حاجتك بالباب.

_________________________________________________

الحديث الرابع : كالسابق ، والرخاء بالفتح سعة العيش.

الحديث الخامس : مرسل ، ومضمونه قريب من الأول.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور. وهو محمول على ما إذا لم يتعود بالدعاء قبله ، وكانّ المعنى عدم الانتفاع التامّ.

باب اليقين في الدعاء

الحديث الأول : مرسل وقد يعدّ حسناً لكون الإرسال بعد ابن أبي عمير.« فظنّ أنّ حاجتك » حمل الكليني الظنّ على اليقين لـمّا سيأتي في الحديث الأوّل من

٢٨

(باب)

(الإقبال على الدعاء)

١ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن سليمان بن عمرو قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن الله عزَّ وجلَّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثمَّ استيقن بالإجابة.

_________________________________________________

الباب الآتي ، ويمكن حمله على معناه الظاهر فإنّ اليقين بالإجابة مشكلّ ، إلا أن يقال : المراد اليقين بما وعد الله من إجابة الدعاء إذا كان مع شرائط وأعم من أن يعطيه أو عوضه في الآخرة.

باب الإقبال على الدعاء

الحديث الأول : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : بظهر قلب ، المشهور أن الظهر هنا زائد مقحم ، قال في المغرب : في الحديث : لا صدقة عن ظهر غنى ، أي صادرة عن غنى ، فالظهر فيه مقحم كما في ظهر القلب ، وقال في النهاية : فيه خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ، أي ما كان عفوا قد فضل عن غنى ، وقيل : أراد ما فضل عن العيال ، والظهر قد يزاد في مثل هذا إشباعاً للكلام وتمكيناً ، كان صدقته مستندة إلى ظهر قوي من المال ، انتهى.

وهيهنا يحتمل أن يكون المراد عن ظاهر القلب دون باطنه وصميمه.

قوله : ساه ، أي غافل عن المقصود وعمّا يتكلّم به غير مهتم به أو غافل عن عظمة الله وجلاله ورحمته ، غير متوجه إليه بشراشره وعزمه وهمته.

أقول : وروي في المشكاة عن الترمذي بإسناده عن أبي هريرة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أنّ الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه ، وقال بعضهم : في قوله : وأنتم موقنون فيه وجهان :

أحدهما : أن يقال كونوا أو أن الدّعاء على حالة تستحقون منها الإجابة

٢٩

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : لا يقبل الله

_________________________________________________

وذلك بإتيان المعروف واجتناب المنكر وغير من مراعاة أركان الدعاء وآدابه حتّى تكون الإجابة على قلبه أغلب من الردّ.

وثانيهما أن يقال : ادعوه معتقدين لوقوع الإجابة لأنّ الداعي إذا لم يكن متحقّقاَ في الرجاء لم يكن رجاؤه صادقاَ وإذا لم يكن الرجاء صادقاَ لم يكن الدعاء خالصا والداعي مخلصاً فإن الرجاء هو الباعث على الطلب ولا يتحقق الفرع إلا يتحقق الأصل.

وقيل : المعنى ليكن الداعي ربه على يقين بأنّه تعالى يجيبه لأن رد الدعاء إما لعجزه في إجابته أو لعدم كرم في المدعو أو لعدم علم المدعو بدعاء الداعي ، وهذه الأشياء منفية عنه تعالى ، فليكن الداعي موقنا بالإجابة.

وقال الطيبي : قيد الأمر بالدعاء باليقين والمراد النهي عن التعرض لـمّا هو مناف للإيقان من الغفلة واللهو والأمر بضدهما من إحضار القلب والجد في الطلب بالعزم في المسألة ، فإذا حصلاً حصل اليقين ، ونبهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على هذا التنبيه بقوله : واعلموا ، ونظيره في الكتاب قوله تعالى : «وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ » انتهى.

