مرآة العقول الجزء ١٢

مرآة العقول10%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32009 / تحميل: 5345
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٢

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ يا من هو بالمنظر الأعلى يا من هو لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ».

_________________________________________

« يا من يحول » إشارة إلى قوله سبحانه :( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ) (١) وقيل فيه وجوه :

الأول : أنه تمثيل لغاية قربه تعالى من العبد ، لقوله : «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ » فإن الحائل بين الشيء وغيره أقرب إلى ذلك الشيء من ذلك الغير.

الثاني : أنه تنبيه على أنه مطلع على مكنونات القلوب ما عسى يغفل عنه صاحبها ، وهو قريب من الأول ، وروي عن محمد بن إسحاق أنه قال : معناه لا يستطيع القلب أن يكتم الله شيئا.

الثالث : أنه حث على المبادرة إلى إخلاص القلوب وتصفيتها قبل أن يحول الله بين المرء وقلبه بالموت أو غيره ، أو قبل أن يحول الله بين المرء والانتفاع بقلبه بالموت ، فلا يمكنه استدراك ما فات فبادروا إلى الطاعات قبل الحيلولة.

الرابع : أنه تصوير وتخييل لتملكه على العبد قلبه فيفسخ عزائمه ويغير مقاصده ويبدله بالذكر نسيانا وبالنسيان ذكرا وبالخوف أمنا وبالأمن خوفا كما روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام عرفت الله بفسخ العزائم وورد في الدعاء : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، وروي قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء.

الخامس : ما رواه العياشي عن يونس بن عمار قال : إن الله يحول بين المرء وقلبه ، معناه لا يستيقن القلب إن الحق باطل أبدا ولا يستيقن القلب إن الباطل حق أبدا ، وروي أيضا عن هشام بن سالم عنهعليه‌السلام قال : معناه يحول بينه وبين أن يعلم أن الباطل حق ، وحاصله أنه سبحانه يتم حجته على عباده ويعطيهم المعرفة إما مطلقا أو إذا خلوا أنفسهم عن الأغراض الباطلة وصاروا طالبين للحق

__________________

(١) الأنفال : ٢٤.

٦١

...........................................................................

_________________________________________

كما قال تعالى :( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (١) .

السادس : أن المعنى يذهله عما هو مخزون في قلبه.

« يا من هو بالمنظر الأعلى » في القاموس : المنظر والمنظرة ما نظرت إليه فأعجبك أو ساءك ، ومنظري ومنظراني حسن المنظر ، والنظر محركة الفكر في الشيء تقدره وتقيسه ، والمناظر أشراف الأرض ، انتهى.

ولعلهعليه‌السلام شبه المكانة والدرجة الرفيعة المعنوية بالأمكنة المرتفعة الصورية فهو إما كناية عن اطلاعه على جميع المخلوقات فإن من كان على مكان يشرف على ما تحته ويطلع عليه أو عن تسلطه واقتداره على ما تحته من الممكنات أو عن عدم وصول العقول والأفهام إلى ساحة عرفانه ، أي منظره أعلى من أن يدركه أحد ، ويحتمل أن يكون المنظر من النظر بمعنى الفكر أي هو أرفع من أن تدركه أنظار الخلق كما روي وارتفع فوق كل منظر ، ويحتمل أن يكون مصدرا ميميا أي هو متلبس بالنظر الذي هو أعلى الأنظار أو بمعنى ما ينظر إليه من الشخص كما يقال : فلان حسن المنظر أي منظره أعلى من أن يدرك ، وقيل : أي هو سبحانه منظور جميع الممكنات إذ نظر جميعها في ذواتها ولوازمها وآثارها وخواصها في سلسلة الأسباب والعلل إليه جل شأنه وهو أعلى من الجميع.

« يا من لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ » المشهور أن الكاف زائدة قال البيضاوي : أي ليس مثله شيء يزاوجه ويناسبه ، والمراد من مثله ذاته كما في قولهم مثلك لا يفعل كذا على قصد المبالغة في نفيه عنه فإنه إذا نفى عمن يناسبه ويسد مسده كان نفيه عنه أولى ، ومن قال الكاف فيه زائدة لعله عني أنه يعطي معنى ليس مثله لكنه آكد لما ذكرناه ، وقيل : مثل صفته أي ليس كصفته صفة.

وقال الراغب : المثل يقال على وجهين أحدهما : بمعنى المثل نحو شبه وشبه ،

__________________

(١) العنكبوت : ٦٩.

٦٢

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن ابن سنان ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنما هي المدحة ثم الثناء ثم الإقرار بالذنب ثم المسألة إنه والله ما خرج عبد من ذنب إلا بالإقرار.

_________________________________________

قال بعضهم : وقد يعبر بهما عن وصف الشيء نحو قوله : «مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ »(١) والثاني عبارة عن المشابه لغيره في معنى من المعاني أي معنى كان ، وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة وذاك أن الند يقال فيما يشارك في الجوهر فقط ، والشبه يقال فيما يشاركه في الكيفية فقط ، والشكل يقال فيما يشاركه في القدر والمساحة فقط ، والمثل عام في جميع ذلك ، ولهذا لما أراد الله تعالى نفي التشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال : ليس كمثله شيء ، وأما الجمع بين الكاف والمثل فقد قيل ذلك لتأكيد النفي تنبيها على أنه لا يصح استعمال المثل ولا الكاف فنفى بليس الأمرين جميعا ، وقيل : المثل ههنا بمعنى الصفة ومعناه ليس كصفته صفة تنبيها على أنه وإن وصف بكثير مما يوصف به البشر فليست تلك الصفات له على حسب ما تستعمل في البشر.

وقوله :( لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى ) (٢) أي لهم الصفات الذميمة وله الصفات العلى.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور صحيح عندي.

ولعل المرادبالمدحة ما يدل على عظمة ذاته وصفاته بلا ملاحظة نعمة وبالثناء الاعتراف بنعمائه وآلائه والشكر عليها وضميرهي راجع إلى آداب الدعاء بقرينة المقام.

قوله : إنه وأمته هذا مبني على أن الخروج من الذنوب من شرائط إجابة الدعاء ، ويؤيده قوله تعالى :( إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) (٣) .

__________________

(١) الرعد : ٣٥.

(٢) النحل : ٦٠.

(٣) المائدة : ٢٧.

٦٣

٤ ـ وعنه ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله إلا أنه قال ثم الثناء ثم الاعتراف بالذنب.

٥ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن حماد بن عثمان ، عن الحارث بن المغيرة قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أردت أن تدعو فمجد الله عز وجل واحمده وسبحه وهلله وأثن عليه وصل على محمد النبي وآله ثم سل تعط.

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عيص بن القاسم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربه وليمدحه

_________________________________________

الحديث الرابع : موثق كالصحيح.

وضميرعنه راجع إلى أحمد والاعتراف والإقرار متقاربان بل مترادفان.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

والخمس الأول متقاربة ، ويحتمل العموم والخصوص في بعضها ، وقد يقال : التمجيد هو الله أكبر ، والتحميد هو الحمد لله ، والتسبيح سبحان الله ، والتهليل هو لا إله إلا الله ، والثناء هو عد نعم الله عليه ، ولا يبعد تعميمها ليشمل ما يؤدي تلك المعاني كما يطلق التمجيد على الحوقلة.

الحديث السادس : صحيح.

وفي النهاية في أسماء الله تعالىالعزيز هو الغالب القوي الذي لا يغلب ، والعزة في الأصل القوة والشدة والغلبة ، وقال في أسمائه تعالىالجبار ، ومعناه الذي يقهر العباد على ما أراد من أمر ونهي ، يقال : جبر الخلق وأجبرهم ، وأجبر أكثر وقيل : هو العالي فوق خلقه ، وفي العدةالجواد هو المنعم المحسن الكثير الإنعام والإحسان ، والفرق بينه وبين الكريم أن الكريم الذي يعطي مع السؤال ، والجواد الذي يعطي من غير سؤال ، وقيل : بالعكس.

والجود السخاء ورجل جواد أي سخي ، ولا يقال لله تعالى سخي لأن أصل

٦٤

فإن الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه

_________________________________________

السخاوة يرجع إلى اللين ، يقال : أرض سخاوية وقرطاس سخاوي إذا كان لينا وسمي السخي سخيا للينه عند الحوائج.

وأقول : روي في الخصال والعيون أنه سأل رجل أبا الحسنعليه‌السلام وهو في الطواف فقال له : أخبرني عن الجواد فقال : إن لكلامك وجهين فإن كنت تسأل عن المخلوق فإن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله عليه ، والبخيل من بخل بما افترض الله عليه ، وإن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى ، وهو الجواد إن منع ، لأنه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له ، وإن منع منع ما ليس له.

وقال في النهاية :الأحد هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر ، وهو اسم بني لنفي ما معه من العدد ، تقول : ما جاءني أحد ، والهمزة فيه بدل من الواو ، وأصله وحد لأنه من الوحدة ، وفي حديث الدعاء أنه قال له سعد وكان يشير في دعائه بإصبعين أحد أحد أي أشر بإصبع واحدة ، لأن الذي تدعو إليه واحد ، وهو الله تعالى وقال : الواحد هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر.

قال الأزهري : الفرق بين الواحد والأحد أن الأحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد تقول : ما جاءني أحد ، والواحد اسم بني لمفتتح العدد ، تقول : جاءني واحد من الناس ، ولا تقول : جاءني أحد من الناس ، ولا تقول : جاءني أحد فالواحد منفرد بالذات في عدم المثل والنظير ، والأحد منفرد بالمعنى وقيل : الواحد هو الذي لا يتجزى ولا يثني ولا يقبل الانقسام ولا نظير له ولا مثل ولا يجمع هذين الوصفين إلا الله تعالى.

