مرآة العقول الجزء ١٣

مرآة العقول15%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 363

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 31707 / تحميل: 6140
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

الغسل؟ فقال إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل فقلت التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة قال نعم.

٣ ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الرجل يصيب الجارية البكر لا يفضي إليها ولا ينزل عليها أعليها غسل وإن كانت ليس ببكر ثم أصابها ولم يفض إليها أعليها غسل قال إذا وقع الختان على الختان فقد وجب الغسل البكر وغير البكر.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن عبيد الله الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المفخذ عليه غسل قال نعم إذا أنزل.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن إسماعيل بن سعد الأشعري قال :

_________________________________________

الختانين أولا وإن كان إثباته في الصورة الأخيرة بالنظر إلى الروايات لا يخلو من إشكال ، وقال في الحبل المتين : قول محمد بن إسماعيل التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة ، من قبيل حمل السبب على المسبب ، والمراد أنه يحصل بغيبوبة الحشفة

الحديث الثالث : صحيح.

قولهعليه‌السلام : « لا يفضي إليها » ظاهره أنه لم يفتضها وإن أمكن أن يكون بمعنى الإنزال فيكون الجملة بعدها تأكيدا لها وكذا الثاني وإن كان الثاني ، في الثاني أظهر قولهعليه‌السلام : « البكر وغير البكر » الخبر محذوف أي سواء.

الحديث الرابع : حسن.

وقال في الحبل المتين يراده بالمفخذ من أصاب فيما بين الفخذين إما من دون إيلاج أصلا أو إيلاج ما دون الحشفة.

الحديث الخامس : صحيح.

١٤١

سألت الرضاعليه‌السلام عن الرجل يلمس فرج جاريته حتى تنزل الماء من غير أن يباشر يعبث بها بيده حتى تنزل قال إذا أنزلت من شهوة فعليها الغسل.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألت الرضاعليه‌السلام عن الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج وتنزل المرأة عليها غسل قال نعم.

٧ ـ الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن المرأة تعانق زوجها من خلفه فتحرك على ظهره فتأتيها الشهوة فتنزل الماء عليها الغسل أو لا يجب عليها الغسل قال إذا جاءتها الشهوة فأنزلت الماء وجب عليه الغسل.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أتى الرجل المرأة في دبرها فلم ينزل فلا غسل عليهما وإن أنزل فعليه الغسل.

_________________________________________

ولا خلاف بين المسلمين ظاهرا ، في أن إنزال المني سبب للجنابة الموجبة للغسل بالإجماع أيضا سواء كان في النوم أو اليقظة ، وسواء كان للرجل أو المرأة إلا أنه اشترط بعض الجمهور مقارنة الشهوة والدفق.

الحديث السادس : صحيح.

الحديث السابع : مجهول.

الحديث الثامن : مرفوع.

واختلف الأصحاب في وجوب الغسل بوطئ دبر المرأة ، فالأكثرون ومنهم السيد ، وابن الجنيد ، وابن حمزة ، وابن إدريس ، والمحقق والعلامة في جملة من كتبه على الوجوب ، والشيخ في الاستبصار والنهاية ، وكذا الصدوق وسلار إلى عدم الوجوب ، وأما دبر الرجل ففيه أيضا خلاف والسيد قائل هنا أيضا بالوجوب وتردد الشيخ في المبسوط ، وذهب المحقق هنا إلى عدم الوجوب وكذا في وطي البهيمة ذهب السيد (ره) إلى وجوب الغسل بل ادعى السيد على الجميع إجماع الأصحاب

١٤٢

ولا غسل عليها.

(باب)

(احتلام الرجل والمرأة)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يرى في المنام حتى يجد الشهوة فهو يرى أنه قد احتلم فإذا استيقظ لم ير في ثوبه الماء ولا في جسده قال ليس عليه الغسل وقال كان عليعليه‌السلام يقول إنما الغسل من الماء الأكبر فإذا رأى في منامه ولم ير الماء الأكبر فليس عليه غسل.

_________________________________________

واستدل على الجميع بخبر محمد بن مسلم وبكثير من الأخبار ، ولا يخفى ما في الجميع من المناقشة إذ يمكن حمل الإدخال في خبر ابن مسلم على المتعارف وأيضا على تقدير عمومه مخصص بأخبار التقاء الختانين ، ولم يفرقوا في جميع المراتب بين الفاعل والمفعول.

باب احتلام الرجل والمرأة

الحديث الأول : حسن.

واعلم أنه إذا تيقن أن الخارج مني فيجب عليه الغسل سواء كان مع الصفات التي ذكرها الأصحاب من مقارنة الشهوة وغيرها أم لا وهذا مما أجمع عليه أصحابنا وأما إذا اشتبه الخارج ولم يعلم أنه مني أو لا فقد ذكر جمع من الأصحاب كالمحقق في المعتبر ، والعلامة في المنتهى أنه يعتبر في حال الصحة باللذة والدفق وفتور الجسد ، وفي المرض باللذة وفتور البدن ولا عبرة فيه بالدفق لأن قوة المريض ربما عجزت دفعه ، وزاد جمع آخر كالشهيد في الذكرى علامة أخرى وهي قرب رائحته من رائحة الطلع والعجين إذا كان رطبا وبياض البيض إذا كان جافا.

١٤٣

٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل احتلم فلما انتبه وجد بللا فقال ليس بشيء إلا أن يكون مريضا فعليه الغسل.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال إذا كنت مريضا فأصابتك شهوة فإنه ربما كان هو الدافق لكنه يجيء مجيئا ضعيفا ليس له قوة لمكان مرضك ساعة بعد ساعة قليلا قليلا فاغتسل منه.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن المغيرة ، عن حريز ، عن ابن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يرى في المنام ويجد الشهوة فيستيقظ وينظر فلا يجد شيئا ثم يمكث بعد فيخرج قال إن كان مريضا فليغتسل وإن لم يكن مريضا فلا شيء عليه قال فقلت له فما فرق بينهما فقال لأن الرجل إذا كان صحيحا جاء بدفقة وقوة وإذا كان مريضا لم يجئ إلا بعد.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل قال إذا أنزلت فعليها الغسل وإن لم تنزل فليس عليها الغسل.

_________________________________________

الحديث الثاني : مجهول كالصحيح.

وقال في مشرق الشمسين : المراد بالاحتلام النوم المتعارف والمراد بالبلل القليل ما ليس معه دفق لقلته وعدم جريان العادة بخروج ذلك القدر فقط من المني.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : حسن.

الحديث الخامس : صحيح.

١٤٤

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة ترى أن الرجل يجامعها في المنام في فرجها حتى تنزل قال تغتسل. وفي رواية أخرى قال عليها غسل ولكن لا تحدثوهن بهذا فيتخذنه علة.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل ينام ولم ير في نومه أنه احتلم فيجد في ثوبه وعلى

_________________________________________

الحديث السادس : صحيح وأخره مرسل.

وقال الشيخ البهائي (ره) لعل مرادهعليه‌السلام أنكم لا تذكروا لهن ذلك لئلا يجعلن ذلك وسيلة للخروج إلى الحمام متى شئن ، من غير أن يكن صادقات في ذلك ، أو أنهن ربما جومعن خفية عن أقاربهن فإذا رآهن أقاربهن يغتسلن وليس لهن بعل ، جعلن الاحتلام علة لذلك وهذا هو الأظهر.

وزاد في مشرق الشمسين وجها آخر حيث قال : ويمكن أن يكون مرادهعليه‌السلام أنكم لا تخبروهن بذلك لئلا يخطر ذلك ببالهن عند النوم ويتفكرن فيه فيحتلمن ، إذ الأغلب أن ما يخطر ببال الإنسان حين النوم ويتفكر فيه فإنه يراه في المنام ـ وقال ـ في هذا الحديث دلالة على أنه لا يجب على العالم بأمثال هذه المسائل أن يعلمها للجاهل ، بل يكره له ذلك إذا ظن ترتب مثل هذه المفسدة على تعليمه ، وقال الفاضل التستري (ره) كان فيه أنه لا يجب تعليم الجاهل وتنبيه الفاضل وليس ببعيد إذا لم يعلم تحقق سببه إذ لعله لا يحتلم أبدا نعم إذا علم حاله فالظاهر حرمة كتمان ما يعلمه إلا لضرورة.

الحديث السابع : موثق.

وقال في الدروس : واجد المني على جسده أو ثوبه المختص يغتسل ويعيد كل صلاة لا يمكن سبقها ، وفي المبسوط يعيد ما صلاة بعد آخر غسل رافع وهو

١٤٥

فخذه الماء هل عليه غسل قال : نعم.

(باب)

(الرجل والمرأة يغتسلان من الجنابة ثم يخرج منهما شيء بعد الغسل)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل أجنب فاغتسل قبل أن يبول فخرج منه شيء قال يعيد الغسل قلت فالمرأة يخرج منها بعد الغسل قال لا تعيد قلت فما فرق بينهما قال لأن ما يخرج من المرأة إنما هو من ماء الرجل.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل عن الرجل يغتسل ثم يجد بعد ذلك بللا وقد كان

_________________________________________

احتياط حسن ولو اشترك الثوب أو الفراش فلا غسل.