وأقول : كلّ ما ذكروه لا يجدي نفعا في حصول اليقين بالإجابة ، فإنه يحتمل أن يكون عدم الإجابة لعدم صلاح السائل فيها فكيف يحصل اليقين بالإجابة إلا أن يقال : الإجابة أعم من أن يعطى ما سأله أو عرضه وأفضل منه كما أشرنا إليه ، ويؤيده ما رواه في المشكاة أيضاً من مسند أحمد بإسناده عن أبي سعيد الخدري أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم أو قطيعة رحم إلا أعطاه الله تعالى بها إحدى ثلاث إما أن يجعل له دعوته وإما أن يذخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف من السوء مثلها ، وروي عن الترمذي عن جابر مثله.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

٣٠

عزَّ وجلَّ دعاء قلب لاه وكان عليٌّعليه‌السلام يقول : إذا دعا أحدكم للميت فلا يدعو له وقلبه لاه عنه ولكن ليجتهد له في الدعاء.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن بعض أصحابه ، عن سيف بن عميرة ، عن سليم الفراء عمّن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا دعوت فأقبل بقلبك وظنَّ حاجتك بالباب.

٤ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله عزَّ وجلَّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب قاس.

٥ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لـمّا استسقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسقي الناس

_________________________________________________

« دعاء قلب لاه » أي غافل أو مشتغل باللهو والخيالات الباطلة ، قال الراغب : اللهو ما يشغل الإنسان عمّا يعنيه ولهمه يقال : لهوت عنه بكذا ولهيت عن كذا اشتغلت عنه بلهو ، وقوله تعالى : «لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ » أي ساهية مشتغلة بما لا يعينها.

« إذا دعا أحدكم للميت » التخصيص بالميت لأنه أحوج إلى الدعاء ، ولأنه قد شاع أن الناس يأتون للتعزية والزيارة ويدعون للميت على سبيل التعارف من غير عزم واهتمام ، وقوله : فلا يدعو نهي في صورة الخبر أو هو بمعناه ، والغرض بيان أن الدعاء على هذا الوجه ليس دعاء للميت والأوّل أظهر.

الحديث الثالث : مرسل.

الحديث الرابع : كالسابق ، وقساوة القلب غلظته وشدته وعدم تأثره عن الحق ، وبعده عن التضرّع والرقة.

الحديث الخامس : حسن كالصحيح.

وفي النهاية في حديث الاستسقاء اللّهم حوالينا لا علينا ، يقال : رأيت الناس حوله وحواليه أي مطيفين به من جوانبه ، يريد اللّهم أنزل الغيث في مواضع النبات

٣١

حتّى قالوا : إنّه الغرق - وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيده وردّها : اللّهمَّ حوالينا ولا علينا قال : فتفرَّق السحاب - فقالوا : يا رسول الله استسقيت لنا فلم نسق ثمَّ

_________________________________________________

لا في مواضع إلا بغية ، وقال الجوهري : يقال قعدوا حوله وحواليه ، ولا تقل حواليه بكسر اللّام ، وكذا الكلام للفيروزآبادي وغيره يدلّ على أن حواليه بفتح اللّام.

وقال بعضهم : الفتح لمناسبة علينا نظير التنوين في سلاسلا وأغلالا ، والحوالي جمع حول كالبراري جمع بر وسكون الياء في حوالينا مبني عليه بتقدير على حوالينا لقرينة ولا علينا ، ويجوز حذف حرف الجر وإبقاء أثره مثل خير والحمد لله في جواب كيف أصبحت لأنّه بتقدير بخير.

والواو في قوله : ولا علينا ، عاطفة ولا ناهية ، والتقدير اللهم أنزل الغيث على حوالينا ولا تنزله علينا « وليس لي في ذلك نية » أي اهتمام وعزم ، ولعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان أولا متوقفاً في وجود المصلحة في طلبه من الله سبحانه السقي فلم يعزم عليه في الدعاء ، وإنّما دعا ليطيب به قلوب أصحابه ، ثم لـمّا رأى المصلحة في ذلك ثانياً عزم عليه.

وتصحيح إعراب الخبر هو أن جواب لـمّا قال إني دعوت إلى آخر الكلام ، وضمير إنه راجع إلى مصدر سقي المبني للمفعول.

