مرآة العقول الجزء ١٢

مرآة العقول13%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 31986 / تحميل: 5345
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٢

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

بشئ من امرك، فخذ هاهنا، فتياسر عن طريق العذيب والقادسية، وسار الحسينعليه‌السلام وسار الحرّ في أصحابه يسايره وهو يقول له: يا حسين اني اذكّرك الله في نفسك، فإنّي أشهد لئن قاتلت لتقتلنّ، فقال له الحسينعليه‌السلام : ( أفبالموت تخوّفني؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟ وسأقول كما قال أخو الأوس لابن عمّه، وهو يريد نصرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فخوفه ابن عمه وقال:أين تذهب؟ فانّك مقتول ؛ فقال:

سأمضي فما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقّا وجاهد مسلما

وآسى الرّجال الصالحين بنفسه

وفارق مثبورا وباعد(١) مجرما

فإن عشت لم اندم وان متّ لم ألم

كفى بك ذلا ان تعيش وترغما »

فلمّا سمع ذلك الحرّ تنحّى عنه، فكان يسير بأصحابه ناحية، والحسينعليه‌السلام في ناحية أخرى، حتى انتهوا الى عذيب الهجانات(٢) .

ثمّ مضى الحسينعليه‌السلام حتّى انتهى الى قصر بني مقاتل فنزل به، فاذا هو بفسطاط مضروب فقال: ( لمن هذا؟ ) فقيل: لعبيد الله بن الحرّ الجعفيّ، فقال:( ادعوه اليّ ) فلما أتاه الرّسول قال له: هذا الحسين بن عليّ يدعوك، فقال عبيد الله: انّا لله وانّا اليه راجعون، والله ماخرجت من الكوفة الّا كراهية أن يدخلها الحسين وانا بها، والله ما اريد ان اراه ولا يراني ؛ فأتاه الرّسول فأخبره فقام الحسين عليه

__________________

(١) في هامش (ش) و (م): وخالف.

(٢) عذيب الهجانات: موضع في العراق قرب القادسية (معجم البلدان ٤: ٩٢ ).

٨١

السّلامُ فجاءَ حتّى دخلَ عليه فسلّمَ وجلسَ، ثمّ دعاه إِلى الخروج معَه، فأعادَ عليه عُبيدُ اللهِّ بن الحرِّ تلكَ المقالةَ واستقاله ممّا دعاه إِليه، فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : « فإِن لم تنصرْنا فاتّقِ اللّهَ أن تكونَ ممّن يُقاتلُنا؛ واللّهِ لا يسمعُ واعيتَنا(١) أحدٌ ثمّ لا ينصرُنا إلاّ هلكَ » فقالَ: أمّا هذا فلا يكونُ أبداً إِن شاءَ اللّهُ ؛ ثمّ قامَ الحسينُعليه‌السلام من عندِه حتّى دخلَ رحله.

ولمّا كانَ في اخرِ ألليلِ أمرَ فتيانَه بالاستقاءِ منَ الماءِ، ثمّ أمرَ بالرّحيلِ، فارتحلَ من قصرِ بني مُقاتلٍ، فقالَ عُقبةُ بنُ سمعانَ: سِرْنا معَه ساعةً فخفقَ وهوعلى ظهرِفرسِه خفقةً ثمّ انتبهَ، وهو يقولُ: «إِنّا للّهِ وإنّا إِليه راجعونَ، والحمدُ للّهِ ربِّ العالمينَ » ففعلَ ذلكَ مرّتينِ أو ثلاثاً، فأقبلَ إِليه ابنُه علي بنُ الحسينِعليهما‌السلام على فرسٍ فقالَ: ممَّ حمدتَ الله واسترجعتَ؟ فقاَل: «يا بُنَيَّ، إِنِّي خفقتُ خَفقةً فعَنَّ لي فارسٌ علىَ فرسٍ وهو يقولُ: القومُ يسيرونَ، والمنايا تسيرُ إِليهمِ، فعلمتُ أَنّها أَنفسُنا نُعِيَتْ إِلينا» فقالَ له: يا أبَتِ لا أراكَ اللهُّ سوءاً، ألسنا على الحقِّ؟ قالَ: «بلى، والّذي إِليه مرجعُ العبادِ » قال: فإِنّنا إِذاً لا نبالي أَن نموتَ مُحِقِّينَ ؛ فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : «جزاكَ اللّه من ولدٍ خيرَ ما جزى وَلداً عن والدِه ».

فلما أصبح نزل فصلّى الغداة، ثم عجّل الرّكوب فأخذ يتياسر بأصحابه يريد أن يفرّقهم فيأتيه الحرّ بن يزيد فيردّه وأصحابه، فجعل إذا ردّهم نحو الكوفة ردّاً شديدا امتنعوا عليه، فارتفعوا فلم

__________________

(١) الواعية: الصارخة. « الصحاح - وعى - ٦: ٢٥٢٦ ».

٨٢

يزالوا يتياسرونَ كذاك حتّى انتهَوا إِلى نينَوى - المكانِ الّذي نزلَ به الحسينُعليه‌السلام - فإِذا راكبٌ على نجيبِ له عليه السِّلاحُ متنكِّبٌ قوساً مقبلٌ منَ الكوفةِ، فوَقَفُوا جميعاً ينتظَرونَه(١) فلمّا انتهى إِليهم سلّمَ على الحرِّ وأصحابِه ولم يسلِّمْ على الحسينِ وأصحابِه، ودفعَ إِلى الحرِّ كتاباً من عُبيدِاللّهِ بنِ زيادٍ فإِذا فيه:

أمّا بعدُ فَجَعْجِعْ(٢) بالحسينِ حينَ يَبلُغُكَ كتابي ويقدمُ عليكَ رسولي، ولا تُنْزِلْه(٣) إِلاّ بالعراءِ في غيرِ حصنٍ وعلى غيرِماءٍ، فقد أمرتُ رسولي أن يَلزَمَك ولا يفُارِقَكَ حتّى يأْتيني بإِنفاذِكَ أمري، والسّلامُ.

فلمّا قرأ الكتابَ قالَ لهم الحرُ: هذا كتابُ الأَميرِ عُبيدِاللهِّ يأْمرُني أَن أُجَعْجِعَ بكم في المكانِ الّذي يأْتي كتابُه، وهذا رسولُه وقد أمرَه أَلاّ يفارقَني حتّى أُنَفّذَ أَمْرَه.

فنظرَ يزيد بنُ المهاجرِ الكنانيّ(٤) - وكانَ معَ الحسينِعليه‌السلام - إلى رسولِ ابن زيادٍ فعرفَه فقالَ له يزيدُ: ثَكلَتْكَ أُمُّكَ، ماذا جئتَ فيه؟ قالَ: أَطعتُ إِمامي ووفيتُ ببيعتي، فقالَ له ابنُ المهاجرِ: بل عصيتَ ربَّكَ وأطعتَ إِمامَكَ في هلاكِ نفسِكَ وكسبتَ العارَ والنّارَ، وبئسَ الإمامُ إِمامكَ، قالَ اللّهُ عزَّ من قائلٍ

__________________

(١) في هامش «ش»: ينظرونه.

(٢) في الصحاح - جعجع - ٣: ١١٩٦: كتب عبيدالله بن زياد الى عُمربن سعد: أن جعجع بحسين. قال الأصمعي: يعني احبسه، وقال ابن الاعرابي: يعني ضيّق عليه.

(٣) في « ش » و « م»: تتركه، وما في المتن من هامشهما.

(٤) في هامش « ش » و «م»: الكندي.

٨٣

 ( وَجَعَلنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُوْنَ إِلىَ النًارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنْصرُوْنَ ) (١) فإِمامُكَ منهم.

وأخذَهم الحرُّ بالنُّزولِ في ذلكَ المكانِ على غيرماءٍ ولا قريةٍ، فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : « دَعْنا - ويحك - ننزل في هذه القريةِ أوهذه - يعني نينَوَى والغاضِريّةَ - أو هذه - يعني شِفْنَةَ(٢) - » قالَ: لا واللّهِ ما أستطيعُ ذلكَ، هذا رجل قد بُعِثَ اليّ عيناً عليّ، فقالَ له زُهَيرُ بنُ القَيْنِ: إِنِّي واللّهِ ما أراه يكونُ بعدَ هذا الّذي تَرَوْنَ إِلا أَشدَّ ممّا تَرَوْنَ، يا ابنَ رسولِ اللّهِ، إِنّ قتالَ هؤلاءِ السّاعةَ أهونُ علينا من قتالِ من يأْتينا بعدَهم، فلعَمْري لَيَاْتيَنا بعدَهم ما لا قِبلَ لنا به، فقالَ الحسينعليه‌السلام : «ما كنتُ لأَبدأهم بالقتالِ » ثمّ نزل ؛ وذلكَ يومَ الخميسِ وهو اليوم(٣) الثّاني منَ المحرّمِ سنةَ إِحدى وستَينَ.

فلمّا كانَ منَ الغدِ قدمَ عليهم عُمَرُبنُ سَعْدِ بنِ أبي وَقّاصٍ منَ الكوفةِ في أربعةِ آلافِ فارسٍ، فنزلَ بنينوى وبعثَ إِلى الحسينِعليه‌السلام ( عُروةَ بنَ قَيْسٍ )(٤) الأحمسيّ فقالَ له: ائتِهِ فسَلْه ما الّذي جاءَ بكَ؟ وماذا تريدُ؟

وكانَ عُروةُ ممّن كتبَ إلى الحسينِعليه‌السلام فاستحيا منه أن ياْتيَه، فعرضَ ذلكَ على الرؤَساءِ الّذينَ كاتبوه، فكلّهم

__________________

(١) القصص ٢٨: ٤١.

(٢) في هامش « ش » و «م»: شفَيّنة، شُفيّة. وكأنها شفاثا. في هامش «م» نسخة اُخرى:

(٣) في« م» و « ش»: يوم، وما في المتن من «ح » وهامش « ش».

(٤) انظر ص ٣٨ هامش (١) من هذا الكتاب.

٨٤

أبى ذلكَ وكرِهَه، فقامَ إِليه كَثيرُبنُ عبدِاللهِّ الشَّعْبِيّ وكانَ فارساً شُجاعاً لا يَرُدُّ وجهَه لشيءٌ فقالَ: أنا أذهبُ إِليه، وواللّهِ لئن شئتَ لأفْتكنَّ به ؛ فقالَ له عُمَرُ: ما أُريدُ أن تَفتكَ به، ولكنِ ائتِه فسَلْه ما الّذي جاءَ بك؟

فاقبلَ كثيرٌ إِليه، فلمّا رآه أبو ثمامةَ الصّائديُّ قالَ للحسينِعليه‌السلام : أصلَحَكَ اللهّ يا أَبا عبدِاللهِّ، قد جاءَكَ شرُّ أهلِ الأرضِ، وأجرؤهم على دم، وأفتكُهم(١) . وقامَ إِليه فقالَ له: ضَعْ سيفَكَ، قالَ: لا ولا كرامة، إِنّما أنا رسولٌ، فإِن سمعتم منِّي بلّغتُكم ما أرْسِلْتُ به إِليكم، وان أبَيتم انصرفتُ عنكم، قالَ: فإِنِّي آخذُ بقائِمِ سيفِكَ، ثمّ تكلّم بحاجتِكَ، قالَ: لا واللهِّ لا تمسَّه، فقالَ له: أخبرْني بما جئتَ به وأَنا أُبلِّغهُ عنكَ، ولا أدعُكَ تدنو منه فإِنّكَ فاجرٌ ؛ فاستَبّا وانصرفَ إِلى عمر بن سعدٍ فأخبرَه الخبرَ.