باب الرجل والمرأة يغتسلان من الجنابة ويخرج منهما الشيء بعد الغسل

الحديث الأول : موثق.

ولاخلاف بين الأصحاب ظاهرا في أنه إذا خلط ماء الرجل والمرأة وخرج وعلم أن الخارج مشتمل على ماء المرأة يجب عليها الغسل ، وأما إذا شكت ، فقرب في الدروس الوجوب وهو مشكل بعد ورود هذا الخبر وتأيده بأخبار يقين الطهارة والشك في الحدث.

قولهعليه‌السلام « من ماء الرجل » أن يحمله على ذلك لأنه يحتمله والأصل عدم وجوب شيء عليه.

الحديث الثاني : حسن.

واعلم أن البلل الخارج بعد الغسل لا يخلو إما أن يعلم أنه مني أو بول أو غيرهما ، أو لا يعلم ، فإن علم أنه مني فلا خلاف في وجوب الغسل وكذا إن

١٤٦

بال قبل أن يغتسل قال إن كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد الغسل.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة تغتسل من الجنابة ثم ترى نطفة الرجل بعد ذلك هل عليها غسل فقال : لا.

٤ ـ أبو داود ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة

_________________________________________

علم أنه بول في عدم وجوب الغسل ووجوب الوضوء وكذا إن علم غيرهما في عدم وجوب شيء منهما.

وأما إذا اشتبه ففيه أربع صور لأن الغسل إما أن يكون بعد البول والاجتهاد أو بدونهما أو بدون البول فقط أو بدون الاجتهاد فقط.

أما الأول : فقد ادعوا الإجماع على عدم وجوب شيء من الغسل والوضوء.

وأما الثاني : فالمشهور وجوب إعادة الغسل ، وادعى ابن إدريس عليه الإجماع وإن كان في الجمع بين الأخبار القول بالاستحباب أظهر ، ويظهر من كلام الصدوق (ره) الاكتفاء بالوضوء في هذه الصورة.

وأما الثالث : فهو إما مع تيسر البول أو لا ، أما الأول فالظاهر من كلامهم وجوب إعادة الغسل حينئذ أيضا ويفهم من ظاهر الشرائع والنافع عدم الوجوب ، وأما الثاني فظاهر المقنعة عدم وجوب شيء من الوضوء والغسل حينئذ وهو الظاهر من كلام الأكثر وظاهر أكثر الأخبار وجوب إعادة الغسل.

وأما الرابع : فالمعروف بينهم إعادة الوضوء حينئذ خاصة وقد نقل ابن إدريس عليه الإجماع وإن كان من حيث الجمع بين الأخبار لا يبعد القول بالاستحباب ثم المشهور بين الأصحاب عدم وجوب إعادة ما صلى بعد الغسل وقبل خروج البلل ونسب القول بالوجوب إلى بعض أصحابنا.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

الحديث الرابع : موثق على الظاهر ، وقال الوالد العلامةرحمه‌الله أبو داود

١٤٧

قال : سألته عن الرجل يجنب ثم يغتسل قبل أن يبول فيجد بللا بعد ما يغتسل قال يعيد الغسل وإن كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله ولكن يتوضأ ويستنجي.

(باب)

(الجنب يأكل ويشرب ويقرأ ويدخل المسجد ويختضب ويدهن)

(ويطلي ويحتجم)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الجنب إذا أراد أن يأكل ويشرب غسل يده وتمضمض وغسل وجهه وأكل وشرب.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير قال :

_________________________________________

غير معروف ، إن كان الكليني يروي عنه وإلا فالظاهر أنه سليمان بن سفيان أبو داود المنشد المسترق وهو ثقة ، وعلى هذا فالظاهر أن الواسطة أما الحسين بن محمد ، أو محمد بن يحيى أو العدة انتهى ، وينبغي حمله على ما إذا لم يستبرء للبول.

باب الجنب يأكل ويشرب ويقرأ ويدخل المسجد ويختضب ويدهن ويطلي ويحتجم

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

والمشهور كراهة الأكل والشرب قبل المضمضة والاستنشاق للجنب ، وألحق بهما بعض الأصحاب الوضوء وظاهر الصدوق عدم الجواز قبل غسل اليد والمضمضة والاستنشاق ، ولا يبعد حمل كلامه على الكراهة والأخبار خالية عن ذكر الاستنشاق ولعل الأصحاب نظروا إلى تلازمهما غالبا.

الحديث الثاني : موثق كالصحيح.

والمشهور بين الأصحاب جواز قراءة ما عدا العزائم مطلقا ، وكراهة ما زاد على السبع أو السبعين ، وفي التذكرة أن ما زاد على السبعين أشد كراهة وقال

١٤٨

سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الجنب يأكل ويشرب ويقرأ قال نعم يأكل ويشرب ويقرأ ويذكر الله عز وجل ما شاء.

٣ ـ علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نصر ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال للجنب أن يمشي في المساجد كلها ولا يجلس فيها إلا المسجد الحرام ومسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الجنب يجلس في المساجد قال لا ولكن يمر فيها كلها إلا المسجد الحرام ومسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى

_________________________________________

في المختلف وبعض أصحابنا لا يجوز إلا ما بينه وبين سبع آيات أو سبعين والزائد على ذلك محرمة ، وقال في المنتهى : وقال بعض الأصحاب ويحرم ما زاد على السبعين وكان المراد به ابن البراج ، ونقل عن سلار تحريم القراءة مطلقا ، ولا خلاف بين الأصحاب ظاهرا في عدم جواز قراءة الجنب والحائض السور العزائم ولا أبعاضها ، وظاهر الأخبار آية السجدة ومع عدم الظهور فهي محتملة لها احتمالا ظاهرا يمنع الاستدلال ، لكن الإجماع يحملها على الأول والله يعلم.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

وعدم جواز اللبث للجنب في المسجد ، هو المعروف من مذهب الأصحاب ، ولم يخالف في ذلك سوى سلار فقد جوزه على كراهية وأيضا أطلق الحكم ولم يفرق بين المسجدين وغيرهما ، والصدوق أطلق القول بجواز الجواز ، ولم يستثن المسجدين ، ونسب الشهيد هذا الإطلاق إلى أبيه والمفيد أيضا ، وذكر الصدوق أيضا أنه لا بأس أن ينام الجنب في المسجد.

الحديث الرابع : حسن.

الحديث الخامس : موثق.

١٤٩

عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عمن قرأ في المصحف وهو على غير وضوء قال لا بأس ولا يمس الكتاب.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن عبد الله بن بحر ، عن حريز قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الجنب يدهن ثم يغتسل قال؟ لا.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضاعليه‌السلام الرجل يجنب فيصيب جسده ورأسه الخلوق والطيب والشيء اللكد مثل علك الروم والطرار وما أشبهه فيغتسل فإذا فرغ وجد شيئا قد بقي في جسده من أثر الخلوق والطيب وغيره قال لا بأس.

٨ ـ أبو داود ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن عبد الله بن سنان

_________________________________________

ونقل في المعتبر والمنتهى إجماع فقهاء الإسلام على حرمة المس على الجنب ولعلهما حملا الكراهية في كلام ابن الجنيد على التحريم ، أو لم يعتدا بخلافه.

الحديث السادس : ضعيف.

وذكر الشهيد في الدروس كراهة الادهان للجنب.

الحديث السابع : صحيح.

قوله : « والشيء اللكد من علك الروم والطرار » وفي بعض النسخ الطراد بالدال ، وفي بعضها الطراب ، ولعله أظهر ، قال في الصحاح لكد عليه الوسخ لكدا أي لزمه ولصق به ، وقال العلك الذي يمضغ ، وقال في القاموس : طرار الرامك كصاحب ، شيء أسود يخلط بالمسك ويفتح ، وقال طرب به لصق ، كان نفي البأس نظرا إلى أن الماء يصل إلى ما تحت هذه الأشياء ، وفي علك الروم إشكال.

وقال الفاضل التستري : ولعل في هذه الرواية دلالة على عدم اشتراط العلم بوصول الماء بجميع الجسد ، ولعل هذا إذا فرغ من الغسل ولا يبعد العمل بالأول إذا كان شيئا يسيرا نظرا إلى تحقق المسمى عرفا ، إلا أني لا أعرف به قائلا منا.

الحديث الثامن : صحيح.

١٥٠

قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الجنب والحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه قال نعم ولكن لا يضعان في المسجد شيئا.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن أبي جميلة ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال لا بأس أن يختضب الجنب ويجنب المختضب ويطلي بالنورة وروي أيضا أن المختضب لا يجنب حتى يأخذ الخضاب وأما في أول الخضاب فلا.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال سألته عن الرجل يجنب ثم يريد النوم قال إن أحب أن يتوضأ فليفعل والغسل أحب إلي وأفضل من ذلك فإن هو نام ولم يتوضأ ولم يغتسل فليس عليه شيء إن شاء الله تعالى.