« وقال رسول الله » أقول : هذا الكلام يحتمل وجوها.

أحدها : أن مفعول القول اللّهم « إلخ » وقوله : بيده حال أي مشيراً بيده ، وقوله : وردها أيضاً حال أي وقد ردها عن السماء بعد ما رفعها إليها للدعاء.

الثاني : أن يكون القول بمعنى الفعل ، أي حرك يده يمينا وشمالا مشيرا إلى تفرق السحاب ، وكشفها عن المدينة وقد ردها سابقا عن الدعاء ، ويقدر القول قبل اللهم كما هو الشائع في الآيات والأخبار وقيل : الباء في قوله : بيده للاستعانة ، إذ القول على وجه الكمال لا يتأنى إلا برفع اليد للدعاء وجملة وردها حاليّة أي وقد ردها ، والمراد بردها قلبها وجعل ظهرها إلى السماء كما سيأتي في الرهبة ، والوجهان الأولان اللذان خطرا ببالي عندي أظهر ، وكان الحامل له على ذلك ما رواه

٣٢

استسقيت لنا فسقينا ؟ قال : إنّي دعوت وليس لي في ذلك نيّة ثم دعوت ولي في ذلك نية.

(باب)

(الإلحاح في الدعاء والتلبث)

١ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين بن عطية ، عن عبد العزيز الطويل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنَّ العبد إذا دعا لم يزل الله تبارك وتعالى في حاجته ما لم يستعجل.

_________________________________________________

العامّة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنهّ عند الاستسقاء أشار بظهر كفيّه إلى السماء ، وبعضهم نفى ذلك وأوله كما سيأتي إنشاء الله تعالى.

قوله : قال فتفرق السحاب ، قيل : هذا كلام الراوي وتوسّطه في أثناء الجملة الشرطية غير مناسب ، وأقول : يمكن أن يكون قوله فتفرق جزاء الشرط « وقال » تأكيداً لقوله : قال أوّلاً وإن لم يكن جزاء يحتمل أن يكون قال تأكيداً أو لعلّه زيد من النّساخ.

باب الإلحاح في الدعاء والتلبث

في القاموس : ألحّ في السّؤال ألحف ، والسحاب دام مطره ، وقال : التلبث التوقّف.

الحديث الأول : مجهول بسنديه.

« في حاجته » أي في تقديره وتيسيره وتسبيب أسبابه « ما لم يستعجل » أي ما لم يطلب العجلة فيه فييأس إذا أبطأت حاجته فيعرض عن الله تعالى زاعمّا أنه لا يستجيبه لإبطائه في حقه أو المعنى أنّه استعجل في الدعاء ولم يهتم به وقام لحاجته قبل المبالغة ، والإلحاح في الدّعاء كما هو ظاهر الخبر الثاني والأوّل أظهر.

ويمكن حمل الخبر الآتي أيضاً عليه أي ييأس بإبطاء الإجابة ويترك الدّعاء ويقوم لحاجته ، والحاصل أنّه لا بد للداعي من أن يبالغ في الدّعاء ويحسن الظنّ

٣٣

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين بن عطيّة ، عن عبد العزيز الطويل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

_________________________________________________

بربّ الأرض والسّماء ، ولا ييأس من رحمة الله بتأخّر الإجابة فإنه يمكن أن يكون لحب صوته أو لعدم مصلحته في وصول الحاجة إليه عاجلاً ولا يستعجل في ذلك ، فإن العجلة من الشيطان وقد ذمها الله تعالى في مواضع من القرآن.

قال الراغب : العجلة طلب الشيء وتحريّه قبل أوانه ، وهي من مقتضى الشهوة ولذلك صارت مذمومة في عامة القرآن حتّى قيل : العجلة من الشيطان ، قال تعالى : «سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ »(١) «وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ »(٢) «وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى »(٣) «أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ »(٤) «وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ »(٥) و «قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ »(٦) وقال «خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ »(٧) «وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً »(٨) ومثله كثير.