فدعا عمرُقُرّةَ بنَ قيسٍ الحنظليّ فقالَ له: ويحَكَ يا قُرّةُ، القَ حسيناً فسَلْه ما جاءَ به وماذا يريد؟ فأتاه قُرّةُ فلمّا رآه الحسينُ مقبلاً قالَ: «أتعرفونَ هذا؟» فقالَ له حبيبُ بنُ مُظاهِرِ: نعم، هذا رجلٌ من حنظلةِ تميم، وهو ابنُ أُختِنا، وقد كنتُ أعرَفه بحسنِ الرٌأي، وما كنتُ أراه يشهَدُ هذا المشهدَ. فجاءَ حتّى سلَّمَ على الحسينِعليه‌السلام وأبلغَه رسالةَ عمرِ بنِ سعدٍ إِليه، فقالَ له الحسينُ: «كَتبَ إِليَّ أهلُ مِصْرِكم هذا أن اقدم، فأمّا إِذ كرهتموني فأنا أنصرفُ عنكم » ثمّ قالَ حبيبُ بنُ مُظاهِر: ويحَكَ يا قُرّةً أينَ ترجعُ؟! إلى القوم الظّالمينَ؟! انْصُرْ هذا الرّجلَ الّذي بآبائه أيّدَكَ اللّهُ بالكرامةِ، فقالَ له قُرّةُ: أَرجعُ إِلى صاحبي

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: وأجرأُه على دم وأفتكه.

٨٥

بجواب رسالتِه، وأرى رأيي. قالَ: فانصرفَ إِلى عمر بن سعدٍ فأَخبرَه الخبرَ؛ فَقالَ عمرُ: أرجو أن يعافيَني اللهُ من حربه وقتالِه ؛ وكتبَ إِلى عُبيدِاللّهِ بنِ زيادٍ:

بسم اللّهِ الرّحمنِ الرّحيمَ، أمّا بعدُ: فإِنِّي حينَ نزلتُ بالحسينِ بعثتُ إِليه رسلي، فسألتُه عمّا اقْدَمَه، وماذا يطلبُ؟ فقالَ: كتبَ إِليَّ أَهْلُ هذه البلادِ، واتتْني رُسُلُهم يسألونَني القدومَ ففعلتُ، فأمّا إِذ كرهوني وبدا لهم غيرُما أتَتْني به رُسُلُهم، فأَنا منصرفٌ عنهم.

قالَ حسّانُ بنُ قائدٍ العَبْسيّ: وكنتُ عندَ عُبيدِاللهِّ حينَ أَتاه هذا الكتابُ، فلمّا قرأه قالَ:

ألآنَ إِذْ عَلِقَتْ مَخَالبنَا بِهِ

يَرْجُو النَّجَاةَ وَلاَتَ حِيْنَ مَنَاصِ

 وكتبَ إِلى عمربن سعدٍ:

أمّا بعدُ: فقد بلغَني كتابُكَ وفهمتُ ما ذكرتَ، فاعرِضْ على الحسينِ أَن يُبايعَ ليزيدَ هو وجميعُ أصحابه، فإِذا فعلَ هو ذلكَ رأينا رأيَنا، والسّلامُ.

فلمّا وردَ الجوابُ على عمر بن سعدٍ قالَ: قد خشيتُ ألاّ يَقبلَ ابنُ زيادٍ العافيةَ.

ووردَ كتابُ ابنِ زيادٍ في الأثرِ إلى عمر بن سعدٍ: أن حُلْ بينَ الحسينِ وأصحابه وبينَ الماءِ فلا يَذوقوا منه قطرةً، كما صُنعَ بالتّقيِّ الزّكيِّ عُثمان بن عفَّان. فبعثَ عمرُبنُ سعدٍ في الوقتِ عَمْرَو بنَ الحجّاجِ في خمسمائةِ فارس، فنزلوا على الشّريعةِ وحالوا بينَ الحسينِ وأصحابه وبينَ الماءِ أن يَستَقُوا منه قطرةً، وذلكَ قبلَ قتل الحسين بثلاثةِ

٨٦

أيّامٍ، ونادى عبدُاللّه بن الحُصين(١) الأزديّ - وكانَ عِدادُه في بَجيلةً - بأعلى صوته: يا حسينُ، ألا تنظرُإِلى الماءِ كأنّه كَبدُ السّماءِ، واللّهِ لا تَذُوقونَ منه قطرةً واحدةً حتّى تموتوا عطشاً؛ فقالَ الحسينُعليه‌السلام : «اللّهمَّ اقْتًلْهُ عَطَشاً ولا تَغْفِرْله أبداً».

قالَ حميدُ بنُ مسلمٍ: واللّهِ لَعُدْتُه بعدَ ذلكَ في مرضِه، فواللّهِ الّذي لا إِلهَ غيرُه، لقد رأيتُه يَشرَبُ الماءَ حتّى يَبغَرَ(٢) ثمّ يقيئه، ويصيحُ: العطشَ العطش، ثمّ يعودُ فيشرَبُ الماءَ حتّى يَبْغَرَثم يقيئه ويتلَظّى عَطَشاً، فما زالَ ذلكَ دأبه حتّى (لَفَظَ نفسَه )(٣) .

ولمّا رأى الحسينُ نزولَ العساكرِ مع عمرِ بن سعدٍ بنينوى ومدَدَهم لقتالِه أنفذَ إِلى عمر بن سعدٍ: «انِّي أُريدُ أن ألقاكَ(٤) » فاجتمعا ليلاً فتناجيا طويلاً، ثمّ رجعَ عمرُ بنُ سعدٍ إِلى مكانِه وكتبَ إِلى عُبيَدِاللهِّ بن زيادٍ:

أمّا بعدُ: فإِنّ اللّهَ قد أطْفأ النّائرةَ وجَمَعَ الكلمةَ وأَصَلحَ أَمرَ الأمّةِ، هذا حسينٌ قد أَعطاني أن يرجِعَ إِلى المكانِ الّذي أتى منه أو أن يسيرَ إِلى ثَغرٍ منَ الثُّغورِ فَيكونَ رجلاًَ منَ المسلمينَ، له ما لهم وعليه ما عليهم، أو أَن يأَتيَ أميرَ المؤمنينَ يزيدَ فيضعَ يدَه في يدِه، فيرى فيما بينَه وبينَه رأيَه، وفي هذا[لكم](٥) رضىً وللأمّةِ صلاحٌ.

__________________

(١) في «م» وهامش « ش »: حِصْن.

(٢) بغر: كثر شربه للماء، انظر «العين - بغر - ٤: ٤١٥».

(٣) في هامش « ش »: مات.

(٤) في هامش « ش » بعده اضافة: واجتمع معك.

(٥) ما بين المعقوفين اثبتناه من تأريخ الطبري ٥: ٤١٤، والكامل لابن الأثير ٤: ٥٥

٨٧

فلمّا قرأ عُبيدُاللّهِ الكتابَ قالَ: هذا كتابُ ناصحٍ مشفق على قومِه. فقامَ إِليه شِمْرُ بنُ ذي الجَوْشنِ فقالَ: أتَقبلُ هذا منه وقد نزلَ بأرًضِكَ والى جنبكَ؟ واللّهِ لئن رحلَ من بلادِكَ ولم يَضَعْ يدَه في يدِكَ، لَيكونَنَّ أولى بالقَوّةِ ولتكونَنَّ أولى بالضَّعفِ والعجز، فلا تُعْطِه هذه المنزلةَ فإِنّها منَ الوَهْنِ، ولكن لِينَزِلْ على حُكمِكَ هو وأصحابُه، فان عاقبْتَ فأنت (أَولى بالعقوبةِ )(١) وإن عفَوْتَ كانَ ذلكَ لك.

قالَ له ابنُ زيادٍ: نِعْمَ ما رأيتَ، الرأيُ رأيُك، اخْرجُ، بهذا الكتاب إِلى عُمَر بن سعدٍ فلْيَعْرِضْ على الحسينِ وأصحابه النًّزولَ على حُكْمِي، فإِن فَعَلوا فليَبْعَثْ بهم إِليّ سِلماً، وأن هم أًبَوْا فليقاتلْهم، فإِن فَعَلَ فاسمعْ له وأطِعْ، واِن أبى أن يقاتِلَهم فأنتً أَميرُ الجيشِ، واضرِبْ عُنقَه وابعثْ إِليَّ برأسِه.

وكتبَ إِلى عمر بن سعدٍ:انِّي لم أبعثْكَ إِلى الحسينِ لتكفَّ عنه ولا لتُطاوِلَه ولا لتمنّيَه السّلامةَ والبقاءَ ولا لتَعتَذِرَ له ولا لتكونَ له عندي شافعاً، انظرْ فإِن نزلَ حسينٌ وأصحابُه على حكمي واستسلموا فابعثْ بهم إِليَّ سِلْماً، وِان أبوْا فازحَفْ إِليهم حتّى تقتُلَهم وتُمثِّلَ بهم، فإِنّهم لذلكَ مستحقُّونَ، وِان قُتِلَ الحسينُ فأوْطئ الخيلَ صدرَه وظهرَه، فإِنّه عاتٍ ظلومٌ، وليس أَرى أنّ هذا يَضُرُّ بعدَ الموتِ شيئاً، ولكنْ عليّ قولٌ قد قلتُه: لوقتلتُه لفعلتُ هذا به، فإِن أنتَ مضيتَ لأَمرِنا فيه جزَيْناكَ جزاءَ السّامعِ المطيعِ، وإن أبيتَ فاعتزلْ عَمَلَنا وجُنْدَنا، وخلِّ

__________________

والنسخ خالية منه.

(١) في هامش «ش»: وليّ العقوبة.

٨٨

بينَ شمرِ بنِ ذي الجوشنِ وبينَ العسكرِ فإِنّا قد أمرناه بأمرنا، والسّلام.

