مرآة العقول الجزء ١٢

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 594
المشاهدات: 44766
تحميل: 6429


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44766 / تحميل: 6429
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 12

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أوى إلى فراشه قال - اللّهمّ باسمك أحيا وباسمك أموت فإذا قام من نومه قال : « الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وَإِلَيْهِ النُّشُورُ » وقال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام

_________________________________________________

والمميت ومعنى كلّ اسم واجب له فهو سبحانه يحيي ويميت لا يتصف غيره بذلك فكأنّه قال باسمك المحيي أحيا وباسمك الميت أموت « الحمد لله الذي أحياني » حمده بالإحياء لأن الإحياء نعمة يستحقّ به الحمد « وَإِلَيْهِ النُّشُورُ » السّابق دليل عليه لأن الإحياء بعد موت النوم نشور صغير يمكن الاستدلال به على النشور الأكبر ، فلذلك ذكره بعده وإليه خبر النشور قدم عليه للحصر قولهعليه‌السلام : « آية الكرسي » أي إلى - العظيم - أو إلى - خالدون - كما مرّ « شَهِدَ اللهُ » أي بنصب الآثار الدالة على توحيده فإن كلّ ذرة من ذرات العالم شاهدة عليه ، أو بإنزال الآيات الدالة عليه ، أو بقوله في القرآن المجيد( أَنَا اللهُ لا إِلهَ إلّا أَنَا ) وأمثاله( وَالْمَلائِكَةُ ) بالإقرار( وَأُولُوا الْعِلْمِ ) بالإيمان بها والاحتجاج عليها شبه ذلك في البيان والكشف بشهادة الشاهد « قائِماً بِالْقِسْطِ » أي مقيما للعدل في قسمه وحكمه وانتصابه على الحال من الله أو عن هو «لا إِلهَ إلّا هُوَ » كرره للتأكيد ومزيد الاعتناء بمعرفة أدلة التوحيد والحكم به بعد إقأمّة الحجة وليبني عليه «الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » فيعلم أنّه الموصوف بهما ، وقدم العزيز لتقدم العلم بقدرته على العلم بحكمته ، ورفعهما على البدل من الضمير أو الصفة لفاعل شهد ، وهذا آخر الآية.

وقد يضاف إليه( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ ) مع أنّه خارج عن الآية ، وكأنّه على قراءة أن الدين بفتح الهمزة بدلا من أنّه لا إله إلّا هو ، أو من القسط ، فيكون من تتمة الآية معنى وإن لم تكن لفظاً.

ويؤيّده ما رواه الطبرسي عن غالب القطان قال أتيت الكوفة في تجارة فنزلت قريباً من الأعمش ، فكنت أختلف إليه ، فلـمّا كنت ذات ليلة أردت أن أنحدر إلى

٣٢١

من قرأ عند منامه آية الكرسي ثلاث مرَّات والآية الّتي في آل عمران : «شَهِدَ اللهُ أنّه لا إِلهَ إلّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ » وآية السخرة وآية السجدة وكلّ به شيطانان يحفظأنّه من مردة الشياطين شاءوا أو أبوا ومعهما من الله ثلاثون ملكا يحمدون

_________________________________________________

البصرة قام من الّليل فتهجد فمرّ بهذه الآية( شَهِدَ اللهُ أنّه لا إِلهَ إلّا هُوَ ) الآية ، ثمَّ قال الأعمش وأنا أشهد بما شهد الله به ، وأستودع الله هذه الشهادة ، وهي لي عند الله وديعة ،( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ ) قالها مرارا ، قلت لقد سمع فيها شيئاً فصلّيت معه وودعته ، ثمَّ قلت : آية سمعتك ترددها ، قال : لا والله لا أحدثك بها إلى سنة فكتبت على بابه ذلك اليوم وأقمت سنة ، فلـمّا مضت السنة ، قلت : يا أبا محمّد قد مضت السنة ، فقال : حدثني أبو وائل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله إن لعبدي هذا عهدا عندي وأنا أحق من وفي بالعهد ، أدخلوا عبدي هذا الجنّة - ففيه إيماء إلى قراءة هذه التتمة ، وقد يقرأ إلى - سريع الحساب.

وقال الطبرسي أيضاً روى أنس عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال من قرأ( شَهِدَ اللهُ ) الآية عند منامه ، خلق الله له منها سبعين ألف خلق يستغفرون له إلى يوم القيامة وآية السخرة في الأعراف( إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ - إلى قوله -ربّ الْعالَمِينَ ) وقيل : إلى( قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) كما ذكره الشيخ البهائي (ره) فالمراد بالآية الجنس ، وسميت سخرة لدلالتها على تسخير الله تعالى للأشياء وتذليله لها والمشهور أن المرادبآية السجدة آيتان في آخر حم السجدة( سَنُرِيهِمْ آياتِنا ) إلى آخر السورة ، وقيل : المراد بها الآية المتصلة بآخر آية السجدة في الم السجدة ، وهي( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خوفاً وَطَمَعاً وَممّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ) لأنها أنسب بهذا المقام وكان الأحوط الجمع بينهما « يحفظانه » فيه غاية اللطف حيث جعل عدو وليه حافظا له « شاءوا أو أبوا » قيل جملة شرطية عند بعض

٣٢٢

الله عزَّ وجلَّ ويسبحونه ويهللونه ويكبرونه ويستغفرون له إلى أن ينتبه ذلك العبد من نومه وثواب ذلك له.

١٧ - أحمد بن محمّد الكوفي ، عن حمدان القلانسي ، عن محمّد بن الوليد ، عن أبان ، عن عامرّ بن عبد الله بن جذاعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما من أحد يقرأ آخر الكهف عند النوم إلّا تيقظ في الساعة الّتي يريد.

