مرآة العقول الجزء ١٢

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 594
المشاهدات: 44769
تحميل: 6429


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44769 / تحميل: 6429
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 12

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

« بسم الله الذي لا إِلهَ إلّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ اللّهمّ أذهب

_________________________________________________

بن عبد الحميد أن الصادقعليه‌السلام قال لرجل إذا أصابك هم فامسح يدك على موضع سجودك ثمَّ أمرّ يدك على وجهك من جانب خدك الأيمن ثمَّ قل ( بسم الله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم اللّهمّ أذهب عنّي الهم والحزن ) ثلاثاً وروى ابن إدريس في السرائر عن الصادقعليه‌السلام إذا أصابك هم فامسح يدك على موضع سجودك وأمرّ يدك على وجهك من جانب خدك الأيسر وعلى جنبيك إلى جانب خدك الأيمن ثلاثاً تقول في كلّ مرّة ( بسم الله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم اللّهمّ إني أعوذ بك من اللّهمّ والحزن والسقم. والعدم والصغار والذل والفواحش ما ظهر منها وما بطن ) وذكره الشهيد (ره) في النفلية ولم يذكر مسح يده على موضع سجوده وزاد فيه ويمرّ يده على صدره في كلّ مرة.

وقال السيّد ابن طاوس (رض) في فلاح السّائل فإذا رفعت رأسك من السجود فقل ما ذكره كردين بن مسمع في كتابه المعروف بإسناده إلى النبيّ أنّهعليه‌السلام كان إذا أراد الانصراف من الصّلاة مسح جبهته بيده اليمنى ثمَّ يقول ( لك الحمد لا إله إلّا أنت عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم أذهب عنّي الغمّ والحزن والفتن ما ظهر منها وما يطن ) وقال ما أحد من أمتي يقول ذلك إلّا أعطاه الله ما سأل ، وروى لنا في حديث آخر إذا أردت أن تقول هذه الكلمات فامسح بيدك اليمنى على موضع سجودك ثلاث مرَّات وامسح في كلّ مرّة وجهك وأنت تقول في كلّ مرّة هذه الكلمات المذكورة.

وقال الشيخ في المصباح وغيره في تعقيب العصر فإذا رفعت رأسك من السجود أمرّ يدك على موضع سجودك وامسح بها وجهك ثلاثاً وقل في كلّ واحدة منها ( اللّهمّ لك الحمد لا إله إلّا أنت عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم اللّهمّ أذهب عنّي اللّهمّ والحزن والفتن ما ظهر منها وما بطن ) وقالوا في تعقيب المغربّ ثمَّ ارفع رأسك وامسح موضع سجودك وقل بسم الله إلى آخر ما في المتن إذا عرفت هذا فخبر المتن

٣٨١

عنّي الهم والغمّ والحزن - ثلاث مرَّات -

_________________________________________________

إما محمول على مسح الجبهة بعد مسح موضع السجود حوالة على علم السّائل أو يقال بالتخيير بين الوجهين لورود الأخبار بالطريقين كما عرفت وهو أظهر ، وما ذكره الشيخ وغيره في تعقيب المغربّ يمكن حمله على الوجهين إذ موضع السجود يحتمل أن يكون مراده موضع السجود من الوجه أو من الأرض فلا تغفل ، وقيل : تقديم الغيب على الشهادة ليس للترقي بل إشارة إلى حدوث العالم ، إذ كون جميع الموجودات غيبا مقدم على كون بعضها شهادة.

وأقول : يحتمل أن يكون إشارة إلى أنّه لا فرق في علمه سبحانه بين الغيب والشهادة فليست الشهادة عنده أقوى من الغيب كما هو عندنا ، أو إلى أنّه لـمّا كان خارجا عن ظرف الزمان فكلّ الموجودات عنده سبحانه حاضرة أزلا وأبداً كلّ في وقته فكلّ المعلومات شهادة فلا غيب عنده وإنما الغيب والشهادة بالنظر إلينا ، لكن فهم هذا في غاية الإشكال وإنما يتيسر ذلك لمن خرج عن دعاء الماضي والمستقبّل والحال ، وقد يفرق بين الهم والحزن بأن الهم ما يقدّر الإنسان على رفعه كالإفلاس أو ما ليس له سبب معلوم أو ما هو قبل نزول المكروه أو ما هو من أجل الدنيا ، والحزن ما لا يقدّر الإنسان على دفعه كموت الولد ، أو ما له سبب معلوم ، أو ما هو بعد نزول المكروه ، أو ما هو من أجل الآخرة.

« والعدم » بالضمّ وبالتحريك الفقر والفواحش مطلق المعاصي أو أفراد الزنا وما ظهر منها وما بطن علانيتها وسرها أو أفعال الجوارح وأفعال القلوب ، وقيل : الزنا في الحوانيت واتخاذ الأخدان وعن سيّد السّاجدينعليه‌السلام ما ظهر نكاح امرأة الأب وما بطن الزنا ، وعن الباقرعليه‌السلام ما ظهر هو الزنا وما بطن المخالة ، ويمكن ورود الخبرين على سبيل المثال.

وأقول : يحتمل أن يكون المراد بما ظهر ما علم تحريمهما وبما بطن ما لم يعلم ، وكان الخبر الأوّل يومئ إليه ، وفي بعض الأخبار ما ظهر تحريمه من ظهر

٣٨٢

١١ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد الجعفي ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كنت كثيراً ما أشتكي عيني فشكوت ذلك إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال إلّا أعلمك دعاء لدنياك وآخرتك وبلاغاً لوجع عينيك قلت بلى قال تقول في دبر الفجر ودبر المغربّ - اللّهمّ إني أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد عليك صل على محمّد وآل محمّد واجعل النور في بصري والبصيرة في ديني

_________________________________________________

القرآن ، وما ظهر من بطنه وفي بعضها أن ما بطن منها أئمّة الضلال وأتباعهم ، وقيل : قولهعليه‌السلام ثلاث مرَّات إما متعلّق - بأمرّ - إلى آخر الكلام أو - بقل - إلى أخره أو - باللّهمّ - إلى أخره ، وأقول : كان الأوّل أظهر.

الحديث الحادي عشر : كالسابق.