ويؤيدّه ما رواه في المشكاة عن مسلم عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : قال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل ، قيل : يا رسول الله وما الاستعجال؟ قال : يقول قد دعوت وقد دعوت ولم أر يستجاب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء ، ونقل الطيبي في شرحه عن بعضهم من كان له ملالة من الدّعاء لا يقبل دعاؤه لأنّ

____________________

(١) الأنبياء : ٣٧.

(٢) طه : ١١٤.

(٣) طه : ٨٣.

(٤) النحل : ١.

(٥) الحجّ : ٤٧.

(٦) النمل : ٤٦.

(٧) الأنبياء : ٣٧.

(٨) الإسراء : ١١.

٣٤

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري وغيرهما ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن العبد إذا عجل فقام لحاجته يقول الله تبارك وتعالى أما يعلم عبدي أني أنا الله الذي أقضي الحوائج.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن محمّد بن مروان ، عن الوليد بن عقبة الهجري قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول والله لا يلح عبد مؤمن على الله عزَّ وجلَّ في حاجته إلا قضاها له.

٤ - عنه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحجال ، عن حسان ، عن أبي الصباح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله عزَّ وجلَّ كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في

_________________________________________________

الدّعاء عبادة حصلت الإجابة أو لم تحصل ، فلا ينبغي للمؤمن أن يملّ من العبادة وتأخير الإجابة إمّا لأنّه لم يأت وقتها فإنّ لكلّ شيء وقتاً ، وإمّا لأنّه لم يقدر في أول الأمر قبول دعائه في الدنيا ليعطى عوضه في الآخرة ، وإما أن يؤخر القبول ليلح ويبالغ فيها ، فإنّ الله تعالى يجبّ الإلحاح في الدّعاء.

الحديث الثاني : صحيح.

« إذا عجّل » أي في تعقيب الصلاة فتركه أو اكتفى فيه بقليل للتوجّه إلى حوائجه فقام إليها أو اقتصر بقليل من الدّعاء ثم توجّه إلى الحاجة التي يدعو لها ، أو المراد به ما ذكرناه في الخبر السابق ، أي يئس للإبطاء في الإجابة وترك الدّعاء وتوجه إلى الحاجة ليحصلها به بسعيه والأوّل هنا أظهر ، وترتّب الجزاء على جميع المحتملات ظاهر.

الحديث الثالث : مجهول ، ومحمول على الغالب أو على ما إذا تحققت الشرائط كما مرّ.

الحديث الرابع : مجهول ، ويمكن عده صحيحاً على نسخة حسان وموثقاً على نسخة حنان.

٣٥

المسألة وأحبَّ ذلك لنفسه إن الله عزَّ وجلَّ يحب أن يسأل ويطلب ما عنده.

٥ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين الأحمسي ، عن رجل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لا والله لا يلح عبد على الله عزَّ وجلَّ إلا استجاب الله له.

٦ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رحم الله عبداً طلب من الله عزَّ وجلَّ حاجة فألح في الدّعاء استجيب له أو لم يستجب [ له ] وتلا هذه الآية :

_________________________________________________

« ما عنده » أي ما هو تحت قدرته ويحصل بقضائه وقدره ، لكن بشرط أن يكون مشروعاً.

الحديث الخامس : مرسل.

الحديث السادس : ضعيف.

وقال الله تعالى حكاية عن إبراهيمعليه‌السلام حيث قال مخاطباً لقومه : «وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ »(١) قال الطبرسي (ره) أي وأتنحى منكم جانباً واعتزل عبادة ما تدعون من دون الله «وَأَدْعُوا رَبِّي » قال أي أعبد ربي «عَسى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا » كما شقيتم بدعاء الأصنام ، وإنّما ذكر عسى على وجه الخضوع وقيل : معناه لعله قبل طاعتي وعبادتي ولا أشقى بالرد فإن المؤمن بين الخوف والرجاء ، وقال البيضاوي « شَقِيًّا » أي خائباً ضائع السعي مثلكم في دعاء آلهتكم ، انتهى.