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بأن يحتجم الرجل وهو جنب.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس أن يختضب الرجل ويجنب وهو مختضب ولا بأس أن يتنور الجنب ويحتجم ويذبح ولا يذوق شيئا حتى يغسل يديه ويتمضمض فإنه يخاف منه الوضح.

_________________________________________

وقال في الحبل المتين : النهي عن الوضع محمول عند أكثر الأصحاب على التحريم ، وعند سلار على الكراهة ، والعمل على المشهور ، والظاهر أنه لا فرق في الوضع بين كونه من خارج المسجد أو داخله.

الحديث التاسع : ضعيف ، وأخره مرسل.

الحديث العاشر : موثق.

الحديث الحادي عشر : حسن.

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور.

وفي الصحاح الوضح قد يكنى به عن البرص ، والمشهور كراهة اختضاب الجنب ، ويفهم من ظاهر المعتبر والمنتهى نسبة القول بعدم الكراهة إلى الصدوق.

١٥١

(باب)

(الجنب يعرق في الثوب أو يصيب جسده ثوبه وهو رطب)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن أبي أسامة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الجنب يعرق في ثوبه أو يغتسل فيعانق امرأته ويضاجعها وهي حائض أو جنب فيصيب جسده من عرقها قال هذا كله ليس بشيء.

_________________________________________

باب الجنب يعرق في الثوب أو يصيب جسده ثوبه وهو رطب

الحديث الأول : حسن.

ولا خلاف بين الأصحاب في طهارة عرق الحائض ، والمستحاضة ، والنفساء ، والجنب من الحلال ، إذا خلا الثوب والبدن من النجاسة ، واختلفوا في نجاسة عرق الجنب من حرام ، فذهب ابنا بابويه ، والشيخان ، وأتباعهما إلى النجاسة ، بل نسب بعضهم هذا القول إلى الأصحاب ، والمشهور بين المتأخرين الطهارة وقال في المعالم : اعلم أن الشهيد (ره) في الذكرى بعد أن حكي عن المبسوط نسبة الحكم بنجاسة عرق الجنب من الحرام إلى رواية الأصحاب ـ قال ـ ولعله ما رواه محمد بن همام بإسناده إلى إدريس بن يزداد الكفرتوثي أنه كان يقول بالوقف فدخل سر من رأى في عهد أبي الحسنعليه‌السلام وأراد أن يسأله عن الثوب الذي يعرق فيه الجنب أيصلي فيه فبينا هو قائم في طاق باب لانتظارهعليه‌السلام إذ حركه أبو الحسنعليه‌السلام بمقرعة ، وقال مبتدئا إن كان من حلال فصل فيه وإن كان من حرام فلا تصل فيه ، ثم قال وروى الكليني بإسناده إلى الرضاعليه‌السلام في الحمام يغتسل فيه الجنب من الحرام وعن أبي الحسنعليه‌السلام لا يغتسل من غسالته فإنه يغتسل فيه من الزنا لكن في طريق الأخيرين ضعف ، والأولى لم أقف عليها في كتب الحديث الموجودة الان عندنا بعد التتبع انتهى ، وأقول قد أوردت في كتاب بحار الأنوار أخبارا موافقة

١٥٢

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي أسامة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام يصيبني السماء وعلي ثوب فتبله وأنا جنب فيصيب بعض ما أصاب جسدي من المني أفأصلي فيه قال : نعم.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام وأنا حاضر عن رجل أجنب في ثوبه فيعرق فيه فقال ما أرى به بأسا فقيل إنه يعرق حتى لو شاء أن يعصره عصره قال فقطب أبو عبد اللهعليه‌السلام في وجه الرجل وقال إن أبيتم فشيء من ماء ينضحه به.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن حمران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يجنب الثوب الرجل ولا يجنب الرجل الثوب.

_________________________________________

للرواية الأولى من الخرائج للراوندي وغيره ومع ذلك لا يبعد حمله على الكراهة والله يعلم.

الحديث الثاني : حسن.

وحمل على ما إذا لم يعلم أن خصوص الموضع الذي أصاب النجس رطب أو لم تكن الرطوبة بحد تسري النجاسة إليه بها ، أو على التقية لمساهلتهم في أمر المني كثيرا ، وكذا في الخبر الثاني وإن لم يكن قولهعليه‌السلام صريحا في كون المني ، فيه وقس عليهما الأخبار الأخرى فتأمل.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

وفي الصحاح قطب وجهه تقطيبا أي عبس.

الحديث الرابع : مجهول.

قولهعليه‌السلام « لا يجنب الثوب الرجل » لعل المراد به الثوب الذي عرق فيه الجنب ، وقال الوالد العلامةقدس‌سره أي لا ينجسه بحسب الظاهر ، فإما محمول

١٥٣

٥ ـ محمد بن أحمد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن أبي أسامة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الثوب تكون فيه الجنابة فتصيبني السماء حتى يبتل علي قال لا بأس.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يبول وهو جنب ثم يستنجي فيصيب ثوبه جسده وهو رطب قال لا بأس.

(باب)

(المني والمذي يصيبان الثوب والجسد)

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المني يصيب الثوب قال إن عرفت مكانه فاغسله وإن خفي عليك مكانه فاغسله كله.

_________________________________________

على التقية لموافقته لمذهب كثير من العامة من طهارة المني ، أو على العرق القليل الذي لا يسري ، وإما على أنه لا يصيره جنبا ، حتى يجب عليه الغسل ولا يجنب الرجل الثوب ، أي عرق الجنب ليس بنجس حتى يجب منه غسل الثوب.

الحديث الخامس : موثق كالصحيح.

الحديث السادس : صحيح.

قولهعليه‌السلام « لا بأس » أي مع عدم العلم بملاقاة الجزء النجس من الثوب للبدن الرطب.

باب المني والمذي يصيبان الثوب والجسد

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

ولا خلاف بين علمائنا في وجوب غسل الجميع لو خفي عليه موضعه كما تدل عليه تلك الأخبار.

١٥٤

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن ميسر قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام آمر الجارية فتغسل ثوبي من المني فلا تبالغ غسله فأصلي فيه فإذا هو يابس قال أعد صلاتك أما إنك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شيء.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن المني يصيب الثوب قال اغسل الثوب كله إذا خفي عليك مكانه قليلا كان أو كثيرا.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا احتلم الرجل فأصاب ثوبه شيء فليغسل الذي أصابه وإن ظن أنه أصابه شيء ولم يستيقن ولم ير مكانه فلينضحه بالماء وإن يستيقن أنه قد أصابه ولم ير مكانه فليغسل ثوبه كله فإنه أحسن.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المذي.

_________________________________________

الحديث الثاني : حسن.

قولهعليه‌السلام : « لم يكن عليك شيء » إما لأنك كنت تبالغ فلا يبقى أثره أو أنك إذا عملت ذلك بنفسك كنت قد بذلت جهدك فلم يضرك إذا رأيت بعده ولعل في الخبر إيماء إلى جواز الاتكال على الغير في إزالة النجاسة والله يعلم.

الحديث الثالث : موثق.

الحديث الرابع : حسن.

قولهعليه‌السلام « فلينضحه » أي استحبابا على المشهور.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

ويدل على طهارة المذي مطلقا كما هو المشهور وقال ابن الجنيد بنجاسة ما كان بشهوة.

١٥٥

يصيب الثوب قال ليس به بأس.

٦ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن عنبسة بن مصعب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا نرى في المذي وضوءا ولا غسلا ما أصاب الثوب منه إلا في الماء الأكبر.

(باب)

(البول يصيب الثوب أو الجسد)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء

_________________________________________

الحديث السادس : ضعيف على المشهور ، والاستثناء منقطع.

باب البول يصيب الثوب أو الجسد

الحديث الأول : حسن.

قولهعليه‌السلام « فإنما هو ماء » قال الفاضل التستري (ره) : كان مقتضى الفحوى أنه إذا لم يكن ماء احتاج إلى أكثر من صب مرتين انتهى ، وفيه تأمل لأن الظاهر من التعليل أنه يكفي الصب ، ولا يحتاج إلى الغسل والعصر والدلك لأنه ماء ووقع على الجسد فتأمل.

ثم اعلم أن المشهور بين الأصحاب وجوب غسل الثوب والبدن من البول مرتين ، وأسنده في المعتبر إلى علمائنا ، واستقرب العلامة في المنتهى الاكتفاء فيه بما يحصل معه الإزالة ولو بالمرة وبه جزم الشهيد في البيان ، وهو مشكل لأن فيه اطراحا للروايات الصحيحة من غير معارض ، وقال السيد في المدارك : نعم لو قيل باختصاص المرتين بالثوب والاكتفاء في غيره بالمرة كان وجها قويا لضعف الأخبار المتضمنة للمرتين في غير الثوب ، وفي غير البول خلاف فذهب جماعة إلى عدم وجوب التعدد في غير الولوغ ، وذهب بعضهم إلى المرتين فيما له قوام

١٥٦

مرتين فإنما هو ماء وسألته عن الثوب يصيبه البول قال اغسله مرتين وسألته عن الصبي يبول على الثوب قال يصب عليه الماء قليلا ثم يعصره.