« كنت كثيراً ما أشتكي عيني » كان الاشتكاء من الشكوى وهي المرض ، قال الجوهري : شكوت فلانا أشكوه شكوا وشكاية وشكاة إذا أخبرت عنه بسوء فعله بك واشتكيته مثل شكوته واشتكى عضواً من أعضائه وتشكى بمعنى ، وقال في النهاية الشكاة المرض ، ومنه حديث عمرو بن حريث أنّه دخل على الحسين في شكو له الشكو والشكوى والشكاة والشكاية المرض انتهى ، وقيل : أي أشتكي من عيني إلى الله ، ولا يخفى ما فيه ، وقيل : كثيراً منصوب على أنّه ظرف زمان ، وما زائدة للإبهام أو للمبالغة في الكثرة كما قيل في قوله تعالى( فَقليلاً ما يُؤْمِنُونَ ) أنّه للمبالغة في القلة ، وأشتكي خبر كنت وعيني مفعول أشتكي ، والبلاغ الكفاية وهو إما عطف على قوله لدنياك فيكون صفة لدعاء أو عطف على دعاء ، و « عليك » متعلّق بالحقّ بتضمين معنى - الوجوب.

« صل على محمّد » في مجالس الشيخ وأكثر كتب الدّعاء ( أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تجعل النور ) وهو أظهر وعلى ما هنا كأنّه استئناف بياني أي حقهم عليك أن تصلّي عليهم « واجعل النور في بصري » قيل يمكن أن يكون جعل النور في البصر كناية عن الهداية إلى الصراط المستقيم حتّى لا يزيغ عنه أبداً ، ويجوز أن

٣٨٣

واليقين في قلبي والإخلاص في عملي والسلأمّة في نفسي والسعة في رزقي والشكر لك أبداً ما أبقيتني ».

_________________________________________________

يراد به التوفيق في رؤية ما يجوز رؤيته والمنع عمّا لا يجوز فإن ذلك يصلح القلب ويشرح الصدر ويزيد في الفهم ، ورؤية الحرام بضد ذلك ، ويحتمل أن يراد به القوّة البصرية الموجبة للرؤية والمقصود في الدّعاء في طلب سلأمّة العين وحفظها عن زوال نورها انتهى ولا يخفى ما في الأولين من التكلف ، وقيل : الواو في قوله - والشكر بمعنى مع« وأبداً » ظرف لا جعل أو الشكر وما حرفية مصدرية زمانية مثل ما دمت حيا فمعنى « ما أبقيتني » زمان إبقائك إياي وهو تأكيد أبدا.

وأقول : هذا الدّعاء من الأدعية الجامعة ومع وجازته متضمن لحوائج الدنيا والآخرة فأنّه سأل نور البصر أوّلاً وهو أشرف القوي البدنية وأنفعها في الدين والدنيا ، ثمَّ سأل أن تكون بصيرته القلبية في دينه بأن يختار ما هو أنفع لآخرته ولا يختار الدنيا عليها ، ثمَّ سأل اليقين الذي هو أكمل مراتب الإيمان كما مرّ - أنّه لم يقسم بين العباد شيء أقل من اليقين وما من شيء أعزَّ منه وإن حده أن لا تخاف مع الله شيئاً - ثمَّ سأل الإخلاص الذي هو أعظم شرائط قبول الأعمال وأهم مكملاتها ثمَّ سأل السلأمّة في نفسه أي تكون نفسه سالمة عن الأمراض النفسانية من الشكّ والشرك والحسد وحب الدنيا والفخر والعصبية وسائر الصفات الذميمة كما قال سبحانه( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إلّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (١) وقال ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) ، ثمَّ سأل السعة في الرّزق والّتي لا يتمّ الرفاهية في عيش الدنيا إلّا بها ، ثمَّ سأل أن تكون تلك النعم مقرونة بالشكر لئلا تكون استدراجا كما مرّ أنّه قال عمرّ بن يزيد قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني سألت الله عزَّ وجلَّ أن يرزقني ما لا فرزقني ، وإني سألت الله أن يرزقني ولدا فرزقني ، وسألته أن يرزقني دارا فرزقني وقد خفت أن يكون ذلك استدراجاً فقال : أما والله مع الحمد فلا.

____________________

(١) الشعراء : ٨٩.

٣٨٤

١٢ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير قال حدثني أبو جعفر الشامي قال حدثني رجل بالشام يقال له هلقام بن أبي هلقام قال أتيت أبا إبراهيمعليه‌السلام فقلت له جعلت فداك علّمنّي دعاء جامعاً للدنيا والآخرة وأوجز فقال قل في دبر الفجر إلى أن تطلع الشمس : « سبحان الله العظيم وبحمده أستغفر الله وأسأله من فضله ».

قال هلقام لقد كنت من أسوإ أهل بيتي حإلّا فما علمت حتّى أتاني ميراث من قبل رجل ما ظننت أن بيني وبينه قرابة وإني اليوم لمن أيسر أهل بيتي وما

_________________________________________________

الحديث الثاني عشر : كالسابق.

وفي القاموس : « الهلقام » بالكسر هو الضخم الطويل والأسد والرّجل ، وقوله « للدنيا » صفة أخر للدعاء أو متعلّق بجامعاً وأوجز عطف على علّمنّي أي يكون مختصرا وكأنّه لسهولة الحفظ ، وقيل : هو بصيغة أفعل التفضيل عطفاً على جامعاً وهو بعيد « إلى أن تطلع الشمس » أي تكرره في جميع ذلك الوقت أو هذا وقت القول وإن قاله مرّة واحدة والأوّل أظهر « سبحان الله » أي أسبح سبحان الله وقيل : أو هو بتقدير يا سبحان الله « وبحمده » بتقدير وبحمده أدعو وأسبح والباء للملابسة وهو من قبيل عطف الجملة على الجملة ، ويفيد أن نفي صفات الذم مجامع لإثبات صفات المدح.

