مرآة العقول الجزء ١٣

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 358

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف: الصفحات: 358
المشاهدات: 45945
تحميل: 7645


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 358 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45945 / تحميل: 7645
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 13

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

يصيب الثّوب ، قال ليس به بأس.

٦ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن أبان ، عن عنبسة بن مصعب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا نرى في المذي وضوءاً ولا غسلاً ، ما أصاب الثوب منه إلّا في الماء الأكبر.

(باب)

(البول يصيب الثوب أو الجسد)

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليَّ بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن البول يصيب الجسد ، قال : صبَّ عليه الماء

___________________________________________________

الحديث السادس : ضعيف على المشهور ، والاستثناء منقطع.

باب البول يصيب الثوب أو الجسد

الحديث الأول : حسن.

قولهعليه‌السلام « فإنما هو ماء » قال الفاضل التستري (ره) : كان مقتضى الفحوى أنه إذا لم يكن ماء احتاج إلى أكثر من صب مرتين انتهى ، وفيه تأمّل لأن الظّاهر من التعليل أنه يكفي الصب ، ولا يحتاج إلى الغسل والعصر والدلك لأنّه ماء ووقع على الجسد فتأمّل.

ثمَّ اعلم أن المشهور بيّن الأصحاب وجوب غسل الثوب والبدن من البول مرتين ، وأسنده في المعتبر إلى علمائنا ، واستقرب العلّامة في المنتهى الاكتفاء فيه بما يحصل معه الإزالة ولو بالمرّة وبه جزم الشهيد في البيان ، وهو مشكل لأنّ فيه اطراحاً للروايات الصحيحة من غير معارض ، وقال السيد في المدارك : نعم لو قيل باختصاص المرتين بالثوب والاكتفاء في غيره بالمرّة كان وجها قويّاً لضعف الأخبار المتضمنة للمرتين في غير الثوب ، وفي غير البول خلاف فذهب جماعة إلى عدم وجوب التعدد في غير الولوغ ، وذهب بعضهم إلى المرتين فيما له قوام

١٦١

مرَّتين فإنّما هو ماء ؛ وسألته عن الثوب يصيبه البول قال اغسله مرتين وسألته عن الصبيِّ يبول على الثوب قال يصبّ عليه الماء قليلاً ثمَّ يعصره.

٢ – أحمد [ بن محمّد ] ، عن إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضاعليه‌السلام الطنفسة والفراش يصيبهما البول كيف يصنع بهما ؟ وهو ثخين كثير الحشو قال : يغسل ما

___________________________________________________

كالمني ، والمشهور بين المتأخّرين التعدد مطلقاً.

أقول : ولا يبعد القول بوجوب الغسل مرتين لبول الرّجل ، ومرّة لبول الصبي غير الرضيع ، والصب في الرضيع كما هو ظاهر الخبر.

قولهعليه‌السلام « ثمَّ يعصره » قال الفاضل التستري (ره) لم يحضرني في حكم العصر غيره ولعلهم ، لا يقولون بوجوبه في صورة الصب على بول الصبي فالاستدلال به على وجوب العصر في غسل بول الكبير غير مستحسن ، وبالجملة حيث اشتملت الأمر هنا بالصب دون الغسل أمكن أن يكون العصر لإدخال الماء في جميع أجزاء الثوب ولا يلزم مثله في صورة الغسل بالماء الّذي ينفصل عن الثوب في الجملة ، ويدخل في أعمّاقه من غير عصر انتهى.

والمشهور بيّن الأصحاب وجوب العصر فيما يرسب فيه الماء ، فمنهم من اعتبر العصر مرتين فيما يجب غسله كذلك واكتفى بعضهم بعصر بيّن الغسلتين ، وظاهر الصدّوق العصر بعد الغسلتين والمشهور أن العصر في القليل وبعضهم أوجبه في الكثير أيضاً.

الحديث الثاني : صحيح.

وقال في القاموس : الطنفسة مثلثة الطّاء والفاء وبكسر الطّاء وفتح الفاء وبالعكس واحدة الطنافس للبسط والثياب والحصير من سعف عرضه ذراع انتهى ، ونقل العلّامة في المنتهى هذا الخبر ، وقال إنه محمول على ما إذا لم تسر النجاسة في أجزائه ، وامّا مع سريانها فيغسل جميعه ، ويكتفي بالتقليب والدق عن العصر ، وقال

١٦٢

ظهر منه في وجهه.

٣ - أحمد ، عن موسى بن القاسم ، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الثّوب يصيبه البول فينفذ إلى الجانب الآخر وعن الفرو وما فيه من الحشو قال اغسل ما أصاب منه ومسّ الجانب الآخر فإن أصبت مسّ شيء منه فاغسله وإلّا فانضحه بالماء.

٤ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن حكم بن حكيم الصيرفيِّ قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أبول فلا أصيب الماء وقد

___________________________________________________

الوالد العلّامة (ره) يدلّ ظاهراً على عدم السرّاية ويمكن أن يقال : المراد به أن يرفع ظاهر هما ويغسله ويعصره ويوضع حتّى ييبس أو يوضع على الحشو بناء على أن مثل هذه الرطوبة لا يتعدى انتهى كلامه رفع الله مقامه.