وقال في العدة : الواحد والأحد اسمان يشملهما نفي الأبعاض عنهما. والأجزاء ، والفرق من وجوه : الأول : أن الواحد هو المتفرد بالذات والأحد هو المتفرد بالمعنى ، الثاني : أن الواحد أعم موردا لكونه يطلق على من يعقل وغيره ، ولا

٦٥

فإذا طلبتم الحاجة فمجدوا الله العزيز الجبار وامدحوه وأثنوا عليه تقول : « يا

_________________________________________

يطلق الأحد إلا على من يعقل ، الثالث : أن الواحد يدخل في الضرب والعدد ، ويمتنع دخول الأحد في ذلك.

روى الصدوق (ره) في التوحيد عن الصادقعليه‌السلام قال : قال الباقرعليه‌السلام الأحد الفرد المتفرد والحد والواحد بمعنى واحد وهو التفرد الذي لا نظير له ، والتوحيد الإقرار بالوحدة وهو الانفراد والواحد المتباين الذي لا ينبعث من شيء ولا يتحد بشيء ومن ثم قالوا إن بناء العدد من الواحد وليس الواحد من العدد ، لأن العدد لا يقع على الواحد ، بل يقع على الاثنين فمعنى قوله : الله أحد أي المعبود الذي يأله الخلق عن إدراكه والإحاطة بكيفيته فرد بإلهيته متعال عن صفات خلقه.

وقال البيضاوي :الصمد السيد المصمود إليه في الحوائج من صمد إذا قصد وهو الموصوف به على الإطلاق لأنه يستغني عن غيره مطلقا وكل ما عداه يحتاج إليه في جميع جهاته.

وفي النهاية الصمد هو السيد الذي انتهى إليه السؤدد ، وقيل : الدائم الباقي وقيل : الذي لا جوف له ، وقيل : الذي يصمد في الحوائج إليه أي يقصد ، وروي في التوحيد عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام عن الحسين بن عليعليهما‌السلام أنه قال : الصمد الذي لا جوف له ، والصمد الذي قد انتهى سؤدده ، والصمد الذي لا يأكل ولا يشرب ، والصمد الذي لا ينام ، والصمد الدائم الذي لم يزل ولا يزال.

وعنهعليه‌السلام قال : كان محمد بن الحنفيةرضي‌الله‌عنه يقول : الصمد القائم بنفسه الغني عن غيره ، وقال غيره : الصمد المتعالي عن الكون والفساد ، والصمد الذي لا يوصف بالتغاير ، وقال الباقرعليه‌السلام : الصمد السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر وناه.

وعن علي بن الحسينعليه‌السلام قال : الصمد الذي لا شريك له ولا يؤده حفظ

٦٦

أجود من أعطى ويا خير من سئل يا أرحم من استرحم يا أحد يا صمد يا من

_________________________________________

شيء ولا يعزب عنه شيء وبإسناده عن أبي البختري قال : قال زيد بن عليعليه‌السلام قال : الصمد الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون ، والصمد الذي أبدع الأشياء فخلقها أضدادا وأشكالا وأزواجا وتفرد بالوحدة بلا ضد ولا شكل ولا مثل ولا ند.

وعنه عن الصادقعليه‌السلام قال : إن أهل البصرة كتبوا إلى الحسينعليه‌السلام يسألونه عن الصمد فكتب إليهم أنه سبحانه قد فسر الصمد فقال : لم يلد لم يخرج منه شيء كثيف كالولد ، وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين ولا شيء لطيف كالنفس ولا يتشعب منه البدوات كالسنة والنوم الخطرة والهم والحزن والبهجة والضحك والبكاء والخوف والرجاء والرغبة والسأمة والجوع والشبع ، تعالى عن أن يخرج منه شيء وأن يتولد منه شيء كثيف أو لطيف ، ولم يولد ولم يتولد من شيء كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشيء من الشيء والدابة من الدابة والنبات من الأرض والماء من الينابيع والثمار من الأشجار ولا كما تخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين والسمع من الأذن والشم من الأنف والذوق من الفم والكلام من اللسان والمعرفة والتميز من القلب والنار من الحجر ، لا بل هو الله الصمد الذي لا من شيء ولا في شيء ولا على شيء مبدع الأشياء وخالقها ومنشئ الأشياء بقدرته يتلاشى ما خلق للفناء بمشية ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه فذلكم الله الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، ولم يكن له كفوا أحد فيعازه في سلطانه.

وجملة القول فيه أنه إما فعل بمعنى مفعول من صمد إليه إذا قصده أي السيد المقصود إليه في جميع الحوائج أو هو بمعنى الصمت أي الذي لا جوف له.

وقال بعض اللغويين هو الأملس من الحجر ، لا يقبل الغبار ، ولا يدخله شيء ولا يخرج منه شيء فعلى الأول عبارة عن وجوب الموجود والاستغناء المطلق واحتياج كل شيء في جميع أموره إليه أي الذي يكون عنده ما يحتاج إليه كل

٦٧

لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ يا من لم يتخذ صاحِبَةً وَلا وَلَداً يا من

_________________________________________

شيء ويكون رفع حاجة الكل إليه ولم يفقد في ذاته شيئا مما يحتاج إليه الكل وإليه يتوجه كل شيء بالعبادة والخضوع ، وهو المستحق لذلك.

وأما على الثاني فهو عبارة عن أنه إحدى الذات أحدي المعنى ليست له أجزاء ليكون بين الأجزاء جوف ولا صفات زائدة فيكون بينهما وبين الذات جوف ، أو عن أنه الكامل بالذات ليس فيه جهة استعداد وإمكان ولا خلو له عما يليق به ، فلا يكون له جوف يصلح أن يدخله ما ليس له في ذاته فيستكمل به ، فالجوف كناية عن الخلو عما يصح اتصافه به.

وأما على الثالث فهو كناية عن عدم الانفعال والتأثر عن الغير وكونه محلا للحوادث ، كما روي عن الصادقعليه‌السلام أنه سئل عن رضا الله وسخطه فقال : ليس على ما يوجد من المخلوقين ، وذلك أن الرضا دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال ، لأن المخلوق أجوف معتمل مركب للأشياء فيه مدخل وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه لأنه واحد واحدي الذات واحدي المعنى.

وقد بسطنا القول في ذلك في كتاب التوحيد من البحار.

« يا من لَمْ يَلِدْ » لتنزهه عن الشهوة ، والافتقار إلى الصاحبة والولد ، والمجانسة لشيء والولد يجانس الوالد ، وفيه رد على من أثبت له ولدا كاليهود والنصارى والمشركين القائلين بأن الملائكة بنات الله وَلَمْ يُولَدْ لأنه لا يفتقر إلى شيء ولا سبقه عدم.

وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ أي ولم يكن له كفوا أحد أي ولم يكن أحد يكافئه أو يماثله عن صاحبة ولا غيرها وكان أصله أن يؤخر الظرف لأنه صلة لكن لما كان المقصود نفي المكافاة عن ذاته تعالى قدم تقديما للأهم.

ويجوز أن يكون حالا من المستكن في كفوا أو خبرا ويكون كفوا حال من أحد.

٦٨

...........................................................................

_________________________________________

وقال الطبرسيقدس‌سره سأل رجل علياعليه‌السلام عن تفسير سورة التوحيد فقال هُوَ اللهُ أَحَدٌ بلا تأويل عدد ، الصَّمَدُ بلا تبعيض بدد ، لَمْ يَلِدْ فيكون موروثا هالكا ، وَلَمْ يُولَدْ فيكون إلها مشاركا ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ من خلقه كُفُواً أَحَدٌ ، وقال ابن عباس لَمْ يَلِدْ فيكون والدا ، وَلَمْ يُولَدْ فيكون ولدا ، وقيل لَمْ يَلِدْ ولدا فيرث عنه ملكه ، وَلَمْ يُولَدْ فيكون قد ورث الملك عن غيره ، وقيل لَمْ يَلِدْ فيدل على حاجته ، فإن الإنسان يشتهي الولد لحاجته إليه ، وَلَمْ يُولَدْ فيدل على حدوثه ، وذلك من صفات الأجسام ، وفي هذا رد على القائلين بأن عزيرا والمسيح ابن الله تعالى ، وأن الملائكة بنات الله ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، كفوا له أي عديلا ونظيرا يماثله

وفي هذا رد على من أثبت له مثلا في القدم وغيره من الصفات ، وقيل : معناه ولم تكن له صاحبة وزوجة فتلد منه لأن الولد يكون من الزوجة فكني عنها بالكفو ، لأن الزوجة تكون كفوا لزوجها.

وقيل : أنه سبحانه بين التوحيد بقوله اللهُ أَحَدٌ ، وبين العدل بقوله : اللهُ الصَّمَدُ ، وبين ما يستحيل عليه من الوالد والولد بقوله : لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وبين ما لا يجوز عليه من الصفات بقوله : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، وفيه دلالة على أنه ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا هو في مكان ولا جهة.

وقال بعض أرباب اللسان : وجدنا أنواع الشرك ثمانية : النقص والتقلب والكثرة والعدد وكونه علة ومعلولا ، والأشكال والأضداد ، فنفى الله سبحانه عن صفة نوع الكثرة والعدد بقوله : هو الله ، ونفى التقلب والنقص بقوله : اللهُ الصَّمَدُ ، ونفى العلة والمعلول بقوله : لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، ونفى الأشكال والأضداد بقوله : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فحصلت الوحدانية البحت.