وقال عياض من شراح العامّة : هذا الكلام على اختصاره جملتان ( إحداهما ) سبحان الله لأن سبحان مصدر والمصدر يدلّ على فعله فكأنّه قال أسبح سبحان الله التسبيح الكثير ، ( والثانية ) بحمده لأنّه متعلّق بنحمد وأن تقديره أثنى عليه بحمده فما علمت أي من أسباب الفرح والنجاة من تلك الورطة شيئاً حتّى أتاني ميراث من قبل رجل لم أكن أظن أني وارث له لبعده وهذا الرّزق وحصوله من حيث لا يحتسب علامة أنّه ببركة الدّعاء حيث سبب الله الأسباب حتّى صار وارثا مع بعد نسبه ، ويمكن أن يكون الميراث مجاز أو أوصى ذلك البعيد له بمال ، وقيل : المراد

٣٨٥

ذلك إلّا بما علّمنّي مولاي العبد الصالحعليه‌السلام .

(باب الدّعاء للرزق)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد والحسين بن سعيد جميعاً ، عن القاسم بن عروة ، عن أبي جميلة ، عن معاوية بن عمّار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام أن يعلّمنّي دعاء للرزق فعلّمنّي دعاء ما رأيت أجلب منه للرزق

_________________________________________________

عدم تأثره وتألمه بفوته إذ حصول المال الذي يكون يسبب مصيبة شديدة وأحزان كثيرة لا تعد نعمة جديدة.

باب الدّعاء للرزق

الحديث الأوّل : ضعيف.

« ما رأيت أجلب للرزق منه » أي أنفع في تحصيله وتوسعته ، وأصل الجلب السياق ، يقال : جلبه يجلبه جلبا واجتلبه ساقه من موضع إلى آخر فجلب وانجلب وجلب لأهله كسب وطلب واحتال كأجلب وعلى الفرس زجره كذا ذكره - الفيروزآبادي وكأنّه استعمل هنا على الاستعارة ، وقال الراغب : كلّ عطية لا تلزم من يعطي يقال له فضل نحو قوله( وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ ) (١) وقوله( ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) (٢) وقوله( إلّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ) (٣) وقال : أصل الطيب ما تستلذه الحواس وما تستلذه النفس والطعام الطيب في الشرع ما كان متنأوّلاً من حيث يجوز وبقدر ما يجوز ومن المكان الذي يجوز فأنّه متى كان كذلك كان طيبا عاجلا وآجلاً لا يستوخم وإلّا فأنّه وإن كان طيّباً عاجلا لم يطب أجلا وعلى ذلك قوله تعالى( كُلُوا مِنْ

____________________

(١) النساء : ٣٢.

(٢) الجمعة : ٤.

(٣) الحديد : ٢٩.

٣٨٦

_________________________________________________

طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ ) (١) -( كُلُوا ممّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلإلّا طيّباً ) (٢) -( لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ ) (٣) وقال( كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً ) (٤) وهذا هو المراد بقوله( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الّتي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرّزق ) (٥) وقوله( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ) (٦) قيل عنى بها الذبائح ، وقوله : وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ، إشارة إلى الغنيمة انتهى.

فالمراد هنا بالواسع الكثير الشامل للبر والفاجر والحلال ضد الحرام وهو شامل للحلال في ظاهر الشريعة والحلال في نفس الأمرّ وهو قوت المصطفين كما سيأتي ، والمراد بالطيب إما الحلال فيكون تأكيداً وما تستلذه النفس فيكون تأسيساً وقيل : المراد به الطاهر ، وقيل : الحلال الواقعي.

وأقول : يحتمل أن يراد به غير الحرام والشبهة وإن لم يكن حلالاً واقعياً وقد يقال : لا معنى للحلال الواقعي ، فإن كلـمّا جوز الشارع التصرَّف فيه فهو حلال وكذا الطاهر الواقعي لا معنى له ، فكلـمّا لم تثبت نجاسته شرعاً فهو طاهر ، ولا يخلو من قوّة ، وإن عارضه بعض الأخبار ، نعم ارتكاب الشبهات مكروه لكن معنى الشبهة مشتبه يشكلّ الحقيقة ، ويمكن أن يراد به ما لم يظهر للفقيه الحكم فيه ، فهو على أصل الحل حلال واجتنابه مطلوب ، وبعض المحدثين يذهبون إلى حرمته بل حرمة كلـمّا لم يرد فيه بخصوصه أو بنوعه أنّه حلال كشربّ التتن ، وهذا القول ضعيف ، وأصل الحل قوي ، وليس هنا مقام تحقيق هذا القول ، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله في محلّه ، وقد مرّ بعض القول فيه ويحتمل أن يكون المراد بالشبهة

____________________

(١) طه : ٨١. (٢) المائدة : ٨٨.

(٣) المائدة : ٨٧.(٤) المؤمنون : ٥١.

(٥) الأعراف : ٣٢.(٦) المائدة : ٥.

٣٨٧

قال قل :« اللّهمّ ارزقني من فضلك الواسع الحلال الطيّب رزقاً واسعاً حلالاً

_________________________________________________

ما قوي فيه احتمال التحريم فيه واقعا وإن حكم بحلّه ظاهراً ، كأموال بعض الظلمة الذين أكثر وجوه مداخلهم حرام ولم يعلم بخصوصه أنّه حرام وقد ورد فيه لنا المهنأ وعليه الوزر.

وقوله « رزقاً » قيل مفعول به أو مفعول مطلق ، والرّزق ما ينتفع به بالتغذي وغيره حلالاً كان أم حراماً وتقييده بالحلال مؤيد له ، ومن خص الرّزق بالحلال يقول أنّه صفة موضحة مؤكدة جمعاً بينه وبين ما روي عن الباقرعليه‌السلام أنّه قال إن الله يسم الأرزاق بين خلقه حلالاً ولم يقسمها حراماً ومن اتقى وصبر أتاه رزقه من حلّه ومن هتك حجاب ستر الله عزَّ وجلَّ وأخذه من غير حلّه قص به من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيامة« بلاغاً » أي كافيا « للدنيا والآخرة » أي لأمور دنياي ومعيشتها وأتسبب به لتحصيل أجر الآخرة بالحجّ وصلة الأرحام والصدقات والمبرات« صبا صبا » أي كثيراً كثيراً مصدر بمعنى الفاعل أو المفعول من قولهم صبه أراقه فصب وأنصب والتكرير للتأكيد أو للإشعار بتجدده يوما فيوما فأنّه ألذ وأنفع « هنيئا مريئاً » الهنيء السائغ الذي لا يقف في الحلق والمري أن لا يعقبه بعد الأكلّ تعبا ومرضا والمراد هنا حصوله بلا تعب وصرفه بلا مشقة ولا يتعقبه ضرر جسماني ولا روحاني في الدنيا ولا في الآخرة.

