مرآة العقول الجزء ١٢

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 594
المشاهدات: 44715
تحميل: 6429


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44715 / تحميل: 6429
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 12

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٢٥ - عنه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قال في دبر صلاة الفجر ودبر صلاة المغربّ سبع مرَّات : « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم دفع الله عزَّ وجلَّ عنه سبعين نوعاً من أنواع البلاء أهونها الريح والبرص والجنون وإن كان شقيا

_________________________________________________

الحديث الخامس والعشرون : ضعيف على المشهور.

« أهونها الريح » الريح يحتمل وجوهاً.

الأوّل : أن يكون تعفن الأعضاء وفسادها بحيث يحس منها الريح المنتنة وينجر غالباً إلى الجذام ، ويؤيّده ما مرّ في العشرين ، لم يصبه جذام ، ولا برص ولا جنون فذكر مكان الريح الجذام وسيأتي في خبر سماعة أيضاً كذلك ويقال راح الشيء وأروح إذا أنتن ، وأروح الماء واللحم أنتنا ، وفي المصباح الريح بمعنى الرائحة عرض يدرك بحاسة الشم.

الثاني : الابتلاء بالريح كسقوطه بها من سطح أو نزول ، قال في النهاية : في الحديث كان يقول إذا هاجت الريح « اللّهمّ اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً » العربّ تقول لا تلقح السحاب إلّا من رياح مختلفة ، يقول : اجعلها لقاحا للسحاب ولا تجعلها عذابا ويحقق ذلك مجيء الجمع في آيات الرحمة والواحد في قصص العذاب كالرِّيحَ الْعَقِيمَ « ورِيحاً صَرْصَراً ».

الثالث : أن يكون كناية عن تصرَّف الجن في البدن كما يقال في عرف العربّ والعجم أصابته ريح الجن وفي النهاية ومنه حديث ضمام « إني أعالج من هذه الأرواح » الأرواح هيهنا كناية عن الجن سموا أرواحاً لكونهم لا يرون ، فهم بمنزلة الأرواح وقال الأرواح جمع ريح لأن أصلها الواو ويجمع على أرياح قليلاً وعلى رياح كثيراً انتهى وأقول : سيأتي أنّه كتب إلى أبي جعفرعليه‌السلام يسأله عوذة للرياح الّتي تعرض للصبيان.

٢٨١

محي من الشقاء وكتب في السعداء.

٢٦ - وفي رواية سعدان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله إلّا أنّه قال أهونه الجنون والجذام والبرص وإن كان شقيّاً رجوت أن يحوله الله عزَّ وجلَّ إلى السعادة.

٢٧ - عنه ، عن ابن فضّال ، عن الحسن بن الجهم ، عن أبي الحسنعليه‌السلام مثله إلّا أنّه قال يقولها ثلاث مرَّات حين يصبح وثلاث مرَّات حين يمسي لم يخف شيطانا ولا سلطانا ولا برصا ولا جذاما ولم يقل سبع مرَّات قال أبو الحسنعليه‌السلام وأنا أقولها مائة مرَّة.

٢٨ - عنه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا صلّيت الغداة والمغربّ فقل : « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » لا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي

_________________________________________________

الرابع : ما قيل إن المراد ريح الفم أو الريح الّتي تأخذ بعض الأعضاء عند طول المرض قولهعليه‌السلام « محيُّ من الشقاء » قد مرّ معنى المحو والإثبات في باب البداء ، وقيل : استعارة تمثيلية لأنّه تعالى كان يعلم من بعض المكلفين أنّه لو لم يدع بهذا الدّعاء كان يكتب اسمه في ديوان الأشقياء فكأنّه كتب ثمَّ محيُّ ولا يخفى ما فيه بل الحقّ ما حققنا سابقاً.

الحديث السادس والعشرون : مرسل مجهول.

الحديث السابع والعشرون : موثّق ، وأبو الحسن يحتمل الكاظم والرّضاعليهما‌السلام ويقولها في هذا الخبر مكان قال في دبر صلاة الفجر إلى آخره في رواية على وسعدان فهو بمعنى من يقولها والضمير للاختصار لأنّه قالعليه‌السلام من يقول بسم الله إلى أخره وقوله « لم يخف » خبر من الذي أسقطه المصنف ، ويحتمل أن يكون هذا الخبر أيضاً من قال فغير الراوي نقلاً بالمعنى.

الحديث الثامن والعشرون : موثّق أيضاً وليس في بعض النسخ « العلي العظيم ».

٢٨٢

العظيم » - سبع مرَّات - فأنّه من قالها لم يصبه جنونٌ ولا جذام ولا برص ولا سبعون نوعا من أنواع البلاء.

٢٩ - عنه ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن سعد بن زيد قال قال أبو الحسنعليه‌السلام إذا صلّيت المغربّ فلا تبسط رجلك ولا تكلّم أحداً حتّى تقول مائة مرّة : « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » لا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم ومائة مرّة في الغداة - فمن قالها دفع الله عنه مائة نوع من أنواع البلاء أدنى نوع منها البرص والجذام والشّيطان والسلطان.

٣٠ - عنه ، عن عبد الرحمن بن حمّاد ، عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال

_________________________________________________

الحديث التاسع والعشرون : مجهول.