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضاعليه‌السلام الطنفسة والفراش يصيبهما البول كيف يصنع بهما وهو ثخين كثير الحشو قال : يغسل ما

_________________________________________

كالمني ، والمشهور بين المتأخرين التعدد مطلقا.

أقول : ولا يبعد القول بوجوب الغسل مرتين لبول الرجل ، ومرة لبول الصبي غير الرضيع ، والصب في الرضيع كما هو ظاهر الخبر.

قولهعليه‌السلام « ثم يعصره » قال الفاضل التستري (ره) لم يحضرني في حكم العصر غيره ولعلهم ، لا يقولون بوجوبه في صورة الصب على بول الصبي فالاستدلال به على وجوب العصر في غسل بول الكبير غير مستحسن ، وبالجملة حيث اشتملت الأمر هنا بالصب دون الغسل أمكن أن يكون العصر لإدخال الماء في جميع أجزاء الثوب ولا يلزم مثله في صورة الغسل بالماء الذي ينفصل عن الثوب في الجملة ، ويدخل في أعماقه من غير عصر انتهى.

والمشهور بين الأصحاب وجوب العصر فيما يرسب فيه الماء ، فمنهم من اعتبر العصر مرتين فيما يجب غسله كذلك واكتفى بعضهم بعصر بين الغسلتين ، وظاهر الصدوق العصر بعد الغسلتين والمشهور أن العصر في القليل وبعضهم أوجبه في الكثير أيضا.

الحديث الثاني : صحيح.

وقال في القاموس : الطنفسة مثلثة الطاء والفاء وبكسر الطاء وفتح الفاء وبالعكس واحدة الطنافس للبسط والثياب والحصير من سعف عرضه ذراع انتهى ، ونقل العلامة في المنتهى هذا الخبر ، وقال إنه محمول على ما إذا لم تسر النجاسة في أجزائه ، وأما مع سريانها فيغسل جميعه ، ويكتفي بالتقليب والدق عن العصر ، وقال

١٥٧

ظهر منه في وجهه.

٣ ـ أحمد ، عن موسى بن القاسم ، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الثوب يصيبه البول فينفذ إلى الجانب الآخر وعن الفرو وما فيه من الحشو قال اغسل ما أصاب منه ومس الجانب الآخر فإن أصبت مس شيء منه فاغسله وإلا فانضحه بالماء.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن حكم بن حكيم الصيرفي قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أبول فلا أصيب الماء وقد

_________________________________________

الوالد العلامة (ره) يدل ظاهرا على عدم السراية ويمكن أن يقال : المراد به أن يرفع ظاهر هما ويغسله ويعصره ويوضع حتى ييبس أو يوضع على الحشو بناء على أن مثل هذه الرطوبة لا يتعدى انتهى كلامه رفع الله مقامه.

الحديث الثالث : موثق.

وقال الفاضل التستري (ره) : لا يخفى أن هذه الروايات تتضمن الغسل ، والغسل لا يستلزم العصر في فهمنا بل الظاهر أنهم يعترفون به حيث يحكمون بعدم الحاجة إلى العصر في الغسل في الكثير فإن مقتضاه أن حقيقة الغسل يتحقق من دون العصر فحينئذ إيجاب العصر بالمناسبات العقلية ، لا سيما العصر بحيث يبلغ الجهد في نزع الماء في غاية التأمل والإشكال في نظرنا.

الحديث الرابع : حسن.

والظاهر أن حكم بن حكيم هو أبو خلاد الثقة.

ويمكن حمله على التقية لذهاب جماعة من العامة إلى عدم وجوب إزالة ما لا يدركه الطرف من النجاسات ، وربما كان عندهم القول بمطهرية التراب للبول مطلقا وربما يستأنس بهذا لما أبداه بعض المتأخرين من عدم تنجيس المتنجس ، وحكى العلامة (ره) في المختلف على السيد المرتضى أنه قال في جواب المسائل الميافارقيات : إن البول قد عفي عنه فيما ترشش عند الاستنجاء كرؤوس الإبر ، ونقل

١٥٨

أصاب يدي شيء من البول فأمسحه بالحائط أو التراب ثم تعرق يدي فأمسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي قال لا بأس به.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة أنه قال في كتاب سماعة رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام إن أصاب الثوب شيء من بول السنور فلا تصح الصلاة فيه حتى تغسله.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن بول الصبي قال تصب عليه الماء وإن كان قد أكل فاغسله غسلا والغلام والجارية في ذلك شرع سواء.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الفضل بن غزوان ، عن الحكم بن الحكيم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني أغدو إلى السوق فأحتاج إلى البول وليس عندي ماء ثم أتمسح وأتنشف بيدي ثم أمسحها بالحائط وبالأرض ثم أحك جسدي بعد ذلك قال : لا بأس.

_________________________________________

ابن إدريس عن بعض الأصحاب في مطلق النجاسات.

وقال الفاضل التستري (ره) كان فيه أن إزالة العين مطهر ويحتمل أن يكون نفي البأس لعدم العلم بأن العرق انفصل من الموضع النجس انتهى ، ويمكن أن يكون نفي البأس في الصلاة مع هذه النجاسة لعدم إصابة الماء فلا يدل على أن زوال العين مطهر والله يعلم.

الحديث الخامس : حسن أو موثق.

ويدل على نجاسة بول السنور ويومئ إلى الاكتفاء في إزالته بمسمى الغسل.

الحديث السادس : حسن.

والمشهور اختصاص حكم الرضيع بالغلام دون الجارية مع أن الخبر يدل على مساواتهما في ذلك.

الحديث السابع : مجهول.

وحمل على عدم سراية النجاسة بالبدن عند الحك.

١٥٩

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن المثنى ، عن أبي أيوب قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أدخل الخلاء وفي يدي خاتم فيه اسم من أسماء الله تعالى قال لا ولا تجامع فيه.

وروي أيضا أنه إذا أراد أن يستنجي من الخلاء فليحوله من اليد التي يستنجي بها.

(باب)

(أبوال الدواب وأرواثها)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة أنهما قالا لا تغسل ثوبك من بول شيء يؤكل لحمه.

_________________________________________

الحديث الثامن : حسن ، أو موثق ، وأخره مرسل.

وحملا على الكراهة مع عدم سراية النجاسة إلى الاسم المقدس.

باب أبوال الدواب وأرواثها

الحديث الأول : حسن وقال في المدارك : أجمع علماء الإسلام على نجاسة البول والغائط مما لا يؤكل لحمه ، سواء كان من الإنسان أو غيره ، إذا كان ذا نفس سائلة ، والأخبار الواردة بنجاسة البول في الجملة مستفيضة ، إلا أن المتبادر منه بول الإنسان ، ويدل على نجاسته من غير المأكول مطلقا حسنة ابن سنان أما الأرواث فلم أقف فيها على نص يقتضي نجاستها على وجه العموم ، ولعل الإجماع في موضع لم يتحقق فيه الخلاف كاف في ذلك وقد وقع الخلاف في موضعين :

أحدهما : رجيع الطير فذهب ابن بابويه وابن أبي عقيل والجعفي إلى طهارته مطلقا ، وقال الشيخ في المبسوط : « بول الطيور وذرقها كلها طاهر إلا الخشاف » وقال في الخلاف : « ما أكل فذرقه طاهر ، وما لم يؤكل فذرقه نجس وبه قال أكثر الأصحاب ».

وثانيهما : بول الرضيع والمشهور أنه نجس وقال ابن الجنيد بطهارته.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

نُقِلُوا إلى «الشاغور» ومنها إلى «باب الساعات» ومنها نَقَلوا الإمام السجّاد عليه السلام إلى المسجد الجامع ، وأعادُوهم إلى هذا المسجد(١) .

أقولُ : هذا ما وقفنا عليه حول رأس سيّدنا أبي الفَضْلِ العَبّاس الأكبر عليه السلام ممّا ورد في المصادر المعتمدة.

ثمّ إنّ من الوارد احتمال أن تكون الرؤوس المقدّسة ـ وفيها رأس سيّدنا أبي الفَضْلِ العَبّاس عليه السلام ـ قد نُقِلَتْ إلى كربلاء ، ودفِنَتْ مع الأجساد الطاهرة ، لأنّ رأس الإمام الحسين عليه السلام قد نُقِلَ إلى مرقده المقدّس ، وضمّ إلى جسده الشريف ، على أقوى الأقوال وأوفقها للأدلّة(٢) .

كما أنّ من البعيد أنْ يَتْرُكَ الإمامُ السجّاد عليه السلام تلك الرؤوس الشريفة في بلاد الأعداء ؛ بعدَ أنْ أُطْلِقَ له الرجوعُ إلى العراق ، كما هو الثابت في التاريخ! لكنْ لمْ نقفْ على ما يدلّ بوضوحٍ على نقل سائر الرؤوس.