قال الفيروزآبادي : الهنيء والمهنأ ما أتاك بلا مشقة وقد هنئ وهنؤ هناءة وهنأني ولي الطعام يهنأ ويهنئ ويهنؤ هِنئا وهنئا وهنأتنيه العافية وهو هنيء سائغ وقال مرأى الطعام مثلّثة الراء مراءة فهو مريء هنيء حميد المغبة بين المرأة لتمره وهنأني ومرأني فإن أفرد فأمرأني وكلاء مريء غير وخيم. وفي النهاية يقال : هنأني الطعام يهنئني ويهنؤني وهنئت الطعام أي تهنأت به وكلّ أمرّ يأتيك من غير تعب فهو هنيء هذا هو الأصل بالهمز وقد يخفف ، وقال يقال : مرأني الطعام وأمرأني إذا لم يثقل على المعدَّةٌ وانحدر عنها طيبا. قال الفراء : يقال هنأني الطعام

٣٨٨

طيّباً بلاغاً للدنيا والآخرة صبا صبا هنيئا مريئا من غير كد ولا من من أحد خلقك إلّا سعة من فضلك الواسع فإنك قلت « وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ » فمن فضلك أسأل ومن عطيتك أسأل ومن يدك الملأى « أسأل ».

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن يونس ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام لقد استبطأت الرّزق فغضب ثمَّ قال لي قل اللهم

_________________________________________________

ومرأني بغير ألف فإذا أفردوها عن هنأني قالوا أمراني ، ومنه حديث الشربّ ، فأنّه أهنأوأمرأ « من غير كد » أي تعب ومشقة في تحصيله ، وهو وصف لرزقاً كالسوابق أو حال عنه ، وفي القاموس الكد الشدّة والإلحاح في الطلب.

« ولا من من أحد من خلقك » بأن لا يكون منهم ولا من إمدادهم وإعانتهم مطلقاً أو مع منتهم على ، ولو كان بناء على أن للرزق أسباباً فليكن بلا منة فإن عدمه خير من وجوده معها والأوّلأنسب بقوله إلّا سعة من فضلك الواسع والاستثناء منقطع من - من من أحد - « والملأى » بوزن فعلى مؤنث ملآن أي مزيد قدرتك المملوء من نعم الدنيا والآخرة أسأل إشارة إلى قوله سبحانه( لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) قال الجوهري : دلو ملأى على وزن فعلى وكوز ملآن ماء ، وقيل : الملأ بالفتح الغناء ومنه المليء وهو الغني ، وفعله كمنع وكرم ، وأمّا المليء بالكسر فهو اسم ما يأخذه الإناء إذا امتلأ ، ويمكن إرادته هنا على سبيل التشبيه للإشعار بأن المطلوب ما يملأ ظرف الطمع والرجاء انتهى ، ولا يخفى ما فيه.

الحديث الثاني : موثّق كالصحيح.

« لقد استبطأت الرّزق » أي عددت رزقي بطيئا وتأخر عنّي ، في القاموس بطؤ ككرم وأبطأ ضد أسرع وبطؤ عليه بالأمرّ تبطيئا وأبطأ به آخره انتهى ، ولـمّا كان هكذا الكلام مشعراً بسوء الظنّ بالله سبحانه وعدم الرّضا بقضائه غضبعليه‌السلام ثمَّ علمه دعاء لإسراع الرّزق بل دواء لمرضه النفساني إذا تأمل وتدبر في معانيه « إنك تكفلت برزقي ورزق كلّ دابة » أي ضمنته حيث قلت ( نحن نرزقكم ) وقلت( وما من

٣٨٩

إنك تكفلت برزقي ورزق كلّ دابة يا خير مدعو ويا خير من أعطى ويا خير من سئل ويا أفضل مرتجى افعل بي كذا وكذا.

٣ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال أبطأ رجل من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عنه ثمَّ أتاه فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما أبطأ بك عنا فقال السقم والفقر فقال له أفلا أعلمك دعاء يذهب الله عنك

_________________________________________________

دابة إلّا على الله رزقها ) (١) وقلت( وفي السّماء رزقكم وما توعدون ) (٢) ثمَّ قلت( فَوَ ربّ السّماء وَالْأَرْضِ أنّه لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) (٣) ومثله كثير « يا خير مدعو » إلى آخره قيل تفضيله تعالى على الغير في هذه الأفعال بالنظر إلى عادة الناس وضعف عقولهم حيث يثبتون أصل تلك الأفعال في الجملة لغيره أيضاً فحثهم على الرجوع إليه بأنّه أكمل فيها من غيره ، وإلّا فلا نسبة بين الخالق والمخلوق ولا بين فعله وفعلهم حتّى يجري فيه معنى التفضيل ، والرجاء والارتجاء ضد اليأس ، وقوله « افعل بي كذا وكذا » فيه إشعار بأن هذا الدّعاء لا يختص بتعجيل الرّزق بل هو لكلّ حاجة وإن كان بالرّزق أنسب.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

وتعدية الإبطاء بعن لتضمين معنى التخلف والباء في بك للتعدية وتقديره يذهب الله به عنك لم يتخذ ولدا رد على اليهود والنصارى والمشركين فيما قالوا في عزيز والمسيح والملائكة وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ، قال البيضاوي : في الألوهية وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ أي ولي يواليه من أجل مذلّة به ليدفعها عنه بموالاته تفي عنه أن يكون له ما يشاركه من جنسه ومن غير جنسه اختياراً أو اضطراراً وما يعاونه ويقويه ورتب الحمد عليه للدلالة على أنّه الذي يستحقّ جنس الحمد لأنّه كامل الذات المتفرد بالإيجاد المنعم على الإطلاق وما عداه ناقص مملوك نعمة

____________________

(١) هود : ٦.