الحديث الثالث : موثق.

وقال الفاضل التستري (ره) : لا يخفى أنّ هذه الرّوايات تتضمّن الغسل ، والغسل لا يستلزم العصر في فهمنا بل الظّاهر أنهم يعترفون به حيث يحكمون بعدم الحاجة إلى العصر في الغسل في الكثير فإن مقتضاه أن حقيقة الغسل يتحقّق من دون العصر فحينئذ إيجاب العصر بالمناسبات العقليّة ، لا سيما العصر بحيث يبلغ الجهد في نزع الماء في غاية التأمّل والإشكال في نظرنا.

الحديث الرابع : حسن.

والظّاهر أنّ حكم بن حكيم هو أبو خلّاد الثقة.

ويمكن حمله على التقية لذهاب جماعة من العامّة إلى عدم وجوب إزالة ما لا يدركه الطرف من النجاسات ، وربمّا كان عندهم القول بمطهريّة التراب للبول مطلقاً وربمّا يستأنس بهذا لما أبداه بعض المتأخرين من عدم تنجيس المتنجس ، وحكى العلّامة (ره) في المختلف على السيد المرتضى أنه قال في جواب المسائل الميافارقيات : إن البول قد عفي عنه فيما ترشش عند الاستنجاء كرؤوس الإبر ، ونقل

١٦٣

أصاب يدي شيء من البول فأمسحه بالحائط أو التراب ثمَّ تعرق يدي فأمسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي ؟ قال : لا بأس به.

٥ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة أنه قال في كتاب سماعة رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام إن أصاب الثوب شيء من بول السّنور فلا تصح الصّلاة فيه حتّى تغسله.

٦ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبيّ قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن بول الصبي قال تصب عليه الماء وإن كان قد أكل فاغسله غسلا والغلام والجارية في ذلك شرع سواء.

٧ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليَّ بن الحكم ، عن الفضل بن غزوان ، عن الحكم بن الحكيم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني أغدو إلى السوق فأحتاج إلى البول وليس عندي ماء ثمَّ أتمسح وأتنشف بيدي ثمَّ أمسحها بالحائط وبالأرض ثمَّ أحك جسدي بعد ذلك قال : لا بأس.

___________________________________________________

ابن إدريس عن بعض الأصحاب في مطلق النجاسات.

وقال الفاضل التستري (ره) كان فيه أن إزالة العين مطهر ويحتمل أن يكون نفي البأس لعدم العلم بأن العرق انفصل من الموضع النجس انتهى ، ويمكن أن يكون نفي البأس في الصّلاة مع هذه النجاسة لعدم إصابة الماء فلا يدلّ على أن زوال العين مطهر والله يعلم.

الحديث الخامس : حسن أو موثق.

ويدلّ على نجاسة بول السّنور ويومئ إلى الاكتفاء في إزالته بمسمّى الغسل.

الحديث السادس : حسن.

والمشهور اختصاص حكم الرضيع بالغلام دون الجارية مع أن الخبر يدلّ على مساواتهما في ذلك.

الحديث السابع : مجهول.

وحمل على عدم سراية النجاسة بالبدن عند الحك.

١٦٤

٨ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضال ، عن المثنى ، عن أبي أيّوب قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أدخل الخلاء وفي يدي خاتم فيه اسم من أسماء الله تعالى قال لا ولا تجامع فيه.

وروي أيضاً أنّه إذا أراد أن يستنجي من الخلاء فليحوله من اليد الّتي يستنجي بها.

(باب)

(أبوال الدواب وأرواثها)

١ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة أنهّما قالاً لا تغسل ثوبك من بول شيء يؤكل لحمه.

___________________________________________________

الحديث الثامن : حسن ، أو موثق ، وأخره مرسل.

وحملاً على الكرّاهة مع عدم سراية النجاسة إلى الاسم المقدس.

باب أبوال الدواب وأرواثها

الحديث الأوّل : حسن وقال في المدارك : أجمع علماء الإسلام على نجاسة البول والغائط ممّا لا يؤكل لحمه ، سواء كان من الإنسان أو غيره ، إذا كان ذا نفس سائلة ، والأخبار الواردة بنجاسة البول في الجملة مستفيضة ، إلّا أن المتبادر منه بول الإنسان ، ويدلّ على نجاسته من غير المأكول مطلقاً حسنة ابن سنان امّا الأرواث فلم أقف فيها على نص يقتضي نجاستها على وجه العموم ، ولعلّ الإجماع في موضع لم يتحقق فيه الخلاف كاف في ذلك وقد وقع الخلاف في موضعين :

أحدهما : رجيع الطير فذهب ابن بابويه وابن أبي عقيل والجعفي إلى طهارته مطلقاً ، وقال الشيخ في المبسوط : « بول الطيور وذرقها كلّها طاهر إلّا الخشاف » وقال في الخلاف : « ما أكل فذرقه طاهر ، وما لم يؤكل فذرقه نجس وبه قال أكثر الأصحاب ».