١٨ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من أراد شيئاً من قيام الّليل وأخذ مضجعه فليقلّ - بسم الله اللّهمّ لا تؤمنّي مكرك ولا تنسني ذكرك ولا تجعلني من الغافلين

_________________________________________________

النحاة بتقدير - إن شاءوا - أو أبوا وحاليّة عند بعضهم ، وهم الذين لا يشترطون في الماضي إذا كان حإلّا [ حالة ] لفظة - قد - لا لفظاً ولا تقديراً ، والضميران إما راجعان إلى الملكين مجازاً أو إلى مردة الشياطين أي لا يمكنهم الغلبة عليهما ، لأنهما يفعلان ذلك بأمره تعالى ، وثواب ذلك له ، لأنّه الباعث لذلك ، ولا ينافي ذلك قوله تعالى( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إلّا ما سَعى ) لأن ذلك من آثار سعيه كما أن الخيرات الصادرة عن المؤمنين له من آثار إيمأنّه وسعيه.

الحديث السابع عشر : مجهول.

وآخر الكهف( قُلْ إِنَّما أَنَا بَشرّ ) إلى آخر السورة « إلّا تيقظ » بصيغة الماضي من باب التفعل وربما يقرأ باليائين وفتح الأولى وضم القاف أو فتحها وهو مخالف للمضبوط في النسخ ولا حاجة إليه.

الحديث الثامن عشر : ضعيف على مشهور.

« لا تؤمنّي مكرك » أصل المكر الخداع وهو على الله محال ، وإذا نسب إليه تعالى يراد به الاستدرّاج ، أو الجزاء بالغفلات والإيقاع بالبليات ، والعقوبة بالسيئات « ولا تنسني ذكرك » قيل : نسيان العبد ذكره تعالى لازم لسلب اللطف والتوفيق والإعانة والنصرة عنه فقصد بنفي اللازم نفي الملزوم من باب الكناية

٣٢٣

أقوم ساعة كذا » وكذا إلّا وكلّ الله عزَّ وجلَّ به ملكاً ينبّهه تلك الساعة.

(باب)

(الدّعاء إذا خرج الإنسان من منزله)

١ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن أبي حمزة قال رأيت أبا عبد اللهعليه‌السلام يحرك شفتيه حين أراد أن يخرج وهو قائم على الباب فقلت إني رأيتك تحرّك شفتيك حين خرجت فهل قلت شيئاً قال نعم إن الإنسان إذا خرج من منزله قال حين يريد أن يخرج الله أكبر الله أكبر ثلاثاً - بالله أخرج وبالله أدخل وعلى الله أتوكلّ ثلاث مرَّات اللّهمّ افتح لي في وجهي هذا بخير واختم لي بخير وقني شرّ كلّ دابة

_________________________________________________

« ولا تجعلني من الغافلين » عن ذكرك وطاعتك بالإمداد والتوفيق لها « أقوم » أي أريد « إلّا وكلّ » المستثنى منه مقدّر أي ما قاله إلّا وكل.

باب الدعاء إذا خرج الإنسان من منزله

الحديث الأوّل : حسن كالصّحيح ، وسنده الثاني صحيح.

« قال حين يريد » قيل جملة حاليّة من فاعل خرج بتقدير قد ، نحو قوله تعالى( جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ ) « ثلاثاً » أي قال الله أكبر ثلاث مرَّات « بالله أخرج » أي أخرج مستعيناً بذاته أو متبركاً باسمه « وعلى الله أتوكلّ » أي في الخروج والدّخول ، وفي جميع الأمور « ثلاث مرَّات » أي قال الكلمات الثلاث المذكورة ، ثلاث مرَّات « اللّهمّ افتح لي في وجهي هذا بخير واختم لي بخير » كأنّه أراد أن يكون خير الابتداء متصلاً بخير الانتهاء أو طلب الخير في الذهاب والخير في العود.

« وقنى شرّ كلّ دابة أنت أخذ بناصيتها » إشارة إلى قوله تعالى حكاية عن

٣٢٤

أنت آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ ربّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » لم يزل في ضمان الله عزَّ وجلَّ حتّى يرده الله إلى المكان الذي كان فيه.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيّوب ، عن أبي حمزة مثله.

_________________________________________________

هودعليه‌السلام ( إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ ربّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إلّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ) (١) قال البيضاوي : أي إلّا وهو مالك لها قادر عليها يصرفها على ما يريد بها ، والأخذ بالنّواصي تمثيل لذلك « إِنَّ ربّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » أي أنّه على الحقّ والعدل لا يضيع عنده معتصم ولا يفوته ظالم انتهى.

وأقول : لـمّا كان الآخذ بناصية حيوان قادرا على صرفه كيف شاء ، ويدلّ المأخوذ له غاية التذلل ، مثل به في الكتاب والسنة والعرف العام ، قال تعالى( فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ ) (٢) وفي الدّعاء خذ إلى الخير بناصيتي » أي اصرف قلبي إلى عمل الخيرات ، ووجهني إلى القيام بوظائف الطاعات ، كالذي يجذب بشعر مقدم رأسه إلى العمل ، ففي الكلام استعارة ، والناصية قصاص الشعر فوق الجبهة والجمع النواصي ، وفي الدّعاء والنواصي كلّها بيدك ، وهو أيضاً من باب التمثيل ، أي كلّ شيء في قبضتك وملكك وتحت قدرتك ، وقولهعليه‌السلام هنا « أنت أخذ » أما وصف للدابة للتوضيح والتعميم والإشارة إلى الترقب بحصول الوقاية ، بل إلى تحققها ، ويحتمل أن يكون استئنافا بيانيا ، كأنّه قيل كيف أقي قال أنت أخذ بناصيتها ، وقيل وفي ذكر قيامه على الحقّ وهو الصراط المستقيم توقع لنصرته على طاعته وتوفيقه له ، وأقول : قوله « لم يزل » جزاء الشرط في إذا خرج.