(٢) الذاريات : ٢٢. (٣) الذاريات : ٢٣.

٣٩٠

بالسقم والفقر ؟ قال : بلى يا رسول الله فقال قل لا حول ولا قوّة إلّا بالله [ العلي العظيم ] توكلت عَلَى الْحيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ والْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ [ ص احبة ولا ] وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكبيراً » قال فما لبث أن عاد إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا رسول الله قد أذهب الله عنّي السقم والفقر.

٤ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمرّ اليماني ، عن زيد الشحّام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ادع في طلب الرّزق في المكتوبة وأنت ساجد

_________________________________________________

أو منعم عليه ، وقوله « وَكَبِّرْهُ تَكبيراً » في الآية عطف على قل وتوجيهه هنا مشكلّ ويمكن توجيهه بوجوه.

الأوّل : ما قيل أنّه هنا أيضاً عطف على قل وليس من الدّعاء ، ويكون المراد تعظيمه وذكره ، بل يدلّ على كبريائه إما بتكرير ما مرّ كما سيأتي في الباب الآتي أو بتلاوة سائر الدعوات المتضمنة لتعظيمه وكبريائه ممّا مرّ وغيره.

الثاني : أن يكون خطابا عاما مشعراً باستحقاقه لذلك من كلّ أحد فيكون جزء للدعاء.

الثالث : أن يكون صفة بتأويل مقول في حقه.

الرابع : ما يروي عن بعض الأفاضل أنّه كان يقرأه على صيغة الماضي أي كبره.

كلّ شيء تكبيراً ، ولا يبعد أن يكون في الأصل أكبره على صيغة المتكلّم فصحف ظناً منهم أنّه موافق للآية ، « فما لبث أن عاد » إن مصدرية وهو فاعل لبث ، أو فاعله الضمير المستتر فيه العائد إلى الرّجل والتقدير في أن عاد ، كذا قيل.

الحديث الرابع : كالسابق.

وقيل : في هذا الدّعاء اهتمام عظيم حيث خص بالصّلاة المكتوبة لأنها أحق بالإجابة وبحال السجود لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقربّ ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد وقوله « من فضلك » أي من مجرد فضلك من غير ملاحظة استحقاق فإني لست بأهل

٣٩١

يا خير المسئولين ويا خير المعطين ارزقني وارزق عيالي من فضلك الواسع فإنك ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ».

٥ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن خالد ، عن القاسم بن عروة ، عن أبي جميلة ، عن أبي بصير قال شكوت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام الحاجة وسألته أن يعلّمنّي دعاء في طلب الرّزق فعلّمنّي دعاء ما احتجت منذ دعوت به قال قل في دبر صلاة الّليل وأنت ساجد يا خير مدعو ويا خير مسئول - ويا أوسع من أعطى ويا خير مرتجى ارزقني وأوسع علي من رزقك وسبب لي رزقاً من قبلك إِنَّكَ عَلى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

_________________________________________________

له وإلّا فالرّزق كله من الله تعالى وأكد ذلك بقوله « فإنك ذو الفضل العظيم » أي لا لأني أستحق ذلك ، وأقول : يحتمل على بعد أن يكون المراد بالمكتوبة تعقيب المكتوبة فالمراد سجدة الشكر.

الحديث الخامس : ضعيف.

« قل في صلاة الّليل وأنت ساجد » اعلم أن في مصطلح الأخبار تطلق صلاة الّليل غالباً على الثمان ركعات ، وقد تطلق على الإحدى عشرة بإضافة الشفع والوتر إليها ، وعلى الثلاث عشرة بإضافة ركعتي الفجر ، وكان الأوّل هنا أظهر والمراد إما قراءته في كلّ سجدة منها أو في إحداها لا على التعيين والأخير أظهر ، لكن لا ينافي التكرار وكان قراءته في السجدة الأخيرة من الركعتين الأوليين أنسب فإنها محل استجابة الدعوات لدفع الأمراض والكربات كما مرّ في باب شدة ابتلاء المؤمن ، أن يونس بن عمّار شكا إلى الصادقعليه‌السلام ما ظهر بوجهه فقالعليه‌السلام إذا كان الثلث الأخير من الّليل في أوله فتوضّأ وقم إلى صلاتك الّتي تصلّيها فإذا كنت في السجدة الأخيرة من الركعتين الأوليين فقل وأنت ساجد يا علي يا عظيم إلى آخر الخبر ، وسيأتي مثله في باب الدّعاء للعلل والأمراض ، وقد ورد الدّعاء على العدو أيضاً في تلك السجدة« وسبب لي رزقاً من قبلك » أي هيئ

٣٩٢

٦ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي داود ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال جاء رجل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا رسول الله إني ذو عيال وعلي دين وقد اشتدت حالي فعلّمنّي دعاء أدعو الله عزَّ وجلَّ به ليرزقني ما أقضي به ديني وأستعين به على عيالي فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا عبد الله توضأ وأسبغ وضوءك ثمَّ صل ركعتين تتم الركوع والسجود ثمَّ قل يا ماجد يا واحد يا كريم يا دائم أتوجه إليك بمحمّد نبيك نبي الرحمةصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يا محمّد يا رسول الله إني

_________________________________________________

لي أسباب رزقك من غير توسلي إلى المخلوقين أو من الرّزق الحلال فأنّه من قبل الله.

الحديث السادس : مجهول ، وفي أكثر النسخ محمّد بن أحمد بن أبي داود ، وفي بعضها أحمد بن محمّد وكلاهما مجهولان.

« توضأ » بالهمز وفي بعض النسخ توض بالقلب والحذف على خلاف القياس أو هو لغة أيضاً « وأسبغ وضوءك » الإسباغ الإكمال باشتماله على الواجبات والمستحبات ، وفي القاموس الوضاءة الحسن والنظافة وتوضأت للصلاة وتوضيت لغية أو لثغة والوضوء الفعل وبالفتح ماؤه ومصدر أيضاً أو لغتان قد يعنّي بهما المصدر وقد يعنّي بهما الماء « وتمم الركوع والسجود » وفي بعض تتم بدون الواو فيكون حإلّا عن المستتر في صل ، والمراد اشتمالهما على الواجبات أو المندوبات أيضاً وهو أظهر.