وكان بسط الرّجل كناية عن القيام أو مدها أو تغييرها عن هيئة التشهد. ومائة مرّة قيل : الواو ليس للعطف بل للاستئناف النحوي ومائة مبتدأ وفي الغداة خبره ، والفاء في فمن للبيان وأقول : يمكن تصحيحه على العطف بتقدير كما لا يخفى ، وقيل : النسبة بين هذا الخبر والأخبار السّابقة تقتضي أن يكون المدفوع بالسبع مرَّات سبعة أنواع من البلايا ، أو بمائة ألف نوع من البلايا ، والجواب : أن أنواع البلايا المدفوعة بمائة مرّة أشد وأعظم من الأنواع المدفوعة بسبع ، كما يشعر به قولهعليه‌السلام أدنى نوع منها البرص إلى آخره ، وفي السبع قال : لم يصبه جنون ولا جذام ولا برص ، ولا سبعون نوعا من البلاء ، حيث يفهم منه أن الجنون والجذام والبرص ، والسبعون نوع من هذه الأنواع ، وإذا اختلفت البلايا بالشدّة والضعف بطلت النسبة المذكورة.

وأقول : يمكن رفع التنافي بوجوه أخر كاختلاف الأعمال والشرائط والنيّات ، أو حمل بعضها على الأنواع وبعضها على الأصناف أو كون الأهم أكثر ثواباً.

الحديث الثلاثون : مجهول ورواه البرقي في المحاسن ، عن أبيه عن هارون

٢٨٣

سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول إذا أمسيت فنظرت إلى الشمس في غروب وإدبار فقل : «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ » الحمد لله الذي يصف ولا يوصف ويعلم ولا يعلم « يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ » أعوذ بوجه الله الكريم وباسم الله العظيم من شرّ ما ذرأ وما برأ ومن شرّ ما تحت الثرى ومن شرّ ما ظهر وما بطن ومن شرّ ما كان في الّليل والنهار ومن شر

_________________________________________________

ابن الجهم ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبي خديجة عن أبي عبد الله قال : وحدثنا بكر بن صالح ، عن الجعفري ، عن أبي الحسنعليه‌السلام وأبو الحسن الكاظمعليه‌السلام أو الرّضاعليه‌السلام على بعد.

« الذي يصف ولا يوصف » أي يصف الأشياء بصفاتها وحقائقها ولا يوصف كنه ذاته وصفاته ، أو لا يتصف بصفات المخلوقات ، أو بصفات زائدة على الذات ، ويعلم الأشياء « ولا يعلم » على بناء المجهول بالتخفيف ، أي لا يقدّر أحد أن يعلم كنه ذاته ولا حقيقة صفاته ، أو بالتشديد أي لا يحتاج في العلم إلى تعليم.

وقال في النهاية : فيه - ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين - أي يضمرّ في نفسه غير ما يظهره فإذا كف لسأنّه وأو ما بعينه فقد خان ، وإذا كان ظهر تلك الحالة من قبل العين سميت خائنة الأعين ، ومنه قوله تعالى( يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ ) أي ما به يخونون فيه من مسارقة النظر إلى ما لا يحل ، والخائنة بمعنى الخيانة ، وهي من المصادر الّتي جاءت على لفظ الفاعل كالعافية « وأعوذ بوجه الله الكريم » أي بذاته الموصوف بالكرم ذاتا وفعلا ، أو بحججه الذين أكرمهم وعلى العالمين قدمهم ».

« ومن شرّ ما تحت الثرى » الثرى التراب الندى قال سبحانه( لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى ) (١) قال الطبرسي (ره) : يعنّي ما

____________________

(١) طه : ٦.

٢٨٤

_________________________________________________

وأرى الثرى من كلّ شيء عن الضحاك ، وقيل : يعنّي ما في ضمن الأرض من الكنوز والأموات ، وقال البيضاوي : الثرى الطبقة الترابية من الأرض ، وهي آخر طبقاتها وأقول : في الأخبار أنها آخر المخلوقات الأرضية ففي بعضها أن الأرضين السبع على الديك ، وهو على الصخرة ، وهي على الحوت ، والحوت في البحر المظلم ، والبحر على الهواء ، والهواء على الثرى ، وفي بعضها : الأرض على عاتق ملك ، وقدماه على صخرة ، وهي على قرن ثور ، والثور قوائمه على ظهر الحوت ، والحوت في اليم الأسفل ، وأليم على الظلمة ، والظلمة على العقيم ، والعقيم على الثرى ، وما يعلم ما تحت الثرى إلّا الله تعالى ، وفي بعضها بعد ذكر الثرى وعند ذلك انقضى علم العلماء ، وفي بعضها عند ذلك فصل علم العلماء ، وفي الخبر في وصف الأئمّةعليهم‌السلام ، والحجة البالغة على من في الأرض ومن تحت الثرى ، فيحتمل أن يكون المراد هنا بما تحت الثرى الحشرات الّتي في الأرض أو الجن الذين بين أطباقها أو طائفة من الجن أو خلق آخر يكونون تحت الثرى لا يعلمهم إلّا الله تعالى.

« ومن شرّ ما بطن أو ظهر » أي شخصه أو شره « ومن شرّ أبي مرّة » أقول : في نسخ الحديث هنا اختلاف كثير ففي أكثر نسخ الكتاب أبي مره ، وهو أظهر وهو بضمّ الميم وتشديد الراء كنية إبليس لعنه الله ذكره الجوهري وغيره ، وفي أكثر نسخ المحاسن أبي قترة قال الفيروزآبادي : أبو قترة إبليس لعنه الله ، أو قترة علم للشيطان بدون ذكر أبي قال في النهاية : فيه - تعوذوا بالله من قترة وما ولد - هو بكسر القاف وسكون التاء اسم إبليس انتهى ، وكلّ من الوجوه صحيح وموافق للاستعمال والّلغة ، وربما يقرأ ابن قترة بكسر القاف وسكون التاء لـمّا ذكره الجوهري حيث قال ابن قترة حية خبيثة إلى الصغر ما هي ولا يخفى ما فيه من التكلف لفظاً ومعنى.