____________________

(١) هود : ٥٦.

(٢) الرحمن : ٤١.

٣٢٥

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي قال أتيت باب علي بن الحسينعليه‌السلام فوافقته حين خرج من الباب فقال بسم الله آمنت بالله وتَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ ثمَّ قال يا أبا حمزة إن العبد إذا خرج من منزله عرض له الشيطان فإذا قال : بسم الله قال الملكان :

_________________________________________________

الحديث الثاني : صحيح.

« فوافقته » في أكثر النسخ بتقديم الفاء على القاف أي صادفته وفاجأت لقاءه ، في القاموس : الوفيق كأمير الرفيق ووفقت أمرك تفق كرشدت صادفته موافقا ، وأوفق القوم لفلان ونوامنه واجتمعت كلمتهم ، وأوفق لزيد لقاؤنا بالضمّ كان لقاؤنا فجأة ووافقت فلانا صادفته.

وفي بعض النسخ بتقديم القاف على الفاء في القاموس الوقاف والموافقة إن تقف معه ويقف معك في حربّ أو خصومة وواقفته على كذا سألته الوقوف ، والأوّل أكثر وأظهر « بسم الله » أي أمشي أو أخرج أو أطلب الحاجة ، مستعيناً أو متبركاً أو متوسلا بذاته أو باسمه إذ لأسمائه سبحانه تأثيرات وخواص لا تحصى كما يظهر من أخبار أئمّة الهدى « آمنت بالله » قيل : إقرار بإيمان ثابت والإقرار به من كمال الإيمان أو جزؤه كما بينا في موضعه ، أو بإيمان حادث بأن الحافظ مطلقاً خصوصاً في السفر ، وبعد الخروج من المنزل هو الله تعالى « وتوكلت على الله » أي فوضت أموري كلّها إليه ، خصوصاً الخروج وما يرد بعده.

« عرض له الشّيطان » المراد بالشّيطان هنا وفيما سيأتي جنس الشياطين بقرينة ما سيأتي « قال الملكان » أي الموكلان به عن اليمين وعن الشمال « كيفيت » على بناء المجهول أي كفىّ الله ما أهمك واستغنيت به عن غيره « هديت » أي إلى دين الحقّ وإلى ما ينفعك في الدارين « وقيت » أي من شرّ الشياطين وغيرهم « فيقول بعضهم » أي بعض الشياطين « لبعضهم » كيف لنا بالتعرّض لمن كان كذلك.

٣٢٦

كفيت فإذا قال آمنت بالله قإلّا هديت - فإذا قال : تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ ، قإلّا وقيت فيتنحى الشّيطان فيقول بعضهم لبعض كيف لنا بمن هدي وكفي ووقي قال ثمَّ قال اللّهمّ إن عرضي لك اليوم ثمَّ قال يا أبا حمزة إن تركت الناس لم يتركوك

_________________________________________________

« اللّهمّ إن عرض لك اليوم » أي لا أتعرض لمن هتك عرضي لوجهك إما عفوا أو تقية وكلاهما لله رضي ، في النهاية العرض أي بالكسر موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو في سلفه أو من يلزمه أمره ، وقيل : هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ويحامي عنه أن ينتقص ويثلب ، وقال ابن قتيبة عرض الرّجل نفسه وبدنه لا غير ، ومنه حديث أبي ضمضم اللّهمّ إني تصدقت بعرضي على عبادك أي تصدقت على من ذكرني بما يرجع إلى عيبه ومنه حديث أبي الدرداء ( أقرض من عرضك ليوم فقرك ) أي من عابك وذمك فلا تجاوزه واجعله قرضا في ذمته لتستوفيه منه يوم حاجتك في القيامة انتهى ، وقيل : معنى هذا الحديث إني أبحت للناس عرضي لأجلك ، فإن اغتابوني وذكروني بسوء عفوت عنهم وطلبت بذلك الأجر منك يوم القيامة لأنك أمرت بالعفو والتجاوز ، وقد ورد أن يوم القيامة نودي ليقم من كان أجره على الله فلا يقوم إلّا من عفا في الدنيا.

وعن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا خرج من بيته قال اللّهمّ إني تصدقت بعرضي على الناس ، معناه إني لا أطلب مظلمة يوم القيامة ولا أخاصم عليها ، لا أن غيبته صارت بذلك حلالاً ، وذلك لأنّه لا يسقط الحقّ بإباحة الإنسان عرضه للناس لأنّه عفو قبل الوجوب ، إلّا أنّه وعد ينبغي له أن يفي به ولا سيما إذا جعله لله.

وأقول : في خصوص هذه المادة لا ينفع العفو لأن ذمه وغيبتهعليه‌السلام كفر ولا ينفع عفوهم في رفع عقابهم ، ولا يشفعون في الآخرة أيضاً لأنهم لا يشفعون إلّا لمن ارتضى ، فعفوهم للتقية أو لرفع درجاتهم ولا ينفع المعفو أصلاً « إن تركت الناس

٣٢٧

وإن رفضتهم لم يرفضوك قلت فما أصنع قال أعطهم [ من ] عرضك ليوم فقرك وفاقتك.

٣ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي حمزة قال استأذنت على أبي جعفرعليه‌السلام فخرج إلي وشفتاه تتحركان فقلت له فقال أفطنت لذلك يا ثمالي قلت نعم جعلت فداك قال إني والله تكلمت بكلام ما تكلّم به أحد قط إلّا كفاه الله ما أهمه من أمرّ دنياه وآخرته قال قلت له أخبرني به قال نعم من قال حين يخرج من منزله : « بسم الله حسبي الله تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ ، اللّهمّ إني أسألك خير أموري كلّها وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب

_________________________________________________

لم يتركوك » كان المراد بالترك ترك المحاورة معهم والوقيعة فيهم ، وبالرفض الاعتزال عنهم وعدم المجالسة معهم ، قيل : ليس المقصود من الشرط هنا ثبوت الجزاء عند ثبوته ، وانتفاؤه عند انتفائه ، كيف وترتبه على نقيض الشرط أولى من ترتبه على الشرط بل المقصود أن الجزاء لازم الوجود في جميع الأوقات لأنّه إذا ترتب على وجود الشرط وكان ترتبه على نقيضه أولى يفهم منه استمرار وجوده ، سواء وجد الشرط أو لم يوجد فيكون متحقّقاَ دائماً.