ولنذكر معنى الخبر وسبب الاستشهاد بالآية قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : استجيب له أي سريعاً ولم يستجيب أي كذلك أو لم يستجب في حصول المطلوب ، لكن عوض له في الآخرة ، والحاصل أنّه لا يترك الإلحاح لبطء الإجابة فالاستشهاد بالآية لأنّ إبراهيمعليه‌السلام ، أظهر الرجاء بل الجزم إذا لظاهر أن عسى موجبه في عدم شقائه

____________________

(١) مريم : ٤٨.

٣٦

«وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا ».

(باب)

(تسمية الحاجة في الدّعاء)

١ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي عبد الله الفرَّاء ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إنَّ الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعاه ولكنّه يحب أن تبث إليه الحوائج فإذا دعوت فسمّ حاجتك وفي حديث آخر قال قال إن الله عزَّ وجلَّ يعلم حاجتك وما تريد ولكن يحب أن تبثَّ إليه الحوائج.

_________________________________________________

بدعاء الربّ سبحانه ، وعدم كونه خائباً ضائع السّعي كما خابوا وضل سعيهم في دعاء آلهتهم كما ذكره المفسرون ، ويحتمل أن يكون في الكلام تقدير أي فرضي بعد الإلحاح سواء استجيب له أم لم يستجب ، ولم يعترض على الله تعالى لعدم الإجابة ولم يسيء ظنه به فالاستشهاد بالآية بحملها على أن المعنى عسى أن لا يكون دعائي سبباً لشقاوتي وضلالتي.

ويحتمل أن يكون ذكر الآية لمحض بيان فضل الدّعاء.

باب تسمية الحاجة في الدّعاء

الحديث الأوّل : حسن وقد يعد مجهولا وآخره مرسل.

الحديث الثاني : « أن يبث إليه الحوائج » أي تذكر وتظهر فإنّها إذا ذكرت انتشرت لأنّه يسمعها الملائكة وغيرهم والتعدية بإلى لتضمين معنى التوجه أو التضرّع ، قال الجوهري : بث الخبر وأبثه نشره يقال : أبثثتك سري أي أظهرته لك ، والبث الحال والحزن ، يقال : أبثثتك أي أظهرت لك بثي.

٣٧

(باب إخفاء الدّعاء)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبي همّام إسماعيل بن همّام ، عن أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام قال دعوة العبد سرا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية.

وفي رواية أخرى دعوة تخفيها أفضل عند الله من سبعين دعوة تظهرها.

(باب)

(الأوقات والحالات التي ترجى فيها الإجابة)

١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن يحيى بن إبراهيم بن

_________________________________________________

باب إخفاء الدعاء

الحديث الأول : صحيح وآخره مرسل.

ويدلّ على أن الإخفاء في الدّعاء أفضل من الإعلان ، والحكم بالمساواة في الخبر الأوّل والأفضلية في الثاني إما باختلاف مراتب الإخفاء والإعلان ، أو المراد بالأوّل الإخفاء عند الدّعاء وبالثاني الإخفاء بعده ، فيدلّ على أن الثاني أهم وأفضل ، وأما الجمع بينهما وبين ما ورد من فضل الاجتماع في الدّعاء فسيأتي الكلام فيه إنشاء الله تعالى.

ثم الظاهر أن هذه النسبة إنما هي إذا لم يكن الإعلان مشوبا بالرياء والسمعة ، وإلا فلا نسبة بينهما.

باب الأوقات والحالات التي ترجى فيها الإجابة

الحديث الأول : صحيح.

والمراد بزوال الأفياء أول وقت الزوال كما تدلّ عليه الأخبار الآتية وعبّر هكذا إلى تسميته المسبب باسم المسبب ، أي زوال الشمس عن دائرة نصف النهار ،

٣٨

أبي البلاد ، عن أبيه ، عن زيد الشحام قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام اطلبوا الدّعاء في أربع ساعات عند هبوب الرياح وزوال الأفياء ونزول القطر وأول قطرة من دم القتيل المؤمن فإن أبواب السماء تفتح عند هذه الأشياء.