وثانيهما : بول الرضيع والمشهور أنّه نجس وقال ابن الجنيد بطهارته.

١٦٥

٢ - حمّاد ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ألبان الإبل والغنم والبقر وأبوالها ولحومها فقال لا توضّأ منه إن أصابك منه شيء أو ثوباً لك فلا تغسله إلّا أن تتنظّف.

قال وسألته عن أبوال الدّوابّ والبغال والحمير فقال اغسله فإن لم تعلم مكانه فاغسل الثوّب كلّه وإن شككت فانضحه.

٣ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه.

___________________________________________________

الحديث الثاني : حسن.

قولهعليه‌السلام « إن أصابك منه شيء » في التهذيب(١) - وإن أصابك - مع الواو ، فيحتمل أن يكون المراد انتقاض الوضوء بشرب الألبان ، أو هي مع الأبوال ، ويحتمل أن يكون المراد بالتّوضي غسل البدن منه ، ويكون ما بعده تأكيداً له.

واختلف الأصحاب في أبوال البغال والحمير والدّوابّ ، فذهب الأكثر إلى طهارتها وكراهة مباشرتها ، وقال الشيخ في النهاية وابن الجنيد بنجاستها ، وأجاب القائلون بالطهارة عن الأخبار الدالة على النجاسة بالحمل على الاستحباب ، وهو مشكل لانتفاء ما يصلح للمعارضة وهذا كلّه في أبوالها ، فامّا أرواثها فقال السيد في المدارك يمكن القول بنجاستها أيضاً لعدم القائل بالفصل ولا يبعد الحكم بطهارتها تمسكاً بمقتضى الأصل السالم عن المعارض ، وبرواية الحلبيّ وأبي مريم انتهى ولعلّ ما اختاره أخيراً أقوى.

الحديث الثالث : حسن.

__________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٢٦٤ ح ٥٨.

١٦٦

٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن القاسم بن عروة ، عن بكير بن أعين ، عن زرارة ، عن أحدهماعليهما‌السلام في أبوال الدّوابّ تصيب الثوب فكرهه فقلت له أليس لحومها حلإلّا قال بلى ولكنّ ليس ممّا جعله الله للأكل.

٥ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي مريم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما تقول في أبوال الدّوابّ وأرواثها قال امّا أبوالها فاغسل إن أصابك وامّا أرواثها فهي أكثر من ذلك.

٦ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن البرقيّ ، عن أبان ، عن الحلبيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بروث الحمير واغسل أبوالها.

٧ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن مالك الجهني قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عمّا يخرج من منخر الدابة يصيبني قال لا بأس به.

٨ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن أصاب الثوب شيء من بول السّنور فلا يصلح الصّلاة فيه حتّى تغسله.

٩ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن جميل بن دراج ،

___________________________________________________

الحديث الرابع : مجهول ، وهو جامع بيّن الأخبار فيشكل القول بالطهارة.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : « من ذلك » أي من أن يمكن الاحتراز عنها.

الحديث السادس : موثق كالصحيح.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الثامن : حسن أو موثق.

الحديث التاسع : حسن.

١٦٧

عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : كلُّ شيء يطير فلا بأس ببوله وخرئه.

١٠- محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن عليَّ بن الحكم ، عن أبي الأعزّ النخاس قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إنّي أعالج الدّوابّ فربمّا خرجت باللّيل وقد بالت وراثت فيضرب أحدها برجله أو يده فينضح على ثيابي فأصبح فأرى أثره فيه فقال ليس عليك شيء.

( باب )

( الثوب يصيبه الدم والمدة )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن معاوية بن حكيم ، عن المعلّى أبي عثمان ، عن أبي بصير قال دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام وهو يصلّي فقال لي قائدي إن في ثوبه دماً فلمّا انصرف قلت له إن قائدي أخبرني أن بثوبك دماً فقال لي إن بي دماميل ولست أغسل ثوبي حتّى تبرأ.

___________________________________________________

الحديث العاشر : مجهول.

باب الثوب يصيبه الدّم والمدة

وفي القاموس المدّة بالكسر ما يجتمع في الجرح من القيح.

الحديث الأول : موثق.

ولا خلاف بين الأصحاب في العفو عن دم القرح والجرح في الجملة فمنهم من قال بالعفو مطلقاً ، ومنهم من اعتبر السيلان في جميع الوقت أو تعاقب الجريان على وجه لا يتسع فتراتها لأداء الفريضة ، والّذي يستفاد من الروايات العفو عن هذا الدّم في الثوب والبدن سواء شقت إزالته أم لا وسواء كان له فترة ينقطع فيها بقدر الصّلاة أم لا وأنّه لا يجب إبدال الثوب ولا تخفيف النجاسة ولا عصب موضع الدّم بحيث يمنعه من الخروج كما اختاره جماعة ، واستقرب العلّامة في المنتهى وجوب الإبدال مع الإمكان. وقال في المدارك : ينبغي أن يراد بالبرء الأمن من خروج الدّم منهما وإن لم يندمل أثرهما.