وأقول : صحف بعض الأفاضل فقرأ رفصتم بالصاد المهملة من الرفصة بمعنى النوبة ، وهو رفيصك أي شريبك وترافصوا الماء تناوبوه أي إن عاشرتهم ناويتهم لم يعاشروك ولم يناوبوك ، والظّاهر أنّه تصحيف.

الحديث الثالث : موثق.

« فقلت له » أي تحريك الشفة وأظهرت له تحريك شفتيه « أفطنت لذلك » بتثليث الطاء وكان الاستفهام ليس على الحقيقة ، بل الغرض إظهار فطانة المخاطب وعدم غفلته ، في القاموس : الفطنة بالكسر الحذف فطن به وإليه وله كفرح ونصر وكرم « ما أهمه » أي اهتم به واعتنى بشأنّه « خير أموري كلّها » أي من جميع

٣٢٨

الآخرة كفاه الله ما أهمه من أمرّ دنياه وآخرته.

٤ - عنه ، عن علي بن الحكم ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من قال حين يخرج من باب داره - أعوذ بما عاذت به ملائكة الله من شرّ هذا اليوم الجديد الذي إذا غابت شمسه لم تعد من شرّ نفسي ومن شرّ غيري ومن شرّ الشياطين - ومن شرّ من نصب لأولياء الله ومن شرّ الجن والإنس ومن شرّ السباع والهوام ومن شرّ ركوب المحارم كلّها أجير نفسي بالله من

_________________________________________________

أموري ما هو خير لي.

الحديث الرابع : صحيح.

« بما عاذت به ملائكة الله » أي بأسمائه الحسني ، أو بالنبيّ وأوصيائه صلوات الله عليهم كما يومئ إليه بعض الأخبار ، وفي الفقيه نقلا عن أبي بصير أيضاً أعوذ بالله بما عاذت منه ملائكة الله ، فالموصول عبارة عن المعصية والمخالفة ، فتدلّ على قدرتهم على المخالفة وإن لم تقع كما في الأنبياءعليهم‌السلام ، ويمكن حملها على التواضع والتذلل ، وأقول : ما في نسخ الكتاب موافقا للمحاسن أظهر ،قوله : « لم يعدّ » أي اليوم« ومن شرّ الشياطين » تفسير وتفضيل لقوله ومن شرّ غيري لأنّه مجمل شامل لجميع ما بعده ، وفي الفقيه ممّا عاذت منه ملائكة الله من شرّ هذا اليوم ومن شرّ الشياطين.

« ومن شرّ من نصب لأولياء الله » أي نصب حربّاً أو عداوة لهم ، ويندرج في الأولياء الشيعة ، وفي القاموس : نصب لفلان عاداه « غفر الله له » أي ذنوبه كلّها كما هو الظاهر وهو خبر لمن قال وتاب عليه أي وفقه للتوبة ، وعدم العود إلى الذنوب وكفاه الهم أي غم الدنيا والآخرة ، أوهم ما أراده بخروجه ، وفي الفقيه وبعض نسخ الكتاب وكفاه الهم أي ما أهمه من الأمور وكأنّه أظهر « وحجزه » في القاموس حجزه ويحجزه حجزا منعه وكفه فانحجز بينهما فصل عن السوء أي

٣٢٩

كلّ شرّ غفر الله له وتاب عليه وكفاه الهم وحجزه عن السوء وعصمه من الشر.

٥ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا خرجت من منزلك فقل بسم الله « تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ » لا حول ولا قوّة إلّا بالله اللّهمّ إني أسألك خير ما خرجت له وأعوذ بك من شرّ ما خرجت له اللّهمّ أوسع علي من فضلك وأتمم علي نعمتك واستعملني في طاعتك واجعل رغبتي فيما عندك وتوفني على ملتك وملة رسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٦ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة قال كان أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا خرج يقول - اللّهمّ بك

_________________________________________________

بعد الخروج في السفر والحضر ، أو في بقية عمره « وعصمه من الشرّ » كذلك ، وقيل : لعلّ المراد بالسوء المكاره الزمانية والنوائب اليومية وبالشرور الحيوانية والزلات النفسانية.

الحديث الخامس : حسن كالصحيح.

« من فضلك » أو للابتداء أو للتعليل « وأتمم علي نعمتك » قيل : نعمه تعالى على العباد غير محصورة وكلّ منها دنيويّة كانت أو أخرويّة قابلة للزيادة إلى أن تبلغ حدّ الكمال ، والله سبحانه يحب أن يسأله العبد إتمامها على وجه التضرّع والابتهال « واستعملني في طاعتك » بالتوفيق لها والإعانة عليها « واجعل رغبتي فيما عندك » من السعادة والكرامة والجنّة ونعيمها بصرف القلب إلى ما يوجب الوصول إليها « وتوفني على ملتك » بالثبات عليها وحسن العاقبة وهو أمرّ يخاف من فوته العارفون فضلا عن غيرهم.

الحديث السادس : ضعيف.