« ولا ولدا » اتخاذ الولد هو أن يجعل أحدا من عبيده بمنزلة الولد ، فذكر

٦٩

يَفْعَلُ ما يَشاءُ ويَحْكُمُ ما يُرِيدُ ويقضي ما أحب يا من يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ يا من هو بالمنظر الأعلى يا من لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ يا سميع يا بصير وأكثر من أسماء الله عز وجل فإن أسماء الله كثيرة وصل على محمد وآله وقل اللهم أوسع علي من رزقك الحلال ما أكف به وجهي وأؤدي به عن أمانتي وأصل به رحمي

_________________________________________

عدم الولد لا يغني عنه« يا من يَفْعَلُ ما يَشاءُ » بمجرد المشية بلا آلة ولا روية ولا تعب ولا مشقة « ويَحْكُمُ ما يُرِيدُ » الحكم القضاء بالعدل أي يحكم بلا مانع بالعدل بين العباد ما يشاء من الفقر والغناء والصحة والسقم وغيرها ، ويقضي ما أحب على وفق الحكمة« يا سميع » أي من يسمع بغير جارحة ولا يعزب عن إدراكه مسموع« يا بصير » أي الذي يشاهد الأشياء كلها ظاهرها وخافيها بغير جارحة.

« من رزقك الحلال » هو ما كان حصوله بطريق مشروع بظاهر الشرع لا الحلال الواقعي فإنه قوت المصطفين.

واختلفوا في أن الحرام رزق أم لا؟ فذهب إلى كل فريق ، فالحلال على الأول تقييد وعلى الثاني تأكيد« ما أكف به وجهي » أي عن ذل السؤال« وأؤدي به عن أمانتي» كذا في أكثر نسخ الكتاب وسائر كتب الأدعية وفي بعض النسخ عني أمانتي ، ويؤيده ما رواه السيد بن طاوس في كتاب الإقبال بإسناده عن الكاظم والصادقعليهما‌السلام في الدعاء عقيب كل فريضة في شهر رمضان : « واجعل فيما تقضي وتقدر أن تطيل عمري وتوسع على رزقي وتؤدي عني أمانتي وديني ، وفي رواية أخرى أيضا عن الصادق مثل ذلك ، وعلى الأخير لا يحتاج إلى تكلف وعلى الأول كلمة من أما زائدة أو بمعنى من أو للبدل كما في قوله تعالى :( لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) (١) أو بتضمين معنى التجاوز والإعراض ، أو للتعليل إن كان المراد بالأمانة ضد الخيانة أي أؤدي به الحقوق بسبب أمانتي.

في القاموس : الأمانة ضد الخيانة و «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ » أي الفرائض المفروضة

__________________

(١) البقرة : ٤٨.

٧٠

ويكون عونا لي في الحج والعمرة

وقال إن رجلا دخل المسجد فصلى ركعتين ثم سأل الله عز وجل فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عجل العبد ربه وجاء آخر فصلى ركعتين ثم أثنى على الله عز وجل وصلى على النبي وآله فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سل تعط

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي

_________________________________________

أو النية التي تعتقدها فيما تظهره باللسان من الإيمان وتؤديه من جميع الفرائض في الظاهر لأن الله تعالى ائتمنه عليها ولم يظهرها لأحد من خلقه ، فمن أضمر التوحيد مثل ما أظهر فقد أدى الأمانة.

وفي النهاية : الأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والأمان ، وقد جاء في كل منها حديث ، وفي حديث أشراط الساعة والأمانة مغتما أي يرى من في يده أمانة أن الخيانة فيها غنيمة قد غنمها ، وفيه : استودع الله دينك وأمانتك أي أهلك ومن تخلفه بعدك منهم ومالك الذي تودعه وتستحفظه أمينك ووكيلك.

وقال الطيبي في شرح المشكاة : فيه فإنكم أخذتموهن بأمانة الله أي بعهده وهو ما عهد إليهم من الرفق والشفقة ، انتهى.

والظاهر أن المراد هنا أداء بما ائتمنه عليه الناس وما لزمه من حقوقهم التي يمكن تداركها بالمال ، وربما يقرأ أؤدي بتخفيف الدال من قولهم آدى يؤدي كآوى يؤوي إذا قوي فعن بمعنى على ، فقال : المراد بالأمانة العبادات والقوة عليها وأداؤها موقوف على الرزق ، وفي الخبر لو لا الخبز ما صلينا ولا صمنا.

« عجل العبد ربه » حيث سأله قبل أن يجده ويثني عليه ، وتعديته إلى المفعول به لتضمين معنى السؤال ، وفيه دلالة على أن الحمد والثناء والصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الصلاة غير كافية للسؤال عقيبها « سل تعطه » كان الهاء للسكت ، وفي بعض النسخ بدونها.

الحديث السابع : مجهول.

٧١

كهمس قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول دخل رجل المسجد فابتدأ قبل الثناء على الله والصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عاجل العبد ربه ثم دخل آخر فصلى وأثنى على الله عز وجل وصلى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سل تعطه ثم قال إن في كتاب عليعليه‌السلام إن الثناء على الله والصلاة على رسوله قبل المسألة وإن أحدكم ليأتي الرجل يطلب الحاجة فيحب أن يقول له خيرا قبل أن يسأله حاجته

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى عمن حدثه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت آيتان في كتاب الله عز وجل أطلبهما فلا أجدهما قال وما هما قلت قول الله عز وجل : «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ » فندعوه ولا نرى إجابة قال أفترى الله عز وجل أخلف وعده قلت لا قال فمم ذلك قلت لا أدري قال لكني أخبرك من أطاع الله عز وجل فيما أمره ثم دعاه من جهة الدعاء أجابه قلت وما جهة الدعاء قال ـ تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك ثم تشكره ثم تصلي

_________________________________________

ومضمونه ظاهر مما سبق وقوله : « إن في كتاب علي » من كلام الصادقعليه‌السلام .

الحديث الثامن : مرسل.

من« أطاع الله تعالى فيما أمره » أي جميع أوامره ، لأن الله تعالى قال :( أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) (١) أو إشارة إلى قوله تعالى :( وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها ) (٢) « ثم دعاه من جهة الدعاء » إشارة إلى أن الوعد مشروط بحصول شروط ورفع موانع ، ومن جملة الشروط ما ذكرهعليه‌السلام في هذا الخبر ، فقد يكون عدم حصول خصوص الأمر الذي دعا له لعدم تحقق هذه الشرائط وقد يكون لموانع تمنع من حصوله ، مع أن الاستجابة الموعودة أعم من أن يكون بإعطاء عين المسؤول أو ما هو أفضل منه عاجلا أو آجلا.

__________________

(١) البقرة : ٤٠.

(٢) الأعراف : ١٨٠.

٧٢

على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم تذكر ذنوبك فتقر بها ثم تستعيذ منها فهذا جهة الدعاء ثم قال وما الآية الأخرى قلت قول الله عز وجل : «وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ » وإني أنفق ولا أرى خلفا قال أفترى الله عز وجل

_________________________________________

« وتستعيذ منها » وفي بعض النسخ وتستغفر منها وعلى الأول هو مستلزم للندامة والتوبة ، وقيل : كان الاستعاذة كناية عن التوبة ، وفيه دلالة على أن الدعاء محجوب بدون شرطه كما لا تصح صلاة بغير طهور ، ومن جملة شرائطه التوبة عن الذنوب كلها ، والعزم على عدم العود إليها ، وهذا الشرط لمن له صلاح ولله تعالى فيه عناية ، حيث يمنع إجابة دعائه تأديبا له حتى يخلص له النية ، ويطهر نفسه عن الذنوب المكدرة لصفاء قلبه ويدخل نفسه في خلص عباده وإلا فسيجيء أن دعاء العدو قد يكون أسرع إجابة من دعاء المحب حبا لسماع صوته وبغضا لسماع صوت العدو.

وقال بعض العامة : ومن شرائط قبوله أن لا يشتغل به في وقت مستحق لغيره كما لو اشتغل به في وقت وجوب فريضة فلا يتقبل من غاصب لأنه في كل آن مكلف بالاشتغال بالرد.

وقال بعضهم : الصواب خلاف ما ذكر ، وأنه يصح من المشتغل به في وقت عبادة أخرى ويأثم بالترك أو بتأخير تلك العبادة.

«وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ » قال في مجمع البيان : أي وما أخرجتم من أموالكم في وجوه البر فإنه سبحانه يعطيكم خلفه وعوضه ، إما في الدنيا بزيادة النعمة وإما في الآخرة بثواب الجنة ، يقال : أخلف الله له وعليه إذا أبدل له ما ذهب عنه « وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ » لأنه يعطي لمنافع عباده لا لدفع ضرر أو جر نفع لاستحالة المنافع والمضار عليه ، وقال الكلبي : ما تصدقتم به في خير فهو يخلفه إما أن يجعله لكم في الدنيا أو يدخره لكم في الآخرة.

وروي عن جابر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : كل معروف صدقة ، وما وقى الرجل

٧٣

أخلف وعده قلت لا قال فمم ذلك قلت لا أدري قال لو أن أحدكم اكتسب المال من حله وأنفقه في حله لم ينفق درهما إلا أخلف عليه

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من سره أن يستجاب له دعوته فليطب مكسبه

_________________________________________

به عرضه فهو صدقة ، وما أنفق المؤمن من نفقة فعلى الله خلفها ضامنا إلا ما كان من نفقة في بنيان أو معصية ، وعن أبي إمامة قال : إنكم تأولون هذه الآية في غير تأويلها «وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ »(١) وقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول وإلا صمتا إياكم والسرف في المال والنفقة ، فعليكم بالاقتصاد فما افتقر قوم قط اقتصدوا ، انتهى.

وأقول : ظاهر الخبر أن الوعد بالإخلاف إنما هو في الدنيا ، ويمكن أن يكون على سبيل التنزل أي لو كان مقصورا على الدنيا فهو أيضا مشروط بشرط ويمكن أن يكون التخلف للإخلال بالشرط.

« من حله » الحل بالكسر وتشديد اللام ضد الحرام ، والضمير في الموضعين إما راجع إلى المال أو إلى أحدكم.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

« والمكسب » إما مصدر ميمي أو اسم مكان والفعل كضرب ، وطيب المكسب. هو أن يكون من حلال ، والمراد ما يصرفه في المأكل والملبس أو مطلقا وهو أظهر.

__________________

(١) سبأ : ٣٩.