١٦٨

٢ - أحمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن الرّجل به القرح أو الجرح ولا يستطيع أن يربطه ولا يغسل دمه قال يصلي ولا يغسل ثوبه كل يوم إلّا مرّة فإنه لا يستطيع أن يغسل ثوبه كل ساعة.

٣ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم قال قلت له الدّم يكون في الثوب عليَّ وأنا في الصّلاة قال إن رأيت وعليك ثوب غيره فاطرحه وصلّ وإن لم يكن عليك غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك ما لم

___________________________________________________

الحديث الثاني : موثق.

وقال في المعالم : ذهب جماعة من الأصحاب منهم العلّامة في النهاية والمنتهى والتحرير إلى أنه يستحبّ لصاحب القروح والجروح غسل ثوبه في كل يوم مرّة ، واحتج له في المنتهى والنهاية بأن فيه تطهيرا من غير مشقة فكان مطلوباً ، وبرواية سماعة ، والوجه الأوّل من الحجة غير صالح لتأسيس حكم شرعي ، والرواية في طريقها ضعف وكان البناء في العمل بها على التساهل في أدلة السنن.

الحديث الثالث : حسن.

وأجمع الأصحاب على أن الدّم المسفوح وهو الخارج من ذي النفس الّذي ليس أحد الدماء الثلاثة ولا دم القروح والجروح إن كان أقلّ من درهم بغلي لم تجب إزالته للصّلاة وإن كان أزيد من مقدار الدرهم وجبت إزالته وإنّما الخلاف بينهم فيما بلغ حد الدرهم فقال الشيخان وابنا بابويه وابن إدريس تجب إزالته وقال السيد في الانتصار وسلار لا تجب إزالته ومستنداً هما قويان ، ويمكن حمل الإعادة في مقدار الدرهم على الاستحباب.

ثمَّ الروايات إنما تضمنت لفظ الدرهم وليس فيها توصيف بكونه بغليا أو غيره ، ولا تعيين لقدره والواجب حمله على ما كان متعارفا في زمانهمعليهم‌السلام ، وذكرّ الصدّوق أن المراد بالدرهم الوافي الّذي قدره درهم وثلث ، ونحوه قال المفيد ، وقال

١٦٩

يزد على مقدار الدرهم وما كان أقلّ من ذلك فليس بشيء رأيته قبل أو لم تره وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه.

٤ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النّوفليّ ، عن السّكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن عليّاًعليه‌السلام كان لا يرى بأسا بدم ما لم يذك يكون في الثوب فيصلي فيه الرّجل يعني دم السمك.

٥ - أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن بن عليَّ ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمّار الساباطي قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن

___________________________________________________

ابن الجنيد : إنه ما كانت سعته سعة العقد الأعلى من الإبهام ولم يذكروا تسميته بالبغلي ، وقال المحقّق في المعتبر والدرهم هو الوافي الّذي وزنه درهم وثلث ، ويسمّى البغلي نسبة إلى قرية بالجامعين وضبطها المتأخرون بفتح الغين وتشديد اللام ، ونقل عن ابن إدريس أنه شاهد هذه الدراهم المنسوبة إلى هذه القرية ، وقال إن سعتها تقرب من أخمص الراحة وهو ما انخفض من الكف والمسألة قوية الإشكال.

ثمَّ الأصحاب قطعوا باستثناء دم الحيض عن هذا الحكم ، ووجوب إزالة قليله وكثيره كما ورد في بعض الأخبار ، وألحق به الشيخ دم الاستحاضة والنفاس ، وألحق القطب الراوندي دم نجس العين والكل محل نظر ، ثمَّ إن الأحاديث الواردة في هذا الباب إنما دلت على العفو عن نجاسة الثوب بهذا القدر من الدّم ، وليس فيها ذكرّ البدن ، لكنّ الأصحاب حكموا بأنه لا فرق في هذا الحكم بيّن الثوب والبدن ولكنّ لا يعلم فيه مخالف وقد يفهم من بعض الأخبار أيضاً.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

قوله « ما لم يذك » أي لا يحتاج إلى التذكية من الذبح أو النحر في الحل والطهارة.

الحديث الخامس : موثق.

١٧٠

رجل يسيل من أنفه الدّم هل عليه أن يغسل باطنه يعني جوف الأنف فقال إنما عليه أن يغسل ما ظهر منه.

٦ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن عليَّ بن أبي حمزة ، عن العبد الصالحعليه‌السلام قال سألته أم ولد لأبيه فقالت جعلت فداك إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحيي منه قال سلي ولا تستحيي قالت أصاب ثوبي دم الحيض فغسلته فلم يذهب أثره فقال اصبغيه بمشق حتّى يختلط ويذهب.