فأقبلَ شمرٌ بكتاب عًبيدِاللّهِ إِلى عمربن سعدٍ، فلمّا قدمَ عليه وقرأَه قالَ له عمرُ: ما لَكَ ويْلَكَ؟! لا قَرَّبَ اللّهُ دارَكَ، قَبَّح اللهُ ما قَدِمْتَ به عليّ، واللّهِ إِنِّي لاظنُّكَ أنّكَ نهيتَه(١) أن يَقْبَلَ ما كتبتُ به إِليه، وأفسدتَ علينا أمْرنَا، قد كنّا رَجَوْنا أن يصلحَ، لا يستسلمُ واللّهِ حسينٌ، إِنَّ نفسَ أبيه لبَيْنَ جنبَيْه. فقالَ له شمرٌ: أخبِرني ما أَنتَ صانعٌ، أتمضِي لأَمرِ أميرِكَ وتقاتلُ عدوٌه؟ ِوألاّ فخلِّ بيني وبينَ الجندِ والعسكر؛ قالَ: لا، لا واللّهِ ولاكَرامةَ لكَ، ولكنْ أنا أتولىّ ذلكَ، فدونَكَ فكُنْ أنتَ على الرَّجّالةِ. ونهضَ عمرُبنُ سعدٍ إِلى الحسينِ عشيّةَ الخميسِ لتسعٍ مضَيْنَ منَ المحرّمِ.

وجاءَ شِمرٌ حتّى وقفَ على أصحاب الحسينِعليه‌السلام فقالَ: أينَ بَنُو أُختِنا؟ فخرجَ إِليه العبّاسُ وجَعْفَرٌ(٢) وعثمانُ بنوعليِّ بنِ أبي طالب عليه وعليهم السّلامُ فقالوا: ماتريدً؟ فقلَ: أنتم يابني أُختي امِنونَ ؛ فقالتْ له الفِتْيةُ: لَعَنَكَ اللهّ ولَعَنَ أمانَكَ، أتؤمِنُنَا(٣) وابنُ رسولِ اللّهِ لا أمانَ له؟!

ثمّ نادى عمرُ بنُ سعدٍ: يا خيلَ اللّهِ اركبي وأبشري، فركِبَ النّاس ثمّ زحفَ نحوَهمِ بعد العصرِ، وحسينٌعليه‌السلام جالسٌ أمامَ بيتِه مُحتب بسيفِه، إِذ خفقَ برأسِه على ركبتَيْه، وسمعَتْ أُختُه

__________________

(١) في هامش «ش»، و « م»: ثنيته.

(٢) في هامش «ش»: وعبدالله، وفوقه مكتوب: لم يكن في نسخة الشيخ.

(٣) في «م» وهامش «ش»: تؤمنَنا.

٨٩

الصّيحةَ(١) فدنَتْ من أَخيها فقالت: يا أخي أما تسمعُ الأصواتَ قدِ اقتربتْ؟ فرفعَ الحسينُعليه‌السلام رأسَه فقالَ: «إِنِّي رأيتُ رسولَ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله السّاعةَ في المنام(٢) فقالَ لي: إِنّكَ تَرُوحً إِلينا» فلطمتْ أُختُه وجهَها ونادتْ بالويلِ، فقَالَ لها: «ليسَ لكِ الويلُ يا أُخيَّةُ، اسكتي رحمَكِ اللّهُ » وقالَ له العبّاسُ بنُ عليٍّ رحمةُ اللّهِ عليه: يا أخي أتاكَ القومُ، فنهضَ ثمّ قالَ: «يا عبّاسُ، اركَبْ - بنفسي أنتَ يا أخي - حتّى تَلْقاهم وتقولَ لهم: ما لكم وما بَدا لكم؟ وتسألَهم عمّا جاءَ بهم ».

فأتاهم العبّاسُ في نحوٍ من عشرينَ فارساً، منهم(٣) زُهَيرُ بن القَيْنِ وحبيبُ بنُ مظاهِرٍ، فقالَ لهم العبّاسُ: ما بدا لكم وما تريدونَ؟ قالوا: جاءَ أًمرُ الأميرِأَن نَعْرضَ عليكم أن تنزلوا على حكمِه أَو نناجِزَكم ؛ قالَ: فلا تعجلوا حتّىَ أَرجعَ إِلى أبي عبدِاللهِّ فأعرِضَ عليه ما ذكرتم، فوقفوا وقالوا: الْقَه فأعْلِمْه، ثمّ الْقَنا بما يقولُ لكَ. فانصرفَ العباسُ راجعاً يركضُ إِلى الحسينِعليه‌السلام يخبرُه الخبرَ، ووقفَ أَصحابُه يخاطِبونَ القومَ ويَعِظُونَهم ويكفّونَهم عن قتاَلِ الحسينِ.

فجاءَ العبّاسُ إِلى الحسينِعليه‌السلام فأخبرَه بما قالَ القومُ، فقالَ: «ارجعْ إِليهم فإِنِ استطعتَ أَن تُؤَخِّرَهم إِلى الغُدْوَةِ(٤) وتَدْفَعَهم

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: الضجّة.

(٢) في «م» وهامثر «ش»: منامي.

(٣) في «م» وهامش «ش»: فيهم.

(٤) في «م» وهامش « ش »: غدوة.

٩٠

عنّا العشيّةَ، لعلّنا نصلِّي لربِّنا الليلةَ وندعوه ونستغفرُه، فهو يَعلمُ أَنَي قد أُحبُّ الصّلاةَ له وتلاوةَ كتابِه والدُّعاءَ والاستغفارَ».

فمضى العبّاسُ إِلى القوم ورجعَ من عندِهم ومعَه رسولٌ من قبَل عمر بن سعدٍ يقول: إِنّا قد أجَّلناكم إِلى غدٍ، فإِنِ استسلمتم سرَّحْناكم إلى أميرِنا عُبيدِاللّهِ بنِ زيادٍ، وإِن أَبيتم فلسنا تاركيكم، وانصرفَ.

فجمعَ الحسينعليه‌السلام أَصحابَه عندَ قربِ المساءِ. قالَ عليُّ بنُ الحسينِ زينُ العابدينَعليه‌السلام : «فدنوتُ منه لأَسْمَعَ ما يقولُ لهم، وأَنا إِذ ذاك مريضٌ، فسمعتُ أَبي يقولُ لأصحابِه: أُثني على اللهِّ أَحسنَ الثّناءِ، وأَحمده على السّرّاءِ والضّرّاءِ، اللّهمَّ إِنِّي أحْمَدُكَ على أن أكرمْتَنا بالنُّبُوّةِ وعَلّمتنَا القرآنَ وفَقَّهْتَنَا في الدِّينِ، وجعلت لنا أسماعاً وأَبصاراً وأَفئدةً، فاجعلْنا منَ الشّاكرينَ.

أَمّا بعدُ: فإِنِّي لا أَعلمُ أَصحاباً أَوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أَهلَ بيتٍ أَبرَّ ولا أوصلَ من أَهلِ بيتي فجزاكم اللّهُ عنَي خيراً، أَلا وإِنَي لأَظنَّ أَنّه اخرُ(١) يومٍ لنا من هؤلاءِ، أَلا وإِنّي قد أَذنت لكم فانطلِقوا جميعاً في حِلٍّ ليس عليكم منِّي ذِمامٌ، هذا الليلُ قد غشِيَكم فاتّخِذوه جَملاً.

فقالَ له إِخوتُه وابناؤه وبنوأخيه وابنا عبدِاللهِّ بنِ جعفرٍ: لِمَ نفعلُ ذلكَ؟! لنبقى بعدَكَ؟! لا أَرانا اللهُّ ذلكَ أبداً. بدأهم بهذا القولِ العبّاس بنُ عليٍّ رضوانُ اللهِّ عليه واتّبعتْه الجماعةُ عليه فتكلّموا بمثله ونحوِه.

__________________

(١) في «ش» و «م»: لأَظن يوماً. وما اثبتناه من «ح ».

٩١

فقالَ الحسينُعليه‌السلام : يا بني عقيلٍ، حَسْبُكم منَ القتلِ بمسلم، فاذهبوا أنتم فقد اذِنْتُ لكم. قالوا: سبحانَ اللهِ، فما يقولُ النّاسُ؟! يقولونَ إِنّا تركْنا شيخَنا وسيِّدَنا وبني عمومتنا - خيرِ الأعمامِ - ولم نرْمِ معَهم بسهِمٍ، ولم نطعنْ معَهم برُمحٍ، ولم نضْرِبْ معَهم بسيفٍ، ولا ندري ما صنعوا، لا واللّهِ ما نفعلُ ذلكَ، ولكنْ ( تَفْدِيكَ أنفسُنا وأموالنُا وأهلونا )(١) ، ونقاتل معَكَ حتّى نَرِدَ موردَكَ، فقَبحَ الله العيشَ بعدَكَ.

وقامَ إِليه مسلمُ بنُ عَوْسَجةَ فقالَ: أنُخلِّي(٢) عنكَ ولمّا نُعذِرْإِلى اللهِ سبحانَه في أداءِ حقِّكَ؟! أما واللهِّ حتّى أطعنَ في صُدورِهم برمحي، وأضربَهم بسيفي ما ثبتَ قائمهُ في يدي، ولو لم يكنْ معي سلاحٌ أُقاتلُهم به لقَذَفْتهم بالحجارةِ، واللهِّ لا نُخلِّيكَ حتّى يعلمَ اللهُ أنْ قد حَفِظْنا غيبةَ رسولِ اللّهِ(٣) صلى‌الله‌عليه‌وآله فيكَ، واللّهِ لوعلمتُ أنِّي أُقْتَلُ ثمّ أحيا ثم أُحرقُ ثم أحيا ثم أُذَرَّى، يُفعَلُ ذلكَ بي سبعينَ مرة ما فارقتُكَ حتّى ألقى حِمامي دونَكَ، فكيفَ لا أفعلُ ذلكَ ِوانّما هي قَتْلةٌ واحدةُ ثمّ هي الكَرامةُ الّتي لا انْقِضاءَ لها أبداً.

وقامَ زُهَيرُ بنُ القَيْن البجليّ - رحمةُ اللهِّ عليهِ - فقالَ: واللهِ لوَددْتُ أنِّي قُتِلْتُ ثمّ نُشِرْتُ ثمّ قُتِلْت حتّى أًقتلَ هكذا ألفَ مرّةٍ، وأَنّ الله تعالى يدفعُ بذلكَ القتلَ عن نفسِكَ، وعن أنفُسِ هؤلاء الفِتْيانِ من أهل بيتِكَ.

__________________

(١) كذا في «م» وهامش «ش»، وفي «ش»:(نُفدّيك أنفسنا وأموالنا وأهلينا).

(٢) في «م» وهامش «ش»: أنحن نخلي.

(٣) في هامش «ش»: رسوله.

٩٢

وتكلّمَ جماعةُ أصحابه(١) بكلام يُشبهُ بَعضُه بعضاً في وجهٍ واحدٍ، فجزّاهم الحسينُعليه‌السلام خيراً وَانصرفَ إلى مضِربه(٢) ».