٢٨٥

أبي مرّة وما ولد ومن شرّ الرسيس ومن شرّ ما وصفت وما لم أصف ف الْحَمْدُ لِلَّهِ ربّ الْعالَمِينَ » ذكر أنها أمان من السبع ومن الشّيطان الرجيم ومن ذريته.

_________________________________________________

قال السيّد بن طاوس (ره) : في فلاح السّائل قال صاحب الصحاح ابن قترة بكسر القاف حية خبيثة فيمكن أن يكون المراد التعوّذ منها ، ويمكن أن يكون المراد إبليس وذريته شبهه بالحية المذكورة ، وفي بعض النسخ أبي مرّة وهو أقربّ إلى الصواب لأن هذا الدّعاء عوذة من الشّيطان وذريته ، ولأنّه ما يقال أبو قترة إنما يقال ابن قترة.

أما قوله : « ومن شرّ الرسيس » فقال صاحب الصحاح رس الميت أي قبره ، والرس الأصلاًح بين الناس والإفساد وقد رسست بينهم وهو من الأضداد لعلّه تعوذ من الفساد ومن الموت ، ومن كلّ ما يتعلّق بمعناه انتهى وأقول : الأظهر أن المراد بالرسيس العشق الباطل أو الحمى أو المفسد أو الكاذب أو من يتعرف خبر الناس أو الأرجوفة أو انتشار العيوب بين الناس قال الفيروزآبادي : الرس ابتداء الشيء ومنه رس الحمى ورسيسها والأصلاًح والإفساد ضد والحفر والدس ، ودفن الميت ، وتعرف أمور القوم ، وخبرهم ، والرسيس الشيء الثابت والفطن العاقل ، وخبر لم يصحّ وابتداء الحب ، والحمى.

وقال في النهاية : في حديث الحجاج أنّه قال النعمان بن زرعة أمن أهل الرس والرهمسة أنت ، أهل الرس هم الذين يبتدئون الكذب ويوقعونه في أفواه الناس ، وقال الزمخشري : هو من رس بين القوم إذا أفسد فيكون قد جعله من الأضداد ، وفي المحاسن بعد الدّعاء قال : وذكر أنها أمان من كلّ سبع ومن الشّيطان الرجيم ، وذريته ومن كلّ ما عض ، ولسع ولا يخاف صاحبها إذا تكلّم بها لصا ولا غولا.

وأقول : قد مرّ مثل الدّعاء الأخير في السادس عشرّ بأدنى تغيير قد أشرنا

٢٨٦

قال وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول إذا أصبح - سبحان الله الملك القدّوس ثلاثاً اللّهمّ إني أعوذ بك من زوال نعمتك ومن تحويل عافيتك ومن فجأة نقمتك ومن درك الشقاء ومن شرّ ما سبق في الكتاب اللّهمّ إني أسألك بعزة ملكك وشدة قوتك وبعظيم سلطانك وبقدرتك على خلقك.

٣١ - عنه ، عن محمّد بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الدّعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها سنة واجبة مع طلوع الفجر والمغربّ تقول : « لا إِلهَ إلّا اللهُ وحده لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ

_________________________________________________

إليه ، والظّاهر أن - ثمَّ سل حاجتك - أو نحوه سقط من الراوي ، وقد كان فيما سبق أو أحاله على الظهور ، أو تأكيد للاستعاذة ممّا مرّ في هذا الدّعاء ، وقيل : لم يذكر للتعميم أو للاختصار أو للحوالة على علمه تعالى.

الحديث الحادي والثلاثون : ضعيف.

قولهعليه‌السلام « سنة واجبة » لم أر أحداً قال بالوجوب إلّا شرّ ذمة من محدثي المتأخرين فالمراد بالواجبة اللازمة والمؤكدة قولهعليه‌السلام « مع طلوع الفجر » كان المراد بالمعية القربّ أو الغرض التخيير بتقدير كلمة أو ، أو متعلّق بقوله « واجبة » فقط أي الإيقاع عندهما أوجب وأحسن ، أو يكون الغرض بيان ابتداء الأوّل وانتهاء الثاني ، وفي أكثر نسخ فلاح السّائل ، وبعض نسخ الكتاب - مع طلوع الشمس - فالغرض بيان انتهاء الوقتين والتضيق واللزوم عندهما ، وعلى النسختين خصوصا الثانية يحتمل أن يكون تفسيرا للقبلة ، والغرض اتصالهما بالوقتين ، وقيل على النسخة الأخيرة المراد بهما الشروع قبل الطلوع ، والإتمام بعده ، والشروع قبل الغروب والإتمام بعده ، فالمغربّ مصدر ميمي بمعنى الغروب ، ويؤيّده مع بعده أن في بعض نسخ الفلاح - بين طلوع الشمس والغروب.

وقال صاحب الوافي قوله - مع طلوع الفجر - تفسير لـمّا قبل طلوع الشمس

٢٨٧

الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ويميت ويحيي وهو حيُّ لا يموت بيده الخير وَهُوَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عشرّ مرَّات وتقول - أعوذ بالله السميع العليم مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ ربّ أَنْ يَحْضُرُونِ إن الله هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ عشرّ مرَّات قبل طلوع الشمس وقبل الغروب فإن نسيت قضيت كما تقضي الصّلاة إذا نسيتها.