٧ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال دمك أنظف من دم غيرك إذا كان في ثوبك شبه النضح من دمك

___________________________________________________

ويدلّ على عدم وجوب إزالة البواطن كما هو المشهور.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

وقال في القاموس : المشق بالكسر والفتح المغرة ، وقال : المغرة ويحرك طين أحمر ، والظّاهر أنه لم يكن عبرة باللون بعد إزالة العين ، ويحصل من رؤية اللون أثر في النفس فلذا أمرهاعليه‌السلام بالصبغ لئلّا تتميز ويرتفع استنكاف النفس. ويحتمل أن يكون الصبغ بالمشق مؤثرا في إزالة الدّم ولونه لكنه بعيد.

الحديث السابع : مرفوع.

وقد اختلف الأصحاب في وجوب إزالة الدّم المتفرق إذا كان بحيث لو جمع بلغ الدرهم ، فقال ابن إدريس ، والشيخ في المبسوط والمحقّق : لا يجب إزالته مطلقاً يجب إزالته وقال الشيخ في النهاية : لا يجب ، إزالته ما لم يتفاحش ، وقال سلار ، وابن حمزة : واختاره العلّامة في جملة من كتبه.

ثمَّ الفرق بيّن دم المصلي وغيره خلاف المشهور بيّن الأصحاب ، ويمكن أن يكون ذلك لكونه جزءا من حيوان غير مأكول اللحم فلذا لا يجوز الصّلاة فيه ، فيكون الحكم مخصوصاً بدم مأكول اللحم ، ويؤيده أن أخبار جواز الصّلاة

١٧١

فلا بأس وإن كان دم غيرك قليلاً أو كثيراً فاغسله.

٨ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبيّ قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصّلاة فيه قال لا وإن كثر فلا بأس أيضاً بشبهه من الرعاف ينضحه ولا يغسله.

وروي أيضاً أنّه لا يغسل بالريق شيء إلّا الدم.

٩ - عليَّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الريان قال كتبت إلى الرّجلعليه‌السلام هل يجري دم البق مجرى دم البراغيث وهل يجوز لأحد أن يقيس

___________________________________________________

في ما نقص عن الدرهم وعمومها معارض بعموم أخبار عدم جواز الصّلاة في أجزاء ما لا يوكل لحمه وبينهما عموم من وجه وليست إحداهما أولى بالتخصيص من الأخرى فتبقى أخبار عدم جواز الصّلاة في الدّم سالمة عن المعارض.

ومع جميع ذلك لا يبعد القول بالكرّاهة لضعف الخبر ، وإرساله ، وأصل البراءة مع تحقق الشك في الحكم ، ومنع كون الأمر للوجوب ، ويمكن حمله على ما زاد على الدرهم مجتمعا ويكون المعنى أنه إذا كان من جرح أو قرح بك فلا بأس به وإن كان من غيرك تجب إزالته لكونه زائدا عن الدّم فيكون مؤيّداً للقول الأخير والله يعلم

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور ، وآخره مرسل.

وقال في المدارك : طهارة دم ما لا نفس له كدم السمك مذهب الأصحاب وحكى فيه الشيخرحمه‌الله في الخلاف والمصنف في المعتبر الإجماع ، وربمّا ظهر من كلام الشيخرحمه‌الله في المبسوط والجمل نجاسة هذا النوّع من الدّم وعدم وجوب إزالته وهو بعيد ولعله يريد بالنجاسة المعنى اللغوي.

قولهعليه‌السلام « ينضحه » قال الوالد (ره) : صفة للرعاف أي يكون الرعاف متفرقا ولا يوجد فيه مقدار درهم مجتمعا ، ويحتمل أن يكون مبنيّاً على طهارة

١٧٢

بدم البقّ على البراغيث فيصلّي فيه وأن يقيس على نحو هذا فيعمل به ؟ فوقّععليه‌السلام : يجوز الصّلاة والطّهر منه أفضل.

(باب)

(الكلب يصيب الثوب والجسد وغيره مما يكره أن يمس شيء منه)

١ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمّد ،

___________________________________________________

الدّم القليل مثل رأس الإبر كما قال به بعض العلماء ويكون معفوّاً انتهى.

ثمَّ اعلم أن المشهور اختصاص العفو بالدّم المتفرق ، وحكى العلّامة في المختلف عن ابن إدريس أنه قال بعض أصحابنا إذا ترشش على الثوب أو البدن مثل رؤوس الإبر من النجاسات فلا بأس بذلك ثمَّ قال ابن إدريس والصحيح وجوب إزالتها قليلة كانت أم كثيرة.

قولهعليه‌السلام « لا يغسل بالريق » يمكن حمله على الدّم الخارج في داخل الفم فإنه يطهّر الفم بزوال عينه فكأن الريق طهره أو على ما كان أقلّ من الدرهم فتكون الإزالة لتقليل النجاسة لا للتطهير ، وقال ابن الجنيد في مختصره : لا بأس أن يزال بالبصاق عين الدّم من الثوب ، ونسب الشهيد في الذكرى إليه القول بطهارة الثوب بذلك ، وحمل العلّامة -رحمه‌الله - هذا الخبر على الدّم الطّاهر كدم السمك.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

وقال الفاضل التستريرحمه‌الله : ليس في هذه الأخبار دلالة على الطهارة والنجاسة فإن كان الأصل في الدّم مطلقاً النجاسة ولا أتحققه لم يمكن الخروج منه بمجرّد هذه الأخبار لاحتمالها بمجرّد العفو ، وإن كان الأصل الطهارة وعدم وجوب الاجتناب مطلقاً فهذه تصلح تأييدا.