٧٤

(باب)

(الاجتماع في الدعاء)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عبد الله الواسطي ، عن درست بن أبي منصور ، عن أبي خالد قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ما من رهط أربعين رجلا اجتمعوا فدعوا الله عز وجل في أمر إلا استجاب الله لهم ،

_________________________________________

باب الاجتماع في الدعاء

الحديث الأول : ضعيف.

وفي المصباح :الرهط ما دون العشرة من الرجال ليست فيهم امرأة وسكون الهاء أفصح من فتحها ، وهو جمع لا واحد له من لفظه ، وقيل : الرهط من سبعة إلى عشرة وما دون التسعة إلى الثلاثة نفر ، وقال أبو زيد : الرهط والنفر ما دون العشرة من الرجال ، وقال ثعلب أيضا : الرهط والنفر والقوم والمعشر والعشيرة معناهم الجمع لا واحد لهم من لفظهم ، وهو للرجال دون النساء ، وقال ابن السكيت الرهط والعشير بمعنى ، ويقال : الرهط ما فوق العشرة إلى الأربعين قاله الأصمعي ، ونقله ابن فارس أيضا ورهط الرجل قومه وقبيلته الأقربون.

وفي النهاية : الرهط هم عشيرة الرجل وأهله من الرجال ما دون العشرة ، وقيل : إلى الأربعين ، ولا تكون فيهم امرأة ولا واحد له من لفظه ، ويجمع على أرهط وأرهاط وأراهط جمع الجمع ، انتهى.

وقيل : المراد هنا الجماعة المتفقون في مقصد وأربعين بدل من الرهط ، وقوله : فأربعة مجرور بدلا من الرهط المحذوف بتقدير فما من رهط أربعة أو مرفوع بالابتداء ويدعون خبره والمستثنى منه فيقوله : إلا استجاب محذوف أي ما دعوا إلا استجاب وقوله : « فواحد » مرفوع بالابتداء ولا ينافي تنكيره مثل قولهم

٧٥

فإن لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون الله عز وجل عشر مرات إلا استجاب الله لهم ، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرة فيستجيب الله العزيز الجبار له

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن يونس بن يعقوب ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما اجتمع أربعة رهط قط على أمر واحد فدعوا الله إلا تفرقوا عن إجابة

_________________________________________

كوكب انتقض الساعة ، ويدعو خبره.

وأقول : ربما يتوهم التنافي بين هذا وبين ما مر من كون دعاء السر أكثر ثوابا ، ويمكن أن يجاب بوجهين :

أولهما : أن كون الاجتماع ادعى للإجابة لا ينافي كونه أقل ثوابا.

والثاني : أن يكون هذا لمن أمن الرياء وما مضى لمن لم يأمن ، مع أنه يمكن أن يدخل في زمرتهم ويخفى الدعاء عنهم لكنه بعيد.

وقيل : الظاهر أنه لا بد من دعاء كل واحد سواء كان الدعاء واحدا أو متعددا ، فإذا اجتمعوا في طلب الرزق مثلا ودعا كل منهم دعاء مأثورا غير ما دعا الآخرون من الأدعية المأثورة فيه يتحقق الاجتماع إذا دعا واحد وأمن الباقون كما يدل عليه خبر آخر.

ثم الظاهر أنه يعتبر في دعاء الأربعة ، عشر مرات ودعاء الواحد ، أربعين مرة أن يكون ذلك في مجلس واحد ، لأن ذلك قائم مقام اجتماع الأربعين.

الحديث الثاني : كالسابق وإن كان أقوى.

« أربعة رهط » أي رجال كقوله تعالى :( تِسْعَةُ رَهْطٍ ) (١) ولا ينافي ذلك كون مظنة الإجابة في الأربعين ، أكثر ، أو يحمل على ما إذا دعا كل منهم عشر مرات ، وقد يحمل الرهط على العشرة فيصير المجموع أربعين.

__________________

(١) النمل : ٤٨.

٧٦

٣ ـ عنه ، عن الحجال ، عن ثعلبة ، عن علي بن عقبة ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أبيعليه‌السلام إذا حزنه أمر جمع النساء والصبيان ثم دعا وأمنوا

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الداعي والمؤمن في الأجر شريكان

_________________________________________

الحديث الثالث : مرسل.

« إذا أحزنه أمر » في بعض النسخ إذا حزنه ، وفي النهاية : فيه كان إذا حزنه أمر صلى ، أي إذا نزل به مهم أو أصابه غم ، ومنه حديث علي نزلت كراية الأمور وحوازب الخطوب جمع حازب وهو الأمر الشديد : وقالآمين وأمين بالمد والقصر ، والمد أكثر اسم مبني على الفتح ، معناه اللهم استجيب لي ، وقيل : معناه كذلك فليكن يعني الدعاء ، يقال : أمن فلان يؤمن تأمينا.

وقال في المصباح : أمين بالقصر في الجواز والمد إشباع بدليل أنه لا يوجد في العربية كلمة على فاعيل ومعناه اللهم استجب. وقال أبو حاتم : معناه كذلك يكون ، وعن الحسن البصري أنه اسم من أسماء الله تعالى ، والموجود في مشاهير الأصول المعتمدة أن التشديد خطأ وقال بعضهم : التشديد لغة وهو وهم قديم ، انتهى.

وهذا الخبر يومئ إلى أن الرهط في الأخبار أعم من النساء والصبيان ويمكن حمل تلك الأخبار علي اجتماع الأجانب ، وهذا الخبر على الأهل والعيال ويؤيد الأول ما ورد من إخراج الأطفال والنساء في الاستسقاء فإنهم محل رحمة جبار الأرض والسماء.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

٧٧

(باب)

(العموم في الدعاء)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دعا أحدكم فليعم فإنه أوجب للدعاء

_________________________________________

باب العموم في الدعاء

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

« فليعم » على بناء المجرد من باب نصر أي يدخل المؤمنين في دعائه وظاهره الدخول في اللفظ ففيه رخصة لتغيير الدعوات المنقولة من لفظ المتكلم مع الغير ، ويمكن الاكتفاء بالقصد أو يدعو بعد تلاوة الدعاء المنقول تشريكهم في دعائهفإنه أوجب للدعاء ، قيل : اللام للتعدية.

وأقول : كأنه من الوجوب لا من الجوب والإجابة أي ألزم للدعاء ولزوم الدعاء استحقاقه للإجابة ، قال في النهاية : فيه أن رجلا قال : يا رسول الله أي الليل أجوب دعوة؟ قال : جوف الليل الغابر أجوب ، أي أسرع إجابة كما يقال : أطوع ، من الطاعة ، وقياس هذا أن يكون من جانب لا من أجاب ، لأن ما زاد على العقل الثلاثي لا يبني منه أفعل من كذا إلا في أجوف جاءت شاذة ، قال الزمخشري : كأنه في التقدير : من جابت الدعوة بوزن فعلت بالضم كطالت أي صارت مستجابة كقولهم في فقير وشديد كأنهما من فقر وشدد وليس ذلك بمستعمل ، ويجوز أن يكون من جبت الأرض إذا قطعتها بالسير على معنى أمضى دعوة وأنفذ إلى مظان القبول. انتهى.

فيحتمل أن يكون في الرواية أجوب وما ذكرنا أظهر.

٧٨

(باب)

( م ن أبطأت عليه الإجابة)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال قلت لأبي الحسنعليه‌السلام جعلت فداك إني قد سألت الله حاجة منذ كذا وكذا سنة وقد دخل قلبي من إبطائها شيء فقال يا أحمد إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيل حتى يقنطك إن أبا جعفر صلوات الله عليه كان يقول : إن المؤمن يسأل الله عز وجل حاجة فيؤخر عنه تعجيل إجابته حبا لصوته واستماع نحيبه ثم قال والله ما أخر الله عز وجل عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خير لهم مما عجل لهم فيها وأي شيء الدنيا إن أبا جعفرعليه‌السلام كان يقول ينبغي

_________________________________________

باب من أبطأت عليه الإجابة

الحديث الأول : صحيح.

وأبو الحسن هو الرضاعليه‌السلام وأبو جعفر هو الباقرعليه‌السلام ، وقيل : كذا وكذا كناية عن العدد المركب مع العطف كإحدى وعشرين.

« من إبطائها شيء » أي شبهة في وعده تعالى مع عدم الإجابة أو خفت أن لا أكون مستحقا للإجابة لشقاوتي أو حصول اليأس من روح الله ، وقوله : « أن يكون » بدل اشتمال للشيطان.

قوله عليه‌السلام : « فيؤخر عنه » على بناء المعلوم ونسبة التأخير إلى التعجيل مع أن الظاهر نسبته إلى الإجابة ، إما باعتبار أن المراد بتعجيل الإجابة إعطاء أثر القبول في الدنيا ، أو باعتبار أن المراد بالتأخير المنع أو باعتبارهما معا كذا قيل. والنحيب أشد البكاء ، وكان حبه تعالى ذلك كناية عن كون ذلك أصلح للمؤمن وبين ذلكبقوله : والله ما أخر الله. وكلمة « ما » في ما أخر الله مصدرية ، وفي« ما يطلبون » موصولة ، وفي« مما » إما موصولة أو مصدرية ، و « من » فيقوله : من هذه ، بيانية

٧٩

للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحوا من دعائه في الشدة ليس إذا أعطي فتر فلا تمل الدعاء فإنه من الله عز وجل بمكان وعليك بالصبر وطلب الحلال وصلة الرحم وإياك ومكاشفة الناس فإنا أهل البيت نصل من قطعنا ونحسن إلى من أساء إلينا فنرى والله في ذلك العاقبة الحسنة إن صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل

_________________________________________

أو تبعيضية.

« فإنه » أي الدعاء من الله عز وجل« بمكان » أي بمنزلة عظيمة رفيعة يجب اشتغال عبده المؤمن به في جميع الأحوال ، وقيل : في هذا الكلام إشارة إلى وجوه كثيرة لتأخير الإجابة :

الأول : تحقير الدنيا وكون التأخير إلى الآخرة أصلح للمؤمن ، وإليه أشار تعالى بقوله :( وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً ) (١) .