قالَ عليُّ بنُ الحسينِعليهما‌السلام : «اِنيّ لَجالسٌ في تلكَ العشيّةِ الّتي قُتِلَ أبي في صبيحتِها، وعندي عمّتي زينبُ تمرّضني، إِذِ اعتزلَ أبي في خباءٍ له وعندَه جُويْنٌ مولى أبي ذرٍّ الغفار وهويُعالجُ سيفَه ويُصلِحُه وأبي يقولُ:

يَادَهْرُ أُفٍّ لَكَ مِنْ خَلِيْلِ

كَمْ لكَ بالإشراقِ وَالأصِيْلِ

مِنْ صَاحِبٍ أوْ طَالِبِ قَتِيْلِ

وَالدَّهْرُ لا يَقْنَعُ بالْبَدِيْل

وانَّمَا الأمْرُ إِلى الجَلِيْلِ

وَكلُّ حَيٍّ سَالِكٌ سَبِيْلِيْ

 فأعادَها مرّتينِ أو ثلاثاً حتّى فهِمْتُها وعَرفْتُ ما أرادَ، فخنقَتْني العَبْرةُ فردَدْتُها ولزمتُ السُّكوتَ، وعلمتُ أنّ البلاءَ قد نزلَ، وأمّا عمّتي فإنهّا سَمِعَتْ ماسَمِعْتُ وهيَ امرأةٌ ومن شاْنِ النساءِ الرّقّةُ والجَزعُ، فلم تَملِكْ نفسَها أنْ وَثَبَتْ تجرُّثوبَها(٣) وأنّها لَحاسرة، حتّى انتهتْ إِليه فقالتْ: وا ثكْلاه! ليتَ الموتَ أعدمَني الحياةَ، اليومَ ماتْتْ أُمِّي فاطمةُ وأبي عليّ وأخي الحسنُ، يا خليفةَ الماضِي وثِمالَ الباقي. فنظرَ إِليها الحسينُعليه‌السلام فقالَ لها: يا أُخيَّةُ لا يذْهِبَنَ حلمَكِ الشّيطانُ، وتَرَقْرَقَتْ عيناه بالدُموعِ وقالَ: لو تُرِكَ القَطَا لَنامَ(٤) ؛ فقالتْ: يا ويلتاه!

__________________

(١) في هامش «ش»: من أصحابه.

(٢) المضرب: الفسطاط أو الخيمة «القاموس المحيط - ضرب ١: ٩٥».

(٣) في «م» وهامش «ش»: ذيولها.

(٤) يضرب مثلاًَ للرجل يُستثار فيُظْلَم. انُظر جمهرة الامثال للعسكري ٢: ١٩٤ / ١٥١٨.

٩٣

أفتُغتصبُ نفسُكَ اغتصاباً؟! فذاكَ أقْرَحُ لِقَلبي وأشدَّ على نفسي. ثمّ لطمتْ وجهَها وهَوَتْ إلى جيبِها فشقّتْه وخرتْ مغشيّاً عليها.

فقامَ إِليها الحسينُعليه‌السلام فصبّ على وجهها الماءَ وقالَ لها: يا أُختاه! اتّقي اللهَّ وتعَزَيْ بعزاءِ اللّهِ، واعْلمي أنّ أهَلَ الأرضِ يموتونَ وأهلَ السّماءِ لا يَبْقَوْنَ، وأنَّ كلَّ شيءٍ هالكٌ إلاّ وجهَ اللهِّ الّذي خلقَ ألخلقَ بقدرتهِ، ويبعثُ الخلقَ ويعودونَ، وهو فردٌ وحدَه، أبي خيرٌ منِّي، وأُمِّي خيرٌ منِّي، وأخي خيرٌ منِّي، ولي ولكلِّ مسلمٍ برسولِ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله أُسوةٌ. فعزّاها بهذا ونحوِه وقالَ لها: يا أُخيّةُ إِنِّي أقسمتُ فأبِرِّي قَسَمي، لا تَشُقِّي عليَّ جيبأً، ولا تَخْمشي(١) عليَّ وجهاً، ولا تَدْعِي عليٌ بالويلِ والثّبورِ إِذا أنا هلكتُ. ثمّ جاءَ بها حتّى أجلسَها عنديّ.

ثمّ خرجَ إِلى أصحابه فأمرَهم أَن يُقَرِّبَ بعضُهم بيوتَهم من بعضٍ، وأن يُدخِلوا الأطنابَ بعضها في بعضٍ، وأن يكونوا بينَ البيوتِ، فيستقبلونَ القومَ من وجهٍ واحدٍ والبيوتُ من ورائهم وعن أيْمانِهم وعن شمائِلهم قد حَفّتْ بهم إلاّ الوجهَ الّذي يأْتيهم منه عدوُّهم.

ورجعَعليه‌السلام إِلى مكانِه فقامَ الليلَ كلَّه يُصلّي ويستغفرُ ويدعو ويتضرّعُ، وقامَ أصحابُه كذلكَ يُصَلًّونَ ويدعونَ ويستغفرونَ »(٢) .

__________________

(١) خمش وجهه: خدشه ولطمه وضربه وقطع عضواً منه. «القاموس - خمش - ٢: ٢٧٣».

(٢) تاريخ الطبري ٥: ٤٢٠، ونقله العلامة المجلسي في البحار٤٥: ١، ٢.

٩٤

قالَ الضحّاكُ بنُ عبدِاللهِّ: ومرَّ بنا خيلٌ لابنِ سعدٍ يحرسُنا، وِانَّ حسيناً لَيقرأ:( وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا أنَّمَا نُمْليْ لَهُمْ خَيْرٌ لانفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْليْ لَهُمْ لِيَزْدَادُوْا إِثْمَاً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِين * مَا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِيْن عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيْزَ الْخَبِيْثَ مِنَ الطَّيِّب ) (١) فسمعَها من تلكَ الخيلِ رجلٌ يُقالُ له عبداللهّ بن سُميرٍ(٢) ، وكانَ مَضحاكاً وكانَ شجاعاً بطلاًَ فارساً فاتكاً شريفاً فقالَ: نحن وربِّ الكعبةِ الطّيِّبونَ، مُيِّزْنا منكم. فقالَ له بَرِيرُ بنُ خُضيرٍ: يا فاسقُ أَنتَ يجعلُكَ اللهُّ منَ الطّيِّبينَ؟! فقالَ له: من أنتَ ويلَكَ؟ قال: أنا بَرِيرُ بنُ خُضَيْرِ، فتسابّا(٣) .

وأصبحَ الحسيُن بنُ عليّعليهما‌السلام فعبّأَ أصحابَه بعدَ صلاةِ الغداةِ، وكانَ معَه اثنان وثلاثونَ فارساً واربعونَ راجلاًَ، فجعلَ زُهيرَ بنَ القينِ في مَيْمَنةِ أصحابِه، وحبيبَ بنَ مُظاهِرٍ في مَيْسَرةِ أصحابه، وأعطى رايتَه العبّاسَ أخاه، وجعلوا البيوتَ في ظهورِهم، وأمرَ بحَطًبِ وقَصَبٍ كانَ من وراءِ البيوتِ أَن يُتركَ في خَنْدَقٍ كانَ قد حُفِرَ هناكَ وَأن يُحرَقَ بالنّارِ، مخافةَ أن يأتوهم من ورائهم.

وأصبحَ عمرُ بنُ سعدٍ في ذلكَ اليوم وهو يومُ الجمعةِ وقيلَ يومُ السّبتِ، فعبّأ أصحابَه وخرجَ فيمن معَه منً النّاسِ نحوَ الحسينِعليه‌السلام وكانَ على مَيْمَنَتهِ عَمرُو بنُ الحجّاجِ، وعلى مَيْسَرتَه شِمرُ بنُ ذي الجوشنِ، وعلى الخيلِ عُروةُ بنُ قَيْسٍ، وعلى الرّجّالةِ شَبَثُ بنُ رِبعيّ،

__________________

(١) ال عمران ٣: ١٧٨ - ١٧٩.

(٢) في «م» وهامش «ش»: سميرة.

(٣) تاريخ الطبري ٥: ٤٢١، مفصلاً نحوه، ونقله العلامة المجلسي في البحار٤٥: ٣.

٩٥

واعطى الرّايةَ دُرَيداً(١) مولاه.

فروِيَ عن عَليِّ بنِ الحسينِ زينِ العابدينَعليه‌السلام أنّه قالَ: «لمّا صبّحتِ الخيلُ الحسينَ رَفَعَ يديه وقالَ: اللّهَمّ أنتَ ثِقَتي في كلِّ كَرْبِ، ورجائي في كلِّ شدّةٍ(٢) وأنتَ لي في كلِّ أمر نزلَ بي ثقةٌ وعُدَّة، كمَ مِنْ هَمٍّ يَضْعُفُ فيه الفؤادُ، وتَقِلُّ فيه الحيلةُ، ويخذُلُ فيه الصّديقُ، ويَشمَتُ فيه العدوُّ، أنزلتُه بكَ وشكوتُه إِليكَ رغبةً منِّي إِليكَ عمَّن سواكَ، ففرَّجْتَه وكشفْتَه، وأنتَ وليُّ كلِّ نعمةٍ، وصاحبُ كلِّ حسنةٍ، ومُنتهَى كلِّ رغبةٍ»(٣) .

قالَ: وأقبلَ القومُ يَجولونَ حولَ بيوتِ الحسينِعليه‌السلام فيَروْنَ الخندقَ في ظهورِهم والنّار تَضْطَرِمُ في الحَطَب والقَصب الّذي كانَ أُلقِيَ فيه، فنادى شمرُ بنُ ذي الجوشنِ عليه الَلعنةُ بأعلَى صوته: يا حسينُ أتعجّلتَ النّارَ قبلَ يوم القيامةِ؟ فقالَ الحسينُعليه‌السلام : «مَنْ هذا؟ كأنّه شمرُ بنُ ذي الجَوشنِ » فقالوا له: نعم، فقالَ له: «يا ابنَ راعيةِ المِعْزَى، أنتَ أولى بها صلِيّاً».

ورَامَ مسلمُ بنُ عَوسَجَةَ أنِ يرميَه بسهمٍ فمنعَه الحسينُ من ذلكَ، فقالَ له: دعْني حتّى أرميَه فإنّ الفاسقَ من عظماءِ الجبّارينَ، وقد أمكنَ اللّهُ منه. فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : «لا تَرْمِه، فإِنِّي أكرهُ أن أبدأهم ».

__________________

(١) في هامش «ش» و «م»نسختان: ١ / دُوَيداً، ٢ / ذوَيداً. وكذا في المصادر.

(٢) في هامش «ش»: شديدة.

(٣) تاريخ الطبري ٥: ٤٢٣، ونقله العلامة المجلسي في البحار٤٥: ٤.