باب الكلب يصيب الثوب والجسد وغيره ممّا يكره أن يمس شيء منه

الحديث الأول : مرسل.

ولا خلاف بيّن الأصحاب في وجوب الغسل بمس الكلب والخنزير رطباً إلا

١٧٣

عمّن أخبره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا مس ثوبك الكلب فإن كان يابساً فانضحه وإن كان رطباً فاغسله.

٢ - حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الكلب يصيب شيئاً من جسد الرّجل قال يغسل المكان الّذي أصابه.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن العمركيّ بن عليَّ النيسابوري ، عن عليَّ بن جعفر ، عن أخيه موسىعليه‌السلام قال سألته عن الفأرة الرّطبة قد وقعت في الماء تمشي على الثياب أيصلى فيها قال اغسل ما رأيت من أثرها وما لم تره فانضحه بالماء.

___________________________________________________

ما يظهر من كلام الصدّوقرحمه‌الله من الاكتفاء بالرش في كلب الصيد ، ولا خلاف أيضاً في استحباب الرش بمسهما جافين ، ويعزى إلى ابن حمزة القول بوجوب الرش وهو الظّاهر من كلام المفيدرحمه‌الله ، بل الظّاهر من الأخبار أن قلنا إن الظّاهر من الأمر فيها الوجوب ويزيد هنا أنه جمع مع الغسل الواجب ، وقال في المعالم عزى في المختلف إلى ابن حمزة إيجاب مسح البدن بالتراب إذا أصابه الكلب أو الخنزير أو الكافر بغير رطوبة.

وقال الشيخ في النهاية : إن مس الإنسان بيده كلبا أو خنزيرا أو ثعلباً أو أرنبا أو فأرة أو وزغة أو صافح ذمياً أو ناصبيا معلنا بعداوة آل محمّدعليهم‌السلام وجب غسل يده إن كان رطباً ، وإن كان يابساً مسحه بالتراب ، وحكي في المعتبر عن الشيخ أنه قال في المبسوط : كل نجاسة أصابت البدن وكانت يابسة لا يجب غسلها وإنّما يستحبّ مسح اليد بالتراب ولا نعرف للمسح بالتراب وجوبا أو استحبابا وجها.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : صحيح.

وذهب الشيخ في النهاية ، والمفيدرحمه‌الله إلى نجاسة الفأرة والوزغة ، واستّدل لهم في الفأرة بهذا الخبر وفي الوزغة بالأخبار الواردة بالنزح ، والمشهور بين

١٧٤

٤ - عليَّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته هل يحّل أن يمس الثعلب والأرنب أو شيئاً من السّباع حيا أو ميتا قال لا يضره ولكنّ يغسل يده.

٥ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن إبراهيم بن ميمون قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل يقع ثوبه على جسد الميّت قال إن كان غسل فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه وإن كان لم يغسل فاغسل ما أصاب ثوبك منه يعني إذا برد الميت.

٦ - محمّد بن يحيى ، عن العمركيّ بن عليَّ ، عن عليَّ بن جعفر ، عن موسى بن جعفرعليه‌السلام قال سألته عن الرّجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكرّ ذلك وهو في صلاته كيف يصنع قال إن كان دخل

___________________________________________________

الأصحاب الطهارة ، وحملوا الأخبار على الاستحباب.

الحديث الرابع : مرسل.

وقال في المدارك : بهذه الرواية استّدل الشهيدرحمه‌الله في الذكرى على تعدي نجاسة الميتة مع اليبوسة وهو غير جيد إذ اللازم منه ثبوت الحكم المذكور مع الحياة أيضاً وهو معلوم البطلان ، والأجود حملها على الاستحباب لضعف سندها ووجود المعارض.

قولهعليه‌السلام « ولكنّ يغسل يده » أي وجوبا في بعض الموارد واستحباباً في بعضها.

الحديث الخامس : مجهول.

ولا خلاف بيّن الأصحاب ظاهراً في نجاسة ميتة الحيوان ذي النفس السائلة سواء كان آدميا أو غيره ، لكنّ الآدمي لا ينجّس إلّا بالبرد ويطهّر بالغسل ، ولا خلاف في نجاسة ما لاقى الميتة رطباً مطلقاً ، وامّا إذا لاقاها مع الجفاف فالمشهور

١٧٥

في صلاته فليمض وإن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلّا أن يكون فيه أثر فيغسله.

(باب)

(صفة التيمم)

١ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه وعليَّ بن محمّد ، عن سهل جميعاً ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن التيمم

___________________________________________________

عدم النجاسة ، وذهب العلّامة إلى أن ما يلاقيها ينجّس نجاسة حكمية يجب غسله ولا يتعدى إلى غيره بل تردد في نجاسة ما يلاقي الشعر والوبر منها أيضاً.