رأس العَبّاس الأصغر :

ثمّ إنّ حديثاً أثبتَتْهُ المصادر القديمة ، وهو ما رَوَوْهُ عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة المُجاشعيّ ، وفيه : أُتي بالرؤوس ، إذا بفارسٍ قد علّق في لَبَب فَرسه رأسَ غلامٍ أَمْرَدَ كأنّهُ القَمَرُ في ليلة تَمِّهِ.

فقلتُ له : رأسُ مَن هذا؟ فقال : رأسُ العَبّاس بن عليّ.

__________________

(١) الأزهار الأرجيّة للشيخ فرج آل عمران وانظر : مزارات أهل البيت عليهم السلام للجلالي (ص ٢٢٦ ـ ٢٢٨).

(٢) وقد أثبتنا ذلك في بحث مستقل.

٢٢١

قلتُ ومَن أنتَ؟ قال : حرملةُ بن كاهل الأسديّ(١) .

وقد ذكرنا في موردٍ سابقٍ عند ذكر أولاد الإمام أَميْرُ المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام : أنّ المُناسب لهذا الوصف أن يكون صاحب هذا الرأس هو العبّاس الأصغر ابن أَميْرُ المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام الشهيد في الطفّ أيضاً.

مقام مدفن الكفّين الشريفتين :

لا ريب ـ كما عرفنا ـ في حدوث قطع الكفّين الشريفتين في كربلاء ، ولكن كون المعلمين ـ الموجودين فعلاً في كربلاء ـ هما موضع دفنهما فيهما ، أمرٌ لم يتحقّق عند أهل المعرفة بتاريخ البلد.

ومن المحتمل أن يكون الكفّان ملحقتين بالجسد الشريف ، كما هو الحكم الشرعيّ في إلحاق أجزاء الموتى بأجسادهم.

لكن وجود هذين النَصَبين في الموضعين هما من معالم الملحمة العبّاسيّة ، ومُذكّران بهذه الظُلامة الفريدة الّتي أعلنها الأئمّة عليهم السلام باعتبارها ميزةً من خصائص العَبّاس عليه السلام فلابُدّ من إشادتها ولورتها لتبقى في ذاكرة هذا البلد المقدّس ، كما هي خالدةْ في ذاكرة التاريخ.

قال المظفّر : وهذا شيءٌ توارثه الخلفُ عن السلف ، وتراثُ مجدٍ خلّفه الماضي للباقي ، بحيث أقاموا مَعلمَين مُعْلِمَيْنِ بموضع الكفّين الشريفتين يعرف كلّ منهما بكفّ العَبّاس اليُمنى ، ثمّ كفّ العَبّاس اليُسرى ، يقعان في شرقيّ الصحن العبّاسيّ الشريف.

__________________

(١) رواه الصدوق في عقاب الأعمال (ص ٢١٨) وقد نقلناه سابقاً عنه وعن غيره.

٢٢٢

كما أنّ الشهرة على التسالُم بين أهل البلد ، منذُ قديم الأمَد ، كما يقول الشيخ المظفّر أنّ هذه الآثار ليستْ من الحديثة ، ولا من الأشياء الّتي لم تبتنِ على أُسٍّ قديمٍ ، بل هي سائرةٌ مع بقيّة آثارهم وتعاهدتها يدُ العمران إن طرقها طول الزمان بالتضعضع أو أشرف بها على الانهيار ، فإذنْ هي صحيحةُ الإسناد العمليّ لا القوليّ ، إذْ كل جيلٍ يتبعُ الجيلَ السابقَ في احترامها وتعاهدها بالعمارة ؛ حتّى تتّصل بأوّل الأجيال الّتي أُشيدتْ بها مشاهدهم وقبابهم ، وهذا ما يُسمّيه الناسُ بِالسيرة العمليّة ، ويحتجّ بها الفقهاءُ على إثبات الأحكام الشرعيّة.

وانتهى الشيخ المظفّر إلى التصريح بالقول : فأنا من هذه الناحية على ثقة ويقين(١) .

فلا يُعبأ بما يُثيره أهل الريب من نفي ذلك.

وموضع اليُمنى : في مطلع (باب الرضا عليه السلام) المعروف بباب العلقميّ وهو يقع في الجهة الشرقيّة نحو شمالها ، في بداية الشارع المسمّى بالعلقمي ، في زقاقٍ على الأيسر ، وعلى يسار الداخل إليه(٢) .

وموضع اليُسرى : مواجهٌ لمطلع باب (أمير المؤمنين عليه السلام) في بداية مدخل سوق باب الخان(٣) .

__________________

(١) بطل العلقمي.

(٢) اقرأ عنه وصفاً كاملاً في : المراقد والمقامات في كربلاء ، للحاج عَبْد الأمير القريشي ص ١٧٠ ـ وانظر بطل العلقمي (٣).

(٣) اقرأ عنه تفصيلاً في : المراقد والمقامات للقريشي (ص ٢ ـ ٧٤) وانظر بطل العلقمي ج ٣.

٢٢٣

أمّا مدفن الرِجْلينِ الشريفتين :

فلمْ يعرفْ عنه شيءٌ ، ولم يُذكرْ في موردٍ ولا مصدرٍ!.

وتلكَ مظلمةٌ أخْرى ممّا اختصّ بها العبّاسُ عليه السلام بين شهداء كربلاء.

ونَقَلَ الرواةُ عن السيّد الفقيه المهديّ بحر العلوم : أنّه زارَ المَرقَدَ الشريفَ للعبّاس ؛ فلاحظَ قِصَرَ محلّ الدفن ، فتعجّبَ هُو والحاضرون! لأنّ ذلك لا يُناسِبُ المعروفَ من كون العبّاس عليه السلام «رجُلاً طوالاً ، يركَبُ الفَرَسَ المُطَهَّمَ(١) ورِجْلاهُ تَخُطّانِ الأرْضَ»(٢) .

فذكر السيّد بحرُ العلوم مظلمةَ قَطعِ رِجْلَيهِ(٣) .

وهذه الرواية ، كما تؤكّد المظلمةَ ، قد تُشيرُ إلى عدمِ دفنِ الرِجلينِ معَ الجسدِ الشريف.

__________________

(١) المطهّم : السمين الفاحش الشمن ، وـ المنتفخ الوجه ، وـ التامّ من كلّ شيء ، المعجم الوسيط (طهم) ص ٥٦٩ ، والمراد هنا : الفرس الضخم المرتفع.

(٢) كما قال أبو الفرج الأصفهانيّ في مقاتل الطالبيين (ص ٩٠).

(٣) شرح الأخبار ، (٣ / ١٩١ ـ ١٩٣).

٢٢٤

العبّاس ورثاءه وندبته عليه السلام

أوّلُ مَنْ رثاهُ هُو الحسينُ عليه السلام :

ولمّا قُتِلَ العَبّاس عليه السلام قال الحسين عليه السلام : «الآن انكَسَرَ ظَهْري ، وقَلَّتْ حِيْلَتي »(١) .

ورثاء الأئمّة عليهم السلام :

ففي حديث مواراة الإمام السجّاد زين العابدين عليه السلام للأجساد الشريفة : مشى الإمام السجّاد عليه السلام إلى عمّه العَبّاس عليه السلام فوقع عليه يلثم نحره المقدّس ، قائلاً :

على الدنيا بعدك العَفا ، يا قمر بني هاشم ، وعليك منّي السلام من شهيد محتسب ، ورحمة الله وبركاته(٢) .

وفي الزيارة الصادرة من الناحية المقدّسة : «السلامُ على أبي الفَضْلِ العَبّاس ابن أَميْرُ المُؤْمِنِيْنَ ، المواسي أخاه بنفسه ، الآخذ لغده من أمسه ، الفادي له ، الواقي الساعي إليه بمائه ، المقطوعة يداه ، لعن الله قاتليه ك زيد بن رقاد الجهني ، وحُكيم بن الطفيل الطائي»(٣) .

_________________

(١) مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي (٢ / ٣٠) والبحار (٤٥ / ٤٢).

(٢) كامل الزيارات (ص ٣٢٥) مقتل الحسين للمقرّم (٤١٢ ـ ٤١٨).

(٣) الإقبال لابن طاوس (ص ٥٧٣) ومصباح الزائر (ص ٢٧٨).

٢٢٥

رِثاءُ أُمّ البنين عليها السلام للعبّاس وأبنائها الطّاهرين :

في الحديث : «وكانت أُمّ البنين أُمّ هؤلاء الأربعة الإخوة القتلى ، تخرجُ غلى البقيع ، فتندُبُ بَنِيها أشجى نُدبة وأحرقها ، فيجتمعُ النّاسُ إليها يسمعون مِنها ، فكان مروانُ يجيء في من يجيء لِذلك ، فلا يزالُ يسمعُ نُدبَتها ويَبكي!».