الثاني : علم الله تعالى أن إجابته يصير سببا لفتوره في الدعاء بسبب الرخاء ، وفيه إشارة إلى أن من شرائط الإجابة عدم تركه الدعاء في الحالين.

الثالث : قلة صبره عن ترك المعاصي وفعل الواجبات ، أو هو إشارة إلى أن من شرائط الإجابة أن يكون صابرا عند تأخرها راجيا لها ملحا في الدعاء.

الرابع : عدم طيب مكسبه كما مر أو هو إشارة إلى أن من شرائط الإجابة عدم كون الدعاء متضمنا لطلب الحرام.

الخامس : قطع الرحم ، أو إشارة إلى عدم تضمن الدعاء قطعها.

السادس : من أسباب تأخير الإجابة مكاشفة الناس ، وفي القاموس : كاشفة بالعداوة : بأداة بها.

« العاقبة الحسنة » أي عاقبة ذلك حسنة في الدنيا والآخرة ، وفي بعض النسخ بالفاء أي نعافي بذلك من شرور الدنيا وأهلها ، والثواب الجزيل في الآخرة. ويحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى عدم الاهتمام في الدعاء على العدو.

__________________

(١) الإسراء : ١١.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

العبادة ، فلا يجب عليه الدم ، كما لو أحرم منه ، أمّا إذا عاد بعد فعل شي‌ء من أفعال الحج فقد عاد في غير وقت إحرامه ؛ لأنّ الإِحرام يتقدّم أفعال الحج.

وقد بيّنّا أنّ فعله لا اعتداد به ، فلا فرق بينهما.

وقال أبو حنيفة : إن رجع إلى الميقات ، سقط عنه الدم ، وإن لم يلبّ لم يسقط(١) .

وقال مالك : يجب الدم مطلقاً - وبه قال أحمد وزفر وابن المبارك - لقول ابن عباس : من ترك نسكاً فعليه دم(٢) .

ونمنع كون قوله حجةً أو العموم.

إذا عرفت هذا ، فلو لم يرجع مع قدرته ، بطل إحرامه وحجّه.

وقال الشافعي : إن لم يتمكّن من الرجوع ، جاز أن يُحْرم من مكانه ، ويجب الدم ، وإن لم يكن له عذر ، وجب الرجوع ، فإن لم يرجع أثم ، ووجب الدم ، وصحّ إحرامه(٣) .

وقد بيّنّا بطلانه.

مسألة ١٥٥ : لو تجاوز الميقات ناسياً أو جاهلاً ، أو لا يريد النسك ثم تجدّد له عزم ، وجب عليه الرجوع إلى الميقات ، وإنشاء الاحرام منه مع القدرة ، ولا يكفيه المرور بالميقات ، فإن لم يتمكن ، أحرم من موضعه ، ولو أحرم من موضعه مع إمكان الرجوع ، لم يجزئه.

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٧٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦٥ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٢ ، المجموع ٧ : ٢٠٨.

(٢) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧١ ، المجموع ٧ : ٢٠٨.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٨٩ ، المجموع ٧ : ٢٠٦.

٢٠١

وقد وافقنا العامّة على وجوب الرجوع إلى الميقات للناسي والجاهل(١) .

أمّا غير مُريد النسك فقد وافقنا أحمد أيضاً في إحدى الروايتين(٢) على وجوب الرجوع ؛ لأنّه متمكّن من الإِتيان بالنسك على الوجه المأمور به ، فيكون واجباً عليه.

ولما رواه الحلبي - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل نسي أن يُحْرم حتى دخل الحرم ، قال : « عليه أن يخرج إلى ميقات أهل أرضه ، فإن خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه ، وإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج ثم ليحرم »(٣) .

وسأل أبو الصباح الكناني الصادقعليه‌السلام عن رجل جهل أن يحرم حتى دخل الحرم كيف يصنع؟ قال : « يخرج من الحرم يهلّ بالحج »(٤) .

وقال مالك والثوري والشافعي وأبو يوسف ومحمد : يحرم من موضعه ، لأنّه حصل دون الميقات على وجه مباح ، فكان له الإِحرام منه كأهل ذلك المكان(٥) .

والفرق ظاهر ؛ لقولهعليه‌السلام : ( ومَنْ كان منزله دون الميقات فمهلّه من أهله )(٦) .

إذا عرفت هذا ، فلو لم يتمكّن من الرجوع إلى الميقات وتمكّن من‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٢٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٤.

(٢) المغني ٣ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٢ ، المجموع ٧ : ٢٠٤.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٨٣ - ٢٨٤ / ٩٦٥.

(٤) الكافي ٤ : ٣٢٥ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٢٨٤ / ٩٦٦.

(٥) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٨ ، التفريع ١ : ٣١٩ ، المغني ٣ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٠ ، المجموع ٧ : ٢٠٣ و ٢٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٥.

(٦) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٢٢٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٢٢.

٢٠٢

الخروج إلى خارج الحرم ، وجب عليه ، لما رواه عبد الله بن سنان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل مرّ على الوقت الذي يُحْرم منه الناس ، فنسي أو جهل فلم يُحْرمْ حتى أتى مكة فخاف إن يرجع إلى الوقت فيفوته الحج ، قال : « يخرج من الحرم فيحرم منه ويجزئه ذلك »(١) .

ولأنّه بخروجه إلى خارج الحرم يكون جامعاً بين الحلّ والحرم ، بخلاف ما لو أحرم من موضعه مع المكنة من الخروج.

ولو لم يتمكّن من الخروج ، أحرم من موضعه ، وأجزأه إجماعاً ، ولا يجب عليه دم ، خلافاً للشافعي(٢) .

ولو أسلم بعد مجاوزة الميقات ، وجب عليه الرجوع إلى الميقات والإِحرام منه مع المكنة ، وإن لم يتمكّن ، أحرم من موضعه ، ولا دم عليه - وبه قال عطاء ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي(٣) - لأنّه أحرم من الموضع الذي وجب عليه الإِحرام منه ، فأشبه المكّي ومَنْ كان منزله دون الميقات.

وقال الشافعي : يجب الدم(٤) .

وعن أحمد روايتان(٥) .

والصبي والعبد إذا تجاوزا الميقات من غير إحرام ثم بلغ أو تحرّر وتمكّنا من الحجّ ، وجب عليهما الرجوع إلى الميقات ، والإِحرام منه ، وإن لم‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٢٤ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٥٨ / ١٨١.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٠ ، المجموع ٧ : ٢٠٦.

(٣) المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٣ ، المجموع ٧ : ٦٢.

(٤ و ٥) حلية العلماء ٣ : ٢٧٣ ، المجموع ٧ : ٦١ - ٦٢ ، المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣.

٢٠٣

يتمكّنا ، أحرما من موضعهما ، ولا دم عليهما ، خلافاً للشافعي(١) .

ولو منعه مرض من الإِحرام عند الميقات ، قال الشيخرحمه‌الله : جاز له أن يؤخّره عن الميقات ، فإذا زال المنع ، أحرم من الموضع الذي انتهى إليه(٢) .

والظاهر أنّ مقصوده تأخير نزع الثياب وكشف الرأس وشبهه ، فأمّا النية والتلبية مع القدرة عليهما فلا يجوز له ذلك ؛ إذ لا مانع منه.

ولو زال عقله بإغماء وشبهه ، سقط عنه الحج ، فلو أحرم عنه رجل ؛ جاز ، لما رواه بعض أصحابنا عن أحدهماعليهما‌السلام في مريض أُغمي عليه فلم يعقل حتى أتى الموقف ، قال : « يحرم عنه رجل »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ الإِحرام يجزئ عنه بمعنى لو أفاق ، كان مُحْرماً ، ويجب عليه إتمام الحج ، فإن زال قبل الموقفين ، أجزأه عن حجّة الإِسلام ، وإن زال بعده ، لم يجزئه عن حجّة الإِسلام.

مسألة ١٥٦ : المواقيت التي يجب الاحرام منها هي التي وقّتها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلو كان الميقات قرية فخربت ونقلت عمارتها إلى موضع آخر ، كان الميقات موضع الاُولى وإن انتقل الاسم إلى الثانية ، لأنّ الحكم تعلّق بذلك الموضع ، فلا يزول عنه بخرابه.

وقد روي أنّ سعيد بن جبير رأى رجلاً يريد أن يُحْرم من ذات عِرْقٍ ، فأخذ بيده حتى أخرجه من البيوت وقطع به الوادي وأتى به المقابر ، ثم قال : هذه ذاتُ عِرْق الاُولى(٤) .

مسألة ١٥٧ : لو سلك طريقاً لا يؤدّي إلى شي‌ء من المواقيت ، روى‌

____________________

(١) انظر : المجموع ٧ : ٥٩.

(٢) النهاية : ٢٠٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٦٠ / ١٩١.

(٤) الاُم ٢ : ١٣٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٦٩ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٢١٥.

٢٠٤

العامّة عن عمر لمـّا قالوا له : وقِّتْ لأهل المشرق ، قال : ما حيال طريقهم؟ قالوا : قرن المنازل ، قال : قيسوا عليه ، فقال قوم : بطن العقيق ، وقال قوم : ذات عِرْق ، فوقَّت عمر ذات عِرْقٍ(١) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه عبد الله بن سنان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : «مَنْ أقام بالمدينة وهو يريد الحج شهراً أو نحوه ثم بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة ، فإذا كان حذاء الشجرة مسيرة ستة أميال فليحرم منها »(٢) .

ولو لم يعرف محاذاة الميقات المقارب لطريقة ، احتاط وأحرم من بُعْدٍ بحيث يتيقّن أنّه لم يجاوز الميقات إلّا مُحْرماً ، ولا يلزمه الإِحرام حتى يعلم أنّه قد حاذاه أو يغلب على ظنّه ذلك ؛ لأنّ الأصل عدم الوجوب ، فلا يجب بالشك.