_________________________________________________

وتعيين لأوله وإعلام بأن فيه سعة وامتداد ، أو قوله - والمغربّ أي ومع المغربّ تفسير لـمّا قبل غروبها وتعريف له بإشرافها على الغروب وإعلام بأن فيه ضيقاً « يحيي ويميت ويميت ويحيي » يمكن أن يكون التكرار لبيان تكرر صدور الفعلين منه تعالى واستمرارهما ويكون التقديم والتأخير تفنّناً في الكلام ، أو المراد بالإحياء أوّلاً الإحياء في الدنيا ، وكذا المراد بالإماتة أوّلاً الإماتة في الدنيا وبها ثانياً الإماتة في القبر ففيه دلالة على الإحياء في القبر ضمنا وعدم ذكره صريحا لكون مدته قليلة ، أو المراد بها الإماتة في الرجعة فيدلّ على الإحياء فيها وعدم ذكر إحياء القبر لضعفه وقصر مدته ، وعلى التقادير الإحياء ثانياً عند النشور.

« مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ » في القاموس : الهمز الغمز ، والضغط ، والنخس ، والدفع ، والضربّ ، والعض ، والكسر يهمز ويهمز والهامز والهمزة الغماز وفسر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم همز الشّيطان بالموتة أي الجنون لأنّه يحصل من نخسه وغمزه ، وفي النهاية في حديث الاستعاذة من الشّيطان أما همزة فالموتة الهمز النخس والغمز وكلّ شيء دفعته فقد همزته والموتة الجنون ، والهمز أيضاً الغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم وقد همز يهمز فهو هماز وهمزة للمبالغة « إن الله هو السميع العليم » فيعلم دعاء الداعين ويعلم مقاصدهم وعجزهم فيستجيب لهم كما قال ادعوني أستجب لكم وفيه حث على حسن الظنّ بقبول الدّعاء « فإن نسيت » أن تقوله في وقته المذكور « قضيت » متى ما ذكرت كما « تقضي الصّلاة » عند ذكرها « إذا نسيتها » في وقتها والمراد بالصّلاة الفريضة أو النافلة والأوّل أوفق بمشربّ المحدثين ،

٢٨٨

٣٢ - عنه ، عن محمّد بن علي ، عن أبي جميلة ، عن محمّد بن مروان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قل أستعيذ بالله من الشّيطان الرجيم وأعوذ بالله أَنْ يَحْضُرُونِ ، إن الله هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، وقل : « لا إِلهَ إلّا اللهُ وحده لا شَرِيكَ لَهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » قال فقال له رجل مفروض هو قال نعم مفروض محدود تقوله

_________________________________________________

والثاني أنسب بمذهب الفقهاء وعلى الأوّل يمكن أن يكون التشبيه لتأكيد القضاء عند الذكر لا للوجوب.

الحديث الثاني والثلاثون : ضعيف.

والمراد بالشيطان هنا الجنس ، ولـمّا كان في المعنى متعدداً أرجع إليه ضمير الجمع في قوله « أَنْ يَحْضُرُونِ » وهو بكسر نون الوقاية للدلالة على ياء المتكلّم المحذوفة قولهعليه‌السلام « نعم مفروض محدود » الفرض في اصطلاح الأخبار ما ظهر وجوبه من القرآن ، ويقابله السنة أي ما ظهر وجوبه من السنة ، وقد يطلق الفرض على ما ظهر رجحأنّه من الكتاب أعم من أن يكون على الوجوب أو الاستحباب ، ويقابله السنة بالمعنى الأعمّ أي ما ظهر شرعيته من السنة أعم من أن يكون واجبا أو مستحبا ، فيمكن حمل الفرض هنا على هذا المعنى لـمّا مرّ من الأخبار أن المراد بآيات التسبيح الذكر بكرة وأصيلا وقبل طلوع الشمس وقبل غروبها وبالعشي والأبكار وبكرة وعشيّاً وبالغدو والآصال هذه التهليلات بل الاستعاذات أيضاً فإنهما أتمّ وأهم من سائر الأذكار والمراد بالمحدود الموقوت الذي جعل لوقته حدّ أوّلاً وآخراً.

وقال في القاموس : الفرض كالضربّ التوقيت ومنه ( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحجّ ) وما أوجبه الله تعالى كالمفروض والقراءة والسنة يقال : فرض رسول الله أي سن والعطية المرسومة وما فرضته على نفسك فوهبته أوجدت به لغير ثواب أي عوض وافترض الله أوجب ، وفي النهاية أصل افرض القطع وقد فرضه يفرضه فرضا وافترضه

٢٨٩

قبل طلوع الشمس وقبل الغروب عشرّ مرَّات فإن فاتك شيء فاقضه من الّليل والنهار.

٣٣ - عنه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن رجل ، عن إسحاق بن عمّار ، عن العلاء بن كامل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن من الدّعاء ما ينبغي لصأحبّه إذا نسيه أن يقضيه يقول بعد الغداة : « لا إِلهَ إلّا اللهُ وحده لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ويميت ويحيي وهو حيُّ لا يموت بيده الخير كله وَهُوَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » عشرّ مرَّات ويقول : « أعوذ بالله السميع العليم » - عشرّ مرَّات - فإذا نسي من ذلك شيئاً كان عليه قضاؤه.

_________________________________________________

افتراضا وهو الواجب سيان عند الشافعي ، والفرض أكد من الواجب عند أبي حنيفة ، والفرض يكون بمعنى التقدير انتهى.

وأقول : إذا عرفت معاني الفرض وإطلاقاته لغة وعرفا يشكلّ الاستدلال على وجوب الذاكرين بهذه الأخبار ضعف أكثرها ولو كانا واجبين كان يحق أن يكونا متواترين كالفرائض اليومية مع أنهما لم يصيرا مستفيضين كالنوافل المرتبة ، وأيضاً لم يذكر في شيء من الأخبار الوعيد على تركهما الذي هو من لوازم الوجوب والاختلافات الكثيرة فيهما قرينة جلية على الاستحباب لكن الاحتياط سبيل أولي الألباب و « من » في قوله « من الّليل » بمعنى - في.