« بك خرجت » أي بتوفيقك وحولك وقوتك لا بحولي وقوتي ، أو مستعيناً بك في أموري ولك أسلمت الظرف متعلّق بأسلمت ، والتقديم للحصر أي أنا منقاد لك

٣٣٠

خرجت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت اللّهمّ بارك لي في يومي هذا وارزقني فوزه وفتحه ونصره وطهوره وهداه وبركته واصرف عنّي شره وشرّ ما فيه بسم الله وبالله والله أكبر وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ربّ الْعالَمِينَ اللّهمّ إني قد خرجت فبارك لي في خروجي وانفعنّي به قال وإذا دخل في منزله قال ذلك.

٧ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن الرّضاعليه‌السلام قال كان أبيعليه‌السلام إذا خرج من منزله قال : « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » خرجت بحول الله وقوته لا بحول منّي ولا قوتي بل بحولك وقوتك يا ربّ متعرضا لرزقك

_________________________________________________

حسب لا لغيرك ، أو أسلمت ودخلت في الإسلام مخلصاً لك ديني ، أو اللام للتعليل « وبك آمنت » الباء صلة أي آمنت بك لا بغيرك من الآلهة « وعليك توكلت » في أموري كلّها لا على غيرك لتكفيني إياها وتصلحها لي« اللّهمّ بارك لي » أي أعطني البركة والخير والزيادة والثبات في كلّ ما تعطيني في هذا اليوم « وارزقني فوزه » أي الوصول إلى المطالب فيه « وفتحه » أي فتح أبواب الرحمة فيه « ونصره » أي النصرة على الأعادي الظاهرة والباطنة فيه « وطهوره » أي الطهارة عن السيئات فيه « وهداه » أي الهداية إلى الحقّ فيه « وبركته » أي البركة والزيادة في الرّزق وسائر الخيرات فيه « واصرف عنّي شره » لعلّ هذا مبني على أن للأيام والشهور والساعات نحوسة وشرا أو المراد بشره البلايا النازلة فيه من قبل الله تعالى « وبشرّ ما فيه » شرّ المخلوقات قوله - قال أي أبو خديجة - وإذا دخل أي أبو عبد اللهعليه‌السلام - قال ذلك - أي هذا الدّعاء بأدنى تغيير بأن يقول بك دخلت إني قد دخلت فبارك لي في دخولي.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور ، صحيح عندي.

قوله عليه‌السلام « بل بحولك » فيه التفاوت من الغيبة إلى الخطاب كما في إياك نعبد ، والنكات مشتركة « فأتني به في عافية » قيل لك أن تجعل الظرفية مجازية

٣٣١

فأتني به في عافية.

٨ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن عطية ، عن عمرّ بن يزيد قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من قرأ قُلْ هُوَ اللهُ أحد حين يخرج من منزله عشرّ مرَّات لم يزل في حفظ الله عزَّ وجلَّ وكلاءته حتّى يرجع إلى منزله.

٩ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن موسى بن القاسم ، عن صباح الحذاء قال قال أبو الحسنعليه‌السلام إذا أردت السفر فقف على باب دارك واقرأ

_________________________________________________

بتشبيه ملابسة رزقه للعافية في الاجتماع معها بملابسة المظروف للظرف فتكون في لفظة - في - استعارة تبعية ، ولك أن تعتبر تشبيه الهيئة المنتزعة من الرّزق والعافية ومصاحبة أحدهما للآخر بالهيئة المنتزعة من المظروف والظرف واصطحابهما فتكون في الكلام استعارة تمثيلية تركب كلّ من طرفيها لكنه لم يصرّح من الألفاظ الّتي بإزاء المشبه به إلّا بكلمة في ، فإن مدلولها هو العمدة في تلك الهيئة وما عداه تبع له يلاحظ معه في ضمن ألفاظ منوية فلا تكون لفظة - في - استعارة بل هي على معناها الحقيقي ولك أن تشبه العافية بما يكون محلا وظرفا للشيء على طريقة الاستعارة بالكناية ويكون ذكر كلمة في قرينة وتخييلا.

الحديث الثامن : حسن كالصحيح.

وفي المصباح : كلأه الله يكلؤه مهموز بفتحتين كلاءة بالكسر والمد حفظه ويجوز التخفيف فيقال كليته أكلاه من باب تعب لغة قريش ولكنهم قالوا مكلو بالواو أكثر من مكلي بالياء.

الحديث التاسع : صحيح.

قولهعليه‌السلام « فقف على باب دارك » أي تلقاء الوجه الذي تتوجه إليه كما في الفقيه حيث روي بسنده الصحيح عن البجلي عن صباح الحذاء قال : سمعت موسى بن جعفرعليه‌السلام يقول : لو كان الرّجل منكم إذا أراد سفرا قام على باب داره تلقاء الوجه الذي يتوجه إليه فقرأ فاتحة الكتاب أمامه وعن يمينه وعن شماله

٣٣٢

فاتحة الكتاب أمامك وعن يمينك وعن شمالك و «قُلْ هُوَ اللهُ أحد » أمامك وعن يمينك وعن شمالك و «قُلْ أَعُوذُ بِربّ النَّاسِ » و «قُلْ أَعُوذُ بِربّ الْفَلَقِ » أمامك وعن يمينك وعن شمالك ثمَّ قل اللّهمّ احفظنّي واحفظ ما معي وسلمنّي وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي بلاغاً حسناً ثمَّ قال أما رأيت الرّجل يحفظ ولا يحفظ ما معه ويسلم ولا يسلم ما معه ويبلغ ولا يبلغ ما معه.

_________________________________________________

وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله ثمَّ قال اللّهمّ احفظنّي إلى آخر الخبر وسيأتي مخالفاً لهما وهذا الاختلاف مع اتحاد الراوي غريب « واقرء فاتحة الكتاب » قيل ليس فيه النفث كما ذكره بعض ، بل الأحوط تركه لتشبهه بالسحر ، كما في قوله تعالى :وَمِنْ شرّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ .

ثمَّ اعلم أن الأحسن والأوفق بلفظ الخبر قراءة كلّ منها على حدة في الجهات الثلاث ولا يبعد جواز جمع الجميع في كلّ جهة « اللّهمّ احفظنّي » أي من الآفات والبليات والمكاره الجسمانية والروحانية « وسلمنّي » الظاهر أنّه تأكيد لـمّا قبله وهو كثير في الأدعية ومناسب للإلحاح في الدّعاء ، وقيل : الحفظ من الآفات والسلأمّة من السيئات والمراد بما في الأخير العبيد والخدم والرفقاء ، وقيل : الحفظ من الآفات الأرضية والتسليم من التقديرات السماوية « وبلغني وبلغ ما معي بلاغاً حسناً » أي بلغني وما معي إلى المقصود والمكان المقصود تبليغاً حسناً بلا نقص ولا تعب ولا شيء من الآفات ، وقيل : البلاغ إما بالفتح وهو اسم لـمّا يتبلغ ويتوصل به إلى المقصود ، والمراد به هنا التبليغ بإقأمّة الاسم مقام المصدر كما في قولك أعطيته عطاء ، أو بالكسر للمبالغة في التبليغ من بالغ في الأمرّ مبالغة وبلاغاً إذا اجتهد فيه ولم يقصر انتهى.

وأقول : في القاموس : البلاغ كسحاب الكفاية والاسم من الإبلاغ والتبليغ وهما الإيصال وقوله « أما رأيت » بيان لفائدة ضم الدّعاء لـمّا معه مع الدّعاء له في الجميع. قولهعليه‌السلام « ويسلم » إلى آخره هذا الفعل وما بعده من الأفعال إما مجرد

٣٣٣

١٠ - حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمّد ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه كان إذا خرج من البيت قال بسم الله خرجت وعلى الله توكلت لا حول ولا قوّة إلّا بالله.

١١ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن موسى بن القاسم ، عن صباح الحذاء ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال يا صباح لو كان الرّجل منكم إذا أراد سفرا قام على باب داره تلقاء وجهه الذي يتوجه له فقرأ الحمد أمامه وعن يمينه وعن شماله والمعوذتين أمامه وعن يمينه وعن شماله وقُلْ هُوَ اللهُ أحد أمامه وعن يمينه وعن شماله وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله ثمَّ قال اللّهمّ احفظنّي واحفظ ما معي وسلمنّي وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل لحفظه الله وحفظ ما معه وسلمه وسلم ما معه وبلغه وبلغ ما معه أما رأيت الرّجل يحفظ ولا يحفظ ما معه ويبلغ ولا يبلغ ما معه ويسلم ولا يسلم ما معه.

١٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن الحسن بن الجهم ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل - بسم الله

_________________________________________________

معلوم أو مزيد مجهول.

الحديث العاشر : مرسل كالموثق.

« إذا خرج » أي أراد الخروج أو أخذ فيه في سفر أو حضر كما صرّح بهما في خبر ابن الجهم.

الحديث الحاديعشر : ضعيف على المشهور واللام في الرّجل للعهد الذهني.

وقوله « إذا أراد سفراً - إلى قوله - الجميل » خبر كان وقام إلى قوله الجميل جزاء إذا ، وقوله « لحفظه الله » إلى قوله « وبلغ ما معه » جزاء لو ، وقد مرّ مضمونه إلّا أنّه لم يكن آية الكرسي فيما مضى.

الحديث الثانيعشر : موثّق كالصحيح.

« فتلقّاه » قيل في الكلام حذف يعنّي فإن من قال ذلك تلقاه ويحتمل سقوطه

٣٣٤

آمنت بالله تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ ما شاءَ اللهُ لا حول ولا قوّة إلّا بالله فتلقاه الشياطين فتنصرف وتضربّ الملائكة وجوهها وتقول ما سبيلكم عليه - وقد سمى الله وآمن به وتوكلّ عليه وقال : ما شاءَ اللهُ لا حول ولا قوّة إلّا بالله.

(باب)

(الدعاء قبل الصلاة)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول من قال هذا القول كان مع محمّد وآل محمّد إذا قام قبل أن يستفتح الصّلاة - اللّهمّ إني أتوجه إليك

_________________________________________________

وقيل الفاء للبيان والضمير الغائب منصوب عائد إلى قائل هذا الكلام وفيه التفات من الخطاب إلى الغيبة ، إشارة إلى أن الحكم غير مخصوص بالمخاطب وتعرض الشّيطان له لإضلاله وإضراره ، وروى الصدوق (ره) هذا الخبر في الفقيه بإسناده الصحيح إلى علي بن أسباط وهو موثّق عن أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام وذكر نحوه إلى قوله فتلقاه الشياطين فتضربّ الملائكة وجوهاً وتقول إلى آخر الخبر وهو أظهر.

باب الدعاء قبل الصلوة

الحديث الأول : مرسل.

من قال هذا القول المشار إليه مجموع الدّعائين دعاء الاستفتاح ودعاء الانصراف وإذا لمحض الظرفيّة وقوله « إذا قام » إلى آخر الحديث بدل تفضيل لقوله « قال هذا القول » والمستتر في قام راجع إلى من ، وقيل : من متعلّق بقال وإذا قام ظرف له على الظاهر ، أو لكان على احتمال والمراد بالقيام على الأوّل القيام للصلاة وعلى الثاني القيام للنشور انتهى ، والأوّل أوجه ، والمراد باستفتاح الصّلاة التكبيرات الافتتاحية أي قبل جميعها « إني أتوجه إليك » أي أقبل بظاهري وباطني إليك

٣٣٥

بمحمّد وآل محمّد وأقدمهم بين يدي صلاتي وأتقربّ بهم إليك فاجعلني بهم وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ المقرّبين مننت علي بمعرفتهم فاختم لي بطاعتهم

_________________________________________________

« بمحمّد وآل محمّد » قيل الباء للسببية أو الاستعانة « وأقدمهم بين يدي صلواتي » قيل : الصّلاة هدية وتحفة من العبد إلى الله تعالى ، ولا بد في إيصاله إليه وقبوله لها من توسطهمعليهم‌السلام كما يتوسط مقربو السلطان في إيصال التحف إليه « وأتقربّ بهم إليك » أي أتقربّ بتوسطهم أو بتصديقهم ومتابعتهم إليك.