ولو أحرم بغلبة الظنّ بالمحاذاة ثم علم أنّه قد جاوز ما يحاذيه من الميقات غير مُحْرم ، الأقرب : عدم وجوب الرجوع ؛ لأنّه فعل ما كلّف به من اتّباع الظن ، فكان مجزئاً.

ولو مرّ على طريق لم يحاذ ميقاتاً ولا جاز به ، قال بعض الجمهور : يُحْرم من مرحلتين ، فإنّه أقلّ المواقيت وهو ذات عِرْق(٣) .

ويحتمل أنّه يُحْرم من أدنى الحِلّ.

مسألة ١٥٨ : أهل مكة يُحرمون للحجّ من مكة ، وللعمرة من أدنى الحلّ ، سواء كان مقيماً بمكة أو غير مقيم ؛ لأنّ كلّ مَنْ أتى على ميقات كان ميقاتاً له ، ولا نعلم في ذلك خلافاً ، ولهذا أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

____________________

(١) راجع : صحيح البخاري ٢ : ١٦٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ٦٨ ، المغني ٣ : ٢١٤ ، والمحلّى ٧ : ٧٢.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٠٠ / ٩١٣.

(٣) الوجيز ١ : ١١٤ ، فتح العزيز ٧ : ٨٨ ، المجموع ٧ : ١٩٩.

٢٠٥

عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم ، وكانت بمكة(١) .

وإنّما لزم الإِحرام من الحِلّ ، ليجمع في النسك بين الحِلّ والحرم ، فإنّه لو أحرم من الحرم ، لما جمع بينهما فيه ؛ لأنّ أفعال العمرة كلّها في الحرم ، بخلاف الحجّ ، فإنّه يفتقر إلى الخروج إلى عرفة فيجتمع له الحِلّ والحرم ، والعمرة بخلاف ذلك.

ومن أيّ الحِلّ أحرم جاز ، كما أنّ المـُحْرم من مكة يُحْرم من أيّ موضع شاء منها ؛ لأنّ المقصود من الإِحرام الجمع في النسك بين الحِلّ والحرم.

وعن أحمد رواية : أنّ من اعتمر في أشهر الحج من أهل مكة أنّه يُهلّ بالحجّ من الميقات ، فإن لم يفعل ، فعليه دم(٢) .

ولو أحرم بالعمرة من الحرم ، لم يُجْزئه ، خلافاً للعامّة ؛ فإنّهم جوّزوه ، وأوجبوا عليه الدم ؛ لتركه الإِحرام من الميقات(٣) .

ثم إن خرج إلى الحِلّ قبل الطواف ثم عاد ، أجزأه ؛ لأنّه قد جمع بين الحِلّ والحرم.

وإن لم يخرج حتى قضى عمرته صحّ أيضاً عندهم ؛ لأنّه قد أتى بأركانها ، وإنّما أخلّ بالإِحرام من ميقاتها وقد جبره ، وهذا قول أبي ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي وأحد قولي الشافعي ، والقول الثاني : لا تصح عمرته ؛ لأنّه نسك ، فكان من شرطه الجمع بين الحِلّ والحرم ، كالحجّ ، فعلى هذا وجود هذا الطواف كعدمه ، وهو باقٍ على إحرامه حتى يخرج إلى الحِلّ ، ثم يطوف بعد ذلك ويسعى ، وإن حلق قبل ذلك فعليه دم(٤) .

____________________

(١) كما في المغني ٣ : ٢١٥ ، والشرح الكبير ٣ : ٢١٧ ، وراجع : صحيح البخاري ٣ : ٤ ، وصحيح مسلم ٢ : ٨٧١ / ١١٣ ، وسنن البيهقي ٤ : ٣٥٧ ، ومسند أحمد ٣ : ٣٠٥.

(٢) المغني ٣ : ٢١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٨.

(٣) المغني ٣ : ٢١٨ ، المجموع ٧ : ٢٠٩ ، فتح العزيز ٧ : ٩٨.

(٤) المغني ٣ : ٢١٨ - ٢١٩ ، فتح العزيز ٧ : ٩٩ ، المجموع ٧ : ٢٠٩.

٢٠٦

مسألة ١٥٩ : مَنْ لا يريد النسك لو تجاوز الميقات ، فإن لم يُرِدْ دخول الحرم ، بل أراد حاجةً في ما سواه ، فهذا لا يلزمه الإِحرام إجماعاً ، ولا شي‌ء عليه في ترك الإِحرام ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أتى هو وأصحابه بَدْراً مرّتين ، وكانوا يسافرون للجهاد وغيره ، فيمرّون بذي الحليفة فلا يُحْرمون ، ولا يرون بذلك بأساً(١) .

ثم لو تجدّد له عزم الإِحرام ، احتمل الرجوع إلى الميقات والإِحرام منه ، وهو قول إسحاق وإحدى الروايتين عن أحمد(٢) .

وفي الاُخرى : يُحْرم من موضعه ولا شي‌ء عليه ، وبه قال مالك والثوري والشافعي وأبو يوسف ومحمد(٣) .

وأمّا إن أراد دخول الحرم إمّا إلى مكة أو إلى غيرها ، فأقسامه ثلاثة :

الأول : مَنْ يدخلها لقتال مباح ، أو من خوف ، أو لحاجة متكرّرة ، كالحشّاش والحطّاب وناقل المِيرَة(٤) ، ومَنْ كانت له ضيعة يتكرّر دخوله وخروجه إليها ، فهؤلاء لا إحرام عليهم ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دخل يوم الفتح مكة حلالاً وعلى رأسه المِغْفَر(٥) ، وكذا أصحابه(٦) .

ولأنّ في إيجاب الإِحرام على مَنْ يتكرّر دخوله مشقّةً عظيمةً ؛ لاستلزامه‌

____________________

(١) انظر : المغني ٣ : ٢٢٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٢١.

(٢) المغني ٣ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٥ ، المجموع ٧ : ٢٠٤.

(٣) المغني ٣ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢١ - ٢٢٢ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٧٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٥ ، المجموع ٧ : ٢٠٤.

(٤) المِيرَة : الطعام. المفردات في غريب القرآن : ٤٧٨ « مور ».

(٥) المِغفَر : زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة. والزّرد : حلق المغفر والدرع. لسان العرب ٥ : ٢٦ و ٣ : ١٩٤.

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٩٨٩ - ٩٩٠ / ١٣٥٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢٠١ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٢١ ، المغني ٣ : ٢٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٢.

٢٠٧

أن يكون مُحْرماً في جميع زمانه. وبهذا قال الشافعي وأحمد(١) .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز لأحد دخول الحرم بغير إحرام إلّا مَنْ كان دون الميقات ؛ لأنّه يجاوز الميقات مُريداً للحرم ، فلم يجز بغير إحرام ، كغيره(٢) .

والشافعي استدلّ : بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دخل يوم الفتح مكة وعلى رأسه عمامة سوداء(٣) .

إذا عرفت هذا ، فلو أراد هذا النسك بعد مجاوزة الميقات ، رجع وأحرم منه ، فإن لم يتمكّن ، أحرم من موضعه.

وقالت العامّة : يحرم من موضعه مطلقاً(٤) .

الثاني : مَنْ لا يكلّف بالحجّ - كالصبي والعبد والكافر - إذا أسلم بعد مجاوزة الميقات ، أو بلغ الصبي ، أو عُتق العبد ، وأراد الإِحرام ، فإنّهم يخرجون إلى الميقات ، ويُحْرمون منه ، فإن لم يتمكّنوا ، أحرموا من موضعه.

وقالت العامّة : يُحْرمون من موضعهم ثم اختلفوا :

فقال الشافعي : على كلّ واحد منهم دم(٥) .

وقال عطاء ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وأحمد : لا دم عليهم(٦) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٢ ، المغني ٣ : ٢٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٢.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٦٧ ، المغني ٣ : ٢٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٢ ، المجموع ٧ : ١٦.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٩٩٠ / ١٣٥٨ ، سنن النسائي ٥ : ٢٠١ ، سنن الترمذي ٤ : ١٩٦ / ١٦٧٩ ، وسنن الدارمي ٢ : ٧٤ ، وانظر : المغني ٣ : ٢٢٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٢٣ ، والمهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٢.

(٤) المغني ٣ : ٢٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢١.

(٥) المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣.

(٦) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٨٠ ، المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣.

٢٠٨

وقال أصحاب الرأي : لا دم في الكافر يسلم والصبي يبلغ ، وأمّا العبد فعليه دم(١) .

الثالث : المكلّف الداخل لغير قتال ولا حاجة متكررة ، فلا يجوز له تجاوز الميقات غير مُحْرم ، وبه قال أبو حنيفة وبعض أصحاب الشافعي(٢) .

وقال بعضهم : لا يجب الإِحرام عليه - وعن أحمد روايتان(٣) - لأنّ ابن عمر دخلها بغير إحرام ، ولأنّه أحد الحرمين ، فلا يجب الإِحرام لدخوله ، كحرم المدينة(٤) .

والحقّ خلافه ؛ لأنّه لو نذر دخولها ، لزمه الإِحرام ، ولو لم يكن واجباً لم يجب بنذر الدخول، كسائر البلدان.

إذا ثبت هذا ، فمتى أراد هذا الإِحرام بعد تجاوز الميقات رجع فأحرم منه ، فإن أحرم من دونه مع القدرة ، لم يجزئه ، ولو لم يتمكّن ، أحرم من موضعه.

مسألة ١٦٠ : لو دخل الحرم من غير إحرام ممّن يجب عليه الإِحرام ، وجب عليه الخروج والإِحرام من الميقات ، فإن حجّ والحال هذه ، بطل حجّه ، ووجب عليه القضاء - والشافعي [ ما ](٥) أوجب القضاء(٦) - ؛ لأنّه أخلّ بركن من أركان الحجّ ، فوجب عليه الإِعادة.