٩٦

ثمّ دعا الحسينُ براحلتهِ فركبَها ونادى بأَعلى صوته: «يا أهلَ ألعراقِ » - وجُلّهم يسمعونَ - فقالَ: «أَيًّها النّاسُ اسمعَوا قَوْلي ولا تَعجَلوا حتّى أَعِظَكم بما يَحقُّ لكم عليّ وحتّى أعْذِرَ إِليكم، فإِن أعطيتموني النّصفَ كنتم بذلكَ أسعدَ، وان لم تُعْطُوني النّصفَ من أنفسِكم فأجمعوا رأيَكم ثمّ لا يَكنْ أمرُكم عليكم غُمّةً ثمّ اقضوا إِليَّ ولا تنظِرونَ، إِنَّ وَلِيّي اللّهُ الّذي نزّلَ الكتابَ وهو يتولّى الصّالحينَ ». ثم حَمدَ اللّهَ وأثنى عليه وذَكَرَ اللهَّ بما هو أهلُه، وصَلّى على النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى ملائكةِ اللّهِ وأَنبيائه، فلم يُسْمَعْ متكلِّمٌ قطُّ قبلَه ولا بعدَه أبلغ في منطقٍ منه، ثمّ قالَ:

«أمّا بعدُ: فانسبوني فانظروا مَن أنا، ثمّ ارجِعوا إِلى أنفسِكم وعاتِبوها، فانظروا هل يَصلُح لكم قتلي وانتهاكُ حرمتي؟ ألست ابنَ بنتِ نبيِّكم، وابنَ وصيِّه وابن عمِّه وأَوّل المؤمنينَ المصدِّقِ لرسولِ اللّهِ بما جاءَ به من عندِ ربِّه، أَوَليسَ حمزةً سيدُ الشُهداءِ عمِّي، أَوَليسَ جعفر الطّيّارُ في الجنّةِ بجناحَيْنِ عَمِّي، أوَلم يَبْلُغْكم(١) ما قالَ رسولُ اللهِ لي ولأخي: هذان سيِّدا شبابِ أهلِ الجنّةِ؟! فان صدَّقتموني بما أقولُ وهو الحقُّ، واللّهِ ما تعمّدْتُ كذِباً منذُ عَلِمْتُ أنّ اللهَّ يمقُتُ عليه أهلَهُ، وإِن كذّبتموني فإِنّ فيكم (مَنْ لو )(٢) سأَلتموه عن ذلكَ أخْبَركم، سَلوُا جابرَ بنَ عبدِاللّهِ الأَنصاريّ وأبا سعيدٍ الخُدْريّ وسَهْلَ بن سعدٍ الساعديّ وزيدَ بنَ أرقَمَ وأنسَ بنَ مالكٍ، يُخْبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالةَ من رسولِ اللهِّصلى‌الله‌عليه‌وآله لي

__________________

(١) في هامش «ش» اوما بلغكم.

(٢) في «م» وهامش «ش»: مَن إن.

٩٧

ولأخي، أمَا في هذا ( حاجز لكم )(١) عن سَفْكِ دمي؟! ».

فقالَ له شمرُ بنُ ذي الجوشن: هو يَعْبدُ اللّهَ على حَرْفٍ إِن كانَ يدري (ما تقولُ )(٢) فقالَ له حبيبُ بنُ مُظاهِرٍ: واللّهِ إِنِّي لأراكَ تَعْبُدُ اللّهَ على سبعينَ حرفاً، وأنا أشهدُ أنّكَ صادقٌ ما تدري ما يقول، قد طبَعَ اللّهُ على قلبِكَ.

ثمّ قالَ لهم الحسينُعليه‌السلام : «فإِن كنتم في شكٍّ من هدْا، أفتشكّونَ أَنِّي ابن بنتِ نبيِّكمْ! فواللّهِ ما بينَ المشرقِ والمغرب ابن بنتِ نبيٍّ غيري فيكم ولا في غيرِكم، ويحكم أتَطلبوني بقتيلِ منكم قَتلتُه، أومالٍ لكم استهلكتُه، أو بقِصاصِ جراحةٍ؟!» فأخَذوا لا يُكلِّمونَه، فنادى: «يا شَبَثَ بنَ ربْعيّ، يا حَجّارَ بنَ أَبجرَ، يا قيسَ بنَ الأشْعَثِ، يا يزيدَ بن الحارثِ، ألم تكتبوا إِليّ أنْ قد أيْنَعَتِ الثِّمارُ واخضَرَّ الجَنابُ، وانمّا تَقدمُ على جُندٍ لكَ مُجَنَّدٍ؟!» فقالَ له قيسُ بنُ الأَشعثِ: ما ندري ما تقولُ، ولكنِ انْزِلْ على حُكمِ بني عمِّكَ، فإِنّهم لن يُرُوْكَ إلا ما تُحِبُّ. فقالَ له الحسينُ «لا واللهِّ لا أُعطيكم بيدي إعطاءَ الذّليل، ولا أَفِرُّ فِرارَ العبيدِ(٣) ». ثمّ نادى: «يا عبادَ اللهِ، إِنِّي عُذْتُ بربِّي وربِّكم أن ترجمون، أعوذُ بربِّي وربِّكم من كلِّ مُتكبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بيومِ الحسابِ ».

ثمّ إنّه أناخَ راحلتَه وأمرَ عُقبةَ بنَ سَمْعانَ فعقلَها، وأَقبلوا

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: حاجز يحجزكم.

(٢) هكذا في النسخ الخطية، لكن الصحيح: ما يقول، وهوموافق لنقل الطبري والكامل.

(٣) في «م»: العبد، وفي «ش»: مشوشة، وهي تحتمل الوجهين، وفي نسخة العلامة المجلسي: العبيد.

٩٨

يزحفونَ نحوَه، فلمّا رأى الحرُّ بنُ يزيدَ أَنّ القومَ قد صمَّمُوا على قتالِ الحسينِعليه‌السلام قالَ لعمر بن سعدٍ: أيْ عُمَر(١) ، أمُقاتِلٌ أنتَ هذا الرّجلَ؟ قالَ: إِيْ واللّهِ قتالاً أيْسَرُه أَن تَسقطَ الرُّؤوسُ وتَطيحَ الأَيدي، قالَ: أفما لكم فيما عرضه عليكم رضىً؟ قالَ عمر: أما لو كانَ الأمرُ إِليَّ لَفعلتُ، ولكنَّ أميرَكَ قد أبى.

فأقبلَ الحرُّحتّى وقفَ منَ النّاسِ موقفاً، ومعَه رجلٌ من قومِه يُقالُ له: قُرّةُ بنُ قَيْسٍ، فقالَ: يا قُرّةُ هل سقيتَ فرسَكَ اليومَ؟ قالَ: لا، قالَ: فما تُريدُ أن تَسقِيَه؟ قالَ قُرّةُ: فظننتُ واللّهِ أنّه يُريد أَن يَتنحّى فلا يشهدَ القتالَ، ويكرهُ(٢) أن أَراه حينَ يَصنعُ ذلكَ، فقلتُ له: لم أسقِه وأَنا منطلق فأسقيه، فاعتزلَ ذلكَ المكان الّذي كانَ فيه، فواللّهِ لوأَنّه أطْلَعَني على الّذي يُريدُ لخرجتُ معَه إِلى الحسينِ بنِ عليٍّعليه‌السلام ؛ فأخذَ يَدنو منَ الحسينِ قليلاً قليلاً، فقالَ له المهاجرُ بنُ أوسٍ: ما تُريدُ يا ابنَ يزيدَ، أتريدُ أن تَحملَ؟ فلم يُجبْه وأخَذَهُ مثلُ الأفْكَلِ - وهي الرِّعدةُ - فقالَ له المهاجرُ: إِنّ أمْرَكَ لَمُريبٌ، واللهِّ ما رأيتُ منكَ في موقفٍ قطُّ مثلَ هذا، ولو قيلَ لي: مَنْ أشجعُ أَهلِ الكوفِة ما عَدَوْتُكَ، فما هذا الّذي أرى منكَ؟! فقالَ له الحرُّ: إِنِّي واللّه أُخيِّرُ نفسي بينَ الجنَّةِ والنّارِ، فواللّهِ لا أختارُ على الجنّةِ شيئاً ولو قُطًّعْتُ وحُرِّقْت.

ثمّ ضربَ فرسَه فلحِقَ بالحسينِعليه‌السلام فقالَ له: جُعِلْتُ فِداكَ - يا ابنَ رسولِ اللهِّ - أَنا صاحبُكَ الّذي حبستُكَ عنِ

__________________

(١) في هامش «ش»: يا عمر.

(٢) في «م» وهامش «ش»: فَكَرِه.

٩٩

الرُّجوع، وسايرْتُكَ في الطَريقِ، وجَعْجَعْتُ بكَ في هذا المكانِ، وما ظننتُ انَّ القومَ يَرُدُّونَ عليكَ ماعَرَضْتَه عليهم، ولايَبلُغونَ منكَ هذه المنزلَة، واللهِّ لو علمتُ أنّهم يَنتهونَ بكَ إِلى ما أرى ما رَكِبْتُ منكَ الّذي رَكِبْتُ، وِانِّي تائبٌ إِلى اللهِ تعالى ممّا صنعتُ، فترى لي من ذلكَ توبةً؟ فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : «نَعَمْ، يتوبُ اللّهُ عليكَ فانزِلْ » قالَ: فأنا لكَ فارساً خيرٌ منِّي راجلاً، أقُاتِلهُم على فرسي ساعةً، والى النُّزول ما يَصيرُ اخرُ أمري. فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : «فاصنعْ - يَرحمَكَ اللهُّ - ما بدا لكَ ».

فاستقدمَ أمامَ الحسينِعليه‌السلام ثمّ أنشأ رجلٌ من أصحاب الحسينِعليه‌السلام يقولُ:

لَنِعْمََ الْحُرُّ حُرّ بَنِيْ رِيَاح

وَحُرّ عِنْد َمُخْتَلَفِ الرِّمَاحِ

وَنِعْمَ الْحُرُّ إِذْ نَادَى حُسَينٌ

وَجَادَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الصَّبَاحِ

 ثمّ قالَ(١) : يا أهلَ الكوفةِ، لأمِّكم الهَبَلُ والعَبَرُ، أدَعَوْتُم هذا العبدَ الصّالحَ حتّى إِذا أتاكم أسلمتموه، وزعمتُم أنّكم قاتلو أنفسِكم دونَه ثمّ عَدَوْتُم عليه لِتقتلوه، أمسكتم بنفسِه وأخذتم بكظمِه(٢) ، وأحَطْتم به من كلِّ جانبِ لتِمنعوه التّوجُّهَ في بلادِ اللّهِ العريضةِ، فصارَ كالأسير في أَيديكم لاَ يَملكُ لِنفسِه نفعاً ولا يَدفعُ عنها ضَرّاً(٣) ، وحَلأتمُوه(٤) ونساءه وصِبْيتَه وأهله عن ماءِ الفراتِ

__________________

(١) اي الحر عليه الرحمة.

(٢) يقال: اخذت بكظمه أي بمخرج نفسه «الصحاح - كظم - ٥: ٢٠٢٣».