ذكر ذلك عليّ بن محمّد بن حمزة ، عن النَوفَلِيّ ، عن حمّاد بن عيسى الجُهَنيّ ، عن معاوية بن عمّار ، عن جعفر بن محمّد(١) .

وقالوا : كانت أُمُّ جعفر الكلابيّةُ تندُبُ الحُسينَ وتبكيه ، وقد كُفَّ بصرُها ، فكان مروانُ ـ وهو والي المدينة ـ يجيءُ مُتَنَكِّراً بِاللّيل حتّى يقف ، فيسمعُ بُكاءَها وندبها(٢) .

قال السماويّ : وأنا أسترقّ جدّاً من رثاء أُمّه فاطمة ؛ أُمّ البنين ، الّذي أنشده أبو الحسن الأخفش في (شرح الكامل) وقد كانتْ تخرجُ إلى البقيع كلّ يومٍ ترثيه ، وتحملُ وَلَدَهُ عُبَيْد الله ، فيجتمعُ لِسماعِ رِثائِها أهلُ المدينة وفيهم مروانُ بنُ الحَكَم ، فيبكون لِشجيّ النُدبة ، ومنه قولُها (رضي الله عنها) :

يا مَنْ رأى العبّاسَ كَرْ

رَ على جَماهيرِ النَقَدْ

ووراهُ مِنْ أبناءِ حَيـ

ـدَرَ كُلُّ ليثٍ ذِي لَبَدْ

أُنبئتُ أنّ ابْني أُصِيْـ

ـبَ بِرأسهِ مقطوعَ يَدْ

وَيْلِي لى شِبْلِي أما

لَ بِرأسِهِ ضَرْبُ العَمَدْ

__________________

(١) أبو الفرج ، مقاتل الطّالبيّين (ص ٩٠) وعنه : المجلسي ، البحار (٤٥ / ٤٠) والبحراني ، العوالم (١٧ / ٢٨٣) والمظفّر بطل العلقمي ، (٣ / ٤٣١).

(٢) الشّجري ، الأمالي الخميسيّة (١ / ١٧٥).

٢٢٦

لَوْ كانَ سيفُكَ في يَدَيْـ

ـكَ لَمَا دَنَا مِنْهُ أَحَدْ

وقولها :

لا تَدْعُوَنّي وَيْكِ أُمَّ البَنِينْ

تُذَكِّرِينِيْ بِلُيُوثِ العَرِيْنْ

كانَتْ بنونٌ لِيَ أُدعى بِهِمْ

واليومَ أصبحتُ ولا من بنينْ

أربعةٌ مثلُ نُسُورِ الرّبى

قد وَاصَلُوا الموتَ بِقَطعِ الوَتِينْ

تنازع الخرصانُ أشلاءَهُمْ

فكلّهمْ أَمسى صَرِيعاً طَعِيْنْ

يا ليتَ شِعْري أَكَما أَخبرُوا

بِأنّ عبّاساً قطيعُ اليَمِينْ(١)

وقال السيّد الأمينُ عن أمّ البنين : كانتْ شاعرةً فصيحةً ، وكانتْ تخرجُ كلّ يومٍ إلى البقيع ومعها عُبَيْد الله ولد ولدها العبّاس ، فتندُبُ أولادها الأربعة ، خصوصاً العبّاس ، أشجى نُدبة وأحرقها ، فيجتمع النّاس ، يسمعوون بكاءها وندبتها ، فكان مروانُ بن الحكم ، على شدّة عدواته لبني هاشمٍ ، يجيءُ في من يجيء ، فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي.

فمن قولها في رثاء ولدها العبّاس ما أنشده أو الحسن الأخفشُ في (شرح كامل المبرّد).

وأورد الأبيات الداليّة ، ثمّ قال : وزاد البيت حُسناً أنّ «العبّاس» من أسماء «الأسد».

ثمّ أورد الأبيات النونيّة(٢) .

__________________

(١) السّماوي إبصار العين (ص ٣١ ـ ٣٢) وانظر عنه : المظفّر ، بطل العلقمي (٣ / ٤٣١ ـ ٤٣٢).

(٢) الأمين ، أعيان الشّيعة (٨ / ٣٨٩) و(٤ / ١٣٠).

٢٢٧

مراثٍ أخرى :

ويقول (١) الفضل (٢) بن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس بن عليّ عليه السلام في رثاء جدّه العبّاس عليه السلام :

أحقّ الناسِ أنْ يُبكى عليهِ

فتىً(٣) أبكى الحسينَ بِكربلاءِ

أخوهُ وابنُ والدِهِ عليٍّ

أبُو الفضلِ المُضرّجُ بِالدّماءِ

ومَنْ واساهُ لا يَثنيه شيءٌ

وجاءَ لَهُ على عَطَشٍ بِماءِ(٤)

ويقول الكُميتُ بنُ زيد :

وأبُو الفضلِ إنّ ذِكْرَهُمُ الحُلْـ

ـوَ شِفاءُ النُفُوسِ من أسقامِ(٥)

قُتِلَ الأدْعِياءُ إذْ قَتَلُوْهُ

أَكْرَمَ الشارِبِيْنَ صَوْبَ الغَمامِ(٦)

__________________

(١) ذكر ذلك في تاريخ بغداد (١٢ / ١٣٦) وأدب ألطّفّ (١ / ٣ / ٢٢٣) ومقاتل الطالبيين (ص ٨٩) فهم مؤيّدون نسبتها إلى الشاعر المذكور. أمّا في كتاب (روض الجنان) للمؤرّخ الهنديّ «أشرف عليّ» ص ٣٢٥ : نسب هذه الأبيات إلى فضل بن الحسن بن عُبَيْد الله بن العبّاس ابن عليّ ين أبي طالب ، وكذلك في كتاب (عيون الأخبار وفنون الآثار ص ١٠١ وفيه : الفضل ابن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله ...) والحقّ مع الموافقين للمؤلّف.

(٢) وهو شاعر معاصر للمتوكّل (مات سنة ٢٤٧ هـ) وقد ذكر في أعيان الشيعة (٤٢ / ٢٨٢) أنّ أُمّه جعفريّة ، وأبوه محمّد بن الفضل كان من الشعراء المعاصرين للمأمون العباسيّ. عن معجم الشعراء للمرزباني (ص ١٨٤).

(٣) كذا ذكر أرباب المقاتل وراجع (معجم الشّعراء للمرزباني ، ص ١٨٤).

(٤) القاضي النعمان ، شرح الأخبار (٣ / ١٩٣). وأورده أبو الفرج ، مقاتل الطّالبييّن (ص ٩٠) بقوله «يقول الشاعر» من دون نسبة ، ولا حظ الغدير (٣ / ٥) للأميني ، وفقد نقله عن العمريّ صاحب (المجديّ) وعيون الأخبار في فنون الآثار : (ص ١٠١).

(٥) كذا في ديوان الكميت ، ونقل : «شِفاءُ النفوسِ والأسقامِ». فليلاحظ.

(٦) ديوان الكميت (ص ٥٠٦) ، أبو الفرج ، مقاتل الطالبييّن (ص ٩٠).

٢٢٨

عاقبة القتلة وعقوبتهم الدنيوية :

وكان حكيمُ بن طُفيل الطائيّ السنْبِسيّ سَلَبَ العبّاسَ بن عليّ ثيابَهُ ورمى الحسينَ بسهمٍ ، فكان يقول : تعلّقَ سهمي بِسِربالِهِ وما ضَرَّهُ.

فبعثَ المختارُ إليه عَبْد الله بن كامل ، فأخذه ، فاستغاث أهلُه بِعَديّ بن حاتم ، فكلّم فيه ابن كامل ؛ فقال : أمرُهُ إلى الأمير المُختار ؛ وبادَرَ بهِ إلى المُختار قبل شفاعة ابن حاتم له إلى المُختار ؛ فأمر به المُختارُ فعُرّيَ ورُميَ بِالسهام حتّى مات.

وكان زيدُ بن رقاد الجَنْبيّ يقول : رميتُ فتىً من آل الحسين ويدُهُ على جبهته فأثْبَتُّها في جبهته.

وكان ذاك الفتى عَبْد الله بن مُسلم بن عقيل بن أبي طالب ، وكانَ رَماهُ بِسهمٍ فَلَقَ قلبَهُ ، فكان يقول : نزَعْتُ سهمي من قلبه وهو ميّتٌ ، ولم أزلْ أُنَضْنِضُ سهمي الّذي رميتُ بهِ جبهتَه فِيها حتّى انتزعتُهُ وبقيَ النَضْل!.

فبعثَ إليه المُختارُ ابنَ كامل في جماعةٍ ، فأحاطَ بِدارِهِ ؛ فخَرَجَ مُصلِتاً سيفَهُ فقاتلَ ، فقال ابن كامل : لا تضربُوهُ ولا تطعنُوهُ ، ولكن ارْمُوهُ بِالنّبل والحجارة ، ففعلوا ذلك حتّى سقطَ(١) .