الحديث الثالث والثلاثون : مرسل مجهول.

والقضاء في هذا الخبر مخصوص بالنسيان كالخبر الأوّل لكن الفوت الوارد في الخبر السّابق يشمل العدم أيضاً ويمكن حمله على النسيان أو القول بالتعميم وحمل التقييد بالنسيان على أن القضاء فيه أهم أو قيد به إيماء إلى أنّه لوفور فضله ممّا لا ينبغي أن يترك عمداً وقولهعليه‌السلام « كان عليه » وإن كان ظاهره الوجوب لكن « ينبغي » في صدر الخبر قرينة الاستحباب.

٢٩٠

٣٤ - عنه ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمّد بن مسلم قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن التسبيح فقال ما علمت شيئاً موظفا غير تسبيح فاطمةعليها‌السلام - وعشرّ مرَّات بعد الفجر تقول : « لا إِلهَ إلّا اللهُ وحده لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ - وَهُوَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » ويسبّح ما شاء تطوعا.

_________________________________________________

الحديث الرابع والثلاثون : صحيح.

والمراد بالموظف ما له عدد مخصوص وهيئة خاصّة لا يزاد عليه ولا ينقص منه ، أو ما يكون من السنن الأكيدة الّتي ينبغي أن لا يترك إلّا لعذر شديد ويلزم المواظبة عليها ومع ذلك كأنّه على التأكيد والمبالغة ولا استبعاًد فيه فإنهما من المتواترات بين الخاصّة ولم يرد في شيء من الأذكار ما ورد فيهما من الأخبار قولهعليه‌السلام « ويسبّح ما شاء تطوعاً » كان المراد بالتسبيح هنا أعم من سبحان الله وما يشاكلّها بل يشمل كلّ ما يدلّ على عظمته سبحانه وتنزيهه وجلالته من الأذكار كالتهليل والتكبير والحوقلة وأشباهها كما يقال تسبيح الزهراءعليها‌السلام والمراد إما الأذكار المنقولة خصوصاً أو الأعمّ والتطوع يطلق في عرف الأخبار والمحدثين غالباً على المستحبات الّتي ليست من السنن الّتي كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يواظب عليهن كالنوافل اليومية وصوم ثلاثة أيام في كلّ شهر وأمثالها ولذا عقد الصدوق في الفقيه لصوم السنة بابا ولصوم التطّوع باباً آخر ، ومن خواصّ السّنن أنّها تقضي إذا فاتت.

فإذا عرفت هذا فاعلم أنّهعليه‌السلام أو ما في هذا الكلام إلى أمرين ( الأوّل ) أن تخصيص هذين الذكرين بالتوظيف وبكونهما من السنن لا ينافي استحباب سائر الأذكار المأثورة خصوصاً أو عموماً ( والثاني ) أن يعلم أنّهما من السنن الأكيدة وسائر الأدعية والأذكار ليست في درجتهما وفضلهما بل هي من التطوعات.

٢٩١

٣٥ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبيدة الحذاء قال قال أبو جعفرعليه‌السلام من قال حين يطلع الفجر : « لا إِلهَ إلّا اللهُ وحده لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ [ ويميت ويحيي ] وهو حيُّ لا يموت بيده الخير وَهُوَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » - عشرّ مرَّات - « وصلّى على محمّد وآل محمّد عشرّ مرَّات وسبح خمسا وثلاثين مرّة وهلل خمسا وثلاثين مرّة وحمد الله خمسا وثلاثين مرّة لم يكتب في ذلك الصّباح من الغافلين وإذا قالها في المساء لم يكتب في تلك الليلة من الغافلين.

٣٦ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن الفضيل قال كتبت إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام أسأله أن يعلّمنّي دعاء فكتب إلي تقول إذا أصبحت وأمسيت - الله الله الله ربّي الرحمن الرحيم لا أشرك به شيئاً

_________________________________________________

الحديث الخامس والثلاثون : ضعيف على المشهور صحيح عندي.

وقيل : المراد بالصّباح في هذا الحديث جميع اليوم أو المراد بالليلة أولها أي المغربّ ، وأقول : يمكن أن يقال النكتة في تغيير الأسلوب أن في اليوم غالباً متيقظ مشتغل بالأعمال فيمكن أن يكون في سائر اليوم غافلا بخلاف الّليل فإن في أكثره نائم فيتفضل الله عليه بأن لا يكتبه في جميع الليلة غافلا لافتتاحها بالذكر ، كما أنّه إذا نام متطهرا يكتب كذلك إلى الصّباح ، ومعلوم أن هذا التسبيح غير تسبيح فاطمةعليها‌السلام بل الظاهر أنّ قراءته قبل الصلاتين وقولهعليه‌السلام « لم يكتب من الغافلين» إشارة إلى قوله تعالى في سورة الأعراف وَاذْكُرْ رَبَّكَ إلى قوله بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ وإلى أنّه يكفي هذا الذكر لإطاعة الأمرّ في تلك الآية فتفطن ولا تكن من الغافلين.

الحديث السادس والثلاثون : مجهول وإن أمكن أن يكون محمّد بن الفضيل محمّد بن القاسم بن الفضيل الثقة ، فالخبر صحيح.

٢٩٢

وإن زدت على ذلك فهو خير ثمَّ تدعو بما بدا لك في حاجتك فهو لكلّ شيء بإذن الله تعالى يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ.