(٣) في «م» وهامش «ش»: ضرراً.

(٤) حلأه عن الماء: طرده ولم يدعه يشرب «الصحاح - حلأ - ١:٤٥».

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

٨ ـ أبو علي الأشعري ، عن بعض أصحابه ، عن الخشاب رفعه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لا والله لا يرجع الأمر والخلافة إلى آل أبي بكر وعمر أبدا ولا إلى بني أمية أبدا ولا في ولد طلحة والزبير أبدا وذلك أنهم نبذوا القرآن وأبطلوا السنن وعطلوا الأحكام وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ القرآن هدى من الضلال وتبيان من العمى واستقالة من العثرة ونور من الظلمة وضياء من الأحداث وعصمة من الهلكة ورشد من الغواية وبيان من الفتن وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة وفيه كمال دينكم وما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار

٩ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن القرآن زاجر وآمر يأمر بالجنة ويزجر عن النار

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن سعد الإسكاف قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطيت السور الطوال مكان التوراة

_________________________________________

الحديث الثامن : مرسل« لا يرجع الأمر » يمكن أن يكون المراد بطلان خلافتهم أو أنه لا يرجع إليهم بعد ذلك والأخير أظهر فتدبر« من الأحداث » أي البدع و« الهلكة » محركة الهلاك.

الحديث التاسع : موثق.

الحديث العاشر : مجهول.

وقال في مجمع البيان قد شاع في الخبر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال أعطيت مكان التوراةالسبع الطوال ، ومكان الإنجيل المثاني ، ومكان الزبور المائين وفضلت بالمفصل ، وفي رواية واثلة بن الأسقع وأعطيت مكان الإنجيل المائين ومكان الزبور المثاني ، وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة من تحت العرش لم يعطها نبي قبلي. وأعطاني ربي المفصل نافلة والسبع الطوال البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال مع التوبة لأنهما تدعيان القرينتين ولذلك لم يفصل

٤٨١

وأعطيت المئين مكان الإنجيل وأعطيت المثاني مكان الزبور وفضلت بالمفصل ثمان وستون سورة وهو مهيمن على سائر الكتب والتوراة لموسى والإنجيل لعيسى والزبور لداود.

_________________________________________

بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم وقيل أن السابعة سورة يونس ، والطوال جمع الطولى تأنيث الأطول ، وإنما سميت هذه السور الطوال لأنها أطول سور القرآن ، وأماالمثاني فهي السورة التالية للسبع الطوال فأولها سورة يونس وآخرها سورة النحل ، وإنما سميت مثاني لأنها ثنيت الطوال أي تلتها فكان الطوال المبادئ والمثاني لها ثواني ، وقال الفراء واحدها مثناة وقيل : مثنى ومثاني. كمعنى ومعاني ، وقيل : المثاني سور القرآن كلها طوالها وقصارها من قوله تعالى( كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ ) ووجه التسمية أنه يثني فيه الحدود والأمثال ، وقيل : للثاني سورة الحمد وهو المروي عن الأئمةعليهم‌السلام وأماالمئون فهي كل سورة تكون نحوا من مائة آية أو فويق ذلك أو دوينه وهي سبع أولها سورة بني إسرائيل وآخرها المؤمنون ، وقيل : إن المائين ما ولي السبع الطوال ثم المثاني بعدها ، وهي التي يقصر عن المائين ويزيد على المفصل ، وسميت مثاني لأن المائين مباديها ، أماالمفصل فما بعد الحواميم إلى آخر القرآن ، وطوالها من سورة محمد إلى النبإ ومتوسطاته منه إلى الضحى ، وقصاره منه إلى آخر القرآن ، وسميت مفصلا لكثرة الفصول بين سورها ببسم الله الرحمن الرحيم انتهى ، وعلى ما ذكره المفسرون من التفسير الطوال والمئين والمثاني والمفصل يخرج كثير من السور عن الأقسام ، والسبع غير مذكور في هذا الخبر فيمكن أن يكون عند كل من الثلاثة الأول أزيد من السبع ولا يمكن إدراجها في المفصل لأن العدد مذكور فيه والمراد بالمفصل من سورة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى آخر القرآن ثمان وستون سورة و« هو مهيمن » أي شاهد.

٤٨٢

١١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال يجيء القرآن يوم القيامة في أحسن منظور إليه صورة فيمر بالمسلمين فيقولون هذا الرجل منا فيجاوزهم إلى النبيين فيقولون هو منا فيجاوزهم إلى الملائكة المقربين فيقولون هو منا حتى ينتهي إلى رب العزة عز وجل فيقول يا رب فلان بن فلان أظمأت هواجره وأسهرت ليله في دار الدنيا وفلان بن فلان لم أظمئ هواجره ولم أسهر ليله فيقول تبارك وتعالى أدخلهم الجنة على منازلهم فيقوم فيتبعونه فيقول للمؤمن اقرأ وارقه قال فيقرأ ويرقى حتى يبلغ كل رجل منهم منزلته التي هي له فينزلها.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن يونس بن عمار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن الدواوين يوم القيامة ثلاثة ديوان فيه النعم وديوان فيه الحسنات وديوان فيه السيئات فيقابل بين ديوان النعم وديوان الحسنات فتستغرق النعم عامة الحسنات ويبقى ديوان السيئات فيدعى بابن آدم المؤمن للحساب فيتقدم القرآن أمامه في أحسن صورة فيقول يا رب أنا القرآن وهذا عبدك المؤمن قد كان يتعب نفسه بتلاوتي ويطيل ليله بترتيلي وتفيض عيناه إذا تهجد فأرضه كما أرضاني قال فيقول العزيز الجبار عبدي ابسط يمينك فيملؤها من رضوان الله العزيز

_________________________________________

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

وقال في مغرب اللغةرقي في السلم رقيا من باب لبس ، وفي القرآن ( أو يرقى في السماء ) وارتقى فيه مثله.

الحديث الثاني عشر : مجهول.

والديوان جريدة الحساب ولعل ملؤ اليمين والشمال كناية عن تضعيف جزاء ديوان الحسنات ومحو ديوان السيئات ، أو عن إعطاء كتاب دخول الجنة بيمينه ،

٤٨٣

الجبار ويملأ شماله من رحمة الله ثم يقال هذه الجنة مباحة لك فاقرأ واصعد فإذا قرأ آية صعد درجة.

١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري قال قال علي بن الحسينعليه‌السلام لو مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي وكانعليه‌السلام إذا قرأ « مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ » يكررها حتى كاد أن يموت.

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن إسحاق بن غالب قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا جمع الله عز وجل الأولين والآخرين إذا هم بشخص قد أقبل لم ير قط أحسن صورة منه فإذا نظر إليه المؤمنون وهو القرآن قالوا هذا منا هذا أحسن شيء رأينا فإذا انتهى إليهم جازهم ثم ينظر إليه الشهداء حتى إذا انتهى إلى آخرهم جازهم فيقولون هذا القرآن فيجوزهم كلهم حتى إذا انتهى إلى المرسلين فيقولون هذا القرآن فيجوزهم حتى ينتهي إلى الملائكة فيقولون هذا القرآن فيجوزهم ثم ينتهي حتى يقف عن يمين العرش فيقول الجبار وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لأكرمن اليوم من أكرمك ولأهينن من أهانك.

_________________________________________

وكتاب البراءة من النار بشماله أو الجميع استعارة تمثيلية لبيان غاية الإكرام والإنعام.

الحديث الثالث عشر : ضعيف.

الحديث الرابع عشر : حسن ، أو موثق.

ويمكن الجمع بين هذا الخبر وبين ما مر بأن يكون فاعل يقولون غير أرباب الصفوف ، أو هم بعد التفتيش والتعريف أو يكون هذا مرورا آخر بعد المرور الأول.

٤٨٤

(باب)

(فضل حامل القرآن)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن أبي الحسين الفارسي ، عن سليمان بن جعفر الجعفري ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النبيين والمرسلين فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم فإن لهم من الله العزيز الجبار لمكانا عليا.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة.

٣ ـ وبإسناده ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعلموا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة صاحبه في صورة شاب جميل شاحب اللون فيقول له

_________________________________________

باب فضل حامل القرآن

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

الحديث الثاني : صحيح.

وقال في النهاية : وفيه مثل الماهر بالقرآن مثلالسفرة هم الملائكة جمع سافر وهو الكاتب لأنه يبين الشيء ، ومنه ( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ) قال النووي هو جمع سافر بمعنى رسول يريد أنه يكون في الآخرة رفيقا لهم في منازله أو هو عامل بعملهم ، قال الطيبي : أو بمعنى مصلح بين قوم أي الملائكة النازلون لإصلاح مصالح العباد من دفع الآفات والمعاصي والبررة جمع بار.

الحديث الثالث : صحيح.

« والشاحب » المتغير اللون والجسم لعارض من مرض أو سفر ونحوهما

٤٨٥

القرآن أنا الذي كنت أسهرت ليلك وأظمأت هواجرك وأجففت ريقك وأسلت دمعتك أئول معك حيثما ألت وكل تاجر من وراء تجارته وأنا اليوم لك من وراء تجارة كل تاجر وسيأتيك كرامة من الله عز وجل فأبشر فيؤتى بتاج فيوضع على رأسه ويعطى الأمان بيمينه والخلد في الجنان بيساره ويكسى حلتين ثم يقال له اقرأ وارقه فكلما قرأ آية صعد درجة ويكسى أبواه حلتين إن كانا مؤمنين ثم يقال لهما هذا لما علمتماه القرآن.

٤ ـ ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن منهال القصاب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه وجعله الله عز وجل مع السفرة الكرام البررة وكان القرآن حجيزا عنه يوم القيامة يقول يا رب إن كل عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي فبلغ به أكرم عطاياك قال فيكسوه الله العزيز الجبار حلتين من حلل الجنة ويوضع على رأسه تاج الكرامة ثم يقال له هل أرضيناك فيه فيقول القرآن يا رب قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا فيعطى الأمن بيمينه والخلد بيساره ثم يدخل الجنة فيقال له اقرأ واصعد درجة ثم يقال له هل بلغنا به وأرضيناك فيقول نعم قال ومن قرأه كثيرا وتعاهده بمشقة من شدة حفظه أعطاه الله عز وجل أجر هذا مرتين.

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي بن عبد الله وحميد بن زياد ، عن الخشاب جميعا ، عن الحسن بن علي بن يوسف ، عن معاذ بن ثابت ، عن عمرو

_________________________________________

« تجارة كل تاجر » لعل المراد أحصل لك تجارة كل تاجر أو أنا لك بعوض تجارة كل تاجر فتأمل« في الجنان بيساره » قال في النهاية أي يجعلان في ملكيته فاستعار اليمين والشمال لأن القبض والأخذ بهما.

الحديث الرابع : مجهول ،« حجيزا » أي مانعا.

الحديث الخامس : ضعيف.