قال : وبعث المختارُ أيضاً عَبْد الله الشّاكريّ إلى رجلٍ من جَنْب يُقال له : زيدُ بن رقاد ، كان يقول : لقد رَمَيْتُ فتىً منهم بِسَهمٍ ، وإنّه لواضِعٌ كفّه

__________________

(١) البلاذري ، جمل من أنساب الأشراف ٣ / ٤٠٦ وانظر ٦ / ٤٠٧ ـ ٤٠٨. والخوارزمي مقتل الحسين (٢ / ٢٢٠) وانظر : الطبري ، التاريخ ٦ / ٦٤ ، وعنه : بطل العلقمي (٣ / ٢١٩ ـ ٢٢٠).

٢٢٩

على جبهته يتّقي النَبْلَ ، فأثبَتُّ كَفّهُ في جبهته ، فما استطاعَ أنْ يزيلَ كفّه عن جَبهته.

قال أبو مخنف : فحدّثني أبو عَبْد الأعلى الزُّبيديّ أنّ ذلك الفتى عَبْد الله بن مسلم بن عَقيل ، وأنّه قال حيث أثبتَ كفّه على جبهته : «الّلهمّ إنّهم استقلّونا واستذلّونا ، اللّهمّ فاقتلهم كما قَتَلونا ، وأذِلّهم كما استَذَلُّونا».

ثمّ إنّه رمى الغلامَ بسهَم آخَرَ فقتَلَه ، فكان يقول : جِئتُه ميِّتاً فنزعتُ سهمي الّذي قتلتُهُ بهِ من جَوْفِهِ ، فلم أَزَلْ أُنضْنِضُ السهمَ حتّى نزَعْتهُ من جبهته ، وبقيَ النَصْلُ في جبهته مُثبَتاً ما قدرتُ على نزعهِ!

قال : فلمّا آتى ابنُ كامل دارَه ؛ أحاط بها ، واقتحمَ الرجالُ عليه ، فخرجَ مُصلِتاً بسيفه ـ وكان شُجاعاً ـ فقال ابنُ كامل : «لا تضربوهُ بِسيفٍ ، ولا تَطعَنوهُ برمحٍ ، ولكن ارموهُ بِالنبل ، وارضخُوهُ بِالحجارة» ففعلوا ذلك به ، فَسَقَطَ(١) .

وأمّا حرملة قاتل العبّاس الأصغر :

أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال : أخبرني المظفّر بن محمّد البلخيّ ، قال : حدّثنا أبو عليّ ، محمّد بن همّام الإسكافيّ ، قال : حدّثنا عَبْد الله بن جعفر الحميريّ ، قال : حدّثني داود بن عمر النهديّ ، عن الحسن بن محبوب ، عن عَبْد الله بن يونس ، عن المِنهال بن عَمرو ، قال : دخلتُ على عليّ بن

__________________

(١) الطبري ، التّاريخ : (٦ / ٦٤) عنه : المظفّر ، بطل العلقمي (٣ / ٢٢٠) وانظر : الحدائق الورديّة للمحلي : (١ / ١٢٠).

٢٣٠

الحسين عليهما السلام منصرفي من مكّة ، فقال لي : يا منهال ، ما صنع حرملة بن كاهل الأسديّ؟

فقلتُ : تركتُهُ حيّاً بِالكوفة. قال : فرفع يديه جميعاً ، فقال :

«اللّهمّ أذقهُ حَرّ الحديد. اللّهمّ أذقهُ حَرّ النّار ».

قال المنهال : فقدمتُ الكوفة ، وقد ظهر المُختارُ بن أبي عبيد ، وكان لي صديقاً ، قال : فمكثتُ في منزلي أيّاماً حتّى انقطع النّاس عنّي ، وركبتُ إليه فلقيتُه خارجاً من داره ، فقال : يا منهال ، لم تأتنا في ولايتنا هذه ، ولم تُهنِّئنا بِها ، ولم تشركنا فيها؟.

فأعلمتُه أنّي كنتُ بمكّة ، وأنّي قد جئتُك الآن ؛ وسايرتُهُ ونحنُ نتحدّثُ حتّى أتى الكُناسةَ فوقفَ وُقُوفاً كأنّهُ ينتظرُ شيئاً ، وقد كان أُخبرَ بمكان حرملة بن كاهل ؛ فوجّهَ في طلبه ، فلم نلبثْ أنْ جاء قومٌ يركضون وقومٌ يشتدّون حتّى قالوا : أيّها الأمير ، البِشارة ، قد أُخِذَ حرملةُ بن كاهل ؛ فما لَبِثنا أنْ جِيءَ به ، فلمّا نظر إليه المُختار ، قال لِحَرملة : الحمدُ لله الّذي مكّنني منك. ثمّ قال : الجزّار! الجزّار!. فأُتيَ بِجزّارٍ ، فقال له : اقطعْ يديه. فقطعتا ؛ ثمّ قال له : اقطعْ رجليه. فقطعتا ؛ ثمّ قال : النّارَ النّارَ ، فُأتي بنارٍ وقصبٍ ، فأُلقي عليه واشتعلتْ فيه النّارُ.

فقلتُ : سُبحانَ الله!

فقال لي : يا منهال ، إنّ التَسبيحَ لَحَسَنٌ ، ففيم سبّحتَ؟

فقلتُ : أيّها الأمير ، دخلتُ في سفرتي هذه منصرفي من مكّة على

٢٣١

عليّ بن الحسين عليهما السلام فقال لي : يا منهال ، ما فعل حرملة بن كاهل الأسديّ؟

فقلتُ : تركتُهُ حيّاً بالكوفة.

فرفع يديه جميعاً فقال : «اللّهمّ أذقه حرّ الحديد ، اللّهمّ أذقه حرّ الحديد ، اللّهمّ أذقه حرّ النّار».

فقال لي المختارُ : أسَمِعتَ عليَّ بنَ الحسين عليهما السلام يقولُ هذا؟

فقلتُ : واللهِ لقد سمعتُهُ.

قال : فنزلَ عن دابّته وصلّى ركعتين ؛ فأطال السّجودَ ؛ ثمّ قامَ فركبَ وقد احترقَ حرملة ، وركبتُ معه ، وسرنا فحاذَيْتُ داري ، فقلتُ : أيّها الأمير ، إنْ رأيتَ أنْ تُشرّفَني وتُكرّمَني وتنزلَ عندي وتحرمَ بِطعامي.

فقال : يا منهالُ ، تُعْلِمُني أنّ عليّ بن الحسين دعا بأربع دعواتٍ فأجابه اللهُ على يديّ ؛ ثمّ تأمرني أنْ آكلَ! هذا يومُ صومٍ شُكراً لله عزّ وجلّ على ما فعلتُهُ بِتَوفيقه(١) .

وهكذا جُوزِيَ قتلة الأطهار ، على يد المختار ، في الدنيا( وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى ) .

__________________

(١) الطّوسي : الأمالي (٢٣٨ ـ ٢٣٩) عنه : المجلسيّ : البحار ، (٤٥ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣) وانظر : المناقب لابن شهر آشوب : (٤ / ١٤٥) وكشف الغمّة للإربلي : (٣ / ٢ ـ ٧٣) وأمالي الشجري (١ / ١٨٨) وبطل العلقميّ للمظفّر : (٣ / ٢٢١ ـ ٢٢٣).

٢٣٢

الخاتمة

العَبّاسُ مُعجزةُ الحُسين عليهما السلام

٢٣٣
٢٣٤

روى الشيخ الصدوق بسنده عن الأصبغ بن نُباتة ، قال خرج علينا أَميْر المُؤْمِنِيْنَ علي بن أبي طالب عليه السلام ذات يوم ويده في يد ابنه الحسن عليه السلام وهو يقول : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم ويدي في يده ، هكذا ، وهو يقول : «خير الخلق بعدي وسيّدهم أخي هذا ، وهو إمام كلّ مسلم ومولى كلّ مؤمن ، بعد وفاتي».

ألا ، وإنّي أقول : خير الخلق بعدي وسيّدهم ابني هذا ، وهو إمام كلّ مؤمن ومولى كلّ مؤمن ، بعد وفاتي. ألا وإنّه سيُظلم بعدي كما ظُلمتُ بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.

وخير الخلق وسيّدهم بعد الحسن ابني : أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه ، المقتول في أرض كربلاء.

أما إنّه وأصحابه من سادة الشهداء يوم القيامة(١) .

أقولُ : وإذا كانوا كلّهم من سادة الشهداء ، فلا ريب أنّ الحسين عليه السلام وهو إمامهم فله السيادة عليهم أيضاً ، فهو سيّد السادة ، وإذن فما هو مقام العَبّاس عليه السلام بين هؤلاء؟ وهو أمير جيشه وحامل لوائه وعميد عسكره ، وهو من هو كما عرفنا عنه من المزايا الكبيرة في سماته المنيرة ، وسيرته المثيرة؟

__________________

(١) إكمال الدين وإتمام النعمة (١ / ٢٥٩) الحديث ٥ من الباب ٢٤.