٣٧ - الحسين بن محمّد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن داود الرقي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا تدع أن تدعو بهذا الدّعاء ثلاث مرَّات إذا أصبحت وثلاث مرَّات إذا أمسيت - اللّهمّ اجعلني في درعك الحصينة الّتي تجعل فيها من تريد فإن أبيعليه‌السلام كان يقول : هذا من الدّعاء المخزون.

_________________________________________________

« وإن زدت على ذلك » من الأدعية المنقولة لقضاء الحوائج أو الأعمّ « فهو لكلّ شيء » أي ينفع لقضاء كلّ حاجة وليس هو لحاجة دون حاجة « بإذن الله » أي بتوفيقه أو بتقديره « يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ » أي كن صاحب يقين في قضاء حاجتك ، أو لا يمنعك عظم حاجة عندك عن سؤالها فأنّه يفعل ما يشاء ولا تعجز قدرته عن شيء أو إذا كان موافقا لمشيته التابعة للمصلحة يستجيبه فلا يكن في صدرك حرج إذا لم يستجب كما قال سيّد السّاجدين - ويا من تبدل حكمته الوسائل - وقيل : المعنى يوفق من شاء لهذا الوجه من الدّعاء ليستجيب له ولا يوفق من لم يشاء.

الحديث السابع والثلاثون : مجهول ويمكن أن يعدّ حسناً لأن سعد إن كان له أصل وهو عندي مدح.

قوله « هذا من الدّعاء المخزون» أي مخزون عن غير أهله « لا تعلمه كلّ أحد » أو المخزون في كنوز مقالة المؤمنين الّتي يحفظها الملائكة المقربون كما قيل إشارة إلى ما مرّ في الرابع عشرّ أنّه إذا قال المؤمن هذا الدّعاء ابتدرهن ملك وصعد به إلى أن ينتهي بهنٌ إلى حملة العرش فيقولون انطلق بهنٌ إلى حفظة كنوز مقالة المؤمنين إلى آخر ما مرّ ، والأوّل عندي أظهر.

٢٩٣

٣٨ - علي بن محمّد ، عن بعض أصحابه ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قلت له ما عنى بقوله : « وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى » قال كلمات بالغ فيهن قلت وما هن قال كان إذا أصبح قال - أصبحت وربّي محمود أصبحت لا أشرك بالله شيئاً ولا أدعو معه إلها ولا أتخذ من دونه وليا - ثلاثاً وإذا أمسى قالها ثلاثاً قال فأنزل الله عزَّ وجلَّ في كتابه «وَإِبْراهِيمَ

_________________________________________________

الحديث الثامن والثلاثون : ضعيف.

« وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى » في النجم هكذا( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى ) وَإِبْراهِيمَ ) أي صحف إبراهيم الَّذِي وَفَّى قيل أي وفر وأتمّ ما التزمه ، أو أمرّ به ، أو بالغ في الوفاء بما عاهد الله ، وقيل وفي بالصير على ذبح الولد ، وعلى نار نمرود حتّى قال جبرئيلعليه‌السلام وهو في الهواء بعد الرمي إليها ألك حاجة فقال أما إليك فلا « قال كلمات » النصب أي عنى كلمات ، وقيل بالرّفع أي هي كلمات ، وأقول : يمكن أن يكون المعنى من جملة ذلك هذه الكلمات لا أنّه مختص بها « وربّي محمود » أي بحمد جميع الخلائق ، أو بحمدي له ، أو مستحق للحمد بنعمة علي وعلى جميع الخلائق والواو للحال وكذا « لا أشرك » حال « ولا أتخذ من دونه وليّاً » أي ناصراً ومعيناً ومتوليا لأموري وأولى بالأمرّ منّي كما قال تعالى :( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ) (١) وقال :( إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) (٢) وقال :( وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ) (٣) وقال :( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) (٤) الآية.

____________________

(١) البقرة : ٢٥٧.

(٢) الأعراف : ١٩٦.

(٣) الأعراف : ٣.

(٤) المائدة : ٥٥.

٢٩٤

الَّذِي وَفَّى » قلت فما عنى بقوله في نوح : «أنّه كانَ عبداً شَكُوراً » قال كلمات بالغ فيهن قلت وما هن قال كان إذا أصبح قال أصبحت أشهدك ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فإنها منك وحدك لا شريك لك فلك الحمد على ذلك ولك الشكر كثيراً كان يقولها إذا أصبح ثلاثاً وإذا أمسى ثلاثاً قلت فما عنى بقوله في يحيى : « وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً » قال تحنن الله قال قلت فما بلغ من تحنن الله عليه قال كان إذا قال يا ربّ قال الله عزَّ وجلَّ لبيك يا يحيى.

_________________________________________________

قوله تعالى : «أنّه كانَ عبداً شَكُوراً »(١) قيل كان يحمد الله في مجامع حالاته وفيه إيماء إلى أن نجاته ونجاة من معه كان ببركة شكره ، وحث للذرية على الاقتداء به وقيل الضمير موسى لأنّه المذكور في صدر الآية السّابقة حيث قال سبحانه «وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ إلّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً. ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ أنّه كانَ عبداً شَكُوراً »(٢) والخبر يدلّ على إرجاعه إلى نوح ، وهو أقربّ لفظاً وقولهعليه‌السلام « كلمات » يحتمل الوجهين « ما أصبحت بي » التأنيث باعتبار معنى الموصول والباء للملابسة ، وفي بعض الأخبار ما أصبح نظرا إلى لفظ الموصول ، وقراءته بصيغة الخطاب كما توهّم تصحيف « وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا » قيل أي رحمة منا عليه أو رحمة منا وتعطفاً في قلبه على أبويه وغيرهما عطف على الحكم في قوله « وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ » « وَزَكاةً » قيل أي الطهارة النفسانية من الأرجاس الشيطانية ، أو صدقة تصدق الله بها على أبويه ، أو مكنه ووفقه للتصدق على الناس قال « تحنن الله » التحنن الترحم والتعطف والاشتياق والبركة.