ثمَّ قل أي بعد الفراغ من الصّلاة « يا ماجد هو الواسع الكرم الذي وسع غناؤه مفاقر عباده ووسع رزقه جميع خلقه » يقال : رجل ماجد إذا كان كريما سخياً واسع العطاء ، وقيل : هو الكريم العزيز ، وقيل : هو المفضّال الكثير الخير ، وقيل : هو شريف ذاته وحسن فعاله ، والكلّ متقاربّ « يا واحد » هو الواحد بالوحدة الحقيقة المنافية للشركة في الذات والصفات والتكثر والتعدد والتركيب الخارجي والذهني ، وقد يقرأ بالجيم هو الغني الذي لا يفتقر وقد وجد يجد جده أي استغنى غنى لا فقر بعده وهو هنا مخالف للمضبوط في النسخ « يا كريم » هو

٣٩٣

أتوجه بك إلى الله ربك وربّي وربّ كلّ شيء أن تصلّي على محمّد وأهل بيته وأسألك

_________________________________________________

الكريم المطلق الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل والجود والعطاء الذي لا ينفد ، وقد مرّ تفسير تلك الأسماء مرارا لكنه المسك كلـمّا كررته يتوضع « نبي الرحمة » عطف بيان لقوله « نبيك » أي النبيّ الذي كان رحمة خالصة وبعث لمحض الرحمة ، ولم يطلب عذابا للأمّة كسائر الأنبياء عليه وآله وعليهم‌السلام « يا محمّد - إلى قوله - كلّ شيء » جملة معترضة بين أجزاء الدّعاء استمدادا للقبول وطلبا للشفاعة وقوله أن تصلّي من تتمة أجزاء الدّعاء ومجرور محلا بدل اشتماله لمحمّد ، ويمكن أن يكون بتقدير في أن تصلّي فالظرف متعلّق بأتوجه.

والحاصل أنّه توجه إلى الله تعالى أوّلاً وجعله وسيلة بينه وبينه وشفيعا في إنجاز طلبته ونيل سؤله وقضاء حاجته ثمَّ صرف الخطاب إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستشفعه ليقبل استشفاعه ويصير شفيعا له ، ففيه من آداب حسن الدّعاء ما لا يخفى ، لأن من جعل أحداً من المقرّبين شفيعا إلى ملك لا بد له من الرجوع إليه وطلب قبول الشفاعة منه ، ثمَّ بعد الرجوع إلى خطاب الربّ سبحانه والشروع في عرض المطلب الابتداء بطلب الصّلاة على من جعله شفيعا مع غنائه مشتمل على أنواع الأدب وحسن الطلب من جهات شتى أومأنا إلى بعضها في باب الصّلاة عليهم صلّى الله عليهم ووفينا حقها في الفرائد الطريفة في شرح الصحيفة الشريفة بحسب ما تصل إليه عقولنا السخيفة ، وفي أكثر النسخ أن تصلّي بصيغة الخطاب كما ذكرنا وفي بعضها أن يصلّي بصيغة الغيبة فهو حينئذ متعلّق بقوله إني أتوجه بك ففي قوله على محمّد وأهل بيته عدول عن الخطاب إلى الغيبة لنكت كثيرة ، منها التبرك أو الاستلذاذ أو الاهتمام بذكرهم صلوات الله عليهم « وأسألك » عطف على قوله « أتوجه إليك » والتوسل بهم معتبر هنا أيضاً والنفحة هنا استعيرت لتوجه الرحمة وسطوع آثارها « والكريمة » مبالغة في شرفها وعظمتها وخلوصها عن النقص وحسن عاقبتها وعدم اشتمالها على الاستدرّاج ، في القاموس : نفح الطيب كمنع فاح والريح

٣٩٤

نفحة كريمة من نفحاتك وفتحاً يسيراً ورزقاً واسعاً ألم به شعثي وأقضي به ديني وأستعين به على عيالي ».

٧ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان ، عن أبي سعيد المكاري وغيره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا الدّعاء يا رازق المقلين يا راحم المساكين يا ولي المؤمنين يا ذا القوّة المتين صل على محمّد وأهل

_________________________________________________

هبت وفي النهاية نفح الرّيح هبوبها ونفح الطيب إذا فاح ، ومنه الحديث أن لربكم في أيام دهركم نفحات إلّا فتعرضوا لها ، وفي حديث آخر تعرضوا لنفحات رحمة الله « وفتحاً يسيراً » أي لأبواب الرّزق وغيرها « ورزقاً واسعاً » أي يغنيني عن الخلق ويقوم بحوائجي كلّها كما وصفه للكشف « ألم به شعثي » اللم الجمع ، والشعث بالتحريك انتشار الأمرّ ، وإسناد اللم إلى الشعث من قبيل المجاز في الإسناد ، أو إطلاق المصدر على المتشعث للمبالغة ، وقد يقرأ بكسر العين ليكون صفة مشبهة وهو خلاف المضبوط في النسخ ، قال في النهاية : اللم الجمع يقال : لممت الشيء ألمه لـمّا إذا جمعته والشعث انتشار الأمرّ ومنه قولهم لم الله شعثه ، ومنه حديث الدّعاء أسألك رحمة تلم بها شعثي أي تجمع بها ما تفرق من أمري.

الحديث السابع : صحيح لصحته عن ابن أبي عمير.

« يا رازق المقلين » في الصحاح : أقل افتقر ، وفي القاموس : رجل مقل وأقل فقير ، وفيه بقية يا راحم المساكين ورحمته وإن كانت عأمّة لكن تعلقها بالمساكين أكثر وأظهر « يا ولي المؤمنين » الولي : الناصر ، والمحب ، والمتولي لأمور غيره ، وهو سبحانه وإن كان متوليا لأمور الخلائق كلهم ، إلّا أن توليته لأمور المؤمنين أكمل ، أو التخصيص لأنهم يؤمنون بأنّه أولى بهم من أنفسهم ، وأنّه المتولي لأمورهم كما قال :( إنما وليكم الله ورسوله ) (١) الآية ، وقال :( ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ) (٢) وقد خصص الله

____________________

(١) المائدة : ٥٥. (٢) المائدة : ٥٦.