وقال في الصحاح قولهمنولك أي تفعل كذا أي حقك وينبغي لك وأصله

٤٨٦

بن جميع ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن أحق الناس بالتخشع في السر والعلانية لحامل القرآن وإن أحق الناس في السر والعلانية بالصلاة والصوم لحامل القرآن ثم نادى بأعلى صوته يا حامل القرآن تواضع به يرفعك الله ولا تعزز به فيذلك الله يا حامل القرآن تزين به لله يزينك الله به ولا تزين به للناس فيشينك الله به من ختم القرآن فكأنما أدرجت النبوة بين جنبيه ولكنه لا يوحى إليه ومن جمع القرآن فنوله لا يجهل مع من يجهل عليه ولا يغضب فيمن يغضب عليه ولا يحد فيمن يحد ولكنه يعفو ويصفح ويغفر ويحلم لتعظيم القرآن ومن أوتي القرآن فظن أن أحدا من الناس أوتي أفضل مما أوتي فقد عظم ما حقر الله وحقر ما عظم الله.

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي بن عبد الله ، عن عبيس بن هشام قال حدثنا صالح القماط ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الناس أربعة فقلت جعلت فداك وما هم فقال رجل أوتي الإيمان ولم يؤت القرآن ورجل أوتي القرآن ولم يؤت الإيمان ورجل أوتي القرآن وأوتي الإيمان ورجل لم يؤت القرآن ولا الإيمان قال قلت جعلت فداك فسر لي حالهم فقال أما الذي أوتي الإيمان ولم يؤت القرآن فمثله كمثل التمرة طعمها حلو ولا ريح لها وأما الذي أوتي القرآن ولم يؤت الإيمان فمثله كمثل الآس ريحها طيب وطعمها مر وأما من أوتي القرآن والإيمان فمثله كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب وأما الذي لم يؤت الإيمان ولا القرآن فمثله كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن

_________________________________________

من التناول« ولا يغضب فيمن » أي معه« فيمن يجد » من الوجد الغضب.

الحديث السادس : مجهول.

الحديث السابع : ضعيف.

٤٨٧

محمد ، عن سليمان بن داود ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري قال قلت لعلي بن الحسينعليه‌السلام أي الأعمال أفضل قال الحال المرتحل قلت وما الحال المرتحل قال فتح القرآن وختمه كلما جاء بأوله ارتحل في آخره وقال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أعطاه الله القرآن فرأى أن رجلا أعطي أفضل مما أعطي فقد صغر عظيما وعظم صغيرا.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عيسى ، عن سليمان بن رشيد ، عن أبيه ، عن معاوية بن عمار قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام من قرأ القرآن فهو غني ولا فقر بعده وإلا ما به غنى.

٩ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن أبي نجران ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا معاشر قراء القرآن اتقوا الله عز وجل فيما حملكم من كتابه فإني مسئول وإنكم مسئولون

_________________________________________

« الحال المرتحل » أي عمله ، وفي النهاية فيه أنه سئل أي الأعمال أفضل فقال : الحال المرتحل ، قيل : وما ذلك قال الخاتم المفتتح هو الذي يختم القرآن بتلاوته ثم يفتتح التلاوة من أوله شبهه بالمسافر يبلغ المنزل فيحل فيه ثم يفتتح السير أي يبتدأ به وكذلك قراءة مكة إذا ختموا القرآن بالتلاوة ابتدءوا وقرءوا الفاتحة وخمس آيات من أول سورة البقرة إلى قوله( هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ثم يقطعون القراءة ويسمون فاعل ذلك الحال المرتحل أي أنه ختم القرآن وابتدأ بأوله ولم يفصل بينهما بزمان.

الحديث الثامن : مجهول.

« والإمابة عني » أي الاهتمام وفي بعض النسخ والأمانة عني وفي بعضها إلا ما به غنى أي إن لم يكن قرأ القرآن فليس هو بغني وإن جمع الأموال أو إن لم يرض بغني القرآن فلا يحصل له بعده غنى والله يعلم.

الحديث التاسع : ضعيف.

٤٨٨

إني مسئول عن تبليغ الرسالة وأما أنتم فتسألون عما حملتم من كتاب الله وسنتي.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص قال سمعت موسى بن جعفرعليه‌السلام يقول لرجل أتحب البقاء في الدنيا فقال نعم فقال ولم قال لقراءة قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ فسكت عنه فقال له بعد ساعة يا حفص من مات من أوليائنا وشيعتنا ولم يحسن القرآن علم في قبره ليرفع الله به من درجته فإن درجات الجنة على قدر آيات القرآن يقال له اقرأ وارق فيقرأ ثم يرقى قال حفص فما رأيت أحدا أشد خوفا على نفسه من موسى بن جعفرعليه‌السلام ولا أرجى الناس منه وكانت قراءته حزنا فإذا قرأ فكأنه يخاطب إنسانا.

١١ ـ علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حملة القرآن عرفاء أهل الجنة والمجتهدون قواد أهل الجنة والرسل سادة أهل الجنة.

_________________________________________

الحديث العاشر : ضعيف.

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور.

وقال في النهايةالعرفاء هو جمع عريف ، وهو القيم بأمور القبيلة والجماعة يلي أمورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم« قواد » أي يقودونهم إليها ، وفي النهاية وفيه أن قريشا قادة زادة أي يقودون الجيوش وهو جمع قائد.

٤٨٩

(باب)

(من يتعلم القرآن بمشقة)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول إن الذي يعالج القرآن ويحفظه بمشقة منه وقلة حفظ له أجران.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن الصباح بن سيابة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من شدد عليه في القرآن كان له أجران ومن يسر عليه كان مع الأولين.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد ، عن سليم الفراء ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتى يتعلم القرآن أو يكون في تعليمه.

(باب)

(من حفظ القرآن ثم نسيه)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن ابن فضال ، عن أبي إسحاق ثعلبة بن ميمون ، عن يعقوب

_________________________________________

باب من يتعلم القرآن بمشقة

الحديث الأول : صحيح.

الحديث الثاني : مجهول.

ولعل المرادبالأولين السابقون الذي سبقوا إلى الإيمان بالله ورسوله.

الحديث الثالث : مرسل.

باب من حفظ القرآن ثم نسيه

الحديث الأول : موثق.

٤٩٠

الأحمر قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك إني كنت قرأت القرآن ففلت مني فادع الله عز وجل أن يعلمنيه قال فكأنه فزع لذلك فقال علمك الله هو وإيانا جميعا قال ونحن نحو من عشرة ثم قال السورة تكون مع الرجل قد قرأها ثم تركها فتأتيه يوم القيامة في أحسن صورة وتسلم عليه فيقول من أنت فتقول أنا سورة كذا وكذا فلو أنك تمسكت بي وأخذت بي لأنزلتك هذه الدرجة فعليكم بالقرآن ثم قال إن من الناس من يقرأ القرآن ليقال فلان قارئ ومنهم من يقرأ القرآن ليطلب به الدنيا ولا خير في ذلك ومنهم من يقرأ القرآن لينتفع به في صلاته وليله ونهاره.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغراء ، عن أبي بصير قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من نسي سورة من القرآن مثلت له في صورة حسنة ودرجة رفيعة في الجنة فإذا رآها قال ما أنت ما أحسنك ليتك لي فيقول أما تعرفني أنا سورة كذا وكذا ولو لم تنسني رفعتك إلى هذا.

٣ ـ ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن يعقوب الأحمر قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن علي دينا كثيرا وقد دخلني ما كان القرآن يتفلت مني فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام ـ القرآن القرآن إن الآية من القرآن والسورة لتجيء يوم القيامة حتى تصعد ألف درجة يعني في الجنة فتقول لو حفظتني لبلغت بك هاهنا.

٤ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة وعدة من أصحابنا ، عن

_________________________________________

« وأفلت » الطائر وغيره إفلاتا تخلص.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : حسن ، أو موثق.

الحديث الرابع : مجهول.

« أو تركها » أي ترك قراءتها.

٤٩١

أحمد بن محمد جميعا ، عن محسن بن أحمد ، عن أبان بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن الرجل إذا كان يعلم السورة ثم نسيها أو تركها ودخل الجنة أشرفت عليه من فوق في أحسن صورة فتقول تعرفني فيقول لا فتقول أنا سورة كذا وكذا لم تعمل بي وتركتني أما والله لو عملت بي لبلغت بك هذه الدرجة وأشارت بيدها إلى فوقها.

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي بن عبد الله ، عن العباس بن عامر ، عن الحجاج الخشاب ، عن أبي كهمس الهيثم بن عبيد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل قرأ القرآن ثم نسيه فرددت عليه ثلاثا أعليه فيه حرج قال لا.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عبد الله بن مسكان ، عن يعقوب الأحمر قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك إنه أصابتني هموم وأشياء لم يبق شيء من الخير إلا وقد تفلت مني منه طائفة حتى القرآن لقد تفلت مني طائفة منه قال ففزع عند ذلك حين ذكرت القرآن ثم قال إن الرجل لينسى السورة من القرآن فتأتيه يوم القيامة حتى تشرف عليه من درجة من بعض الدرجات فتقول السلام عليك فيقول وعليك السلام من أنت فتقول أنا سورة كذا وكذا ضيعتني وتركتني أما لو تمسكت بي بلغت بك هذه الدرجة ثم أشار بإصبعه ثم قال عليكم بالقرآن فتعلموه فإن من الناس من يتعلم القرآن ليقال

_________________________________________

الحديث الخامس : مجهول.

وحمل على الجواز والأخبار الأخر على الكراهة ، أو تلك على ما إذا كان على وجه الاستخفاف وعدم الاعتناء وهذا على الضرورة أو هلك على النسيان مع ترك العمل أو ترك العمل فقط وهذا على النسيان والله يعلم.

الحديث السادس : صحيح.

٤٩٢

فلان قارئ ومنهم من يتعلمه فيطلب به الصوت فيقال فلان حسن الصوت وليس في ذلك خير ومنهم من يتعلمه فيقوم به في ليله ونهاره لا يبالي من علم ذلك ومن لم يعلمه.

(باب في قراءته)

١ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده وأن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود ، عن حفص بن غياث ، عن الزهري قال سمعت علي بن الحسينعليه‌السلام يقول آيات القرآن خزائن فكلما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها.

(باب)

(البيوت التي يقرأ فيها القرآن)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الفضيل بن عثمان ، عن ليث بن أبي سليم رفعه قال قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نوروا بيوتكم

_________________________________________

باب في قراءته

الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : ضعيف.

باب البيوت التي يقرأ فيها القرآن

الحديث الأول : مرفوع.