____________________

(١) الإسراء : ٢.

(٢) الإسراء : ٢ - ٣.

٢٩٥

(باب)

(الدعاء عند النوم والانتباه)

١ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه والحسين بن محمّد ، عن أحمد بن إسحاق جميعاً ، عن بكر بن محمّد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قال حين يأخذ مضجعه ثلاث مرَّات الحمد لله الذي علا فقهر والحمد لله الذي بطن فخبر والحمد لله الذي ملك فقدر والحمد لله الذي يُحيُّ الْمَوْتى ويميت الأحياء وَهُوَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ خرج من الذُّنوب

_________________________________________________

باب الدّعاء عند النوم والانتباه

الحديث الأول : صحيح.

وقد مرّ مثله مع شرحه في باب التحميد ونعيده هنا مجملاً « الحمد لله الذي علا فقهر » أي علا على كلّ شيء في الرتبة والشرف والعلية والحكم ، وليس فوقه شيء فقهر جميع ما عداه وغلب على جميع ما سواه فيفعل بهم ما يشاء ويحكم بهم ما يريد. « والحمد لله الذي بطن » أي احتجب عن الأبصار والأوهام فلا يدركه بصر ولا يحيط به وهم ، أو علم بواطن الأشياء كما علم ظواهرها تقول بطنت الأمرّ إذا عرفت باطنه « فخبر » دقائق الأشياء وسرائرها وعلم غوامضها وضمائرها ، من الخبر وهو العلم ، يقال : فلان خبير أي عالم بكنه الشيء وطبيعته مطلع على آثاره وحقيقته ، « والحمد لله الذي ملك فقدر » أي ملك رقاب الممكنات وزمامها وقوامها ونظامها ، فقدر على إيجادها وإبقائها وأصلاًحها وإفنائها.

« والحمد لله الذي يحيي الموتى ويميت الأحياء » يجوز أن يراد بالموتى من اتصف بالموت قبل تعلّق الوجود والرّوح به ، ومن اتصف به عند انقضاء الآجال في الدنيا ، ومن اتصف به بعد رد الرّوح إليه في القبر للسؤال ، ومن اتصف به بعد رد الرّوح إليه في الرجعة ، للإثابة والانتقام في الدنيا.

٢٩٦

كهيئة يوم ولدته أمه.

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليقلّ اللّهمّ إني احتبست نفسي عندك فاحتبسها في محل

_________________________________________________

فالإحياء في أربعة مواضع ، في الدنيا ، وفي القبر ، وفي الرجعة ، وفي القيامة والإماتة في ثلاثة مواطن ، في الدنيا ، وفي القبر ، وفي الرجعة ، ولو أطلقنا الإماتة على خلقهم أمواتا ففي أربعة مواضع ، في الدنيا مرَّتين ، وفي القبر ، وفي الرجعة ، فالمراد بالتثنية في قوله تعالى( أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) مطلق التكرير لا خصوص المرَّتين كما في - لبيك وسعديك - ولو حمل على المرَّتين حقيقة فالمراد الإحياء بعد الإماتة ، والإماتة بعد الإحياء وعدم عد إحياء القبر وإماتتها لضعف الحياة وقلة زمانها ، أو عدم عد الرجعة ، إما لعدم عمومهما فيها إذ الرجعة مختصة بجماعة من الأخيار والأشرار ، وهذا إذا قيل بعموم إحياء القبر ، وإن كان السؤال مختصا بالمستضعفين كما ورد في الأخبار ، لكن الظاهر من بعضها عدم الإحياء أيضاً لهم إذ الظاهر أن الإحياء للسؤال والثواب والعذاب أو لكونها من مقدمات الحشرّ والقيامة فعداً وأحداً ، وفيه تكلف « خرج من الذنوب » ظاهره الخروج من الكبائر أيضاً.

الحديث الثاني : مرفوع.

« إذا أوى أحدكم » بالتخفيف وقد يشدد في القاموس أويت منزلي وليه أويا بالضمّ وقد يكسر وأويت تأوية نزلته بنفسي وسكنته ، وآويته وأويته أنزلته « إني احتسبت نفسي » كذا في بعض النسخ بتقديم الباء على السين ، وكذا صححه الأكثر ، والاحتباس يكون بمعنى الحبس في القاموس احتبسه حبسه فاحتبس لازم متعد انتهى ، والمعنى أني قصدت النوم فكأني حبست نفسي عندك ، ويمكن أن يكون من الحبس بمعنى الوقف ، وفي جامع الأصول في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : - حبسوا أنفسهم

٢٩٧

رضوانك ومغفرتك وإن رددتها إلى بدني فارددها مؤمنة عارفة بحقّ أوليائك حتّى تتوفاها على ذلك.

_________________________________________________

لله - أراد بهم الرهابين أقاموا بالصوامع ، ومنه تسمية النصارى الحبيس ، وفي بعض النسخ احتبست نفسي عندك فاحتسبها بتقديم السين على الباء في الموضعين ، وهو عندي أظهر أي رضيت بقبضك روحيُّ في المنام ، وبما قدرته علي فيه من إمساكها وإرسالها ، كما قال تعالى( وَالّتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الّتي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ) (١) فالغرض تفويض أمرّ نفسه إليه والرّضا بما قضى عليه.