٢٣٥

أقول : إنّ العَبّاس هو معجزة الحسين عليه السلام :

كثيرون ـ حتّى من المعتقدين بإمامة الحسين عليه السلام فضلاً عن محبّيه من غير أُولئك ـ يُعلنون عن أنّ قضية كربلاء لم تُبنَ على الإعجاز الغيبيّ ، وإلاّ لكان لِيَدِ الإعجاز أنْ تُبيد الأعداء ، وأنْ تُحرق كياناتهم بإصبعٍ من الغيب! وأنْ يكون للحسين ولكربلاء شأنٌ آخر.

لكنّ الأمر في مفهوم (المعجزة) وتقديرها وتصوّر أهدافها يختلف من شخصٍ إلى آخر.

فإنْ كانَ المنظورُ منها «إتمامُ الحُجّة» فإنّ قضايا كربلاء قد احتوتْ على الحُجج التامّة ، لا على الأعداء المُعتدين فقطْ ، بل على الأُمّة الإسلاميّة المغلوبة على أمرها ـ مدى التاريخ ـ فضلاً عن الطغاة الظالمين في العالم أجمع!

وإنْ كانَ الإعجازُ من منظار الانتصار ، فإنّ الانتصار الحقيقيّ ليس بمجرّد الاستمرار في الحياة والبقاء في الدُنيا ، بل هو انتصار الحقّ ، بتحقّق الأهداف المطلوبة من المواقف والوقائع ، واستمرارها في كيان الإنسانيّة ، وأداء أثرها ، وهو ما قد حَصَلَ من كربلاء.

ولكن المعجزة الّتي تحقّقت في كربلاء هي من نوعٍ آخر فإنّ أعلى وأهمّ مظاهر الإعجاز في كربلاء هو (العَبّاس عليه السلام) نفسه ، حيث احتوى بمفردهِ على كلّ تلك المكارم والمآثر في سماته وسيرته ؛ فبلغ من المقام والرفعة (درجةً يغبطُهُ بِها الشُهداء يوم القيامة).

ومع أنّ العبّاس لم يكن إماماً ، وقد ورد النصّ بذلك عن أبي عبد الله

٢٣٦

الصادق عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ :( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) سورة النساء الآية ٥٩ ؛ قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين عليهم السلام ؛ فلمّا مضى عليٌّ ، لم يكن يستطيع عليٌّ ، ولم يكن ليفعل : أن يُدخِلَ محمّدَ بن عليّ ، ولا العبّاسَ بن عليّ ، ولا واحداً(١) من ولده(٢) .

كما لم يكن العبّاس معصوماً ، بل ليس من شأننا الحديث عن ثبوت العصمةَ له ، بعد أنّ انحصر المعصومون من أهل البيت بالأئمّة الإثني عشر عليهم السلام لكنّ العباس ـ بلا شكٍّ ـ كانَ أكبرَ معجزةٍ لأخيه الإمام المعصوم ، وذلك لأنّ قتل الحسين عليه السلام هو من دلائل النبوّة ، لأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله أخبر عنه ، وهو من إخباره بالغيب بأُمور تحقّقت في المستقبل ، كما أورده أرباب الكتب الجامعة لدلائل النبوّة ، كالبيهقي ، وأبي نعيم الأصفهاني ، والسيوطي ، وغيرهم ، كما أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أخبر عن مقتله ، وهذا ـ أيضاً ـ من دلائل الإمامة.

فهذه كلّها معجزاتٌ ؛ لتحقُّقِها ، واقترانِ أخبارها باليقين ، فليستْ إلاّ من الوحي المُبين من ربّ العالمين على نبيّه الأمين.

وبذلك ، فإنّ وجود العبّاس عليه السلام في واقعة الطفّ في كربلاء ـ وهو من أعلامها وأعيانها ، وعليه تدورُ أكثر قضاياها المهمّة.

بل ؛ وجوده وجودٌ عضويّ في إنجازها ، كلّ ذلك يدخله في المعجزة ،

__________________

(١) في بعض النّسخ [أحداً].

(٢) تفسير العيّاشي (١ / ٤٠٩) وتفسير فرات (ص ١١٠ ح ٢٧) والكافي (١ / ٢٨٦ ـ ٢٨٨).

٢٣٧

ویتحقّق به الإعجاز.

مع أنّ خروج العبّاس عليه السلام مع الحسين عليه السلام وقيامه بتلك المهمّات وفي جميع أدوارها الحسّاسة ؛ لهو من خوارق العادة ، فليكن بذاته معجزةً للحسين عليه السلام حيث كان مثلُ العبّاس طوعَ إرادته ، ومُقتدياً به ، يميل معه حيث مال ، بل يسيرُ أَمَامَهُ في تلك الظروف الرهيبة ، حتّى الشهادة بين يديه.

فسلامُ الله يومَ وُلِدَ ، ويومَ قُتِلَ شهيداً ، ويومَ يُبْعَثُ في الجنان.

٢٣٨

وأمّا الحديث عن كرامات العَبّاس عليه السلام :

فما هي الكرامةُ؟

ولماذا يُصِرّ البعضُ على إثباتها لغير الأنبياء؟ مع أنّها كالمعجزة؟ أليس ذلك من الغلوّ الّذي هو كفرٌ وباطلٌ؟

وما هي الطُرُقُ اللازمة لإثبات مثل هذه الدعاوى الّتي أصبح يشهد عليها الكثيرون ؛ بحيث فاقت التواتُر ، في شأن العباس عليه السلام؟

تعريف الكرامة :

عُرّفت الكرامة بأنّها : ظهورُ أمرٍ خارقٍ للعادة من شخص ، غيرِ مقارِنٍ لدعوىً ، فأمّا إذا اقترنَ بدعوى النُبُوّة ، أو الإمامَة ، فهي المعجزة ، فهما ـ الكرامة والمعجزة ـ يتشاركان في كونهما خارقين للعادة ، ولا يمكن للبشر العاديّين أن يقوموا بهما.

وهما يفترقان ، في :

أنّ المعجزة : تختصّ بمن له مقامٌ إلهيّ يحتاجُ في تعيينه إلى نصبٍ ونصٍّ وفرضٍ من الله على العباد ، كالنبيّ المرسَلِ بِالوحي المُباشر ، المتّصل بالسماء ، والمتكلّم عنه ، وكالوصيّ والإمام المنصوب من قبل الله بواسطة الرسول والنبيّ ، وتعيينه ، والنصّ عليه ، والإعلان عن شخصه.

أمّا الكرامة : فهي تتحقّق على يد أولياء الله المخلصين ، الّذين انقادوا الله

٢٣٩

بالطاعة ، وخافُوه حقّ الخوف ؛ فَطَوَّعَ لهم كلَّ ما سواهُ ، وأخافَ منهم كلّ شيءٍ. وبما أنّ ظهور الخارق على يد الإنسان لا يخالف العقل ؛ لفرض أنّه ممكنٌ عقلاً ، والدليلُ على إمكانه وقوعُه ، وإنّما هو يخالف العادةَ ، فهو أمرٌ ممكن عقلاً. وبما أنّا ـ نحنُ المُسلمين ـ أُمّةٌ متعبّدون بالشرع ، فلابدّ أن نرى مواقف الشرع من مثل ذلك ، فنجد :

أوّلاً : أنّ الآيات القرآنيّةَ الكريمةَ ، المحكَمةَ والواضحةَ الدلالة ، تُصرّح بأنّ اللهَ تبارك وتعالى إنّما خلقَ الكونَ والحياةَ لابن آدم ، وسخّر له كلّ شيء من الممكنات ، لينتفع به ، وذلك من قوله تعالى : (هوَ الّذي خَلَقَ لَكُمْ ما في الأرضِ جَميعاً) فالكونُ ومجرياته وأُموره كلُّها مخلوقةٌ للعباد ، ولتكون تحت اختيارهم ، وفي قدرتهم ، وفي مُتناولهم ، فهي لَهُم ، ولِمَنفعتهم ، ومن أجلهم ، فهيَ ـ لا محالةَ ـ طوعُ إرادتهم.

وثانياً : أنّ النقلَ المشهورَ ثابتٌ بأنّ العبد الصالح إذا أطاع الله دخل كلّ شيء تحتَ قدرته ، ففي الحديث القُدسيّ : «عَبْدي أطِعْني ؛ تَكُنْ مثلي : أقولُ لِشيءٍ : «كُنْ» فيكونُ ، وتقولَ : «كُنْ» فيكُونُ».

والجمع بين الحقائق المذكورة هذه يقتضي : أنّ العَبْد المؤمنَ الصالحَ ؛ له قابليّة التصرّف في ما حوله من أُمور وشؤون ، فكيفَ إذا كان «وليّاً لله»!؟

وهذه القابليّة لا تحصل اعتباطاً بالصدفة ؛ وإنّما هي بحاجةٍ إلى واقعيّةٍ وإخلاصٍ وتفانٍ مُطلقٍ في سبيل الله ، والتقوى الصادقة في القول والعقيدة والعمل.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363