وقال في مجمع البحار ومنه ولا تجعلوا بيوتكم قبورا أي لا تجعلوها كالقبور فلا تصلوا فيها كالميت لا يصلي في قبره ، لقوله : واجعلوا من صلاتكم في بيوتكم

٤٩٣

بتلاوة القرآن ولا تتخذوها قبورا كما فعلت اليهود والنصارى صلوا في الكنائس والبيع وعطلوا بيوتهم فإن البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره واتسع أهله وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن عبد الأعلى مولى آل سام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن البيت إذا كان فيه المرء المسلم يتلو القرآن يتراءاه أهل السماء كما يتراءى أهل الدنيا الكوكب الدري في السماء.

٣ ـ محمد ، عن أحمد وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن جعفر بن محمد بن عبيد الله ، عن ابن القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عز وجل فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض وإن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله عز وجل فيه تقل بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين.

_________________________________________

ولا تجعلوها قبورا ، وقيل : لا تجعلوها كمقابر لا يجوز الصلاة فيها والأول أوجه ، وقال في شرح المصابيح ولا تتخذوها قبورا معناه لا تجعلوا البيوت خالية عن الصلاة شبه المكان الخالي عن العبادة بالقبر ، والغافل عنها بالميت ثم أطلق القبر على مقره وقيل معناه النهي عن الدفن في البيوت.

الحديث الثاني : حسن ، أو مجهول.

وفي النهاية ومن أهل الجنةيتراءون أهل عليين كما ترون الكوكب الدري أي ينظرون ويرون.

الحديث الثالث : مجهول.

٤٩٤

(باب)

(ثواب قراءة القرآن)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن معاذ بن مسلم ، عن عبد الله ابن سليمان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من قرأ القرآن قائما في صلاته كتب الله له بكل حرف مائة حسنة ومن قرأه في صلاته جالسا كتب الله له بكل حرف خمسين حسنة ومن قرأه في غير صلاته كتب الله له بكل حرف عشر حسنات.

قال ابن محبوب وقد سمعته ، عن معاذ على نحو مما رواه ابن سنان.

٢ ـ ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما يمنع التاجر منكم المشغول في سوقه إذا رجع إلى منزله أن لا ينام حتى يقرأ سورة من القرآن فتكتب له مكان كل آية يقرؤها عشر حسنات ويمحى عنه عشر سيئات.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم أو غيره ، عن سيف بن عميرة ، عن رجل ، عن جابر ، عن مسافر ، عن بشر بن غالب الأسدي ، عن الحسين بن عليعليه‌السلام قال من قرأ آية من كتاب الله عز وجل في صلاته قائما يكتب له بكل حرف مائة حسنة فإذا قرأها في غير صلاة كتب الله له بكل حرف ـ عشر حسنات وإن استمع القرآن كتب الله له بكل حرف حسنة وإن ختم القرآن ليلا صلت عليه الملائكة حتى يصبح وإن ختمه نهارا صلت عليه الحفظة حتى يمسي وكانت له دعوة مجابة وكان خيرا له مما بين السماء إلى الأرض قلت هذا

_________________________________________

باب ثواب قراءة القرآن

الحديث الأول : مجهول.

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : مجهول.

٤٩٥

لمن قرأ القرآن فمن لم يقرأ قال يا أخا بني أسد إن الله جواد ماجد كريم إذا قرأ ما معه أعطاه الله ذلك.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن النضر بن سويد ، عن خالد بن ماد القلانسي ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من ختم القرآن بمكة من جمعة إلى جمعة أو أقل من ذلك أو أكثر وختمه في يوم جمعة كتب له من الأجر والحسنات من أول جمعة كانت في الدنيا إلى آخر جمعة تكون فيها وإن ختمه في سائر الأيام فكذلك.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد جميعا ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن محمد بن مروان ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين ومن قرأ ثلاث

_________________________________________

الحديث الرابع : مجهول ، وهذا السند بعينه مذكور في فهرست الشيخ ، وفيه عن النضر بن شعيب ، عن خالد بن ماد وكذلك في النجاشي وأسانيد الفقيه فما في الكتاب تصحيف.

ولعل التعبير بهذا النحو للإشعار باختلاف مراتب الفضل وإن اشترك الكل في ذلك الثواب مثلا الختم من الجمعة إلى الجمعة أفضل مما كان الختم فقط في الجمعة وهو أفضل مما إذا كان الابتداء والختم في سائر الأيام.

الحديث الخامس : مجهول.

وقال في النهاية يرد القنوت في الحديث لمكان متعددة كالطاعة والخشوع والصلاة والدعاء والعبادة والقيام وطول القيام والسكوت« من بر القنطار » أي ثواب من أنفق قنطارا أو من باب تشبيه المعقول بالمحسوس ، وفي الصحاح القنطار معيار ، ويروي عن معاذ بن جبل أنه قال هو ألف ومائتا أوقية ، ويقال : هو مائة

٤٩٦

مائة آية كتب من الفائزين ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار من تبر القنطار خمسة عشر ألف مثقال من ذهب والمثقال أربعة وعشرون قيراطا أصغرها مثل جبل أحد وأكبرها ما بين السماء إلى الأرض.

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن علي بن حديد ، عن منصور ، عن محمد بن بشير ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال وقد روي هذا الحديث ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من استمع حرفا من كتاب الله عز وجل من غير قراءة كتب الله له حسنة ومحا عنه سيئة ورفع له درجة ومن قرأ نظرا من غير صوت كتب الله له بكل حرف حسنة ومحا عنه سيئة ورفع له درجة ومن تعلم منه حرفا ظاهرا كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات قال لا أقول بكل آية ولكن بكل حرف باء أو تاء أو شبههما قال ومن قرأ حرفا ظاهرا وهو جالس في صلاته كتب الله له به خمسين حسنة ومحا عنه خمسين سيئة ورفع له خمسين درجة ومن قرأ حرفا وهو قائم في صلاته كتب الله له بكل حرف مائة حسنة ومحا عنه مائة سيئة ورفع له مائة درجة ومن ختمه كانت له دعوة مستجابة مؤخرة أو معجلة قال قلت جعلت فداك ختمه كله قال ختمه كله.

٧ ـ منصور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعت أبيعليه‌السلام يقول : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ختم القرآن إلى حيث تعلم.

_________________________________________

وعشرون رطلا ويقال ملأ مسك الثور ذهبا ويقال غير ذلك والله أعلم ومنه قولهم قناطير مقنطرة« أصغرها » لعل الصغير والكبير باعتبار اختلاف الرجال والأحوال.

الحديث السادس : ضعيف.

« حرفا ظاهرا » لعل المراد غير المدغمة والمسقط في الدرج.

الحديث السابع : ضعيف.« ربي حيث يعلم » في بعض النسخ إلى وفي بعضها إلى ربي وعلى نسخة إلى بدون ربي ، لعل المراد أن من قرأ القرآن قدر ما يعلم

٤٩٧

(باب)

(قراءة القرآن في المصحف)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن يعقوب بن يزيد رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قرأ القرآن في المصحف متع ببصره وخفف عن والديه وإن كانا كافرين.

٢ ـ عنه ، عن علي بن الحسين بن الحسن الضرير ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنه ليعجبني أن يكون في البيت مصحف يطرد الله عز وجل به الشياطين.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن فضال عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل مسجد خراب لا يصلي فيه أهله وعالم بين جهال ومصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه.

٤ ـ علي بن محمد ، عن ابن جمهور ، عن محمد بن عمر بن مسعدة ، عن الحسن بن راشد ، عن جده ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قراءة القرآن في المصحف تخفف العذاب عن الوالدين ولو كانا كافرين.

_________________________________________

يعطى ثواب ختمه فيترتب ثواب الختم على ختم هذا القرآن الذي نقرؤه وإن كان في الواقع أكثر من ذلك ، وعلى نسخة ربي فقط لعل المراد أنه تعالى جعل مجموع القرآن عند من يعلم أي الأئمة وعلى الجمع بينهما لعل المراد أن ثوابه إلى الله تعالى لا يعلم غيره لكثرته والله يعلم.

باب قراءة القرآن في المصحف

الحديث الأول : مرفوع.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : ضعيف.

الحديث الرابع : ضعيف.

٤٩٨

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن معاوية بن وهب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له جعلت فداك إني أحفظ القرآن على ظهر قلبي فأقرؤه على ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف قال فقال لي بل اقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل أما علمت أن النظر في المصحف عبادة.

(باب)

(ترتيل القرآن بالصوت الحسن)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن واصل بن سليمان ، عن عبد الله بن سليمان قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً » قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : بينه تبيانا ولا تهذه هذ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن أفزعوا قلوبكم القاسية ولا يكن هم أحدكم

_________________________________________

الحديث الخامس : ضعيف.

باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن

الحديث الأول : مجهول.

وقال في مجمع البحار : فيه قيل لمن قال قرأت المفصل الليلة أهذا كهذا الشعر ، أرادت هذا القرآن هذا فتسرع فيه كما تسرع في قراءة الشعر ،« والهذ » سرعة القطع ، وأنكر عليه عدم التدبر ، وقال في مصباح اللغة الهذ سرعة القطع وهذ قراءته هذا من باب قتل أسرع فيها ، وفي أخبار العامة نثرا كنثر الدقل ، قال في مجمع البحار في باب الدالنثرا كنثر الدقل بفتحتين ، قال في النهاية : هو رديء التمر ويابسه وما ليس له اسم خاص فتراه ليبسه ورداءته لا يجتمع ويكون منثورا وفي باب النون وفيه هذا كهذا الشعر ونثرا كنثر الدقل أي كما يتساقط الرطب اليابس من العذق إذا هز انتهى.

٤٩٩

آخر السورة.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن القرآن نزل بالحزن فاقرءوه بالحزن.

٣ ـ علي بن محمد ، عن إبراهيم الأحمر ، عن عبد الله بن حماد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اقرءوا القرآن بألحان العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر فإنه سيجيء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانية لا يجوز تراقيهم قلوبهم مقلوبة وقلوب من يعجبه شأنهم.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن حسن بن شمون قال حدثني علي بن محمد النوفلي ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال ذكرت الصوت عنده

_________________________________________

وأقول : على ما روي في هذا الكتاب من تبديل الدقل بالرمل يمكن أن يكون المراد ما ذكروه من السرعة ، وأن يكون المراد مقابل السرعة أي عدم اتصال الكلمات وكون الفاصلة بينها كثيرة كما أن الرمل عند الانتشار تقع متباعدة بعضها عن بعض.

الحديث الثاني : حسن.

« نزل بالحزن » أي لأجل الحزن وتأثر النفوس.

الحديث الثالث : ضعيف.

وقال في الصحاح : قدلحن في قراءته إذا طرب بها وغرد ، وهو ألحن الناس إذا كان أحسنهم قراءة أي غناءا ، وقال :الترجيع في الأذان وترجيع الصوت ترديده في الحلق كقراءة أصحاب الألحان ، وقال في النهاية : فيه أن الخوارج يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ،التراقي جمع الترقوة والمعنى أن قراءتهم لا يرفعه الله ولا يقبله.

الحديث الرابع : ضعيف.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594