فقوله : « فاحتسبها في محل رضوانك » أي في محل أهل رضوانك والذين ترضى عنهم ، والظّاهر أنّه في صورة الإمساك بقرينة المقابلة ويحتمل التعميم ليشمل حالة النوم فيرفع نفسه إلى المحل الذي يرفع إليه نفوس أهل الرضوان والغفران قال في النهاية فيه - من صام رمضان إيماناً واحتسابا - أي طلبا لوجه الله وثوابه والاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه لأن له حينئذ أن يعتد عمله فجعل في حال مباشرة الفعل كأنّه معتد به ، والحسبة اسم من الاحتساب كالعدَّةٌ من الاعتداد والاحتساب في الأعمال الصالحات ، وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر ، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجو منها ، ومنه الحديث - من مات له ولد فاحتسبه - أي احتسب الأجر بصبره على مصيبته ، يقال : احتسب فلان ابنا له إذا مات كبيراً وافترطه إذا مات كبيراً ، وافترطه إذا مات صغيرا ، ومعناه اعتد مصيبته به في جملة بلايا الله الّتي يثاب على الصبر عليها انتهى.

____________________

(١) الزمر : ٤٢.

٢٩٨

٣ - حميد بن زياد ، عن الحسين بن محمّد ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن يحيى بن أبي العلاء ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه كان يقول عند منامه - آمنت بالله وكفرت بالطاغوت اللّهمّ احفظني في منامي وفي يقظتي.

٤ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج ، عن محمّد بن مروان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إلّا أخبركم بما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول إذا أوى إلى فراشه قلت بلى قال كان يقرأ آية الكرسي ويقول :« بسم الله آمنت بالله وكفرت بالطاغوت اللّهمّ احفظنّي في منامي وفي يقظتي ».

_________________________________________________

وفي جامع الأصول في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيمكث فيه صابرا محتسبا أي صابرا بقضاء الله محتسبا نفسه عند الله أي يدخرها عنده ويفوض أمرها إليه انتهى ، وفي بعض النسخ المصححة اللّهمّ إن احتبست نفسي فاحتسبها فتقديم الباء على السين أظهر ، وهو أظهر النسخ « حتّى تتوفاها على ذلك » أي كائنة على تلك الأحوال والعقائد حتّى نقبضها كائنة عليها ، وقيل : إنما قال على ذلك لأنّه قد يكون حكم ما بعد حتّى غير داخل في حكم ما قبلها فصرّح بالدّخول لذلك.

الحديث الثالث : مرسل كالموثق.

« والطاغوت » الشّيطان والأصنام والكاهن ، وكلّ ما عبد من دون الله ، وكلّ رئيس في الضلالة ويطلق في الأخبار على خلفاء الجور لا سيما الثاني.

الحديث الرابع : مجهول.

وفيه إشعار بأنّه يقرأ آية الكرسي إلى - هم فيها خالدون - بل يمكن الاستدلال به على أن آية الكرسي اسم للآيات الثلاث كما ذهب إليه بعض المحدثين ، فالمراد جنس الآية لا الآية الواحدة كآية السخرة ، والمشهور أنّه إذا أطلق فالمراد بها إلى العلي العظيم.

٢٩٩

٥ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن ميمون ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول : اللّهمّ إني أعوذ بك من الاحتلام ومن سوء الأحلام وأن يلعب بي الشّيطان في اليقظة والمنام.

_________________________________________________

الحديث الخامس : موثّق كالصحيح.

وروى الصدوق في الفقيه بسند صحيح عن معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا خفت الجنابة فقل في فراشكّ « اللّهمّ » إلى آخر الدّعاء ، وفي القاموس الحلم بالضمّ وبضمتين الرؤيا والجمع أحلام حلم في نومه واحتلم وتحلم وانحلم والحلم بالضمّ والاحتلام ، الجماع في النوم ، والاسم الحلم كعنق انتهى ، والأصوب أن يقال الاحتلام الجنابة في المنام سواء كان بالجماع أو بغيره ، وكذا قالوا في الخبر المرويّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غسل الجمعة واجب على كلّ محتلم أي بالغ مدرك كذا ذكره في النهاية ، وقال فيه الرؤيا من الله والحلم من الشّيطان ، الرؤيا والحلم عبارة عمّا يراه النائم في نومه من الأشياء لكن علمت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن وغلب الحلم على ما يراه من الشرّ والقبيح ، ومنه قوله تعالى( أَضْغاثُ أَحْلامٍ ) ويستعمل كلّ منهما موضع الآخر وتضم لام الحلم وتسكن انتهى ، والباء في « بي الشّيطان » للتعدية أو المصاحبة ، ولعب الشّيطان كناية عن التخييلات الباطلة الّتي تضر الإنسان ولا تنفعه والتسويلات الّتي توجب ارتكاب المعاصي كأنّه يستهزئ بالإنسان ويلعب به ، ومنها الاحتلام.

قال في النهاية فيه صادفنا البحر حين اغتلم فلعب بنا الموج شهراً ، سمّي اضطراب أمواج البحر لعبا لـمّا لم يسر بهم إلى الوجه الذي أرادوه ، يقال لكلّ من عمل عملاً لا يجدي عليه نفعاً إنّما أنت لاعب انتهى. وكان هذا الدّعاء منهعليه‌السلام لتعليم غيره أو لإظهار العجز والتواضع والافتقار إليه تعالى وإن عصمتهم من الطافه سبحانه بهم ، فلا تنافي بين الدّعاء ووجوب ذلك على الله لأخباره بعصمتهم وإن

٣٠٠