٣٩٥

بيته وارزقني وعافني واكفني ما أهمني.

٨ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن معمرّ بن خلاد ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال سمعته يقول نظر أبو جعفرعليه‌السلام إلى رجل وهو يقول - اللّهمّ إني أسألك من رزقك الحلال فقال أبو جعفرعليه‌السلام سألت قوت النبيين قل اللّهمّ إني أسألك رزقاً

_________________________________________________

الولاية بالمؤمنين في آيات كثيرة كما قال سبحانه :( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ ) (١) وقال( إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) (٢) وقال( وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) (٣) وقال( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ ) (٤) ومثله في الآيات كثيرة.

« ويا ذا القوّة المتين » إشارة إلى قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقوّة الْمَتِينُ ) قال البيضاوي : أي الذي يرزق كلـمّا يفتقر إلى الرّزق ، وفيه إيماء باستغنائه عنه وقرأ - إني أنا الرزاق ذو القوّة المتين - أي شديد القوّة ، وقرئ المتين بالجر صفة للقوّة ، وقال في النهاية : في أسماء الله تعالى المتين هو الشديد القوي الذي لا يلحقه في أفعاله مشقة ولا كلفة ولا تعب ، والمتانة الشدّة فهو من حيث أنّه بالغ القدرة تأمها قوي ، ومن حيث أنّه شديد القوّة متين انتهى ، ثمَّ أنّه على المشهور منصوب هنا صفة للمضاف لا المضاف إليه ، وعلى القراءة الشاذة مجرور صفة للمضاف إليه وهو بعيد ، وفي بعض النسخ زيد هنا العاطف ويا ذا القوّة فقيل إنما عطف هنا لتحقق شرط صحته وهو تحقق المناسبة والمغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه للاتحاد في المضاف والاختلاف في المضاف إليه فيهما بخلاف السوابق لاتحادهما فيهما.

الحديث الثامن : صحيح.

قولهعليه‌السلام « سألت قوت النبيين » اعلم أن المشهور بين الفقهاء أن الحلال

____________________

(١) البقرة : ٢٥٧. (٢) الأعراف : ١٩٦.

(٣) آل عمران : ٦٨. (٤) محمد (ص) : ١١.

٣٩٦

حلالاً واسعاً طيّباً من رزقك ».

_________________________________________________

والطيّب مترادفان ، أو الحلال ما أحلّه الشارع ولم يرد فيه نهي ، والطيّب ما تستطيبه النفس وتستلذه ، وقيل : الطيّب يقال لمعان ( الأوّل ) المستلذ ( الثاني ) ما حلله الشارع ( الثالث ) ما كان طاهراً ( الرابع ) ما خلا عن الأذى في النفس والبدن ، وهو حقيقة في الأوّل لتبادره إلى الذهن عند الإطلاق ، والخبيث يقابل الطيّب بمعانيه.

وقال البيضاوي في قوله تعالى( يا أيّها النَّاسُ كُلُوا ممّا فِي الْأَرْضِ حلالاً طيّباً ) (١) نزلت في قوم حرموا على أنفسهم رفيع الأطعمة والملابس ، وقال : طيّباً تستطيبه الشرع أو الشهوة المستقيمة إذ الحلال دل على الأول.

وقال النيسابوري فيها : حلالاً مفعول كلوا أو حال ممّا في الأرض ، وهو المباح الذي انحلت عقدة الخطر عنه من الحل الذي يقابل العقد ، ثمَّ الحرام قد يكون حراماً في جنسه كالميتة والدم ، وقد يكون حراماً لعرض كملك الغير إذا لم يأذن في أكله فالحلال هو الخالي عن القيدين ، والطيّب إن أريد به ما يقربّ من الحلال لأن الحرام يوصف بالخبث ( قل لا يستوي الخبيث والطيّب ) فالوصف لتأكيد المدح مثل نفحة واحدة أي الطاهر من كلّ شبهة ، ويمكن أن يراد بالطيّب اللذيذ أو يراد بالحلال ما يكون بجنسه حلالاً وبالطيّب ما لا يتعلّق به حق الغير انتهى. ويظهر من هذا الخبر أن الحلال أخص من الطيّب ، والطيّب ما هو طيب في ظاهر الشريعة سواء كان طيّباً في الواقع أم لا ، والحلال ما هو حلال وطيب في الواقع لم تعرضه الخباثة والنجاسة قطعاً ، ولم تتناوله أيدي المتغلبة أصلاً في وقت من الأوقات.

وكونه قوت النبيين والمصطفين ، إما لأنّه لا يتيسر العلم بذلك إلّا لهم بالوحيُّ والإلهام ، وأمّا لندرة وجوهه ولا يمكن لأكثر الناس الصبر عليه والقناعة به

____________________

(١) البقرة : ١٦٨.

٣٩٧

_________________________________________________

إلّا لهم لأنّه نادر جدا وطريقه ضيق والطالب له طالب لضيق معيشته ، فما وقع في بعض الأدعية من طلبه ، فالمراد به ما هو بمعنى الطيّب وكأنّهعليه‌السلام علم أن مراد الداعي بالحلال المعنى الأخص ، فلذا نهاه عن ذلك ، أو علمه كيف ينبغي أن يقصد وقت الدّعاء.

ويؤيّد هذه الوجوه ما روي أن أمير المؤمنينعليه‌السلام كان يجعل فطوره في حيرة ويختم عليها لئلاّ يدخله غير الحلال.

لكن يرد عليه أن الأنبياء والأئمّة صلوات الله عليهم كانوا يجيبون دعوة من دعاهم إلى طعامهم ويأكلون منه مع أنّه كان مخلوطا غالبا.

ويمكن أن يجاب بوجوه : ( الأوّل ) أنّه تعالى خلق جميع الدنيا لهم ، وهم أولى بأنفس الناس وأموالهم منهم ، فلذا يحل لهم دون غيرهم.