وأقول : لـمّا كان الصّلاة معراج المؤمن وبها يتقربّ إلى حضرة القدس ولا يمكن سلوك هذه الطريقة الأصفى والوصول إلى هذا المقصد الأقصى إلّا بدليل يهدى إلى ذلك السبيل ومعين يوصل العائد إلى حضرة الربّ الجليل وينجيه من وساوس أهل التضليل ويسقيه بكأس المحبة من العين السلسبيل ، فلذا توسل بمقربّي جنابه والعارفين بطرق قربّه وأبوابه وتوسل بهم إليه ، واستشفع بهم لديه فقال « فاجعلني بهم » أي بهدايتهم وإرشادهم وتأييدهم وإسعادهم أو بتصديقهم واتباعهم « وجيها» أي ذا جاه ومنزله ، في المصباح : وجه بالضمّ وجاهة فهو وجيه إذا كان له حظ ورتبة ، وفي القاموس : الوجه سيّد القوم كالوجيه ، وقال الراغب فلان وجيه ذو جاه ، فالوجاهة عند الله في الدنيا بالعلم والعمل وسلوك الطريقة القويمة ومتابعة العترة الهادية وكونه من الهادين المخلصين لله الدين ، وفي الآخرة بالدرجات الرفيعة ، وكونه محشورا مع أئمّة الدين بل يكون ببركتهم وقربهم من شفعاء المذنبين ويظهر منزلتهم وجاههم عند الله على العالمين ولذا قال « ومن المقرّبين » أي منك ومن الأئمّة الراشدين برغم النواصب والمخالفين كما قال سبحانه( فَلـمّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ) (١) وقالوا عند ذلك( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (٢) .

____________________

(١) الملك : ٢٧.

(٢) الشعراء : ١٠٠.

٣٣٦

ومعرفتهم وولايتهم فإنها السّعادة واختم لي بها فإِنَّكَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ثمَّ تصلّي فإذا انصرفت قلت اللّهمّ اجعلني مع محمّد وآل محمّد في كلّ عافية وبلاء

_________________________________________________

ولـمّا كان هذا الكلام موهما لإظهار فضل وامتنان قال « مننت علي بمعرفتهم » أي هذه أيضاً من نعمك الجليلة حيث جعلتني من شيعتهم ورزقتني القول بإمامتهم ولذا تقربت بهم إليك ، فترك العاطف بينهما لكمال الاتصال أو للاستئناف كأنّه سبحانه يقول من جعلك بحيث تتوصل بهم إلى فيقول : أنت مننت علي بمعرفتهم فأرجو منك أن تختم لي بطاعتهم في الأقوال والأعمال والعقائد وتديم وتتم لي معرفتهم لأبلغ في جميع ذلك إلى درجة الكمال وأكون مستقراً فيها إلى آخر الأحوال ولا أكون مستودعاً أزول عنها بشبه الشياطين وأهل الظلال « فإنّها السعادة » الّتي توجب الخلود في النعم الباقية ، فالضمير راجع إلى الطاعة والمعرفة والولاية الكاملة الدأئمّة المستقرة ، وتعريف الخبر لإفادة الحصر الدال على أن ما سواها من المعرفة والطاعة الناقصة الّتي في معرض الزوال ليست بسعادة « اختم لي بها » أي بما ذكر من الأمور الثلاثة أو بالسعادة ومالهما واحد وهذا تأكيد للسابق للمبالغة والاهتمام بها وببقائها وثباتها.

« ثمَّ تصلّي » في بعض النسخ بصيغة الخطاب وفي بعضها بصيغة الغيبة وعلى الأوّل فيه التفات ، وعلى ما اخترناه في أوّل الخبر هذه الجملة معطوفة على قوله « إذا قام » إلى آخره وهي من تتمة كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام وفي الكلام أيضاً التفات لأنّه في قوّة فإذا انصرف قال اللّهمّ اجعلني طلب ذلك لأن المعرفة التأمّة والمتابعة الكاملة والمحبة الصادقي تقتضي المشاركة في العافية والبلاء والشدّة والرخاء « واجعلني مع محمّد وآل محمّد في كلّ مثوى ومنقلب » المثوى محل الإقأمّة أو مصدر ميمي من قولهم ثوى بالمكان أقام به ، وكذا المنقلب يحتملهما أي في كلّ مكان أقاموا فيه وكلّ محل انقلبوا فيه ، أو في كلّ إقأمّة وسكون وكلّ انقلاب وحركة ، وبالجملة طلب أن تكون حركاته وسكناته موافقة لحركتهم وسكونهم ، ولو لا ذلك

٣٣٧

واجعلني مع محمّد وآل محمّد في كلّ مثوى ومنقلب اللّهمّ اجعل محياي محياهم ومماتي مماتهم واجعلني معهم في المواطن كلّها ولا تفرق بيني وبينهم ، إِنَّكَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ».

٢ - عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن بعض أصحابنا رفعه قال تقول قبل دخولك في الصّلاة - اللّهمّ إني أقدم - محمداً نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين يدي حاجتي وأتوجه به إليك في طلبتي فاجعلني بهم وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ المقرّبين ، اللّهمّ اجعل صلاتي بهم متقبلة وذنبي بهم مغفورا ودعائي بهم مستجابا يا أرحم الراحمين.