الحديث السادس : صحيح.

باب صفة التيممّ

الحديث الأول : حسن أو موثق.

ويدلّ على الاكتفاء بالضربة الواحدة في التيممّ مطلقاً ، واختلف الأصحاب في عدد الضربات فيه فقال الشيخان في النهاية والمبسوط والمقنعة : ضربة للوضوء وضربتان للغسل ، وهو اختيار الصدّوق ، وسلار ، وأبي الصلاح ، وابن إدريس ، وأكثر المتأخرين ، وقال المرتضى في شرح الرسالة : الواجب ضربة واحدة في الجميع ، وهو اختيار ابن الجنيد ، وابن أبي عقيل ، والمفيد في المسائل الغرية ، ونقل عن المفيد في الأركان اعتبار الضربتين في الجميع ، وحكاه المحقّق في المعتبر ، والعلّامة في المنتهى والمختلف عن عليَّ بن بابويه وظاهر كلامه في الرسالة اعتبار ثلاث ضربات ضربة باليدين للوجه ، وضربة باليسار لليمين ، وضربة باليمين لليسار ولم يفرق بيّن الوضوء والغسل ، وحكي في المعتبر القول بالضربات الثلاث عن قوم منا وقال الطيبي في شرح المشكاة في شرح حديث عمّار : أن في الخبر فوائد منها أنه يكفي في التيممّ ضربة واحدة للوجه والكفين ، وهو قول عليَّ وابن عباس وعمّار وجمع من التابعين ، والأكثرون من فقهاء الأمصار إلى أن التيممّ ضربتان ، انتهى.

١٧٦

فضرب بيده الأرض ثمَّ رفعها فنفضها ثمَّ مسح بها جبينيه وكفيه مرّة واحدة.

___________________________________________________

فظهر من هذا أن القول المشهور بيّن العامّة الضربتان ، وأن الضربة مشهور عندهم من مذهب أمير المؤمنين صلوات عليه ، وعمّار التابع له ، وابن عباس التابع لهعليه‌السلام في أكثر الأحكام فظهر أن أخبار الضربة أقوى وأخبار الضربتين حملها على التقية أولى.

قولهعليه‌السلام « فنفضها » استحباب نفض اليدين مذهب الأصحاب لا نعلم فيه مخالفاً وقد أجمعوا على عدم وجوبه واستحبّ الشيخ مسح إحدى اليدين بالأخرى بعد النفض ولا نعلم مستنده ، والمشهور بيّن الأصحاب عدم اشتراط علوق شيء من التراب بالكف ، ونقل عن ابن الجنيدرحمه‌الله اشتراطه.

قولهعليه‌السلام « جبينيه » ظاهره أنه يكفي مسح طرفي الجبهة بدون مسحها ، ويمكن أن يراد بهما الجبهة معهما بأن تكون الجبهة نصفها مع الجبيّن الأيمن ونصفها مع الأيسر والإتيان بهذه العبارة لتأكيد إرادة الجبينين كأنّهما مقصودان بالذات.

ثمَّ اعلم أن مسح الجبهة من قصاص شعر الرأس إلى طرف الأنف إجماعي ، وأوجب الصدّوق مسح الجبينين والحاجبيّن أيضاً ، وقال أبوه يمسح الوجه بأجمعه ، والمشهور في اليدين أن حدهما الزند ، وقال عليَّ بن بابويه امسح يديك من المرفقين إلى الأصابع ، وذكرّ العلّامة ومن تأخر عنه أنه يجب البدأة في مسح الكف بالزند إلى أطراف الأصابع ، وأجمعوا على وجوب تقديم مسح الجبهة على اليد اليمنى واليمنى على اليسرى ، وأيضاً نقل الإجماع على وجوب الموالاة فيه ، ولو أخل بالمتابعة بما لا يعد تفريقا عرفا لم يضرّ قطعاً ، وإن طال الفصل أمكن القول بالبطلان وذكرّ جمع من الأصحاب أن من الواجبات طهارة محل المسح وهو أحوط مع القدرة.

قولهعليه‌السلام « مرّة واحدة » الظّاهر أنّه متعلّق بالمسح ويمكن تعلقه بالضرب أيضاً على التنازع.

١٧٧

٢ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن التيممّ فتلا هذه الآية : «وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما » وقال «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ » قال فامسح على كفيك من حيث موضع القطع وقال «وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ».

٣ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان ، عن الكاهليّ قال سألته عن التيممّ قال فضرب بيده على البساط فمسح بها وجهه ثمَّ مسح كفيه إحداهما

___________________________________________________

الحديث الثاني : مرسل.