( الثاني ) أن الله تعالى يصرف الشبهة ولا يأكلون إلّا الحلال الصرف ، وإن كان في بيوت غيرهم ، كما روي أن المشركين أحضروا إطعاماً حراماً عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلـمّا رفع اللقمة وأراد أن يأكله صرف الله يده عن فمه إلى جهة أخرى ولم يقدّر على أكله وأحضروا الحلال فقدر على أكله كما روي في تفسير الإمامعليه‌السلام .

( الثالث ) أن يخص ذلك بما حصلوه بسعيهم وأكلوه في بيوتهم وغير ذلك نادر.

( الرابع ) إن يقال : ما يأكلونه في بيوت غيرهم إما أن يكون من أموال الكفار وهو عليهم حلال ، أو من أموال المؤمنين ولا ريب أنهم راضون بذلك بطيب أنفسهم.

ثمَّ اعلم أنّه اختلف الأصحاب في أنّه هل بين الحلال والحرام منزلة أم لا ، وعلى تقديرها هل هي موصوفة بالحرمة أو الكراهة ، ثمَّ إنّها ما هي فذهب جماعة إلى أنّه لا منزلة بينهما فكلـمّا دل الدليل على حرمته فهو حرام ، وكلـمّا لم يدل

٣٩٨

_________________________________________________

دليل على تحريمه فهو حلال إلّا أن يرد نهي تنزيه عنه ، والحلال والحرام ليسا إلّا بظاهر الشريعة كالطهارة والنجاسة فإنهما تابعتان لظاهر الشرع ، فما لم يعلم نجاسته فهو طاهر وإن كان نجساً عند من علم نجاسته ولا معنى للنجاسة الواقعية ولذا كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانوا يعاشرون مع المنافقين ويناكحونهم ولا يعلمون بما علموا بغير ظاهر الشريعة منهم ، والتنزه عن الأشياء بمحض احتمال الحرمة والنجاسة غير مستحسن شرعاً ، وإلّا لكان النبيّ والأئمّةعليهم‌السلام أولى بالعمل بذلك من غيرهم.

وذهب جماعة إلى أن بينهما منزلة وهي الشبهات كما ورد في الأخبار - حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم - لكن اختلفوا فذهب الأكثر إلى استحباب ترك الشبهات ، وبعضهم إلى وجوبه ، والأوّل أظهر لأنّه لو كان واجباً لكان داخلا في الحرام البين فالمراد بقوله هلك من حيث لا يعلم ارتكب ما هو حرام واقعا لكنه لـمّا لم يعلم لم يكن إثّما فالهلاك بمعنى ترك ما هو أولى وأخرى لكن ظاهر الخبر كما مرّ أن المراد به الاشتباه في الحكم من حيث تعارض الأدلة لا فيما حلال بظاهر الشريعة وفيه احتمال الحرمة الواقعية ولذا ذهب جماعة من المحدثين إلى حرمة الحكم بالحل والتحريم ووجوب الاجتناب عمّا لم يرد فيه أو في نوعه حكم بالحل كشربّ التتن والقهوة وأمثالهما ، ومع اشتمال كلامهم على التناقض ، وجوه الرد عليهم كثيرة ليس هذا مقام ذكرها ، ومنهم من قال الواسطة بين الحلال والحرام الشبهات الّتي فيه احتمال الحرمة ، وإن كان بظاهر الشريعة حلالاً ، واجتنابها مستحب وتتأكد الاستحباب بقوّة احتمال الحرمة.

قال الغزالي : اعلم أن الحرام كله خبيث ولكن بعضه أخبث من بعض ، والحلال كله طيب ولكن بعضه أطيب من بعض ، فكما أن الطبيب يحكم على كل

٣٩٩

_________________________________________________

حلو بالحرارة ولكن يقول بعضها حارّ في الدرجة الأولى كالسكر ، وبعضها في الثانية كالفانيذ ، وبعضها في الثالثة كالدبس ، وبعضها في الرابعة كالعسل ، فكذلك الحرام ، بعضه خبيث في الدرجة الأولى ، وبعضه في الثانية أو الثالثة أو الرابعة وكذلك الحلال تتفاوت درجات صفاته وطيبه ، ولنقتد بأهل الطب في الاصطلاح على أربع درجات تقريباً ، وإن كان التحقيق لا يوجب هذا الحصر ويتطرق إلى كلّ من الدرجات تفاوت لا ينحصر ، فكم سرك أقل حرارة من سكر وكذا غيره.

وكذلك نقول الورع عن الحرام على أربع درجات ، ( الأولى ) ورع العدول وهو الذي يجبّ الفسق باقتمامه وتسقط العدالة به ويثبت اسم العصيان والتعرّض للنار بسببه وهو الورع عن كلّ ما تحرمه فتاوى الفقهاء.

( الثانية ) ورع الصالحين ، وهو الامتناع عمّا يتطرق إليه احتمال التحريم ولكن المفتي يرخص في التنأوّل بناء على الظاهر ، فهو من مواقع الشبهة على الجملة فسمّي التحرج عن ذلك ورع الصالحين ، وهو في الدرجة الثانية.

( الثالثة ) ما لا تحرمه الفتوى ولا شبهة في حمله ، ولكن يخاف منه أداؤه إلى محرم ، وهو ترك ما لا بأس به مخافة ما به بأس ، وهذا ورع المتقين.

( الرابعة ) ما لا بأس به أصلاً ولا يخاف منه أن يؤدى إلى ما به بأس ولكنه يتنأوّل بغير الله وغير نية التقوى به على عبادة الله ، أو يتطرق إلى أسبابه المسهلة له كراهية أو معصية ، والامتناع منه ورع الصديقين ، فهذه درجات الحلال جملة.

وأمّا الحرام الذي ذكرناه في الدرجة الأولى وهو الذي يدخل المتورع عنه في العدالة ، فهو أيضاً على درجات في الخبث ، فالمأخوذ بعقد فاسد حرام ، ولكن ليس في درجة المغصوب على سبيل القهر ، وفي الأوّل الربّاً أغلظ عن غيرها ، وفي الثاني المأخوذ من فقير أو صالح أو من يتيم ، أخبث وأغلظ من المأخوذ من قوي أو غني أو فاسق ، ولو لا اختلاف درجات العصاة لـمّا اختلف درجات النّار ، ثمَّ شرع في الخوض

٤٠٠