٢ - عنه ، عن أبيه وغيره ، عن القاسم بن عروة ، عن أبي العبّاس فضل البقباق قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام يستجاب الدّعاء في أربعة مواطن في الوتر وبعد الفجر و

_________________________________________________

أو زوال الأفياء من جهة المغرب ، وميلها إلى جهة المشرق ، أو بناء على أن في بلاد الحجاز لقربها من خط الاستواء في أكثر الأوقات شيء ظلي ، والأوسط أظهر.

قال في المصباح : فاء الظل يفيء فيئا رجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق والجمع فيوء وأفياء ، وقال : قال ابن قتيبة : يذهب الناس إلى أن الظل والفيء بمعنى واحدّ وليس كذلك ، بل الظل يكون غدوة وعشية ، والفيء بمعنى واحدّ ، وليس كذلك بل الظل يكون غدوة وعشية والفيء لا يكون إلا بعد الزوال فلا يقال لـمّا قبل الزوال فيء ، وإنما يقال بعد الزوال فيئا لأنه ظل فاء من جانب المغرب إلى جانب المشرق ، والفيء الرجوع فقال ابن السكيت : الظل من الطلوع إلى الزوال والفيء من الزوال إلى الغروب ، وقال ثعلب : الظل للشجر وغيرها بالغداة ، والفيء بالعشي. انتهى.

ثمّ اعلم أنّه لم يعلم مقدار تلك الساعة ، وروي في عدَّةٌ الداعي عن الصادقعليه‌السلام قال : إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء وأبواب الجنان وقضيت الحوائج العظام ، فقال الراوي : من أي وقت؟ قال : بمقدار ما يصلي الرجل أربع ركعات مترسلا.

و « أول » عطف على القطر ، والقطر : المطر ، وفتح أبواب السماء إما حقيقة ، أو كناية عن قرب الاستجابة وفتح أبواب الرحمة.

الحديث الثاني : مجهول.

والظاهر أنّ الثلاثة الأخيرة المراد بها بعد الصلوات لا بعد دخول أول الأوقات ،

٣٩

بعد الظهر وبعد المغرب.

٣ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام اغتنموا الدّعاء عند أربع عند قراءة القرآن وعند الأذان وعند نزول الغيث وعند التقاء الصفين للشهادة.

٤ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن عبد الله بن عطاء ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان أبي إذا كانت له إلى الله حاجة طلبها

_________________________________________________

فبعد الظهر هنا غير زوال الأفياء المذكور في الخبر المتقدم.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

« عند قراءة القرآن » يحتمل أن يكون المراد بعده لئلا ينافي وجوب الإنصات أو رجحانه إذا قرأ غيره وإذا قرأ هو نفسه لا ينافي القراءة أو المراد سؤال الرحمة بعد تلاوة آياتها والاستعادة من العقوبات بعد قراءة آياتها ، ولكلّ منهما شواهد من الأخبار ، وإن أمكن أن يكون السؤال بالقلب لا باللسان.

وكذا عند الأذان يمكن أن يكون المراد الدّعاء بعده لـمّا ورد من استجابة الدّعاء بين الأذان والإقامة ، وإن أمكن أن يكون المراد عند سماع أذان المؤذن لورود الأخبار في الدّعاء عنده ولا ينافي استحباب الحكاية لا مكان الجمع بينهما.

« وعند التقاء الصفين للشهادة » ظاهر استجابة الدّعاء من ابتداء تقابل الصفين إلى انقضاء الأمر ، ولا ينافي ذلك ما مر في الخبر الأوّل لاحتمال كون الدّعاء عند شهادة الشهيد أقرب إلى الإجابة من سائر أوقات التقاء الصفين ، وما قيل : إن اللام في قوله : للشهادة لام العاقبة والمراد عند انصباب دم المؤمن تكلف مستغنى عنه.

الحديث الرابع : مجهول.

والمراد بزوال الشمس ميل مركزها عن دائرة نصف النهار ، قال الكرماني في شرح البخاري : زاغت الشمس مالت وزالت عن أعلى درجات ارتفاعها ، وهو ثلاث : زوال يعرفه الله ، وزوال يعرفه الملك ، وزوال يعرفه الناس ، فورد أنه سأل

٤٠