٣ - عنه ، عن أبيه ، عن عبد الله بن القاسم ، عن صفوان الجمال قال شهدت أبا عبد اللهعليه‌السلام واستقبّل القبلة قبل التكبير وقال اللّهمّ لا تؤيسني من روحك

_________________________________________________

لدخل النقص في المتابعة ووقع الفراق بين المحب والمحبوب في الجملة.

« اللّهمّ اجعل محياي محياهم ومماتي مماتهم » المحيي والممات مفعل من الحياة والموت ، ويقعان على المصدر والزمان والمكان والأوّل هنا أظهر ، والمعنى اجعل حياتي مثل حياتهم في التعرّض للخيرات والأعمال الصالحات ، وموتي مثل موتهم في استحقاق الغفران والرضوان والدرجات والشفاعات ، أو في الشهادة والقتل في سبيل الله ، وقيل المحيي الخيرات الّتي تقع في حال الحياة منجزة والممات الخيرات الّتي تصل إلى الشخص بعد الموت كالتدبير والوصية وغير ذلك ممّا ينتفع به بعد الموت.

الحديث الثاني : مرسل.

وفي القاموس : الطلبة بكسر اللام ما طلبته.

الحديث الثالث : ضعيف.

« لا توليني من روحك » في القاموس : أيس منه كسمع أياسا قنط وأيسه وآيسة ، وقال الرّوح بالفتح الراحة والرحمة ، ونسيم الريح ، وقال قنط كنصر و

٣٣٨

ولا تقنطني من رحمتك ولا تؤمنّي مكرك فأنّه لا يأمن مَكْرَ اللهِ إلّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ » قلت : جعلت فداك ما سمعت بهذا من أحد قبلك فقال إن من أكبر الكبائر عند الله اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله والأمن من مكر الله.

_________________________________________________

ضربّ وكرم قنوطا بالضمّ وكفرح قنطا وقناطه وكمنع وحسب وهاتان على الجمع بين اللغتين يئس انتهى.

وأقول : الفقرتان الأوليان قريبتان معنى ومالهما واحد فيمكن أن تكون الثانية مؤكدة للأولى أو يكون المراد بالأولى اليأس من رحماته تعالى في الدنيا عند الشفاء والبلايا ، أو الأعمّ من الدنيا والآخرة ، وبالثّانية اليأس من الجنّة ومثوباته الباقية في الآخرة فيكون على الثاني تخصيصا بعد التعميم لمزيد الاهتمام ، أو يكون المراد بالقنوط الدرجة العليا من اليأس ، كما قال في النهاية قد تكرر ذكر القنوط في الحديث وهو أشد اليأس من الشيء يقال : قنط يقنط وقنط يقنط فهو قانط وقنوط والقنوط بالضمّ المصدر انتهى ، وقد يقال : الرّوح دفع المكروه والشرّ والرحمة إعطاء المحبوب والخير ، وقيل : الرّوح بالفتح الراحة والنسيم الطيبة والرحمة والأولان أولى بالإرادة هنا تحرزا عن التكرار والمراد بهما نسيم الجنّة والراحة فيهما والقنوط منهما ومن الرحمة بسبب المعصية وإن كانت عظيمة بعد الإيمان كفر بالله العظيم كما نطق به القرآن الكريم « ولا تؤمنّي مكرك » كالاستدرّاج ونحوه مثل أن يسكن قلبه ولا يخاف عقوبته من المعصية ويعتقد أنّه مغفور قطعاً فإن ذلك تكذيب للوعيد وليس هذا من حسن الظنّ بالله فإن حسن الظنّ به أن يعمل ويستغفر ويظنّ أنّه مقبول وقد مرّ القول فيه سابقاً.

٣٣٩

(باب)

(الدّعاء في أدبار الصلوات)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبي عبد الله البرقي ، عن عيسى بن عبد الله القمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول إذا فرغ من الزوال : « اللّهمّ إني أتقربّ إليك بجودك وكرمك وأتقربّ إليك بمحمّد عبدك ورسولك وأتقربّ إليك بملائكتك المقرّبين وأنبيائك المرسلين

_________________________________________________

باب الدّعاء في أدبار الصلوات

الحديث الأول : حسن كالصحيح وقد روى الشيخ في مجالسه مدحا عظيماً في عيسى.

قولهعليه‌السلام « إذا فرغ من الزوال » أقول : تحتمل القريضة والنافلة لكن الشيخ وغيره ذكروهما في تعقيب نوافل الزوال بأدنى تغيير وإطلاق صلاة الزوال على النافلة في عرف الأخبار أكثر ، والجود والكرم متقاربان وفيه سبحانه الجود العطاء من غير طلب مكافأة وجزاء ، والكرم استجماع أنواع الخير والشرف والفضائل ومنها العطاء بغير حساب ، ولعلّ المعنى أطلب القربّ منك بجودك وكرمك لا بعملي وطاعتي ، وفيه اعتراف بالتقصير وتوسل بأفضل الوسائل للتقربّ فإن الجود والكرم على الإطلاق يقتضيان إعطاء السّائل كلّ ما سأله مع المصلحة والاستقالة من المتبايعين أن يندم أحدهما عن البيع فيطلب من الآخر أن يندم ويفسخ ، وإقالة العثرة والزلة أيضاً كأنّه مأخوذ منه كان الله تعالى أخذ العهد من العبد أن يعذبه إذا أذنب فطلب العبد المغفرة كأنّه استقالة عن هذه المعاهدة ، وفسخ لها ، وفي المصباح : أقاله الله عثرته إذا رفعه من سقوطه ومنه الإقالة في البيع لأنّه رفع العقد ، وقوله « أقلتني عثرتي » كان المعنى لم تعاجلني بعذابك كما قال « وسترت على ذنوبي » ويحتمل أن يكون نوعاً من الاستعطاف والمبالغة في الدّعاء أي استغفرت لذنوبي

٣٤٠