ويمكن أن يكون المعنى أن المراد هنا في الآية ما يقوله العامّة في القطع ويكون ذكرّ الآيتين لبيان أن لليد معاني متعددة ، وقولهعليه‌السلام «وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا »(١) لبيان أن الله تعالى لم يبهم أحكامه بل بينها بحججهعليهم‌السلام فيجب الرجوع إليهم ، ولعلّ الأظهر أن هذا استدلال منهعليه‌السلام بأنه تعالى لما ذكرّ اليد في القطع لم يحدها ، وفي الوضوء حدها بالمرافق وقد تبيّن من السنة أن القطع من الزند فتبيّن أن كلّما أطلق تعالى اليد أراد بها إلى الزند ، ولذا قالعليه‌السلام - وما كان ربك نسيا - أي أنه تعالى لم ينس بيان أحكامه بل بينها في كتابه على وجه يفهمها حججهعليهم‌السلام .

وفيه : إن موضع القطع عند أصحابنا أصول الأصابع فهو مخالف للمشهور وموافق لما ذهب إليه بعض أصحابنا من أن التيممّ من موضع القطع ، ويمكن أن يقال : هذا إلزامي على العامّة وموضع القطع عندهم الزند ، ونقل ابن إدريس عن بعض الأصحاب أن المسح من أصول الأصابع إلى رؤوسها في التيممّ وهذا الخبر [ إلزام ] يصلح مستنداً لهم.

الحديث الثالث : حسن.

وقال في الحبل المتين : ما تضمنه هذا الخبر من ضربّهعليه‌السلام بيده على البساط

__________________

(١) مريم : ٦٤.

١٧٨

على ظهر الأخرى.

٤ - عليَّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن التيممّ فقال إن عمّار بن ياسر أصابته جنابة فتمعك كما تتمعك الدابة فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا عمّار تمعكت كما تتمعك الدابة فقلت له كيف التيممّ فوضع يده على المسح ثمَّ رفعها فمسح وجهه ثمَّ مسح فوق الكف قليلاً ورواه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب.

٥ - محمّد بن يحيى ، عن الحسين بن عليَّ الكوفي ، عن النّوفليّ ، عن غياث

___________________________________________________

لا إشعار فيه بما يظهر من كلام المرتضىرحمه‌الله من جواز التيممّ بغبار البساط ونحوه.

قولهعليه‌السلام « أحدهما » لعلّ المراد كلا منهما.

الحديث الرابع : صحيح ، وسنده الثاني حسن.

وقال في الصحّاح : تمعكت الدابة أي تمرغت ، والمسح بالكسر البلاس ، وفي بعض النسخ السنج بالسين المهملة المفتوحة والنون الساكنة وأخره جيم معرب سنك والمراد به حجر الميزان ، ويقال له صبخة بالصاد أيضاً ، وربمّا يقرأ بالياء المثناة من تحت والحاء المهملة والمراد به ضرب من البرد أو عباءة مخططة ، ولا إشعار فيه على التقدير الأوّل بجواز التيممّ على الحجر ، ولا على الثاني بجوازه بغبار الثوب ، لما عرفت وقد يقرأ بالباء الموحدة.

قولهعليه‌السلام « فوق الكف » كان فيه عدم وجوب استيعاب ظهر الكف ، ومثله أفتى ابن بابويه في بيان التيممّ للجنابة ، ويحتمل أن يكون المراد أنه مسح الكف وابتدأ من فوق الكف أي من الزند ، أو من فوق الزند من باب المقدمة.

الحديث الخامس : مجهول.

ويدلّ على كراهة التيممّ من موضع يطأه الناس بأرجلهم.

١٧٩

ابن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات لله عليه لا وضوء من موطإ قال النّوفليّ يعني ما تطأ عليه برجلك.

٦ - الحسن بن عليَّ العلوي ، عن سهل بن جمهور ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن الحسن بن الحسين العرني ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال نهى أمير المؤمنينعليه‌السلام أن يتيمم الرّجل بتراب من أثر الطريق.

(باب)

(الوقت الّذي يوجب التيممّ ومن تيمم ثمَّ وجد الماء)

١ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال سمعته يقول إذا لم تجد ماء وأردت التيممّ فأخر التيممّ إلى آخر الوقت فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض.

___________________________________________________

الحديث السادس : مجهول.

باب الوقت الّذي يوجب التيممّ ومن تيمم ثمَّ وجد الماء

الحديث الأوّل : صحيح.

وأجمع الأصحاب على عدم جواز التيممّ للفريضة الموقتة قبل دخول الوقت ، كما أطبقوا على وجوبه مع تضيقه ولو ظناً وإنّما الخلاف في جوازه مع السعة فذهب الشيخ والسيد المرتضى وجمع من الأصحاب إلى أنه لا يصح إلّا في آخر الوقت ، ونقل عليه السيد الإجماع ، وذهب الصدّوقرحمه‌الله إلى جوازه في أول الوقت ، وقواه في المنتهى ، واستقّر به في البيان ، وقال ابن الجنيد : إن وقع اليقين بفوت الماء آخر الوقت أو غلب الظنّ فالتيممّ في أول الوقت أحبّ إلى ، واستجوده المحقّق في المعتبر ، واختاره العلّامة في أكثر كتبه ، وفي قوله : « فإن فاتك الماء » إشعار برجاء وجود الماء.

١٨٠