وقال أبو حنيفة : يجب عليه أن يأتي بحجّة أو عمرة ، فإنّ أتى بحجّة الإِسلام في سنته أو منذورة أو عمرة ، أجزأته عن عمرة الدخول استحساناً ؛ لأنّ مروره على الميقات مريداً للحرم موجب للإِحرام ، فإذا لم يأت به ، وجب قضاؤه ، كالنذر(٧) .

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٧٣ ، المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣.

(٢ - ٤) المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣.

(٥) زيادة يقتضيها السياق.

(٦ و ٧) المغني ٣ : ٢٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٤.

٢٠٩

وقال أحمد : لا قضاء عليه ؛ لأنّ الإِحرام شُرّع لتحية البقعة ؛ فإذا لم يأت به ، سقط ، كتحية المسجد(١)

وليس بجيّد ؛ لأنّ تحية المسجد غير واجبة.

ولو تجاوز الميقات ورجع ولم يدخل الحرم ، فلا قضاء عليه بلا خلاف نعلمه ، سواء أراد النسك أو لم يرده.

ومَنْ كان منزله دون الميقات خارجاً من الحرم فحكمه في مجاوزة قريته إلى ما يلي الحرم حكم المجاوز للميقات في الأحوال الثلاث السابقة ؛ لأنّه موضعه ميقاته ، فهو في حقّه كالمواقيت الخمسة في حقّ الآفاقي.

مسألة ١٦١ : إذا ترك الإِحرام من الميقات عامداً ، أثم ، ووجب عليه الرجوع إليه والإِحرام منه ، فإن لم يتمكّن من الرجوع ، بطل حجّه.

ولو تركه ناسياً أو جاهلاً ، وجب عليه الرجوع مع القدرة ، فإن لم يتمكّن ، أحرم من موضعه إن لم يتمكّن من الخروج إلى خارج الحرم ، سواء خشي فوات الحجّ برجوعه إلى الميقات أم لا - وقالت العامّة : يُحْرم من موضعه(٢) . وابن جبير(٣) وافقنا - لأنّه ترك ركنا من أركان الحج.

واحتجاج العامّة على أنّه ليس بركن : بإختلاف الناس والأماكن ، ولو كان ركناً لم يختلف ، كالوقوف والطواف(٤) .

والملازمة ممنوعة.

ويستحب لمن يُحْرم من ميقات أن يُحْرم من أول جزء ينتهي إليه منه ، ويجوز أن يُحْرم من آخره؛ لوقوع الاسم عليه.

ومَنْ سلك طريقاً لا يُفضي إلى هذه المواقيت في برٍّ أو بحرٍ ، فقد قلنا :

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٤.

(٢) المغني ٣ : ٢٣٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦.

(٣) المغني ٣ : ٢٣٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦ ، المجموع ٧ : ٢٠٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧١.

(٤) المغني ٣ : ٢٣٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦.

٢١٠

إنّ ميقاته حيث يُحاذي واحداً منها.

ولو حاذى ميقاتين ، فأظهر وجهي الشافعية : أنّه يُحْرم من الموضع المحاذي لأبعدهما ، والثاني : يتخيّر(١) .

مسألة ١٦٢ : قد بيّنّا في ما تقدّم أنواع الحجّ ، وأنّها ثلاثة : تمتّع وقران وإفراد ، وأنّ الإِفراد أن يأتي بالحجّ وحده من ميقاته وبالعمرة مفردةً من ميقاتها في حقّ الحاضر بمكة ، ولا يلزمه العود إلى ميقات بلده عند الشافعي(٢) .

وعن أبي حنيفة أنّ عليه أن يعود ، وعليه دم الإِساءة لو لم يعُدْ(٣) .

والقران عند الشافعي : أن يُحْرم بالحجّ والعمرة معاً ، ويأتي بأعمال الحجّ ، فتحصل العمرة أيضاً ، ويتّحد الميقات والفعل(٤) .

وعند أبي حنيفة : يأتي بطوافين وسَعْيَيْن(٥) .

ولو أحرم بالعمرة أوّلاً ثم أدخل عليها الحج ، لم يجز عندنا.

وقال الشافعي : إن أدخله في غير أشهر الحج ، فهو لغو و [ إحرام ](٦) العمرة بحاله ، وإن أدخله عليها في أشهر الحجّ ، فإن كان إحرامه بالعمرة قبل أشهر الحج ثم أراد إدخال الحجّ عليها في الأشهر ليكون قارناً ، فوجهان :

أحدهما : يجوز ؛ لأنّه إنّما يدخل في الحجّ من وقت إحرامه به ، ووقت إحرامه به صالح للحج ، فعلى هذا له أن يجعله حجّاً بعد دخول الأشهر ، وان يجعله قراناً.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٨٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٢ ، المجموع ٧ : ١٩٩.

(٢) فتح العزيز ٧ : ١١٤ - ١١٥.

(٣) فتح العزيز ٧ : ١١٥.

(٤) فتح العزيز ٧ : ١١٨ ، المجموع ٧ : ١٧١ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٤.

(٥) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٧ : ١١٨.

(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطية والحجرية : إدخال. وما أثبتناه يقتضيه السياق. والمراد : لم يتغيّر إحرامه بالعمرة.

٢١١

والثاني : لا يجوز ؛ لأنّ ابتداء الإِحرام متلبّس بإحرامٍ ، ولذلك لو ارتكب محظوراً ، لم يلزمه إلّا فدية واحدة ، فلو انعقد الحجّ وابتداء الإِحرام سابق على الأشهر ، لانعقد الإِحرام بالحجّ قبل أشهره ، فعلى هذا لا يجوز أن يجعله حجّاً.

وإن كان إحرامه في أشهر الحجّ ، فإن لم يشرع بَعْدُ في الطواف ، جاز ، وصار قارناً ؛ لقضية عائشة لمـّا حاضت وخافت فوت الحجّ ، فأمرها النبيعليه‌السلام بإدخال الحجّ على العمرة لتصير قارنة لتأتي بأعمال الحجّ ، وتؤخّر الطواف إلى أن تطهر.

وإن شرع فيه أو أتمّه ، لم يجز إدخال العمرة عليه ؛ لأنّه أتى بعمل من أعمال العمرة ، فيقع ذلك العمل عن العمرة ، ولا ينصرف بعدها إلى غيرها.

ولأنّه أخذ في التحلّل من العمرة ، ولا ينصرف بعدها إلى غيرها.

ولأنّه أخذ في التحلّل من العمرة ، فلا يليق به إدخال إحرام عليه ، والمتحلّل جارٍ إلى نقصان(١) .

وشبّهوه بما لو ارتدّت الرجعية ، فراجعها الزوج في العدّة ، فإنّه لا يجوز ؛ لأنّ الرجعة استباحة ، فلا يليق بحال التي تجري إلى تحريم.

ولو أحرم بالحجّ ثم أدخل عليه العمرة ، فقولان :

القديم - وبه قال أبو حنيفة - إنّه يجوز كإدخال الحجّ على العمرة.

والجديد - وبه قال أحمد - المنع ؛ لأنّ الحجّ أقوى من العمرة ؛ لاختصاصه بالوقوف والرمي والمبيت ، والضعيف لا يدخل على القويّ وإن كان القويّ قد يدخل على الضعيف ، كما أنّ فراش النكاح يدخل على فراش ملك اليمين حتى لو نكح اُخت أمةٍ(٢) حلّ له وطؤها ، وفراش ملك اليمين لا يدخل على فراش النكاح حتى لو اشترى اُخت منكوحةٍ(٣) لم يجز له وطؤها.

____________________

(١) أي : نقصان الإِحرام.

(٢) أي : أمته.

(٣) أي : منكوحته.

٢١٢

فإن جوّزنا إدخال العمرة على الحجّ فإلى متى يجوز؟ فيه لهم وجوه :

أحدها : يجوز ما لم يطف للقدوم ، ولا يجوز بعده ؛ لأنّه أتى بعمل من أعمال الحجّ.

والثاني : يجوز وإن طاف للقدوم ما لم يأت بالسعي ولا غيره من فروض الحجّ.

والثالث : يجوز ما لم يقف بعرفة ، فإنّ الوقوف أعظم أعمال الحجّ.

والرابع : يجوز وإن وقف ما لم يشتغل بشي‌ء من أسباب التحلّل من الرمي وغيره.

قالوا : ويجب على القارن دم ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام أهدى عن أزواجه بقرةً وكنّ قارنات ، ودم القارن كدم المتمتّع ؛ لأنّه أكثر ترفّهاً ؛ لاستمتاعه بمحظورات الإِحرام بين النسكين ، فما يكفي المتمتّع أولى أن يكفي القارن.

وقال مالك : على القارن بدنة. وهو القول القديم للشافعي(١) .

وأمّا التمتّع : فأن يُحْرم بالعمرة من ميقات بلده ، ويأتي بأعمالها ، ثم ينشئ الحج من مكة ، سُمّي متمتّعاً ؛ لتمكّنه من الاستمتاع بمحظورات الإِحرام بينهما ، لحصول التحلّل(٢) . وهذا كمذهبنا.

وعند أبي حنيفة إن كان قد ساق الهدي لم يتحلّل بفراغه من العمرة ، بل يُحْرم بالحجّ ، فإذا فرغ منه ، حلّ منهما(٣) .

وإنّما يجب دم التمتّع عند الشافعي بشروط :

الأول : أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام ؛ لقوله تعالى :

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ١٢٠ - ١٢٧ و ٢٠٤ - ٢٠٥ ، وراجع : المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ - ٢٠٩ ، والمجموع ٧ : ١٧١ - ١٧٣ ، و ١٩٠ - ١٩١ ، والحاوي الكبير ٤ : ٣٨ و ٣٩ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٤٥.

(٢) فتح العزيز ٧ : ١٢٧.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ١٤٩ ، فتح العزيز ٧ : ١٢٧.

٢١٣

( ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (١) والمعنى فيه أنّ الحاضر بمكة ميقاته للحج مكة ، فلا يكون بالتمتّع رابحاً ميقاتاً.

الثاني : أن يُحْرم بالعمرة في أشهر الحج ، فلو أحرم وفرغ من أعمالها قبل أشهر الحج ثم حجّ ، لم يلزمه الدم ؛ لأنّه لم يجمع بين الحجّ والعمرة في وقت الحجّ ، فأشبه المفرد لمـّا لم يجمع بينهما لم يلزمه دم ؛ لأنّ دم التمتّع منوط من جهة المعنى بأمرين :

أحدهما : ربح ميقات ، كما سبق.

والثاني : وقوع العمرة في أشهر الحجّ ، وكانوا لا يزحمون الحجّ بالعمرة في وقت إمكانه ، ويستنكرون ذلك ، فورد التمتّع رخصةً وتخفيفاً ؛ إذ الغريب قد يرد قبل عرفة بأيّام ، ويشقّ عليه استدامة الإِحرام لو أحرم من الميقات ، ولا سبيل إلى مجاوزته ، فجُوّز أن يعتمر ويتحلّل.

ولو أحرم بها قبل أشهر الحج وأتى بجميع أفعالها في أشهر الحجّ ، فللشافعي قولان :

أحدهما : يلزمه الدم - قاله في القديم - لأنّه حصل له المزاحمة في الأفعال وهي المقصودة ، والإِحرام كالتمهيد لها.

وأصحّهما : لا يلزم - وبه قال أحمد(٢) - لأنّه لم يجمع بين النسكين في أشهر الحجّ ؛ لتقدّم أحد أركان العمرة عليها.

وقال مالك : مهما حصل التحلّل في أشهر الحجّ وجب الدم(٣) .

وقال أبو حنيفة : إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في الأشهر ، كان متمتّعاً(٤) .

وإذا لم نوجب دم التمتّع في هذه الصورة ، ففي وجوب دم الإِساءة‌

____________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) الشرح الكبير ٣ : ٢٤٦ ، فتح العزيز ٧ : ١٣٩ - ١٤٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١.

(٣) فتح العزيز ٧ : ١٤١ - ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١.

(٤) فتح العزيز ٧ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١.

٢١٤

للشافعية وجهان :

أحدهما : يجب ؛ لأنّه أحرم بالحج من مكة دون الميقات.

وأصحّهما : لا يجب ؛ لأنّ المسي‌ء مَنْ ينتهي إلى الميقات على قصد النسك ويتجاوزه غير مُحْرم ، وهنا قد أحرم بنسك ، وحافَظَ على حرمة البقعة.

الثالث : أن يقع الحجّ والعمرة في سنة واحدة ، فلو اعتمر ثم حجّ في السنة القابلة ، فلا دم عليه سواء أقام بمكة إلى أن حجّ ، أو رجع وعاد ؛ لأنّ الدم إنّما يجب إذا زاحم بالعمرة حجّةً في وقتها ، وترك الإِحرام بحجّة من الميقات مع حصوله بها في وقت الإِمكان ولم يوجد.

وهذه الشرائط الثلاثة عندنا شرائط في التمتّع.

الرابع : أن لا يعود إلى الميقات ، كما إذا أحرم بالحج من جوف مكة واستمرّ عليه ، فإن عاد إلى ميقاته الذي أنشأ العمرة منه وأحرم بالحجّ ، فلا دم عليه ؛ لأنّه لم يربح ميقاتاً.

ولو رجع إلى مثل مسافة ذلك الميقات وأحرم منه ، فكذلك لا دم عليه ؛ لأنّ المقصود قطع تلك المسافة مُحْرماً.

ولو أحرم من جوف مكة ثم عاد إلى الميقات مُحْرماً ، ففي سقوط الدم مثل الخلاف المذكور فيما إذا جاوز غير مُحْرم وعاد إليه مُحْرماً.

ولو عاد إلى ميقات أقرب إلى مكة من ذلك الميقات وأحرم منه كما إذا كان ميقاته الجحفة فعاد إلى ذات عرق ، فهو كالعود إلى ذلك الميقات للشافعية فيه وجهان :

أحدهما : لا ، وعليه الدم إذا لم يَعُدْ إلى ميقاته ولا إلى مثل مسافته.

والثاني : نعم ؛ لأنّه أحرم من موضع ليس ساكنوه من حاضري المسجد الحرام.

الخامس : اختلفت الشافعيّة في أنّه هل يشترط وقوع النسكين عن شخص واحد أم لا؟

٢١٥

فقال بعضهم : يشترط كما يشترط وقوعهما في سنة واحدة.

وقال الأكثر : لا يشترط ؛ لأنّ زحمة الحجّ وترك الميقات لا يختلف.

وهذا يفرض في ثلاث صُور :

إحداها : أن يكون أجيراً من شخصين استأجره أحدهما للحج والآخر للعمرة.

والثانية : أن يكون أجيراً للعمرة للمستأجر ثم يحجّ عن نفسه.

والثالثة : أن يكون أجيرا للحجّ ، فيعتمر لنفسه ثم يحجّ عن المستأجر.

فعلى قول الأكثر يكون نصف دم التمتّع على مَنْ يقع له الحجّ ونصفه على مَنْ تقع له العمرة.

وفصّل بعضهم ، فقال في الصورة الاُولى : إن أذنا في التمتّع ، فالدم عليهما نصفان ، وإن لم يأذنا ، فهو على الأجير ، وإن أذن أحدهما دون الآخر ، فالنصف على الآذن ، والنصف الآخر على الأجير.

وأمّا في الصورتين الأخيرتين : فإن أذن له المستأجر في التمتّع ، فالدم عليهما نصفان ، وإلاّ فالكلّ على الأجير.

السادس : في اشتراط نيّة التمتّع للشافعي وجهان :

أصحّهما عنده : أنّه لا يُشترط ، كما لا تُشترط نيّة القران ، وهذا لأنّ الدم منوط بزحمة الحجّ وربح أحد الميقاتين ، وذلك لا يختلف بالنيّة وعدمها.

والثاني : يشترط ؛ لأنّه جمع بين عبادتين في وقت إحداهما ، فأشبه الجمع بين الصلاتين.

وهذه الشروط الستّة معتبرة عنده في لزوم الدم ، وهل تعتبر في نفس التمتّع؟

قال بعض الشافعية : نعم ، فإذا تخلّف شرط ، كانت الصورة من صور الإِفراد.

وقال بعضهم : لا. وهو الأشهر عندهم ، ولهذا اختلفوا في أنّه يصحّ‌

٢١٦

التمتّع والقران من المكّي.

فقال بعضهم : نعم. وبه قال مالك.

وقال بعضهم : لا يصح. وبه قال أبو حنيفة(١) .

وعندنا يصحّ القران من المكّي دون التمتّع.

مسألة ١٦٣ : دم التمتّع نسك‌ - وبه قال أبو حنيفة وأصحابه(٢) - لقوله تعالى( وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) (٣) .

فأخبر أنّها من الشعائر ، فأمر بالأكل ، فلو كان جبراناً لما أمر بالأكل منها.

وقال الشافعي : إنّه دم جبران(٤) . وقد ظهر بطلانه.

إذا عرفت هذا ، فالمتمتّع إذا أحرم بالحجّ من مكة ، لزمه الدم إجماعاً ، فإن أتى الميقات وأحرم منه ، لم يسقط عنه فرض الدم عند علمائنا ؛ لأنّه متمتّع.

وقال جميع العامّة : يسقط عنه الدم(٥) .

مسألة ١٦٤ : من حضر الميقات ولم يتمكّن من الإِحرام لمرض أو غيره ، أحرم عنه وليّه‌ وجنّبه ما يجتنبه المحرم ، وقد تمّ إحرامه.

والحائض والنفساء إذا جاءتا إلى الميقات اغتسلتا وأحرمتا منه وتركتا صلاة الإِحرام.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ١٢٨ و ١٣٦ - ١٤٩ و ١٥٢ - ١٥٥ و ١٦١ و ١٦٣ - ١٦٤ ، الحاوي الكبير ٤ : ٤٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٧ : ١٧٥ - ١٧٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٠ - ٢٦١.

(٢) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٨٦ ، المجموع ٧ : ١٧٦ و ٨ : ٤١٩ ، التفسير الكبير ٥ : ١٦٨.

(٣) الحج : ٣٦.

(٤) فتح العزيز ٧ : ١٣٥ ، المجموع ٧ : ١٧٦ ، التفسير الكبير ٥ : ١٦٨.

(٥) انظر : فتح العزيز ٧ : ١٤٧ ، والمجموع ٧ : ١٧٧.

٢١٧

ويجرّد الصبيان من فخّ إذا أُريد الحجّ بهم ، ويجنّبون ما يجتنبه المحرم ، ويفعل بهم جميع ما يفعل به ، وإذا فعلوا ما تجب فيه الكفّارة ، كان على أوليائهم أن يكفّروا عنهم.

ولو كان الصبي لا يحسن التلبية أو لا يتأتّى له ، لبّى عنه وليّه ، وكذا يطوف به ، ويصلّي عنه إذا لم يحسن ذلك.

وإن حجّ بهم متمتّعين ، وجب أن يذبح عنهم إذا كانوا صغاراً ، وإن كانوا كباراً ، جاز أن يؤمروا بالصيام.

وينبغي أن يوقفوا الموقفين معاً ويحضروا المشاهد كلّها ويرمي عنهم ، ويناب عنهم في جميع ما يتولّاه البالغ بنفسه.

وإذا لم يوجد لهم هدي ولا يقدرون على الصوم ، كان على وليّهم أن يصوم عنهم.

٢١٨

٢١٩

المقصد الثاني

في أعمال العمرة المتمتّع بها إلى الحجّ‌

وفيه فصول‌

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594